كتاب الخمس

كتاب الخمس0%

كتاب الخمس مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 384

كتاب الخمس

مؤلف: الشيخ مرتضى الأنصاري
تصنيف:

الصفحات: 384
المشاهدات: 216485
تحميل: 5109

توضيحات:

كتاب الخمس
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 384 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 216485 / تحميل: 5109
الحجم الحجم الحجم
كتاب الخمس

كتاب الخمس

مؤلف:
العربية

تبين زيادة المؤونة بعد دفع الخمس

ثم لو دفع الخمس وتبين زيادة المؤونة، ففي ظاهر المسالك(١) وحاشية الارشاد(٢) : أنه يذهب على المالك، ولعله(٣) إنما دفعه خمسا بناء على أصالة عدم حدوث مؤونة أخرى، فيملكه الآخذ، فلا وجه لاسترداد الزائد وإن بقي عينه.

بل يمكن أن يقال: إن مقتضى قولهم: يجوز تأخير الخمس احتياطا للمكلف، هو تعلقه واقعا بالمستفاد في أول استفادته بعد إخراج مؤونته منه(٤) بحسب ملاحظة حاله في ذلك الوقت، وإنما صار(٥) موسعا إلى آخر الحول غبطة للمكلف، فكل جزء من الوقت يريد أخراجه(٦) يلاحظ المؤونة بحسب ذلك الجزء من الوقت، وليس معنى ذلك أن تجدد المؤونة يكشف عن عدم تعلق الخمس به في أول الوقت، إذ الاحتياط للمالك حينئذ في مقابلة تعسر استرداده من المستحق، وهو مما لا ينبغي ملاحظته وجعله(٧) احتياطا، بل الظاهر من الاحتياط للمالك عدم خسارته بأن يذهب عليه الخمس، مع أن اللازم على هذا عدم جواز التأخير إذا لم يتحقق الاحتياط، بأن يعلم بعدم تجدد المؤونة والخسارة.

____________________

(١) المسالك ١: ٤٦٨.

(٢) حاشية الارشاد (مخطوط): ١٠٠.

(٣) في " ف " و " م ": ولعله لانه.

(٤) في " ف " و " م ": عنه.

(٥) في " ف ": جاز.

(٦) في هامش " م ": اخراجه فيه (ظ).

(٧) ليس في " ف ": جعله.

(*)

٢٠١

وبما ذكرنا يندفع ما يورد على ما ذكره الشهيد والمحقق الثانيان(١) .

أولا: بالنقض بما لو دفع الزكاة على تقدير سلامته فبان تالفا، وقد مر الحكم بالاسترداد مع بقاء العين أو احتسابه من زكاة مال آخر مع البقاء والتلف إذا تلف ولم يكن القابض عالما بالحال.

وثانيا: بأن زيادة المؤونة تكشف عن نقص الخمس، لانه إنما يجب بعد المؤونة، فالواجب في هذه السنة - واقعا - خمس الفاضل عن المؤونة الواقعية، لا ما اعتقده مؤونة.

ويمكن دفعه: بأن وضع المؤونة من باب الرخصة للمالك، كما يستفاد من الاخبار، فإذا أقدم المالك على الدفع من الابتداء تعويلا على أصالة عدم مؤونة أخرى فلا يجوز له الاسترداد، ومنه يظهر الفرق بينه وبين مسألة الزكاة، فإن المدفوع على تقدير تلف المال ليس زكاة له.

لكن الانصاف: أن ما ذكراه لا يخلو عن نظر ومنع، وسيأتي بيان في آخر مسألة المكاسب.

تعلق الوجوب بظهور الربح

ثم إن الظاهر تعلق الوجوب بمجرد ظهور الربح من غير حاجة إلى الانضاض، لصدق الاستفادة بمجرد ذلك.

هل تجبر الخسارة بالربح؟ ولو خسر وربح، فالظاهر جبران الخسارة بالربح إذا اتفقا في تجارة واحدة، بأن أخذ شيئين صفقة، فربح في أحدهما وخسر في الآخر.

ولو كانا في مال واحد في تجارتين، فإن كان كلاهما متعاقبين في مال واحد، فالظاهر أيضا الجبران، وذهب بعض مشايخنا(٢) إلى عدم جبر(٣)

____________________

(١) المتقدمة في الصفحة السابقة.

