• البداية
  • السابق
  • 281 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 6342 / تحميل: 5149
الحجم الحجم الحجم
حاشية المكاسب

حاشية المكاسب

مؤلف:
العربية

حاشية المكاسب

تأليف:

لمؤلفه الاستاذ المحقق الفقيه الاصولي المدقق المولى

محمد كاظم الاخوند الخراساني

( قدس‌ سره الشريف)

١

هذا الكتاب

نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف

شبكة الإمامين الحسنينعليهما‌السلام للتراث والفكر الإسلامي

بانتظار أن يوفقنا الله تعالى لتصحيح نصه وتقديمه بصورة أفضل في فرصة أخرى قريبة

إنشاء الله تعالى.

٢

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة على سيدنا محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم اجمعين إلى يوم الدين.في كل افق من آفاق العالم الاسلامى اسماء رجال معدودين، امتازوا بمواهب وعبقريات رفعتهم إلى الاوج الاعلى من آفاق العلم والمعرفة.

وثمة رجال ارتسمت اسماؤهم في كل افق من تلك الافاق، وهم قليلون للغاية، شذت بهم طبيعة هذا الكون. ومن تلك القلة شيخنا وشيخ الكل، علامة الافاق الاخوند الشيخ محمد كاظم الخراساني اعلى الله درجاته وأجزل أجره، وقد كرس قدس الله نفسه - حياته طوال عمره لخدمة الدين والمذهب.

توجد ترجمته في كثير من التراجم المؤلفة في عصره ومن بعد مشفوعة بالاكبار والتبجيل والاطراء، وقصارى قولهم فيه: انه جماع الفضائل ومختبؤ المآثر كلها، وقد سبر ترجمةقدس‌سره حفيده في كتاب مستقل فتصفح عن ترجمته صفحا.

واما الكتاب الحاضر وهو (التعليقة على المكاسب) فهو من امتن التعاليق على الكتاب مع وجازتها، مشتملة على معظم كتاب البيع والخيارات. وحيث كانت النسخة المطبوعة من الكتاب مصحفة محرفة، فبذلت الوسع في تصحيح الكتاب ومقابلته مع النسخة الاصيلة بقلم مؤلفه واستخراج مصادر الروايات وكلمات الاصحاب ولم آل جهدا في تنميقه وتحقيقه حق التحقيق.

ومن الواجب علي أن أقدم ثنائي العاطر إلى حفيد المؤلف الفاضل البارع الشيخ الكفائي في بذله النسخة الاصلية للتحقيق، فجزاه الله عني خير جزاء المحسنين ونرجو من العلماء الافاضل الذين يراجعون الكتاب ان يتفضلوا علينا بما لديهم من النقد وتصحيح ما لعلنا وقعنا فيه من الاخطاء والاشتباهات والزلات. والحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله، ونستغفره مما وقع من خلل وحصل من زلل، ونعوذ من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا، وزلات أقدامنا وعثرات أقلامنا، فهو الهادي إلى الرشاد، والموفق للصواب والسداد، والسلام على من اتبع الهدى.

٦ / ٦ / ١٤٠٥

السيد مهدي شمس الدين

٣

هذه تعليقة شريفة انيقة، وحاشية رشيقة، على مكاسب آية الله في الانام، الشيخ مرتضى الانصاري طاب ثراه المتعلقة على مبحث البيع وما بعده.

١ - كتاب البيع

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد سيد النبيين وآله، سادات الخلائق اجمعين، ولعنة الله على اعدائهم، إلى يوم الدين.

قولهرحمه‌الله : (مبادلة مال بمال - الخ -) التعبير بالمبادلة، لا يخلو عن مسامحة، حقه ان يقال: تبديل مال بمال، فانه فعل الواحد، لا اثنين فافهم.

قولهرحمه‌الله : (واما عمل الحر، فان قلنا انه قبل المعاوضة - الخ -) لا اشكال انه من الاموال، بداهة ان حاله عمل العبد، في كونه مما يرغب فيه، ويبدل بازائه المال، وان كان قبل المعاوضة، لا يكون ملك، بخلاف عمل العبد، لانه ملك السيده بتبعه، ولا شبهة في عدم اعتبار الملكية قبلها، لوضوح جعل الكلى، عوضا في البيع، مع عدم كونه ملكا قبله.

وبالجملة، المالية والملكية، من الاعتبارات العقلائية الصحيحة، ولكل منهما منشأ انتزاع، وبينهما بحسب الموارد، عموم من وجه، يفترقان في الكلى المتعقد به، والمباحات قبل الحيازة، وفى مثل حبة من الحنطة، والماء على الشط، والثلج في الشتاء، إلى غير ذلك. فانقدح انه يجوز جعل عمل الحر عوضا، وان قيل باعتبار كون العوضين مالا، قبل المعاوضة. فتدبر جيدا قولهرحمه‌الله : (واما الحقوق الاخر - الخ -) لا يخفى انه كلام مختل النظام، فانه في مقام انها تجعل عوضا، ام لا،

٤

فلا يناسبه التعليل بقوله: لان البيع تمليك الغير، ولا النقض ببيع الدين اصلا، فانه انما يناسب اذا كان بصدد بيان انها لا يجعل معوضا في البيع.

فالتحقيق ان يقال: انه لو قيل باعتبار المالية في العوض كالمعوض، كما يظهر من المصباح، فلا اشكال في عدم صحة جعل الحق عوضا، وان كان قابلا للانتقال. فان الحقية وان كانت من الاعتباريات، كالمالية والملكية، الا انها غيرهما، ولو قيل بعدم اعتبارها، فلو قيل بعدم اعتبار الانتقال في العوض، وان اخذه فيه، انما هو لمجرد انه ليس بتمليك مجانى، فلا اشكال في جعلها، عوضا مطلقا، والا في خصوص القابل منها للانتقال.

