كتاب الخمس

كتاب الخمس0%

كتاب الخمس مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 384

كتاب الخمس

مؤلف: الشيخ مرتضى الأنصاري
تصنيف:

الصفحات: 384
المشاهدات: 216443
تحميل: 5109

توضيحات:

كتاب الخمس
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 384 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 216443 / تحميل: 5109
الحجم الحجم الحجم
كتاب الخمس

كتاب الخمس

مؤلف:
العربية

للخمس أو أزيد أو أنقص، لعدم انصراف الاخبار الآتية في القسم الرابع الآتي(١) إلى ما يشمل صورة العلم بقدر الحرام كما ستعرف إن شاء الله تعالى.

وقد صرح باختصاص الخمس بالقسم الرابع في محكي السرائر(٢) والنزهة(٣) وكثير من كتب العلامة(٤) والدروس(٥) والبيان(٦) والتنقيح(٧) وحاشية الشرائع(٨) والمسالك(٩) ومجمع الفائدة(١٠) والمدارك(١١) والذخيرة(١٢) ، بل عن بعض(١٣) : أنه المشهور.

أقول: ولا يبعد دعوى عدم الخلاف في ذلك وإن نسب إلى ظاهر الخلاف(١٤) .

____________________

(١) في الصفحة: ٢٥٦.

(٢) السرائر ١: ٤٨٧.

(٣) نزهة الناظر: ٤٩.

(٤) إرشاد الاذهان ١: ٢٩٢، والتذكرة ١: ٢٥٣، والمنتهى ١: ٥٤٨.

(٥) الدروس ١: ٢٥٩.

(٦) البيان: ٣٤٦.

(٧) التنقيح الرائع ١: ٣٣٧.

(٨) حاشية الشرائع (مخطوط): ٥٢.

(٩) المسالك ١: ٤٦٧.

(١٠) مجمع الفائدة ٤: ٣٢١.

(١١) مدارك الاحكام ٥: ٣٨٧.

(١٢) ذخيرة المعاد: ٤٨٤.

(١٣) هو المحدث الكاشاني في المفاتيح ١: ٢٢٦.

(١٤) لم نقف عليه.

(*)

٢٤١

إطلاق الوجوب في كلمات الاصحاب

وظاهر إطلاقات الغنية(١) والنهاية(٢) والوسيلة(٣) والنافع(٤) والشرائع(٥) والتبصرة(٦) واللمعة(٧) والمحكي في المختلف عن الحلبي(٨) : إطلاق الحكم بوجوب الخمس في الحلال المختلط بالحرام.

والظاهر أن مرادهم: صورة عدم تميز قدر الحرام تفصيلا، ولذا خص في المعتبر(٩) والمنتهى(١٠) وغيرهما عنوان المسألة بصورة عدم تميز المقدار والمستحق، مضافا إلى أن ظاهرهم حصر مستند الحكم في الروايات الآتية، وستعرف أنها ظاهرة - سيما بمعونة تعليلها - في صورة جهل المقدار تفصيلا.

نعم، يمكن أن يقال: بأن التعليل وإن اختص بصورة جهل المقدار إلا أن فيه - بناء على اختصاص الخمس في المسألة الآتية ببني هاشم - إشعارا بأن مطلق الحرام المخلوط بالحلال الموكول أمره إلى الشارع مصروف فيهم، إلا أن الله سبحانه رضي - مع الجهل بمقداره - بالخمس.

وحاصل ذلك بأنه لا فرق بين العلم بمقدار الخليط، والجهل به في

____________________

(١) الغنية (الجوامع الفقهية): ٥٠٧.

(٢) النهاية: ١٩٧.

(٣) الوسيلة: ١٣٧.

(٤) المختصر النافع: ٦٣.

(٥) الشرائع ١: ١٨١.

(٦) تبصرة المتعلمين: ٤٩ - ٥٠.

(٧) اللمعة الدمشقية: ٥٥.

(٨) الكافي في الفقه: ١٧٠، وحكاه في المختلف ٣: ٣١٧.

(٩) المعتبر ٢: ٦٢٤.

(١٠) المنتهى ١: ٥٤٨.

