المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٢

المهذب البارع في شرح المختصر النافع10%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 579

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 579 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 117332 / تحميل: 7177
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

ثمّ يضيف :( وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ ) ،( وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ ) .(١)

في الحقيقة أنّ هذه الأقسام الثلاثة مرتبطة بعضها بالآخر ومكملة للآخر ، وكذلك لأنّنا كما نعلم أنّ القمر يتجلى في الليل ، ويختفي نوره في النهار لتأثير الشمس عليه ، والليل وإن كان باعثا على الهدوء والظلام وعنده سرّ عشاق الليل ، ولكن الليل المظلم يكون جميلا عند ما يدبر ويتجه العالم نحو الصبح المضيء وآخر السحر ، وطلوع الصبح المنهي الليل المظلم أصفى وأجمل من كل شيء حيث يثير في الإنسان إلى النشاط ويجعله غارقا في النور الصفاء.

هذه الأقسام الثلاثة تتناسب ضمنيا مع نور الهداية (القرآن) واستدبار الظلمات (الشرك) وعبادة (الأصنام) وطلوع بياض الصباح (التوحيد) ، ثمّ ينتهي إلى تبيان ما أقسم من أجله فيقول تعالى :( إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ ) .(٢)

إنّ الضمير في (إنّها) إمّا يرجع إلى «سقر» ، وإمّا يرجع إلى الجنود ، أو إلى مجموعة الحوادث في يوم القيامة ، وأيّا كانت فإنّ عظمتها واضحة.

ثمّ يضيف تعالى :( نَذِيراً لِلْبَشَرِ ) .(٣)

لينذر الجميع ويحذرهم من العذاب الموحش الذي ينتظر الكفّار والمذنبين وأعداء الحق.

وفي النهاية يؤكّد مضيفا أنّ هذا العذاب لا يخص جماعة دون جماعة ، بل :( لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ ) فهنيئا لمن يتقدم ، وتعسا وترحا لمن يتأخر.

واحتمل البعض كون التقدم إلى الجحيم والتأخر عنه ، وقيل هو تقدم النفس

__________________

(١) «أسفر» من مادة (سفر) على وزن (قفر) ويعني انجلاء الملابس وانكشاف الحجاب ، ولذا يقال للنساء المتبرجات (سافرات) وهذا التعبير يشمل تشبيها جميلا لطلوع الشمس.

(٢) «كبر» : جمع كبرى وهي كبيرة ، وقيل المراد بكون سقر إحدى الطبقات الكبيرة لجهنّم ، هذا المعنى لا يتفق مع ما أشرنا إليه من قبل وكذا مع الآيات.

(٣) «نذيرا» : حال للضمير في «أنّها» الذي يرجع إلى سقر ، وقيل هو تمييز ، ولكنه يصح فيما لو كان النذير مصدرا يأتي بمعنى (الإنذار) ، والمعنى الأوّل أوجه.

١٨١

الإنسانية وتكاملها أو تأخرها وانحطاطها ، والمعنى الأوّل والثّالث هما المناسبان ، دون الثّاني.

* * *

١٨٢

الآيات

( كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨) إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ (٣٩) فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ (٤٠) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (٤١) ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ (٤٧) فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ (٤٨) )

التّفسير

لم صرتم من أصحاب الجحيم؟

إكمالا للبحث الذي ورد حول النّار وأهلها في الآيات السابقة ، يضيف تعالى في هذه الآيات :( كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) .

«رهينة» : من مادة (رهن) وهي وثيقة تعطى عادة مقابل القرض ، وكأن نفس الإنسان محبوسة حتى تؤدي وظائفها وتكاليفها ، فإن أدت ما عليها فكت وأطلقت ، وإلّا فهي باقية رهينة ومحبوسة دائما ، ونقل عن أهل اللغة أنّ أحد

١٨٣

معانيها الملازمة والمصاحبة(١) ، فيكون المعنى : الكلّ مقترنون بمعية أعمالهم سواء الصالحون أم المسيئون.

لذا يضيف مباشرة :( إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ ) .

إنّهم حطموا أغلال وسلاسل الحبس بشعاع الإيمان والعمل الصالح ويدخلون الجنّة بدون حساب.(٢)

وهناك أقوال كثيرة حول المقصود من أصحاب اليمين :

فقيل هم الذين يحملون كتبهم بيمينهم ، وقيل هم المؤمنون الذين لم يرتكبوا ذنبا أبدا ، وقيل هم الملائكة ، وقيل غير ذلك والمعنى الأوّل يطابق ظاهر الآيات القرآنية المختلفة ، وما له شواهد قرآنية ، فهم ذو وإيمان وعمل صالح ، وإذا كانت لهم ذنوب صغيرة فإنّها تمحى بالحسنات وذلك بحكم( إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ) (٣) .

فحينئذ تغطّي حسناتهم سيئاتهم أو يدخلون الجنّة بلا حساب ، وإذا وقفوا للحساب فسيخفف عليهم ذلك ويسهل ، كما جاء في سورة الإنشقاق آية (٧) :( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً ) .

ونقل المفسّر المشهور «القرطبي» وهو من أهل السنة تفسير هذه الآية عن الإمام الباقرعليه‌السلام فقال : «نحن وشيعتنا أصحاب اليمين وكل من أبغضنا أهل البيت فهم مرتهنون».(٤)

وأورد هذا الحديث مفسّرون آخرون منهم صاحب مجمع البيان ونور

__________________

(١) لسان العرب مادة : رهن.

(٢) قال الشّيخ الطوسي في التبيان أن الاستثناء هنا هو منقطع وقال آخرون كصاحب (روح البيان) أنّه متصل ، وهذا الاختلاف يرتبط كما ذكرنا بالتفسيرات المختلفة لمعنى الرهينة ، وما يطابق ما اخترناه من التّفسير هو أن الاستثناء هنا منقطع وعلى التفسير الثّاني يكون متصلا.

(٣) سورة هود ، الآية ١١٤.

(٤) تفسير القرطبي ، ج ١٠ ، ص ٦٨٧٨.

١٨٤

الثقلين والبعض الآخر أورده تذييلا لهذه الآيات.

ثمّ يضيف مبيّنا جانبا من أصحاب اليمين والجماعة المقابلة لهم :

( فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ ) (١) ( عَنِ الْمُجْرِمِينَ ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ) .

يستفاد من هذه الآيات أن الرابطة غير منقطعة بين أهل الجنان وأهل النّار ، فيمكنهم مشاهدة أحوال أهل النّار والتحدث معهم ، ولكن ماذا سيجيب المجرمون عن سؤال أصحاب اليمين؟ إنّهم يعترفون بأربع خطايا كبيرة كانوا قد ارتكبوها :

الاولى :( قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ) .

لو كنّا مصلّين لذكّرتنا الصلاة بالله تعالى ، ونهتنا عن الفحشاء والمنكر ودعتنا إلى صراط الله المستقيم.

والأخرى :( وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ) .

وهذه الجملة وإن كانت تعطي معنى إطعام المحتاجين ، ولكن الظاهر أنه يراد بها المساعدة والإعانة الضرورية للمحتاجين عموما بما ترتفع بها حوائجهم كالمأكل والملبس والمسكن وغير ذلك.

وصرّح المفسّرون أنّ المراد بها الزكاة المفروضة ، لأنّ ترك الإنفاق المستحب لا يكون سببا في دخول النّار ، وهذه الآية تؤكّد مرّة أخرى على أنّ الزّكاة كانت قد فرضت بمكّة بصورة إجمالية ، وإن كان التشريع بجزئياتها وتعيين خصوصياتها وتمركزها في بيت المال كان في المدينة.

والثّالثة :( وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ ) .

كنّا نؤيد ما يصدر ضدّ الحقّ في مجالس الباطل. نقوم بالترويج لها ، وكنّا معهم

__________________

(١) «يتساءلون» : وهو وإن كان من باب (تفاعل) الذي يأتي عادة في الأعمال المشتركة بين اثنين أو أكثر ، ولكنه فقد هذا المعنى هنا كما في بعض الموارد الأخرى ، ولمعنى يسألون ، وتنكير الجنات هو لتبيان عظمتها و (في جنات) خبر لمبتدأ محذوف تقديره : هو في جنات.

١٨٥

أين ما كانوا ، وكيف ما كانوا ، وكنّا نصدق أقوالهم ، ونضفي الصحة على ما ينكرون ويكذبون ونلتذ باستهزائهم الحقّ.

«نخوض» : من مادة (خوض) على وزن (حوض) ، وتعني في الأصل الغور والحركة في الماء ، ويطلق على الدخول والتلوث بالأمور ، والقرآن غالبا ما يستعمل هذه اللفظة في الإشتغال بالباطل والغور فيه.

(الخوض في الباطل) له معان واسعة فهو يشمل الدخول في المجالس التي تتعرض فيها آيات الله للاستهزاء أو ما تروج فيها البدع ، أو المزاح الواقح ، أو التحدث عن المحارم المرتكبة بعنوان الافتخار والتلذذ بذكرها ، وكذلك المشاركة في مجالس الغيبة والاتهام واللهو واللعب وأمثال ذلك ، ولكن المعنى الذي انصرفت إليه الآية هو الخوض في مجالس الاستهزاء بالدين والمقدسات وتضعيفها وترويج الكفر والشرك.