(٢) الجواهر ١٦: ٦١.

(٣) في " ف ": جبران.

(*)

٢٠٢

الربح المتأخر للخسارة المتقدمة، وله وجه على مذهبه: من(١) أن مبدأ الحول ظهور الربح(٢) إن أراد الخسارة المتقدمة على الربح الاول، كما هو ظاهر، إذ المتعقب للربح منجبر بالربح المتقدم، ولا يحتاج إلى الانجبار بالمتأخر.

ولو كانا في مالين ففي الجبران إشكال، أقربه ذلك(٣) ، كما قطع بالجبران في الدروس(٤) ، وعلله بعض(٥) : بأن المناط الارباح الحاصلة في تجارة كل عام لا في خصوص كل مال.

وأما التالف من المال فلا يجبر بالربح قطعا، لان التلف لا يمنع صدق الاستفادة على الربح، وجبر التالف ليس من المؤونة.

____________________

(١) في " ج ": مع.

(٢) انظر الجواهر ١٦: ٨٠.

(٣) ليس في " ف ": أقربه ذلك.

(٤) الدروس ١: ٢٥٩.

(٥) لم نقف عليه.

(*)

٢٠٣

مسأله (١١) استثناء مؤونة الحج

لا إشكال في أن مؤونة الحج من المستثنى إذا وجب عام الاكتساب ولو حصلت الاستطاعة من فضلات سنين متعددة وجب في كل سنة إخراج خمس ما فضل، لسبق تعلق الخمس على وجوب الحج، وهذا بخلاف غير الحج من الواجبات الشرعية والعرفية التي يجب تحصيل الاستطاعة لها كالكفارات والغرامات وشراء الدار ونحوها مما يلزم عرفا، فإن ما يفضل عن مؤونة سنته وإن لم يف بتحصيل ذلك الامر اللازم إلا أن حفظه ليضم إليه ما يفضل عنه في سنة أخرى فيحصل(١) ذلك الامر اللازم، معدود عرفا من المؤونة.

والاقوى إخراج مؤونة الحج من ربح عام الاكتساب، وإن حصل معظم الاستطاعة من الفواضل السابقة، بناء على ما اخترناه من إخراج

____________________

(١) كذا في " ف " وفي سائر النسخ: فمحصل.

(*)

٢٠٤

المؤونة من الربح وإن كان له مال آخر.

من فاته الحج عام الاستطاعة

ولو فاته الحج في عام الاستطاعة، فان كان لعذر فلا يستثنى مؤونته، وإن كان عمدا عصيانا فهل هو بمنزلة التقتير، يحسب له أم لا؟ الاقوى: العدم لما مر من أعتبار الفعلية في الانفاق دون الشأنية.

المراد من العام ومبدئه

ثم إن الاظهر في الروايات والفتاوى أن المراد بالعام هو العام الذي يضاف إليه الربح عرفا ويلاحظ المؤونة بالنسبة إليه [ وأما مبدأ حول المؤونة فيما يحصل بالاكتساب: هو زمان الشروع في التكسب، وفيما لا يحصل بقصد واختيار - لو قلنا به - زمان حصوله، خلافا(١) في الاول فجعلوه زمان ظهور الربح، بل جعله بعضهم زمان حصوله.

أما الاول: فلان المتعارف وضع مؤونة زمان الشروع في الاكتساب من الربح المكتسب ](٢) فالزارع عام زراعته الشتوية من أول الشتاء، وهو زمان الشروع في الزرع، ويلاحظ المؤونة ويأخذ من فائدة الزرع مؤونة أول أزمنة الاشتغال به إلى آخر الحول.

وأما الثاني: فلان نسبة الازمنة السابقة إليه على السواء، فلا وجه لعد بعضها من سنته، بل السنة من حين ظهوره.

مبدأ الحول تابع للعرف

والحاصل: أن مبدأ الحول تابع لما تعارف بين الناس في إضافة الربح إليه وإخراج مؤونته من ذلك الربح، فمثل الزارع والتاجر والصانع إنما يأخذون من مستفادهم مؤونة حول الاشتغال، فتراهم ينفقون على الربح المرجو ويستدينون عليه، بل قد يكون ظهور الربح في آخر السنة

____________________

(١) كذا في النسختين، ولعل الاصح: وفي الاول خلاف فجعلوه.