(*)

٢٤٢

وجوب صرفه إليهم، أي قدر كان إلا أن الله رضي عند الجهل بصرف خسمه فيهم فتعين.

فمثل هذا الكلام إنما يقال في مال يكون - أمره في نفسه، ومع قطع النظر عن جهالة مقداره - إليه، فيكون الجهالة سبب الرضى بهذا المقدار لا سبب كون أمره إليه.

اختصاص المصرف ببني هاشم

وحينئذ فيقوى اختصاص المصرف في هذا القسم ببني هاشم، لا بمعنى وجوب الخمس كما يظهر من بعض، بل بمعنى كون المخرج قليلا كان أم كثيرا من باب الخمس.

ويؤيد ما ذكرنا أن ما تقدم(١) من أخبار التصدق بمجهول المالك ظاهر في المال المتميز دون المختلط، ولم يعلم إجماع على الفرق بين المختلط وغيره.

وربما يدعى عموم رواية ابن أبي حمزة(٢) للمختلط، وفيه نظر.

ودعوى تنقيح المناط، بأن يدعى عدم مدخلية خصوص التميز والاختلاط إذا كان قدر المال معلوما، معارضة بمثلها، فإنه إذا وجب صرف المقدار الواقعي من الحرام في مصرف الخمس، فأي فرق بين كون ذلك المقدار المخلوط معلوما للمكلف أو مجهولا له.

مع أن العلم بالقدر لو أوجب التصدق به لزم في القسم الرابع التصدق أولا بالقدر المتيقن، فلا يبقى مورد للخمس.

ودعوى أنه لعل لانضمام الشك إلى القدر المتيقن مدخلا.

فيجب التصدق بالقدر المتيقن إذا علم عدم الزائد عليه، ويصرف في الخمس إذا احتمل وجود زائد عليه، أولى بأن يدفع بتنقيح المناط.

____________________

(١) في الصفحة: ٢٤٨ - ٢٤٩.

(٢) الوسائل ١٢: ١٤٤، الباب ٤٧ من أبواب ما يكتسب به، الحديث الاول.

(*)

٢٤٣

هذا مضافا إلى معارضة الروايات المتقدمة الآمرة بالتصدق بما دل على اختصاصه بالامام، أما رواية ابن حبيب المتقدمة(١) الواردة في مال الميت فبما عرفت من رواية ابن فضيل المتقدمة(٢) الدالة على اختصاص هذا المال بالامامعليه‌السلام ، فيكون(٣) الامر بالتصدق من باب الاذن، بل ظاهر رواية ابن حبيب(٤) يأبى الحمل على الفتوى، لاشتمالها على التكسب بذلك المال وإخراجه صدقة قليلا قليلا مع احتمال إرادة الاخراج من ربحه.

وأما روايتا يونس(٥) وابن أبي حمزة(٦) الواردتان في من تعذر الوصول إلى مالكه، فبرواية داود بن يزيد ": إني قد أصبت مالا قد خفت فيه على نفسي، فلو أصبت صاحبه دفعته إليه وتخلصت منه، فقال له أبوعبداللهعليه‌السلام : لو أصبت صاحبه كنت تدفعه إليه؟ فقال: إي والله، فقال: والله ما له صاحب غيري، قال: فاستحلفه أن يدفعه إلى من يأمره فحلف، قال: فاذهب واقسمه في إخوانك ولك الامن مما خفت "(٧) .

فإذا لم تكن تلك الاخبار سليمة في مواردها - وهو المال المتميز - فكيف يتعدى منها إلى المختلط.

____________________

(١) في الصفحة: ٢٤٨.

(٢) في الصفحة: ٢٥٠.

(٣) في " ف ": فيمكن.

(٤) المتقدمة في الصفحة: ٢٤٨.

(٥) راجع الصفحة ٢٤٩.

(٦) راجع الصفحة ٢٤٨.

(٧) الوسائل ١٧: ٣٥٧، الباب ٧ من أبواب اللقطة، الحديث الاول.

(*)

٢٤٤

المراد برد المظالم

واعلم أن المحكي عن الاردبيلي(١) في كتاب اللقطة، وعن المجلسيين(٢) : أن هذا القسم الثالث هو المشهور برد المظالم، وزاد الاخيران القسم الرابع.

