كتاب الخمس

كتاب الخمس0%

كتاب الخمس مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 384

كتاب الخمس

مؤلف: الشيخ مرتضى الأنصاري
تصنيف:

الصفحات: 384
المشاهدات: 216426
تحميل: 5109

توضيحات:

كتاب الخمس
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 384 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 216426 / تحميل: 5109
الحجم الحجم الحجم
كتاب الخمس

كتاب الخمس

مؤلف:
العربية

يستظهر من بعض(١) ، لاجل إهمال ذكر هذا القسم في موارد الخمس.

مع أن ظهور مذهب مالك في زمن الباقرعليه‌السلام غير معلوم، لانه لم يكن كأبي حنيفة في الاشتهار(٢) .

مع أن الموجود في مرسلة المفيد، قول الصادقعليه‌السلام : " فإن عليه فيها الخمس "(٣) وهو(٤) كالصريح في تعلق الخمس بالارض لا بالزرع المزروع فيها.

المراد هنا:

الخمس المصطلح

وكيف كان، فلا إشكال في الحكم، ولا في أن المراد بالخمس هو(٥) الخمس المصطلح [ فمصرفه مصرفه](٦) ، لانه المتبادر من النص وإن لم نقل بثبوت الحقيقة الشرعية في لفظة الخمس، لا بطريق النقل، ولا بطريق الاشتراك اللفظي بينه وبين المعنى اللغوي.

مضافا إلى عدم القول بصرف الخمس فيها بغير مصرف سائر الاخماس.

الاختصاص بأرض الزراعة وعدمه

وهل الارض مختصة بأرض الزراعة [ كما يظهر من الفاضلين(٧) والمحقق الثاني(٨) ](٩) أو يعم المساكن والبساتين؟

____________________

(١) الحدائق ١٢: ٣٦١.

(٢) لا يخفى أن مالكا ولد سنة(٩٣ ه‍) بينما استشهد الامام الباقرعليه‌السلام سنة(١١٤ ه‍) ومن البعيد أن يكون قد اشتهر مذهبه وهو في مثل هذا السن.

(٣) تقدمت في الصفحة السابقة.

(٤) في " ع " و " ج ": وهي.

(٥) ليس في " ف ": هو.

(٦) غير موجود في " ف ".

(٧) المعتبر ٢: ٦٢٤، المنتهى ١: ٥٤٩.

(٨) جامع المقاصد ٣: ٥٢.

(٩) غير موجود في " ف ".

(*)

٢٢١

ظاهر إطلاق كلام(١) الاصحاب هو العموم وإن صرح في المعتبر(٢) والمنتهى(٣) - بعد الا عتراف بإطلاقها - بأن الظاهر إن مرادهم خصوص أرض الزراعة، لكنه إجتهاد في فهم مرادهم، منشؤه تبادر الخصوص من إطلاق النص والفتوى.

ويدفعه: أن التبادر المذكور إنما هو في مقابل صدقه(٤) على ما يشمل(٥) على البناء والاشجار، فإن الظاهر أنه يعبر عن ذلك بالدار والبستان لا الارض.

وأما الارض الخالية عن بناء وشجر - المقصود منها البناء والغرس - فلا إشكال في عدم خروجها عن منصرف اللفظ فتشملها الرواية والفتوى، ويتم الحكم في المبنية والمغروسة(٦) بعدم القائل بالفرق(٧) ، اللهم إلا أن يريد الفاضلان بأرض الزراعة: القابلة لها وإن اشتريت للبناء والغرس، فيكونان هما القائلين بالفرق.

لكن الظاهر أن مرادهما ما يعم البياض المشترى للغرس، لصدق أرض الزراعة عليه، لا المشترى للبناء من ما بين العمران والدور وإن(٨) كان بياضا قابلا للزرع.

____________________

(١) في " ف ": كلمات.

(٢) المعتبر ٢: ٦٢٤.

(٣) المنتهى ١: ٥٤٩.

(٤) في " ع " و " ج ": خلافه.

(٥) في " ف " و " ع " و " ج ": يشمل.

(٦) في " ف ": والمغروس.

(٧) في " ف ": بالتصرف.

(٨) في " ع " و " ج ": إن بدل وإن.

(*)

٢٢٢

هل يعم الحكم لشمول شراء الارض ضمن الدور ونحوها؟

وكيف كان، فالظاهر من الرواية(١) استقلال الارض بالشراء(٢) .

