نخبة الأزهار في أخبار الخيار

نخبة الأزهار في أخبار الخيار0%

نخبة الأزهار في أخبار الخيار مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 244

نخبة الأزهار في أخبار الخيار

مؤلف: شيخ الشريعة الاصفهاني
تصنيف:

الصفحات: 244
المشاهدات: 63522
تحميل: 4460

توضيحات:

نخبة الأزهار في أخبار الخيار
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 244 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 63522 / تحميل: 4460
الحجم الحجم الحجم
نخبة الأزهار في أخبار الخيار

نخبة الأزهار في أخبار الخيار

مؤلف:
العربية

قال الشيخرحمه‌الله : وهل للمشروط له الفسخ بمجرد عدم اسقاط المشترط الخيار بعد العقد وان لم يفسخ؟ وجهان.

من عدم حصول الشرط وهو اسقاط الخيار بعده - هذا اشارة إلى وجه ثبوت خيار تخلف الشرط - ومن ان المقصود منه ابقاء العقد على حاله فلايحصل الا اذافسخ العقد - هذا اشارة إلى عدم ثبوته.

ثم قالقدس‌سره : والاولى بناء على القول بعد تأثير الفسخ هو عدم الخيار أى خيار التخلف للمشروط له، وعلى القول بتأثيره ثبوت الخيار له(١) . ولكن لايخفى ما فيه أيضا من الاشكال.

وهو أن للمشروط يكون خيار تخلف الشرط بمجرد تخلف المشترط عليه بشرطه وهو اسقاط الخيار بعد العقد، سواء قلنا بعدم تأثير الفسخ أم بتأثيره، وابتناء ثبوت الخيار على تأثير الفسخ وعدمه على عدم تأثيره لاوجه له أصلا، بل حال القول الاول من عدم تأثير الفسخ مثل حال القول الثانى في ثبوت الخيار من دون فرق بينهما اصلا. وقد يقال: ان اشتراط اسقاط الخيار بعد العقد غير صحيح في خصوص المقام وان كان لاشتراطه في غيره من سائر المقامات مجال.

وذلك: فان مقتضى ذلك منع تأثير مايتحقق بعد ذلك من العلة التامة والاخلال بما هو علة تامة لتحقق أمنر آخر ووجوده، فان العقد علة تامة لثبوت الخيار، فلو جاز اشتراط اسقاطه بعد العقد، يلزم عدم كون العلة التامة علة تامة للخيار والمفروض أنها علة تامة لثبوته.

_____________________

(١) المتاجر، ص ٢٢١

٨١

أقول: انه لاطائل تحته، لان العقد ليس علة تامة له بل هو مقتضى له والمقتضى انما يؤثر تأثيره اذا لم يمنعه مانع عن اقتضائه ولم يدفعه دافع عن ذلك، والاشتراط المذكور احداث مانع عن تأثيره واقتضائه وايجاد دافع ومبطل كذلك عند اقتضائه في محله وموقعه كمامر اليه الاشارة فيما سبق أيضا.

على أن هذا الوجه من الاشكال لو تم لتم في سائر الموارد أيضا فلاوجه لخصوص هذا المورد كما لايخفى، حول كلام للشيخ حكى الشيخ الانصارى أعلى الله مقامه في المكاسب عن العلامةرحمه‌الله موردا لعدم جواز اشتراط نفى خيار المجلس وغيره في متن العقد.

وهو ما اذا نذر المولى أن يعتق عبده اذا باعه، بان قال: على أن اعتقك اذا بعتك

قال: لو باعه بشرط نفى الخيار لم يصح البيع لصحة النذر فيجب الوفاء به ولايتم برفع الخيار ثم قالقدس‌سره : هذا مبنى على ان النذر المتعلق بالعين يوجب عدم تسلط الناذر على التصرفات المنافية له، وأن الاقوى في الشرط أيضا كونه ذلك.