أقول: ويدخل فيه - أيضا - ما استقر في الذمة من الاموال، وإن كان حقيقة الرد لا يصدق إلا على الاولين.

ويشكل فيما لو أوصى به ولم يعلم مراده وجعلنا المصرف مختلفا.

القسم الرابع: كون القدر مجهولا تفصيلا مع الجهل بالمالك القسم الرابع: أن يكون مجهول القدر تفصيلا مع الجهل بالمالك، ولو في قوم محصورين.

والمشهور بين من تأخر عن الشيخ وجوب الخمس فيه وحلية الباقي، وعن الغنية الاجماع عليه(٣) ، للمروي عن الخصال بسنده الصحيح إلى ابن الروايات الدالة على الخمس محبوب عن عمار بن مروان، قال: " سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: فيما يخرج من المعادن، والبحر، والغنيمة، والحلال المختلط بالحرام - إذا لم يعرف صاحبه - والكنوز، الخمس "(٤) .

ورواية الحسن بن زياد عن أبي عبداللهعليه‌السلام " قال: إن رجلا أتى أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال: يا أمير المؤمنين إني أصبت مالا لا أعرف حلاله من حرامه، فقال له: أخرج الخمس من ذلك المال، فإن الله قد رضي من

____________________

(١) مجمع الفائدة ١٠: ٤٦٠.

(٢) روضة المتقين ٣: ١٢٣، وحكاه عنهما المحقق القميرحمه‌الله في الغنائم: ٣٧٤.

(٣) الغنية (الجوامع الفقهية): ٥٠٧.

(٤) الخصال ١: ٢٩٠، الحديث ٥١، والوسائل ٦: ٣٤٤، الباب ٣ من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث ٦.

(*)

٢٤٥

ذلك المال بالخمس واجتنب ما كان صاحبه يعمل "(١) .

وفيما رواه المشايخ الثلاثة والمفيد رضوان الله عليهم عن السكوني عن أبي عبداللهعليه‌السلام : " قال: أتى رجل أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال: إني اكتسبت مالا أغمضت في مطالبه حلالا وحراما وقد أردت التوبة، ولا أدري الحلال منه والحرام، وقد اختلط علي؟ فقال عليعليه‌السلام : تصدق بخمس مالك، فإن الله رضي من الاشياء بالخمس، وسائر المال لك حلال "(٢) .

وعن المفيدرحمه‌الله في الزيادات: أنه أرسل عن الصادقعليه‌السلام : " عن رجل اكتسب مالا من حلال وحرام ثم أراد التوبة عن ذلك، ولم يتميز له الحلال بعينه من الحرام، قال: يخرج منه الخمس وقد طاب، إن الله طهر الاموال بالخمس "(٣) .

وظاهرها كظاهر الرواية الاولى، بل صريحها، أن المراد بالخمس:

المعنى المتعارف

المراد بالخمس معناه المتعارف، ومصرفه المصرف المعهود وهو المشهور، بل نسبه في البيان إلى ظاهر الاصحاب(٤) ، بل هو ظاهر الرواية الثانية - أيضا - بعد دعوى ثبوت الحقيقة الشرعية [ في لفظ الخمس، ولا أقل من ثبوت

____________________

(١) الوسائل ٦: ٣٥٢، الباب ١٠ من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث الاول، وفيه " يعلم " بدل " يعمل "، وفي التهذيب: بعمل، راجع التهذيب ٦: ١٢٤.

(٢) الكافي ٥: ١٢٥، الحديث ٥ والتهذيب ٦: ٣٦٨، الحديث ١٠٦٥، والفقيه ٣: ١٨٩، الحديث ٣٧١٣، والوسائل ٦: ٣٥٣، الباب ١٠ من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث ٤، مع اختلاف يسير في جميع هذه المصادر، ولم نعثر عليها في المقنعة، لكن قال في الوسائل: ورواه المفيد في المقنعة مرسلا نحوه.

(٣) المقنعة: ٢٨٣.

(٤) البيان: ٣٤٨.

