المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ١

المهذب البارع في شرح المختصر النافع0%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 568

المهذب البارع في شرح المختصر النافع

مؤلف: العلامة جمال الدين ابي العباس احمد بن محمد بن فهد الحلي
تصنيف:

الصفحات: 568
المشاهدات: 94508
تحميل: 6733


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 568 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 94508 / تحميل: 6733
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء 1

مؤلف:
العربية

وصلى الله على أكرم المرسلين، وسيد الاولين والآخرين محمد خاتم النبين، وعلى عترته الطاهرين، وذريته الاكرمين، صلاة تقصم ظهور الملحدين، وترغم انوف الجاحدين.

والكمال، وعلى آله المعصومين في الاقوال والافعال، الممنوحين بوجوب التسئال(١) صلاة تتعاقب عليهم تعاقب الايام والليال.

وبعد: فان أحق ما أنفق فيه العمر وصرف فيه الدهر، تعلم المعالم الدينية، والامعان في درك الاحكام الشرعية، والغوص في تيار بحارها، والكشف لاستار أسرارها، والاضطلاع باعبائها بقدر الطاقة البشرية، فهى أقوى أسباب السعادة الابدية، وهي أعلى مراتب العلماء.

كيف لا؟ وهي صناعة الانبياء، والمتكفلة بارشاد الدهماء(٢) وإصلاح الخصماء.

ولما اختصت بهذا السر المصون، حث عليها في الكتاب المكنون، فقال الله تعالى: ليتنبه الغافلون ويهتم المهملون: (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون).(٣) وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (لكل شئ عماد وعماد هذا الدين الفقه)(٤) .

____________________

(١) اى منحهم الله تعالى، باب ألزم عباده وأوجب عليهم من الرجوع إليهم والسؤال عنهم، فقال تعالى: " فاسئلوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون " سورة النحل: ٤٣.

(٢) الدهم: العدد الكثير كما في النهاية لابن الاثير: ج ٢ ص ١٤٥، وفى هامش بعض النسخ الخلق الكثير.

(٣) سورة التوبة: ١٢٢.

(٤) كنوز الحقايق اللمناوى على هامش الجامع الصغير: ج ٢ ص ٦٩، حرف اللام، نقلا عن الطبراني، وراه في البحار: ج ١، باب ٦، ص ٢١٦، حديث ٣٠، كتاب العلم، نقلا عن عوالي اللئالي.

أما بعد: فاني مورد لك في هذا المختصر خلاصة المذهب المعتبر، بألفاظ محبرة، وعبارات محررة، تظفرك بنخبه، وتوصلك إلى شعبه، مقتصرا على ما بان لي سبيله، ووضح لي دليه.

٦١

وقالعليه‌السلام : (الفقهاء أمناء الرسل)(١) .

وقالعليه‌السلام : (رحم الله خلفائى بعدي.

قيل يا رسول الله: ومن خلفاؤك بعدك؟ قال: الذين يأتون من بعدي يروون حديثي وسنتي)(٢) .

وقالعليه‌السلام : (من أكرم فقيها مسلما، لقى الله يوم القيامة وهو عنه راض. ومن أهان فقيها مسلما لقى الله يوم القيامة وهو عليه غضبان)(٣) .

وقال أميرالمؤمنينعليه‌السلام لولده محمد: (تفقه في الدين، فان الفقهاء ورثة الانبياء)(٤) .

وقالعليه‌السلام : (العلم مخزون عند أهله وقد امرتم بطلبه منهم)(٥) .

وقال الصادق جعفربن محمدعليهما‌السلام : (لو علم الناس ما في العلم، لطلبوه ولو بسفك المهج)(٦) .

____________________

(١) اصول الكافي: ج ١، ص ٤٦، كتاب فضل العلم باب المستأكل بعلمه والمباهى به، قطعة من ح ٥، وتمام الحديث (مالم يدخلوا في دنيا، قيل يا رسول الله: وما دخلوا لهم في الدنيا؟ قال: اتباع السلطان، فاذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم) ورواه السيوطى في الجامع الصغير، حرف الفاء.

(٢) الفقيه: ج ٤، ص ٣٠٢، باب النوادر، وهو اخر ابواب الكتاب، حديث ٩٥، وفيه: " اللهم ارحم خلفائي ".

(٣) البحار: ج ٢، ص ٤٤، كتاب العلم، باب ١٠، ح ١٣، والحديث عن الصادقعليه‌السلام .

(٤) البحار: ج ١، ص ٢١٦، كتاب العلم، باب ٦، حديث ٣٢.

(٥) البحار: ج ١، ص ١٧٧، كتاب العلم، باب ١، حديث ٥٢.

(٦) اصول الكافي: ج ١ ص ٣٥، كتاب فضل العلم، باب ثواب العالم والمتعلم، قطعة من حديث ٥.

والحديث عن علي بن الحسينعليهما‌السلام .

٦٢

فان أحللت فطنتك في مغانيه، وأجلت رويتك في معانيه، كنت حقيقا أن تفوز بالطلب، وتعد في حاملي المذهب.

وقالعليه‌السلام : (اذا كان يوم القيامة جمع الله الناس في صعيد واحد، ووضعت الموازين، فتوزن دماء الشهداء مع مداد العلماء فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء)(١) فازدحم لذلك الطالبون، وشمر المجتهدون، فجمعوا، وألفوا، وأكثروا فيما صنفوا.

