كتاب الخمس

كتاب الخمس0%

كتاب الخمس مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 384

كتاب الخمس

مؤلف: الشيخ مرتضى الأنصاري
تصنيف:

الصفحات: 384
المشاهدات: 216534
تحميل: 5121

توضيحات:

كتاب الخمس
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 384 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 216534 / تحميل: 5121
الحجم الحجم الحجم
كتاب الخمس

كتاب الخمس

مؤلف:
العربية

مسلم(١) الاقتصار على بطون الاودية ورؤوس الجبال، ولا يبعد عدم القول بالفصل بين الثلاثة.

وهل تختص بالامام حتى المملوكة لغيره؟

وهل هي مختصة بالامامعليه‌السلام ولو كانت من الارض المملوكة لغير الامام من مالك خاص أو عام كالمفتوحة عنوة؟ مقتضى إطلاق النصوص وأكثر الفتاوى ذلك، مضافا إلى أنه مقتضى جعل هذه الثلاثة أو بعضها في الاخبار قسيما للارض المختصة بهعليه‌السلام ، إذ لو أختصت بالموجود منها في أرض الامامعليه‌السلام لم يكن وجه لعدها من الانفال، بل هي حينئذ في كل أرض تابعة لها.

خلافا - في رؤوس الجبال - للمحكي عن المعتبر(٢) والسرائر(٣) والمدارك(٤) .

وفي نسبة القول إلى المعتبر نظر، ولعله لعدم نهوض الاخبار لاثبات حكم مخالف للاصل.

وفيه - بعد الغض عن منع مخالفته للاصل مطلقا -: أن الاخبار ناهضة ولو بمعونة إطلاق فتوى الاصحاب كما نسبه إليهم في المدارك(٥) كما عن الذخيرة(٦) ، وحمله على ما في الارض المختصة بهعليه‌السلام ينافي جعله قسما مستقلا.

____________________

(١) الوسائل ٦: ٣٧١، الباب الاول من أبواب الانفال، الحدث ٢٢.

(٢) المعتبر ٢: ٦٣٣.

(٣) السرائر ١: ٤٩٧.

(٤) المدارك ٥: ٤١٦.

(٥) المدارك ٥: ٤١٥.

(٦) الذخيرة: ٤٨٩.

(*)

٣٤١

وخلافا - في الاخيرين(١) - للمحكي عن الاخيرين(٢) لما ذكر وتوقف في الاخير منهما الفاضلان في المعتبر(٣) والمنتهى(٤) .

ثم إن الثمرة في رؤوس الجبال وبطون الاودية قليلة، لكونهما غالبا مواتا.

المراد من الآجام

والآجام: جمع " أجمة " بالتحريك - كقصبة يجمع على أجم كقصب، والآجام جمع أيضا - أو جمع جمع، والاجمة: الارض المملوء‌ة قصبا أو نحوه، كما في الروضة(٥) .

وفي حاشيتها للمدقق الخوانساري: أنه المعروف في معناها(٦) ، وفي القاموس: أنها الشجر الكثير الملتف، وكأنه سقط منه لفظة " ذات "(٧) ، إنتهى.

وكيف كان، فالمراد أن الارض المستأجمة نفسها بما فيها من الانفال نظير رؤوس الجبال وبطون الاودية لا نفس القصب والشجر وإن كان ذلك مما يدل عليه ظاهر لفظ القاموس كالمحكي عن المصباح المنير(٨) .

____________________

(١) اي: بطون الاودية والآجام.

(٢) المدارك ٥: ٤١٦، الذخيرة: ٤٨٩.

(٣) المعتبر ٢: ٦٣٣.

(٤) لم نعثر عليه في المنتهى.

(٥) الروضة البهية ٢: ٨٤.

(٦) حاشية الروضة: ٣٤١.

(٧) القاموس المحيط ٤: ٧٣، مادة: " أجم ".

(٨) المصباح المنير ١: ٦، مادة: " أجم ".

٣٤٢

الارض المستأجمة للامام

وكيف كان، فالاقوى أن الارض المستأجمة للامام كالموات، بل هي منها، فإذا وقعت في ملك مالك لم يملكها، بل يملكها الامام.

نعم، لو استؤجم

المملوكة لغير الامام إذا استؤجمت

شئ من الارض المملوكة لشخص خاص أو مطلق المسلمين، فالاقوى عدم صيرورته للامام، بل هو نظير ما لو ماتت بغير الاستئجام، فانه قد مر أنها لا تخرج عن ملك مالكها بالموت، إلا إذا كان ملكها بالاحياء على قول.

