• البداية
  • السابق
  • 186 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 19323 / تحميل: 4655
الحجم الحجم الحجم
تقريرات ثلاثة

تقريرات ثلاثة

مؤلف:
العربية

فصل في الطوارىء

اذا تغير العين المغصوبة، فاما ان يكون تغيرها بالزيادة، او النقصان وكل واحد منهما اما بالقيمة او العين او الوصف، واما بالمزج بالأردى او الأجود، أو المساوي فهنا مسائل(١) :

(الاولى) لو نقص قيمته السوقية، فعن العلامةرحمه‌الله الاجماع على عدم ضمان هذا النقص الا عن أبي ثور (أو(٢) عن أبي حنيفة) من العامة، لأن(٣) ضمان القيمة متأخر من ضمان العين، فمادامت باقية لاتكون مضمونة بالقيمة ابدا، وقاعدة اليد لا تدل على ازيد من ضمان نفس العين، لان المأخوذ هو العين والمالية التالفة فرضية لم تكن موجودة قط للمالك، الا على تقدير بيعها.

نعم لو قلنا: ان الدليل على الضمان قاعدة الضرر، يمكن ان يقال بالضمان.

لكن فيه - مضافا الى عدم كونها دليلا انه ممنوع أيضا فانه ليس ضرر، الذي هو عبارة - كما تقدم - عن سلب المالية عن الغير، والقيمة السوقية المفروضة ليست مالا للمغصوب منه كما لايخفى على المتأمل.

(وتوهم) ان الدليل(٤) كما يدل على ضمان العين، يدل على

____________________

(١) لقد أفاده سيدنا الأستاذ الأكبرقدس‌سره الشريف تسع مسائل وفقنا الله لأداء بعض حقوقه، ولعل البواقي مندرجة فيها.

(٢) الترديد مني.

(٣) علة كونه مجمعا عليه.

(٤) وهو قاعدة اليد.

١٦١

ضمان الأوصاف الحقيقية والاعتبارية، وكون العين قيمتها كذا مثلا، من الأوصاف الاعتبارية فيضمنها الغاصب - كما يظهر هذا التوهم من بعض(١) الأعاظمقدس‌سره .

(مدفوع) بأن رواج القيمة السوقية وزيادة رغبات الناس فيها باختلاف الأحوال والأزمان، ليس من الأوصاف كما لايخفى.

(واحتمال) ان النقص هنا كالنقص في صورة التلف، فكما هو مضمون على القول بلزوم اعلى القيم، فكذا هنا (مدفوع) بالفرق، فان ذلك في صورة التلف مع عدم كونها مثلية والمفروض بقائها على ما هي عليه.

وقياس المسئلة بالمنافع التالفة لكونها مضمونة مطلقا(٢) ، قياس مع الفارق فان المنافع عند اعتبار العقلاء من متعلقات العين فهي مضمونة بالتبع، بخلاف الفرض الذي هو عدم النقصان من العين.

(فان قلت): قد افتى بعضهم بضمان الدرهم المغصوب اذا اسقطه السلطان عن الرواج بالدرهم الرائج المتجدد وما هذا الا باعتبار نقصان القيمة، والا فالعين موجودة.

(قلت): نعم روى رواية في باب بيع الصرف من التجارة دالة على لزوم رد المستقرض ما هو الثابت في ذمة المقترض.

مثل ما رواه محمد بن يعقوب الكلينيرحمه‌الله ، عن علي بن ابراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، قال: كتبت الى الرضاعليه‌السلام : لي على رجل ثلاثة آلاف درهم وكانت تلك الدراهم تنفق بين الناس تلك الأيام وليست تنفق اليوم فلي عليه تلك الدراهم بأعيانها او ما ينفق اليوم

____________________

(١) لم أذكر من المراد من هذا البعض.

(٢) سواء كانت مستوفاة أم غير مستوفاة منهقدس‌سره .

١٦٢

بين الناس؟ قال: فكتب الي: لك أن تأخذ منه ما ينفق ين الناس كما اعطيه ما ينفق بين الناس(١) .

الا انها - مضافا الى كونها معارضة - لما رواه الشيخ باسناده، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى، عن يونس، قال: كتبت الى أبي الحسن الرضاعليه‌السلام انه كان لي على رجل عشرة دراهم وان السلطان اسقط تلك الدراهم وجائت دراهم (بدراهم خ ل) أعلى من تلك الدراهم الاولى ولها اليوم وضيعة فأي شيء لي عليه، الاولى التي اسقطها السلطان ام الدراهم التي أجازها السلطان؟ فكتب: لك الدراهم الاولى(٢) .

وباسناده، عنه ايضا، عن محمد بن عبد الجبار، عن العباس بن صفوان، قال: سأله معاوية بن سعيد، عن رجل استقرض دراهم عن رجل وسقطت تلك الدراهم أو تغيرت فلا يباع بها شيء ألصاحب الدراهم، الدراهم الاولى او الجائزة التي تجوز بين الناس؟ فقال: لصاحب الدراهم، الدراهم الاولى(٣) غير(٤) ما نحن فيه فان المفروض فيها كون ما على الرجل كليا، وكون الداهم الاولى قد تلفت والمفروض في المقام بقائها بعينها.

