المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٢

المهذب البارع في شرح المختصر النافع10%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 579

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 579 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 117338 / تحميل: 7178
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

تخصيص الفعل بالإيجاد في وقت دون آخر أو بإيقاعه على وجه دونَ وجه.

ويدلّ على ثبوت الإرادة له - تعالى - بالمعنى المطلق أنّ العالم حادث، فتخصيصُ إيجاده بوقتٍ دونَ ما قبله وما بعده، مع جوازهما، يفتقرُ إلى المخصّص، وليس القدرة، لتساوي نسبتها، ولا العلم لتبعيته، فهو الإرادةُ، ولأنّ تخصيص ما وجد بالإيجاد دونَ غيره من المقدورات يستدعي مخصّصاً هو الإرادةُ.

ويدلّ على إثبات إرادة الفعل منّا أمرُه بالطّاعة، ونهيه عن المعصية، وهما يستلزمان الإرادة والكراهة، خلافاً للأشعريّة الّذين أثبتوا الطلبَ مغايراً للإرادة، لعدم تعقّله، وإلزامُهم بتمهيد عذر السيّد الضّارب عبده للمخالفة إذا أمره مشتركٌ.

المطلب السّادس: في أنّه - تعالى - مُدرِكٌ

اتّفق المسلمون على أنّه - تعالى - سميع بصيرٌ، واختلفوا، فقال أبو الحسين والكعبيّ والأوائل: إنّ معناه علمه بالمسموعات والمبصرات، لاستحالة أن يكونَ هو الإحساسَ بالحواس ولا ما عداه غير العلم، لأنّه غيرُ معقول، وسيأتي أنّه - تعالى - عالم بكلّ معلوم، وللسّمع.

وأثبت الجُبائيّان والأشعريّ والسّيّد المرتضى والخوارزميّ أمراً زائداً على العلم، لأنّ إدراكنا زائدٌ على علمنا؛ للفرق بينَ العلم عندَ المشاهدة وبينه

١٤١

عندَ عدمها. والمقتضي لذلك كونُ المدرك حيّاً، والله - تعالى - حيٌّ، فإدراكه زائد، والمقدّماتُ ضعيفةٌ.

ثمّ استدلّوا على ثبوته بأنّه - تعالى - حيّ، فيصحُّ أن يتّصف بالسّمع والبصر، وكلّ من صحّ اتّصافه بصفة وجب أن يتّصف بها أو بضدّها، وضدّها نقصٌ، وهو على الله - تعالى - مُحال.

والحقّ استنادُ ذلك إلى النّقل، ولا يجبُ صحّةُ اتّصاف الحيّ بالسّمع والبصر، فإنّ أكثرَ الهوامّ والسّمك لا سمعَ لها، والعقربُ والخُلَدُ (1) لا بصرَ لهما. والدّيدان (2) وكثيرٌ من الهوامّ لا سمَ لها ولا بصرَ. فلو لم يمتنع اتّصاف تلك الأنواع بالسّمع والبصر لما خلا جميعُ أشخاصها منهما. (3)

وإذا جاز أن يكونَ بعضُ فصول الأنواع مزيلاً لتلك الصّحة بطلت الكليّة. ولا يجبُ اتّصاف الشّيء بأحد الضّدّين كالشّفاف. نعم يجبُ أن يتصف القابل للصّفة بها أو بعدمها، ونمنع كونَ ضدّهما نقصاً في حقّه تعالى.

والقياسُ باطلٌ، على أنّ حياته - تعالى - مخالفةٌ لحياتنا. ولا يجبُ العموميّةُ، لانتفاء القابليّة، كما أنّ حياتنا مصحّحةٌ للشهوة والنّفرة دونَ حياته تعالى.

____________________

(1) ج: الجراد.

(2) ج: الدّيران.

(3) ج: منها.

١٤٢

المطلب السّابع: في أنّه - تعالى - متكلّمٌ

اتّفق المسلمون على ذلك، لقوله تعالى، ( وَكَلّمَ اللّهُ مُوسَى‏ تَكْلِيماً ) (1) ، ولا دورَ؛ لأنه إثباتٌ لكلامه - تعالى - بإخبار الرّسول المعلوم صدقه بالمعجزة، ولأنّه قادرٌ على كلّ مقدور.

واختلفوا، فعندَ المعتزلة، أنّه خلق في أجسام جماديّة أصواتاً دالّةً على معان مخصوصة، فهو متكلّمٌ بهذا المعنى.

والأشاعرة جوّزوا ذلك، لكن اثبتوا معنىً نفسانيّاً قائماً بذات المتكلّم مغايراً للعلم والإرادة. يدلُّ عليه هذه الحروف والأصواتُ وأنّه قديمٌ في حقّه - تعالى - واحدٌ ليس بأمر ولا نهي ولا خبر؛ لأنّه حيّ يصحّ اتّصافه بالكلام. فلو لم يكن موصوفاً به كان متّصفاً بضدّه، وهو نقصٌ.

ولأنّ أفعاله - تعالى - لمّا جاز عليها التّقدّم والتّأخّرُ أثبتنا الإرادةَ المخصّصةَ، (2) وأفعالُ العباد متردّدةٌ بينَ الحظر والإباحة وغيرهما من الأحكام فلابدّ من مخصّص غير الإرادة، لأنّه قد يأمر بما لا يريدُ وبالعكس، فهو الكلام الّذي هو الطلبُ النّفسانيّ، ولأنّه مَلِك مُطاعٌ، فله الأمرُ والنّهيُ.

اعترضت (3) المعتزلة: بأنّ الاستدلال على الإثبات (4) فرع تصوّر المستدل عليه. وما ذكرتموه غيرُ متصور ويمنع صحة اتّصافه تعالى به،

____________________

(1) النساء: 4/162.

(2) ج: اثبت إرادة مخصوصة.

(3) ألف: اعترض.

(4) ج: إتيان/ ب: إثبات ممنوع وما التزموه.

١٤٣

ويمنع وجوب الاتّصاف بأحدهما وكون الضّدّ نقصاً، بل ثبوته نقصٌ، إذ أمرُ المعدوم ونهيُه وإخباره سفهٌ. والأحكام عقليّةٌ لا سمعيّةٌ فالمُخصّص إمّا الصّفات أو الوجوه والاعتبارات الّتي تقع عليها الأفعال، ويقبح الأمر بما لا يريدُ.

وتمهيدُ العذر في قتل العبد بإيجاد صورةٍ، الأمر، وهو مشترك بين الطلب والإرادة. والمُطاعُ إن عنوا به نفوذَ قدرته في جميع الممكنات فهو حقٌّ، وإن عنوا ما طلبوه منعناه.

المطلب الثّامنُ: في أحكام هذه الصّفات وهي إحدى عشر بحثاً

ألف - ذهب جماعة من المعتزلة والأشاعرة إلى أنّ هذه الصّفات وجوديّةٌ وإلاّ لصحّ حملُها على المعدوم. والملازمةُ ممنوعةٌ، فإنّ كثيراً من العدميّات يمتنعُ حملهُ على المعدوم، وعندَ الأوائل وأبي الحسين أنّها ليست وجوديّةً. وإلاّ لزم تعدّدُ القدماء.

ب - هي نفسُ الذّات في الخارج وإن كانت زائدةً في التّعقّل، وهو اختيارُ الأوائل وأبي الحسين، لما تقدّم، ولأنّ الوجود لو كان زائداً كان ممكناً، لأنّه وصفٌ للماهيّة، فلا يكونُ واجباً، هذا خُلفٌ. ولأنّ مؤثّره إمّا الماهيّةُ لا بشرط الوجود، فالمعدومُ مؤثّر في الموجود أو بشرطه، (1) فيتسلسل (2) أو يدور أو غيرها، فيفتقر إلى الغير.

____________________

(1) ج: لشرطه.

(2) ألف: فتسلسل.

١٤٤

وعندَ جماعة من المعتزلة والأشاعرة أنّها زائدةٌ، للمغايرة بينَ قولنا: واجب الوجود موجودٌ، وبين قولنا: إنّه قادرٌ. وللاستفادة بكلّ منهما، بخلاف قولنا: واجبُ الوجود واجبُ الوجود؛ ولأنّا قد نعلمُ الذّات ونشكّ (1) في الصّفات، وكلّ ذلك يدلٌّ على المغايرة الذّهنيّة.

ج - هذه الصّفات أزليّةٌ وإلاّ لافتقرت إلى مؤثّر، فإن كان ذاته دار، وإن كان غيره افتقر إلى غيره، ولأنّ تأثيره في غيره يستلزم ثبوتها، فهي ثابتة قبل علّتها.

د - هذه الصّفات ذاتيّةٌ عندَ المعتزلة والأوائل، لامتناع استنادها إلى غير ذاته، لما تقدّم، وعندَ الأشعريّة أنّها معلّلةٌ بالمعاني، فهو قادرٌ بقدرة، عالمٌ بعلم، حيّ بحياة، إلى غير ذلك من الصّفات.

