المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٢

المهذب البارع في شرح المختصر النافع10%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 579

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 579 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 117295 / تحميل: 7175
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

والاقتصاد كتابي الاخبار لا يجزيه(١) وبه قال السيد(٢) والصدوقان(٣) والتقي(٤) وسلار(٥) والقاضي(٦) وابن حمزة(٧) والمصنف(٨) والعلامة(٩) الا أن يثبت قبل الزوال فيجزى، لانشاء النية في وقتها وهوالوجه.ويحتمل العدم، للنهي عن النية الاولى، وحكمه فساد الصوم الواقع فيها، فيفسد صوم اول ويكون حكمه فيه كالمفطر، وحكمه وجوب القضاء، وان وجب الامساك في باقية.

(د) لوصامه بنية انه واجب أو ندب لم يصح ووجب القضاء وللشيخ قول بالاجزاء حكاه عنه العلامة(١٠) ولم يعتد به المصنف، ولم يذكره في الشرائع، وجزم بعدم الاجزاء فيه(١١) .

(ه‍) لو نواه فرضا إن كان من رمضان، وندبا إن كان من شعبان فيه قولان:

____________________

(١) لم أعثر في كتابي الجمل والاقتصاد ما يدل على ذلك صريحا، ولكن نقل في المختلف ما لفظه: " وقال: في النهاية والجمل والاقتصاد وكتابي الاخبار: لا يجزيه وهو حرام " وقال: في التهذيب: ج ٤ ص ١٨٢(٤١) باب فضل صيام يوم الشك في ذيل حديث في ذيل حديث ٨ ما لفظه: " المراد بهذا الخبر من يوم الشك لا ينوي انه من شعبان، بل ينوي انه من شهر رمضان فانه متى كان الامر على ما ذكرناه يكون قد صام مالا يحل صومه، فحينئذ عليه القضاء " وقريب منه في الاستبصار: ج ٢(٣٧) باب صيام بوم الشك ص ٧٩ ذيل الحديث ٦

(٢) و(٣) و(٤) و(٥) و(٦) و(٧) و(٨) و(٩) المختلف: كتاب الصوم ص ٤٤ س ٣٤ قال: واختاره " أى عدم الاجزاء والحرمة " السيد المرتضى وابنا بابويه وابوالصلاح وسلار وابن البراج وابن حمزة، وهو الاقوى.

(١٠) المختلف: كتاب الصوم ص ٤٥ س ٢٦ قال: مسألة لو نوى ليلة الشك انه يصوم غدا بنيه انه واجب أو نقل قال الشيخ: انه اجزأه.

(١١) المعتبر كتاب الصوم: ص ٣٠٠ قال: فروع، الثالث: لو صام بنيه انه واجب أو ندب لم يصح صومه الخ.

٢١

الاجزاء قاله: ابوحمزة(١) والشيخ في المبسوط(٢) والخلاف(٣) لان نية القربة كافية وقد حصلت، فالزائد لغو.ومنع المصنف(٤) والعلامة(٥) والشيخ في باقي كتبه(٦) لاشتراط الجزم في النية، والقربة كافية فيما علم انه من الشهر، لا فيما لا يعلم، وأشار المصنف إلى هذه المسألة في الشرائع وجعلها هي مسألة الخلاف(٧) ، وجزم فيما قبلها بالبطلان، أعني الفرع الرابع(٨) ولم يذكرها في النافع وجعل محل الخلاف مطلق التردد.

والتحقيق: ان الباب معقود على بيان أحكام النية واشتراط الجزم فيها والترديد ينافيه وأورد ذلك في مسألتين:

(أ) ردد بين انه واجب أو ندب، وجزم فيها بالبطلان.

(ب) ردد فنوى انه فرض إن كان من رمضان ونفل إن كان من شعبان وفيه قولان هكذا فرضها المصنف في الشرائع(٩) ، وتبعه العلامة في

____________________

(١) سياتي مع فتوى العلامة.

(٢) المبسوط: ج ١ كتاب الصوم، فصل في ذكر النية ص ٢٧٧ س ١ قال: وإن صام بينة الفرض إن كان فرضا وبينة النقل ان كان نفلا فانه يجزيه.

(٣) الخلاف: كتاب الصيام مسألة ٢٢.

(٤) المعتبر: كتاب الصوم ص ٣٠٠ قال: فروع، الرابع إلى أن قال: وما قاله الشيخ ليس بجيد.

(٥) و(٦) المختلف: كتاب الصوم ص ٤٥ س ١٦ قال للشيخ قولان إلى أن قال: والثاني العدم ذكره في باقى كتبه واختاره ابن حمزة وهو الاقوى.

(٧) شرائع الاسلام: كتاب الصوم، قال، وأركانه أربعة: الاول إلى أن قال: ولو صام على أنه إن كان من رمضان كان واجبا والا كان مندوبا.قيل: لا يجزي وعليه وهو الاشبه.

(٨) تقدم مختاره في الفرع الرابع من المعتبر آنفا.

(٩) الشرائع: كتاب الصوم، قال: وأركانه أربعة الاول، إلى أن قال: ولا يجوز أن يردد نيته بين الواجب والندب، بل لابد من قصد احدهما تعيينا إلى أن قال: ولو صام على انه إن كان من رمضان كان واجبا وإلا مندوبا قيل: يجزي وعليه الا عادة، وهو الاشبه.

٢٢

التحرير(١) والتذكرة(٢) .فربما وهم واهم انهما مسألتان مختلفتان، من حيث التعدد بالشخص وتغاير صورة الفرض، والجزم في واحدة بالبطلان وذكر الخلاف في الاخرى، وليس الامر كذلك بل هما واحدة، لان موضوع البحث فيهما واحد وهو يوم الشك، ولاتحاد علة البطلان فيهما وهو الترديد، والقطع فيهما بحكم واحد وهو البطلان أو الصحة، فان القائل بالصحة في أحديهما يقول به في الاخرى، فتصحيح احديهما خاصة احداث ثالث.وانما أورد في مثالين إيضاحا واتساعا في التفريع، وذكر الخلاف في احديهما، اقتناعا بتحرير البحث فيه عن ايراده في الاخرى، وجعل في الثانية لان العطف المتعقب للجمل قد يرجع إلى الجميع، ومن جعله في الاولى احتاج إلى التنبيه عليه، كالعلامة في المختلف، فانه ذكر المسألة الثانية أولا، وهي قولنا: فرض إن كان من رمضان وذكر البحث فيها، ثم ذكر الثانية وهي قولنا: ردد بين أنه واجب أو ندب وقال: قال الشيخ: أجزأ لما تقدم(٣) ، وفيه المنع السابق.والاوجه أن يقال: هنا مسألتان.

فموضوع الاولى: أعني قولنا ردد بين أنه واجب أو ندب، بنية مطلق الصوم.

وموضوع الثانية، يوم الشك والخلاف فيها، وتوجيه البحث عليهما واحد.

(و) لو صامه واجبا عن غير رمضان، ثم ظهر منه، فان كان فيه عدل إليه ولو قبل الغروب وأجزأه، وإن كان بعده أجزأ عنه وبطل عما نواه.

(ز) لو أصبح بنية الافطار، ثم ظهر من رمضان، جدد نية الوجوب ولو قبل

____________________

(١) التحرير: كتاب الصوم، ص ٧٦ في بحث (يا) من أبحات النية، قال: ولو نوى انه واجب أو ندب ولم يتعين لم يصح صومه إلى أن قال: ولو نوي انه إن كان من رمضان الخ.

(٢) التذكرة: ج ١: كتاب الصوم، الفصل الاول في النية، ص ٢٥٧ س ١١ من الفرع الاول.

(٣) المختلف: كتاب الصوم ص ٤٥ س ١٦ وس.٢٦

٢٣

ولو أصبح بنية الافطار، فبان من رمضان جد نية الوجوب ما لم تزل الشمس، وأجزأه ولو كان بعد الزوال أمسك واجبا، وقضاه.

الثاني: فيما يمسك عنه الصائم وفيه مقصدان: الاول: يجب الامساك عن تسعة: الاكل والشرب المعتاد وغيره والجماع [قبلا ودبرا على الاشهر](١) الغروب، فان كان قبل الزوال ولم يحدث ما يفسده أجزأه، وإن كان بعدأمسك واجبا وعليه القضاء، وكذا لو كان قبله وقد أحدث ما ينقضه، فلو أفطر بعد ذلك كفر.

(ح) لو صامه قضاء عن رمضان ثم أفطر، فان كان قبل الزوال ثم ثبت فلا كفارة عن أحدهما، أما سقوطها عن القضاء فلعدم وقوعه في رمضان، وأما عن رمضان فلانه لم يقصد إفطار رمضان، بل يوم الشك، ولو أفطر بعد الزوال ثم ثبت انه من رمضان، احتمل سقوطها رأسا لما ذكرناه من العلة، ويحتمل وجوبها عن رمضان لانه هتك صوما متعينا عليه، فيكفر عنه، على ما هو عليه في نفس الامر، ويحتمل وجوبها عن القضاء، لانه الثابت ظاهرا وفي زعمه.

قال طاب ثراه: والجماع قبلا ودبرا على الاشهر.

أقول: تحقيق البحث هنا يقع في أمور:

(أ) الجماع في القبل، واطبق الاصحاب على تحريمه، ووجوب الكفارة به، وبه تظافرت الروايات(٢) .

____________________

(١) ما بين المعقوفتين غير موجود في المختصر المطبوع.

(٢) لاحظ الوسائل: ج ٧ كتاب الصوم، الباب ٤ و ٩ من أبواب ما يمسك عنه الصائم وغيرهما.

٢٤

وروى سعد بن احمد بن الحسن عن علي بن فضال عن عمر بن سعيد المدائني عن مصدق صدقة عن عمار بن موسى الساباطي، قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن الرجل وهو صائم فيجامع أهله، فقال: يغتسل ولا شئ عليه(١) .والطريق ضعيف جدا، وهي معارضة بكثير من الروايات(٢) .

(ب) الجماع في الدبر مع عدم الانزال، هل يفسد به الصوم؟ وتجب الكفارة؟ قال الشيخ في كتابي الفروع(٣) و(٤) والسيد(٥) والمصنف(٦) والعلامة(٧) : نعم، على الفاعل والمفعول.وفي رواية علي بن الحكم عن رجل عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: إذا أتى الرجل المرأة في الدبر وهي صائمة لم ينتقض صومها وليس عليها غسل(٨)

____________________

(١) التهذيب: ج ٤(٥٥) باب الكفارة في اعتماد افطار يوم من شهر رمضان ص ٢٠٨ الحديث ٩.