وأخيرا يضيف :( وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ ) .

من الواضح أنّ إنكار المعاد ويوم الحساب والجزاء يزلزل جميع القيم الإلهية والأخلاقية ، ويشجع الإنسان على ارتكاب المحارم ، ويرفع كلّ مانع هذا الطريق ، خصوصا إذا استمر إلى آخر العمر ، على كل حال فإنّ ما يستفاد من هذه الآيات أنّ الكفار هم مكلّفون بفروع الدين ، كما هم مكلّفون بالأصول ، وكذلك تشير إلى أن الأركان الاربعة ، أي الصلاة والزّكاة وترك مجالس أهل الباطل ، والإيمان بالقيامة لها الأثر البالغ في تربية وهداية الإنسان ، وبهذا لا يمكن أن يكون الجحيم مكانا للمصلين الواقعيين ، والمؤتين الزّكاة ، والتاركين الباطل والمؤمنين بالقيامة.

بالطبع فإنّ الصلاة هي عبادة الله ، ولكنّها لا تنفع إذا لم يمتلك الإنسان الإيمان به تعالى ، ولهذا فإنّ أداءها رمز للإيمان والإعتقاد بالله والتسليم لأوامره ، ويمكن القول إنّ هذه الأمور الأربعة تبدأ بالتوحيد ينتهي بالمعاد ، وتحقق العلاقة والرابطة بين الإنسان والخالق ، وكذا بين المخلوقين أنفسهم.

١٨٦

والمشهور بين المفسّرين أنّ المراد من (اليقين) هنا هو الموت ، لأنّه يعتبر أمر يقيني للمؤمن والكافر ، وإذا شك الإنسان في شيء ما فلا يستطيع أن يشك بالموت ونقرأ أيضا في الآية (٩٩) من سورة الحجر :( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) .

ولكن ذهب البعض إلى أنّ اليقين هنا يعني المعرفة الحاصلة بعد موت الإنسان وهي التي تختص بمسائل البرزخ والقيامة ، وهذا ما يتفق نوعا ما مع التّفسير الأوّل.

وفي الآية الأخيرة محل البحث إشارة إلى العاقبة السيئة لهذه الجماعة فيقول تعالى :( فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ ) .

فلا تنفعهم شفاعة الأنبياء ورسل الله والائمّة ، ولا الملائكة والصديقين والشهداء والصالحين ، ولأنّها تحتاج إلى عوامل مساعدة وهؤلاء أبادوا كل هذه العوامل ، فالشفاعة كالماء الزلال الذي تسقى به النبتة الفتية ، وبديهي إذا ماتت النبتة الفتية ، لا يكن للماء الزلال أن يحييها ، وبعبارة أخرى كما قلنا في بحث الشفاعة ، فإنّ الشفاعة من (الشفع) وتعني ضم الشيء إلى آخر ، ومعنى هذا الحديث هو أنّ المشفّع له يكون قد قطع قسطا من الطريق وهو متأخر عن الركب في مآزق المسير ، فتضم إليه شفاعة الشافع لتعينه على قطع بقية الطريق(١) .

وهذه الآية تؤكّد مرّة أخرى مسألة الشفاعة وتنوع وتعدد الشفعاء عند الله ، وهي جواب قاطع لمن ينكر الشفاعة ، وكذلك توكّد على أنّ للشفاعة شروطا وأنّها لا تعني إعطاء الضوء الأخضر لارتكاب الذنوب ، بل هي عامل مساعد لتربية الإنسان وإيصاله على الأقل إلى مرحلة تكون له القابلية على التشفع ، بحيث لا تنقطع وشائج العلاقة بينه وبين الله تعالى والأولياء.

* * *

__________________

(١) التّفسير الأمثل ، المجلد الأوّل ، ذيل الآية (٤٨) من سورة البقرة.

١٨٧

ملاحظة :

شفعاء يوم القيامة :

نستفيد من هذه الآيات والآيات القرآنية الأخرى أنّ الشفعاء كثيرون في يوم القيامة (مع اختلاف دائرة شفاعتهم) ويستفاد من مجموع الرّوايات الكثيرة والمنقولة من الخاصّة والعامّة أنّ الشفعاء يشفعون للمذنبين لمن فيه مؤهلات الشفاعة :

١ ـ الشفيع الأوّل هو النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كما نقرأ في حديث حيث قال : «أنا أوّل شافع في الجنّة»(١) .

٢ ـ الأنبياء من شفعاء يوم القيامة ، كما ورد في حديث آخر عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث قال : «يشفع الأنبياء في كلّ من يشهد أن لا إله إلّا الله مخلصا فيخرجونهم منها»(٢) .

٣ ـ الملائكة من شفعاء يوم المحشر ، كما نقل عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث قال : «يؤذن للملائكة والنّبيين والشّهداء أن يشفعوا»(٣) .

٤ ، ٥ ـ الأئمّة المعصومين وشيعتهم كما قال في ذلك أمير المؤمنينعليه‌السلام حيث قال : «لنا شفاعة ولأهل مودتنا شفاعة»(٤)

٦ ، ٧ ـ العلماء والشّهداء كما ورد في حديث عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث قال : «يشفع يوم القيامة الأنبياء ثمّ العلماء ثمّ الشّهداء»(٥) .

وورد في حديث آخر عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «يشفع الشّهيد في سبعين إنسانا

__________________

(١) صحيح مسلم ، ج ٢ ، ص ١٣٠.

(٢) مسند أحمد ، ج ٣ ، ص ١٢.

(٣) مسند أحمد ، ج ٥ ، ص ٤٣.

(٤) الخصال للصدوقرحمه‌الله ، ص ٦٢٤.

(٥) سنن ابن ماجة ، ج ٢ ، ص ١٤٤٣.

١٨٨

من أهل بيته»(١) .

وفي حديث آخر نقله المجلسي في بحار الأنوار : «إنّ شفاعتهم تقبل في سبعين ألف نفر»(٢) .

ولا منافاة بين الرّوايتين إذ أنّ عدد السبعين والسبعين ألف هي من أعداد الكثرة.

٨ ـ القرآن كذلك من الشفعاء في يوم القيامة كما قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «واعلموا أنّه (القرآن) شافع مشفع»(٣) .

٩ ـ من مات على الإسلام فقد ورد عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إذا بلغ الرجل التسعين غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر وشفّع في أهله»(٤) .

١٠ ـ العبادة : كما جاء في حديث عن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الصّيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة»(٥) .

١١ ـ ورد في بعض الرّوايات أنّ العمل الصالح كأداء الأمانة يكون شافعا في يوم القيامة.(٦)

١٢ ـ والطريف هو ما يستفاد من بعض الرّوايات من أنّ الله تعالى أيضا يكون شافعا للمذنبين في يوم القيامة ، كما ورد في الحديث عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يشفع النّبيون والملائكة والمؤمنون فيقول الجبار بقيت شفاعتي»(٧) .

والرّوايات كثيرة في هذه الباب وما ذكرناه هو جانب منها.(٨)

__________________

(١) سنن أبي داود ، ج ٢ ، ص ١٥.

(٢) بحار الأنوار ، ج ١٠٠ ، ص ١٤.

(٣) نهج البلاغة الخطبة ، ١٧٦.

(٤) مسند أحمد ، ج ٢ ، ص ٨٩.

(٥) مسند أحمد ، ج ٢ ، ص ١٧٤.

(٦) مناقب ابن شهر آشوب ، ج ٢ ، ص ١٤.

(٧) صحيح البخاري ، ج ٩ ، ص ١٤٩.

(٨) للاستيضاح يمكن مراجعة كتاب مفاهيم القرآن ، ج ٤ ، ص ٢٨٨ ـ ٣١١.

١٨٩

ونكرر أنّ للشفاعة شروطا لا يمكن بدونها التشفع وهذا ما جاء في الآيات التي بحثناها والتي تشير بصراحة الى عدم تأثير شفاعة الشفعاء في المجرمين ، فالمهم أن تكون هناك قابلية للتشفع ، لأنّ فاعلية الفاعل لوحدها ليست كافية (أوردنا شرحا مفصلا في هذا الباب في المجلد الأوّل في بحث الشفاعة)

* * *

١٩٠

الآيات

( فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (٤٩) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (٥١) بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً (٥٢) كَلاَّ بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ (٥٣)كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (٥٤) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (٥٥) وَما يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (٥٦) )

التّفسير

يفرّون من الحق كما تفرّ الحمر من الأسد :

تتابع هذه الآيات ما ورد في الآيات السابقة من البحث حول مصير المجرمين وأهل النّار ، وتعكس أوضح تصوير في خوف هذه الجماعة المعاندة ورعبها من سماع حديث الحقّ والحقيقة.

