كتاب الخمس

كتاب الخمس0%

كتاب الخمس مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 384

كتاب الخمس

مؤلف: الشيخ مرتضى الأنصاري
تصنيف:

الصفحات: 384
المشاهدات: 216448
تحميل: 5109

توضيحات:

كتاب الخمس
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 384 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 216448 / تحميل: 5109
الحجم الحجم الحجم
كتاب الخمس

كتاب الخمس

مؤلف:
العربية

ودعوى كون هذه المعاوضة مراعاة باستمرار الاشتباه أو التساوي الواقعي أو هو مع النقص، خلاف ظاهر قولهعليه‌السلام : " رضي من الاموال بالخمس " وقوله: " وسائر المال لك حلال "(١) .

ومما ذكرنا يظهر فساد ما يقال في تضعيف هذا الاحتمال: من أنه مستلزم لتحليل ما هو معلوم الحرمة.

لا فرق في الزيادة بين المشاعة والمعينة

ولا فرق فيما ذكرنا بين أن تكون الزيادة المتبينة مشاعا كأن ينكشف كون الحرام ربعا أو ثلثا للمال، أو يكون شيئا معينا، كهذا الفرس مثلا، لان المفروض وصول عوضه إلى الشارع حتى لو تبين كون العوض المدفوع كله من الحرام، فالظاهر عدم وجوب دفع الزائد أيضا لانه من باب المصالحة عن الشئ ببعضه.

____________________

(١) الوسائل ٦: ٣٥٣، الباب ١٠ من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث ٤، وقد تقدمت بتمامها في الصفحة: ٢٥٧.

(*)

٢٦١

مسألة (٢٣) عدم اشتراط البلوغ والعقل في خمس المعادن والكنوز والغوص والغنيمة

الظاهر أنه لا خلاف في عدم اشتراط البلوغ والعقل في تعلق الخمس بالمعادن والكنوز والغوص، وقد ادعى ظهور الاتفاق في الاخيرين في المناهل(١) .

وعن ظاهر المنتهى(٢) في الاول، وتبعه في الغنائم(٣) .

ويدل عليه إطلاق الاخبار.

وأما الغنيمة، فالظاهر أنه كذلك، لما ذكروا في الجهاد: من إخراج الخمس من الغنيمة أولا، ثم تقسيمه بين من حضر القتال حتى الطفل.

ودل على الاطلاق في الاربعة المذكورة وفي الحلال المختلط، إطلاق

____________________

(١) المناهل: (مخطوط)، التنبيه العاشر من تنبيهات خمس الكنز، والتنبيه الثالث من تنبيهات خمس الغوص.

(٢) المنتهى ١: ٥٤٦، ولا يخفى أنه يفهم من عبارته عدم اشتراط البلوغ فقط.

(٣) الغنائم: ٣٦٣.

(*)

٢٦٢

رواية عمار بن مروان المتقدمة: " فيما يخرج من المعادن والبحر والغنيمة والحلال المختلط بالحرام - إذا لم يعرف صاحبه - والكنوز، الخمس "(١) .

حكم الارض المشتراة من قبل الذمي

وأما الارض المشتراة من الذمي ففيه إشكال، من تضمن الرواية لفظة " على " الظاهرة في التكليف.

ومن إمكان [ منع ](٢) هذا الظهور، لكثرة استعمال لفظة " على " في مجرد الاستقرار كما في قوله: " عليه دين " و " على اليد ما أخذت "(٣) ونحو ذلك.

حكم أرباح المكاسب

وأما المكاسب فظاهر إطلاق الفتاوى عدم اشتراط البلوغ فيها، فعن المنتهى - في فروع مسألة الكنز -: " الثالث: الصبي والمجنون يملكان أربعة أخماس الركاز، والخمس الباقي لمستحقيه، يخرج الولي عنهما عملا بالعموم. وكذا المرأة. لنا ما تقدم من أنه اكتساب وهما من أهله "(٤) .

فإن هذا الدليل ظاهر في أن عليهما خمس كل ما يحصل باكتسابهما.