قولهرحمه‌الله : (والسر ان الحق فعليه - الخ -) لا يخفى ان الحق بنفسه ليس سلطنة، وانما كانت السلطنة من آثاره، كما انها من آثار الملك، وانما هو كما اشرنا اليه، اعتبار خاص، له آثار مخصوصة، منها السلطنة على الفسخ، كما في حق الخيار، او التملك بالعوض، كما في حق الشفعة، او بلا عوض، كما في حق التحجير، إلى غير ذلك.وهى لا يقتضى ان يكون هناك من يتسلط عليه، والا كانت من آثار الملك ايضا، وان لم يكن نفسه، فيلزم في بيع الدين، إما محذور تسلط الشخص على نفسه، وإما التفكيك بين الملك واثره، مع ان ذلك انما يلزم في بيع الحق، ممن كان عليه، لا من غيره، وقد عرفت انه اجنبى عما هو بصدده، كما يظهر من صدر كلامه وذيله.

قولهرحمه‌الله : (الا ان الفقهاء، قد اختلفلوا في تعريفه - الخ -) الظاهر ان اختلافهم، ليس لاجل الاختلاف في حقيقته وماهيته، بل لاجل ان البيع الحقيقى، لما كان له سبب، يتسبب به اليه، ولوازم تترتب عليه اخذ كل منهم، بطرف من اطرافه، لا بتمام جوانبه واكنافه، حيث ان الغرض، ليس الا الاشارة اليه من نحوه ومعرفته بوجه، لا معرفته بحده او برسمه، وبذلك يوفق بين كلمات الاعلام، وينقدح انه لا وقع، لما وقع من النقض والابرام في المقام، بل لا اختلاف حقيقة فيه بين العرف والشرع، وانما الاختلاف بينهما، فيما يعتبر في تحققه، وان شئت ان تعرفه باطرافه،

٥

فاستمع لما يتلى عليك، وهو البيع المأخوذ في، بعت، وسائر المشتقات، من اوضح المفاهيم العرفية، وهو التمليك بالعوض، وان كان مما لا يكاد يمكن ضبطه، بحيث لا يبقى اشتباه في بعض المصاديق، كما هو الشأن في جميع المفاهيم.ولا يخفى انه شرعا وعرفا، لا يكاد يصدر مباشرة، بل بالتسبيب، والتوسل اليه بالعقد عليه تارة، وبالمعاطات اخرى، على القول بها. ولابد في سببه عقد كان، او معاطاة، كسائر المعاملات، من ايجاب، وهو انشائه، وقصد حصوله، بلفظه، او بفعل دال عليه من واحد، ومن انشاء قبول ذلك كذلك من آخر. ومن المعلوم ان لازمه اذا حصل، هو نقل الملك من البايع إلى المشترى، ولازمه الانتقال اليه، كما ان لازمه، التبديل والتبادل بين العوضين، وقد يطلق على نفس السبب، اى المعاملة الخاصة، القائمة بالبيعين، كما ربما يطلق على جزئه، وهو الايجاب القائم بالموجب، كما سيأتى الاشارة اليه في كلامهرحمه‌الله الا انه ليس على الحقيقة، ضرورة صحة سلبه عنه، فليس هو ببيع، ولا موجبه ببايع، وكذا صحة سلبه عن نفس المعاملة، كما يشهد به جميع مشتقاته، لكن لا يبعد تداوله في السنة الفقهاء، الا انه بالقرينة.وعليك بالتأمل في المقام قولهرحمه‌الله : (لان المقصود معرفة مادة بعت - الخ -) وعليه يتوقف معرفة البيع، على معرفة (بعت) بمادته، ومعرفته كذلك يتوقف على معرفة البيع، وهو دور صريح، كما هو واضح. والظاهر تعين ارادة الشق الثانى، وعدم الاقتصار على النقل او التمليك، للاشارة إلى عدم كفاية مطلق الصيغة، ولو كانت كناية.

قولهرحمه‌الله : (فالاولى تعريفه بانه انشاء تمليك عين بمال - الخ -) كيف هذا، والبيع الذى عرفه بذلك، هو المأخوذ في صيغة (بعت)، وغيره من المشتقات، كما يصرح به عن قريب، وليس المراد في الاخبار بوقوعه قبل او بعد، بمثل: باع، او بيع، الا نفس البيع، لا انشائه، فالصواب تعريفه، بتمليك العين بالعوض، لما عرفت ان انشاء التمليك، ليس ببيع، كما انه ليس بتمليك.نعم انهما هو جزء سببه، فيما اذا قصد التوسل

٦

اليه.ويرد عليه ايضا، ان انشاء التمليك، لا يعقل انشائه، وما يقبل لهذا الطور من الوجود، وسائر اطواره هو التمليك، فيتصور تارة، وينشأ اخرى، ويوجد في الخارج ثالثة، ويختلف آثار باختلاف اطواره، ويكون لكل طور منه الاثر لا يكاد يترتب على الآخر.

فتدبر قولهرحمه‌الله : (منها انه موقف على صحة الايجاب - الخ -) لا يخفى عدم التوقف، فانه لو قيل بعدم جوازه، لاجل اعتبار الصراحة في الايجاب، ولزوم كونه بلفظ البيع، وما يرادفه، وعدم كونه مرادفا له، لعدم صحة ما حكاه عن الفخررحمه‌الله من كون (بعت) في لغة العرب، بمعنى ملكت، لوضوح انه اعم، كان التعريف به بضميمة ما دل على خصوصيته جائزا، كما هو واضح.

