المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ١

المهذب البارع في شرح المختصر النافع6%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 568

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 568 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 98563 / تحميل: 7719
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

مفهومه، وهو يصدق باليوم الواحد، ولانه دم يمكن ان يكون حيضا، فيجب أن يكون حيضا كذات العادة. ثم قال: احتج المخالف. بان الاحتياط للعبادة أولى، فيحرم ترك الصلاة والصوم بمجرد رؤية الدم.

ولان الاصل عدم الحيض. والجواب عن الاول: ان الاحتياط لو كان معتبرا هناك، لكان معتبرا في ذات العادة، والتالي باطل إجماعا إذا يجب على ذات العادة ترك العبادة بمجرد رؤية الدم، فالمقدم مثله. بيان الشرطية. ان المقتضى للاحتياط هنا إنما هو عموم الامر بالعبادة مع عدم تيقن الحيض، وهذا المعنى ثابت في ذات العادة. لا يقال: الفرق ثابت، فان الظن حاصل في ذات العادة دون المبتدأة. لانا نقول: إن عنيت الظن المطلق فهو ثابت في صورة النزاع، لانها رأت دما بصفة دم الحيض في وقت إمكانه، فغلب على الظن كونه حيضا. وإن عنيت ظنا خاصا، وجب بيانه وإقامة الدليل على إعتباره، ثم يعارض الاحتياط بمثله، فان الحائض يحرم عليه أشياء، كما ان الظاهر يجب عليه أشياء. هذا آخر كلامه في المختلف(١) . وقال المرتضى(٢) ، وابن ادريس(٣) : لا تترك العبادة حتى يمضي ثلاثة أيام. واختاره المصنف، قال: لان مقتضى الدليل لزوم العبادة حتى يتيقن المسقط، ولا

____________________

(١) المختلف: كتاب الطهارة، ص ٣٧، س ٢٤، في غسل الحيض وأحكامها قال: " مسألة قال الشيخرحمه‌الله : المبتدأة تترك الصلاة والصوم اذا رأت الدم " إلى آخره.

(٢) المعتبر: كتاب الطهارة، س ٥٦، س ٣٥، ولفظه: قال علم الهدى في المصباح: " والجارية التى يبتدء بها الحيض ولا عادة لها ولا تترك الصلاة حتى تستمر لها ثلاثة أيام ".

(٣) السرائر: كتاب الطهارة، باب احكام الحيض والاستحاضة والنفاس، ص ٢٩، س ٩، قال: " ومن لم تكن لها عادة ورأت الدم اليوم واليومين، فلا يجوز لها ترك الصلاة والصيام " انتهى.

١٦١

يقين بدون الثلاثة، ولو قيل: لو لزم ما ذكرته قبل الثلاثة، لزم بعدها، لجواز أن ترى ما هو أسود و يتجاوز فيكون هو حيضها، لا الثلاثة.

قلنا: الفرق ان اليوم واليومين ليسا حيضا حتى تستكمل ثلاثة، والاصل عدم التتمة حتى يتحقق وأما إذا استمر ثلاثا فقد كمل ما يصلح أن يكون حيضا ولا يبطل هذا الا مع التجاوز، والاصل عدمه حتى يتحقق(١) .

أقول: قد ظهر من تقرير العلامة فيما تلونا عليك من كلامه، أن موضع المسألة انما هو على تقدير كون الموجود بصفة دم الحيض، حيث قال: في أول البحث لانهعليه‌السلام وصف دم الحيض بما ذكره ليحكم به حيضا، وفي آخره، لانها رأت دما بصفة دم الحيض في وقت إمكانه، فغلب على الظن كونه حيضا.

ومن تقرير المصنف أعم من ذلك، وانه قد يكون بصفة دم الاستحاضة، حيث قال: لجواز أن ترى ما هو أسود وتتجاوز، فيكون هو حيضها لا الثلاثة.

وجه الدلالة: أن ماتراه في الثلاثة لو كان بصفة دم الحيض، لزم الترجيح بلا مرجح.

والحق: انه إن قلنا: بترك العبادة بنفس رؤية الدم، كالشيخ، لابد من القيد الذي شرطه العلامة من كون الدم الحاصل بصفة دم الحيض، لا مطلقا.

ثم قال المصنف في المعتبر: ولو احتج الشيخ بما رواه محمدبن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام في المرأة ترى الدم في أول النهار في شهر رمضان، أتفطر أم تصوم؟ قال: تفطر، انما فطرها من الدم(٢) .

وكذاما روي من طرق: إن المرأة إذا طمثت في رمضان قبل أن تغيب الشمس تفطر(٣) .

____________________

(١) المعتبر: كتاب الطهارة، ص ٥٧، س ٢.

(٢) التهذيب: ج ١، باب ٧ حكم الحيض والاستحاضة والنفاس والطهارة من ذلك، قطعة من ح ٧.

(٣) الوسائل: ج ٢، ص ٦٠١، حديث ١، كتاب الطهارة، باب ٥٠، من ابواب الحيض. فلا حظ.

١٦٢

ووضع شئ فيها على الاظهر، وقراء‌ة العزائم، ومس كتابة القرآن.

ويحرم على زوجها وطؤها موضع الدم، ولا يصح طلاقها مع دخوله بها وحضوره، ويجب عليها الغسل مع النقاء، وقضاء الصوم دون الصلاة.

وعن منصور بن حازم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: أي ساعة رأت الصائمة الدم تفطر(١) .

قلنا: الحكم بالافطار عندالدم مطلقا غير مراد، فينصرف إلى المعهود، وهو دم الحيض، ولا يحكم بانه حيض إلا اذا كان في العادة، فيحمل على ذلك.

وأما الاخبار التي تضمنت ذكر الطمث فلا تتناول موضع النزاع، لانا لا نحكم بانه طمث إلا إذا كان في زمان العادة، أو باستمراره ثلاثة أيام بلياليها.

هذا آخر كلام المصنف(٢) .

ولقادح أن يقول: فيه نظر، لان قوله: (ولايحكم بانه حيض إلا اذا كان في زمان العادة).

قلنا: إن أردت (لا يحكم بإنه حيض هنا)، فهو ممنوع، لجواز انقطاعه قبل الثلاثة.

وان أردت بانه يكون حيضا ظنا غالبا، فقد وافقت في ترك العبادة المتيقنة بظن السبب المبيح للترك.

قال طاب ثراه: ووضع شئ فيها على الاظهر.

أقول: مذهب سلار الكراهية في الوضع والدخول(٣) .

وباقي الاصحاب على التحريم(٤) .

____________________

(١) التهذيب: ج ١، س ٣٩٤، باب ١٩، الحيض والاستحاضة والنفاس من الزيادات، حديث ٤١، وفي الفاظ الحديث فيما رواه في المعتبر والتهذيب اختلاف يسير، فلا حظ.

(٢) المعتبر: كتاب الطهارة، ص ٥٧، س ٦ و ٨.

(٣) المراسم: ذكر غسل الجنابة وما يوجبه، ص ٤٢، س ١٤، قال: " والندب إلى ان قال: ولا يقرب المساجد الا عابر سبيل ولا يترك شيئا فيها ".

(٤) المعتبر: ص ٥٩، س ١٥ و ١٦، قال: " مسألة: ولا تضع الحائض في المسجد شيئا، ولها ان تأخذ مما

١٦٣

وهل يجوز أن تسجد لو سمعت السجدة؟ الاشبه نعم.

والمراد: الوضع المستلزم للبث أوالدخول.

أما الاول فلاشك في تحريمه على المشهور.

وأما الثاني فلان الاجماع، الا من سلار، على تحريم دخولها إلا عابرة سبيل، فيكون دخولها لغيره محرما.

أما لو وضعت فيه شيئا ولم تدخل، كما لو ألقته من وراء جدار، أو حذفته من الباب مثلا لم يحرم.

قال طاب ثراه: وهل يجوز أن تسجد لو سمعت السجدة؟ الاشبه، نعم.

أقول: سجود العزائم واجب على القاري والمستمع.

ويستحب للسامع طاهرا كان أو جنبا، أو كانت المرأة حائضا.

لورود الامر بالسجود مطلقا، فاشتراط الطهارة ينافيه.

ولصحيحة علي بن رئاب، عن أبي عبيدة الحذاء قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن الطامث تسمع السجدة؟ قال: إن كانت من العزائم فلتسجد إذا سمعتها(١) .

وقد يستدل بهذا الحديث على الوجوب للسامع، لان الامر للوجوب.

وهو مذهب الشيخ في المبسوط(٢) .

ومنع في النهاية(٣) واحتج بقولهعليه‌السلام : (لاصلاة الا بطهور)(٤) .

____________________

فيه، قاله الاصحاب ".

(١) الكافي: ج ٣، ص ١٠٦، كتاب الحيض، باب ١٨، الحائض والنفساء تقرآن القرآن، حديث ٣.

(٢) المبسوط: ج ١، كتاب الصلاة، فصل في ذكر الركوع والسجود واحكامهما، ص ١١٤، س ١٢ و ١٣ قال: " ويجوز للحائض والجنب ان يسجد اللغرا ثم وان لم يجز لهما قرائته، ويجوز لهما تركه ".

(٣) النهاية: كتاب الطهارة، ص ٢٥، س ١٧ - ١٨، قال: " وان سمعت (اي الحائض) سجدة القرآن، لايجوزلها ان تسجد ".

(٤) الفقيه: ج ١، ص ٢٢، باب وقت وجوب الطهور، حديث ١، والحديث عن أبي جعفرعليه‌السلام ولفظه " اذا دخل الوقت وجب الطهور الصلاة، ولا صلاة الا بطهور ". وسنن أبي داود: ج ١، ص ١٦، باب فرض الوضوء، حديث ٥٩، ولفظه " لا يقبل الله عزوجل صدقة من غلول، ولا صلاة بغير طهور ".

١٦٤

وفي وجوب الكفارة بوطئها على الزوج روايتان، أحوطهما الوجوب.

وهي، أي الكفارة دينار في أوله، ونصف في وسطه وربع في آخره.

وستحب لها الوضوء لوقت كل فريضة، وذكر الله تعالى في مصلاها بقدر صلاتها.

ويكره لها الخضاب، وقراء‌ة ما عدالعزائم، وحمل المصحف، ولمس هامشه، والاستمتاع منها بما بين السرة والركبة، ووطؤها قبل الغسل.

والسجدة جزء الصلاة.

وبما رواه عبدالرحمان بن أبي عبدالله، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: سألته عن الحائض هل تقرأ القرآن وتسجد السجدة إذا سمعت السجدة؟ قال: تقرأ ولا تسجد(١) والجواب عن الاول: المنع من كونها جزء الصلاة، وإن تناولها في الهيئة، وعلى تسليمه.

المنع من الجميع لا يستلزم المنع من الاجزاء.

وعن الثاني: بالمنع من صحة السند، ولو سلم كان محمولا على المنع من قراء‌ة العزائم.

فكأنهعليه‌السلام قال: (تقرأ القرآن ولا تسجد) أي ولا تقرأ العزيمة التي تسجد فيها، واطلاق السبب على المسبب مجازا جائز.

قال طاب ثراه: وفي وجوب الكفارة على الزوج(٢) بوطئها روايتان، أحوطهما الوجوب.

أقول: البحث هنا في مقامين.

(الف): في وجوب الكفارة واستحبابها.