(٢) ما بين المعقوفتين من " ع " و " ج ".

(*)

٢٠٥

كما سيجئ، فإن أداء ثمن الطعام ونحوه من الضروريات من الربح الحاصل بعد إخراج المؤونة منه.

فاندفع ما توهمه بعضهم من أن الامر بوضع مؤونة العام من الربح لا يتحقق إلا بأن يتأخر العام عن الربح، فلا بد أن يكون مبدؤه حين ظهوره، وفساده يعرف مما عرفت، بل من ملاحظة العرف في صناعاتهم.

ولو فرضنا أنه تعارف في شئ أخذ مؤونة حول ما بعد حصوله، كان هو المتبع، مثل من يوجر ضيعته بمقدار من حاصلها، فان الظاهر أن المتعارف في مثله أن يؤخذ من الحاصل مؤونة سنته المستقبلة.

مبدأ الحول حين الفائدة لو لم يكن عرف

وبالجملة: فالمراد بالحول الربح وهو يختلف، فقد يكون زمان ظهور الربح أول الحول، وقد يكون وسطه، وقد يكون آخره.

نعم، لو لم يكن تعارف، فمدة الحول من حين وجود الفائدة، لان نسبة الازمنة السابقة إليه على السواء، فلا وجه لعد بعضها من حوله كما لا يخفى، فإطلاق عبارة الدروس: أن مبدأ الحول الشروع في التكسب(١) مختص بالمكاسب المتعارفة، مثل الامثلة المتقدمة.

الثمرة بين القولين

ثم إن الثمرة بين القولين المذكورين مما لا يخفى، فإن حول الزراعة من أول الشتاء - الذي هو أول زمان الاشتغال به - إلى أول شتاء آخر على المختار، ومن أول الصيف - وهو زمان حصول الربح - إلى أول الصيف، فقد تتفاوت المؤونة فيهما.

نعم، لو استدان في أول الشتاء دينا كان أداؤه من المؤونة على القولين، أما على المختار فلانه بعض الحول، وأما على غيره فلان الدين السابق من المؤونة.

____________________

(١) الدروس ١: ٢٥٩.

(*)

٢٠٦

الربح التدريجي مع اتحاد زمان التكسب واختلافه

ثم إنه إذا حصل ربح بعد ربح، فإن اتحد زمان التكسب لهما فلا إشكال على المختار من اتحاد أولهما في اتحاد آخرهما، حتى أنه لو اتفق حصول أرباح متعاقبة مترتبة على التكسب الذي شرع فيه أول رمضان، واتفق حصول الاخير منها في رمضان المقبل، كانت آخر السنة آخر حولها، ولا يجوز أن يوضع منه مؤونة العام المستقبل، كما لو زرع من الخضروات ما له لقطات متعددة، أو زرع منها أو من الحبوب أجناسا متعددة تحصل في أزمنة متعاقبة.

فإن اختلف زمان التكسب، فمبدأ حول كل ربح زمان الشروع في تكسبه، والمؤونة في الزمان المشترك بينهما موزع عليهما، ويختص كل بمؤونة زمانه المختص به، فإذا شرع في أول الشتاء بزراعة الحنطة والشعير، وفي أول الصيف بزراعة الزرع الصيفي كان مؤونته من أول الشتاء إلى أول الصيف، مخرجه من فائدة زرعه الشتوي، ومن أول الصيف إلى أول الشتاء الآخر موزعة على كلا الزرعين، ويخرج حينئذ خمس الشتوي لتمام سنته منه إلى أول الصيف الآخر مخرجة من الصيفي ويخرج حينئذ خمس الصيفي لانقضاء حوله.

هذا هو الذي يقتضيه النظر الجليل في الاخبار، حيث إن المستفاد منها وجوب الخمس في كل مستفاد، وبعد تقييد ذلك بما بعد المؤونة يصير الحاصل إن كل متسفاد فيه الخمس بعد إخراج مؤونة السنة منه.