قولهرحمه‌الله : (اذ ليس المقصود الاصلى منه، المعاوضة - الخ -) بل التمليك لا مجانا، بل بنحو الغرامة، ولذا لا يجب تعيين ما عليه عينا، من المثل، او القيمة، ولا كما اذا علم كونه قيميا، بل يتعين عليه المثل، ان كان مثليا، وقيمته، ان كان قيميا، بمجرد تمليكه بالغرامة.

فافهم قولهرحمه‌الله : (كان بيعا - الخ -) اذا لم يقصد به الصلح، او الهبة المعوضة، والا يصح صلحا، او هبة، لو قلنا بوقوعها بغير الالفاظ الصريحة، والا فلا يصح بيعا، والا واحدا منهما.

اما البيع، فلعدم كونه بمقصود، والعقود تابعة للقصود. واما هما، فلعدم الصراحة في عقدهما قولهرحمه‌الله : (احد التمليك المذكور، لكن بشرط تعقبه - الخ -) اى التمليك الانشائى، كما هو الظاهر، ويشهد به سار كلماته، ولا يخفى انه لا يلائمه ما استشهد لما ادعاه، من تبادر التمليك المقرون بالقبول بقوله، ولهذا لا يقال: باع فلان - الخ - بل يلائم ما اشرنا اليه، من انه التمليك، ضرورة انه لا يقال: باع، اذا عقد، وقد اخل ببعض الشرائط، صحة ان يقال: ما باع فتدبر جيدا.

٧

قولهرحمه‌الله : (ولعله لتبادر التمليك المقرون - الخ -) بل لتبادر التمليك الحقيقى الذى لا يكاد ينفك عن تملك المشترى، وتبادر اقترانه بقبوله، انما هو لكونه مما لابد منه في حصوله، لا من نفس اللفظ، بل يتبع معناه، ومنه ظهر حال السلب عن المجرد، وانه من جهة عدم التمليك مع المجرد، لا لذلك، ولا لما افاده بقوله (اقول - الخ -).

فافهم قولهرحمه‌الله : (تحقق القبول شرط للانتقال في الخارج - الخ -) لا يخفى ان الذى لا يكاد يكون القبول شرطا له، هو الانتقال الانشائى التابع لانشاء النقل، واما الانتقال بنظر الناقل، فيختلف بحسب الانظار، فربما يكون شرطا له بحسب نظر، ولا يكون كذلك بنظر آخر.وبالجملة، النقل بحسب كل مرتبة ونظر، لا يكاد يمكن انفكاكه عن الانتقال، بحسب تلك المرتبة، وذاك النظر، اذا الاثر لا ينفك عن التأثير، لاتحادهما ذاتا، واختلافهما اعتبارا، فيكون تأثيرا من جهة انتسابه إلى الفاعل، واثرا من جهة الانتساب إلى القابل، وان كان انفكاكه عنه بحسب مرتبة الاخرى، او نظر اخر، بمكان من الامكان، وكذلك الحال في الوجوب، والايجاب، لا يكاد يمكن انفكاكهما في مرتبة واحدة، بحسب نظر واحد، وانما ينفك الايجاب في مرتبة، او بحسب نظر، عن الوجوب في مرتبة اخرى، ونظر آخر. ومن هنا ظهر انه لا فرق بين النقل والانتقال، والوجوب والايجاب في مرتبة، وبحسب نظر، وبين الكسر والانكسار.نعم هما، لما كان من الامور التى تكون موجودة في الخارج، ليست لهما، الا مرتبة واحدة، بخلاف مثل الوجوب والايجاب، من الامور النفس الامرية الاعتبارية التى لا واقع لها، الا بحسب الاعتبار المختلف بحسب الانظار، وصحة الانتزاع عن منشأ بنظر، وعدم صحته بآخر. هذا مع ثبوت الانفكاك، بين الذهنى من الكسر والانكسار، والخارجى منهما ايضا، فلا تغفل قولهرحمه‌الله : (والى هذا، نظر جميع ما ورد الخ -).

٨

لا يخفى امكان ارادة ما ذكره، من معناه في هذه الاطلاقات، لو لم نقل بظهورها فيه، وجعله بهذا المعنى من العقود، بملاحظة انه لابد في تحققه من العقد، قبالا للمعانى الايقاعيه، كالطلاق، والعتاق، ونحوهما قولهرحمه‌الله : (ثم ان الشهيد ره - الخ -).اعلم ان الصحة والفساد، لما كان من الامور المتضايفة، لا يكاد يتصف الشئ بواحد منهما، الا اذا صح تواردهما عليه، فما لا يتصف بالفساد اصلا، لا يتصف بالصحة ايضا، كان البيع بمعنى التمليك مطلقا، حقيقيا كان او انشائيا، لا يتصف بواحد منهما، بل يكون مع علته، ولا يكون بدونها، وكذا البيع بمعنى النقل والانتقال، وانما يتصف بهما البيع، بمعنى الايجاب، والقبول، فيكون صحيحا لو كان واجدا لما اعتبر في تأثيره، وفاسدا فيما اذا كان فاقدا، لكله، او بعضه، فلا ينافى ذلك، تأثيره شيئا اخر، اذا لم يكن مما يترقب منه، او لم يكن فعلا مما يتوسل به اليه، وان كان في نفسه مرغوبا، لو كان مما يتوسل اليه، لكن لا وحده اليه، لكن لا وحده، بل مع اثر آخر، فان الصحة والفساد، من الامور الاضافية، فيصح ان يتصف بالصحة، بملاحظة اثر، وبالفساد، باعتبار آخر.

ثم لا يخفى ان ما نقله عن الشهيد الثانىرحمه‌الله هيهنا، ينافى ما نقله عنه سابقا من كون اطلاق البيع على العقد، مجاز، بعلاقة السببية، الا ان يكون مراده، كون اطلاقه عليه، مجازا في الاصل، وحقيقة بالنقل، فتأمل.

