المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٢

المهذب البارع في شرح المختصر النافع10%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 579

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 579 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 117345 / تحميل: 7179
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

رجل اشترى متاعا من رجل وأوجبه، غير انه تر ك المتاع عنده ولم يقبضه قال: آتيك غدا إن شاء الله، فسرق المتاع، من مال من يكون؟ قال: من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته حتى يقبض المتاع ويخرجه من بيته، فاذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه حتى يرد إليه ماله(١) وهو اختيار القاضي(٢) والتقي(٣) وسلار(٤) وابن ادريس(٥) واختاره المصنف(٦) .

(ج) أنه من ضمان البايع، إلا أن يكون البايع عرض التسليم على المبتاع ولم يتسلمه فيكون التلف من المبتاع حينئذ، قاله ابن حمزة(٧) .

تنبيه

واعلم أن لهذا الخيار الذي ذكرنا أحكامه، شروطا:

____________________

(١) الفروع: ج ٥ كتاب المعيشة باب الشرط والخيار في البيع ص ١٧١ الحديث ١٢.

(٢) المهذب: ج ١ في خيار الغبن ص ٣٦١ س ١١ قال: وروى أصحابنا إلى أن قال: فان لم يأت به في ذلك بطل البيع.

(٣) الكافي: فصل في عقد البيع، ص ٣٥٣ س ٩ قال: فان لم يعين وقتا إلى أن قال: فان هلك المبيع في مدة الثلاثة الايام فهو من مال المبتاع وبعدهن من مال البايع الخ.ولا يخفي ان الظاهر ان هذه العبارة خلاف مقصود المصنف، فتأمل.

(٤) المراسم: ذكر البيوع، ص ١٧٢ س ٤ قال: فان أخره إلى قال: وان هلك في الثلاثة فهو من مال المبتاع الخ.

(٥) السرائر: باب الشرط في العقود ص ٢٢١ س ١٢ قال: فاذا باع الانسان إلى أن قال بعد اسطر: والذي يقوى في نفسي ما ذهب اليه شيخنا أبوجعفر الخ.

(٦) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٧) الوسيلة: فصل في بيان بيع الاعيان المرثية ص ٢٣٩ س ١٢ قال: وان لم يتقابضا إلى أن قال: الا أن يكون عرض للتسليم ولم يتسلم المبتاع الخ.

٣٨١

(أ) أن يكون المبيع معينا فلا يطرد الحكم إلى ما يشترى في الذمة.

(ب) ان لا يحصل قبض لاحد العوضيين، فلو قبض أحدهما لم يطرد الحكم، ولو ظهر استحقاق المقبوض، فكلا قبض، أما المردود بالعيب، فالاقرب عدم الفسخ فيه، لحصول القبض في الجملة، وفسخ القبض أمر طارى.

(ج) أن يكون الثمن حالا، فلو كان الثمن مؤجلا فأخره بعد الحلول لم يطرد الحكم.

(د) لو قبض المبيع بطل الخيار، وللشيخ قول بجواز الفسخ للبايع مع تعذر قبض الثمن(١) وقواه الشهيد(٢) .

فروع (أ) لو قبضه المشتري ثم تلف، كأن تلف منه في الثلاثة وبعدها، لانتقال الضمان إليه بالقبض، وللشيخ قول: أنه من مال البايع اذا تلف بعد الثلاثة(٣) ، وهو نادر.

(ب) لم يفرق الاكثر بين الحيوان وغيره في مدة التربص، وقال الصدوق في المقنع: تمتد في الامة إلى شهر، فان جاء بالثمن، وإلا فلا بيع له(٤) .

____________________

(١) المبسوط: ج ٢ فصل في حكم بيع مالم يقبض ص ١٢٠ س ١٢ قال: فاذا كان الثمن حالا إلى أن قا ل: وكان للبايع مطالبته يرد المبيع إلى يده لان له حق الحبس الخ.

(٢) لم اعثر عليه.

(٣) المختلف: في الخيارات ص ١٧٣ س ١٢ قال: تذنيب، لو قبضه المشتري ثم تلف إلى أن قال: وان هلك بعدها فكلام الشيخ يشعر بانه من مال البايع الخ.

(٤) لم اعثر في المقنع، قال في المختلف: في الخيارات ص ١٧٣ س ١٨ قال: وقال الصدوق في المقنع اذا اشتري رجل من رجل جارية الخ.

٣٨٢

ولو اشترى ما يفسد ليومه، ففى رواية يلزم البيع إلى الليل، فان لم يأت بالثمن فلا بيع له.

السادس: خيار الرؤية.وهو يثبت في بيع الاعيان الحاضرة من غير مشاهدة، ولا يصح حتى بذكر الجنس والوصف، فإن كان موافقا لزم، وإلا كان للمشتري الرد، وكذا لو لم يره البايع واشترى بالوصف.كان الخيار للبايع لو كان بخلاف الصفة.وسيأتي خيار العيب إن شاء الله تعالى.

(ج) لوقبض الثمن أو قبض بعض المبيع كان الخيار للبايع ثابتا في الجميع.

(د) لو قبض المشتري السلعة لم يطرد الحكم، بشرط كون القبض بإذن البايع، ولو قبضها من غير إذنه لم يكن به إعتبار وكان كما لو لم يقبض.

(ه‍) لو أحضر المشتري الثمن بعد الثلاثة قبل فسخ البايع، قال العلامة: لم يجز له الفسخ، لزوال سببه(١) ويحتمل ثبوته لوجود المقتضي.

قال طاب ثراه: لو اشترى ما يفسد في يومه، ففي رواية يلزمه البيع إلى الليل، فان لم يأت بالثمن فلا بيع له.

أقول: الرواية إشارة إلى ما رواه محمد بن يعقوب مرفوعا إلى محمد بن أبي حمزة أو غيره عمن ذكره عن أبي عبداللهعليه‌السلام في الرجل يشتري الشئ الذي يفسد في يومه، ويتركه حتى يأتى بالثمن، فان جاء فيه فيما بينه وبين الليل بالثمن، والا فلا بيع له(٢) وعليها عمل الاصحاب، لكنها مرسلة، فلعله اشار اليها عن ترددها،

____________________

(١) التذكرة: ج ١ في خيار تأخير الثمن ص ٥٢٣ س ٢٩ قال: (ب) لو مضى ثلاثة أيام فما زاد ولم يفسخ البايع البيع واحضر المشترط الثمن ومكنه منه، سقط الخيار لزوال المقتضي لثبوته الخ.

(٢) الفروع: ج ٥ كتاب المعيشة باب الشرط والخيار في البيع ص ١٧٢ الحديث ١٥

٣٨٣

وأما الاحكام: فمسائل: الاولى: خيار المجلس يختص البيع دون غيره.

الثانية: التصرف يسقط خيار الشرط.

الثالثة: الخيار يورث، مشروطا كان أو لازما بالاصل.

الرابعة: المبيع يملك بالعقد، وقيل: به وبإنقضاء الخيار واذا كان الخيار للمشتري، جاز له التصرف، وإن لم يوجب البيع على نفسه.

الخامسة: اذا تلف المبيع قبل قبضه، فهو من مال البايع، وكذا بعد قبضه وقبل انقضاء خيار المشتري مالم يفرط، ولو تلف بعد ذلك كان من المشتري السادسة: لو اشترى ضيعة رأى بعضها ووصف له سائرها، كان له الخيار فيها أجمع إن لم يكن على الوصف.لضعفها بسبب الارسال، لكنها مؤيدة بعمل الاصحاب.واستقرب الشهيد إطراد الحكم في كلما يتسارع اليها الفساد عند خوف ذلك ولا يتقيد بالليل، ويكفي في الفساد نقص الوصف وقلة الرغبة كما في الخضراوات واللحم والرطب والعنب، وهل ينزل خوف فوات السوق منزلة الفساد؟ فيه نظر ينشأ من تطرق الضرر بنقص السعر، ومن إقتضاء العقد اللزوم والتفريط من البايع بترك اشتراط النقد(١) .

قال طاب ثراه: المبيع يملك بالعقد، وقيل: به وبانقضاء الخيار.

أقول: ظاهر الشيخ أن المشتري يملك ب إنقضاء الخيار، لا بنفس العقد(٢) وربما

____________________

(١) إلى هنا كلام الشهيد في الدروس، لا حظ كتا ب الخيار: ص ٣٦٢ س ١١ قال: وخامسها خيار ما يفسد المبيت الخ.

(٢) النهاية: باب الشرط في العقود، ص ٣٨٥ س ١٠ قال: فاذا باع فلا ينعقد البيع الا بعد أن يفترق البيعان الخ.

٣٨٤

الفصل الرابع: في لواحق البيع وهي خمسة: الاول: النقد والنسيئة

من ابتاع مطلقا، فالثمن حال، كما لو شرط تعجليه، ولو شرط التأجيل مع تعيين المدة صح، ولو لم يعين بطل.وكذا لو عين أجلا قطع بملكه بالعقد من إختصاصه بالخيار(١) وظاهر أبي علي توقف الملك على انقضاء الخيار(٢) والاكثر على انتقاله بنفس العقد انتقالا متزلزلا قابلا للفسخ في مدة الخيار، وهو مذهب المصنف(٣) والعلامة(٤) وفخر المحققين(٥) وظاهر كلام الشيخ في الخلاف كون انقضاء الخيار كاشفا(٦) .وتظهر فائدة الخلاف في مسائل:

(أ) في الشفعة، فعلى عدم الانتقال لايؤخذ إلا بعد الخيار، وعلى الانتقال يجوز من حين العقد.

(ب) جريانه في حول الزكاة لكان زكويا بعد الخيار على الاول، وبعد العقد على الثاني.

(ج) لو فسخ المشتري وقد حصل للمبيع نماء، كان للبايع على الاول وللمشتري على الثاني

____________________

(١) الخلاف: في الخيارات، قال: في مسألة ٢٩: وإن كان الخيار للمشتري وحده زال ملك البايع عن الملك بنفس العقد لكنه لم ينقل إلى المشتري حتي ينقضي الخيار فاذا انقضى ملك المشتري بالعقد الاول.

(٢) لم اعثر على فتواه

(٣) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٤) المختلف: في الخيار ص ١٧١ س ٣٧ قال: والحق ان الملك ينتقل إلى المشتري بنفس العقد انتقالا متزللا الخ.

(٥) ايضاح الفوائد: ج ١ كتاب المتاجر في أحكام الخيار ص ٤٤٨.

(٦) تقدم آنفا

٣٨٥

محتملا كقدوم الغزاة وكذا لو قال: بكذا نقدا، وبكذا نسيئة، وفي رواية، له أقل الثمنين نسيئة ولو كان إلى أجلين بطل، ويصح أن يبتاع ما باعه نسيئة قبل الاجل بزيادة ونقصان بجنس الثمن وغيره حالا ومؤجلا اذا لم يشترط ذلك.

قال طاب ثراه: وكذا لو قال: بكذا نقدا وبكذا نسيئة، وفي رواية: له أقل الثمنين نسيئة.

أقول: الرواية إشارة إلى مارواه السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائهعليهم‌السلام إن علياعليه‌السلام قضى في رجل باع بيعا وشرط شرطين، بالنقد كذا وبالنسيئة كذا، فأخذ المتاع على ذلك الشرط؟ فقال: هو بأقل الثمنين وأبعد الاجلين يقول: ليس له إلا أقل النقدين إلى الاجل الذي أجله بنسيئة(١) ، وبمضمونها قال المفيد(٢) والسيد(٣) .

والتحقيق أن للاصحاب هنا ثلاثة أقوال:

(أ) الصحة وله البيع بأقل الثمنين نسيئة، وهو قول المفيد والسيد.

