المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ١

المهذب البارع في شرح المختصر النافع0%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 568

المهذب البارع في شرح المختصر النافع

مؤلف: العلامة جمال الدين ابي العباس احمد بن محمد بن فهد الحلي
تصنيف:

الصفحات: 568
المشاهدات: 94524
تحميل: 6733


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 568 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 94524 / تحميل: 6733
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء 1

مؤلف:
العربية

والتقي(١) ، وسلار(٢) ، والحسن(٣) ، واختاره المصنف(٤) ، والعلامة(٥) ، وقال الفقيه: مجموع الوجه والذراعين، كالوضوء(٦) . احتج الاولون: بقوله تعالى: (فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه)(٧) . والباء إذا دخلت على المتعدي بنفسه أفادت التبعيض. فان قيل: قد منع سيبويه في سبعة عشر موضعا من كتابه ورودها للتبعيض. اجيب: بانها شهادة نفي، وعدم وجدانه لا يدل على عدم وجودها. ويدل على أن وجودها للتبعيض صحيحة زرارة عن الباقرعليه‌السلام في حديث، إلى أن قال: ثم فصل الكلام فقال: (وامسحوا برؤوسكم) فعرفنا حين قال: (برؤوسكم) ان المسح ببعض الرأس، لمكان الباء(٨) .

____________________

(١) الكافي في الفقه: في فرض التيمم، ص ١٣٦، س ١٠.

(٢) المراسم: ذكر كيفية التيمم وما ينقضه، ص ٥٤، س ١٠.

(٣) المختلف: في كيفية التيمم، ص ٥٠، س ٢، قال: " مسألة ذهب. إبن أبي عقيل، وابن الجنيد، إلى أن الواجب في مسح الوجه مسح الجبهة خاصة، إلى أن قال: س ٤، بعد نقل القول الثاني: والحق الاول.

(٤) الشرايع: ج ١، ص ٤٨، في كيفية التيمم، قال: " والترتيب، يضع يديه على الارض " انتهى.

(٥) المختلف: في كيفية التيمم، ص ٥٠، س ٢، قال: مسألة. ذهب. ابن ابي عقيل، وابن الجنيد، إلى أن لواجب في مسح الوجه مسح الجبهة خاصة، إلى ان قال: س ٤، بعد نقل القول الثاني: والحق الاول ".

(٦) المختلف: باب التيمم، ص ٥٠، س ٣، قال: " وقال عل يبن بابويهرحمه‌الله يمسح الوجه بألجمه وكذا اليدين من المرفقين إلى اطراف الاصابع، وقال في المقنع: وقد روى انه تضرب يديك على الارض مرة واحدة ثم تنفضهما فتمسح بهما وجهك، ثم تضرب بيمينك الارض فتمسح بها يسارك من المرافق إلى اطراف الاصابع. وافتى في الفقيه كالمشهور ".

(٧) سورة المائدة: ٦

(٨) الفقيه: ج ١، ص ٥٦، باب ٢١، التيمم، قطعة من حديث ١.

٢٠١

وبصحيحة زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم لعمار في سفر له: يا عمار بلغنا إنك أجنبت فكيف صنعت؟ قال: تمرغت يا رسول الله في التراب، قال: فقال له: كذلك يفعل الحمار، أفلا صنعت كذا؟ ثم أهوى بيديه إلى الارض، فوضعهما على الصعيد، ثم مسح جبينيه بأصابعه وكفيه إحداهما على الاخرى، ثم لم يعد ذلك(١) . احتج الفقيه: بما رواه سماعة قال: سألته كيف التيمم؟ فوضع يديه على الارض فمسح بها وجهه وذراعيه إلى المرفقين(٢) . ولانه تعالى بين في الغسل، الوجه واليدين، وأحال في التيمم عليه، ولان طهارة الماء أكمل، وقد وجب فيها الاستيعاب، ففي الانقص أولى. والجواب عن الاول: بالمنع من صحة السند، مع كونها مقطوعة. وعن الثاني: بالمنع من الحوالة على الغسل لوجود الفاصل، وهوالباء الدالة على التبعيض. وعن الثالث: بأن الانقص لا يليق مساواته في الفعل بالاكمل. واعلم: ان الذي يظهر في هذه المسألة أربعة أقوال:

(الف - ب): ما قررنا.

(ج): قال ابن أبي عقيل: لو أن رجلا تيمم فمسح ببعض وجهه أجزأه. لان الله عزوجل. قال: (بوجوهكم) ومسح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جبينه، وهو بعض وجهه(٣) . وهذا منه يدل على جوازمسح جميع الوجه(٤) .

____________________

(١) الفقيه: ج ١، ص ٥٧، باب ٢١ التيمم، حديث ٢، مع اختلا ف يسير في العبارة.

(٢) التهذيب: ج ١، ص ٢٠٨، باب ٩ صفة التيمم واحكام المحديثن منه، حديث ٥.

(٣ و ٤) المختلف: ص ٥٠، س ٢٨، باب التيمم.

٢٠٢

وفي عدد الضربات أقوال. أجودها للوضوء ضربة وللغسل اثنتان. والواجب فيه النية: واستدامة حكمها، والترتيب. يبدأ بمسح الجبهة، ثم بظاهر اليمنى، ثم بظاهر اليسرى.

(د): قال أبوعلي: إذا حصل الصعيد براحتيه، مسح بيمينه وجهه، ومهما وصلت إليه اليد من الوجه اجزأه، من غير أن يدع جبينه وموضع سجوده(١) . وهذا يدل على وجوب مسح غيرالجبهة(٢) . وأيضا يدل على جواز المسح باليمين وحدها. والاقرب: وجوب المسح باليدين معا، لما رواه الشيخ في الموثق عن زرارة قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن التيمم؟ فضرب بيديه الارض، ثم رفعها فنفضهما، ثم مسح بهما جبهته وكفيه مرة واحدة(٣) . قال طاب ثراه: وفي عدد الضربات أقوال. أقول: في المسألة ثلاثة أقوال.

