نخبة الأزهار في أخبار الخيار

نخبة الأزهار في أخبار الخيار0%

نخبة الأزهار في أخبار الخيار مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 244

نخبة الأزهار في أخبار الخيار

مؤلف: شيخ الشريعة الاصفهاني
تصنيف:

الصفحات: 244
المشاهدات: 63478
تحميل: 4460

توضيحات:

نخبة الأزهار في أخبار الخيار
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 244 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 63478 / تحميل: 4460
الحجم الحجم الحجم
نخبة الأزهار في أخبار الخيار

نخبة الأزهار في أخبار الخيار

مؤلف:
العربية

الاكراه عليه وعلى منع التخاير، على أن مفاد قولهعليه‌السلام : " البيعان بالخيار مالم يفترقا فاذا افترقا وجب البيع " هو أن تفرق كل واحد منهما مسقط لخياره دون خيار الاخر حتى يكون تفرق المختار مسقطا لخياره دون خيار المكره.

أو أن مجموع التفرق الحاصل منهما غاية لكلا الخيارين حتى يكون اللازم ثبوت خيارهما في المقام.

أو أن حصول الافتراق غاية لكل من الخيارين ولو صدر من واحد منهما حتى يكون اللازم سقوط خيارهما لحصول الافتراق الاختيارى الذى هى الغاية.

هذا اذا كان أحدهما مختارا مطلقا كما هو الفرض ان قلنا ان الساكن أيضا متفرق أو في صورة خصوص مفارقة الاخر عن المجلس ان لم نقل انه متفرق.

فاقول: ان الاظهر منه هو الاول وذلك لان البيعان في قولهعليه‌السلام تثنية وهى في قوة تكرير المفرد، وقولهعليه‌السلام " البيعان بالخيار " في قوة قوله البايع والمشترى بالخيار، وقوله " مالم يفترقا " ففى قوة قوله مالم يفترق البايع والمشترى، فالمقابلة فيها من حيث الحكم ثبوتا وسقوطا على نحو واحد، فيكون تفرق كل واحد منهما مسقطا لخيار نفسه.

وكون مجموع التفرق غاية لكلا الخيارين اللازم منه ثبوته خيار هما في المقام خلاف الظاهر.

وكون حصول الافتراق وان كان من واحد، غاية لكليهما مطلقا

١٠١

أو في خصوص مفارقة الاخر المختار عن المجلس بعيد في غاية البعد بل لامعنى له في الظاهر، لانه لايمكن حمل قوله: " حتى يفترقا " على معنى " حتى يحصل الافتراق من واحد لابعينه " كما لايخفى.

تنبيه

ان زوال الاكراه تارة يتصور بالنسبة إلى مجلس العقد بأن زال الاكراه على افتراقهما عن مجلسه فقط لا مطلقا ويعبر عنه بالاكراه الخاص.

واخرى يتصور بالنسبة إلى الاكراه المطلق بأن أكرهوا على الافتراق مطلقا في مجلس العقد وغيره ايضا، فيعبر عنه بالاكراه المطلق في عنوان المسألة.

هذا تمام الكلام في خيار المجلس.

الثانى من الخيارات، خيار الحيوان

لااشكال في ثبوته للمشترى لما هو مقتضى الاخبار المستفيضة(١) والفتاوى.

وانما الاشكال في أنه هل هو ثابت فيما كان له حياة مستقرة، فلايشمل لما لايستقر له الحياة مثل السمك المشترى حيا المشرف للموت والصيد المرمى المشرف له لاصابة السهم اليه أو جراحة الكلب المعلم عليه والجراد المحرز في الاناء او أمثالها مما ليس له بقاء ثلاثة أيام بل الغرض الاصلى من بيعه وشرائه هو اللحم، أولا، بل كان عاما شاملا لكلا القسمين من الحيوان؟.

الظاهر أنها غير شاملة لمثل هذا القسم من الحيوان، اما لمامر من أن الغرض من البيع والشرى فيه هو اللحم لابلحاظ انه حيوان حى فلا يشمل الاخبار عليها، واما لانصرافها عنها لان الظاهر من سياق النصوص في ذلك الباب كون الحيوان من شأنه بقاء ثلاثة ايام كما هو واضح، وما نحن فيه ليس له شأنية البقاء على الفرض.

وعلى تقدير شمول أخبار الخيار على ذلك القسم ايضا هل مقدار

_____________________

(١) راجع الوسائل، الباب - ٣ - من ابواب الخيار.

١٠٢

الخيار، مدة حياته، أو يمتد إلى آخر ثلاثة أيام أو هو فورى وجوه.

