المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٢

المهذب البارع في شرح المختصر النافع10%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 579

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 579 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 117337 / تحميل: 7178
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

ان علق الامر بزوال علة النهى... إلى غير ذلك (والتحقيق) أنه لا مجال للتشبث بموارد الاستعمال فانه قل مورد منها يكون خاليا عن قرينة على الوجوب أو الاباحة أو التبعية، ومع فرض التجريد عنها لم يظهر بعد كون عقيب الحظر موجبا لظهورها في غير ما تكون ظاهرة فيه غاية الامر يكون موجبا لاجمالها غير ظاهرة في واحد منها الا بقرينة أخرى كما أشرنا (المبحث الثامن) الحق أن صيغة الامر مطلقا لا دلالة لها على المرة ولا التكرار، فان المنصرف عنها ليس الا طلب إيجاد الطبيعة المأمور بها فلا دلالة لها على أحدهما لا بهيئتها ولا بمادتها، والاكتفاء بالمرة فانما هو

______________________________

(قوله: إن علق النهي بزوال) كما في قوله تعالى: فإذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين، وقوله تعالى: فإذا تطهرن فأتوهن، وقوله تعالى: وإذا حللتم فاصطادوا (قوله: لا مجال للتشبث) اشارة إلى إبطال استدلال بعضهم على مدعاه ببعض موارد الاستعمال كالايات المتقدمة (وحاصله) أن الكلام في المقام في أن وقوع الامر عقيب الحظر هل هو من القرائن العامة التي لا يجوز العدول عن مقتضاها إلا بدليل الموجبة لظهور الصيغة في الاباحة مطلقا أو الوجوب أو رجوع الحكم السابق على النهي أو غير ذلك ؟ والاستعمال لا يدل على شئ من ذلك لامكان استناد الظهور فيه إلى قرينة خاصة غير الوقوع عقيب الحظر فلا يصح الاستناد إليه في اثبات الدعوى (قوله: ومع فرض) يعني لو فرض التجريد عن القرائن الخاصة لم يظهر أن الوقوع عقيب الحظر من القرائن الموجبة لظهور الصيغة في غير الوجوب الذي تكون ظاهرة فيه لولا الوقوع عقيب الحظر (قوله: لاجمالها) وعليه فلا تحمل على الوجوب بناء على وضعها له الا بناء على كون حجية أصالة عدم القرينة من باب التعبد لا من باب حجية الظهور

المرة والتكرار

(قوله: مطلقا) يعنى حيث لا يقيد بمرة أو تكرار (قوله: على المرة والتكرار) سيأتي منه شرحهما (قوله: لا بهيئتها ولا بمادتها) إذ

١٨١

لحصول الامتثال بها في الامر بالطبيعة كما لا يخفى (ثم) لا يذهب عليك أن الاتفاق على أن المصدر المجرد عن اللام والتنوين لا يدل الا على الماهية - على ما حكاه السكاكي - لا يوجب كون النزاع ههنا في الهيئة - كما في الفصول - فانه غفلة وذهول عن أن كون المصدر كذلك لا يوجب الاتفاق على أن مادة الصيغة لا تدل إلا على الماهية، ضرورة أن المصدر ليس مادة لسائر المشتقات بل هو صيغة مثلها

______________________________

الهيئة موضوعة وضع الحروف للنسبة الخاصة والمادة موضوعة لصرف الماهية لا بشرط، وكل من المرة والتكرار خارج عن مدلولهما (قوله: لحصول الامتثال) إذ الامتثال يحصل بوجود المأمور به فإذا كان المأمور به صرف الطبيعة وكان يتحقق بالمرة كانت امتثالا للامر، ومنه يظهر بطلان استدلال القائل بالمرة بصدق الامتثال بها (قوله: لا يذهب عليك) قال في الفصول: الحق أن هيئة الامر لا دلالة لها على مرة ولا على تكرار... إلى أن قال: وانما حررنا النزاع في الهيئة لنص جماعة عليه، ولان الاكثر حرروا النزاع في الصيغة وهي ظاهرة بل صريحة فيها، ولانه لا كلام في أن المادة وهي المصدر المجرد عن اللام والتنوين لا تدل الا على الماهية من حيث هي على ما حكى السكاكي وفاقهم عليه... الخ فأشكل عليه المصنف (ره) بان الاتفاق على عدم دلالة المصدر المجرد الا على الماهية لا يدل على كون النزاع في المقام في الهيئة لا في المادة إذ المصدر ليس مادة للمشتقات التي منها صيغة الامر بل هو مشتق مثلها، والمادة هي الامر المشترك بينه وبينها حسبما حققه (أقول): ما في الفصول يرجع إلى أمرين أحدهما أن المصدر مادة للمشتقات وثانيهما ان الاتفاق على عدم دلالته على المرة والتكرار يقتضي الاتفاق على عدم دلالة مادة (افعل) عليه ويكون النزاع في مدلول الهيئة أما الاول فيمكن أن يكون جاريا على المشهور، وأما الثاني فلا غبار عليه لان المصدر إذا لم يدل على المرة والتكرار دل ذلك عدم دلالة مادته عليهما فيصح الاستدلال به على عدم دلالة مادة (افعل) عليهما فيلزم الاتفاق على الاول الاتفاق على الاخير (قوله: غفلة وذهول) قد عرفت أنه في محله (قوله: ضرورة أن)