لانها قضية إطلاق إضافة الاشتراء إلى الارض، فلا يعم ما في ضمن الدور والخانات إذا بيعت معها، بل البساتين.

فإن ثبت عدم التفرقة بين البياض المستقل بالشراء، وبين غيره فهو(٣) وإلا فلا بد في الارض المشتراة في ضمن الدور ونحوها من الرجوع إلى الاصل، لعدم(٤) انصراف النصوص والفتاوى إليها(٥) ، وما ذكرنا من الانصراف إنما هو من جهة ظهور اشتراء الارض في غير ما كان في ضمن الدار والبستان، لا لاجل ظهور الاشتراء في الاستقلال وإلا لم يدخل في منصرفه ما(٦) إذا اشترى ارض زراعة مع غرس، إذ لا ريب في دخول مثل ذلك في منصرف اللفظ، بل لا يبعد دخول ما لو اشترى الارض والبناء والغرس الموجود فيها، لكن لا بعنوان أن المجموع دار أو بستان، بل بعنوان الارض والشجر والارض والبنيان(٧) ، بل لان الارض في خبر(٨) الاشتراء ظاهر في البياض، فالمراد الاستقلال(٩) في العنوانية لا في تعلق الشراء.

وليس دعوى الانصراف من جهة إطلاق نفس لفظ الارض، فإن الظاهر

____________________

(١) المتقدمة في الصفحة: ٢٢٩ - ٢٣٠.

(٢) ليس في " ف ": بالشراء.

(٣) ليس في " ف ": فهو.

(٤) في " ج ": بعدم.

(٥) ليس في " ف ": إليها.

(٦) في " ف ": مما.

(٧) في " ع " و " ج ": البستان.

(٨) في " م ": حين.

(٩) في " ع ": المراد بالاستقلال.

(*)

٢٢٣

أنه لا شاهد لهذه الدعوى من العرف، ولهذا يقال لمن اشترى أرض بستان لا نفس(١) البستان: أنه اشترى أرضا.

هذا، ولكن الانصاف أن الانصراف المذكور لم يبلغ حدا يخرج معه عن أصالة الاطلاق، ولذا تراهم يعممون الاحكام المنوطة بعنوان الارض لمثل(٢) الدور والبساتين كما في الارض المفتوحة عنوة، ولذا(٣) فرعوا على ذلك بيع بيوت مكة زادها الله شرفا، وكذا في مسألة حرمان الزوجة من(٤)

الاراضي.

اختصاص الحكم بالشراء وعدمه

وهل الحكم المذكور يختص بالشراء - كما هو ظاهر المشهور - أو يعم مطلق المعاوضة - كما اختاره كاشف الغطاء(٥) - أو مطلق الانتقال ولو مجانا؟ - كما هو ظاهر الشهيدين(٦) - فيه إشكال: من اختصاص النص والفتوى بالشراء.

ومن عمومه عرفا لسائر المعاوضات، ومن أن المناط هوالانتقال كما يستفاد من نقل أقوال العامة والخاصة في المعتبر(٧) والمنتهى(٨) والتذكرة(٩) ، حيث إن ظاهر الاقوال المذكورة عن العامة في مقابل الامامية

____________________

(١) في " ف ": دون نفس.

(٢) في " ع " و " ج ": مثل.

(٣) في " ف ": ولذلك.

(٤) في " ف ": عن.

(٥) كشف الغطاء: ٣٦١.

(٦) البيان: ٣٤٦. الروضة البهية ٢: ٧٢.

(٧) المعتبر ٢: ٦٢٤.

(٨) المنتهى ١: ٥٤٩.

(٩) التذكرة ١: ٢٥٣.

(*)

٢٢٤

هو مطلق الانتقال، مضافا إلى الاستدلال على(١) مذهب الامامية في المنتهى بقوله: " لنا إن في إسقاط العشر إضرارا بالفقراء، فإذا تعرضوا لذلك ضوعف عليهم فأخرج الخمس، ويؤيده ما رواه الشيخ عن أبي عبيدة الحذاء "(٢) فذكر الرواية المتقدمة(٣) .

وهذا الاستدلال وإن كان في غاية الضعف من وجوه لا تخفى، إلا أنه لا يخرج بذلك عن الدلالة، على أن مراد المستدل، بل غيره من القائلين الذين استدل لهم بذلك، هو مطلق الانتقال، ولاجل ما ذكرنا عنون المسألة في المفاتيح(٤) بالارض المنتقلة إلى الذمي ونسب الحكم فيها إلى الاكثر.