وأعانهم على ذلك صفو زمانهم المريع، المخصوص بالنعت، كزمان الربيع، حتى قال بعض المهاجرين(٢) في وقت الاغتراب لما آن له من الحلة دنو الاقتراب: فقرأت عند وصولها (بلدة طيبة ورب غفور)(٣) . وكان هم ملوكهم تربية العلماء وتصدير الفقهاء. يعلم ذلك من مصنفات علمائهم ومنشورات رؤسائهم. فالآن عفت الديار(٤) وشط(٥) المراد [المزار] وخبت(٦) من العلم ناره، وقلت أنصاره وأظلم مناره واستوعر مسلكه ومزاره وعز مناله وقلت رجاله.

____________________

(١) البحار: ج ٢، ص ١٤، كتاب العلم، باب ٨، حديث ٢٦.

(٢) كتب في هامش بعض النسخ (صاحب كشف الرموز) وهو الشيخ عزالدين الحسن بن ابي طالب اليوسفى الابي، ويعير عنه في الكتب الفقهية ب‍ (الابي) وابن الزينب، وتلميذ المحقق، وشارح النافع، وهو أول من شرح النافع، فرغ منه في شعبان ٦٧٢ ه‍ (الذريعة: ج ١٨).

(٣) سورة سبأ: ١٥.

(٤) وعفت الدار، غطاها التراب فاندرست، منجمع البحرين: ج ١، ص ٣٠٠، وهو من عفا الشئ، اذا درس ولم يبق له اثر يقال: عفت الدار عفاء، النهاية: ج ٣، ص ٢٦٦.

(٥) الشطة بالكسر: بعد المسافة، من شطت الدار، اذابعدت، النهاية: ج ٢، ص ٤٧٥.

(٦) خبت ذكره: اذا خفى.

لسان العرب: ج ٢، ص ٢٧.

٦٣

وأنا أسأل الله لي ولك الامداد بالاسعاد، والارشاد إلى المراد، والتوفيق للسداد، العصمة من الخلل في الايراد، إيه أعظم من أفاد، و أكرم من سئل فجاد.

كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا أنيس ولم يسمر بمكة سامر(١) خصوصا علم الشرع الذي به نظام النوع.

وكان من أفصح مختصراته وأنقح مصنفاته كتاب النافع، أعني مختصر الشرايع: تصنيف المولى الاكرم والفقيه الاعظم، عين الاعيان ونادرة الزمان، قدوة المحققين و أعظم الفقهاء المتبحرين، نجم الملة والحق والدين، أبي القاسم جعفر بن سعيد الحلي، (قدس الله نفسه الزكية) وأفاض على تربته المراحم الربانية.

قد احتوى على مباحث دقيقة وأنظار عميقة، وأشار فيه إلى الخلاف في الاقوال والروايات، مع شدة إختصاره وبعد اغواره واحتجبت أسراره وراء أستار لا يكشفها إلا الفقيه الكاسر، والبارع الماهر، إذ كان طويل المطالعة كثير المباحثة، محيطا بأقوال الفقهاء مطلعا على مآخذ الفتاوى، مع شدة إحتياج الناس إليه، و إكباب الطالبين عليه.

فسألني جماعة من المشتغلين وطائفة من المترددين، أن أشرحه في دستور(٢) يكون موضحا لما كمن من أسراره، ومؤديا إلى ما بعد من أغواره، وافيا بحل رموزاته و مبينا لخلافاته، مع ذكر حجة كل متمسك بما أعتمد عليه، وإحصاء ما يرد

____________________

(١) هو من ابيات لعمرو بن الخزاعى، يتاسف بها على نفسه بها على نفسه وقومه بعد ما تفرقوا عن مكة، و كانوا خدام الحرم قبل قريش، الحجون: بالحاء المهملة والجيم والواو والنون كصبور، جبل بأسفل مكة، والصفا حجربها ايضا، والانيس فعيل من الانس خلاف الوحشة، ويسمر بفتح المضارعة وضم الميم كينصر، من السمر: وهو بالسين والراء المهملتين كفرس حديث الليل، ومنه السامر بصيغة الفاعل، جامع الشواهد: ص ٢٢٥.

(٢) دستور: اي كتاب.

٦٤

من الجواب عليه، فوقفت عند ذلك وأحجمت(١) ، واستقلت فما أقلت.

لعلمي بأن دون هذاالمراد خرط القتاد(٢) ، واعتياد [واعتياض] السهاد عن الرقاد(٣) وكلما ازددت مطلا وتماديا، ازداد واحثا وتقاضيا.

فلما طال الالحاف ولم أجد بدا من الاسعاف، وكلته إلى نذر علقته على شرط، كالمعتصم إلى الاعتذار بحجة والمتفصي عن إقتحام اللجة.

فحصل الشرط والموانع حاجزة والاسباب عاجزة، فسوفت طلبا لخلو الخاطر وزوال المانع الحاضر، فلم تزدد الموانع إلا تضاعفا، والاسباب إلا ضعفا، واستمرت التشويشات والاعذار، والزمان في التعاكس والادبار.

وهزمت جيوش الشباب، وعشش النسر في وكر الغراب(٤) وزاد علينا غريم مطالب بالقهر، وهو لزوم الوفاء بالنذر.

فشرعت والقلب يتجرع مرارات الفتن كالمجروح يجد [بجز] الشفار، وأقدمت والفكر يتمضمض كاسات الاحن كالمقروح بذكاء النار،(٥) والفهم تايه في شعاب الفيافي حين حرم ريه من الورد الصافي، مع تشويش الاراجيف المؤذنة(٦) لكل

____________________

(١) حجم عن الشئ: كف عنه وتأخر، ومنه فأحجمت عن الكلام مجمع البحرين: ج ٦، ص ٣٢.