والحاصل: أنه يفهم من استدلال العلماء لوجوب الخمس في الكنز والمعدن والغوص، بأنها اكتسابات، فتدخل تحت الآية، ثم تعميمهم الوجوب فيها للصبي والمجنون، ثم دعواهم الاجماع على وجوب الخمس في مطلق الاكتسابات، عدم الفرق في أرباح المكاسب بين البالغ وغيره، فتفطن.

ويدل عليه إطلاق بعض الاخبار - أيضا - مثل موثقة سماعة - وقبله إبن أبي عمير - عن أبي عبداللهعليه‌السلام عن الخمس قال: " في كل ما أفاد

____________________

(١) الوسائل ٦: ٣٤٤، الباب ٣ من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث ٦.

(٢) أثبتناها من " ع ".

(٣) عوالي اللالي ١: ٢٢٤، الحديث ١٠٦.

(٤) المنتهى ١: ٥٤٧، مع اختلاف يسير.

(*)

٢٦٣

الناس من قليل أو كثير "(١) .

ترجيح صاحب المناهل اشتراط الكمال ومناقشته

وقد ادعى في المناهل(٢) : ظهور إطلاق النصوص والفتاوى ومعاقد الاجماع في ذلك.

بل قيل: إن تصريحهم باشتراط الكمال في الزكاة، وإهمالهم هنا، كالصريح في [ عدم ](٣) اشتراطه هنا، فربما كان إجماعا(٤) .

وهو حسن.

ومن العجب أن هذا القائل رجح أخيرا اشتراط الكمال(٥) ، لعمومات ما ورد في الزكاة من أنه " ليس في مال اليتيم والمال الصامت والدين شئ(٦) وقولهعليه‌السلام : " ليس في مال المملوك شئ "(٧) في غير واحد من الاخبار.

[ ولا يخفى على الناظر فيها اختصاصها بالزكاة.

وأعجب من ذلك أنه جعل سقوط الخمس عن غير البالغ في المال المختلط أظهر، لورود دليله على وجه التكليف(٨) ، مع أنك قد عرفت أنه لو قلنا: باختصاص الخمس مطلقا بالبالغ لا بد من استثناء هذا القسم منه، لانه في الحقيقة إخراج بدل مال الغير الذي يجب أن يخرج من مال الصغير

____________________

(١) الوسائل ٦: ٣٥٠، الباب ٨ من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث ٦.

(٢) لم نعثر عليه في المناهل.

(٣) الزيادة اقتضاها السياق.

(٤) القائل هو العلامة النراقيرحمه‌الله ، في المستند ٢: ٨١.

(٥) راجع نفس المصدر.

(٦) الوسائل ٦: ٥٤، الباب الاول من أبواب من تجب عليه الزكاة، الحديث ٢، مع إختلاف في التعبير.

(٧) الوسائل ٦: ٥٩، الباب ٤ من أبواب من تجب عليه الزكاة، الحديث الاول.

(٨) المستند ٢: ٨١.

(*)

٢٦٤

والكبير ](١) .

عدم دلالة آية الخمس على المطلوب

وربما يتوهم دلالة الآية الشريفة على المطلوب بضميمة الاخبار المعممة للغنيمة لمطلق الفائدة من جهة إطلاق الاغتنام فيها لما قبل البلوغ وما بعده، وإن كان التكليف بالخمس متعلقا به بعد البلوغ، فإن أسباب التكليف لا يعتبر وقوعها حال التكليف.

وهو فاسد، لان الظاهر من الآية إنشاء هذا الحكم - أعني السببية المستفادة من الموصول المتضمن لمعنى الشرط بقرينة الفاء - للبالغين -، لا إنشاء حكم الجزاء بالنسبة إلى من يتحقق منه الشرط من البالغين.

نعم، لو استفيد من الآية سببية أصل الغنيمة لتعلق الخمس لا الغنيمة الحاصلة لخصوص المخاطب البالغ، أمكن الاستدلال بها كما هو ظاهر كل من يستدل من الفقهاء بهذه الآية على وجوب الخمس في الكنز والمعدن والغوص، مع اتفاقهم على عدم اختصاص الحكم فيها بالبالغين.