لكن لا ريب أن مراعاة هذا قد يؤدي إلى الحرج الشديد كما لو أكتسب كل يوم شيئا، بل كل ساعة شيئا، فإن مراعاة حول مستقل لكل ربح جديد متعذر أو قريب منه، وهو منفي بالعقل والنقل، مضافا إلى السيرة القطعية، ومع ذلك كله فهو موقوف على كون كل ربح ربح موضوعا وموردا

٢٠٧

للخمس في أخبار المكاسب، حتى يقال: إن كل ربح، وكل فائدة فيها الخمس بعد وضع المؤونة منها، وهو ممنوع، بل ظاهر قولهعليه‌السلام : " الخمس بعد المؤونة "(١) - بعد سؤال السائل بقوله: هل الخمس على جميع ما يستفيد الرجل من جميع الضروب وعلى الصانع؟(٢) - أن المراد بالمؤونة مؤونة سنة التحصيل والصناعة، فيكون جميع ما يستفاد من أول التكسب إلى تمام السنة، كمستفاد واحد يخرج الخمس مما فضل منه عن المؤونة(٣) .

وأظهر من ذلك رواية علي بن راشد المتقدمة(٤) الدالة على وجوب الخمس في المتاجر والصنائع بعد وضع المؤونة، فإن وحدة المؤونة الموضوعة من التجارة والصناعة مع حصول الارباح المتدرجة تدل على أن المستثنى من الجميع مؤونة واحدة، ولا يكون إلا بأن يكون لها(٥) سنة واحدة.

وكذلك الرواية المتقدمة(٦) في استثناء مؤونة الضيعة، فإن الارباح الحاصلة من الضيعة قد تكون تدريجية فاستثناء مؤونة واحدة تدل على أن للمجموع سنة واحدة، أولها أول الشروع في الاسترباح، أو ظهور الربح على الخلاف المتقدم، مع أن المتعارف بين الناس في الارباح التدريجية عدم تقسيط المؤونة عليها، بل يصرف الربح الحاصل، الاول فالاول في المؤونة، فما بقي بأيديهم في آخر السنة من الربح الحاصل أخيرا يعدونه مستفاد سنتهم

____________________

(١) الوسائل ٦: ٣٤٨، الباب ٨ من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث الاول.

(٢) في " ف ": الصنائع، وفي المصدر: الصناع.

(٣) في " ف ": عنه من المؤونة.

(٤) في الصفحة ٢٠٠.

(٥) في " ع " و " ج ": لهما.

(٦) في الصفحة ٢٠٤.

(*)

٢٠٨

الماضية، فلا وجه لاستثناء المؤونة المستقبلة منه، لما عرفت من أن العبرة بحول الربح، فهذا في الحقيقة يرجع إلى القسم الاول، فيكون زمان الشروع في التكسب في جميع الارباح المتعددة(١) متحدا، فالارباح المتعاقبة بمنزلة الارباح المتعددة الحاصلة في زمان واحد، ولهذا(٢) لا يفرق العرف بين صرف مجموع أحدهما في المؤونة، وبين توزيع المؤونة على الكل في إطلاق ربح العام على الباقي.

الارباح التي لها جامع عرفا

ثم إن ما ذكرنا واضح فيما لو كانت الاستفادات المتعددة عرفا(٣) بمنزلة استفادة واحدة، كالمستفاد للتجار(٤) والصناع المستمرين على شغلهم طول الحول، فإن متعلق الخمس فيها شئ واحد عرفا، وهو الحاصل من مجموع الاستفادات، وهذا هو المقيد بما بعد الموونة، فالمراد سنة هذا الامر الواحد.

الارباح التي لا جامع لها عرفا

وأما(٥) الاستفادات المتعددة التي ليس لها(٦) جامع واحد، فتقرير المطلب فيها يحتاج إلى التفطن فيما نحن فيه لامر آخر وهو: أن مثل الآية الشريفة: (واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه)(٧) وقولهعليه‌السلام - في موثقة سماعة -: " الخمس في كل ما أفاد الناس من قليل وكثير "(٨) لا ريب في إفادته للعموم بالنسبة إلى أفراد المستفاد والمغنوم، وهل هو بالنسبة إلى أفراد

____________________

(١) في " ف ": المتجددة.

(٢) في " ف ": ولذا.

(٣) ليس في " ع " و " ج ": عرفا.

(٤) في " ع " و " ج ": للتجارة.

(٥) في " ف ": وأما في.

(٦) في " ف ": بينها.

(٧) الانفال: ٤١.

(٨) الوسائل ٦: ٣٥٠، الباب ٨ من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث ٦.