والمسألة لا تخلو من إشكال.

عدم ارتفاع الحق بالبيع أو الفسخ

ثم(٥) لا إشكال في أنه لا يرتفع هذا الحق ببيع(٦) الذمي لها من المشتري(٧) أو من آخر، ولا بفسخه بإقالة، لانها الفسخ(٨) من حينها، لا من اصل العقد.

نعم لو فرض القول به بأن تكون كاشفة عن عدم تحققها - كما في التلف قبل القبض - توجه عدم الخمس.

تعلق هذا الخمس بالعين

وظاهر الرواية كالفتاوى(٩) ، تعلق الخمس بالعين، وللحاكم الاخذ من

____________________

(١) في " ف ": من.

(٢) المنتهى ١: ٥٤٩.

(٣) في الصفحة: ٢٢٩ - ٢٣٠.

(٤) مفاتيح الشرائع ١: ٢٢٦.

(٥) في " ف ": نعم.

(٦) في " ف ": من الذمي.

(٧) كذا في النسخ، ولعل الصحيح: البائع.

(٨) في " ف ": إلا أنها فسخ.

(٩) ليس في " ف ": كالفتاوى.

(*)

٢٢٥

الارتفاع، وله أخذ قيمة العين أيضا بأن يبيع الخمس على الذمي، لكن عليه خمس هذا الخمس أيضا وهكذا.

وكيف كان، لو كانت الارض مشغولة ببناء أو غرس على القول بعموم الارض، فيقوم(١) الارض مشغولة بالشاغل المذكور بأجرة للمالك، ويأخذ خمس تلك القيمة.

ولو أردا إبقاء‌ها وأخذ ارتفاعها من الذمي، فلا بد من أن يلاحظ أجرة بقاء ذلك(٢) الشاغل فيه دائما، ولا حاجة إلى تقويم العين إلا للتوصل إلى معرفة أجرة المثل، لان الاجرة غالبا تعرف بمقدار ملكية(٣) الملك.

ولو ترك الذمي الشاغل بأجرة على صاحب الخمس، جاز أيضا.

____________________

(١) في " ف ": فقوم.

(٢) في " ف " و " ع ": مثل ذلك.

(٣) في " ع ": تعرف بملكية الملك وفي " ج ": تعرف ملكية الملك.

(*)

٢٢٦

مسألة (١٤) لو كانت الارض المبتاعة مفتوحة عنوة

لو كانت الارض المبتاعة من المفتوحة عنوة، فان كان نقلها إليه على وجه ملكية العين بالاصالة، كما إذا فرض أن الامامعليه‌السلام باع شيئا منها لمصالح المسلمين، أو أخرج خمسها وأعطى لاهله فباعوه، فلا إشكال في وجوب الخمس في عينها(١) إذا اشتراها الذمي.

وأما إن كان بيعها تبعا للاثار الموجودة فيها [ فإن قلنا: بأنها تملك حقيقة تبعا للاثار ](٢) فلا إشكال أيضا في وجوب الخمس فيها بعد شراء الذمي.

ولو لم يخرج خمسها من حيث الغنيمة، فحينئذ يخمس الكل أولا، عينا وارتفاعا(٣) ، لاجل خمس الغنيمة، ثم يخمس الباقي كذلك، لاجل

____________________

(١) في " ف ": في ثمنها.

(٢) ما في المعقوفتين غير موجود في " ج " و " ع ".

(٣) في " ف ": أو ارتفاعا.

(*)

٢٢٧

الانتقال إلى الذمي، ولا بعد في ذلك، لكون الاشتراء واقعا على ما فيه(١) الخمس، فليس هذا من تثنية الصدقة المنفية بالنبوي(٢) .

وإن قلنا بأن المملوك نفس الآثار، وإنما يصح بيع العين في ضمن الآثار فيقع الاشكال في تعلق الخمس، من أن الذمي لا(٣) يملك أرضا حتى يخرج خمسها.

ومن صدق أنه اشترى أرضا ولو تبعا وإن لم يملكها حقيقة، ولذا يقال: إنه اشترى الارض المفتوحة عنوة فعليه الخمس باعتبار استحقاق الارض تبعا للاثار، فيقابل الارض من حيث إنها مستحقة غير مملوكة بمال، فعليه خمس ذلك المال.