إلا أن يقال: لعل مستندهم في أصل الحكم الآية، وفي عمومه لغير البالغين الاخبار.

وهو مناف لما عرفت من استدلال المنتهى(٢) .

____________________

(٢) في الصفحة: ٢٧٤.

(*)

٢٦٥

مسألة (٢٤) وجوب الخمس في ما يكتسبه العبد من الكنز والمعدن والغوص

يجب الخمس في ما يكتسبه العبد من الكنز والمعدن والغوص، لان كسبه إن كان لمولاه فيجب على المولى، وإن كان لنفسه كما في المكاتب فيجب عليه.

والظاهر عدم الخلاف في ذلك، وكذا لو قلنا بأنه يملك إذا أذن له المولى في الاكتساب لنفسه، لعموم أدلة الخمس، وليس للمولى منعه، لثبوته بحكم الشرع.

ولا دليل على اعتبار التمكن التام في وجوب الخمس على الوجه المتقدم في الزكاة.

ومنه يعلم أن التمكن من التصرف ليس شرطا في تعلق الخمس، وإنما هو شرط في وجوب أدائه فعلا، فإذا تمكن أدى.

٢٦٦

مسألة (٢٥) تعلق الخمس بالعين

الظاهر تعلق الخمس بالعين في الغنيمة والمعدن والكنز والغوص والارض المبتاعة من المسلم، والحلال المختلط بالحرام، والمظنون عدم الخلاف في ذلك.

وأما أرباح المكاسب، فالظاهر أنها كذلك، لانه الظاهر من أدلتها سيما الآية(١) التي استدل بها كثير من الاصحاب.

عدم وجوب الاخراج من كل عين

لكن الظاهر: عدم وجوب أن يخرج من كل عين خسمه: لصدق إخراج خمس الفائدة، بل الظاهر أن الحكم كذلك في الكنز والغوص والمعدن إذا اشتملت على أجناس مختلفة.

وهل يجوز دفع القيمة في هذه الاشياء؟ الظاهر ذلك، كما صرح به

____________________

(١) الانفال: ٤١.

(*)

٢٦٧

هل يجوز دفع القمية ؟ بعض(١) ، بل يظهر من حاشية المدقق الخوانساري في مسألة وجوب بسط نصف الخمس على الاصناف، أن جواز أداء القيمة مذهب الاصحاب(٢) - وسيجئ حكاية كلامه في تلك المسألة -: لقولهعليه‌السلام لمن وجد كنزا فباعه: " أد خمس ما أخذت "(٣) يعني من الثمن.

ورواية ريان بن الصلت المتقدمة(٤) في ثمن السمك والبردي والقصب من القطيعة.

ورواية السرائر(٥) المتقدمة فيما يباع من فواكه البستان - والاجتزاء بخمس الثمن في هذه الاخبار محمول على الغالب، من عدم نقصان الثمن عن القيمة، وإلا فلا اعتبار بالثمن - وما تقدم في مسألة الغنيمة من رواية أبي سيار(٦) حيث جاء بثمانين ألف درهم إلى الصادقعليه‌السلام .

جواز التصرف مع ضمان الخمس

وكيف كان، فالظاهر من الروايات منضمة إلى ملاحظة سيرة الناس هو جواز التصرف في الاعيان الخمسية مع ضمان الخمس.

حرمة التصرف مع نية عدم الاعطاء

ولو نوى عدم إعطاء الخمس، فالظاهر حرمة التصرف في العين وكونه غصبا، لانه مقتضى التعلق بالعين، خرج منه صورة الضمان بالاخبار

____________________

(١) لم نقف عليه.

(٢) حاشية الروضة: ٣٢٨.

(٣) الوسائل ٦: ٣٤٦، الباب ٦ من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث الاول.

(٤) الوسائل ٦: ٣٥١، الباب ٨ من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث ٩، وقد تقدمت في الصفحة: ١٧٧.

(٥) السرائر ٣: ٦٠٦، من مستطرفات السرائر، وقد تقدمت في الصفحة: ١٩٣.

(٦) الوسائل ٦: ٣٨٢، الباب ٤ من أبواب الانفال وما يختص بالامام، الحديث ١٢، وتقدمت في الصفحة: ١١٩.