(ب) بطلان البيع إلا أن يمضيه البيعان بعد العقد، فيكون للبايع أقل الثمنين في آخر الاجلين، وهو قول القاضي(٤) والشيخ في النهاية(٥) .

____________________

(١) التهذيب: ج ٧(٤) باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٥٣ الحديث ٣

(٢) المقنعة: باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٩٢ س ٤ قال: ولا يجوز بأجلين التخيير إلى أن قال: فان ابتاع انسان شيئا على هذا الشرط كان عليه أقل الثمنين في آخر الاجلين.

(٣) الجوامع الفقيه، الناصرية: المسألة الثانية والسبعون والمائة، ص ٢١٦ قال: وانما المكروه أن يبيع الشئ بثمنين، بقليل إن كان الثمن نقدا وباكثر منه نسيئة.

(٤) المختلف: في النقد والنسيئة ص ١٨٣ س ٢٧ قال: وقال ابن البراج: من باع شيئا باجلين إلى أن قال: كان للبايع أقل الثمنين في أبعد الاجلين.

(٥) النهاية: باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٣٨٧ س ١٩ قال: فإن ذكر المتاع بأجلين ونقدين، إلى أن قال: كان أقل الثمنين وأبعد الاجلين.

٣٨٦

ولو حل فابتاعه من المشتري بغير جنس الثمن، أو بجنسه من غير زيادة ولا نقصان، صح.

(ج) بطلان العقد من رأس، ولو قبض المبيع أو الثمن والحال هذه، لحقه أحكام البيع الفاسد وهو قول الشيخ في المبسوط(١) واختاره التقي(٢) وسلار(٣) وابن حمزة(٤) وابن ادريس(٥) والمصنف(٦) والعلامة(٧) .

واستدلوا بوجوه:

(أ) ماروي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنه نهى عن بيعتين في بيعة(٨) .

(ب) انه لم يحصل الجزم ببيع واحد، فكان باطلا، كما لو قال: بعتك هذا أو هذا.

(ج) أن المثمن مجهول للمتبايعين حالة العقد، فيكون باطلا.

____________________

(١) المبسوط: ج ٢ فصل في بيع الغرر ص ١٥٩ س ٥ قال: ونهي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أن قال: فان هذا لا يجوز لان الثمن غير معين الخ و

(٢) الكافي: في عقد البيع ص ٣٥٧ س ٩ قال: وتعلق البيع بأجلين إلى مدة كذا بكذا إلى أن قال: يقتضي فساده.

(٣) المراسم: ذكر اللبيع بالنسيئة ص ١٧٤ س ٨ قال: وما علق بأجلين إلى أن قال: وهو باطل ايضا لا ينعقد.

(٤) الوسيلة: فصل في بيان البيع بالنسيئة ص ٢٤١ س ٥ قال: وان باع بثمنين متفاوتين إلى أجلين مختلفين لم يصح الخ.

(٥) السرائر: باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٢٢٣ س ٢٥ قال: فان ذكر المتاع باجلين ونقدين إلى أن قال: والصحيح من المذهب ان هذا البيع باطل الخ.

(٦) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٧) المختلف: في النقد والنسيئة ص ١٨٣ س ٣٠ قال: بعد نقل قول ابن ادريس والمبسوط: وهو المعتمد.

(٨) عوالى اللثالى: ج ٣ باب التجارات ص ٢١٣ الحديث ٦٣ ولاحظ ما علق عليه.

٣٨٧

ولو زاد عن الثمن أو نقص، ففيه روايتان، أشبههما: الجواز، ولا يجب دفع الثمن قبل حلوله وإن طلب، ولو تبرع بالدفع لم يجب القبض، ولو حل فدفع وجب القبض، ولو امتنع البايع فهلك من غير تفريط من الباذل، تلف من البايع، وكذا في طرف البايع لو باع سلما، ومن ابتاع بأجل وباع مرابحة فليخبر المشتري بالاجل.

قال طاب ثراه: ولو زاد عن الثمن أو نقص ففيه روايتان أشهرهما الجواز.

أقول: منع الشيخ في النهاية من أخذه إلا مع المساواة(١) وأجازه ابن ادريس(٢) واختاره المصنف(٣) والعلامة وحكاه عن والده أبي المظفر(٤) .

احتج الشيخ بمارواه خالد بن الحجاج قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن رجل بعته طعاما بتأخير إلى أجل مسمى فلما جاء الاجل أخذته بدراهمي، فقال: ليس عندي دراهم، ولكن عندي طعام فاشتره مني، فقال: لا تشتره، فإنه لاخير فيه(٥) وليس فيه دلالة على المطلوب، لانه نهاه عن الشراء مطلقا، وكما تتناول الازيد والانقص، تتناول المثل.

احتج المجوزون بالاصل، وبعموم قوله تعالى " أحل الله البيع "(٦) وبرواية عبيد بن زرارة قا: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن رجل باع طعاما بدراهم إلى أجل،

____________________

(١) النهاية: باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٣٨٨ س ٤ قال: ومتى باع الشئ بأجل إلى أن قال: جاز له أن يأخذ منه من غير نقصان.

(٢) السرائر: باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٢٢٣ س ٢٩ قال: ومن باع شيئا بأجل إلى أن قال: جاز له أن يأحذ منه ما كان باعه اياه بزيادة مما كان باعه اياه.

(٣) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٤) المختلف: في النقد والنسيئة ص ١٨٤ س ١٣ قال: بعد نقل قول ابن ادريس: وهو اختيار والديرحمه‌الله وهو الاقرب.

(٥) التهذيب: ج ٧(٣) باب بيع المضمون ص ٣٣ الحديث ٢٥.

(٦) البقرة: ٢٧٥.

٣٨٨

ولو لم يخبره، كان للمشتري ألرد أو الامساك بالثمن حالا، وفي رواية: للمشتري من الاجل مثله.فلما بلغ الاجل تقاضاه، فقال: ليس عندي دراهم خذمني طعاما، قال: لا بأس به، إنما له دراهمه يأخذ ماشاء(١) .

قال طاب ثراه: ولو لم يخبره كان للمشتري الرد، او الامساك بالثمن، وفي رواية للمشتري من الاجل مثله.

أقول: لما كان للاجل قسط من الثمن في نظر المعاملة، وجب على البايع إخبار المشتري بالاجل مع الثمن، ولو لم يخبره كان مدلسا، وثبت للمشتري الخيار للتدليس بين الفسخ أو الرضا بكل الثمن، وهو قول الشيخ في كتابي الفروع(٢) وبه قال ابن ادريس(٣) والمصنف(٤) والعلامة.(٥) وقال في النهاية: له من الاجل مثل ماله(٦) وبه قال القاضي(٧) وابن حمزة(٨) وهو ظاهر أبي علي(٩) .

____________________

(١) التهذيب: ج ٧(٣) باب بيع المضمون ص ٣٣ الحديث ٢٤.

(٢) المبسوط: ج ٢ فصل في بيع المرابحة ص ١٤٢ س ١٤ قال: اذا اشترى سلعة إلى سنة بالف ثم باعها مرابحة في الحال الخ.وفي الخلاف: كتاب البيوع مسألة ٢٢٤ قال: اذ اشترى سعة بمائة إلى سند ثم باعها مرابحة وأخبر أن ثمنها مائة الخ.

(٣) السرائر: باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٢٢٤ س ١٩ قال: ومن اشترى شيئا بنسيئة فال يبيعه مرابحة إلى أن قال: والاولى عندي أن يكون المشتري بالخيار بين رده وامساكه بالثمن من غير أن يكون له من الاجل ماله الخ.

(٤) لا حظ عبارة المختصر النافع

(٥) المختلف: في المرابحة والمواضعة ص ١٩١ س ٦ قال: بعد نقل قول ابن ادريس، وهو الاقرب.

(٦) النهاية: باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٣٨٩ س ١٤ قال: ومن اشترى شيئا بنسيئة إلى أن قال: كان للمبتاع من الاجل مثل ماله.

(٧) و(٨) و(٩) المختلف: في المرابحة والمواضعة ص ١٩١ س ٢ ال: مسألة اذا اشتراه بالنسية ثم باعه مرابحة إلى أن قال: وبه ابن البراج وابن حمزة وهو الظاهر من كلام ابن الجنيد.

٣٨٩

مسألتان

الاولى: إذا باع مرابحة فلينسب الربح إلى السلعة، ولو نسبه إلى المال فقولان: أصحبهما الكراهية.

احتج الاولون.بان العقد وقع على قدر معين من الثمن حالا، فكان له ما عقد عليه، وكتمان الاجل تدليس يوجب تخيير المشتري بين الفسخ والامضاء معجلا بجميع الثمن.احتج الشيخ بحسنه هشام بن الحكم عن الصادقعليه‌السلام في الرجل يشتري المتاع إلى أجل، فقال: ليس له أن يبيعه مرابحة إلا إلى الاجل الذي اشتراه اليه، فإن باعه مرابحة ولم يخبره كان للذي اشتراه من الاجل مثل ماله(١) .

قال طاب ثراه: اذا باع مرابحة فلينسب الربح إلى السلعة، ولو نسبه إلى المال فقولان: أصحهما الكراهية.

أقول: منع الشيخ في النهاية من نسبة الربح إلى المال(٢) وكذا قال المفيد(٣) والتقي(٤) والقاضي(٥) وقال سلار: لايصح البيع(٦) وكرهه في المبسوط(٧)

____________________

(١) التهذيب: ج ٧(٤) باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٤٧ الحديث ٣.

(٢) النهاية: باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٣٨٩ س ١٥ قال: ولا يجوز ان يبيع الانسان متاعا مرابحة بالنسبة إلى أصل المال بأن يقول: أبيعك هذا المتاع بربح عشرة واحدا أو اثنين الخ.

(٣) المقنعة: باب البيع المرابحة ص ٩٤ س ٩ قال: ولا يجوز أن يبيع الانسان شيئا مرابحة مذكورة بالنسيئة إلى اصل: المال الخ.

(٤) الكافي: فصل في عقد البيع ص ٣٥٩ س ٧ قال: ولا يجوز بيع المرابحة بالنسيئة إلى الثمن الخ.

(٥) المختلف: في المرابحة والمواضعة ص ١٩٠ س ٢٣ قال: وقال ابن البراج: ولا يجوز في بيع لمرابحة حمل الربح على المال الخ.

(٦) المراسم: ذكر بيع المرابحة ص ١٧٥ قال: وهو أن يقول: ابيعك هذا بربح العشرة واحدا أو أكثر بالنسيئة: وهو لا يصح.

(٧) المبسوط: ج ٢ ص ١٤١ فصل في المرابحة، قال: يكره بيع المرابحة بالنسبة إلى أصل المال وليس بحرام، مثل أن يقول: الخ.

٣٩٠

والخلاف(١) وبه قال ابن ادريس(٢) والمصنف(٣) والعلامة(٤) .

احتج المانعون: بالاحتياط، وبصحيحتي محمد وعبيد الحلبيين عن الصادقعليه‌السلام قال: قدم لابيعليه‌السلام متاع من مصر فصنع طعاما ودعاله التجار فقالوا: نأخذ منك ب‍ " ده دوازده "، فقال لهم أبيعليه‌السلام : وكم يكون ذلك؟ فقال: في كل عشرة آلاف ألفين، فقال: إني أبيعكم هذا المتاع باثنى عشر ألفا(٥) (٦) ولما فيه من تطرق الجهالة. والجواب عن الخبر أنه غير مانع من الجواز في صورة النزاع.