أخذ الامام من العين أو الانتفاع

ثم إنه ذكر الشهيدان(٤) : إن الامام يتخير بين أخذ الخمس من العين، وأخذه من الانتفاع.

وفيه: أنه لا دليل على هذا التخيير للحاكم، بل مقتضى قاعدة الشركة التراضي، ولهذا قيل(٥) : إنه لعل مرادهما أنه ليس(٦) للذمي أن يمتنع من العين ويقبل الانتفاع، وللامام أن يلزمه باعطاء العين وأن يقبل الانتفاع لو رضى به الذمي، لا أن له أن يلزمه(٧) بالانتفاع مطلقا، إذ لم يدل الحديث

____________________

(١) كذا في " ف " وفي غيره: لما فيه.

(٢) المتقدم في الصفحة: ٢٢٦.

(٣) في " ف ": لم.

(٤) البيان: ٣٤٦، المسالك ١: ٤٦٦.

(٥) القائل هو المحقق القميقدس‌سره ، راجع الغنائم: ٣٧٢.

(٦) لا توجد كلمة " ليس " في " ع " و " ج ".

(٧) في " ع " و " ج ": لا أن له إلزامه.

(*)

٢٢٨

إلا على تعلق الخمس بالعين(١) .

وهذا الوجه - على بعده - حسن.

فرع(١)

اشتراط عدم الخمس على الامام أو نائبه

قال في الكشف: لو شراها من الامام أو نائبه، وشرط عدم الخمس أو تحمله عنه، بطل الشرط، ويقوى بطلان العقد أيضا(٢) ، ولعل وجهه أن الخمس يتعلق(٣) بالعين، فاشتراط عدم تعلقه مناف للمشروع، وليس من قبيل مجرد الحق حتى يسقط بالاسقاط.

وفي البيان: إنه لو شرط سقوط الخمس فسد(٤) ، ولكن استقرب في المناهل(٥) السقوط، عملا بالشرط.

____________________

(١) ليس في " ع " و " ج ": بالعين.

(١) ليس في " ف " و " م ": فرع.

(٢) كشف الغطاء: ٣٦١، مع اختلاف يسير.

(٣) في " ع " و " ج ": متعلق.

(٤) البيان: ٣٤٦.

(٥) لم نعثر عليه في المناهل: (مخطوط)، بل في التنبيه الثاني عشر من تنبيهات خمس الارض المشتراة بعد نقل كلام الشهيد في البيان هكذا: وهو جيد.

(*)

٢٢٩

مسألة(١) (١٥) إسلام الناقل قبل الاقباض

لو ملك(٢) ذمي من مثله بعقد مشروط بالقبض، فأسلم الناقل قبل الاقباض، أخذ من الذمي الخمس.

نعم، لو أسلم المنتقل إليه قبل القبض سقط عنه.

اشتراط البائع إخراج الخمس على الذمي

ولو شرط البائع على الذمي إخراج الخمس - بناء على قول بعض المتأخرين(٣) بعدم وجوبه بأصل الشرع - فلا يبعد وجوبه عليه، لانه ليس إيجابا في الشريعة لما لم يجب فيها، بل إلزاما للمشتري بهبة بعض ماله إلى أهل الخمس، إذ لا يعتبر النية من الذمي.

____________________

(١) لا توجد في " م "، وفي " ف ": " فرع ".

(٢) في " ع " و " ج ": تملك.

(٣) هو الشهيد الثانيرحمه‌الله - على ما في المدارك ٥: ٣٨٦ -.

(*)

٢٣٠

وعلى هذا(١) فيصح ما عن بعض من أن الاحوط الاشتراط، خروجا عن خلاف من لم يوجبه في هذه الارض(٢) .

ولكن الوجوب أوضح من صحة اشتراط هذا الشرط على تقدير عدم الوجوب وإن كان هو أيضا واضحا.

مع أن غاية الشرط تسلط المشروط له على الفسخ، والفرض أن الفسخ لا يرفع(٣) وجوب الخمس، اللهم إلا أن يكون الفائدة إلزام الذمي بالوفاء بالشرط.

____________________

(١) في " ع ": هذا الشرط.

(٢) نقله في الغنائم: ٣٧٢.

(٣) في " ف ": لا يدفع.