(٢) خرطت الورق، من بابي ضرب وقتل، حتته من الاغصان. وهو أن تقبض على أعلام ثم تمر يدك عليه إلى أسفله، ومنه المثل: دونه خرط القتاد، مجمع البحرين: ج ٤، ص ٢٤٥، وفي لسان العرب: ج ٣، ص ٣٤٢، القتاد شجرله شوك امثال الابر، إلى ان قال: وفي المثل: من دون ذلك خرط القتاد.

(٣) الرقاد: بالضم النوم، يقال: رقد يرقد رقدا، نام، ليلا كان او نهارا. مجمع البحرين: ج ٣، ص ٥٤، والسهاد بالفتح، الارق، يقال: سهد الرجل بالكسر يسهد سهدا، والسهد بضم السين لقيل النوم، مجمع البحرين: ج ٣، ص ٧٥.

(٤) في الحديث: نهى عن طروق الطير في وكرها. وكر الطير عشه الذي يأوي اليه، والجمع وكور و أوكار. مجمع البحرين: ج ٣، ص ٥١٣.

(٥) الذكاء بالفتح: وشدة وهج النار واشتعالها. مجمع البحرين: ج ١، ص ١٥٩.

(٦) أي المعلمة.

٦٥

لمارأيت الزمان لا يزداد إقباله إلا إدبارا، وعساكر الرفاهية أبت إلا إنكسارا، ورأيت الاجل في إقتراب، والعمر في خراب.

مع إبرام الالحاح والتقاضي، واشتغال الذمة بالنذر الماضي، في ثبت ما سمحت به القريحة الفاترة، و إيراد ما وعته الفطنة القاصرة، لتعذر ما وراء ذلك من الامعان، ومراعاة التحسين والاتقان، لما ذكرنا من تشويش [بؤس] الزمان، ووصفنا من ترادف الاحزان، قصدا للتخلص من عهدة النذر اللازم، وفرارا من مطالبة اللجوج(١) العازم، وخوفا من لزوم العقاب دون التنويه(٢) بالكتاب. مستعينا بالله ومتوكلا عليه، فليس القوة إلا به، ولا المرجع إلا إليه. فمن وقف فيه على تقصير في إشارة، أو عي في عبارة، أو خلل في إيراد، أو نوع من فساد، فأنا أسأله أولا التثبت في مراجعة الفكر والاعتبار، وتصفح الكتب والاخبار، قبل التسرع بالرد والاهذار، والنظر بعين الازراء والاحتقار، فان ذلك من أخلاق اللئام وشعار الجهال الطغام(٣) .

فان وجد له شاهدا يعضده، أونظيرا يؤيده وإلا نزله بذهنه السليم، ولو على التأويل السقيم، جاعلا سمعه تلقاء قوله تعالى: إذ أعلن في كتابه تنبيها وتبصيرا: ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه إختلافا كثيرا)(٤) .

وإن لم يجد له محملا قط وكان في غاية السقط وسعه عذرا، فان أخا الفضائل يعذر.

____________________

(١) اللاج واللجوج: الشديد الجاجة، وفي بعض النسخ (اللحوح)، بالحاء المهملة.

(٢) ناهت نفسي عن الشئ تنوه وتناه نوها: انتهت، لسان العرب: ج ١٣، ص ٥٥١، وفي المنجد: ص ١١٠٠، نوهت بالحديث اي: أنشدت به وأظهرته.

(٣) الطغام: أوغاس الناس، للواحد والجمع. والعامة تقول أوباش. رذال الطير - المنجد ص ٦٦١(٤) سورة النساء: ٨٢.

٦٦

فالنقص في نفس الطبيعة كامن فبنوا الطبيعة نفصهم لايتكر وقبل الشروع اقدم مقدمات تحتاج إليها.

الاولى إعلم أن من السنة ما هو متواتر: وهو ما بلغ رواته إلى حيث يحصل العلم بخبرهم، كخبر الغدير، وشجاعة عليعليه‌السلام . وآحاد: وهو بخلافه. ومنها المشهور: وهو ما زادت رواته عن ثلاثة ويسمى المستفيض، وقد يطلق على ما اشتهر العمل به بين العلماء. ويقابله الشاذ والنادر، وقد يطلق على مروي الثقة إذا خالف المشهور.

والصحيح: ما اتصلت رواته إلى المعصوم بعدل امامي، وهوالمتصل، والمعنعن و إن كانا أعم منه، وقد يطلق الصحيح على سليم الطريق وإن إعتراه قطع أو إرسال. والحسن: وهو ما رواه الممدوح من غير نص على عدالته.

والموثق: ما رواه من نص على توثيقه مع فساد عقيدته ويسمى القوي، وقد يراد بالقوي مروي الامامى غير الممدوح ولا المذموم، ويقابله، الضعيف، وربما قابل الضعيف الصحيح والحسن والموثق.

والمرسل: ما رواه عن المعصوم من لم يدركه، بغير واسطة، أو بواسطة أنساها أو تركها.

ويسمى منقطعا ومقطوعا باسقاط واحد، ومفصلا باسقاط أكثر، وربما خصوا المنقطع، بما لايصل سنده إلى المعصوم، كقول الراوي: سألته عن كذا ولم يبين المسئول، والمرسل، باسقاط بعض الرواة، كقول الراوي: أخبرني فلان عمن حدثه،

٦٧

أو عن بعض أصحابه.

