المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ١

المهذب البارع في شرح المختصر النافع0%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 568

المهذب البارع في شرح المختصر النافع

مؤلف: العلامة جمال الدين ابي العباس احمد بن محمد بن فهد الحلي
تصنيف:

الصفحات: 568
المشاهدات: 94474
تحميل: 6732


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 568 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 94474 / تحميل: 6732
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء 1

مؤلف:
العربية

وفي المفضض قولان: أشبههما الكراهية. وأوانى المشركين طاهرة مالم يعلم نجاستها بمباشرتهم، أو بملاقاة نجاسة. ولا يستعمل من الجلود إلا ما كان طاهرا في حال حياته مذكى. قال طاب ثراه: وفي المفضض قولان: أشبههما الكراهية. أقول: هنا ثلاثة أقوال:

(الف): لم يفرق الشيخ في الخلاف بين كونها فضة أو مفضضة. وقال: يكره(١) ، والظاهر أن مراده التحريم.

(ب): قال في المبسوط: بوجوب اجتناب موضع الفضة، واستعمال ما عداه(٢) ، واختاره فخر المحققين لانه لو لاذلك لزم إباحة آنية الذهب والفضة. ولصحيحة عبدالله بن سنان عن الصادقعليه‌السلام قال: لا بأس أن يشرب الرجل في القدح المفضض، وأعزل فاك عن موضع الفضة(٣) . والامر للوجوب(٤) .

(ج): كراهية المفضض. وهو مذهب المصنف(٥) . واحتج الشيخ: على فتوى الخلاف: برواية الحلبي عن أبي عبداللهعليه‌السلام

____________________

(١) الخلاف: ج ١، ص ٧، كتاب الطهارة، مسألة ١٥، قال: " يكره استعمال أواني الذهب والفضة، وكذلك المفضض منها ".

(٢) المبسوط: ج ١، ص ١٣، كتاب الطهارة، باب حكم الاواني والاوعية والظروف إذا حصل يها نجاسة، س ١٧، قال: " والمفضض لا يجوز ان يشرب أو يؤكل من المواضع، ويستعمل غير ذلك. المواضع ".

(٣) التهذيب: ج ٩، ص ٩١، باب ٢ الذبائح والاطعمة ومايحل من ذلك وما يحرم منه، حديث ١٢٧، وفيه " واعزال فمك ".

(٤) إيضاح الفوائد: ج ١، ص ٣٢، كتاب الطهارة، كلام في الآنية، س ٢٣، قال بعد نقل كلام الشيخ في المبسوط: " وهو الاصح عندى، والالزم جواز استعمال الذهب والفضة "، إلى قوله: " والامر للوجوب ".

(٥) المعتبر: ص ١٢٦، س ٢٤، كتاب الطهارة، في أحكام الاواني، قال: " وأما المفضض ففيه قولان: إلى ان قال: س ٢٥، والوجه الكراهية ".

٢٦١

ويكره مما لا يؤكل لحمه حتى يدبغ على الاشبه، وكذا يكره من أواني الخمر ما كان خشبا أو قرعا.

قال: لا تأكلوا في آنية من فضة ولا في آنية مفضضة(١) . واحتج المصنف بأن قدح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إنكسر، فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة(٢) . وبرواية بريد عن الصادقعليه‌السلام أنه كره الشرب في آنية الفضة، و في القداح المفضضة(٣) . والجواب: المراد بالكراهية: التحريم. قال طاب ثراه: ويكره مما لا يؤكل لحمه حتى يدبغ على الاشبه. أقول: هنا مذهبان: (الف): التحريم حتى الدباغ. قال الشيخ(٤) ، والمرتضى(٥) ، لوقوع الاجماع

____________________

(١) التهذيب: ج ٩، ص ٩٠، باب ٢ الذبائح والاطعمة ومايحل من ذلك وما يحرم منه، حديث ١٢١، وفيه " لا تأكل".

(٢) المعتبر: ص ١٢٧، س ١١، كتاب الطهارة، في احكام الاواني، قال: " روي انه كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قصعة لها حلقة من فضة ". وفي عوالي اللئالي: ج ٣، ص ٦٢، حديث ١٨٣، راجع هامشه.

(٣) التهذيب: ج ٩، باب ٢ الذبائح والاطعمة وما يحل من ذلك وما يحرم منه، حديث ١٢٢، وليس منه لفظ: " انية".

(٤) المبسوط: ج ١، ص ٨٢، كتاب الصلاة، فصل فيما يجوز الصلاة فيه من اللياس، س ١٨، قال: " وما لا يؤكل لحمه لا يجوز الصلاة في جلده ذكي اولم يذك دبغ أو لم يدبغ، ويجوز إستعماله ولبسه في غير الصلاة إذا ذكي ودبغ " إلى آخره.

(٥) المختلف: كتاب الطهارة، في الاواني والجلود، ص ٦٥، س ١٠، قال: " مسألة جلد ما لايؤكل لحمه من الحيوان الطاهر في حياته كالبساع يطهر بالتذكية، ويجوز أستعماله قبل الدبغ على كراهية، وقال الشيخ والسيد المرتضى رحمهما الله تعالى: انه لا يجوز أستعماله قبل الدبغ ".

٢٦٢

ويغسل إلاناء من ولوغ الكلب ثلاثا، اولاهن بالتراب على الاظهر. على جواز الاستعمال بعد الدباغ، ولا دليل على جوازه قبله. وأجيب: بالمنع نفي الدليل، وسيأتي.