(*)

٢٣١

مسألة (١٦) أقسام الحلال المختلط بالحرام

إذا اختلط الحلال بالحرام فلا يخلو الحرام عن أقسام أربعة: القسم الاول: أن يعرف قدره وصاحبه الاول: أن يعرف قدره وصاحبه، وحكمه: الشركة في العين بنسبة المالين، إلا أن يكون الخليط مما يستهلك بالاختلاط بحيث لا يعد في حال الاختلاط مالا، فيجب القيمة على من اخلط(١) سواء كانا متجانسين، أو متغايرين، وسواء كان الاختلاط بالامتزاج أو بالاشتباه، وسواء كان الامتزاج بالاختيار أو بدونه.

القسم الثاني: كون القدر مجهولا والمالك معلوما الثاني: أن يكون القدر مجهولا والمالك معلوما، فإن تراضيا على شئ بالمصالحة أو غيرها فلا إشكال.

وإن أبى المالك فيحتمل وجوب دفع خمسه إليه كما أختاره في

____________________

(١) كذا في " ع "، وفي " ج ": اختلط، وفي " ف " و " م ": اختلطه.

(*)

٢٣٢

التذكرة(١) ، لما سيجئ من الاخبار من التعليل ب‍ " أن الله رضي من الاشياء بالخمس "(٢) .

وفيه نظر.

الاحتمالات فيما لو أبى المالك المصالحة

ويحتمل وجوب دفع ما يتيقن(٣) الاشتغال به، لاصالة براء‌ة ذمته عن الزائد، مع أن مقتضى يده، أو يد مورثه على الكل وصحة تصرفهما، يقتضي ملكية الكل إلا المقدار المعلوم حرمته، مضافا إلى استصحاب الملكية في بعض الصور، مثل ما لو علم أن مورثه باع مالا ولم يقبضه عدوانا وتردد بين الاقل والاكثر.

ويحتمل وجوب دفع ما يتيقن(٤) معه البراء‌ة، لاصالة عدم تملك المشكوك، وأصالة عدم وجوب دفع الزائد عن المتيقن، وعدم تملك الغير له، لا يثبتان جواز تصرفه فيما يشك في تملكه، مضافا إلى ما يشعر به تعليل الخمس في القسم الآتي بقولهمعليهم‌السلام : " إن الله قد رضي من الاموال(٥) بالخمس "(٦) ، فإن فيه إشعارا باعتبار المقدار الواقعي من الحرام إلا إن الله رضي عنه في هذا المورد بالخمس، ولولاه لوجب إخراج الواقع.

ولو كان الحكم مع قطع النظر عن تشريع الخمس هو عدم الاعتبار بالشك، لم يحسن هذا التعليل، حيث إنه ظاهر في بيان التخفيف والترخيص، بل كان تشريعه زيادة تكليف.

____________________

(١) التذكرة ١: ٢٥٣.

(٢) الوسائل ٦: ٣٥٣، الباب ١٠ من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث ٤.

(٣) و(٤) كذا في " ف "، وفي غيره: تيقن.

(٥) في الوسائل: ذلك المال.

(٦) الوسائل ٦: ٣٥٢، الباب ١٠ من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث الاول، مع اختلاف في التعبير.

(*)

٢٣٣

نعم، لو ثبت بمقتضى اليد، أو بمقتضى أصالة بقاء الملكية، ملكية المشكوك ظاهرا فلا يجري فيه هذا الاصل.

ويحتمل القرعة في المقدار المشكوك، بأن يدفع ما تيقن كونه للصاحب، ويأخذ ما تيقن(١) كونه لنفسه، ويقرع في المشكوك، لعمومات(٢) القرعة(٣) .

ويحتمل إجبار المالك على المصالحة في المقدار المشكوك، بأن يكون الحكم الشرعي في الواقعة، الصلح، فإن أبى صالح مع وليه وهو الحاكم، إذا لم يقدر على إجباره بالمصالحة، فيكون مال الصلح في يده أمانة، ولعله لان الحكم بكونه لاحدهما دون الآخر ترجيح من غير مرجح، فما تقدم من أصالة عدم تملك ذي اليد للمقدار المشكوك لا يثبت جواز أخذه للغير، ولا وجوب دفعه إليه، لان الاصل عدم تملكه أيضا.

قال في كشف الغطاء: ولو عرف المالك دون المقدار وجب صلح الاجبار(٤) إنتهى.