والاول مذهب الشيخ في الجمل(٣) ،

____________________

(١) التهذيب: ج ٢، ص ٢٩٢، باب ١٥ كيفية الصلاة وصفتها والمفروض من ذلك والمسنون، حديث ٢٨.

(٢) هكذا في الاصل: ولكن في المتن تقديم وتأخير فراجع.

(٣) الجمل: فصل في ذكر الحيض والاستحاضة والنفاس، ص ٩، س ١٤.

١٦٥

واذا حاضت بعد دخول الوقت، فلم تصل مع الامكان، قضت. وكذا لو أدركت من آخر الوفت قدر الطهارة والصلاة، وجبت أداء، ومع الاهمال قضاء. وتغتسل كاغتسال الجنب، ولكن لا بد معه من الوضوء. والمبسوط(١) .

وبه قال الصدوق(٢) ، والسيد(٣) ، والمفيد(٤) ، والقاضي(٥) ، وابن حمزة(٦) ، وابن إدريس(٧) .

والثاني: مذهب الشيخ في النهاية(٨) ، واختاره المصنف(٩) ، والعلامة(١٠) .

وفي الخلاف، إن كان جاهلا بالحيض أو التحريم لم يكن عليه شئ، وانما تجب

____________________

(١) المبسوط: ج ١، كتاب الطهارة، فصل في ذكر الحيض والاستحاضة، ص ٤١، س ١٠.

(٢) الفقيه: ج ١، ص ٥٣، باب ٢٠، غسل الحيض والنفاس، ذيل حديث ٨، قال: " ومتى جامعها وهى حائض في اول الحيض فعليه ان يتصدق " انتهى.

(٣) قال في المختلف: في غسل الحيض واحكامه، ص ٣٥، س ١٢، مالفظه: " وبه (اي بوجوب الكفارة) قال: المفيد، وابن بابويه، والسيد المرتضى، وابن البراج، وابن ادريس، وابن حمزة ".

(٤) المقنعة: باب حكم الحيض والاستحاضة والنفاس، ص ٧، س ٨، قال: " ومن وطئ امرائة وهي حائض على علم حالها اثم ووجب ان يكفر ".

(٥) و(٦) قال في المختلف: في غسل الحيض واحكامه، ص ٣٥، س ١٢، مالفظه: وبه (اي بوجوب الكفارة) قال: المفيد، وابن بابويه، والسيد المرتضى، وابن البراج، وابن ادريس، وابن حمزة ".

(٧) السرائر: كتاب الطهارة، باب احكام الحيض والاستحاضة والنفاس، ص ٢٨، س ١٥، قال بعد ذكر الكفارة: " كل ذلك ندبا واستحبابا ".

(٩) المعتبر: كتاب الطهارة، ص ٦١، س ٣٣ و ٣٤، قال: والوجه الاستحباب تمسكا بالبراء‌ة الاصلية.

(١٠) المختلف: في غسل الحيض وأحكامه، ص ٣٥، س ١٣.

١٦٦

الثالث غسل الاستحاضة

ودمها في الاغلب أصفر بارد رقيق.

لكن ما تراه بعد عادتها مستمرا، أو بعد غاية النفاس وبعد اليأس، وقبل البلوغ، ومع الحمل على الاشهر فهو استحاضة، ولو كان عبيطا. ويجب اعتباره.

فان لطخ باطن القطنة لزمها إبدالها، والوضوء لكل صلاة، وان غمسها ولم يسل ازمها مع دلك تغييرا لخرقة وغسل للغداة، و إن سال ازمها مع ذلك غسلان، غسل للظهر والعصر تجمع بينهما، وغسل للمغرب والعشاء تجمع بينهما. وكذا تجمع بين صلاة الليل والصبح بغسل واحد، إن كانت متنفلة. وإذا فعلت ذلك صارت طاهرا. ولا تجمع بين صلاتين بوضوء واحد، وعليها الاستظهار في منع الدم من التعدي بقدر الامكان، وكذا يلزم من به السلس والبطن. على العالم بهما(١) .

(ب): في صفتها. وأطبق الاصحاب أنها دينار في أوله ونصفه في أوسطه وربعه في آخره. وقال الصدوق في المقنع: تتصدق على مسكين بقدر شبعه(٢) . قال طاب ثراه: ومع الحمل على الاشهر. أقول: تقدم البحث في هذه المسألة.

____________________

(١) الخلاف: ج ١، ص ٦٣، كتاب الحيض، مسألة ١، قال: فان وطئها جاهلا بانها حائض او جاهلا بتحريم ذلك فلا شئ عليه، وان كان عالما بهما اثم ".

(٢) المقنع: كتاب الطهارة، باب الحائض والمستحاضة والنفساء ورؤيتهن الدم وغسلهن، ص ١٦، ص ١٣.

١٦٧

الرابع غسل النفاس

ولا يكون نفاس إلا مع الدم، ولو ولدت تاما، ثم لا يكون الدم نفاسا حتى تراه بعد الولادة أو معها.

ولا حد لاقله، وفي أكثر روايات، أشهرها أنه لا يزيد عن أكثر الحيض.

وتعتبر حالها عند إنقطاعه قبل العشرة، فان خرجت القطنة نقية إغتسلت، وإلا توقعت النقاء، أو إنقضاء العشرة، ولو رأت بعدها دما فهو إستحاضة.

قال طاب ثراه: وفي أكثره روايات، أشهرها أنه لا يزيد عن أكثر الحيض.

أقول: للاصحاب هنا خمسة أقوال.

(الف): أنه عشرة أيام قاله الفقيه(١) ، وبه قال الشيخ(٢) ، والقاضي(٣) ، والتقي(٤) ، وابن إدريس(٥) ، واختاره المصنف(٦) ، والعلامة في أكثر كتبه(٧) .

____________________

(١) المقنع: كتاب الطهارة، باب الحائض والمستخاضة والنفساء ورؤيتهن الدم وغسلهن، ص ١٦، س ٨، ولا يخفى من الاختلا ف بين ما قاله في المقنع وما قاله في الفقيه. لاحظ الفقيه: ج ١، ص ٥٥، باب ٢٠ غسل الحيض والنفاس، ذيل حديث ١٨.

(٢) النهاية: كتاب الطهارة، ص ٢٩، س ١٧.

(٣) المهذب: ج ١، باب النفاس، ص٣٩، س ١٤، قال:"والكثر النفاس كاكثر ايام الحيض عشرة ايام ".

(٤) الكافي في الفقيه: في تعيين شروط الصلاة،ص١٢٩،س١٢، قال: " وان استمربها صبرت عشر ".

(٥) السرائر: باب احكام الحيض والاستحاضة والنفاس، ص ٣٠، س ٢١ و ٢٢.

(٦) المعتبر: كتاب الطهارة، الرابع غسل النفاس، ص ٦٧، س ٢٦.

(٧) المختلف: في النفاس، ص ٤١، س ٢٥، قال: " والذي اخترناه نحن في اكثر كتبنا: ان المرأة ان كانت مبتدأة في الحيض تنفست بعشرة أيام " إلى آخره.

١٦٨

والنفساء كالحائض فيما يحرم عليها ويكره، وغسل كغسلها في الكيفية.

وفي إستحباب تقديم الوضوء على الغسل، وجواز تأخيره عنه.

احتج المصنف: بأن مقتضى الدليل لزوم العبادة، ترك العمل به في العشرة إجماعا، فيعمل به فيما زاد.

ولان النفاس حيضة حبسها الاحتياج إلى غذاء الولد، فانطلاقها باستغنائه عنها، واقصى الحيضة عشرة(١) .

ويؤيد ذلك ما رواه الفضيل، وزرارة عن أحدهماعليهما‌السلام قال: النفساء تكف عن الصلاة أيام أقرائها التي كانت تمكث فيها، ثم تغتسل وتعمل ما تعمله المستحاضة(٢) .

واعلم: أن المستفاد من هذه الرواية ليس إلا مكث ذات العادة قدر عادتها، وليس فيها ما يدل على حكم المبتدأة والمضطربة، ولا على كون ذات العادة تصبر عشرة إذا لم تكن عادتها.

ففي الاستدلال بها على مطلوبه اذانظر.

(ب): أنه ثمانية عشر يوما، قاله المرتضى(٣) ، وهو مذهب الصدوق(٤) ، وأبي علي(٥) .

(ج): أنه عشرة للمبتدأة والمضطربة. ولمستقيمة الحيض عادتها. وهو مذهب العلامة في القواعد(٦) .

____________________

(١) المعتبر: كتاب الطهارة، الرابع غسل النفاس، ص ٦٧، س ٣٤ و ٣٥.

(٢) الكافي: ج ٣، باب النفساء، ص ٩٧، حديث ١ وفيه " تعمل المستحاضة ".

(٣) رسائل الشريف المرتضى، جوابات المسائل الموصليات الثالثة، ص ٢١٧، المسألة الخامسة، اكثر أيام النفاس ثمانية عشر يوما ".

(٤) الفقيه: ج ١، س ٥٥، باب غسل الحيض والنفاس، ذيل حديث ١٨، قال: " فان إستمربها الدم تركت الصلاة ما بينها وبين ثمانية عشر يوما ".

(٥) المختلف: في النفاس، ص ٤١، س ٣٤، قال بعد نقل قول السيد: " وهو اختيار ابن الجنيد ".

(٦) القواعد: كتاب الطهارة، ص ١٦، س ١٩، في النفاس، قال: " واكثره للمبتدأة ومضطربة الحيض عشرة أيام ومستقيمته ترجع إلى عادتها في الحيض ".

١٦٩

(د): أنه لمستقيمة الحيض عادتها، وللمبتدأة ثمانية عشر يوما. اختاره العلامة في المختلف(١) .

ولم يذكر حكم المضطربة.

(ه‍): أنه أحد عشر يوما. قاله الحسن(٢) . قال المرتضى في مسائل خلافه: وقد روي في أكثره خمسة عشر يوما، روى ذلك عنه ابن إدريس(٣) . قال المصنف في المعتبر: قول ابن إبي عقيل متروك، والرواية به نادرة، وكذا ما تضمنه بعض الاحاديث من ثلاثين يوما وأربعين يوما وخمسين، فانه متروك لاعمل عليه(٤) . احتج العلامة: على مطلوبه في المختلف: بصحيحة زرارة، قال: قلت له: النفساء متى تصلي؟ قال: تقعد بقدر حيضها، وتستظهر بيومين، فان إنقطع الدم، وإلا إغتسلت واحتشت واستثفرت وصلت. ثم ذكر حكم المستحاضة، ثم قال: قلت فالحائض؟ قال: مثل ذلك سواء(٥) .

وبصحيحة محمدبن مسلم قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن النفساء، كم تقعد؟ قال: إن أسماء بنت عميس أمر ها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ان تغتسل في ثماني عشرة، فلا بأس أن تستظهر بيوم أويومين(٦) .

____________________

(١) المختلف: في النفاس، ص ٤١، س ٢٧، قال: " والذي نختاره هنا انها ترجع إلى عادتها في الحيض إلى ان قال: س ٢٨: وان كانت مبتدأة صبرت ثمانية عشر يوما ".

(٢) أي ابن ابي عقيل، نقله عنه في المعتبر: كتاب الطهارة، ص ٦٧، س ٣٠.