لكن لو قلنا بشمول الاخبار مثل المقام كان المتجه أن مدته فيه إلى ثلاثة أيام لصدق الحيوان عليها وأن المدار على كونه حيوانا حال العقد لابقاؤه إلى انقضاء ثلاثة أيام وعدم تسليم الانصراف فيها والا فلا خيار فيها مطلقا.

الا أن البحث عن أمثال ذلك لااهمية له في المقام وانما ينبغى التعرض لما هو أهم من ذلك على تقدير شمول اخبار الخيار لما ليس له حيوة مسقترة وهو:

اشكال التعارض بين القاعدتين

انه تسالم القوم بأن التلف في زمان الخيار لايسقط الخيار وبان التلف في زمان الخيار ممن لاخيار له، والحال ان مقتضى هاتين القاعدتين في المقام اثبات الخيار على الاولى ونفيه على الثانية، وليس هذا الا التنافى بين مفادهما بناء على توجيههم القاعدة الثانية بان التلف موجب لانفساخ العقد كما في التلف قبل القبض ايضا كذلك، فانه من مال البايع لكونه موجبا لانفساخ العقد والا فلا وجه لان يكون ممن لاخيار له او من البايع لكونه في ملك المشترى واقعا تحت يده، لاستلزامه المخالفة بين القاعدة الاخيرة وبين قاعدة عدم ضمان الشخص لمال الغير.

نعم يمكن الجواب عن المنافاة المذكورة بالنسبة إلى ماليس له حياة مستقرة لان ذهاق الروح عنه لايوجب صدق التلف عليه لمامر من أن الغرض منه هو اللحم وهو موجود فعلا ولم يكن تالفا.

واما بالنسبة إلى ما كانت له حياة مستقرة فالتنا في باق على حاله

رفع الاشكال

١٠٣

نقول: فيه اولا انا لانسلم ان التلف يوجب انفساخ العقد، اذليس ذلك اتفاقيا عند الاصحاب، بل قال به جماعة منهم، لكن قولهم ذلك ليس عندنا بمسلم على ان كونه سببا للانفساخ خلاف القاعدة والارتكاب به فرارا عن مخالفة قاعدة عدم الضمان لمال الغير كر عمافر عنه.

وثانيا: أن التلف في نفسه ان لم تلازمه جهة اخرى من الجهات لايكون موجبا لانفساخه، والذى كان موجبا لانفساخه في المقام هو كونه مقرونا باختصاص الخيار للمشترى ولاموجب له هى تلك الجهة، ولذا لو كان الخيار مختصا للبايع او مشتركا بينهما، أو كان الخيار خيار العيب لما يجرى فيها ذلك الكلام بلااشكال.

على أن الموارد التى قالوا فيها بانفساخ العقد ليست بأزيد من الموارد الثلاثة وهى خيار المجلس وخيار الحيوان وخيار الشرط كما قال به الشيخ الانصارى أعلى الله مقامه، بل عن صاحب الجواهر أنه منحصر في الاولين فقط ولايجرى في غيرهما من الشرط وغيره.

هل هذا الخيار مختص بالمبيع الشخصى؟ ثم هل ذلك الخيار مختص بالمبيع الشخصى المعين أو يجرى في الكلى أيضا؟ قد يقال بالاول لانصراف الاخبار اليه لكثرة وجوده وغلبته في معاملة الناس، ولما جعل الخيار من أجله من الحكمة وهى الاطلاع في ثلاثة أيام بما في المبيع من العيوب الخفية، فان تلك الحكمة لملحوظة فيه انما هو مناسب بالنسبة إلى المبيع الشخصى، واما بالنسبة إلى الكلى فلاوجه لها.

١٠٤

لكن فيه ما لايخفى من الفساد. أما اولا فلانا لانسلم الانصراف أصلا.

وثانيا: سلمنا ذلك لكن الكثرة والغلبة هى كثرة الوجود والغلبة وهى غير مفيدة وانما المفيد انما هو كثرة الاستعمال بحيث لايتبادر من اللفظ عند استعماله غير ذلك المعنى الشخصى وهو ممنوع في المقام.

وثالثا: أن الحكمة المذكورة لوسلمنا كونها وجها لجعل الخيار أنهما هى مفيدة للظن لالليقين فلا فائدة للاعتماد عليه مالم يقم عليه دليل من الخارج.

