نخبة الأزهار في أخبار الخيار

نخبة الأزهار في أخبار الخيار0%

نخبة الأزهار في أخبار الخيار مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 244

نخبة الأزهار في أخبار الخيار

مؤلف: شيخ الشريعة الاصفهاني
تصنيف:

الصفحات: 244
المشاهدات: 63492
تحميل: 4460

توضيحات:

نخبة الأزهار في أخبار الخيار
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 244 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 63492 / تحميل: 4460
الحجم الحجم الحجم
نخبة الأزهار في أخبار الخيار

نخبة الأزهار في أخبار الخيار

مؤلف:
العربية

شككنا فيما هو مانع أو مزيل له كما في المقام فلا، لوجود المقتضى وهو العقد وعدم العلم بالمانع.

على انه مانع كما في قولنا: أن الفقر مقتض لجواز أكل الزكاة والسيادة مانعة عنه فاذا شككنا في كون زيد سيدا مع احراز الفقر فيه بالوجدان، تجرى فيه هذه القاعدة لمامر من وجود المقتضى وهو الفقر وعدم المانع وهو سيادته، ولامجال هنا لاجراء الاستصحاب لعدم اليقين بعدمها سابقا كى يستصحب عند الشك فيها.

هذا مما انفردت به هذه القاعدة كما عرفت وهنا أمثال أخر ونظائر لاحاجة إلى أيرادها، ومن أرادها فليرجع إلى كتاب(١) من يرى الاستصحاب نفس هذه القاعدة ليس غير، والحال أنها من جملة مصاديقه وموارده.

ادلة اصالة اللزوم في البيع او مطلق العقود

____________________

(١) وهو العلامة الشيخ محمد هادى الطهرانى في كتابه محجة العلماء ج ٢ ط ١٣١٨

٢١

ثم ان القوم رضوان الله عليهم تمسكوا لاثبات أصالة اللزوم في البيع أو مطلق العقود بآيات:

الاية الاولى: قوله عز ذكره: يا ايها الذين آمنوا اوفوا بالعقود (١) بناء على أن المراد منها العقود المتعارفة الفقهية او مطلق الاحكام الالهية عقدا كان أو غيره من الصلاة والزكاة والحج ونظائرها من سائر العهود الثابتة في الشرع كما هو الظاهر والمناسب لقوله تعالى بعد ذلك: احلت لكم بهيمة الانعام الا ما يتلى عليكم (٢) والا فلو كان المراد منه هو الاول لما كان مناسبا لهذا القول بل يكون أجنبيا عن المقام بخلافه على الثانى فان العقود التى هى العهود الالهية لما كانت مجملة ومبهمة، عقبها سبحانه وتعالى ببعض أفرادها ومصاديقها على مامروان العقد هو العهد الموثق لان كل عقد عهد، وليس كل عهد عقدا كما هو المستفاد من موارد استعمالاته في الكتاب(٣) وغيره

هامش(١) المائدة: ١(٢) المائدة: ١(٣) راجع المعجم المفهرس.

٢٢

وما صدر من صاحب المجمع في بيان مادة العقد من أن كل عهد عقد، ولايكون عقد عهدا سهو منهرحمه‌الله كما لايخفى على المنصف.

قال الشيخقدس‌سره في بيان دلالة قوله تعالى: أوفوا بالعقود للمدعا أنه دل بوجوب الوفاء بكل العقد، والمراد منه العمل بما اقتضاه العقد في نفسه، فاذا دل العقد على تمليك العاقد ماله من غيره مثلا وجب العمل بما يقتضيه التمليك من ترتيب آثار ملكية ذلك الغير له، فأخذه من يده بغير رضاه والتصرف فيه كذلك، نقض لمقتضى ذلك العقد، فهو حرام باطلاق الاية، فاذا حرم باطلاقها جميع ما يكون نقضا لمضمونه من التصرفات التى من جملتها التصرفات الواقعة بعد فسخ المتصرف من دون رضا صاحبه، كان هذا لازما مساويا للزوم العقد وعدم انفساخه بمجرد فسخ أحدهما، فيستدل بالحكم التكليفى على الحكم الوضعى وهو فساد الفسخ وعدم صحته منه من غير رضا الاخر، وهو معنى اللزوم.