(٣) السرائر: كتاب الطهارة، ص ٣٠، ص ٢٤، قال: " عاد السيد عن ذلك في مسائل خلافه إلى ان قال س ٢٥: " وروي في اكثره خمسة عشر يوما ".

(٤) المعتبر: كتاب الطهارة، ص ٦٨، س ٩.

(٥) الكافي: ج ٣، ص ٩٩، باب النفساء، قطعة من حديث ٤.

(٦) التهذيب: ج ١، ص ١٨٠، باب حكم الحيض والاستحاضة والنفاس والطهارة من ذلك حديث ٨٧ وفيه: " ان اسماء بنت عميس نفست فامرها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٧٠

الخامس غسل الاموات والنظر في امور أربعة: الاول الاحتضار

والفرض فيه: إستقبال الميت بالقبلة على أحوط القولين، بأن يلقى على ظهره ويجعل وجهه وباطن رجليه إليها. والمسنون: نقله إلى مصلاة، وتلقينه الشهادتين، والاقرار بالنبي (صالى الله عليه وآله وسلم)، وبالائمةعليهم‌السلام ، وكلمات الفرج، وأن تغمض عيناه ويطبق فوه، وتمديداه إلى جنبيه، ويغطى بثوب، و أن يقرء عنده القرآن، ويسرج عنده إن مات ليلا، ويعلم المؤمنون بموته، ويعجل تجهيزه إلا مع الاشتباه وولو كان مصلوبا الا يترك أزيد من ثلاثة أيام. ويكره أن يحضره جنب أو حائض. فحمل الرواية الاولى على ذات العادة والثانية على المبتدأة(١) . قال طاب ثراه: والفرض فيه إستقبال الميت بالقبلة على أحوط القولين. أقول: الوجوب مذهب المفيد(٢) ، وتلميذه(٣) ، وبه قال الشيخ في موضع

____________________

(١) المختلف: في النفاس، ص ٤١، س ٣٩.

(٢) المقنعة: باب تلقين المحتضرين وتوجيهم عند الوفاة وما يصنع بهم في تلك الحال، ص ١٠، س ٣٢، قال: " واذا حضر العبد المسلم الوفاة فالواجب على من يحضره من أهل الاسلام ان يوجهه إلى القبلة ". انتهى

(٣) المراسم: ذكر تغسيل الميت واحكامه، ص ٤٧، س ٣، قال: " فالواجب توجيه إلى القبلة ".

١٧١

من النهاية(١) ، وتبعه القاضي(٢) ، وابن إدريس(٣) ، واختار الشهيد(٤) ، و فخر المحققين(٥) ، وهو أحد قولي العلامة(٦) .

والاستحباب: مذهب الشيخ في كتاب الفروع(٧) ، وموضع من النهاية(٨) ، والمفيد في المسائل الغرية(٩) ، واختاره المصنف(١٠) . والعلامة في المختلف(١١) .

____________________

(١) النهاية: كتاب الصلاة، باب معرفة القبلة واحكامها، ص ٦٢، س ١٤، قال: " معرفة القبلة واجبة للتوجه إليها في الصلوات وإستقبالها عند الذبيحة وعند إحتضار الاموات ودفنهم " إلى آخره.

(٢) المهذب: ج ١، ص ٥٣، س ١٤، قال: " اذا حضر الانسان الوفاة فيجب ان يوجه إلى القبلة ".

(٣) الذي يظهر من كلامه في السرائر: هو الاستحباب، لاحظ باب غسل الاموات، ص ٣١، س ٢٠، قال: " ويستجب ان يوجه إلى القبلة " انتهى الا ان العلامة في المختلف نقل عنه الوجوب، راجع ص ٤٢، س ٢، قال بعد نقل قول المفيد: " وبه قال سلار، وابن البراج، وابن ادريس ".

(٤) اللمعة: ص ٢٢، القول في احكام الاموات، قال: " ويجب توجيهه إلى القبلة ".

(٥) ايضاح الفوائد: ج ١، ص ٥٨، س ١٨، قال: " والاقوى عندي الاول، اي القول بالوجوب ".

(٦) التحرير: في غسل الاموات، ص ١٧، س ٢، قال: " (ب) يجب في الاحتضار شئ واحد على الكفاية، وهو استقبل بوجهه القبلة ".

(٨) النهاية: باب تغسيل الاموات، ص ٣٠، س ٩، قال بمثل ما في المبسوط.

(٩) المختلف: في غسل الاموات، ص ٤٢، س ٣، قال: " وهو (اي الاستحباب) قول المفيد في الرسالة الغرية".

(١٠) المعتبر: كتاب الطهارة، الخامس في غسل الاموات، ص ٦٩، س ١٧، قال: " واعلم ان ما استدللنا به على الوجوب ضعيف " إلى آخره.

(١١) لايخفي ان الذي يظهر من كلامه في المختلف ان استقبال الميت بالقبلة حال الاحتضار واجب، وفي حال التغسيل مستحب. راجع الفصل السادس من كتاب الطهارة في غسل الاموات ص ٤٢ س ٨.

١٧٢

وقيل يكره أن يجعل على بطنه حديد. احتج الموجبون: بما رواه معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن الميت؟ فقال: استقبل بباطن قدميه القبلة(١) . والامر يقتضى الوجوب. وفي معناها روايات اخر، كرواية سليمان بن خالد عنهعليه‌السلام قال: إذا مات لاحد كم ميت فسجوه تجاه القبلة، وكذلك إذا غسل(٢) . وبما روي عن عليعليه‌السلام قال: دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على رجل من ولد عبدالمطلب وهو في السوق(٣) وقد وجه إلى غير القبلة ! فقال: وجهوه إلى القبلة، فانكم إذا فعلتم ذلك أقبلت عليه الملائكة(٤) . احتج الآخرون: باصالة براء‌ة الذمة. قال المصنف في المعتبر: والتعليل في الرواية كالقرينة الدالة على الفضيلة، فالاستدلال به على الوجوب ضعيف، مع أنه أمر في واقعة معينة فلا يدل على العموم، والاخبار الاخر ضعيفة النسد لا تبلغ أن تكون حجة في الوجوب(٥) . قال طاب ثراه: وقيل يكره أن يجعل على بطنه حديد. أقول: هذا مذهب الشيخين وأكثر علماء‌نا، قال الشيخ في التهذيب: سمعنا ذلك مذاكرة من الشيوخرحمهم‌الله تعالى(٦) .

____________________

(١) الكافي: ج ٣، ص ١٢٧، كتاب الجنائز، باب توجيه الميت إلى القبلة، حديث ٢.

(٢) الكافي: ج ٣، ص ١٢٧، كتاب الجنائز، باب توجيه الميت إلى القبلة، حديث ٣.

(٣) النهاية لابن الاثير: ج ٢، ص ٤٢٤، وفيه " دخل سعيد على عثمان وهو في السوق اي في النزع، كأن روحه تساق لتخرج من بدنه. ويقال له السياق ايضا وأصله سواق، فقبلت الواو ياء لكسرة السين.

وهما صدران من ساق يسوق ".

(٤) الفقيه: ج ١، ص ٧٩، باب غسل الميت، حديث ٧.

(٥) المعتبر: كتاب الطهارة، في الامر الاول من غسل الاموات، في الاحتضار، ص ٦٩، س ١٨ و ١٩،

(٦) التهذيب: ج ١، ص ٢٩٠، باب ١٣، تلقين المحتضرين، وتوجيههم عند الوفاة، ذيل حديث ١٢، ولفظه: " قال الشيخ أيده الله تعالى: ولايترك على بطنه حديدة، كما تفعل ذلك العامة. ثم قال: سمعنا ذلك مذاكرة " إلى آخره.

١٧٣

الثاني الغسل [غسل الميت]

وفروضة: إزالة النجاسة عنه، وتغسيله بماء السدر، ثم بماء الكافور، ثم بالقراح، مرتبا كغسل الجنابة.

ولو تعذر السدر والكافور، كفت امراة بالقراح. وفي وجوب الوضوء قولان: والاستحباب أشبه. ولو خيف من تغسيله تناثر جسده ييمم. وسننه: أن يوضع على مرتتفع، موجها إلى القبلة، مظلا، ويفتق جيبه، وينزع ثوبه من تحته، وتستر عورته، وتلين أصابعه برفق، ويغسل رأسه وجسده برغوة السدر، ويغسل فرجه بالحرض. ويبدأ بغسل يديه، ثم بشق رأسه الايمن، ويغسل كل عضو منه ثلاثا في كل غسلة، ويمسح بطنه في الاولين إلا الحامل. واستدل في الخلاف باجماع الفرقة(١) اذا حل به الموت غمض وليه عينيه، إلى أن قال: ووضع على بطنه شيئا يمنع من ربوها(٢) . قال العلامة في المختلف: ولم أقف لعلمائنا على قول وافق ذلك، والاصل براء‌ة الذمة من واجب أو ندب(٣) . قال طاب ثراه: وفي وجوب الوضوء قولان: واستحباب أشبه. أقول: للاصحاب هنا أربعة أقوال.

(الف): الوجوب، وهو ظاهر عبارة التقي، حيث قال حين عدالاغسال الواجبة:

____________________

(١) كتاب الخلاف: ج ١، ص ٢٥٣، كتاب الجنائز، مسألة ٢.

(٢ - ٣) المختلف: في غسل الاموات، ص ٤٣، س ١٢، نقل اولا قول ابن الجنيد، ثم قال: " ولم اقف لعلمائنا على قول يوافق ذلك " إلى آخره.

١٧٤

ويقف الغاسل عن يمنيه، ويحفر للماء حفيرة، وينشف بثوب. ويكره إقعاده، وقص أظفاره، وترجيل شعره، وجعله بين رجلي الغاسل، وإرسال الماء في الكنيف، ولا بأس بالبالوعة. وغسل الميت. وجهة وجوبه مصلحة الحي وتكرمة الميت. وصفته أن يبدأ الغاسل فينحي الميت، ثم يوضيه وضوء الصلاة، ثم يغسل رأسه، إلى آخره(١) .

(ب): استحبابه: وهو مذهب الشيخ في الاستبصار(٢) ، واختاره المصنف(٣) ، والعلامة(٤) .

(ج): نفي الوضوء وجوبا واستحبابا، وهو قول الشيخ في الخلاف: لان غسل الميت كغسل الجنب ليس فيه وضوء، وفي أصحابنا من قال: يستحب فيه الوضوء(٥)

(د): كراهيته. وهوالظاهر من عبارة الشيخ في المبسوط، حيث قال: وقد روي أنه يوضأ الميت قبل غسله، فمن عمل بها كان جائزا، غير ان عمل الطائفة على ترك العمل بذلك. لان غسل الميت كغسل الجنب، ولا وضوء في غسل الجنابة(٦) وقال سلار: ومن أصحابنا من يوضأ الميت، وما كان شيخنارضي‌الله‌عنه يري ذلك وجوبا(٧) . وقال ابن إدريس: وقد روي انه يوضأ الميت، وهو شاذ، والصحيح خلافه.

____________________

(١) الكافي في الفقه: الفصل الثالث من تعيين شروط الصلاة، في الاغسال، ص ١٣٤، س ٩، وفيه: " و تكرمة المسلم. . ويوضيه ".

(٢) (الاستبصار: ج ١، ص ٢٠٨، باب ١٢٠، تقديم الوضوء على غسل الميت، ذيل حديث ٦.