(ب): الاباحة مذهب المصنف(١) ، والعلامة(٢) ، لانه مذكى، والتذكية مطهرة. ولما رواه سماعة قال: سألته عن لحوم السباع وجلودها؟ فقال: أما لحوم السباع من الطير والدواب فانا نكرهه. وأما الجلود، فاركبوا عليها، ولاتلبسوا منها شيئا تصلون فيه(٣) . وتسويغ الركوب مطلقا، يستلزم تسويغه من غير دبغ، وتسويغ غير الركوب ما عدا اللبس حالة الصلاة. قال طاب ثراه: ويغسل الاناء من الولوغ(٤) ثلاثا، أولاهن بالتراب على الاظهر. أقول: التحقيق أن إلاناء ينقسم إلى قسمين: الاول: ما يراعى فيه العدد إجماعا، وهو إناء الولوغ، أعني ولوغ الكلب. والنظر فيه يقع في أمور.

(الف): العدد. والمشهور انه ثلاث، وبالسبع قال أبوعلي(٥) .

____________________

(١) المعتبر: ص ١٢٩، س ٢٧، كتاب الطهارة، في حكم الجلود وطهرها بالدباغ وعدمه، قال: " البحث الثالث. ما لا يؤكل لحمه من السباع إذا ذبح جاز إستعماله وان لم يذبغ ". انتهى

(٢) المختلف: كتاب الطهارة، في الاواني والجلود، ص ٦٥، س ١٠، قال: مسألة جلد ما يؤكل لحمه من الحيوان الطاهر في حياته كالسباع يطهر بالتذكية، ويجوز إستعماله قبل الدبغ على كراهية، وقال الشيخ والسيد المرتضى رحمهما الله تعالى: انه لا يجوز إستعماله قبل الدبغ ".

(٣) التهذيب: ج ٩، ص ٧٩، باب ٢ الذبائح والاطعمة، وما يحل من ذلك وما يحرم منه، حديث ٧٣، وفيه " لحوم السباع والسباعمن الطير. لا تلبسوا شيئا منها ".

(٤) هكذا في الاصل: ولكن في المتن " من ولوغ الكلب " فراجع.

(٥) المختلف: ص ٦٣، كتاب الطهارة، في احكام النجاسات، س ٢٩، قال: " وقال ابن الجنيد يغسل سبع مرات ".

٢٦٣

(ب): في كيفيته. والمشهور أن التعفير بالاولى، وبالوسطى قال المفيد(١) .

(ج): لا يمزج التراب بالماء، وبمزجه قال ابن إدريس(٢) .

(د): لا يجزي غير التراب مع القدرة، وقال أبوعلي: بالتراب أو ما يقوم مقامه(٣) .

(ه‍): يجزي مع تعذره ما أشبه، كالاشنان والدقيق، وتردد المصنف، من حيث اختصاص التعبد بالتراب، وعدم العلم بحصول المصلحة المرادة منه في غيره، على أنه لو صح ذلك لجاز مع وجوده(٤) .

(و): الحكم يختص بالولوغ، وهو عبارة عن شرب الكلب مما فيه بطرف لسانه، قاله الجوهري(٥) .

فلو باشره بأحد أعضائه، كيده، كان كغيره من النجاسات. وسوى الصدوق بين ولوغه ووقوعه(٦) .

____________________

(١) المقنعة: ص ٩، باب المياه واحكامها وما يجوز التطهر به منها وما لايجوزا، قال " ومرة بالتراب تكون في أوسط الغسلات الثلاث ".

(٢) السرائر: ص ١٥، كتاب الطهارة، س ١٩ قال: " وكيفية ذلك ان يجعل الماء فيه وينزل فيه التراب " إلى آخره.

(٣) المختلف: كتاب الطهارة، في احكام النجاسات، ص ٦٤، س ٧، قال: " وقال ابن الجنيد: بالتراب اوما يقوم مقامه انتهى.

(٤) المعتبر: كتاب الطهارة، في احكام الاواني، ص ١٢٧، س ٢٧، قال في الفرع الاول من فروغ غسل الاناء: من ولوغ الكلب " وفيه تردد منشأة اختصاص التعبد بالتراب " إلى آخره.

(٥) الصحاح: ج ٤، ص ١٣٢٩، وفيه " أي شرب ما فيه باطراف لسانه ".

(٦) المقنع: باب ما يقع في البئر والاواني من الناس والبهائم والطير، ص ١٢، س ٦، قال: " فان وقع كلب في اناء اوشرب منه " انتهى.

٢٦٤

وكذا المفيد(١) ، حتى لو خالطه ببعض أعضاء‌ه. أهريق الماء وغسل ثلاثا، والاول هو المشهور.

(ز): لو وقع الانا في كثير، لم يتغير الحكم على ظاهر المعتبر(٢) ، وحصل بغسلة عند المفيد(٣) ، ونقل العلامة عن الشيخ مثله(٤) ، وطهر جملة عند العلامة. لانه حال وقوعه في الكر، لا يمكن القول بنجاسة حينئذ، لزوال عين النجاسة، إذ التقدير ذلك، والحكم زال بملاقاة الماء الكثير(٥) ، واشترط المصنف تقدم غسله بالتراب، ومرور جريان عليه يقوم مقام غسلتين(٦) .

القسم الثاني: ما يعتبر فيه العدد على خلاف. وهو ضروب: (الف): إناء ولوغ الخنزير، فالمصنف لم يعتبر فيه العدد كسائل النجاسات(٧) ،

____________________

(١) المقنعة: ص ٩، س ٢٨، باب المياه واحكامها وما يجوز التطهر به منها وما لايجوز، قال: " وقد بينا حكمه اذا شرب منه كلب أو ماشة ببعض أعضائه ". إلى آخره

(٢) المعتبر: ص ١٢٨، س ٦، كتاب الطهارة، في احكام الاواني، قال في الفرع السادس من فروع غسل الاناء من ولوغ الكب: " ولو وقع في كثير لم ينجس ويحصل له غسلة واحدة، ان لم نشترط تقديم التراب " إلى آخره.