(*)

٢٦٨

ولما ورد في غير واحد من الاخبار من أنه " لا يحل لاحد أن يشتري من الخمس شيئا حتى يصل إلينا حقنا "(١) .

وما عن تفسير العياشي بسنده عن إسحاق بن عمار، قال: " سمعته يقول: لا يعذر الله عبدا اشترى من الخمس شيئا أن يقول: يا رب اشتريته بمالي حتى يأذن له أهل الخمس "(٢) .

وغير واحد مما تقدم في خمس الارباح.

منها: ما ورد في صحيحة الفضلاء من أنه: " هلك الناس في بطونهم وفروجهم لانهم لم يؤدوا إلينا حقنا "(٣) .

وما عن كمال الدين: إنه مما ورد على الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري قدس الله سرهما في جواب مسائله إلى صاحب الدارعليه‌السلام ، " قال: وأما ما سألت عنه من أمر من يستحل ما في يده من أموالنا ويتصرف فيه تصرفه في ماله من غير أمرنا، فمن فعل ذلك فهو ملعون ونحن خصماؤه، فقد قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : المستحل من عترتي ما حرم الله تعالى ملعون على لساني ولسان كل نبي مجاب "(٤) .

التصرف مع عدم الضمان ولا نية عدم الاعطاء

ويؤيده - أيضا -: جميع ما ورد في حل المناكح للشيعة ليطيب لهم الولادة، وإن كان ظاهرها مختصا بخمس الغنائم أو الانفال.

وأما لو تصرف مع عدم الضمان ولا بنية عدم الاعطاء، فمقتضى

____________________

(١) مثل ما ورد في الوسائل ٦: ٣٣٩، الباب ٢ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

الحديث ٥.

(٢) تفسير العياشي ٢: ٦٣، الحديث ٦٠.

(٣) الوسائل ٦: ٣٧٨، الباب ٤ من أبواب الانفال وما يختص بالامام، الحديث الاول.

(٤) كمال الدين: ٥٢٠، مع اختلاف يسير، والوسائل ٦: ٣٧٦، الباب ٣ من أبواب الانفال وما يختص بالامام، الحديث ٦.

(*)

٢٦٩

القاعدة وأخبار عدم حل اشتراء الخمس وإن كان هو عدم جواز البيع وفساده في مقدار الخمس، إلا أن الظاهر مما(١) تقدم من روايات دفع القيمة الظاهرة في عدم ضمان البائع حين البيع، بل جهله، وكذا بعض ما ورد في صورة العزم على عدم الاعطاء هو الجواز واشتغال الذمة إن كان التصرف بالاتلاف، وتعلق الخمس بالغوص إن كان معاوضة مجردة عن المحاباة، وإلا فكالاتلاف في مقدار المحاباة أو في المجموع.

والمسألة محل إشكال، لعدم دليل يوجب الاطمئنان في مقابل الاصول العقلية والنقلية المانعة عن التصرف في مال الغير.

المعاملات الواردة على العين عام الربح

نعم، المعاملات الواردة على العين التي حصل فيها الربح في عام التجارة كأنه خارج عن محل الكلام، لاجماعهم ظاهرا على جواز تأخير إخراج خمس الارباح إلى السنة وإن علم بعدم تجدد مؤونة أو خسارة على ما يقتضيه إطلاق كلامهم في التوسعة، وإن كان في تعليل التأخير بالاحتياط إشارة إلى عدم الجواز مع العلم، إذ لا يبقى معه احتياط، ولا شك أن الربح يصير متعلقا للخمس بمجرد الظهور دون الانضاض على الاقوى، فيلزم من ذلك.

إما وجوب عزل مقدار الخمس من الربح إذا أراد المكلف التجارة بماله، والظاهر أنه لم يلتزم به أحد، لا فتوى ولا عملا.

وإما اشتراك المستحقين مع المالك في الربح الحاصل من المال المشترك وفي الخسارة التي تتفق فيه، لان مقتضى عدم وجوب العزل والاذن في التصرف فيه في جملة المال.