وعن الثاني بمنع الجهالة مع الاخبار برأس المال أو، ونحن نتكلم على تقديره، نعم لو لم يخبر برأس المال أولا بطل البيع قولا واحدا.واحتج المسوغون بمارواه العلا في الصحيح قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام :

____________________

(١) الخلاف: كتاب البيوع، مسألة ٢٢٣ قال: يكره بيع المرابحة الخ.

(٢) السرائر: باب البيع بالنقد والنسيئة والمرابحة ص ٢٢٤ س ٢٥ قال: محمد بن ادريس الذي يقوى عندي أن بيع المرابحة مكروه الخ.

(٣) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٤) المختلف: في المرابحة والمواضعة ص ١٩٠ س ٢٥ قال: بعد نقل قول الخلاف والسرائر: وهو المعتمد.

(٥) التهذيب: ج ٧(٤) باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٥٤ الحديث ٣٤ " نكتة لطيفة "

(٦) في كنز العمال: ج ٤ ص ١٧٢ الحديث ١٠٠٢٣ قال: عن ابن عباس انه كان يكره (ده به يازده) وقال: ذاك بيع الاعاجم.

وفي هامش ما لفظه: لدى رجوعي لمعاجم اللغة العربية لم احصل على المعنى الواضح، ولدى الرجوع للمعجم الفارسى تأليف الدكتور محمد التونجي: ده ده: ذهب وفضة كاملا العيار.

٣٩١

الثانية: من اشتري أمتعة صفقة، لم يجز بيع بعضها مرابحة، سواء قومها أو بسط الثمن عليها وباع خيارها، ولو أخبر بذلك جاز لكن يخرج عن وضع المرابحة، ولو قوم على الدلال متاعا ولم يواجبه البيع وجعل له الزائد، أو شاركه فيه، أو جعل لنفسه منه قسطا وللدلال الزائد، لم يجز بيع ذلك مرابحة، ويجوز لو أخبره بالصورة كما قلناه في الاول، ويكون للدلال الاجرة والفائدة للتاجر، سواء كان التاجر دعاه، أو الدلال ابتدأه، ومن الاصحاب من فرق.الرجل يريد أن يبيع المبيع، فيقول: أبيعك به ده دوازده، أوده يازده، فقال: لا بأس، انما هذه المراوضة، فاذا جمع البيع جعله جملة واحدة(١) وفي الصحيح عن محمد قال: قال ابوعبداللهعليه‌السلام : انى أكره بيع عشرة بإحدى عشرة وعشر بإثنى عشرة ونحو ذلك من البيع، ولكنى أبيعك بكذ وكذا مساومة، قال: وأتاني متاع من مصر فكرهت أن أبيعه كذلك وعظم علي، فبعته مساومة(٢) وعن جراح المدائنى قال: قال ابوعبداللهعليه‌السلام : اني لاكره بيع ده يازده وده دوازده، ولكن ابيعك بكذا وكذا(٣) .

قال طاب ثراه: ولو قدم على الدلال متاعا ولم يواجبه البيع وجعل له الزائد، أو شاركه فيه، أو جعل لنفسه منه قسطا وللدلال الزائد، لم يجز بيع ذلك مرابحة، ويجوز لو أخبره بالصورة كما قلناه في الاول ويكون للدلال الاجرة، والفائدة للتاجر، سواء كان التاجر دعاه أو الدلال ابتدأه، ومن الاصحاب من فرق.

أقول: الفارق من الاصحاب، الشيخان، فانهما أثبتا للدلال مازاد على ما شرطه

____________________

(١) التهذيب: ج(٤) باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٥٤ الحديث ٣٥.

(٢) الفروع: ج ٥، كتاب المعيشة، باب بيع المرابحة ص ١٩٧ الحديث ٤.

(٣) الفروع: ج ٥، كتاب المعيشة، باب المرابحة ص ١٩٧ الحديث ٣.

٣٩٢

عليه في صورة ابتداء التاجر له، وان لم يزد لم يكن له شئ، وجعلا له أجرة المثل اذا كان الواسطة هو الملتمس لذلك من البايع(١) (٢) تبعهما القاضي(٣) والمستند صحيحة محمد بن مسلم عن الصادقعليه‌السلام انه قال في رجل قال لرجل: بع ثوبي هذا بعشرة دراهم فما فضل فهو لك، قال: ليس به بأس(٤) وصحيحة زرارة عنهعليه‌السلام قال: قلت له: رجل يعطى المتاع فيقول: ما ازددت على كذا وكذا فهو لك، فقال: لا بأس(٥) ومال اليه العلامة في المختلف(٦) للاحاديث الصحيحة، وحمل قول الشيخ على الجعالة على التقدير الاول، وهو ما اذا قال التاجر للدلال بكذا، فما ازددت فهو لك، لكن يبقى الاشكال في الجعالة اذا تضمنت مجهولا، قال: ويحتمل أن نقول هنا بالصحة، لانا انما منعنا جهالة مال الجعالة لاذائه إلى التنازع، فهو منتف هنا، اذ الواسطة ان زاد في الثمن مهمازاد كانت الزيادة له، والا فلا شئ له، لانهما تراضيا على ذلك، بخلاف الجعالة المجهولة المؤدية إلى التنازع، وهذا القول لا بأس به، عملا بالاحاديث الصحيحة، أما الصورة الثانية فلانه لا جعالة هناك ولا بيع، فلهذا أوجبنا على التاجر اجرة المثل.وهذا آخر كلامه

____________________

(١) المقنعة: باب بيع المرابحة ص ٩٤ س ١١ قال: واذا قوم التاجر على الواسطة المتاع الخ.

(٢) النهاية: باب البيع بالنقد و النسيئة ص ٣٨٩ س ١٩ قال: واذا قوم التاجر متاعا على الواسطة الخ.

(٣) المختلف: في المرابحة والمواضعة ص ١٩١ س ٢٣ قال: بعد نقل قول المفيد: ونحوه قا ل: في النهاية وابن البراج.

(٤) الفروع: ج ٥ كتاب المعيشة، باب بيع المتاع وشرائه ص ١٩٥ الحديث ٢.

(٥) التهذيب: ج ٧(٤) باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٥٤ الحديث ٣٢.

(٦) المختلف: في المرابحة والمواضعة ص ١٩١ س ٣٠ قال: والشيخ عول على ما رواه محمد بن مسلم وفي الصحيح عن زرارة الخ.

٣٩٣

الثاني: فيما يدخل في المبيع

من باع أرضا لم يدخل نخلها ولا شجرها الا أن يشترط.وفي رواية: اذا ابتاع الارض بحدودها وما أغلق عليه بابها، فله جميع ما فيها.واذا ابتاع دارا.دخل الاعلى والاسفل إلا أن تشهد العادة للاعلى بالانفراد.طاب ثراه.وقال ابن ادريس: للتاجر الزيادة في الصورتين وأوجب للدلال اجرة المثل، سواء باع بزايد أو برأس المال، ولو باع بناقص كان البيع باطلا(١) واختاره المصنف(٢) والعلامة في القواعد(٣) .

فرع: لوتلف المتاع في يد الدلال

لوتلف المتاع في يد الدلال لم يضمنه عند المفيد(٤) وضمنه عند ابن ادريس(٥) قال طاب ثراه: من باع أرضا لم يدخل نخلها ولا شجرها إلا أن يشترط. وفي رواية ابتاع الارض بحدودها وما أغلق عليه بابها، فله جميع ما فيها.

____________________

(١) السرائر: باب البيع بالنقد والنسيئة والمرابحة ص ٢٢٥ س ١١ قال: شيخنا ابوجعفر في نهايته إلى آخر ما اعترضه وما اختاره فلا حظ.

(٢) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٣) القواعد: كتاب المتاجر، في المرابحة وتوابعها ص ١٣٩ س ١٦ قال: ولا يخبر الدلال بالشراء عن تقويم التاجر مجردا عن البيع سواء ابتدأه أولا.

(٤) المقنعة: باب بيع المرابحة ص ٩٤ س ١٣ قال: ولو هلك المتاع في يد الواسط من غير تفريط منه فيه كان من مال التاجر ولم يكن على الواسطة فيه ضمان.

(٥) السرائر: باب البيع بالنقد والنسيئة والمرابحة ص ٢٢٥ س ١٦ قال: فان تلف المبيع كان الواسطة ضامنا.

٣٩٤

أقول: اذا ابتاع الارض بحقوقها قال الشيخ في كتابي الخلاف(١) يدخل البناء والشجر، وإن لم يقل بحقوقها لم يدخل(٢) (٣) وتبعه القاضي(٤) وابن حمزة(٥) وهو ظاهر ابن ادريس(٦) وقال المصنف(٧) والعلامة بعدم الدخول الا أن يقول: بعتكها وما فيها وما اغلق عليه بابها(٨) لاصالة عدم الدخول وبقاء الملك على البايع.والرواية اشار إلى ما كتبه محمد بن الحسن الصفار إلى أبي محمد العسكريعليه‌السلام في رجل اشترى أرضا بحدودها الاربعة وفيها الزرع والنخل وغيرهما من الشجر، ولم يذكر النخل ولا الزرع ولا الشجر في كتابه، وذكر فيه: انه اشتراها بجميع حقوقها الداخلة فيها والخارجة عنها، أيدخل النخل والاشجار والزرع في حقوق الارض أم لا؟ فوقععليه‌السلام اذا ابتاع الارض بحدودها وما أغلق عليه

____________________

(١) هكذا في النسخ المخطوطة والمراد كتاب الخلاف والمبسوط كما انه قد يعبر عنها بكتابي الفروع، والمناسبة واضحة.

(٢) المبسوط: ج ٢ في أحكام العقود ص ١٠٥ س ٥ قال: وان قال: بحقوقها دخل البناء والشجر في البيع الخ.

(٣) الخلاف: كتاب البيوع مسألة ١٣٢ قال: اذا قال: بعتك هذه الارض ولم يل بحقوقها وفيها بناء وشجر الخ.

(٤) المختلف: فيما يدخل في المبيع ص ١١٣ س قال: بعد نقل قول الشيخ: وتبعه ابن البراج.

(٥) الوسيلة: في بيان بيع الاعيان المرثية ص ٢٤٠ س ١١ قال: وان كان المبيع بستانا أو أرضا فيها بناء أو شجر الخ.

(٦) السرائر: باب بيع المياه، ص ٢٤٨ س ٣١ قال: بعد نقل حديث الصفار، قولهعليه‌السلام (وما اغلق عليها بابه) يريد بذلك جميع حقوقها.

(٧) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٨) المختلف: فيما يدخل في المبيع ص ١١٣ س ٣٩ قال: والمعتمد أن نقول: لا يدخلان الا أن يقول: بعتك الارض وما فيها أو ما أغلق عليه بابها.

٣٩٥

ولو باع نخلا مؤبرا، فالثمرة للبايع، الا أن يشترط وكذا لو باع شجرة مثمرة، أو دابة حاملا على الاظهر ولو لم تؤبر النخلة فالطلع للمشتري.بابها، فله جميع ما فيها ان شاء الله(١) قال ابن ادريس: قولهعليه‌السلام : " وما اغلق عليه بابها " يريد بذلك جميع حقوقها، فالجواب مطابق للسؤال(٢) قال العلامة: ونحن نمنع هذا التفسير ونقول بموجب الحديث، فانه اذا اشتراها بما أغلق عليها بابها، دخل الجميع بلا خلاف، ولعل الامامعليه‌السلام أشار إلى الجواز بطريق المفهوم، وهو عدم الدخول، فانهعليه‌السلام علق الدخول بقوله: " وما اغلق عليه بابها " ويفهم من ذلك عدم الدخول عند عدمه(٣) وما أحسن هذا التأويل.

قال طاب ثراه: وكذا لو باع شجرة مثمرة أو دابة حاملا على الاظهر.

