المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٢

المهذب البارع في شرح المختصر النافع10%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 579

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 579 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 117288 / تحميل: 7172
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

الحركات الرجعيّة

1

7

الجهميّة

قد عرفت أنّ المتّهمين بالقدرية كانوا دعاة الحرّية، لا نُفاة القضاء والقدر، بل كانوا قائلين بأنّه سبحانه تبارك وتعالى قدّر وقضى، ومع ذلك، لم يسلب الاختيار عن الإنسان، فخيّره بين الإيمان والكفر، بين الخير والشّر، فلو قدّر الخير فلعلم منه بأنّه يختار الخير عن اختيار، أو قدّر الشر فلعلم منه أنّ الفاعل يختار الشر كذلك، وهو نفس صميم الإسلام ولبّه، قال سبحانه: ( فَمَن شَاءَ فَلْيُوْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكُفُرْ ) (1) .

لكن ظهرت في القرن الثاني والثالث حركات رجعيّة استهدفت أركان الإسلام والعودة بالأُمّة إلى الأفكار الجاهلية الّتي سادت قبل الإسلام، من القول بالجبر والتجسيم، وإليك أبرز ممثّلي هذه الحركات الرجعية.

____________________

(1) الكهف: 29.

٨١

الجهميّة:

إنّ سمات الجهميّة، هي: القول بالجبر والتعطيل، أسّسها جهم بن صفوان السمرقندي (المتوفّى 128هـ).

قال الذهبي: جهم بن صفوان أبو محرز السمرقندي الضال المبتدع، رأس الجهميّة في زمان صغار التابعين، وما علِمْته روى شيئاً، لكنّه زرع شرّاً عظيماً.

وقال المقريزي: الجهميّة،أتباع جهم بن صفوان الترمذي، مولى راسب، وقُتل في آخر دولة بني أُميّة، وتتلخّص عقائده في الأُمور التالية:

1 - ينفي الصفات الإلهيّة كلّها، ويقول: لا يجوز أن يوصف الباري بصفة يوصف بها خَلْقه.

2 - إنّ الإنسان لا يقدر على شيء، ولا يوصف بالقدرة ولا بالاستطاعة.

3 - إنّ الجنّة والنّار يفنيان، وتنقطع حركات أهلهما.

4 - إنّ من عرف الله ولم ينطق بالإيمان لم يكفر؛ لأنّ العلم لا يزول بالصمت، وهو مؤمن مع ذلك.

وقد كفّره المعتزلة في نفي الاستطاعة، وكفّره أهل السنّة بنفي الصفات وخلق القرآن ونفي الرؤية.

5 - وانفرد بجواز الخروج على السلطان الجائر.

6 - وزعم أنّ علم الله حادث لا بصفة يوصف بها غيره. (1)

____________________

(1). الخطط المقريزيّة: 3/349، ولاحظ: ص351.

٨٢

أقول: الظاهر أنّ قاعدة مذهبه أمران:

الأوّل: الجبر ونفي الاستطاعة، فجهم بن صفوان رأس الجبر وأساسه، ويُطْلق على أتباعه الجبريّة الخالصة، في مقابل غير الخالص منها.

الثاني: تعطيل ذاته سبحانه، عن التوصيف بصفات الجلال والجمال، ومن هنا نجمت المعطّلة.

وأمّا غير هذين الأمرين فمشكوك جداً.

التطورات الّتي مرّ بها مفهوم الجهمي:

لمّا كان نفي الصفات عن الله والقول بخلق القرآن ونفي الرؤية ممّا نسب إلى منهج الجهم، صار لفظ الجهمي رمزاً لكلِّ من قال بأحد هذه الأُمور، وإن كان غير قائل بالجبر ونفي القدر؛ ولأجل ذلك ربّما تطلق الجهميّة ويراد بها المعتزلة أو القدريّة، يقول أحد بن حنبل:

والقرآن كلام الله ليس بمخلوق، فمن زعم أنّ القرآن مخلوق فهو جهمي كافر، ومن زعم أنّ القرآن كلام الله ووقف، ولم يقل مخلوق ولا غير مخلوق، فهو أخبث من الأوّل، ومن زعم أنّ ألفاظنا بالقرآن وتلاوتنا له مخلوقة، والقرآن كلام الله، فهو جهمي، ومن لم يكفّر هؤلاء القوم كلّهم فهو مثلهم. (1)

____________________

(1) السنّة: 49.

٨٣

الحركات الرجعيّة

2

8

المجسّمة

إنّ إقصاء العقل عن ساحة العقائد، والبرهان عن التفكير، ألحق أضراراً جسيمة بالمجتمع الإسلامي، حيث ظهرت فيه حركات هدّامة ترمي إلى تقويض الأُسس الدينية والأخلاقيّة.

ومن تلك الحركات المجسّمة؛ الّتي رفع لواءها مقاتل بن سليمان المجسم (1) (المتوفّى عام 150هـ)، ونشر أقاصيص الأحبار والرهبان في القرن الثالث، فهو وجهم بن صفوان، مع تشاطرهما في دفع الأُمّة الإسلامية إلى حافة الجاهلية،على طرفي نقيض في مسألة التنزيه والتشبيه.

____________________

(1) مقاتل بن سليمان بن بشر الأزدي بالولاء، البلخي، أبو الحسن، من المفسرين، أصله من بلخ، انتقل إلى البصرة ودخل بغداد وحدّث بها، وتوفّي بالبصرة، كان متروك الحديث، من كتبه (التفسير الكبير)، و(نوادر التفسير)، و(الرّد على القدريّة)، و(متشابه القرآن)، و(الناسخ والمنسوخ)، و(القراءات)، و(الوجوه والنظائر)، [الأعلام: 7/281].

٨٤

أمّا صفوان، فقد بالغ في التنزيه حتّى عطّل وصف ذاته بالصفات.

وأمّا مقاتل، فقد أفرط في التشبيه فصار مجسّماً، وقد نقل المفسرون آراء مقاتل في كتب التفاسير.

فليعرف القارئ مكانه في الوثاقة وتنزيه الربّ عن صفات الخلق.

قال ابن حبّان: كان يأخذ من اليهود والنصارى - في علم القرآن - الّذي يوافق كتبهم، وكان يشبّه الربّ بالمخلوقات، وكان يكذب في الحديث.

وقال أبو حنيفة: أفرط جهم في نفي التشبيه، حتّى قال إنّه تعالى ليس بشيء، وأفرط مقاتل في الإثبات حتى جعله مثل خلقه. (1)

____________________

(1) لاحظ: ميزان الاعتدال، 4/173. وراجع تاريخ بغداد، 13/166.

٨٥

الحركات الرجعية

3

9

الكرّاميّة

وهذه الفرقة منسوبة إلى محمد بن كرام السجستاني (المتوفّى عام 255هـ) شيخ الكرامية.

قال الذهبي: ساقط الحديث على بدعته، أكَثَر عن أحمد الجويباري، ومحمد بن تميم السعدي؛ وكانا كذّابين.

وقال ابن حبّان: خذل، حتّى التقط من المذاهب أردأها، ومن الأحاديث أوهاها... وجعل الإيمان قولاً بلا معرفة.

وقال ابن حزم: قال ابن كرام: الإيمان قول باللسان، وإن اعتقد الكفر بقلبه، فهو مؤمن. ومن بِدَع الكرّاميّة قولهم في المعبود تعالى إنّه جسم لا كالأجسام، وقد سقت أخبار ابن كرّام في تاريخي الكبير، وله أتباع ومؤيّدون، وقد سجن في نيسابور لأجل بدعته ثمانية أعوام، ثُمَّ أُخرج وسار

٨٦

إلى بيت المقدس، ومات بالشام سنة 255هـ. (1)

إنّ للكرّامية نظريات في موضوعات أُخر، ذكرها البغدادي، وقد بلغت جُرأتهم في باب النبوّة حتّى قال بعضهم: إنّ النبي أخطأ في تبليغ قوله[ تعالى]: ( وَمَنَاةَ الثّالِثَةَ الْأُخْرَى ) ، حتّى قال بعده: (تلك الغرانيق العلى، وان شفاعتها لترتجى). (2)

مع أنّ قصة الغرانيق أُقصوصة ابتدعها قوم من أهل الضلالة، وقد أوضحنا حالها في كتابنا (سيد المرسلين (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم».

ونكتفي بهذا النزر في بيان عقائدهم، وكلّها وليد إقصاء العقل والمنطق عن ساحة العقائد، والاكتفاء بالروايات مع ما فيها من أباطيل وترّهات وضعها الأعداء واختلقتها الأهواء، فهي من أسوأ الحركات الرجعيّة الظاهرة في أواسط القرن الثالث.

____________________

(1) ميزان الاعتدال: 4/21.

(2) الفرق بين الفِرق: 222.

٨٧

الحركات الرّجعيّة

4

10

الظاهرية

وهذا المذهب منسوب إلى داود بن علي الأصفهاني الظاهري (200 - 270هـ).

وقد أسّس مذهباً في الفروع، فالمصدر الأصلي في الفقه عنده هو النصوص، بلا رأي في حكم من أحكام الشرع، فهم يأخذون بالنصوص وحدها، فإذا لم يكن بالنص، أخذوا بالإباحة الأصليّة.