(٢) لاحظ الوسائل: ج ٧ كتاب الصوم، باب ١ و ٤ و ٨ و ٩ من أبواب ما يمسك عنه الصائم وفي غيرها من تضاعيف الابواب.

(٣) المبسوط: ج ١ كتاب الصوم، فصل في ذكر ما يمسك عنه الصائم ص ٢٧٠ س ٧ قال: والجماع في الفرج أنزل أو لم ينزل سواء كان قبلا أو دبرا فرج امرأة أو غلام أو ميته أو بهيمة الخ.

(٤) الخلاف: كتاب الصوم، مسألة ٤١ قال: إذا أدخل في دبر امرأدأو غلام كان عليه القضاء والكفارة

(٥) جمل العلم والعمل: فصل فيما يفسد الصوم وينقضه قال: أو غيب فرجه في فرج حيوان محرم او محلل أفطر

(٦) المعتبر: كتاب الصوم ص ٣٠٥ قال: ومن امرأة في دبرها الخ.

(٧) التذكرة: ج ١ كتاب الصوم، فيما يمسك عنه الصائم ص ٢٥٧ س ٣٢ قال: الثاني الجماع وقد أجمع العلماء كافة على إفساد الصوم بالجماع الموجب للغسل إلى أن قال: ولو وطأ في الدبر فأنزل فسد صومه إجماعا ولو ينزل فالمعتمد عليه الافساد.

(٨) التهذيب: ج ٤(٧٢) باب الزيادات ص ٣١٩ الحديث ٤٥ وفيه: " لم ينقض " بدل " لم ينقض "

٢٥

وهي مرسلة ولا أعرف بها قائلا.

(ج) الجماع في فرج البهيمة، فا أتعلقت الاحكام الثلاثة، أعني الغسل، والقضاء، والكفارة إجماعا، وإن لم ينزل واغاب الحشفة ففيه ثلاثة أقوال:

(أ) لا شئ، قاله ابن إدريس(١) وهو ظاهر المصنف في الشرائع، لانه جزم في باب الجنابة بعدم وجوب الغسل(٢) وقال في باب الصوم، والاشبه أنه يتبع وجوب الغسل(٣) .

(ب) القضاء خاصة، قاله الشيخ في الخلاف(٤) .

(ج) القضاء والكفارة قاله السيد(٥) واختاره المصنف في المعتبر(٦) وهو ظاهر الشيخ في المبسوط(٧) وظاهر التحرير ترجيح قول ابن إدريس(٨) .

____________________ _____

(١) السرائر: كتاب الصوم ص ٨٦ س ١٩ قال: بعد نقل قول الشيخ بان من أتى البهيمة ولم ينزل فعليه القضاء دون الكفارة ما لفظه قال محمد بن ادريس الذي دفع به الكفارة يدفع القضاء مع قوله: لا نص.لاصحابنا فيه الخ.

(٢) الشرايع: كتاب الطهارة، في الجناية، قال: أما سبب الجناية إلى أن قال: ولا يجب بوطء بهيمة إذا لم ينزل.

(٣) الشرايع: كتاب الصوم، قال: الثاني ما يمسك عنه الصائم إلى أن قال: وفي فساد الصوم بوطء الغلام والدابة تردد وان حرم، وكذا القول في فساد صوم الموطوء والاشبه انه يتبع وجوب الغسل.

(٤) الخلاف: كتاب الصوم مسألة ٤٢ قال: فان أولج ولم ينزل فليس لاصحابنا فيه نص ولكن يتضي المذهب أن عليه القضاء لانه لا خلاف فيه.

(٥) جمل العلم والعمل: فصل فيما بفسد الصوم وينقضه ص ٩٠ قال: او غيب فرجه في فرج حيوان محرم او محلل أفطر عليه القضاء والكفارة.

(٦) المعتبر: كتاب الصوم ص ٣٠٥ قال: الثاني إن وطأ بهيمة إلى أن قال: وإن لم ينزل قال الشيخ: لانص فيه الخ.

(٧) المبسوط: ج ١ كتاب الصوم ص ٢٧٠ قال: فما يوجب القضاء والكفارة تسعة أشياء إلى قال: أو بهيمة.

(٨) التحرير: كتاب الصوم ص ٧٧ المقصد الثاني فيما يقع الامساك عنه إلى أن قال (ى) لو وطأ بهيمة فان أنزل فسد صومه وإن لم ينزل تبع وجوب الغسل فان أوجبناه افسد صومه والا فلا.

٢٦

[وفي فساد الصوم بوطء الغلام تردد](١) وإن حرم وكذا في الموطوء والاستمناء، وايصال الغبار الغليظ إلى الحلق متعديا، والبقاء على الجنابة عمدا حتى يطلع الفجر، ومعاودة النوم مجنبا، والكذب على الله ورسوله والائمةعليهم‌السلام ، والارتماس في الماء، وقيل: يكره قال طاب ثراه: وفي فساد الصوم بوطء الغلام تردد.

أقول: فساد الصو وجوب الكفارة مذهب السيد(٢) وبه قال الشيخ في الكتابين(٣) و(٤) والعلامة في كتبه(٥) اختاره المصنف في المعتبر(٦) وظاهره في الشرايع عدم الفساد، لانه جعله تابعا للغسل وساواه بالدابة، وقدم في باب الجنابة عدم وجوب الغسل فيه(٧) .

قال طاب ثراه: والارتماس في الماء، وقيل: يكره

____________________

(١) ما بين للمعقوفتين غير موجود في المختصر المطبوع.

(٢) تقدم آنفا.

(٣) المبسوط: ج ١ كتاب الصوم ص ٢٧٠ س ١ قال: فما يوجب القضاء والكفارة تسعة أشياء، إلى أن قال: أو غلام أو ميتة أو بهيمة.

(٤) الخلاف: كتاب الصوم مسألة: ٤١ قال: إذا أدخل في دبر امرأة أو غلام كان عليه القضاء والكفارة.

(٥) التحرير: كتاب الصوم، المقصد الثاني فيما يقع الامساك عنه إلى أن قال: (يا) لو وطأ الغلام في دبره فان أنزل فسد صومه وكذا إن لم ينزل، وفي التذكرة كتاب الصوم، فيما يمسك عنه الصائم ص ٢٥٧ قال: الثاني الجماع إلى أن قال: ولا فرق بين وطء الحية والميتة ولا بين الغلام والمرأة، وفي المختلف، كتاب الصوم ص ٤٦ س ٢٤ قال: والاقرب أن فساد الصوم وايجاب القضاء والكفارة أحكام تابع لايجاب الغسل وكل موضع قلنا بوجوب الغسل فيه وجبت الاحكام الثلاثة الخ.

(٦) المعتبر: كتاب الصوم ص ٣٠٥ قال: فروع الاول إلى أن قال: فبتقدير تحقق ما ادعاه يجب القول الخ.

(٧) تقدم آنفا.

٢٧

أقول: للاصحاب في الارتماس أربعة أقوال:

(أ) الكراهية، نقله المصنف عن المرتضى(١) .وهو رواية عبدالله بن سنان (في الموثق) عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: كره للصائم أن يرتمس في الماء(٢) .

(ب) التحريم فقط، وهو مذهب العلامة(٣) والمصنف(٤) ونقله عن الشيخ.

(ج) القضاء خاصة، وهو مذهب التقي(٦) " اعتمادا على صحيحة محمد بن مسلم عن الباقرعليه‌السلام لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب ثلاث خصال، الطعام والشراب والنساء والارتماس في الماء(٧) وهويدل بمفهومه على ثبوت الضرر بالارتماس، وانما يتضرر الصائم ببطلان صومه "(٨)

____________________

(١) المعتبر: كتاب الصوم ص ٣٠٢ قال: مسألة وفي الارتماس قولان إلى أن قال: والاخر لا يفسد ولكن يكره وهو أحد قولي علم الهدى.

(٢) التهذيب: ج ٤(٥٥) باب الكفارة في اعتماد افطار يوم من شهر رمضان ص ٢٠٩ الحديث ١٣.

(٣) المختلف: كتاب الصوم ص ٤٨ قال: مسألة وفي الارتماس في المباء أقول ثلاثة إلى أن قال والاقرب عندي انه حرام غير مفطر ولا يوجب شيئا الخ.

(٤) و(٥) المعتبر: كتاب الصوم ص ٣٠٢ قال: مسألة وفي الارتماس قولان إلى أن قال: وللشيخ قول بالتحريم لكنه لا يوجب قضاء ولا كفارة وهو حسن.

(٦) الكافي الصوم، فصل في صوم شهر رمضان، ص ١٨٣ س ٣ قال: أو ارتمس الرجل في الماء إلى أن قال: فعليه القضاة بصيام يوم مكان يوم.

(٧) التهذيب: ج ٤(٥٤) باب ما يفسد الصيام وما يحل بشرائط فرضه وينقض الصيام ص ٢٠٢ الحديث ١ وأورده في الفقيه: ج ٢(٣٢) باب آداب الصائم وما ينقض صومه وما لا ينقضه الحديث ١ وفيه: إذا اجتنب أربع خصال.

(٨) بين الهلالين موجود في نسختي (الف وب)

٢٨

وفي السعوط ومضغ العلك تردد، أشبهه الكراهة.

(د) القضاء والكفارة، وهو مذهب الشيخين(١) وبه قال القاضي(٢) والسيد في الانتصار(٣) لانه فعل منهيا عنه، فكان عليه القضاء والكفارة كالاكل.وقال الحسن(٤) وابن إدريس(٥) والسيد في قول آخر(٦) لا يجب به ضاء ولا كفارة.

قال طاب ثراه: وفي السعوط ومضغ العلك تردد أشبهه الكراهة.

أقول: هنا مسألتان: الاولى: السعوط، وفيه أربعة أقوال:

(أ) وجوب القضاء والكفارة، وهو اختيار المفيد وتلميذه(٧) و(٨) ومذهب العلامة(٩) إن وصل إلى الحلق.

____________________

(١) المقنعة: باب ما يفسد الصوم ص ٥٤ س ٣٦ قال: والارتماس إلى أن قال: ويجب على فاعلها القضاء والكفارة.وفي النهاية كتاب الصيام، باب ما على الصائم اجتنابه قال: فاما الذي يفسد الصيام مما يوجب منه القضاء والكفارة إلى أن قال: والارتماس في الماء.