نعم لو ادعى الظهور الذى يختلف باختلاف الاذهان كان له وجه هل هذا الخيار مختص بالمشترى أولا هل هذا الخيار مختص بالمشترى أو مختص بمن ينقل اليه الحيوان مطلقا ثمنا أو مثمنا أو مشترك بين البايع والمشترى؟ اقوال. المشهور هو الاول.

واستدل له بعد الاجماع كما عن الغنية وظاهر الدروس(١) بوجوه: منها: عموم قوله تعالى: " اوفوا بالعقود(٢) " لكن خرج منه المشترى بسبب القرينة الخارجية وبقى الباقى تحته، وكذا الكلام في عموم قولهعليه‌السلام : " البيعان بالخيار مالم يفترقا فاذا افترقا وجب البيع "(٣) خرج عنه المشترى بسبب الدليل الخارجى.

_____________________

(١) الدروس، كتاب الخيار، الدرس الثانى ولم نجده في الغنية فراجع.

(٢) المائدة: ١

(٣) الوسائل، الباب - ١ - من ابواب الخيار، الحديث ٢ و ٣.

١٠٥

ومنها: صحيحة الفضيل بن يسار عن ابى عبداللهعليه‌السلام " قال قلت له: ما الشرط في الحيوان؟ قال: ثلاثة ايام للمشترى، قلت: وما الشرط في غير الحيوان؟ قال البيعان بالخيار مالم يفترقا فأذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما "(١) والتمسك بها في المقام بوجوه: الاول: استفادة العرف عن مثل هذه العبارة، الاختصاص والحصر نظير استفادته ذلك عن مثل قوله: الطلاق بيد من أخذ بالساق "(٢) وقوله: " الولاء لمن أعتق "(٣) ونظائرهما مما يكون مثله في الاسلوب والسياق.

والقول بأفادتها الحصر والاختصاص فيهما دونه مع أن كلها الحصر، أى حصر المسند به.

الثالث: ان ذكر القيد في الكلام في مقام التحديد وغيره أنما يدور مدار نكتة وفائدة فيه حذرا عن صيرورته لغوا، وهى هنا ليست الا اختصاص الخيار للمشترى والا يكون ذكره لغوا وبلافائدة.

الرابع: مقابلتهعليه‌السلام قوله: " البيعان بالخيار الخ " بقوله " ثلاثة أيام للمشترى " فهى أيضا مما يدل على الحكم المذكور من الاختصاص.

_____________________

(١) الوسائل، الباب - ١ - من أبواب الخيار الحديث ٣

(٢) الوسائل

(٣) الوسائل، الباب - ٣٥ - من أبواب العتق الحديث ١.

١٠٦

الخامس: مفهوم الوصف، وهو مفهوم قوله: " ثلاثة أيام للمشترى "، فأنه يدل مفهوما على عدم هذا الشرط لغيره من البايع.

على أن في بعض اخبار الباب(١) ان تلف الحيوان في زمن الخيار من البايع، وهو مع ضميمة قاعدة أن تلف المبيع في زمن الخيار ممن لاخيار له، يفيد أن الخيار مختص بالمشترى.

وفي بعض آخر منها(٢) ان المشترى اذا تصرف في الحيوان لزم البيع، فلو لم يكن أمر المعاملة بيد المشترى فقط وكان للبايع فيه حق ايضا لما يصح استناد لزوم البيع اليه بقول مطلق، بل ينبغى أن يقول (ع) لزم البيع من قبله وطرفه.

والحاصل ان اسناد اللزوم إلى تصرف المشترى خاصة يكشف عن عدم خيار البايع كما لايخفى.

على أن في بعض منها(٣) تقييد ثبوت الخيار للمشترى بقيد خاص وهو صريح في المدعى.

ويمكن الاستدلال للقول الثانى بعمومى صحيحة محمد بن مسلم عن ابى عبداللهعليه‌السلام " قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : البيعان بالخيار حتى يفترقا وصاحب الحيوان بالخيار ثلاثة ايام "(٤) فان الظاهر من كون صاحب الحيوان بالخيار ثلاثة ايام، من ينتقل اليه الحيوان وهو البايع.

_____________________

(١) الوسائل، الباب - ٥ - من أبواب الخيار.

(٢) الوسائل، الباب - ٤ - من ابواب الخيار.

(٣) الوسائل، الباب - ٣ - من أبواب الخيار.

(٤) الوسائل، الباب - ١ - من ابواب الخيار، الحديث ١.