لكن لا يبعد عدم خروجها عن الملك إذا كان موتها بالاستئجام ولو على ذلك القول، إذ لا يبعد أن يخص القائل بكون الموت مخرجا عن ملك المحيي ما كان على وجه لا ينتفع به، لا مثل الاستئجام.

وجه تخصيص الآجام بالذكر

ومما ذكرنا يظهر وجه تخصيص الآجام بالذكر في النصوص والفتاوى مع ذكر الموات، فإن المراد بها الموات على غير وجه الاستئجام، فإن المستأجمة كالارض الحية من حيث الانتفاع بشجرها، بل الحكم كذلك في رؤوس الجبال وبطون الاودية إذا فرض طروهما(١) في ملك مالك، وإن كان الاول منهما كالمحال عادة.

وإلى ما ذكرنا أشار المحقق الاردبيلي(٢) بأن(٣) هذه الثلاثة - يعني رؤوس الجبال وبطون الاودية والآجام - داخلة في الموات إلا أن ذكرها للتوضيح، واحتمال صرف الموات إلى غيرها.

فتحصل مما ذكرنا: أن القائلين بكون الآجام للامامعليه‌السلام ولو كانت في ملك الغير، إن أرادوا أنها له ولو صارت ملك الغير أجمة، فلا دليل لهم على ذلك إلا على القول بخروج الارض بمطلق الموت عن الملك، ولو فرض حدوثه بالبيع والشراء وهو بعيد.

____________________

(١) في " ع " وج " طرؤها.

(٢) مجمع الفائدة ٤: ٣٣٤.

(٣) في " م ": على أن.

(*)

٣٤٣

وإن أرادوا أن الآجام للامام وإن وقعت في ملك الغير، بأن كان استئجامه قبل ملك الغير للارض المشتملة عليها فهو حسن.

المرجع في الآجام: العرف

ثم إن المرجع في الآجام إلى العرف، فلا يعد مثل ذراع أو ذراعين مملوء‌ة قصبا أجمة.

حكم سيف البحر

ثم إن بعضهم(١) ذكر من الانفال سيف البحار - بكسر السين - أي ساحلها، ولم أقف على دليل يدل عليه بالخصوص، فالواجب الرجوع فيه إلى العمومات، فإن كان الساحل مملوكا لشخص أو أشخاص - ولو قاطبة المسلمين - فحكمه حكم غيره من المملوكات، وإن كان مواتا فهو للامام.

وإن كانت(٢) حية، بمعنى قابليتها للانتفاع بها، لقربه من البحر فيسقي زرعه من جهة قرب عروقه أو بمد البحر، ففي كونه من المباحات يجوز لكل أحد التصرف فيها، أو من الانفال، لانه قد عد منها في غير واحد من الاخبار " كل أرض لا رب لها "(٣) ، مضافا إلى عموم ما دل على " أن الارض كلها لنا "(٤) ، وجهان.

صفايا الملوك وقطائعهم

ومنها: صفايا الملوك وقطائعهم، وضبطها في المعتبر(٥) والمنتهى(٦)

____________________

(١) كالمحقق في الشرائع ١: ١٨٣.

(٢) كذا في النسخ، والمناسب: تذكير الضمير فيه وفي ما بعده، لرجوعه إلى " الساحل " لا " الارض " المقدرة.

(٣) الوسائل ٦: ٣٦٤، الباب الاول من أبواب الانفال، الاحاديث ٤، و ٢٠ و ٢٨.

(٤) الوسائل ١٧: ٣٢٩، الباب ٣ من أبواب إحياء الموات، الحديث ٢.

(٥) المتعبر ٢: ٦٣٣.

(٦) المنتهى ١: ٥٥٣.

(*)

٣٤٤

المراد من الصفايا

والمدارك(١) وظاهر المسالك(٢) ما يختص به ملكهم من الاراضي وغيرها، وبهذا التعميم وردت الروايات، منها المرسلة المتقدمة وفيها: " وله صوافي الملوك ما كان في أيديهم على غير وجه الغصب "(٣) ففي موثقة سماعة: " الانفال كل أرض خربة أو شئ يكون للملوك، فهو خالص للامام "(٤) وفي حسنة إسحقاق بن عمار المروية عن تفسير القمي: أن " ما كان للملوك فهو للامام "(٥) ، ونحوها المروي عن العياشي(٦) بسنده عن أبي جعفرعليه‌السلام ، وفي الصحيحة عن داود بن فرقد المتقدمة: " أن قطائع الملوك كلها للامام "(٧) .