(٣) ظاهره الاستدلال باطلاقات كلام المفيد. ولم نظفر على تصريح بذلك منه، فراجع.

(٤ و ٥) المختلف: ص ٦٤، س ١١، كتاب الطهارة، في احكام النجاسات، قال: " مسألة، قال الشيخ في الخلاف والمبسوط: اذا ولغ الكلب في الاناء ثم وقع ذلك الاناء في الماء الكثير الذي بلغ كرافمما زاد لا ينجس الماء ويحصل بذلك غسلة من جملة الغسلات " إلى ان قال: ١٣، " والوجه عندي طهارة الاناء بذلك ".

(٦) المعتبر: كتاب الطهارة، في احكام الاواني، ص ١٢٨، س ٧، قال في الفرع غسل الاناء من ولوغ الكلب: " ولو وقع في جار ومر عليه جريات إلى ان قال: ص ٨ لكن لوغسل مرة بالتراب وتعاقب عليه جريانات كانت الطهارة أشبه".

(٧) المعتبر: ص ١٢٧، س ٣٣، في الفرع الرابع من فروع الكلب، قال: " الرابع ليس الخنزير كالكب في الولوغ " إلى آخره.

٢٦٥

والشيخ إعتبر ثلاثا بالماء(١) ، والعلامة سبعا(٢) . احتج العلامة: بصحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسىعليه‌السلام قال: سألته عن خنزير شرب في إناء كيف يصنع به؟ قال: يغسل سبع مرات(٣) .

وحملها المصنف: على الاستحباب(٤) . واحتج الشيخ: بأنه يسمى كلبا لغة. وبأن النجاسات يجب غسل الاناء منها ثلاثا(٥) . ومنعهما المصنف، قال: ولو سمي كلبا كان على سبيل المجاز(٦) .

(ب): إناء الخمر. والمشهور غسله ثلاثا، وهو إختيار المصنف في كتابيه(٧) ، العلامة في القواعد(٨) .

____________________

(١) المبسوط: ج ١، ص ١٥، باب حكم لاواني والاوعية والظروف اذا حصل فيها نجاسة، س ٤، قال: " وما ولغ فيه الخنزير حكمه حكم الكلب سواء لانه يسمى كلبا، ولان أحدا لم يفرق بينهما ".

(٢) التذكرة: ج ١، في احكام النجاسات، ص ٩، س ٢٣، قال: " واما الخنزير فقال الشيخ: انه كالكلب " إلى قوله: س ٢٤ " والاجود انه يغسل سبع مرات ".

(٣) التهذيب: ج ١، ص ٢٦١، باب ١٢، تطهير الثياب وغيرها من النجاسات قطعة من حديث ٤٧، وفيه " من إناء".

(٤) المعتبر: ص ١٢٨، س ٤، في الفرع الرابع من فروع ولوغ الكلب، قال: " ونحن نحمله على الاستحباب ".

(٥) نقلناه آنفا عن المبسوط.

(٦) المعتبر: ص ١٢٨، س ٢، في الفرع الرابع من فروع ولوغ الكلب، قال:" ولو سمي كان مجازا ".

(٧) المعتبر: ص ١٢٨، س ٩، في احكام الاواني، قال: " مسألة. يغسل الاناء من الخمر ثلاثا والسبع أفضل ". والشرايع: ج ١، ص ٥٦، القول في الآنية، قال: " ويغسل الاناء إلى قوله: ومن الخمر والجزذ ثلاثا بالماء والسبع أفضل".

(٨) القواعد: ص ٩، س ١٣، في القسم الثالث من الاواني قال: " ومن الخمر والجرذ ثلاث مرات، و يستحب السبع".

٢٦٦

وقال الشيخان سبعا(١) ، وقال العلامة في المختلف واحدة كسائر النجاسات(٢) ، وهو مذهب المصنف في المعتبر(٣) .

(ج): إناء الجرذ هو ضرب من الفار(٤) ، لا فرق بينهما في كل الاحكام. فالشيخ في النهاية قال: بالسبع(٥) ، وفي كتابي الفروع قال بالثلاث(٦) .

____________________

(١) اي الشيخ المفيد في المقنعة: ص ١٠، س ٣١، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، قال: " وأواني الخمر والاشربة المسكرة كلها نجسة، لا تستعمل حتى يهرق ما فيها منها ويغسل سبع مرات بالماء، والشيخ الطوسي في المبسوط: ج ١، ص ١٥، كتاب الطهارة، باب حكم الاواني والاوعية والظروف اذا حصل فيها نجاسة، س ٦، قال: " ويغسل من الخمر والاشربة المسكرة سبع مرات ".

(٢) المختلف: ص ٦٤، س ٢٤، في الاواني والجلود، قال بعد نقل فتوى المفيد: " والاقرب عندي ان الواجب بعد إزالته العين غسله مرة واحدة في الجميع الا الولوغ، لكن يستحب السبع في الخمر والاشربة وفي الجرذ والفارة ".

(٣) الظاهر ان المراد ان غسل الاناء من سائر النجاسات مرة واحدة هو مذهب المصنف في المعتبر، والا قد قدمنا ان مذهب المصنف في الشرايع والمعتبر في اناء الحمر غسله ثلاثا، ويؤيد ذلك ما في المعتبر: ص ١٢٨، س ١٨، كتاب الطهارة، حيث قال: " مسألة ويغسل الاناء من سائر النجاسات مرة والثلاثات + أحوط ".