١٠٧

وحمل صاحب الحيوان على المشترى كما عليه صاحب الوسائل(١) لاوجه له بل لو كان المراد منه المشترى يكون العدول من التعبير بالمشترى إلى التعبير بصاحب الحيوان موهما لخلاف المقصود والمعنى المتعارف، لان الغالب في استعمال ذلك اللفظ صاحب المبيع والسعلة وهو البايع لظهوره فيه كما عبر في بعض الروايات عند اختلاف اقوال التجار بأن القول قول رب السلعة، ومعلوم أن رب السلعة هو البايع، فاذا قيل " صاحب الحيوان " فهو بمنزلة ان يقال " رب السلعة " وكذا قولهعليه‌السلام (٢) في بعض آخر منها في جواب سؤال السائل من شر بقاع الارض وهو الاسواق، فبين عند ذلك أن أهلها بين مطفف في القفيز وسارق في الذراع وكاذب في السعلة(٣) .

وبعموم صحيحة اخرى له عن ابى عبداللهعليه‌السلام قال: المتبايعان بالخيار ثلاثة ايام في الحيوان وفيما سوى ذلك من بيع حتى يفترقا "(٤) وتقرير الاستدلال فيها على النحو الذى ذكر في الاولى ولايضر شمولها لصورة كون المثمن فقط حيوانا بقرينة قوله (ع) " المتبايعان بالخيار " حيث يشعر بان الخيار ثابت للبايع ايضا في هذا الفرض، لانها مقيدة بالروايات السابقة المتمسك بها للقول الاول، حيث

_____________________

(١) قاله في الوسائل في ذيل الحديث الثالث من الباب الثالث من ابواب الخيار.

(٢) الوسائل: الباب - ٦٠ - من ابواب آداب التجارة الحديث ١

(٣) دلالة هذه الرواية على المدعى غير واضحة

(٤) الوسائل، الباب - ٣ - من ابواب الخيار الحديث ٣.

١٠٨

جعل الخيار فيها في هذا الفرض للمشترى فقط.

واما موثقة على بن فضال عن على بن موسى الرضا (ع) يقول: صاحب الحيوان المشترى بالخيار ثلاثة ايام(١) فلاينافى تقييد صاحب الحيوان بالمشترى.

وبيانه أن احتمال كون القيد واردا مورد الغالب، ومجرد الغلبة كاف في خروجه عن اللغوية من دون احتياج إلى كونه احترازيا كما لايخفى بخلاف المطلق المراد منه المقيد فانه لابد فيه من وجود قرينة قوية صارفة عن الظهور الاصلى له، ولايصلح لذلك الا الغلبة الكاملة الموجبة لصرفه عن اطلاقه وتوجيهه إلى التقييد، واما الغلبة الناقصة فلاكفاية لها للتقييد.

تزييف ادلة القول الاول لكن لايخفى مافى القول الاول من المنع.

اما الاجماع، فلان المنقول منه غير مجد لافى المقام ولافى غيره، اذمجرد الاطلاع باقوال جماعة من الفقهاء الذى غايته هو الاطلاع على فتاوى أربعين أو خمسين فقيها مع عدم الاطلاع بفتاوى غيرهم الذين هم أكثر وأزيد منهم بمراتب عديدة، لايوجب القطع بقول المعصوم كما هو الملاك والمناط في حجيته، أذلعلهم أفتوا بخلاف ما أفتى به الجماعة المعروفة.

على أن المقطوع هو ان مستند فتواهم ليس الا الاخبار المتقدمة التى ستعرف ضعف دلالتها على المدعى.

_____________________

(١) الوسائل - الباب - ٣ - من ابواب الخيار، الحديث ٢.

١٠٩

ومما ذكرنا يظهر حال دعوى الشهرة في المسألة ايضا كما لايخفى وأما عموم قوله: " اوفوا بالعقود " وعموم قوله: " البيعان بالخيار ما لم يفترقا " ففى حجيته ما لايخفى من التأمل بعد ورود تخصيصات كثيرة عليه.

واما الجواب عن الاخبار كلها، فمقتضى فهم العرف من أمثال هذه العبارات لو عرضت عليهم أن السائل فيها انما هو بصدد استفسار حال الحيوان في مقام بيعه وأن الخيار إلى ايهما يصير من البايع والمشترى وليس هو في صدد السؤال عن حال الشراء، فأجاب الامامعليه‌السلام (ع) على طبق سؤاله بأن الخيار للمشترى.

ويدل على ذلك ايضا صحيحة ابن رئاب " قال: سألت ابا عبدالله (ع) عن رجل اشترى جارية لمن الخيار للمشترى او البايع أو لهما كليهما؟ فقال: الخيار لمن اشترى ثلاثة ايام نظرة فاذا مضت ثلاثة ايام فقد وجب الشراء " حيث ان السؤال فيها عن ذى الخيار في مقام بيع الجارية.