قال نفاةُ (الأحوال) منهم إنّ العلمَ نفس العالميّة، والقدرة نفس القادريّة، وهما صفتان زائدتان على الذات وقال مثبتوها: إنّ عالميّته - تعالى - صفةٌ معلّلةٌ بمعنى قائم به، وهو العلم.

هـ - إرادته إمّا نفسُ الدّاعي، كما تقدّم، أو أمرٌ زائدٌ عليه مستندٌ إلى ذاته، كاختيار النّجّار، (2) خلافاً للجمهور. وعند الجبّائيين أنّه مريدٌ بإرادةٍ حادثةٍ لا في محلّ؛ إذ لو كان مريداً لذاته لعمّت إرادته، كالعلم، فيريدُ الضّدّين، أو لإرادةٍ قديمةٍ لزم ثبوتُ القدماء، أو لإرادة حادثة في ذاته كان محلاًّ

____________________

(1) ألف: نشكّل.

(2) ب: كاختيار المختار.

١٤٥

للحوادث، أو في غيره. فإن كان حيّاً رجع حكمها إليه، وإلاّ استحال حلولها فيه، ووجودُ إرادة لا في محلّ غيرُ معقول.

و - خبره - تعالى - صدقٌ، لقبح الكذب عقلاً، فلا يصدر عنه، ولأنّ الكذبَ إن كان قديماً استحال منه الصّدق، والتّالي باطل، للعلم بإمكان صدور الصّدق من العالم بالشّيء. والأخيرُ دليل الأشاعرة ولا يتمّ، لبنائه على أنّ الكلامَ القديمَ هو عين الخبر، وأنّه خبرٌ واحدٌ، ولعدم دلالته على صدق الألفاظ.

ز - قدرته - تعالى - تتعلّقُ بكلّ مقدور، للتّساوي في العلّة الّتي هي الإمكانُ. ومنع الأوائل من صدور اثنين عنه، لأنّه بسيط، ولا يتأتّى في القادر لو صح. ومنع الثّنويّةُ والمجوس من صدور الشّرّ عنه، وإلاّ كان (1) شرّيراً. فعند المجوس فاعلُ الخير يزدانُ وفاعل الشّرّ أهرمن. وعنوا بهما ملكاً وشيطاناً، واللهُ - منزّهٌ عن فعل الخير والشرّ. والمانويّةُ تسند ذلك (2) إلى النّور والظّلمة وكذا الدّيصانيّة.

وعند جميعهم أنّ الخيّر هو الّذي يكون جميع أفعاله خيراً، والشّرّيرَ هو الّذي يكون جميع أفعاله شرّاً. والخيرُ والشّرّ لا يكونان لذاتهما خيراً وشرّاً، بل بالإضافة إلى غيرهما. وإذا أمكن أن يكون شيء واحد بالقياس إلى واحد خيراً وبالقياس إلى غيره شرّاً أمكن أن يكونَ فاعل ذلك الشّيء واحداً.

____________________

(1) ج: لكان.

(2) ج: يستندونهما/ ب: يستند وكذا.

١٤٦

ومنع النّظامُ من قدرته على القبيح، لأنّه محالٌ، لدلالته على الجهل أو الحاجة. والاستحالة من جهة الدّاعي، لا من حيث القدرة.

ومنع عَبّاد من قدرته على ما علم وقوعه أو عدمه لوجوبه أو امتناعه وهو ينفي القدرة، والعلمُ تابعٌ.

ومنع البلخيُّ من قدرته على مثل مقدور العبد؛ لأنه إمّا طاعةٌ أو سفهٌ، وهما وصفان لا يقتضيان المخالفة الذّاتيّة.

ومنع الجُبائيّان من قدرته على عين مقدور العبد، لامتناع اجتماع قدرتين على مقدور واحد؛ لأنّه إن وقع بهما استغنى بكلّ منهما عن الآخر، وإن لم يقع بهما كان المانعُ هو وقوعه بالآخر، فيقع بهما حال ما لا يقعُ بهما وإن وقع بأحدهما لم يكن الآخر قادراً، والأخيرة ممنوعةٌ.

ح - علمُه - تعالى - متعلّقٌ بكلّ معلوم، لأنّه حيّ، فيصحّ أن يعلم كلّ معلوم. فلو اختصّ تعلقه بالبعض افتقر إلى مخصّص، وهو محال ولأنّه يصحُّ أن يعلم كلّ معلوم، فيجب، لأنّها صفةٌ نفسيّةٌ متى صحّت وجبت.

وبيانُ المقدّم، أنّه حيٌّ، وهو يصحّ أن يعلم كلّ معلوم، لأنّ الحيّ هو الّذي لا يستحيل أن يعلم. ونسبةُ الصّحّة إلى الكلّ واحدةٌ.

وبعض الأوائل منع من علمه بذاته، لأنّه إضافةٌ فيستدعي المغايرة. وينتقضُ بعلمنا بأنفسنا.

ومنهم من منع علمه بغيره، لاستحالة حلول صور في ذاته. ويُنتقضُ

١٤٧

بعلم الواحد بنفسه، ولأنّه إضافةٌ، لا صورةٌ، ولأنّ الصّدور (1) عنه أبلغ في الحصول من الصّورة المنتزعة الصّادرة عن العاقل لمشاركة المعقول، ثم تلك الصّورة تعلمُ بذاتها، فهنا أولى.

ومنهم من منع من علمه بالجزئيّات من حيث هي متغيّرةٌ إلاّ على وجه كلّيّ، فلا يعلم أنّ المتغيّر وقع أو سيقع؛ لأنّه عند عدمه إن بقى العلمُ لزم الجهل، وإلاّ كان متغيّراً.

وأجاب بعضهم بأنّ العلم بأنّ الشّيء سيوجد هو غير العلم بالوجود حينَ الوجود.

وهو غلطٌ، لاستدعاء العلم المطابقةَ، بل الحقُّ أنّ التّغيّرَ في الإضافات كتغيّر المقدور المستلزم تغيّر إضافة القدرة، لا القدرة.

ط - وجوبُ وجوده لذاته يقتضي امتناعَ عدمه في وقتٍ مّا. فهو قديمٌ أزليّ باقٍ سرمديٌّ. وبقاؤه لذاته لا لبقاء يقوم به، خلافاً للأشعريّ، وإلاّ افتقر في وجوده إلى غيره، هذا خُلفٌ. ولأنّ بقاءه باق فيتسلسل أو يدور إن بقى بالغير أو بالذّات، وإن بقى لذاته كان أولى بالذّاتيّة.

والتّحقيق أنّ البقاء يراد به امتناع خروج الذّات الثّابتة عن ثبوتها (2) ومفارقة الوجود لأكثر من زمان واحد بعدَ الزّمان الأوّل، والأوّل ثابتٌ في حقّه تعالى، لا زائدَ عليها. والثّاني منتفٍ، (3) لأنّه لا يعقلُ فيما لا يكونُ فانياً. (4)

____________________

(1) ج: المصدور.

(2) ج: ثباتها.

(3) ب: مفتقرٌ.

(4) ب، ج: زمانياً.

١٤٨

كما أنّ الحكم بأنّ الكلّ أعظم من الجزء لا يمكن وقوعه في زمان أو في جميع الأزمنة، كما لا يقال إنّه واقعٌ في مكان أو في جميع الأمكنة. وهو بناءً على أنّ التّغيّر يستدعي الزّمان.

ي - قدرتُه، علمه؛ وإرادته كافيةٌ في الإيجاد، لوجوبه عند اجتماعهما، خلافاً لبعض الحنفيّة، حيث أثبتوا التّكوين صفة أزليّة لله تعالى. والمكوّن محدث، لقوله تعالى: ( إِنّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) (1) فـ (كن) متقدّمٌ على (الكون)، وهو المسمّى بالأمر، والكلمة والتّكوين والاختراع والإيجاد والخلق، ولأنّ القدرة مؤثّرةٌ في صحّة وجود المقدور، والتّكوين مؤثّر في نفس وجوده.

وهو غلطٌ، لأنّ التّكوين إن كان قديماً لزم قدم الأثر، لأنّه نسبةٌ، وإن كان محدثاً تسلسل. وقوله (كن) لا يدلّ على إثبات صفة زائدة على القدرة، والقدرةُ لا تأثيرَ لها في صحّة الوجود، لأنّها ذاتيّةٌ للممكن.

يا - أثبت الأشعري (اليد) صفةً وراء القدرة، و(الوجه) صفةً وراء الوجود، و(الاستواء) صفةً أُخرى. وأثبت القاضي (2) إدراكَ الشّمّ والذّوق واللّمس ثلاثَ صفاتٍ. وأثبت عبد الله بن سعيد (القدم) صفةً مغايرةً للبقاء، و

____________________

(1) يس: 36/82.

(2) هو أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد المعروف بقاضي القضاة، من أئمة المعتزلة، له مصنّفات منها: شرح الأُصول الخمسة، تنزيه القرآن من المطاعن، المغني، مات سنة 415هـ. الأعلام: 3/273.

١٤٩

(الرّحمة) و(الكرم) و(الرّضا) صفاتٍ غيرَ الإرادة. ولا دليل على شيء من ذلك.

