المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٢

المهذب البارع في شرح المختصر النافع13%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 579

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 579 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 117342 / تحميل: 7179
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

يؤكّد كون الرواية لم تنقل كاملة ـ بل سقطت منها الكلمة التي هي على خلاف أهداف وأهواء القوم ـ ما أخرجه القندوزي الحنفي عن جابر بن سمرة قال : ( كنت مع أبي عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسمعته يقول: ( بعدي أثنا عشر خليفة ) ثم أخفى صوته ، فقلت لأبي ما الذي أخفى صوته ؟ قال : قال : ( كلهم من بني هاشم ) ، وعن سماك بن حرب مثله )(١) ، ومن ذلك يتضح أنّ كلمة ( كلّهم من بني هاشم ) كانت موجودة في الحديث ، ولعلّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ( كلّهم من قريش من بني هاشم ) ، وهذا ما استشعره بعض علماء السنّة كابن الجوزي ، حيث قال في ( كشف المشكل ) : ( قد أطلت البحث عن معني هذا الحديث ، وتطلّبت مظانه ، سألت عنه ، فلم أقع على المقصود به ؛ لأنّ ألفاظه مختلفه ، ولا أشك أنّ التخليط فيها من الرواة )(٢) ، ويدعم هذا القول ما ذهب إليه ابن العربي ، بعد عجزه عن تفسير حديث الاثني عشر ، تفسيراً واقعياً ، قال : ( ولعلّه بعض حديث )(٣) ، ممّا يؤكّد سقوط كلمة ( كلّهم من بني هاشم ) من الحديث .

٧ – الاثنا عشر خليفة أمان لأهل الأرض ، إذا ذهبوا ماجت الأرض بأهلها ، وإذا مضوا لا يبقى الدين قائماً ، ويفقد المسلمون منعتهم وصلاحهم ، وهذه المعاني التي جاءت في حديث الاثني عشر تلتقي وتلائم تمام الملائمة مع الروايات التي نقلها الفريقان بحق أهل البيت عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كقوله :( أهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي ذهب

ـــــــــــــ

(١) ينابيع المودّة ، القندوزي : ج ٢ ص ٣١٥ ح ٩٠٨ .

(٢) نقلاً عن فتح الباري : ج ١٣ ص ١٨٣ .

(٣) شرح صحيح الترمذي : ج ٩ ص ٦٨ .

١٢١

أهل الأرض ) (١) .

٨ ـ قد افترضت نصوص الاثني عشر أنّ أولئك الخلفاء ( كلّهم يعمل بالهدى ودين الحق ) ، كما فهم هذا المعنى أيضاً ابن كثير في تفسيره عندما قال : ( ومعنى هذا الحديث البشارة بوجود اثني عشر خليفة صالحاً يقيم الحق ، ويعدل فيهم )(٢) ، ولا يجد المتتبّع تفسيراً واحداً من التفاسير لهذا الحديث ، يجمع فيه اثني عشر خليفة كلّهم يعمل بالهدى ودين الحق ، خصوصاً مع ما ذكرناه من وجوب كون أولئك الخلفاء سلسلة متكاملة ، ومتناسقة ومتوالية زماناً ، وهذا ما يثبت لنا عدم مصداقية أي تطبيق واقعي للحديث ، سوى أهل البيتعليهم‌السلام ، الذين جعلهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هداة مهديين من بعده ، وأمر بالتمسّك بهديهم ، وجعلهم عِدلاً للقرآن الكريم لا يفترقان حتى يردا عليه الحوض .

٩ ـ من الخصائص المهمّة التي تضمّنتها أحاديث الاثني عشر قيموميّة أولئك الخلفاء على الدين والأمة ( اثنا عشر قيماً ) ، ولا شك أنّ القيموميّة تستدعي الرقابة والوصاية على الدين ، وعلى الأمّة الإسلامية ، وهذا المعنى لم يُدّع لأحد ، ولا ادّعاه غير أهل البيتعليهم‌السلام ، وهذا هو مقتضى كونهم عِدلاً للقرآن الكريم ، وأيضاً مقتضى قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( في كل خلوف من أُمّتي عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ، ألا وإنّ أئمّتكم وفدكم إلى الله عزّ وجلّ ، فانظروا مَن

ـــــــــــــ

(١) شواهد التنزيل ، الحاكم الحسكاني : ج ١ ص ٤٢٦ ؛ ذخائر العقبى ، الطبري : ص ١٧ ؛ انظر : المستدرك : الحاكم : ج ٢ ص ٤٤٨ ؛ قال فيه : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ؛ تاريخ مدينة دمشق : ج ٤٠ ص ٢٠ ؛ النزاع والتخاصم : المقريزي : ص ١٣٢ ؛ وغيرها .

(٢) تفسير ابن كثير : ج ٢ ص ٣٤ .

١٢٢

توفدون ) (١) .

١٠ ـ إنّ الصخب ، واللغط ، والضجّة المفتعلة ، وقيام القوم وقعودهم ، وتصميتهم لجابر والحاضرين يثير الانتباه ، ويستدعي الريب ، ويكشف أنّ في الأمر شيئاً ، لا يريد القوم وصوله إلى مسامع الحاضرين ، ولم تكن هذه الحادثة فريدة نوعها ، بل فعل ذلك القوم أيضاً عندما ضجّوا ، وتنازعوا عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حينما قال :( ائتوني بدواة وكتف أكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعدي أبداً ) ، فوقعت حينها الضجّة المفتعلة ، حتى قال بعضهم : إنّ النبي ليهجر ، وليس ذلك إلاّ للحرص على الخلافة ، وطمعاً بالملك والسلطان والإمارة وهو الذي قد أخبر عنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند مخاطبته لأصحابه بقوله :( إنّكم ستحرصون على الإمارة ، وستكون ندامة يوم القيامة فنعم المرضعة وبئست الفاطمة ) (٢) .

١١ ـ حديث ابن مسعود المتقدّم ، يكشف عن أنّ الصحابة هم الذين سألوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الخلفاء من بعده ، وهذا يلفت النظر إلى نقطتين :

الأُولى : أنّه ليس من المنطقي أن يسأل الصحابة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الأُمراء الذين يتسلّطون على رقاب الناس بالقهر والغلبة ، وهو ذلك الرسول العظيم الذي ختم الرسالات فلا نبي بعده .

إذن لابد أن يكون السؤال عن الخلفاء الذين نصّبهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بعده ، وهم أهل بيتهعليهم‌السلام بنص حديث الغدير وحديث الثقلين وغيرهما ، وهذا ديدن وطريقة اعتادها الصحابة آنذلك ، فقد سألوا أبا بكر وعمر عن الذي يلي الأمر من بعدهما .

ـــــــــــــ

(١) الصواعق المحرقة : ٢٣١ .

(٢) صحيح البخاري : ج ٤ ص ٣٥٥ ح ٧١٤٨ ؛ صحيح ابن حبان : ج ١٠ ص ٣٣٤ ؛ وغيرهما من المصادر الكثيرة .

١٢٣

الثانية : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أراد من الإمرة والخلافة من يكون مؤهّلاً ومستحقّاً لها ، فلا معنى لحمل الحديث على أمثال معاوية ويزيد ومروان والوليد وأمثالهم ، الذين عاثوا في الأرض فساداً ، ولعبوا بمقدّرات الأمة الإسلامية بما شاءوا ورغبوا ، فالمراد من الخليفة هو مَن يستمد سلطته من الشارع الأقدس ، ومن أجل ذلك ذكر شارح سنن أبي داود في شرحه ( عون المعبود ) أنّ : ( السبيل في هذا الحديث ، وما يتعقّبه في هذا المعنى أن يحمل على المقسطين منهم ، فإنّهم هم المستحقون لاسم الخليفة على الحقيقة )(١) .

١٢ ـ بعد أن صدع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجة الوداع بذكر الخلفاء من بعده ، وأنّهم اثنا عشر خليفة ، كلّهم من قريش ومن بني هاشم ، وكلّهم يعمل بالهدى ودين الحق ، لم يكتف بذلك ـ ولعلّه لما حصل من الضجّة واللغط المفتعل ـ بل قام خطيباً ، بعد رجوعه من حجّة الوداع في طريقه إلى المدينة في غدير خم ، ونصّب عليّاً خليفة من بعده ، فعيّن أوّل خليفة من الخلفاء الاثني عشر ، وبادر بعد ذلك قائلاً : ( إنّي تارك فيكم الخليفتين من بعدي ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ) (٢) ، حينها عرف الناس مَن هم الخلفاء بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأتمّ بذلك الحجّة على الخلق ، لكي يسدّ بذلك منافذ الريب والتشكيك ، ولئلاّ يقول أحد : إنّي لم أسمع ، أو خفي علي ، أو صمّنيها ، أو صمّتنيها الناس !! .

ـــــــــــــ

(١) عون المعبود : ج ١١ ص ٢٤٥ .

(٢) المصنف ، أبي شيبة الكوفي : ج ٦ ص ٣٠٩ ، كتاب السنّة ، عمرو بن أبي عاصم: ص ٣٣٧ ح ٧٥٤ ص ٦٢٩ ح ١٥٤٩ ؛ مسند أحمد : ج ٥ ص ١٨٢ ؛ المعجم الكبير: ج ٥ ص ١٥٣ ح ٤٩٢١ ص ١٥٤ ح ٤٩٢٢ ؛ مجمع الزوائد : ج ١ ص ١٧٠ قال الهيثمي : ( رواه الطبراني ورجاله ثقات ) ، وكذا في ج ٩ ص ١٦٢ ، وقال في ص ١٦٣ : ( رواه أحمد وإسناده جيّد ) ؛ الجامع الصغير ، السيوطي : ج ١ ص ٤٠٢ ح ٢٦٣١ ؛ الدر المنثور : ج ٢ ص ٢٨٥ .