(٢) المهذب: ج ١ كتاب الصيام ص ١٩١ باب ما يفسد الصوم ويوجب القضاء والكفارة إلى أن قال: والارتماس في الماء على التعبد.

(٣) الانتصار: مسائل الصوم ص ٦٢ قال: مسألة ومما انفردت به الامامية إلى أن قال: بالارتماس في الماء الخ.

(٤) و(٥) و(٦) المختلف: باب ما يفسد الصوم ص ٤٨ قال: مسألة وفي الارتماس في الماء اقوال ثلاثة إلى أن قال: السيد المرتضى: لا يجب به قضاء، ولا كفارة، واختاره ابن ادريس، وهو مذهب ابن أبى عقيل.

(٧) المقنعة ٦ باب ما يفسد الصوم ص ٥٤ س ٣٧ قال: ويفسده أيضا الحنقة والسعوط إلى أن قال: وعليه القضاء والكفارة.

(٨) المراسم: أحكام الافطار في صوم الواجب ص ٩٨ س ١٣ قال: أو تسعط إلى أن قال: فعليه مع القضاء الكفارة.

(٩) المختلف: ص. ٥١

٢٩

(ب) القضاء خاصة قاله التقي(١) والقاضي(٢) وهو مذهب الشيخ في المبسوط فانه قال: هو مكروه، سواء بلغ الدماغ أو لم يبلغ إلا ما ينزل إلى الحلق فانه يفطر ويوجب القضاء(٣) وقال ابن بابويه في كتابه، بتحريمه(٤) .

(ج) الكراهية وهو اختياره في النهاية والخلاف(٥) .

(د) قال الصدوق في المقنع(٦) وأبوعلي(٧) : لا بأس به، ولم يذكره الحسن في المفطرات.

الثانية: مضغ العلك وفيه قولان:

(أ) التحريم، وهو مذهب الشيخ في النهاية(٨) ووجهه أجزاء‌ه لا تليم في الفم إلا بعد تحليل أجزاء منه تشيع في الفم ويتعدى مع الريق إلى المعدة.ويجاب عنه بان تحليل الاجزاء منه غير معلوم، وحصول الطعم يحصل من تكيف الريق بذي

____________________

(١) الكافي: الصوم، فصل في يوم صوم شهر رمضان ص ١٨٣ س ٣ قال: وان تعمد القئ أو السعوط ٧ إلى ان قال: فعليه القضاء بصيام يوم.

(٢) المهذب: ج ١ باب ما يفسد الصوم ويوجب القضاء، دون الكفارة ص ١٩٢ س ٩ قال: والسعوط.

(٣) المبسوط: ج ١ كتاب الصوم ص ٢٧٢ س ١٧ قال: فاما المكروهات فانثى عشر شيئا، السعوط الخ.

(٤) من لا يحضره الفقيه: ج ٢(٣٢) باب آداب الصائم وما ينقض صومه وما لا ينقضه ص ٦٩ ذيل حديث ١٧ قال: ولا يجوز للصائم ان يستعط.

(٥) النهاية: كتاب الصيام باب الصوم مسألة ٥٧ قال: السعوط مكروه الا انه لا يفطر.

(٦) المقنع: ابواب الصوم(٤) باب ما يفطر الصائم وما يفطره ص ٦٠ قال: ولا بأس إلى أن قال: ويستعط.

(٧) المختلف: كتاب الصوم ص ٥١ س ٣١ قال: وقال ابن الجنيد لا بأس به.

(٨) النهاية: كتاب الصيام باب ما على الصائم اجتنابه ص ١٥٧ س ٦ قال: ولا يجوز للصائم مضغ العلك.

وفي الحقنة قولان، أشبههما: التحريم بالمايع.

٣٠

وفي الحقنة قولان، أشبهما: التحريم بالمايع الطعم، وغير لازم أن يكون بتخلل أجزاء منه، والاصل صحة الصوم والمفسد غير معلوم.

(ب) الكراهية، وهو اختياره في المبسوط(١) وعليه الاكثر.قال طاب ثراه: وفي الحقنة قولان: أشبههما التحريم بالمايع.

أقول: هنا قسمان: الاول: الحقنة بالمايعات، وفيها قولان:

(أ) القضاء قاله الشيخ في الجمل(٢) المبسوط(٣) والاقتصاد(٤) والعلامة في المختلف وفي الخلاف الحقنة بالمايع يفطر(٦) وقال المفيد: انها تفسد الصوم(٧) .

(ب) التحريم خاصه، قاله الشيخ في النهاية(٨) وهو اختيار لمصنف(٩) وابن

____________________

(١) المبسوط: ج ١ كتاب الصوم، فصل في ذكر ما يمسك عنه الصائم ص ٣ س ٢١ قال: ويكره استجلابه بماله طعم، ويجرى مجرى ذلك العلك كالكندر.

(٢) الجمل والعقود: ص ٥٨ س ٧ قال: وما يوجب القضاء دون الكفارة إلى أن قال: والحقنة بالمايعات.

(٣) المبسوط: ج ١ كتاب الصوم، فصل في ذكر ما يمسك عنه الصائم ص ٢٧٢ س ٧ قال: وما يوجب القضاء.دون الكفارة إلى أن قال: و الحنقة بالمايعات.

(٤) الاقتصاد: كتاب الصوم، فصل فيما بجب على الصائم اجتنابه ص ٢٨٨ س ١١ قال: وما يوجب القضاء دون الكفارة، إلى أن قال: و الحقنة بالمايعات.

(٥) المختلف: كتاب الصوم ص ٥١ س ١ قال: اختلف أصحابنا في الحقنة إلى أن قال: والاقرب انها مفطرة مطلقا " أى جامدة أو مايعة " ويجب بها القضاء خاصة.

(٦) الخلاف: كتاب الصيام مسألة ٧٣ قال: الحنقة بالمايعات تفطر.

(٧) المقنعة: باب ما يفسد الصوم ص ٥٤ س ٣٧ قال: ويفسده ايضا الحقنة.

(٨) النهاية: كتاب الصوم باب ما على الصائم اجتنابه ص ١٥٦ قال: ولا يجوز له الاحتقان بالمايعات.

(٩) المعتبر: كتاب الصوم ص ٣٠٣ س ٦ قال: فاذن الوجه ان الاحتقان حرام على الوجهين.

٣١

إدريس(١) .

الثاني: الحقنة بالجامدات، وفيها قولان: القضاء قاله لعلامة في المختلف(٢) وهو ظاهر التقي(٣) حيث اطلق وجوب القضاء بالحقنة.والكراهة خاصة، وهو اختياره في الجمل(٤) والمبسوط(٥) واختاره المصنف(٦) .تذنيب اطلق المرتضى كراهية الحقنة ولم يفصل بين المايع والجامد(٧) واطلق التقي وجوب القضاء بها غير مفصل(٨) وقال ابوعلي، يستحب لامتناع من الحقنة لانها تصل إلى الجوف(٩) وقال السيد في المسائل الناصرية: فاما الحقنة فلم يختلف في

____________________

(١) السرائر: كتاب الصوم ص ٨٨ س ١٢ قال: ولا يجوز له الاحتقاق: بالمايعات فان فعل ذلك كان مخطئا ثوما.

(٢) تقدم آنفا.

(٣) الكافي: فصل في صوم شهر رمضان ص ١٨٣ س ٣ قال: وان تعمد القئ أو السعوط أو الحقئة إلى أن قال: فعليه القضاء بصيام يوم مكان يوم.

(٤)و(٥) المبسوط: ج ١ كتاب الصوم، فصل في ذكر ما يمسك عنه الصائم ص ٢٧٢ س ١٧ قال واما المكروهات إلى ان قال واستدخال الاشياف الجامدة.

(٦) المعتبر: كتاب الصوم ص ٣٠٤ س ٢٧ قال: والاحتقان بالجامد مكروه.

(٧) جمل العلم والعمل: ص ٩٠ فصل فيما يفسد الصوم س ١٠ قال: والحقنة.

(٨) الكافي: الصوم، فصل في صوم شهر رمضان ص ١٨٣ س ٣ قال: او الحنقة، إلى أن قال فعليه القضاء بيوم.

(٩) المختلف: كتاب الصوم، ص ٥١ س ٧ قال: وقال ابن الجنيد: يستحب له الامتناع من الحنقة لانها تصل إلى الجوف

٣٢

والذي يبطل الصوم انما يبطله عمدا اختيارا، فلا يفسد بمص الخاتم ومضغ الطعام للصبي وزق الطائر، وضابطه مالا يتعدى إلى الحلق، والاستنقاع الرجل في الماء، والسواك في الصوم مستحب ولو بالرطب، ويكره مباشرة النساء تقبيلا ولمسا وملاعبة، والاكتحال بما فيه صبر أو مسك، واخراج الدم المضعف، ودخول الحمام كذلك، وشم الرياحين، ويتأكد في النرجس، والاحتقان بالجامد وبل الثوب على الجسد، وجلوس المرأة في الماء.

المقصد الثاني: وفيه مسائل: الاولى، تجب الكفارة والقضاء تتعمد الاكل والشرب والجماع قبلا أنها تفطر(١) وقال في الجمل: وقد ألحق قوم من أصحابنا بما ذكرناه في وجوب القضاء والكفارة إلى أن ال: والحقنة ولم يفصل(٢) .فيكون فيهامطلقا خمس اعتبارات:

(أ) القضاء والكفارة على نقل السيد.

(ب) القضاء خاصة على قول التقي.

(ج) انها تفطر، وهو محتمل لوجوب القضاء فقط، أو مع الكفارة.

(د) الكراهية مذهب السيد.

(ه‍) استحباب الامتناع على قول أبي علي.قال طاب ثراه: والجماع قبلا ودبرا على الاظهر.

____________________

(١) المختلف: كتاب الصوم، ص ٥١ س ٤ قا ل: وقال السيد في المسائل الناصرية: واما الحنقة فلم يختلف في انها تفطر.

(٢) جمل العلم والعمل: فصل فيما يفسد الصوم وينقضه ص ٩٠ س ٧ وقد الحق الخ.

٣٣

ودبرا على الاظهر، والامناء بالملاعبة والملامسة، وايصال الغبار الغليظ إلى الحلق، وفي الكذب على الله والرسول والائمةعليهم‌السلام وفي الارتماس قولان: أشبههما انه لا كفارة.

أقول: تقدم البحث في هذه المسألة.

قال طاب ثراه: وفي الكذب على الله ورسوله والائمة والارتماس قولان: أقول: هنا مسألتان: الاولى: الكذب على الله ورسوله والائمةعليهم‌السلام .