أقول: لايخفى ما فيه من باعث التعجب والبعد، لعدم ابتناء كلامهقدس‌سره على ما ادعاه الشيخ الانصارى بل لاربط لكلامه له

٨٢

أصلا، بل يبتنى كلامه هذا على المسالة الكلية المعروفة عند الاصحاب التى من جملتها تلك المسالة المفروضة، وهى هل الشرط الفاسد في العقد يفسد العقد أو لايفسده، بل يكون الشرط فاسدا فقط.

والذى يؤيد ما ذكرناه ذيل قولهقدس‌سره : وعلى قول بعض علمائنا من صحة البيع مع بطلان الشرط يلغو الشرط ويصح البيع وهو كما ترى يدل على ما ادعيناه من مختار العلامة كما لايخفى(١)

الرابع من مسقطات خيار المجلس: نفس اسقاط الخيار بعد العقد

_____________________

(١) راجع التذكرة ج ١ ص والمتاجر ص ٢٢١

٨٣

ويمكن الاستدلال عليه بعد الاجماع بامور: الاول: فحوى ما دل على سقوط الخيار بالتصرف من النص معللا بأنه رضا بالبيع فاسقاطه حينئذ يكون كاشفا عن رضاه بالبيع.

لكن فيه أن السلطنة على أعمال الخيار عن أصله وأسقاطه من رأسه كما في فرض ابقائه أيضا كذلك أذ هو يحتاج إلى دليل آخر غير دلى ثبوته، لانه لايدل على أزيد مما ذكر فضلا عن دعوى الفحوى.

الثانى: فحوى الناس مسلطون على اموالهم ، فانهم اولى بالتسلط على حقوقهم العارضة على أموالهم والمتعلقة بها وقد تعسى في المكاسب(١) أن هذه الفحوى هو مدارك القاعدة المسلمة: من أن لكل ذى حق أسقاط حقه.

ولكن فيه أيضا أن تسلط الناس على أعيان أموالهم بناء على أنه مضمون الرواية(٢) - والا فليس في الاخبار منه عين ولااثر فضلا عن

_____________________

(١) راجع المتاجر ص ٢٢١

(٢) البحار ج ٢ ص ٢٧٢ الطبع الحديث.

٨٤

كونه آية قرآنية كما توهمه بعض - ليس الا لاجل علاقة الملكية لهم واختصاصها الخاص بهم دون غيرهم، وليس بين الاشخاص وحقوقهم اختصاص خاص أصلا فضلا عن كونه أقوى من الاختصاص الثابت بينهم وبين أموالهم وأنما كان نفس الحق عبارة عن اعتبار خاص بينه وبين قيه الذى تعلق به بناء العقلاء، فيكون حال الحق مثل حال الملكية في عدم التسلط على رفع اليد عنه مع حفظ متعلقه الا مع فرض رفع اليد عنه أيضا.

كما أن تسلط المالك على الملك لايستلزم التسلط على ملكيته بحيث يتمكن من رفع اليد عنها دونه.

نعم يتمكن من رفعها تبعا لرفع الملك كما في الاعراض عن الملك، فانه أنما كان من جهة التسلط على الملك لاالملكية وغيره.

فظهر أن دليل التسلط على الاموال لايكون دليلا على التسلط على الحقوق بالفحوى.

على أن دليل السلطنة ليس في مقام تشريع السبب من التصرفات بناء على أن الاسقاط تصرف من جملة التصرفات - مع أنه في محل المنع لما يجئ من الاشارة اليه - ولاالمسبب، بل أنما كان في مقام اثبات السلطنة للمالك فيما ثبت كونه من الامور الجائزة السائغة في الشرع من التصرفات وأسبابها في قبال الحجر والمنع عنها، فلابد حينئذ من كون لفظ اسقطت من جملة تلك الامور، سابقا على دليل السلطنة كى يكون مقتضاه اثبات نفوذه ومضيه وهو خلاف الفرض في المقام، اذ المفروض اثبات جوازه بهذا الدليل. ولعل الوجه في القاعدة السابقة المسلمة من أن لكل ذى حق

٨٥

اسقاط حقه، كون الحق عند العقلاء اعتبارا خاصا عندهم كما مرت اليه الاشارة يسقط باسقاط ذيه، ولذا كانت مسلمة عندهم بداهة أن الوجه فيها لو كان فحوى تسلط الناس على أموالهم لما كانت مسلمة فيما بينهم لمامر.