وكيف كان فالأظهر(٥) عدم لزوم تفاوت القيمة السوقية على تقدير

____________________

(١) الوسائل باب ١٠ حديث ١ من ابواب الصرف، ج١٢ ص٤٨٧.

(٢) الوسائل باب ١٠ حديث ٢ من ابواب الصرف، ج١٢ ص٢٨٨.

(٣) الوسائل باب ٢٠ حديث ٤ من ابواب الصرف، ج١٢ ص٢٨٨.

(٤) خبر لقوله: الا انها الخ.

(٥) بل لا اشكال فيه اصلا منهقدس‌سره .

١٦٣

النقصان من قبلها (الثانية) لو نقص جزء من المغصوب، فاما ان يكون له في الشرع مقدار أو لا، وعلى التقديرين اما ان يكون بفعل الغاصب او غيره، فان كان له في الشرع مقدر ويكون نقصان الجزء بفعل الغاصب فعليه رد المقدر مع رد العين كما اذا جنى على العبد المغصوب وأخرج احد عينيه او كليهما يلزم على الغاصب رد نصف القيمة(١) او تمامها(٢) ، وكما اذا غصب عبدا فجعله خصيا فعليه رد العبد مع رد تمام القيمة الذي قدره الشرع لحناية الانثيين.

وان كان نقصان الجزء بفعل الغير، فربما يزيد قيمته على قيمة فاقدهما فالأظهر كونه كالأول في ضمانه تمام القيمة، لان المفهوم من ادلة الجنايات كون القيمة المقدرة شرعا قيمة لهما مطلقا (وبعبارة اخرى) جعل الشارع لهذه الأجزاء مثلا هذه المقدرات(٣) .

فعلى تقديره كذلك فلا يشكل بأن المتيقن من ضمان الغاصب فيما اذا كان التغير موجبا لنقصان المالية لا مطلقا فانه يدفع بأنه كذلك اذا لم يقدر له في الشرع مقدر كما اذا فرض انه غصب جارية سمينة على غير المتعارف فهزلت ووصلت الى حد المتعارف فانه ليس ضامنا لما فات منها من السمن.

(الثالثة) لو نقص وصفا فهو ضامن له فيقوم واجدا له وفاقدا فيؤخذ بالتفاوت مع رد العين.

____________________

(١) في الأول منه (قده).

(٢) في الثاني منه (قده).

(٣) يمكن ان يقال ان المقدرات بحذاء الجنايات حكم تعبدي لا انها قيمة لها مطلقا، كيفما تلفت.

١٦٤

وكذا لو مرضت العين عند الغاصب يضمن وصف الصحة على الظاهر لأن لها عند العرف قيمة، فلو عاد السمن أو وصف الصحة في الفرض، فهل يضمن ايضا ما فاته من السمن او الصحة اولا؟ فعن العلامة في التذكرة ضمانه في الأول دون الثاني لأن السمن الحادث قد حدث في ملك المغصوب منه وهو نماء متجدد هبة من الله تعالى شأنه وما فقد عند الغاصب فهو مضمون عليه بخلاف الثاني، فان وصف الصحة ليست تالفة بعد عودها بنظر العرف.

ويمكن ان يقال بعدم الفرق بينهما، بل اما ضامن مطلقا او ليس بضامن مطلقا، وكذا لو غصب حبا فزرعه فنمائه لمالك الحب قطعا وهل يجب عليه الأداء لقيمة الحب فيه ايضا؟ وجهان، وكذا لو غصب عبدا كاتبا فرده غير كاتب، فيه ايضا وجهان.

والأولى ان يقال في هذه الموارد: كل ما يصدق عليه التأدية للمغصوب بعينه ولو بالمسامحة العرفية، لايلزم عليه غرامة التالف كما في مسئلة تلف وصف الصحة ومسئلة الكتابة اذا نسيها وكلما لايصدق عليه ذلك يلزم عليه ذلك - كما في مسئلة زوال السمن ومسئلة زرع الحب، ومسئلة نسيان الكتابة رأسا ثم تعلمها ثانيا فانه لايصدق عليه انه ادى ما هو المأخوذ كما لايخفى على المتأمل.

ولا فرق في صورة عدم الصدق بين كون الصفة الثانية ممكنة الاجتماع مع الاولى الزائلة أم لا، ولا بين كونها موجبة لازدياد القيمة بالنسبة الى كونها فاقدة لها وواجدة للاولى او لنقصها، أم كانت مساوية، فان الغاصب في جميع ذلك ضامن للصفة المفقودة.

فتفصيل(١) الجواهر بينها - حيث انه بعد كلام المحققرحمه‌الله وحكمه بأن

____________________

(١) مبتدأ خبره قوله: في غير محله.