فيقول الله تعالى أوّلا :( فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ ) (١) لم يفرّون من دواء

__________________

(١) «ما» مبتدأ و (لهم) خبر و (معرضين) حال الضمير لهم (وعن التذكرة) جار ومجرور ومتعلق بالمعرضين ، وقيل تقديم (عن التذكرة) على (معرضين) دلالة على الحصر أي أنّهم أعرضوا عن التذكرة المفيدة فقط ، على كل حال فإنّ المراد من التذكرة هنا كلّ ما هو نافع ومفيد وعلى رأسها القرآن المجيد.

١٩١

القرآن الشافي؟ لم يطعنون في صدر الطبيب الحريص عليهم؟ حقّا إنّه مثير( كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ) .

«حمر» : جمع (حمار) والمراد هنا الحمار الوحشي ، بقرينة فرارهم من قبضة الأسد والصياد ، وبعبارة أخرى أنّ هذه الكلمة ذات مفهوم عام يشمل الحمار الوحشي والأهلي.

«قسورة» : من مادة (قسر) أي القهر والغلبة ، وهي أحد أسماء الأسد ، وقيل هو السهم ، وقيل الصيد ، ولكن المعنى الأوّل أنسب.

والمشهور أنّ الحمار الوحشي يخاف جدّا من الأسد ، حتى أنّه عند ما يسمع صوته يستولي عليه الرعب فيركض إلى كلّ الجهات كالمجنون ، خصوصا إذا ما حمل الأسد على فصيل منها ، فإنّها تتفرق في كل الجهات بحيث يعجب الناظر من رؤيتها.

وهذا الحيوان وحشي ويخاف من كل شيء ، فكيف به إذا رأى الأسد المفترس؟!

على كل حال فإنّ هذه الآية تعبير بالغ عن خوف المشركين وفرارهم من الآيات القرآنية المربية للروح ، فشبههم بالحمار الوحشي لأنّهم عديمو العقل والشعور ، وكذلك لتوحشّهم من كل شيء ، في حين أنّه ليس مقابلهم سوى التذكرة.

( بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً ) (١) ، وذلك لتكبّرهم وغرورهم الفارغ بحيث يتوقعون من الله تعالى أن ينزل على كلّ واحد منهم كتابا.

وهذا نظير ما جاء في الآية (٩٣) من سورة الإسراء :( وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى

__________________

(١) «صحف» : جمع صحيفة ، وهي الورقة التي لها وجهان ، وتطلق كذلك على الرسالة والكتاب.

١٩٢

تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ ) .

وكذا في الآية (١٢٤) من سورة الأنعام حيث يقول :( قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ ) .

وعلى هذا فإنّ كلّا منهم يتنظر أن يكون نبيّا من اولي العزم! وينزل عليه كتابا خاصّا من الله بأسمائهم ، ومع كل هذا فليس هناك من ضمان في أن يؤمنوا بعد كل ذلك.

وجاء في بعض الرّوايات أنّ أبا جهل وجماعة من قريش قالوا للنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لا نؤمن بك حتى تأتينا بصحف من السماء عليها فلان ابن فلان من ربّ العالمين ، ويأتي الأمر علنا باتباعك والإيمان بك.(١)

ولذا يضيف في الآية الأخرى :( كَلَّا ) ليس كما يقولون ويزعمون ، فإنّ طلب نزول مثل لهذا الكتاب وغيره هي من الحجج الواهية ، والحقيقة( بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ ) .

إذا كانوا يخافون الآخرة فما كانوا يتذرعون بكل هذه الذرائع ، ما كانوا ليكذبوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وما كانوا ليستهزئوا بآيات الله تعالى ، ولا بعدد ملائكته ، ومن هنا يتّضح أثر الإيمان بالمعاد في التقوى والطهارة من المعاصي والذنوب الكبيرة ، والحقّ يقال إن الإيمان بعالم البعث والجزاء وعذاب القيامة يهب للإنسان شخصية جديدة يمكنه أن يغير إنسانا متكبرا ومغرورا وظالما إلى إنسان مؤمن متواضع ومتق عادل.

ثمّ يؤكّد القرآن على أنّ ما يفكرون به فيما يخصّ القرآن هو تفكّر خاطئ :( كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ ) .

إنّ القرآن الكريم قد أوضح الطريق ، ودعانا إلى التبصر فيه ، وأنار لنا السبيل

__________________

(١) تفسير القرطبي ، والمراغي ، وتفاسير اخرى.

١٩٣

ليرى الإنسان موضع أقدامه ، وفي الوقت نفسه لا يمكن ذلك إلّا بتوفيق من الله وبمشيئته تعالى ، وما يذكرون إلّا ما يشاء الله.

ولهذا الآية عدّة تفاسير :

إحداها : كما ذكرناه سابقا ، وهو أن الإنسان لا يمكنه الحصول على طريق الهداية إلّا بالتوسل بالله تعالى وطلب الموفقية منه.

وطبيعي أن هذا الإمداد والتوفيق الإلهي لا يتمّ إلّا بوجود أرضية مساعدة لنزوله.

والتّفسير الآخر : ما جاء في الآية السابقة :( فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ ) يمكن أن يوجد وهما وأنّ كل شيء مرتبط بإرادة الإنسان نفسه ، وأنّ إرادته مستقلة في كل الأحوال ، وتقول هذه الآية رافعة بذلك هذا الاشتباه ، إنّ الإنسان مرتبط بالمشيئة الإلهية ، وإن هذه الآية مختارا حرّا وهذه المشيئة هي الحاكمة على كل هذا العالم الموجود ، وبعبارة اخرى : إنّ هذا الاختبار والحرية والمعطاة للإنسان في بمشيئته تعالى وإرادته ، ويمكن سلبها أنّى شاء.

وأمّا التّفسير الثّالث فإنّه يقول : إنّهم لا يمكنهم الإيمان إلّا أن يشاء الله ذلك ويجبرهم ، ونعلم أنّ الله لا يجبر أحدا على الإيمان أو الكفر ، والتّفسير الأوّل والثّاني أنسب وأفضل.

وفي النهاية يقول :( هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ) .

فهو أهل لأن يخافوا من عقابه وأن يتقوا في اتّخاذهم شريكا له تعالى شأنه ، وأن يأملوا مغفرته ، وفي الحقيقة ، أنّ هذه الآية إشارة إلى الخوف والرجاء والعذاب والمغفرة الإلهية ، وهي تعليل لما جاء في الآية السابقة ، لذا نقرأ

في حديث ورد عن الإمام الصّادقعليه‌السلام في تفسير هذه الآية أنّه قال : «قال الله : أنا أهل

١٩٤

أن اتقى ولا يشرك بي عبدي شيئا وأنا أهل إن لم يشرك بي شيئا أن ادخله الجنّة»(١) .

وبالرغم من أنّ المفسّرين ـ كما رأينا ـ قد أخذوا التقوى هنا بمعناها المفعولي ، وقالوا إنّ الله تعالى أهل لأن يتّقى من الشرك والمعصية ، ولكن هناك احتمالا آخر ، وهو أنّ تؤخذ بمعناها الفاعلي ، أي أن الله أهل للتقوى من كلّ أنواع الظلم والقبح ومن كل ما يخاف الحكمة ، وما عند العباد من التقوى هو قبس ضعيف من ما عند الله ، وإنّ كان التعبير بالتقوى بمعناه الفاعلي والذي يقصد به الله تعالى قليل الاستعمال ، على كل حال فإنّ الآية قد بدأت بالإنذار والتكليف ، وانتهت بالدعوة إلى التقوى والوعد بالمغفرة.

ونتعرض هنا بالدعاء إليه خاضعين متضرعين تعالى :

ربّنا! اجعلنا من أهل التقوى والمغفرة.

اللهم! إن لم تشملنا ألطافك فإنّنا لا نصل إلى مرادنا ، فامنن علينا بعنايتك.

اللهم! أعنّا على طريق مليء بالمنعطفات والهموم والمصائد الشيطانية الصعبة ، وأعنا على الشيطان المتهيئ لإغوائنا ، فبغير عونك لا يمكننا المسير في هذا الطريق.

آمين يا ربّ العالمين.

نهاية سورة المدّثّر

* * *

__________________

(١) تفسير البرهان ، ج ٤ ، ص ٤٠٥.

١٩٥
١٩٦

سورة

القيامة

مكيّة

وعدد آياتها أربعون آية

١٩٧
١٩٨

«سورة القيامة»

محتوى السورة :

كما هو واضح من اسم السورة فإنّ مباحثها تدور حول مسائل ترتبط بالمعاد ويوم القيامة إلّا بعض الآيات التي تتحدث حول القرآن والمكذبين ، وأمّا الآيات المرتبطة بيوم القيامة فإنّها تجتمع في أربعة محاور :

١ ـ المسائل المرتبطة بأشراط الساعة.

٢ ـ المسائل المتعلقة بأحوال الصالحين والطالحين في ذلك اليوم.

٣ ـ المسائل المتعلقة باللحظات العسيرة للموت والانتقال إلى العالم الآخر.

٤ ـ الأبحاث المتعلقة بالهدف من خلق الإنسان ورابطة ذلك بمسألة المعاد.

فضيلة السورة :

في حديث روي عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «من قرأ سورة القيامة شهدت أنا وجبرائيل له يوم القيامة أنّه كا مؤمنا بيوم القيامة ، وجاء ووجهه مسفر على وجوه الخلائق يوم القيامة»(١) .