مسألة لافرق بين الامة وغيرها في مدة الخيار، ولاوجه للقول بأن مدة خيار الامة مده استبرائها، لعدم الدليل عليه.

ولكن يمكن ان يقال: ان هذا القول ليس مبنيا على أن خيار الحيوان فيها يمتد إلى انقضاء مدة استبرائها، بل هو مبنى على ما هو المعروف من أن المبيع اذا كان مظنة للعيب فمدة الخيار فيه يمتد إلى العلم بعدمه ولما كانت الامة مظنة للحمل وهو عيب فيها اتفاقا فحينئذ يكون للمشترى خيار العيب فيها مدة استبرائها.

مبدء خيار الحيوان

١١٠

الحق ان مبدء هذا الخيار من حين العقد، فلو لم يتفرقا ثلاثة ايام انقضى خيار الحيوان وبقى خيار المجلس بظاهر قولهعليه‌السلام : " ان الشرط في الحيوان ثلاثة ايام وفي غيره البيعان بالخيار حتى يفترقا " فأنه(١) جعله مقابلا لخيار المجلس، فكما ان مبدء الثانى من حين العقد فينبغى أن يكون الاول ايضا كذلك قضاء لحق المقابلة.

خلافا لابن زهرة حيث جعله من حين التفرق.

وربما يستدل له بأصالة عدم ارتفاعه بانقضاء ثلاثة ايام من حين العقد، وبأصالة عدم حدوثه قبل انقضاء المجلس، وبلزوم اجتماع السببين على مسبب واحد اذ الخيار ان ليسا مختلفين من حيث الحقيقة والماهية، وبما دل على أن تلف الحيوان او غيره من المبيع في الثلاثة من البايع مع ان التلف في الخيار المشترك من المشترى، فلو كان مبدأه من حين العقد دخل فيه خيار المجلس الذى هو مشترك بين البايع والمشترى فيلزم أن يكون التلف في المجلس من البايع مع وقوعه في زمان الخيار المشترك فلابد ان يكون مبدئه بعد خيار المجلس حتى يكون التلف في زمانه تلفا في زمان الخيار المختص بالمشترى فيكون التلف حينئذ من البايع بمقتضى قاعدة " التلف في زمن الخيار ممن لاخيار له " ويرد الاصل ظاهر الدليل.

على أنه بالتقرير الثانى مثبت لان المقصود اثبات كون الخيار

_____________________

(١) الوسائل، الباب - ١ - من ابواب الخيار، الحديث ٣ والباب - ٣ - منها الحديث ٥.

١١١

بعد انقضاء المجلس وكونه بعده من اللوازم العادية لعدم كونه قبله على الفرض.

هذا بالنظر إلى ترتيب آثار وجود خيار الحيوان بعد الثلاثة من حين العقد، واما بالنظر إلى ترتيب آثار عدمه قبل التفريق، فبالتقرير الاول ايضا مثبت لان الهدف منه ترتيب اثر العدم على ماقبل التفريق، عكس التقرير الثانى، فانه مثبت من حيث ترتيب اثر الوجود بعد الثلاثة الا ان الانصاف ان الاصل ليس مثبتا الا بالتقرير الثانى كما افاده الشيخقدس‌سره (١) اذ معنى المثبتية هو ما اذا لم يكن في البين الا اثر عقلى، وهذا بالنسبة إلى الاصل بالتقرير الاول ممنوع، اذ ليس اثره منحصرا في عدم احداثه قبل التفرق، بل له آثار اخر مثل جواز اسقاطه او انتقاله إلى الورثة بالارث او غير ذلك مما يعد اثرا له، وهذا بخلافه بالنسبة إلى التقرير الثانى فانه لا اثر له الا كون الخيار بعد انقضاء المجلس ونظير هذا مالو شك في بناء أنه مسجد أو دار، والمفروض أنه مسبوق بعدم كل منهما، فأصالة عدم كونه مسجدا لها آثار شرعية بلا واسطة من جواز تنجيسه وبيعه وشرائه وكذا سائر التصرفات الاخر، بخلاف أصالة عدم كونه دارا اذ ليس لها أثر الا اثبات كونه مسجدا وهو أثر عقلى.

ويرد اجتماع السببين بناء على اتحاد المسبب، أن استقلال كل منهما في السببية موقوف على عدم مقارنته للاخر والا يكون كل منهما

_____________________

(١) المتاجر ص ٢٢٥.

١١٢

جزأ للسبب، مع أن هذا على فرض تسليم عدم كون الاسباب معرفات.