١٦٥

الصفة الحادثة ان كانت عين الاولى لم يضمن الفائتة لانها انجبرت بالثانية، وبعد حكمه بضمان تفاوت النقصان الحاصل بزوال الاولى قال: بل لعل الامر كذلك فيما اذا لم يكن العائد عين الأول كالسمن الذي تعقبه هزال ثم السمن على وجه عادت القيمة بالسمن الأول بحيث لو لوحظ الأول والحادث لم يبلغ القيمة المزبورة (انتهى موضع الحاجة من كلامه زيد في علو مقامه).

في غير محله فان الحادث انما حدث في ملكه المغصوب منه والتالف قد استقر عليه بزوال الاولى بمقتضى اليد فلا وجه للقول بكون الثانية جائزة للاولى.

(ان قلت): كيف يحكم بضمان الغاصب مثل الحنطة مع انها حين صيرورتها قابلة لان تصير زرعا، تكون ذا قيمة عند العرف (قلت): على هذا التقدير نحكم بلزوم تفاوت ما بين كونه حنطة وبين كونه كذلك فتأمل.

(الرابعة) لو غصب حبا فزرعه او بيضا فاستفرخه، فعن الشيخرحمه‌الله في كتاب الغصب من المبسوط والخلاف، الحكم بكون الزرع والفرخ ملكا للغاصب ويلزم عليه المثل في الأول، والقيمة ان قلنا انه قيمي، والا فالمثل في الثاني.

وعن السيد المرتضى (رضوان الله عليه) في الناصريات، بل عن المشهور، الحكم بكونهما للمغصوب منه، بل عن الشيخرحمه‌الله أيضا في كتاب العارية من المبسوط والغصب من النهاية ذلك.

ويمكن استكشاف نص من نهاية الشيخرحمه‌الله لكونها موضوعة - كما به صرح هو بنفسه في اول المبسوط - لوضع متون ما وصل اليه من اخبار الأئمةعليهم‌السلام التي كانت مورد وثوق له بنظره، بخلاف المبسوط والخلاف فان الاول وضع - زائدا على المنصوص - لذكر التفريعات المستفادة من النصوص، والثاني لنقل المسائل الخلافية بيننا وبين العامة.

١٦٦

وكيف كان فالقول الثاني - كما قال في الشرايع - اشبه بأصول المذهب وقواعدهم لان كلا من الزرع والفرخ يكون نماء لملك المغصوب منه بنظر العرف (ودعوى) صيرورة الحب او البيض معدومة، والزرع والفرخ قد حدثا في ملك الغاصب (مجازفة) لا تسمع.

(الخامسة) لو غصب عصيرا فصار خمرا ثم صارت خلا، فعن المشهور كون الخل ملكا للمغصوب منه.

وفي الجواهر: ان تم اجماع على ذلك والا يمكن الخدشة فيه بأن العصير بعد صيرورته خمرا قد خرج عن ملكه شرعا ولا دليل على كون الخل ملكا له.

ويمكن ان يوجه المشهور من بقاء الملك على ملك المغصوب منه بأحد الأمرين (احدهما) الحكم ببقاء الأولوية(١) - كما اشار اليه في الجواهر أيضا - بعد زوال الملكية.

لكن يمكن ان يناقش فيه ايضا بأن الأولوية اما أن تكون في عرض الملكية بحيث يكون هناك شيئان (أحدهما) الملكية (ثانيهما) الأولوية، فاذا زالت الاولى بقيت الثانية، لكن لا دليل على ذلك، واما أن

____________________

(١) وهذا ايضا على وجهين (الأول) ان يقال بعد صيرورته خلا يرجع ملكا قهرا للمالك من دن تملك من المالك (الثاني) ذلك بعد قصد التملك كما في حق التحجير والأول أظهر.

١٦٧

تكون(١) حادثة بعد زوال الملكية لكن لا دليل على هذا الحدوث، والاصل عدمه اللهم الا ان يقال: يكفي فيه عدم ردع الشارع بعد فرض كونها باقية عند العرف.

(وثانيهما)(٢) ان يقال: ان المادة في الحالات الثلاثة باقية على ملك المغصوب منه غاية الامر حين كونها متصورة بصورة الخمرية لايمكن الانتفاع بها شرعا.

(السادسة) لو مزجت العين بأخرى، سواء كان المزج باختيار الغاصب او بغير اختياره، فهل يضمن رد المثل او القيمة - كما عن ابن ادريس في السرائر - لان العهدة على الغاصب فعليه ان يردها كما غصبها عينا ووصفا وشخصا، فلو لم يقبل المالك الشركة يكون اللازم عليه رد المثل او القيمة.

(وتوهم) حصول الشركة القهرية بالامتزاج كما هو القاعدة في الامتزاج في سائر الموارد (مدفوع) بأن هذا فيما اذا لم يكن الممتزجان او احدهما في عهدة شخص كما في المقام لا مطلقا فلا يبعد قوة قول ابن ادريسرحمه‌الله .

وان ابيت ان تقبله فلابد من بيان اقسام الشركة كي يتضح لك الحال.