ونقرأ في حديث ورد عن الإمام الصّادقعليه‌السلام قال : «من أدمن قراءة( لا أُقْسِمُ ) وكان يعمل بها ، بعثها الله يوم القيامة معه في قبره ، في أحسن صورة

__________________

(١) مجمع البيان ، ١٠ ـ ، ص ٣٩٣.

١٩٩

تبشّره وتضحك في وجهه ، حتى يجوز الصراط والميزان»(١) .

والجدير بالملاحظة أنّ ما كنّا نستفيد منه في القرائن التي في فضائل تلاوة السور القرآنية قد صرّح بها الإمام هنا في هذه الرّواية حيث يقول : «من أدمن قراءة لا اقسم وكان يعمل بها» ولذا فإنّ كل ذلك هو مقدمة لتطبيق المضمون.

* * *

__________________

(١) المصدر السّابق.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

أقول: أموال البغاة على قسمين فما كان منها غيرمنقول، أو لم يكن في العسكر فلا يقسم إجماعا، وكذا الذراري، لانهم مسلمون واما الاموال التي حواها العسكر فهل يقسم بين المقاتلين؟ فيه للاصحاب ثلاثة أقوال: (أ) لا تقسم ويجب رده على أربابه لو أخذ، وهو قول السيد(١) محتجا بقولهعليه‌السلام : المسلم أخو المسلم لايحل له دمه وماله الا بطيبة من نفسه(٢) ولان علياعليه‌السلام لم يقسم أموال اهل البصرة ولماروجع في ذلك قال: أيكم يأخذ عايشة في سهمه(٣) وروى ابوقيس ان علياعليه‌السلام نادى من وجد ماله فليأخذه، فمر بنا رجل فعرف قدرا نطبخ فيه، فسألناه أن يصبر حتى ينضج فلم يفعل ورمى برجله فأخذها(٤) واستقرب جواز قتالهم بدوابهم وسلاحهم حالة الحرب على وجه لا يقع التملك له، بل على وجه المدافعة والممانعة، وتبعه ابن ادريس(٥) .

(ب) جواز تملكه وقسمته بين المقاتلة، وهو قول الشيخ في النهاية(٦)

____________________ ______________

(١) الجوامع الفقهية الناصريات: المسألة السادسة والمائتان ص ٢٢٥ س ٢٧ قال: بعد نقل قول المخالف: وهذا غير صحيح، لان أهل البغي لا يجوز غنيمة أموالهم وقسمتها الخ وليس في احتجاج السيد استدلالا بقوله (المسلم اخو المسلم الخ) بل هوفي استدلال الشافعي ولا يقبله اليسد فراجع وايضا لاحظ المختلف: في احكام البغاة ص ١٥٦ س ٣٦.

(٢) عوالى اللئالى: ج ٣ ص ٤٢٤ الحديث ١٦.

(٣) التهذيب: ج ٦(٧٠) باب سيرة الامام ص ١٥٥ الحديث ٤.

(٤) عوالى اللئالى: ج ٦ ص ١٨٤ الحديث ١١.

(٥) السرائر: باب قتال اهل البغي ص ١٥٩ س ٣٠ بعد نقل قول السيد بتمامه، قال: قال: محمد بن ادريس: الصحيح ما ذهب اليه المرتضى(٦) النهاية: باب قتال أهل البغي ص ٢٩٧ س ١١ قال: ويجوز أن يأخذ من أموالهم ما حوى العسكر ويقسم على المقاتلة.

٣٠١

(الثاني) أهل الكتاب والبحث فيمن تؤخذ الجزية منه وكميتها وشرايط الذمة

وهي تؤخذ من اليهود والنصارى، وممن له شبهة كتاب، وهم المجوس.ويقاتل هؤلاء كما يقاتل أهل الحرب حتى ينقاد والشرايط الذمة، فهناك يقرون على معتقدهم ولا تؤخذ الجزية من الصبيان والمجانين والبله والنساء والهم على الاظهر ومن بلغ منهم، أمر بالاسلام او والخلاف(١) وبه قال القديمان(٢) والقاضي(٣) والتقي(٤) واختاره المصنف(٥) والعلامة(٦) .

(ج) يقسم مال من لم يرجع منهم إلى الحق وإلى طاعة الامام.ومن رجع إلى طاعة الامام فهو احق بماله وهو قول لشيخ في المبسوط(٧) .وهو الوجه استنادا إلى فعل عليعليه‌السلام فانه لم يقسم أموال أهل البصرة، حيث رجعوا إلى طاعته، وقسم ما غنموه من أهل الشام، وكلما ورد من منع القسمة، فانه في واقعة البصرة.

قال طاب ثراه: ولا تؤخذ الجزية من الصبيان والمجانين والنساء والبله والهم على الاظهر.

____________________

(١) لم اعثر في الخلاف ولكن نقله عنه في المختلف.

(٢) و(٣) المختلف: في أحكام البغاة ص ١٥٧ س ١١ قال: وقال ابن عقيل: يقسم أموالهم التي حواها العسكر ثم بعد أسطر: وجوز ابن الجنيد قسمة ما حواه العسكر إلى أن قال: والاقرب ما ذهب اليه الشيخ في النهاية.

(٤) المهذب: ج ١ باب قتال أهل البغي ص ٣٢٥ س ٢١ قال: فاما أموالهم فلا يغنم منها الا ما حواه العسكر دون ما سواه.

(٥) الكافي: الجهاد ص ٢٥١ س ١٣ قال: ويقسم ما حواه معسكرا الجميع.

(٦) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٧) المبسوط: ج ٧ كتاب قتال اهل البغي ص ٢٦٦ س ١٥ قال: اذا انقضت الجرب بين أهل العدل يعدل إلى أن قال: فاما إن رجعوا إلى طاعتعه فهم أحق بأموالهم.

٣٠٢

التزام الشرائط، فان امتنع صار حربيا والاولى ان لا يقدر الجزية فانه انسب بالصغار وكان عليعليه‌السلام يأخذ من الغنى ثمانية وأربعين درهما ومن المتوسط أربعة وعشرين، ومن الفير اثنى عشر درهما، لا قتضاء المصلحة، لا توظيفا لازما.

أقول: سقوطها عن الهم ظاهر أبي علي(١) وقال الشيخ في المبسوط: بعدم السقوط لعموم الاية(٢) قال: وفي أصحابنا من قال: لا تؤخذ منهم الجزية، وهو الظاهر من كلام القاضي(٣) وابن حمزة(٤) وقال العلامة في القواعد: إن كان له رأى أو قتال أخذت منه، والا فلا(٥) .

قال طاب ثراه: والاولى ان لا يقدر الجزية، فانه أنسب بالصغار.

أقول: هنا مسألتان: الاولى: هل تقدر الجزية أم لا؟ المشهور عدم تقديرها، بل أمرها إلى الامام بحسب

____________________

(١) المختلف: في أحكام الجزية ص ١٥٥ س ٨ قال: مسألة قال: ابن الجنيد لا تؤاخذ الجزية من مغلوب الخ.

(٢) المبسوط: ج ٢، كتاب الجزايا وأحكامها ص ٤٢ س ٣ قال: والشيخ الفاني والزمن إلى أن قال: تؤخذ منهم الجزية لعموم الاية.

(٣) المهذب: ج ١ كتاب الخمس، باب في ذكر من يجب أخذ الجرية منه ومنلا يجوز أخذها منه ص ١٨٤ س ٩ واما الذي لا يجوز أخذها من الكفار فهو الخ ولكن لا يخفي انه لم يتعرض هنا (اللهم) بنفي ولا اثبات.

(٤) الوسيلة: كتاب الجهاد ص ٦٩٧ س ٣ قال: والثالث ستة نفر، المرأة والعبد والمجنون والصبي والابلة والسفية المفسد.

(٥) القواعد: كتاب الجهاد، الفصل الثاني في عقد الجزية ص ١١٢ س ٤ قال: ويسقط عن الهم على رأى الخ وما نقله المصنف من قوله (ان كان له رأي او قتال) فليس هنا، بل هو موجود في (من يجوز قتله، لا حظ ص ١٠٣ س ١٢ قال: والكبير إن كان ذا رأي أو قتال.

٣٠٣

ما يراه وهو اختيار الشيخين(١) والقاضي(٢) وابن حمزة(٣) وسلار(٤) وابن ادريس(٥) واختاره المصنف(٦) والعلاملة(٧) لصحيحة زرارة قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : ما حد الجزية على أهل الكتاب؟ وهل عليهم في ذلك شئ موظف لاينبغي أن يجوز إلى غيره؟ قال ذلك إلى الامام يأخذ من كل انسان منهم ماشاء على قدر حاله(٨) ولانه أنسب بالصغار، فانه اذا لم يعلم قدر ما يؤخذ منه عند الحلول كان خائفا أن يطالب بما لا يقدر عليه، واذا قدرت عليه إهتم بها من أول الحول، فلا يصير مكترثا بها، فلا يشق عليه أداؤها، فلاصغار حينئذ.