(٣) المعتبر: كتاب الطهارة، في احكام الاموات، ص ٧١، س ٢٩، قال: " مسألة: وفي وجوب الوضوء قولان: والاستحباب أشبه ".

(٤) المختلف: في غسل الاموات، س ٤٢، س ٢٤، قال: " والوجه عندي انه يستجب ".

(٥) كتاب الخلاف: كتاب الجنائز، مسألة ٧.

(٦) المبسوط: ج ١، كتاب الجنائز، ص ١٧٨، س ٢٢، وفيه " كغسل الجنابة ".

(٧) المراسم: ذكر تغسيل الميت واحكامه، ص ٤٨، س ١٦.

١٧٥

وإذا كان الشيخ قال في المبسوط: إن عمل الطائفة على ترك العمل بذلك، لم يجزم العمل بالرواية، لان العمل بها يكون مخالفا للطائفة(١) . احتج المصنف: بما رواه الشيخ في الصحيح عن حريز قال: أخبرني أبوعبداللهعليه‌السلام قال: الميت يبدأ بفرجه ثم يوضأ وضوء الصلاة(٢) . وعن أبي خيثمة عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: يبدأ بغسل يديه، ثم يوضيه وضوء الصلاة(٣) . احتج أبوالصلاح: بقولهعليه‌السلام : في كل غسل وضوء إلا في الجنابة(٤) . والجواب: أنه كما يحتمل الوجوب يحتمل الاستحباب. احتج المانعون: بما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: غسل الميت مثل غسل الجنب. والحكم بالمماثلة يستدعي المنع من الوضوء، كما في المماثل.

____________________

(١) هكذا نقل العلامة في المختلف عن ابن ادريس. راجع المختلف: ص ٤٢، س ٢١. ولكن عبارة السرائر يوهم خلاف ذلك. قال: " وقد روي انه يوضا الميت قبل غسله، فمن عمل بها كان جائزا، غير ان عمل الطائفة على ترك العمل بذلك، لان غسل الميت كغسل الجنابة، ولا وضوء في غسل الجنابة.

قال محمد بن إدريس، س ٢٣: فاذا كان عمل الطائفة على ترك العمل بذلك، فاذن لايجوز العمل بالرواية، لان العامل بذلك يكون مخالفا للطائفة. وفيه ما فيه ". راجع السرائر: كتاب الطهارة، باب غسل الاموات، ص ٣١، س ٢٩ ويحتمل ان يكون غلطا من النساخ.

(٢) التهذيب: ج ١، س ٣٠٢، باب ١٣، تلقين الحتضرين وتوجيهم عند الوفاة، حديث ٤٧.

(٣) التهذيب: ج ١، س ٣٠٣، باب ١٣، تلقين المحتضرين وتوجيهم عند الوفاة، قطعة من حديث ٥١، وفيه قال: " تبدأ فتغسل يديه ثم توضيه ".

(٤) التهذيب: ج ١، ص ٣٠٣، باب ١٣، تلقين المحتضرين وتوجيههم عند الوفاء، حديث ٤٩، بدون حرف " في ".

(٥) التهذيب، ج ١، ص ٤٤٧، ابواب الزيادات في الواب كتاب الطهارة باب ٢٣، تلقين المحتضرين، قطعة من حديث ٩٢.

١٧٦

الثالث في الكفن

والواجب منه: مئزر وقميص وإزار مما تجوز الصلاة فيه للرجال. ومع الضرورة تجزئ اللفافة، وإمساس مساجده بالكافور وإن قل. والسنن: أن يغتسل قبل تكفينه أو يتوضأ. وأن يزاد الرجل حبرة يمنية عبرية، وغير مطرزة بالذهب، وخرقة لفخذيه، وعمامة تثنى عليه محنكا، و يخرج رفا العامة من الحنك ويلقيان على صدره، ويكون الكفن قطنا، وتطيب بالذريرة، ويكتب على الحبرة والقميص واللفافة والجريد تين: فلان يشهد أن لا إلا الا الله، ويجعل بين إليتيه قطنا، وتزاد المرأة لفافة اخرى ولثدييها ونمطا، وتبديل بالعامة قناعا. ويسحق الكافور باليد، وإن فضل عن المساجد إلقي على صدره، و أن يكون درهما، أو أربعة دراهم، وأكمله ثلاثة عشر درهما وثلثا. ويجعل معه جريد تان إحداهما من جانبه الايسر بين قميصه وإزاره، والاخرى مع ترقوة جانبه الايمن يلصقها بجلده، وتكونان من النخل. وقيل: فان فقد فمن السدر، وإلا فمن الخلاف، وإلا فمن غيره من الشجر. والجواب: منع المماثلة من كل وجه وإلا لزم الاتحاد، ومع الاتحاد تنتفي المماثلة. فكل حكم يؤدى ثبوته إلى نفيه يكون محالا، وإذا وجب حملها على البعض لم يتم الاستدلال، لانا نمنع مماثلتهما في إسقاط الوضوء. قال طاب ثراه: وقيل: فان فقد فمن السدر. أقول: في تعيين الجريدتين اختيارا أو اضطرارا، خمسة أوجه.

١٧٧

ويكره: بل الخيوط بالريق، وأن يعمل لما يبتدأ من الاكفان أكمام، وأن يكفن في السواد. وتجمير الاكفان، أو تطييب بغير الكافور، والذريرة، ويكتب عليه بالسواد، وأن يجعل في سمع الميت أو بصره شئ من الكافور.

(الف): ما ذكره المصنف في المتن، وهو المذكور في النهاية(١) .

(ب): قول المفيد: وتقديم الخلاف على السدر(٢) .

(ج): قال في الخلاف: يستحب أن يوضع مع الميت جريدتان خضراوان من النخل أو من غيرها من الاشجار(٣) وكذا قال ابن إدريس(٤) .

(د): الخيار مع فقد النخل بين السدر والخلاف، وهو قول القاضي حيث قال: فان لم يوجد جريدة النخل جاز أن يجعل عوضه من الشجر الاخضر، مثل السدر والخلاف(٥) .

(ه‍): روى علي بن إبراهيم، يجعل عوضها عود الرمان(٦) ، وفي رواية اخرى عود رطب(٧) .

____________________

(١) النهاية: كتاب الطهارة، باب تغسيل الاموات وتكفينهم وتحنيطهم واسكانهم الاحداث، ص ٣٢، س ١٩، قال ما لفظه: " وتؤخذ ايضا جريدتان حضراوان من النخل ان وجد منه، وان لم يوجد فمن لسدر، قان لم يوجد فمن الخلاف، فان لم يوجد فمن من الشجر الرطب " إلى آخره.

(٢) المقنعة: باب تلقين المحتضرين وتوجيهم عند الوفاة وما يصنع بهم في تلك الحال، ص ١١، س ٦، قال: " وليستعد جريدتان من النخل خضراوان " إلى ان قال: " فان لم يوجد من النخل الجريد يعوض عنه بالخلاف، فان لم يوجد الخلاف، يعوض عنه بالسدر " إلى آخره.

(٣) الخلاف: ج ١، ص ٢٥٨، كتاب الجنائز، مسألة ٣٤، وفيه " اوغيرها من الاشجار ".

(٤) السرائر: كتاب الطهارة، باب غسل الاموات، ص ٣٢، س ٣٤، قال: " ويترك معه جريدتين رطبتين من النخل ان وجدا ومن الشجر الرطب ". إلى آخره.

(٥) المهذب: باب الاكفان والتكفين، ص ٦١، س ١٤، وفيه " فان لم يجد جريدة. او الخلاف ".

(٦) الكافي: ج ٣، ص ١٥٤، كتاب الجنائز، باب الجريدة، حديث ١٢،وفيه " يجعل بدلها عودالرمان ".

(٧) الكافي: ج ٣، ص ١٥٢، كتاب الجنائز، باب الجريدة، حديث ٣، وفيه: " تؤخد جريدة رطبة ".

١٧٨

وقيل يكره أن يقطع الكفن بالحديد.

الرابع الدفن

والفرض فيه: مواراته في الارض على جانبه الايمن موجها إلى القبلة. فلو كان في البحر وتعذر البر، ثقل، أوجعل في وعاء وارسل إليه. ولو كانت ذمية حاملة من مسلم، قيل: تدفن في مقبرة المسلمين، يستدبر بها القبلة، إكراما للولد. احتج الشيخ: بما رواه سهل بن زياد، ن غير واحد من أصحابنا قالوا: قلنا: جعلنا الله فداك إن لم نقدر على الجريدة؟ فقال: عود السدر، قلت: فإن لم نقدر على السدر؟ فقال عودالخلاف(١) . قال طاب ثراه: وقيل: يكره أن يقطع بالحديد. أقول: ذكر ذلك الشيخان، قال في التهذيب: سمعنا ذلك مذاكرة من الشيوخرحمهم‌الله وعليه كان عملهم(٢) . قال المصنف في المعتبر: قلت: فيستحب متابعتهم، تخلصا من الوقوع فيما يكره(٣) . قال طاب ثراه: ولو كانت ذمية حاملا من مسلم، قيل: دفنت في مقبرة المسلمين يستدبربها القبلة إكراما للولد. أقول: وجه دفنه في مقبرة المسلمين: أن له حرمة أجنتهم، لانه لوسقط لم يدفن

____________________

(١) الكافي: ج ٣، ص ١٥٣، كتاب الجنائز، باب الجريدة، حديث ١٠، وفيه " قلنا له جعلنا فداك. .

قيل فان لم تقدر ".

(٢) التهذيب: ج ١، ص ٢٩٤، باب ١٣، تلقين المحتضرين وتوجيههم عند الوفاة وما يصنع بهم في تلك الحال، قال بعد نقل حديث ٢٩، ما لفظه: " قال الشيخ أيده الله تعالى (ولا يقطع شئ من اكفان الميت بحديد، ولا يقرب النار ببخور ولا غيره. ثم قال: قال مصنف هذااكتاب: سمعنا ذلك. انتهى

(٣) المعتبر: كتاب الطهارة، في مكروهات الكفن، ص ٧٨، س ٢٢.

١٧٩

وسننه: إتباع الجنازة، أومع جاتبيها وتربيعها، وحفر القبر قدر قامة، أو إلى الترقوة، وأن يجعل له لحد، وأن يتحفى النازل إليه، ويحل أزاره، ويكشف رأسه، ويدعو عند نزوله، ولا يكون رحما إلا في المرأة. ويجعل الميت عند رجلي القبر أن كان رجلا، وقدامه إن كانت إمرأة. وينقل مرتين ويصبر عليه، وينزل في الثالثة، سابقا برأسه، والمرأة عرضا. ويحل عقد كفنه، ويلقنه، ويجعل معه تربة، ويشرج اللحد، ويخرج من قبل رجليه، ويهيل الحاضرون بظهور الاكف مسترجعين، ولا يهيل ذو الرحم. ثم يطم القبر، ولا يوضع فيه من غير ترابه، ويرفع مقدار أربع أصابع مربعا، و يصب عليه الماء من رأسه دوار، فان فضل ماء صبه على وسطه. ويضع الحاضرون الايدى عليه مترحمين. ويلقنه الولي بعد إنصرافهم. ويكره فرش القبر بالساج، إلا مع الحاجة. وتجصيصه، وتجديده، دفن ميتين في قبر واحد. ونقل الميت إلى غير بلد موته، إلا إلى المشاهد المشرفة. إلا في مقبرة المسلمين. وإذا كان الدفن له، روعي كيفية الدفن فيه، لا في امه. وقوله: (قيل) إشارة إلى قول الشيخرحمه‌الله ، واستدل عليه في التهذيب برواية أحمد بن أشيم، عن يونس قال: سألت الرضاعليه‌السلام عن الرجل يكون له الجارية اليهودية أو النصرانية، حملت منه، ثم ماتت والولد في بطنها، ومات الولد. أيدفن معها على النصرانية، أو يخرج منها ويدفن على فطرة الاسلام؟ فكتب: يدفن معها(١) . وليس فيها حجة. أما أولا: فلان ابن أشيم ضعيف. وأما ثانيا: فلان دفنه معها لا تقتضي دفنها في مقبرة المسلمين، بل ظاهر اللفظ

____________________

(١) التهذيب: ج ١، ص ٣٣٤، باب ١٣، تلقين المحتضرين وتوجيههم عند الوفاة وما يصنع بهم في تلك الحال، حديث ١٤٨، وشطر من الحديث منقول بالمضمون فراجع.