قولهرحمه‌الله : (فلان الخطابات لما وردت على طبق العرف - الخ -).فينكشف باطلاقها، ان الصحيح عندهم، يكون صحيحا عند الشارع، ولا يخفى انه انما يجدى، فيما شك في اعتباره شرعا، وقد علم عدم اعتباره عرفا قولهرحمه‌الله : (فيستدل باطلاق الحكم يحله - الخ -).اى يستدل باطلاقه على كون البيع الانشائى، بمثل (بعت)، على اطلاقه من دون اعتبار ما شك في اعتباره، يكون مؤثرا نافذا، غاية الامر، قد علم تقييده بالقبول ومن هنا ظهر انه على الوجهين، يكون المراد بالبيع، هو

٩

السبب القابل للاتصاف بالصحة، والفساد والفرق بينهما انما يكون بالتمامية، والنقصان.

فافهم قولهرحمه‌الله : (والمعاطاة(١) على ما فسره جماعة - الخ -).لا يخفى، ان المعاطات، ما جعل موضوعا لحكم في آية، او رواية، ولا في معقد اجماع، وانما عبر به، عما يتداول بين الناس، من المعاملة بلا صيغة، فالمهم تعيين ما هو المتداول بينهم، والظاهر عدم اختصاصه بما اذا كان هناك تعاطى من الطرفين، كما في السلف، والنسية، ولا بما اذا كان حل واحد من الايجاب، والقبول به، لو كان بل كما يكون به، ويكون بالاعطاء ايجابا، وبالاخذ قبولا، ويكون اعطاء الاخر، وفاء بالمعاملة، لا متمما لها، بل لا يبعد دعوى ان الغالب في المعاملات المتعارفة، بحسب قصد المتعاملين ذلك كما لايخفى، فلا يضر بالمعاملة، لو ظهر ما اعطاه الثانى، مستحقا للغير، او من غير ما عين من الجنس في المقاولة، بل يضر بالوفاء بها، بل ربما يقال، بحصولها بالتراضى المنكشف بالقطع، والفصل في المساومة، ويكون التعاطى، او الاعطاء، والاخذ، خارجا عنها، ووفاء منهما بها، فيكون كل واحد من الثمن، والمثمن كليا، كما كان احدهما على الوجه السابق.

فتأمل قولهرحمه‌الله : (وهو يتصور على وجهين - الخ -).لا يخفى، ان غرضه، ان كان بيان ما يتصور في باب البيع، فلا يتصور، الاعلى ثانى الوجهين، وان كان بيان ما يمكن ان يتصور فيه، من دون اختصاص بهذا الباب، فلا وجه للتخصيص بهما، فانه يمكن ان يقع على وجوه عديدة، وقصد به كل ما يقصد باللقط، من ايقاع، او عقد، بيعا كان، او غيره، من غير فرق بينهما في ذلك، وان كان بينهما فرق من حيث ان دلالته لا يكون بمثابة دلالة، وذلك مما لا شبهة فيه، ولا ريب يعتريه.اللهم الا ان يكون غرضه، ما يتصور فيه في هذا الباب، بحسب ما يوهم انه محل الكلام، ومود النقض والابرام بين الاعلام.

____________________

١ - وفى المصدر: ان المعاطاة على ما فسره جماعة.

١٠

قولهرحمه‌الله : (والانصاف ان ما ارتكبه - الخ -).فان مثل هذا التأويل، وان كان ممايصار اليه في الاخبار، توفيقا بينها، لاحتمال التعويل فيها، على قرينة لم تصل النيا، لتقطيع الاخبار، او لاخفائها تقية، اوغير ذلك، ولم يأب عنه بعض الكلمات، الا انه كيف يصار اليه في كلمات مشهور الاصحاب، الظاهر في ارادة الاباحة، ونفى الملك، بل مع صراحة بعغها بلا موجب، ولا داعى، ومجرد عدم مساعدة القواعد، على ما هو ظاهر هم، بل مساعدتها على خلافه، لا يوجب الحمل على ما يساعدها، سيما مع احتمال مساعدة السيرة التى هى العمدة في هذا الباب على ذلك واما وجه ابعدية جعل محل النزاع، ما اذاقصد الاباحة، فهو انه كيف، وقد جعل المعاطات من فروع اعتبار الصيغة.

لايقال: على هذا لا يحتمل، فلا وجه لاحتماله فانه يقال: لاحتمال ان يكون ذلك، لدفع توهم انعقاد البيع بالمعاطات، مع قصد الاباحة ابتداء، من مشاهدة فائدته، ولو بعد التصرف، وانه لا يكون ذلك اولا، بل اولا وما دعاه إلى هذا التحمل، الا استبعاد تأثير قصد التمليك للاباحة، لا للتمليك، مع انه كما ستعرف انه ليس كذلك، بل يؤثر التمليك غاية الامر، بشرط التصرف، كالقبض في الصرف، والسلف، اما الاباحة قبله، فليست شرعية، بل مالكية ضمنية، ولو سلم ان مرادهم، هى الاباحة الشرعية، فانما يستعبد المصير اليه، لو لم يكن هناك ما يمكن ان يتوهم منه ذلك، والسيرة التى هى العمدة في الباب مورد لذلك، فتدبر جيدا قولهرحمه‌الله : (مع ان الغاء الشارع للاثر المقصود - الخ -).قد اشرنا إلى انه، ما الغاه، بل رتبة عليه بشرط التصرف، كالقبض في الصرف، وترتب الاباحة عليه شرعا، لو سلم، فهو للاستناد إلى السيرة ظاهرا، بتوهم انها تساعد على ذلك قولهرحمه‌الله : (ويدفع الثانى تصريح بعضهم بان شرط لزوم البيع - الخ-).يمكن ان يقال: لزوم البيع، بمعنى عدم جواز فسخه، لا يقتضى لزومه، بمعنى عدم جواز التراد، بهذا المعنى محل الكلام في المقام، وكون

١١

الايجاب، والقبول، من شرائط انعقاد البيع بالصيغة، لا يقتضى كونهما من شرائط البيع مطلقا، ولو بالمعاطات، وليكن المراد بالايجاب اللفظين منهما، والا لم يكن المعاطات بخالية عنهما، كما لا يخفى.