الثانية: قال تعالى " قاتلوا الذين لايؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدوهم صاغرون(٩) ".

____________________

(١) المقنعة: باب مقدار الجزية ص ٤٤ س ٢٤ قال: وليس في الجزية حد مرسوم إلى أن قال: وانما هي على ما يراه الامام وفي النهاية كتاب الزكاة، باب الجزية وأحكامها ص ١٩٣ س ١٤ قال: وليس للجزية حد محدود ولا قدر موقت، بل يأخذ الامام منهم على ما قدر ما يراه من أحوالهم.

(٢) المهذب: كتاب الخمس، باب في ذكر ما ينبغي أخذه من الجزية ص ١٨٤ س ٢١ قال: الذي ينبغي أخذه من الجزية ليس له مقدار معين، بل ذلك إلى الامام.

(٣) الوسيلة: فصل في بيان أحكام الجزية ص ٦٩٧ س ٥ قال: وقدر موكول إلى رأى الامام الخ.

(٤) المراسم: الخمس، ذكر الجزية ص ١٤١ س ٥ قال: والمبلغ لا حد له في الرسم الشرعي بل هو مفوض إلى الامام الخ.

(٥) السرائر: كتاب الزكاة، باب الجزية وأحكامها ص ١١٠ س ٥ قال: وليس للجزية عند أهل البيت حد إلى أن قال: بل موكول إلى تدبير الامام ورأية فيأخذهم منهم على قدر أحوالهم الخ.

(٦) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٧) المختلف: في أحكام أهل الذمة ص ١٦٤ س ٢٣ قال: مسألة انه لا حد للجزية بل بحسب ما يراه الامام الخ.

(٨) التهذيب: ج ٤(٣٢) باب مقدار الجزية ص ١١٧ قطعة من حديث ١.

(٩) التوبة: ٢٩.

٣٠٤

فاوجب الصغار، وما هو قيل فيه أربعة أقوال: (أ) انه التزام احكامنا وجريانها عليهم، قاله الشيخ في المبسوط(١) .

(ب) انه التزام الجزية على ما يحكم به الحكام من غير أن تكون مقدرة والتزام أحكامنا عليهم قاله الشيخ في الخلاف(٢) وبه قال ابن ادريس(٣) واختاره المصنف(٤) والعلامة(٥) .

(ج) قال ابوعلي: الصغار عندي، هو أن يكون مشروطا عليهم في وقت العقد أن تكون أحكام المسلمين جارية عليهم اذا كانت الخصومات بين المسلمين وبينهم، وأن تؤخذ منهم وهم قيام على الارض(٦) .

(د) الصغار أن يؤاخذ هم الامام بما لايطيقون حتى يسلموا، والا فكيف يكون صاغرا وهو لا يكترث بما يؤخذ منه، قاله المفيد(٧) ونقله عن الصادقعليه‌السلام قال: ان الله تعالى يقول " حتى يعطوا الجزية عن يدوهم صاغرون " وللامام أن

____________________

(١) المبسوط: ج ٢، كتاب الجزايا ص ٣٨ س ٢ قال: واما التزام أحكامنا وجريانها عليهم إلى أن قال: وهو الصغار المذكور في الآية.

(٢) الخلاف: كتاب الجزية، مسألة ٥ قال: الصغار المذكور في آية الجزية، هو التزام الجزية على ما يحكم به الامام الخ.

(٣) السرائر: كتاب الزكاة، باب الجزية وأحكامها ص ١١٠ س ٦ قال: والصغار: اختلف المفسرون فيه، والاظهر انه التزام أحكامنا عليهم واجراؤها وان يقدر الجزية الخ.

(٤) لاحظ عبارة المختصر النافع

(٥) المختلف: في أحكام أهل الذمة، ص ١٦٤ س ٤ قال: مسألة الصغار المذكور في الآية هو التزام الجزية الخ.

(٦) المختلف: في أحكام اهل الذمة ص ١٦٤ س ٥ قال: قال ابن الجنيد: الصغار عندي الخ.

(٧) المنعة: كتاب الزكاة، باب مقدار الجزية ص ٤٤ س ٢٤ قال: وليس في الجزية حد مرسوم إلى ان قال: وقالعليه‌السلام : ان الله عزوجل يقول الخ.

٣٠٥

ويجوز وضع الجزيه على الرؤوس أو الارض، وفي جواز الجمع قولان، أشبههما الجواز.يأخذهم بما لايطيقون حتى يسلموا، والا فكيف يكون صاغرا ولا يكترث لما يؤخذ منه حتى يجد ذلا لما أخذ منه فيألم لذلك فيسلم(١) قال طاب ثراه: ويجوز وضع الجزية على الرؤوس او الارض، وفي جواز الجمع قولان، اشبهما الجواز.

أقول: منع الشيخ في النهاية من الجمع(٢) وبه قال القاضي(٣) وابن حمزة(٤) وابن ادريس(٥) واختاره التقي(٦) وابوعلي(٧) .

ويظهر لي: ان النزاع لفظي، لان عقد الجزية إن تضمن تعيين أحدهما، لم يجز تعديه إلى غيره إجماعا.وإن لم يتضمن التعيين جاز للامام أن يأخذ منهما ومن أحدهما، لعدم المانع.ولان الجزية اذا لم تكن مقدرة لم تكن لقصرها على أحد

____________________

(١) التهذيب: ج ٤(٣٢) باب مقدار الجزية ص ١٧ قطعة من حديث ١

(٢) النهاية: كتاب الزكاة: باب الجزية وأحكامها ص ١٩٣ س ١١ قال: فان وضعها على رؤوسهم فليس له أن يأخذ من أرضهم الخ.

(٣) المهذب: ج ١ كتاب الخمس باب في ذكر ما ينبغي أخذه من الجزية ص ١٨٥ قال: الا انهم متى وضعها على أرضهم لم يضعها على رؤوسهم.

(٤) الجوامع: الفقهيه: الوسيلة: فصل في بيان أحكام الجزية ص ٦٩٧ س ٧ قال: ويضع على الرؤوس أو على أراضيهم ولا يجمع بينهما.

(٥) السرائر: كتاب الزكاة باب الجزية ص ١١٠ س ٤ قال: فان وضعها على رؤوسهم فليس له أن يأخذ من أرضيهم الخ.

(٦) الكافي الجهاد الضرب الثاني من الغنائم ص ٢٦٠ س ١٩ قال: ويصح صلحهم على جزية الرؤوس خاصة، وعلى الامرين.

(٧) المختلف: في أحكام أهل الذمة ص ١٦٤ س ١٧ قال: وهل له الجمع إلى أن قال بعد نقل قول النهاية: وجوز ابن الجنيد الجمع إلى أن قال: والاقرب الاول.

٣٠٦

المذكورين معنى، لانه جاز أن يأخذ عن الرؤوس بقدر مايمكن أن ياخذ منهما ويزيد عليه، اذ ليس لها مقدر معين لا يجوز تخطيه.ولكن في صحيحة محمد بن مسلم إشكال لعله منشأ الاختلاف، قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : أرأيت ما يأخذ هؤلاء من الخمس من أرض الجزية، ويأخذون من الدهاقين جزية رؤوسهم، أما عليهم في ذلك شئ موظف؟ فقال: كان عليهم ما أجازوا على أنفسهم، وليس للامام اكثر من الجزية، إن شاء الامام وضع ذلك على رؤوسهم وليس على أموالهم شئ، وإن شاء فعلى أموالهم وليس على رؤوسهم شئ، فقلت: فهذا الخمس؟ فقال: هذا كان صالحهم عليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) .والجواب حمل ذلك على ما اذا وقع عقد الجزية على تعيين أحدهما.

قال العلامة بعد أن حكى القولين: والاقرب الاول، واحتج بالرواية المذكورة، ثم قال: إحتج الاخرون بان الجزية لا حدلها فجاز أن يضع قسطا على رؤوسهم وقسطا على أرضهم.

والجواب: ليس النزاع في وضع جزية على الرؤوس والارض، بل في وضع جزيتين عليهم، وبالجملة فلا بأسبهذا القول، وهذا آخر كلامهرحمه‌الله (٢) .وأنت ترى ضعف هذا الجواب، أعني قوله " بل وضع جزيتين عليهما " فمن أين ان الوضع عليهما يصيرهما جزيتين، ثم لو سلم ذلك، من أين ان تسميتهما جزيتان مانع من ذلك.

____________________

(١) التهذيب: ج ٤(٣٢) باب مقدار الجزية، ص ١١٧ قطعة من حديث ١.

(٢) المختلف: في أحكام اهل الذمة ص ١٦٤ س ١٨ قال: والاقرب الاول، لنا ما رواه ابن بابويه في الصحيح الخ.

٣٠٧

وإذا أسلم الذمى قبل الحول سقطت الجزية، ولو كان بعده وقبل الاداء فقولان أشبههما السقوط، وتؤخذ من تركته لو مات بعد الحلول ذميا.