١٨٠

(ويلحق بهذا الباب مسائل)

الاولى: كفن المرأة على زوجها ولو كان لها مال.

الثانية: كفن المبت من أصل تركته قبل الوصية والدين والميراث.

الثالثة: لا يجوز نبش القبر ولا نقل الموتى بعد دفنهم.

الرابعة: الشهيد إذا مات في المعركة لا يغسل ولا يكفن، بل يصلى عليه و يدفن بثيابه، ن ينزع عنه الخفان والفرو.

الخامسة: إذا مات ولد الحامل قطع وأخرج، ولو ماتت هي دونه يشق جوفها من الجانب الايسر واخراج، وفي رواية يخاط بطنها. يدل على دفن الولد معها حيث تدفن هى، ولا إشعار في الرواية بموضع دفنها. قال المصنف في المعتبر: والوجه أن الولد لما كان محكوما له بأحكام المسلمين، لم يجز دفنه في مقابر أهل الذمة، وإخراجه مع موتهما غير جائز، فتعين دفنها معه(١) ، وقال أحمد بن حنبل: يدفن في مقبرة اليهود والنصارى ويستدبربها. وقولهرحمه‌الله في المتن، (قيل) استضعافا لمستند الحكم، من ضعف الراوي، ومن ضعف الدلالة. إذ ليست الرواية صريحة في المدعى. واختار العمل به، لا من حيث الرواية، بل من دليل آخر. وهو ان هذا الولد محكوم باسلامه، فلا يدفن في مقبرة غير المسلمين. قال طاب ثراه: ولو ماتت هي دونه، يشق جوفها من الجانب الايسر واخرج. وفي رواية يخاط بطنها. اقول: البحث هنا في ثلاثة امور.

(الف): الشق. وهو إجماع الامامية، إذا بلغ الحمل أجله، بحيث لو خرج الولد

____________________

(١) إلى هنا كلام المعتبر: كتاب الطهارة، في أحكام الدفن، ص ٧٩، س ٣.

١٨١

السادسة: إذا وجد بعض الميت وفيه الصدر، فهو كما لو وجد كله. وإن لم يوجد الصدر، غسل وكفن ما فيه عظم، ولف في خرقة ودفن ما خلا من عظم. بقى حيا على اليقين. وأقله مضى ستة أشهر، وعليه العامة عدا أحمد بن حنبل حيث منع من الشق في المسلمة والذمية، بل تسطو(١) القوابل عليها، فيخر جنه، ولو لم يوجد نساء لم يسط الرجال عليها، وتركت حتى يتيقن موته ثم يدفن، لانه مثله، ولان حرمة الميت كحرمة الحي، وهذا الولد لايعيش عادة، فلا تهتك حرمة متيقنة لامر موهوم(٢) . احتج الاصحاب: بانه توصل إلى بقاء الحى يخرج في ميت، فيكون أولى، فيغتفر. ولانه لو خرج بعضه وتشبث بحيث يحتاج إلى السعة، وجب الاتساع عليه، والحال واحدة. والروايات من طرق أهل البيتعليهم‌السلام . فمنها ما رواه علي بن يقطين قال: سألت العبد الصالحعليه‌السلام عن المرأة تموت وولدها في بطنها؟ قال: يشق بطنها ويخرج ولدها(٣) . ومنها رواية اسماعيل بن مهران، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: سألته عن المرأة تموت ويتحرك الولد في بطنها، أيشق بطنها و يستخرج ولدها؟ قال: نعم(٤) .

____________________

(١) مجمع البحرين: ج ١، ص ٢١٨، وفي الخبر " لابأس أن يسطو الرجل على المرأة اذالم تجد أمرأة تعالجها وخفيف عليها يعني إذا نشب ولدها في بطنها ميتا فله مع عدم القابلة ان يدخل يده ويستخرج الولد ".

(٢) نقله عنه في المعتبر: كتاب الطهارة، ص ٨٥، س ٢٩.

(٣) الكافي: ج ٣، ص ١٥٥، كتاب الجنائز، باب المرأة تموت وفي بطنها ولد يتحرك، حديث ١.

(٤) الكافي: ج ٣، ص ١٥٥، كتاب الجنائز، باب المرأة تموت وفي بطنها ولد يتحرك، حديث ٢.

١٨٢

(ب): كون الشق من الجانب الايسر: فهوالذي ذكره الشيخ في النهاية(١) وعليه إتباعه. وهو مذهب الصدوق(٢) ، والمفيد(٣) ، وأطلق في الخلاف الشق، ولم يقيده بالايسر(٤) ، وكذا المصنف في الشرايع(٥) ، والعلامة في القواعد(٦) ، وعليه دل اطلاق الروايات.

(ج): خياطة الموضع. وهوالذي ذكره الشيخ في المبسوط، فانه قال فيه: وإن ماتت المرأة ولم يمت الولد شق بطنها من الجانب الايسر، وخيط الموضع(٧) . والخياطة قال العلامة في التحرير(٨) ، والقواعد(٩) ، والمصنف في الشرايع(١٠) ، وكلامه

____________________

(١) النهاية: باب تغسيل الاموات وتكفينهم وتحنيطهم، ص ٤٢، س ٧، قال: " واذاماتت المرأة ولم يمت ولدها شق بطنها من الجانب الايسر، واخراج الولد، وخيط الموضع ".

(٢) الفقيه: ج ١، ص ٩٧، باب ٢٤، المس، ذيل حديث ٤٧.

(٣) المقنعة: باب تلقين المحتضرين وتوجيههم عند الوفاة وما يصنع بهم في تلك الحال، ص ١٣، س ٢٠، قال: " فان ماتت إمرأة وفي جوفها ولد حي يتحرك شق بطنها مما يلي جنبها الايسر واخرج الولد منه، ث خيط الموضع ".

(٤) الخلاف ج ١، ص ٢٦٨، كتاب الجنائز، مسألة ٩٢.

(٥) لا يخفي ان المصنفقدس‌سره في الشرايع قيده بالجانب الايسر، قال في المسألة الرابعة: من لواحق الدفن، ج ١، ص ٤٤، مانصه: " وان ماتت هي دونه شق جوفها من الجانب الايسر، وانتزع وخيط الموضع ".

(٦) القواعد: الفصل الخامس في لواحق الدفن، ص ٢١، س ١٩، قال: " ويشق بطن لاخراج الوالد وخيط الموضع ".

(٧) المبسوط: ج ١، كتاب الجنائز، ص ١٨٠، س ٢٣، و ٢٤، وفيه " شق بطنها من الجانب الايسر واخراج الولد وحيط الموضع ".

(٨) التحرير: كتاب الطهارة، المطب الخامس في الدفن، ص ٢٠، س ١٦، قال: " (ح) اذا ماتت الحامل دون او الولد، شق بطنها من الجانب الايسر واخراج الولد وخيط الموضع.

(٩) تقدم آنفا.

(١٠) تقدم آنفا.

١٨٣

قال الشيخان: ولا يغسل السقط إلا إذا استكمل شهورا أربعة. ولو كان لدونها لف في خرقة ودفن.

في المعتبر يؤذن بعدم الخياطة(١) . احتج الموجبون: بما رواه الشيخ عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة: يخرج الولد و يخاط بطنها(٢) . وهي مقطوعة. احتج الآخرون: بأصالة براء‌ة الذمة، وضعف الرواية بالقطع. قال المصنف في المعتبر: (وانما قلنا: وفي رواية: ويخاط الموضع لانها رواية ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، موقوفة عليه، فلا يكون حجة. ولا ضرورة إليه، لان مصيرها إلى البلى)(٣) . والاقرب: الوجوب، لما فيه من ستر الميتة، وإستدراك المثلة الحاصلة بالشق، ولاشتماله على حفظ أمعائها وجمع أجزائها ومنعها عن التفرق والتبدد، وللعمل بالرواية. قال طاب ثراه: قال الشيخان، ولا يغسل السقط إلا إذااستكمل شهورا أربعة: ولو كان لدونها لف في خرقة ودفن. أقول: لاخلاف بين الاصحاب في ذلك، وذكره للشيخين تفخيما لهما. وإنما الخلاف فيه مع العامة، فمذهب أبوحنيفة ومالك انه يلف في خرقة ويدفن إلا أن

____________________

(١) المعتبر: كتاب الطهارة، في أحكام الاموات، ص ٨٥، س ٢٨. قال: " ولو ماتت الام وبقي هو حيا على اليقين شق جوفها من الجانب الايسر واخرج الولد ".

(٢) التهذيب: ج ١، ص ٣٤٤، باب ١١، في تلقين المحتضرين وتوجيهم عند الوفاة وما يصنع بهم في تلك الحال، حديث ١٧٥.

(٣) المعتبر: في احكام الاموات، ص ٨٥، س ٣٤.

١٨٤

السابعة: لا يغسل الرجل إلا الرجل وكذا المرأة ويغسل الرجل بنت ثلاث سنين مجردة، وكذا المرآة ويغسل الرجل محارمه من وراء الثياب، وكذا المرأة.

الثامنة: من مات محرما كان كالمحل، لكن لا يقرب الكافور.

التاسعة: لا يغسل الكافر ولا يكفن ولا يدفن بين مقبرة المسلمين.

العاشرة: لو لا قى كفن الميت نجاسة غسلت مالم يطرح في القبر، وقرضت بعد جعله فيه. يستهل(١) ، وللشافعي كالقولين(٢) ، وعند أحمد يجب مع الصلاة عليه(٣) . وهو ممنوع إلا ان يستهل. واحتج أصحابنا على الحكم الاول: بانه كان حيا، فيجب غسله(٤) وبما رواه زرارة، عن سماعة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: سألته عن السقط إذا استوت خلقته يجب عليه الغسل والكفن واللحد؟ قال: نعم، كل ذلك يجب عليه إذا استوى(٥) . ولا يضعف بسماعة، لعدم المعارض. وعلى الثاني: ما رواه الترمذي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: الطفل لا يصلى عليه ولا يورث حتى يستهل(٦) .

____________________

(١ و ٢) نقله عنهم في المعتبر، في احكام الاموات، ص ٨٦، س ٢٨، وفيه " يدرج في خرقة ".