الا ان هنا اشكالا معروفا بحيث ان كل من تعرض بالاستدلال على أصالة اللزوم بهذه الاية، ذكره الا اقل قليل منهم وهو: ان الاستدلال باطلاق الحكم في المقام متوقف على تحقق وجود الموضوع، لان اثبات الحكم اعنى المحمول بالحمل الشايع الصناعى على الموضوع فرع ثبوته أو لا حتى يحمل المحمول عليها، فلو فرضنا تحقق وجوده بنفس اطلاق الحكم كما فيما نحن - اذا المفروض أن العقد بسبب

_____________________

(١) المتاجر كتاب الخيارات، ص ٢

٢٣

وقوع الفسخ عليه من دون رضا صاحبه يكون وجوده فعلا مشكوكا - يلزم الدور، فحينئذ لا يصلح التمسك باطلاقها في المورد المشكوك العقدية كما هو واضح.

نعم يمكن اثبات وجود الموضوع او لا بالاستصحاب ثم الحكم عليه بعده بلزوم الوفاء ببركة الاية الشريفة الا أنه خروج عن محل النزاع اذالكلام في أنه هل يمكن الاستدلال باطلاقها على اصالة لزوم البيع في الموارد المشكوكة اولا.

وقد اجيب عنه بأنا لانسلم أن الموضوع هنا ليس بموجود او مشكوك وجوده، بل هو موجود فعلا وباق حقيقة لانا في الموارد التى نعلم فيها بورود الفسخ حقيقة وانه فسخ كذلك في نظر الشارع لانقول فيها انه يزيل العقد وانه يرفعه، فضلا عن الموارد التى كانت نشك في صحة الفسخ كما فيما نحن فيه لان العقد عبارة عن ألفاظ مخصوصة من الايجاب والقبول، والمفروض أنه وجد من قبل، غاية الامر أن الفسخ الذى علم تاثيره قد جعله الشارع مانعا عن ترتيب الاثار المترتبة على العقد قبله، بعد حصوله ووجوده وأن هذه الاثار غير مترتبة عليه بعد ذلك مع بقاء وجود العقد على ما هو عليه من دون تصرف فيه فكذا الكلام فيما شك من تأثيره من الموارد.

فحينئذ لما علم أن العقد موجود حقيقة ووقع الشك في أن ماصدر من أحد المتبايعين من الفسخ من دون رضا الاخر، هل هو فسخ كى يكون التصرفات البعدية صحيحة جائزة أوليس بفسخ كى لا يكون كذلك، بل تكون فاسدة محرمة فيحكم عليه باللزوم عملا باطلاق اوفوا بالعقود وليس العقد من قبيل العلل العقلية كى

٢٤

لايمكن انفكاكه عن آثاره.

وفيه ان قد مر أن الفسخ عبارة عن حل العقد والربط الموجود بين المالكين بحيث يكون العقد بسببه معدوما، فكانه لم يكن مذكورا فالاشكال المذكور من أن الشك في تحقيق الفسخ يوجب الشك في وجود العقد، فاثباته باطلاق الحكم مستلزم للدور يبقى على حاله.

ولايخفى أنه اشكال قوى وارد في المقام ولادافع له اصلا وان تصدى بعض بدفعه الا انه بلا دافع.

نعم ان لنا ههنا تقريرا آخر من دون أن يرد عليه الاشكال المذكور من عدم صحة التمسك على وجود الموضوع باطلاق الحكم، ومن دون الحاجة إلى الاستعانة بالتصرفات الواقعة عليه مطلقا في اثبات المدعا كما عليه الشيخرحمه‌الله وهو أن نقول: ان الاية انما تدل على أن الوفاء بالعقد واجب وأن ترك الوفاء عليه حرام، ومعنى وجوب الوفاء عليه وحرمة تركه عدم صحة فسخه وعدم صحة رجوعه فيه، فلو فسخ العقد أو رجع فيه يكون الفسخ حينئذ فاسدا والرجوع فيه لغوا بمقتضى الاية الشريفة لما هو مقرر في محله من أن الاوامر والنواهى الواردة في باب المعاملات كلها للارشاد إلى الاحكام الوضعية من فساد الفسخ وغيره دون المولوية.