أما الشروط فخمسة: قبول الجزية، وان لا يؤذوا المسلمين كالزنا بنسائهم، أو السرقة لاموالهم، وألا يتظاهروا بالمحرمات كشرب الخمر والزنا ونكاح المحارم.وألا يحدثوا كنيسة، ولا يضربوا ناقوسا، وأن تجرى عليهم احكام الاسلام.ويلحق بذلك: البحث في الكنائس والمساجد والمساكن.ولا يجوز استئناف البيع والكنائس في بلاد الاسلام وتزال لو استحدثت، ولا بأس بما كان عاديا قبل الفتح، وبما أحدثوه في أرض الصلح، ويجوز رمتها، ولا يعلي الذمي بنيانه فوق المسلم، ويقرما ابتاعه من مسلم على حاله.ولو انهدم لم يعل به.ولا يجوز لاحدهم دخول المسجد الحرام ولا غيره، ولو أذن له المسلم.

مسألتان

الاولى: يجوز أخذ الجزية من أثمان المحرمات، كالخمر.

الثانية: يستحق الجزية من قام مقام المهاجرين في الذب عن الاسلام من المسلمين.

قال طاب ثراه: ولو اسلم الذمى قبل الحلول سقطت الجزية، ولو كان بعده وقبل الاداء قولان: أشبههما السقوط.

أقول: مختار المصنف وهو السقوط، هو المشهور بين الاصحاب واختاره

٣٠٨

الشيخان(١) والقاضي(٢) وابن ادريس(٣) والعلامة(٤) .واحتجوا بوجوه: (أ) قولهعليه‌السلام : الاسلام يجب ما قبله.

(ب) ان في اسقاطها ترغيبا له في الاسلام، فيكون مرادا للشارع.

(ج) ان الجزية انما وضعت للصغار والاهانة بالكافر والترغيب في الاسلام والدخول فيه، وقد زال سبب االاول، وحصل الثاني.ونقل المفيد(٦) والقاضي(٧) وابن ادريس(٨) عن بعض أصحابنا: عدم السقوط، لوجوبها بمضي الحول،

____________________

(١) المقنعة: باب الخمس والغنائم، باب الزيادات ص ٤٥ س ٢٦ قال: واذا أسلم الذمى سقطت عنه الجزية الخ.وفي النهاية: باب الجزية وأحكامها ص ١٩٣ س ٧ قال: ومن.جبت عليه الجزية وحل الوقت فأسلم قبل أن يعطيها سقطت عنه.

(٢) المهذب: ج ١ كتاب الخمس، باب الجزية ص ١٨٤ س ١٤ قال: ولم يؤد الجزية إلى أن قال: إذا أسلم فقد اسقطت عنه.

(٣) السرائر: باب الجزية وأحكامها ص ١١٠ س ٢ قال: ومن.جبت عليه الجزية وحل الوقت فاسلم قبل أن يعطيها سقطت عنه.

(٤) المختلف: كتاب الجهاد، في أحكام اهل الذمة ص ١٦٥ س ٣ قال: لو اسلم الذمى بعد حلول الحول إلى أن قال: والمعتمد الاول، اى السقوط.

(٥) عوالى اللئالى: ج ٢ ص ٥٤ الحديث ١٤٥ ولا حظ ما علق عليه

(٦) المقنعة: باب الزيادات ص ٤٥ س ٢٧ قال: وقد قيل: انه إن اسلم قبل الاجل فلا جزية عليه وان أسلم وقد فعليه الجزية.

(٧) المهذب: ج ١ كتاب الخمس، باب الجزية ص ١٨٤ س ١٤ قال: ومن يؤد الجزية إلى أن قال: إن اسلم فقد أسقطت عنه بالاسلام ولم يجز أخذها منه الخ.

(٨) السرائر: باب الجزية وأحكامها ص ١١٠ س ٣ قال: وقد ذهب بعض أصحابنا إلى أنها لا تسقط.

٣٠٩

الثالث: من ليس لهم كتاب

ويبدأ بقتال من يليه الا مع اختصاص الابعد بالخطر.ولا يبدأون إلا بعد الدعوة إلى الاسلام، فان امتنعوا حل جهادهم.ويختص بدعائهم الامام أو من يأمره.وتسقط فلا تسقط بالاسلام كالدين.واجيب بالمنع من المساواة.وقال التقي: لو أسلم قبل حلول الاجل سقط عنه بقية الجزية(١) ويفهم منه حكمان

(أ) وجوبها بعد الحول.

(ب) لو أسلم قبل الحول وجب عليه بقدر ما مضى.فعلى هذا تكون الجزية مقسطة على أجزاء الحول كلما انقضى منه جزء استقر في ذمته بازائه من الجزية.والاظهر انها لا تجب الا بمضي الحول، فهي كالدية على العاقلة.

وتظهر الفائدة في مسائل:

(أ) لو مات في اثناء الحول لم يؤخذ من التركة على ما قلناه، ويؤخذ بالنسبة على قوله.

(ب) لوجن في اثناء الحول لم يجب عليه جزية حتى يفيق حولا، وعنده تجب بنسبة ما عقل.

(ج) لو اقعد أو خرق لا تؤخذ منه على القول بسقوطها عمن ذكرناه على قولنا، وعلى قوله: يؤخذ منه بنسبة الماضي.

(د) لو كان فقيرا في أول الحول واستغنى في آخره، أو انعكس، كان الاعتبار بحاله عند الحول، وعنده تجب عليه بالتقسيط.

____________________

(١) الكافي: الجهادص ٢٤٩ س ١٠ قال: فمن أسلم قبل حلول الاجل سقطت عنه الجزية الخ ولكن في المختلف: ص ١٦٥ س ٥ قال: وقال ابوالصلاح: ولو اسلم حلول الاجل سقطت عنه بقية الجزية.

٣١٠

الدعوة عمن قوبل بها وعرفها.وإن اقتضت المصلحة المهادنة جاز، لكن لا يتولاها إلا الامام أو من يأذن له ويذم الواحد من المسلمين للواحد، ويمضى ذمامه على الجماعة، ولو كان أدونهم.ومن دخل بشبهة الامان فهو آمن حتى يرد إلى مأمنه.لو استذم، فقيل: لانذم، فظن انهم أذنوا فدخل وجب اعادته إلى مأمنه نظرا في الشبهة ولا يجوز الفرار اذا كان العدو على الضعف أو أقل، الا لمتحرف أو متحيز إلى فئة ولو غلب على الظن العطب على الاظهر ولو كان أكثر جاز.ويجوز المحاربة بكل ما يرجى به الفتح: كهدم الحصون ورمي المتاحين ولا يضمن بذلك المسلمين بينهم.

قال طاب ثراه: ولا يجوز الفرار اذا كان العدو على الضعف أو أقل إلا لمتحرف أو متحيز إلى فئة ولو غلب على الظن العطب على الاظهر.

أقول: منه في المبسوط من الفرار(١) لقوله تعالى: " اذا لقيتم فئة فاثبتوا "(٢) وهو اختيار المصنف(٣) وقيل: يجوز واختاره العلامه في المختلف(٤) لما فيه من حفظ النفس، وقال تعالى " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة "(٥) والاول هو الوجه، لان وضع الجهاد مبني على بذل النفس، قال تعالى " ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم

____________________

(١) المبسوط: ج ٢، اصناف الكفار وكيفية قتالهم ص ١٠ س ١٢ قال: فان انصرف على غير هذين الوجهين كان قارا وفسق بذلك وارتكب كبيرة واذا ثبت على ظنه انه اذا ثبت قتل وهلك، فالاولى أن نقول: ليس له ذلك الخ.

(٢) الانفال: ٤٥.

(٣) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٤) المختلف: في كيفية الجهاد، ص ١٥٥ س قال: وقيل: انه يجوز الخ الانصراف إلى أن قال: والاقرب عندي الاخير.

(٥) البقرة: ١٩٥.

٣١١

ويكره بالقاء النار ويحرم بالقاء السم، وقيل: يكره ولو تترسوا بالصبيان والمجانين او النساء ولم يمكن الفتح الا بقتلهم، جاز.وكذا لو وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون "(١) وقال امير المؤمنينعليه‌السلام لولده محمد: تدفى الارض قدمك وأعرالله جمجمتك(٢) .

قال طاب ثراه ويحرم بالقاء السم، وقيل: يكره.

أقول: الاول إختيار الشيخين في النهاية(٣) والمقنعة(٤) والمصنف(٥) وابن ادريس(٦) لرواية السكوني عن جعفر عن أبيه عن عليعليه‌السلام ، ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى أن يرمى السم في بلاد المشركين(٧) والمستند ضعيف مع جواز حمل النهى على الكراهة.

والثاني اختيار الشيخ في المبسوط(٨) وبه قال العلامة(٩) وابوعلي(١٠) للاصل، ولما دل عليه حديث حفص بن غياث قال: كتب الي بعض اخواني أسأل أبا عبداللهعليه‌السلام عن مدينة من مداين الحرب، هل يجوز أن يرسل عليهم الماء، أو يحرقوا بالنيران، أو يرموا بالمنجنيق حتى يقتلوا، وفيهم النساء والصبيان والشيخ

____________________

(١)التوبة: ١١١.

(٢) نهج البلاغة: ومن كلام لهعليه‌السلام (١١) ص ٥٥.