وجزم آخرون بنفي ما زاد على السّبعة، لأنّا كلّفنا بالمعرفة، وإنّما تحصل بمعرفة الصّفات، فلابُدّ من طريق، وليس إلاّ الاستدلال بالآثار والتّنزيه عن النّقصان، وإنّما يدلاّن على السّبعة، ونمنع من التّكليف بكمال المعرفة.

١٥٠

الفصل الثّاني

في الصّفات السّلبيّة

وفيه مطالبُ [اثنا عشر]:

[المطلب] الأوّل: في أنّه - تعالى - ليس بمتحيّز

اتّفق العقلاء عليه، خلافاً للمجسّمة، لأنّ كلّ متحيّز لا ينفكّ عن الحركة أو السّكون، فيكون مُحدَثاً، ولأنّه حينئذ إمّا جسمٌ فيكون مركّباً فيكون حادثاً أو جزءاً لا يتجزّأ، وهو غير معقول، لامتناع اتّصاف مثل ذلك بالقدرة والعلم غير المتناهيين، ولأنّه لو كان جسماً لكان مركّباً. فالعلمُ الحاصل لأحد الجزأين ليس هو الحاصل للآخر، فيتعدد الآلهةُ. والظواهر متأوّلةٌ، وعجزُ الوهم لا يعارضُ القطع العقليّ.

المطلب الثّاني: في أنّه - تعالى - لا يحلّ في غيره

المعقول من الحلول قيامُ موجود بموجود آخر على سبيل التّبعيّة بشرط امتناع قيامه بذاته. وهو محالٌ في حقّ واجب الوجود، ولقضاء العقل بأنّ الغنيّ عن المحلّ يستحيلُ حلوله فيه. فإن كان حالاًّ في الأزل لزم قدم المحلّ، وإن لم يكن تجدّدت الحاجة، ولأنّ حلول الشّيء في غيره إنّما

١٥١

يتصوّر لو كان الحالُّ إنّما يتعيّنُ بواسطة المحلّ، وواجب الوجود لا يتعيّنُ بغيره.

وعندَ بعض النّصارى، أنّه - تعالى - حالٌّ في المسيح. وعند الصّوفيّة أنّه - تعالى - حالٌّ في (1) العارفين. والكلّ محالٌّ، فهو إذن ليس بعرض ولا صورة، لافتقارهما إلى المحلّ.

المطلب الثّالث: في أنّه - تعالى - مخالفٌ لغيره لذاته

ذهب أبو هاشم إلى أنّ ذاته - تعالى - مساويةٌ لسائر الذّوات في الذّاتيّة، ويخالفها بحالة توجبُ الأحوال الأربعة، أعني الحييّة والعالميّة والقادريّة والموجوديّة. وهي الحالة الإلهيّة لأنّ مفهومَ الذّات هو ما يصحّ أن يعلم ويُخبر عنه. وهو غلطٌ؛ لأنّ هذا المفهوم (2) أمرٌ اعتباريٌّ ليس نفسَ الحقائق الثّابتة في الأعيان، بل من المعقولات الثّانية.

ولا يمكن تساوي كلّ الذّوات، لأنّ اختصاصَ بعضها بما يوجب المخالفة إن لم يكن لمرجّح كان ترجيحاً لأحد طرفي الممكن، لا لمرجّح، وإلاّ تسلسل.

____________________

(1) ج: حالٌّ في الأبدان العارفين.

(2) ج: هذا المفهوم ليس أمر اعتباري.

١٥٢

المطلب الرّابع: في أنّه - تعالى - غيرُ مركّب

كلُّ مركّب ممكنٌ، لأنّه يفتقرُ (1) إلى جزئه، وجزؤه غيره، وكلّ مفتقرٍ ممكنٌ، وواجبُ الوجود ليس بممكن، فليس له أجزاءُ ماهيّة، أعني المادّة والصّورة، ولا عقليّة، أعني الجنس والفصل، ولا مقداريّة؛ ولا يتركّب عنه غيره، فليس جنساً ولا فصلاً ولا نوعاً يندرج تحته أفرادٌ، ولا يتركّب عنه غيره، إذ يستحيل أن ينفعل عن غيره.

المطلب الخامس: في أنّه - تعالى - لا يتحدُ بغيره

اتفق العقلاء من المتكلّمين والحكماء إلى (2) امتناع الاتّحاد، إلاّ فرفوريوس والرّئيس في بعض كتبه، لأنّ الشّيئين بعدَ الاتّحاد إن بقيا موجودين فهما اثنان لا واحدٌ، وإن عُدما فلا اتّحادَ، بل حدث ثالثٌ، وإن عُدم أحدهما لم يتّحد المعدوم بالموجود. وهذا حكمٌ عامٌّ في كلّ الماهيّات. نعم قد يقال: الاتّحادُ بالمجاز على صيرورة شيء شيئاً آخر بأن يخلعُ صورته ويلبس الأخرى، كما يقال: صار الماء هواءً؛ أو بأن يحدث للأجزاء مزاج (3) وهيئة زائدة على الآخر كما يقال: صار العفصُ والزّاجُ حِبراً، وهو منفيٌّ (4) عن واجب الوجود - تعالى -؛ لاستحالة خروجه عن

____________________

(1) ج: مفتقر.

(2) ج: على.

(3) ب، ج: امتزاجاً.

(4) ج: منتفٍ.

١٥٣

حقيقته وعدم أمر زائد عليها وامتناع تركّبه من غيره أو معه.

وقالت النّصارى باتّحاد الأقانيم الثّلاثة: الأب والابن وروح القدس، واتّحد ناسوتُ المسيح باللاّهوت.

والصّوفيّةُ قالوا: أنّه - تعالى - يتّحدُ بالعارفين. والكلُّ غيرُ معقول.

المطلب السادس: في أنّه - تعالى - ليس في جهة

اتفق العقلاء عليه إلاّ المجسّمة والكرّاميّة، لأنّه ليس بمتحيّز ولا حالّ في المتحيّز، فلا يكون في جهة بالضّرورة، ولأنّ الكائن في الجهة لا ينفكّ عن الأكوان بالضّرورة، فيكون مُحدَثاً، وواجبُ الوجود ليس بمُحدَث؛ ولأنّ مكانه مساو لسائر الأمكنة، فاختصاصه به ترجيحٌ عن غير مرجّح، ويلزمُ قِدَم المكان أو حلول المجرّد في مكان بعدَ إن لم يكن. وهو غير معقول.

وأصحابُ أبي عبد الله ابن الكرّام ذهب بعضهم إلى أنّه في جهةٍ فوق العرش لا نهاية لها، والبُعد بينه وبينَ العرش غيرُ متناه أيضاً. وقال بعضهم متناهٍ. والكلّ خطأٌ، لما تقدّم، ولأنّ العالم كرةٌ.

المطلب السابع: في استحالة الألم واللذّة عليه تعالى

اتفق العقلاء على استحالة الألم عليه، لأنّه إدراك منافٍ، ولا منافي له تعالى. أمّا اللذّةُ فقد اتفق المسلمون على استحالتها عليه، لأنّ اللذة والألمَ

١٥٤

من توابع اعتدال المزاج وتنافره، ولا مزاجَ له - تعالى -، ولأنّ اللّذّة إن كانت قديمةً وهي داعيةٌ إلى فعل الملتذّ به وجب وجوده قبل وجوده لوجود الدّاعي وانتفاء المانع، وإن كانت حادثةً كان محلاًّ للحوادث. وفيه نظرٌ، لجواز اتّحاد داعي اللذّة والإيجاد.

والأوائل أثبتوا له لذّةً عقليّةً لا بفعله، بل باعتبار علمه بكماله، فإنّ كلّ من تصوّر في نفسه كمالاً ابتهج، كما أنّ من تصوّر نقصاناً في نفسه تألّمَ. ولمّا كان كماله - تعالى - أعظمَ الكمالات، وعلمه بكماله أتمّ العلوم استلزم ذلك أعظمَ اللّذات.

والصّغرى ممنوعةٌ والقياسُ على الشّاهد ضعيفٌ، والإجماع ينفيه.

تذنيبٌ

يستحيل اتّصافه بكلّ كيفيّة مشروطة بالوضع، كالألوان والطّعوم والرّوائح وغيرها في (1) الأعراض، لامتناع انفعاله تعالى.

المطلب الثّامن: في أنّه - تعالى - ليس محلاًّ للحوادث

اتّفق الأكثرُ عليه، خلافاً للكرّاميّة، لامتناع انفعاله في ذاته، فيمتنع التّغيّرُ عليه، ولأنّ الحادث إن كان صفةَ كمال استحال خلوّه عنها أزلاً، (2) وإلاّ

____________________

(1) ج، ب: من.

(2) ب: أوّلاً.

١٥٥

استحال اتّصافُه بها، ولأنّه لو صحّ اتّصافُه به كانت تلك الصّحّةُ لازمةً لذاته، لاستحالة عروضها، (1) وإلاّ تسلسل، فتكونُ أزليّةً. وصحّةُ الاتّصاف بالحادث تستدعي صحّة وجود الحادث أزلاً، (2) وهو محالٌ.