(الف): إجزاء الضربة الواحدة في الجميع. أعني فيما كان بدلا عن الوضوء، وما كان بدلا عن الغسل.

وهو مذهب السيد(٤) وبه قال القديمان(٥ / ٦). احتجوا: بصحيحة زرارة عن الباقرعليه‌السلام ، وقد ذكر التيمم وما صنع عمار. فوضع أبوجعفرعليه‌السلام كفيه على الارض، ثم مسح بهما وجهه وكفيه، ولم

____________________

(١ و ٢) منقول عن المختلف، ص ٥٠، س ٢٨ - ٣١، باب التيمم،

(٣) التهذيب: ج ١، ص ٢٠٧، باب ٩، صفة التيمم وأحكام المحديثن منه، حديث ٤.

(٤) نقله عنه في المعتبر: كتاب الطهارة، في كيفية التيمم، ص ١٠٧، س ٢٠، قال: " وقال علم الهدى: ضربة واحدة فيهما ".

(٥) اي الحسن بن أبي عقيل العماني، وأبوعلي أحمد بن الجنيد الاسكافي.

(٦) قال في المختلف: في الفصل الثالث في كيفية التيمم، ص ٥٠، س ٣٦، " وقال السيد المرتضى: الواجب ضربة واحدة في الجميع، وهو إختيار ابن الجنيد وابن أبي عقيل ".

٢٠٣

يمسح الذراعين بشئ(١) وتيمم عمار كان عن غسل، وبأن الثابت في الذمة بيقين هوالواحدة، والزائد منفي بالبراء‌ة الاصلية. واجيب عن الاول: بانهعليه‌السلام بين كيفية التيمم وصفة مسحه، وحد أعضاء‌ه. ويدل عليه سياقة الكلام من قولهعليه‌السلام : (ولم يمسح الذراعين بشئ). وإذا سبق الكلام لهذا وجب بيانه خاصة. وأهمل عدد الضربات فيه. وليس في الحديث أنهعليه‌السلام إقتصر على ضربة واحدة، أو ضرب ضربتين. وإيضا فلا دلالة فيه على أن التيمم الذي وصفه بدل من الوضوء أو الغسل، و ذكر قصة عمار لا يدل على إرادة بيان بدل الغسل، لاحتمال ذكر القضية، ثم سئلعليه‌السلام عن كيفية التيمم مطلقا، أو عن كيفية التيمم الذي هو بدل عن الوضوء. وعن الثاني: أن الاصل يصار عنه للدليل، وهو الاحاديث الدالة على خلافه.

(ب): وجوب الضربتين مطلقا. أى: فيما كان بدلا عن الوضوء، وما كان بدلا عن الغسل، ضربة للوجه، والاخرى لليدين. وهو مذهب الفقيه(٢) . متمسكا بصحيحة زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قلت له: كيف التيمم؟ قال: هو ضرب واحد للوضوء والغسل من الجنابة. تضرب بيديك مرتين، ثم تنفضهما، مرة للوجه ومرة لليدين(٣) .

____________________

(١) التهذيب: ج ١، ص ٢٠٨، باب ٩ صفة التيمم واحكام المحدثين منه، حديث ٦.

(٢) قال في المختلف: في الفصل الثالث في كيفية التيمم، ص ٥٠ س ٣٧، " وقال علي بن بابويه: يجب ضربتان في الجميع، ضربة للوجه وضربة لليدين، وليم يفصل الغسل من الوضوء ".

(٣) التهذيب:ج١، ص٢١٠، باب صفة التيمم واحكام المحدثين منه، حديث ١٤، وفيه " نفضة للوجه ".

٢٠٤

واجيب باحتمال كون قولهعليه‌السلام : (هو ضرب واحد للوضوء) كلام تام، وأشار به إلى وحدة الضرب في الوضوء. ثم إبتدأ فقال: (والغسل من الجنابة تضرب بيديك مرتين).

(ج): التفصيل: وهو الاكتفاء بالضربة الواحدة في الوضوء دون الغسل. وهو مذهب الشيخين(١) ، والصدوق(٢) ، وسلار(٣) ، وابن إدريس(٤) ، واختاره المصنف(٥) ، والعلامة(٦) .

____________________

(١) اى: الشيخ المفيد في المقنعة: باب صفة التيمم، ص ٨، س ٢٦، قال: وان كان المحدث جنبا إلى آخره. والشيخ الطوسي في النهاية: كتاب الطهارة باب التيمم واحكامه، ص ٤٩، س ٢٠، قال: " فان كان بدلا من الغسل ضرب بيده على الارض مرتين ". إلى آخره.

(٢) قال في الفقيه: ج ١، ص ٥٧، باب ٢١، التيمم، ذيل حديث ٢: " فاذا تيمم الرجل للوضوء: ضرب يديه على لارض مرة واحدة، إلى ان قال: واذا كان التيمم للجنابة. ضرب يديه على الارض مرة واحدة ثم نفضهما ومسح بهما جبينيه وحاجبيه، ثم ضرب يديه على الارض مرة اخرى " إلى آخره، هذا ولكن في المقنع والهداية اكتفى بمرة واحدة، ولم يفصل. راجع المقنع: باب التيمم، ص ٩، س ٤، والهداية ١٤، باب التيمم، ص ١٨، س ١٦.

(٣) المراسم: ذكر كيفية التيمم، ص ٥٤، س ٧، قال: " التيمم على ضربين، أحد هما من جنابة والاخر من حدث يوجب الوضوء ".

(٤) السرائر: كتاب الطهارة، باب التيمم واحكامه، ص ٢٦، س ١٥، قال: " واذا كان تيممه من حدث يوجب الغسل كالجنابة إلى ان قال س ١٦: ثم ضرب بيديه الارض ثانية " إلى آخره.