والظاهر أنه كسابقه مخالف للفتوى والعمل،

____________________

(١) في " ج ": ما.

(*)

٢٧٠

لاستقرارهما ظاهرا على اشتراك المستحقين في الخسارة دون الربح وإن كان لهم حق متجدد فيه كما في عامل القراض.

نعم، ظاهر بعض مشايخنا(١) بل صريحه، أنه لو ربح خمسين في مائة ثم اشترى بالمائة والخمسين وخسر في تجارته خمسين، وزع الخسارة على الربح ورأس المال.

لكنه ضعيف لما سيجئ، فتعين أن يكون الاذن في التجارة فيه على وجه التجارة في مال القراض بعد ظهور الربح.

المعاوضة لا للتجارة

نعم، لو عاوضه لا للتجارة والاستفادة استحق من الثمن بنسبته إلى العين، كما في الكنز المبيع في الرواية المتقدمة(٢) .

والسر في ذلك: أن الدليل إنما دل على وجوب الخمس في الفائدة الحاصلة من التجارة مثلا، وقد عرفت سابقا - في مسألة عدم استقلال كل ربح بحول - أن الصناعة الواحدة في حكم عمل واحد، بل عرفت أن الاستفادات المتعددة وإن اختلفت ولم تتحد(٣) عرفا إلا أن موضوع وجوب الخمس فيها هو مجموع ما استفاد، لا كل جزء مما استفاد ولو باستفادة مستقلة، ولذا قوينا وجوب إخراج مؤونة سنة المجموع التي تدخل بظهور أولها وينتهي بانتهاء آخرها من ذلك المجموع، وحينئذ فالغنيمة هي الحاصلة من ذلك المجموع، والمخرج منها مؤونة السنة.

ومن البين أن إضافة الفائدة إلى التجارة الواحدة المستمرة المشتملة

____________________

(١) هو العلامة النراقيقدس‌سره ، راجع المستند ٢: ٨١.

(٢) في الصفحة: ٢٧٩.

(٣) في " ع " و " ج ": لم تتحد.

(*)

٢٧١

على المعاوضات المترامية، إنما هي ملاحظة رأس المال الموجود في المعاملة الاولى منها.

نعم، إضافة كل فائدة إلى التجارة التي حدثت فيها إنما هي بملاحظة رأس المال الموجود في تلك المعاملة، ومتعلق الخمس هي الفائدة بالمعنى الاول دون الثاني، فيجب أن يخمس هذه الفائدة.

والفائدة بهذا المعنى لا تستقر إلا بعد تمام الحول، فصدق الفائدة بهذا المعنى على الحاصل في أول الحول مراعى بعدم حصول خسران يوجب زوال صدقها بهذا المعنى.

نعم، بالمعنى الثاني - أعني الاضافة إلى التجارة التي حصلت فيه - لا يزول صدقها ولو تلف جميع المال.

وكذا الكلام في الفائدة الحاصلة من ضم مكاسب مختلفة في الحول، فإن المتعلق للخمس هو كلي الفائدة التي هي محل إخراج المؤونة.

واستقرارها مشروط بعدم حصول الخسارة في بعضها.

نعم، لو قلنا إن كل فائدة تحصل في تجارة واحدة فيحصل الشركة فيه، ثم إذا ربح في تجارة يوضع من الربح المتجدد مقدار ما يخص حصة الخمس، ثم يخمس باقيه المختص بمجموع رأس المال وأربعة أخماس الربح فيحصل الشركة وهكذا.

نعم، هذا لازم من جعل كل فائدة فائدة متعلقا للخمس، ويحسب مؤونة السنة منه مختصة أو موزعة عليها وعلى غيرها السابق أو اللاحق.

فعلى هذا، لو ربح ستمائة ووضع لمؤونته منها مائة، ثم اتجر بالخمسمائة فربح خمسمائة فصارت ألف، وجب عليه المائة من الخمسمائة الاولى وشارك الخمسمائة الثانية بالنسبة فاستحق مائة منها، ويجب على المالك الخمس من الاربعمائة الباقية وهو ثمانون، فيستحق أهل الخمس مائتين وثمانين.