والمتواتر: قطعي القبول لوجوب العمل بالعلم.

والواحد: مقبول بشروطه المشهورة، أو اعتضد بقطعي كفحوى الكتاب، أو دليل العقل، وأنكره كثيره كالسيد، وابن إدريس.

والمرسل: مقبول إذا كان مرسله معلوم التحرز عن الرواية عن مجروح، كمحمدبن أبي عمير، وصفوان بن يحيى، وأحمد بن أبي نصر، لانهم لا يرسلون إلا عن ثقة.

المقدمة الثانية إعلم إن كل حكم مستفاد من لفظ عام، أو مطلق، أو من استصحاب يسمى بالاشبه لان ما كان سبب الترجيح فيه التمسك بالظاهر.

والاخذ بما يطابق ظاهر المنقول يكون أشبه باصولنا.

فكل موضع نقول فيه على الاشبه: يريد به هذا المعنى، والانسب مثله.

والمراد بالاظهر في فتاوي الاصحاب، والاشهر من الروايات المختلفة، والاصح: مالا إحتمال فيه عند المصنف.

والتردد: ما احتمل الامرين، والاولى، هو ترجيح أحد قولين متكافئين في النقل لوجه ما.

والاحوط: ما يتفصى به من الخلاف وهما على الندب(١) وإذا قال: (على قول) أراد: أنه وجد قولا لبعض الفقهاء، ولم يجد عليه دليلا.

____________________

(١) في نسخة (ج - د) واذا قال على قول مشهور فالمراد به عنده ما وجد مشهورا بين الفقهاء ولم نجد عليه دليلا.

٦٨

والتخريج: تعدية الحكم من منطوق به إلى مسكوت عنه، إما لكون المسكوت عنه أولى بالحكم، وهو التنبيه بالادنى - على الاعلى، كتحريم الضرب المستفاد من تحريم التأفيف، أو للنص على علية الحكم، ويسمى إتحاد طريق المسألتين، كقولهعليه‌السلام وقد سئل عن بيع الرطب بالتمر: (أينقص إذا جف؟ قالوا: نعم، قال: إذن لا يصلح)(١) سرى إلى تحريم بيع الزبيب بالعنب.

المقدمة الثالثة في بيان الاشارة إلى المشايخ المشار إليهم في هذا الكتاب فالشيخ إشارة إلى أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي(٢) .

والمراد بالشيخين: هو مع شيخه أبي عبدالله المفيد، محمد بن محمد بن النعمان البغدادي(٣) .

وبالثلاثة: هما مع سيد المرتضى علم الهدى(٤) .

وبالاربعة: هم مع أبي جعفر محمدبن علي بن الحسين بن بابويه القمي(٥) .

وبالخمسة: وهم مع أبيه علي بن بابويه(٦) .

وبالصدوق: محمدبن بابويه.

____________________

(١) مستدرك وسائل الشيعة: ج ٢، ص ٤٨٠، باب ١٣ " عدم جواز بيع التمر بالرطب " مع اختلاف يسير في العبارة.

(٢) المتولد في شهر رمضان سنة ٣٨٥ هج‍، والمتوفى في ٢٢ محرم سنة ٤٦٠ هج‍.

(٤) المتولد في ٣٥٥ هج‍. والمتوفى في ٣ رمضان سنة ٤١٣ هج‍.

(٥) المتو في سنة ٣٨١ هج‍.

(٦) المتوفى سنة ٣٢٩ هج‍.

٦٩

وبالفقيه: أبوه.

وقد اعبر عنهما بالصدوقين والفقيهين وإبني بابويه.

وإذا قيل: ابن بابويه مطلقا، فالمراد به الصدوق، وكذا إذا قيل: قال ابن بابويه في كتابه: فالمراد بالكتاب، كتاب من لايحضره الفقيه، وقد ذكر في خطته انه لا يورد فيه من الاخبار الا ما يعتمد عليه(١) .

وأريد بالحسن: إبن أبي عقيل العماني(٢) .

وبأبي علي: أحمد بن الجنيد الاسكافي(٣) ، وقد اعبر عنهما بالقديمين.

وبالقاضي عبدالعزيز بن البراج، تولى قضاء طرابلس عشرين سنة(٤) .

وبالتقي: تقي بن نجم الحلبي، المكنى بأبي الصلاح(٥) .

واشير بقولنا: المفيد وتلميذه، إلى أبي يعلى سلاربن عبدالعزيز(٦) .

كما ان القاضي، تلميذ الشيخ.

وبالعلامة: إلى البحر الزاخر، واحد الآفاق ونادرة الزمان على الاطلاق، مستخرج الدقايق ومفيد الخلائق أبي منصور الحسن بن مطهر(٧) .

____________________

(١) قال قدس‌ سره ما هذا لفظه: " ولم أقصد فيه قصد المصنفين في إيراد جميع ما رووه، بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحته وأعتقد فيه انه حجة فيما وبين ربي تقدس ذكره وتعالت قدرته " إلى آخر.

(٢) من مشانخ جعفربن محمد بن قولويه، والعماني بضم العين وتخفيف الميم: نسبة إلى عمان كغراب، كورة غربية على ساحل بحر اليمن (الكنى: ج ١، ص ١٩١. ).