(*)

٢٠٩

قولان في المسألة

الاستفادة أيضا عام؟ بمعنى أن كل مستفاد باستفادة مستقلة يتعلق به الخمس، فإذا استفاد عشرة دراهم فيتعلق بها الخمس، وإذا استفاد عشرة أخر ففيه أيضا الخمس، فيكون هذان المستفادان فردين من العام تعلق بكل منهما حكم مستقل بلحاظ مستقل(١) ، أو أنه ليس كذلك، بل بعد استفادة العشرة الثانية يصير المسفاد عشرين ويتعلق به الخمس بهذا الاعتبار، فهو فرد واحد للموصول(٢) في الآية والرواية.

فإن قلنا بالاول، فتقييد الحكم بما بعد مؤونة سنة الربح لابد أن يلاحظ بالنسبة إلى كل منهما، فيحصل لكل منهما عام مستقل باعتبار ما استثنى منه من المؤونة، فإذا اتفق اشتراكهما في تمام السنة، أو في بعضها فلا بد أن يوزع مؤونة الزمان المشترك بينهما.

وإن قلنا بالثاني، فالمقيد هو المجموع المستفاد بالاستفادتين، فلا يعتبر فيه إلا سنة هذا المجموع، فيستثنى مؤونتها(٣) من هذا المستفاد الواحد باستفادتين، ويخمس الباقي، وحيث إن الظاهر للمتأمل في الاخبار هو الوجه الثاني كان حكمه ما ذكرنا.

وجه الظهور القول الثاني من الاخبار

وجه الظهور: أن جملة الموصول في الآية والرواية للجنس، فالوحدة والتعدد غير ملحوظ فيه، فالمراد بالموصول مجموع الحاصل بالاستفادات المتعددة، ولذا(٤) لو استفاد عشرين درهما باربعين، استفاد كل مرة نصف درهم، يصدق عليه أنه استفاد عشرين.

____________________

(١) ليس في " ج " و " ع ": مستقل.

(٢) في " ف ": للموجود.

(٣) في " ج ": ما مؤونتها.

(٤) في " ف ": وكذا.

(*)

٢١٠

الايراد على القول الثاني و جوابه

فإن قلت: الحكم بوجوب الخمس يتعلق بالمستفاد الاولى لا محالة، لتحقق الجنس، وتقييد هذا الحكم بما بعد وضع مؤونة سنة، فالاستفادة الثانية أيضا سبب مستقل، لثبوت الحكم أيضا فيما أستفيد بتلك الاستفادة، فيتعدد(١) الحكم ويقيد كل منهما بما بعد وضع مؤونة سنته.

قلت: تعلق الخمس(٢) بالمستفاد أولا مسلم، لكن من حيث انحصار جنس المستفاد فيه، فلما استفاد العشرة الثانية يصير العشرون مستفادا واحدا بجنس الاستفادة، فيتعلق وجوب الخمس به، ولا يصح حينئذ أن يلاحظ العشرة الثانية فردا آخر للعام غير الفرد(٣) الاول، إذ بعد ملاحظة الجنس في الاستفادة ليس العشرة مجموع ما استفيد بجنس الاستفادة، بل بعضه، والمفروض أن للموصول عموما بالنسبة إلى أجزاء كل مستفاد، كما أن له عموما بالنسبة إلى أفراده.

نعم، هذه العشرة الثانية مجموع المستفاد بخصوص هذا الاستفادة الثانية، وليس هو المراد من الاستفادة.

نعم، لو قلنا بأن المراد بالموصول كل فرد مستفاد باستفادة مستقلة كان العشرون فردين من الموصول، ولا يرتاب في أنه خلاف الظاهر.

وينبه على القول الثاني وينبه على ما ذكرنا: أن في صورة وحدة زمان الاستفادات المتعددة لا يتعلق بالمكلف أحكام(٤) مستقلة - قيد كل منها(٥) بما بعد وضع المؤونة - حتى يكون توزيع مؤونة تلك السنة على الكل من باب الترجيح بلا مرجح،

____________________

(١) في " ف ": ويقيد.

(٢) في " ف ": الحكم.

(٣) في " ج ": المفرد.

(٤) في " ف ": التكليف بأحكام.

(٥) في " ع " و " ج ": منهما.