(٣) نقله في المعتبر: في احكام الاموات، ص ٨٦، س ٣٣، ونقله الترمذي: ج ٣، كتاب الجنائز، ص ٣٥٠، باب ٤٢، ما جاء في الصلاة على الاطفال، ذيل حديث ١٠٣١ قالوا: " يصلى على الطفل وان لم يستهل بعد ان يعلم انه خلق، وهو قول أحمد وإسحاق ".

(٤) عبارة المعتبر هكذا في صفحه ٨٦، س ٢٩: (لنا انه مات بعد ان كانت حيا فيجب غسله).

(٥) التهذيب: ج ١، ص ٣٢٩، باب تلقين المحتضرين وتوجيههم ومايصنع بهم في تلك الحال، حديث ١٣٠. وفيه: " عن زرعة عن سماعة ".

(٦) رواه الترمذي: ج ٣، كتاب الجنائز، ص ٣٥٠، باب ٤٣، ما جاء في ترك الصلاة على الجنين حتى يستهل، حديث ١٠٣٢ وفيه: " لايصلى عليه ولا يرث ولايورث ".

١٨٥

السادس غسل من مس ميتا

يجب الغسل بمس الميت الآدمي بعد برده بالموت وقبل تطهيره بالغسل على الاظهر. وكذا يجب الغسل بمس قطعة فيها عظم، سواء ابينت من حي أو ميت، وهو كغسل الحائض. قال طاب ثراه: يجب الغسل بمس ميت(١) الآدمي بعد برده بالموت وقبل تطهيره على الاظهر. أقول: الوجوب مذهب الشيخين(٢) ، وبه قال الصدوقان(٣) ، واختاره المصنف(٤) ، والعلامة(٥) . وذهب المرتضى في المصباح إلى الاستحباب(٦) . احتج الاولون: بصحيحة حريز عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: من غسل ميتا فليغتسل، وإن مسه مادام حارا فلا غسل عليه، وإذا برد ثم مسه فليغتسل.

____________________

(١) هكذا في الاصل ولكن الماتن ذكر: " بمس الميت الآدمي " فراجع.

(٢) اي: المفيد في المقنعة: باب الاغسال المفترضات والمسنونات، ص ٦، س ٧، والشيخ الطوسي في النهاية: كتاب الطهارة، باب الغسل الاموات وتكفينهم، ص ٣٥، س ١١.

(٣) المقنع: ابواب الطهارة، صفة غسل الميت، ص ٢٠، س ١، والهداية: باب ١٥ الاغسال، ص ١٩، س ١٢، وفي الفقيه: ج ١، ص ٨٧، باب ٢٤، المس س ١٠، قال: " وان مسه بعد ما يبرد وفعليه الغسل " انتهى.

(٤) المعتبر: كتاب الطهارة، ص ٩٦، س ٢١.

(٥) المختلف: الفصل الاول من باب الغسل من كتاب الطهارة، ص ٢٨، س ١١.

(٦) قال في المعتبر: كتاب الطهارة، ص ٩٦ ص ٢٢ مالفظه: " وبالاستحباب قال علم الهدى في شرح الرسالة والمصباح "، وفي المختلف: في الفصل الاول من باب الغسل من كتاب الطهارة، ص ٢٨، س ١٢، مالفظه: " وقال السيد المرتضىرحمه‌الله انه مستحب، ونقله الشيخ عنه في الخلاف ".

١٨٦

وأما المندوب من الاغسال: فالمشهور غسل الجمعة: ووقته ما بين طلوع الفجر إلى الزوال. وكلما قرب من الزوال كان أفضل. وأول ليلة من شهر رمضان، وليلة النصف منه، وليلة سبع عشرة وتسع عشرة، وإحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وليلة الفطر، و يومي العيدين، ويوم عرفة، وليلة النصف من رجب، ويوم المبعث. قلت: فمن أدخله القبر؟ قال: لا غسل عليه إنما يمس الثياب(١) . احتج السيد: بالاصل، وبما رواه سعدبن أبي خلف في الصحيح عن الصادقعليه‌السلام قال: سمعته يقول: الغسل أربعة عشر موطنا، واحد فريضة والباقي سنة(٢) . والجواب عن الاول: أن الاصل يخالف للدليل، وقد تقدم. وعن الثاني: أن المراد ما ثبت من جهة السنة لامن طريق القرآن. وأيضا فإن غسل الحيض وأخويه واجب عنده، فلا يجوز حمل لفظ السنة هنا على الندب، بل ما ذكرناه هو الواقع، فان غسل الجنابة يعلم وجوبه من الكتاب، قال الله تعالى (وإن كنتم جنبا فاطهروا)(٣) وبواقي الاغسال استفيد وجوبها من كلامهمعليهم‌السلام . قال طاب ثراه: وأما المندوب من الاغسال، فالمشهور غسل الجمعة. أقول: ذهب الصدوق إلى وجوبه على الرجال والنساء في السفر والحضر، إلا أنه

____________________

(١) التهذيب: ج ١، ص ١٠٨، باب ٥ الاغسال المفترضات والمسنونات، حديث ١٥.

(٢) التهذيب: ج ١، ص ١١٠، باب ٥ الاغسال المفتروضات والمسنونات، حديث ٢١، وفيه: " الغسل في أربعة عشر موطنا ".

(٣) سورة المائدة: ٧.

١٨٧

وليلة النصف من الشعبان، والغدير، ويوم المباهلة، وغسل الاحرام، وزيارة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والائمةعليهم‌السلام ، ولقضاء الكسوف، و للتوبة، ولصلاة الحاجة، والاستخارة، ولد خول احرم، والمسجد الحرام، والكعبة والمدينة، ومسجد التبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وغسل المولود.

رخص للنساء في السفر لقلة الماء(١) . والمشهور بين أصحابنا: الاستحباب. احتج الصدوق: بما رواه سماعة عن الصادقعليه‌السلام قال: سألته عن غسل الجمعة؟ فقال: واجب في السفر والحضر إلا أنه رخص للنساء في السفرلقلة الماء(٢) احتج الباقون: بالاصل، وبحسنة علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن الغسل في الجمعة والاضحى والفطر؟ قال: سنة وليس بفريضة(٣) . وأجابوا عن روايته: بحملها على الاستحباب المؤكد، ويؤيده صحيحه زرارة عن الصادقعليه‌السلام قال: سألته عن غسل الجمعة؟ فقال: سنة في السفر والحضر، إلا أن يخاف المسافر على نفسه القر(٤) . وقوله: (فالمشهور غسل الجمعة) إلى آخر الباب، يحتمل أمرين. أحدهما: أن يكون معناه. فالمشهور عد غسل الجمعة في الاغسال المسنونة، لا الواجبة، خلافا للصدوق.

____________________

(١) الفقيه: ج ١، ص ٦١، باب ٢٢ غسل يوم الجمعة ودخول الحمام وآدابه وما جاء في التنظيف والزينة، ذيل حديث٢.

(٢) الفقيه: ج ١، ص ٤٥، باب ١٨، الاغسال، حديث ٥.

(٣) التهذيب: ج ١، ص ١١٢، باب ٥ الاغسال المفترضات و المسنونات، حديث ٢٧.

(٤) التهذيب: ج ١، ص ١١٢، باب ٥ الاغسال المفترضات والمسنونات، حديث ٢٨.

١٨٨

والثاني: أن يكون معناه، فالمشهور من الاغسال المندوبة غسل الجمعة، وأول ليلة من شهر رمضان، وليلة النصف منه، وتعدد الاغسال المندوبة حتى يأتي على آخرها المذكورة في المتن أي المشهور بين الاصحاب استحباب هذه الاغسال المعدودة. وهناك أغسال أخر غير هذه المعدودة وليست بالمشهورة فاضرب عنها، لكون النافع مختصرا، فاقتصر فيه على إيراد المشهور وما تعم به البلوى، دون النوادر والشواذ. وذلك مثل ما ورد من استحباب الغسل في كل ليلة وتر من شهر رمضان(١) ، ومثل استحباب الغسل عند قتل الوزغ(٢) ، ومثل غسل يوم النيروز، نيروز الفرس ومستنده رواية المعلى بن الخنيس، وذكره الشيخ في مختصر المصباح، و يستحب فيه الصيام وصلاة أربع ركعات بعد صلاة الظهرين، ويسجد بعدها ويدعو بالمرسوم، يغفر له ذنوب خمس سنين(٣) .

تنبيه

يوم النيروز يوم جليل القدر، وتعيينه من السنة غامض، مع أنه معرفته أمرمهم من حيث تعلق به عبادة مطلوبة للشارع، والامتثال موقوف على معرفته، ولم يتعرض لتفسيره أحدمن علمائنا، سوى ما قاله الفاضل المنقب محمد بن إدريسرضي‌الله‌عنه

____________________

(١) نقله المحقق المجلسي في كتابه زاد المعاد. ونقله الشهيدقدس‌سره في الروضة: كتاب الصلاة، ص ٣٩ - ٤٠ في الفصل السادس في بقية الصلوات، في صلاة الآيات. قال: " وكذا يستجب الغسل للجمعة، إلى ان قال: " وليالي فرادى شهر رمضان الخمس عشرة، وهي العدد الفرد من اوله إلى آخره ".

(٢) الفقيه: ج ١، ص ٤٤، باب الاغسال، حديث ٣.

(٣) مختصر المصباح (مخطوط) ولفظه: " يوم النيروز: روى معلى ين خنيس عن مولانا الصادقعليه‌السلام قال: اذا كان يوم النيروز فاغتسل و انظف والبس ثيابك وتطيب باطيب طيبك، إلى ان قال: يغفرلك ذنوب ستين سنة ".

١٨٩

وحكايته: والذي قد حققه بعض محصلى أهل الحساب و علماء الهيئة وأهل هذه الصنعة في كتاب له: أن يوم النيروز يوم العاشر من أيار(١) . وقال الشهيد: وفسر بأول سنة الفرس، أو حلول الشمس برج الحمل، أو عاشر أيار(٢) . والثالث إشارة إلى قول ابن إدريس. والاول إشارة إلى ما هو مشهور عند فقهاء العجم في بلادهم، فإنهم يجعلونه عند نزول الشمس الجدي، وهو قريب مما قاله صاحب كتاب الانواء. وحكايته: اليوم السابع عشر من كانون الاول، هو صوم اليهود، وفيه يرجع الشمس مصعده إلى الشمال، ويأخذ النهار من الليل ثلاث عشر ساعة، وهو مقدار ما يأخذ في كل يوم، وينزل الشمس برج الجدي قبله بيومين، وبعض العلماء جعله رأس السنة، وهو النيروز(٣) . فجعله حكاية عن بعض العلماء. وقال بعد ذلك: اليوم التاسع من شباط هو يوم النيروز. ويستحب فيه الغسل، وصلاة أربع ركعات لما رواه المعلى بن خنيس عن الصادقعليه‌السلام ، ثم ذكر الخبر(٤) . فاختار التفسير الاخير، وجزم به.

____________________

(١) السرائر: كتاب الصلاة، باب النوافل المرتبة في اليوم والليلة ونوافل شهر رمضان وغيرها من النوافل، ص ٦٩، س ٣٠، وتمامه: " وشهر ايار احد وثلاثون يوما، فاذا مضى منه تسعة أيام، فهو يوم النيروز " إلى آخره.