(٣) هكذا في النسخة التي عندي و الظاهرانه محمد بن احمد بن الجنيد الاسكافي، المتوفي في سنة ٣٨١ هج‍ كما في الفهارس وكتب الرجال.

(٤) المتوفى ٩ شعبان في سنة ٤٨١ هج‍ ، كما في الكافي الكنى: ج ١، ص ٢١٤.

(٥) كان معاصرا للشيخ الطوسي ومن تلامذته.

(٦) كان من تلامذه الشيخ المفيد والسيد المرتضى وتوفى في شهر رمضان سنة ٤٦٣ هج‍.

(٧) المتولد في ٢٩ من شهر رمضان سنة ٦٤٨ هج‍ والمتوفى في ليلة السبت ١١ محرم سنة ٦ ٧٢ هج‍.

٧٠

وبفخر المحققين: الامام المتبحر والفاضل المحرر ولده أبوطالب محمد بن الحسن(١) .

وبالشهيد: أبي عبدالله محمد بن مكي(٢) قدس الله أرواحهم أجمعين وحشرنا و أياهم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.

وإذا قلنا: قال الشيخ في كتابي الاخبار: فالمراد بهما التهذيب والاستبصار، والمراد بكتابيه مطلقا، أو كتابي الفروع، أو كتابي الخلاف: المبسوط والخلاف.

و بكتابي القاضي: المهذب والكامل.

المقدمة الرابعة إعلم: إني إلتزمت في هذا الكتاب، بالاشارة، إلى تبيين الخلاف الواقع في كل مسألة أشار المصنف إلى الخلاف فيها، واجتهدت في تحصيل المخالف وإبانته وإن كان نادرا أو متروكا بحسب جهدى.

وربما كان النظر أو التردد في المسألة من المصنف خاصة لدليل انقدح في خاطره، فاشير إلى ذلك وابينه في موضعه بعد إستقرائي أقوال الاصحاب وفتاويهم ورواياتهم بحسب الامكان. واورد في كل مسألة ما قال فيها الاصحاب من الاقوال المتعددة، وإن كان بعضها متروكا. فقد يقول المصنف في المسألة: وفيها قولان: فأذكر فيها أكثر من ذلك. وإن ناسبها مسألة خلافية أردفتها بها، وان لم يشر المصنف إليها بالخلاف، بل وإن لم يذكرها في الكتاب غالبا. وإن كان المقام مما يليق به التفريع، أوردت عليه ما أمكن من التفريعات ووجوهها، وأوردت لكل فريق حجته من عموم إطلاق مسلم، أو

____________________

(١) ولد ليلة ٢٠ جمادى الاولى سنة ٦٨٢ هجو توفي ليلة ٢٥ جمادى الثانية ٧٧١ هج‍.

(٢) ولد في سنة ٧٣٤ هج‍ واستشهد في يوم الخميس التاسع من جمادى الاولى سنة ٧٨٦ هج‍.

٧١

تمسك بأصل، أو خصوص كتاب أو سنة، وما يرد عليه، وربما ذكرت جواب الايراد.

ولم أتقيد بالمسائل التي أشار فيها إلى الخلاف، بل إذا كانت المسألة غامضة وان لم تكن خلافية، أولم يشر إليها بالخلاف، وهي مشكلة، أو كانت قابلة للشعب المحتملة ذكرتها بما يظهر شعاعها، ويكشف قناعها، مستقريا لشعبها بحسب الامكان، بعبارات تسابق معانيها الاذهان، وتعجب إستماعها الاذان وأودعته من التفريعات، والغرائب والنكات، ما خلت عنه أكثر المطولات ولم يوجد في المختصرات سالكا طريق الايجاز والاختصار، متنكبا(١) . عن الاطالة والاكثار. وسميته ب‍ (المهذب البارع) في شرح مختصر الشرايع.

وان شئت فسمه (جامع الدقايق وكاشف الحقايق) لانه لا يمر ب‍ مسألة مشكلة، إلا جلاها غاية الجلاء، ولا لمعضلة إلا وشفى من بحثها غاية الشفاء، ورتبت في أول كل كتاب، مقدمة أو مقدمات، أذكرفيها تعريفه وسند مشروعيته من الكتاب والسنة والاجماع وما يليق به من التمهيد.

فكان كالدستور يرجع إليه في المشكلات، ويعتمد عليه في المعضلات، ويتفكه منه بالتفريعات [بالتعريفات] والله أسأل ان يقبله بكرمه وفضله، وينفع به الطالبين بمنه وطوله، إنه على كل شئ قدير وبالاجابة جدير، وهو حسبي ونعم الوكيل.

____________________

(١) متبكا: اى متجنبا.

٧٢

كتاب الطهارة وأركانه أربعة الركن الاول : في المياه

والنظر في المطلق، والمضاف، والاسآر أما المطلق: فهو في الاصل طاهر ومطهر، يرفع الحدث ويزيل الخبث، وكله ينجس باستيلاء النجاسة على أحد أوصافه، ولا ينجس الجاري منه بالملاقاة، ولا الكثير من الراكد،

(مقدمة)

الطهارة لغة: النظافة والنزاهة عن الادناس، قال الله تعالى: (إنهم أناس يتطهرون)(١) أي: يتنزهون، وشرعا إسم لما يستباح به الدخول في الصلاة، وهذا تعريف الشيخ في النهاية(٢) ورده ابن إدريس: لانتقاضه طردا بإزالة النجاسة لاستجابة الصلاة به، وليس بطهارة، وعكسا بوضوء الحائض، فانه طهارة وليس بمبيح(٣) .