١٢٤

١٣ ـ ما ورد من الأحاديث المتضافرة التي نصّت على إمامة أهل البيتعليهم‌السلام ، والتي تناولت الأئمّة الاثني عشر بذكر أسمائهم على نحو التفصيل ، وهي كثيرة جدّاً نكتفي بذكر بعضها :

١ ـ ما جاء في فرائد السمطين للحمويني المصري(١) : ( عن مجاهد عن ابن عباس قال : قدم يهودي على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقال له : نعثل ، فقال : يا محمد إنّي أسألك عن أشياء ـ إلى أن قال ـ : فأخبرني عن وصيّك مَن هو ؟ ، فما من نبي إلاّ وله وصي ، وإنّ نبيّنا موسى بن عمران أوصى إلى يوشع بن نون ، فقال :نعم ، إنّ وصيي والخليفة من بعدي علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، وبعده سبطاي : الحسن ثم الحسين ، يتلوه تسعة من صلب الحسين أئمّة أبرار ، قال : يا محمد فسمّهم لي ؟

قال :نعم ، إذا مضى الحسين فابنه علي ، فإذا مضى علي فابنه محمد ، فإذا مضى محمد فابنه جعفر ، فإذا مضى جعفر فابنه موسى ، فإذا مضى موسى فابنه علي ، فإذا مضى علي فابنه محمد ، ثم ابنه علي ، ثم ابنه الحسن ، ثم الحجّة ابن الحسن ، أئمّة عدد نقباء بني اسرائيل ، فهذه اثنا عشر )(٢) .

٢ ـ ونقل الحمويني أيضاً في فرائده : عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :( أيّها الناس

ـــــــــــــ

(١) أطرى عليه الذهبي ت / ٧٤٨ هـ في تذكرة الحفاظ قال : الإمام المحدث الأوحد الأكمل فخر الإسلام صدر الدين ، إبراهيم بن محمد بن المؤيد بن حمويه الخراساني الجويني شيخ الصوفية كان شديد الاعتناء بالرواية وتحصيل الاجزاء ، حسن القراءة مليح الشكل مهيباً ديّناً صالحاً مات سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة تذكرة الحفّاظ ، الذهبي : ج ٤ ص ١٥٠٦ .

(٢) فرائد السمطين ، الحمويني : ج ٢ ص ١٣٣ ص ١٣٤ ح ٤٣١ ، وبنفس الألفاظ ما جاء في ينابيع المودة للقندوزي ، ج ٣ ص ٢٨٢.

١٢٥

إنّ الله عزّ وجلّ أمرني أن أنصب لكم إمامكم والقائم فيكم بعدي ووصيي وخليفتي ولكن أوصيائي منهم : أوّلهم أخي ، ووزيري ، ووارثي ، وخليفتي في أُمّتي ، وولي كل مؤمن بعدي ، هو أوّلهم ثم ابني الحسن ، ثم ابني الحسين ، ثم التسعة من ولد الحسين واحداً بعد واحد حتى يردوا عليّ الحوض ) (١) ـ وهكذا ينقل الحمويني ذلك في مواطن عديدة ، وروايات عديدة وبطرق مختلفة ؛ فراجع .

٣ ـ الحافظ أبو محمد بن أبي الفوارس في كتابه ( الأربعين )(٢) .

كذلك أخرج ذكر الخلفاء من أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأسمائهم .

٤ ـ العلاّمة أبو مؤيد موفق بن أحمد المتوفّى (سنة ٥٦٨) في كتابه ( مقتل الحسين ) : ذكر الخلفاء أيضاً بأسمائهم المتقدّمة(٣) .

٥ ـ العلاّمة فاضل الدين محمد بن محمد بن إسحاق الحمويني الخراساني في ( منهاج الفاضلين )(٤) .

٦ ـ كذلك الحمويني في ( درر السمطين )(٥) .

٧ ـ العلاّمة الشيخ إبراهيم بن سليمان في كتاب ( المحجّة على ما في

ـــــــــــــ

(١) فرائد السمطين ، الحمويني ، السمط الأول : ج ١ ص ٣١٥ ـ ٣١٨ ح ٢٥٠ .

(٢) شرح إحقاق الحق للسيد المرعشي : ج ١٣ ص ٥٩ ؛ نقلاً عن كتاب الأربعين ، ابن أبي الفوارس : ص ٣٨ .

(٣) مقتل الحسين ، الخوارزمي : ص ١٤٦ ـ ١٤٧ .

(٤) شرح إحقاق الحق للسيد المرعشي : ج ١٣ ص ٦٨ ؛ نقلاً عن كتاب منهاج الفاضلين ، الحمويني : ص ٢٣٩ .

(٥) شرح إحقاق الحق ، السيد المرعشي النجفي : ج ٤ ص ٩٣ ـ ٩٤ ؛ نقلاً عن كتاب درر السمطين ، الحمويني : ص ٧٢٢ .

١٢٦

ينابيع المودّة )(١) ، أيضاً ذكرهم بأسمائهم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٨ ـ العلاّمة المولى محمد صالح الكشفي الحنفي الترمذي ، في كتابه ( المناقب الرضوية )(٢) .

إلى غير ذلك من الروايات المتضافرة التي تؤكّد هذا المعنى .

وعلى ضوء ما سلف ، يتحصّل أنّ العترة الطاهرة يمثّلون امتداداً طبيعياً لحركة الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في جميع أبعاد الحياة ، وقد فرضوا شخصيّتهم رغم أنف الأعداء ، وقد أجمعت الأمة على أعلميّتهم وأهليّتهم للخلافة ، وأنّهم الأسوة الحسنة ، ويعد ذلك من أفضل الأدلة لإثبات أحقيّتهم ، وأهليّتهم للإمامة والقيادة ، وعصمتهم ؛ لأنّهمعليهم‌السلام جسّدوا النظرية الإسلامية على الواقع العملي ، فعندما نرصد حياة الأئمّةعليهم‌السلام ، وكيف كانوا إسلاماً متحركاً على الأرض ، وقرآناً ناطقاً يعيش بين الناس ؛ نستنتج مباشرة أن هذا المستوى الرفيع من الأسوة والقدوة لا يمكن أن تعكسه إلاّ شخصيات معصومة ، استجمعت فيها الصفات التي تؤهّلها لأن تكون منبع الهداية للبشرية ؛ لذا أجمعت الأمة على أنّ هؤلاء العترة لهم من الخصائص والمميزات ما لم تكن لغيرهم ، رغم ما عانوه من ظلم واضطهاد ، فهم الذين تنطبق عليهم خصوصيات الاثني عشر ، التي بيّنها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أحاديث الأثني عشر المتقدمة ، ولكن أصحاب المطامع آلوا على أنفسهم إلاّ أن يُقصوا وينحّوا أهل البيتعليهم‌السلام عن مناصبهم ومراتبهم التي رتّبهم الله فيها ، ولم يكتفوا بذلك بل تمادوا في تعريض أهل البيتعليهم‌السلام لألوان الظلم والاضطهاد ، والمعاملة السيّئة الفظّة الغليظة ، التي يندى لها الجبين ، وتعتصر منها القلوب ألماً ومرارة ، ولم يكن لهم ذنب سوى أنّهم كانوا الامتداد الإلهي لخط الرسالة ، وكانوا أمناءها ، والرقباء عليها ، فهم الثقل الموازي للقرآن الكريم .

ـــــــــــــ

(١) المحجّة على ما في ينابيع المودّة ، الشيخ هاشم بن سليمان : ص ٤٢٧ .

(٢) المناقب المرتضوية ، محمد صالح الترمذي : ص ١٢٧ .

١٢٧

إذن ، ينبغي علينا كمسلمين أن نستنير بنور هؤلاء الهداة الميامين ، ونكون بذلك ممتثلين لأوامر الله تعالى ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وممّا تقدّم اتضحت الإجابة بخصوص ما قد يقال : من أنّ وصف عزّة الإسلام بأولئك الخلفاء الاثني عشر لا ينطبق على أئمّة الشيعة ، حيث الموقع السامي والريادي والمكانة العظيمة التي يمتلكها أهل البيتعليهم‌السلام في نفوس الأمة الإسلامية ، وهو ما أكّده علماء السنّة في أغلب كتبهم ، وبالإضافة إلى ذلك نقول :

إنّ عزة الإسلام وصلاحه وبقائه إلى قيام الساعة ، من المهام ، والوظائف الأساسية ، التي أناط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسؤوليتها ، وتحقيقها بأهل البيتعليهم‌السلام ، كما يكشف عن ذلك حديث الثقلين وحديث الغدير ، وأنّهم عِدل القرآن ، وأنّ النجاة والأمان والعزّة عند الله لا تنال إلاّ بالاعتصام والتمسّك بهم ، ومَن يتبعهم يكون عزيزاً بعزّة الله ، مرضيّاً عنده تعالى .

كما أخرج ذلك الحاكم في مستدركه ، عن ابن عباس قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق وأهل بيتي أمان لأُمّتي من الاختلاف ، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس ) (١) ، ثم علّق عليه قائلاً : هذا الحديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه .

ـــــــــــــ

(١) المستدرك ، الحاكم : ج ٣ ص ١٤٩ .

١٢٨

وبنفس المضمون ما ورد في عدّة كثيرة من المصادر عن عمر : أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :( في كل خلوف من أُمّتي عدول أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين ، ألا وإنّ أئمّتكم وفدكم إلى الله عزّ وجلّ ، فانظروا مَن توفدون ) (١) .

وعن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( مَن سرّه أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويسكن جنّة عدن ، غرسها ربّي ، فليوال عليّاً ، وليوال وليّه ، وليقتد بالأئمّة من بعدي ، فإنّهم عترتي ، خُلقوا من طينتي ، رزقوا فهماً وعلماً ، ويل للمكذبين بفضلهم من أُمّتي ، القاطعين فيهم صلتي ، لا أنالهم الله شفاعتي ) (٢) .

وعن عمار بن ياسر ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( أوصي مَن آمن بي وصدّقني بولاية علي بن أبي طالب ، مَن تولاّه فقد تولاّني ، ومَن تولاّني فقد تولّى الله عزّ وجلّ ، ومَن أحبّه فقد أحبّني ، ومَن أحبّني فقد أحبّ الله تعالى ، ومَن أبغضه فقد أبغضني ، ومَن أبغضني فقد أبغض الله عزّ وجلّ ) قال الهيثمي في مجمع الزوائد : ( رواه الطبراني بإسنادين أحسب فيهما جماعة ضعفاء ، وقد وثقوا )(٣) .

وقد أخرجها ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق بطرق كثيرة(٤) .