وبما ذكرنا ظهر ما في الاستدلال بالفحوى المذكورة على سقوط الخيار بكل لفظ دال عليه بأحدى الدلالات العرفية من الاشكال والمنع.

الثالث: فحوى مادل على كفاية بعض الافعال الصادرة من المالك في أجازة عقد الفضولى.

وفيه منع الملازمة، فضلا عن دعوى الفحوى في المقام لانطباق الصغرى والكبرى المسلمتين، من أن كل عقد لو أجازه المالك أو تصرف فيه بأى تصرف كان، يكون لازما في حقه ونافذا عليه هناك، والعقد الفضولى عقد تصرف فيه المالك لازما عليه، بخلاف الكلام هنا، فان تحقق سقوط الخيار لكل لفظ دال عليه غير معلوم ثبوته كى يلزم سقوطه بالاسقاط.

الرابع: قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالاتفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لاتفعلون(١) بيان الاستدلال فيه واضح. ولكن فيه أن المراد من الموصول في الاية هو الوعد على ما استشهد بها الامامعليه‌السلام على لزوم الوفاء به(٢) ، والاسقاط ليس من قبيل الوعد عرفا.

_____________________

(١) الصف: ٣

(٢) تفسير البرهان ج ٤ ص ٣٢٧.

٨٦

على انه من قبيل الانشاء والوعد من قبيل الاخبار.

الخامس: عموم قوله تعالى: أوفوا بالعقود(١) بناء على أن المراد من العقود هو العهود، فالاسقاط أيضا عهد من جملتها فيجب الوفاء به. وفيه أن الاسقاط ليس من العقود بل من الايقاعات ولذا لايفتقر إلى القبول، فلو أسقط الخيار من دون اطلاع الطرف الاخر لكان نافذا.

السادس: حصول صدق السقاط النافذ عرفا لو قال ذوالخيار: اسقطت خيارى، بمقتضى ما تقدم من التسلط على اسقاط الحقوق. وفيه أنه موقوف على تسليم الفحوى وهو في محل المنع.

السابع: عموم أدلة الشروط. وفيه أنه موقوف على اثبات شمولها للالتزامات الابتدائية وهو أول الدعوى. ولكن الانصاف أن مقتضى النص بعموم التعليل بقولهعليه‌السلام : انه رضا بالبيع(٢) يدل على ان كل قول أو فعل كاشف عن الرضا بالبيع كاف في سقوط الخيار، من غير فرق بين امضائه باعمال الخيار وبين اسقاط أصل الخيار، وهذا النص(٣) دليل على المطلب ومخصوص بالبيع.

_____________________

(١) المائدة: ١

(٢) الوسائل، الباب - ٤ - من ابواب الخيار - الحديث ١

(٣) اى الرواية السابقة التى فيها انه رضا بالبيع

٨٧

فالتحقيق في بيانها أن يقال: انه لو كان لكل ذى حق حق قابل للنقل، وعلم من الشرع أن الغرض من جعله ليس الا الارفاق في حق كل ذى حق ووجود المصلحة له، وأنه لم يعتبر فيه جهة تعبدية من قبله، صح له اسقاط هذا الحق عند العقلاء.

فعلى هذا لايكون اعتبار العقلاء مأخوذا في الحق بقول مطلق، بل هو مخصوص بهذا الصنف منه، فلا ينتقض ما ذكرنا حينئذ بالحقوق غير القابلة للنقل، مثل الحقوق المنتزعة عن الذات كحق الابوة والاخوة مثلا، ولا بالحقوق التى علم فيها اعمال الشارع الجهة التبعيدية، كحق الرجوع في الطلاق على تقدير.

والحاصل أن كل مورد علم في جعله ملاحظة ارفاق المكلف و علم ايضا عدم ملاحظة جهة تعبدية فيه فله أن يرفع اليد عنه بالاسقاط وغيره كما في المقام، وان علم مع ذلك لحاظ جهة تعبدية فيه فليس له ذلك.