وفيه ثلاثة أقوال:

(أ) القضاء والكفارة مع اعتقاد كونه كذبا، وهو مذهب الشيخين(١) والسيد في الانتصار(٢) والتقي(٣) والقاضي(٤) .

(ب) القضاء وهو مذهب الفقيه(٥) ، لانه عده في المفطرات.

(ج) انه ينقض الصوم وإن لم يبطله، وهو معنى التحريم فقط، قاله السيد في الجمل(٦)

____________________

(١) المقنعة: باب ما يفسد ص ٤٥ والكذب على الله وعلى رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكذلك الكذب على ائمة الهدى، ويجب على فاعلها الكفارة والقضاء وفي النهاية، كتاب الصيام، باب ما على الصائم اجتنابه ص ١٥٣ قال: فاما الذي يفسد الصيام مما يجب منه القضاء والكفارة إلى أن قال: والكذب..الخ.

(٢) الانتصار: كتاب الصيام ص ٦٢ قال: مسألة ومما انفردت به الامامية إلى قال: واعتماد الكذب على الله وعلى رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ايجابهم في ذلك في اعتماد الاكل والشرب.

(٣) الكافي: ج ١، الصوم، فصل في شهر رمضان ص ١٨٢ س ١٩ قال: فان تعمد إلى أن قال: الكذب على الله أوعلى رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله أو على الائمة فسد صومه ولزمه القضاء بصيام يوم والكفارة.

(٤) المهذب: ج ١ كتاب الصيام، باب ما يفسد الصوم ويوجب القضاء والكفارة ١٩٢ س ١.

(٥) المختلف: كتاب الصوم ص ٤٨ قال الشيخان إلى أن وعده علي بن بابويه من المفطرات

(٦) جمل العلم والعمل: فصل فيما يفسد الصوم وينقضه ص ٩٠ س ٧ قال: وقد ألحق قوم من أصحابنا الخ.

٣٤

وفي تعمد البقاء على الجنابة إلى الفجر روايتان أشهرهما الوجوب.وكذا لو نام غير ناو للغسل حتى طلع الفجر واختاره ابن إدريس(١) والعلامة(٢) .وقد تقدم البحث، في الارتماس.

قال طاب ثراه: وفي تعمد البقاء على الجنابة إلى الفجر روايتان، أشهرهما الوجوب.

أقول: في المسألة ثلاثة أقوال:

(أ) القضاء والكفارة، وهو مذهب الشيخين(٣) والفقيه(٤) وأبي علي(٥) وسلار(٦) والتقي(٧) وابن إدريس(٨) .

(ب) القضاء خاصة، وهو مذهب الحسن(٩) وحكاه السيد عن بعض أصحابنا(١٠) .

____________________

(١) السرائر: كتاب الصوم، باب حقيقة الصوم ص ٨٤ س ٣٦ قال: والكذب عى الله وعلى رسوله والائمةعليهم‌السلام معتمدا.

(٢) المختلف: كتاب الصوم ص ٤٨ قال: مسألة، قال: مسألة، قال: الشيخان إلى أن قال: ولم يعده سلار ولا ابن عقيل مفطرا وهو الاقوى عندي.

(٣) المقنعة: باب ما يفسد الصوم ص ٥٥ س ٢ وفي النهاية كتاب ما على الصائم اجتنابه ص ١٥٤ س ٢ قال: والمقام على الجناية.

(٤) و(٥) المختلف: كتاب الصوم ص ٥٠ س ١ قا ل: مسألة المشهوران تعمد البقاء على الجناية من غير عذر في ليل شهر رمضان إلى الصباح موجب للقضاء والكفارة ذهب اليه الشيخان وعلي بن بابويه وابن الجنيد.

(٦) المراسم: أحكام الافطار في شهر رمضان ص ٩٨ س ١٣ قال:أو تعمد البقاء على الجناية من الليل إلى النهار إلى أن قال: فعليه مع القضاء والكفارة.

(٧) الكافي: الصوم، فصل في صوم شهر رمضان ص ١٨٢ س س ٢٠ قال: أو الصباح على الجناية إلى أن قال ولزمه القضاء بصيام يوم والكفارة عن كل يوم الخ.

(٨) السرائر: كتاب الصوم فيما يقطع الامساك عنه ص ٨٤ س ٣٤ قال: فما يوجب القضاء والكفارة إلى أن قال: والبقاء على الجناية حتى يطلع الفجر، وقال: أيضا في ٨٥ س ٢٩ فالاقوى عندي وجوب القضاء الكفارة.

(٩) و(١٠) المختلف: كتاب الصوم ص ٥٠ س ٥٠ قال: وقال السيد المرتضى: إلى أن قال: ومنهم من يوجب القضاء دون الكفارة إلى أن قال: وقال ابن عقيل: يجب به القضاء خاصة.

٣٥

الثانية: الكفارة وهي عتق رقبة، أو اطعام ستين مسكينا، أو صيام شهرين متتابعين (وقيل: هي مرتبة) وفى رواية يجب على الافطار بالمحرم كفارة الجمع (ج) عدمهما وهو قول الصدوق في المقنع(١) .

واستند الكل إلى الروايات، والاول هو المختار، والقولان الاخيران منقرضان.

قال طاب ثراه: وقيل: هي مرتبة.

أقول: التخيير في خصال الكفارة هنا مذهب الاكثر، وبه قال الثلاثة(٢) وسلار(٣) والتقي(٤) والقاضي(٥) وابن إدريس(٦) والصدوقان(٧) وأبوعلي(٨) والترتيب مذهب الحسن(٩) .واستند الكل إلى الروايات.

قال طاب ثراه: وفي رواية: يجب على الافطار بالمحرم كفارة الجمع.

____________________

(١) المقنع:(٤) باب مالا يفطره ص ٦٠ س ٩ قال: وسأل حماد بن عثمان أباعبداللهعليه‌السلام .

الخ.

(٢) أي المفيد والسيد الطوسي: المقنعة: كتاب الصيام ص ٥٥ باب الكفارات س ٦ قال: أي هذه الثلاثة فعل اجزء عنه فيها في جمل العلم والعمل ص ٩١ س ١٠: قيل: انها مرتبة، وقيل: انه مخير فيها، وفي المختلف كتاب الصوم ص ٥٥ في الكفارة قال: المشهوران كفارة افطار يوم من شهر رمضان عتق رقبة، أو صپام شهرين متتابعين أو طعام ستين مسكينا مخير في ذلك ذهب اليه الشيخان وابن الجنيد وابنا بابويه والسيد المرتضى إلى أن قال: وقال ابن عقيل: الكفارة عتق رقبة فان لم يجدها فصيام شهرين إلى أن قال: وهذا يدل على الترتيب.

(٣) المراسم: ذكر الكفارات ص ١٨٢ س ١ قا ل: وكفارة من أفطر يوما من شهر رمضان معتمدا إلى أن قال: هذه الكفارة مخير فيها.

(٤) الكافي: الصوم، فصل في صوم شهر رمضان ص ١٨٢ س ٢١ قال: والكفارة عن كل يوم بعتق رقبة.أو..الخ.

(٥) المهذب: ج ٢ كتاب الكفارات ص ٤٢٢ باب كفارة من أفطر في يوم من شهر رمضان معتمدا س ٤ قال: وهذه الكفارة تجب على وجه التخير.

(٦) السرائر: كتاب الصوم ص ٨٦ س ٨ قال: ومنهم من قال انها مخيرة فيها وهو الاقوى والاظهر.

(٧) و(٨) و(٩) تقدم نقله آنفا عن المختلف.

٣٦

الثالثة: لا تجب الكفارة في شئ من الصيام عدا شهر رمضان، والنذر المعين وقضاء شهر رمضان بعد الزوال، والاعتكاف على وجه.

الرابعة: من اجنب ونام ناويا للغسل حتى طلع الفجر، فلا قضاء ولا كفارة، ولو انتبه ثم نام ثانيا فعليه القضاء (ولو انتبه ثم نام ثالثة، قال الشيخان: عليه القضاء والكفارة).

الخامسة: يجب القضاء دون الكفارة في الصوم الواجب المتعين بسبعة اشياء: أقول: القائل هوالصدوق(١) وابن حمزة(٢) والشيخ في كتابي الاخبار(٣) وبه رواية.والاكثرون على الواحدة، لاصالة براء‌ة الذمة، وعموم الروايات، وهو اختيار العلامة في المختلف(٤) والتذكرة(٥) .

والاول هو المختار عند فخر المحققين(٦) ولا فرق عنده في المحرم بين أن يكون تحريمه بالاصالة، أو عارضا.

قال طاب ثراه: ولو انتبه ثم نام ثالثة، قال الشيخان عليه القضاء والكفارة.

أقول: نسب القول إلى الشيخين، لانفرادهما به، وتمسك الشيخ بروايات قاصرة

____________________

(١) و(٢) المختلف: كتاب الصوم ص ٥٦ قال: مسألة لو أفطر بجماع محرم عليه أو طعام محرم في هار رمضان قال الصدوق محمد بن بابويه اني افتي بايجاب ثلاث كفارات عليه إلى أن قال: وبه قال: ابن جمزة.

(٣) التهذيب: ج ٤(٥٥) باب الكفارة في اعتماد افطار يوم من شهر رمضان ص ٢٠٨ وفي الاستبصار: ج ٢(٥٠) باب كفارة من افطر من شهر رمضان ص ٩٧ قال فيهما بعد نقل خبر سماعة: أو يفطر على شئ محرم مثل مسكرا أو غيره فانه متى كان الامر على ذلك لزمه الثلاث كفارات على الجمع..الخ.

(٤) المختلف: كتاب الصوم ص ٥٧ س ٢ قال: والمشهور ايجاب كفارة عملا باصالة براء‌ة الذمة، إلى أن قال، بعد نقل رواية عبدالله بن سنان: وترك الاستفصال في الجواب عقيب عمم السؤال، يقتضط العموم.

(٥) التذكرة: كتاب الصوم ص ٢٦٥ س ٢ قال: مسألة لو أفطر بالمحرم فالاقوى أن الواجب كفارة واحدة.

(٦) الايضاح: كتاب الصوم ص ٢٣٢ قال في شرح قول العلامة: " ويجب الثالث بالافطار المحرم على رأي " والاقوى عندي الثاني " أي وجوب الثلاث ".

٣٧

فعل المفطر والفجر طالع ظانا بقاء الليل مع القدرة على مراعاته.وكذا مع الاخلاد إلى المخبر ببقاء الليل مع القدرة على المراعاة والفجر طالع.وكذا لو ترك قول المخبر بالفجر لظنه كذبه ويكون صادقا.