قولهرحمه‌الله : (لكن في عد هذا، من الاقوال تأمل - الخ -).وجهه، انه مع شرط اللفظ، يكون البيع بالصيغة، لا بالفعل، لكنه يمكن ان يقال: انه يكون كذلك، اذا اعتبره لكى يقع المعاملة به، لا اذا كان لاجل الدلالة، على انها بالتعاطى، فتأمل قولهرحمه‌الله : (ويدل عليه ايضا قوله تعالى " واحل الله البيع "(١) حيث دل على حلية جميع التصرفات - الخ -).والظاهر ان سبب التصرف فيها، وصرف الحكم بالحلية إلى التصرفات، عدم كون البيع بنفسه اختياريا، لكونه مترتبا على سببه بلا اختيار، وانت خبير، بان مجرد ذلك لا يخرجه عن الاختيار المعتبر في متعلق الاحكام، وعلى ذلك، فلا دلالة لها على المدعى، فانها مسوقة لبيان تحليل البيع، بمعنى التمليك قبالا لتحريم الربا.نعم لو كان البيع فيها، بمعنى ما يوجبه، لدلت على صحة المعاطات، ولو كان المراد من الحلية، مجرد التكليف، فان تحليل الشارع للبيع بما يتوسل به، إلى التمليك، وترخيصه فيه كذلك، كما هو ظاهرها، ملازم عرفا لامضائه وانفاذه، كما ان تحريم معاملة، والنهى عنها كذلك، يدل على الردع عنها كما في تحريم الربا، وفيما علقنا على الخيارات، ما له نفع في المقام.

قولهرحمه‌الله : (فمرادهم بالبيع، المعاملة اللازمة - الخ -).بل المعاملة الشرعية، ولذا صرح في الغنية(٢) ، بكون الايجاب والقبول، من شرايط الصحة، لا اللزوم.

فافهم قولهرحمه‌الله : (فهو انما يجدى، فيما اذا اشك في ان هذا النوع من السلطنة، ثابتة

____________________

١ - البقرة: ٢٥٧.

٢ - الغنية - كتاب البيع / ٥٢٣.

١٢

للمالك - الخ -).بل لا يجدى في ذلك، اذا شك في تشريع اصل هذا النوع ايضا، حيث انه مسوق لبيان سلطنة المالك، وتسلطه، قبالا لحجره، لا لبيان تشريع انحاء السلطنة، كى يجدى فيما اذا شك في تشريع سلطنة، فلا يجوز التمسك به على صحة معاملة خاصة، وجواز تصرف خاص، مع الشك فيهما شرعا.فافهم، كى ينفعك في غير المقام قولهرحمه‌الله : (واما ثبوت السيرة واستمرارها على الثوريث - الخ -).

هذا في سيرة المسلمين، واما سيرة العقلاء، بما هم عقلاء، فلا شبهة فيها، ولا ريب يعتريها، حيث استقرت طريقتهم على ذلك، من غير اختصاص باهل ملة، ونحلة، ولم يردع عنها، صاحب شريعة، حيث لو ردع، لشاع نقله، وذاع لتواتر الدواعى، في مثل هذه المسألة اليه، فالاولى التمسك بها، كما تمسك بها في غير مقام، فانها اسم مما تمسك به في المقام قولهرحمه‌الله : (ان القول بالاباحة المجردة مع قصد المتعاطيين - الخ -).لا يخفى، انه انما يتوجه ماافاده من الاستبعادات، على القول بها، اذا لم يقل القائل بها بالاول إلى البيع بعد التصرف، اوالتلف، وقال: ان الملك بعد احدهما انما يكون به، لا بامعاطات بشرطها، بل يكون بالنسبة اليه لغوا، وان كانت مؤثرة للاباحة، واما على القول بالاول، فلا يلزم انخرام قاعدة " العقود تابعة للقصود " ولا يكون ارادة التصرف، ولا التصرف من جانب، ولا التلف السماوى من المملكات، فان التمليك انما حصل بنفس التعاطى، الذى قصد به التمليك، لا بهذه الامور، بل بشرطها.

واما حديث تعلق الاخماس، والزكوات، والاستطاعة - الخ - بغير الاملاك، ففيه انه لا محذور في ذلك في كثيرمنها، كالاستطاعة، واداء الدين، والنفقة، والغنى، كما سيشير اليها، وكذا الوصايا، لو لم نقل بكفاية مثل الوصية، من التصرف في حصول الملك بالتعاطى، ولا فلا اشكال، فان نفودها حينئذ يكون في الملك، وكذا لمواريث، فانه لا اشكال بناء على الاول بموت احد المتعاطيين، كتلف احد الملكين، كما ليس ببعيد، واما بناء