فنقول - بعون الملك العلام - ان الشركة تحصل بأسباب (الأول) بالارث يدل عليه الآيات الدالة على تقسيم التركة بالكسر المشاع كالثلث والربع والسدس والثمن وغيرها، بل في بعض الآيات، التصريح

____________________

(١) عطف على قوله: اما أن تكون في عرض الملكية.

(٢) عطف على قوله: احدهما الحكم الخ.

١٦٨

بكونهم شركاء، مثل قوله تعالى: فان كانوا اكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث(١) الآية.

(الثاني) بالعقد يدل عليه الروايات المودعة في كتب الفريقين من زمن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمةعليهم‌السلام الدالة على مفروغية ذلك عند الاصحاب بحيث يسئلون عن بعض فروعهم وكذا العمومات الدالة على وجوب الوفاء بالعقد - مضافا الى الاجماع في الجملة على ذلك.

(الثالث) بالمزج والخلط بحيث لايتميز الاجزاء حقيقة وواقعا كمزج المائعات لامثل الحبوبات اذا حيزت.

ويدل عليه اجماع المسلمين من الفريقين في الجملة.

(الرابع) الاعطاء بمعنى انه يعطي ما في ذمته للاثنين اذا كان مديونا لاثنين وادى دينه لهما يحصل الشركة للدائنين بالنسبة الى هذا المعطي.

ومن جملة اسباب الشركة - وان كان لم يذكره الفقهاء - المضاربة فانها تجارة متقومة بشيئين، المال، والعمل بحيث يكون له وحدة حقيقية فيحصل الشركة في الربح لا انها معاوضة بنصف اجرة عمله مع نصف ربح ماله كما لايخفى بعد التأمل، وكذا المزارعة والمساقاة على الظاهر.

والمراد بكونها سببا للشركة ان سنخها لايكون من سنخ المعاوضات لا ان كل عقد متقوم بامور متعددة يكون بعضها من واحد وبعضها الآخر من الآخر يكون شركة، بل لأجل ان الدليل دل على صحة هذه المعاملات الموجبة للشركة كما ان النكاح الدائم ايضا مع كونه من العقود لا يكون من سنخ المعاوضات

____________________

(١) النساء ١١.

١٦٩

وكذا بعض افراد الصلح بل الظاهر كونهما اعني النكاح والصلح من سنخ ايجاد الزوجية والتسالم ولذا لا يعتبر في تحققهما العوض.

بقي هنا كلام

وهو انه ما الوجه في افراد الفقهاء ذكر العقد بكونه موجبا للشركة مع انه مشروط بالامتزاج عندهم - كما استشكله صاحب الحدائق - بأن الفقهاء يعتبرون في حصولها امتزاج المالين مع انه تحصل الشركة من دون عقد ايضا، فالعقد غير مؤثر في حصولها.

واجيب عنه - كما في الجواهررحمه‌الله - بأن الامتزاج موجب لحصول الشركة الظاهرية والعقد موجب للواقعية فتأثير العقد كون المال بتمام اجزائه مشتركا مشاعا.

والذي يقتضيه التدبر في كلماتهم من العامة والخاصة، المتقدمين منهم والمتأخرين ان افراد الخاصة ذكر عقد الشركة مستقلا انما هو في مقابل سائر العقود كان تبعا للعامة، وبيانه يحتاج الى نقل اقوال العامة في الجملة ثم الخاصة كذلك.

فنقول: ذهب ابو حنيفة الى حصول الشركة، بمجرد قول اشركني ونحوه مطلقا، سواء كان المالان حاضرين عند المشتركين ام لا، حصل الامتزاج ام لا، ما يعين كانا ام جامدين.

وذهب مالك الى اشتراط كون المال تحت يد المالكين فلو كانا غائبين لم يحصل الشركة.

ولكن ذهبت الامامية - وتبعهم الشافعي - الى اشتراط الامتزاج بحيث لايتميز ولما كانت العامة متقدمين في تصنيف كتبهم الفقهية الفرعية وان كانت الخاصة متقدمين في تأليف كتبهم الاصولية التي اخذوا متونها من الأئمة الاطهار

١٧٠

سيما من الصادقينعليهما‌السلام ، وقد عقد العامة في كتبهم (كتاب الشركة) وجعلوه في عداد العقود، ووافقهم(١) الامامية في ترتيب التصنيف، والامامية ايضا عقدوا ذلك مستقلا وان لم تكن واقعا كذلك الا انهم ردا عليهم قد عدوها ليظهروا مذهبهم الحق ونبهوا على ان مجرد عقد الشركة بما هو لايكون سببا لحصولهم بل يشترط امتزاج المالين ايضا.

واما ما ذكره صاحب الجواهررحمه‌الله ، فجوابه ما اجابه هو بنفسه من كونه مخالفا لكلماتهم(٢) .