____________________

(١) سورة الاعراف: ٨٢. وسورة النمل: ٥٦.

(٢) النهاية: ص ١، كتاب الطهارة، باب ماهية الطهارة وكيفية ترتيبها.

(٣) السرائر: ص، كتاب الطهارة، فقال ما لفطه ". يعضهم يحدها بانها في الشريعة اسم لما يستاج به الدخول في الصلاة وهذا ينفض بازالة النجاسة عن صوب المصلى ويدنه " الخ.

٧٣

واجيب عن الاول: بانه إزالة مانع.

وعن الثاني: بالمنع من كونه طهارة، لما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: قلت: الحائض تتطهر وم الجمعة وتذكر الله تعالى؟ قال أما الطهر فلا، ولكن تتوضأ وقت كل صلاة، ثم تستقبل القبلة وتذكر الله تعالى(١) فنفى اسم الطهارة. احتج بأنه وضوء، وكل وضوء طهارة.

ورد بانه مجاز من حيث المشابهة في الصوم كما يقال للفرس المنقوش على الجدار: هذا فرس.

ورسمها المصنف في المعتبر بانها اسم لما يرفع حكم الحدث، ليخرج منه وضوء الحائض، ويدخل فيه وضوء دائم الحدث، ثم اورد عليه النقض بالمجدد، و بمن إجتمع عليه غسل ووضوء، لصدق الطهارة على كل واحد منهما، ولا يرفع حكم الحدث بانفراده، ثم قال: فالاقرب أو يقال: هو اسم للوضوء أو الغسل أوالتيمم على وجه له تأثير في استباحة الصلاة(٢) وهو رسمه في الشرايع(٣) .

فقوله: (اسم) لينبه على أن التعريف لفظي. وجعلها متعلقة بالثلاثة، ليخرج

____________________

(١) الوسائل: ج ٢، ص ٥٨٨، ح ٤، كتاب الطهارة باب(٤٠) من ابواب الحيض، مع اختلاف يسير في العبارة.

(٢) المعتبر: كتاب الطهارة، ص ٧. قال ما لفظه: " وفي الشرع اسم لما يرفع حكم الحدث، وخطر لبعضهم النقض بوضوء الحائض لجلوسها في مصلاها، وهو غلط، فانا تمنع تسمية ذلك الوضوء طهارة، و نطالبه بدليل تسميتة. على انه قدروي ما يدل على انه لا يسمى طهارة، ثم أورد رواية محمد بن مسلم المذكورة في المتن، إلى ان قال: نعم يرده النقض بالوضوء المجدد من غير حدث وبمن اجتمع عليه غسل ووضوء كالمستاضة إذا سال دمها، فان كل واحد منهما يسمى طهارة ولا يرفع حكم الحدث بانفراده. فالا قرب ان يقال: هى اسم للوضوء والغسل والتيمم على وجه له تأثير في استباجة الصلاة.

(٣) قال في شرايع الاسلام: الطهارة اسم للوضوء أو الغسل أوالتيمم على وجه له تأثير في استباحة الصلاة. ج ١، ص ١١.

٧٤

إزالة النجاسة.

وقوله: له (تأثير) ليخرج وضوء الحائض، ويدخل طهارة دائم الحدث.

وفيه نظر: لانه يخرج منه وضوء المجدد، إذ التأثير للسابق، لاله، فلهذا قيده العلامة في القواعد بماله صلاحية التأثير(١) لانه قد يصلح أن يكون مؤثرا، فيمن تيقن خللا في إحدى طهارتيه على مذهب الشيخ.

وهي: واجبة بالكتاب والسنة والاجماع، أما الكتاب: فقوله تعالى: (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن ليطهركم)(٢) (وإن كنتم جنبا فاطهروا)(٣) (والله يحب المطهرين)(٤) (وثيابك فطهر)(٥) (وينزل عليكم من السماء ماء ليطهر كم به)(٦) .

واما السنة: فقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : (مفتاحها الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم)(٧) .

____________________ ______________

(١) قال في القواعد في الفصل الاول من كتاب الطهارة ص ٢: الطهارة غسل بالماء أومسح بالتراب متعلق بالبدن على وجه له صلاحية التأثير في العبادة.

(٢) سورة المائدة: ٦.

(٣) سورة المائدة: ٦.

(٤) سورة التوبة: ١٠٨.

(٥) سورة المدثر: ٤.

(٦) سورة الانفال: ١١.

(٧) عوالى اللئالى: ج ٣، ص ٨، ومسند احمد بن حنبل: ج ١، ص ١٢٣، وسنن ابن ماجة: ج ١، كتاب الطهارة باب ٣ مفتاح الصلاة الطهور، ص ١٠١، حديث ٣، ولفظ الحديث في جميع هذه المصادر هكذا: " مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم " ويؤيده ما ورد في الفقيه: ج ١، ص ٣٣، باب ٥، افتتاح الصلاة وتحريمها وتحليلها، حديث، ولفظ الحديث " قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : افتتاح الصلاة

٧٥

وقولهعليه‌السلام : (لا صلاة إلا بطهور)(١) إلى غير ذلك من الاخبار الدالة على وجوب الطهارة بعينها، يطول بإيرادها الكتاب. واما الاجماع: فمن سائر المسلمين على وجوب الطهارة من الحدث والخبث، وان اختلفوا في آحاد مسائلها. وعقد الطهارة: على أربعة أركان. وركن الشئ: جانبه الاقوى الذى لا يتقوم بدونه.