(٢) قال الشهيدقدس‌سره في الروضة: في الفصل السادس من كتاب الصلاة في بيان صلاة الآيات مالفظه: " وكرا يستحب الغسل للجمعة، إلى ان قال: " ونيروز الفرس، والمشهور الان انه يوم نزول الشمس في الحمل، وهو الاعتدال الربيعي وفي بعض الحواشي: وهو أول سنة الفرس، وهي نزول الشمس في برج الحمل، او بعاشر ايار " إلى آخره.

(٣) لم نعثر عليه.

(٤) تقدم آنفا.

١٩٠

والاقرب من هذه التفاسير: أنه يوم نزول الشمس برج الحمل، لوجوه.

(الف): أنه أعرف بين الناس وأظهر في إستعمالهم، وإنصراف الخطاب المطلق الشامل لكل مكلف إلى معلوم في العرف، وظاهر في الاستعمال أولى من إنصرافه إلى ما كان على الضد من ذلك.

ولانه المعلوم من عادة الشرع وحكمته، ألا ترى كيف علق أوقات الصلاة بسير الشمس الظاهر، وصوم رمضان برؤية الهلال، وكذا أشهر الحج. وهي أمور ظاهرة يعرفها عامة الناس، بل الحيوانات.

فان قلت: إستعماله في نزول الشمس برج الحمل غير ظاهر الاستعمال في بلاد العجم، حتى أنهم لا يعرفونه وينكرون على معتقده فلم خصصت ترجيح العرف الظاهر في بعض البلاد دون بعض؟ وأيضا فان ما ذكرته حادث ويسمى النيروز السلطاني، والاول أقدم حتى قيل: انه منذ زمان نوحعليه‌السلام . فالجواب عن الاول: أن العرف إذا تعدد إنصرف إلى العرف الشرعي، فان لم يكن فإلى أقرب البلاد واللغات إلى الشرع، فيصرف إلى لغة العرب وبلادها، لانها أقرب إلى الشرع. وعن الثاني: بأن التفسيرين معا متقدمان على الاسلام.

(ب): أنه مناسب لما ذكره صاحب الانواء: من أن الشمس خلقت من الشرطين، وهما أول الحمل، فيناسب ذلك إعظام هذا اليوم الذي عادت فيه إلى مبدأ كونها.

(ج): أنه مناسب لما ذكره السيد رضى الدين علي بن طاوس قدس الله روحه: إن إبتداء العالم وخلق الدنيا كان في شهر نيسان ولا شك أن نيسان يدخل والشمس في الحمل، وإذا كان إبتداء العالم في مثل هذا اليوم، يناسب أن يكون يوم عيد وسرور، ولهذا ورد إستحباب التطيب فيه بأطيب الطيب ولبس أنظف الثياب ومقابلته بالشكر والدعاء والتأهب لذلك بالغسل وتكميله بالصوم والصلاة المرسومة

١٩١

له(١) ، حيث كان فيه إبتداء النعمة الكبرى، وهي الاخراج من حيز العدم إلى الوجود، ثم تعريض الخلق لثوابه الدائم. ولهذا امرنا بتعظيم يوم المبعث والغدير، حيث كان فيهما إبتداء منصب النبوة والامامة، وكذا المولودين. فان قلت: نسبته إلى الفرس يؤيد الاول، لانهم واضعوه، والثاني وضعه قوم مخصوصون ولم يوافقهم الباقون.

قلنا: يكفي في نسبته إليهم، أن تقول به طائفة منهم وإن قصروا في العدد عمن لم يقل به، ألاترى إلى قوله تعالى: (وقالت اليهود عزيز ابن الله، وقالت النصرى المسيح ابن الله)(٢) وليس القائل بذلك كل اليهود ولا كل النصارى. ومثله قوله تعالى: (والذين آتينهم الكتاب يفرحون بما انزل إليك)(٣) وليس إشارة إلى أهل الكتاب بأجمعهم، بل إلى عبدالله بن سلام وأصحابه. زيادة ومما ورد في فضله ويعضد ما قلناه، ما حدثني به المولى السيد المرتضى العلامة بهاء الدين علي بن عبدالحميد النسابة دامت فضائله، ما رواه بإسناده إلى المعلى بن خنيس عن الصادقعليه‌السلام : إن يوم النوروز، هو اليوم الذي أخذ فيه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لاميرالمؤمنينعليه‌السلام العهد بغدير خم، فأقروا له بالولاية، فطوبى لمن ثبت عليها والويل لمن نكثها، وهو اليوم الذي وجه فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله علياعليه‌السلام إلى وادى الجن، فأخذ عليهم العهود والمواثيق. وهواليوم الذي ظفر فيه بأهل النهروان، وقتل ذا الثدية. وهواليوم الذي

____________________

(١) رواه في الوسائل: ج ٥، ص ٢٨٨، باب ٤٨، من ابواب بقية الصلوات المندوبة، حديث ١، نقلا عن مصباح المتهجد.

(٢) سورة التوبة: ٣٠.

(٣) سورة الرعد: ٣٦.

١٩٢

يظهر فيه قائمنا أهل البيت وولاة الامر ويظفره الله تعالى بالدجال، فيصلبه على كناسة الكوفة.

وما من يسوم نوروز إلا ونحن نتوقع فيه الفرج، لانه من أيامنا حفظه الفرس وضيعتموه.

ثم إن نبيا من أنبياء بني اسرائيل سأل ربه ان يحيي القوم الذين خرجوا من ديارهم وهم الوف حذر الموت فأماتهم الله تعالى، فأوحى إليه أن صب عليهم الماء في مضاجعهم، فصب عليهم الماء في هذا اليوم، فعاشوا وهم ثلاثون ألفا، فصار صب الماء في يوم النيروز سنة ماضية لايعرف سببها إلا الراسخون في العلم. وهو أول يوم من سنة الفرس. قال المعلى: وأملى علي ذلك، فكتبته من إملائه(١) .

وعن المعلى ايضا قال: دخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام في صبيحة يوم النيروز. فقال: يا معلى أتعرف هذا اليوم؟ قلت: لا، ولكنه يوم يعظمه العجم، يتبارك فيه. قال: كلا والبيت العتيق الذي ببطن مكة ما هذا اليوم إلا لامر قديم، افسره لك حتى تعلمه. قلت: لعلمي هذا من عندك أحب إلي من ان تعيش أترابي ويهلك الله اعداء كم [امواتي وتموت أعدائي] قال: يا معلى يوم النيروز، هواليوم الذي أخذ الله فيه ميثاق العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وأن يدينوا برسله وحججه وأوليائه، وهو أول يوم طلع فيه الشمس، وهبت فيه الرياح اللواقح، وخلقت فيه زهرة الارض.

وهو اليوم الذي استوت فيه سفينة نوحعليه‌السلام على الجودي، وهو اليوم الذي أحيا الله فيه القوم الذين خرجوا من ديارهم وهم الوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم، وهواليوم الذي هبط فيه جبرئيلعليه‌السلام على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وهواليوم الذي كسرفيه ابراهيمعليه‌السلام

____________________

(١) رواهما العلامة المجلسيقدس‌سره بسند واحد مع اختلاف يسير في بعض الالفاظ. لاحظ البحار: ج ٥٩، ص٩١، باب٢٢، يوم النيروز وتعيينه وسعادة ايام شهورالفرس والروم، ونحوستها، حديث ١.

١٩٣

أصنام قومه، وهواليوم الذي حمل فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أميرالمؤمنين علياعليه‌السلام على منكبه حتى رمى أصنام قريش من فوق البيت الحرام وهشمها(١) والخبر بطوله. والشاهد في هذين الحديثين من وجوه.

(الف): قوله: (أنه اليوم الذي اخذ فيه العهد بغدير خم) وهذا تاريخ وكان ذلك سنة عشرة من الهجرة وحسب، فوافق نزول الشمس الحمل في التاسع عشر من ذي الحجة على حساب التقويم، ولم يكن الهلال رؤى بمكة في ليلة الثلاثين، فكان الثامن عشر من ذى الحجة على الرؤية.

(ب): كون صب الماء في ذلك اليوم سنة شايعة. والظاهر أن مثل هذه السنة العامة الشاملة لسائر المكلفين أن يكون صب الماء في وقت لاينفر منه الطبع ويأباه، ولا يتصور ذلك مع كون الشمس في الجدى، لانه غاية القر في البلاد الاسلامية.

(ج): قوله في الحديث الثانى: (وهو أول يوم خلقت فيه الشمس) وهو مناسب لما قيل أن الشمس خلقت في (الشرطين).

(د): قوله: وفيه خلقت زهرة الارض) وهذا إنما يكون في الحمل دون الجدي، وهو ظاهر(٢) .

____________________

(١) راجع إلى التعليقة الاولى في الصحفحة السابقة.

(٢) نقل العلامة المجلسيقدس‌سره كلامه برمته من قوله: " تنبيه: يوم النيروز يوم جليل القدر و تعيينه من السنة غامض، إلى هنا، ثم اورد بعده تحقيقات شافية، اعراب فيها عن الغوامض واظهر فيها المصالح، وان شئت لاحظ بحار لانوار: ج ٥٩، باب ٢٢، يوم النيروز وتعيينه وسعادة ايام وشهور الفرس والروم ونحوستها، ذيل الفائدة الثانية، ص ١١٧، أقول: في نسخة (ج) زيادة اسطر على ما نقلناه من نسختي (الف - ب) ولما لم تكن الزيادة في البحار ولم ينقله العلامة المجلسي بل كتب بعد قوله (وهو ظاهر) انتهى كلامه،رحمه‌الله فلذا اعرضنا عن نقلها، والله العاصم.

١٩٤

الركن الثالث: في الطهارة التربية والنظر في امور أربعة

الاول: شرط التيمم: عدم الماء، أو عدم الوصلة إليه، أو حصول مانع من إستعماله كالبرد والمرض، ولولم يوجد إلا ابتياعا وجب وإن كثر الثمن، وقيل: مالم يضر في الحال، وهو الاشبه، ولو كان معه ماء وخشي العطش، تبمم إن لم يكن فيه سعة عن قدر الضرورة، وكذا لو كان على جسده نجاسة ومعه ما يكفيه لا زالتها، أو للوضوء، أزالها وتيمم وكذا من معه ماء لا يكفيه لطهارته. وإذا لم يوجد للميت ماء يمم كالحي العاجز.

الركن الثالث في الطهارة الترابية

قال طاب ثراه: ولو لم يجد إلا إبتياعا وجب، ولو كثر الثمن، وقيل: مالم يضر في الحال وهو الاشبه.

أقول: للاصحاب هنا ثلاثة أقوال: (الف): قال أبوعلي: إذا كان الثمن غاليا، تيمم وصلى وأعاد إذا وجدالماء، صيانة للمال عن التلف، كما لوخاف لصا(١) .

____________________

(١) المعتبر: كتاب الطهارة، في التيمم، ص ١٠١، س ٣٥، ولفظه: " وقال ابن الجنيد منا: اذا كان الثمن غاليا تيمم وصلى وأعاد إذا وجد الماء ".

١٩٥

الثاني: فيما يتيمم به: وهو التراب الخالص دون ما سواه من المنسحقة كالاشنان، والدقيق، والمعادن كالجل والزرنيخ. ولا بأس بأرض النورة والجص. ويكره بالسبخة والرمل.