وعن وهب بن حمزة قال : ( صحبت عليّاً إلى مكة فرأيت منه بعض ما أكره ، فقلت لأن رجعت لأشكونّك إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلمّا قدمت لقيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

ـــــــــــــ

(١) ذخائر العقبى ، محي الدين الطبري : ص ١٧ ؛ الصواعق المحرقة ، ابن حجر الهيتمي : ص ٣٥٢ ؛ رشفة الصادي ، أبو بكر الحضرمي : ص ١٧ ؛ ينابيع المودّة ، القندوزي : ج ٢ ص ١١٤ .

(٢) تاريخ مدينة دمشق ، ابن عساكر : ج ٤٢ ص ٢٤٠ ؛ حلية الأولياء ، الحافظ أبي نعيم الأصفهاني : ج ١ ص ٨٦ .

(٣) مجمع الزوائد ، الهيثمي : ج ٩ ص ١٠٨ ، ١٠٩ .

(٤) تاريخ مدينة دمشق : ج ٤٢ ص ٢٣٩ وما بعدها .

١٢٩

فقلت : رأيت من علي كذا وكذا ، فقال :لا تقل هذا فهو أولى الناس بكم بعدي )(١) .

وعن زيد بن أرقم قال : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( مَن أحبّ أن يحيا حياتي ويموت موتتي ويسكن جنّة الخلد التي وعدني ربّي ، فإنّ ربّي عزّ وجلّ غرس قصباتها بيده ، فليتولّ علي بن أبي طالب ، فإنّه لن يخرجكم من هديي ولن يدخلكم في ضلالة ) (٢) ، قد أخرجه الحاكم في المستدرك وقال عنه : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه(٣) .

إلى غير ذلك من المصادر الكثيرة ، والروايات المتواترة معنىً ومضموناً ، مع صحّتها وصراحتها ، وأدنى ما نجيب عمّن أراد التشكيك بها : أنّها تفيد القطع واليقين ؛ لتعدّد ألفاظها ، وكثرة طرقها ، والمصادر التي نقلتها ، فهي أحاديث نبويّة يقوّي بعضها بعضاً لإثبات مضمونها بالقطع واليقين ، وهو وجوب التمسّك بولاية أهل البيتعليهم‌السلام واتّباع هديهم .

إذن بأهل البيتعليهم‌السلام وباتباعهم تتحقق عزّة الإسلام ، والحفاظ على وجوده الحقيقي وقيمه ومبادئه الأصيلة ، من التقوى والإخلاص والاستقامة والصلاح وغيرها من المعارف الروحية والقيم الأخلاقية ، وليست عزّة الإسلام بالتظاهر بالإسلام ، واتخاذه شعاراً للتسلّط على رقاب الناس بالقهر والغلبة ، ومن هنا نجد أنّ الحكم الإسلامي على يد الظلمة تحوّل إلى ما كان عليه قبل الإسلام من كونه ملكاً عضوضاً لا يحمل من قيم الإسلام شيئاً .

إذن عزّة الإسلام لا تتحقق إلاّ في حفظ الإسلام الحقيقي ، الذي لا يتحقق إلاّ باتباع أهل البيتعليهم‌السلام .

ـــــــــــــ

(١) المعجم الكبير ، الطبراني : ج ٢٢ ص ١٣٥ ؛ مجمع الزوائد : ج ٩ ص ١٠٩ ؛ فيض القدير شرح الجامع الصغير : ج ٤ ص ٤٧٠ ـ ٤٧١ .

(٢) المعجم الكبير ، الطبراني : ج ٥ ص ١٩٤ .

(٣) المستدرك ، الحاكم : ج ٣ ص ١٣٠ .

١٣٠

الأُمّة لم تجتمع على أهل البيتعليهم‌السلام

وأمّا عبارة ( كلّهم تجتمع عليه الأمة ) ، وأنّ أهل البيتعليهم‌السلام ما أجتمعت عليهم الأُمّة فجوابها :

١ ـ إنّ رواية الاثني عشر خليفة المتضمّنة لعبارة ( كلّهم تجتمع عليه الأمة ) لم ترد في الكتب الحديثية ، والمصادر السنّية ، إلاّ في سنن أبي داود ومسند البزار ، ولم يخرجاها إلاّ بسند واحد ضعيف ، كما ذكر ذلك الألباني ، في سلسلة الأحاديث الصحيحة ، حيث قال : ( وأخرجه أبو داود ( ٢ / ٢٠٧) من طريق إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبيه ، عن جابر بلفظ : لا يزال هذا الدين قائماً ، حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة ، كلهم تجتمع عليه الأمة ، كلّهم من قريش ، وأخرجه البزار (١٥٨٤ ـ كشف) عن أبي جحيفة نحوه ، وهذا سند ضعيف ، رجاله كلهم ثقات ، غير أبي خالد هذا ، وهو الأحمسي ، وقد تفرّد بهذه الجملة ( كلهم تجتمع عليه الأمة ) ، فهي منكرة )(١) ، والتضعيف ذاته ذكره أيضاً في تعليقته على سنن أبي داود ، حيث قال بعد أن أورد الحديث : ( صحيح : دون قوله ( تجتمع عليه الأمة ) )(٢) .

٢ ـ من الشواهد التي تؤكّد عدم صحّة صدور هذه العبارة من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو عدم انطباقها على الواقع أصلاً ، حيث لم نجد شخصاً اجتمعت عليه الأمة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بل البعض ممّن ادعي كونه من الخلفاء الاثني عشر ، لم يجتمع عليه أغلب الأمة ، فضلاً عن جميعها .

ـــــــــــــ

(١) سلسلة الأحاديث الصحيحة ، الألباني : مج ١ ، ق ٢ ، ص ٧٢٠ ح ٣٧٦ .

(٢) صحيح سنن أبي داود الألباني : ج ٣ ص ١٩ ح ٤٢٧٩ .

١٣١

ولذا قال ابن كثير في البداية والنهاية ( فإن قال : أنا لا اعتبر إلاّ مَن اجتمعت الأمة عليه ، لزمه على هذا القول أن لا يعد علي بن أبي طالبعليه‌السلام ولا ابنه ؛ لأنّ الناس لم يجتمعوا عليهما ؛ وذلك أنّ أهل الشام بكمالهم لم يبايعوهما ، ولم يقيّد بأيام مروان ، ولا ابن الزبير كأنّ الأمّة لم تجتمع على واحد منهما )(١) .

وهذا ما اعترف به ابن حجر العسقلاني أيضاً في فتح الباري(٢) .

٣ ـ إن أكثر مَن أدعي اجتماع الأمة عليه ، كيزيد بن معاوية ، ومروان بن الحكم ، والوليد ، و مروان الحمار ، وغيرهم لم يكن متوفّراً على خصائص الخلفاء الاثني عشر ، من كونهم يعملون بالهدى ودين الحق ، وأنّهم قيّمون على الدين ، والدين قائم بهم ، وغير ذلك من الصفات السامية ، التي تقدّم ذكر بعضها .

الخلاصة

١ ـ إنّ حديث الاثني عشر ، حقيقة صادرة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد تواترت الروايات من الفريقين بنقلها بألسن مختلفة ، كلّها تشير إلى مضمون واحد ، ومن هذه الروايات قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( لا يزال هذا الأمر صالحاً حتى يكون اثنا عشر أميراً ) (٣) .

ـــــــــــــ

(١) البداية والنهاية ، ابن كثير : ج ٦ ص ٢٨٠ .

(٢) فتح الباري : ج ١٣ ص ١٨٢ .

(٣) مسند أحمد : ج ٥ ص ٩٧ ص ١٠٧ ؛ المستدرك ، الحاكم النيسابوري : ج ٣ ص ٦١٨ ؛ انظر : مجمع الزوائد ، الهيثمي : ج ٥ ص ١٩٠ وقد صحّحه .

١٣٢

٢ ـ إنّ أهل السنّة لم يتمكّنوا أن يقدّموا تفسيراً واقعيّاً لحقيقة الاثني عشر خليفة ، وإنّ تفسيراتهم المضطربة والمتناقضة فيما بينها خير شاهد على عجزهم عن فهمها وتفسيرها ، على الرغم ممّا ارتكبوه من تكلّف ظاهر على حدّ تعبير بعضهم ، لا سيّما وأنّ البعض(١) قد أوكل تفسير حديث الاثني عشر إلى الله تعالى بعد أن عجز عن تفسيره تفسيراً صحيحاً .

٣ ـ إنّ الخصائص والمميزات التي تحملها أحاديث الاثني عشر ، لا تنطبق في الواقع الخارجي إلاّ على أهل البيتعليهم‌السلام ، فمثل صفة ( صلاح أمر الأُمّة والناس بهم ) و( كلّهم يعمل بالهدى ودين الحق ) و( إذا هلكوا ماجت الأرض بأهلها ) ، ونحوها ، لا تنسجم ولا تنطبق إلاّ على عترة أهل البيتعليهم‌السلام ، فضلاً عمّا يحمله أهل البيتعليهم‌السلام من خصائص ومميّزات استثنائية ، وما يحملونه من مؤهّلات علمية وعملية بإجماع أهل العلم ، وعلى جميع المستويات الفكرية والروحية ونحوها ، كل هذا يؤكّد ويدعم كون حديث الاثني عشر لا يمكن انطباقه إلاّ على أهل البيتعليهم‌السلام .

ـــــــــــــ

(١) شرح صحيح مسلم ، النووي : ج ١٢ ص ٢٠٣ .

١٣٣

الفصل الثالث: غيبة الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشّريف)

الشبهة :

١ ـ ما الفائدة من وجود إمام غائب ؟

٢ ـ إنّ الحجّة عند الشيعة لا تقوم إلاّ بإمام ، فكيف يترك الإمامة ويغيب ؟

الجواب :

قبل البدء ينبغي ذكر تمهيد مختصر له مدخليّة في الإجابة .

تمهيد :

إنّ الشريعة التي جاء بها الدين الإسلامي ما هي ـ في مجملها ، وحقيقتها ، وبكل جوانبها ـ إلاّ خطّة إلهيّة أُعدّت بإحكام ، ووُضعت من أجل ترشيد المجتمع البشري نحو الأصلح والأقوم ، وبلوغ السعادة في الدارين .