نظيره سقوط الركعتين من صلوة المسافر، فانه وان علم انه تخفيف وارفاق للمكلف الا انه علم فيه أيضا لحاظ جهة تعبدية فلا يجوز له ضمهما لصلوته المقصورة.

وان شك في مورد في لحاظها وعدمه، فالاصل عدم جواز رفع اليد عنه كما في حق الرجوع في الطلاق بناء على عدم العلم باعتبار الجهة المذكورة فيه وعدمه.

٨٨

هل الكتابة كالقول؟ ثم هل الكتابة يقوم مقام القول في المقام في جميع ما يترتب عليه من اللوازم والاثار؟ وجهان مبنيان على أن ظهواهر الافعال كظواهر الاقوال في حجيتها بسبب الدليل وعدمها.

فان قلنا بالحجية فلابد حينئذ من اخراج الطلاق بالكتابة عنها لعدم انعقاده الا بالانشاء القولى بالاتفاق.

وان قلنا بعدمها فلابد أيضا من اخراج اشارة الاخرس عنه.

والتحقيق عدم حجيتها لعدم قيام الدليل من الاجماع والسيرة عليها كما قامت السيرة على حجية ظواهر الاقوال.

نعم لو علم من الخارج أن المراد من الكتابة ليس الا اسقاط خيار ذلك الكتاب مثلا لقامت مقام قوله، كما في غير هذا المقام والا فلا لمامر.

٨٩

هل يسقط الخيار بقوله: اختر لو قال أحد المتبايعين للاخر: " اختر " فان اختار المختار - بالفتح - الفسخ فلا اشكال في انفساخ العقد، وان اختار الامضاء فلا اشكال أيضا في لزومه من قبله.

وانما الاشكال والنزاع في سقوط خيار الامر، بمعنى أنه هل يسقط بمجرد أمره بذلك في هذا الفرض أولا.

أقول: ان غاية مايمكن الاستدلال به على سقوطه أحد الامرين: الاول: أن هذا الامر هنا غاية تعبدية للخيار كما يترا آى من بعض أخبار هذا الباب، من " أن البيعين بالخيار مالم يفترقا أو يقول أحدهما لصاحبه: اختر(١) كما أن افتراقهما كان غاية تعبدية له، فحينئذ يسقط خياره بمجرد اختياره لحصول المغيى عند حصول غايته.

لكن فيه أن التحقيق أنه ليس غاية تعبدية لعدم الدليل عليه، واما ماذكر من الخبر فلم يثبت كونه من طرقنا الامامية وانما هو من طرق العامة.

الثانى: انه يدل على تمليك الامر خياره على المامور وتفويضه

_____________________

(١) المستدرك، الباب - ٢ - من ابواب الخيار، الحديث ٣

٩٠

اليه فاذا اختار المأمور الامضاء يسقط خيار الامر.

وفيه أن الظاهر ان كلمة " اختر " لادلالة لها بحسب وضعها الاعلى طلب اختيار المخاطب أحد طرفى العقد من الفسخ والامضاء، وارادته منه كذلك، وليس في مفاده دلالة على تمليك الخيار وتفويض الامر اياه إلى المخاطب كما لايخفى.

وماورد من السؤال عنهعليه‌السلام عن رجل خير امرأته فاختارت نفسها فبانت والجواب عنه بقولهعليه‌السلام : لاانما هذا شئ كان لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خاصة الخ "(١) لو سلم دلالته على المطلب، بضميمة أن أمر الطلاق بيد من اخذ بالساق، انما هى بقرينة المقام لا ان كلمة " اختر " بنفسها تدل على التمليك والتفويض.

تنبيه.

ثم اعلم ان لااشكال في ان اسقاط احدهما خياره لايوجب سقوط خيار الاخر، فلو فسخ الاخر انفسخ العقد لكن لامن جهة تقديم الفاسخ على المجيز بل من جهة بقاء خياره على حاله بعد اسقاطه.