١٨٢

كيف وقد عرفت في باب المشتق مباينة المصدر وسائر المشتقات بحسب المعنى ؟ فكيف بمعناه يكون مادة لها ؟ فعليه يمكن دعوى اعتبار المرة أو التكرار في مادتها كما لا يخفى (إن قلت): فما معنى ما اشتهر من كون المصدر أصلا في الكلام (قلت): - مع أنه محل الخلاف - معناه أن الذى وضع اولا بالوضع الشخصي ثم بملاحظته وضع نوعيا أو شخصيا ساير الصيغ التى تناسبه مما جمعه معه مادة لفظ متصورة في كل منها ومنه بصورة ومعنى كذلك، هو المصدر أو الفعل فافهم (ثم) المراد بالمرة والتكرار هل هو الدفعة والدفعات أو الفرد والافراد ؟ والتحقيق أن يقعا بكلا المعنيين محل النزاع

______________________________

هذا لا يثبت الاشكال على الفصول إلا من جهة ظهور كلامه في كون المصدر مادة للمشتقات، وقد عرفت إمكان حمله على الاصطلاح المشهوري (قوله: فعليه يمكن) قد عرفت أنه لا يمكن (قوله: مع أنه محل) هذا لا دخل له في دفع السؤال إذ قول الكوفيين: ان الفعل هو الاصل في الاشتقاق أءكد في توجه الاشكال فتأمل (قوله: معناه أن) إذا كان هذا معنى كلامهم فليكن هو معنى كلام الفصول (قوله: جمعه معه) الضمير الاول راجع إلى (ما) التي هي عبارة عن سائر الصيغ والثاني راجع إلى (الذي) ويمكن العكس (قوله: ومعنى) معطوف على قوله: لفظ، يعني ومادة معنى متصورة في كل منها ومنه (قوله: هو المصدر) خبر أن (قوله: أو الفعل فافهم) لعله اشارة إلى وجوب حمل كلامهم على ما ذكر بقرينة دعوى الكوفيين ان الفعل هو الاصل إذ لا يراد منه أن الفعل مادة للمشتقات بالمعنى الحقيقي " ثم " ان الموجود في بعض النسخ الضرب على لفظة: وهو أولى (قوله: الدفعة والدفعات) الفرق بين الدفعة والفرد أن الدفعة تصدق على الافراد المتعددة الموجودة في وقت واحد ولا يصدق عليها أنها فرد واحد، وأن الفرد الموجود تدريجا مثل الكلام الممتد المتصل فرد واحد وليس دفعة فبينهما عموم من وجه كما بين الافراد والدفعات ايضا (قوله: والتحقيق أن يقعا) الذي استظهره في الفصول أن النزاع

١٨٣

وان كان لفظهما ظاهرا في المعنى الاول (وتوهم) أنه لو أريد بالمرة الفرد لكان الانسب بل اللازم أن يجعل هذا المبحث تتمة للمبحث الآتي من أن الامر هل يتعلق بالطبيعة أو بالفرد ؟ فيقال عند ذلك: وعلى تقدير تعلقه بالفرد هل يقتضي التعلق بالفرد الواحد أو المتعدد أو لا يقتضي شيئا منهما ؟ ولم يحتج إلى إفراد كل منهما بالبحث - كما فعلوه - وأما لو أريد بها الدفعة فلا علقة بين المسألتين كما لا يخفى (فاسد) لعدم العلقة بينهما لو أريد بها الفرد أيضا فان الطلب - على القول بالطبيعة - إنما يتعلق بها باعتبار وجودها في الخارج ضرورة أن الطبيعة من حيث هي