وكذا لو أخلد إليه في دخول الليل فافطر وبان كذابه مع القدرة على المراعاة، والافطار للظلمة الموهمة دخول الليل، ولو غلب على ظنه دخول الليل لم يقض.وتعمد القئ ولو ذرعه لم يقض.وايصال الماء إلى الحلق متعديا، لا للصلاة.وفي إيجاب القضاء بالحقنة قولان: أشبههما أنه لا قضاء، وكذا من نظر إلى إمرأة فأمنى.الدلالة على مطلوبه مع ضعفها(١) واختار المصنف الاقتصار على القضاء(٢) والعلامة افتى بقول الشيخين في كتبه(٣) .

قال طاب ثراه: وفي ايجاب القضاء بالحقنة قولان: أشبههما أنه لا قضاء، وكذا من نظر إلى امرأة فأمنى.

____________________

(١) المقنعة: كتاب الصيام، باب الكفارة والقضاء.وفي التهذيب ج ٤(٥٥) باب الكفارة في اعتماد افطار يوم من شهر رمضان ٢١٢ قال: واما الذي يدل على القسم الثالث " اي فان نام ثالثا فعليه القضاء والكفارة " ما رواه الخ.

(٢) المعتبر: كتاب الصوم ص ٣٠٧ س ٧ قال: اما لو انبته ثم نام ثانيا وياللغسل فطلع الفجر فعليه القضاء إلى أن قال: قال الشيخان: فان انبته ثم نام فعليه القضاء والكفارة.ثم نقل استدلال الشيخ واجاب عنه.

(٣) التذكرة: فيما يوجب القضاء والكفارة أو القضاء خاصة ص ٢٦٠ س ٢٢ قال: ولو نام على عزم الاغتسال الخ.وفي المختلف: كتاب الصوم ص ٥٠ س ١ إلى أن قال والاقرب الاولى.

٣٨

أقول: هنا مسألتان، الحقنة وقد تقدم البحث فيها.

الثانية: الامناء عقيب النظر الملاعبة والملامسة أو التسمع.

فهنا ثلاثة فصول:

الفصل الاول: الامناء عقيب النظر المتكرر

وفيه ثلاثة أقوال:

(١) لا شئ وهو اختيار الشيخ في الخلاف(١) وابن إدريس(٢) والمصنف(٣) والحسن(٤) حيث قال: من نظر إلى امرأة فأمنى من غير ان يقبلها، أو يفضي اليها بشئ منه إلى جسد ها أو تفضي اليه، لم يكن عليه شئ، ولم يفرق ابن ادريس والمصنف بين كونها محللة او محرمة، وكذا الشيخ في الخلاف، والعلامة في التذكرة.

(٢) القضاء بالنظر إلى المحرمة دون المحللة، قاله الشيخ في المبسوط(٦) .

(٣) القضاء والكفارة مع قصد الانزال، وان لم يقصد واتفق الانزال، لتكرر النظر فتسبقه الماء، فعليه القضاء، ولا فرق بين المحللة والمحرمة، قاله العلامة(٧) .

____________________

(١) الخلاف: كتاب الصيلام، مسألة(٥٠) قال: إذا كرر النظر فأنزل أثم ولا قضاء عليه ولا كفارة.

(٢) السرائر: كتاب الصوم ص ٨٨ س ٢٩ قال: فان أمنى من غير ملامسة بل من سماع كلام أو نظر لم يكن عليه شئ.

(٣) المعتبر: كتاب الصوم ص س ٣٣ قال: مسألة لو نظر أو تسمع لكلام أو حادث فامنى لم يفسد صومه ولا قضاء عليه سواء نظر إلى محللة أو محرمة.

(٤) المختلف: كتاب صوم ص ٥٠ س وقال: ابن عقيل: وان نظر إلى امرأة فانزل إلى قومه لم يكن عيه شئ.

(٥) التذكرة: كتاب الصوم ص ٢٥٩ س ٤٢ قال: فروع(١) لو نظر أو تسمع الكلام أو الحادث فأمنى لم يفسد صومه الخ

(٦) المبسوط: ج ١ كتاب الصوم، فصل في ذكر ما يمسك عنه الصائم ص ٢٧٢ س ٢٤ قال: ومن نظر إلى مالا يحل النظر اليه بشهوة فأمنى فعليه القضاء، فان كان نظره إلى ما يحل فأمنى لم يكن عليه شئ.

(٧) المختلف: كتاب الصوم ص ٥٠ س ٣٥ قال: والاقرب انه إن قصد الانزل فأنزل وجب عليه القضاء والكفارة مطلقا..الخ.

٣٩

اماالحكم الاول: فلوجود الهتك منه، فهو كالعابث باهله والمجامع.

واما الثاني: فلانه وجد منه مقدمة الافساد، ولم يقصده، فكان عليه القضاء، وقال السيد المرتضى: اذا تعمد استنزال الماء الدافق وجب عليه القضاء والكفارة وان كان بغير جماع(١) وتبعه القاضى(٢) .لفت نظر وهنا زيادة في نسختى (ب) و (ج) وليست تلك الزيادة في النسخة المعتمدة وهي نسخة (الف).وها أنا أنقل تلك الزيادة عن كل من النسختين منفردا، وذلك لاختلاف بينهما من جهات عديدة مع كثرة الاغلاط فيهما، ولنقدم ما في نسخة (ب) لحفظ الترتيب قال بعد جملة (وتبعه القاضي): ما لفظه.تهذيب وتحقيق البحث هنا أن نقول: النظر إما أن يكون إلى محللة أو محرمة، فهنا قسمان: الاول المحللة: ومسائلها ثمان، لانه لا يخلو إما أن يقصد النظر، أولا، بل يحصل اتفاقا، وعلى التقديرين لا يخلو إما أن يحصل الامناء، أولا (وعلى التقادير لايخلو إما أن يحصل الامناء أولا ! ! كذا) فالاقسام ثمانية.

(أ) أن يقصد النظر والامناء ويحصل الامناء، صرح في المبسوط بعدم وجوب القضاء، واطلق الحسن وابن ادريس الامناء، صرح في المبسوط بعدم وجوب القضاء، واطلق الحسن وابن ادريس والمصنف والشيخ في الخلاف عدم الوجوب، وأوجب العلامة

____________________

(١) جمل العلم والعمل: ص ٩٠ فيما يفسد الصوم وينقضه س ٤ قال: من تعمد الاكل و الشرب واستنزال الماء الدافق بجماع أو غيره إلى قوله: وكان عليه القضاء و الكفارة.

(٢) المهذب: ج ١ كتاب الصيام، باب ما يفسد الصوم يوجب القضاء والكفارة ص ١٩١ س ٢٠ قال: واستنزال الماء الدافق في كل حال.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

يده مع يد الذّابح، ويسمّي الله تعالى، ويقول « وَجَّهْتُ وَجْهِيَ » إلى قوله « وأنا من المسلمين » ثمَّ يقول: « اللهم منك ولك. بسم الله، والله أكبر. اللهمّ تقبّل منّي » ثمَّ يمرّ السّكين. ولا ينخعه حتّى يموت. ومن أخطأ في الذّبيحة، فذكر غير صاحبها، كانت مجزئة عنه بالنّيّة. وينبغي أن يبدأ أيضا بالذّبح قبل الحلق، وفي العقيقة بالحلق قبل الذّبح. فإن قدّم الحلق على الذّبح ناسيا، لم يكن عليه شي‌ء.

ومن السّنّة أن يأكل الإنسان من هديه لمتعته، ومن الأضحيّة ويطعم القانع والمعترّ: يأكل ثلثه، ويطعم القانع والمعترّ ثلثه، ويهدي لأصدقائه الثّلث الباقي. وقد بيّنّا أنه لا يجوز أن يأكل من الهدي المضمون إلّا إذا كان مضطرّا. فإن أكل منه من غير ضرورة، كان عليه قيمته. ولا بأس بأكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام وادّخارها. ولا يجوز أن يخرج من منى من لحم ما يضحّيه. ولا بأس بإخراج السّنام منه. ولا بأس أيضا بإخراج لحم قد ضحّاه غيره. ويستحبّ أن لا يأخذ شيئا من جلود الهدي والأضاحي، بل يتصدّق بها كلّها. ولا يجوز أيضا أن يعطيها الجزّار. وإذا أراد أن يخرج شيئا منها لحاجته إلى ذلك، تصدّق بثمنه.

ولا يجوز أن يحلق الرّجل رأسه، ولا أن يزور البيت، إلا بعد الذّبح، أو أن يبلغ الهدي محلّه. وهو أن يحصل في رحله

٢٦١

فإذا حصل في رحله بمنى، وأراد أن يحلق، جاز له ذلك. ومتى فعل ذلك ناسيا، لم يكن عليه شي‌ء. ومن وجبت عليه بدنة في نذر أو كفّارة، ولم يجدها، كان عليه سبع شياه. فإن لم يجد، صام ثمانية عشر يوما إمّا بمكّة أو إذا رجع إلى أهله.

والصّبيّ إذا حجّ به متمتّعا، وجب على وليّه أن يذبح عنه.

ومن لم يتمكّن من شراء هدي، إلّا يبيع بعض ثيابه التي يتجمّل بها، لم يلزمه ذلك، وكان الصوم مجزئا عنه.

ويجزي الهدي عن الأضحيّة. وإن جمع بينهما، كان أفضل. ومن لم يجد الأضحيّة، جاز له أن يتصدّق بثمنها. فإن اختلفت أثمانها، نظر إلى الثّمن الأوّل والثّاني والثّالث، وجمعها ثمَّ يتصدّق بثلثها، وليس عليه شي‌ء.

ومن نذر لله تعالى أن ينحر بدنة، فإن سمّى الموضع الذي ينحرها فيه، وجب عليه الوفاء به، وإن لم يسمّ الموضع، لم يجز له أن ينحرها إلّا بفناء الكعبة. ويكره للإنسان أن يضحّي بكبش قد تولّى تربيته، ويستحبّ أن يكون ذلك ممّا يشتريه.

باب الحلق والتقصير

يستحبّ أن يحلق الإنسان رأسه بعد الذّبح. وإن كان صرورة، لا يجزئه غير الحلق. وإن كان ممّن حجّ حجّة الإسلام، جاز له التّقصير، والحلق أفضل. اللهمّ إلّا أن يكون قد لبّد

٢٦٢

شعره. فإن كان كذلك، لم يجزئه غير الحلق في جميع الأحوال.