مع ان الفرض المذكور ليس من هذا القبيل اصلا كما هو واضح نعم قد يقال: انه لو كان تعارض بين الاجازة والفسخ كما لو اجاز الاصيل او الوكيل العقد، وفسخه الاخر منهما دفعة واحدة الكائنين في طرف واحد مع فرض كون الطرف الاخر مجيزا ايضا او بلاخيار اصلا،

_____________________

(١) الوسائل، الباب - ٤١ - من أبواب مقدمات الطلاق، الحديث ٤ وغيره.

٩١

كانت المسألة من باب تقديم الفسخ على الاجازة.

وكذا لو تصرف ذوالخيار في كلا العوضين دفعة واحدة، كما لوباع عبدا بجارية ثم أكعتقها جميعا فان اعتاق العبد فسخ واعتاق الجارية اجازة.

وكذا غير هذين الموردين من الامثال والنظائر.

لكن لايخفى مافيه من عدم المعقولية، اذكيف يعقل ايقاع الفسخ والاجازة، كما فرض في المثال على قول هذا القائل من شخص واحد دفعة واحدة، مع أنه حرية العبد بسبب تقديم الفسخ على الاجازة، لانه لاينعتق الا بعد دخوله في ملكه بعد ولازمه القول بحرية العبد دون الجارية مع أنه انما أعتقهما في ملكه على الفرض، وهو غريب عجيب.

نعم يمكن في المقام أن يقال: انه لاوجه لتقديم الفسخ على الاجازة لمكان التعارض على الفرض، لان مقتضى الاجازة تثبيت للعقد والفسخ ابطال لهوهما متنافيان، ولاوجه لتقديم أحدهما على الاخر فمقتضى القاعدة التساقط في جميع تلك الامثلة وان نسب إلى العلامة التقديم، لكن لم يعلم له وجه.

٩٢

الخامس من مسقطات خيار المجلس: افتراق المتبايعين

لااشكال في سقوطه به، وانما الاشكال فيما يكتفى به في صدق الافتراق.

قد يقال: أن المعتبر منه ما يكون في نظر العرف افتراقا.

وقال الشيخ الطوسىقدس‌سره : " أقل ما يتحقق به الافتراق وينقطع به خيار المجلس خطوة "..(١) وقال الشيخ الانصارى أعلى الله مقامه: " أن معنى حدوث الافتراق المسقط خيارهما افتراقهما بالنسبة إلى الهيئة الاجتماعية الحاصلة لهما قبل افتراقهما وحين العقد "(٢) وحاصل مايستفاد من قولهرحمه‌الله كفاية حدوث الافتراق في سقوط الخيار ولو كان أقل من خطوة بل مسماه.

والحق هو الحق الاول اعنى مايسمى في نظر العرف افتراقا وهو لايصدق في نظرهم بمثل الخطوة او أقل منها، لاسيما اذا كان هذا المقدار منه لاجل تحصيل بعض الاغراض المتعلقة لنفس المعاملة كما اذا

_____________________

(١) الخلاف ج ١ ص ٥١٢ طبع ١٣٧٧.

(٢) المتاجر ص ٢٢٢

٩٣

افترقا بمقدار خطوة او باقل منها لاخذ الثمن أو المثمن، أو لاجل الفسخ في المجلس لضيق المكان، أو لشدة الحرارة أو غير ذلك من الاغراض السائغة له، فحينئذ فأنه لايصدق حينئذ الافتراق بالاشكال.

ويمكن الاستدلال على مختارهقدس‌سره بأحد امور: الاول: ما في بعض الروايات من قوله: " فلما استوجبتها قمت فمشيت خطا ليجب البيع حين افترقنا "(١) فأن قوله: " حين افترقنا " يدل على أن وجوب البيع كان عن حين المفارقة وهو الان الذى اخذ بالافتراق وشرع فيه، فيكون هذا دليلا وشاهدا لقولهقدس‌سره .