وحاصل هذا التقرير أن قوله: اوفوا بالعقود أى لاترجعوا فيها ولاتبطلوها بفسخ وغيره بل احفظوها على ما هى عليها وأبقوها كذلك، فيكون أوفوا على هذا متوجها أولا وبالذات إلى عدم صحة الفسخ

٢٥

وفساده وعدم صحة الرجوع فيه من دون توسيط شئ.

لكن يرد عليه أن الانصاف أن الظاهر من الاوامر وكذا النواهى في هذا الباب كونها ايضا للمولوى دون الارشادى.

ثم لايخفى أن معنى الوفاء بالعقد ليس عبارة عن ترتيب آثار ملكية الغير له ولا أن ترك الوفاء به عبارة عن التصرفات المنافية لمالكية له وذلك لما هو بديهى من انه لو باع وسلم المبيع اليه ثم أخذه منه قهرا من دون أن يريد فسخه أو سرقه منه لايكون ذلك منافيا للوفاء بمقتضى العقد، اذالفرض أنه سلمه اليه ووافق به، غاية ما في الباب أنه يصير ظالما في حقه لغصب ماله أو لسرقته كما هو ظاهر.

ومن هنا ظهر ما في عبارة الشيخرحمه‌الله من الفساد، وذلك حيث انه قال في عبارة السابقة: ان العقد لما كان دالا على تمليك العاقد ماله من غيره وجب العمل بما يقتضيه التمليك من ترتيب آثار ملكية ذلك الغير له ثم فرع ذلك بقوله: فاخذه من يده من غير رضاه والتصرف فيه كذلك نقض لمقتضى العهد .ووجه الفساد واضح مما ذكرنا.

ولنا تقرير آخر ايضا وهو أسلم من السابق من حيث عدم ورود الاشكال عليه اصلا وهو ان نقول: انا سلمنا أن الاوامر والنواهى ظاهرة في المولوى دون الارشادى فالاية تدل حينئذ على وجوب تحفظ العقد وحرمة الاعراض عنه بفسخ والرجوع فيه، لكن هنا مقدمة مسلمة، فمع ضميمتها به يتم المطلوب، هى أن كل عقد جائز يجوز فيه الرجوع بلااشكال، وكل عقد لايجوز فيه

٢٦

الرجوع فهو لازم، فيكون مفاد الاية مع تلك المقدمة أن العقد الذى يجب حفظه ويحرم الرجوع فيه، وكذا الاعراض عنه، لاجل كونه لازما، لما هو مقتضى المقدمة والافغير لازم فان العقد الجائز ليس كذلك ولا يجب حفظه ولا يحرم الرجوع عنه.

وان شئت قلت: ان كل فسخ مؤثر في العقد فهو جائز شرعا و ينعكس بعكس النقيض: ان كل فسخ غير جائز شرعا فهو غير مؤثر، والمفروض ان الاية تدل على عدم جواز الفسخ وحرمة ذلك هو المدعا من أصالة اللزوم في العقود.

ومع ذلك كله يمكن ان يقال: أن المراد من العقود في الاية وان كان خصوص العقود المتداولة بين الناس فهو بعيد جدا ان كان اعم منها ومن العهود بينه تعالى وبين العباد، لازمة كانت او جائزة، تكون دلالة الاية على اللزوم حينئذ موهونة لدخول المستحبات فيها على الفرض مع أنها ليست بلازم الوفاء فافهم واغنتم.

الاية الثانية ومن جملة العمومات التى يتمسك بها لاصالة اللزوم، قوله تعالى واحل الله البيع وحرم الربوا(١) حيث انه يدل على حلية التصرفات مطلقا حتى التصرفات الواقعة على العقد بعد فسخه، نظير التقرير السابق في الاية الاولى.

ويرد عليه انه لاوجه لارادة التصرف من لفظ البيع لعدم دلالته عليه كما لايخفى.

_____________________

هامش(١) البقرة: ٢٧٥

٢٧

هذا بناء على ان المراد من الحلية هو الحكم التكليفى، واما بناء على ان المراد منها هو الحكم الوضعى كما هو الظاهر بقرينة المقام فيكون احل مشتقا من الحلول، يعنى انه تبارك وتعالى احل البيع في محله، واوقعه في موقعه، وامضاه على حاله، وابقاه في قبال البيع الربوى اى لم يبقه على حاله، ولم يمضه، بل منعه ورد من ترتيب الاثار عليه فظهر انه لادلالة له على المدعى من اصالة اللزوم في البيع بوجه كما عرفت.