ومن ترك الحلق عامدا أو التّقصير إلى أن يزور البيت، كان عليه دم شاة. وإن فعله ناسيا، لم يكن عليه شي‌ء، وكان عليه إعادة الطّواف. ومن رحل من منى قبل الحلق، فليرجع إليها، ولا يحلق رأسه إلّا بها مع الاختيار. فإن لم يتمكّن من الرّجوع إليها، فليحلق رأسه في مكانه، ويردّ شعره إلى منى، ويدفنه هناك فإن لم يتمكّن من ردّ الشعر، لم يكن عليه شي‌ء.

والمرأة ليس عليها حلق، ويكفيها من التّقصير مقدار أنملة.

وإذا أراد أن يحلق، فليبدأ بناصيته من القرن الأيمن ويحلق إلى العظمين ويقول إذا حلق: « اللهمّ أعطني بكلّ شعرة نورا يوم القيامة ». ومن لم يكن على رأسه شعر، فليمرّ الموسى عليه. وقد أجزأه. وإذا حلق رأسه، فقد حلّ له كلّ شي‌ء أحرم منه إلّا النّساء والطّيب، إن كان متمتّعا. فإن كان حاجّا غير متمتّع، حلّ له كلّ شي‌ء إلّا النّساء. فإذا طاف طواف الزّيارة، حلّ له كلّ شي‌ء إلّا النّساء. فإذا طاف طواف النّساء، حلّت له أيضا النّساء.

ويستحبّ ألا يلبس الثّياب إلّا بعد الفراغ من طواف الزّيارة، وليس ذلك بمحظور. وكذلك يستحبّ ألّا يمسّ الطّيب إلّا بعد الفراغ من طواف النّساء، وإن لم يكن ذلك محظورا على ما قدّمناه.

٢٦٣

باب زيارة البيت والرجوع الى منى ورمي الجمار

فإذا فرغ من مناسكه بمنى، فليتوجّه إلى مكّة، وليزر البيت يوم النّحر، ولا يؤخره إلّا لعذر. فإن أخّره لعذر، زار من الغد ولا يؤخر أكثر من ذلك. هذا إذا كان متمتّعا. فإن كان مفردا أو قارنا، جاز له أن يؤخر الى أيّ وقت شاء، غير أنّه لا تحلّ له النّساء. وتعجيل الطّواف للقارن والمفرد أفضل من تأخيره.

ويستحبّ لمن أراد زيارة البيت أن يغتسل قبل دخول المسجد والطّواف بالبيت، ويقلّم أظفاره، ويأخذ من شاربه، ثمَّ ثمَّ يزور. ولا بأس أن يغتسل الإنسان بمنى، ثمَّ يجي‌ء إلى مكّة، فيطوف بذلك الغسل بالبيت. ولا بأس أن يغتسل بالنّهار ويطوف بالليل ما لم ينقض ذلك الغسل بحدث أو نوم. فإن نقضه بحدث أو نوم، فليعد الغسل استحبابا، حتّى يطوف وهو على غسل. ويستحبّ للمرأة أيضا أن تغتسل قبل الطّواف.

وإذا أراد أن يدخل المسجد، فليقف على بابه، ويقول: « اللهمّ أعنّي على نسكك » إلى آخر الدّعاء الذي ذكرناه في الكتاب المقدّم ذكره. ثمَّ يدخل المسجد، ويأتي الحجر الأسود فيستلمه ويقبّله. فإن لم يستطع، استلمه بيده وقبّل يده. فإن لم يتمكّن من ذلك أيضا، استقبله، وكبّر، وقال ما قال حين طاف بالبيت يوم قدم مكّة. ثمَّ يطوف بالبيت أسبوعا كما قدّمنا وصفه

٢٦٤

ويصلّي عند المقام ركعتين. ثمَّ ليرجع الى الحجر الأسود فيقبّله، إن استطاع، ويستقبله ويكبّر. ثمَّ ليخرج إلى الصّفا، فيصنع عنده ما صنع يوم دخل مكّة. ثمَّ يأتي المروة، ويطوف بينهما سبعة أشواط، يبدأ بالصّفا ويختم بالمروة.

فإذا فعل ذلك، فقد حلّ له كلّ شي‌ء أحرم منه إلّا النّساء. ثمَّ ليرجع الى البيت، فيطوف به طواف النّساء أسبوعا، يصلّي عند المقام ركعتين، وقد حلّ له النّساء.

وأعلم أنّ طواف النّساء فريضة في الحجّ وفي العمرة المبتولة. وليس بواجب في العمرة التي يتمتّع بها الى الحج. فإن مات من وجب عليه طواف النّساء. كان على وليّه القضاء عنه. وإن تركه وهو حيّ، كان عليه قضاؤه. فإن لم يتمكّن من الرّجوع الى مكّة، جاز له أن يأمر من يتوب عنه. فإذا طاف النّائب عنه، حلّت له النّساء. وطواف النّساء فريضة على النّساء والرّجال والشّيوخ والخصيان، لا يجوز لهم تركه على حال.

فإذا فرغ الإنسان من الطّواف فليرجع إلى منى ولا يبيت ليالي التّشريق إلّا بها. فإن بات في غيرها، كان عليه دم شاة. فإن بات بمكّة ليالي التّشريق، ويكون مشتغلا بالطّواف والعبادة، لم يكن عليه شي‌ء. وإن لم يكن مشتغلا بهما، كان عليه ما ذكرناه، وان خرج من منى بعد نصف اللّيل، جاز له أن يبيت بغيرها، غير أنّه لا يدخل مكّة إلّا بعد طلوع الفجر. وإن تمكّن ألّا يخرج

٢٦٥

منها إلّا بعد طلوع الفجر، كان أفضل. ومن بات الثّلاث ليال بغير منى متعمّدا، كان عليه ثلاثة من الغنم. والأفضل أن لا يبرح الإنسان أيّام التّشريق من منى. فإن أراد أن يأتي مكّة للطّواف بالبيت تطوّعا، جاز له ذلك، غير أنّ الأفضل ما قدّمناه.

وإذا رجع الإنسان إلى منى لرمي الجمار، كان عليه أن يرمي ثلاثة أيّام: الثّاني من النّحر والثّالث والرّابع، كلّ يوم بإحدى وعشرين حصاة. ويكون ذلك عند الزّوال، فإنّه الأفضل. فإن رماها ما بين طلوع الشمس الى غروبها، لم يكن به بأس.

فإذا أراد أن يرمي، فليبدأ بالجمرة الأولى، فليرمها عن يسارها من بطن المسيل بسبع حصيات يرميهنّ خذفا. ويكبّر مع كلّ حصاة، ويدعوا بالدّعاء الذي قدّمناه. ثمَّ يقوم عن يسار الطّريق ويستقبل القبلة، ويحمد الله تعالى ويثني عليه، ويصلّي على النّبيّ وآله،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمَّ ليتقدم قليلا ويدعوا ويسأله أن يتقبّل منه. ثمَّ يتقدّم أيضا ويرمي الجمرة الثّانية، ويصنع عندها كما صنع عند الأولى، ويقف ويدعوا، ثمَّ يمضي إلى الثّالثة فيرميها كما رمى الأوليين، ولا يقف عندها.

وإذا غابت الشّمس، ولم يكن قد رمى بعد، فلا يجوز له أن يرمي إلّا في الغد. فإذا كان من الغد، رمى ليومه مرّة، ومرّة قضاء لما فاته، ويفصل بينهما بساعة. وينبغي أن يكون الذي يرمي لأمسه بكرة، والذي ليومه عند الزّوال. فإن فاته رمي يومين،

٢٦٦

رماها كلّها يوم النّفر، وليس عليه شي‌ء. وقد بينا أنّه لا يجوز الرّمي باللّيل. وقد رخّص للعليل والخائف والرّعاة والعبيد الرّمي باللّيل. ومن نسي رمي الجمار الى أن أتى مكّة، عاد إلى منى، ورماها، وليس عليه شي‌ء. وحكم المرأة في جميع ما ذكرناه حكم الرّجل سواء.

فإن لم يذكر الى أن يخرج من مكّة، لم يكن عليه شي‌ء. إلّا أنّه إن حجّ في العام المقبل، أعاد ما كان قد فاته من رمي الجمار. وإن لم يحجّ أمر وليّه أن يرمي عنه. فإن لم يكن له وليّ، استعان برجل من المسلمين في قضاء ذلك عنه.

والترتيب واجب في الرّمي. يجب أن يبدأ بالجمرة العظمى ثمَّ الوسطى ثمَّ جمرة العقبة. فمن خالف شيئا منها، أو رماها منكوسة، كان عليه الإعادة. ومن بدأ بجمرة العقبة ثمَّ الوسطى ثمَّ الأولى، أعاد على الوسطى ثمَّ جمرة العقبة وقد أجزأه. فإن نسي فرمى الجمرة الأولى بثلاث حصيات، ورمى الجمرتين الأخريين على التّمام، كان عليه ان يعيد عليها كلّها. وإن كان قد رمى من الجمرة الأولى بأربع حصيات ثمَّ رمى الجمرتين على التّمام، كان عليه أن يعيد على الأولى بثلاث حصيات. وكذلك إن كان قد رمى على الوسطى أقل من أربعة، أعاد عليها وعلى ما بعدها. وإن رماها بأربعة، تمّمها، وليس عليه شي‌ء من الإعادة على الثّالثة. ومن رمى جمرة بست حصيات، وضاعت عنه واحدة،

٢٦٧

أعاد عليها بحصاة، وإن كان من الغد. ولا يجوز له أن يأخذ من حصى الجمار فيرمي بها. ومن علم أنّه قد نقص حصاة واحدة، ولم يعلم من أي الجمار هي، أعاد على كلّ واحدة منها بحصاة. فإن رمى بحصاة، فوقعت في محمله، أعاد مكانها حصاة أخرى. فإن أصابت إنسانا أو دابّة، ثمَّ وقعت على الجمرة، فقد أجزأه.

ولا بأس أن يرمي الإنسان راكبا. وإن رمى ماشيا، كان أفضل ولا بأس أن يرمى عن العليل والمبطون والمغمى عليه والصّبيّ.

وينبغي أن يكبّر الإنسان بمنى عقيب خمس عشرة صلاة. يبدأ بالتّكبير يوم النّحر من بعد الظّهر إلى صلاة الفجر من اليوم الثّالث من أيّام التّشريق، وفي الأمصار عقيب عشر صلوات، يبدأ عقيب الظّهر من يوم النّحر إلى صلاة الفجر من اليوم الثّاني من أيّام التّشريق، ويقول في التّكبير: « الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلّا الله، والله أكبر، الله أكبر على ما هدانا، والحمد لله على ما أولانا ورزقنا من بهيمة الأنعام ».