احتمالان في صلح الاجبار

وعليه فيحتمل أن لا يعين عليهما الحاكم ما يتصالحان به أصلا، لان الثابت هو الاكراه على أصل المصالحة.

ويحتمل أن يلزمهما بالمصالحة على النصف، لان زيادة أحدهما كتخصيصه بالكل ترجيح من غير مرجح فيتصالحان على النصف، نظير ما إذا استودع أحدهما دينارا والآخر دينارين فامتزجت الثلاثة، وتلف

____________________

(١) في " ف ": ويؤخذ ما يتيقن.

(٢) في " ع " و " ج ": بعمومات.

(٣) الوسائل ١٨: ١٨٧، الباب ١٣ من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى.

(٤) كشف الغطاء: ٣٦١.

(*)

٢٣٤

أحدها بغير تفريط من المستودع، فإن المشهور كما في رواية السكوني(١) ، اختصاص صاحب الدينارين بواحد من الباقي، وتنصيف الآخر بينهما.

والظاهر أن المناط هو(٢) ما ذكرنا من لزوم الترجيح بلا مرجح.

ولا يخفى أن ما نحن فيه نظيره، بل أحد أفراده، لان المقدار المشكوك بمنزلة الدينار المردد بين الشخصين.

ومثله ما ورد في صحيحة ابن المغيرة - في رجلين كان معهما درهمان، فقال أحدهما: الدرهمان لي، وقال الآخر: هما بيني وبينك - من: أن أحد الدرهمين للاول، والآخر بينه وبين صاحبه "(٣) ، من غير تعرض ليمين منهما أو من أحدهما، فالظاهر أن المناط هو مجرد التسوية بينهما في الدرهم المشكوك، لعدم المرجح لاحدهما، فالحكم(٤) في هذا وسابقه إشارة إلى وجوب المصالحة عليهما في مثل هذه الموارد.

ويؤيدهما ما ورد فيما إذا اشتري لرجل ثوبا بعشرين ولاخر ثوبا آخر بثلاثين فاشتبها، فإن المشهور كما في رواية إسحاق بن عمار: " إنه يباع الثوبان ويعطى صاحب الثلاثين ثلاثة أخماس الثمن، وصاحب العشرين(٥) خمسي الثمن "(٦) فإن الظاهر منها وجوب المصالحة بينهما قهرا على هذا النحو، ولعل وجه ترجيح صاحب الثلاثين - مع احتمال كون ما اشتري له مساويا لما

____________________

(١) الوسائل ١٣: ١٧١، الباب ١٢ من كتاب الصلح، الحديث الاول.

(٢) ليس في " ف ": هو.

(٣) الوسائل ١٣: ١٦٩، الباب ٩ من كتاب الصلح، الحديث الاول، منقولا بالمعنى.

(٤) في " ف ": والحكم.

(٥) في الوسائل: والآخر.

(٦) الوسائل ١٣: ١٧٠، الباب ١١ من كتاب الصلح، الحديث الاول.

(*)

٢٣٥

اشتري لصاحب العشرين، بل أدون منه في القيمة - ملاحظة ما هو الظاهر من كون الثوب المشتري بثلاثين يزيد قيمته عادة على ثوب العشرين بمقدار خمس القيمتين.

القرعة أقرب الاحتمالات

ثم الاقرب من هذه الاحتمالات هي القرعة، إلا أنها أنما تجري في مقدار دار الامر بين كون مجموعة له أو لصاحبه، لا فيما إذا احتمل الاشتراك بينهما على وجوه غير محصورة.

والروايات يعمل بها في مواردها، لعدم استنباط مناط منها على وجه القطع، ولذا صرح الشهيدان(١) في مسألة الدنانير بقوة القرعة، نظرا إلى أن التنصيف مخالف للمقطوع به، وحملت رواية الدرهمين على ما إذا كانا في يدهما [ وحلف كل منهما ](٢) على نفي استحقاق الآخر.

وعن العلامة(٣) في مسألة الدنانير: إن الدينار التالف يقسط عليهما أثلاثا، فيجب على(٤) صاحب الدينارين منه ثلثين، وعلى(٥) صاحب الواحد ثلث، كما إذا اتفق ذلك في قفيز اختلط مع قفيزين فتلف قفيز.

ثم إن هذا كله إذا كان المالك معينا أو مشتبها في قوم محصورين.