______________________________

*

فيهما بالمعنى الاول، ونسب إلى القوانين كونه فيهما بالمعنى الثاني، والظاهر ان مراد المصنف (ره) امكان كون النزاع فيهما بالمعنيين لا تحقق النزاع فيهما بهما معا إذ ليس له وجه ظاهر (قوله: وان كان لفظهما) هذا من القرائن التي اعتمد عليها في الفصول لاثبات ما استظهره (قوله: وتوهم انه لو أريد) هذا التوهم للفصول والباعث له عليه ظهور لفظ الفرد المذكور في المسألتين بمعنى واحد وهو ما يقابل الطبيعة (قوله: فاسد لعدم العلقة) حاصله أن المراد بالفرد هنا غير المراد به في تلك المسألة إذ المراد به في تلك المسألة ما يتقوم بالخصوصية المميزة له عن بقية الافراد والمراد به هنا الوجود الواحد للمأمور به فان كان المأمور به هو الطبيعة يقع النزاع في أن صيغة الامر تدل على وجوب وجود واحد للطبيعة أو وجود متعدد لها أو مطلق وجودها فيتأتى النزاع على القول بتعلق الامر بالطبيعة بعين ما يتأتى به على القول بتعلقه بالفرد، والقرينة على إرادة هذا المعنى من الفرد جعله في قبال الدفعة (قوله: باعتبار وجودها) هذا ذكره المصنف (رحمه الله) تمهيدا لتأتي النزاع على القولين لا ردا على الفصول إذ لم يتوهم خلافه في الفصول كما يشهد به دعواه تأتي النزاع على القولين بناء على كون المراد الدفعة إذ لا يخفى أن القائل بالطبيعة لو كان مراده الطبيعة من حيث هي لا معنى لتأتى النزاع في المقام بكل معنى (قوله: ضرورة ان الطبيعة من) قد يقال: الماهية

١٨٤

ليست الا هي لا مطلوبة ولا غير مطلوبة، وبهذا الاعتبار كانت مرددة بين المرة والتكرار بكلا المعنيين فيصح النزاع في دلالة الصيغة على المرة والتكرار بالمعنيين وعدمها، أما بالمعنى الاول فواضح، وأما بالمعنى الثاني فلوضوح أن المراد من الفرد أو الافراد وجود واحد أو وجودات، وإنما عبر بالفرد لان وجود الطبيعة في الخارج هو الفرد غاية الامر خصوصيته وتشخصه - على القول بتعلق الامر بالطبايع - يلازم المطلوب وخارج عنه بخلاف القول بتعلقه بالافراد فانه مما يقومه (تنبيه) لا إشكال - بناء على القول بالمرة - في الامتثال وأنه لا مجال للاتيان بالمأمور به ثانيا على أن يكون أيضا به الامتثال فانه من الامتثال بعد الامتثال (وأما) على المختار من دلالته على طلب الطبيعة من دون دلالة على المرة ولا على التكرار فلا يخلو الحال إما أن لا يكون هناك إطلاق الصيغة في مقام البيان بل في مقام الاهمال أو الاجمال

______________________________

من حيث هي ليست الا هي، ويراد منه معنى أن كل ما هو خارج عنها فليس هو هي لا عينها ولا جزؤها، وبهذا المعنى يقال: الماهية من حيث هي لا موجودة ولا معدومة ولا واحد ولا كثير ولا غيرها، وقد يقال ذلك بمعنى أن الخارج عنها ليس عارضا لها بما هي هي بل بشرط الوجود، ويختص النفي بعوارض الوجود كالكتابة والحركة وبهذا المعنى يقال: الماهية من حيث هي لا كاتبة ولا متحركة ولا لا كاتبة ولا لا متحركة، فان الكتابة لما كانت في الرتبة اللاحقة للوجود كان نقيضها هو العدم في الرتبة اللاحقة له أيضا لوحدة رتبة النقيضين فجاز ارتفاع النقيضين في غير تلك الرتبة وحيث أن الطلب ليس من عوارض الماهية من حيث هي بل بشرط الوجود صح أن يقال: الماهية من حيث هي لا مطلوبة ولا لا مطلوبة فتأمل (قوله: وبهذا الاعتبار) أي اعتبار الوجود (قوله: في الامتثال) يعني يتحقق بالمرة (قوله: من الامتثال بعد الامتثال) يعني وهو ممتنع لان الامتثال فعل المأمور به وبالامتثال الاول يسقط الامر فلا يكون فعله ثانيا امتثالا وسيجئ له