أقول: أما الشجر فلا خلاف في عدم دخول الثمرة فيها، إلا أن يكون نخلة بشرطين: إنتقالها بعقد البيع قبل التأبير، فلو أبرت، أو انتقلت بصلح أو إجارة أو صداق لم يدخل.وأما الدابة الحامل والجارية، فهل يدخل حملها؟ فيه ثلاثة أقوال:

(أ) نعم، يدخل، ولو استثنى البايع لم يجز، لانه بمنزلة عضو من اعضائها، وكما لا يجوز استثناء عضو فكذا لا يجوز إستثناؤه، وهو قول الشيخ في المبسوط(٤) وتبعه القاضي في المهذب(٥) والجواهر(٦)

____________________

(١) التهذيب: ج ٧(٩) باب الغرر والمجازفة ص ١٣٨ الحديث ٨٤.

(٢) تقدم آنفا.

(٣) المختلف: فيما يدخل في المبيع ص ١١٤ س ٥ قال: نحن نمنع هذا التفسير الخ.

(٤) المبسوط: ج ٢ فصل في بيع الغرر ص ١٥٦ س ١٢ قال: وان باع بهيمة أو جارية حاملا واستثنى حملها النفسه لم يجز لان الحمل يجرى مجرى عضو من أعضائها.

(٥) المختلف: في بيع الحيوان ص ٢٠١ س ٢٥ قال: بعد نقل قول المبسوط: وتابعه ابن البراج في لمهذب.

(٦) الجوامع الفقهيه، جواهر الفقه: ص ٤٨٤ س ٥ قال: مسألة هل يجوز أن يبيع جارية أو بهيمة حاملة ثم يستثنى الحمل لنفسه أم لا؟ الجواب لا يجوز لان الحمل يجري مجرى عضو من أعضائها الخ.

٣٩٦

ونمنع مساواته للجزء، فإن الحمل يصح الوصية به وله ويرث، ويصح الاقرار له وبه، ولا يثبت واحد من هذه للجزء.

(ب) الدخول ويجوز للبايع إستثناؤه، ويكون له، وهو قول ابن حمزة(١) .

(ج) عدم الدخول إلا أن يشترط المشتري دخوله، فيدخل، وهو قول الشيخ في النهاية(٢) وبه قال المفيد(٣) وتلميذه(٤) والتقي(٥) والقاضي في الكامل(٦) وابن ادريس(٧) واختاره المصنف(٨) والعلامة(٩) .

وقال ابوعلي: يجوز أن يستثنى الجنين في بطن أمه من آدمي وحيوان(١٠) وهو يشعر بدخوله مع عدم الشرط كما هو مذهب ابن حمزة.

____________________

(١) الوسيلة: فصل في بيع الحيوان ص ٢٤٨ س ٩ قال: والاناث من الادمي والنعم اذا كانت حوامل وبيعت مطلقا كان الولد للمبتاع الا شرط البايع

(٢) النهاية: باب ابتياع الحيوان ص ٤٠٩ س ٧ قال: كان ما بطنة للبايع.

(٣) النمقنعة: باب إبتياع الحيوانات ص ٩٣ س ٢ قال: ومن ابتاع أمة حاملا فولدها للبايع الا أن يشترط الخ.

(٤) المراسم: ذكر الشرط الخاص في البيع ص ١٧٦ س ١١ قال: ولا حامل من الاماء اذا بيع إلى أن قال: وان لم يشترط فهو للبايع.

(٥) الكافي فصل في عقد البيع ص ٣٦٥ س ١٢ قال: ومن ابتاع أمة حاملا أو حيوانا حاملا فحمله خارج عن المبيع.

(٦) لم أظفر عليه.

(٧) السرائر: باب ابتياع الحيوان ص ٢٣٨ س ١٨ قال: وكل من اشتري شيئا من الحيوان وكان حاملا إلى أن قال: كان مافي بطنة للبايع الخ.

(٨) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٩) و(١٠) المختلف: في بيع الحيوان ص ٢٠١ س ٢٧ قال: لنا أن البيع تعلق بالام فلا يتناول الحمل وقال: ايضا قبل ذلك بسطرين: وقال: ابن الجنيد: يجوز أن يستثنى الجنين في بطن أمة الخ.

٣٩٧

الثالث: في القبض

اطلاق العقد يقتضي تسليم المبيع والثمن.والقبض هو التخلية فيما لا ينقل كالعقار، وكذا فيما ينقل، وقيل: في القماش هو الامساك باليد، وفي الحيوان هو نقله.

قال طاب ثراه: والقبض هو التخلية فيما لا ينقل كالعقار، وكذا فيما ينقل، وقيل: في القماش الامساك باليد، وفي الحيوان هو نقله.

أقول: التفصيل هو المشهور بين الاصحاب، وذكره الشيخ في المبسوط(١) وتبعه القاضي(٢) وابن حمزة(٣) وهو مذهب العلامة في كتبه(٤) .

وقيل: هو التخلية مطلقا، واختاره المصنف(٥) والاول هو الوجه، لاشتهاره بين الاصحاب، ولانه المتعارف بين الناس، وعادة الشرع رد الناس إلى ما يتعارفونه فيما لا ينص على مقصوده باللفظ، كالاحياء فلهذا رده الفقهاء إلى العرف.ويؤيد ذلك صحيحة معاوية بن وهب قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن الرجل يبيع المبيع قبل أن يقبضه، فقال: مالم يكن كيل أو وزن فلا تبع حتى تكيله

____________________

(١) المبسوط: ج ٢، فصل في حكم بيع مالم يبقض، ص ١٢٠ س ٢ قال: وكيفية القبض، ينظر في البيع الخ.

(٢) المهذب: ج ١ ص ٣٨٥ باب بيع مالم يقبض س ١٩ قال: واما بيان كيفية القبض، فهوان كان الخ

(٣) الوسيلة: فصل في بيان بيع مالم يقبض وبيان حكم القبض ص ٢٥٢ س ١١ قال: والقبض يختلف الخ.

(٤) المختلف: في القبض ص ١١٥ س ٢ قال: والاقرب ان المبيع إن كان منقولا، فالقبض فيه هو النقل، وان كان الخ.وفي القواعد، في التسليم وفزه مطلبان، الاول في حقيقته، وهو التخلية مطلقا على رأي وفيما ينقل ولا يحول الخ.وفي التذكرة: ج ١ في القبض ص ٤٧٢ س ٢٣ قال: الاول ماهية القبض، قال الشيخ: القبض الخ.

(٥) لا حظ عبارة المختصر النافع.

٣٩٨

ويجب تسليم المبيع مفرغا.فلو كان فيه متاع فعلى البايع ازالته، ولا بأس ببيع مالم يقبض، ويكره فيما يكال أو يوزن وتتأكد الكراهية في الطعام وقيل: يحر م وفي رواية: لا تبيعه حتى تقبضه إلا أن توليه ولو قبض المكيل وادعى نقصانه، فان حضر الاعتبار فالقول قول البايع مع يمينه، وان لم يحضره فالقول قوله مع يمينه، وكذا القول في الموزون والمعدود والمذروع.أو تزنه إلا أن يوليه الذي قام عليه(١) فجعلعليه‌السلام الكيل والوزن هوالقبض، للاجماع على تسويغ بيع الطعام بعد قبضه.ومثلها رواية عقبة بن خالد عن الصادقعليه‌السلام في رجل إشترى متاعا من آخر وأوجبه غيرأنه ترك المتاع عنده ولم يقبضه وقال: آتيك غدا ان شاء الله تعالى، فسرق المتاع، من مال من هو؟ قال: يكون من صاحب المتاع الذي هو في بيته حتى يقبض المتاع ويخرجه من بيته، فاذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه حتى يرد ماله اليه(٢) فجعلعليه‌السلام النقل هو القبض، لتعليله زوال الضمان به، ولا خلاف انه معلل بالقبض.

قال طاب ثراه: وتتأكد الكراهية في الطعام، وفي رواية: لا تبعه حتى تقبضه الا أن توليه.

أقول: هنا ثلاثة أقوال:

(أ) لا يجوز بيع ما لم يقبض اذا كان طعاما ويجوز غيره، قاله في المبسوط: وادعى عليه الاجماع،(٣) وبه قال الصدوق(٤) والقاضي في المهذب(٥) .

____________________

(١) التهذيب: ج ٧(٣) باب بيع المضمون ص ٣٥ الحديث ٣٤.

(٢) الفروع: ج ٥، كتاب المعيشة، باب الشرط والخيار في البيع ص ١٧١ س ١٢.

(٣) المبسوط: ج ٢ فصل، في حكم ما لم يقبض ص ١١٩ س ٢٣ قال: فان كان طعاما لم يجز بيعه حتى يقبضه اجماعا.

(٤) المقنع: باب المكاسب والتجارات ص ١٢٣ س ٧ قال: ولا يجوز أن تشتري الطعام ثم تبيعه قبل أن تكتاله.

(٥) المهذب: ج ١ باب مالم يقبض ص ٣٨٥ س ١٧ قال: من اشترى طعاما واراد بيعه قبل القبض لم يجز ذلك.

٣٩٩

الرابع: في الشروط

ويصح منمها ما كان سائغا داخلا تحت القدرة، كقصارة الثوب.ولا يجوز اشتراط غير المقدور كبيع الزرع على أن يصيره سنبلا، ولابأس

(ب) لا يجوز إذا كان مكيلا أوموزونا، طعاما كان أو غيره، ويجوز فيما عداه كالثياب والارضين وهو قول الحسن بن أبي عقيل(١) .

(ج) يجوز مطلقا ويكون قبض المبتاع الثاني له نائبا عن قبض الاول، ويكره فيما يكال أو يوزن قبل قبضه إياه، وهو قول المفيد(٢) والشيخ في النهاية(٣) والقاضي في الكامل(٤) واستند الكل إلى الروايات(٥) .وهنا وجه رابع، وهو المنع من بيع الطعام قبل القبض إذا كان بربح ويجوز تولية، وهو رواية علي بن جعفر عن أخيه موسىعليه‌السلام : قال: سألته عن رجل يشتري الطعام، أيصلح بيعه قبل أن يقبضه؟ قال: اذا ربح لم يصلح حتى يقبض، وإن كان تولية فلا بأس(٦) .

____________________

(١) المختلف: في القبض وحكمه ص ١١٥ س ١٥ قال: ابن أبي عقيل: كل من اشترى شيئا.

مما يكال أو يوزن فباعه قبل الخ.

(٢) المقنعة: باب البيع ص ٩٢ س ٩ قال: ولا بأس بيع ما استوجبه المبتاع قبل قبضه اياه ويكون قبض الخ.

(٣) النهاية: باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٣٩١ س ٧ قال: واذا اشترى الانسان متاعا جاز له أن يبيعه في الحال وإن لم يقبضه، ويكون قبض المبتاع الثاني قبضا له الخ.

(٤) المختلف: في القبض وحكمه ص ١١٥ س ١٨ قال: واختار ابن البراج إلى قوله: وفي الكامل قوله في النهاية.

(٥) لاحظ الوسائل: ج ١٢ كتاب التجارة ص ٣٨٧ الباب ١٦ من أبواب أحكام العقود.

(٦) الوسائل: ج ١٢ كتاب التجارة ص ٣٨٩ الباب ١٦ من أبواب أحكام العقود: الحديث ٩.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

امرأته ، فلما صار في النوم وضعت رأسه على الأرض و قامت ، فانتبه المأمون و غضب لذلك فقالت : إنّ أبي أدّبني بأن لا أقعد عند نائم و لا أنام عند قاعد .