(٤) جرذ كعمر، هو الذكر من الفيران ويكون في الفوات. وعن الجاحظ. الفرق بين الجرذ والفأر كالفرق بين الجواميس والبقر. مجمع البحرين: ج ٣، ص ١٧٩.

(٥) النهاية: باب المياه واحكامها، ص ٥ س ٢٠، قال: " والفارة اذا ماتت في الاناء وجب اهراق ما فيها وغسل الاناء سبع مرات ".

(٦) المبسوط: ج ١، ص ١٥ باب حكم الاواني والاوعية والظروف اذا حصل فيها نجاسة، س ٥، قال: " ويغسل الاناء من سائر النجاسات ثلاث مرات " إلى آخره. وفي الخلاف: ج ١، ص ٤٥، كتاب الطهارة مسألة ١٣٨، قال: " يغسل الاناء من سائر النجاسات سوى الولوغ ثلاث مرات ".

٢٦٧

واختاره المصنف في الكتابين(١) ، والعلامة في القواعد(٢) . وظاهر المفيد(٣) ، وتلميذه(٤) ، وابن إدريس(٥) : الاكتفاء بالمرة، حيث قالوا: والواجب في غسل النجاسات كلها مرة إلا الولوغ والمسكر. وهو صريح المصنف في المعتبر(٦) ، والعلامة في المختلف(٧) .

(د): مطلق النجاسةة فالاكثر على الاكتفاء بالمرة، وهو قول المفيد(٨) ، وسلار(٩) ، وابن إدريس(١٠) ، والمصنف(١١) ، والعلامة(١٢) وقال الشيخ(١٣) ، وأبوعلي(١٤) ، بالثلاث.

____________________

(١) الشرايع: ج ١، ص ٥٦، الركن الرابع في النجاسات، القول في الآنية، قال: " ومن الخمر والجرذ ثلاثا بالماء ". وفي المعتبر: ص ١٢٨، س ١٣، كتاب الطهارة، في احكام الاواني، قال: مسألة، ويغسل لموت الجرذ ثلاثا والسبع أفضل ".

(٢) تدم آنفا.

(٣) المقنعة: ص ٩، س ٣٠ باب المياه واحكامها، قال: " وليس حكم غير الكلب كذلك، بل يهرق ما فيه ويغسل مرة واحدة بالماء ".

(٤) المراسم: ص ١٥، س ٣٤، ذكر ما يتطهر به وهو المياه، قال: " ويغسل الاناء من ولوغ الكلب ثلاث مرات إلى ان قال: ويغسل من غير ذلك مرة واحدة ".

(٥) السرائر: ص ١٥، س ٣٤، قال في سائر النجاسات: " والذي عليه الاتفاق والاجماع مرة واحدة مع إزالة عين النجاسة ".

(٦) المعتبر: ص ١٢٨، س ١٨، كتاب الطهارة، في احكام الاواني، قال: مسألة " ويغسل الاناء من سائر النجاسات مرة، والثلاث أحوط ".

(٧) المختلف: ص ٦٤، س ٢٤، كتاب الطهارة، في احكام لنجاسات، قال بعد نقل قول الشيخ: " والاقرب عندي ان الواجب بعد إزالته العين غسله مرة واحدة في الجميع ".

(٨ و ٩ و ١٠ و ١١ و ١٢ و ١٣ و ١٤) تقدم كل ذلك آنفا مع الاستناد بكلماتهم قدس الله أسرارهم.

٢٦٨

ومن الخمر والفأرة ثلاثا، والسبع أفضل. ومن غير ذلك مرة، والثلاث أحوط. احتج الاولون: بان الامر بالغسل مطلق، فيكفي فيه المرة، ولان المقتضي للطهارة موجود والمانع منتف يجب القول بالطهارة.

أما وجود المقتضي فهو زوال عين النجاسة، لانا نتكلم على تقديره. وأما إنتفاء المانع، فلان المانع من الاستعمال انما هو النجاسة، وقد زالت بالغسل. ولما رواه عمار بن موسى عن الصادقعليه‌السلام قال: سألته عن الدن(١) ، يكون فيه الخمر، هل يصح أن يكون فيه الخل أوالكامخ(٢) أو زيتون أو يكون فيه ماء؟ قال: إن غسل فلا بأس(٣) . احتج الشيخ: بما رواه عمار الساباطي عن الصادقعليه‌السلام قال: سئل عن الاناء والكوز تكون قذرا كيف يغسل؟ وكم مرة يغسل؟ قال: ثلاث مرات، يصب فيه الماء ويحرك، ثم يفرغ، ثم يصب فيه ماء آخر فيحرك، ثم يفرغ، ثم يصب فيه ماء آخر فيحرك، ثم يفرغ، وقد طهر(٤) . واجيب: بضعف السند. قال طاب ثراه: ومن غير ذلك مرة واحدة(٥) . والثلاث أحوط. أقول: تقدم الحبث في هذه المسألة بلافصل.

____________________

(١) الدن: واحد الدنان، وهي الحباب، مجمع البحرين: ج ٦، ص ٢٤٨.

(٢) الكامخ بفتح الميم وربما كسرت: الذي يؤتدم به، معرب، والجمع كوامخ. مجمع البحرين: ج ٢ ص ٤٤١.

(٣) التهذيب: ج ١، ص ٢٨٤، باب ١٢، تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، حديث ١١٧.

(٤) التهذيب: ج ١، ص ٢٨٤، باب ١٢، تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، حديث ١١٩، وفيه: اختلاف يسيرفى العبارة.

(٥) هكذا في الاصل: ولكن في المتن بدون كلمة " واحدة " فراجع.