(٥) المعتبر: كتاب الطهارة، في كيفية التيمم، ص ١٠٧، س ١٨، قال: " مسألة: وفي عدد الضربات اقوال: قال الشيخان في المبسوط والنهاية والمقنعة ضربة للوضوء وضربتان الغسل وهو أجودها ".

(٦) التحرير: كتاب الطهارة، الفصل الثالث في الكيفية ص ٢٢، س ٨، قال: (و) التيمم ان كان بدلامن الوضوء اكتفى فيه بالضربة الواحدة للوجه واليدين. وان كان بدلا من الغسل ضرب ضربة للوجه و أخرى لليدين على أظهر الاقوال".

٢٠٥

احتجوا على الوحدة في الوضوء: بما رواه في الموثق، زرارة عن الباقرعليه‌السلام في التيمم؟ قال: تضرب بكفيك الارض، ثم تنفضهما، وتمسح وجهك ويديك(١) . وفي الحسن عن عمرو بن أبي المقدام، عن الصادقعليه‌السلام : أنه وصف التيمم، فضرب بيديه على الارض، ثم رفعهما فنفضهما، ثم مسح على جبينه وكفيه مرة واحدة(٢) . وعلى التعدد في الغسل: بما رواه إسماعيل بن همام الكندي (في الحسن) عن الرضاعليه‌السلام قال: التيمم ضربة للوجه وضربة للكفين(٣) . فان قيل: هذه الاحاديث المذكورة في الموضعين غير دالة على المطلوب، لاطلاقها، وعدم الاشعار فيها ببدلية الوضوء أو الغسل. اجيب: بإستحالة تناقض الاخبار الواردة عن الائمة الاطهار. فلا يمكن إهمالها ولا العمل بها على عمومها. فلا بد وأن يخصص كل واحد بصورة لا يشركه فيها الحكم الآخر، فينزل على ما قلناه. إذ لا يمكن صرف الكثرة إلى ما هو بدل عن الوضوء، لمناسبة الاستيعاب في الغسل كثرة الضربات، وعدم استيعابه في الوضوء يناسب وحدتها، ولانهما حدثان مختلفان في المبدل، فيختلفان في البدل(٤) . وهواختيار فخر المحققين(٥) .

____________________

(١) التهذيب: ج ١، ص ٢١٢، باب ٩، صفة التيمم وأحكام المحدثين منه، حديث ١٨.

(٢) التهذيب: ج ١، ص ٢١٢، باب ٩، صفة التيمم واحكام المحدثين منه، حديث ١٧، وفيه " عن عمروبن آبي المقدم".

(٣) التهذيب: ج ١، ص ٢١٠، باب ٩، صفة التيمم واحكام المحدثين منه، حديث ١٢.

(٤) من قوله (فان قبل) إلى هنا، كلام العلامةقدس‌سره في المختلف. راجع المختلف الفصل الثالث في كيفية التيمم، ص ٥١، س ٣. مع اختلاف في بعض الفاظ الكتاب.

(٥) اي التفصيل في الضربة والضربتين. ثم لايخفى انه لم نجد من الفخرقدس‌سره تصريحا بالتفصيل،

٢٠٦

الرابع في أحكامه

وهي ثمانية: الاول: لا يعيد ما صلى بتيممه. ولو تعمد الجنابة لم يجزئ التيمم مالم يخف التلف. فان خشي فتيمم وصلى، ففي الاعادة تردد أشبهه انه لا يعيد. والشهيد طاب ثراهما(١) . قال طاب ثراه: فان خشي فتيمم وصلى ففي الاعادة تردد. أقول: من أجنب عامد خشي على نفسه من إستعمال الماء، فتيمم وصلى، هل يعيد صلاته أم لا؟ فيه ثلاثة أقوال:

(الف): عدم جواز التيمم وإن خاف على نفسه، ويلزمه بطلان الصلاة، وعدم الاعتداد بها. وهو قول المفيد(٢) . احتج برواية علي بن أحمد رفعه عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: سألته عن مجدور أصابته جنابة؟ قال: إن كان أجنب هو فليغتسل، وان كان إحتلم تيمم(٣) .

(ب): جواز التيمم مع خوف التلف والصلاة به، ثم الاعادة بعد الغسل، وهو

____________________

ولعله لما لم يعلق على كلام والده في القواعد تعليقا، يشعر ذلك على رضاء ومطابقته له مع الفتوى.

(١) قال في اللمعة: ص ٢٦، في الفصل الثالث من كتاب الطهارة، في التيمم: " والضرب على الارض بيديه معا، مرة للوضوء ومرتين للغسل ". إلى آخره.

(٢) قال في المقنعة: باب التيمم واحكامه، ص ٨، س ١٣: " وان أجنب نفسه مختارا وجب عليه الغسل، وإن خاف منه على نفسه، ولم يجزه التيمم، بذلك جاء الاثرعن أئمة آل محمدعليهم‌السلام ".

(٣) الكافي: ج ٣، ص ٦٨، كتاب الطهارة، باب الكسير والمجدور ومن به الجراحات وتصيبهم الجنابة حديث ٣. وفيه: " فليتيمم ".

٢٠٧

قول الشيخرحمه‌الله (١) . احتج: برواية جعفر بن بشير، عن عبدالله بن سنان، أو غيره عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: سألته عن رجل أصابته جنابة في ليلة باردة، يخاف على نفسه التلف إن اغتسل؟ قال: يتيمم، فاذا أمن البرد اغتسل وأعاد الصلاة(٢) . وبأنه مفرط بتعمد الجنابة، فيعيد ما فعله.

واجيب عن الاول: بضعف الحديث لجهالة الراوي. وعن الثاني: أن التفريط لا يوجب الاعادة، كالحدث الاصغر.