قول المصنف ( و هذه من الاستعارات العجيبة ، كأنّه شبّه السّه بالوعاء و العين بالوكاء ، فإذا اطلق الوكاء لم ينضبط الوعاء ، و هذا القول في الأشهر الأظهر من كلام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ) فروى أبو داود في سننه في آخر باب الوضوء من النوم عن حيوة بن شريح الحمصي ، في آخرين عن بقية عن الوضين بن عطا عن محفوظ بن علقمة عن عبد الرحمن بن عائذ عن عليعليه‌السلام قال : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : وكاء السّه العينان فمن نام فليتوضأ(١) .

( و قد رواه قوم لأمير المؤمنينعليه‌السلام و ذكر ذلك المبرد محمد بن يزيد ) قال الحموي : لقب محمد بن يزيد بالمبرد لأنّه لمّا صنّف المازني كتاب الألف و اللام سأله عن دقيقه و عويصه ، فأجابه بأحسن جواب ، فقال له المازني : قم فأنت المبرّد بكسر الراء أي : المثبت للحق ، فحرفه الكوفيون و فتحوا الراء ، و كان متّهما بالوضع في اللغة و أرادوا امتحانه ، فسألوه عن القبعض فقال هو القطن و أنشد

« كأنّ سنامها حشي القبعضا »

فقالوا : إن كان صحيحا فهو عجيب و إن كان مختلقا فهو أعجب(٢) .

( في كتاب المقتضب في باب اللفظ بالحروف ) في كشف الظنون المقتضب في الخطب للمبرد شرحه الرماني و علق على مشكلات أوائله الفارقي .

( و قد تكلمنا على هذه الاستعارة في كتابنا الموسوم بمجازات الآثار النبوية ) قال ثمة كأنّهعليه‌السلام شبّه السته بالوعاء و العين بالوكاء ، فإذا نامت العين

____________________

( ١ ) سنن أبي داود ١ : ٥٢ ح ٢٣ اسند إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام .

( ٢ ) معجم الأدباء للحموي ١٠ : ١١٢ ١١٣ .

٥٠١

انحلّ صرار السته كما أنّه إذا زال الوكاء وسع بما فيه الوعاء ، الا أن حفظ العين للسته على خلاف حفظ الوكاء للوعاء ، فان العين إذا أشرجت لم تحفظ سيتها و الأوكية إذا حللت لم تضبط أوعيتها(١) .

٣٦ الخطبة ( ٧٩ ) و قالعليه‌السلام :

أَيُّهَا اَلنَّاسُ اَلزَّهَادَةُ قِصَرُ اَلْأَمَلِ وَ اَلشُّكْرُ عِنْدَ اَلنِّعَمِ وَ اَلوَرَعُ عِنْدَ اَلْمَحَارِمِ فَإِنْ عَزَبَ ذَلِكَ عَنْكُمْ فَلاَ يَغْلِبِ اَلْحَرَامُ صَبْرَكُمْ وَ لاَ تَنْسَوْا عِنْدَ اَلنِّعَمِ شُكْرَكُمْ فَقَدْ أَعْذَرَ اَللَّهُ إِلَيْكُمْ بِحُجَجٍ مُسْفِرَةٍ ظَاهِرَةٍ وَ كُتُبٍ بَارِزَةِ اَلْعُذْرِ وَاضِحَةٍ « أيها الناس إلى عند المحارم » جعلعليه‌السلام الزهد عبارة عن ثلاثة أمور :

قصر الأمل ، و شكر النعم ، و الورع عند المحارم .

أمّا الأول فقالوا : جمع اللَّه تعالى الزهد في كلمتين(٢) :( لكيلا تأسوا على ما فاتَكم و لا تَفرَحوا بِمآ آتاكم ) (٣) و لا يحصل الحالان إلاّ بقصر الأمل .

و أما الثاني : فلأن من زهد في الدّنيا هان عليه الإنفاق ممّا أنعم اللَّه عليه من المال شكرا .

و قال الصادقعليه‌السلام إنّ اللَّه أنعم على قوم بالمواهب فلم يشكروا فصارت عليهم وبالا ، و ابتلى قوما بالمصائب فصبروا فصارت عليهم نعمة(٤) .

و اما الثالث فسئل الصادقعليه‌السلام عن الزاهد في الدنيا فقال : الذي يترك

____________________

( ١ ) المجازات النبوية : ١٧٨ .

( ٢ ) من حديث للإمام الصادقعليه‌السلام ، بحار الأنوار ٧٨ : ٧٠ بتصرف .

( ٣ ) الحديد : ٢٣ .

( ٤ ) تحف العقول : ٢٦٧ .

٥٠٢

حلالها مخافة حسابه و يترك حرامها مخافة عقابه(١) .

« فإن عزب » أي : بعد و غاب .

« ذلك » الذي ذكر من الأمور الثلاثة .

« عنكم » فلا بدّ لكم من رعاية الثاني ، و الثالث شكر النعم و الورع عن المحارم ، و أشار إلى الورع بقوله .

« فلا يغلب الحرام صبركم » لأنّه ورد أنّه يؤتى يوم القيامة بأعمال قوم كالجبال فتصير هباء منثورا لغلبة الحرام على صبرهم .

و أشار إلى الشكر بقوله :

« و لا تنسوا عند النعم شكركم » فإنّ شكر المنعم واجب عقلي و قال تعالى :

( و لئن كفرتم إنّ عذابي لشديد ) (٢) .

« فقد أعذر اللَّه عليكم بحجج مسفرة » أي : مشرقة مضيئة( لئلاّ يكون لِلنَّاس على اللَّهِ حُجَّةٌ بَعدَ الرُّسُل ) (٣) .

« و كتب بارزة العذر واضحة » إلى نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله و إلى أنبياء قبله .

٣٧ الحكمة ( ٤٢ ) و قالعليه‌السلام : لبعض أصحابه :

جَعَلَ اَللَّهُ مَا كَانَ مِنْ شَكْوَاكَ حَطّاً لِسَيِّئَاتِكَ فَإِنَّ اَلْمَرَضَ لاَ أَجْرَ فِيهِ وَ لَكِنَّهُ يَحُطُّ اَلسَّيِّئَاتِ وَ يَحُتُّهَا حَتَّ اَلْأَوْرَاقِ وَ إِنَّمَا اَلْأَجْرُ فِي اَلْقَوْلِ بِاللِّسَانِ وَ اَلْعَمَلِ بِالْأَيْدِي وَ اَلْأَقْدَامِ وَ إِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ يُدْخِلُ بِصِدْقِ

____________________

( ١ ) بحار الأنوار للمجلسي ٧٠ : ٣١١ .

( ٢ ) إبراهيم : ٧ .

( ٣ ) النساء : ١٦٥ .

٥٠٣

اَلنِّيَّةِ وَ اَلسَّرِيرَةِ اَلصَّالِحَةِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ اَلْجَنَّةَ قول المصنّف : ( و قالعليه‌السلام لبعض أصحابه ) :

هو صالح بن سليم بن سلامان بن طي ( في علة اعتلها ) فلم يشهد معه صفّين لمرضه ، فقالعليه‌السلام ما نقل(١) المصنف له لمّا رجع من صفّين في طريقه .

ففي ( صفّين نصر بن مزاحم ) : قال عبد الرحمن بن جندب : لمّا أقبل عليّعليه‌السلام من صفّين أقبلنا معه إلى أن قال حتى جزنا النخيلة و رأينا بيوت الكوفة ، فإذا نحن بشيخ جالس في ظلّ بيت على وجهه أثر المرض ، فأقبل إليه عليّعليه‌السلام و نحن معه ، فقال له : مالي أرى وجهك منكفتا ؟ أمن مرض ؟ قال : نعم .

قال : فلعلك كرهته فقال : ما أحبّ أن يعتري قال : أليس احتساب بالخير في ما أصابك منه ؟ قال : بلى قال : أبشر برحمة ربّك و غفران ذنبك ، من أنت يا عبد اللَّه ؟ قال : أنا صالح بن سليم قال : ممّن ؟ قال : أمّا الأصل فمن سلامان بن طي ، و أمّا الجوار و الدعوة فمن بني سليم بن منصور قال : سبحان اللَّه ما أحسن اسمك و اسم أبيك و اسم من اعتزيت إليه ، هل شهدت معنا غزاتنا هذه ؟ قال : لا و اللَّه ما شهدتها و لقد أردتها و لكن ما ترى بي من لحب الحمّى خذلني عنها .

قالعليه‌السلام : ليسَ على الضُعَفاءِ و لاَ عَلى المَرضَى و لا على الذين لا يَجدُونَ ما يُنفقُون حرجٌ( إِذا نَصَحوا للَّه و رسوله ما على المحسنين من سبيلٍ و اللَّه غفورٌ رحيم ) (٢) أخبرني ما يقول الناس فيما كان بيننا و بين أهل الشام ؟ قال : منهم المسرور فيما كان بينك و بينهم و اولئك أغبياء الناس ، و منهم المكبوت الأسف لمّا كان من ذلك و اولئك نصحاء الناس لك ، و ذهب لينصرف فقالعليه‌السلام له : صدقت جعل اللَّه ما كان من شكواك حطّا لسيّئاتك ، فإنّ المرض لا أجر فيه

____________________

( ١ ) النهج ، الحكمة : ٤٢ .

( ٢ ) التوبة : ٩١ .

٥٠٤

و لكن لا يدع للعبد ذنبا إلاّ حطّه ، إنّما الأجر في القول باللّسان و العمل باليد و الرجل ، و إنّ اللَّه عز و جل يدخل بصدق النيّة و السريرة الصالحة من عباده الجنّة(١) .

« جعل اللَّه ما كان من شكواك حطّا لسيّئاتك » في الخبر عاد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سلمان في علته فقال : إنّ لك فيها ثلاث خصال : أنت من اللَّه تعالى بذكر ، و دعاؤك فيه مستجاب ، و لا تدع العلّة عليك ذنبا إلاّ حطّته(٢) .

و في الخبر : حمّى ليلة كفّارة سنة لأنّه يبقى أثرها إلى سنة(٣) .

و في ( الطرائف ) : برى‏ء الفضل بن سهل من علّة فقال : إنّ في المرض لنعما لا ينبغي للعقلاء أن يجحدوها ، منها تمحيص للذنوب و تعرّض للثواب و الصبر و إيقاظ من الغفلة و ادكار للنعمة الموجودة في الصحة و رضا بما قدر اللَّه و قضائه و استدعاء للتوبة و حضّ على الصدقة(٤) .

« فإنّ المرض لا أجر فيه و لكنه يحط السيئات و يحتها حت الأوراق » يقال : حت الدم عن الثوب و حت الورق عن الشجر .

و في ( أدب كاتب الصولي ) لبعضهم تشبيها بمقط القلم لاصلاحه :

فإن تكن الحطوب فرين مني

أديما لم يكن قدما يعط

فإنّ كرائم الأقلام تحفى

فيصلح من تشعثها المقط(٥)

هذا ، و في ( تاريخ بغداد ) اعتل الحسن بن وهب من حمّى نافض و صالب و طاولته فكتب إليه أبو تمّام :

____________________

( ١ ) صفّين لنصر بن مزاحم : ٥٢٨ ، و نقله المجلسي في بحار الأنوار ٣٢ : ٥٥١ .

( ٢ ) ذكره الصدوق في الخصال : ١٧١ ( ١٩٥ ) و المجلسي في البحار ٧٧ : ٦٢ رواية ٣ و ٨١ : ١٨٥ رواية ٣٧ .

( ٣ ) نسبه الطوسي في أماليه إلى الرسول الأكرم صلّى اللَّه عليه و آله ، الأمالي : ٦٤١ ح ١ .