واما معه فلااشكال.

وأما الادلة الدالة على أن التلف من البايع فحمولة على الغالب وهو كونه بعد المجلس.

حل اشكال

قد ذهب الاصحاب فيما اذا كان لو احد خيارات متعددة مثل خيار المجلس وخيار الحيوان وخيار العيب وغيرها في مبيع واحد، إلى انه يجوز له اسقاط بعض منها وابقاء بعض آخر، مع أن حقيقتهما ليست الاماهية واحدة وشيئا فاردا، فكيف يصح فيه ذلك، مع أن الحق الذى يعبر عنه بالخيار ليس قابلا للتجزية، اذ ليس له نصف ولاثلث ولاربع ولا أمثال ذلك كى يصح الاسقاط بلحاظ بعضه، وعدمه بلحاظ بعضه الاخر، بل هو فيها شئ واحد حقيقة واحدة بمعنى أنه لو اسقط سقط كله والا فلا يسقط شئ أصلا. ولكن يمكن الجواب عنه بأحد الوجوه.

الاول: أن اسقاط الخيار في المعنى هو الرضا بالعقد وبأصل المعاملة كما وردت الرواية بهذا المضمون أيضا مثل قولهعليه‌السلام : " فاذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما "(١) فالرضا حينئذ يختلف باختلاف متعلقة فاذا تعلق بخيار العيب أو خيار الرؤية أو خيار المجلس مثلا يكون الساقط ذلك ليس غيره مما لم يكن متعلق الرضا من الخيارات الاخر.

بل قد يحصل هذا الرضا من جهة دون جهة اخرى في خيار واحد كما

_____________________

(١) الوسائل، الباب - ١ - من ابواب الخيار، الحديث ٣.

١١٣

في خيار العيب عند اجتماع عيوب متعددة في مبيع واحد اذا رضى ببعضها دون بعض آخر من البواقى.

الثانى: النقض بالسقوط، وتوضيخ ذلك أن المعروف والمسلم بين الاصحاب هو انه لو اشترى حيوانا حصل للمشترى خياران خيار - الحيوان والمجلس قبل أن يتفرقا، فاذا انتفى مجلس العقد بالتفرق، انتفى خياره المختص به ويبقى خيار الحيوان على حاله إلى أن يمضى ثلاثة أيام بلااشكال فيه، فما هو الجواب هناك هو الجواب فيما نحن فيه.

وكذا النقض بما اعتبر فيه الفور والتراخى من الخيارات فان الخيار الفورى اذا لم يعمل به سقط مع العلم به بخلاف التراخى فانه يبقى إلى أن تنتهى مدته المحدودة، مع أن حقيقتهما شئ واحد.

الثالث: بالحل، وهو أن كونها ماهية واحدة لاينافى كونها عديدة بالجهات والاضافات ومتعددة باعتبار المشخصات، كما لاينافى كونها مجتمعة في محل واحد شخصى اذ مايمتنع اجتماعه فيه من الامور العديدة انما هو الامور المتأصله لا الامور الاعتبارية التى قوامها باعتبار المعتبر وجعل الجاعل كما في المقام.

فظهر أن التعدد ليس مختصا بالاسباب دون المسببات كما عن بعض بل كما أنها متعددة كذلك المسببات ايضا متعددة.

وما ذكرناه هو المراد بما في التذكرة من ان الخيار واحد والجهة متعددة في جواب من قال: ان الخيارين مثلان فلا يجتمعان.

على ان مفاد الخيار هو ملك اقرار العقد وازالته والقدرة على فسخ العقد وامضائه وهو قابل للاشتداد بزيادة الجهات فباسقاط بعض

١١٤

منها تزول مرتبة الشدة من المراتب وتبقى مرتبة اخرى منها اخف.

ما المراد من حين العقد؟ وليعلم أن المراد من حين العقد الذى هو ابتداء زمان الخيار هو حين التملك لامجرد التلفظ بالصيغة، واما التعبير بحين العقد، فلعله للغلبة، لان الغالب انه لايحصل الملك الا به اذالمراد من ثبوت الخيار أنه لولاه للزم العقد، وهذا المعنى يختلف باختلاف المقامات، فانه قد يتحقق من حينه كما هو القسم الغالب، وقد يتحقق بعد القبض كما في بيع الصرف والسلم، وقد يتحقق بعد الاجازة كما في الفضولى اما مطلقا او بالنسبة إلى احدهما دون الاخر فحينئذ يتحقق التملك بالنسبة إلى الاصيل من حين العقد وبالنسبة إلى الفضولى بعد اجازة المالك.