(ج): صحة التيمم، وعدم الاعادة، وهو قول ابن إدريس(٣) واختاره المصنف(٤) والعلامة(٥) . ويدل على الاول: قوله تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج)(٦) ، وما رواه ابن بابويه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن فلانا أصابته جنابة وهو مجدور، فغسلوه فمات ا؟ فقال: قتلوه، ألا سألوا، ألا يمموه، إن شفاء العي السؤال(٧) .

____________________

(١) النهاية: باب التيمم واحكامه، ص ٤٦، س ١٣، قال: " فان كان غسله من الجنابة التي تعمدها، إلى ان قال: فاذا زال الخوف وجب عليه الغسل وإعادة تلك الصلاة ".

(٢) التهذيب: ج ١، س ١٩٦، باب ٨ التيمم واحكامه، حديث ٤٢.

(٣) السرائر: كتاب الطهارة، باب التيمم واحكامه، ص ٢٧، س ١٧، قال: " وليس على جميع من صلى بتيمم إعادة شئ من صلاته " إلى آخره.

(٤) المعتبر: كتاب الطهارة، الفصل الرابع في احكامه، ص ١١٠، س ٢١، قال: " والوجه عندي لنه لا إعادة " إلى آخره.

(٥) المختلف: كتاب الطهارة، الفصل الرابع في احكامه، ص ٥٢، س ٦، قال: " واختار ابن إدريس عدم الاعادة وهو الوجه عندي ".

(٦) سورة الحج: ٧٨.

(٧) الفقيه: ج ١، ص ٥٩، باب ٢١، التيمم حديث ٨.

٢٠٨

فاطلقعليه‌السلام جواز التيمم من غير تفصيل. وروى أن أباذر أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: يا رسول اله هلكت، جامعت على غير ماء قال: فأمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بمحمل وبماء فاستترنا به، واغتسلت أنا وهي. ثم قال: يا أباذر يكفيك الصعيد عشر سنين(١) . وعلى الثاني: انها صلاة وقعت على الوجه المأمور به شرعا، فيخرج فاعلها عن العهدة، لما ثبت في موضعه، ولما رواه العيص في الصحيح قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن رجل يأتي الماء وهو جنب وقد صلى؟ قال: يغتسل ولا يعيد الصلاة(٢) .(تنبيهان)

(الف): ينبغي أن يقيد الحكم على القول بعدم الاعادة، على إباحة الجنابة. أما لو كانت جنابته عن حرام، مع علمه عدم تمكنه من الغسل، إما بعدم الماء، أو بالعجز عن إستعماله، فانه يجب عليه التيمم والاعادة، كمن بدد الماء بعد دخول الوقت.

(ب): الفرق بين قولي الشيخين، عدم الحكم بصحة الصلاة، على قول المفيد، ووجوب القضاء.

لعدم فعل ما وجب بالاصل. وعند الشيخ يجب الصلاة والقضاء عند التمكن بعد ذلك. وتظهر الفائدة في مسائل:

(الف): تحريم فعل الصلاة عليه على قول المفيد، لا شتراطها بالطهارة.

____________________

(١) الفقيه: ج ١، ص ٥٩، باب ٢١، التيمم حديث ١١.

(٢) التهذيب: ج ١، ص ١٩٧، باب التيمم واحكامه، حديث ٤٣.

٢٠٩

وكذا من أحدث في الجامع ومنعه الزحام يوم اجمعة، تيمم وصلى، و في الاعادة قولان: الاجود الاعادة.

الثاني: يجب على من فقد الماء الطلب في الحزنة غلوة سهم، وفي السهلة غلوة سهمين. فإن أخل فتيمم وصلى ثم وجد الماء، تطهر وأعاد.

الثالث: لو وجد الماء قبل شروعه تطهر إجماعا، ولو كان بعد فراغه فلا إعادة. وجوازها، بل وجوبها على قول الشيخ.

(ب): الحكم بمشروعية الصلاة في الحال، فيستحق منذور الصدقة للمصلين على الثاني لا الاول.

(ج): لو مات قبل التمكن من القضاء، لم يجب على قول الشيخ، لانه إنما يجب بأمر جديد، وهو التمكن ولم يحصل، ويجب على قول المفيد.

(د): مشروعية هذا التيمم على قول الشيخ، فيستبيح به ما يستبيح بالتيمم. و بطلانه وما يترتب عليه على قول المفيد. قال طاب ثراه: وكذا من(١) منعه الزحام الجمعة. أقول: من أحدث في اجامع ومنعه الزحام فلم يتمكن من الخروج بسببه، فتيمم في المسجد وصلى. هل تصح هذه الصلاة، ويخرج عن العهدة بها، أو يجب قضائها؟ فيه قولان: أحدهما: الصحة، وهو مذهب المصنف(٢) ، والعلامة(٣) ، لانه صلى ما امر به،

____________________

(١) هكذا في الاصل ولكن في المتن: " وكذا من أحدث في الجامع ومنعه الزحام يوم الجمعة " فراجع.

(٢) المعتبر: في التيمم، ص ١١٠، س ٢٤، قال: " المسألة الثانية: من أحداث في الجامع يوم الجمعة ومنعه الزحام عن الخروج تيمم وصلى إلى قوله س ٢٥: " فيجزيه التيمم ".

(٣) المختلف: في احكام التيمم، ص ٥٢، س ٢٥، قال: والاقوى عندي عدم الاعادة ".