باب النفر من منى ودخول الكعبة ووداع البيت

لا بأس أن ينفر الإنسان من منى اليوم الثّاني من أيّام التّشريق وهو اليوم الثّالث من يوم النّحر. فإن أقام إلى النّفر الأخير، وهو اليوم الثّالث من أيّام التّشريق والرّابع من يوم النّحر، كان أفضل. فإن كان ممّن أصاب النّساء في إحرامه أو صيدا، لم يجز له أن

٢٦٨

ينفر في النّفر الأوّل. ويجب عليه المقام الى النّفر الأخير. وإذا أراد أن ينفر في النّفر الأوّل، فلا ينفر إلّا بعد الزّوال، إلّا أن تدعوه ضرورة إليه من خوف وغيره، فإنّه لا بأس أن ينفر قبل الزّوال، وله أن ينفر بعد الزّوال ما بينه وبين غروب الشّمس. فإذا غابت الشّمس، لم يجز له النّفر، وليبت بمنى الى الغد. وإذا نفر في النّفر الأخير، جاز له أن ينفر من بعد طلوع الشّمس أيّ وقت شاء. فإن لم ينفر وأراد المقام بمنى، جاز له ذلك، إلّا الإمام خاصّة، فإنّ عليه أن يصلّي الظّهر بمكّة.

ومن نفر من منى، وكان قد قضى مناسكه كلّها، جاز له أن لا يدخل مكّة. وإن كان قد بقي عليه شي‌ء من المناسك، فلا بدّ له من الرّجوع إليها. والأفضل على كلّ حال الرّجوع إليها لتوديع البيت وطواف الوداع.

ويستحبّ أن يصلّي الإنسان بمسجد منى، وهو مسجد الخيف. وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مسجده عند المنارة التي في وسط المسجد، وفوقها إلى القبلة نحوا من ثلاثين ذراعا، وعن يمينها وعن يسارها مثل ذلك. فإن استطعت أن يكون مصلّاك فيه، فافعل. ويستحبّ أن يصلّي الإنسان ستّ ركعات في مسجد منى. فإذا بلغ مسجد الحصباء، وهو مسجد رسول الله،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فليدخله وليسترح فيه قليلا وليستلق على قفاه.

٢٦٩

فإذا جاء إلى مكّة فليدخل الكعبة، إن تمكّن من ذلك سنّة واستحبابا. والصّرورة لا يترك دخولها على حال مع الاختيار. فإن لم يتمكّن من ذلك، لم يكن عليه شي‌ء.

فإذا أراد دخول الكعبة فليغتسل قبل دخولها سنّة مؤكّدة. فإذا دخلها، فلا يمتخط فيها، ولا يبصق. ولا يجوز دخولها بحذاء. ويقول إذا دخلها: « اللهمّ إنّك قلت: ومن دخله كان آمنا، فآمنّى من عذابك عذاب النار ».

ثمَّ يصلّي بين الأسطوانتين على الرّخامة الحمراء ركعتين، يقرأ في الأولى منهما « حم السّجدة » وفي الثّانية عدد آياتها، ثمَّ ليصلّ في زوايا البيت كلّها، ثمَّ يقول: « اللهمّ من تهيّأ وتعبّأ » إلى آخر الدّعاء. فإذا صلّى عند الرّخامة على ما قدّمناه، وفي زوايا البيت، قام فاستقبل الحائط بين الرّكن اليمانيّ والغربيّ، ويرفع يديه، ويلتصق به، ويدعوا. ثمَّ يتحوّل الى الرّكن اليمانيّ، فيفعل به مثل ذلك. ثمَّ يأتي الرّكن الغربيّ، ويفعل به أيضا مثل ذلك، ثمَّ ليخرج. ولا يجوز أن يصلّي الإنسان الفريضة جوف الكعبة مع الاختيار. فإن اضطرّ الى ذلك، لم يكن عليه بأس بالصّلاة فيها. فأمّا النّوافل فالصّلاة فيها مندوب اليه.

فإذا خرج من البيت ونزل عن الدرجة، صلّى عن يمينه ركعتين. فإذا أراد الخروج من مكّة، جاء الى البيت، فطاف به أسبوعا طواف الوداع سنّة مؤكّدة. فإن استطاع أن يستلم الحجر

٢٧٠

والرّكن اليمانيّ في كل شوط، وفعل. وإن لم يتمكّن، افتتح به، وختم به، وقد أجزأه. فإن لم يتمكن من ذلك أيضا، لم يكن عليه شي‌ء. ثمَّ يأتي المستجار، فيصنع عنده كما صنع يوم قدم مكّة. ويتخيّر لنفسه من الدّعاء ما أراد. ثمَّ يستلم الحجر الأسود، ثمَّ يودّع البيت ويقول: « اللهمّ لا تجعله آخر العهد من بيتك » ثمَّ ليأت زمزم فيشرب منه، ثمَّ ليخرج، ويقول: « آئبون تائبون، عابدون، لربّنا حامدون، الى ربّنا راغبون، الى ربّنا راجعون ». فإذا خرج من باب المسجد، فليكن خروجه من باب الحنّاطين. فيخرّ ساجدا، ويقوم مستقبل الكعبة، فيقول: « اللهمّ إني أنقلب على لا إله إلا الله ».

ومن لم يتمكّن من طواف الوداع، أو شغله شاغل عن ذلك حتى خرج، لم يكن عليه شي‌ء. فإذا أراد الخروج من مكّة، فليشتر بدرهم تمرا، وليتصدّق به، ليكون كفّارة لما دخل عليه في الإحرام، إن شاء الله.

باب فرائض الحج

فرائض الحجّ: الإحرام من الميقات، والتّلبيات الأربع، والطّواف بالبيت، إن كان متمتّعا، ثلاثة أطواف: طواف للعمرة، وطواف للزيارة، وطواف للنّساء، وإن كان قارنا أو مفردا، طوافان: طواف للحجّ، وطواف للنّساء، ويلزمه مع

٢٧١

كلّ طواف ركعتان عند المقام، وهما أيضا فرضان، والسّعي بين الصّفا والمروة، والوقوف بالموقفين: عرفات والمشعر الحرام وإن كان متمتّعا، كان الهدي أيضا واجبا عليه أو ما يقوم مقامه.

فمن ترك الإحرام متعمّدا، فلا حجّ له. وإن تركه ناسيا حتّى يجوز الميقات، كان عليه أن يرجع إليه، ويحرم منه، إذا تمكّن منه. فإن لم يتمكّن لضيق الوقت أو الخوف أو ما جرى مجراهما من أسباب الضّرورات، أحرم من موضعه وقد أجزأه. فإن كان قد دخل مكّة، وأمكنه الخروج الى خارج الحرم، فليخرج وليحرم منه. فإن لم يستطع ذلك، أحرم من موضعه.

ومن ترك التّلبية متعمّدا، فلا حجّ له. وإن تركها ناسيا، ثمَّ ذكر، فليجدّد التّلبية، وليس عليه شي‌ء.

ومن ترك طواف الزّيارة متعمّدا، فلا حجّ له. وإن تركه ناسيا، أعاد الطّواف أيّ وقت ذكره.

ومن ترك طواف النّساء متعمّدا، لم يبطل حجّة، إلّا أنّه لا تحلّ له النّساء، حتى يطوف عنه حسب ما قدّمناه. وركعتا الطّواف متى تركهما ناسيا، كان عليه قضاءهما حسب ما قدّمناه.

ومن ترك السّعي متعمّدا، فلا حجّ له. فإن تركه ناسيا،

٢٧٢

عليه قضاؤه حسب ما قدّمناه.

ومن ترك الوقوف بعرفات متعمّدا، أو بالمشعر الحرام، فلا حجّ له. فإن ترك الوقوف بعرفات ناسيا، كان عليه أن يعود، فيقف بها ما بينه وبين طلوع الفجر من يوم النّحر. فإن لم يذكر إلّا بعد طلوع الفجر، وكان قد وقف بالمشعر، فقد تمَّ حجّه، وليس عليه شي‌ء.

وإذا ورد الحاجّ ليلا، وعلم: أنّه مضى الى عرفات، وقف بها وإن كان قليلا، ثمَّ عاد الى المشعر الحرام قبل طلوع الشّمس، وجب عليه المضيّ إليها والوقوف بها، ثمَّ يجي‌ء إلى المشعر الحرام. فإن غلب على ظنّه أنّه إن مضى الى عرفات، لم يلحق المشعر قبل طلوع الشّمس، اقتصر على الوقوف بالمشعر، وقد تمَّ حجّه، وليس عليه شي‌ء.

ومن أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشّمس، فقد أدرك الحجّ. وإن أدركه بعد طلوع الشّمس، فقد فاته الحجّ.

ومن وقف بعرفات، ثمَّ قصد المشعر، فعاقه في الطّريق عائق، فلم يلحق الى قرب الزّوال، فقد تمَّ حجّه، ويقف قليلا بالمشعر ويمضي إلى منى. ومن لم يكن قد وقف بعرفات، وأدرك المشعر بعد طلوع الشّمس، فقد فاته الحجّ، لأنّه لم يلحق أحد الموقفين في وقته.

ومن فاته الحجّ، فليقم على إحرامه الى انقضاء أيّام

٢٧٣

التّشريق، ثمَّ يجي‌ء، فيطوف بالبيت، ويسعى بين الصّفا والمروة، ويجعل حجّته عمرة. وإن كان قد ساق معه هديا، فلينحره بمكّة وكان عليه الحجّ من قابل إن كانت حجته حجّة الإسلام. وإن كانت حجّة التّطوّع، كان بالخيار: إن شاء حجّ، وإن شاء لم يحجّ. ومن حضر المناسك كلّها ورتّبها في مواضعها. إلّا أنّه كان سكرانا، فلا حجّ له، وكان عليه الحجّ من قابل.

باب مناسك النساء في الحج والعمرة

قد بيّنّا فيما تقدّم من أن الحجّ واجب على النّساء كوجوبه على الرّجال. فمتى كانت المرأة لها زوج، فلا تخرج إلّا معه. فإن منعها زوجها من الخروج في حجّة الإسلام، جاز لها خلافه. ولتخرج، وتحجّ حجّة الإسلام. وإن أرادت أن تحجّ تطوّعا، فمنعها زوجها، فليس لها مخالفته.