المطلب التاسع: في أنّه - تعالى - غنيُّ

هذا من أظهر المطالب، لأنّه واجب من جميع الجهات، وكلّ ما عداه ممكنٌ محتاجٌ إليه، فلا يُعقل احتياجُه - تعالى - إلى غيره، ولأنّ ذاتَه واجبةٌ، وصفاته نفسُ حقيقته، فيستغني في ذاته وصفاته، ولأنّه - تعالى - ليس محلاًّ للحوادث، وغيره حادثٌ، والإضافات ليست وجوديّةً.

المطلب العاشر: في أنّه غيرُ معلوم للبشر

هذا مذهبُ ضرار والغزاليّ (3) وجميع الأوائل، لأنّ المعلوم منه - تعالى - ليس إلاّ السّلوبَ، مثلُ أنّه ليس بجسم ولا عرض، أو الإضافات مثل أنّه قادرٌ عالمٌ خالقٌ رازقٌ. والحقيقةُ مغايرةٌ لذلك بالضّرورة. وعندَ جماهير المعتزلة والأشاعرة، أنّه - تعالى - معلومٌ، لأنّ وجوده معلوم، وهو نفس حقيقته، ونمنع الصّغرى.

____________________

(1) ج: عدمها.

(2) ب: أوّلاً.

(3) هو أبو حامد محمد بن محمد المعروف بالغزالي، المتوفّى 505هـ.

١٥٦

المطلب الحادي عشر: في استحالة الرّؤية عليه تعالى

الأشاعرة خالفوا جميعَ الفرق في ذلك.

أمّا المعتزلةُ والفلاسفة فظاهرٌ.

وأمّا المجسّمة، فلأنّه لو كان مجرّداً لاستحال رؤيته عندهم.

واتفق العقلاء إلاّ المجسّمة على انتفاء الرّؤية، بسبب الانطباع أو الشّعاع، عنه - تعالى -.

والأشاعرةُ قالوا، إنّا نفرقُ بينَ علمنا حالةَ فتح العين وتغميضها، وليس بالانطباع ولا الشّعاع، فهو راجعٌ إلى حالةٍ أُخرى ثابتةٍ في حقّه تعالى.

والضّرورةُ قاضيةٌ ببطلانه، لانتفاء الجهة، وكلّ مرئيّ (1) مقابلٌ أو في حكمه، ولأنّه لو كان مرئيّاً لرأيناه الآن، لانتفاء الموانع ووجود الشّرائط، إذ ليست هنا إلاّ صحّة كونه مرئيّاً وسلامة الحاسّة، ولقوله تعالى: ( لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ) (2) تمدّح به، لتخلّله بين مدحين، فإثباته نقصٌ، وهو مُحالٌ عليه تعالى، ولقوله: ( لَنْ تَرَانِي ) (3) و(لن) لنفي الأبد، وإذا انتفت في حقّ موسى (عليه السلام) فكذا غيره.

____________________

(1) ألف: كل مراى.

(2) الأنعام: 6/103.

(3) الأعراف: 7/143.

١٥٧

احتجّوا بأنّ الجوهرَ والعرضَ مرئيّان، والحكمَ المشترك لابُدّ له من علّة مشتركة، وليس إلاّ الوجود والحدوث، والأخير لا يصلحُ للعلّيّة، لأنّ جزءه عدميّ، ولقوله تعالى: ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نّاضِرَةٌ * إِلَى‏ رَبّهَا نَاظِرَةٌ ) (1) ولأنّه - تعالى - علّقها على استقرار الجبل الممكن، لأنّه جسمٌ ولأنّ موسى (عليه السلام) سألها.

والجوابُ: وجودُه - تعالى - حقيقته، وهو مخالفٌ لوجودنا، فلا يجب تساويهما في الأحكام. ونمنعُ احتياج صحّة الرّؤية إلى علّة، إذ لو وجب تعليل كلّ حكمٍ تسلسل، ولأنّها عدميّةٌ، ونمنعُ تساوي صحّة رؤية الجوهر وصحّة رؤية العرض، ويجوز تعليل المشترك بعلّتين مختلفتين، ونمنع الحصرَ بوجود الإمكان، فيجوزُ أن يكونَ علّةً لإمكان الرؤية وإن كان عدميّاً.

والحدوث هو الوجودُ المسبوق، ولا يلزمُ من وجود العلّة وجود المعلول، لجواز التّوقّف على شرط أو حصول مانع. و(إلى) واحدُ (الآلاء)، أو أنّ فيها إضماراً، تقديره: (إلى نِعَم ربّها) والتّعليق على الاستقرار حالةَ الحركة، وهو محال، والسّؤالُ وقع لقوم موسى، لقوله تعالى: ( فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى‏ أَكْبَرَ مِن ذلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللّهَ جَهْرَةً ) (2) .

____________________

(1) القيامة: 75/22 - 23.

(2) النساء: 4/53.

١٥٨

المطلب الثاني عشر: في أنّه - تعالى - واحدٌ

لو كان في الوجود واجبا الوجودِ لكانا مشتركين في هذا المعنى، فإمّا أن يكونَ ذاتياً لهما، أو لأحدهما، أو عارضاً لهما. والأوّلُ يستلزم تركّبَ كلّ منهما، فيكون ممكناً. والثّاني والثالث يستلزم كلّ منهما أن لا يكونَ معروضه في ذاته واجباً.

ولا يجوز أن يكونَ الواجبُ لذاته هو المعنى المشترك خاصّةً، إذ لا وجودَ له في الخارج إلاّ مخصّصاً.

ولا يجوز أن يكونَ المخصّص سلبيّاً، فإنّ سلبَ الغير لا يتحصّلُ إلاّ بعدَ حصول الغير؛ ولأنّ المخالفةَ ممكنةٌ، لأنّ كلّ واحد منهما قادرٌ على جميع المقدورات، فيصحّ أن يقصد أحدهما إلى ضدّ ما قصد (1) الآخرُ، فإن حصل المُرادان، اجتمع الضّدّان، وهو محال، وان عدما كان المانع من مُراد كلّ منهما وجودَ مراد الآخر، فيلزمُ وجودهما وإن وُجِدَ أحدهما فهو الإله؛ وللسّمع.

وقالت الثّنويّةُ بقدم النّور والظلمة وكلّ خير في العالم فمن النّور، وكلّ شر فمن الظلمة، وكلٌّ منهما لا نهايةَ له في الجهات الخمس. والنّورُ حيٌّ عالمٌ والظلمةُ حيّةٌ جاهلةٌ. وسببُ حدوث العالم اختلاط أجزاء من النّور

____________________

(1) ب، ج: قصده.

١٥٩

بأجزاء من الظلمة. وأراد النّورُ الأعظم استخلاصَ تلك الأجزاء من الظلمة. فلم يمكنه إلاّ بخلق هذا العالم وخلق الأجسام النّيّرة فيه، بحيث تستخلصُ بنورها تلك الأجزاء النّورانيّة من الظلمة. فإذا خلصت فنى (1) العالم.

وهذا الكلامُ كلّه خطأ، فإنّ النّورَ عرضٌ لا يقومُ بذاته، والظلمةَ عدميّةٌ، وعدمُ التّناهي مُحالٌ، لما تقدّم.

وقال المجوسُ: إنّ للعالم صانعاً قادراً عالماً حيّاً حكيماً، سمّوه يزدان، وكلّ خير في العالم منه، وأنّه أفكر (2) لو كان لي ضدٌّ في الملك كيف تكونُ حالي معه، فحدث الشّيطانُ من تلك الفكرة، وكلّ شرّ في العالم منه، واسمه اهرمن. وبعضهم قال بقدم الشّيطان وهو ظاهر الفساد أيضاً.

وقالت النّصارى: الباري - تعالى - جوهرٌ واحدٌ ثلاثة أقانيم، أقنوم الأب وهو وجوده، وأُقنومُ الابن وهو علمه، واقنومُ روح القدس، وهو حياته.

فإن أرادوا الصّفات فلا منازعةَ إلاّ في اللّفظ، وإلاّ فهو خطأ، لما تقدّم.

____________________

(1) ج: نفى.

(2) ج: فكر.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

بافساده انقلب اليه، والثانية لم يستأجر لها، بل وجبت بسبب مستند إليه، ثم إن كانت الاجارة مقيدة، انفسخ عقدها، وان كانت مطلقة تخير المستأجر، ومع عدم الفسخ يلزمه حجة ثالثة، ولا يرتجع منه الاجرة.

(ج) لو أفسد فصد تحلل ووجب القضاء، فان قلنا بالاول لم يكف القضاء الواحد، لوجوب قضاء‌حجة الاسلام بالتحلل منها، وبقاء حجة العقوبة في ذمته، وتقدم حجة الاسلام في القضاء، وان قلنا بالثاني كفى القضاء الواحد، لسقوط حجة العقوبة بالتحلل منها.

(د) لو نذر إنسان أن يصرف شيئا إلى من كان في حجة الاسلام، استحق في الاولى على الاول دون الثاني، وينعكس الحكم في القضاء.