الاية الثالثة ومن جملة الادلة على اصالة اللزوم، قوله تعالى: الا ان تكون تجارة عن تراض(١) وحاصل الاستدلال به، انه يدل باطلاقه على حلية اكل المال اذا كان سبب حصول ذلك المال تجارة عن تراض.

ومعلوم ان المراد منه ليس فعلا خاصا واكلا مخصوصا، بل المراد منه مطلق التصرفات حتى التصرفات البعدية بعد الفسخ من دون رضا الاخر.

وفيه انه وان كان متعرضا لحال التصرف لمامر من أن المراد من جواز الاكل بالتجارة، هو جواز التصرف، وهذا احسن من هذه الجهة للاستدلال به للمقام من غيره، الا انه لااطلاق له فيه بل هو بصدد مجرد كون الاكل بالتجارة حلالا في قبال الاكل بالباطل، من غير نظر فيه إلى بيان مدة الحلية وانها دائمة. او مختصة ببعض الاحوال.

_____________________

(١) النساء: ٢٩

٢٨

الاية الرابعة ومن جملة الادلة صدر هذه الاية.

وهو قوله تعالى: ولاتأكلوا اموالكم بينكم بالباطل(١) وتقرير دلالته للمقام بوجوه.

منها: انه يدل على حرمة الاكل بالباطل في اموال الناس فيما يسمى باطلا عند العرف واما الموارد التى يراها العرف من قبيل الاكل بالباطل، ومع ذلك رخص الشارع فيها بالاكل كما في حق المارة، وحق الشفعة مثلا فهى تكون مما خطأ الشارع فيه العرف في فهم البطلان وان ترخيصه يكشف عن عدم بطلانه واقعا وانما هى مما تخيله العرف كذلك.

فحينئذ اذا لم يعلم في مورد أن الشارع رخص فيه اولا كما في المورد المشكوك، يكون الاكل والتصرف فيه ممن لم يعلم ثبوت حقه فيه، أكلا للمال بالباطل، فلازم ذلك كون الفسخ الصادر من أحدهما من غير رضا الاخر باطلا، وهو يكشف عن لزوم العقد.

ولايخفى ما فيه من الاشكال، اذالاية حينئذ تصير مجملة لان ما من مورد من الموارد المشكوكة التى ابتلى به المكلف الا ويشك في أنه هل كان من جملة ما هو باطل في الواقع وفي نفس الامر، أو كان من جملة ما تخيله العرف باطلا، فلا يصح حينئذ التمسك بها في بطلان الفسخ الكاشف عن لزوم العقد، وقد أشرنا عليه بمثل هذا الكلام في بعض مسائل الصلاة، في تحقيق معنى التجاوز بالغير، وأن المراد من الغير ماذا؟ فراجع.

_____________________

(١) النساء: ٢٩

٢٩

ومنها: أنه يدل على حرمة الاكل وان موضوعها فيها هو الباطل العرفى على نحو ما سبق، لكن الموارد المأذون بها في الشرع مع صدق البطلان عليها عرفا كانت من باب التخصيص لامن باب التخطئة في المصداق.

وفيه ايضا أن الشارع مع تصديقه العرف في البطلان كيف يرخص في الباطل؟.

ومنها: أن الظاهر منها أن كل أكل واقع في الاموال فهو أكل مال بالباطل شرعا الا ما كان بتجارة، فتدل الاية على ان الاكل بسبب الفسخ من دون رضا الاخر باطل، فيتم المطلوب حينئذ.

لايقال: انه حرمة الاكل أو كونه باطلا فرع كونه مال الغير وهو مشكوك بعد الفسخ وبعد وروده..

لانا نقول: أن هذا انما يرد لو جعلنا الاكل عبارة عن التصرفات الواقعة بعد الفسخ، واما لو جعلنا كفاية عن كون مطلق التصرف حتى الفسخ حراما وباطلا غير مؤثر وهو الحق كما مر فلا يلزم الاشكال، لان الفسخ تصرف في مال الغير حيث انه ازالة لملكيته وقطع لربطه وعلقته.

لكن فيه ان يقال: ان الحرمة لاينتزع عنها الفساد ولايمكن أن يجعل النهى عن الاكل ارشادا اليه، لانه بالنسبة إلى سائر التصرفات غير الفسخ حرام تكليفى فلا يمكن حمله على بيان الحكم الوضعى بالنسبة إلى خصوص الفسخ، لاستلزامه استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد.