ما المراد من ثلاثة ايام؟ لا اشكال في أنه اذا عقد على حيوان حين طلوع الشمس، ينقضى زمان الخيار عند غروبها في اليوم الثالث.

وكذا لا اشكال في دخول الليلتين المتوسطتين في الثلاثة، لا لان الليل داخل في مفهوم اليوم بل للاستمرار المعتبر فيها المستفاد من الخارج.

وانما الاشكال في المقام من جهتين.

الاولى: أنه اذا عقد في زمان من النهار، هل يلغى البقية منه مطلقا ثم يحسب زمان الخيار بعدها، أو تحسب تلك يوما واحدا كذلك، أو تحسب ان كان ما مضى من الزمان قليلا بحيث يصدق اليوم على البقية ولو بالمسامحة العرفية وتلغى في غيره أو تحسب من حيث كونها مبدء

١١٥

للخيار لامن حيث كونها جزء‌ا محسوبا من الثلاثة، أو تحسب على نحو التلفيق بأن يلفق اليوم منها ومن مقدار ما نقص من اليوم الرابع، وجوه واحتمالات.

الثانية: أن الليلة الاخيرة هل هى داخلة في ثلاثة أولا.

أما الوجه الاول من محتملات الجهة الاولى. ففيه أن الظاهر من النص ان ابتداء الثلاثة والخيار هو حين العقد، ونظير ذلك انه لو قال الموجر آجرتك دارى إلى عشرة أيام انه لايفهم منه الاكون ابتداء الاجارة هو حين العقد، مع انه لامعنى للزومه في هذه البقية ثم جوازه بعد ذلك كما هو مقتضى عدم الخيار فيها.

واما الوجه الثانى منها. ففيه أن اليوم الحقيقى عبارة عما بين طلوع الفجر الثانى إلى غروب الشمس، فلا معنى لعد ثلث اليوم او نصفه او غيرهما من الكسور يوما واحدا تاما حقيقيا.

وأما الوجه الثالث. ففيه أن موضوع الحكم هو اليوم الحقيقى والدقى لا المسامحى كما أن موضوع الحكم في باب الزكاة والكروفى غيرهما مقدار معين محدود من الماء والغلات بحيث لو نقص عنه لما كان الموضوع محققا حقيقتا ولما يحكم عليه بشئ من الاحكام وهو واضح.

واما الوجه الرابع: ففيه ما مر من الاشكال في الوجه الاول أيضا مضافا إلى انه لامعنى للتفكيك بين الخيار وبين ثلاثة ايام بجعل الاول من حين العقد والثانى

١١٦

بعد انفضاء البقية.

فاذا القول بالتلفيق الذى هو خامس الوجوه المذكورة هو المتعين، ولو كان لازم ذلك صيرورة أحد الايام مجازا في المقام من جهة ارادة مقدار بياض اليوم منه، الا انما لما كان بسبب مساعدة الدليل فلا باس به واما الجهة الثانية من جهتى الاشكال وهو دخول الليلة الاخيرة في الثلاثة وعدمه.

فقد يقال بالدخول ويعلل بانه لو لم يكن داخلة فيها لاختلت مفردات الجمع في استعمال واحد مع أن الجمع ليس الا تلك المفردات وفي قوتها. لكن التحقيؤق هو عدم الدخول.

واما ماذكر من المحذور من اختلال مفردات الجمع فهو فرع القول بأن اليوم عبارة عن نهار مع ليلته، وليس الامر كذلك، بل عبارة عن خصوص ما بين طلوع الفجر إلى غروب الشمس من الزمان حقيقة او تلفيقا وانه استعمل في جميع الثلاثة على نحو واحد.

وأما دخول الليلتين المتوسطتين فليس من جهة استعمال اليوم في مقدار معين من الزمان وهو النهار مع الليل، بل دخولهما بالتبع والمجاز، ولحصول الاستمرار المستفاد من الثلاثة لا بالاصالة والحقيقة كى يلزم ماذكر من المحذور كما لايخفى.

مسقطات خيار الحيوان

١١٧

يسقط هذا الخيار بأمور: الاول: اشتراط سقوطه في العقد.

الثانى: اسقاطه بعده وقد تقدم تفصيلهما فيما سبق من خيار المجلس فلا فائدة للاعادة.