(ه‍) لو نذر أن يحج العام حجة الاسلام ثم افسد، فان قلنا بالاول برء ووجب القضاء وان قلنا بالثاني كفر لخلف النذر.

(و) لو مات المفسد قبل القضاء وكان نائبا، وجب الاستيجار من أصل التركة، فان قلنا بالاول إستأجر ولي النائب لايقاع حج واجب بسبب الافساد، و ان قلنا بالثاني إستأجر ولي الميت لايقاع حجة الاسلام ورجع على تركة النائب بالاجرة، لبطلان العقد بالموت.

(ز) لو نذر إنسان أن يوجر نفسه لحجة الاسلام، برء بايجاره نفسه، لايقاعها على الاول دون الثاني.

(ح) يلحقه أحكام الصرورة في الحجة الثانية من تأكد استحباب دخول الكعبة، ووجوب الحلق على أحد القولين، ووطئ المشعر برجله، على الثاني دون الاول، لان الصرورة من لم يحج للاسلام.

(ط) لو اعتق العبد في القضاء قبل الوقوف، اجزأ على قول ابن ادريس، ولم يجز على قول الشيخ.

٢٨١

ولو استمنى بيده لزمته البدنة حسب، وفي رواية: الحج من قابل.

قال طاب ثراه: ولو استمنى بيده لزمته البدنة، وفي رواية: والحج من قابل.

أقول: وجوب البدنة خاصة مذهب التقي(١) وابن ادريس(٢) وهو ظاهر أبي علي(٣) لاصالة براء‌ة الذمة، والافساد مذهب الشيخ في المبسوط(٤) والجمل(٥) وبه قال القاضي(٦) وابن حمزة(٧) والعلامة في المختلف واحتجوا بحسنة اسحاق بن عمار قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام قال: قلت: ما تقول في محرم عبث بذكره فأمنى، قال: أرى عليه مثل ما على من أتى أهله وهو محرم، بدنة والحج من قابل(٩) واليها أشار المصنف بقوله " وفي رواية " والعمل على هذا أحوط.

____________________

(١) الكافي: الحج، واما كفارة ما يأتيه المحرم ص ٢٠٣ س ١٦ قال: وفي الاستمناء والتلوط واتيان البهايم بدنة.

(٢) السرائر: باب ما يلزم المحرم عن جناياته ص ١٢٩ س ٣٤ قال: ومتى عبث الرجل بذكره حتى أمنى فان الواجب عليه الكفارة وهي بدنة.

(٣) المختلف: في كفارات الاحرام ص ١١٢ س ٣٩ قال: وقال: ابوعلى ابن الجنيد: وعلى المحرم اذا انزل الماء امابعث بحرمتة الخ.

(٤) المبسوط: ج ١ فصل في ذكر ما يلزم المحرم من الكفارة ص ٣٣٧ س ١٨ قال: ومن عبث بذكره حتى أمني كان حكمه حكم من جامع

(٥) الجمل والعقود: ص ٧٢ س ١٠ قال: والتروك المفروضة إلى أن قال: ولا يجامع ولا يستمني الخ

(٦) المهذب: ج ١، باب المحرم على جناياته ص ٢٢٢ قال: فاما ما يجب فيه بدنة إلى أن قال: أو يعبث بذكره فيمني الخ

(٧) الوسيلة: فصل في بيان الكفارت ص ٦٨٨ س ٢٧ قال: فالبدنة تلزم إلى أن قال: وبالامناء قبل الوقوف.

(٨) المختلف: في كفارات الاحرام ص ١١٣ س ٣ قال: بعد نقل قول الشيخ: والمعتمد الاول.

(٩) الفروع: باب المحرم يقبل امرأته ص ٣٧٦ الحديث ٦.

٢٨٢

ولو جامع امته المحرمة باذنه، محلا، لزمه بدنة أو بقرة أو شاة.ولو كان معسرا فشاة أو صيام ثلاثة أيام.ولو جامع قبل طواف الزيارة.لزمه بدنة، فان عجز فبقرة او شاة.

قال طاب ثراه: ولو جامع امته المحرمة باذنه محلا، لزمه بدنة أو بقرة أو شاة، ولو كان معسرا فشاة أو صيام.

أقول: انما قيد احرامها باذنه ليكون صحيحا، إذ لو كان بغير اذنه لكانت محلة لا يجب عليه بوطئها شئ، أما مع إذنه فاحرامها صحيح، وقد هتك حرمته فيكون عليه الكفارة، وفي كيفيتها قولان:

(أ) قول الشيخ في المبسوط: يلزمه بدنة، فان عجز فشاة أو صيام ثلاثة ايام(١) .

(ب) قول المصنف: وهو وجوب بدنة على الموسر أو بقرة أو شاة، وعلى المعسر شاة أو صيام(٢) واختاره العلامة ونقله عن والده طاب ثرا هما(٣) .فيكون على هذا القول مخيرا في الشاة في موضعين: (أ) قدر على البدنة والبقرة والشاة تخير بينها.

(ب) عجز عن البدنة والبقرة قدر على الشاة لاغير، تخير بينها وبين صيام ثلاثة أيام.والمستند صحيحة اسحاق بن عمار عن الكاظمعليه‌السلام قال: سألته عن رجل محرم(٤) وقع على أمة محرمة؟ قال: موسر أو معسر؟ قلت: أجنبى عنهما، قال:

____________________

(١) المبسوط: ج ١، فصل في ما ذكر يلزم المحرم من الكفارة ص ٣٣٦ س ٢٣ قال: واذا جامع أمته وهي محرمة الخ.

(٢) لا حظ عبارة المنختصر النافع.

(٣) المختلف: في كفارات الاحرام ص ١١٣ س ٢١ قال: وكان والدىرحمه‌الله يوجب على الموسر بدنة إلى أن قال: وهو الوجه.

(٤) هكذا في جميع النسخ: والصحيح (عن رجل محل) كما في الحديث.

٢٨٣

ولو طاف من طواف النساء خمسة أشواط، ثم واقع لم يلزمه الكفارة وأتم طوافه، وقيل، يكفى في البناء مجاوزة النصف هو أمرها بالاحرام أو لم يأمرها وأحرمت من قبل نفسها؟ قلت: أجنبي عنها، قال: إن كان موسرا وكان عالما انه لا ينبغي له، وكان هو الذي أمرها بالاحرام، فعليه بدنة، وإن شاء بقرة، وان شاء شاة، وان لم يكن أمرها بالاحرام فلا شئ عليه موسرا كان أو معسرا، وإن كان أمرها وهو معسر فعليه دم شاة أو صيام(١) .

تنبيه

يقتصر على القدر المذكور من الكفارة عليه عقوبة له، لانه هتك إحراما صحيحا، إذا كانت الامة مكرهة أو جاهلة.ولو طاوعته وجب عليها القضاء، وعليه أن يأذن لها فيه، لانه أذن لها في الابتداء وأحرمت إحراما صحيحا وكان الفساد منه، فكان عليه الاذن في القضاء وعليها الكفارة، لكن يلزمها الصوم عوض البدنة ثمانية عشر يوما، وعليه تمكينها من الصيام، لما قلناه في القضاء.

فرع

لو كان عوض الامة عبد، احتمل قويا الحاقه بها، لان الجناية أفحش، فيناسب ترتب العقوبة عليه.قال طاب ثراه: ولو طاف من طواف النساء خمسة أشواط ثم واقع لم يلزمه الكفارة وأتم طوافه، وقيل: يكفي في البناء مجاوزة النصف.

أقول: أما الاكتفاء بمجاوزة النصف في البناء فلا خلاف فيه، وانما الخلاف في سقوط الكفارة لو كان قد طاف أربعه أشواط، ففي العبارة تساهل.

____________________

(١) الفروع: ج ٤ باب المحرم يواقع امرأته قبل أن يقضي المناسك ص ٣٧٤ الحديث ٦.

٢٨٤

ولو عقد المحرم المحرم على امرأة ودخل، فعلى كل واحد كفارة، وكذا لو كان العاقد محلا على رواية سماعة قال الشيخ: لا كفارة عليه(١) لرواية علي بن أبي حمزة عن الصادقعليه‌السلام في رجل نسي طواف النساء؟ قال: إذا زاد على النصف وخرج ناسيا أمر من يطوف عنه، وله أن يقرب النساء إذا زاد على النصصف(٢) ، واختاره العلامة في المختلف(٣) وقال ابن ادريس: الاحتياط يقتضي ايجاب الكفارة(٤) وهو اختيار المصنف(٥) واحتج بوجوب الكفارة على من جامع قبل طواف النساء، خرج منه الخمسة للاتفاق، فيبقى الباقى على اصله، ولصحيحة حمران بن اعين عن أبي جعفرعليه‌السلام في رجل كان عليه طواف النساء وحده وقد طاف منه خمسة أشواط بالبيت، ثم غمزه بطنه فخاف أن يبدره فخرج إلى منزله فنقض، ثم غشى جاريته، قال: يغتسل ثم يرجع فيطوف بالبيت تمام ما بقي عليه من طوافه، ثم يستغفر ربه ولا يعود(٦) وهي كماتراها قاصرة الدلالة.