ما هو السبب لظهور هذا المذهب؟

إنّ إقصاء العقل عن ساحة العقائد يستلزم طرده عن ساحة الفقه بوجه أولى، لأنّ أساسه هو التعبُّد بالنصوص، وعدم الإفتاء بشيء لا يوجد له أصل في الكتاب والسنّة، لكن الجمود على حرفيّة النصوص شيء، والتعبّد بالنصوص وعدم الإفتاء في مورد لا يوجد فيه أصل ودلالة في المصدرين الرئيسيّين شيء آخر،

٨٨

فالظاهرية على الأوّل، والفقهاء على الثاني، ولأجل إيضاح الحال نأتي بمثالين:

1 - إنّ الشكّل الأوّل من الأشكال الأربعة ضروري الإنتاج، من غير فرق بين الأُمور التكوينيّة أو الأحكام الشرعيّة؛ فكما أنّ الحكم بحدوث العالم نتيجة حتمية لقولنا: العالم متغيّر وكلّ متغيّر حادث، فهكذا الحكم بحرمة كلّ مسكر، نتيجة قطعيّة لقولنا: الفقاع مسكر، وكل مسكر حرام، فالفقاع حرام؛ لكنّ الظاهري يقبل المقدّمتين، ولكن لا يفتي بالنتيجة؛ بحجة أنّها غير مذكورة في النصوص.

2 - ما يسمّيه الفقهاء بلحن الخطاب، وإن كان شيئاً غير مذكور في نفس الخطاب، لكنّه من اللوازم البيّنة له، بحيث يتبادر إلى الذّهن من سماعه، فإذا خاطبنا سبحانه بقوله: ( فَلَا تَقُل لَهُمَا أُفٍ ) (1) ، يتوجّه الذهن إلى حرمة ضربهما وشتمهما بطريق أولى، ولكن الفقيه الظاهري يأبى عن الأخذ به بحجّة كونه غير منصوص.

قال سبحانه: ( قُل لِلّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِن يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنّتُ الْأَوّلِينَ ) (2) .

فالموضوع للحكم (مغفرة ما سلف عند الانتهاء)؛ وإن كان هو الكافر، لكن الذهن السليم يتبادر إلى فهم شيء آخر، لازم لهذا الحكم بالضرورة، وهو تعميم الحكم إلى المسلم أيضاً بوجه آكد، ولكنّ الظاهري يتركه؛ بحجة أنّه غير مذكور في النص.

____________________

(1) الإسراء: 23.

(2) الأنفال: 38.

٨٩

وهذا النوع من الجمود يجعل النصوص غير كافلة لاستخراج الفروع الكثيرة، وتصبح الشريعة ناقصة من حيث التشريع والتقنين، وغير صالحة لجميع الأجيال والعصور، وفاقدة للمرونة اللازمة الّتي عليها أساس خاتميّة نبوّة نبيّناً محمّد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وكتابه وسنّته.

ثمَّ إنّ الاكتفاء بظاهر الشريعة؛ وأخذ الأحكام من ظواهر النصوص؛ له تفسيران: أحدهما صحيح جداً، والآخر باطل، فإن أُريد منه نفي الظنون؛ الّتي لم يدلّ على صحة الاحتجاج بها دليل، فهو نفس نص الكتاب العزيز، قال سبحانه: ( قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ ) (1) ، فالشيعة الإماميّة، وبفضل النصوص الوافرة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) المتّصلة اسنادها إلى الرسول الأكرم (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، استطاعت أن تستخرج أحكام الحوادث والموضوعات الكثيرة منها، وامتنعت عن العمل بالقياس والاستحسان وغيرهما من الأدلّة الظنية؛ الّتي لم يقم الدليل القطعي على صحّة الاحتجاج بها، بل قام الدليل على حرمة العمل على بعضها، كالقياس، وقد ورد في نصوص أئمتهم (عليهم السلام): «إنّ السنّة إذا قيست مُحق الدين» (2) .

وإن أُريد بها لوازم الخطاب؛ أي ما يكون في نظر العقلاء، كالمذكور أخذاً بقولهم: (الكناية أبلغ من التصريح)، ويكون التفكيك بينهما أمراً غير صحيح، فليس ذلك عملاً بغير المنصوص. نعم ليس عملاً بالظاهر الحرفي، ولكنّه عمل بها بما يفهمه المخاطبون بها.

____________________

(1) يونس: 59.

(2) الوسائل: 18، الباب 6 من أبواب صفات القاضي، الحديث 10.

٩٠

أُفول نجمه:

إنّ هذا المذهب لأجل حرفيته قد أفل نجمه بسرعة.

نعم قد تبعه فقيه آخر باسم ابن حزم (384 - 458هـ)، وأعاد هذا المذهب إلى الساحة، وألّف حوله كتباً ورسائل، وخدمه بالتآليف التالية:

1 - الإحكام في أُصول الأحكام: بيّن فيه أُصول المذهب الظاهري.

2 - النُّبَذ: وهو خلاصة ذلك الكتاب.

3 - المحلّى: وهو كتاب كبير نشر في عشرة أجزاء، جمع أحاديث الأحكام وفقه علماء الأمصار، طبع في بيروت بتحقيق أحمد محمد شاكر، وله آراء شاذة - كبطلان الاجتهاد في استخراج الأحكام الفقهية، وجواز مس المصحف للمجنب، وقاتل الإمام عليّ كان مجتهداً - ذكرناها في موسوعتنا. (1)

وقد ذكرنا هذا المذهب، مع أنّه فقهي؛ لأجل اشتراكه مع ما سبق في الرجعيّة، وإقصاء العقل عن ساحة الاجتهاد الفقهي.

____________________

(1) بحوث في الملل والنحل: 3/141 - 146.

٩١

11

المعتزلة

المعتزلة بين المدارس الكلاميّة المختلفة؛ مدرسة فكريّة عقليّة أعطت للعقل القسط الأوفر، ومن المؤسف أنّ هوى العصبية، بل يد الخيانة، لعبت بكثير من مخلّفاتهم الفكريّة، فأطاحت به فأضاعتها بالخرق والتمزيق، فلم يبق فيما بأيدينا من آثارهم إلاّ الشيء القليل، وأكثرها يرجع إلى كتب عبد الجبار المعتزلي (المتوفّى عام 415هـ)، ولأجل ذلك فقد اعتمد في تحرير هذا المذهب غير واحد من الباحثين على كتب خصومهم كالأشاعرة، ومن المعلوم أنّ الاعتماد على كتاب الخصم لا يُورث يقيناً.

وقد اهتمّ المستشرقون في العصور الأخيرة بدراسة مذهب الاعتزال، ولقد أُعجبوا بمنهج الاعتزال في حرّية الإنسان وأفعاله، وصار ذلك سبباً لرجوع المعتزلة إلى الساحة من قبل المفكّرين الإسلاميّين، ولذلك نُشرت في هذه الآونة الأخيرة كتباً حول المعتزلة.

ومؤسّس المذهب هو واصل بن عطاء تلميذ الحسن البصري، نقل الشهرستاني أنّه دخل شخص على الحسن البصري، فقال: يا إمام الدين!، لقد ظهرت في زماننا جماعة يكفّرون أصحاب الكبائر، والكبيرة عندهم تُخرج به

٩٢

عن الملّة، وهم وعيديّة الخوارج، وجماعة يُرجئون أصحاب الكبائر، ويقولون لا تضر مع الإيمان معصية، كما لا تنفع مع الكفر طاعة، وهم مرجئة الأُمّة، فكيف تحكم لنا في ذلك اعتقاداً؟

فتفكّر الحسن في ذلك، وقبل أن يجيب، قال واصل بن عطاء: أنا لا أقول إنّ صاحب الكبيرة مؤمن مطلقاً، ولا كافر مطلقاً، بل هو في منزلة بين المنزلتين، لا مؤمن ولا كافر، ثُمّ قام واعتزل إلى اسطوانة المسجد؛ يقرّر ما أجاب به على جماعة من أصحاب الحسن، فقال الحسن: اعتزل عنّا واصل، فسمّي هو وأصحابه: معتزلة. (1)

سائر ألقاب المعتزلة:

إنّ للمعتزلة ألقاباً أُخر:

1 - العدليّة: لقولهم بعدل الله سبحانه وحكمته.

2 - الموحّدة: لقولهم لا قديم مع الله، وينفون قدم القرآن.

3 - أهل الحق: لأنّهم يعتبرون أنفسهم أهل الحق.

4 - القدريّة: يُعبَّر عن المعتزلة في الكتب الكلاميّة بالقدريّة، والمعتزلة يطلقونها على خصومهم، وذلك لما رُوي عن النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «أنّ القدريّة مجوس هذه الأُمّة». فلو قلنا بأنّ القدريّة منسوبة إلى القدر؛ عِدْل القضاء، فتنطبق على

____________________

(1) الملل والنحل: 1/62.

٩٣

خُصَماء المعتزلة؛ القائلين بالقدر السالب للاختيار. ولو قلنا بأنّها منسوبة إلى القدرة؛ أي القائلين بتأثير قدرة الإنسان في فعله واختياره وتمكّنه في إيجاده، فتنطبق - على زعم الخُصَماء - على المعتزلة؛ لقولهم بتأثير قدرة الإنسان في فعله. وقد طال الكلام بين المتكلّمين في تفسير الحديث وذِكْر كلِّ طائفة وجهاً لانطباقه على خصمها. (1)

5 - الثنويّة: ولعلّ وجهه ما يتراءى من بعضهم من نسبة الخير إلى الله والشر إلى العبد.

6 - الوعيدية: لقولهم إنّ الله صادق في وعده، كما هو صادق في وعيده، وإنّه لا يغفر الذنوب إلاّ بعد التوبة، فلو مات بدونها يكون معذّباً قطعاً ويخلَّد في النار.