نعم، صرح في حاشية الشرائع بأن المراد منها: ما يصطفيه الملوك لنفسهم من الاموال النفيسة(٨)، ويؤمي إليه أيضا المحكي عن مجمع الفائدة حيث قال: إن أصل الصفايا من الصفو، وهو اختيار ما يريد من الامور الحسنة، إلا أن المراد بها غير القرى، لاتصافها بالقطائع وهي القرى

____________________

(١) المدارك ٥: ٤١٦.

(٢) المسالك ١: ٤٧٤.

(٣) الوسائل ٦: ٣٦٥، الباب الاول من أبواب الانفال، الحديث ٤.

(٤) الوسائل ٦: ٣٦٧، الباب الاول من أبواب الانفال، الحديث ٨.

(٥) تفسير القمي ١: ٢٥٤، والوسائل ٦: ٣٧١، الباب الاول من أبواب الانفال، الحديث ٢٠.

(٦) تفسير العياشي ٢: ٤٨، الحديث ١٧، والوسائل ٦: ٣٧٢، الباب الاول من أبواب الانفال، الحديث ٣١.

(٧) الوسائل ٦: ٣٦٦، الباب الاول من أبواب الانفال، الحديث ٦.

(٨) حاشية الشرائع (مخطوط): ٥٣، وفيها " من الاشياء النفيسة ".

(*)

٣٤٥

والبساتين والباغات المخصوصة(١) ، ولا ثمرة مهمة في تحقيق هذا بعد ما عد في النصوص(٢) والفتاوى(٣) من الانفال كل ما يصطفيه الامام من الغنائم قبل القسمة.

____________________

(١) مجمع الفائدة ٤: ٣٣٤، مع اختلاف يسير.

(٢) راجع الوسائل ٦: ٣٦٤، الباب الاول من أبواب الانفال، الاحاديث ٤ و ١٥ و ٢١.

(٣) أنظر المبسوط ١: ٢٦٣، والسرائر ١: ٤٩٧، والشرائع ١: ١٨٣.

(*)

٣٤٦

مسألة (١) ما يغنمه المقاتلون بغير إذن الامام

المعروف بين المشايخ الثلاثة(١) وأتباعهم(٢) - قدس الله أسرارهم - أن ما يغنمه المقاتلون بغير إذن الامام فهو للامامعليه‌السلام خاصة، وعن الحلي(٣) دعوى الاجماع عليه، والاصل فيه مرسلة العباس الوراق: " إذا غزا قوم بغير إذن الامامعليه‌السلام فغنموا كانت الغنيمة للامامعليه‌السلام وإذا غزوا بإذن الامامعليه‌السلام فغنموا، كان للامام الخمس "(٤) وسندها سند منجبر بعدم معروفية

____________________

(١) المبسوط ١: ٢٦٣، ولم نعثر على قول المفيد والسيد في كتبهما.

نعم، نسب إلى الثلاثة في المعتبر وغيره، انظر المعتبر ٢: ٦٣٥.

(٢) انظر المهذب ١: ١٨٦، والوسيلة: ٢٠٢.

(٣) السرائر ١: ٤٩٧، و ٢: ٤، وليس فيه دعوى الاجماع، وحكاه السبزواري في الذخيرة: ٤٩٨.

(٤) الوسائل ٦: ٤٦٩، الباب الاول من ابواب الانفال، الحديث ١٦.

(*)

٣٤٧

الخلاف، بل عن المنتهى(١) والمسالك(٢) : أنه مذهب الاصحاب.

وربما يستشهد للمطلب(٣) بحسنة معاوية بن وهب(٤) بابن هاشم في الكافي - في باب قسمة الغنيمة - عن أبي عبداللهعليه‌السلام : " عن السرية يبعثها الامام فيصيبون غنائم، كيف يقسم؟ قال: إن قاتلوا عليها مع أمير أمره الامام اخرج منها الخمس لله والرسول، وقسم بينهم ثلاثة أخماس، وإن لم يكونوا قاتلوا عليها المشركين كان كلما غنموا للامام، يجعل حيث أحب "(٥) .

ولا يخفى عدم دلالتها على المطلوب م إلا إذا اعتبر مفهوم القيد في قوله: " مع أمير أمره الامام " مع تأمل فيه أيضا، لان المفروض أن ضمير " قاتلوا " راجع إلى السرية التي يبعثها الامام، فالقيد لا يكون للتخصيص قطعا.