(*)

٢٤٦

الحقيقة المتشرعية ](١) في زمان الصادقعليه‌السلام وإن كان كلامهعليه‌السلام حكاية لكلام أمير المؤمنينعليه‌السلام إلا أن ذكره في مقام بيان الحكم يدل على إرادة ما هو ظاهر الكلام عند المخاطب حين الخطاب.

عدم دلالة الرواية الثالثة على الخمس المتعارف

وأما الرواية الثالثة، فالانصاف أنها ليست ظاهرة في ذلك لو لم نقل بكونها ظاهرة في إرادة المعنى اللغوي، أعني الكسر الخاص من المال كما في آية الغنيمة، بل إنما اطلق لفظ الخمس مضافا إلى المال، سيما بملاحظة الامر بالتصدق، فإن التصدق وإن كان قد نسب إلى الخمس في بعض الاخبار إلا أن إطلاقه منصرف إلى الصدقة المقابلة للخمس، بل انصرافه أقوى من انصراف لفظ الخمس المذكور بعده إلى الحق الخاص، بل أمرهعليه‌السلام بالتصدق من دون طلب نصفه المختص [به](٢) قرينة على عدم أرادة الحق الخاص.

واحتمال إذنهعليه‌السلام في صرف حقه المختص إلى شركائه مدفوع - مضافا إلى ظهور الكلام في الفتوى دون الاذن - بأن التعليل ظاهر في كون الحكم من باب الفتوى لا الاذن لخصوص السائل، إلا أن هذا كله مدفوع بظهور قولهعليه‌السلام في ذيل الرواية: " فإن الله قد رضي من الاشياء بالخمس"(٣) ، ومن المعلوم أن غير الخمس المصطلح غير معهود في الاشياء وكيف كان، فلا إشكال في المسألة بعد المرسلة المنجبرة برواية ابن مروان المتقدمة(٤) ، المعتضدة بظاهر فتوى الاصحاب مع اعتضاده بالاحتياط

____________________

(١) غير موجود في " ف ".

(٢) من " ف ".

(٣) تقدمت الرواية بتمامها في الصفحة السابقة.

(٤) في الصفحة: ٢٥٦.

(*)

٢٤٧

اللازم مراعاته في مثل المقام، لو فرض عدم إطلاق يركن إليه، إلا أنه مبني على القول بعدم حرمة مثل هذه الصدقة - لو لم يكن خمسا - على بني هاشم.

أما لو قلنا به أو احتملناه احتمالا لا يدفع بظواهر أدلة الحلية من العمومات والخصوصات، دار الامر بين محذورين ولم يكن احتياط في البين، لكن عرفت ما هو المغني عن الاحتياط في المسألتين.

مناقشة ما يدل على الحلية بغير تخميس

ثم إن ظاهر بعض الاخبار حلية المال المختلط بالحرام مع عدم التعرض لوجوب إخراج شئ منه، أكثرها في المال المختلط بالربا، مثل رواية هشام بن سالم وروايتي الحلبي(١) المرويات في باب الربا من الكافي، وبعضها في غير الربا، مثل ما رواه في الكافي عن ابن محبوب عن أبي أيوب عن سماعة، قال: " سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن رجل أصاب مالا من عمل بني أمية وهو يتصدق منه، ويصل منه قرابته ويحج ليغفر له ما اكتسب، وهو يقول: إن الحسنات يذهبن السيئات، فقال أبوعبداللهعليه‌السلام : إن الخطيئة لا تكفر الخطيئة ولكن الحسنة تحط الخطيئة، ثم قال: وإن كان خلط الحرام حلالا فاختلطا جميعا فلا يعرف الحلال من الحرام فلا بأس "(٢) .

ويمكن التفصي عن أخبار الربا بما ربما يستظهر من ذيلها، من كون مورث الرجل كان يأكل الربا(٣) ، وقد دلت هذه الاخبار وغيرها - وذهب بعض الاصحاب(٤) - على حليتها، ولذا قيد في بعض أخبار الكبائر أكل الربا

____________________

(١) الكافي ٥: ١٤٤ الحديث ٣ و ٤.

(٢) الكافي ٥: ١٢٦ الحديث ٩.