(*)

٢١١

فإن ذلك(١) تكلف لا يخفى مخالفته لظاهر المتفاهم، بل يحكمون بأن الخمس متعلق بالمجموع من حيث إنه مستفاد واحد بجنس الاستفادة فيخرجون المؤونة عنه من أي جزء كان، وقد يصرفون مستفادا واحدا بأجمعه في المؤونة، ولا يخطر ببالهم توزيع ولا ضمان بمقدار الخمس من المستفاد المصروف بتمامه(٢) ، ولايفهمون من الآية(٣) ثبوت أحكام متعددة.

منافاة القول الثاني للمختار في الغوص و الكنز

لكن لا يخفى أن هذا كله مناف لما أخترناه في مسألة إخراج الغوص واستخراج الكنز دفعات متعددة، [ من ](٤) أن الظاهر من قوله: " ما يخرج من المعدن "(٥) أو " ما يخرج من البحر "(٦) هو الدفعة أو الدفعات التي لها جهة اتحاد عرفا، وما نحن فيه من هذا(٧) القبيل.

مختار المصنف

فالانصاف: أن الحكم بكون ما يتجدد بالاكتساب الجديد في آخر السنة بعد حصول الربح من كسب آخر في أولها معدودا من ربح تلك السنة، في غاية الاشكال.

وقد عرفت أن موارد السؤال في أخبار المؤونة لا تشمل مثل هذا، فالرجوع فيه إلى مقتضى وجوب الخمس فيه(٨) بعد إخراج مؤونة مستأنفة لا يخلو عن قوة.

____________________

(١) في " ف ": هذه.

(٢) ليس في " ف ": بتمامه.

(٣) في " ع " و " ج ": الاحكام.

(٤) لم ترد في " ع " و " ج ".

(٥) و (٦) الوسـائل ٦: ٣٤٤، الباب ٣ من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث ٦، وفيه: " سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: فيما يخرج من المعادن والبحر والغنيمة والحلال المختلط بالحرام - إذا لم يعرف صاحبه - والكنوز، الخمس ".

(٧) في " ف " و " م ": ذلك.

(٨) ليس في " ع ": فيه.

(*)

٢١٢

أخبار المؤونة دالة على القول الثاني

مع أن هنا كلاما آخر على(١) فرض عدم ظهور الادلة إلا(٢) في الاستفادات المستقلة، وهو: أن الثابت من أخبار المؤونة تقييد وجوب الخمس في المستفادات المتعددة بإخراج مؤونة واحدة لسنة المجموع، فإخراج مؤونة سنة مستقلة لكل واحد ولو بتوزيع الزمان المشترك بينها عليها(٣) مما لا دليل عليه، فيرجع إلى إطلاقات الخمس، مثلا(٤) إذا استفاد الانسان في أول رجب عشرين، واستفاد بعد عشرة أشهر ايضا مائة، فالمتيقن من قوله: " الخمس بعد المؤونة "(٥) مؤونة سنة جنس ما استفاد، لا سنة خصوص هذا المستفاد، إذ ليس في الاخبار ولا في الفتاوى تخصيص السنة بمخصوص المستفاد، والمتيقن سنة جنس المستفاد.

والحاصل: أنه لم يعلم من أدلة المؤونة لا(٦) من الاخبار ولا من معاقد الاجماع: أنه إذا استفاد في آخر السنة شيئا آخر لا بد أن يفرز(٧) من هذا بالخصوص مؤونة سنة مستقلة يتداخل بعضها في بقية السنة السابقة، فيجب الرجوع فيه إلى عمومات الخمس.

نعم، لو حصل المستفاد بعد تمام سنة الاولى فلا مناص عن استئناف سنة له.

____________________

(١) في " ف ": مع.

(٢) في " ع " و " ج ": إلا أن.

(٣) في " ع " و " ج ": بينهما عليهما.

(٤) ليس في " ف ": مثلا.

(٥) الوسائل ٦: ٣٤٨، الباب ٨ من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث الاول.

(٦) في " ف ": ولا.

(٧) في " ف ": تفرد.

(*)

فرع(١)

(١) ليس في " ف ": فرع.

٢١٣

وقت إخراج الخمس

ثم إن الكلام في فورية وجوب إخراج الخمس بعد الحول، بل بعد التمكن من تعيين المؤونة، والعلم ببقاء ما يصرف فيها إلى آخر الحول وإن لم يتم الحول، كما تقدم في وجوب الزكاة.