وقد وعد الله تعالى البشرية ـ التي عانت طوال حياتها من الظلم ، والجور ـ أن يسودها العدل والأمان في الأرض .

قال تعالى :( لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلّهِ ) (١) .

وقال تعالى أيضاً :( وَنُرِيدُ أَن نمُنّ عَلَى الّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ) (٢) .

إلاّ أنّ تحقق هذا الهدف على أرض الواقع يتوقّف على توفّر شرائطه ، التي شاء الله عزّ وجلّ بحكمته أن تكون من طرقها الطبيعية ، وضمن ما هو المألوف ، لا بشكل إعجازي وخارق لما هو المعتاد .

ـــــــــــــ

(١) التوبة : ٣٣ .

(٢) القصص : ٥ .

١٣٤

وحيث إنّ الله تعالى ـ لحكمته ولطفه بعباده ـ قد نصّب أولياء هداة معصومين ، يمثّلون امتداداً طبيعياً للرسالة المحمّديّة ، فهم أُمناء الوحي والرسالة ، وحجّة الله على العباد ، وهم الأئمّة الاثنا عشرعليهم‌السلام بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أوّلهم الإمام عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، وآخرهم الإمام المهديعليه‌السلام ، وقد ثبت ذلك مسبقاً ، بمقتضى عدد وافر من الآيات القرآنية ، كآية الولاية ، وآية أُولي الأمر ، وآية التطهير ، وآيات البلاغ في الغدير ، وآية المودّة في القربى(١) وغيرها ، مضافاً إلى عدد كبير جداً من الأحاديث النبويّة التي رواها أصحاب الصحاح من أهل السنّة ، كحديث الثقلين المتواتر الذي مفاده أنّ أهل البيتعليهم‌السلام لن يفترقوا عن القرآن حتى يردوا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحوض(٢) ، فكما أنّ القرآن باقٍ إلى يوم القيامة كذلك أهل البيتعليهم‌السلام ، وكحديث الخلفاء الاثني عشر (كلّهم من قريش)(٣) ، وحديث السفينة(٤) ، وأهل بيتيعليهم‌السلام أمان لأهل الأرض ، فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض(٥) وأتاهم ما يوعدون ، وغير ذلك من الأحاديث الدالّة على بقاء الإمامة الإلهية ، واستمرارها في الأرض .

ـــــــــــــ

(١) الآيات : المائدة : ٥٥ ، النساء : ٥٩ ، الأحزاب : ٣٣ ، المائدة : ٦٧ .

(٢) السنن الكبرى ، النسائي : ج ٥ ص ٤٥ ص ١٣٠ ؛ خصائص أمير المؤمنين : النسائي : ص ٩٣ ؛ المعجم الصغير ، الطبراني : ج ١ ص ١٣١ ص ١٣٥ .

(٣) مسند أحمد ، أحمد بن حنبل : ج ٥ ص ٨٧ ـ ٨٨ .

(٤) مجمع الزوائد : الهيثمي ، ج ٩ ص ١٦٨ ، المعجم الأوسط ، الطبراني : ج ٦ ص ٨٥ .

(٥) شواهد التنزيل ، الحسكاني : ج ١ ص ٤٢٦ ، ذخائر العقبى ، الطبري : ص ١٧ .

١٣٥

وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( إنّ خلفائي ، وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي ، الاثنا عشر ، أوّلهم عليّ ، وآخرهم ولدي المهدي ) (١) .

وشاءت الإرادة الإلهية أن يكون الإمام الثاني عشر من أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ـ الذي يمثّل الحلقة الأخيرة من سلسلة الأئمّة الهداة ـ مصلحاً للبشرية ، ومحققاً للهدف النهائي ، والثمرة الكبيرة والمرجوّة من رسالات السماء وبعث الأنبياء ، قال تعالى :( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنّ اللهَ قَوِيّ عَزِيزٌ ) (٢) .

إذن فلابدّ ـ بحسب التخطيط الإلهي ـ من إقامة العدل ، والسلام في العالم ، بعد انتشار الظلم والجور والفساد في ربوع الأرض وأرجائها ، وهو ما نشاهده ونراه بالحس والعيان في كل حدب وصوب ، وهذا ما يتطابق مع ما تنبّأ به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله :( تملأ الأرض ظلماً وجوراً ، ثم يخرج رجل من عترتي ، يملك سبعاً أو تسعاً ، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً ) (٣) ، فكما أنّ الأرض مُلئت وستُملأ بالجور والفساد والظلم ، لابدّ لها من يوم تُملأ فيه عدلاً وقسطاً ، على يد الإمام المهديّ المنتظر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) .

ـــــــــــــ

(١) ينابيع المودّة ، القندوزي الحنفي : ج ٣ ص ٢٩٥ .

(٢) الحديد : ٢٥ .

(٣) سنن أبي داود ، السجستاني : ج ٤ ص ٧١٢ ح ٤٢٧٦ ؛ مسند أحمد ، أحمد بن حنبل : ج ٣ ص ٢٨ ص ٣٦ ص ٧٠ ؛ المستدرك الحاكم : ج ٤ ص ٥٥٧ ؛ وانظر مجمع الزوائد : الهيثمي : ج ٧ ص ٣١٤ ، وقال فيه : ( رواه الترمذي وغيره باختصار ، رواه أحمد بأسانيد ، وأبو يعلى باختصار ، ورجالهما ثقات ) ؛ وانظر : المصنف : الصنعاني : ج ١١ ص ٣٧٢ ـ ٣٧٣ .

١٣٦

إلاّ أنّ النقطة الجديرة بالذكر هي أنّ تحقق هذا الهدف ، وهو إقامة العدل والقسط في الأرض ، يتوقّف على توفّر شرائطه التي أراد الله تعالى بحكمته أن تكون من الطريق الطبيعي لا الإعجازي ، وهذا ما جرت عليه السنن الإلهية في هذا العالم ، فقد قال تبارك وتعالى :( لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطّيّبِ ) (١) ، وقال تعالى أيضاً :( لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيّنَةٍ وَيَحْيَى‏ مَنْ حَيّ عَنْ بَيّنَةٍ وَإِنّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (٢) ، وقال تعالى :( وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلُِيمَحّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصّدُورِ ) (٣) ، وقال :( وَتِلْكَ الأَيّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الّذِينَ آمَنُوا وَيَتّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللهُ لاَ يُحِبّ الظّالِمِينَ * وَلِيُمَحّصَ اللهُ الّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنّةَ وَلَمّا يَعْلَمِ اللهُ الّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصّابِرِينَ ) (٤) ، وغير ذلك من الآيات المباركة ، التي تكشف عن أنّ التخطيط الإلهي لجريان السنن في هذا العالم مبنيّ على السير الطبيعي للبشرية ، إلاّ في الظروف الخاصّة والاستثنائية ، التي تقتضي فيها الحكمة الإلهية إنجاز الهدف والوصول إليه عن طريق الإعجاز وخرق المعتاد ، وذلك كإثبات أصل نبوّة الأنبياء مثلاً .

وإقامة العدل على هذه الأرض جاء ضمن ذلك الإطار ، فلكي يتحقق على أرض الواقع ويحين أجله ، لابد من اكتمال جميع شرائطه ، وعلى ضوء ذلك كانت غيبة إمامنا المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) جزءاً من هذا التخطيط والحكمة الإلهية ، من أجل أن تكتمل باقي الشرائط لظهور الحق وإقامة العدل ، تلك الشرائط التي يتحقق معظمها في أحضان الغيبة ، وهذا ما أخبر به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في روايات عديدة من كتب الفريقين :

ـــــــــــــ

(١) الأنفال : ٣٧ .

(٢) الأنفال : ٤٢ .

(٣) آل عمران : ١٥٤ .

(٤) آل عمران : ١٤٠ ـ ١٤٢ .

١٣٧

منها : ما أخرجه الإربلي ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : لمّا أنزل الله على نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ) (١) ، قلت : يا رسول الله عرفنا الله ورسوله ، فمَن أولي الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( هم خلفائي من بعدي يا جابر ، وأئمة الهدى بعدي أولهم علي بن أبي طالب ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر وستدركه يا جابر فإذا لقيته فاقرأه عنّي السلام ، ثم الصادق جعفر بن محمد ، ثم موسى بن جعفر ، ثم علي بن موسى ، ثم محمد بن علي ، ثم علي بن محمد ، ثم الحسن بن علي ، ثم سميّي وكنيّي ، وحجّة الله في أرضه ، وبقيّته في عباده محمد بن الحسن بن عليّ ، ذلك الذي يفتح الله عزّ وجلّ على يده مشارق الأرض ومغاربها ، وذلك الذي يغيب عن شيعته ، وأوليائه ، غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلاّ من امتحن الله قلبه للإيمان ) ، فقال جابر : فقلت : يا رسول الله فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته ؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( أي والذي بعثني بالحق ، إنّهم ليستضيئون بنوره ، وينتفعون بولايته في غيبته ، كانتفاع الناس بالشمس وإن علاها سحاب ، يا جابر هذا من مكنون سر الله ، ومخزون علم الله ، فاكتمه إلاّ عن أهله ) (٢) .

وعن علي بن علي الهلالي ، عن أبيه قال : دخلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في شكاته التي قبض فيها فإذا فاطمة رضي الله عنها عند رأسه قال : فبكت حتى ارتفع صوتها ، فرفع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طرفه إليها فقال :حبيبتي فاطمة ،

ـــــــــــــ

(١) النساء : ٥٩ .

(٢) ينابيع المودّة ، القندوزي : ج ٣ ص ٣٩٩ .