القول بأنها كالغنيمة

ثم إن صاحب المدارك(٦) حكى عن المنتهى(٧) تقوية أن هذه الغنيمة تساوي غيرها في أنه ليس فيها إلا الخمس، واستجوده، لاطلاق الآية وضعف الرواية، وحسنة الحلبي عن أبي عبداللهعليه‌السلام : " في الرجل من أصحابنا يكون في لوائهم فيكون معهم فيصيب غنيمة فقال: يؤدي خمسنا

____________________

(١) المنتهى ١: ٥٥٤.

(٢) المسالك ١: ٤٧٤.

(٣) راجع الجواهر ١٦: ١٢٧.

(٤) كذا في المصدر، وفي النسخ: معاوية بن عمار.

(٥) الكافي ٥: ٤٣، باب قسمة الغنيمة، الحديث الاول، وفيه: للرسول وقسم بينهم أربعة أخماس.

(٦) مدارك الاحكام ٥: ٤١٨.

(٧) المنتهى ١: ٥٥٤.

(*)

٣٤٨

ويطيب له "(١) .

وهذه الحسنة مع عدم مقاومتها للمرسلة من حيث العمل، قابلة للحمل على تحليل الامامعليه‌السلام ما عدا الخمس له، كما أنه حلل الكل في زمان الغيبة على قول يأتي، مع أحتمال حملها على التقية، على ما سيجئ.

مناقشة نسبة ذلك إلى العلامة

وأما ما نسبه إلى العلامة في المنتهى فهو المحكي منه في كتاب الخمس حيث إنه - بعد حكاية قول الشافعي بمساواة ما يغنم بغير إذن الامامعليه‌السلام بما يغنم بأذنه مستدلا بالآية الشريفة، والجواب عنها: بأن الآية تدل على وجوب إخراج الخمس لا على بيان المالك - قال: " وإن كان قول الشافعي فيه قوة "، إنتهى(٢) .

لكن المحكي عنه في موضعين من كتاب الجهاد موافقة المشهور، وقال: " إن كل من غزا بغير إذن الامام فغنم كانت غنيمته للامام عندنا "(٣) .

عدم وجوب الخمس فيه

ثم إن ظاهر المرسلة وظاهر أكثر الفتاوى، بل صريح بعض: عدم وجوب الخمس في هذه الغنيمة، وكون الجميع للامام، وصرح في الروضة(٤) بوجوب الخمس فيه.

توجيه كلام صاحب الروضة

ولا يبعد أن يكون مراده: وجوب الخمس على المغتنم بدون إذن الامام إذا حلل الامام ذلك له، كما نقول به في زمان الغيبة، لا أن(٥) الامامعليه‌السلام لا يملك إلا أربعة أخماس تلك الغنيمة، والخمس الآخر مشترك بينه

____________________

(١) الوسائل ٦: ٣٤٠، الباب ٢ من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث ٨.

(٢) المنتهى ١: ٥٥٤.

(٣) المنتهى ٢: ٩٤٧ و ٩٥٤.

(٤) الروضة البهية ٢: ٦٥.

(٥) في غير " م ": لان.

(*)

٣٤٩

وبين قبيله، وإن كان ظاهر الآية والجواب الذي تقدم عن العلامة في رد استدلال الشافعي هو ذلك، وقد فهم ذلك من عبارة الروضة جمال الملة الخوانساري في الحاشية(١) ، [ وفيه نظر، لعدم الدليل على وجوب الخمس، فإن ظاهر الآية ما اغتنم ](٢) فالمغتنم بدون إذن الامام نظير من استخرج كنزا في ملك غيره، فإنه لمالكه وعليه فيه الخمس.

وعلى هذا فلا يبقى لصاحب المدارك حجة على المشهور في الآية الشريفة، لان وجوب الخمس حينئذ لا ينافي كون الكل للامامعليه‌السلام ، كما ذكر العلامة في جواب الشافعي.

مال من لا وارث له

ومن الانفال: مال من لا وارث له - ولو ضامن جريرة - نسبه في المنتهى(٣) إلى علمائنا أجمع، ويدل عليه الاخبار(٤) وقد تقدم بعضها.

____________________

(١) حاشية الروضة: ٢٨٨ - ٢٨٩.

(٢) ما بين المعقوفتين من " ف ".

(٣) المنتهى ١: ٥٥٣.