نعم يقع الاشكال المذكور في الحدائق على بعض المتأخرين فانه جعل عقد الشركة سببا او جزء سبب لحصولها فان الترديد بين جعلها سببا تاما او جزء السبب يدل على استقلال عقد الشركة في حصولها، ولا يرد هذا الاشكال على القدماء حيث لم يعبروا بذلك، وكيف كان فيدل على حصولها بالمزج او الامتزاج تسالم الفقهاء من الخاصة رضوان الله عليهم اجمعين، ان شاء الله تعالى، بل العامة على حصولها في الجملة وان احتمل بعض متأخري المتأخرين كصاحب الكفاية الاستشكال فيما اذا كان الممتزجان غير مائعين حيث انهما بحسب الواقع باقيان على ملك كل واحد من المالكين فحصولها يحتاج الى العقد.

____________________

(١) جواب لقوله: لما كانت العامة الخ.

(٢) كلمات اصحابنا الامامية.

١٧١

لكن الدليل يعمه وغيره ويؤيده رواية اسحاق بن عمار الواردة في بيع الاثواب التي يكون بين مالكيتهما تنازع في تعيين ما لكل منهما فأمرعليه‌السلام ببيعها وقسمة الثمن اخماسا ثلاثة اخماس لصاحب الثلاثين وخمسين لصاحب العشرين فروى محمد بن علي بن الحسين باسناده، عن الحسين بن ابي العلاء، عن اسحاق بن عمار قال: قال ابو عبد اللهعليه‌السلام : في الرجل يبضعه الرجل ثلاثين درهما في ثوب وآخر عشرين درهما في ثوب فبعث الثوبين ولم يعرف هذا ثوبه ولا هذا ثوبه؟ قال: يباع الثوبان فيعطى صاحب الثلاثين ثلاثة اخماس الثمن والآخر خمسي الثمن، قلت: فان صاحب العشرين قال لصاحب الثلاثين: اختر أيهما شئت قال: قد انصفه(١) وباسناده، عن عبد الله بن المغيرة، عن غير واحد من اصحابنا، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجلين كان معهما درهمان فقال احدهما: الدرهمان لي وقال الآخر: هما بيني وبينك؟ فقال: اما الذي قال: هما بيني وبينك فقد اقر بان احد الدرهمين ليس له وانه لصاحبه ويقسم الآخر بينهما(٢) وباسناده عن السكوني عن الصادق، عن ابيهعليهما‌السلام في رجل استودع رجلا دينارين فاستودعه آخر دينارا فضاع دينار منهما قالعليه‌السلام : يعطى صاحب الدينارين دينارا ويقسم الآخر بينهما نصفين(٣) .

فظهر بهذا كله ان الشركة تحصل بمطلق الامتزاج سواء كان المالان مائعين او جامدين.

____________________

(١) الوسائل باب ١١ حديث ١ من كتاب الصلح، ج١٣ ص١٧٠.

(٢) الوسائل باب ٩ حديث ١ من كتاب الصلح، ج١٣ ص١٦٩.

(٣) الوسائل باب ١٢ حديث ١ من كتاب الصلح، ج١٣ ص١٧١.

١٧٢

نعم يمكن ان يقال في الصورة الثانية: لا تحصل الشركة الحقيقية بمعنى كون المالين على نحو الاشاعة بينهما، بل تكون بحكم الشركة - كما نقلناه عن الجواهر،- والدليل لا يدل على ازيد من هذا.

وكيف كان فالمالان المختلطان اما ن يكونا من جنس واحد او لا، وكل منهما اما ان يكونا مائعين او لا، والاول اما ان يختلط بالمتساويين وصفا او بالمختلفين جودة وردائة.

والذي يناسب المقام هو التكلم في المائعين، فان كانا متساويين في الجنس والصفة والقيمة، فالشركة بحسب الكمية والمالية، وان كانا مختلفين فيها فهل يكون بحسب الكمية حيث ان كل واحد مالك المن من الخل مثلا، فلا وجه لانتقاله الى القيمة.

(وفيه) انه يلزم حينئذ ان يملك احد المالكين منا ونصفا والآخر نصف من، ولا وجه لنقل عين مال احدهما الى الآخر.

اللهم الا ان يقال: ان ما نحن فيه نظير مسئلة الثوب المبيع بالبيع الخياري ثم فسخ ذو الخيار فانهم يقولون بحصول الشركة المالية باعتبار اكتساب الثوب وصفا لم يكن لها قبل، ففي المقام ايضا حصل للردي نزع جودة بواسطة اختلاط الجيد معه، فالشركة تكون حينئذ مالية فتأمل، فالاظهر هو الثاني هذا بعض الكلام في الشركة.

فنلرجع الى ما نحن فيه فنقول: ان امتزج المغصوب فاما ان يمتزج بجنسه او بغير جنسه وان كان الامتزاج بجنسه، فاما بالمساوي او الأردي او الأجود.

يحتمل ان يقال بحصول الشركة بالامتزاج مطلقا كما عن المبسوط ثم استقرب لزوم اداء الغاصب من العين الممتزجة.

ويحتمل عدم حصول الشركة مطلقا.

ويحتمل التفصيل بين الامتزاج بالجنس وبينه بغيره، فالشركة في الأول دون الثاني.

ويحتمل التفصيل في الامتزاج بغير الجنس ايضا بأنه ان امتزج بالمساوي او الأجود فالشركة، وان امتزج بالأردى فلا.