( ٤ ) الظرائف للمقدّسي : ١٤٣ .

( ٥ ) أدب الكتاب للصولي : ١١ .

٥٠٥

ليت حمّاك فيّ و كان لك الأجر

فلا تشتكي و كنت المريضا(١)

( و فيه ) : إعتل الفضل بن سهل ذو الرياستين بخراسان ثم برى‏ء فجلس للناس فهنّأوه بالعافية و تصرّفوا في الكلام ، فلمّا فرغوا أقبل على الناس فقال :

إنّ في العلل لنعما ينبغي للعقلاء أن يعلموها : تمحيص للذنوب ، و تعرّض لثواب الصبر ، و إيقاظ من الغفلة ، و ادكار للنعمة في حال الصحة ، و استدعاء للتوبة ، و حضّ على الصدقة ، و في قضاء اللَّه و قدره بعدم الخيار فنسي الناس ما تكلّموا به و انصرفوا بكلام الفضل(٢) .

« و إنّما الأجر في القول باللّسان و العمل بالأيدي و الأقدام » و المرض ليس منهما فليس فيه أجر ، و أمّا قوله( ذلك بأنّهم لا يصيبُهم ظمأ و لاَ نَصبُ و لا مخمصة في سبيل اللَّه و لا يطَؤُنَ موطئا يغيظ الكفّار و لا ينالُونَ من عَدُوّ نيلاً إِلاّ كُتب لهُم به عمل صالح إِن اللَّه لا يُضيعُ أجرَ المُحسِنينَ و لا يُنفِقونَ نَفَقَةً صغيرةً و لا كبيرةً و لا يقطَعُون وادياً إِلاّ كتب لَهُم ليَجزِيَهُمُ اللَّهُ أَحسَن ما كانوا يَعمَلُون ) (٣) في جعل إصابتهم الجوع و العطش و التعب و هي ليست من أعمال الجوارح مثل وطى‏ء الأقدام في غيظ الكفار و النيل منهم و الإنفاق و قطع الوادي في الجهاد و نحوها ممّا هو العمل بالأيدي و الأقدام ، فلا ينافي كلامهعليه‌السلام لأنّ ما ذكر أوّلا مسبّب عن أعمال الجوارح ، فإنّ الجوع و العطش و التعب كانت بواسطة الجهاد .

« و ان اللَّه سبحانه يدخل بصدق النيّة و السريرة الصالحة من يشاء من عباده الجنّة » الظاهر كون الكلام استدراكا من قولهعليه‌السلام السابق « و انما الأجر . » ،

____________________

( ١ ) تاريخ بغداد ٨ : ٢٥٢ ، لم نعثر على البيت الشعري في ديوان أبي تمام .

( ٢ ) تاريخ بغداد ١٢ : ٣٤٢ .

( ٣ ) التوبة : ١٢٠ ١٢١ .

٥٠٦

بمعنى أن النيّة و إن لم تكن عمل الجوارح إلاّ أنّها لمّا كانت سببا لأعمال الجوارح كانت أيضا موجبا للأجر إن كانت صالحة ، و للوزر إن كانت فاسدة .

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « نيّة المؤمن خير من عمله و نيّة الكافر شرّ من عمله »(١) ، و قال تعالى .( إِن السَمعَ و البَصَرَ و الفؤاد كُل اُولئكَ كان عنه مسؤولاً ) (٢) .

و قال الصادقعليه‌السلام : إنّما خلّد أهل النّار في النّار لأنّ نياتهم في الدّنيا ان لو خلّدوا فيها أن يعصوا اللَّه أبدا ، و إنّما خلّد أهل الجنّة في الجنّة لأنّ نيّاتهم أن لو بقوا في الدّنيا أن يطيعوا اللَّه أبدا ، فبالنيّات خلّد هؤلاء و هؤلاء ثم تلا قوله تعالى قُل كُلٌ يعمَلُ على شاكِلَتِه(٣) .

و في ( الكافي ) : و إن المؤمن الفقير يقول : ربّ ارزقني حتى أفعل كذا و كذا من البرّ ، فإذا علم تعالى ذلك منه بصدق نيّة كتب له من الأجر مثل ما لو عمله ، إنّ اللَّه واسع كريم(٤) .

هذا ، و قالعليه‌السلام بصدق النيّة ، لأنّه ليست كلّ نيّة صادقة ، فقد قال تعالى( و منهم من عاهدَ اللَّه لئن آتانا من فَضلِهِ لنَصَّدَّقَنَّ و لنكُوننَّ من الصالحين فَلما آتاهُم من فَضلِهِ بَخِلُوا بهِ و تَولَّوا و هُم مُعرِضون فأَعقَبَهُم نفاقاً في قلوبهم إِلى يوم يلقونه بما أخلفوا اللَّه ما و عدُوه و بما كانوا يكذِبُونَ ) (٥) .

و قال الصادقعليه‌السلام في صدق النية : عند تصحيح الضمائر تبدو الكبائر ، تصفية العمل أشدّ من العمل ، تخليص النيّة من الفساد أشد على العالمين

____________________

( ١ ) علل الشرائع للصدوق ٢ : ٤٠٣ حديث ٤ .

( ٢ ) الاسراء : ٣٦ .

( ٣ ) الكافي للكليني ٢ : ٨٥ ح ٥ ، و ذكره الصدوق في علل الشرائع ٢ : ٥٢٣ ح ١ ، و الآية ٨٤ من سورة الاسراء .

( ٤ ) الكافي للكليني ٢ : ٨٥ ح ٣ ، و ذكره البرقي في المحاسن : ٢٦١ .

( ٥ ) التوبة : ٧٥ ٧٧ .

٥٠٧

من طول الجهاد(١) .

( قال الرضي : و أقول : صدقعليه‌السلام ، إنّ المرض لا أجر فيه لأنّه ليس من قبيل ما يستحق عليه العوض ، لأن العوض يستحق على ما كان في مقابلة فعل اللَّه تعالى بالعبد من الآلام و الأمراض و ما يجري مجرى ذلك ، و الأجر و الثواب يستحقان على ما كان في مقابلة فعل العبد ، فبينهما فرق قد بيّنه كما يقتضيه علمه الثاقب و رأيه الصائب ) و قد قالعليه‌السلام في المرض يصيب الصبي : إنّه كفارة لوالديه ، و ورد أنّ النّوم الموحش كفّارة(٢) .

٣٨ الحكمة ( ٤٧ ) و قالعليه‌السلام :

قَدْرُ اَلرَّجُلِ عَلَى قَدْرِ هِمَّتِهِ وَ صِدْقُهُ عَلَى قَدْرِ مُرُوءَتِهِ وَ شَجَاعَتُهُ عَلَى قَدْرِ أَنَفَتِهِ وَ عِفَّتُهُ عَلَى قَدْرِ غَيْرَتِهِ « قدر الرجل على قدر همّته » في ( تاريخ بغداد ) غلب عبد اللَّه بن طاهر على الشام و وهب له المأمون ما وصل إليه من الأموال هنا لك ، ففرّقه على القوّاد ثم وقف على باب مصر فقال : أخزى اللَّه فرعون ما كان أخسّه و أدنى همّته ، ملك هذه القرية فقال( أنا ربُّكم الأعلى ) (٣) و اللَّه لا دخلتها(٤) .

و في ( المعجم ) قال الصاحب بن عباد :

و قائلة : لم عرتك الهموم

و أمرك ممتثل في الامم

____________________

( ١ ) الروضة من الكافي للكليني : ٢ ح ١ .

( ٢ ) بحار الأنوار عن الإمام عليعليه‌السلام ٥ : ٣١٧ و عن النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله ٨١ : ١٩٧ رواية ٥٤ .

( ٣ ) النازعات : ٢٤ .

( ٤ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٩ : ٤٨٣ ، ترجمة عبد اللَّه بن طاهر ( ٥٠١٤ ) .

٥٠٨

فقلت دعيني و ما قد عرى(١)

فإنّ الهموم بقدر الهمم(٢)

و في ( الكامل ) : سافر كعب بن مامة الأيادي مع رجل من بني النمر بن قاسط ، فقلّ الماء فتصافناه و التصافن أن يطرح حجر في الاناء ثم يصبّ فيه من الماء ما يغمره لئلا يتغابنوا ، فجعل النمري يشرب نصيبه فإذا أخذ كعب نصيبه قال : اسق أخاك النمري فيؤثره ، حتى جهد كعب و رفعت له أعلام الماء ، فقيل له رد كعب و لا ورود به فمات عطشا .

و وفد أوس بن حارثة بن لام الطائي و حاتم الطائي على عمرو بن هند ملك الحيرة ، فدعا أوسا فقال له : أنت أفضل أم حاتم ؟ فقال له : أبيت اللعن ، لو ملكني حاتم و ولدي و لحمتي لوهبنا في غداة واحدة ، ثم دعا حاتما فقال له :

أنت أفضل أم أوس ؟ فقال : أبيت اللعن إنّما ذكّرت بأوس ، و لأحد ولده أفضل منّي .

و كان النعمان بن المنذر دعا بحلة و عنده وفود العرب من كلّ حي فقال :

احضروني في غد فانّي ملبس هذه الحلة أكرمكم ، فحضر القوم جميعا إلاّ أوسا ، فقيل له لم تخلفت ؟ فقال : إن كان المراد غيري فأجمل الأشياء بي ألاّ أكون حاضرا ، و إن كنت أنا المراد فسأطلب و يعرف مكاني ، فلما جلس النعمان لم ير أوسا فقال : إذهبوا إلى أوس فقولوا له : إحضر آمنا ممّا خفت ، فحضر فلبس الحلة فحسده قوم من أهله فقالوا للحطيئة : اهجه و لك ثلاثمائة ناقة فقال : كيف أهجو رجلا لا أرى في بيتي أثاثا و لا مالا إلاّ من عنده ، ثم قال :

كيف الهجاء و ما تنفكّ صالحة

من آل لأم(٣) بظهر الغيب تأتيني(٤)

____________________

( ١ ) ورد في الديوان بلفظ : « فقلت ذريني على غصتي »

( ٢ ) ديوان الصاحب بن عباد : ٢٨٠ .

( ٣ ) نسخة التحقيق « إذا ذكرت » .

( ٤ ) ديوان الحطيئة : ١٧٤ .

٥٠٩

فقال لهم بشر بن أبي خازم الأسدي : أنا أهجوه لكم ، فأخذ الابل و فعل ، فأغار أوس على الابل فاكتسحها و جعل بشر لا يستجير حيّا إلاّ قالوا قد أجرناك إلاّ من أوس و كان في هجائه إيّاه ذكر امّه فأتى به فدخل على امه فقال : قد أتينا ببشر الهاجي لك و لي فما ترين فيه ؟ قالت : أرى أن ترد عليه ماله و تعفو عنه و تحبوه و أفعل مثل ذلك ، فانّه لا يغسل هجاه إلاّ مدحه ، فخرج إليه و قال له : إنّ امّي سعدى التي كنت تهجوها أمرت لك بكذا و كذا فقال : لا جرم ، لا و اللَّه لا مدحت أحدا حتى أموت غيرك(١) .

« و صدقه على قدر مروّته » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : لا تنظروا إلى طول ركوع الرجل و سجوده ، فإنّ ذلك شي‏ء اعتاده فلو تركه استوحش لذلك ، و لكن انظروا إلى صدق حديثه و أداء أمانته(٢) .

و عنهعليه‌السلام : إنّما سمّي اسماعيل صادق الوعد لأنّه وعد رجلا في مكان فانتظره في ذلك المكان سنة فأتاه بعد سنة فقال له إسماعيل : مازلت منتظرا لك(٣) .