٢١٠

فيخرج عن العهدة. ولانه فعل أحد الطهورين، فيسقط عنه الوجوب، لصحيحة محمد بن مسلم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام وقد سأله عن رجل أجنب وتيمم بالصعيد وصلى ثم وجد الماء؟ فقال: لا يعيد، إن رب الماء هو رب الصعيد، فقد فعل أحد الطهورين(١) . والآخر: الاعادة إذا وجد الماء، قاله الشيخ(٢) ، وأبوعلي(٣) ، لروايه السكونى عن جعفر، عن أبيه، عن علىعليهما‌السلام ، أنه سئل عن رجل يكون في وسط الزحام يوم الجمعة أو يوم عرفة، ولا يستطيع الخروج من المسجد من كثرة الناس؟ قال: يتيمم ويصلى معهم، ويعيد إذا انصرف(٤) . ولانه تيمم مع وجود الماء، فلا يكون مجزيا. واجيب عن الاول: بضعف السند، قال الصدوق: ولا أعمل بما ينفرد به السكوني(٥) .

____________________

(١) التهذيب: ج ١، ص ١٩٧، باب ٨ التيمم وأحكامه، حديث ٤٥.

(٢) النهاية: كتاب الطهارة، باب التيمم واحكامه، ص ٤٧، س ٣، قال: " واذا حصل الانسان يوم الجمعة في المسجد الجامع إلى ان قال: فليتيمم وليصل، فاذا انصرف توضأو أعاد الصلاة ".

(٣) المعتبر: في احكام التيمم، ص ١١٠ ص ٢٦، قال: " وقال الشيخ في الخلاف والمبسوط: يعيد، وكذا قال ابن الجنيد ".

(٤) التهذيب: ج ١، ص ١٨٥، باب التيمم وأحكامه، حديث ٨.

(٥) الفقيه: ج ٤، ص ٣ ٢٤٩، باب ١٧٤، ميراث المجوس، ذيل حديث ١، قال: " ولا افتي بما ينفرد السكوني بروايته. ولايخفى ان المحقققدس‌سره ايضا في موارد متعددة من نكت النهاية، قال: بعدم العمل والفتوى بما ينفرد به السكوني ". لاحظ كتاب التجارة من نكت النهاية، ص ٣٩٦، س ٣٣، قال: والسكوني عامي لا يعمل بما ينفرد به ". وايضا في كتاب الديات منه، ص ٤٦٠، س ٣٥، قال: والسكوني ضعيف، وفي العمل بما ينفرد به توقف، التى من الموارد التى يجدها المتتبع، ومع ذلك قال في تنقيح المقال: ج ١، تحت رقم ٧٧٤، ص ١٢٧ نقلا عن المحقق: انه من ثقات الرواة ".

٢١١

ولو كان في اثناء الصلاة فقولان: أصحهما البناء ولو كان على تكبيرة الاحرام. وعن الثاني: أن المراد بالوجود: التمكن من إستعماله، وهو غير موجود في صورة النزاع. واعلم: أنه لو كان المانع من الطهارة خوف فوات الجمعة مع التمكن من الخروج من الجامع، لسهولة الزحام وضيق الوقت، لم يجز التيمم إجماعا. قال طاب ثراه: ولو كان في أثناء الصلاة فقولان. أقول: هنا أربعة أقوال: (الف): عدم الرجوع بعد التلبس بالتكبير. وهو اختيار المفيد(١) ، والسيد(٢) ، وابن إدريس(٣) ، وأحد قولى الشيخ(٤) ، واختاره المصنف(٥) ، والعلامة(٦) ، لانه دخل في الصلاة دخولا مشروعا، فيجب إكماله، ويحرم إبطاله، لقوله تعالى: (ولا تبطلوا أعمالكم)(٧) .

____________________

(١) المقنعة: باب صفة التيمم، ص ٨، س ١٧، قال: ومن قام إلى صلاة بتيمم لقصد الماء ثم وجده بعد قيامه فيها، فانه ان كان كبر تكبيرة الاحرام، فليس عليه الانصراف من الصلاة. إلى آخره.

(٢) المختلف: في احكام التيمم، ص ٥١، س ٢٩، قال: " وهو (اى عدم جواز الرجوع بعد التكبير) اختيار المفيد والسيد المرتضىرحمه‌الله في مسائل خلافه ".

(٣) السرائر: باب التيمم واحكامه، ص ٢٧، س ٤، قال: " والصحيح من الاقوال: انه اذا دخل في صلاته بتكبيرة الاحرام مضى فيها " إلى آخره.

(٤) المبسوط: ج ١، كتاب الطهارة، فصل في ذكر التيمم وأحكامه، ص ٣٣، س ١٢، قال: " وان وجده وقد دخل في الصلاة بتكبيرة الاحرام مضى في صلاته " إلى آخره.

(٥) الشرايع: ج ١، ص ٥٠، كتاب الطهارة، الطف الرابع في أحكامه، قال: " وقيل: يمضي في صلاته ولو تلبسس بتكبيرة الاحرام حسب وهو الاظهر ".

(٦) المختلف: في احكام التيمم، ص ٥١، س ٣٣، قال: " والوجه عندي ما قاله المفيد والسيد.

(٧) سورة محمد: ٣٣.

٢١٢

ولما رواه محمد بن حمران عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: قلت له: رجل تيمم ثم دخل في الصلاة، وقد كان طلب الماء فلم يقدر عليه، ثم يؤتي بالماء حين يدخل في الصلاة؟ قال: يمضي في الصلاة.

واعلم انه لا ينبغي لاحد أن يتيمم إلا في آخرالوقت(١) .

(ب): رجوعه مالم تقرأ. قاله سلار(٢) .

(ج): رجوعه مالم يركع، قاله الشيخ في النهاية(٣) ، وبه قال الصدوق(٤) ، الحسن(٥) . لما رواه عبدالله بن عاصم قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن الرجل لا يجد الماء فيتيمم ويقوم في الصلاة، فجاء الغلام فقال: هو ذا الماء؟ فقال: إن لم يركع انصرف وتوضأ. وان كان قد ركع فليمض في صلاته(٦) .

واجيب: بحمله على الاستحباب، أوالدخول في أول الوقت. وجاز أن يريد بقوله: (ما لم يركع) ما لم يصل، أي يدخل في الصلاة، لاطلاق اسم الركوع على الصلاة، كما في قوله تعالى: (والركعوا مع الراكعين)(٧) . وساغ ذلك مجازا، من باب إطلاق اسم الجزء على الكل.