وينبغي أن لا تخرج إلّا مع ذي محرم لها من أب أو أخ أو عمّ أو خال. فإن لم يكن لها أحد ممّن ذكرناه. جاز لها أن تخرج مع من تثق بدينه من المؤمنين.

وإذا كانت المرأة في عدّة الطّلاق، جاز لها أن تخرج في حجّة الإسلام، سواء كان للزّوج عليها رجعة أو لم تكن. وليس لها أن تخرج إذا كانت حجّتها تطوّعا، إلّا أن تكون العدّة

٢٧٤

لزوجها عليها فيها رجعة. فأمّا عدّة المتوفّى عنها زوجها، فلا بأس بها أن تخرج فيها الى الحجّ فرضا كان أو نفلا.

وإذا خرجت المرأة، وبلغت ميقات أهلها، فعليها أن تحرم منه، ولا تؤخره. فإن كانت حائضا، توضّأت وضوء الصّلاة واحتشت واستثفرت وأحرمت، إلّا أنها لا تصلّي ركعتي الإحرام فإن تركت الإحرام ظنّا منها أنّه لا يجوز لها ذلك، وجازت الميقات، كان عليها أن ترجع الى الميقات، فتحرم منه، إذا أمكنها ذلك. فإن لم يمكنها، أحرمت من موضعها. إذا لم تكن قد دخلت مكّة. فإن كانت قد دخلت مكّة، فلتخرج الى خارج الحرم، وتحرم من هناك. فإن لم يمكنها ذلك، أحرمت من موضعها، وليس عليها شي‌ء.

فإذا دخلت المرأة مكّة، وكانت متمتّعة، طافت بالبيت، وسعت بين الصّفا والمروة، وقصّرت. وقد أحلّت من كلّ ما أحرمت منه مثل الرّجل سواء.

فإن حاضت قبل الطّواف، انتظرت ما بينها وبين الوقت الذي تخرج الى عرفات. فإن طهرت، طافت وسعت. وإن لم تطهر، فقد مضت متعتها، وتكون حجّة مفردة، تقضي المناسك كلّها ثمَّ تعتمر بعد ذلك عمرة مبتولة. فإن طافت بالبيت ثلاثة أشواط ثمَّ حاضت، كان حكمها حكم من لم يطف. وإذا طافت أربعة أشواط، ثمَّ حاضت، قطعت الطّواف،

٢٧٥

وسعت بين الصّفا والمروة، وقصّرت، ثمَّ أحرمت بالحجّ، وقد تمّت متعتها.

فإذا فرغت من المناسك، وطهرت تمّمت الطّواف. وإن كانت قد طافت الطّواف كلّه، ولم تكن قد صلّت الرّكعتين عند المقام، فلتخرج من المسجد، ولتسع، وتعمل ما قدّمناه من الإحرام بالحجّ وقضاء المناسك، ثمَّ تقضي الرّكعتين إذا طهرت. وإذا طافت بالبيت بين الصّفا والمروة وقصّرت، ثمَّ أحرمت بالحجّ، وخافت أن يلحقها الحيض فيما بعد، فلا تتمكّن من طواف الزّيارة وطواف النّساء، فجائز لها أن تقدّم الطّوافين معا، والسّعي بين الصّفا والمروة، ثمَّ تخرج فتقضي المناسك كلّها، ثمَّ ترجع الى منزلها.

فإن كانت قد طافت طواف الزّيارة، وبقي عليها طواف النّساء، فلا تخرج من مكّة إلّا بعد أن تقضيه. وإن كانت قد طافت منه أربعة أشواط وأرادت الخروج، جاز لها أن تخرج وإن لم تتمّ الطّواف.

والمستحاضة لا بأس بها أن تطوف بالبيت، وتصلّي عند المقام، وتشهد المناسك كلّها، إذا فعلت ما تفعله المستحاضة. والفرق بينها وبين الحائض، أنّ الحائض لا يحلّ لها دخول المسجد، فلا تتمكّن من الطّواف، ولا يجوز لها أيضا الصّلاة، والطّواف لا بدّ فيه من الصّلاة، وليس هذا حكم المستحاضة.

٢٧٦

وإذا أرادت الحائض وداع البيت، فلا تدخل المسجد، ولتودّع من أدنى باب من أبواب المسجد، وتنصرف، إن شاء الله.

وإذا كانت المرأة عليلة لا تقدر على الطّواف، طيف بها، وتستلم الأركان والحجر. فإن كان عليها زحمة، فتكفيها الإشارة. ولا تزاحم الرّجال. وإن كان بها علّة تمنع من حملها والطّواف بها، طاف عنها وليّها، وليس عليها شي‌ء. وكذلك إذا كانت عليلة لا تعقل عند الإحرام، أحرم عنها وليّها، وجنّبها ما يجتنب المحرم، وقد تمَّ إحرامها. وليس على النّساء حلق ولا دخول البيت. فإن أرادت دخول البيت، فلتدخله إذا لم يكن هناك زحام. ولا يجوز للمستحاضة دخول البيت على حال.

باب من حج عن غيره

من وجب عليه الحجّ، لا يجوز له أن يحجّ عن غيره إلّا بعد أن يقضي حجّته التي وجبت عليه. فإذا قضاها، جاز له بعد ذلك أن يحجّ عن غيره. ومن ليس له مال يجب عليه الحجّ، جاز له أن يحجّ عن غيره. فإن تمكّن بعد ذلك من المال، كان عليه أن يحجّ عن نفسه، وقد أجزأت الحجّة التي حجّها عمّن حجّ عنه.

وينبغي لمن يحجّ عن غيره أن يذكره في المواضع كلّها،

٢٧٧

فيقول عند الإحرام: اللهمّ ما أصابني من تعب أو نصب أو لغوب فأجر فلان بن فلان، وأجرني في نيابتي عنه. وكذلك يذكره عند التّلبية والطّواف والسّعي وعند الموقفين وعند الذّبح وعند قضاء جميع المناسك، فإن لم يذكره في هذه المواضع، وكانت نيته الحجّ عنه، كان جائزا.

ومن أمر غيره أن يحجّ عنه متمتّعا، فليس له أن يحجّ عنه مفردا ولا قارنا. فإن حجّ عنه كذلك، لم يجزئه، وكان عليه الإعادة. وإن أمره أن يحجّ عنه مفردا أو قارنا، جاز له أن يحجّ عنه متمتّعا، لأنه يعدل الى ما هو الأفضل. ومن أمر غيره أن يحجّ عنه على طريق بعينها، جاز له أن يعدل عن ذلك الطّريق الى طريق آخر. وإذا أمره أن يحجّ عنه بنفسه، فليس له أن يأمر غيره بالنّيابة عنه. فإن جعل الأمر في ذلك اليه، جاز له أن يستنيب غيره فيه. وإذا أخذ حجة عن غيره، لا يجوز له أن يأخذ حجة أخرى، حتى يقضي التي أخذها.

وإذا حجّ عن غيره، فصدّ عن بعض الطّريق، كان عليه ممّا أخذه بمقدار ما بقي من الطّريق. اللهم إلّا أن يضمن الحجّ فيما يستأنف، ويتولّاه بنفسه.

فإن مات النّائب في الحجّ، وكان موته بعد الإحرام ودخول الحرم، فقد سقطت عنه عهدة الحجّ، وأجزأ عمّن حجّ عنه وإن مات قبل الإحرام ودخول الحرم، كان على ورثته، إن

٢٧٨

خلّف في أيديهم شيئا، مقدار ما بقي عليه من نفقة الطّريق. وإذا أخذ حجة، فأنفق ما أخذه في الطّريق من غير إسراف، واحتاج الى زيادة، كان على صاحب الحجّة أن يتمّمه استحبابا. فإن فضل من النّفقة شي‌ء، كان له، وليس لصاحب الحجّة الرّجوع عليه بالفضل. ولا يجوز للإنسان أن يطوف عن غيره وهو بمكّة، إلّا أن يكون الذي يطوف عنه مبطونا لا يقدر على الطّواف بنفسه، ولا يمكن حمله والطّواف به. وإن كان غائبا، جاز أن يطوف عنه.

وإذا حجّ الإنسان عن غيره من أخ له أو أب أو ذي قرابة أو مؤمن، فإن ثواب ذلك يصل الى من حجّ عنه من غير أن ينقض من ثوابه شي‌ء. وإذا حجّ الإنسان عمّن يجب عليه الحجّ بعد موته تطوّعا منه بذلك، فإنّه يسقط عن الميّت بذلك فرض الحجّ.

ومن كان عنده وديعة، فمات صاحبها، وله ورثة، ولم يكن قد حجّ حجّة الإسلام، جاز له أن يأخذ منها بقدر ما يحجّ عنه، ويردّ الباقي على ورثته، إذا غلب على ظنّه أنّ ورثته لا يقضون عنه حجّة الإسلام. فإن غلب على ظنّه أنّهم يتولّون القضاء عنه، فلا يجوز له أن يأخذ منها شيئا إلّا بأمرهم.

ولا بأس أن تحجّ المرأة عن الرّجل إذا كانت قد حجّت

٢٧٩

حجّة الإسلام، وكانت عارفة. وإذا لم تكن حجّت حجّة الإسلام، وكانت صرورة، لم يجز لها أن تحجّ عن غيرها على حال.

ولا يجوز لأحد أن يحجّ عن غيره إذا كان مخالفا له في الاعتقاد، اللهمّ إلّا أن يكون أباه، فإنّه يجوز له أن يحجّ عنه.

باب العمرة المفردة

العمرة فريضة مثل الحجّ، لا يجوز تركها. ومن تمتّع بالعمرة إلى الحجّ، سقط عنه فرضها. وإن لم يتمتّع، كان عليه أن يعتمر بعد انقضاء الحجّ، إن أراد، بعد انقضاء أيّام التّشريق، وإن شاء أخّرها إلى استقبال المحرّم. ومن دخل مكّة بالعمرة المفردة في غير أشهر الحجّ، لم يجز له أن يتمتّع بها الى الحجّ. فإن أراد التّمتّع كان عليه تجديد عمرة في أشهر الحجّ. وإن دخل مكّة بالعمرة المفردة في أشهر الحجّ، جاز له أن يقضيها، ويخرج الى بلده أو أيّ موضع شاء. والأفضل له أن يقيم حتى يحجّ، ويجعلها متعة. وإذا دخلها بنيّة التّمتّع، لم يجز له أن يجعلها مفردة، وأن يخرج من مكّة، لأنّه صار مرتبطا بالحجّ. وأفضل العمرة ما كانت في رجب، وهي تلي الحجّ في الفضل.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579