7 - المعطّلة: لتعطيل ذاته سبحانه عن الصفات الذاتية، ولكن هذا اللقب أُلصق بالجهميّة، وأمّا المعتزلة فلهم في الصفات مذهبان:

أ - القول بالنيابة، أي خلو الذات عن الصفات، ولكن تنوب الذّات مكان الصفات في الآثار المطلوبة منها، وقد اشتهر قولهم: (خُذ الغايات واترك المبادئ)، وهذا مخالف لكتاب الله والسنّة والعقل. فإنّ النقل يدلّ بوضوح على اتّصافه سبحانه بالصفات الكماليّة، وأمّا العقل، فحدِّث عنه ولا حرج؛ لأنّ الكمال يساوق الوجود، وكلّما كان الوجود أعلى وأشرف، تكون الكمالات فيه آكد.

____________________

(1) كشف المراد: 195، شرح المقاصد للتفتازاني: 2/143.

٩٤

ب - عينيّة الصفات مع الذّات واشتمالها على حقائقها، من دون أن يكون ذات وصفة، بل الذّات بلغت في الكمال إلى درجة صار نفس العلم قدرة.

8 - الجهميّة، وهذا اللّقب منحه أحمد بن حنبل لهم، فكل ما يقول: قالت الجهميّة، أو يصف القائل بأنّه جهميّ؛ يُريد به المعتزلة، لِمَا وجد من موافقتهم الجهميّة في بعض المسائل.

9 - المفنية.

10 - اللّفظيّة.

وهذان اللّقبان ذكرهما المقريزي وقال: إنّهم يوصفون بالمفنية، لما نسب إلى أبي الهذيل من فناء حركات أهل الجنة والنار؛ واللفظية لقولهم: ألفاظ القرآن مخلوقة. (1)

الأُصول الخمسة عند المعتزلة:

اشتهرت المعتزلة بأُصول خمسة، فمن دان بها فهو معتزلي، ومن نقص منها أو زاد عليها فليس منهم، وتلك الأُصول المرتبة حسب أهميتها عبارة عن: التوحيد، العدل، الوعد والوعيد، المنزلة بين المنزلتين، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

فمن دان بها، ثُمَّ خالف بقية المعتزلة في تفاصيلها، لم يخرج بذلك عنهم.

وإليك تفصيل هذه الأُصول بنحو موجز:

____________________

(1) الخطط المقريزيّة: 4/169.

٩٥

إيعاز إلى الأُصول الخمسة

وقبل كلّ شيء نطرح هذه الأُصول على وجه الإجمال، حتّى يُعلم ماذا يريد منها المعتزلة، ثُمَّ نأخذ بشرحها واحداً بعد احد؛ فنقول:

1 - التوحيد: ويراد منه العلم بأنّ الله واحد، لا يشاركه غيره فيما يستحقُّ من الصفات نفياً وإثباتاً على الحدّ الّذي يستحقّه. والتوحيد عندهم رمز لتنزيهه سبحانه عن شوائب الإمكان ووهم المثليّة وغيرهما ممّا يجب تنزيه ساحته عنه، كالتجسيم والتشبيه وإمكان الرؤية وطروء الحوادث عليه. غير أنّ المهمّ في هذا الأصل؛ هو الوقوف على كيفيّة جريان صفاته عليه سبحانه، ونفي الرؤية، وغيرهما يقع في الدّرجة الثانية من الأهمية في هذا الأصل؛ لأنّ كثيراً منها لم يختلف المسلمون فيه، إلاّ القليل منهم.

2 - العدل: إذا قيل إنّه تعالى عادل، فالمراد أنّ أفعاله كلّها حسنة، وأنّه لا يفعل القبيح، وأنّه لا يَخِلّ بما هو واجب عليه. وعلى ضوء هذا: لا يكذب في خبره، ولا يجور في حكمه، ولا يعذِّب أطفال المشركين بذنوب آبائهم، ولا يُظهر المعجزة على أيدي الكذّابين، ولا يكلِّف العباد وما لا يطيقون، وما لا يعلمون، بل يُقْدِرهم على ما كلّفهم، ويعلِّمهم صفة ما كلّفهم، ويدلّهم على ذلك، ويبيّن لهم ( لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيّنَةٍ وَيَحْيَى‏ مَنْ حَيّ عَنْ بَيّنَةٍ ) (1) ، وأنّه إذا كلّف المكلّف وأتى بما كلّف على الوجه الّذي كُلِّف، فإنّه يثيبه لا محالة، وأنّه سبحانه إذا آلم وأسقم، فإنّما فعله لصلاحه ومنافعه، وإلاّ كان مخلاًّ بواجب...

3 - الوعد والوعيد: والمراد منه أنّ الله وعد المطيعين بالثواب، وتوعّد

____________________

(1) الأنفال: 42.

٩٦

العصاة بالعقاب، وأنّه يفعل ما وعد به وتوعّد عليه لا محالة. ولا يجوز الخُلف، لأنّه يستلزم الكذب. فإذا أخبر عن الفعل، ثُمَّ تركه، يكون كذباً. ولو أخبر عن العزم، فبما أنّه محال عليه، كان معناه الإخبار عن نفس الفعل، فيكون الخُلف كذباً. وعلى ضوء هذا الأصل، حكموا بتخليد مرتكب الكبائر في النار؛ إذا مات بلا توبة.

4 - المنزلة بين المنزلتين: وتلقّب بمسألة الأسماء والأحكام؛ وهي أنّ صاحب الكبيرة ليس بكافر كما عليه الخوارج، ولا منافق كما عليه الحسن البصري، ولا مؤمن كما عليه بعضهم، بل فاسق لا يحكم عليه بالكفر ولا بالإيمان.

5 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: والمعروف: كلّ فعل عرف فاعله حسنه أو دلّ عليه، والمنكر: كلّ فعل عرف فاعله قبحه أو دلّ عليه. ولا خلاف بين المسلمين في وجوبهما؛ إنّما الخلاف في أنّه هل يُعلم عقلاً أو لا يُعلم إلاّ سمعاً؟، ذهب أبو عليّ (المتوفّى 303هـ) إلى أنّه يُعلم عقلاً وسمعاً، وأبو هاشم (المتوفّى 321هـ) إلى أنّه يُعلم سمعاً، ولوجوبه شروط تُذكر في محلّها، ومنها أن لا يؤدّي إلى مضرّة في ماله أو نفسه، إلاّ أن يكون في تحمّله لتلك المذلّة إعزاز للدّين.

قال القاضي: وعلى هذا يحمل ما كان من الحسين بن عليّ (عليهما السّلام)؛ لِمَا كان في صبره على ما صبر، إعزاز لدين الله عزّ وجلّ، ولهذا نباهي به سائر الأُمم، فنقول: لم يبق من ولْد الرّسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) إلاّ سبط واحد، فلم يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتّى قتل دون ذلك. (1)

____________________

(1) الأُصول الخمسة: 142، نقلاً عن، بحوث في الملل والنحل: 3/254 - 255.

٩٧

سبب الاقتصار على هذه الأُصول الخمسة:

هناك سؤال يطرح نفسه، وهو:

لماذا اقتصروا على هذه الأُصول، مع أنّ أمر النبوّة والمعاد أولى بأن يُعدَّ من الأُصول؟

وقد ذكروا في وجه ذلك أُموراً لا يُعتمد عليها، والحق أن يقال: إنّ الأُصول الخمسة الّتي يتبنّاها المعتزلة، مؤلّفة من أُمور تعدُّ من أُصول الدين كالتوحيد والعدل على وجه، ومن أُصول كلاميّة أنتجوها من البحث والنقاش، وأقحموها في الأُصول لغاية ردِّ الفرق المخالفة؛ الّتي لا توافقهم في هذه المسائل الكلامية.

وعند ذلك يستنتج القارئ أنّ ما اتّخذته المعتزلة من الأُصول، وجعلته في صدر آرائها، ليست إلاّ آراء كلاميّة لهذه الفرقة، تظاهروا بها للردّ على المجبّرة والمشبّهة والمرجئة والإماميّة وغيرهم من الفرق، على نحو لو لا تلكم الفِرَق لما سمعت من هذه الأُصول ذكراً.

أئمة المعتزلة:

المراد بأئمتهم؛ مشايخهم الكبار؛ الّذين نضج المذهب بأفكارهم وآرائهم، ووصل إلى القمة في الكمال.

نعم، في مقابل أئمة المذهب، أعلامهم الّذين كان لهم دور في تبيين هذا المنهج من دون أن يتركوا أثراً يستحق الذكر في الأُصول الخمسة، وها نحن نذكر من الطائفيتن نماذج:

٩٨

1. واصل بن عطاء (80 - 131هـ):

أبو حذيفة واصل بن عطاء، مؤسّس الاعتزال، المعروف بالغزّال، يقول ابن خلّكان: كان واصل أحد الأعاجيب، وذلك أنّه كان ألثغ، قبيح اللثغة في الرّاء، فكان يُخلِّص كلامه من الرّاء ولا يُفطن لذلك، لاقتداره على الكلام وسهولة ألفاظه، ففي ذلك يقول أبو الطروق؛ يمدحه بإطالة الخطب واجتنابه الراء على كثرة تردّدها في الكلام، حتّى كأنّها ليست فيه.

عـليم بـإبدال الحروف وقامع

لـكلّ خطيب يغلب الحقَّ باطلُه

وقال الآخر:

ويـجعل البرّ قمحاً في تصرّفه

وخالف الرّاء حتّى احتال للشعر

ولـم يطق مطراً والقول يعجله

فـعاذ بالغيث اشفاقاً من المطر

من آرائه ومصنّفاته:

إنّ واصل هو أوّل من أظهر المنزلة بين المنزلتين؛ لأنّ الناس كانوا في أسماء أهل الكبائر من أهل الصلاة على أقوال: كانت الخوارج تسمّيهم بالكفر والشرك، والمرجئة تسمّيهم بالإيمان، وكان الحسن وأصحابه يسمّونهم بالنفاق.