١٣

على عدمه، فلابد في القول بالارث، وصيرورة الوارث كما لمورث فيما له، وقد تركه ضرورة انه ليس بلازم ان يكون مماملكه، وفى الباقى، لم يعلم التزام القائل بالاباحة في بعضها، فلا يصح الزامه، وافهامه، ولو كان بينا فساده، فلم يعلم منه القول، بتعلق الخمس، اوالزكاة قبل الاول، ولم يعلم فساد بعض الآخر، لو لم التزامه به، كما في الشفعة، فلا ضيرفى القول بها بمجرد التعاطى، لشمول دليليها لبيع احد الشريكين عرفا، وان كان تأثيره شرعا يتوقف على امر، لم يحصل بعد، وكذا الربا، اذ لا شبهة على الاول في تعلقه بالمعاطات، ولا يكون حاله قبل التصرف ونحوه، الا كالصرف، قبل القبض في ذلك، كما لا شبهة في تبعيته النماء المتصل، واما المنفصل، فلم يعلم ان القائل بالاباحة، يلتزم بانتقاله إلى الاخذ، كما اشار اليه، مع انه يمكن ان يقال: ان قضية قاعدة التبعية، ان يتبعا في الملكية بعد التصرف، كما يتبعها قبله، وبعبارة اخرى، يكون حالها، حال العين، المبيوعة، وليس هذا ببعيد، كل البعيد وبالجملة، على الاولى تكون هذه الامور، بين ما لا يلزم، اولا يلتزم به القائل بالاباحة، وبين ما لا بعد فيه، لو التزم، او لابد من ان يلتزم به قولهرحمه‌الله : (مدفوعة مضافا إلى امكان دعوى كفاية - الخ -).لا مجال لدعوى الكفاية على مختاره، من عدم حجية الاستصحاب، مع الشك في المقتضى، كما لا شبهة في صحتها على ما هو المختار، من حجية، وملخص ما افاده في دفع الدعوى، بين منع اقسام الملك إلىقسمين، و تنوعه بنوعين، والاختلاف في الاحكام، ليس لاجل الاختلاف في ناحيته، بل للاختلاف في ناحية اسبابه، قلت: لو كان الجواز، واللزوم هيهنا، بمعنى جوازا فسخ المعاملة وعدمه كما في باب الخيار، فلا شبهة في كونهما من احكام الاسباب واما لو كان بمعنى تراد العينين، وتملك ما انتقل عنه، وعدمه، بلا توسيط فسخ المعاملة، كما في الهبة، على ما صرح به في الملزمات، فهما من احكام المسببات لا محالة، واختلافها فيهما، كاشف عن اختلافها في الخصوصيات المختلفة في اقتضاء الجواز، واللزوم، لئلا يلزم الجزاف في احكام

١٤

الحكيم تعالى شأنه، وانت كان اختلافها فيها، ناشيا عن اختلاف الاسباب ذاتا، او عرضا وبالجملة جواز فسخ المعاملة، بحق خيار، اوبمحض حكم، كما في الاقالة، وعدم جوازه، لا ريب في كونهما من احكام السبب المملك، اما جواز الرد، او التراد وعدمه، فهما من احكام الملك، والحكم عليه، تارة بالجواز، واخرى بعدمه، كاشف في مورد كل واحد منهما عن خصوصية مقتضية له، غير خصوصية في الآخر، والاختلاف بحسب الخصوصية كاف في اختلاف الاحكام، من غير حاجة إلى الاختلاف بالحقيقة، والماهية، وهذا الاختلاف الناشى عن اختلاف الاسباب ذاتا، اوعرضا، لا يجب ان يوجب تفاوتا في المنشأ اصلا، كما لا يخفى، فانقدح بذلك، فساد ما افاده في بيان كون الجواز، واللزوم، من احكام السبب المملك، لا المملك، فتدبر جيدا قولهرحمه‌الله : (فان مقتضى السلطنة، ان لا يخرج - الخ -).

يمكن ان يقال: كما اشرنااليه انه ليس الا لبيان سلطنة المالك على ماله، وتسلطه عليه، وانه ليس بمحجور، لا لبيان اثبات انحاء السلطنة له، ليصير دليلا على لزوم عقد، بمعنى عدم جواز الرد، لمنافات جوازه لا طلاقها.

فتأمل قولهرحمه‌الله : (فالقول بالملك اللازم، قول ثالث فتأمل).

لكنه لا بأس بالمصير اليه، بعد عدم الاتفاق عليه نفيه، بل كان عدمه إلى الآن، بمجرد الاتفاق، كما هو الحال، في حدوث القول الثالث في كل مسألة، ولعله اشار اليه بامره بالتأمل قولهرحمه‌الله : (بل يمكن دعوى السيرة - الخ-).دعواها، على نحو كانت كاشفة عن رضاء المعصوم، كما ترى، والانكار على المنع عن الرجوع، لم سلم، لم يعلم انه من جهة بنائهم على جوازه، ولعله لاجل ما هو المركوز عقلا، ونقلا، من حسن الاقالة، وكون تركها مع الاستقالة، خلاف المروة، ومناف للفتوة، من غير فرق بين ايقاع البيع بالصيغة، او التعاطى.

١٥

قولهرحمه‌الله : (او باعتبار محله وغير محله - الخ -).او باعتبار كونه محللا لكل من الثمن، او الثمن، على من انتقل اليه، ومحرما على من انتقل عنه، ويكون الغرض، دفع توهم كون مجرد المقاولة، من بيع ما ليس عنده المركوز حرمته، وعدم نفوذه، ببيان انها ليست بمحللة، ومحرمه، والكلام، وهوالبيع ما كان كذلك، فليست ببيع، حتى كانت من بيع ما ليس عنده، وعليه يكون التعبير عنه بالكلام، لا لانه لفظ بمعناه، بل بما هو نفس المعنى بوجه، كما لا خفى، ويكون الحصر ليس بحقيقى، بل بالاضافة إلى المقاولة، فلا دلالة فيه على انحصار التحليل، والتحريم، بالبيع بالصيغة، ولا به مطلقا.فتدبر جيدا قولهرحمه‌الله : (بان يقال:(١) حصرالمحلل والمحرم في الكلام، لا يأتى الا - الخ -).هذا اذا كان المراد بالكلام، هو اللفظ بمعناه، واما اذا كان المراد به نفس المعنى، كما اشرنا اليه آنفا، اوكان حصر المحلل في المقاولة، والمواعدة، وحصر المحرم في ايجاب البيع وايقاعه، بالاضافة إلى الآخر، فلا يكاد يمكن استظهار اعتبار الكلام في ايجاب البيع اصلا، كما لا يخفى قولهرحمه‌الله : (فالظاهر انه بيع عرفى لم يؤثر شرعا - الخ -).لكنه قبل وجود احد الملزمات، والا يصير بيعا شرعيا، يؤثر التمليك، ونفى البيع عنها في كلام المشهور، القائلين بالاباحة، هو البيع الشرعى بمجرده، لا بعد وجود احدها، على ما عرفت من الاول إلى البيع. ومن هنا ظهر ان قوله (فنفى البيع - الخ -) لا يصح ان يكون تفريعا على القول بالاباحة، وانما هو تفريع على القول بالملك، وان كان خلاف سوق الكلام قولهرحمه‌الله : (وحيث االمناسب لهذا القول التمسك - الخ -).قد عرفت انه لا دلالة على مشروعية معاملة اصلا، وأنه لا دلالة الا على اثبات السلطنة للمالك، قبالا لحجره، كما في بعض افراده، باحد