٣٠

الدليل الخامس على اصالة اللزوم

ومن جملة الادلة التى استدلوا بها عليها قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله المؤمنون عند شروطهم(١) .

ودلالته على المدعى متوقفة على ثبوت المقدمتين: الاولى: دلالته على وجوب الوفاء بالشرط.

الثانية كون المراد من الشرط مطلق الشروط حتى يعم الشروط الابتدائية كى يكون العقد البيعى من جملة مصاديقها، فيجب الوفاء به بناء على مقتضاه.

اما ثبوت المقدمة الاولى فواضح، لكونه ظاهرا في انه يجب الوقوف عند الشروط ويجب القيام بها وأن لاينقضها بناقض، ولايتخلف عنها بخلف، بل قد قيل ان دلالة الجملة الخبرية على الطلب اقوى وآكد من دلالة نفس الانشاء عليه ووجهه واضح.

هذا مضافا إلى كون ذيله قرينة على دلالته لما ذكر من وجوب الوفاء وهو قوله: الا من عصى الله(٢) و الا شرطا حرم حلاله او أحل حراما(٣) واشباههما من العبائر المختلفة المأثورة عن لمعصومعليه‌السلام في كتب الاحاديث.

فالعقد على هذا شرط فيجب الوقوف عنده ولايجوز التعدى عنه اذا شككنا فيما صدر من أحد المتبايعين دون الاخر في أنه من

_____________________

(١) الوسائل، الباب - ٢٠ - من ابواب المهور، الحديث ٤.

(٢) راجع الوسائل، الباب - ٦ - من ابواب الخيار وذيله.

(٣) الوسائل، الباب - ٦ - من ابواب الخيار، الحديث ٥.

٣١

من مصاديق الفسخ أولا، فيدل حينئذ على اللزوم بهذا التقريب.

واما ثبوت المقدمة الثانية فغير مسلم لوجوه: اما اولا فانا لانسلم ان معنى الشرط هو الالزام والالتزام، اذ لانفهم من الشرط بل لايستفاد منه في قولنا: اجيئك بشرط ان افعل كذا، او ان تفعل كذا، انى ملتزم بك عند مجيئى او انت ملتزم لى عند مجيئى، وانا الزمك عنده ان تفعل الفعل الكذائى، او ان افعل الفعل الكذائى.

بل فائدة الشرط انه يجعل مشروطه بوجوده عرضة للزوال بمعنى انه يجوز العمل عليه لو شاء واراد كما لايخفى.

نعم قد ينطبق ذلك على مورد الالزام والالتزام، ولايلزم منه انه بهذا المعنى وهو واضح.

واما ثانيا، سلمنا ان معنى الشرط هو الالزام والالتزام، الا ان العقد البيعى ليس من هذا القبيل اذا هو شئ والشرط شئ آخر.

نعم هو معنى وجوب الوفاء بالعقد، لاانه معنى نفس العقد.

ومما ذكرنا يظهر دفع كلتا الدعويين للشيخ الانصارىقدس‌سره من دعواه منع صدق الشرط في الالتزامات الابتدائية، وان المتبادر العرفى من معناه هو الالزام التابع بالعقد كما في اول باب الخيارات(١) ومن دعواه عدم الاشكال في صحة استعمال الشرط في الالتزام الابتدائى ووقوعه في الاخبار كثيرا كما في باب الشروط(٢) واما دفعهما فواضح مما ذكرنا.

_____________________

(١) المتاجر، قسم الخيارات ص ٢

(٢) المتاجر ص ٢٧٥ طبع تبريز ١٣٧٥

٣٢

واما ثالثا، سلمناه ان معناه هو الالزام والالتزام، وان العقد البيعى ايضا من هذا القبيل، لكن لابد في المقام من اثبات اطلاق حتى يشمل المورد الذى نعلم طر وعارض عليه ويشك في انه من مصاديق الفسخ اولا على الفرض.

لكن لنا منع هذا الاطلاق، بل هو ممنوع من اصله.