مؤلّفاته:

ذكر ابن النديم في (الفهرست)، وتبعه ابن خلّكان: إنّ لواصل التصانيف التالية:

٩٩

1 - كتاب أصناف المرجئة.

2 - كتاب التوبة.

3 - كتاب المنزلة المنزلتين.

4 - كتاب خطبه الّتي أخرج منها الرّاء.

5 - كتاب معاني القرآن.

6 - كتاب الخُطب في التوحيد والعدل.

ومن المحتمل أنّه قام بجمع خطب الإمام عليّ (عليه السّلام) في التوحيد والعدل فأفرده تأليفاً.

7 - كتاب ما جرى بينه وبين عمرو بن عبيد.

8 - كتاب السبيل إلى معرفة الحق.

9 - كتاب في الدعوة.

10 - كتاب طبقات أهل العلم والجهل. (1)

2. عمرو بن عبيد (80 - 143هـ):

وهو الإمام الثاني للمعتزلة بعد واصل بن عطاء، وكان من أعضاء حلقة الحسن البصري، مثل واصل، لكن التحق به بعد مناظرة جرت بينهما في مرتكب الكبيرة.

روى ابن المرتضى، عن الجاحظ، أنّه قال: صلَّى عمرو أربعين عاماً صلاة

____________________

(1) فهرست ابن النديم: 203، الفن الأوّل من المقالة الخامسة.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

رجل اشترى متاعا من رجل وأوجبه، غير انه تر ك المتاع عنده ولم يقبضه قال: آتيك غدا إن شاء الله، فسرق المتاع، من مال من يكون؟ قال: من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته حتى يقبض المتاع ويخرجه من بيته، فاذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه حتى يرد إليه ماله(١) وهو اختيار القاضي(٢) والتقي(٣) وسلار(٤) وابن ادريس(٥) واختاره المصنف(٦) .

(ج) أنه من ضمان البايع، إلا أن يكون البايع عرض التسليم على المبتاع ولم يتسلمه فيكون التلف من المبتاع حينئذ، قاله ابن حمزة(٧) .

تنبيه

واعلم أن لهذا الخيار الذي ذكرنا أحكامه، شروطا:

____________________

(١) الفروع: ج ٥ كتاب المعيشة باب الشرط والخيار في البيع ص ١٧١ الحديث ١٢.

(٢) المهذب: ج ١ في خيار الغبن ص ٣٦١ س ١١ قال: وروى أصحابنا إلى أن قال: فان لم يأت به في ذلك بطل البيع.

(٣) الكافي: فصل في عقد البيع، ص ٣٥٣ س ٩ قال: فان لم يعين وقتا إلى أن قال: فان هلك المبيع في مدة الثلاثة الايام فهو من مال المبتاع وبعدهن من مال البايع الخ.ولا يخفي ان الظاهر ان هذه العبارة خلاف مقصود المصنف، فتأمل.

(٤) المراسم: ذكر البيوع، ص ١٧٢ س ٤ قال: فان أخره إلى قال: وان هلك في الثلاثة فهو من مال المبتاع الخ.

(٥) السرائر: باب الشرط في العقود ص ٢٢١ س ١٢ قال: فاذا باع الانسان إلى أن قال بعد اسطر: والذي يقوى في نفسي ما ذهب اليه شيخنا أبوجعفر الخ.

(٦) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٧) الوسيلة: فصل في بيان بيع الاعيان المرثية ص ٢٣٩ س ١٢ قال: وان لم يتقابضا إلى أن قال: الا أن يكون عرض للتسليم ولم يتسلم المبتاع الخ.

٣٨١

(أ) أن يكون المبيع معينا فلا يطرد الحكم إلى ما يشترى في الذمة.

(ب) ان لا يحصل قبض لاحد العوضيين، فلو قبض أحدهما لم يطرد الحكم، ولو ظهر استحقاق المقبوض، فكلا قبض، أما المردود بالعيب، فالاقرب عدم الفسخ فيه، لحصول القبض في الجملة، وفسخ القبض أمر طارى.

(ج) أن يكون الثمن حالا، فلو كان الثمن مؤجلا فأخره بعد الحلول لم يطرد الحكم.

(د) لو قبض المبيع بطل الخيار، وللشيخ قول بجواز الفسخ للبايع مع تعذر قبض الثمن(١) وقواه الشهيد(٢) .

فروع (أ) لو قبضه المشتري ثم تلف، كأن تلف منه في الثلاثة وبعدها، لانتقال الضمان إليه بالقبض، وللشيخ قول: أنه من مال البايع اذا تلف بعد الثلاثة(٣) ، وهو نادر.

(ب) لم يفرق الاكثر بين الحيوان وغيره في مدة التربص، وقال الصدوق في المقنع: تمتد في الامة إلى شهر، فان جاء بالثمن، وإلا فلا بيع له(٤) .

____________________

(١) المبسوط: ج ٢ فصل في حكم بيع مالم يقبض ص ١٢٠ س ١٢ قال: فاذا كان الثمن حالا إلى أن قا ل: وكان للبايع مطالبته يرد المبيع إلى يده لان له حق الحبس الخ.

(٢) لم اعثر عليه.

(٣) المختلف: في الخيارات ص ١٧٣ س ١٢ قال: تذنيب، لو قبضه المشتري ثم تلف إلى أن قال: وان هلك بعدها فكلام الشيخ يشعر بانه من مال البايع الخ.

(٤) لم اعثر في المقنع، قال في المختلف: في الخيارات ص ١٧٣ س ١٨ قال: وقال الصدوق في المقنع اذا اشتري رجل من رجل جارية الخ.

٣٨٢

ولو اشترى ما يفسد ليومه، ففى رواية يلزم البيع إلى الليل، فان لم يأت بالثمن فلا بيع له.

السادس: خيار الرؤية.وهو يثبت في بيع الاعيان الحاضرة من غير مشاهدة، ولا يصح حتى بذكر الجنس والوصف، فإن كان موافقا لزم، وإلا كان للمشتري الرد، وكذا لو لم يره البايع واشترى بالوصف.كان الخيار للبايع لو كان بخلاف الصفة.وسيأتي خيار العيب إن شاء الله تعالى.

(ج) لوقبض الثمن أو قبض بعض المبيع كان الخيار للبايع ثابتا في الجميع.

(د) لو قبض المشتري السلعة لم يطرد الحكم، بشرط كون القبض بإذن البايع، ولو قبضها من غير إذنه لم يكن به إعتبار وكان كما لو لم يقبض.

(ه‍) لو أحضر المشتري الثمن بعد الثلاثة قبل فسخ البايع، قال العلامة: لم يجز له الفسخ، لزوال سببه(١) ويحتمل ثبوته لوجود المقتضي.

قال طاب ثراه: لو اشترى ما يفسد في يومه، ففي رواية يلزمه البيع إلى الليل، فان لم يأت بالثمن فلا بيع له.

أقول: الرواية إشارة إلى ما رواه محمد بن يعقوب مرفوعا إلى محمد بن أبي حمزة أو غيره عمن ذكره عن أبي عبداللهعليه‌السلام في الرجل يشتري الشئ الذي يفسد في يومه، ويتركه حتى يأتى بالثمن، فان جاء فيه فيما بينه وبين الليل بالثمن، والا فلا بيع له(٢) وعليها عمل الاصحاب، لكنها مرسلة، فلعله اشار اليها عن ترددها،

____________________

(١) التذكرة: ج ١ في خيار تأخير الثمن ص ٥٢٣ س ٢٩ قال: (ب) لو مضى ثلاثة أيام فما زاد ولم يفسخ البايع البيع واحضر المشترط الثمن ومكنه منه، سقط الخيار لزوال المقتضي لثبوته الخ.

(٢) الفروع: ج ٥ كتاب المعيشة باب الشرط والخيار في البيع ص ١٧٢ الحديث ١٥

٣٨٣

وأما الاحكام: فمسائل: الاولى: خيار المجلس يختص البيع دون غيره.

الثانية: التصرف يسقط خيار الشرط.

الثالثة: الخيار يورث، مشروطا كان أو لازما بالاصل.

الرابعة: المبيع يملك بالعقد، وقيل: به وبإنقضاء الخيار واذا كان الخيار للمشتري، جاز له التصرف، وإن لم يوجب البيع على نفسه.

الخامسة: اذا تلف المبيع قبل قبضه، فهو من مال البايع، وكذا بعد قبضه وقبل انقضاء خيار المشتري مالم يفرط، ولو تلف بعد ذلك كان من المشتري السادسة: لو اشترى ضيعة رأى بعضها ووصف له سائرها، كان له الخيار فيها أجمع إن لم يكن على الوصف.لضعفها بسبب الارسال، لكنها مؤيدة بعمل الاصحاب.واستقرب الشهيد إطراد الحكم في كلما يتسارع اليها الفساد عند خوف ذلك ولا يتقيد بالليل، ويكفي في الفساد نقص الوصف وقلة الرغبة كما في الخضراوات واللحم والرطب والعنب، وهل ينزل خوف فوات السوق منزلة الفساد؟ فيه نظر ينشأ من تطرق الضرر بنقص السعر، ومن إقتضاء العقد اللزوم والتفريط من البايع بترك اشتراط النقد(١) .

قال طاب ثراه: المبيع يملك بالعقد، وقيل: به وبانقضاء الخيار.