(٣) الوسائل ١٢: ٤٣١، الباب ٥ من أبواب الربا، الحديث ٢ و ٣.

(٤) هو ابن الجنيد، وقد حكاه عنه العلامة في المختلف: ٣: ٣١٧.

(*)

٢٤٨

بكونه بعد البينة(١) إشارة إلى قوله تعالى: (فمن جاء‌ه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف)(٢) .

وحينئذ فهذه الاخبار أخص من أخبار وجوب الخمس.

نعم، يظهر من محكي السرائر(٣) وجوب الخمس في المال الذي يعلم أنه فيه الربا ايضا.

وأما موثقة سماعة(٤) فيحتمل أن يكون نفي البأس عن التصدق من المال المختلط، بل سائر التصرفات في الجملة ولو بعد التخميس، في مقابل الحرام المحض الذي هو مورد السؤال، حيث لا يجوز منه التصدق في بعض الصور، فضلا عن تصرف آخر.

وكيف كان، فالرواية ليست نصا في حلية جميع المال المختلط حتى لا يقبل التقييد بأخبار المسألة التي هي أخص منه، مع مخالفة حلية الجميع للقاعدة المقررة من وجوب الاجتناب عن المشتبه في المحصورة امتثالا للادلة العقلية والنقلية الدالة على حرمة التصرف في مال الغير إذا علم - ولو إجمالا - في أمور محصورة.

معرفة المالك بعد الاخراج

ثم لو ظهر المالك بعد إخراج الخمس فهل يضمن الدافع؟ كما صرح به الشهيدان في الروضة(٥) والبيان(٦) ، أم لا؟ كما عن

____________________

(١) الوسائل ١١: ٢٦٠ - ٢٦١، الباب ٤٦ من أبواب جهاد النفس، الحديث ٣٣ و ٣٥.

(٢) البقرة: ٢٧٥.

(٣) السرائر ١: ٤٨٧.

(٤) المتقدمة في الصفحة السابقة.

(٥) الروضة البهية ٢: ٦٨.

(٦) البيان: ٣٤٧.

(*)

٢٤٩

الرياض(١) والمدارك(٢) والذخيرة(٣) ، قولان: من قاعدة اليد، وكون الاذن في التخميس في مقام بيان سبب إباحة التصرف في الباقي، فلا يفيد رفع الضمان.

نعم، غايته رفع الاثم، مضافا إلى النص بالضمان في أمثاله من التصدق بمجهول المالك واللقطة.

ومن أن الظاهر التعليل في قولهعليه‌السلام : " ان الله رضي من الاموال بالخمس "(٤) أن ولاية الخليط المجهول مالكه انتقل مع جهل المالك إلى الله سبحانه، وقد رضي عن الخليط بالخمس، فإخراجه مطهر للمال ومبرئ للذمة بحكم المراضاة الحاصلة بين مالك الحلال وبين الشارع تقدس ذكره، وهذا بخلاف مسألة التصدق بمجهول المالك واللقطة، فإن الظاهر أن التصدق بهما إنما هو عن صاحبه بإذن الشارع في إيقاع هذا العمل للمالك شبه الفضولي، وأين هو من إيصال المالك إلى ولي مالكه - كما يستفاد من تعليل أخبار الباب -، مع أن التصدق بمجهول المالك جائز لجواز أبقائه أمانة، أو تسليمه إلى الحاكم، فلا ينافي الضمان، بخلاف دفع هذا الخمس، فإنه واجب ويبعد معه الضمان.

وبهذا التقرير يظهر أنه لو قلنا بكون هذا الخمس صدقة لا مصروفا في الخمس، فلا يجوز صرفه في بني هاشم إن قلنا بحرمة ما عدا الزكاة من الصدقات المفروضة عليهم، وإن قلنا بجواز صرف مجهول المالك واللقطة

____________________

(١) الرياض ٥: ٢٤٨.

(٢) مدارك الاحكام ٥: ٣٨٩.

(٣) ذخيرة المعاد: ٤٨٤، لكنه نقل القولين من دون أختيار أحدهما.

(٤) تقدمت هذه الرواية بتمامها في الصفحة: ٢٥٧.