____________________

(١) التهذيب: ج ١، ص ٢٠٣، باب ٨ التيمم وأحكامه، حديث ٦٤.

(٢) المراسم: ذكر كيفية التيمم وماينقضه، ص ٥٤، س ١٦، قال: " الا ان يجده وقد دخل في صلاته وقرأ ".

(٣) النهاية: باب التيمم واحكامه، ص ٤٨، س ١١، قال: " فان وجد الماء وقد دخل في الصلاة وركع لم يجب عليه الانصراف ".

(٤) المقنع: باب التيمم، ص ٩، س ٢، قال: " فان ركعت فامض ".

(٥) المختلف: في أحكام التيمم، ص ٥١، س ٢٨، قال بعد نقل قول الشيخ في النهاية: " وهو اختيار ابن أبي عقيل".

(٦) التهذيب: ج ١، ص ٢٠٤، باب ٨ التيمم واحكامه، حديث ٦٥، مع اختلاف يسير في العبارة.

(٧) سورة البقرة: ٤٣.

٢١٣

الرابع: لو تيمم الجنب ثم أحدث ما يوجب الوضوء، أعاد بدلا من الغسل.

الخامس: لا ينقض التيمم إلا ما ينقض الطهارة المائية، ووجود الماء مع التمكن من إستعماله.

السادس: يجوز التيمم لصلاة الجنازة مع وجود الماء ندبا.

السابع: إذا اجتمع ميت ومحدث وجنب، وهناك ماء يكفي أحدهم، تيمم المحدث (د): الرجوع ما لم يركع في الثانية، قاله: أبوعلي(١) لما رواه زرارة، ومحمد بن مسلم في الصحيح قال: قلت: في رجل لم يصب الماء وحضرت الصلاة، فيتيمم و يصلى ركعتين، ثم أصاب الماء، أينقض الركعتين أو يقطعهما ويتوضأ ثم يصلي؟ قال: لا، ولكنه يمضي في صلاته ولا ينقضهما، لمكان أنه دخلها وهو على طهر بتيمم، قال زرارة: قلت له: دخلها وهو متيمم فصلى ركعة واحدة فأصاب ماء؟ قال: يخرج ويتوضأ ويبني على ما مضى من صلاته التي صلى بالتيمم(٢) . وحملها العلامة على من دخل في أول الوقت(٣) . قال طاب ثراه: لو أحدث المجنب ما يوجب الوضوء، أعاد بدلا من الغسل(٤) . أقول: يريد أن المتيمم إذا كان تيممه بدلا عن الغسل، ثم أحدث حدثا أصغر،

____________________

(١) المختلف: في احكام التيمم، ص ٥١، س ٣١، قال: " وقال ابن الجنيد: ان وجد الماء بعد دخوله في الصلاة، قطع ما لم يركع الركعة الثانية " إلى آخره.

(٢) التهذيب: ج ١، ص ٢٠٥، باب ٨، التيمم واحكامه، حديث ٦٩، مع اختلاف يسير في بعض الالفاظ.

(٣) المختلف: في احكام التيمم، ص ٥٢، س ٣، قال: " وعن الثاني (اى حديث زرارة محمد بن مسلم) انه محمول على من صلى في أول الوقت أيضا ".

(٤) هكذا في الاصل: ولكن في المتن لو تيمم الجنب ثم أحدث ما يوجب الوضوء أعاد بدالا من الغسل.

٢١٤

فأنه يعيد التيمم بدلا من الغسل، وذلك لان التيمم لا يرفع الحدث، وانما فائدته إباحة الصلاة، والاستباحة قد زالت بوجود الناقض، فيرجع إلى أصل الحدث الذي كان تيممه بدلا منه. وهذا هو المشهور بين الاصحاب وذهب السيدرحمه‌الله إلى انه يعيد التيمم بدلا من الوضوء، لان التيمم يرفع الحدث عنده، فلما تيمم أولا بدلا من الغسل إرتفع حدثه بذلك التيمم، والحدث المتجدد حدث أصغر، فيتيمم بدلا منه.

فان قلت: لا مشاحة في ذلك عند السيد، لانه يوجب ضربة واحدة، للغسل كان التيمم أو للوضوء، فلا فرق بين أن يعيد بدلا من الغسل أوالوضوء. قلت: بل تظهر الفائدة في كون التيمم الثاني بدلا من الغسل أو الوضوء في مواضع:

(الف): النية، فعلى قول السيد ينوي بدلية الوضوء، وعلى المشهور ينوي بدلية الغسل.

(ب): لو وجد هذا المحدث من الماء ما يكفيه للوضوء خاصة، توضأ به عنده، لارتفاع حدثه بالتيمم الاول، والحدث الثاني يوجب الوضوء وقد حصل من الماء ما يكفيه. وعلى المشهور تيمم بدلا من الغسل، لبقاء الحدث الاكبر بحاله، فالواجب الغسل، والتقديران هذا الماء لا يكفيه، والطهارة لا يتبعض.

(ج): لو كان الحدث الاول أكبر، وهو مما يوجب الطهارتين، كالمس. فعندنا يجب طهارتان بنيتين وثلاث ضربات. وعنده يكفيه تيمم واحد بنية واحدة بدلا من الوضوء.

(د): دخوله في حكم المحدثين حدثا أصغر عنده، ويخرج عن حكم من عليه الحدث فيباح له دخول المسجد وقراء‌ة العزيمة قبل التيمم الثاني، و يستحق منذور الصدقة على من ليس بمحدث عنده، لا عندنا.