أقول: ظاهر الشيخ أن المشتري يملك ب إنقضاء الخيار، لا بنفس العقد(٢) وربما

____________________

(١) إلى هنا كلام الشهيد في الدروس، لا حظ كتا ب الخيار: ص ٣٦٢ س ١١ قال: وخامسها خيار ما يفسد المبيت الخ.

(٢) النهاية: باب الشرط في العقود، ص ٣٨٥ س ١٠ قال: فاذا باع فلا ينعقد البيع الا بعد أن يفترق البيعان الخ.

٣٨٤

الفصل الرابع: في لواحق البيع وهي خمسة: الاول: النقد والنسيئة

من ابتاع مطلقا، فالثمن حال، كما لو شرط تعجليه، ولو شرط التأجيل مع تعيين المدة صح، ولو لم يعين بطل.وكذا لو عين أجلا قطع بملكه بالعقد من إختصاصه بالخيار(١) وظاهر أبي علي توقف الملك على انقضاء الخيار(٢) والاكثر على انتقاله بنفس العقد انتقالا متزلزلا قابلا للفسخ في مدة الخيار، وهو مذهب المصنف(٣) والعلامة(٤) وفخر المحققين(٥) وظاهر كلام الشيخ في الخلاف كون انقضاء الخيار كاشفا(٦) .وتظهر فائدة الخلاف في مسائل:

(أ) في الشفعة، فعلى عدم الانتقال لايؤخذ إلا بعد الخيار، وعلى الانتقال يجوز من حين العقد.

(ب) جريانه في حول الزكاة لكان زكويا بعد الخيار على الاول، وبعد العقد على الثاني.

(ج) لو فسخ المشتري وقد حصل للمبيع نماء، كان للبايع على الاول وللمشتري على الثاني

____________________

(١) الخلاف: في الخيارات، قال: في مسألة ٢٩: وإن كان الخيار للمشتري وحده زال ملك البايع عن الملك بنفس العقد لكنه لم ينقل إلى المشتري حتي ينقضي الخيار فاذا انقضى ملك المشتري بالعقد الاول.

(٢) لم اعثر على فتواه

(٣) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٤) المختلف: في الخيار ص ١٧١ س ٣٧ قال: والحق ان الملك ينتقل إلى المشتري بنفس العقد انتقالا متزللا الخ.

(٥) ايضاح الفوائد: ج ١ كتاب المتاجر في أحكام الخيار ص ٤٤٨.

(٦) تقدم آنفا

٣٨٥

محتملا كقدوم الغزاة وكذا لو قال: بكذا نقدا، وبكذا نسيئة، وفي رواية، له أقل الثمنين نسيئة ولو كان إلى أجلين بطل، ويصح أن يبتاع ما باعه نسيئة قبل الاجل بزيادة ونقصان بجنس الثمن وغيره حالا ومؤجلا اذا لم يشترط ذلك.

قال طاب ثراه: وكذا لو قال: بكذا نقدا وبكذا نسيئة، وفي رواية: له أقل الثمنين نسيئة.

أقول: الرواية إشارة إلى مارواه السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائهعليهم‌السلام إن علياعليه‌السلام قضى في رجل باع بيعا وشرط شرطين، بالنقد كذا وبالنسيئة كذا، فأخذ المتاع على ذلك الشرط؟ فقال: هو بأقل الثمنين وأبعد الاجلين يقول: ليس له إلا أقل النقدين إلى الاجل الذي أجله بنسيئة(١) ، وبمضمونها قال المفيد(٢) والسيد(٣) .

والتحقيق أن للاصحاب هنا ثلاثة أقوال:

(أ) الصحة وله البيع بأقل الثمنين نسيئة، وهو قول المفيد والسيد.

(ب) بطلان البيع إلا أن يمضيه البيعان بعد العقد، فيكون للبايع أقل الثمنين في آخر الاجلين، وهو قول القاضي(٤) والشيخ في النهاية(٥) .

____________________

(١) التهذيب: ج ٧(٤) باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٥٣ الحديث ٣

(٢) المقنعة: باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٩٢ س ٤ قال: ولا يجوز بأجلين التخيير إلى أن قال: فان ابتاع انسان شيئا على هذا الشرط كان عليه أقل الثمنين في آخر الاجلين.

(٣) الجوامع الفقيه، الناصرية: المسألة الثانية والسبعون والمائة، ص ٢١٦ قال: وانما المكروه أن يبيع الشئ بثمنين، بقليل إن كان الثمن نقدا وباكثر منه نسيئة.

(٤) المختلف: في النقد والنسيئة ص ١٨٣ س ٢٧ قال: وقال ابن البراج: من باع شيئا باجلين إلى أن قال: كان للبايع أقل الثمنين في أبعد الاجلين.

(٥) النهاية: باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٣٨٧ س ١٩ قال: فإن ذكر المتاع بأجلين ونقدين، إلى أن قال: كان أقل الثمنين وأبعد الاجلين.

٣٨٦

ولو حل فابتاعه من المشتري بغير جنس الثمن، أو بجنسه من غير زيادة ولا نقصان، صح.

(ج) بطلان العقد من رأس، ولو قبض المبيع أو الثمن والحال هذه، لحقه أحكام البيع الفاسد وهو قول الشيخ في المبسوط(١) واختاره التقي(٢) وسلار(٣) وابن حمزة(٤) وابن ادريس(٥) والمصنف(٦) والعلامة(٧) .

واستدلوا بوجوه:

(أ) ماروي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنه نهى عن بيعتين في بيعة(٨) .

(ب) انه لم يحصل الجزم ببيع واحد، فكان باطلا، كما لو قال: بعتك هذا أو هذا.

(ج) أن المثمن مجهول للمتبايعين حالة العقد، فيكون باطلا.

____________________

(١) المبسوط: ج ٢ فصل في بيع الغرر ص ١٥٩ س ٥ قال: ونهي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أن قال: فان هذا لا يجوز لان الثمن غير معين الخ و

(٢) الكافي: في عقد البيع ص ٣٥٧ س ٩ قال: وتعلق البيع بأجلين إلى مدة كذا بكذا إلى أن قال: يقتضي فساده.

(٣) المراسم: ذكر اللبيع بالنسيئة ص ١٧٤ س ٨ قال: وما علق بأجلين إلى أن قال: وهو باطل ايضا لا ينعقد.

(٤) الوسيلة: فصل في بيان البيع بالنسيئة ص ٢٤١ س ٥ قال: وان باع بثمنين متفاوتين إلى أجلين مختلفين لم يصح الخ.

(٥) السرائر: باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٢٢٣ س ٢٥ قال: فان ذكر المتاع باجلين ونقدين إلى أن قال: والصحيح من المذهب ان هذا البيع باطل الخ.

(٦) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٧) المختلف: في النقد والنسيئة ص ١٨٣ س ٣٠ قال: بعد نقل قول ابن ادريس والمبسوط: وهو المعتمد.

(٨) عوالى اللثالى: ج ٣ باب التجارات ص ٢١٣ الحديث ٦٣ ولاحظ ما علق عليه.

٣٨٧

ولو زاد عن الثمن أو نقص، ففيه روايتان، أشبههما: الجواز، ولا يجب دفع الثمن قبل حلوله وإن طلب، ولو تبرع بالدفع لم يجب القبض، ولو حل فدفع وجب القبض، ولو امتنع البايع فهلك من غير تفريط من الباذل، تلف من البايع، وكذا في طرف البايع لو باع سلما، ومن ابتاع بأجل وباع مرابحة فليخبر المشتري بالاجل.

قال طاب ثراه: ولو زاد عن الثمن أو نقص ففيه روايتان أشهرهما الجواز.

أقول: منع الشيخ في النهاية من أخذه إلا مع المساواة(١) وأجازه ابن ادريس(٢) واختاره المصنف(٣) والعلامة وحكاه عن والده أبي المظفر(٤) .

احتج الشيخ بمارواه خالد بن الحجاج قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن رجل بعته طعاما بتأخير إلى أجل مسمى فلما جاء الاجل أخذته بدراهمي، فقال: ليس عندي دراهم، ولكن عندي طعام فاشتره مني، فقال: لا تشتره، فإنه لاخير فيه(٥) وليس فيه دلالة على المطلوب، لانه نهاه عن الشراء مطلقا، وكما تتناول الازيد والانقص، تتناول المثل.

احتج المجوزون بالاصل، وبعموم قوله تعالى " أحل الله البيع "(٦) وبرواية عبيد بن زرارة قا: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن رجل باع طعاما بدراهم إلى أجل،

____________________

(١) النهاية: باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٣٨٨ س ٤ قال: ومتى باع الشئ بأجل إلى أن قال: جاز له أن يأخذ منه من غير نقصان.

(٢) السرائر: باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٢٢٣ س ٢٩ قال: ومن باع شيئا بأجل إلى أن قال: جاز له أن يأحذ منه ما كان باعه اياه بزيادة مما كان باعه اياه.

(٣) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٤) المختلف: في النقد والنسيئة ص ١٨٤ س ١٣ قال: بعد نقل قول ابن ادريس: وهو اختيار والديرحمه‌الله وهو الاقرب.

(٥) التهذيب: ج ٧(٣) باب بيع المضمون ص ٣٣ الحديث ٢٥.

(٦) البقرة: ٢٧٥.

٣٨٨

ولو لم يخبره، كان للمشتري ألرد أو الامساك بالثمن حالا، وفي رواية: للمشتري من الاجل مثله.فلما بلغ الاجل تقاضاه، فقال: ليس عندي دراهم خذمني طعاما، قال: لا بأس به، إنما له دراهمه يأخذ ماشاء(١) .