وكيف كان ففي إطلاق المشهور الحكم بجواز التأخير إلى الحول إن أرادوا ما يعم صورة العلم بالمؤونة الراجع إلى العلم بوجوب هذا المقدار من الخمس عليه في هذا الآن نظر، إلا أن يحمل كلامهم على الغالب من عدم العلم، أو يقال [ أن يحكم الشارع بجواز ](٢) التأخير وإن علم المكلف بالمؤونة وبمقدار ما يجب عليه، نظرا منه إلى كثرة تخلف علوم الناس وانكشاف كونها جهولا(٣) ، وهذا لا ينافي حجية العلم ووجوب العمل

____________________

(٢) ما بين المعقوفتين ليس في " ج " و " ع ".

(٣) كذا في النسخ.

(*)

٢١٤

بمقتضاه، إذ المقصود أنه يجوز للشارع(١) - بملاحظة ما ذكرنا - عدم إناطة الحكم بالامر الواقعي حتى يلزمه قهرا(٢) حجية العلم، وعدم جواز التصريح بعدم جواز العمل به، فيحكم بجواز تأخير أداء الخمس عن وقت تنجز التكليف به، ويجعله واجبا موسعا إلى الحول(٣) ، فتأمل.

____________________

(١) في " ع " و " ج ": الشارع.

(٢) في " ف " بدل " حتى يلزمه قهرا ": حين يلزمه قهرا، وفي " ع ": حتى ينافي، وفي " ج ": حتى قهرا.

(٣) في " ف ": الحلول، وفي " ع " و " ج ": حول.

(*)

٢١٥

مسألة(١) (١٢) هل يتكرر الخمس إذا تعدد العنوان

لو جعل الغوص، أو إستخراج الكنوز، أو المعادن(٢) مكسبا(٣) فهل يتعلق خمس آخر بها بعد إخراج مؤونة الحول أم لا؟ وجهان: من قاعدة الجمع بين مقتضى(٤) الادلة الدالة على تعدد الاسباب.

ومن قولهعليه‌السلام : " لا ثنيا(٥) في صدقة " بناء على إطلاق(٦) الصدقة

____________________

(١) في " ف ": فرع.

(٢) في " ف ": والمعادن.

(٣) في " ف ": تكسبا.

(٤) في " ع " و " ج ": تخصيص بدل مقتضى.

(٥) كذا في النسخ والظاهر أنه تصحيف ل‍ " ثني "، ففي كنز العمال ٦: ٣٣٢، الحديث ١٥٩٠٢، و ٦: ٤٦٦، الحديث ١٦٥٧٥: " لا ثني في الصدقة ".

قـال ابن الاثير: " الثني - بالكسر والقصر -: أن يفعل الشئ مرتين " راجع النهاية ١: ٢٢٤، مادة: " ثنا ".

(٦) في " ج ": اطلاقه.

(*)

٢١٦

على الخمس، كما ادعى في الرياض(١) شيوعه.

مضافا إلى ظهور أخبار ثبوت الخمس في الغوص وإخوته في عدم وجوب أزيد من ذلك فيها، مع كونها في مقام البيان سيما بعض الاخبار الواردة في الغنيمة، مثل رواية الحلبي: " عن الرجل من أصحابنا يكون معهم في لوائهم فيصيب غنيمة، قال: يؤدي خمسنا ويطيب له "(٢) وما ورد من قولهعليه‌السلام : " خذ مال الناصب(٣) وابعث إلينا الخمس(٤) " ونحوه غير واحد مما(٥) ورد في الكنز والمعدن والغوص مما ظاهره مقام البيان.

ولا تجدي هنا دعوى كون الاطلاق في مقام بيان حكم العنوانات الخاصة، لان المقام في كثير منها مقام بيان جميع ما يجب في ذلك العنوان من كل(٦) حيثية، كما لا يخفى على الناظر فيها بأدنى تأمل.

على أن المستفاد من آية الغنيمة(٧) سيما بضميمة الاخبار المفسرة، أن لكل موارد الخمس - غير أرض الذمي المشترى، والحرام المختلط بالحلال - عنوانا واحدا وهو الغنيمة، بل يظهر من بعض دخولهما فيها أيضا، فليس هنا(٨) عنوانان متغايران تعلق الخمس بكل منهما حتى يكون في مادة

____________________

(١) الرياض ٥: ٢٤٨.