(٤) الوسائل ٦: ٣٦٥، الباب الاول من أبواب الانفال، الحديثان ٤، و ٦: ٣٦٩، الحديث ١٤.

(*)

٣٥٠

مسألة (٢) كون المعادن من الانفال

المحكي عن الشيخين في المقنعة(١) والنهاية(٢) وسلار(٣) والقاضي(٤) : كون المعادن من الانفال، ونسب(٥) إلى الكليني(٦) وشيخه علي بن إبراهيم القمي(٧) ، ويدل عليه - مضافا إلى ما تقدم في رؤوس الجبال من روايتي أبي بصير(٨) وداود

____________________

(١) المقنعة: ٢٧٨.

(٢) لم نعثر عليه في النهاية. نعم، نسبه في المعتبر إليه، انظر المعتبر ٢: ٦٣٤.

(٣) المراسم: ١٤٠.

(٤) المهذب ١: ١٨٦.

(٥) نسبه السبزواري في الذخيرة: ٤٩٠، وغيره.

(٦) الكافي ١: ٥٣٨، كتاب الحجة، باب الفئ والانفال.

(٧) تفسير القمي ١: ٢٥٤.

(٨) تفسير العياشي ٢: ٤٨، الحديث ١١، والوسائل ٦: ٣٧٢، الباب الاول من أبواب = (*)

٣٥١

بن فرقد(١) المرويتين عن تفسير العياشي - موثقة إسحاق بن عمار المروية عن تفسير علي بن إبراهيم: " قال سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن الانفال؟ قال: هي القرى التي خربت وانجلى أهلها، فهي لله ولرسوله، وما كان من أرض قد خربت لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، وكل أرض لا رب لها، والمعادن منها، ومن مات ولا وارث له وليس له مولى فماله من الانفال "(٢) .

المشهور عدم كونها من الانفال

ويؤيدها: ما دل على أن الارض وما أخرج الله منها لهم(٣) ، وهذا القول لا يخلو عن قوة وإن كان المشهور خلافه سيما في المعادن الظاهرة، استضعافا للروايات السابقة مع القدح في دلالة الموثقة - بعد فرض اعتبارها سندا - بأن قوله " منها " يحتمل أن يكون قيدا للمعادن، فيرجع الضمير إلى " أرض لا رب لها " مع أن المحكي عن بعض النسخ " فيها " بدل " منها"، ولا يخفى ضعف الاحتمالين.

ما يؤيد المشهور ودفعه

نعم، ربما يؤيد المشهور: خلو الروايات الواردة في ثبوت الخمس في المعادن(٤) ، حيث إنها خالية عن التعرض لكونها للامام، مع أن ثبوت الخمس فيها ربما يشعر باختصاص الباقي بالمالك بأصل الشرع لا بتحليل الامام، وإن أمكن دفع هذا بأن مثل هذا يجري في المعادن المأخوذة من

____________________

الانفال الحديث ٢٧.

(١) تفسير العياشي ٢: ٤٩، الحديث ٢١، والوسائل ٦: ٣٧٢، الباب الاول من أبواب الانفال، الحديث ٣٢.

(٢) تفسير القمي ١: ٢٥٤.

(٣) الوسائل ٦: ٣٨٢، الباب ٤ من أبواب الانفال، الحديث ١٢.

(٤) انظر الوسائل ٦: ٣٤٢، الباب ٣ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(*)

٣٥٢

أرض الانفال، فوجوب الخمس لا يدل على كون الباقي للمالك بأصل الشرع، فتعين حينئذ حملها على أن المأخوذ منها بأذن الامام فيه الخمس، كما حكي(١) عن الكليني(٢) وسلار(٣) التصريح به.

____________________

(١) حكاه السبزواري في الذخيرة: ٤٩٠.

(٢) الكافي ١: ٥٣٨، وفيه: فان عمل فيها قوم بأذن الامام فلهم أربعة أخماس وللامام خمس.

(٣) المراسم: ١٤٠، وفيه: فمن تصرف بإذنه فله أربعة أخماس المستفاد منها، وللامام الخمس.

(*)

٣٥٣

مسألة (٣) تحليل الانفال مطلقا

المشهور كما في الروضة(١) تحليل الانفال للشيعة في زمان الغيبة، وظاهر المحكي في المختلف من عبارات الاصحاب عدم تحقق هذه الشهرة، إذ لم ينقل القول بالتحليل مطلقا إلا عن سلار، وحكى عن الحلبي المبالغة في إنكار التحليل واستحقاق المتصرف اللعن، وعن الشيخ والحلي عدم جواز تحليل المناكح والمساكن والمتاجر التصرف في الاخماس والانفال فميا عدا المناكح والمساكن والمتاجر، وعن المفيد: الاقتصار على أول الثلاثة(٢) .