قال طاب ثراه: ولو عقد المحرم لمحرم على إمرأة ودخل فعلى كل واحد كفارة.وكذا لو كان العاقد محلا على رواية سماعة.

أقول: ظاهر المصنف وجوب الكفارة لمساعدته على المحرم، واختاره العلامة في

____________________

(١) النهاية: باب ما يجب على المحرم من الكفارة فيما يفعله ص ٢٣١ س ١١ قال: فان كان أكثر من النصف بنى عليه بعد الغسل الخ.

(٢) من لا يحضره الفقيه: ج ٢(١٢٧) باب حكم من نسي طواف النساء ص ٢٤٦ الحديث ٤.

(٣) المختلف: في كفارات الاحرام ص ١١٤ س ٢٢٣ قال بعد نقل قول الشيخ: وقول الشيخ عندي هو المعتمد.

(٤) السرائر: باب ما يلزم المحرم عن جناياته من كفارة ص ١٢٩ س ٣٤ قال: فالاحتياط يقتضي وجوب الكفارة.

(٥) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٦) من لا يحضره الفقيه: ج ٢(١٢٧) باب حكم من نسئ طواف النساء ص ٢٤٥ الحديث ٣.

٢٨٥

ومن جامع في احرام العمرة قبل السعي فعليه بدنة وقضاء العمرة.ولو أمنى بنظره إلى غير أهله فبدنة إن كان موسرا وبقرة إن كان متوسطا أو شاة إن كان معسرا.ولو نظر إلى أهله لم يلزمه شئ الا أن ينظر اليها بشهوة فيمنى فعليه بدنة.ولو مسها بشهوة فشاة أمنى أو لم يمن.ولو قبلها بشهوة كان عليه جزور.وكذا لو أمنى عن ملاعبة.ولو كان عن تسمع على مجامع أو استماع إلى كلام امرأة من غير نظر لم يلزمه شئ.والطيب: ويلزم باستعماله شاة، صبغا وإطلاء وبخورا وفي الطعام.ولا بأس بخلوق الكعبة وإن مازجه الزعفران.منتهى المطلب(١) وجزم به في المعتمد(٢) وعليه الاكثر، ومستنده مارواه الشيخ في الموثق عن سماعة بن مهران عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: لا ينبغي الشيخ في الموثق عن سماعة بن مهران عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: لا ينبغي للرجل الحلال أن يزوج محرما يعلم انه لا يحل له، قلت: فان فعل فدخل بها المحرم؟ قال: إن كانا عالمين كان على كل واحد منهما بدنة(٣) وقال فخر المحققين: والحق عندي خلافه، للاصل، ولانه مباح بالنسبة اليه ويحمل الرواية على الاستحباب(٤) .والاصل مخالف للدليل، وكونه مباحا بالنسبة اليه ممنوع، فان المباح ايقاع العقد لنفسه لا لمحرم، وهو موضع النزاع، وكونه محلا لا يمنع من وجوب الكفارة عليه، كما أوجبنا الكفارة على المحل الواطئ امته المحرمة باذنه، وهو اجماع.

____________________

(١) المنتهي: ج ٢، البحث العاشر فيما يجب بالاستمتاع ص ٨٤٢ س ١٠ قال: ويجب على العاقد كفارة كما يجب على الوطى ء.

(٢) لم نعثر عليه.

(٣) التهذيب: ج ٥(٢٥) باب الكفارة عن خطإ المحرم ص ٣٣٠ الحديث ٥١.

(٤) الايضاح: ج ١ في الاستمتاع بالنساء ص ٣٤٨ س ١٥ قال: والاصح خلافة ولانه مباح بالنسية اليه الخ.

٢٨٦

والقلم: وفي كل ظفر مد من طعام.وفي يديه ورجليه شاة اذا كان في مجلس واحد، ولو كان كل واحد منهما في مجلس فدمان.ولو أفتاه بالقلم فأدمى ظفره فعلى المفتي شاة.والمخيط: يلزم به دم، ولو اضطر جاز، ولو لبس عدة في مكان.وحلق الشعر: فيه شاة أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مدان، أو عشرة لكل مسكين مد، وصيام ثلاثة أيام مختارا أو مضطرا.وفي نتف الابطن شاة، وفي أحدهما إطعام ثلاثة مساكين.ولو مس لحيته أو رأسه وسقط من رأسه شعر تصدق بكف من طعام.ولو كان بسبب الوضوء للصلاة فلا كفارة.والتظليل: فيه سائرا شاة.وكذا في تغطية الرأس ولو بالطين أو الارتماس أو حمل ما يستره.والجدال: ولا كفارة فيما دون الثلاث صادقا، وفي الثلاث شاة، وفي المرة كذبا شاة، وفي المرتين بقرة، وفي الثلاث بدنة.وقيل: في دهن للتطييب شاة، وكذا قيل في قلع الضرس قال طاب ثراه: وقيل في الدهن الطيب شاة(١) وكذا قيل في قلع الضرس.

أقول: هنا مسألتان: الاولى: الدهن الطيب، ونعني به ما فيه طيب يحرم إستعماله ويجب به الكفارة، وهو

____________________

(١) هذه العبارة في النسخ مختلفة، ففي النسخة المطبوعة كما اثبتناه في المتن، وفي النسخة المخطوطة المحشاة بحواشى متعددة هكذا (وقيل في الدهن بالطيب شاة) وفي نسخة اخرى مخطوطة وعليها اثار المقابلة هكذا (وقيل في الدهن الطيب شاة) ولما كانا لمراد معلوما فلا يهتما اختلاف النسخ.

٢٨٧

اختيار الشيخ في النهاية(١) والمبسوط(٢) والخلاف(٣) وبه قال ابن ادريس وأوجب الكفارة به مختارا ومضطرا(٤) وهو حسن، وينتفيى الاثم مع الضرورة، وقال لشيخ في الجمل: انه مكروه(٥) اما غير الطيب: فقال ابن ادريس: لا تجب به كفارة، بل الاثم(٦) واختار العلامة في المختلف وجوب الكفارة في الطيب دون غيره(٧) .

الثانية: قلع الضرس، وفيه دم ند الشيخ(٨) تعولا على رواية محمد بن عيسى عن عدة من اصحابنا عن رجل من أهل خراسان: إن مسألة وقعت في الموسم لم يكن عند مواليه فيها شئ: محرم قلع ضرسه، فكتبعليه‌السلام يهريق دما(٩) وهي كما تراها مرسلة مقطوعة وقال الصدوق(١٠) وابوعلي: لا بأس به مع الضرورة

____________________

(١) النهاية: باب ما يجب على المحرم اجتنابه ص ٢٢٠ س ٦ قال: ولا استعمال الاذهان التي فيها طيب الخ.

(٢) المبسوط: ج ١ فيما يجب على المحرم اجتنابه ص ٣٢١ س ٧ قال: ولا استعمال التي فيها طيب إلى أن قال: وما ليس بطيب يجوز له الادهان به مالم يلب الخ.

(٣) الخلاف: كتاب الحج مسألة ٩٠ قال: الدهن على ضربين الخ.

(٤) السرائر: باب ما يجب على المحرم اجتنابه ص ١٢٨ س ١٣ قال: وكذلك يحرم عليه الاذهان فيه طيب.

(٥) الجمل والعقود: ص ٧٣ س ١٢ قال: واما التروك المكروهة إلى أن قال: واستعمال الاذهان الطيبة قبل الاحرام اذا كانت رائحتها تبقي إلى بعد الاحرام.

(٦) السرائر: باب ما يجب على المحرم اجتنابه، ص ١٢٨ س ٢٠ قال: ولا بأس عند الضرورة باستعمال ما ليس بطيب منها الخ.

(٧) المختلف: في باقي المحظورات ص ١١٧ س ١٠ قال: مسألة الدهن الطيب يحرم استعماله إلى أن قال: والاقوي عندي وجوب في الطيب دون غيره.

(٨) النخهاية: باب ما يجب على المحرم من الكفارة ص ٢٣٥ س ١ قال: ومن قلع ضرسه كان عليه دم يهريقه.

(٩) التهذيب: ج ٥(٥) باب الكفارة عن خطإ المحرم ص ٣٨٥ الحديث ٢٥٧.

(٦) من لا يحضره الفقيه: ٢٢(١١٨) باب ما يجوز للمحرم إتيانه واستعماله وما لا يجوز ص ٢٢٢ الحديث ٨.

٢٨٨

مسائل ثلاث

الاولى: في قلع الشجر من الحرم الاثم عدا ما استثنى، سواء كان أصلها في الحرم أو فرعها، وقيل: فيها بقرة، وقيل: في الصغيرة شاة.وفي الكبيرة بقرة.

الثانية: لو تكرر الوطء تكرر الكفارة.ولو كرر اللبس، فان اتحد اللبس لم يتكرر.وكذا لو كرر الطيب.

ويتكرر مع اختلاف المجلس.