(٢) الوسائل ٦: ٣٤٠، الباب ٢ من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث ٨، مع اختلاف يسير.

(٣) في الوسائل: حيثما وجدته وادفع.

(٤) الوسائل ٦: ٣٤٠، الباب ٢ من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث ٦.

(٥) في " ع " و " ج ": ما.

(٦) في " ف ": في كل.

(٧) الانفال: ٤١.

(٨) في " ع " و " ج ": هما.

(*)

٢١٧

اجتماعهما خمسان، أو أكثر، بل الكل غنيمة إلا أن لبعضها شروطا أخر مغايرة(١) لشروط غيره، فتدبر.

وفي المحكي عن تحف العقول عن مولانا أبي الحسن الرضاعليه‌السلام فيما كتبعليه‌السلام إلى المأمون: " أن الخمس في جميع المال مرة واحدة "(٢) .

____________________

(١) في " ف ": شروط مغايرة.

(٢) تحف العقول: ٤١٨.

(*)

٢١٨

مسألة (١٣) خمس الارض التي اشتراها ذمي من مسلم

المحكي(١) عن الشيخين(٢) والمتأخرين: وجوب الخمس في كل أرض اشتراها ذمي من مسلم، وعن الغنيمة(٣) : دعوى الاجماع عليه، وعن العلامة في المنتهى(٤) : نسبته إلى علمائنا، وعن كنز العرفان(٥) ومجمع البحرين(٦) : نسبته إلى أصحابنا: لصحيحة أبي عبيدة(٧) الحذاء عن أبي جعفرعليه‌السلام :

____________________

(١) حكاه المحقق في المعتبر ٢: ٦٢٤.

(٢) النهاية: ١٩٧، والمقنعة: ٢٨٣، لم يصرح المفيد به، لكن ارسل رواية عليه في باب الزيادات كما يأتي.

(٣) الغنية (الجوامع الفقهية): ٥٠٧.

(٤) المنتهى ١: ٥٤٩.

(٥) كنز العرفان ١: ٢٤٩.

(٦) مجمع البحرين ٦: ١٢٨، مادة: " غنم "، وفيه نسب التعميم إلى فقهاء الامامية.

(٧) في " ع ": للصحيحة إلى أبي عبيدة وفي " ج ": الصحيحة إلى أبي عبيدة.

(*)

٢١٩

" أيما ذمي اشترى أرضا من مسلم فإن عليه الخمس "(١) .

ونحوها مرسلة المقنعة عن الصادقعليه‌السلام (٢) .

المناقشة في الوجوب

وتأمل في الحكم، بل أنكره بعض متأخري المتأخرين(٣) ، وعلله بعضهم(٤) ، بأن مذهب المالكية(٥) من العامة: أن الذمي(٦) إذا اشترى شيئا من الاراضي العشرية ضوعف عليه العشر فيؤخذ منه الخمس، فلعل الرواية واردة تقية عن(٧) مذهبه، وهذا عجيب(٨) ، لعدم دلالة الرواية على

رد هذه المناقشة

خصوص الارض العشرية، مع أن أخذ العشر فيما إذا زرعها(٩) فخرج ما يبلغ النصاب بشرائطه من الغلات الاربع، وتقييد مورد الرواية بذلك كما ترى.

مع أن احتمال ورود الخبر تقية لا يقدح مع سلامة الخبر الصحيح عن المعارض، عدا بعض العمومات اللازمة التخصيص به، بعد صراحة دلالته وصحة سنده واعتضاده بعمل المشهور، بل بعدم المخالف عدا(١٠) ما ربما

____________________

(١) الوسائل ٦: ٣٥٢، الباب ٩ من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث الاول، مع اختلاف يسير.

(٢) المقنعة: ٢٨٣، والوسائل ٦: ٣٥٢، الباب ٩ من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث ٢.

(٣) الذخيرة: ٤٨٤.

(٤) منتقى الجمان ٢: ٤٤٣.

(٥) ليس في " ف ": المالكية.

(٦) في " ج ": الذي.

(٧) في " ف ": من.

(٨) في " ع " و " ج ": وهذا عجب.

(٩) في " ع " و " ج ": أزرعها.

(١٠) في " ف ": ما عدا.

(*)

٢٢٠