(٣) النهاية: كتاب الجهاد: باب من يجب قتاله ص ٢٩٣ س ٦ قال: الا السم فانه لا يجوز.

(٣) لم أعثر عليه في المقنعة، ولم يعترض له في المختلف ايضا.

(٥) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٦) السرائر: كتاب الجهاد، باب ذكر اصناف الكفار ومن يجب قتالهم ص ١٥٧ س ٣ قال: والقاء السم في بلادهم فانه لا يجوز.

(٧) التهذيب: ج ٦(٦٣) باب كيفية قتال المشركين ص ١٤٣ الحديث ٤.

(٨) المبسوط: ج ٢، فصل: اصناف الكفار وكيفية قتالهم ص ١١ س ١٢ قال: وكره أصحابنا إلقاء السم في بلادهم.

(٩) و(١٠) المختلف: في كيفية الجهاد ص ١٥٥ س ٢٧ قال: ولا اقرب ما ذكرناه في المبسوط وهو اختيار ابن الجنيد.

٣١٢

تترسوا بالاسارى من المسلمين، فلا دية وفي الكفارة قولان ولا يقتل نساؤهم ولو عاون الا مع الاضطرار.ويحرم التمثيل بأهل الحرب والغدر والغلول منهم.ويقاتل في أشهر الحرم من لا يرى لها حرمة، ويكف عمن يزى حرمتها.ويكره القتال قبل الزوال، والتبييت، وأن تعرقب الدابة، والمبارزة بين الصفين بغير إذن الامام.الكبير، والاسارى من المسلمين، والمجتاز؟ فقال: يفعل ذلك بهم، ولا يمك لهؤلاء، ولادية لهم على المسلمين ولا كفارة(١) والسم في معنى هذه الاشياء، فيشاركها في الاباحة.

واعلم أن هذا الخبر قد دل على امور:

(أ) جواز المحاربة بهذه المذكورات.

(ب) انه لا يمسك عنهم لمكان الاسير المسلم والمجتاز بهم.

(ج) انتفاء الدية عن قاتل المسلم، وفيها خلاف بين فقهائنا.

(د) سقوط الكفارة، والاقرب وجوبها للاية(٢) وابن غياث عامى.قال طاب ثراه: وفي الكفارة قولان: أقول: وجوب الكفارة على القاتل هو المشهور بين الاصحاب لقوله تعالى " وإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة "(٣) ولم يذكر الدية ونص على الكفارة.و (من) في الاية بمعنى (في) لان حروف الخفض يستعمل بعضها مكان بعض عند أهل اللسان، وهو كثير في القرآن وأشعار العرب.ولا تتركني بالوعيد كأنني إلى الناس مطلى به الفار أجرب(٤)

____________________

(١) التهذيب: ج ٦(٦٣) باب كيفية قتال المشركين ص ١٤٢ قطعة من حديث ٢.

(٢) قال تعالى " ودية مسلمة إلى أهله " سورة النساء: ٩٢.

(٣) النساء: ٩٢.

(٤) لم يقسم قائله.

٣١٣

النظر الثالث في التوابع وهي أربعة: (الاول) في قسمة الفيء

يجب اخراج ما شرطه الامام أولا كالجعائل، ثم بما تحتاج اليه الغنيمة كاجرة الحافظ والراعي، وبما يرضخ لمن لا قسمة له كالنساء والكفار والعبيد، ثم يخرج الخمس ويقسم الباقي بين المقاتلة ومن حضر القتال وان لم يقاتل حتى الطفل ولو ولد بعد الحيازة قبل القسمة.وكذا من يلتحق بهم من المدد، للراجل سهم وللفارس سهمان، وقيل: للفارس ثلاثة.ولو كان معه أفراس اسهم للفرسين دون ما زاد.أراد في الناس.ونقل المصنف قولا بعدم الكفارة، ولم نظفر بقائله، وفي الشرايع: وفي الاخبار ولا كفارة(١) .

قال طاب ثراه: للراجل سهم وللفارس سهمان، وقيل: للفارس ثلاثة.

أقول: الاول اختيار الاكثر، وبه قال الحسن(٢) والتقي(٣) وابن ادريس(٤) والمصنف(٥) والعلامة(٦) والثاني مذهب أبي علي(٧) .

____________________

(١) الشرايع: ج ١ في كيفية قتال أهل الحرب ص ٣١٢ قال: ولا يلزم القاتل دية، ويلزمه كفارة، وفي الاخبار ولا الكفارة.

(٢) و(٦) المختلف: في أحكام الغنيمة ص ١٥٨ س ٩ قال بعد نقل الاقوال: والمشهور الاول وهو قول ابن أبي عقيل.

(٣) الكافي: الجهاد، الضرب الاول من المغانم ص ٢٥٨ س ١٤ قال: ويقسم الاربعة الاخماس إلى أن قال: للرجل سهم وللفارس سهمان.

(٥) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٧) المختلف: في أحكام الغنيمة ص ١٥٨ س ٩ قال: وقال ابن الجنيد: لفارس ثلاثة أسهم سهمان لفرسه وسهم له.

٣١٤

وكذا يقسم لو قاتلوا في السفن وان استغنوا عن الخيل، ولا سهم لغير الخيل ويكون راكبها في الغنيمة كالراجل.والاعتبار بكونه فارسا عند الحيازة لا بدخول المعركة.والجيش يشارك سريته، ولا يشاركها عسكر البلد.وصالح النبيعليه‌السلام الاعراب عن ترك المهاجرة بأن يساعدوا اذا استنفر بهم ولا نصيب لهم في الغنيمة.

احتج الاولون بما رواه حفص بن غياث قال: كتب إلي بعض إخواني أن أسأل أبا عبداللهعليه‌السلام عن مسائل من السيرة إلى أن قال: كيف تقسم الغنيمة بينهم؟ قال: للفارس سهمان وللراجل سهم(١) .

احتج الاخرون بمارواه اسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه: أن علياعليه‌السلام كان يجعل للفارس ثلاثة أسهم وللراجل سهما(٢) .

أجاب الاولون بحملها على من كان معه أكثر من فرس.

قال طاب ثراه: وصالح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الاعراب على ترك المهاجرة بأن يساعدوا اذا استنفرهم ولا نصيب لهم في الغنيمة.

أقول: هذا هو المشهور عند أصحابنا، ومنع منه ابن ادريس وأوجب لهم النصيب، قال: لانه لاخلاف بين المسلمين أن كل من قاتل من المسلمين فانه من جملة المقاتلة، والغنيمة للمقاتلة، فلا يخرج عن هذا الاجماع إلا باجماع مثله(٣) ، وهو ممنوع لان الاجماع على خلافه.

احتج الاولون بماروي أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله صالح الاعراب عن

____________________

(١) التهذيب: ج ٦(٦٥) باب السرية تغز وفتغتم فيلحقها جيش آخر ص ٥ قطعة من حديث ١.

(٢) التهذيب: ج ٦(٦٦) باب كيفية قسمة الغنائم ص ١٤٧ الحديث ٣.

(٣) السرائر: باب قتال اهل البغي ص ١٦٠ س ١١ قال: وقال بعض اصحابنا انه ليس للاعراب من الغنيمة شئ الخ.

٣١٥

ولو غنم المشركون أموال المسلمين وذراريهم ثم ارتجعوها لم تدخل في الغنيمة.ولو عرفت بعد القسمة فقولان: أشبههما ردها المالك.ويرجع الغانم على الامام بقيمتها مع التفرق، والا فعلى الغنيمة.المهاجرة بترك النصيب، روى عبدالكريم الهاشمي في الحسن قال: كنت قاعدا عند أبي عبداللهعليه‌السلام بمكة اذ دخل عليه ناس من المعتزلة فيهم عمرو بن عبيد إلى أن قال: أرأيت الاربعة الاخماس قسمتها بين جميع من قاتل عليها؟ قال عمرو: نعم، قال له الصادقعليه‌السلام : فقد خالفت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في سيرته، بيني وبينك فقهاء اهل المدينة ومشيختهم، فسلهم، فانهم لا يختلفون ولا يتنازعون في ان رسول الله انما صالح الاعراب على أن يدعهم في ديارهم ولا يهاجروا على ان دهمه من عدوه دهم أن يستنفرهم فيقاتل بهم وليس لهم في الغنيمة نصيب، وانت تقول: بين جميعهم، فقد خالفت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في كل ما قلت في سيرته في المشركين(١) وعليها الاصحاب، وإذا نسب الامامعليه‌السلام من أعطاهم إلى مخالفة الرسول، كان القول باعطائهم باطلا.

قال طاب ثراه: ولو غنم المشركون أموال لمسلمين ثم ارتجعوها، لم تدخل في الغنيمة، ولوعرفت بعد القسمة، فقولان: أشبههما ردها على المالك، ويرجع الغانم على الامام بقيمتها مع التفرق، والا فعلى الغنيمة.

أقول: هنا ثلاثة أقوال:

(أ) قال الشيخ في النهاية: يقومون في سهم المقاتلة ويعطى الامام مواليهم أثمانهم من بيت المال(٢) .