وكيف كان، فمأخذ هذه الشهرة لم أقف عليه، ولذا نسب في الحدائق(٣)

____________________

(١) الروضة البهية ٢: ٨٥.

(٢) المختلف ٣: ٣٣٩ - ٣٤٠، وانظر: المراسم: ١٤٠، والكافي في الفقه: ١٧٤، والنهاية:٢٠٠، والسرائر ١: ٤٩٨، والمقنعة: ٢٨٥.

(٣) الحدائق ١٢: ٤٨١.

(*)

٣٥٤

إلى المشهور اختصاص التحليل بالثلاثة.

نعم، وهو مذهب الشهيدين(١) والمحقق الثاني(٢) وجملة ممن تأخر عنهم(٣) ، ولعله لعموم قولهعليه‌السلام في ادلة التحليل مطلقا رواية يونس بن ظبيان: " ما كان لنا فهو لشيعتنا وليس لعدونا منه شئ إلا ما غصب عليه، وإن ولينا لفي وسع(٤) فيما بين ذه إلى ذه - يعنى بين السماء والارض - ثم تلا هذه الآية: (قل هي للذين آمنوا في الحيوة الدنيا) المغصوبين عليها (خالصة يوم القيمة)(٥) بلا غصب "(٦) .

ورواية الحارث بن المغيرة النصري خطابا لنجية، حيث سأله عن حال فلان وفلان، قال: " يا نجية إن لنا الخمس في كتاب الله ولنا الانفال، ولنا صفو المال، وهما أول من ظلمنا حقنا في كتاب الله - إلى أن قال -: اللهم إنا أحللنا ذلك لشيعتنا، ثم اقبل علينا بوجهه، وقال: يا نجية، ما على فطرة إبراهيم صلوات الله عليه غيرنا وغير شيعتنا "(٧) .

والظاهر المتبادر من الخمس - سيما بقرينة قوله: " هما أول من ظلمنا حقنا " - هو خمس الغنائم، فدلت على إباحة خمس الغنائم والانفال وصفو المال.

ورواية أبي سيار - المتقدمة في خمس الغنائم، وفيها: " يا أبا سيار،

____________________

(١) الدروس ١: ٢٦٤، والبيان: ٣٥٢، الروضة البهية ٢: ٨٥، والمسالك ١: ٤٧٥.

(٢) حاشية الارشاد (مخطوط): ١٠٢.

(٣) كالمدارك ٥: ٤١٩، والجواهر ١٦: ١٣٦.

(٤) في المصدر: أوسع.

(٥) الاعراف: ٣٢.

(٦) الوسائل ٦: ٣٨٤، الباب ٤ من أبواب الانفال، الحديث ١٧.

(٧) الوسائل ٦: ٣٨٣، الباب ٤ من أبواب الانفال، الحديث ١٤.

(*)

٣٥٥

الارض كلها لنا، فما أخرج الله منها من شئ فهو لنا " إلى أن قال: " كل ما كان في أيدي شيعتنا من الارض فهم فيه محللون، ومحلل لهم ذلك حتى يقوم قائمنا الخبر "(١) ، دلت على إباحته جميع الارضين للشيعة، ومقتضى التفريع السابق في قولهعليه‌السلام : " الارض كلها لنا، فما أخرج الله الخ " أن ما أخرج الله من الارض من المعادن والآجام ونحوهما فهو مباح لهم، لاباحة متبوعه أعني الارض، ولا يبقى من الانفال [ إلا](٢) الغنيمة بدون إذن الامام، ومال من لا وارث له، وقد استفاضت الاخبار في الثاني بالتصدق، وأما الاول فيسأتي كلام فيه وفي أمثاله.

ورواية داود بن كثير الرقي، " قال: الناس كلهم يعيشون في فضل مظلمتنا، إلا أنا أحللنا ذلك لشيعتنا "(٣) ويؤيد ذلك، بل يدل [ عليه ](٤) التعليلات الآتية في حل المناكح والمساكن والمتاجر من الخمس والانفال بكون ذلك الحل المأكل والمشرب وطيب الميلاد، فإن هذه العلة جارية في الانفال.