٢١٥

وهل يخص به الميت أو الجنب فيه روايتان أشهر هما أن يخص به الجنب. قال طاب ثراه: وهل يخص به الجنب(١) أو الميت؟ فيه روايتان. أقول: إذا اجتمع ميت ومحدث وجنب، وهناك من الماء ما يكفي أحدهم، بحيث لايفضل بعد إستعماله منه ما يكفي آخر. فان كان الماء ملكا لاحدهم، أختص به ولايجوز أن يهبه لغيره، ولو فعل وكان ذلك بعد دخول الوقت، قضى الصلاة الواقعة بتيممه، لتفريطه. وان كان لهم جميعا اختص كل واحد بحصته. فاذا لم يكفه، كان مباحا ولم يحزه أحدهم بعد. أومع مالك يسمح ببذله لهم. أو أوصى لاحق الناس به. فالمشهور أن لنا فيه قولين:

(الف): اختصاص الجنب به، لكثرة آثار الطهارة في حقه، فإنه يستبيح بها الصلاة، وقراء‌ة العزيمة، ودخول المسجد. والميت خرج بالموت عن التحاق الاحكام، وإنما يستباح بها الصلاة عليه وهي تحصل بتيممه ايضا، والمحدث حدثه خفيف، إذ لا يمنعه من دخول المسجد وقراء‌ة العزيمة. وهو اختيار الشيخ في النهاية(٢) لصحيحة عبدالرحمان بن أبي نجران انه سأل أبا الحسن موسىعليه‌السلام عن ثلاثة نفر كانوا في سفر، أحدهم جنب والثاني ميت والثالث على غير وضوء، وحضرت الصلاة، ومعهم من الماء قدر ما يكفى أحدهم، من يأخذ الماء؟ وكيف يصنعون؟ قال: يغتسل الجنب، ويدفن الميت بتيمم، ويتيمم الذي هو على غير وضوء. لان الغسل من الجنابة فريضة، وغسل الميت سنة، والتيمم للآخر جائز(٣) .

(ب): التخيير في الاستعمال لكل واحد واحد. لانها فروض إجتمعت وليس

____________________

(١) هكذا في الاصل ولكن في المتن " وهل يحض به الميت اوالجنب " فراجع.

(٢) النهاية: كتاب الطهارة، باب التيمم واحكامه، ص ٥٠ س ١٧ قال: " واذا اجتمع ميت ومحدث وجنب، إلى ان قال: فليغتسل الجنب واليتيم المحدث ويدفن الميت بعد أن ييمم " إلى آخره.

(٣) الفقيه: ج ١، ص ٥٩، باب ٢١ التيمم، حديث ١٢.

٢١٦

الثامن: روي فيمن صلى بتيمم فأخدث في الصلاة ووجد الماء، قطع وتطهر وأثم. ونزلها الشيخان على النسيان. بعضها أولى ببعض فتعين التخيير، وهو قول الشيخ في المبسوط(١) . ونقل العلامة في التحرير قولا ثالثا: وهو إختصاص الميت، ووجهه أنه آخر أغساله من الدنيا فيعطى غسلا اختياريا(٢) ، ولان المراد من تغسيل الميت إنما هو إزالة الاوساخ والادران، وهذا المعنى لا يحصل من التيمم، وهو مذهب الشافعي. وفي رواية محمد بن علي، عن بعض أصحابنا، قلت: الميت والجنب يتفقان في مكان واحد، ولايكون الماء إلا بقدر كفاية أحدهما، أيهما أولى؟ قال: تيمم الجنب و يغسل الميت بالماء(٣) . وهي مقطوعة مرسلة، والاولى متصلة، والقائل بها أكثر، فيكون أرجح. قال المصنف: وماذكره الشيخ ليس موضع البحث، فانا لا نخالف أن لهم الخيرة، لكن البحث في من الاولى، أولوية لا يبلغ اللزوم، ولا ينافي التخيير(٤) . واعلم: ان المنازعة في الافضلية، لا على الوجوب، فلو يغلب المرجوح أساء وصحت طهارته إلا في الموصى به، فيبطل لعدم الاذن من المالك. قال طاب ثراه: الثامن روي فيمن صلى بتيمم فأحدث في صلاته، ثم وجد الماء، قطع وتطهرو أتم. ونزلها الشيخان على النسيان. أقول في المسألة ثلاثة أقوال:

____________________

(١) المبسوط: ج ١، كتاب الطهارة، فصل في ذكر التيمم واحكامه، ص ٣٤، س ٤، قال: " اذا اجتمع جنب وحائض وميت، إلى ان قال س ٥: كانوا مخيرين في استعمال من شاء منهم ".

(٢) التحرير: كتاب الطهارة، الفصل الرابع في احكام التيمم، ص ٢٢، س ٣٤، قال: " ولوكان (اي الميت) وفق المحدث فهو أول، لاستفادته كمال الطهارة " إلى آخره.

(٣) التهذيب: ج ١، س ١١٠، باب ٥ الاغسال المفترضات والمسنونات، حديث ٢٠.

(٤) المعتبر: كتاب الطهارة، ص ١١٢ س ٢٥.

٢١٧

(الف): قال الحسن: من تيمم وصلى ثم أحدث فأصاب ماء، خرج وتوضأ، ثم بنى على ما من صلاته التي صلاها بالتيمم، ما لم يتكلم ويتحول عن القبلة(١) . وهم أعم من حصول الحدث على جهة النسيان أو التعمد.

(ب): قال المفيد: المتيمم إذا دخل في الصلاة، فأحدث ما ينقض الوضوء من غير تعمد، ووجد الماء، كان عليه أن يتطهر بالماء ويبني على ما مضى من صلاته، ما لم ينحرف عن القبلة إلى إستدبارها أو يتكلم عامدا بما ليس من الصلاة. فان أحدث ذلك متعمدا كان عليه أن يستأنف الصلاة من أولها، ولم يجزه ما تقدم منها(٢) وبمثله قال الشيخ: في النهاية(٣) (إلا إنه يفرض وجود الماء، وأجاز البناء على ما إنتهى إليه من صلاته، لكنه مراد له، لان الحدث مبطل، لا طهارة مطلقا، وقد صرح به في كتبه)(٤) .