واما رابعا سلمنا جميع ذلك لكن يرد عليه الاشكال العام السابق من ان الحكم بمقتضى اطلاقه على موضوع، متوقف على وجود الموضوع وتحققه حقيقة، والمفروض ان وجود الموضوع فعلا بسبب طر وهذا الطارى، فلا يصح الحكم عليه بانه موجود باطلاق الحكم كما مر سابقا.

نعم يمكن الاستدلال عليه بكل واحد من التقريرين الاخيرين في اوفوا بالعقود فتذكر

الدليل السادس على اصالة اللزوم

ومن جملة الادلة المتمسك بها في المقام قولهعليه‌السلام : البيعان بالخيار ما لم يفترقا واذا افترقا وجب البيع(١) فانه يدل على ان الافتراق اذا حصل انتفى لهما الخيار، ولامعنى لانتفائه الا كون البيع لازما وهو معلوم.

لكن فيه اشكال واضح، وهو انه: نعم، الافتراق يدل على لزوم البيع وعدم ثبوت الخيار لهما بعد الافتراق، لكن بمعنى ان الخيار الذى كان للمتبايعين قبل افتراق المجلس، وانه كان موجبا لجواز العقد ليس لهما بعد ذلك وان العقد يصير لازما من هذه الجهة.

واما كونه لازما من سائر الجهات ايضا حتى من جهة طر وما يصلح ان يكون فسخا له فلا دلالة عليه كما لايخفى.

_____________________

(١) راجع الوسائل، الباب - ١ - من ابواب الخيار

٣٣

ومن الادلة على اللزوم الاستصحاب(١) ومن جملة الادلة الاستصحاب، وهو أقوى الادلة في المقام لو كان سالما عن الاشكالات الاتية.

فنقول في تقريره: أنا نعلم يقينا بوقوع العقد وأنه سبب لحصول ملكية أحد المتابعين لمال الاخر وبالعكس قطعا أو لانقطاع علاقة المالك عن العين المنتقلة به، فصارت ملكا لصاحبه وانقطاع علاقة مال صاحبه المنتقل عنه به، فصار ملكا له كذلك، فاذا شككنا بعد ذلك في أن العقد المذكور هل يكون منفسخا بقول أحدهما فسخت العقد من دون رضا الاخر أو لا؟ يستصحب الملكية الثابتة بالعقد فلا، لان الشك في وجود الرافع، والاصل عدمه إلى أن يعلم الفسخ حقيقة.

لكن فيه اشكال من وجوه: أما اولا فبانه شك في المقتضى فانا نشك في ان اقتضاء العقد و

_____________________

(١) هذا سابع الادلة التى استدل بها على اصالة الزوم وثامنها الذى لم يتعرض له المؤلف: الناس مسلطون على اموالهم راجع متاجر الشيخ الانصارى قسم الخيارات، ص ٢

٣٤

استعداده هل هو باق إلى زمان الشك وبعده أو انقضى ذلك قبل هذا الزمان بقوله: انا فسخت العقد فان كان العقد المفروض ثبوته عقدا جائزا وانعقد كذلك في نفس الامر فقد تم استعداده بصدور قوله: انا فسخت العقد وانقضى، فيكون هذا مؤثرا فيه، وان كان عقدا لازما في الواقع فاستعداده حينئذ يكون باقيا فلايكون ذلك القول فيه مؤثرا فيكون حاله من حيث الاستعداد والاقتضاء مجهولة فلايجرى فيه الاستصحاب.

وبعبارة اوضح أن الملكية على نحوين، ملكية مستقلة، وملكيه متزلزلة، أو ملكية لازمة وملكية غير لازمة، فاذا كان الامر كذلك ولم يعلم حال ما هو أثر العقد من مقتضاه يكون استعداده مشكوكا فلايجرى فيه الاستصحاب.

وأما ثانيا فيقال: أن ما نحن فيه من قبيل القسم الثانى من الاستصحاب الكلى لكون الشك في بقاء المتقين السابق من جهة الشك في تعيين ذلك الفرد وتردده بين ما هو باق فعلا وبين ما هو مرتفع كذلك، اذا العقد الذى شك في بقائه ان كان لازما فهو باق قطعا وان كان جائزا فهو مرتفع به جزما كما في مسألة القطع بوجود حيوان في الدار في زمان ثم شك في بقائه فيها بعد ذلك الزمان وعدمه، فالشك فيه من جهة الشك في تعينه في فرد او تردده بين ما هو باق قطعا ان كان فيلا مثلا وبين ما هو مرتفع كذلك ان كان بعوضة، فلايجرى فيه الاستصحاب لدوران الامر فيه بين ما هو مقطوع الانتفاء لو كان العقد الموجود المفروض سابقا جائزا وبين ما هو مشكوك الحدوث وهو لزومه فيكون محكوما بالانتفاء بحكم الاصل.