وعلى ما ذكرنا فيستحقون مائتين، إلا أن يلتزم على هذا التقدير بما ذكرنا - وأيضا -

٢٧٢

لاجماع أو سيرة، أو لا يقول بتعلق الخمس في المكاسب بالعين، بل على نحو تعلق الزكاة - وجوبا أو استحبابا - بمال التجارة.

ثم بما ذكرنا يظهر أن عدم استحقاق أهل الخمس ما يخص بربحهم من الربح المتجدد [ لا يفرق ](١) بين أن يضمن التاجر الخمس بعد ظهور الربح أو لا يضمنه أو يبني على عدمه.

المعاوضة بانيا على عدم الخمس

نعم، لو عاوضه(٢) في غير تجارة الحول بانيا على عدم الخمس، جاء فيه مقتضى القاعدة من رجوع أهل الخمس إلى المشتري مع عدم الاجارة فيرجع هو إلى البائع بما يخصه من الثمن إن لم يختر الفسخ لتبعض الصفقة.

ومثله ما وقع في الحول فيما إذا علم بزيادة الربح الاول عن المؤونة وقلنا بفورية الاخراج حينئذ بالمعنى الاعم الشامل للضمان، كما هو المحتمل قريبا، نظرا إلى تعليلهم جواز التأخير بكونه احتياطا للمكلف الدال على عدم الجواز إذا لم يتحقق الاحتياط، كما في صورة العلم بعدم تجدد زيادة المؤونة وعدم حصول الخسارة المؤيد بجريان دليل فورية الزكاة - التي أجروها في خمس غير المكاسب - في خمسها أيضا.

نعم، ادعى في المناهل(٣) ظهور عدم الخلاف في التوسعة حتى في هذه الصورة، لكن التعويل عليه في مقابل أدلة الفور مشكل.

ثم إنه قد مر في مسألة عدم اشتراط الحول في المؤونة، أنه يحتمل أن يكون قولهم: " يجوز تأخير الخمس احتياطا " ليس معناه عدم وجوب

____________________

(١) الزيادة اقتضتها العبارة.

(٢) في " ف " و " ع ": عارضة.

(٣) لم نعثر عليه في المناهل.

(*)

٢٧٣

الخمس واقعا إلا في الفاضل عما سيصير(١) مؤونة له في الواقع، فإذا وقع قبل الحول وتجدد مؤونة فقد يتعسر استرداده عن المستحق، لان تعسر الاستراداد المتفق أحيانا ليس أمرا ملحوظا حتى يحتاط للحذر عنه، بل معنى الاحتياط الحذر عن خسارته(٢) بدفع الخمس قبل تجدد تلك المؤونة، والمفروض أنه خمس واجب واقعا، وحينئذ فظاهر هذا الكلام أن الخمس واقعا من حين(٣) ظهوره إلى تمام حوله، فكل زمان يراد إخراجه فيلاحظ المؤونة بحسب حاله بالنسبة إلى ذلك الزمان.

فلو كان فوريا كسائر ما فيه الخمس كان اللازم أيضا - ملاحظة المؤونة في زمان وجوب التعجيل.

وربما يؤيد ذلك أن ظاهر معنى التوسعة هو الوجوب الواقعي المنجز من أول الوقت إلى أخره، لا الوجوب في أوله خاصة مع كونه متزلزلا ومراعى بعدم تجدد زيادة مؤونة.

____________________

(١) في " ف ": يسير.

(٢) في " ف ": خسارة.

(٣) في " ج ": عن حين.

(*)

٢٧٤

مسألة (٢٦) تقسم الخمس ستة أقسام

المعروف بين الاصحاب أن الخمس يقسم ستة أقسام، بل عن الانتصار(١) والغنية(٢) الاجماع عليه، وعن مجمع البيان(٣) وكنز العرفان(٤) : أنه مذهب أصحابنا، وعن الامالي(٥) : أنه من دين الامامية، لظاهر قوله تعالى: (واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ) الآية(٦) .

ويدل عليه الاخبار المستفيضة كموثقة ابن بكير عن بعض أصحابنا

____________________

(١) الانتصار: ٨٦.