وفي الشرائع نقل القولين ولم يرجح احدهما على الآخر.

وفي مقام اداء الغاصب حق المغصوب يحتمل كون الاختيار اليه لكونه مديونا وتعيين الدين بيده.

ويحتمل كونه بيد المغصوب منه لأن بعض امواله موجود بعينه فعلا فله المطالبة بعين ماله كما لو غصب صاعين من الزيت فتلف احدهما فليس للغاصب أدائهما من غير المبيع المفروض وجود بعضه، نعم في الصاع التالف له ان يؤدي مثله.

وحيتمل عدم اختيار لواحد منها وكون التعيين الى الحاكم لو تنازعا.

١٧٣

والاحسن في المسئلة ان يقال: انه اذا غصب صاعا من زيت من زيد، وصاعا منه من عمرو وكان قيمة كل واحد منهما درهما فخلطهما الغاصب او اختلطا، لا اشكال في حصول الشركة وكون التقسيم موكولا الى زيد وعمرو دون الغاصب.

وكذا لو كان قيمة احدهما درهما وقيمة الآخر درهمين.

وكذا لو غصب صاعا من دهن من احدهما وصاعا من الدبس من الآخر.

الا ان في الأخيرين يحتمل الشركة بنسبة المالية او بنسبة الكمية للوجه الذي تقدم(١) مع التأمل فيه(٢) .

فحينئذ لو طالب المغصوب منه من الغاصب العين المغصوبة فهل يكون له الامتناع الا من اخذ مثل ماله مطلقا، او لا يكون له ذلك مطلقا او التفصيل بين امتزاج مال كل واحد بجنسه وغيره بعدم الجواز في الاول دون الثاني، او التفصيل بين الامتزاج بالمساوي والأجود وبينه بالأردى؟ وجوه أربعة:

وجه الاول كون الشركة نقصا بالنسبة الى المالية، فله المطالبة بمثل ماله وهو العين المشخصة.

(واحتمال) ان كون المال على ذمته فرع تلفه والمفروض عدمه فيتوجه الثاني (مدفوع) بما مر من ان المستفاد من قولهعليه‌السلام : (على اليد الخ) كون عهدة المال عليه، سواء كان حال وجوده ام حال تلفه.

كما ان احتمال الفرق باعتبار الاختلاف في الجنس حيث انه حينئذ مثل ماله بخلاف مالو كان المغصوب موافقا للمدفوع بخلافه (مدفوع) ايضا بما ذكرناه من الشركة بذاتها نقص، فله المطالبة بمثل ماله.

ومن هنا اندفع توهم الفرق في التفصيل الآخر فأقوى الوجوه هو الأول.

ولو غصب المال فخلطه او اختط بماله بأحد الوجوه الأربعة، لا يكون اداء الغاصب معينا، فلا يجب على المالك القبول.

(ان قلت) في فرض اختلاطه بالمساوي يلزم على المالك القبول، لان المدفوع مركب من ماله ومال الغاصب فهو أقرب الى صدق الأداء الذي

____________________

(١) بقولنا: وان كانا مختلفين فيها الخ.

(٢) بقولنا: وفيه انه يلزم الخ.

١٧٤

عبر به في حديث على اليد واقرب الى الخروج عن العهدة، من الاداء بما كان مثله.

(قلت): نعم ولكن حيث ان اداء المال المشترك بينه وبين الغاصب للتعويض ومتضمن له فلذا اشترط رضاهما معا.

واما احتمال ان المال يخرج عن ملكه بالاختلاط ويلزم على المالك قبول ما عينه الغاصب فمخدوش من وجوه تعلم بعد التأمل فيما ذكرناه.

(السابعة) لو زاد المغصوب بفعل الغاصب كانت الزيادة للمالك، فلو تلفت فعليه غرامتها.

وهل للمالك اجباره على ازالتها ولو كان موجبا للضرر على الغاصب؟ الظاهر الأول، لتسلط الناس على أموالهم، ولقاعدة اليد حيث انها تقتضي جواز المطالبة على ما كانت عليه من الهيئة.

نعم بعد الأمر بالازالة لم يكن الغاصب ضامنا لهذه الزيادة حينئذ، ولكن لو نقصت العين بذلك كان له المطالبة بالارش، والفرق بين نقص الصفة ونقص العين حيث ان الغاصب ضامن للأولى دون الثانية، هو ان الصفة المزالة عين متعلق أمره بالازالة بخلاف الثانية فانه لم يأمره بتنقيص العين، بل امره برد العين كما كانت.

(وتوهم) ان ازالة الصفة قد تلازم نقص العين، فلو طالب العين - كما كانت - لزم مطالبة غير المقدور (مدفوع) بأنه لاينافي الاختيار ولو بترك الغصب فعلم انه ضامن لنقص الصفة كما ذهب اليه الشيخ وتبعه المحقق في الشرائع والعلامة في التحرير والشهيد في الدروس على ما في الجواهر.