٢٦٩

كتاب الصلاة والمقدمات سبع: (الاولى في الاعداد)

والواجبات تسع: الصلوات الخمس، وصلاة الجمعة، والعيدين، والكسوف، والزلزلة، والآيات، والطواف، والاموات، وما يلتزمه الانسان بنذر وشبهه. وما سواه مسنون. والصلوات الخمس: سبع عشرة ركعة في الحضر، وإحدى عشرة ركعة في السفر.

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الصلاة

الصلاة لغة: الدعاء، قال الله سبحانه (وصل عليهم إن صلوتك سكن لهم)(١) أي: وادع لهم، وفي الحديث (من دعي إلى طعام فليجب، ومن كان صائما فليصل))(٢) أي فليدع لاهل الطعام.

وقال الشاعر:

____________________

(١) سورة التوبة: ١٠٣.

(٢) عوالي اللئالي: ج ٤، ص ١٢٤، شطر منه فقط.

٢٧٠

عليك مثل الذي صليت فاغتمضى

نوما فإن بجنب المرء مضطجعا(١)

وتسمى السبحة، بضم السين المهملة وفتح الباء المنقطة بواحدة من تحت. واستعمالها في النافلة اظهرمن إستعمالها في الفريضة، روى منصور بن حازم عن الصادقعليه‌السلام إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر، إلا أن بين يديها سبحة(٢) . وشرعا: أذكار معهودة، مقترنة بحركات وسكنات معينة، مشروطة بالطهارة والقربة. فخرج الطواف وقراء‌ة القران مطلقا ومعينا، وصلاة الجنازة، ودخلت النافلة. وهذا التعريف لصلاة المختار التي هي الاصل. وقد يكون ذكرا محضا كصلاة المطاردة والمستلقي، إذا كان رمد العين. وقد يكون فعلا محضا كصلاة الاخرس. وقد يجمعهما كصلاة الصحيح.

وهي: واجبة بالكتاب والسنة والاجماع. اما الكتاب: فقوله تعالى: (وأقيموا الصلوة)(٣) (واستعينوا بالصير والصلوة)(٤) (حفظوا على الصلوت)(٥) (وما أمرو إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلوة ويؤتوا الزكوة)(٦) فقرن الامر بها مع الامر بالايمان.

____________________

(١) الشعر للا عشى، والظاهر انه اعشى قيس ويقال له: الاعشى الكبير، وكان من شعراء الجاهلية وفحولهم. وقبله: تقول بنتي وقد قيضيست مرتحلا يارب جنب أبي الاوصاب والوجما

(٢) الكافي: ج ٣، ص ٢٧٦، كتاب الصلاة، باب وقت الظهر والعصر، قطعة من حديث ٤.

(٣) سورة البقرة: ٤٣ و ١١٠.

(٤) سورة البقرة: ٤٥.

(٥) سورة البقرة: ٢٣٨.

(٦) سورة الينة: ٥.

٢٧١

واما السنة: فكقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : (انمامثل الصلاة من الدين مثل العمود من الفسطاط، إذا قام العمود نفعت لاطناب والاوتاد، وإذا سقط العمود لم تنفع الاطناب والاوتاد)(١) . وقالعليه‌السلام (بني الاسلام على خمس الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية)(٢) . وقالعليه‌السلام : (خمس صلوات افترضهن الله على عباده، فمن جاء بهن لم ينتقص منهن شيئا، جعل الله له عهدا يوم القيامة أن يدخله الجنة)(٣) . وقالعليه‌السلام : (ليس مني من استخف بصلاته، لا يرد علي الحوض، لا والله، لا والله، ليس مني من شرب مسكرا، لا يرد علي الحوض، لا والله، لا والله(٤) . وقالعليه‌السلام : (أول ما ينظر في عمل العبد يوم القيامة في صلاته، فان قبلت نظر في غيرها من عمله، وإن لم يقبل لم ينظر من عمله في شئ)(٥) .

____________________

(١) عوالي اللئالي: ج ٣، ص ٦٤، حديث ١، وفيه " ارتفعت الاطناب. ولم تنفع الاوتاد ". وقريب منه ما ورد في الفقيه: ج ١ ص ١٣٦ حديث ١٨، باب فضل الصلاة.

(٢) الكافي: ج ٢، ص ٢١، حديث ٨، باب دعائم الاسلام، وهكذا حديث ٣ و ٥ و ١، واتمام الحديث: " ولم يناد بشئ كما نودي بالولاية ".

(٣) سنن البيهقي: ج ١، باب فرائض الخمس، ص ٣٦١، ولفظ الحديث " حمس صلوات كتبهن الله عزوجل على عبادة فمن اوفى بهن ولم يضيعهن كان له عند الله عهدا ان يغفر له وان يدخله الجنة. ومن لم يواف بهن استحفافا بحقهن، فليس له عند الله عهد، ان شاء عذبه وان شاء غفرله " ورواه في عوالي اللئالي، ج ٣، باب الصلاة، ص ٦٤، حديث ١٨، كما في المتن.

(٤) الفقيه: ج ١، ص ١٣٢، باب الزيادات، باب فضل الصلاة والمفروض منها والمسنون، قطعة من حديث ٥، بتفاوت يسير في العبارة.