١٣٨

ما الذي يبكيك ، فقالت :أخشى الضيعة بعدك ، فقال :يا حبيبتي ، أما علمت أن الله ـ عزّ وجلّ ـ اطلع إلى الأرض اطلاعة فاختار منها أباك فبعثه برسالته ، ثم أطلع إلى الأرض اطلاعه فاختار منها بعلك ، وأوحى إليّ أن أنكحك إيّاه ، يا فاطمة ، ونحن أهل بيت قد أعطانا الله سبع خصال لم تُعط لأحد قبلنا ولا تُعطى أحداً بعدنا : أنا خاتم النبيّين ، وأكرم النبيّين على الله ، وأحب المخلوقين إلى الله عزّ وجلّ وأنا أبوك ، ووصيي خير الأوصياء ، وأحبّهم إلى الله ، وهو بعلك ، وشهيدنا خير الشهداء ، وأحبّهم إلى الله ، وهو عمّك حمزة بن عبد المطلب ، وعمّ بعلك ، ومنّا مَن له جناحان أخضران يطير مع الملائكة في الجنّة حيث شاء ، وهو ابن عم أبيك ، وأخو بعلك ، ومنّا سبطا هذه الأُمّة ، وهما ابناك الحسن والحسين ، وهما سيّدا شباب أهل الجنّة ، وأبوهما ـ والذي بعثني بالحق ـ خير منهما يا فاطمة ـ والذي بعثني بالحق ـ إنّ منهما مهدي هذه الأُمّة إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً وتظاهرت الفتن ، وتقطّعت السبل ، وأغار بعضهم على بعض ، فلا كبير يرحم صغيراً ولا صغير يوقّر كبيراً ، فيبعث الله عزّ وجلّ عند ذلك منهما مَن يفتح حصون الضلالة ، وقلوباً غلفاً يقوم بالدين آخر الزمان كما قمت به في أول الزمان ، ويملأ الدنيا عدلاً كما مُلئت جوراً ، يا فاطمة لا تحزني ولا تبكي ، فإنّ الله عزّ وجلّ أرحم بك وأرأف عليك منّي ؛ وذلك لمكانك من قلبي ، وزوّجك الله زوجاً ، وهو أشرف أهل بيتك حسباً وأكرمهم منصباً ، وأرحمهم بالرعيّة ، وأعدلهم بالسوية ، وأبصرهم بالقضية ، وقد سألت ربّي عزّ وجلّ أن تكوني أوّل مَن يلحقني من أهل بيتي ، قال علي رضي الله عنه :فلمّا قُبض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم تبق فاطمة رضي الله عنهابعده إلاّ خمسة

١٣٩

وسبعين يوماً حتى ألحقها الله عزّوجلّ به صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه : الهيثم بن حبيب ، قال أبو حاتم : منكر الحديث وهو متهم بهذا الحديث(١) .

أقول : ولم يجدوا في الهيثم بن حبيب مطعناً سوى روايته لهذا الحديث في فضائل أهل البيتعليهم‌السلام ، وله نظائر كثيرة !!

وعن أبي أيوب الأنصاري قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لفاطمة :نبيّنا خير الأنبياء وهو أبوك ، وشهيدنا خير الشهداء وهو عمّ أبيك حمزة ، ومنّا مَن له جناحان يطير بهما في الجنّة حيث شاء وهو ابن عمّ أبيك جعفر ، ومنّا سبطا هذه الأُمّة الحسن والحسين وهما ابناك ومنّا المهدي .

رواه الطبراني في الصغير وفيه قيس بن الربيع وهو ضعيف وقد وثق ، وبقيّة رجاله ثقات(٢) .

ومنها : ما جاء عن جابر بن عبد الله الأنصاري أيضاً : قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( المهدي من ولدي ، اسمه اسمي ، وكنيته كنيتي ، أشبه الناس بي خلقاً وخُلقاً ، تكون له غيبة وحيرة ، تضل فيها الأُمم ، ثم يقبل كالشهاب الثاقب ، فيملأها عدلاً كما مُلئت جوراً ) (٣)

وغير ذلك من الروايات ، الدالة على ضرورة الغيبة ، من أجل اكتمال شرائط الظهور ، وإقامة العدل والقسط ؛ وذلك من خلال تخطّي البشرية لمراحل عديدة من التمحيص والفتن والحيرة ، والابتلاء .

ـــــــــــــ

(١) مجمع الزوائد ، الهيثمي : ج ٩ ص ١٦٥ ـ ١٦٦ .

(٢) المصدر نفسه : ج ٩ ص ١٦٦ .

(٣) ينابيع المودّة ، القندوزي الحنفي : ج ٣ ص ٣٨٦ .

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

بافساده انقلب اليه، والثانية لم يستأجر لها، بل وجبت بسبب مستند إليه، ثم إن كانت الاجارة مقيدة، انفسخ عقدها، وان كانت مطلقة تخير المستأجر، ومع عدم الفسخ يلزمه حجة ثالثة، ولا يرتجع منه الاجرة.

(ج) لو أفسد فصد تحلل ووجب القضاء، فان قلنا بالاول لم يكف القضاء الواحد، لوجوب قضاء‌حجة الاسلام بالتحلل منها، وبقاء حجة العقوبة في ذمته، وتقدم حجة الاسلام في القضاء، وان قلنا بالثاني كفى القضاء الواحد، لسقوط حجة العقوبة بالتحلل منها.

(د) لو نذر إنسان أن يصرف شيئا إلى من كان في حجة الاسلام، استحق في الاولى على الاول دون الثاني، وينعكس الحكم في القضاء.

(ه‍) لو نذر أن يحج العام حجة الاسلام ثم افسد، فان قلنا بالاول برء ووجب القضاء وان قلنا بالثاني كفر لخلف النذر.

(و) لو مات المفسد قبل القضاء وكان نائبا، وجب الاستيجار من أصل التركة، فان قلنا بالاول إستأجر ولي النائب لايقاع حج واجب بسبب الافساد، و ان قلنا بالثاني إستأجر ولي الميت لايقاع حجة الاسلام ورجع على تركة النائب بالاجرة، لبطلان العقد بالموت.

(ز) لو نذر إنسان أن يوجر نفسه لحجة الاسلام، برء بايجاره نفسه، لايقاعها على الاول دون الثاني.

(ح) يلحقه أحكام الصرورة في الحجة الثانية من تأكد استحباب دخول الكعبة، ووجوب الحلق على أحد القولين، ووطئ المشعر برجله، على الثاني دون الاول، لان الصرورة من لم يحج للاسلام.

(ط) لو اعتق العبد في القضاء قبل الوقوف، اجزأ على قول ابن ادريس، ولم يجز على قول الشيخ.

٢٨١

ولو استمنى بيده لزمته البدنة حسب، وفي رواية: الحج من قابل.

قال طاب ثراه: ولو استمنى بيده لزمته البدنة، وفي رواية: والحج من قابل.

أقول: وجوب البدنة خاصة مذهب التقي(١) وابن ادريس(٢) وهو ظاهر أبي علي(٣) لاصالة براء‌ة الذمة، والافساد مذهب الشيخ في المبسوط(٤) والجمل(٥) وبه قال القاضي(٦) وابن حمزة(٧) والعلامة في المختلف واحتجوا بحسنة اسحاق بن عمار قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام قال: قلت: ما تقول في محرم عبث بذكره فأمنى، قال: أرى عليه مثل ما على من أتى أهله وهو محرم، بدنة والحج من قابل(٩) واليها أشار المصنف بقوله " وفي رواية " والعمل على هذا أحوط.

____________________

(١) الكافي: الحج، واما كفارة ما يأتيه المحرم ص ٢٠٣ س ١٦ قال: وفي الاستمناء والتلوط واتيان البهايم بدنة.

(٢) السرائر: باب ما يلزم المحرم عن جناياته ص ١٢٩ س ٣٤ قال: ومتى عبث الرجل بذكره حتى أمنى فان الواجب عليه الكفارة وهي بدنة.

(٣) المختلف: في كفارات الاحرام ص ١١٢ س ٣٩ قال: وقال: ابوعلى ابن الجنيد: وعلى المحرم اذا انزل الماء امابعث بحرمتة الخ.

(٤) المبسوط: ج ١ فصل في ذكر ما يلزم المحرم من الكفارة ص ٣٣٧ س ١٨ قال: ومن عبث بذكره حتى أمني كان حكمه حكم من جامع

(٥) الجمل والعقود: ص ٧٢ س ١٠ قال: والتروك المفروضة إلى أن قال: ولا يجامع ولا يستمني الخ

(٦) المهذب: ج ١، باب المحرم على جناياته ص ٢٢٢ قال: فاما ما يجب فيه بدنة إلى أن قال: أو يعبث بذكره فيمني الخ

(٧) الوسيلة: فصل في بيان الكفارت ص ٦٨٨ س ٢٧ قال: فالبدنة تلزم إلى أن قال: وبالامناء قبل الوقوف.

(٨) المختلف: في كفارات الاحرام ص ١١٣ س ٣ قال: بعد نقل قول الشيخ: والمعتمد الاول.

(٩) الفروع: باب المحرم يقبل امرأته ص ٣٧٦ الحديث ٦.

٢٨٢

ولو جامع امته المحرمة باذنه، محلا، لزمه بدنة أو بقرة أو شاة.ولو كان معسرا فشاة أو صيام ثلاثة أيام.ولو جامع قبل طواف الزيارة.لزمه بدنة، فان عجز فبقرة او شاة.

قال طاب ثراه: ولو جامع امته المحرمة باذنه محلا، لزمه بدنة أو بقرة أو شاة، ولو كان معسرا فشاة أو صيام.

أقول: انما قيد احرامها باذنه ليكون صحيحا، إذ لو كان بغير اذنه لكانت محلة لا يجب عليه بوطئها شئ، أما مع إذنه فاحرامها صحيح، وقد هتك حرمته فيكون عليه الكفارة، وفي كيفيتها قولان:

(أ) قول الشيخ في المبسوط: يلزمه بدنة، فان عجز فشاة أو صيام ثلاثة ايام(١) .

(ب) قول المصنف: وهو وجوب بدنة على الموسر أو بقرة أو شاة، وعلى المعسر شاة أو صيام(٢) واختاره العلامة ونقله عن والده طاب ثرا هما(٣) .فيكون على هذا القول مخيرا في الشاة في موضعين: (أ) قدر على البدنة والبقرة والشاة تخير بينها.

(ب) عجز عن البدنة والبقرة قدر على الشاة لاغير، تخير بينها وبين صيام ثلاثة أيام.والمستند صحيحة اسحاق بن عمار عن الكاظمعليه‌السلام قال: سألته عن رجل محرم(٤) وقع على أمة محرمة؟ قال: موسر أو معسر؟ قلت: أجنبى عنهما، قال:

____________________

(١) المبسوط: ج ١، فصل في ما ذكر يلزم المحرم من الكفارة ص ٣٣٦ س ٢٣ قال: واذا جامع أمته وهي محرمة الخ.