قال طاب ثراه: ولو لم يخبره كان للمشتري الرد، او الامساك بالثمن، وفي رواية للمشتري من الاجل مثله.

أقول: لما كان للاجل قسط من الثمن في نظر المعاملة، وجب على البايع إخبار المشتري بالاجل مع الثمن، ولو لم يخبره كان مدلسا، وثبت للمشتري الخيار للتدليس بين الفسخ أو الرضا بكل الثمن، وهو قول الشيخ في كتابي الفروع(٢) وبه قال ابن ادريس(٣) والمصنف(٤) والعلامة.(٥) وقال في النهاية: له من الاجل مثل ماله(٦) وبه قال القاضي(٧) وابن حمزة(٨) وهو ظاهر أبي علي(٩) .

____________________

(١) التهذيب: ج ٧(٣) باب بيع المضمون ص ٣٣ الحديث ٢٤.

(٢) المبسوط: ج ٢ فصل في بيع المرابحة ص ١٤٢ س ١٤ قال: اذا اشترى سلعة إلى سنة بالف ثم باعها مرابحة في الحال الخ.وفي الخلاف: كتاب البيوع مسألة ٢٢٤ قال: اذ اشترى سعة بمائة إلى سند ثم باعها مرابحة وأخبر أن ثمنها مائة الخ.

(٣) السرائر: باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٢٢٤ س ١٩ قال: ومن اشترى شيئا بنسيئة فال يبيعه مرابحة إلى أن قال: والاولى عندي أن يكون المشتري بالخيار بين رده وامساكه بالثمن من غير أن يكون له من الاجل ماله الخ.

(٤) لا حظ عبارة المختصر النافع

(٥) المختلف: في المرابحة والمواضعة ص ١٩١ س ٦ قال: بعد نقل قول ابن ادريس، وهو الاقرب.

(٦) النهاية: باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٣٨٩ س ١٤ قال: ومن اشترى شيئا بنسيئة إلى أن قال: كان للمبتاع من الاجل مثل ماله.

(٧) و(٨) و(٩) المختلف: في المرابحة والمواضعة ص ١٩١ س ٢ ال: مسألة اذا اشتراه بالنسية ثم باعه مرابحة إلى أن قال: وبه ابن البراج وابن حمزة وهو الظاهر من كلام ابن الجنيد.

٣٨٩

مسألتان

الاولى: إذا باع مرابحة فلينسب الربح إلى السلعة، ولو نسبه إلى المال فقولان: أصحبهما الكراهية.

احتج الاولون.بان العقد وقع على قدر معين من الثمن حالا، فكان له ما عقد عليه، وكتمان الاجل تدليس يوجب تخيير المشتري بين الفسخ والامضاء معجلا بجميع الثمن.احتج الشيخ بحسنه هشام بن الحكم عن الصادقعليه‌السلام في الرجل يشتري المتاع إلى أجل، فقال: ليس له أن يبيعه مرابحة إلا إلى الاجل الذي اشتراه اليه، فإن باعه مرابحة ولم يخبره كان للذي اشتراه من الاجل مثل ماله(١) .

قال طاب ثراه: اذا باع مرابحة فلينسب الربح إلى السلعة، ولو نسبه إلى المال فقولان: أصحهما الكراهية.

أقول: منع الشيخ في النهاية من نسبة الربح إلى المال(٢) وكذا قال المفيد(٣) والتقي(٤) والقاضي(٥) وقال سلار: لايصح البيع(٦) وكرهه في المبسوط(٧)

____________________

(١) التهذيب: ج ٧(٤) باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٤٧ الحديث ٣.

(٢) النهاية: باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٣٨٩ س ١٥ قال: ولا يجوز ان يبيع الانسان متاعا مرابحة بالنسبة إلى أصل المال بأن يقول: أبيعك هذا المتاع بربح عشرة واحدا أو اثنين الخ.

(٣) المقنعة: باب البيع المرابحة ص ٩٤ س ٩ قال: ولا يجوز أن يبيع الانسان شيئا مرابحة مذكورة بالنسيئة إلى اصل: المال الخ.

(٤) الكافي: فصل في عقد البيع ص ٣٥٩ س ٧ قال: ولا يجوز بيع المرابحة بالنسيئة إلى الثمن الخ.

(٥) المختلف: في المرابحة والمواضعة ص ١٩٠ س ٢٣ قال: وقال ابن البراج: ولا يجوز في بيع لمرابحة حمل الربح على المال الخ.

(٦) المراسم: ذكر بيع المرابحة ص ١٧٥ قال: وهو أن يقول: ابيعك هذا بربح العشرة واحدا أو أكثر بالنسيئة: وهو لا يصح.

(٧) المبسوط: ج ٢ ص ١٤١ فصل في المرابحة، قال: يكره بيع المرابحة بالنسبة إلى أصل المال وليس بحرام، مثل أن يقول: الخ.

٣٩٠

والخلاف(١) وبه قال ابن ادريس(٢) والمصنف(٣) والعلامة(٤) .

احتج المانعون: بالاحتياط، وبصحيحتي محمد وعبيد الحلبيين عن الصادقعليه‌السلام قال: قدم لابيعليه‌السلام متاع من مصر فصنع طعاما ودعاله التجار فقالوا: نأخذ منك ب‍ " ده دوازده "، فقال لهم أبيعليه‌السلام : وكم يكون ذلك؟ فقال: في كل عشرة آلاف ألفين، فقال: إني أبيعكم هذا المتاع باثنى عشر ألفا(٥) (٦) ولما فيه من تطرق الجهالة. والجواب عن الخبر أنه غير مانع من الجواز في صورة النزاع.

وعن الثاني بمنع الجهالة مع الاخبار برأس المال أو، ونحن نتكلم على تقديره، نعم لو لم يخبر برأس المال أولا بطل البيع قولا واحدا.واحتج المسوغون بمارواه العلا في الصحيح قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام :

____________________

(١) الخلاف: كتاب البيوع، مسألة ٢٢٣ قال: يكره بيع المرابحة الخ.

(٢) السرائر: باب البيع بالنقد والنسيئة والمرابحة ص ٢٢٤ س ٢٥ قال: محمد بن ادريس الذي يقوى عندي أن بيع المرابحة مكروه الخ.

(٣) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٤) المختلف: في المرابحة والمواضعة ص ١٩٠ س ٢٥ قال: بعد نقل قول الخلاف والسرائر: وهو المعتمد.

(٥) التهذيب: ج ٧(٤) باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٥٤ الحديث ٣٤ " نكتة لطيفة "

(٦) في كنز العمال: ج ٤ ص ١٧٢ الحديث ١٠٠٢٣ قال: عن ابن عباس انه كان يكره (ده به يازده) وقال: ذاك بيع الاعاجم.

وفي هامش ما لفظه: لدى رجوعي لمعاجم اللغة العربية لم احصل على المعنى الواضح، ولدى الرجوع للمعجم الفارسى تأليف الدكتور محمد التونجي: ده ده: ذهب وفضة كاملا العيار.

٣٩١

الثانية: من اشتري أمتعة صفقة، لم يجز بيع بعضها مرابحة، سواء قومها أو بسط الثمن عليها وباع خيارها، ولو أخبر بذلك جاز لكن يخرج عن وضع المرابحة، ولو قوم على الدلال متاعا ولم يواجبه البيع وجعل له الزائد، أو شاركه فيه، أو جعل لنفسه منه قسطا وللدلال الزائد، لم يجز بيع ذلك مرابحة، ويجوز لو أخبره بالصورة كما قلناه في الاول، ويكون للدلال الاجرة والفائدة للتاجر، سواء كان التاجر دعاه، أو الدلال ابتدأه، ومن الاصحاب من فرق.الرجل يريد أن يبيع المبيع، فيقول: أبيعك به ده دوازده، أوده يازده، فقال: لا بأس، انما هذه المراوضة، فاذا جمع البيع جعله جملة واحدة(١) وفي الصحيح عن محمد قال: قال ابوعبداللهعليه‌السلام : انى أكره بيع عشرة بإحدى عشرة وعشر بإثنى عشرة ونحو ذلك من البيع، ولكنى أبيعك بكذ وكذا مساومة، قال: وأتاني متاع من مصر فكرهت أن أبيعه كذلك وعظم علي، فبعته مساومة(٢) وعن جراح المدائنى قال: قال ابوعبداللهعليه‌السلام : اني لاكره بيع ده يازده وده دوازده، ولكن ابيعك بكذا وكذا(٣) .

قال طاب ثراه: ولو قدم على الدلال متاعا ولم يواجبه البيع وجعل له الزائد، أو شاركه فيه، أو جعل لنفسه منه قسطا وللدلال الزائد، لم يجز بيع ذلك مرابحة، ويجوز لو أخبره بالصورة كما قلناه في الاول ويكون للدلال الاجرة، والفائدة للتاجر، سواء كان التاجر دعاه أو الدلال ابتدأه، ومن الاصحاب من فرق.

أقول: الفارق من الاصحاب، الشيخان، فانهما أثبتا للدلال مازاد على ما شرطه

____________________

(١) التهذيب: ج(٤) باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٥٤ الحديث ٣٥.

(٢) الفروع: ج ٥، كتاب المعيشة، باب بيع المرابحة ص ١٩٧ الحديث ٤.

(٣) الفروع: ج ٥، كتاب المعيشة، باب المرابحة ص ١٩٧ الحديث ٣.