الاول: في المياه،

الثاني: في الطهارة المائية،

الثالث: في التيمم،

الرابع: في إزالة النجاسات.

ووجه الحصر أن نقول: البحث إما عن الطهارة أو عن تابعها، فان كان الثاني، فهو الرابع.

وان كان الاول، فلا يخلو إما ان يكون البحث عن حقيقة الطهارة أو عما تحصل به، فان كان الثاني فهو الاول.

وان كان الاول فلا يخلو إما أن تكون الطهارة اختيارية أو اضطرارية، فان كان الاول، فهوالثاني في الطهارة المائية، وان كان الثاني فهو الركن الثالث في التيمم.

ووجه تقديم الاول: انه كالمادة للطهارة، وهي متقدمة على الصورة، وقدم الثاني على الثالث، لانها طهارة إختيارية، والثالث إضطرارية، والاصل هو حالة الاختيار، والاضطرار عارض، ولان الثالث بدل عن الثاني لا يصار إليه إلا عند تعذره، ولكونه أشرف.

وقدم الثالث على الرابع، لكونه طهارة شرعية مبيحة للعبادة، والرابع تابع، ورتبته التأخر عن متبوعه، ولانه طهارة لغوية. وانما لزم الفقيه البحث عنه، لان

____________________

الوضوء " الخ، وقريب منه لفظا ما في المستدرك للحاكم: ج ١، ص ١٣٢.

(١) الفقيه: ج ١، ص ٣٣، باب وقت وجوب الطهور، حديث ١، وعوالى اللئالى: ج ٢، ص ١٨٢، ح ٥٤، عن الباقرعليه‌السلام ويؤيده ما رواه في كنوز الحقايق للمناوى على هامش الجامع الصغير: ج ٢، ص ١٦٧، ولفظه: (لا صلاة لمن لا طهور له).

٧٦

وينجس القليل من الراكد بالملاقاة على الاصح. وحكم ماء الحمام حكمه إذا كان له مادة.

وكذاماء الغيث حال نزوله. النجاسة مانعة من الصلاة، ولما بحث عن الطهارة الشرعية التي هي شرط الصلاة، لزمه أن يبحث عن المانع منها ليتمكن العبد من الخروج عن عهدة التكليف، ولهذا سموه تابعا، فلزوم البحث عنه في كتاب الطهارة بحسب الاستطراد وبالقصد الثاني. قال طاب ثراه: وينجس القليل من الراكد بالملاقاة على الاصح. أقول: أجمع أصحابنا على تنجيس الماء القليل بوقوع النجاسة فيه. وندرالحسن بن أبي عقيل حيث ذهب إلى طهارته. احتج الاولون: بما رواه الشيخ في الصحيح، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسىعليه‌السلام قال: سألته عن الدجاجة والحمامة وأشباههن تطأ العذرة، ثم تدخل في الماء، أيتوضأ منه للصلاة؟ قال: لا، إلا أن يكون الماء كثيرا قدر كر من ماء(١) .

وما رواه الفضل أبوالعباس قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن فضل الهرة، إلى قوله: فلم أترك شيئا إلا سألته عنه؟ فقال: لا بأس به، حتى انتهيت إلى الكلب؟ فقال: رجس نجس لا تتوضأ بفضله وأصبب ذلك الماء واغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء(٢) .

ولان القليل مظنة الانفعال بالنجاسة غالبا، وربما لم يظهر للحس، فوجب اجتنابه، والحوالة في عدم الانفعال على ضابط ظاهر، وهو الكر.

احتج الحسن: بما روي متواترا من قولهمعليهم‌السلام : الماء طهور لا ينجسه شئ إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه(٣) .

____________________

(١) الوسائل: ج ١، ص ١١٥، كتاب الطهارة، باب ٨، من ابواب الماء المطلق، حديث ١٣، وفيه " أشباههما، يتوضأ".

(٢) الوسائل: ج ١، ص ١٦٣، كتاب الطهارة باب ١، من ابواب الاسئار، حديث ٤.

(٣) الوسائل: ج ١، ص ١٠١، كتاب الطهارة، باب، من أبواب الماء المطلق، حديث ٩، وفيه "خلق الله الماء طهورا" ورواه بن ادريس في السرائر، ص ٨، ونقل انه متفق على روايته.

٧٧

وفي تقدير الكثرة روايات، أشهرها ألف ومأتا رطل، وفسره الشيخان بالعراقي. ولان القول بنجاسة الماء بمخالطة النجاسة، ليس أولى من العكس. والجواب عن الاحاديث: بانها مطلقة، فيحمل على المقيد، ليحصل الجمع. وعن الثاني بوجود الاولوية، وهو الاحاديث الدالة على تنجيس القليل بالملاقاة.

قال طاب ثراه: وفي تقدير الكثرة روايات أشهرها ألف ومأتا رطل. وفسره الشيخان بالعراقي.

أقول: البحث هنا يقع في مقامين:

المقام الاول: في تقدير الكثير، وهو المسمى بالكر

وللاصحاب في معرفته طريقان.

الطريق الاول: الوزن، وفي كيفيته ثلاثة أوجه: (الف) أنه ستمائه رطل، وهو في صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: الكر ستماء‌ة رطل(١) . قال الشيخ في التهذيب: ولم يعمل بهذه أحد من الاصحاب، ولا يبعد أن يكون المراد به رطل مكة، لانه رطلان عراقية(٢) .