(٢) لا حظ عبارة المنختصر النافع.

(٣) المختلف: في كفارات الاحرام ص ١١٣ س ٢١ قال: وكان والدىرحمه‌الله يوجب على الموسر بدنة إلى أن قال: وهو الوجه.

(٤) هكذا في جميع النسخ: والصحيح (عن رجل محل) كما في الحديث.

٢٨٣

ولو طاف من طواف النساء خمسة أشواط، ثم واقع لم يلزمه الكفارة وأتم طوافه، وقيل، يكفى في البناء مجاوزة النصف هو أمرها بالاحرام أو لم يأمرها وأحرمت من قبل نفسها؟ قلت: أجنبي عنها، قال: إن كان موسرا وكان عالما انه لا ينبغي له، وكان هو الذي أمرها بالاحرام، فعليه بدنة، وإن شاء بقرة، وان شاء شاة، وان لم يكن أمرها بالاحرام فلا شئ عليه موسرا كان أو معسرا، وإن كان أمرها وهو معسر فعليه دم شاة أو صيام(١) .

تنبيه

يقتصر على القدر المذكور من الكفارة عليه عقوبة له، لانه هتك إحراما صحيحا، إذا كانت الامة مكرهة أو جاهلة.ولو طاوعته وجب عليها القضاء، وعليه أن يأذن لها فيه، لانه أذن لها في الابتداء وأحرمت إحراما صحيحا وكان الفساد منه، فكان عليه الاذن في القضاء وعليها الكفارة، لكن يلزمها الصوم عوض البدنة ثمانية عشر يوما، وعليه تمكينها من الصيام، لما قلناه في القضاء.

فرع

لو كان عوض الامة عبد، احتمل قويا الحاقه بها، لان الجناية أفحش، فيناسب ترتب العقوبة عليه.قال طاب ثراه: ولو طاف من طواف النساء خمسة أشواط ثم واقع لم يلزمه الكفارة وأتم طوافه، وقيل: يكفي في البناء مجاوزة النصف.

أقول: أما الاكتفاء بمجاوزة النصف في البناء فلا خلاف فيه، وانما الخلاف في سقوط الكفارة لو كان قد طاف أربعه أشواط، ففي العبارة تساهل.

____________________

(١) الفروع: ج ٤ باب المحرم يواقع امرأته قبل أن يقضي المناسك ص ٣٧٤ الحديث ٦.

٢٨٤

ولو عقد المحرم المحرم على امرأة ودخل، فعلى كل واحد كفارة، وكذا لو كان العاقد محلا على رواية سماعة قال الشيخ: لا كفارة عليه(١) لرواية علي بن أبي حمزة عن الصادقعليه‌السلام في رجل نسي طواف النساء؟ قال: إذا زاد على النصف وخرج ناسيا أمر من يطوف عنه، وله أن يقرب النساء إذا زاد على النصصف(٢) ، واختاره العلامة في المختلف(٣) وقال ابن ادريس: الاحتياط يقتضي ايجاب الكفارة(٤) وهو اختيار المصنف(٥) واحتج بوجوب الكفارة على من جامع قبل طواف النساء، خرج منه الخمسة للاتفاق، فيبقى الباقى على اصله، ولصحيحة حمران بن اعين عن أبي جعفرعليه‌السلام في رجل كان عليه طواف النساء وحده وقد طاف منه خمسة أشواط بالبيت، ثم غمزه بطنه فخاف أن يبدره فخرج إلى منزله فنقض، ثم غشى جاريته، قال: يغتسل ثم يرجع فيطوف بالبيت تمام ما بقي عليه من طوافه، ثم يستغفر ربه ولا يعود(٦) وهي كماتراها قاصرة الدلالة.

قال طاب ثراه: ولو عقد المحرم لمحرم على إمرأة ودخل فعلى كل واحد كفارة.وكذا لو كان العاقد محلا على رواية سماعة.

أقول: ظاهر المصنف وجوب الكفارة لمساعدته على المحرم، واختاره العلامة في

____________________

(١) النهاية: باب ما يجب على المحرم من الكفارة فيما يفعله ص ٢٣١ س ١١ قال: فان كان أكثر من النصف بنى عليه بعد الغسل الخ.

(٢) من لا يحضره الفقيه: ج ٢(١٢٧) باب حكم من نسي طواف النساء ص ٢٤٦ الحديث ٤.

(٣) المختلف: في كفارات الاحرام ص ١١٤ س ٢٢٣ قال بعد نقل قول الشيخ: وقول الشيخ عندي هو المعتمد.

(٤) السرائر: باب ما يلزم المحرم عن جناياته من كفارة ص ١٢٩ س ٣٤ قال: فالاحتياط يقتضي وجوب الكفارة.

(٥) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٦) من لا يحضره الفقيه: ج ٢(١٢٧) باب حكم من نسئ طواف النساء ص ٢٤٥ الحديث ٣.

٢٨٥

ومن جامع في احرام العمرة قبل السعي فعليه بدنة وقضاء العمرة.ولو أمنى بنظره إلى غير أهله فبدنة إن كان موسرا وبقرة إن كان متوسطا أو شاة إن كان معسرا.ولو نظر إلى أهله لم يلزمه شئ الا أن ينظر اليها بشهوة فيمنى فعليه بدنة.ولو مسها بشهوة فشاة أمنى أو لم يمن.ولو قبلها بشهوة كان عليه جزور.وكذا لو أمنى عن ملاعبة.ولو كان عن تسمع على مجامع أو استماع إلى كلام امرأة من غير نظر لم يلزمه شئ.والطيب: ويلزم باستعماله شاة، صبغا وإطلاء وبخورا وفي الطعام.ولا بأس بخلوق الكعبة وإن مازجه الزعفران.منتهى المطلب(١) وجزم به في المعتمد(٢) وعليه الاكثر، ومستنده مارواه الشيخ في الموثق عن سماعة بن مهران عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: لا ينبغي الشيخ في الموثق عن سماعة بن مهران عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: لا ينبغي للرجل الحلال أن يزوج محرما يعلم انه لا يحل له، قلت: فان فعل فدخل بها المحرم؟ قال: إن كانا عالمين كان على كل واحد منهما بدنة(٣) وقال فخر المحققين: والحق عندي خلافه، للاصل، ولانه مباح بالنسبة اليه ويحمل الرواية على الاستحباب(٤) .والاصل مخالف للدليل، وكونه مباحا بالنسبة اليه ممنوع، فان المباح ايقاع العقد لنفسه لا لمحرم، وهو موضع النزاع، وكونه محلا لا يمنع من وجوب الكفارة عليه، كما أوجبنا الكفارة على المحل الواطئ امته المحرمة باذنه، وهو اجماع.

____________________

(١) المنتهي: ج ٢، البحث العاشر فيما يجب بالاستمتاع ص ٨٤٢ س ١٠ قال: ويجب على العاقد كفارة كما يجب على الوطى ء.

(٢) لم نعثر عليه.

(٣) التهذيب: ج ٥(٢٥) باب الكفارة عن خطإ المحرم ص ٣٣٠ الحديث ٥١.

(٤) الايضاح: ج ١ في الاستمتاع بالنساء ص ٣٤٨ س ١٥ قال: والاصح خلافة ولانه مباح بالنسية اليه الخ.

٢٨٦

والقلم: وفي كل ظفر مد من طعام.وفي يديه ورجليه شاة اذا كان في مجلس واحد، ولو كان كل واحد منهما في مجلس فدمان.ولو أفتاه بالقلم فأدمى ظفره فعلى المفتي شاة.والمخيط: يلزم به دم، ولو اضطر جاز، ولو لبس عدة في مكان.وحلق الشعر: فيه شاة أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مدان، أو عشرة لكل مسكين مد، وصيام ثلاثة أيام مختارا أو مضطرا.وفي نتف الابطن شاة، وفي أحدهما إطعام ثلاثة مساكين.ولو مس لحيته أو رأسه وسقط من رأسه شعر تصدق بكف من طعام.ولو كان بسبب الوضوء للصلاة فلا كفارة.والتظليل: فيه سائرا شاة.وكذا في تغطية الرأس ولو بالطين أو الارتماس أو حمل ما يستره.والجدال: ولا كفارة فيما دون الثلاث صادقا، وفي الثلاث شاة، وفي المرة كذبا شاة، وفي المرتين بقرة، وفي الثلاث بدنة.وقيل: في دهن للتطييب شاة، وكذا قيل في قلع الضرس قال طاب ثراه: وقيل في الدهن الطيب شاة(١) وكذا قيل في قلع الضرس.

أقول: هنا مسألتان: الاولى: الدهن الطيب، ونعني به ما فيه طيب يحرم إستعماله ويجب به الكفارة، وهو

____________________

(١) هذه العبارة في النسخ مختلفة، ففي النسخة المطبوعة كما اثبتناه في المتن، وفي النسخة المخطوطة المحشاة بحواشى متعددة هكذا (وقيل في الدهن بالطيب شاة) وفي نسخة اخرى مخطوطة وعليها اثار المقابلة هكذا (وقيل في الدهن الطيب شاة) ولما كانا لمراد معلوما فلا يهتما اختلاف النسخ.

٢٨٧

اختيار الشيخ في النهاية(١) والمبسوط(٢) والخلاف(٣) وبه قال ابن ادريس وأوجب الكفارة به مختارا ومضطرا(٤) وهو حسن، وينتفيى الاثم مع الضرورة، وقال لشيخ في الجمل: انه مكروه(٥) اما غير الطيب: فقال ابن ادريس: لا تجب به كفارة، بل الاثم(٦) واختار العلامة في المختلف وجوب الكفارة في الطيب دون غيره(٧) .

الثانية: قلع الضرس، وفيه دم ند الشيخ(٨) تعولا على رواية محمد بن عيسى عن عدة من اصحابنا عن رجل من أهل خراسان: إن مسألة وقعت في الموسم لم يكن عند مواليه فيها شئ: محرم قلع ضرسه، فكتبعليه‌السلام يهريق دما(٩) وهي كما تراها مرسلة مقطوعة وقال الصدوق(١٠) وابوعلي: لا بأس به مع الضرورة

____________________

(١) النهاية: باب ما يجب على المحرم اجتنابه ص ٢٢٠ س ٦ قال: ولا استعمال الاذهان التي فيها طيب الخ.