(ج): منع ابن إدريس من البناء في الصورتين، وأوجب الاستيناف(٥) وهو

____________________

(١) المختلف: احكام التيمم، ص ٥٣، س ١، قال: " قال ابن أبي عقيل من تيمم وصلس ثم احداث " إلى آخره.

(٢) المقنعة: باب التيمم واحكامه، ص ٨، س ١٨، قال: " ولو ان متيمما دخل في الصلاة ".

إلى آخره.

(٣) النهاية: ص ٤٨، س ١٥، باب التيمم واحكامه، قال: " فان أحدث في الصلاة حدثا ينقض الطهارة ناسيا، وجب عليه الطهارة والبناء " إلى آخره.

(٤) بين القوسين موجود في بعض النسخ المخطوطة التي عندنا دون بعض.

(٥) السرائر: باب التييم وأحكامه، ص ٢٧، س ١٩، قال: " وقد روي ان المتيمم إذا أحدث في الصلاة حدثا ينقض الطهارة ناسيا وجب عليه الطهارة والبناء " إلى أن قال س ٢٠ " والصحيح ترك العمل بهذه الرواية " إلى آخره.

٢١٨

اختيار المصنف(١) والعلامة(٢) (٣) . احتج الثلاثة على مطلوبهم: بما رواه زرارة، ومحمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهماعليهما‌السلام قال: قلت له: رجل دخل في الصلاة وهو متيمم فصلى ركعة، ثم أحدث فأصا الماء؟ قال: يخرج ويتوضأ ثم يبني على ما مضي من صلاته التي صلى بالتيمم(٤) . وفي الصحيح عن زرارة، ومحمد بن مسلم قال: قلت: في رجل لم يصب الماء، وحضرت الصلاة، فتيمم وصلى ركعتين، ثم أصاب الماء. أينقض الركعتين، أو يقطعهما ويتوضأ ثم يصلي؟ قال: لا ولكنه، يمضي في صلاته، ولا ينقضها، لمكان أنه دخلها وهو على طهور بتيمم. قال زرارة: قلت له: دخلها وهو متيمم، فصلى ركعة وأحدث، فأصاب ماء؟ قال: يخرج ويتوضأ ويبني على ما مضى من صلاته التي صلى بالتيمم(٥) . وعن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سألته عن رجل صلى ركعة على تيمم، ثم جاء رجل ومعه قربتان من ماء؟ قال: يقطع الصلاة ويتوضأ ثم يبني على واحدة(٦) .

____________________

(١) المعتبر: كتاب الطهارة، ص ١١٣، س ١.

(٢) المختلف: احكام التيمم، ص ٥٣، س ٣، قال بعد نقل المنع من ابن ادريس: وهو الاقوى عندي، لنا: ان صحة الصلاة مشروطة بدوام الطهارة، وقد زال الشرط فيزول المشروط " إلى آخره.

(٣) ولا يخفى انالمحقققدس‌سره يوافق المفيد والشيخ في هذه المسألة، من الطهارة والبناء. والعلامةقدس‌سره يوافق اين إدريس في بطلان الصلاة ووجوب الاستيناف. فراجع ما قرراه من الدليل. فعلى هذا كلام الماتنقدس‌سره من قوله: (وهو اختيار المصنف و العلامة) لا يخلوا من إجمال.

(٤) التهذيب: ج ١، ص ٢٠٤، باب ٨ التيمم و احكامه، حديث ٦٨.

(٥) التهذيب: ج ١، ص ٢٠٥، باب ٨ التيمم واحكامه، حديث ٦٩.

(٦) التهذيب:ج ١، ص ٤٠٣، ابواب الزيادات في ابواب كتاب الطهارة باب٢٠: التيمم واحكامه،ح ١.

٢١٩

فالحسن عمل بهذه الاحاديث على عمومها(١) ، والشيخان نزلاها على النسيان(٢) .

ووجهه إن تعمد الحدث مبطل إجماعا، فلا يجوز حمل الرواية عليه، إذ الخبر لا يعارض الاجماع، وحملت على المشهور. لان الواقع من الصلاة وقع مشروعا، مع بقاء الحدث، فلا يبطل بزوال الاستباحة، كالمبطون إذا فجأه الحدث. فان قيل: هذا ينتقض بالطهارة المائية، فان تجدد الحدث يبطلها وهي أقوى، ومبطل الاقوى مبطل الاضعف. اجيب: بان الطهارة المائية رافعة للحدث، فالحدث المتجدد فيها مبطل لذلك الرفع. واعلم: أن هذه الاحاديث قد خالفت الاصول من وجوه.

(الف): عدم الحكم ببطلان الصلاة التي وقع الحدث في أثنائها.

(ب): وجوب قطع الصلاة مع عدم الحكم ببطلانها.

(ج): وجوب التطهير والبناء، وبينهما منافاة. وكذا فتوى الشيخين بالفرق بين حصول الحدث نسيانا، وبينه عمدا. ولم يفرقا في غير هذه المسألة بينهما. واجاب العلامة: عن قول السائل (وقد صلى ركعة) بحمل الركعة على الصلاة مجازا، إطلاق لاسم الجزء على الكل. وقوله: (يخرج ويتوضأ ثم يبني على ما مضى من صلاته) إشارة إلى الاجتزاء

____________________

(١) المختلف: في احكام التيمم، ص ٥٣، س ١، قال: " قال ابن أبي عقيل: من تيمم وصلى ثم أحدث فأصاب ماء خرج فتوضا ثم بنى ".

(٢) اي المفيد في المقنعة: باب التيمم وأحكامه، ص ٨، س ١٨، والشيخ الطوسي في النهاية باب التيمم واحكامه، ص ٤٨، س ١٥.

٢٢٠