٢٧٢

ونوافلها: أربع وثلاثون ركعة على الاشهر في الحضر. ثمان: للظهر قبلها، وكذا العصر، وأربع للمغرب بعدها، وبعد العشاء ركعتان من جلوس تعدان بواحدة، ثمان لليل، وركعتان للشفع، وركعة للوتر، وركعتان للغداة. ويسقط في السفر نوافل الظهرين، وقال الصادقعليه‌السلام (شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصلاة)(١) . وأما الاجماع: فمن سائر المسلمين، حتى أن مستحل تركها كافر. قال طاب ثراه: ونوافلها أربع وثلاثون ركعة على الاشهر. أقول: أطبق الاصحاب على أن الفرض والنفل في اليوم والليلة إحدى وخمسون ركعة. وبه روايات كثيرة إجمالا وتفصيلا. فمن الاول: روايات:

(الف): رواية الفضيل بن يسار، والفضل بن عبدالملك، وبكير قالوا: سمعنا أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يصلي من التطوع مثلي الفريضة، ويصوم من التطوع مثلي الفريضة(٢) .

(ب): رواية إسماعيل بن سعد الاحوص القمي قال: قلت للرضاعليه‌السلام : كم الصلاة من ركعة؟ قال: أحد وخمسون ركعة(٣) .

(ج): روايه الفضيل بن يسار، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: الفريضة والنافلة أحد وخمسون ركعة، منها ركعتان بعد العتمة جالسا تعدان بركعة، والنافلة أربع وثلاثون(٤) . ومن الثاني: روايات كثيرة لا نطول بذكرها الكتاب، وهي مختلفة في التسمية

____________________

(١) الفقيه: ج ١، ص ١٣٣، باب ٢٩، فرض الصلاة، حديث ١٩، وفيه: " ان شفاعتنا ".

(٢) الكافي: ج ٣، ص ٤٤٣، كتاب الصلاة، باب صلاة النوافل، حديث ١.

(٣) التهذيب: ج ٢، ص ٣، باب المسنون من الصلاة، حديث ١.

(٤) الكافي:ج٣، ص٤٤٣، كتاب الصلاة، باب صلاة النوافل، قطعة من حديث ٢، وفيه: " وهو قائم ".

٢٧٣

على ثلاثة أنحاء

(الف): الذي عليه عمل الطائفة، وهو ما رواه الحارث بن المغيرة النصري قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: صلاة النهار ست عشرة ركعة، ثمان إذا زالت الشمس، وثمان بعد الظهر، وأربع ركعات بعد المغرب، يا حارث لا تدعهن في سفر ولا حضر، وركعتان بعد العشاء الآخرة، كان أبي يصليهما وهو قاعد، و أنا أصليهما وأنا قائم، وكان يصلي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاث عشر ركعة من الليل(١) .

(ب): قال أبوعلي بن الجنيد: ثمان قبل الظهر وست بعدها، وركعتان قبل الصلاة(٢) ، وساق الكلام وهو رواية سليمان بن خالد عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: صلاة النافلة ثمان ركعات حين تزول الشمس قبل الظهر، وست ركعات بعد الظهر، وركعتان قبل العصر، وأربع ركعات بعد المغرب وركعتان بعد العشاء الآخرة تقرأ فيهما مأة آية قائما أو قاعدا، والقيام أفضل، ولا تعدهما من الخمسين، ثمان ركعات من آخر الليل، تقرأ في صلاة الليل ب‍ (قل هو الله أحد) و (قل يا أيها الكافرون) في الركعتين الاولتين، وتقرأ في سائرها ما أحببت من القرآن، ثم الوتر ثلاث ركعات تقرأ فيها قل هو الله أحد وتفصل بينهن بتسليم، ثم الركعتان اللتان قبل الفجر، تقرأ في الاولى منهما (قل يا أيها الكافرون) وفي الثانية (قل هو الله أحد)(٣) .

____________________

(١) التهذيب: ج ٢، ص ٤، باب ١، المسنون من الصلاة، حديث ٥.

(٢) مانقله في المختلف عن ابن الجنيد هكذا: وقال ابن الجنيد: يصلى قبل الظهر بعد الزوال ثمان ركعات، وثمان ركعات بعدها منها ركعتان نافلة العصر " إلى آخره لاخط المختلف، باب باقي الصلوت، ص ١٢٣، س ٣٣.

(٣) التهذيب: ج ٢، ص ٥، كتاب الصلاة، باب ١، المسنون من الصلوات، حديث ٨.

٢٧٤

(ج): ما رواه البزنطي أحمد بن محمد بن نصر قال: قلت لابي الحسنعليه‌السلام : إن أصحابنا يختلفون في صلاة التطوع، بعضهم يصلي أربعا و أربعين، وبعضهم يصلي خمسين، فأخبرني بالذي تعمل به أنت حتى أعمل بمثله؟ فقال: اصلي واحدة وخمسين ركعة، ثم قال: أمسك، وعقد بيده الزوال ثمانيا، و أربعا بعدالظهر، وأربعا قبل العصر، وركعتين بعد المغرب، وركعتين قبل عشاء الآخرة، وركعتين بعد العشاء من قعود تعدان بركعة من قيام، وثمان صلاة الليل، والوتر ثلاثا، وركعتي الفجر.

والفرائض سبع عشرة فذلك أحد وخمسون ركعة(١) . فقد اشتركت هذه الروايات الثلاثة في الدلالة على إتحاد العدد والوضع، واختلفت على ثلاثة أنحاء كما رأيت. ويظهر الفرق بين النحو الاول والاخيرين في فصلين.

(الف): في النذر، فان الانسان إذا نذر أن يصلي نافلة العصر، وجب على الاول ثمان ركعات، وعلى الثاني ركعتان، وعلى الثالث أربع، وكذا لو نذر نافلة المغرب وجب على الاول والثاني أربع، وعلى الثالث ركعتان.