(٢) المبسوط: ج ١ فيما يجب على المحرم اجتنابه ص ٣٢١ س ٧ قال: ولا استعمال التي فيها طيب إلى أن قال: وما ليس بطيب يجوز له الادهان به مالم يلب الخ.

(٣) الخلاف: كتاب الحج مسألة ٩٠ قال: الدهن على ضربين الخ.

(٤) السرائر: باب ما يجب على المحرم اجتنابه ص ١٢٨ س ١٣ قال: وكذلك يحرم عليه الاذهان فيه طيب.

(٥) الجمل والعقود: ص ٧٣ س ١٢ قال: واما التروك المكروهة إلى أن قال: واستعمال الاذهان الطيبة قبل الاحرام اذا كانت رائحتها تبقي إلى بعد الاحرام.

(٦) السرائر: باب ما يجب على المحرم اجتنابه، ص ١٢٨ س ٢٠ قال: ولا بأس عند الضرورة باستعمال ما ليس بطيب منها الخ.

(٧) المختلف: في باقي المحظورات ص ١١٧ س ١٠ قال: مسألة الدهن الطيب يحرم استعماله إلى أن قال: والاقوي عندي وجوب في الطيب دون غيره.

(٨) النخهاية: باب ما يجب على المحرم من الكفارة ص ٢٣٥ س ١ قال: ومن قلع ضرسه كان عليه دم يهريقه.

(٩) التهذيب: ج ٥(٥) باب الكفارة عن خطإ المحرم ص ٣٨٥ الحديث ٢٥٧.

(٦) من لا يحضره الفقيه: ٢٢(١١٨) باب ما يجوز للمحرم إتيانه واستعماله وما لا يجوز ص ٢٢٢ الحديث ٨.

٢٨٨

مسائل ثلاث

الاولى: في قلع الشجر من الحرم الاثم عدا ما استثنى، سواء كان أصلها في الحرم أو فرعها، وقيل: فيها بقرة، وقيل: في الصغيرة شاة.وفي الكبيرة بقرة.

الثانية: لو تكرر الوطء تكرر الكفارة.ولو كرر اللبس، فان اتحد اللبس لم يتكرر.وكذا لو كرر الطيب.

ويتكرر مع اختلاف المجلس.

الثالثة: اذا أكل المحرم أو لبس ما يحرم عليه لزمه دم شاة.وتسقط الكفارة عن الناسي والجاهل إلا في الصيد.ولم يوجبا شيئا(١) ، واختاره العلامة(٢) .

قال طاب ثراه: في قلع شجر من الحرم الاثم عدا ما استثني، سواء كان اصلها في الحرم أو فرعها وقيل: فيها بقرة، وقيل: في الصغيرة شاة وفي الكبيرة بقرة.

أقول: هنا مسائل:

(أ) يحرم قلع شجر الحرم وحشيشه، واستثني منه شجر الفواكه كالتفاح والنخل ولا ذخر، وما كان في ملك القالع، وعود المحالة لدعاء الضرورة اليها.

(ب) يجوز أن يترك الابل لترعى الحشيش، ومنع منه ابوعلي(٣) وظاهر الشهيد التوقف(٤) والجواز مذهب الشيخ(٥) والعلامة(٦) للاصل، ولصحيحة محمد بن

____________________

(١) و(٢) المختلف: في باقي المحظورات ص ١١٧ س ٢٠ قال: وقال ابن الجنيد وابن بابويه: لا بأس به إلى أن قال: والاستناد إلى البراء‌ة الاصلية أولى الخ.

(٣) المختلف: في باقي المحظورات ص ١١٧ س ٦ قال: وقال ابن الجنيد: فاما الرعى فيه فلا اختاره.

(٤) الدروس: كتاب الحج ص ١١١ س ١٥ قال: ويحرم نزع الحشيش الا الاذخر ولا يحرم رعيه.

(٥) النهاية: باب ما يجب على المحرم من الكفارة ص ٢٣٤ س ١٢ قال: ولا بأس ان يخلي الانسان ابله الترعى

(٦) التذكرة ج ١ البحث الرابع عشر قطع شجر الحرم ص ٣٤١ قال: مسألة يجوز للمحرم أن يترك إبله في حشيش الحرام.

٢٨٩

حمران(١) وصحيحة حريز بن عبدالله عن الصادقعليه‌السلام قال: يخلى عن البعير يرعى في الحرم كيف شاء(٢) .فالتحريم راجع إلى المباشرة، بخلاف الصيد.

(ج) لا كفارة في قلع الحشيش، وفيه الاثم اختاره المصنف(٣) وقال العلامة في المختلف: فيه القيمة(٤) قال ابوعلي فأما الرعي فلا اختاره لان البعير بما جذب النبت من اصله، فأما ما حصده الانسان وبقي أصله في الارض فلا بأس به(٥) .وأما الشجر: فعند المصنف انه كالحشيش فيه الاثم ولا كفارة(٦) وفيه للاصحاب أقوال:

(أ) مختار المصنف، وهو ظاهر ابن ادريس(٧) .

(ب) في المقلوع من الشجر قيمته وهو قول أبي علي(٨) واختاره العلامة(٩) .

(ج) في قلع شجر الحرم من اصله دم شاة، وفي بعضها ماتيسر من الصدقة وهو

____________________

(١) التهذيب: ج ٥(٢٥) باب الكفارة عن خطأ المحرم ص ٣٨٠ الحديث ٢٤١.

(٢) التهذيب: ج ٥(٢٥) باب الكفارة عن خطإ المحرم ص ٣٨١ الحديث ٢٤٢.

(٣) الشرايع: في المحظورات قال: السابع قلع شجرة الحرم إلى أن قال: ولا كفارة في قلع الحشيش وان كان فاعله مأثوما.

(٤) و(٥) المختلف: في باقي المحظورات ص ١١٧ س ٥ قال: مسألة قال الشيخ: حشيش الحرم ممنوع من قلعة فان قلعه أو شيئا منه لزم قيمته الخ.فنقل قول الشيخ وارتضاه ولم يرد عليه، ثم قال: وقال ابن الجنيد: فاما الرعي فلا اختاره الخ.

(٦) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٧) السرائر: باب ما يلزم عن جناياته ص ١٣٠ س ١٨ قال: والاخبار عن الائمة الاطهار واردة بالمنع من قلع شجر الحرم وقطعة ولم يلزم يتعرض فيها لكفارة الخ.

(٨) و(٩) المختلف: في باقى المحظورات ص ١١٦ س ٣٢ قال: بعد نقل قول الشيخ وابن ادريس: والمعتمد وجوب الكفارة وقال قبل ذلك بأسطر: وقال ابن الجنيد: وان قلع المحرم أو المحل من شجر الجرم شيئا فعليه قيمة ثمنة.

٢٩٠

قول التقي(١) .

(د) في الشجرة دم بقرة قاله القاضي ولم يفصل(٢) .

(ه‍) في الصغيرة شاة وفي الكبيرة بقرة قاله ابن حمزة(٣) .

____________________

(١) الكافي: الحج ص ٢٠٤ س ١٣ قال: وفي قطع بعض شجر الحرام من أصله دم شاة، ولقطع بعضها ما تيسر من الصدقة.

(٢) المهذب: ج ١ باب ماينبغي للمحرم اجتنابه ص ٢٢٣ س ١٣ قال: واما ما يجب فيه بقرة إلى أن قال: أو يقطع شيئا من شجر الحرم.

(٣) الوسيلة: فصل في بيان الكفارات ص ٦٨٨ س ٣٤ قال: والبقرة تلزم إلى أن قال: وقلع شجر الحرم ثم قال بعد اسطر والشاة تلزم إلى أن قال: وقلع شجر صغير من الحرم.

٢٩١

كتاب الجهاد والنظر في أمور ثلاثة: الاول: من بجب عليه

وهو فرض على كل من استكمل شروطا ثمانية.البلوغ، والعقل، والحرية، والذكورة، وان لا يكون هما ولا مقعدا ولا أعمى ولا مريضا يعجز عنه، وانما يجب مع وجود الامام العادل، أو من نصبه لذلك ودعائه اليه، ولايجوز مع الجائر الا أن يدهم المسلمين من يخشى منه على بيضة الاسلام، أو يكون بين قوم ويغشاهم عدو فيقصد الدفع عن نفسه في الحالين، ولا معاونة الجائر، ومن عجز بنفسه وقدر على

كتاب الجهاد

مقدمة

الجهاد مشتق من الجهد، وهو بفتح الجيم، الشدة والعنا، وكذا ورد في الدعاء " اللهم اني اعوذ بك من جهد البلاء "(١) وبضمها الطاقة والوسع، يقال: أنفق على

____________________

(١) الصحيفة السجادية: دعاء ٥١ في التضرع والاستكانة.

٢٩٢

٢٩٣

٢٩٤

٢٩٥

جهدك، أي على قدر وسعك وطاقتك.والجهاد هو المبالغة في استفراغ الوسع لحرب أو لسان أو ما أطاق من شئ في سبيل الله.وأصله المبالغة في الاستخراج، ومنه قولهم جهد البئر، أي بالغ في استخراج مائها، ويكون من تحمل المشاق، ومنه جهدك الشئ، اذا اشتد.

وقيل: سمى جهادا، اخذا من اللبن المجهود، وهو الذي أخذ زبده، وكذلك الجهاد فانه يستخرج لشدته قوة القوي، كما يؤخذ زبد اللبن.وهو واجب بالكتاب والسنة والاجماع.أما الكتاب فقوله تعالى " كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم "(١) وقوله تعالى " وقاتلوا في سبيل الله(٢) " " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة "(٣) " فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم "(٤) " انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم "(٥) إلى غير ذلك من الايات الدالة على وجوبه والتحثيث عليه.

وأما السنة فكثيرة: مثل قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله غدوة في سبيل الله أو روحه خير من الدنيا وما فيها(٦) .