٣٥

واما ثالثا فان الاستصحاب المذكور - من استصحاب بقاء الملكية الثابتة للمالك الثانى بعد فرض صدور مايحتمل كونه موجبا للفسخ من القول المذكور الذى مقتضاه اللزوم - معارض بما هو حاكم عليه من استصحاب عدم انقطاع علاقة المالك الاول عن العين المنتقلة عنه إلى غيره، فحينئذ يقدم ذلك عليه فلايتم التمسك به أيضا في المقام.

وأما الجواب عن الوجوه المذكورة: فعن الاول: فبأن يقال: أولا بالحل: وهو انا لانسلم عدم حجية الاستصحاب في الشك في المقتضى اذ كما أنه حجة في الشك في الرافع وفي الشك في رافعية الشيئ الموجود كذلك انه حجة في الشك في المقتصى أيضا لشمول اطلاق الاخبار من قولهعليه‌السلام لاتنقض اليقين بالشك او لاينقض الشك اليقين(١) وأمثالهما.

نعم لوبنينا على مبنى الشيخ الانصارىقدس‌سره من عدم كونه حجة فيه يرد الاشكال في المقام، لكن المختار عدم صحة ذلك القول اذاليقين المأخوذ في اخبار الباب انما هو باق على حاله وعلى صفة اليقين، وهو الحق من دون التصرف فيه وجعله بمعنى المتيقن كما هو مختاره.

وثانيا بالنقض: وهو انا سلمنا أنه كذلك، لكنه من قبيل الموارد التى اجمع

_____________________

(١) راجع رسالة الاستصحاب ص ٨٢ للاستاذ الاكبر دام ظله.

٣٦

القوم بجريان الاستصحاب فيهما كما في استصحاب بقاء الضوء للسراج اذا شك في استعداد الدهن له واستصحاب بقاء الحياة اذا كان الشك من جهة القابلية والاستعداد لبقاء ذى الحياة وهكذا غيرهما من نظائرهما مما كان الشك فيه من الجهة المذكورة لامن جهة الشك في حدوث الرافع كالموت لاجل السقوط من شاهق مثلا مع أن الاستصحاب حجة فيها بلا اشكال، فما هو الجواب هناك هو الجواب هنا.

وثالثا: انا لانسلم ان الملكية على نوعين بل الملكية لها نوع واحد و حقيقة واحدة ولااختلاف فيها، وانما الاختلاف والتغاير في اسبابها، فانها قد تفيد ملكية مستفلة لازمة وقد تفيد ملكية غير مستقلة غير لازمة، ومعلوم ان تغاير السبب واختلافه لايوجب تغاير المسبب واختلافه فحينئذ يستصحب ذلك المسبب اعنى الملكية الحاصلة بالعقد.

ورابعا: سلمنا انه من قبيل الشك في المقتضى، وان جميع ما ذكرنا من الاجوبة غير واردة، الا ان المقام ليس من القبيل المذكور حقيقة و واقعا، لان المعنى في الشك في المقتضى كون الشك في نفس اقتضاء المقتضى واستعداده فقط، لا في شئ آخر غير الاستعداد والقابلية، بخلاف المقام فان الشك هنا انما في رافعية الفسخ المفروض حصوله من البايع قطعا لافى نفس اقتضاء الملكية واستعدادها من حيث البقاء وعدمه كما هو المدعى، اذا لوصرفنا النظر عنه ليبقى الملكية الحاصلة المفروضة للمالك الثانى على حالها بلااشكال من دون شك في رفعه أو ارتفاعه.

٣٧

وعن الثانى: انا لانسلم ان الاستصحاب في الكلى الذى مر ذكره ليس بحجة بل هو حجة فيه بلاارتياب لكونه مشمولا لاطلاق الاخبار كما قرر في محله هذا اولا.