(*)

٢٥٠

عليهم على هذا القول، لكونها صدقة مندوبة عن المالك، بخلاف ما نحن فيه، فإنه مال الله جعله صدقة واجبة، فيدخل في الصدقات الواجبة.

٢٥١

مسألة (١٧) لو كان الحلال مما فيه الخمس لم يسقط بإخراج الخمس من المختلط

لو كان الحلال مما فيه الخمس لم يسقط بإخراج هذا الخمس، لعدم الدليل على سقوطه، فيجب حينئذ أولا هذا الخمس، فإذا أحل لمالكه وطهر عن الحرام، أخرج خمسه، ولو عكس صح، لكن تظهر الفائدة فيما لو جعلنا مصرف هذا الخمس في غير الهاشمي، وحينئذ فليس له العكس.

وكيف كان، فالقول بوحدة الخمس - كما يحكى(١) - ضعيف جدا، ولعله لاطلاق قولهعليه‌السلام : "وسائر المال لك حلال"(٢) ولا يخفى أنه من حيث اختلاط الحرام، لا من كل جهة، ولذا لو كان زكويا لم يسقط زكاته.

____________________

(١) حكاه في الجواهر(١٦: ٧٦) عن حواشي البخارية.

(٢) الوسائل ٦: ٣٥٣، الباب ١٠ من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث ٤.

(*)

٢٥٢

مسألة (١٨) العلم إجمالا بكون الحرام أقل من الخمس

لو كان قدر المال مجهولا تفصيلا لكن يعلم أنه أقل من الخمس فالظاهر عدم وجوب الخمس، لان ظاهر التعليل، الاختصاص بغير هذه الصورة، لانه كما تقدم(١) وارد في مقام بيان التخفيف.

واستقرب في المناهل(٢) وجوب الخمس لاطلاق الاخبار والفتاوى، وهو ضعيف، والاطلاق ممنوع.

وهل يجب صرفه في مصرف هذا الخمس أو يكون صدقه؟ وجهان: من فرض خروجه عن مورد هذه الاخبار فتدخل في عموم أخبار التصدق بمجهول المالك مما عرفت في معلوم القدر.

ومن ظهور التعليل في كون حكم الخليط في نفسه أن يصرفه إلى أهل

____________________

(١) في الصفحة: ٢٤٤.

(٢) المناهل: (مخطوط)، ذيل التنبيه الثالث عشر من تنبيهات خمس المختلط.

(*)

٢٥٣

الخمس، وإنما وجب الخمس في صورة الجهل بمقداره لرضى الشارع بهذا القدر.

والاقوى هو الاول.

وعلى كل تقدير، فيجعل الحاكم أو العدول أو المتسحقين بمنزلة المالك ويعامل معه ما مر في القسم الثالث من الوجوه.

العلم بكون الحرام أزيد من الخمس

ولو علم كونه أزيد، فهل يقتصر على صرف الخمس لاطلاق الاخبار أو يدفع الزائد أيضا؟ وجهان: أصحهما: الثاني، لعدم الدليل على سقوط الزائد، مع أن ظاهر التعليل كفاية الخمس عن الزائد الواقعي لو ثبت في المال لا المعلوم، فإطلاق الاخبار كإطلاق الفتاوى بالنسبة إلى هذه الصورة ممنوع.

فالقول بالاكتفاء بالخمس - كما استقربه في المناهل(١) - ضعيف جدا.

وعلى المختار، فهل المجموع صدقة أو خمسا، أو يكون مقدار الخمس خسما والزائد صدقة؟ وجوه: أقواها: الاول، لان فرض خروجه عن أدلة الخمس يوجب دخوله تحت ما تقدم من وجوب التصدق بكل مال مجهول ولو كا مخلوطا غير متميز.

قال في كشف الغطاء: ولو جهل المقدار مع العلم بزيادته عن الخمس فهو بحكم المعلوم حقيقة يرجع فيه إلى الصلح، وكذا ما علم نقصه عن الخمس على الاقوى(٢) ، إنتهى.

____________________

(١) المناهل: (مخطوط)، ذيل التنبيه الثاني عشر من تنبيهات خمس المختلط، وفيه بعد نقل أقوال ثلاثة: ولكن الاحتمال الاول في غاية القوة.