٣٩٢

عليه في صورة ابتداء التاجر له، وان لم يزد لم يكن له شئ، وجعلا له أجرة المثل اذا كان الواسطة هو الملتمس لذلك من البايع(١) (٢) تبعهما القاضي(٣) والمستند صحيحة محمد بن مسلم عن الصادقعليه‌السلام انه قال في رجل قال لرجل: بع ثوبي هذا بعشرة دراهم فما فضل فهو لك، قال: ليس به بأس(٤) وصحيحة زرارة عنهعليه‌السلام قال: قلت له: رجل يعطى المتاع فيقول: ما ازددت على كذا وكذا فهو لك، فقال: لا بأس(٥) ومال اليه العلامة في المختلف(٦) للاحاديث الصحيحة، وحمل قول الشيخ على الجعالة على التقدير الاول، وهو ما اذا قال التاجر للدلال بكذا، فما ازددت فهو لك، لكن يبقى الاشكال في الجعالة اذا تضمنت مجهولا، قال: ويحتمل أن نقول هنا بالصحة، لانا انما منعنا جهالة مال الجعالة لاذائه إلى التنازع، فهو منتف هنا، اذ الواسطة ان زاد في الثمن مهمازاد كانت الزيادة له، والا فلا شئ له، لانهما تراضيا على ذلك، بخلاف الجعالة المجهولة المؤدية إلى التنازع، وهذا القول لا بأس به، عملا بالاحاديث الصحيحة، أما الصورة الثانية فلانه لا جعالة هناك ولا بيع، فلهذا أوجبنا على التاجر اجرة المثل.وهذا آخر كلامه

____________________

(١) المقنعة: باب بيع المرابحة ص ٩٤ س ١١ قال: واذا قوم التاجر على الواسطة المتاع الخ.

(٢) النهاية: باب البيع بالنقد و النسيئة ص ٣٨٩ س ١٩ قال: واذا قوم التاجر متاعا على الواسطة الخ.

(٣) المختلف: في المرابحة والمواضعة ص ١٩١ س ٢٣ قال: بعد نقل قول المفيد: ونحوه قا ل: في النهاية وابن البراج.

(٤) الفروع: ج ٥ كتاب المعيشة، باب بيع المتاع وشرائه ص ١٩٥ الحديث ٢.

(٥) التهذيب: ج ٧(٤) باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٥٤ الحديث ٣٢.

(٦) المختلف: في المرابحة والمواضعة ص ١٩١ س ٣٠ قال: والشيخ عول على ما رواه محمد بن مسلم وفي الصحيح عن زرارة الخ.

٣٩٣

الثاني: فيما يدخل في المبيع

من باع أرضا لم يدخل نخلها ولا شجرها الا أن يشترط.وفي رواية: اذا ابتاع الارض بحدودها وما أغلق عليه بابها، فله جميع ما فيها.واذا ابتاع دارا.دخل الاعلى والاسفل إلا أن تشهد العادة للاعلى بالانفراد.طاب ثراه.وقال ابن ادريس: للتاجر الزيادة في الصورتين وأوجب للدلال اجرة المثل، سواء باع بزايد أو برأس المال، ولو باع بناقص كان البيع باطلا(١) واختاره المصنف(٢) والعلامة في القواعد(٣) .

فرع: لوتلف المتاع في يد الدلال

لوتلف المتاع في يد الدلال لم يضمنه عند المفيد(٤) وضمنه عند ابن ادريس(٥) قال طاب ثراه: من باع أرضا لم يدخل نخلها ولا شجرها إلا أن يشترط. وفي رواية ابتاع الارض بحدودها وما أغلق عليه بابها، فله جميع ما فيها.

____________________

(١) السرائر: باب البيع بالنقد والنسيئة والمرابحة ص ٢٢٥ س ١١ قال: شيخنا ابوجعفر في نهايته إلى آخر ما اعترضه وما اختاره فلا حظ.

(٢) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٣) القواعد: كتاب المتاجر، في المرابحة وتوابعها ص ١٣٩ س ١٦ قال: ولا يخبر الدلال بالشراء عن تقويم التاجر مجردا عن البيع سواء ابتدأه أولا.

(٤) المقنعة: باب بيع المرابحة ص ٩٤ س ١٣ قال: ولو هلك المتاع في يد الواسط من غير تفريط منه فيه كان من مال التاجر ولم يكن على الواسطة فيه ضمان.

(٥) السرائر: باب البيع بالنقد والنسيئة والمرابحة ص ٢٢٥ س ١٦ قال: فان تلف المبيع كان الواسطة ضامنا.

٣٩٤

أقول: اذا ابتاع الارض بحقوقها قال الشيخ في كتابي الخلاف(١) يدخل البناء والشجر، وإن لم يقل بحقوقها لم يدخل(٢) (٣) وتبعه القاضي(٤) وابن حمزة(٥) وهو ظاهر ابن ادريس(٦) وقال المصنف(٧) والعلامة بعدم الدخول الا أن يقول: بعتكها وما فيها وما اغلق عليه بابها(٨) لاصالة عدم الدخول وبقاء الملك على البايع.والرواية اشار إلى ما كتبه محمد بن الحسن الصفار إلى أبي محمد العسكريعليه‌السلام في رجل اشترى أرضا بحدودها الاربعة وفيها الزرع والنخل وغيرهما من الشجر، ولم يذكر النخل ولا الزرع ولا الشجر في كتابه، وذكر فيه: انه اشتراها بجميع حقوقها الداخلة فيها والخارجة عنها، أيدخل النخل والاشجار والزرع في حقوق الارض أم لا؟ فوقععليه‌السلام اذا ابتاع الارض بحدودها وما أغلق عليه

____________________

(١) هكذا في النسخ المخطوطة والمراد كتاب الخلاف والمبسوط كما انه قد يعبر عنها بكتابي الفروع، والمناسبة واضحة.

(٢) المبسوط: ج ٢ في أحكام العقود ص ١٠٥ س ٥ قال: وان قال: بحقوقها دخل البناء والشجر في البيع الخ.

(٣) الخلاف: كتاب البيوع مسألة ١٣٢ قال: اذا قال: بعتك هذه الارض ولم يل بحقوقها وفيها بناء وشجر الخ.

(٤) المختلف: فيما يدخل في المبيع ص ١١٣ س قال: بعد نقل قول الشيخ: وتبعه ابن البراج.

(٥) الوسيلة: في بيان بيع الاعيان المرثية ص ٢٤٠ س ١١ قال: وان كان المبيع بستانا أو أرضا فيها بناء أو شجر الخ.

(٦) السرائر: باب بيع المياه، ص ٢٤٨ س ٣١ قال: بعد نقل حديث الصفار، قولهعليه‌السلام (وما اغلق عليها بابه) يريد بذلك جميع حقوقها.

(٧) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٨) المختلف: فيما يدخل في المبيع ص ١١٣ س ٣٩ قال: والمعتمد أن نقول: لا يدخلان الا أن يقول: بعتك الارض وما فيها أو ما أغلق عليه بابها.

٣٩٥

ولو باع نخلا مؤبرا، فالثمرة للبايع، الا أن يشترط وكذا لو باع شجرة مثمرة، أو دابة حاملا على الاظهر ولو لم تؤبر النخلة فالطلع للمشتري.بابها، فله جميع ما فيها ان شاء الله(١) قال ابن ادريس: قولهعليه‌السلام : " وما اغلق عليه بابها " يريد بذلك جميع حقوقها، فالجواب مطابق للسؤال(٢) قال العلامة: ونحن نمنع هذا التفسير ونقول بموجب الحديث، فانه اذا اشتراها بما أغلق عليها بابها، دخل الجميع بلا خلاف، ولعل الامامعليه‌السلام أشار إلى الجواز بطريق المفهوم، وهو عدم الدخول، فانهعليه‌السلام علق الدخول بقوله: " وما اغلق عليه بابها " ويفهم من ذلك عدم الدخول عند عدمه(٣) وما أحسن هذا التأويل.

قال طاب ثراه: وكذا لو باع شجرة مثمرة أو دابة حاملا على الاظهر.

أقول: أما الشجر فلا خلاف في عدم دخول الثمرة فيها، إلا أن يكون نخلة بشرطين: إنتقالها بعقد البيع قبل التأبير، فلو أبرت، أو انتقلت بصلح أو إجارة أو صداق لم يدخل.وأما الدابة الحامل والجارية، فهل يدخل حملها؟ فيه ثلاثة أقوال:

(أ) نعم، يدخل، ولو استثنى البايع لم يجز، لانه بمنزلة عضو من اعضائها، وكما لا يجوز استثناء عضو فكذا لا يجوز إستثناؤه، وهو قول الشيخ في المبسوط(٤) وتبعه القاضي في المهذب(٥) والجواهر(٦)

____________________

(١) التهذيب: ج ٧(٩) باب الغرر والمجازفة ص ١٣٨ الحديث ٨٤.

(٢) تقدم آنفا.

(٣) المختلف: فيما يدخل في المبيع ص ١١٤ س ٥ قال: نحن نمنع هذا التفسير الخ.

(٤) المبسوط: ج ٢ فصل في بيع الغرر ص ١٥٦ س ١٢ قال: وان باع بهيمة أو جارية حاملا واستثنى حملها النفسه لم يجز لان الحمل يجرى مجرى عضو من أعضائها.

(٥) المختلف: في بيع الحيوان ص ٢٠١ س ٢٥ قال: بعد نقل قول المبسوط: وتابعه ابن البراج في لمهذب.

(٦) الجوامع الفقهيه، جواهر الفقه: ص ٤٨٤ س ٥ قال: مسألة هل يجوز أن يبيع جارية أو بهيمة حاملة ثم يستثنى الحمل لنفسه أم لا؟ الجواب لا يجوز لان الحمل يجري مجرى عضو من أعضائها الخ.