الثانى: انه اذا علمنا أن اللفظ لو استعمل في الفرد النادر علمنا من ذلك أنه يستعمل في الافراد الشايعة والنادرة كليهما معا كما ادعى السيدقدس‌سره نظير ذلك في باب المياه في مسألة جواز التطهير بالماء المضاف،(٢) ففى ما نحن فيه لما كان الافتراق الذى يتحقق في ضمن الخطا الثلاثة من الافراد النادرة موجبا لسقوط الخيار، يعلم منه أنه لو تحقق في ضمن فرد آخر اندرمنها أيضا يكون موجبا لسقوطه ولو كان ذلك أقل من خطوة ومسماه.

الثالث: أن المراد من الافتراق في الرواية هو مقابل الاجتماع وهو أنما يتحقق في مقابلة بعض الاشياء مع بعض آخر والافتراق الذى هو خلافه يكون مجرد التباعد بين الشيئين أو الاشياء فحينئذ يكون بعد احد المتبايعين ولو قليلا كافيا في سقوط الخيار.

_____________________

(١) الوسائل، الباب - ٢ - من ابواب الخيار، الحديث ٢ و ٣.

(٢) المسائل الناصريات المسألة ٢٢.

٩٤

هذا غاية مايمكن الاستدلال به لمختار الشيخقدس‌سره ولتصحيحه لكن كل واحد منها لايصلح سندا لاثبات قولهقدس‌سره .

اما الاول، فان قوله: " حين افترقنا " أى حين تحقق الافتراق بيننا، فحينئذ يكون معناه معنى قوله: " فاذا افترقا وجب البيع "(١) بعينه من غير فرق بينهما اصلا لامجرد الاخذ والشروع فيه كما هو المدعى هذا أولا.

وثانيا: أن ترتيب وجوب البيع على مثل خطوات وتعليقه عليه يدل على عدم كفاية اقل من ذلك في لزوم البيع ووجوبه.

واما الثانى، فانا لانسلم أن الخطوات الثلاثة من الافراد النادرة، سلمنا ذلك لكن ثبوت الحكم لفرد نادر لايوجب ثبوته لما كان أندر منه، نعم لو كان مساويا له في الندرة لصح دعوى ثبوته له أيضا لكونه مثله.

واما الثالث، فان المأخوذ في الرواية هو عنوان الافتراق الذى هو المعتبر والميزان في سقوط الخيار في نظر العرف، لامجرد البعد كى يصدق على الخطوة وعلى الاقل منها.

ومن هنا يظهر ما في التعبير عن الافتراق بأدنى الانتقال ولو كان أصبعا، بل قوله: " قمت فمشيت خطا " في الرواية المذكورة، يدل على أن الاقل من الخطوات الثلاثة لايكفى في سقوطه في نظر العرف كما هو الظاهر.

ومما ذكرنا يظهر ما في منع الشيخرحمه‌الله انصراف اطلاق

_____________________

(١) الوسائل الباب - ١ - من ابواب الخيار، الحديث ٤.

٩٥

الخطوة إلى أزيد من خطوة.

وفي منعه دلالة الرواية،(١) من الاشكال ودعوى - امكان كون فعل المعصوم لزياده التوضيح لبيان الفرد للافتراق - غير مسموعة، بل هى محتاجة إلى الدليل والاثبات، وللمانع يكفى مجرد المنع كما لايخفى.

ثم ان الافتراق الموجب لسقوط الخيار هو حركة أحد المتبايعين من المكان الذى تبايعا فيه من دون مصاحبة الاخر معه في الحركة يعنى ان الاخر اما لايكون متحركا أصلا ويبقى في المكان الذى كان فيه، أو يتحرك فكن لاالى الجهة التى تحرك اليها صاحبه، بل إلى جهة اخرى منافية لها.

ولعل هذا مراد الشيخقدس‌سره من قوله: " ثم اعلم أن الافتراق على ما عرفت من معناه يحصل بحركة أحدهما وبقاء الاخر في مكانه الخ "(٢) فراجع. لو اكره على الافتراق فالمعروف عدم اسقاط الخيار عن المكره ويمكن الاستدلال عليه بامور: منها: أنه اذا اسند الفعل كالقيام والقعود والاجتماع والافتراق مثلا إلى ذوى الارادة والاختيار كما صرح به التفتازانى في المطول أيضا يكون ظاهرا في الاختيار، يعنى يكون صادرا عن ارادة واختيار لاعن اكراه واضطرار.