(٢) كشف الغطاء: ٣٦١.

(*)

٢٥٤

تبين زيادة الحرام على الخمس

وعلى المختار فلو تبين الزيادة بعد إخراج الخمس، ففي إجزاء ما دفع والتصدق بالزائد، أو وجوب استدراك الصدقة بالمجموع فيسترجع ما دفع خمسا مع بقاء العين أو علم القابض، أو الاكتفاء بما دفع وجوه: أقواها الاول، وسيجئ تقوية الاخير.

ثم العمل في تعيين القدر المعلوم إجمالا على البراء‌ة إن كان هناك يد أو أصل يعتمد عليه في إثبات ملكية المشكوك - كما ذكرنا في القسم الثاني - وإلا ففي وجوب العمل على المتيقن من حيث الاشتغال أو على المتيقن من حيث البراء‌ة أو القرعة وجوه: أصحها: الاول لاصالة عدم تملك المشكوك، وأصالة عدم حصول التطهير للمال المختلط.

المراد من الرابع: ما كان مجهولا من أصله

ثم المراد بالقسم الرابع: ما كان الحرام مجهول القدر من أصله، فلو علم قدر الحرام أولا، ثم تصرف فيه وخلطه مع ماله حتى نسيه، أو علم عين الحرام وإن جهل قدره فتصرف فيه واشتبه في ماله فجهل قدره بالاضافة إلى ماله، فالظاهر أن حكمها حكم مجهول المالك، فيجب التصدق لا الخمس، لسبق الحكم به، فلا يرتفع بعروض الاختلاط، لكن لا يبعد دعوى إطلاق الاخبار بالنسبة إلى مثل ذلك، ولعله لذا قال في كشف الغطاء: لو خلط الحرام مع الحلال عمدا خوفا من كثرة الحرام ليجتمع شرائط الخمس فيجتزئ بإخراجه فأخرجه، عصى بالفعل وأجزأ الاخراج(١) ، إنتهى.

وتبعه في ذلك بعض تلامذته في كتابه(٢) .

____________________

(١) كشف الغطاء: ٣٦١.

(٢) الجواهر ١٦: ٧٦.

(*)

٢٥٥

الاختلاط بمال ليس له مالك خاص

ولو علم اختلاط ماله بمال ليس له مالك خاص كالزكاة، وحصة السادة من الخمس، وحاصل الاوقاف العامة، فلا إشكال في أنه كمعلوم المالك داخل في القسم الثاني الذي تقدم الحكم فيه، والمتولي لذلك هنا هو الحاكم.

أما لو لم يعلم كون الخليط من الزكاة أو الخمس، فالظاهر أنه كالمتردد بين مالكين.

وكذا لو تردد بينهما وبين الاوقاف العامة، لجواز صرفها في أهل الزكاة والخمس.

ولو كان ما فيه الخمس مشتركا فدفع أحد الشريكين خمس حصته فيجوز له التصرف في باقي حصته.

وفي الكشف - بعد ذلك -: أنه لو أمكن جبره على القسمة جبر(١) .

____________________

(١) كشف الغطاء: ٣٦١، وفيه - قبل هذه العبارة -: ولو كان ما فيه الواجب مشتركا فامتنع أحد الشركاء عن القسمة أدى غير الممتنع سهمه وحل التصرف بمقدار أربعة أخماس حصته.

(*)

٢٥٦

مسألة (١٩) التصرف في المال المختلط

لو تصرف في المال المختلط بالحرام بحيث صار في ذمته، تعلق الخمس في ذمته، ولو تصرف في الحرام المعلوم فصار في ذمته، وجب دفعه صدقة.

مسألة (٢٠) الوصية بمال في رد المظالم

لو أوصى مبلغا معينا في رد المظالم - بناء على ما عن المجلسيين(١) من إطلاق هذا العنوان على القسم الثالث والرابع - فإن علمنا بقصده أحد

____________________

(١) حكى هذا الاصطلاح عنهما المحقق القميرحمه‌الله في الغنائم: ٣٧٤، وانظر هامش ٢ من الصفحة: ٢٥٦.