١٨٥

فالمرجع هو الاصل، وإما أن يكون اطلاقها في ذاك المقام فلا اشكال في الاكتفاء بالمرة في الامتثال، وإنما الاشكال في جواز ان لا يقتصر عليها فان لازم اطلاق الطبيعة المأمور بها هو الاتيان بها مرة أو مرارا لا لزوم الاقتصار على المرة كما لا يخفى (والتحقيق) أن قضية الاطلاق انما هو جواز الاتيان بها مرة في ضمن فرد أو افراد فيكون ايجادها في ضمنها نحوا من الامتثال كايجادها في ضمن الواحد لا جواز الاتيان بها مرة ومرات فانه مع الاتيان بها مرة لا محالة يحصل الامتثال ويسقط به الامر فيما إذا كان امتثال الامر علة تامة لحصول الغرض الاقصى بحيث يحصل بمجرده فلا يبقى معه مجال لاتيانه ثانيا بداعي امتثال آخر أو بداعي أن يكون الاتيانان امتثالا واحدا لما عرفت من حصول الموافقة باتيانها وسقوط الغرض معها وسقوط الامر بسقوطه فلا يبقى مجال لامتثاله أصلا، وأما إذا لم يكن الامتثال علة تامة لحصول الغرض

______________________________

تتمة (قوله: فالمرجع هو الاصل) يعني الاصل العملي فلو تردد الامر بين الطبيعة والتكرار فالاصل البراءة عن وجوب الزائد على المرة مع تعدد الوجود أما مع اتصاله - بناء على تحقق التكرار به - فاستصحاب الوجوب هو المرجع، ولو تردد بين الطبيعة والمرة فلا أثر للشك، ولو تردد بين المرة والتكرار والطبيعة فالحكم كما لو تردد بين الطبيعة والتكرار، وكذا لو تردد بين المرة والتكرار، وربما يختلف الاصل باختلاف تفسير المرة من حيث كونها لا بشرط أو بشرط لا فلاحظ (قوله: في ذاك المقام) أي في مقام البيان (قوله: في الاكتفاء بالمرة) لصدق الطبيعة على المرة (قوله: في جواز ان لا يقتصر) يعني في جواز الاتيان ثانيا بقصد امتثال الامر لا مجرد الاتيان ثانيا بلا قصد الامر فانه لا ريب في جوازه (قوله: أو مرارا) فيجوز الاتيان ثانيا وثالثا بقصد الامتثال (قوله: فرد أو أفراد) يعني افرادا دفعية (قوله: فانه مع الاتيان بها) هذا تعليل لعدم كون مقتضى الاطلاق جواز الاتيان زائدا على المرة، ومرجعه إلى ابداء المانع العقلي عن ثبوت

١٨٦

كما إذا أمر بالماء ليشرب أو يتوضأ فأتى به ولم يشرب أو لم يتوضأ فعلا فلا يبعد صحة تبديل الامتثال باتيان فرد آخر أحسن منه بل مطلقا كما كان له ذلك قبله على ما يأتي بيانه في الاجزاء (المبحث التاسع) الحق انه لا دلالة للصيغة