____________________

١ - وفى المصدر: بان يقال ان حصر المحلل.

١٦

اسبابه، وفى غيره، الا بسبب ولاية، او وكالة، لا اثبات انحاء السلطنة، كى يجدى فيما اذا شك في شرعية اصل معاملة، وفيما اعتبر في صحتها، ولو علم شرعيتها وعليه فلو شك في اصل مشروعية الاباحة العوضية، لا وجه للتمسك به، على مشروعيتها، فضلا عما اذا شك في اعتبار شئ في سببها.نعم يحل التصرف بما لا يتوقف على الملك، لقولهعليه‌السلام " لا يحل مال امرء الا بطيب نفسه(١) " وقوله " لا يجوز لاحد التصرف في ملك غيره، الا باذن مالكه، اذا كان بطيب من مالكه وباذنه(٢) " ولو لم يكن هناك معاطاة. فلا تغفل. قولهرحمه‌الله : (واما على المختار، من ان الكلام فيما اذا قصد - الخ -).ونخبة الكلام في المقام، انه لا شبهة في اعتبار ما اعتبر في البيع، باطلاق، او عموم على القول بافادتها للملك، فانها بيع بلا اشكال، الا ان يقال: ان السيرة في الغت بعض ما يعتبر بالاطلاق او العموم، وانى لها بذلك.نعم لو كان الاشتراط، بدليل يختص بما اذا كان بالصيغة، لا يعتبر فيها، اذا كان الدليل على الصحة، عموم، او اطلاق، لا مثل السيرة، وكذلك على القول بالاباحة، بناء على الاول اليه، وافادتها التمليك بعد التصرف، او التلف، فانها بيع ايضا، وتوقف تأثيره على مثله غير ضائر، كما في الصرف، والسلف، واما بناء على عدم الاول، وكون التمليك بعد التصرف به، لا بها، فاطلاق ادلة شروط البيع، وان كان لا يساعد على اعتبارها فيها، لعدم كونها بيعا شرعا، ولا يجدى كونها بيعا عرفا، بعد كشف الشارع من حالها، وانها ليست ببيع واقعا، الا ان افادتها لاباحة جميع التصرفات شرعا قبل التصرف، وحصول التمليك به بعده، لما كان على خلاف الاصل، وجب الاقتصار في خلافه، على القدر المتيقن، وهو ما اذا كانت واجدة لجميع ما يعتبر في صحة البيع.فتدبر جيدا.

قولهرحمه‌الله : (واما حكم جريان الخيار فيها، فيمكن نفيه - الخ -).

____________________

١ - وسائل الشيعة: ٣ / ٤٢٤ - ب ٣ - ح ١.

٢ - وسائل الشيعه: ٦ / ٣٧٧ - ب ٣ - ح ٦ (بهذا المعنى).

١٧

اذا لم نقل بالاول إلى اليع بعد التلف، لعدم كونها بيعا، لا لجوازها، واما بناء عليه، فحالها حال بيع الصرف والسلم قبل القبض، ومجرد الجواز، بمعنى التراد، او الرد قبل التصرف، والتلف، لا يمنع عن تعلق حق الخيار، مع ان الجواز الفسخ بخيار، لا يمنع عن تعلق خيارآخر.ومن هنا ظهر ان ثبوت الخيار فيها مطلقا، بناء على افادتها الملك، اظهر، لا لصيرورتها بيعا بعد اللزوم، كما علل به، بل لكونها فعلا بيعا عرفا، وشرعا، والخيار موجود من زمن المعاطات، واثره يظهر من حين ثبوته، لصحة اسقاطه، والمصالحة عليه قبل اللزوم، فلا وجه لما افاده من ظهور اتره بعده، كما لا وجه، لما ذكره من احتمال التفصيل، اذ دعوى اختصاص ادلة الخيار في البيع، بما وضع على اللزوم، مجازفة، كما لا يخفى على من لاحظها.

قولهرحمه‌الله : (الامر الثانى: ان المتيقن من مورد المعاطات - الخ -).قد عرفت في بعض الحواشى السابقة، ان لفظ المعاطات ليس مما ورد في آية، والرواية، ولا في معقد الاجماع، بل من المعلوم انه عبربها، عن المعاملة، المتعارفة، المتداولة، فالمدار في ترتيب الاحكام والآثار، على ما هو المتعارف، وان لم يصدق عليه معنى المعاطات، بل معنى الاعطاء، بل ولو لم يصدق عليه بناء على حصول التمليك، وتحقق المعاملة بالمقاولة، ويكون الاعطاء من طرف او طرفين، من باب الوفاء بها، لا احداثا، او تتميما لها، على ما احتملناه، فالعمدة تحقيق ذلك، وعليك بالتحقيق.