فحينئذ الافتراق عن اكراه لايكون مسقطا للخيار.

ومنها: أن قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث الرفع(٣) :

الاكراه على الافتراق

_____________________

(١) ذكره في المتاجر، ص ٢٢٢ طبع تبريز.

(٢) المتاجر، ص ٢٢٢

(٣) الخصال ص ٤١٧ طبع الغفارى.

٩٦

" وما استكرهوا عليه " انما يدل على ان المكره - بالفتح - لاأثر لفعله مطلقا حتى الاثر الوضعى بناء على ان هذا الحديث الشريف يرفع الحكم الوضعى أيضا ولااختصاص له برفع المؤاخذة فقط، كما يدل على ذلك رواية المحاسن(١) حيث استشهد الامامعليه‌السلام فيها على عدم وقوع الطلاق والعتاق، بهذا الحديث.

ومنها: صحيحة فضيل بن يسار عن ابى عبداللهعليه‌السلام قال قلت له: ما الشرط في الحيوان؟ قال: ثلاثة أيام للمشترى.

قلت: وما الشرط في غير الحيوان؟ قال: البيعان بالخيار مالم يفترقا فاذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما(٢) حيث يدل على أن الافتراق الموجب لسقوط الخيار مشروط بكونه صادرا عمع الرضا والمكره لارضا له والا لايكون مكرها.

ولكن يمكن الجواب عن كل منها.

أما عن الاول ففيه أولا نمنع أن الفعل اذا اسند إلى ذى الارادة و الاختيار لابد أن يكون بالاختيار، وان قال به بعض أهل المعانى والبيان، الا ترى انه مردود بأدلة الضمان مثل قوله: من أتلف مال الغير فهو له ضامن وبأدلة نواقض الصلاة كمن أحدث في صلاته فصلاته باطلة مثلا وغير ذلك وبأدلة نواقض الصلاة كمن أحدث في صلاته فصلاته باطلة مثلا وغير ذلك مما ليس فيه صدور الفعل من الفاعل أو قيامه به مشروطا باختياره وارادته

_____________________

(١) المحاسن ج ٢ ص ٣٣٩ طبع المحدث والوسائل ج ١٦ ص ١٦٤ طبع اسلامية.

(٢) الوسائل، الباب - ١ - من ابواب الخيار، الحديث ٣ والباب ٣ الحديث ٥.

٩٧

في تأثيره.

وثانيا سلمنا ذلك، لكن القول بأن المكره لااختيار له في حال الاكراه فاسد جدا اذا المكره كغيره في كونه ذا ارادة واختيار في تلك الحال لان الشخص اذا اكره على شئ بأن يقال له: بع دارك بفلان والا لاقتلك أو لاقتل ابنك، فانه من المعلوم يكون مختارا وراضيا ببيع داره كمال الرضا دفعا للضرر الراجع إلى نفسه أو ابنه اذالعاقل اذا صار مرددا بين أمرين، والفرض أنه لابد من اختيار واحد منهما يختار بكمال الرضا و الرغبة ما هو أهون وأسهل من الامرين ويترك ما هو اشد واشق عليه وان كان منشأ ذلك هو اكراه المكره بالكسر، لكنه لايضر بحصول الرضا بالبيع عند الترديد.

ومثل ذلك قول الطلبيب للمريض: أن هذا المرض لاعلاج له الا ان تشرب الدواء الفلانى او تأكل الفلانى المعجون الكذائى أو تعطينى المبلغ الكذائى حتى اعالجك والمفروض انه لايتمكن ولايقدر على ذلك الا ببيع داره أو عقاره مثلا فهو حينئذ يرضى ببيعها بكمال الطوع والرغبة لكى ينجى نفسه منه كما هو أوضح من أن يخفى على احد.