(*)

٢٥٧

القسمين أو جوزنا وحدة المصرف فيهما فلا إشكال، وإلا ففي صرفه إلى القسم الثالث، من جهة أن الاصل عدم الزيادة وعدم احتمال الميت للزيادة، أو إلى القسم الرابع، لان الغالب عدم علمهم بالمقدار المخلوط في أموالهم، ويحتمل كون ذلك المبلغ كالمال المردد بين مالكين، فيحتمل أن يقرع بينهما، ويحتمل المصالحة معهما، والمتولي للطرفين الحاكم.

لكن التحقيق: أنه لم يعلم كون رد المظالم حقيقة في القسم الثالث والرابع المتقدمين، بل يطلق - أيضا - لغة وعرفا على رد المظالم المستقرة في الذمة.

فإن علم أن الموصي أراد فردا معينا، فالحكم كما ذكر من وجوب القرعة، أو المصالحة على النصف، أو التنصيف من غير مصالحة نظير ما تقدم في المال المردد بين شخصين.

وإن علم أنه أراد نفس المفهوم من غير التفات إلى أفراده، وعدم قصد فرد خاص منه كأن سمع أن من جملة الخيرات شيئا يقال له: رد المظالم، فيوصي به من غير ملاحظة أن في ذمته أو في ماله شيئا للفقراء أو السادة، فإن علم أن في ذمته حقا لاحدى الطائفتين صرف فيه، وإن لم يعلم ذلك فالظاهر أن الايصاء بهذا كالايصاء بمطلق التصدق، إن لم يعتقد اختصاص هذا القسم بالسادة، كما هو المتعارف بين الناس من جعله في مقابل الخمس للسادة(١) .

____________________

(١) كذا في " ف "، وفي سائر النسخ: بالسادة.

(*)

٢٥٨

مسألة (٢١) عدم اختصاص الحكم بالمكلفين

الظاهر عدم اختصاص ما ذكر من الخمس بالمكلفين، بل يجب إخراج الخمس من مال الصبي والمجنون إذا اختلط بالحرام، لعموم رواية ابن مروان المتقدمة(١) ، بل يجب هنا وإن قلنا في غيره من الاخماس، باختصاصه بالمكلفين، لان الموجود فيه من الحرام لا بد من التخلص عنه وإيصاله أو بدله إلى مالكه أو وليه، فهذا الخمس ليس حقا حادثا في أصل المال كالزكاة ليمكن دعوى أنه فرع التكليف، بل هو حق ثابت في جملة المال مختلط معه، ولذا لا يسقط بتلف المال من غير تفريط، بل ينتقل إلى الذمة إذا كان الخلط بسوء صنيعة(٢) ، كالمكتسب المغمض عن مطالب المال من حيث الحلية والحرمة، فما استقربه في المناهل(٣) - من عدم وجوب الخمس في مالهما - ضعيف

____________________

(١) في الصفحة: ٢٤٤.

(٢) في " ج " و " ع ": صنعه.

(٣) المناهل: (مخطوط)، التنبيه السادس والثلاثون من تنبيهات خمس الارباح، وفيه: المعتمد عدم الوجوب واشتراط الامرين.

(*)

٢٥٩

مسألة (٢٢) تبين نقصان الحرام

لو دفع الخمس فبان الخليط أقل من الخمس، فالظاهر الاجزاء وعدم وجوب الصدقة بما تبين من المقدار، وعدم جواز استرجاع ما دفع إلى السادة، لان ظاهر التعليل كون المدفوع بدلا وعوضا عما في المال على تقدير زيادته عنه، أو نقصه، أو مساواته، فيكون شبه المصالحة والمراضاة من طرف الشارع مع المالك، نظير ما إذا وقع هذا من مالك الحرام - في صورة معرفته - مع مالك الحلال.

تبين زيادة الحرام

ومنه يظهر أنه لو تبين أن الحرام كان أزيد من الخمس فلا رجوع - أيضا - على خلاف ما اخترناه سابقا وفاقا لما قواه(١) .

____________________

(١) الظاهر أن المراد كاشف الغطاءرحمه‌الله ، راجع الصفحة: ٢٦٤.

(*)

٢٦٠