قولهرحمه‌الله : (الثالث: تميز البايع من المشترى - الخ -).لا يخفى، انه ليس هذا من تنبيهات المعاطات، لعدم اختصاصه بها، وان المنشئ للتمليك بالعوض، بايع، ومنشئ التملك به، مشترى، من غير فرق فيما قصدا به، بين اللقط، والفعل، فلو لم يقصد كل واحد منهما، الا ما قصد الآخر، فهما بايعان، او مشتريان كذلك، اى من غير فرق بينهما، فلا فرق فيما هو المييز لكل منهما عن الآخر، مفهوما بينهما.نعم بينهما فرق في التميز خارجا، وهو انه غالبا يكون في البيع بالصيغة، ما يدل بظاهره على ان ايهما بايع، وايهما مشترى، بخلاف الفعل،

١٨

لعدم دلالته بنفسه، ويكون الدلالة بالقرينه، وربما لا يكون، او لا يكون محفوظة، وربما يعكس الامر، لو قلنا بكفاية المجاز، والكفاية في الصيغة، فافهم.فتدبر جيدا.

قولهرحمه‌الله : (فيكون الآخر في اخذه، قابلا ومملكا - الخ -).لا يخفى، انه لا يتعين هذا، على هذا الو جه، لامكان ان لا يقصد باخذه التمليك، بل بدفعه، وانما اخذ مقدمة لقبوله بدفع العوض، فلو مات قبل الدفع، مات قبل تمام المعاطات، فلا تغفل.

قولهرحمه‌الله : (فيكون تمليك بازاء تمليك، بالمقابلة - الخ -).بل يكون المقابلة، بين مال المعطى، وتمليك الآخر، ويكون تمليكه ثمنا كفعل آخر جعل ثمنا، فاذا قصد باخذه القبول، فالمعاملة يتم، من دون توقف على تمليكه، وان وجب عليه الوفاء، ويستحقه عليه المعطى، فلو مات، لم يفت منه، الا الوفاء، بالمعاملة، الحاصلة بالمعاطات، ولو كان الغرض من المعاملة، المقابلة بين التمليكين، بان يكون عمل كل منهما وتمليكه، جعل بازاء عمل الآخر، وتمليكه، لم يقع بهذه المعاملة، تمليك من احدهما، بل يستحق كل على الآخر، بعد وقوعها تمليك الآخر وفاء بها، كسائر الاعمال، اذا وقعت المعاوضة بينهما، كما لا يخفى.وبالجملة، ذا قصد بنفس المعاملة، تمليك مال، بعوض التمليك الآخر شيئا، كان التمليك عوض المال، كما يظهر من مقايسته على بيع الاموال بالاعمال، فظهر انه بيع، لا انه بعيد عنه، وقريب من الهبة، كما افادهرحمه‌الله .فانقدح بذلك مواضع الخلل في كلامه، زيد في علو مقامه، في هذا الوجه، والوجه الرابع، فلا تغفل.

قولهرحمه‌الله : (فاذا كان بيع الانسان مال غيره - الخ -).تحقيقه ان يقال: لا شبهة ولا اشكال في انه يعقل تمليك الانسان، مال غيره، بعوض يملكه باذنه، كما يقعل تمليك ماله، بعوض يملكه غيره، وان لم يصدق عليه عنوان البيع، لاعتبار خصوصية تملك المالك للعوض في صدقه، ولم يصح الاستدلال على صحته، بما دل على صحته،

١٩

وامضائه، مع ان مجال المنع عنه واسع، وتعريفه بمبالة مال بمال، انما يكون في قبال التمليك مجانا، كيف، وفى بيع مال المضاربة بالمرابحة للعامل من الثمن ما جعل له من المقدار، مع ان مال المضاربة للمالك، ولو سلم، فيمكن ان يستدل عليه بمثل " اوفوا بالعقود "(١) و " المؤمنون عند شروطهم "(٢) ، لا يقال: لا يكاد يصح الاستدلال على صحته بادلة البيع، ولو سلم صدقه عليه، لمكان ما دل على النهى عن بيع ما ليس عنده، فانه مع الاذن في بيعه، كذلك يمنع عن كونه من بيع ما ليس عنده، واما العتق عن غير المالك، فلا مانع عنه عقلا، وانما منع شرعا عن عتق غير المالك، لان عتقه عن غيره، فاذا صح عتقه عن غيره، صح له ان يأذنه في ذلك، واما الوطى، فلا بأس بالقول بجوازه للمباح له، بدعوى انه تحليل، وان اعتبار لفظ خاص فيه، دعوى بلا دليل.

فتلخص مماذكرناه، انه لا بأس بان يقال بصحة اباحة جميع التصرفات التى منها البيع، والعتق، والوطى، فتأمل.

قولهرحمه‌الله : (فيشكل الامر فيه، من جهة خروجه عن المعاوضات المعهودة - الخ -).انما يشكل من هذه الجهة، اذا اريد الاستدلال عليه، بما دل على صحتها بعناوينها، والا فلا اشكال في صحة الاستدلال عليها، بالمؤمنون عند شروطهم، وباوفوا بالعقود ٣، الا ان يدعى ان المراد بالعقود، هى المعهودة المتعارفة مها، لا مطلقا، وهو كما ترى، وقد عرفت الاشكال في الاستدلال ب‍ " الناس مسلطون " ٤ في تشريع المعاملات، وانحاء التسلطات.

فتدبر جيدا.

____________________

١ - المائدة: ١.

٢ - بحار الانوار - ٢ / ٢٧٢.

٣ - المائدة: ١.

٤ - بحار الانوار - ٢ / ٢٧٢.

٢٠