ويتحقق العسر لو قلنا بوجوب التخلص من كل واحد منهم بما يتيقن معه البراء‌ة.

ويحتمل أن يقال: إنه إلى الحاكم لهم(٦) من المال المذكور

____________________

(١) الدروس ٣: ٣٣٤ وفيه: ".. ولو قيل بالقرعة أمكن "، الروضة البهية ٤: ١٨٤.

(٢) غير موجود في " ف ".

(٣) التذكرة ٢: ١٩٥.

(٤) و(٥) كذا في النسخ.

(٦) ليس في " ف ": لهم.

(*)

٢٣٦

ما يتيقن(١) معه بخلو ما في يده عن الحرام، ويتولى القسمة بنفسه الحاكم إن امتنعوا عن الاجتماع على هذه القسمة بالمباشرة أو التوكيل، فيكون المال في يد الحاكم مترددا بين قوم محصورين، وعليه فيرتفع ما ذكره بعضهم من حصول الاشكال حينئذ من جهة لزوم أن يدفع إلى كل واحد منهم ما يجب دفعه إليه مع الاتحاد، وهو خسران عظيم.

وأضعف من ذلك: ما دفع به الاشكال من أنه [ لا بعد في لزوم ذلك عليه ](٢) عقوبة لما صنع من الخلط بالحرام.

ولو كانوا غير محصورين فالظاهر أنه يدخل في القسم الرابع.

القسم الثالث: كون القدر معلوما دون الصاحب القسم الثالث: أن يكون القدر معلوما دون الصاحب.

والظاهر أنه يتصدق به عن المالك مع اليأس عن الوصول إليه، للروايات: الرواية الدالة على التصدق مثل: رواية علي بن أبي حمزة الواردة في حكاية صديقه الذي كان من كتاب بني أمية لعنهم الله تعالى وأصاب مالا كثيرا وندم على ذلك وسأل الصادقعليه‌السلام عن ذلك، فقال: " أخرج من جميع ما اكتسبت في ديوانهم فمن عرفت منهم رددت عليه ماله، ومن لم تعرفه تصدقت به "(٣) .

ورواية فيض بن حبيب صاحب الخان قال: " كتبت إلى عبد صالحعليه‌السلام : قد وقعت عندي مائتا درهم وأربعون دراهم(٤) ،

____________________

(١) في " ع " و " ج ": تيقن.

(٢) بدل ما بين المعقوفتين في " ف ": لا يعد في ذلك لزوم عليه.

(٣) الوسائل ١٢: ١٤٤، الباب ٤٧ من أبواب ما يكتسب به، الحديث الاول.

(٤) في المصدر: وأربعة دراهم.

(*)

٢٣٧

وإنا صحاب فندق(١) ومات صاحبها ولا أعرف له ورثة، فرأيك في إعلامي حالها وما أصنع بها، فقد ضقت بها ذرعا؟ فكتب: اعمل بها وأخرجها صدقة قليلا قليلا حتى يخرج "(٢) .

ولعله أمره بالعمل بها وإخراجها قليلا قليلا لعلمه بحاجته، فأمره بالعمل لينتفع به.

ومصححة يونس بن عبدالرحمان في الكافي، قال: " سئل أبوالحسن الرضاعليه‌السلام وأنا حاضر، فقال له السائل: جعلت فداك، رفيق كان لنا بمكة فرحل عنها إلى منزله، ورحلنا إلى منزلنا، فلما صرنا إلى الطريق أصبنا بعض متاعه معنا، فأي شئ نصنع به؟ قال: تحملوا به حتى تحملوه إلى الكوفة " - وفي نسخة: حتى تلحقوا بهم بالكوفة - قلنا: لا نعرف بلده ولا نعرفه، فكيف نصنع به؟ قال: فاذا كان كذلك فبعه وتصدق بثمنه، قال له: على من، جعلت فداك؟ قال: على أهل الولاية "(٣) .

التأييد بروايات اللقطة

ويؤيد هذه، الاخبار الكثيرة الواردة في التصدق باللقطة وما هو بمنزلتها.

منها: رواية حفص بن غياث، قال: " سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن

____________________

(١) الفندق: الخان الذي ينزله الناس مما يكون في الطريق والمدن، انظر: تاج العروس ٧: ٥١.

(٢) الوسائل ١٧: ٥٨٣، الباب ٦ من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه، الحديث ٣.