الثالثة: اذا أكل المحرم أو لبس ما يحرم عليه لزمه دم شاة.وتسقط الكفارة عن الناسي والجاهل إلا في الصيد.ولم يوجبا شيئا(١) ، واختاره العلامة(٢) .

قال طاب ثراه: في قلع شجر من الحرم الاثم عدا ما استثني، سواء كان اصلها في الحرم أو فرعها وقيل: فيها بقرة، وقيل: في الصغيرة شاة وفي الكبيرة بقرة.

أقول: هنا مسائل:

(أ) يحرم قلع شجر الحرم وحشيشه، واستثني منه شجر الفواكه كالتفاح والنخل ولا ذخر، وما كان في ملك القالع، وعود المحالة لدعاء الضرورة اليها.

(ب) يجوز أن يترك الابل لترعى الحشيش، ومنع منه ابوعلي(٣) وظاهر الشهيد التوقف(٤) والجواز مذهب الشيخ(٥) والعلامة(٦) للاصل، ولصحيحة محمد بن

____________________

(١) و(٢) المختلف: في باقي المحظورات ص ١١٧ س ٢٠ قال: وقال ابن الجنيد وابن بابويه: لا بأس به إلى أن قال: والاستناد إلى البراء‌ة الاصلية أولى الخ.

(٣) المختلف: في باقي المحظورات ص ١١٧ س ٦ قال: وقال ابن الجنيد: فاما الرعى فيه فلا اختاره.

(٤) الدروس: كتاب الحج ص ١١١ س ١٥ قال: ويحرم نزع الحشيش الا الاذخر ولا يحرم رعيه.

(٥) النهاية: باب ما يجب على المحرم من الكفارة ص ٢٣٤ س ١٢ قال: ولا بأس ان يخلي الانسان ابله الترعى

(٦) التذكرة ج ١ البحث الرابع عشر قطع شجر الحرم ص ٣٤١ قال: مسألة يجوز للمحرم أن يترك إبله في حشيش الحرام.

٢٨٩

حمران(١) وصحيحة حريز بن عبدالله عن الصادقعليه‌السلام قال: يخلى عن البعير يرعى في الحرم كيف شاء(٢) .فالتحريم راجع إلى المباشرة، بخلاف الصيد.

(ج) لا كفارة في قلع الحشيش، وفيه الاثم اختاره المصنف(٣) وقال العلامة في المختلف: فيه القيمة(٤) قال ابوعلي فأما الرعي فلا اختاره لان البعير بما جذب النبت من اصله، فأما ما حصده الانسان وبقي أصله في الارض فلا بأس به(٥) .وأما الشجر: فعند المصنف انه كالحشيش فيه الاثم ولا كفارة(٦) وفيه للاصحاب أقوال:

(أ) مختار المصنف، وهو ظاهر ابن ادريس(٧) .

(ب) في المقلوع من الشجر قيمته وهو قول أبي علي(٨) واختاره العلامة(٩) .

(ج) في قلع شجر الحرم من اصله دم شاة، وفي بعضها ماتيسر من الصدقة وهو

____________________

(١) التهذيب: ج ٥(٢٥) باب الكفارة عن خطأ المحرم ص ٣٨٠ الحديث ٢٤١.

(٢) التهذيب: ج ٥(٢٥) باب الكفارة عن خطإ المحرم ص ٣٨١ الحديث ٢٤٢.

(٣) الشرايع: في المحظورات قال: السابع قلع شجرة الحرم إلى أن قال: ولا كفارة في قلع الحشيش وان كان فاعله مأثوما.

(٤) و(٥) المختلف: في باقي المحظورات ص ١١٧ س ٥ قال: مسألة قال الشيخ: حشيش الحرم ممنوع من قلعة فان قلعه أو شيئا منه لزم قيمته الخ.فنقل قول الشيخ وارتضاه ولم يرد عليه، ثم قال: وقال ابن الجنيد: فاما الرعي فلا اختاره الخ.

(٦) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٧) السرائر: باب ما يلزم عن جناياته ص ١٣٠ س ١٨ قال: والاخبار عن الائمة الاطهار واردة بالمنع من قلع شجر الحرم وقطعة ولم يلزم يتعرض فيها لكفارة الخ.

(٨) و(٩) المختلف: في باقى المحظورات ص ١١٦ س ٣٢ قال: بعد نقل قول الشيخ وابن ادريس: والمعتمد وجوب الكفارة وقال قبل ذلك بأسطر: وقال ابن الجنيد: وان قلع المحرم أو المحل من شجر الجرم شيئا فعليه قيمة ثمنة.

٢٩٠

قول التقي(١) .

(د) في الشجرة دم بقرة قاله القاضي ولم يفصل(٢) .

(ه‍) في الصغيرة شاة وفي الكبيرة بقرة قاله ابن حمزة(٣) .

____________________

(١) الكافي: الحج ص ٢٠٤ س ١٣ قال: وفي قطع بعض شجر الحرام من أصله دم شاة، ولقطع بعضها ما تيسر من الصدقة.

(٢) المهذب: ج ١ باب ماينبغي للمحرم اجتنابه ص ٢٢٣ س ١٣ قال: واما ما يجب فيه بقرة إلى أن قال: أو يقطع شيئا من شجر الحرم.

(٣) الوسيلة: فصل في بيان الكفارات ص ٦٨٨ س ٣٤ قال: والبقرة تلزم إلى أن قال: وقلع شجر الحرم ثم قال بعد اسطر والشاة تلزم إلى أن قال: وقلع شجر صغير من الحرم.

٢٩١

كتاب الجهاد والنظر في أمور ثلاثة: الاول: من بجب عليه

وهو فرض على كل من استكمل شروطا ثمانية.البلوغ، والعقل، والحرية، والذكورة، وان لا يكون هما ولا مقعدا ولا أعمى ولا مريضا يعجز عنه، وانما يجب مع وجود الامام العادل، أو من نصبه لذلك ودعائه اليه، ولايجوز مع الجائر الا أن يدهم المسلمين من يخشى منه على بيضة الاسلام، أو يكون بين قوم ويغشاهم عدو فيقصد الدفع عن نفسه في الحالين، ولا معاونة الجائر، ومن عجز بنفسه وقدر على

كتاب الجهاد

مقدمة

الجهاد مشتق من الجهد، وهو بفتح الجيم، الشدة والعنا، وكذا ورد في الدعاء " اللهم اني اعوذ بك من جهد البلاء "(١) وبضمها الطاقة والوسع، يقال: أنفق على

____________________

(١) الصحيفة السجادية: دعاء ٥١ في التضرع والاستكانة.

٢٩٢

٢٩٣

٢٩٤

٢٩٥

جهدك، أي على قدر وسعك وطاقتك.والجهاد هو المبالغة في استفراغ الوسع لحرب أو لسان أو ما أطاق من شئ في سبيل الله.وأصله المبالغة في الاستخراج، ومنه قولهم جهد البئر، أي بالغ في استخراج مائها، ويكون من تحمل المشاق، ومنه جهدك الشئ، اذا اشتد.

وقيل: سمى جهادا، اخذا من اللبن المجهود، وهو الذي أخذ زبده، وكذلك الجهاد فانه يستخرج لشدته قوة القوي، كما يؤخذ زبد اللبن.وهو واجب بالكتاب والسنة والاجماع.أما الكتاب فقوله تعالى " كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم "(١) وقوله تعالى " وقاتلوا في سبيل الله(٢) " " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة "(٣) " فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم "(٤) " انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم "(٥) إلى غير ذلك من الايات الدالة على وجوبه والتحثيث عليه.

وأما السنة فكثيرة: مثل قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله غدوة في سبيل الله أو روحه خير من الدنيا وما فيها(٦) .

وقالعليه‌السلام : ان جبرئيل أخبرني بأمر قرت به عيني وفرح به قلبى، قال: يا محمد من غزا غزاة في سبيل الله من امتك فما اصابته قطرة من السماء او صداع الا كانت له شهادة يوم القيامة(٧) .وروى عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن أبيه عن آبائهعليهم‌السلام قال:

____________________

(١) البقرة: ٢١٦.

(٢) البقرة: ١٩٠.

(٣) البقرة: ١٩٣.

(٤) التوبة: ٥.

(٥) التوبة: ٤١.

(٦) عوالى اللئالى: ج ٣ ص ١٨٣ الحديث ٦ ولاحظ ما علق عليه.

(٧) الفروع: ج ٥ كتاب الجهاد، باب فضل الجهاد ص ٣ الحديث ٣ وص ٨ الحديث ٨.

٢٩٦

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : للشهيد سبع خصال من الله عزوجل، أول قطرة من دمه مغفور له كل ذنب، الثانية بقع رأسه في حجر زوجتيه من الحور العين وتمسحان الغبار عن وجهه تقولان مرحبا بك، ويقول هو مثل ذلك لهما، والثالثة يكتسى من كسوة الجنة، والرابعة يبتدر خزنة الجنة بكل ريح طيبة أيهم ياخذه معه، والخامسة أن يرى منزلته، والسادسة يقال لروحه إسرحي في الجنة حيث شئت، والسابعة أن ينظر في وجه الله، وانها لراحة لكل نبى وشهيد(١) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : للجنة باب يقال له باب المجاهدين يمضون اليها، فاذا هو مفتوح، وهم متقلدون بسيوفهم، واجمع في الموقف، والملائكة ترحب بهم، فمن ترك الجهاد ألبسه الله ذلا وفقرا في معيشته ومحقا في دينه، ان الله عزوجل أغنى أمتي بسنابك خيلها ومراكز رماحها(٢) .