____________________

(١) التهذيب: ج ٦(٦٦) باب كيفية قسمة الغنائم ص ١٥٠ قطعة من حديث.٧

(٢) النهاية: باب قسمة الفئ وأحكام الاسارى ص ٢٩٥ س ١٨ قال: فاما العبيد فانهم يقومون في سهام الخ.

٣١٦

(الثاني) في الاسارى

والاناث منهم والاطفال يسترقون ولا يقتلون، ولو اشتبه الطفل بالبالغ، اعتبر بالانبات والذكور البالغون يقتلون حتما، إن اخذوا والحرب قائمة مالم يسلموا.والامام مخير بين ضرب أعناقهم وقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وتركهم حتى ينزفوا. وإن أخذوا بعد

(ب) قال في كتابي الفروع: إن عرفت قبل القسمة أخذها أربابها، وإن عرفت بعد القسمة فكذلك، ويرد عمن وقعت في نصيبه قيمتها من بيت المال، لئلا ينتقض القسمة(١) ، وهو اختيار ابن ادريس(٢) والمصنف(٣) والعلامة(٤) .

(ج) قال التقي: ما عرف قبل القسمة، يكون خارجا عن حد الغنيمة غير داخل فيها، وبعد القسمة وحصوله في حرز الكفار تملكهم على ظاهر الحال للمقاتلين، وقيل ذلك راجع إلى أربابه من المسلمين(٥) تملكهم على ظاهر الحال للمقاتلين، وقيل ذلك راجع إلى أربابه من المسلمين(٦) .فالمصنف قال (فيها قولان) وهي في الحقيقة ثلاثة، فإما لعدم اعتداده بالقول الآخر لانقراضه، وبعده عن مناسبة الاصل، وإما أن يكون مراده، وفيه قولان للشيخ.وقيد المصنف في رجوع الغانم بعد القسمة، على الامام، تفرق الغانمين،

____________________

(١) المبسوط: ج ٢ فصل في حكم الحربي اذا سلم في دار الحرب والمسلم اذا اخذ ماله المشركون ص ٢٦ س ١٤ قال: له اخذه قبل القسمة إلى قوله: لكن يعطي الامام من حصل في سهمه قيمته من بيت المال لئلا تنقص القسمة.وفي الخلاف كتاب السير مسألة ١٠.

(٢) السرائر: باب قسمة الغنيمة ص ١٥٨ س ١٩ قال: والذي يقتضيه اصول المذهب الخ.

(٣) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٤) المختلف: في أحكام الغنيمة ص ١٥٩ س ١٩ قال والوجه ما اختاره في المبسوط والخلاف.

(٥) الكافي: الجهاد، الضرب الاول من الغانم ص ٢٥٩ س ١٢ قال: واذا غلب الكفار على شئ من اموال المسلمين وذراريهم الخ.

(٦) حيث قال: (مع التفرق).

٣١٧

انقضائهم يقتلوا.وكان الامام مخيرا بين المن والفداء والاسترقاق، ولا يسقط هذا الحكم لو أسلموا.ولا يقتل الاسير لو عجز عن المشي، ولا يعد الذمام له ويكره ان يصبر على القتل.ولا يجوز دفن الحربي، ويجب دفن المسلم، ولو اشتبهوا قيل: يوارى من كان كميشا كما أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في قتلى بدر.وحكم الطفل حكم ابويه، فان أسلما أو أسلم أحدهما لحق بحكمه ولو أسلم حربي في دار الحرب حقن دمه وتبعه العلامة(١) وهو مضمون حسنة علي بن رئاب عن أبي جعفرعليه‌السلام (٢) وقال الشيخ في الاستبصار: الذي أعمل عليه انه احق بعين ماله على كل أحد، والاخبار المخالفة لذلك وردت على ضرب من التقية(٣) .

قال طاب ثراه: ولا يجوز دفن الحربي، ويجب دفن المسلم، ولو اشتبهوا قيل: يوارى من كان كميشا كما أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في قتلى بدر.

أقول: قال الشيخ في النهاية: دفن منهم من كان صغير الذكر على ما روي في بعض الاخبار(٤) وبه قال المصنف في الشرائع(٥) والعلامة(٦) اعتمادا على حسنة حماد بن يحيى عن الصادقعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم بدر:

____________________

(١) القواعد: المطلب الثاني في قسمة الغنيمة ص ١٠٨ س ١٦ قال: ورجع الغانم على الامام مع تفرق الغانمين.

(٢) التهذيب: ج ٦(٧٤) باب المشركون يأسرون أولاد المسلمين ص ١٦٠ قطعة من حديث ٥.

(٣) الاستبصار: ج ٣(٣) باب المشركين يأخذون من مال المسلمين شيئا ص ٥ ذيل الحديث ٤.

(٤) النهاية: كتاب الجهاد، باب من الزيادات في ذلك ص ٢٩٨ قال: فليوار منهم من كان صغير الذكر على ما روي الخ.

(٥) الشرايع: في الاساري قال: وان اشتبها يوارى من كان كميش الذكر.

(٦) المنتهى: ج ١ كتاب في صلاة الجنائز ص ٤٤٩ س ١٦.

٣١٨

وماله مما ينقل دون العقارات والارضين، ولحق به ولده الاصاغر.ولو أسلم عبد في دار الحرب قبل مولاه ملك نفسه، وفي اشتراط خروجه تردد المروي: انه يشترط.لا تواروا إلا من كان كميشا، يعنى به: من كان ذكره صغيرا، وقال: لا يكون ذلك الا في كرام الناس(١) وتوقف في النافع(٢) وقال ابن ادريس: يقرع لانه مشكل(٣) .وأما الصلاة ففيها ثلاثة أقوال.

(أ) الصلاة على الجميع ويفرد المسلمون بالنية اختاره ابن ادريس(٤) وارتضاه العلامة(٥) وقواه في المبسوط(٦) .

(ب) يصلى على من وجب دفنه وهو الكميش قاله في المبسوط(٧) .

(ج) قال في المبسوط: وان قلنا يصلى على كل واحد منهم منفردا بنية شرط إسلامه كان احتياطا(٨) فالثلاثة قالها الشيخ في المبسوط، وصدر بالثاني، وقوى الاول، واحتاط بالثالث.

قال طاب ثراه: ولو اسلم العبد قبل مولاه ملك نفسه، وفي اشتراط خروجه تردد.

____________________

(١) التهذيب،: ج ٦(٧٩) باب النوادر ص ١٧٢ الحديث ١٤.

(٢) لا حظ عبارة المختصر النافع حيث قال: (وقيل) ولم يرجح.

(٣) و(٤) السرائر: كتاب الجهاد، باب من زيادات ذلك، ص ١٦٠ س ٦ قال: والاقوى عندى ان يقرع عليهم إلى ان قال: فاما الصلاة عليهم إلى ان قال: فاما الصلاة عليهم فالاظهر من قول اصحابنا ان يصلى عليهم نية على للمسلمين دون الكفار.

(٥) المنتهى: ج ١ في صلاة الجنائز ص ٤٤٩ س ١٦ قال: وان قلنا انه يصلى عليهم صلاة واحدة وينوى بالصلاة الصلاة على المؤمنين كان قويا.

(٦) و(٧) و(٨) المبسوط: ج ١ كتاب الجنائز ص ١٨٢ س ١٨ قال: اذا اختلط قتلى المسلمين بالمشركين.

٣١٩

(الثالث) في أحكام الارضين

وكل أرض فتحت عنوة وكانت محياة فهي للمسلمين كافة، والغانمون في الجملة، لا تباع ولا توقف ولا توهب ولا تملك على الخصوص، والنظر فيها إلى الامام يصرف اصلها في المصالح.وما كان مواتا وقت الفتح فهو للامام لا يتصرف الا باذنه، وكل أرض فتحت صلحا على أن الارض لاهلها والجزية فيها، فهي لاربابها ولهم التصرف فيها، ولو باعها المالك صح وانتقل ما كان عليها من الجزية إلى ذمة البايع، ولو أسلم سقط ما على أرضه ايضا، لانه جزية.ولو شرطت الارض للمسلمين كانت المفتوحة عنوة والجزية على رقابهم.وكل أرض أسلم أهلها طوعا فهي لهم، وليس عليهم سوى الزكاة في حاصلها مما تجب فيه الزكاة.وكل أرض ترك أهلها عمارتها فللامام تسليمها إلى من يعمرها وعليه طسقها لاربابها.وكل ارض موات سبق اليها سابق فأحياها فهو أحق بها، وان كان لا مالك فعليه طسقها له أقول: منشأ التردد: من كون الاسلام في العبد غير مناف بملك الكافر له بالاستدامه، إجماعا، وفي الابتداء خلاف، غايته انه يجبر على بيعه اذا اسلم في ملكه، و انما يملك نفسه بالقهر لسيده على نفسه وانما يتحقق القهر بالخروج الينا قبل سيده، ليتحقق الخروج عن قبضه، وهو مذهب الشيخ في النهاية(١) وبه قال ابن

____________________

(١) النهاية: باب قسمة الفئ وأحكام الاسارى ص ٢٩٥ س ١٢ قال: وعبيد المشركين اذا لحقوا بالمسلمين قبل مواليهم الخ.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579