وأما اشتراط سقوط بعضه، فنسب الشيخقدس‌سره القول بالصحة إلى بعض، وقال أيضا لابأس به.(١)

ولكن قد يقال: ان هذا انما يصح بالنسبة إلى السقوط من اوله او آخره، واما السقوط بالنسبة إلى وسطه فلا، بناء على أن الخيار حق واحد شخصى فاذا تخلل العدم بسبب اسقاط اليوم الثانى فلايكون موجب لليوم الثالث، لان ما ثبت بالعقد فقد انعدم بالاسقاط فيستحيل اعادة المعدوم.

وعلى تقدير امكانها يحتاج إلى المعيد ولا دليل على كون العقد معيدا، كما لادليل على كونه موجبا لخيار آخر.

أقول: لما كان الخيار أمرا واحدا بسيطا وليس قابلا للتنقيص مطلقا فلامجال حينئذ للتفصيل بين الوسط وطرفيه كما هو واضح.

ثم ان قولهقدس‌سره : " ولابأس به " لايبعد أن يكون ناظرا إلى ان الخيار وان كان حقا وحدانيا الا انه بمنزلة الحقوق العديدة باعتبار الايام والساعات، فيجوز حينئذ شرط سقوط بعضه بهذا النظر والاعتبار.

_____________________

(١) المتاجر ص ٢٢٦

١١٨

الثالث: التصرف، ولا اشكال في مسقطيته في الجملة لامطلقا، والا فالاختلاف فيما بين الاصحاب في المقام قد بلغ إلى حد قد قيل انه لايرجى زواله واصلاحه فلابد من التشبث بالاخبار الواردة في المقام.

وهى على نحوين: نحو منها ظاهر في أن مطلق التصرف مسقط للخيار كما في ذيل صحيحة على بن رئاب " قلت له: أرايت ان قبلها المشترى أو لامس قال: فقال: اذا قبل أو لامس أو نظر منها إلى مايحرم على غيره فقد انقضى الشرط ولزم البيع "(١) ونحو آخر منها ظاهر في أن التصرف الكاشف عن الرضا مسقط له كما في صحيحة اخرى له " فان احدث المشترى فيما اشترى حدثا قبل ثلاثة ايام فذلك رضى منه ولاشرط له، قيل لهعليه‌السلام : وما الحدث؟ قال: ان لامس أو قبل أو نظر منها إلى ما كان محرما عليه قبل الشراء "(٢) وقولهعليه‌السلام : " فذلك رضى منه " يحتمل فيه وجوه: منها: أن يراد منه أن التصرف بمنزلة الرضا. ومنها: أن يراد انه دال على الرضا نوعا بمعنى انه كاشف نوعى عن الرضا. ومنها: ان يراد أنه دال عليه فعلا. هذا مع قطع النظر عن التركيب النحوى والا فعلى هذه الوجوه أما ان يكون هو الجواب عن الشرط.

_____________________

(١) الوسائل، الباب - ٤ - من ابواب الخيار، الحديث ٣.

(٢) الوسائل: الباب - ٤ - من ابواب الخيار الحديث ١.

١١٩

أو يكون توطئة وتمهيدا للجواب وهى قوله: " ولاشرط له " اى لاخيار له.

فعليه يكون الوجوه المحتملة أما ثلاثة على تقدير كونه جوابا أو ستة على تقدير احتمال التمهيد والتوطئة له فيه أيضا.

وأما القول بأن احتمالاتها اربعة كما عليه الشيخ الانصارى اعلى الله مقامه في مكاسبه(١) بجعل الوجهين المحتملين في التركيب مختصا بأرادة كون التصرف بمنزلة الرضا تعبدا فلاوجه له كما لايخفى.

التصرف المسقط ما هو؟

اذا تحقق ذلك فاعلم أنه ذهب جماعة منهم صاحب الجواهر ألى ان مطلق التصرف مسقط للخيار.

واستدل له باطلاق الاخبار والفتاوى، وبأن الامامعليه‌السلام جعل كلا من اللمس والتقبيل والنظر مسقطا تعبديا في قبال الرضا اى ذلك التصرف كالرضا في المسقطية لاانها كواشف عنه وهو لمسقط حتى يكون المطلقات مقيدة بتلك الصحيحة.

أقول: ليس الرضا من حيث هو مسقطا كما ان مجرد الكراهة من حيث هى ليست فسخا فلابد من ان يكون حمله على الحدث من باب كشفه عنه والمراد به الرضا بأصل البيع فيكون الحدث كاشفا عن استمراره لاالرضا بالالتزام، اذ غالب التصرفات فلم يكن كاشفا ولو نوعا عن الالتزام فيلزم التخصيص بالفرد النادر.

_____________________

المتاجر، ص ٢٢٦.

١٢٠