(ب): في مزاحمة الاوقات. فان نافلة العصر إلى أربعة أقدام، أو صيرورة الظل مثليه على الخلاف، فاذا بلغ ذلك القدر ولم يكن تلبس بركعة، قضى بعد العصر ثمانيا على الاول وإثنتين على الثاني، وأربعا على الثالث. وكذا الكلام في نافلة المغرب، فان وقتها قبل ذهاب الشفق إجماعا، فمتى بلغ ذلك ولم يكن صلاها فقضاها بعد العشاء، فقضى أربعا على الاول والثاني، وركعتين على الثالث، ويصلي ركعتين قبل العشاء مطلقا.

____________________

(١) الكافي: ج ٣، ص ٤٤٤، كتاب الصلاة، باب صلاة النوافل، حديث ٨، مع اختلاف يسير في بعض ألفاظ الحديث.

٢٧٥

وهناك روايات اخر، حملها الشيخ على المعذور، وجواز الاقتصار عليها، لان ما عدا الواجب لا يتحتم الاتيان به، وإذا أتى بالبعض من هذه النوافل، لا يلزمه الاتيان بالباقي. فمنها: ما تضمن ستا وأربعين، وهو في رواية يحيى بن حبيب قال: سألت الرضاعليه‌السلام عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى الله تعالى؟ فقال: ست و أربعون ركعة فرائضه ونوافله، قلت: هذه رواية زرارة، قال: أوترى أحدا كان أصدع بالحق منه؟ !(١) . قال الشيخرحمه‌الله : هذا الحديث ليس فيه نهي عما زاد، وسؤاله كان عن أفضل ما يتقرب به، فذكر هذه الستة وأربعين فأفردها بالذكر لما كان ما يزيد عليها دونها في الفضل(٢) . قال: ويدل على ذلك ما رواه أبوبصير قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن التطوع بالليل والنهار؟ فقال: الذي يستحب أن لا يقصر عنه، ثمان ركعات عند زوال الشمس، وبعد الظهر ركعتان، وقبل العصر ركعتان، وبعد المغرب ركعتان، وقبل العتمة ركعتان، ومن السحر ثمان ركعات، ثم يوتر، والوتر ثلاث ركعات مفصولة، ثم ركعتان قبل صلاة الفجر، وأحب صلاة الليل إليهم آخر الليل(٣) . ومنها: ما تضمن أربعا وأربعين، النافلة منها سبعة وعشرون، وهو في رواية الحسين بن سعيد عن إبن أبي عمير، عن إبن أذينة، عن زرارة قال: قلت لابي جعفرعليه‌السلام :

____________________

(١) التهذيب: ج ٢، ص ٦، باب ١، المسنون من الصلوات، حديث ١٠، وفيه: " من الصلاة فقال، ستة وأربعون ".

(٢) التهذيب: ج ٢، ص ٦، باب ١، المسنون من الصلوات. ذيل حديث ١٠، مع اختلاف يسير في العبارة.

(٣) التهذيب: ج ٢، ص ٦، باب ١، المسنون من الصلوات، حديث ١١.

٢٧٦

إني رجل تاجر، واختلف وأتجر، فكيف لي بالزوال والمحافظة على صلاة الزوال، وكم تصلى؟ قال: تصلي ثمان ركعات إذ زالت الشمس، وركعتين بعد الظهر، وركعتين قبل العصر، فهذه إثنتا عشرة ركعة، وتصلي بعد المغرب ركعتين، وبعد ما ينتصف الليل ثلاث عشرة ركعة، منها الوتر ومنها ركعتا الفجر، فتلك سبع وعشرون ركعة سوى الفريضة(١) . فانحصرت الروايات: بالنسبة إلى العدد في أربعة أوجه.

(الف): أحد وخمسون، وهو المجمع عليه في فتوى الاصحاب، وهو رواية الحارث(٢) .

(ب): خمسون باسقاط الوتيرة، وهو في رواية محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن حنان قال: سأل عمرو بن حريث أبا عبداللهعليه‌السلام وأنا جالس، فقال له: أخبرني جعلت فداك عن صلاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقال له: كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يصلي ثمان ركعات الزوال وأربعا الاولى، وثمان بعدها، و أربعا العصر، وثلاثا المغرب، وأربعا بعد المغرب، والعشاء الآخرة أربعا، وثمان صلاة الليل، وثلاثا الوتر، وركعتي الفجر، وصلاة الغداة ركعتين. قلت: جعلت فداك، فان كنت أقوى على أكثر من هذا أيعذبني الله على كثرة الصلاة؟ قال: لا ولكن يعذب على ترك السنة(٣) .

(ج): ست وأربعون، وهو في رواية يحيى بن حبيب(٤) ، وأبي بصير(٥)

____________________

(١) التهذيب: ج ٢، ص ٧، باب ١، المسنون من الصلوات، حديث ١٣، وفيه. " ثماني ركعات ".

(٢) الكافي: ج ٣، ص ٤٤٦، كتاب الصلاة النوافل، حديث ١٥.

(٣) التهذيب: ج ٢، ص ٤، باب ١، المسنون من الصلوات، حديث ٤، وفيه: " ثماني ".

(٤) التهذيب: ج ٢، ص ٦، باب ١، المسنون من الصلوات، حديث ١٠.

(٥) التهذيب: ج ٢، ص ٦، باب ١، المسنون من الصلوات، حديث ١١.

٢٧٧

وفي سقوط الوتيرة قولان: ولكل ركعتين من هذه النوافل تشهد وتسليم، و للوتر بانفراده. باسقاط أربع من سنة العصر مع الوتيرة.