قال في القواعد - على ما حكى عنه في الجواهر-: ولو صاغ النقرة حليا ردها كذلك فلو كسر ضمن الصنعة وان كانت من جهته وللمالك اجباره على ردها نقرة ولايضمن ارش الصنعة ويضمن ما نقص من قيمة اصل النقرة

١٧٥

بالكسر ونحوه المحكي عن التحرير والدروس وغيرهما(١) (انتهى ما عن الجواهررحمه‌الله ).

فالتحقيق ان يقال: ان الزيادة اما ان تكون عرضا او عينا، والأول اما ان لايكون بحذائها في الخارج شيء كقصارة الثوب وخياطته او صياغة النقرة، واما يكون بحذائها شيء فيه.

لا اشكال في كون الهيئة الحاصلة فيه بفعل الغاصب يكون ملكا للمغصوب منه وله الزام الغاصب بازالتها، فلو نقصت العين بعد الازالة ضمن الغاصب الأرش.

فهل تكون الزيادة في الصورة الثانية ايضا ملكا له حيث ان الصبغ الذي صرفه في هذا العين قد تلف، وعمله لا احترام فيه، او لا يكون له ملكا له بل هو باق على ملك الغاصب باعتبار ان العرف يراه باقيا لا تالفا؟ وجهان.

وعلى الثاني تكون العين المغصوبة بنسبة كونها مشتركة بينه وبين الغاصب تالفة فعليه دركه.

وهل للغاصب انتزاع الصبغ ام لا؟ الظاهر لا، لانه تصرف في ملك الغير بدون اذنه.

واما القسم الثالث أعني الزيادة العينية كأن يجعله مغرسا او

____________________

(١) راجع ايضاح الفوائد في حل اشكالات القواعد لولده فخر المحققين ج٢ ص١٨٦ المطبوع سنة ١٣٨٨ هـ ق - طبع قم.

١٧٦

مزرعا او اساسا لبناء ونحوه، فالظاهر ان على الغاصب قلعه وله الزامه على الغاصب فلو نقص الأرض المغصوبة حينئذ يضمن النقص، ولو نقص المقلوع او المزروع او البناء، لايضمن المغصوب منه، كل ذلك لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (على اليد ما اخذت الخ(١) وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ليس لعرق ظالم حق(٢) .

(الثامنة) لو غصب ارضا فحمل ترابها الى مكان آخر او حفر بئرا في الارض المغصوبة فللمالك الزامه برده اليها، لدلالة (على اليد) عليه.

وهل للغاصب رده او طمها بدون اذنه؟ فصل العلامة في التذكرة بين ان يكون له غرض فجوزه، وان لايكون له ذلك، فاستقرب عدم الجواز، والظاهر انه لا وجه لهذا التفصيل.

(وتوجيهه) بان قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله (على اليد الخ) يدل على لزوم اعادة العين على مالكه كذلك فيدل على لزوم اعادة الهيئة مقدمة لردها كما كانت فيتوقف ردها كذلك على جواز الاعادة، بل على وجوبها على وجه (مدفوع) بالفرق بين التصرف لرد العين والتصرف لرد التراب، فان الأول لوجوب الاستخلاص الذي هو عين حرمة الغصب بقاء بخلاف الثاني، فانه تصرف آخر في ملك الغير بغير اذنه فلا يجوز.

مضافا الى ان التوجيه لايتحقق معه التفصيل المذكور في التذكرة.

____________________

(١) عوالي اللآلي ج١ ص٢٢٤ وص٣٨٩ وج٢ص٣٤٥، وج٣ ص٢٤٦ وص٢٥١ ولاحظ ذيول هذه المواضع ايضا.

(٢) عوالي اللآلي ج٢ ص٢٥٧ ولاحظ ذيله والوسائل باب ٣ حديث ١ من كتاب الغصب ج١٧ ص٣١١، وقولهعليه‌السلام لعرق ظالم بالاضافة أو بالتنوين.

١٧٧

قال في كتاب الغصب منها: اذا غصب ارضا او نقل التراب عن وجهها كان للمالك اجباره برده ومطالبته بنقله الى الارض كما كان مبسوطا على الارض ان كان التراب باقيا، فلو تلف او انمحق لهبوب الرياح او السيول الجارية اجبر على رد مثله اليه ويجب عليه اعادة وصفه وهيئته كما كانت في انبساط او ارتفاع، وان لم يطالبه المغصوب منه بالرد، نظر ان كان له فيه غرض بان دخل الارض نقص وكان ذلك النقص يرتفع بالرد ويندفع عنه الارش او كان قد نقل التراب الى ملكه فأراد تفريغه او الى ملك غيره او شارع يحذر من التعسير فيه الضمان، فله الاستقلال بالرد وان لم يكن شيء من ذلك بل نقله الى موات او من احد طرفي الأرض المغصوبة الى الآخر، فان منعه المالك من الرد لم يرده وان لم يمنعه، فالأقرب ان الغاصب يفتقر الى اذن المالك (انتهى موضع الحاجة من كلامه زيد في علو مقامه).