______________________________

اطلاق المذكور لان الوجود الاول إذا كان علة تامة لسقوط الغرض كان علة تامة لسقوط الامر ايضا فيمتنع كون الوجود اللاحق موضوعا للامر كي يجوز الاتيان به بقصد امتثال الامر، وإذا امتنع كون الاتيان الثاني موضوعا للامر امتنع ان يكون اطلاق الصيغة شاملا للمرة والمرات " أقول ": يمكن منع الاطلاق المذكور مع قطع النظر عن المانع العقلي وذلك لان اطلاق المادة يقتضي أن يكون المراد بها صرف الوجود الصادق على القليل والكثير وهو لا ينطبق على الوجود اللاحق فانه وجود بعد وجود لا صرف الوجود الذي هو بمعنى خرق العدم فتأمل، وأما المانع الذي ذكره فهو يتوقف على امتناع التخيير بين الاقل والاكثر بكل وجه، وسيأتي الكلام فيه (قوله: كما إذا امر بالماء ليشرب) الغرض من الامر باحضار الماء: تارة يكون مجرد تمكن الآمر من شربه ولا ريب في حصوله بمجرد احضاره، واخرى يكون هو الشرب الفعلي فيشكل الامتثال ثانيا من جهة امتناع بقاء الامر مع حصول موضوعه الذي هو صرف الاحضار، فلا بد اما من الالتزام بأن موضوع الامر ليس مطلق الاحضار بل الاحضار المترتب عليه الشرب، والباعث على هذا الالتزام لزوم المساواة عقلا بين الغرض وموضوع الامر سعة وضيقا لامتناع التفكيك بينهما، وعليه فلا يتعين الاحضار الحاصل لان يكون مأمورا به الا بعد ترتب الغرض عليه، ولازمه ان المكلف في مقام الامتثال انما يأتي بالاحضار الاول رجاء كونه مأمورا به لا بقصد ذلك، وحينئذ فللمكلف الاتيان ثانيا وثالثا بهذا القصد بعينه ولا يكون فرق بين الوجود الاول وبقية الوجودات اللاحقة في كيفية الامتثال لكن لازم ذلك القول بالمقدمة الموصلة، واما من الالتزام بأن الغرض كما يبعث إلى الامر اولا بالاحضار يبعث ثانيا إلى صرف الاحضار المنطبق على بقاء الفرد الاول واحضار فرد آخر إذ لا يتعين للدخل في

١٨٧

لا على الفور ولا على التراخي (نعم) قضية إطلاقها جواز التراخي والدليل عليه تبادر طلب ايجاد الطبيعة منها بلا دلالة على تقيدها باحدهما فلا بد في التقييد من دلالة أخرى كما ادعي دلالة غير واحد من الآيات على الفورية، وفيه منع الضرورة أن سياق آية: (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم) وكذا آية: (واستبقوا الخيرات) انما هو البعث نحو المسارعة إلى المغفرة والاستباق إلى الخير من دون استتباع تركهما للغضب والشر ضرورة أن تركهما لو كان مستتبعا للغضب والشر كان البعث بالتحذير عنهما أنسب كما لا يخفى " فافهم " مع لزوم كثرة تخصيصه في المستحبات وكثير من الواجبات بل أكثرها فلا بد من حمل الصيغة فيهما على خصوص الندب أو مطلق الطلب ولا يبعد دعوى استقلال العقل بحسن المسارعة والاستباق وكان ما ورد من الآيات والروايات في مقام البعث نحوه ارشادا إلى ذلك كالآيات والروايات الواردة في البعث على اصل الاطاعة فيكون الامر فيها لما يترتب على المادة بنفسها ولو لم يكن

______________________________

الغرض الفرد الاول بخصوصه بمجرد وجوده بل كما لم يتعين أولا قبل وجوده لم يتعين بعد وجوده، ولازم ذلك الالتزام باوامر طولية بحسب الزمان مادام الغرض باقيا ويكون المراد من بقاء الامر هذا المعنى لا بقاء الامر الشخصي بحدوده لامتناع بقائه بحصول موضوعه فتأمل جيدا.

الفور والتراخى

(قوله: لا على الفور ولا على) كما هو المشهور وعن الشيخ (ره) وجماعة القول بالفور، وعن السيد (ره) الاشتراك بين الفور والتراخي، وعن آخرين التوقف، والتحقيق الاول ويظهر ذلك بملاحظة ما تقدم في المرة والتكرار (قوله: قضية اطلاقها) يعني اطلاق المادة بالاضافة إلى الزمان (قوله: تبادر طلب) يعني ولو كان الوجه في التبادر مقدمات الاطلاق (قوله: ضرورة ان تركهما) يعني أن ظاهر تعليق المسارعة والاستباق بالمغفرة والخير كون تركهما

١٨٨

هناك أمر بها كما هو الشأن في الاوامر الارشادية " فافهم " (تتمة) بناء على القول بالفور فهل قضية الامر الاتيان فورا ففورا بحيث لو عصى لوجب عليه الاتيان به فورا ايضا في الزمان الثاني أولا ؟ وجهان مبنيان على أن مفاد الصيغة - على هذا القول - هو وحدة المطلوب