(د): أربع وأربعون، وهو في رواية زرارة(١) باسقاط ركعتين من سنة المغرب مع سقوط متقدم. قال طاب ثراه: وفي سقوط الوتيرة قولان: أقول: القولان: للشيخرحمه‌الله ، قال في الجمل(٢) ، والمبسوط(٣) : بالسقوط، وبه قال المفيد(٤) ، والسيد(٥) . وقال في النهاية(٦) بالتخيير، وهو المعتمد.

____________________

(١) التهذيب: ج ٢، ص ٧، باب ١، المسنون من الصلوات، حديث ١٣.

(٢) الجمل: كتاب الصلاة، فصل في اعداد الصلوات، ص ٢٠، س ٣، قال: " وركعتان من جلوس بعد العشاء الاخرة في الحضر ".

(٣) المبسوط: ج ١، ص ٧١، كتاب الصلاة، فصل في ذكر اقسام الصلاة وبيان اعدادها وعدد ركعاتها في السفر والحضر، س ١٨، قال: " وركعتان من جلوس بعد العشاء الاخرة في الحضر يعدان بركعة، و يسقطان في السفر ".

(٤) المقنعة: أبواب الصلاة، باب نوافل الصلاة، ص ١٣، س ٣٣.

(٥) لم نظفر على فتوى السيد

(٦) النهاية: ص ٥٧، كتاب الصلاة، باب أعداد الصلاة وعدد ركعاتها من المفروض والمسنون، س ١٨، قال: " ويجوز ان يصلي الركعتين من جلوس التي يصليهما في الحضر بعد العشاء الاخرة، فان لم يفعلها لم يكن به بأس ".

٢٧٨

الثانية في المواقيت والنظر في تقديرها ولواحقها

أما الاول: فالروايات فيه مختلقة، ومحصلها، إختصاص الظهر عند الزوال بمقدار أدائها، ثم يشترك الفرضان في الوقت. والظهر: مقدمة حتى يبقي للغروب مقدار أداء العصر، فتخص به، ثم يدخل وقت المغرب، فإذا مضى مقدار أدائها اشترك الفرضان. والمغرب: مقدمة حتى يبقى لانتصاف الليل مقدار أداء العشاء فتختص به، وإذا طلع الفجر دخل وقت الصلاته ممتدا حتى تطلع الشمس. قال طاب ثراه: أما الاول فالروايات فيه مختلفة إلى آخره. أقول: هما مسائل.

الاولى: لكل صلاة وقتان، قال الشيخان(١) ، والحسن(٢) ، والتقي(٣) ، و القاضي(٤) ، فالاول وقت المختار، والثاني وقت المعذور.

____________________

(١) اي الشيخ المفيد في المقنعة: باب اوقات الصلاة وعلامة كل وقت، ص ١٤، س ١٥، قال: " ولكل صلاة من الفرائض الخمس وقتان أول وآخر، فالاول لمن لا عذر له، والثاني لاصحاب الاعذار إلى آخره. والشيخ الطوسي في النهاية: ص ٥٨ كتاب الصلاة، باب اوقات الصلاة، س ٢، قال: " اعلم ان لكل صلاة من الصلوات المفروضة وقتين، اولا وآخرا فالوقت الاول وقت من لا عذر له، والثاني وقت لمن له عذر من المرض أو السفر أوغير ذلك " إلى آخره.

(٢) المختلف: في الوقات، ص ٦٦، س ٢، قال: لكل صلاة وقتان أول وآخر، قال الشيخان، وابن أبي عقيل، وابوالصلاح، وابن البراج: الاول وقت المختار والآخر وقت المعذور ".

(٣) الكافي في الفقه: ص ١٣٧، س ٤.

(٤) المهذب: ج ١، ص ٧١، باب أوقات الصلاة، س ٧، قال: " وأول الوقت وقت من لا عذر له، و اخره وقت ذوي الاعذار ".

٢٧٩

ووقت نافلة الظهر: حين الزوال حتى يصير الفيى على قدمين. ونافلة العصر: إلى أربعة أقدام. ونافلة المغرب: بعدها حتى تذهب حمرة المغربية. وركعتا الوتيرة: تمتد بإمتداد العشاء. وصلاة الليل: بعد إنتصافه، وكلما قرب إلى الفجر كان أفضل. وركعتا الفجر: بعد الفراغ من الوتر، وتأخيرها حتى يطلع الفجر الاول أفضل، ويمتد حتى تطلع الحمرة. وقال ابن إدريس(١) ، وأبوعلي(٢) ، والصمنف(٣) ، والعلامة(٤) : الاول للفضيلة والثاني وقت الاجزاء. ويدل عليه قوله تعالى (أقم الصلوة لدلوك الشمس إلى غسق الليل)(٥) ، وليس المراد الاتيان بالصلاة في جميع أجزاء الزمان على سبيل الجمع إجماعا، فيتعين التخيير. وما رواه عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن وقت الظهر والصعر؟ فقال: إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر والعصر جميعا، إلا أن هذه قبل

____________________

(١) السرائر: كتاب الصلاة، باب اوقات الصلوات المرتبة، ص ٣٩، س ٣٥.

(٢) المختلف: كتاب الصلاة، ص ٦٦ س ٣، قال: " وقال ابن إدريس وابن الجنيد: الاول وقت الفضيلة والثاني وقت الاجزاء، وهو الحق ".

(٣) المعتبر: كتاب الصلاة، ص ١٣٤، س ٩، قال: " لكل صلاة وقتان أول وآخر، فالاول للفضيلة والآخر للاجزاء ".

(٤) المختلف: كتاب الصلاة، ص ٦٦، ص ٣، قال: " وقال ابن إدريس وابن الجنيد: الاول وقت الفضيلة والثاني وقت الاجزاء، وهو الحق ".

(٥) سورة الاسراء: ٧٨.

٢٨٠