واما عن الثانى ففيه اولا انا نمنع أن الحديث يرفع الحكم الوضعى بل دلالته منحصرة على رفع الحكم التكليفى ويستتبعه رفع المؤاخذة و كونه دالا على ازيد من ذلك محتاجى إلى دليل.

واما رواية المحاسن ففيها كلام طويل في محله لايسعه هذا المختصر وثانيا سلمنا ذلك، لكن قوله: " وما استكرهوا عليه " في الحديث المذكور لايشمل ما نحن فيه بل هو خارج عن مفاده والا يلزم ان يكون

٩٨

الحديث معمولا به بالنسبة إلى بعض فقراته وغير معمول به بالنسبة إلى بعضها الاخر، اذالقوم قد اتفقوا في ان الافتراق مسقط للخيار ولو كان في حال سهوا ونسيان او خطا او اضطرار او غفلة او جنون او غير ذلك مما يصح نسبة الفعل إلى الشخص وصدوره عنه ولو كان ذلك عنه بتقصير او قصور، كما ان المعتبر في باب الضمان ايضا كذلك يعنى اذا صح نسبة الفعل إلى المتلف مطلقا.

وثالثا ان الاصحاب فرقوا بين من اكره بالافتراق وبالتخاير كليهما وبين من اكراه بالافتراق فقط دون التخاير، فقالوا: ان الخيار يسقط على الثانى دون الاول مع ان الاكراه حاصل على كلا التقديرين كما لايخفى واما عن الثالث، ففيه اولا أنا لانسلم أن المراد من الرضا الذى في قولهعليه‌السلام : " بعد الرضا منهما " هو الرضا بالافتراق، بل المراد منه هو الرضا بأصل المعاملة.

وثانيا: ان قولهعليه‌السلام : " فاذا افترقا فلاخيار بعد الرضا منهما " تفريع للغاية التى في قوله: " البيعان بالخيار ما لم يفترقا " فلو كان الرضا فيه مأخوذا في الافتراق ومعتبرا فيه كما هو المدعى يلزم تفريع المقيد على الغاية المطلقة، مع أن المتفرع - بالفتح - لابد من أن يكون مطابقا للمتفرع عليه اطلاقا وتقييدا كما هو مقتضى القاعدة والا فلايكون تفريعا له بل شيئا أجنبيا كما هو واضح.

على أنه يعارض لقولهعليه‌السلام : " فمشيت خطا ليجب البيع(١) " فانه يظهر منه كفاية مطلق الافتراق في اللزوم وان بقى الطرف الاخر على حاله

_____________________

(١) الوسائل الباب - ٢ - من ابواب الخيار الحديث ٣،

٩٩

فيكون وزان هذه الصحيحة وزان سائر أخبار الباب في عدم الدلالة على المقيد.

وقد يستمك في المقام بالاجماع المنقول.

وفيه: أن حجية الاجماع الذى لم يعلم كاشفيته عن رأى المعصومعليه‌السلام ممنوعة جدا.

لكن يمكن أن يستدل للمسألة لحيث لاينافى قول المشهور بل ينطبق عليه بأن يقال: ان جعل الخيار في موارده انما هو للارفاق وسهولة أمر المتعامل لئلا يقع في خصرو ضرر بالمعاملة، فحينئذ يكون الحكم بسقوط الخيار بسبب فعل الغير كالافتراق مع الاكراه ومع منع التخاير أيضا خلاف الارفاق له.

نعم لو استند الفعل اليه ولو كان صدوره عن قصور كما اذا تفرق نسيانا أو غفلة أو في حال السكر أو الاغماء أو الاضطرار أو الاكراه مع عدم المنع من التخاير فلايكون حينئذ خلاف الارفاق كما لايخفى. فرع لو أكره أحد المتبايعين على الافتراق ومنع عن التخاير أيضا دون الاخر. فهل يسقط خيار المختار فقط !. أو يسقط خيارهما معا؟. أو لايسقط خيار كل منهما أصلا؟. أو يسقط خيار المختار لو فارق عن المجلس والا فلا؟. وجوه بل أقوال. مبنى على أن التفرق المسقط للخيار هو ما كان عن اختيار في مقابل

١٠٠