نعم، يشمل سائر الخمس أيضا إلا أنه خرج بما تقدم في خمس المكاسب من الاخبار، مضافا إلى إطلاقات الخمس في مواردها.

وقد(٥) استدل في الدروس(٦) على إباحة الانفال برواية يونس بن يعقوب قال: " كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام إذ دخل عليه رجل من

____________________

(١) الوسائل ٦: ٣٨٢، الباب ٤ من أبواب الانفال، الحديث ١٢، وتقدمت في الصحفة:١١٩.

(٢) من هامش " ف ".

(٣) الوسائل ٦: ٣٨٠، الباب ٤ من أبواب الانفال، الحديث ٧.

(٤) من " ع " و " ج ".

(٥) في " م ": مع أنه قد.

(٦) الدروس ١: ٢٦٤.

(*)

٣٥٦

القماطين، فقال: جعلت فداك تقع في أيدينا الاموال والارباح وتجارات نعلم أن حقك فيها ثابت وإنا عن ذلك مقصورن، فقال أبوعبداللهعليه‌السلام : ما إنصفناكم إن كلفناكم ذلك اليوم"(١) .

ورواية الحارث بن المغيرة النصري عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: " قلت له: إن لنا أموالا من غلات وتجارات ونحو ذلك وقد علمت أن لك فيها حقا، قال: فلم أحللنا ذا(٢) لشيعتنا؟ لتطيب ولادتهم، وكل من والى آبائي فهو في حل مما في أيديهم من حقنا، فليبلغ الشاهد الغائب "(٣) .

مناقشة هذه الادلة

ويرد عليها: أنهما(٤) بالدلالة على سقوط الخمس أو حق الامام منه أولى، فلا بد إما من القول به - ولم يقل المستدل -، وإما من حملهما(٥) على ما تقدم سابقا في مسألة خمس الارباح(٦) وإلا فالاخبار من هذا القبيل كثيرة، إلا إن ظاهرها الاختصاص بالخمس، ولا أقل من شمولها له، الموهن للتمسك بها.

ومن هنا ينقدح النظر فيما قدمنا من الاخبار، حيث إن ظاهرها سقوط مطلق حق الامام، بل مطلق حق بني هاشم مما في أيدي الناس، فلا بد، إما من القول بالعفو عن مطلق الخمس أو حصة الامام، وإما من حمل الاخبار على ما ذكرنا من حملها على صورة عدم التمكن من أخذ حقهم وجباية حقوقهم، بل عدم التمكن من أخذ الفطرة، لادائه إلى الشهرة التي لم يزالوا

____________________

(١) الوسائل ٦: ٣٨٠، الباب ٤ من أبواب الانفال، الحديث ٦.

(٢) في الوسائل وفي هامش " ع ": إذا.

(٣) الوسائل ٦: ٣٨١، الباب ٤ من أبواب الانفال، الحديث ٩.

(٤) في " ع " و " ج " و " ف ": عليها أنها.

(٥) في " ع " و " ج " و " ف ": حملها.

(٦) وقد تقدمت في المسألة في المسائل المستقلة ٨.

(*)

٣٥٧

يكرهونها في أيام الخوف، لادائها إلى إيذائهم أو إيذاء أصحابهم، أو على صورة غلبة الظالم(١) على الشيعة بأخذ الاخماس وغيرها منهم، كما يدل عليه قوله في الرواية الاولى: " ما أنصفناكم إن كلفناكم "(٢) وقولهعليه‌السلام في الرواية الاخرى: " من أعوزه شئ من حقي فهو في حل "(٣) .

وإما من حمل مثل الروايتين على كون السؤال عن الاموال التي يقع بايديهم ممن لا يخمس.

وإما من حملها على صورة تعذر الايصال في زمان الحضور، وإما غير ذلك.

والقول بأن العمومات المتقدمة يعمل بها في غير موضع التخصيص، وإن كان غير مخالف للقاعدة، إلا أن المظنون عدم التخصيص في هذه الاخبار، فلا بد إما من العمل بعمومها في الانفال والخمس، وإما من حملها على أحد ما تقدم.

وبالجملة: فتحليل مال الغير الثابت له بالادلة القطعية بهذه الاخبار المشتبهة دلالة المعارضة بما تقدم في خمس المكاسب، في غاية الجرأة، بل ربما يمكن القول بعدم اعتبار مطلق الظن هنا وإن كان قويا، لان المسألة من تأييد الحكم بالتحليل بشهادة جماعة الموضوعات دون الاحكام، ولذا أيد الحكم بالحلية بعض مشايخنا المعاصرين(٤) بأنه قد شهد جملة من العلماء، كالديلمي في المراسم(٥)

____________________

(١) في " ف " و " ع " و " ج ": الظلم.