وقالعليه‌السلام : من بلغ رسالة غاز كان كمن اعتق رقبة، وهو شريكه في ثواب غزوته(٣) .

وقالعليه‌السلام : مجاهدة العدو فرض على جميع الامة، ولو تركوا الجهاد لاتاهم العذاب(٤) .

وعنهعليه‌السلام : رباط ليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه، فان مات جرى عليه الذي كان يعمله وأجرى عليه رزقه(٥) .وأما الاجماع: فمن سائر الامة.

____________________

(١) التهذيب: ج ٦(٥٤) باب فضل الجهاد وفروضه ص ١٢١ الحديث ٣.

(٢) الفروع: ج ٥ باب فضل الجهاد ص ٢ الحديث ٢.

(٣) التهذيب: ج ٦(٥٤) باب فضل الجهاد ص ١٢٣ الحديث ٩.

(٤) الفروع: ج ٥ باب وجوه الجهاد ص ٩ قطعة من حديث ١.

(٥) عوالى اللئالى: ج ٣ باب الجهاد ١٨٣ الحديث ٧ ولا حظ ما علق عليه.

٢٩٧

الاستنابة وجبت، وعليه القيام بما يحتاج اليه النائب.ولو استناب مع القدرة جاز أيضا.والمرابطة: إرصاد لحفظ الثغر، وهي مستحبة ولو كان الامام مفقودا، لانها لا تتضمن جهادا، بل حفظا وإعلاما ولو عجز جاز أن يربط فرسه هناك، ولو نذر المرابطة وجبت مع وجود الامام وفقده.وكذا لو نذر أن يصرف شيئا إلى المرابطة.وان لم ينذره ظاهرا ولم يخف الشنعة قال طاب ثراه: ولا يجوز صرف ذلك في غيرها من وجوه البر على الاشبه.

أقول: يريد أن المرابطة في حال الغيبة مستحبة، لانها تتضمن جهادا، بل حفظا للمسلمين وإعلاما لهم بوصول عدو، ليتأهبوا لدفعه، والممنوع منه في حال الغيبة انما هو الجهاد فقط، لا ما كان مشتملا على مصلحة للمسلمين وصونهم من ظفر الكافرين.فاذا نذر الانسان المرابطة وجبت، وكذا لو نذر أن يصرف اليهم شيئا، لانه بذل مال لمسلم يستعين به على فعل الطاعة، فكان لازما، وهو اختيار الاكثر وبه قال ابن ادريس(١) واختاره المصنف(٢) والعلامة(٣) وقال الشيخ: وتبعه القاضي يصرف في وجوه البر الا أن يكون نذر ظاهرا ويخاف في الاخلال به الشنعة عليه، فحينئذ يجب عليه الوفاء به، محتجا على هذا التفصيل بما رواه علي بن مهزيار قال: كتب رجل من بني هاشم إلى أبي جعفر الثانيعليه‌السلام اني كنت نذرت نذرا منذ سنتين أن أخرج إلى ساحل من سواحل البحر إلى ناحيتنا مما يرابط فيه المتطوعة، نحو مرابطهم بجدة وغيرها من سواحل البحر، أفترى جعلت

____________________

(١) السرائر: كتاب الجهاد، باب فرض الجهاد ص ١٥٦ س ١٩ قال: والذي وأعمل عليه صحة هذا النذر ووجوب الاتيان به.

(٢) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٣) المختلف: كتاب الجهاد ص ١٥٥ س ٣٦ قال: بعد نقل قول ابن ادريس: وهو الاقوى.

٢٩٨

ولا يجوز صرف ذلك في غيرها من وجوه البر على الاشبه.وكذا لو أخذ من غيره شيئا ليرابط له لم تجب عليه إعادته وان وجده، وجاز له المرابطة او وجبت.فداك انه يلزمني الوفاء به؟ أولا يلزمنى؟ أو أفتدي الخروج إلى ذلك الموضع بشئ من ابواب البر لاصير اليه إن شاء الله تعالى، فكتب اليه بخطه وقرأته: إن كان سمع منك نذرك أحد من المخالفين فالوفاء به ان كنت تخاف شنعته، وإلا فاصرف مانويت من ذلك في ابواب البر وفقنا الله واياك لما يحب ويرضى(١) وحملت على المرابطة في ثغر لاتجب المرابطة فيه.

قال طاب ثراه: وكذا من أخذ من غيره شيئا ليرابط به لم يجب عليه اعادته وان وجده، وجاز له المرابطة أو وجبت.

أقول: المسألة متفرعة على المسألة السابقة.وتوضيحها أن من أخذ من غيره شيئا ليرابط به وجب صرفه فيما عينه لما قلناه: وقال الشيخ في النهاية: ومن أخذ من إنسان شيئا ليرابط عنه في حال انقباض يد الامام فليرده عليه ولا يلزمه الوفاء به، فان لم يجد من أخذه منه وجب عليه الوفاء به ولزمته المرابطة(٢) وتبعه القاضي(٣) وقال في المبسوط: يرده عليه فان لم يجده فعلى ورثته، فان لم يجد له ورثة لزمه الوفاء به، وان كان في حال تمكن الامام لزمه الوفاء به على كل حال(٤) .

وقال ابن ادريس: يجب على الاجير القيام به سواء كان الامام ظاهرا أولا، وسواء وجد

____________________

(١) التهذيب: ج ٦(٥٦) باب المرابطة في سبيل الله عزوجل ص ١٢٦ الحديث ٤.

(٢) النهاية: باب فرض الجهاد ومن يجب عليه ص ٢٩١ س ٤ قال: وان نذر ذلك في حال انقباض يد الامام صرف ذلك في وجوه البر.

(٣) المهذب: ج ١ باب سيرة الحرب وما بفعل قبل القتال ص ٣٠٣ س ١٣ قال: فان نذر ذلك في حال استتاره الخ.

(٤) المبسوط: ج ٢ في فرض الجهاد ومن يجب عليه ص ٩ س ٣ قال: ويرد عليه أخذه منه الخ.

٢٩٩

النظر الثاني: فيمن يجب جهادهم وهم ثلاثة: (الاول) البغاة

يجب قتال من خرج على إمام عادل إذا دعا إليه هو أو من نصبه، والتأخر عنه كبيرة ويسقط بقيام من فيه غنى، مالم يستنهضه الامام على التعيين، والفرار منه في حربهم كالفرار في حرب المشركين.ويجب مصابرتهم حتى يفيئوا أو يقتلوا.

ومن كان له فئة أجهز على جريحهم وتبع مدبرهم وقتل أسيرهم، ومن لا فئة له يقتصر على تفريقهم فلا يذفف(١) على جريحهم ولا يتبع مدبرهم ولا يقتل اسيرهم ولا يسترق ذريتهم ولا نساء‌هم، ولا تؤخذ أموالهم التي ليست في العسكر، وهل يؤخذ ما حواه العسكر مما ينقل؟ فيه قولان، اظرهما الجواز وتقسم كما تقسم أموال الحرب.المستاجر أولا(١) وهو اختيار المصنف(٢) والعلامة(٤) لانها طاعة وقد استوجر لها، فيجب عليه القيام بها، واحتج الشيخ بالحديث المتقدم(٥) .

وقول المصنف: " وجاز له المرابطة أو وجبت " بناء على مذهبه من لزوم الوفاء بالنذر في صورة النزاع، وحينئذ لا يجب على الاجير رده، بل يجوز له المرابطة إن كان قد أخذ المال بعقد جائز كالجعالة، أو وجبت إن كان أخذه بعقد لازم كالاجارة.

قال طاب ثراه: وهل يؤخذ ما حواه العسكر مما ينقل؟ فيه قولان: أظهرهما الجواز ويقسم كما يقسم أموال الحرب.

____________________

(١) في حديث عليعليه‌السلام يوم الجمل أمر ان لا يذفف على جريح، التذفيف على الجريح: الاجهاز عليه وتحرير قتله: يقال: اذففت على الجريح تذفيفا اذا أسرعت قتله (مجمع البحرين لغة ذفف)

(٢) السرائر: باب فرض الجهاد ص ١٥٦ س ٢٢ قال: والذي يقوى عندي ويقتضيه الدلة لزوم الاجازة في الحالين معا الخ.

(٣) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٤) المختلف: كتاب الجهاد، فيمن يجب عليه ص ١٥٥ س ٨ قال: بعد نقل ابن ادريس: وهو الاقرب.

(٥) التهذيب: ج ٦(٥٦) باب المرابطة في سبيل الله عزوجل ص ١٢٦ الحديث ٤.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579