و في ( الخصال ) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ست من المروّة ، ثلاث منها في الحضر ، و ثلاث منها في السفر : فأمّا الّتي في الحضر ، فتلاوة كتاب اللَّه عز و جل و عمارة مساجد اللَّه و اتخاذ الإخوان في اللَّه عز و جل ، و أمّا الّتي في السفر ، فبذل الزاد و حسن الخلق و المزاح في غير معاصي اللَّه(٤) .

« و شجاعته على قدر أنفته » في ( وزراء الجهشياري ) : بلغ موسى بن المهدي و هو الهادي حال بنت لعمارة بن حمزة مولاهم و هي جميلة

____________________

( ١ ) الكامل في الأدب للمبرّد ١ : ١٩٧ ١٩٩ ، طبعة مصر .

( ٢ ) الكافي للكليني ٢ : ١٠٥ ح ١٢ .

( ٣ ) ورد في البحار قريب منه عن الإمام الرضاعليه‌السلام ٣ : ٣٨٨ رواية ١ .

( ٤ ) الخصال للصدوق ١ : ٣٢٤ ح ١١ .

٥١٠

فراسلها فقالت لأبيها ذلك ، فقال : إبعثي إليه في المصير إليك و أعلميه أنّك تقدرين على إيصاله إليك في موضع يخفى أثره ، فأرسلت إليه بذلك و حمل موسى على المصير نفسه ، فأدخلته حجرة قد فرشت و اعدّت له ، فلما صار إليها دخل عليه عمارة فقال : السّلام عليك أيها الأمير ماذا تصنع هاهنا ؟

إتّخذناك وليّ عهد فينا أو فحلا في نسائنا ؟ ثم أمر به فبطح في موضعه فضربه عشرين درة خفيفة و ردّه إلى منزله ، فحقد عليه فلما ولي الخلافة دسّ إليه رجلا يدّعي عليه أنّه غصبه الضيعة المعروفة بالبيضاء بالكوفة و كانت قيمتها ألف ألف درهم فبينا الهادي ذات يوم جالس للمظالم و عمارة بحضرته ، و ثب الرجل فتظلم منه ، فقال الهادي لعمارة : ما تقول ؟ قال : ان كانت الضيعة لي فهي له و ان كانت له فهي له و وثب فانصرف عن المجلس(١) .

( و عفته على قدر غيرته ) كانعليه‌السلام يقول لأهل العراق : نبئت أن نساءكم يدافعن الرجال في الطريق ، أما تستحون و لا تغارون ؟

و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : ان اللَّه تعالى غيور يحب كلّ غيور ، و لغيرته حرّم الفواحش ظاهرها و باطنها ، و إذا لم يغر الرجل فهو منكوس القلب(٢) .

و عنهعليه‌السلام : لمّا أقام العالم الجدار أوحى تعالى إلى موسىعليه‌السلام : إنّي مجازي الأبناء بسعي الآباء ، إن خيرا فخير و إن شرّا فشر ، لا تزنوا فتزني نساؤكم ، و من وطى‏ء فراش امرى‏ء مسلم وطى‏ء فراشه ، كما تدين تدان(٣) .

و عن الصادقعليه‌السلام : كانت في بني اسرائيل بغيّ و كان رجل منهم يكثر

____________________

( ١ ) وزراء الجهشياري تاريخ الوزراء : ١٤٧ .

( ٢ ) الكافي للكليني ٥ : ٥٣٦ ح ٣ .

( ٣ ) الكافي للكليني ٥ : ٥٥٣ رواية ١ ، و كذلك ثواب الأعمال : ١٣ ، و أيضا المجلسي في بحار الأنوار ١٣ : ٢٩٦ رواية ١٣ .

٥١١

الاختلاف إليها ، فلمّا كان في آخر ما أتاها أجرى اللَّه على لسانها : أما إنّك سترجع إلى أهلك فتجد معها رجلا ، فارتفعا إلى موسىعليه‌السلام فنزل جبرئيلعليه‌السلام و قال : يا موسى من يزن يزن به ، فنظر موسى إليهما فقال : عفّوا تعفّ نساؤكم(١) .

٣٩ الحكمة ( ٤٨ ) و قالعليه‌السلام :

اَلظَّفَرُ بِالْحَزْمِ وَ اَلْحَزْمُ بِإِجَالَةِ اَلرَّأْيِ وَ اَلرَّأْيُ بِتَحْصِينِ اَلْأَسْرَارِ هو قياس منتج : ان الظفر بتحصين الأسرار و هو قياس ينحلّ إلى قياسين ، لأنّ القضية الثانية كبرى بالنسبة إلى الاولى و صغرى بالنسبة إلى الثالثة .

أمّا كون الظّفر بالحزم ففي العيون : قيل لرجل من بني عبس : ما أكثر صوابكم فقال : نحن ألف رجل و فينا حازم واحد و نحن نطيعه ، فكأنّا ألف حازم(٢) .

و يقال : روّ بحزم فإذا استوضحت فاعزم(٣) .

و أمّا كون الحزم بإجالة الرأي فكان عامر بن الظرب حكيم العرب يقول :

دعوا الرأي يغبّ حتى يختمر ، و إيّاكم و الرأي الفطير(٤) .

و لمّا استعجل الحجّاج المهلّب في حرب الأزارقة قال المهلّب : إنّ من

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٥ : ٥٥٣ رواية ٣ .

( ٢ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ٣٠ ٣٢ ، و كذلك العقد الفريد ١ : ٦٠ .

( ٣ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ٣٤ .

( ٤ ) ابن عبد ربه ١ : ٦٠ ( دار الكتب العلمية ) .

٥١٢

البلاء أن يكون الرأي لمن يملكه دون من يبصره(١) .

و يقال : ليس بين الملك و بين ان يملك رعيته أو تملكه رعيته إلاّ حزم أو توان .

و قيل : من التمس الرخصة من الإخوان عند المشورة و من الأطباء عند المرض و من الفقهاء عند الشبهة أخطأ الرأي و ازداد مرضا و حمل الوزر(٢) .

و أمّا كون الرأي بتحصين الأسرار فيقال : ما كنت كاتمه من عدوك فلا تظهر عليه صديقك(٣) .

و في ( وزراء الجهشياري ) : كان موسى بن عيسى الهاشمي يتقلّد للرشيد مصر ، و كثر التظلّم منه و اتّصلت السعايات به و قيل إنّه قد استكثر من العبيد و العدّة فقال الرشيد ليحيى البرمكي : اطلب لي رجلا كاتبا عفيفا يكمل لمصر و يستر خبره فلا يعلم موسى بن عيسى حتى يفجأه قال : قد وجدته هو عمر بن مهران و كان كتب للخيزران و لم يكتب لغيرها قط و كان رجلا أحول مشوّه الخلق خسيس اللّباس فأمر بإحضاره قال : فاستدناني الرشيد و نحّى الغلمان و أمرني أن أستر خبري حتى افاجى‏ء موسى بن عيسى فأتسلّم العمل منه ، فأعلمته أنّه لا يقرأ لي ذكرا في كتب أصحاب الأخبار حتى أوافي مصر ، فكتب لي بخطّه إلى موسى ، فخرجت من غد مبكرا على بغلة لي و معي غلام أسود على بغل استأجرته ، معه خرج فيه قميص و مبطنة و طيلسان و شاشية و خف و مفرش صغير ، و اكتريت لثلاثة من أصحابي أثق بهم ثلاثة أبغل ، و أظهرت أنّي وجّهت ناظرا في أمور بعض العمّال ، كلّما وردت

____________________

( ١ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ٣١ .

( ٢ ) المصدر نفسه ١ : ٣٠ ، في كتاب للهند .

( ٣ ) المصدر نفسه ١ : ٤٠ .

٥١٣

بلدا توهّم من معي أنّي قصدته و ليس يعرف خبري أحد من أهل البلدان أمرّ بها في نزولي و نفوذي حتى وافيت الفسطاط فنزلت جنابا و خرجت منه وحدي في زيّ متظلم أو تاجر ، فدخلت دار الامارة و ديوان البلد و بيت المال ، و سألت و بحثت عن الأخبار و جلست مع المتظلمين و غيرهم ، فمكثت ثلاثة أيام أفعل ذلك حتى عرفت جميع ما احتجت إليه ، فلمّا نام الناس دعوت أصحابي فقلت للّذي أردت استكتابه على الديوان : قد رأيت مصر و قد استكتبتك على الديوان فبكّر إليه فاجلس فيه ، فإذا سمعت الحركة فاقبض على الكاتب و وكلّ به و بالكتاب و الأعمال ، و لا يخرج من الديوان أحد حتى أوافيك ، و دعوت بآخر فقلّدته بيت المال و أمرته بمثل ذلك ، و قلّدت الآخر عملا من الأعمال بالحضرة ، و أمرتهم أن يبكّروا و لا يظهروا أنفسهم حتى يسمعوا الحركة ، و بكّرت فلبست ثيابي و وضعت الشاشية على رأسي و مضيت إلى دار الامارة ، فأذن موسى للناس إذنا عامّا ، فدخلت فيمن دخل ، فإذا موسى على فرش و القوّاد وقوف عن يمينه و شماله و الناس يدخلون فيسلّمون و يخرجون و أنا جالس بحيث يراني و حاجبه ساعة بساعة يقيمني و يقول لي تكلّم بحاجتك ، فأعتلّ عليه حتى خفّ الناس ، فدنوت منه و أخرجت إليه كتاب الرشيد فقبّله و وضعه على عينه ثم قرأه فامتقع لونه و قال : السمع و الطاعة تقرى‏ء أبا حفص السلام و تقول له : ينبغي لك أن تقيم بموضعك حتى نعدّ لك منزلا يشبهك و يخرج غدا أصحابنا يستقبلونك فتدخل مدخل مثلك .

فقال له : أنا عمر بن مهران قد أمرني الرشيد بإقامتك للناس و انصاف المظلوم منك و أنا فاعل ذلك فقال : أنت عمر بن مهران ؟ قلت : نعم قال :( لعن اللَّه فرعون حيث يقول أليس لي مُلك مِصر ) (١) و اضطرب الصوت في الدار ،

____________________

( ١ ) الزخرف : ٥١ .

٥١٤

فقبض كاتبي على الديوان و صاحبي الآخر على بيت المال و ختما عليه و وردت عليه رقاع أصحاب أخباره بذلك ، فنزل عن فرشه و قال : « لا إله إلاّ اللَّه هكذا تقوم الساعة ما ظننت أنّ أحدا بلغ من الحزم و الحيلة ما بلغت ، فإنّك قد تسلّمت الأعمال و أنت في مجلسي » ثم نهضت إلى الديوان فقطعت أمور المتظلمين منه و انصرفت على بغلتي التي دخلت عليها و معي غلامي الأسود(١) .

و في ( عيون ابن قتيبة ) قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إستعينوا على الحوائج بالكتمان ، فإنّ كلّ ذي نعمة محسود(٢) .

و كان عليعليه‌السلام يتمثل بهذين البيتين :

و لا تفش سرّك إلاّ إليك

فإنّ لكلّ نصيح نصيحا

فإنّي رأيت غواة الرجال

لا يتركون أديما صحيحا(٣)

و قال الشاعر :

و لو قدرت على نسيان ما اشتملت

منّي الضلوع من الأسرار و الخبر

لكنت أوّل من ينسى سرائره

إذ كنت من نشرها يوما على خطر(٤)

٤٠ الحكمة ( ٦٣ ) و قالعليه‌السلام :

اَلشَّفِيعُ جَنَاحُ اَلطَّالِبِ

____________________

( ١ ) تاريخ الوزراء للجهشياري : ٢١٧ ٢٢٠ بتصرف .