(٢) تقدمت في الصفحة السابقة.

(٣) الوسائل ٦: ٣٧٩، الباب ٤ من أبواب الانفال، الحديث ٢.

(٤) لم نقف عليه.

(٥) المراسم: ١٤٠.

(*)

٣٥٨

والعلامة(١) وابن سعيد في الجامع(٢) بحصول التحليل من الامامعليه‌السلام فتقبل شهادتهم، بناء على اعتبار استناد الشاهد في شهادته إلى الحس.

لكن هذا التأييد كما ترى، لانا نعلم استنادهم على اجتهادهم الظني في المسألة الخلافية، فلا يصدق عليه الشهادة.

التأييد بالسيرة ومثله في الضعف: تأييد المطلب أو الاستدلال له باستقرار سيرة الشيعة على التصرف من غير نكير، ولم يلتزم أحد بالمعاملة فيها معاملة حق الامامعليه‌السلام في زمان الغيبة، وبلزوم الحرج والضيق لو منعوا إلا بعوض.

جواز التصرف في الموات خاصة

فالظاهر: أن ما عدا الموات من الانفال لم يحصل لنا اطمئنان بجواز التصرف فيه لاى شخص وعلى أي وجه، وغاية ما وصل إلينا: الاخبار المتقدمة التي ذكرناها، مؤيدة بأن عموم البلوى في هذه الامور يقتضي وجوب رسم التصرف(٣) الخاص فيها لو لم يأذن الائمة لشيعتهم على الاطلاق، فأنه من أهم ما يجب أن يبين، مع أنه لو لم يتصرف فيها الشيعة لبقي إما بغير تصرف(٤) وإما أن يتصرف فيها غيرهم ولا فائدة للمالك في ذلك، فالاذن منهعليه‌السلام تصدق منه على الناس بذلك صدقة عامة كما سيجئ(٥) في صدقة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه على الناس بتحليل المناكح وغيرها من السبي والغنائم.

____________________

(١) القواعد ١: ٦٢.

(٢) الجامع للشرائع: ١٥١.

(٣) في " ع " و " ج ": المصرف.

(٤) في " ع " و " ج ": مصرف.

(٥) يأتي في الصفحة: ٣٧٨.

(*)

٣٥٩

واحتمال اختصاص هذه الصدقة بالفقراء مطلقا، أو فقراء بني هاشم، أو مطلقهم، أو العدول من الناس أو بني هاشم، موهون بأن المعتاد المتعارف من التصدق بأمثال هذه الامور العامة: عدم التخصيص بأحد، كما في الاوقاف المطلقة والقنوات والخانات ونحو ذلك.

مضافا إلى أن المنع عن التصرف مجانا حرج مخالف للطف، لانه موجب لوقوع كثير من الناس في المعصية، حيث إن أغلب النفوس يصعب عليهم دفع العوض في مقابل هذه الامور، فكأنها عندهم من المباحات الاصلية، فيقعون في معصية الارتكاب، بل يعرض(١) الفساد لعباداتهم ومناكحهم، وهذا الوجه مستفاد من تعليل الامام حلية المناكح فيما يأتي بطيب الولادة، فإن معنى ذلك: أنه لو لم يحل ذلك لوقع غالب الناس في الزنا، من جهة عدم المبالاة في إخراج حقنا، وإلا فعدم التحليل بنفسه لا يستلزم خبث الميلاد.

[ ويمكن أن يستدل على حل الانفال كلية بما ورد من تحليل الخمس والفئ ](٢) .

الظن القوي بالاذن المطلق

وبالجملة، فالظن القوي الحاصل بالاذن المطلق في الانفال لشيعتهم، ويمكن العمل بهذا الظن من باب جعله كبعض التصرفات مثل الوضوء والشرب من مال الغير، بل تصرفنا في أملاك الامامعليه‌السلام أدون من الشرب من قناة الغير، مع أنه يمكن العمل هنا بالظن وإن كان من الموضوعات، نظرا إلى اشتراك المسألة مع الاحكام في انسداد باب العلم،

____________________

(١) في " ع " و " ج ": معرض.

(٢) ما بين المعقوفتين من " م ".

(*)

٣٦٠