٣٩٦

ونمنع مساواته للجزء، فإن الحمل يصح الوصية به وله ويرث، ويصح الاقرار له وبه، ولا يثبت واحد من هذه للجزء.

(ب) الدخول ويجوز للبايع إستثناؤه، ويكون له، وهو قول ابن حمزة(١) .

(ج) عدم الدخول إلا أن يشترط المشتري دخوله، فيدخل، وهو قول الشيخ في النهاية(٢) وبه قال المفيد(٣) وتلميذه(٤) والتقي(٥) والقاضي في الكامل(٦) وابن ادريس(٧) واختاره المصنف(٨) والعلامة(٩) .

وقال ابوعلي: يجوز أن يستثنى الجنين في بطن أمه من آدمي وحيوان(١٠) وهو يشعر بدخوله مع عدم الشرط كما هو مذهب ابن حمزة.

____________________

(١) الوسيلة: فصل في بيع الحيوان ص ٢٤٨ س ٩ قال: والاناث من الادمي والنعم اذا كانت حوامل وبيعت مطلقا كان الولد للمبتاع الا شرط البايع

(٢) النهاية: باب ابتياع الحيوان ص ٤٠٩ س ٧ قال: كان ما بطنة للبايع.

(٣) النمقنعة: باب إبتياع الحيوانات ص ٩٣ س ٢ قال: ومن ابتاع أمة حاملا فولدها للبايع الا أن يشترط الخ.

(٤) المراسم: ذكر الشرط الخاص في البيع ص ١٧٦ س ١١ قال: ولا حامل من الاماء اذا بيع إلى أن قال: وان لم يشترط فهو للبايع.

(٥) الكافي فصل في عقد البيع ص ٣٦٥ س ١٢ قال: ومن ابتاع أمة حاملا أو حيوانا حاملا فحمله خارج عن المبيع.

(٦) لم أظفر عليه.

(٧) السرائر: باب ابتياع الحيوان ص ٢٣٨ س ١٨ قال: وكل من اشتري شيئا من الحيوان وكان حاملا إلى أن قال: كان مافي بطنة للبايع الخ.

(٨) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٩) و(١٠) المختلف: في بيع الحيوان ص ٢٠١ س ٢٧ قال: لنا أن البيع تعلق بالام فلا يتناول الحمل وقال: ايضا قبل ذلك بسطرين: وقال: ابن الجنيد: يجوز أن يستثنى الجنين في بطن أمة الخ.

٣٩٧

الثالث: في القبض

اطلاق العقد يقتضي تسليم المبيع والثمن.والقبض هو التخلية فيما لا ينقل كالعقار، وكذا فيما ينقل، وقيل: في القماش هو الامساك باليد، وفي الحيوان هو نقله.

قال طاب ثراه: والقبض هو التخلية فيما لا ينقل كالعقار، وكذا فيما ينقل، وقيل: في القماش الامساك باليد، وفي الحيوان هو نقله.

أقول: التفصيل هو المشهور بين الاصحاب، وذكره الشيخ في المبسوط(١) وتبعه القاضي(٢) وابن حمزة(٣) وهو مذهب العلامة في كتبه(٤) .

وقيل: هو التخلية مطلقا، واختاره المصنف(٥) والاول هو الوجه، لاشتهاره بين الاصحاب، ولانه المتعارف بين الناس، وعادة الشرع رد الناس إلى ما يتعارفونه فيما لا ينص على مقصوده باللفظ، كالاحياء فلهذا رده الفقهاء إلى العرف.ويؤيد ذلك صحيحة معاوية بن وهب قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن الرجل يبيع المبيع قبل أن يقبضه، فقال: مالم يكن كيل أو وزن فلا تبع حتى تكيله

____________________

(١) المبسوط: ج ٢، فصل في حكم بيع مالم يبقض، ص ١٢٠ س ٢ قال: وكيفية القبض، ينظر في البيع الخ.

(٢) المهذب: ج ١ ص ٣٨٥ باب بيع مالم يقبض س ١٩ قال: واما بيان كيفية القبض، فهوان كان الخ

(٣) الوسيلة: فصل في بيان بيع مالم يقبض وبيان حكم القبض ص ٢٥٢ س ١١ قال: والقبض يختلف الخ.

(٤) المختلف: في القبض ص ١١٥ س ٢ قال: والاقرب ان المبيع إن كان منقولا، فالقبض فيه هو النقل، وان كان الخ.وفي القواعد، في التسليم وفزه مطلبان، الاول في حقيقته، وهو التخلية مطلقا على رأي وفيما ينقل ولا يحول الخ.وفي التذكرة: ج ١ في القبض ص ٤٧٢ س ٢٣ قال: الاول ماهية القبض، قال الشيخ: القبض الخ.

(٥) لا حظ عبارة المختصر النافع.

٣٩٨

ويجب تسليم المبيع مفرغا.فلو كان فيه متاع فعلى البايع ازالته، ولا بأس ببيع مالم يقبض، ويكره فيما يكال أو يوزن وتتأكد الكراهية في الطعام وقيل: يحر م وفي رواية: لا تبيعه حتى تقبضه إلا أن توليه ولو قبض المكيل وادعى نقصانه، فان حضر الاعتبار فالقول قول البايع مع يمينه، وان لم يحضره فالقول قوله مع يمينه، وكذا القول في الموزون والمعدود والمذروع.أو تزنه إلا أن يوليه الذي قام عليه(١) فجعلعليه‌السلام الكيل والوزن هوالقبض، للاجماع على تسويغ بيع الطعام بعد قبضه.ومثلها رواية عقبة بن خالد عن الصادقعليه‌السلام في رجل إشترى متاعا من آخر وأوجبه غيرأنه ترك المتاع عنده ولم يقبضه وقال: آتيك غدا ان شاء الله تعالى، فسرق المتاع، من مال من هو؟ قال: يكون من صاحب المتاع الذي هو في بيته حتى يقبض المتاع ويخرجه من بيته، فاذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه حتى يرد ماله اليه(٢) فجعلعليه‌السلام النقل هو القبض، لتعليله زوال الضمان به، ولا خلاف انه معلل بالقبض.

قال طاب ثراه: وتتأكد الكراهية في الطعام، وفي رواية: لا تبعه حتى تقبضه الا أن توليه.

أقول: هنا ثلاثة أقوال:

(أ) لا يجوز بيع ما لم يقبض اذا كان طعاما ويجوز غيره، قاله في المبسوط: وادعى عليه الاجماع،(٣) وبه قال الصدوق(٤) والقاضي في المهذب(٥) .

____________________

(١) التهذيب: ج ٧(٣) باب بيع المضمون ص ٣٥ الحديث ٣٤.

(٢) الفروع: ج ٥، كتاب المعيشة، باب الشرط والخيار في البيع ص ١٧١ س ١٢.

(٣) المبسوط: ج ٢ فصل، في حكم ما لم يقبض ص ١١٩ س ٢٣ قال: فان كان طعاما لم يجز بيعه حتى يقبضه اجماعا.

(٤) المقنع: باب المكاسب والتجارات ص ١٢٣ س ٧ قال: ولا يجوز أن تشتري الطعام ثم تبيعه قبل أن تكتاله.

(٥) المهذب: ج ١ باب مالم يقبض ص ٣٨٥ س ١٧ قال: من اشترى طعاما واراد بيعه قبل القبض لم يجز ذلك.

٣٩٩

الرابع: في الشروط

ويصح منمها ما كان سائغا داخلا تحت القدرة، كقصارة الثوب.ولا يجوز اشتراط غير المقدور كبيع الزرع على أن يصيره سنبلا، ولابأس

(ب) لا يجوز إذا كان مكيلا أوموزونا، طعاما كان أو غيره، ويجوز فيما عداه كالثياب والارضين وهو قول الحسن بن أبي عقيل(١) .

(ج) يجوز مطلقا ويكون قبض المبتاع الثاني له نائبا عن قبض الاول، ويكره فيما يكال أو يوزن قبل قبضه إياه، وهو قول المفيد(٢) والشيخ في النهاية(٣) والقاضي في الكامل(٤) واستند الكل إلى الروايات(٥) .وهنا وجه رابع، وهو المنع من بيع الطعام قبل القبض إذا كان بربح ويجوز تولية، وهو رواية علي بن جعفر عن أخيه موسىعليه‌السلام : قال: سألته عن رجل يشتري الطعام، أيصلح بيعه قبل أن يقبضه؟ قال: اذا ربح لم يصلح حتى يقبض، وإن كان تولية فلا بأس(٦) .

____________________

(١) المختلف: في القبض وحكمه ص ١١٥ س ١٥ قال: ابن أبي عقيل: كل من اشترى شيئا.

مما يكال أو يوزن فباعه قبل الخ.

(٢) المقنعة: باب البيع ص ٩٢ س ٩ قال: ولا بأس بيع ما استوجبه المبتاع قبل قبضه اياه ويكون قبض الخ.

(٣) النهاية: باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٣٩١ س ٧ قال: واذا اشترى الانسان متاعا جاز له أن يبيعه في الحال وإن لم يقبضه، ويكون قبض المبتاع الثاني قبضا له الخ.

(٤) المختلف: في القبض وحكمه ص ١١٥ س ١٨ قال: واختار ابن البراج إلى قوله: وفي الكامل قوله في النهاية.

(٥) لاحظ الوسائل: ج ١٢ كتاب التجارة ص ٣٨٧ الباب ١٦ من أبواب أحكام العقود.

(٦) الوسائل: ج ١٢ كتاب التجارة ص ٣٨٩ الباب ١٦ من أبواب أحكام العقود: الحديث ٩.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579