(التاسعة) لو غصب صاعين من زيت قيمتها اربعة دراهم فأغلاهما، فان نقص العين والقيمة ضمنهما وان نقص الأول دون الثاني ضمن بقدر نقصانه ورد الباقي ولو كان زاد قيمته لانه زيادة حصلت في ملك المغصوب منه، وان نقص الثاني دون الأول رد العين وضمن بقدر الناقص وان لم ينقص شيء منهما لم يكن عليه شيء.

١٧٨

ولو غصب عصيرا فأغلاها فبناء على مذهب العامة من عدم الحرمة بالغليان، قال الشيخ في المبسوط ما مضمونه ومحصله: لا يضمن لو نقص العصير كما دون قيمة فان الحلاوة التي باعتبارها تزيد القيمة وتنقض، باقية على حالها، وما نقص وذهب بالغليان هو المادة المائية التي لا قيمة لها.

وذهب العلامة الى عدم الفرق بينه وبين المسئلة السابقة في الضمان وكذا لو غصب عنبا فصار زبيبا يضمن ما نقص من العنب، نعم يحتمل هنا الضمان بالقيمة، فان الماء الذي قد ذهب ليس له مثل كما احتمله صاحب الجواهررحمه‌الله ، وهو احتمال حسن كما ان قول(١) العلامةرحمه‌الله ايضا حسن، نعم لو غصب لبنا فصيره جبنا يحتمل قويا ان يقال بعدم الضمان لو لم ينقص قيمته.

واما(٢) بناء على مذهب الخاصة من القول بالحرمة بالغليان قبل ذهاب الثلثين فنسب الى العلامةرحمه‌الله القول بوجوب رد ما بقي مع ضمان الثلثين للمغصوب منه، سواء زاد قيمة الباقي عن الأول ام لا، فان الزائد نماء ملك المالك.

____________________

(١) في التذكرة: لو غصب عصيرا فأغلاه فنقصت منه دون قيمته مثل ان كان صاعين قيمتهما اربعة دراهم فلما اغلاه عاد الى صاع قيمته اربعة دراهم، قال الشيخرحمه‌الله : لا يضمن الغاصب، الناقص من العين هنا لانه مجرد مائية رطوبة لاقيمة لها، وللشافعية وجهان (احدهما) انه يضمن ما نقص من العين كالزيت لانه مضمون بالمثل والثاني انه لايغرم شيئا لانه اذا اغلاه نقصت المائية التي فيه وصار ربا ولهذا يثخن ويزيد حلاوته فالذي نقص منه لاقيمة له، بخلاف الزيت فانه لامائية فيه فالذاهب منه زيت له قيمة بخلاف العصير فان حلاوته باقية والذاهب منه ليس الا المائي والرطوبة التي لا قيمة لها، والوجه عندي انه لا فرق في الضمان بين الزيت والعصير لان الذاهب في الزيت ايضا الرطوبة المائية خاصة، الا ان مائيته اقل قاله بعض الشافعية (انتهى).

(٢) عطف على قوله: فبناء على مذهب العامة (ولا تغفل).

١٧٩

قال العلامة عليه الرحمة في كتاب غصب التذكرة: ما هذا لفظه: لو غصب عصيرا فأغلاه حرم عندنا وصار نجسا لايحل ولا يطهر الا اذا ذهب ثلثاه بالغليان، فلو رده الغاصب قبل ذهاب ثلثيه وجب عليه غرامة الثلثين والوجه انه يضمن ايضا غرامة الخسارة على العمل فيه الى ان يذهب كمال الثلثين لانه رده معيبا ويحتاج مع زوال العيب الى خسارة والعين من فعله وكانت الخسارة عليه (انتهى كلامه زيد في علو مقامه).

(مسئلة - ١ -) فوائد المغصوب مضمونة مطلقا، سواء كانت مستوفاة ام لا.

اما المستوفاة فلصحيحة ابي ولاد(١) المتقدمة الدالة على ضمان المتعدي عن الحد المأذون فيه.

واما غير المستوفاة، فعن العلامةرحمه‌الله ، الضمان فيها ايضا قال في غصب التذكرة: منافع الأموال من العبيد والثياب والعقار وغيرها مضمونة بالتفويت والفوات (الى ان قال): عند علمائنا اجمع وبه قال الشافعي واحمد بن حنبل (الى ان قال): وقال مالك: لا تضمن بالفوات وانما تضمن بالتفويت والاستعمال(٢) (انتهى موضع الحاجة من كلامه زيد في علو مقامه).

واسشكله شيخنا المحقق الأنصاريرحمه‌الله في مسئلة ضمان منافع العين المبتاعة من كتاب البيع حيث قال: لكن يشكل الحكم بعد تسليم كون المنافع اموالا حقيقية، بأن مجرد ذلك لايكفي في تحقق الضمان الا ان يندرج في عموم (على اليد ما اخذت) ولا اشكال في عدم شمول

____________________

(١) راجع الوسائل باب ٧ حديث ١ من كتاب الغصب، ج١٧ ص٣١٣.

(٢) التذكرة ج٢ - البحث الثالث في المنافع.

١٨٠