وثانيا: سلمنا عدم حجيته فيه لكن الاستصحاب هنا وكذا فيما كان من هذا القبيل كما في جميع مصاديق القسم الثانى من الاستصحاب الكلى مثل العلم بحدوث حدث مردد بين كونه بولا ومنيا، ليس من قبيل الاستصحاب الكلى كما هو المدعى في المقام، بل هو فيهما من باب استصحاب الفرد قطعا، اذ المفروض أن المستصحب هو الذى يرى جئته في الدار ويرى أنه من بعض افراد الحيوان ويسمع صوته او بعض علاماته الدالة حسا على انه جزئى شخصى وحقيقى، كما هو مقتضى الشئ وتشخصه خارجا.

غاية الامر انه لايعرفه بشخصه وبتعيينه بحيث يمتاز عن غيره من مشاركاته في جنسه ومعلوم ان عدم حصول العلم والمعرفة به بخصوصه لايوجب كونه كليا.

نعم عدم العلم به كذلك يوجب ترديدا للمستصحب (بالكسر) فيه في بقائه وعدمه فيكون هذا منشأ لشكه، فيكون أركان الاستصحاب من هذه الجهة تامة.

ومن هنا ظهر ان القول - بانه لابد في الاستصحاب من يقين سابق وشك لاحق، والمقام ليس كذلك، اذا المستصحب (بالفتح) مردد بين ما هو منتف قطعا، اذا فرض الحاصل من الحدث بولا مثلا و عقب

٣٨

بالوضوء بعده، وبين ما هو مشكوك حدوثه، فعلا، اذا فرض منيا مع التعقيب المذكور، فلايكون أركانه حينئذ تامة، فلامجال لجريانه - لاوجه له اصلا، لما مرمن أن كونه كذلك كان منشأ للشك ومصححا للاستصحاب ولترتيب آثاره.

نعم الذى يجب ترتيبه عليه من الاثار انما هى الاثار المشتركة بين البول والمنى أعنى آثار الحدث المفروض وجوده في الخارج المشخص بتشخصاته الخارجية وجزئية، مثل حرمة مس كتابة القرآن على هذا الشخص ونظيره، لاترتيب آثار خصوص كل واحد منهما من حيث شخصيته وخصوصيته، لعدم كونه مستصحبا كذلك. فافهم واغتنم.

قال الشيخقدس‌سره في مبحث المعاطاة: ويدل عليه اى مدعاه من اصالة اللزوم في المقام وبقاء ملكية المالك الثانى.

مع انه يكفى في الاستصحاب الشك في ان اللزوم من خصوصيات الملك او من لوازم السبب الملك.

ومع ان المحسوس بالوجدان ان انشاء الملك في الهبة اللازمة وغيرها على نهج واحد.

ان اللزوم والجواز لو كانا من خصوصيات الملك فاما ان يكون تخصيص القدر المشترك باحدى الخصوصيتين بجعل المالك او بحكم الشارع،

٣٩

فان كان الاول، كان اللازم التفصيل بين اقسام التمليك المختلفة بحسب قصد الرجوع وقصد عدمه او عدم قصده، وهو بديهى البطلان اذلا تأثير لقصد المالك في الرجوع وعدمه.

وان كان الثانى لزم امضاء الشارع العقد على غير ماقصد المنشئ وهو باطل في العقود، لما تقدم من ان العقود المصححة عند الشارع تتبع المقصود انتهى(١) ولايخفى مافى تلك الوجوه من الاشكال: اما في الاول: من قوله: مع انه يكفى في الاستصحاب الشك.. ففيه انه ممنوع جدا اذ مقتضاه أنا لو شككنا في ان هذا المورد هل هو مجرى الاستصحاب او ليس بمجراه، لجاز أن يجرى فيه الاستصحاب، مع أنه لابد في جريانه من اعتبار مجراه، وانه هل هو مقرون بما اعتبر في جريانه من الشرائط والاركان، كى يجرى فيه الاستصحاب اولا؟ ففيما نحن فيه انا اذا شككنا في أن اللزوم والجواز من خصوصيات الملك، لايكون المقام مجرى له او من خصوصيات السبب المملك يكون مجرى له، لاوجه للحكم بأنه مجراه لما مر من أنه لابد في جريانه من احراز اركانه وشرائطه وهو واضح.

واما في الثانى من قوله: مع أن المحسوس بالوجدان.

_____________________

(١) المتاجر، كتاب البيع، ص ٧

٤٠