(٢) الغنية (الجوامع الفقهية): ٥٠٧.

(٣) مجمع البيان ٢: ٥٤٣.

(٤) كنز العرفان ١: ٢٥٠.

(٥) الامالي للصدوقرحمه‌الله : ٥١٦، المجلس الثالث والتسعون.

(٦) الانفال: ٤١.

(*)

٢٧٥

عن أحدهماعليهما‌السلام : " في قوله تعالى: (واعلموا أنما غنمتم من شئ) قال: خمس الله للامام، وخمس الرسول للامام، وخمس ذوي القربى لقرابة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله والامامعليه‌السلام ، واليتامى: يتامى آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم، والمساكين: مساكينهم وأبناء السبيل منهم، فلا يخرج منهم، إلى غيرهم"(١) .

ونحوها: مرفوعة الحسن بن علي عن بعض أصحابنا(٢) : " قال: الخمس من خمسة أشياء - إلى أن قال -: وأما الخمس فيقسم ستة أقسام: سهم لله، وسهم للرسول، وسهم لذي القربى، وسهم لليتامى، وسهم للمساكين، سهم لابناء السبيل، فالذي لله فرسوله صلى الله الله عليه وآله أحق به، والذي للرسول هو لذي القربى والحجة في زمانه، النصف لهعليه‌السلام والنصف لليتامى والمساكين وأبناء السبيل من آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله الذين لا تحل لهم الصدقة "(٣) .

وخبر يونس: " قال: يقسم الخمس ستة أقسام: سهم لله تعالى، وسهم لرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وسهم لذي القربى، وسهم لليتامى، وسهم للمساكين، وسهم لابناء السبيل "(٤) .

____________________

(١) الوسائل ٦: ٣٥٦، الباب الاول من أبواب قسمة الخمس، الحديث ٢، مع أختلاف يسير.

(٢) في الوسائل: أحمد بن محمد، عن بعض أصحابنا.

(٣) الوسائل ٦: ٣٥٩، الباب الاول من أبواب قسمة الخمس، الحديث ٩، مع اختلاف يسير.

(٤) لم نعثر على هذه الرواية، إلا أن الشيخرحمه‌الله قال في التهذيب ٤: ١٢٨، ذيل الحديث ٢ في ضمن نقله لرواية حماد: " وفي رواية يونس: أصبتها في بعض = (*)

٢٧٦

ومرسلة حماد بن عيسى عن بعض أصحابنا عن العبد الصالحعليه‌السلام : " قال: يقسم الخمس ستة أقسام: سهم لله، وسهم لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم، وسهم لذي القربى، وسهم لليتامى، وسهم للمساكين، وسهم لابناء السبيل، فسهم الله وسهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لاولي الامر من بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فله ثلاثة أسهم: سهمان، وسهم مقسوم له من الله، فله نصف الخمس كملا، ونصف الخمس الباقي بين أهل بيته "(١) [ إلى غير ذلك من الاخبار ](٢) .

التي لا يقدح ضعفها بعد الانجبار با عرفت،

قول بالتقسم خمسة أقسام

خلافا للمحكي عن شاذ من أصحابنا فأسقط منهم رسول الله(٣) صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم، وهذا القائل غير معروف كما في المسالك(٤) ، وإن حكى بعض(٥) استظهار كونه ابن الجنيد إلا أن المحكي عنه في المختلف(٦) : موافقة المشايخ الثلاثة وباقي علمائنا.

وكيف كان، فليس له ما يتوهم إمكان الاستدلال به عدا صحيحة ربعي بن عبدالله عن أبي عبداللهعليه‌السلام : " قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

____________________

كتبه.. ".

(١) الوسائل ٦: ٣٥٨، الباب الاول من أبواب قسمة الخمس، الحديث ٨، مع اختلاف في التعبير.

(٢) ما بين المعقوفتين من " ف ".

(٣) المنسوب إلى هذا القائل هو حذف سهم الله لا حذف سهم الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم راجع الجواهر ١٦: ٨٩.

(٤) المسالك ١: ٤٧٠.

(٥) لم نعثر عليه.