( ٢ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ، أخرجه عن أحمد بن خليل عن محمد بن الحصيب عن أوس بن عبد اللَّه بن بريدة عن أخيه عن بريدة ١ : ٣٨ و قد مرّ .

( ٣ ) ذكرهما ابن قتيبة في العيون ١ : ٣٩ ، و قد مرّ ذكره .

( ٤ ) عيون الأخبار لابن قتيبه ١ : ٣٩ .

٥١٥

قالوا : الشفاعات مفاتيح الطلبات و قيل في فضل البرمكي :

و من يكن الفضل بن يحيى بن خالد

شفيعا له عند الخليفة ينجح(١)

و في ( تاريخ بغداد ) : إشترى أخ لشعبة من طعام السلطان فخسر هو و شركاؤه ، فحبس بستة آلاف دينار بحصته ، فخرج شعبة إلى المهدي ليكلّمه فيه ، فلمّا دخل عليه قال للمهدي : انشدني قتادة و سماك بن حرب لامية بن أبي الصلت يقوله لعبد اللَّه بن جدعان :

أأذكر حاجتي أم قد كفاني

حياؤك إن شيمتك الحياء

كريم لا يعطّله صباح

عن الخلق الكريم و لا مساء

فارضك أرض مكرمة بنتها

بنو تيم و أنت لهم سماء

فقال : لا ، لا تذكرها قد عرفناها و قضيناها لك ، إرفعوا إليه أخاه لا تلزموه شيئا(٢) .

هذا ، و في المعجم قال أبو العيناء : كان لي صديق فجاءني يوما و قال :

أريد الخروج إلى فلان العامل و أحببت أن يكون معي إليه وسيلة و قد سألت عن صديقه فقيل لي الجاحظ و هو صديقك فاحبّ أن تأخذ لي كتابه إليه بالعناية ، فصرت إلى الجاحظ فقلت له جئتك مسلّما و قاضيا للحق و لبعض أصدقائي حاجة و هي كذا و كذا فقال : لا تشغلنا الساعة عن المحادثة و إذا كان في غد وجّهت إليك بالكتاب ، فلمّا كان في غد ، وجّه إليّ بالكتاب ، فقلت لابني :

وجّه هذا الكتاب إلى فلان ففيه حاجته فقال لي : إن الجاحظ بعيد الغور فينبغي أن نفضّه و ننظر ما فيه ، ففعل فإذا في الكتاب :

« هذا الكتاب مع من لا أعرفه و قد كلّمني فيه من لا أوجب حقّه ، فان

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٢٠٨ .

( ٢ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٩ : ٢٥٦ في ترجمة شعبة بن الحجاج .

٥١٦

قضيت حاجته لم أحمدك ، و ان رددته لم أذممك » .

فلمّا قرأت الكتاب مضيت من فوري إلى الجاحظ فقال : قد علمت انّك أنكرت ما في الكتاب ، فقلت أو ليس موضع نكرة ، فقال لا هذه علامة بيني و بين الرجل في من أعتني به ، فقلت : لا إله إلاّ اللَّه ما رأيت أحدا أعلم بطبعك و ما جبلت عليه من هذا الرجل ، انّه لمّا قرأ هذا الكتاب قال : أم الجاحظ عشرة آلاف في عشرة آلاف قحبة و ام من يسأله حاجة فقلت له : يا هذا تشتم صديقنا فقال :

هذه علامة في من أشكره فضحك الجاحظ(١) .

٤١ الخطبة (( الحكمة )) ( ٦٨ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْعَفَافُ زِينَةُ اَلْفَقْرِ وَ اَلشُّكْرُ زِينَةُ اَلْغِنَى أقول : كرّره المصنف في ( ٣٤٠ ) سهوا ، لكن نقله عنه هنا ابن ميثم بدون الفقرة الأخيرة(٢) و انما نقله عنه معها ابن أبي الحديد(٣) .

« العفاف زينة الفقر » و قد وصف اللَّه تعالى الفقراء المتزيّنين بالعفاف في قوله( يَحسَبُهُم الجاهِلُ أَغنياءَ مِنَ التَّعفُّف تَعرفُهم بسيماهم لا يَسألونَ الناس إِلحافاً ) (٤) .

« و الشكر زينة الغنى » قال سليمانعليه‌السلام ( ربِّ أَوزعني أن أَشكُر نعمتك الّتي أَنعمتَ عليَّ وَ على والديَّ ) (٥) و قال أيضا لمّا رأى عرش ملكة سبأ مستقرا

____________________

( ١ ) معجم الادباء للحموي ١٦ : ٨٣ ، في ترجمة عمرو بن بحر ، الجاحظ .

( ٢ ) نقل شرح ابن ميثم « العفاف زينة الفقر » ٥ : ٢٧٣ رقم ٦٠ .

( ٣ ) راجع شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٢١٣ رقم ٦٦ .

( ٤ ) البقرة : ٢٧٣ .

( ٥ ) النمل : ١٩ .

٥١٧

عنده في أقل من طرفة عين( هذا من فضل رَبّي ليبلوَني ءأشكُر أَم أكفُر و مَن شَكَرَ فإنّما يَشكُرُ لِنَفسِهِ ) ( و مَن كَفَر فإن ربِّي غَنيٌ كريم ) (١) .

٤٢ الحكمة ( ٦٩ ) و قالعليه‌السلام :

إِذَا لَمْ يَكُنْ مَا تُرِيدُ فَلاَ تُبَلْ مَا كُنْتَ أقول : هكذا في ( الطبعة المصرية )(٢) ، و الصواب ما في ابن أبي الحديد(٣) و ابن ميثم(٤) و النسخة الخطية(٥) « فلا تبل كيف كنت » و « تبل » بضم التاء و الأصل فيه تبال ، حذفوا الألف تخفيفا لكثرة الاستعمال كما حذفوا الياء من قولهم « لا أدر » قال زهير :

لقد باليت مظعن امّ أوفى

و لكن ام أوفى لا تبالي(٦)

قالوا : كان لامرأة ابن واحد ، فمات فقالت أردت أن لا يموت هذا ، فمن شاء بعده عاش و من شاء مات .

٤٣ الحكمة ( ٨٧ ) و قالعليه‌السلام :

عَجِبْتُ لِمَنْ يَقْنَطُ وَ مَعَهُ اَلاِسْتِغْفَارُ

____________________

( ١ ) النمل : ٤٠ .

( ٢ ) راجع النسخة المصرية شرح محمّد عبده : ٦٧١ رقم ٦٦ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٢١٥ .

( ٤ ) في شرح ابن ميثم ٥ : ٢٧٣ كما ما ذكره ( محمّد عبده ) في النسخة المصرية المنقحة .

( ٥ ) راجع النسخة الخطية ( المرعشي ) : ٣١٢ .

( ٦ ) ديوان زهير بن أبي سلمى : ٥٧ .

٥١٨

أقول : روي عنهعليه‌السلام هذا المعنى بلفظ آخر ، فعنهعليه‌السلام قال « العجب لمن يهلك و النجاة معه » قيل : ما هي ؟ قالعليه‌السلام : الاستغفار(١) .

و ورد أنّ الزهري لمّا حصل له القنوط من عقوبته رجلا فمات قال له عليّ بن الحسينعليه‌السلام : أخاف عليك من قنوطك ما لا أخاف عليك من ذنبك .

و أمره ببعث ديته ثم الاستغفار ، فقال له فرّجت عني يا سيدي اللَّه أعلم حيث يجعل رسالته(٢) .

و في ( الكافي ) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : الاستغفار و قول لا إله إلاّ اللَّه خير العبادة ، قال تعالى( فَاعلَم أَنّه لا إله إلاّ اللَّه و استَغفر لِذَنبك ) .(٣) و قد قال تعالى .( وَ ما كانَ اللَّه مُعذِّبَهُم وَ هُم يَستَغفِرُون ) (٤) .

٤٤ الحكمة ( ٨٩ ) و قالعليه‌السلام :

مَنْ أَصْلَحَ مَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اَللَّهِ أَصْلَحَ اَللَّهُ مَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اَلنَّاسِ وَ مَنْ أَصْلَحَ أَمْرَ آخِرَتِهِ أَصْلَحَ اَللَّهُ لَهُ أَمْرَ دُنْيَاهُ وَ مَنْ كَانَ لَهُ فِي نَفْسِهِ وَاعِظٌ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ اَللَّهِ حَافِظٌ الحكمة ( ٤٢٣ ) و قالعليه‌السلام :

مَنْ أَصْلَحَ سَرِيرَتَهُ أَصْلَحَ اَللَّهُ عَلاَنِيَتَهُ وَ مَنْ عَمِلَ لِدِينِهِ كَفَاهُ اَللَّهُ أَمْرَ دُنْيَاهُ وَ مَنْ أَحْسَنَ فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اَللَّهِ أَحْسَنَ اَللَّهُ مَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اَلنَّاسِ

____________________

( ١ ) ذكره الطبرسي في مكارم الأخلاق : ١٦٦ .

( ٢ ) تنقيح المقال للمامقاني ٣ : ١٨٧ .

( ٣ ) محمد : ١٩ .

( ٤ ) الكافي للكليني ٢ : ٥٠٥ ح ٦ عن حسين بن زيد ، و الآية ١٩ من سورة محمد .

٥١٩

أقول : روى ( روضة الكافي ) في حديثه ( ٤٧٧ ) عن الصادقعليه‌السلام : قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : كانت الفقهاء و العلماء إذا كتب بعضهم إلى بعض كتبوا بثلاثة ليس معهنّ رابعة : من كانت همّته آخرته كفاه اللَّه همّه من الدنيا ، و من أصلح سريرته أصلح اللَّه علانيته ، و من أصلح فيما بينه و بينه تعالى أصلح اللَّه فيما بينه و بين الناس(١) .

قولهعليه‌السلام في الأول : « من أصلح ما بينه و بين اللَّه تعالى أصلح اللَّه ما بينه و بين الناس » و في الثاني : « و من أحسن في ما بينه و بين اللَّه أحسن اللَّه ما بينه و بين الناس » على ما في ( الطبعة المصرية(٢) و ابن أبي الحديد )(٣) ، و لكن في ( ابن ميثم(٤) و النسخة الخطية ) : « كفاه اللَّه ما بينه و بين الناس »(٥) .

قال الصادقعليه‌السلام : ما نقل اللَّه عبدا من ذلّ المعاصي إلى عزّ التقوى إلاّ أغناه من غير مال و أعزّه من غير عشيرة و آنسه من غير بشر(٦) .

و في الأول « و من أصلح أمر آخرته أصلح اللَّه له أمر دنياه » و في الثاني « و من عمل لدينه كفاه اللَّه أمر دنياه » قال تعالى : و من يَتّق اللَّه يَجعَل لهُ مخرجا .

( و يَرزُقُه من حيثُ لا يَحتَسبُ ) (٧) .

و عن عيسىعليه‌السلام : أوحى اللَّه تعالى إلى الدّنيا : من خدمني فاخدميه ، و من خدمك فاستخدميه(٨) .

____________________

( ١ ) الكافي الروضة للكليني : ٣٠٧ .

( ٢ ) راجع النسخة المصرية المنقحة : ٧٥٥ رقم ٤٠٩ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٦٨ رقم ٤٢٩ .

( ٤ ) شرح ابن ميثم ٥ : ٤٤٧ رقم ٤٩٨ .

( ٥ ) النسخة الخطية : ٣٢٧ .

( ٦ ) الكافي للكليني ٢ : ٧٦ ح ٨ .

( ٧ ) الطلاق : ٢ ٣ .

( ٨ ) ورد ما يشابهه في بحار الأنوار ٧٧ : ٥٤ .

٥٢٠

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579