(ب): قال المرتضى: يجب الشراء وان كثر الثمن مع القدرة عليه(١) . وأطلق، محتجا برواية صفوان عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: سألته عن رجل احتاج إلى وضو الصلاة، وهو لايقدر على الماء، فوجد قدر ما يتوضأ به بمائة درهم أو بألف درهم، وهو واجد لها، يشتري ويتوضأ أويتيمم؟ قال: بل يشتري، قد أصابني مثل هذا فاشتريت، وما يشتري بذلك مال كثير(٢) .

(ج): الوجوب بشرط عدم الضرر الحالي. وهو مذهب الشيخ في كتبه كلها(٣) وفتوى فقهائنا، وفقهاء الجمهور(٤) واختاره المصنف(٥) . واحتج على الوجوب مع عدم الضرر: بما تقدم. وعلى تقديره. بان من خشي من لص أخذ ما يجحف به، لم يجب عليه السعي، وتعرض المال للتلف. وإذا ساغ التيمم هناك دفعا لهذا الضرر، ساغ هنا. ويؤيده رواية يعقوب بن سالم قال: سألت

____________________

(١) قال في المعتبر: كتاب الطهارة في التيمم، ص ١٠١، س ٣٠، مسألة اذا لم يوجد الا ابتياعا وجب مع القدرة، وان كثر الثمن كذا قال: علم الهدى ".

(٢) الكافي: ج ٣، ص ٧٤، كتاب الطهارة، باب النوادر، حديث ١٧، مع اختلاف يسيرفي بعض الفاظ الحديث.

(٣) النهاية: كتاب الطهارة، باب التيمم واحكامه، ص ٤٥، س ١٩. والمبسوط: ج ١، كتاب الطهارة، فصل في ذكر التيمم وأحكامه، ص ٣٠، س ١٤. والخلاف: كتاب الطهارة، ج ١، ص ٣٨، مسائل التيمم. مسألة ١١٧.

(٤) راجع الخلاف: كتاب الطهارة، ج ١، ص ٣٩، مسائل التيمم، مسألة ١١٧.

(٥) المعتبر: كتاب الطهارة، في التيمم، ص ١٠١، س ٣١، قال: " وقيل: مالم يضربه في الحال، وهو أشبه ".

١٩٦

وفي جواز التيمم بالحجر تردد، وبالجواز قال الشيخان. ومع فقد الصعيد تيمم بغبار الثوب واللبدو عزف الدابة، ومع فقده بالوحل. الثالث: في كيفية. ولا يصح قبل دخول الوقت، ويصح مع تضيقة، أبا عبداللهعليه‌السلام عن الرجل لا يكون معه ماء، والماء عن يمين الطريق و يساره غلوتين، أو نحو ذلك؟ قال: لا آمره أن يغرر بنفسه، فيعرض له لص أو سبع(١) . قال طاب ثراه: وفي جواز التيمم بالحجر تردد، وبالجواز قال الشيخان. أقول: قال المصنف في المعتبر: الحجر الصلد كالرخام والصفا والبرام يجوز التيمم به، وان لم يكن عليه غبار، قاله الشيخ وعلم الهدى، وقال المفيد: يجوز مع الاضطرار، ومنعه الشافعي اصلا. لنا قوله تعالى: (فتيمموا صعيدا) والصعيد وجه الارض، والحجر أرض إجماعا.

لايقال: الصعيد تراب الحرث كما نقل عن ابن عباسرضي‌الله‌عنه ، وقوله حجة. لانا نقول: هذا يبطل بالرمل والسبخة فان التيمم بهما جائز، وان لم يكونا من تراب الحرث. وانما قال في الاصل: (فيه تردد) لان علم الهدى قال في المصباح: لم أقف لاصحابنا فيه على نص، والمفيد أجازه عند الاضطرار، فنشأ التردد من ذلك(٢) .

____________________

(١) الكافي: ج ٣، ص ٦٥، كتاب الطهارة، باب الوقت الذي يوجب التيمم ومن تيمم ثم وجد الماء، حديث ٨.

(٢) المعتبر: كتاب الطهارة، في التيمم، ص ١٠٣، س ٣٥.

١٩٧

وفي صحته مع السعة قولان: أحوطهما التأخير. قال طاب ثراه: وفي صحته مع السعة قولان: أقول: في المسألة ثلاث أقوال: الاول: ذهب الشيخ(١) ، والمرتضى(٢) ، وسلار(٣) ، وابن إدريس(٤) ، إلى وجوب التأخير، لوجوه.

(الف): قوله تعالى: (فلم تجدوا ماء فتيمموا) شرط في جوازه فقدان الماء في الوقت. وانما يتحقق بالعدم في جميع أجزائه، ولا يعلم إلا بالتأخير حتى يمضي.

(ب): عموم الاخبار الدالة على وجوب التأخير إلى آخر الوقت. روى يعقوب بن يقطين قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن رجل تيمم فصلى فأصاب بعد صلاته ماء أيتوضأ ويعيد الصلاة، أم تجوز صلاته؟ قال: إذا وجد الماء قبل أن يمضي الوقت توضأ وأعاد، وإن مضى الوقت فلا إعادة عليه(٥) .

ولو كان مأمورا بالصلاة في أوله، لم يعد، لاقتضاء الامر الاجزاء.

(ج): الاحتياط، فان المتيمم آخرالوقت يصح صلاته قطعا، بخلاف المتيمم في أوله.

____________________ __

(١) قال في النهاية: كتاب الطهارة، ص ٤٧، س ١٩ " والتيمم يجب آخر الوقت إلى تضيقة، فلا يجوز التيمم قبل دخول وقت الصلاة، ولا بعد دخوله في اول وقت ".

(٢) جمل العلم والعمل: فصل في التمم، ص ٥٢، س ٨، قال: " ولا يجوز التيمم الا عند تضييق الص لاة ".

(٣) المراسم: ذكرما يقوم مقام الماء، ص٥٤، س٤، قال: " ولا يتمم الا في آخر الوقت وعند تضيقه ".

(٤) السرائر: كتاب الطهارة، باب التيمم واحكامه، ص ٢٦، س ٥، قال: " ولا يجوز له التيمم قبل دخول وقت الصلاة، بل لا يجوز التيمم الا في آخر وقت الصلاة وعند تضيقها " انتهى.

(٥) التهذيب: ج ١، ص ١٩٣، باب ٨ التيمم واحكامه، حديث ٣٣، وفيه " توضا واعاد الصلاة ".

١٩٨

الثاني: قول الصدوق(١) ، والعلامة في منتهى المطلب(٢) بجوازه مع السعة، لوجوه.

(الف): قوله تعالى (فلم تجدوا ماء فتيمموا) وهذا غير واجد.

(ب): إن الافضل الاتيان والمبادرة بالصلاة في أول وقتها، والتيمم طهارة شرعية مسوغ عند إرادتها كالوضوء والغسل، لعطفه عليهما في الآية، والعطف يقتضي التسوية.

(ج): صحيحة زرارة عن الباقرعليه‌السلام قال: قلت له: فإن أصاب الماء وقد تيمم وهو في وقته؟ قال: تمت صلاته ولا إعادة عليه(٣) . وهو يدل على جوازه مع السعة. وفيه نظر: لجواز أن يكون الضمير في قوله (في وقته) عائدا إلى فراغه من الفريضة تقديره، وهو في وقت فراغه من الفريضة، ولا يلزم منه أن تكون قد تيمم في أول الوقت، لجواز أن يكون فراغه في آخر جزء من الوقت.

الثالث: قول أبي علي(٤) ، والعلامة في القواعد(٥) ، وهو جوازه في أول الوقت

____________________

(١) لم نعثر للصدوق من التصريح بجواز التيمم في سعة الوقت الا ما حكاه العلامة عنه في المختلف، في الفصل الاول من باب التيمم، ص ٤٧، س ٣٣، من قوله: " وقال أبوجعفر بن بابويه يجوز في أول الوقت " هذا ولكن الظاهر من كلامه في المقنع عدم الجواز، حيث قال في كتاب الطهارة، باب التيمم ما لفظه: " اعلم انه لا تيمم للرجل حتى يكون في آخر الوقت، ثم قال: واذا تيمم أجزأه أن تصلى بتيممه صلوات الليل والنهار مالم يحدث الويصب ماء. وقريب منه ما في الفقيه والهداية ".

(٢) المنتهى: كتاب الطهارة وموجباته، ص ١٤٠، س ١٨، فانه بعد مانقل إحتجاج ابن بابويه بجواز التيمم في أول الوقت قال: " وقول ابن بابويه في غاية القوة، فالا قرب عندي ان التأخير مستحب والتقديم جائز ".

(٣) التهذيب: ج ١، ص ١٩٤، باب ٨ التيمم واحكامه، حديث ٣٦.

(٤) المختلف: باب التيمم، ص ٤٧، س ٣٤، قال: " وقال ابن الجنيد: فان وقع اليقين بفوته إلى آخر الوقت، أو غلبه الظن كان تيممه وصلاة في أول الوقت أحب إلي ".

(٥) القواعد: ص ٢٣، س ١٤، قال: " وفي السعة خلاف، أقربه الجواز مع العلم باستمرار العجز وعدمه مع عدمه ".

١٩٩

وهل يجب استيعاب الوجه والذراعين بالمسح؟ فيه روايتان. أشهر هما إختصاص المسح بالجبهة وظاهر الكفين. مع العلم باستمرار العذر وعدمه مع عدمه. لوجوه:

(الف): أنه جمع بين القولين.

(ب): انتفاء فائدة التأخير، من تحصيل الوضوء أو الغسل التقدير.

(ج): وجود المقتضي لاباحة التيمم، وهو تعذر إستعمال الماء، وإنتفاء المانع الذي هوالتمكن منه، وإنما قال المصنف: قولان: وأهمل الثالث، لشهرتهما، أو لانه منتزع منهما، وهو ظاهر. لان محصل البحث يرجع إلى أنه هل يجوز إيقاعه في أول الوقت أم لا؟ قال طاب ثراه: وهل يجب إستيعاب الوجه والذراعين بالمسح؟ فيه روايتان، أشهرهما إختصاص المسح بالجبهة وظاهر الكفين. أقول: أعضاء التيمم انما هي الجبهة، وحدها من قصاص الشعر إلى الحاجب. وظاهر الكفين، من مفصل المعصم إلى أطراف الاصابع، دون باقي الوجه، ودون الذراعين. وهوالذي عليه الجمهور من الاصحاب. اختاره الاربعة(١) ، وأبوعلي(٢) والقاضي(٣) .

____________________

(١) وهم: المفيد في المقنعة: باب صفة التيمم، ص ٨، س ٢١. والشيخ في النهاية: باب التيمم واحكامه، ص ٤٩، س ١٥. والصدوق في المقنع: باب التيمم، ص ٩، س ٤. وعلم الهدى في جمل العلم والعمل: فصل في التيمم واحكامه، ص ٥٢، س ١٠.

(٢) المختلف: في كيفية التيمم، ص ٥٠، س ٢، قال: " مسألة. ذهب. إبن أبي عقيل، وابن الجنيد، إلى أن الواجب في مسح الوجه مسح الجبهة خاصة، إلى ان قال: س ٤، بعد نقل القول الثاني: والحق الاول ".

(٣) المهذب: ج ١، باب كيفية التيمم، ص ٤٧، س ٥.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568