(٦) المختلف ٣: ٣٢٥.

(*)

٢٧٧

إذا أتاه المغنم أخذ صفوه وكان له ذلك، ثم يقسم ما بقي خمسة أخماس ويأخذ خمسه، ثم يقسم الاربعة أخماس بين الذين قاتلوا عليه، ثم يقسم الخمس الذي أخذه خمسة أخماس، يأخذ خمس الله عزوجل لنفسه، ثم يقسم الاربعة أخماس بين ذوي القربى واليتامى والمساكين وأبناء السبيل، يعطي كل واحد منهم خمسا، وكذلك الامامعليه‌السلام يأخذ كما أخذ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم "(١) .

وأجاب عنه في المختلف(٢) كما عن جماعة(٣) ممن تبعه، أنه حكاية فعل، فلعلهصلى‌الله‌عليه‌وآله أخذ دون حقه توفيرا للباقي على باقي المستحقين.

واستبعده جماعة(٤) ، منهم: صاحب المدارك(٥) : بمنافاة ذلك لقولهعليه‌السلام في ذيل الرواية: " والامامعليه‌السلام يأخذ كما يأخذ الرسول ".

أقول: هو كذلك إن حملنا الجملة على الوجوب والتعيين، وأما إذا حملناه على حكاية فعل الامامعليه‌السلام أيضا أو على أن المراد التسلط على أخذ صفو المغنم واستحقاق ذلك، فلا منافاة.

____________________

(١) الوسائل ٦: ٣٥٦، الباب الاول من أبواب قسمة الخمس، الحديث ٣، مع اختلاف في التعبير.

(٢) المختلف ٣: ٣٢٦.

(٣) منهم المحقق الاردبيلي في مجمع الفائدة ٤: ٣٢٧، وفي الجواهر(١٦: ٨٩) أيضا تصريح بهذا المعنى.

(٤) منهم ابن فهد الحلي في المهذب البارع ١: ٥٦١، والمحدث البحراني في الحدائق ١٢: ٣٧٣.

(٥) المدارك ٥: ٣٩٧.

(*)

٢٧٨

وحمله على وجوب الاخذ في مقابلة نفي جواز أخذ الزائد لعله بعيد عن المقام، حيث إن توهم عدم الاستحقاق عليه المركوز في أذهان الناس وإطباق الجمهور على عدم ثبوته بعد موت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أولى بالدفع من توهم جواز أخذ الزائد.

غاية الامر تساويه لما ذكر من أحد الاحتمالين، فلا يصلح الاستشهاد به، لمخالفة ظاهر الكتاب والسنة المستفيضة المعتضدة، بالعمل، مع أن المحكى عن جماعة(١) حملها على التقية لاشتهار مضمونها بين العامة.

____________________

(١) منهم المحدث البحراني في الحدائق ١٢: ٣٧٣، والمحقق القمي في الغنائم: ٣٧٧.

(*)

٢٧٩

مسألة (٢٧) المراد بذي القربى: الامام (ع)

المشهور بين أصحابنا هو أن المراد بذي القربى هو الامامعليه‌السلام ، وهو المحكي عن المشايخ الثلاثة(١) وابن زهرة(٢) وابن حمزة(٣) وابن ادريس(٤) وسلار(٥) والفاضلين(٦) والشهيدين(٧) والمحقق الثاني(٨) وغيرهم، وعن

____________________

(١) النهاية: ١٩٨، المقنعة: ٢٧٨ الانتصار: ٨٧.

(٢) الغنية (الجوامع الفقهية): ٥٠٧.

(٣) الوسيلة: ١٣٧.

(٤) السرائر ١: ٤٩٢.

(٥) المراسم: ١٤٠.

(٦) المعتبر ٢: ٦٢٧، المختلف ٣: ٣٢٧.

(٧) البيان: ٣٤٩، الروضة ٢: ٧٩.

(٨) لم نعثر على تصريح منهقدس‌سره غير أنه لم يعلق على عبارة العلامةرحمه‌الله ، حيث قال: " وذو القربى، وهو الامام " انظر جامع المقاصد ٣: ٥٣.

(*)

٢٨٠