وقالعليه‌السلام : ان جبرئيل أخبرني بأمر قرت به عيني وفرح به قلبى، قال: يا محمد من غزا غزاة في سبيل الله من امتك فما اصابته قطرة من السماء او صداع الا كانت له شهادة يوم القيامة(٧) .وروى عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن أبيه عن آبائهعليهم‌السلام قال:

____________________

(١) البقرة: ٢١٦.

(٢) البقرة: ١٩٠.

(٣) البقرة: ١٩٣.

(٤) التوبة: ٥.

(٥) التوبة: ٤١.

(٦) عوالى اللئالى: ج ٣ ص ١٨٣ الحديث ٦ ولاحظ ما علق عليه.

(٧) الفروع: ج ٥ كتاب الجهاد، باب فضل الجهاد ص ٣ الحديث ٣ وص ٨ الحديث ٨.

٢٩٦

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : للشهيد سبع خصال من الله عزوجل، أول قطرة من دمه مغفور له كل ذنب، الثانية بقع رأسه في حجر زوجتيه من الحور العين وتمسحان الغبار عن وجهه تقولان مرحبا بك، ويقول هو مثل ذلك لهما، والثالثة يكتسى من كسوة الجنة، والرابعة يبتدر خزنة الجنة بكل ريح طيبة أيهم ياخذه معه، والخامسة أن يرى منزلته، والسادسة يقال لروحه إسرحي في الجنة حيث شئت، والسابعة أن ينظر في وجه الله، وانها لراحة لكل نبى وشهيد(١) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : للجنة باب يقال له باب المجاهدين يمضون اليها، فاذا هو مفتوح، وهم متقلدون بسيوفهم، واجمع في الموقف، والملائكة ترحب بهم، فمن ترك الجهاد ألبسه الله ذلا وفقرا في معيشته ومحقا في دينه، ان الله عزوجل أغنى أمتي بسنابك خيلها ومراكز رماحها(٢) .

وقالعليه‌السلام : من بلغ رسالة غاز كان كمن اعتق رقبة، وهو شريكه في ثواب غزوته(٣) .

وقالعليه‌السلام : مجاهدة العدو فرض على جميع الامة، ولو تركوا الجهاد لاتاهم العذاب(٤) .

وعنهعليه‌السلام : رباط ليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه، فان مات جرى عليه الذي كان يعمله وأجرى عليه رزقه(٥) .وأما الاجماع: فمن سائر الامة.

____________________

(١) التهذيب: ج ٦(٥٤) باب فضل الجهاد وفروضه ص ١٢١ الحديث ٣.

(٢) الفروع: ج ٥ باب فضل الجهاد ص ٢ الحديث ٢.

(٣) التهذيب: ج ٦(٥٤) باب فضل الجهاد ص ١٢٣ الحديث ٩.

(٤) الفروع: ج ٥ باب وجوه الجهاد ص ٩ قطعة من حديث ١.

(٥) عوالى اللئالى: ج ٣ باب الجهاد ١٨٣ الحديث ٧ ولا حظ ما علق عليه.

٢٩٧

الاستنابة وجبت، وعليه القيام بما يحتاج اليه النائب.ولو استناب مع القدرة جاز أيضا.والمرابطة: إرصاد لحفظ الثغر، وهي مستحبة ولو كان الامام مفقودا، لانها لا تتضمن جهادا، بل حفظا وإعلاما ولو عجز جاز أن يربط فرسه هناك، ولو نذر المرابطة وجبت مع وجود الامام وفقده.وكذا لو نذر أن يصرف شيئا إلى المرابطة.وان لم ينذره ظاهرا ولم يخف الشنعة قال طاب ثراه: ولا يجوز صرف ذلك في غيرها من وجوه البر على الاشبه.

أقول: يريد أن المرابطة في حال الغيبة مستحبة، لانها تتضمن جهادا، بل حفظا للمسلمين وإعلاما لهم بوصول عدو، ليتأهبوا لدفعه، والممنوع منه في حال الغيبة انما هو الجهاد فقط، لا ما كان مشتملا على مصلحة للمسلمين وصونهم من ظفر الكافرين.فاذا نذر الانسان المرابطة وجبت، وكذا لو نذر أن يصرف اليهم شيئا، لانه بذل مال لمسلم يستعين به على فعل الطاعة، فكان لازما، وهو اختيار الاكثر وبه قال ابن ادريس(١) واختاره المصنف(٢) والعلامة(٣) وقال الشيخ: وتبعه القاضي يصرف في وجوه البر الا أن يكون نذر ظاهرا ويخاف في الاخلال به الشنعة عليه، فحينئذ يجب عليه الوفاء به، محتجا على هذا التفصيل بما رواه علي بن مهزيار قال: كتب رجل من بني هاشم إلى أبي جعفر الثانيعليه‌السلام اني كنت نذرت نذرا منذ سنتين أن أخرج إلى ساحل من سواحل البحر إلى ناحيتنا مما يرابط فيه المتطوعة، نحو مرابطهم بجدة وغيرها من سواحل البحر، أفترى جعلت

____________________

(١) السرائر: كتاب الجهاد، باب فرض الجهاد ص ١٥٦ س ١٩ قال: والذي وأعمل عليه صحة هذا النذر ووجوب الاتيان به.

(٢) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٣) المختلف: كتاب الجهاد ص ١٥٥ س ٣٦ قال: بعد نقل قول ابن ادريس: وهو الاقوى.

٢٩٨

ولا يجوز صرف ذلك في غيرها من وجوه البر على الاشبه.وكذا لو أخذ من غيره شيئا ليرابط له لم تجب عليه إعادته وان وجده، وجاز له المرابطة او وجبت.فداك انه يلزمني الوفاء به؟ أولا يلزمنى؟ أو أفتدي الخروج إلى ذلك الموضع بشئ من ابواب البر لاصير اليه إن شاء الله تعالى، فكتب اليه بخطه وقرأته: إن كان سمع منك نذرك أحد من المخالفين فالوفاء به ان كنت تخاف شنعته، وإلا فاصرف مانويت من ذلك في ابواب البر وفقنا الله واياك لما يحب ويرضى(١) وحملت على المرابطة في ثغر لاتجب المرابطة فيه.

قال طاب ثراه: وكذا من أخذ من غيره شيئا ليرابط به لم يجب عليه اعادته وان وجده، وجاز له المرابطة أو وجبت.

أقول: المسألة متفرعة على المسألة السابقة.وتوضيحها أن من أخذ من غيره شيئا ليرابط به وجب صرفه فيما عينه لما قلناه: وقال الشيخ في النهاية: ومن أخذ من إنسان شيئا ليرابط عنه في حال انقباض يد الامام فليرده عليه ولا يلزمه الوفاء به، فان لم يجد من أخذه منه وجب عليه الوفاء به ولزمته المرابطة(٢) وتبعه القاضي(٣) وقال في المبسوط: يرده عليه فان لم يجده فعلى ورثته، فان لم يجد له ورثة لزمه الوفاء به، وان كان في حال تمكن الامام لزمه الوفاء به على كل حال(٤) .

وقال ابن ادريس: يجب على الاجير القيام به سواء كان الامام ظاهرا أولا، وسواء وجد

____________________

(١) التهذيب: ج ٦(٥٦) باب المرابطة في سبيل الله عزوجل ص ١٢٦ الحديث ٤.

(٢) النهاية: باب فرض الجهاد ومن يجب عليه ص ٢٩١ س ٤ قال: وان نذر ذلك في حال انقباض يد الامام صرف ذلك في وجوه البر.

(٣) المهذب: ج ١ باب سيرة الحرب وما بفعل قبل القتال ص ٣٠٣ س ١٣ قال: فان نذر ذلك في حال استتاره الخ.

(٤) المبسوط: ج ٢ في فرض الجهاد ومن يجب عليه ص ٩ س ٣ قال: ويرد عليه أخذه منه الخ.

٢٩٩

النظر الثاني: فيمن يجب جهادهم وهم ثلاثة: (الاول) البغاة

يجب قتال من خرج على إمام عادل إذا دعا إليه هو أو من نصبه، والتأخر عنه كبيرة ويسقط بقيام من فيه غنى، مالم يستنهضه الامام على التعيين، والفرار منه في حربهم كالفرار في حرب المشركين.ويجب مصابرتهم حتى يفيئوا أو يقتلوا.

ومن كان له فئة أجهز على جريحهم وتبع مدبرهم وقتل أسيرهم، ومن لا فئة له يقتصر على تفريقهم فلا يذفف(١) على جريحهم ولا يتبع مدبرهم ولا يقتل اسيرهم ولا يسترق ذريتهم ولا نساء‌هم، ولا تؤخذ أموالهم التي ليست في العسكر، وهل يؤخذ ما حواه العسكر مما ينقل؟ فيه قولان، اظرهما الجواز وتقسم كما تقسم أموال الحرب.المستاجر أولا(١) وهو اختيار المصنف(٢) والعلامة(٤) لانها طاعة وقد استوجر لها، فيجب عليه القيام بها، واحتج الشيخ بالحديث المتقدم(٥) .

وقول المصنف: " وجاز له المرابطة أو وجبت " بناء على مذهبه من لزوم الوفاء بالنذر في صورة النزاع، وحينئذ لا يجب على الاجير رده، بل يجوز له المرابطة إن كان قد أخذ المال بعقد جائز كالجعالة، أو وجبت إن كان أخذه بعقد لازم كالاجارة.

قال طاب ثراه: وهل يؤخذ ما حواه العسكر مما ينقل؟ فيه قولان: أظهرهما الجواز ويقسم كما يقسم أموال الحرب.

____________________

(١) في حديث عليعليه‌السلام يوم الجمل أمر ان لا يذفف على جريح، التذفيف على الجريح: الاجهاز عليه وتحرير قتله: يقال: اذففت على الجريح تذفيفا اذا أسرعت قتله (مجمع البحرين لغة ذفف)

(٢) السرائر: باب فرض الجهاد ص ١٥٦ س ٢٢ قال: والذي يقوى عندي ويقتضيه الدلة لزوم الاجازة في الحالين معا الخ.

(٣) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٤) المختلف: كتاب الجهاد، فيمن يجب عليه ص ١٥٥ س ٨ قال: بعد نقل ابن ادريس: وهو الاقرب.

(٥) التهذيب: ج ٦(٥٦) باب المرابطة في سبيل الله عزوجل ص ١٢٦ الحديث ٤.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579