(٣) الكافي ٥: ٣٠٩، الحديث ٢٢ مع اختلاف في التعبير، والوسائل ١٧: ٣٥٧، الباب ٧ من أبواب اللقطة، الحديث ٢، لكن الرواية من التهذيب، وما في الكافي مغاير متنا وسندا مع ما في الوسائل والتهذيب.

(*)

٢٣٨

رجل من المسلمين أودعه بعض اللصوص دراهم أو متاعا، واللص مسلم، أيرده عليه؟ قال: لا يرده، فإن أمكنه أن يرده على أصحابه فعل، وإلا كان في يده بمنزلة اللقطة يعرفها حولا، فإن أصاب صاحبها ردها وإلا تصدق بها، فإن جاء صاحبها بعد ذلك خيره بين الاجر والغرم، فإن اختار الاجر فله الاجر، وإن اختار الغرم غرم له، وكان الاجر له "(١) إلى غير ذلك.

ويستفاد من هذه الرواية وغيرها مما ورد في اللقطة - مضافا إلى قاعدة اليد -: الضمان لو ظهر المالك ولم يرض التصدق.

وهنا أخبار أخر مخالفة لما ذكر:

توجيه الروايات المخالفة

منها: ما دل بظاهره على وجوب إبقاء المال على حاله، ويمكن حمله على ما قبل اليأس عن صاحبه أو على الجواز.

ومنها ما دل على اختصاصه بالامامعليه‌السلام ، مثل: رواية محمد بن القاسم بن الفضيل بن يسار عن أبي الحسنعليه‌السلام : " عن رجل صار في يده مال لرجل ميت لا يعرف له وارثا كيف يصنع بالمال؟ قال: ما أعرفك لمن هو؟ يعني نفسه "(٢) ، ويمكن اختصاصه بمورده من مال الميت الذي لا يعرف له وارث ويكون هذا من الانفال، ولا ينافي الامر بالتصدق به في رواية فيض بن حبيب المتقدمة(٣) لاذنهعليه‌السلام في صرف حقه على الفقراء.

____________________

(١) الوسائل ١٧: ٣٦٨، الباب ١٨ من أبواب اللقطة، الحديث الاول.

(٢) الوسائل ١٧: ٥٥١، الباب ٣ من أبواب ولاء ضمان الجريرة والامامة، الحديث ١٣، مع اختلاف في الالفاظ.

(٣) في الصفحة: ٢٤٨.

(*)

٢٣٩

نعم، في مكاتبة ابن مهزيار(١) عد من جملة الفوائد والغنائم ما لا يوجد ولا يعرف له صاحب، فيمكن حمله على المال الملتقط، لان الالتقاط نوع اكتساب.

وكيف كان، فينافي روايات التصدق من جهة اشتمال المكاتبة على وجوب إيصال خمس الفوائد والغنائم ولو بعد حين، لكن العمل بما في المكاتبة مشكل.

نعم، ينبغي مراعاة الاحتياط بناء على ما حققناه سابقا من عدم حرمة هذه الصدقة على بني هاشم وإن قلنا بحرمة مطلق الصدقة الواجبة عليهم، لان هذه الصدقة مندوبة يجب على الشخص فعلها عن المالك فهو كالصدقة الموصى بها عن مال الميت، كما صرح بذلك الشهيد(٢) والمحقق(٣) الثانيان في مصرف صدقة الدين الذي لم يعرف صاحبه ولا وارثه.

نعم، يظهر من أولهما في مسألة تراب الصياغة(٤) أن مصرفه مصرف الصدقات الواجبة، بل صرح في مسألة اللقطة(٥) وفيما نحن فيه(٦) بأنها تصرف في مستحق الزكاة لحاجته.

لا فرق بين كون الحرام مساويا للخمس أو لا

ثم إنه بعد ما فرضنا في هذا القسم، العلم بقدر الحرام، فلا فرق فيما ذكرنا من وجوب التصدق بين العلم بكونه مساويا

____________________

(١) الوسائل ٦: ٣٤٩، الباب ٨ من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث ٥.

(٢) المسالك ٣: ٤٥٩.

(٣) جامع المقاصد ٥: ١٥ - ١٦.

(٤) المسالك ٣: ٣٥٢.

(٥) الروضة البهية ٧: ٩٧.

(٦) المسالك ١: ٤٦٧.

(*)

٢٤٠