____________________

(١) التهذيب: ج ١، ص ٤١٤، باب ٢١، المياه وأحكامها، حديث ٢٧، ولفظ الحديث عن محمد بن مسلم عن ابي عبداللهعليه‌السلام " قال: اذا كان قدر كر لم ينجسه شئ، والكر ستماء‌ة رطل ".

(٢) قال الشيخ في التهذيب في ذيل حديث محمد بن أبي عمير، ج ١ باب ٣، باب أداب الاحداث الموجبة للطهارة، ص ٤٣، ح ٥٨ ولفظ الحديث " محمد بن أبي عمير، قال: روي لي عن عبدالله يعني ابن المغيره يرقعه إلى أبي عبداللهعليه‌السلام . ان الكرستماء رطل مالفظه: فاول ما فيه انه مرسل غير مسند، ومع ذلك مضاد للاحديث التي رويناها، ومع نهذ لم يعمل عليه أحد من فقهائنا ويحنمل ان يكون الذي سأل عن الكر، كان البلد الذي عادة أرطالهم ما يوازن رطلين بالبغدادي، فافتاه على ما علم من عادته، ويكون مشتملا على القدر الذي قدمناه في الكر.

٧٨

(ب) رواية عبدالله بن المغيرة، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: الكرمن الماء نحو حبى هذا(١) . قال في التهذيب: وهي مرسلة، ويحتمل كونه الحب يسع الكرية(٢) .

(ج) رواية محمد بن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: الكر من الماء ألف ومائتا رطل(٣) . وعليها عمل الاصحاب، ولا يضعفها الارسال، لعملهم بمراسيل ابن أبي عمير. الطريق الثاني: المساحة. وفيه ثلاثة أوجه:

(الف) رواية إسماعيل بن جابر عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قلت: وما الكر؟ قال: ثلاثة أشبار في ثلاثة أشبار(٤) . ذكرها الصدوق في كتابه(٥) ، وقواه العلامة في المختلف(٦) .

(ب) روايته أيضا عنهعليه‌السلام (قلت: الماء الذي لا ينجسه شئ؟ قال:

____________________

(١) التهذيب: ج ١، ص ٤٢، باب ٣، باب آداب الاحداث الموجبة للطهارة، حديث ٥٧.

(٢) قال الشيخ في التهذيب بعد نقل الحديث: فلا يمتنع ان يكون الحب يسع من الماء مصدار كر، وليس هذا ببعيد.

(٣) الكافي: ج ٣، كتاب الطهارة، باب الماء الذي الاينجسه شئ، ح ٧.

(٥) لم نعثر على رواية بهذا المضمون في الفقيه والمجالس والمقنع والهداية. نعم رواه في المختلف عنه كما سيأتي.

(٦) قال في المختلف: ص ٤، ص ٣، مالفظه: " واحتج ابن بابويه بما رواه في الصحيح عن عبدالله بن سنان عن اسماعيل بن جابر (قال: سألت أباعبداللهعليه‌السلام عن الماء الذي لاينجسه شئ؟ قال: كر، قلت: وماالكر؟ قال: ثلاثة أشبار في ثلاثة أشبار) ثم قال: وهذه الرواية لابأس بها، إلى أن قال: والاقوى قول ابن بابويه ".

٧٩

ذراعان عمقه في ذراع وشبر سعته)(١) .

(ج) رواية أبي بصير عن أبي عبداللهعليه‌السلام (قال: إذا كان الماء ثلاثة أشبار ونصفا في مثله ثلاثة أشبار ونصفا في عمقه في الارض، فذلك الكر)(٢) وهو اختيار الشيخ، والمرتضى، والقاضي، وابن إدريس، واختاره المصنف والعلامة في أكثر كتبه(٣) .

تنبيه

ضرب الحساب هنا مراد على الاظهر، فيكون المجتمع تكسيرا على رأي الصدوق، سبعة وعشرين شبرا. وعلى رأي الشيخ اثنين وأربعين شبرا وسبعة أثمان شبر. وقال قطب الدين الراوندي: بل ما كان عشرة أشبار ونصفا طولا أو عرضا أو عمقا. وقال أبوعلي: مائة شبر، وما أبعد ما بينهما.

توضيح

وكيفية الضرب، أن تأخذ الطول وهو ثلاثة أشبار ونصف، فتضربها في ثلاثة من العمق، تبلغ عشرة ونصفا، ثم تضرب النصف المختلف من العمق في ثلاثة ونصف،

____________________

(١) التهذيب: ج ١، ص ٤١، كتاب الطهارة، باب آداب الاحداث الموجبة للطهارة، حديث ٥٣.

(٢) التهذيب: ج ١، ص ٤٢، كتاب الطهارة، باب آداب الاحداث المجبة للطهارة، حديث ٥٥.

(٣) قال في المختلف في الفصل الثاني من كتاب الطهارة، ص ٣: " مسألة اختلف علمائنا في حد الكر، فالشيخ قده بأمرين، أحد هما الف ومائتا رطل، والثاني ثلاثة أشبار ونصف طولا في عرض وعمق، وهو اختيار بن البراج، وابن ادريس، وصاحب الوسلة، واليأن قال: " وقال البن الجنيد: حده قلتان، ومبلغه وزنا لف و ماوتا رطل، وتكسيره بالذراع نحو مائة شبر، إلى ان قال: وقال القطب الراوندي يكون الكر عشرة الشبار ونصفا طولا وعرضا وعمقا، ثم قال: وما أشد تنافي ما بين كلامه ابن الجنيد ".

٨٠