______________________________

لا ينافي تحقق المغفرة والخير كما هو الحال في كل فعل متعلق بمفعوله، ولازم ذلك عدم وجوب المسارعة والاستباق والا كان تركهما موجبا للغضب والشر كما هو شأن ترك الواجب وهو خلف، بل كان الانسب حينئذ أن يقال: احذروا من الغضب والشر بالمسارعة والاستباق، لا التعبير بما في الآية، إلا أن يقال: ان الغضب الحاصل بترك المسارعة لا يضاد المغفرة التي هي موضوع المسارعة فوجوب المسارعة لا ينافي كون تركها لا يؤدي إلى الغضب بل إلى المغفرة، وكذا الحال في الآية الاخرى، ولكن هذا لو سلم لا ينافي ظهور السياق فيما ذكره المصنف (ره) فتأمل جيدا (والاولى) أن يقال: المغفرة في الآية الاولى يراد منها سببها وهو الاطاعة وكما يمتنع اخذ الاطاعة قيدا للواجب الشرعي يمتنع أخذ المسارعة إليها كذلك وكما أن الامر بالاطاعة ارشادي كذلك الامر بالمسارعة فيها، مع أن الآية على تقدير دلالتها على وجوب المسارعة لا تدل على تقييد الواجب بالفورية بل هي على خلاف ذلك أدل لان مادة المسارعة إلى الشئ إنما تكون فيما هو موسع كما لا يخفى، وكذا الحال في الآية الاخرى على تقدير كون المراد من الخيرات الخيرات الاخروية كما هو الظاهر، ولعله إلى بعض ما ذكرنا اشار بقوله: فافهم (قوله: الارشادية فافهم) لعله اشارة إلى لزوم الالتزام به لما عرفت، (قوله: فهل قضية الامر) ينبغي ان يجعل الاحتمال ثلاثي الاطراف فيقال: هل ظاهر الامر الاتيان به فورا فلو تركه عصى وسقط الامر أو الاتيان به فورا على نحو لو تركه في الزمان الاول عصى في ترك الفورية وبقي الامر بصرف الطبيعة أو الاتيان به فورا ففورا فلو تركه في الزمان الاول عصى ووجب الاتيان به بعد ذلك

١٨٩

أو تعدده ولا يخفى أنه لو قيل بدلالتها على الفورية لما كان لها دلالة على نحو المطلوب من وحدته أو تعدده فتدبر جيدا

الفصل الثالث

الاتيان بالمأمور به على وجهه يقتضى الاجزاء في الجملة بلا شبهة، وقبل الخوض في تفصيل المقام وبيان النقض والابرام ينبغي تقديم أمور (أحدها) الظاهر ان المراد من (وجهه) في العنوان هو النهج الذى ينبغي أن يؤتى به على ذاك النهج شرعا

______________________________

فورا أيضا... وهكذا، ومبنى الاحتمال الاول ان الفورية في الزمان الاول مقومة لاصل المصلحة فتفوت بفوتها وهذا هو المراد من وحدة المطلوب، ومبنى الثاني ان يكون مصلحتان احداهما قائمة بذات الفعل مطلقا والاخرى قائمة بالفورية في الزمان الاول لا غير، ومبنى الثالث كذلك الا ان مصلحة الفورية ذات مراتب مختلفة يكون ترك الفورية في كل زمان مفوتا لمرتبة من مصلحتها لا لاصلها كما هو مبنى الثاني (قوله: أو تعدده) قد عرفت ان تعدده على نحوين يكونان مبنيين لاحتمالين (قوله: لو قيل بدلالتها على) اما لو كان الدليل على الفورية غير الصيغة فيختلف باختلاف تلك الادلة، وفي المعالم بنى القول بالسقوط على الاستناد لغير الآيتين والقول بعدمه على الاستناد اليهما، ولا يخلو من تأمل ليس هذا محل ذكره والله سبحانه اعلم، ثم انه حيث كان اطلاق يعتمد عليه في نفي الفور والتراخي فلا اشكال واما إذا لم يكن اطلاق كذلك فالمرجع الاصل فلو كان التردد بين الفور والتراخي فالواجب الجمع بين الوظيفتين للعلم الاجمالي بالتكليف باحدهما، ولو كان بين الفور والطبيعة فالمرجع اصل البراءة لو كان وجوب الفورية على نحو تعدد المطلوب ولو كان بنحو وحدة المطلوب فالحكم هو الحكم مع الشك بين الاقل والاكثر، وكذا الحكم لو كان التردد بين الطبيعة والتراخي والله سبحانه أعلم

١٩٠

وعقلا مثل أن يؤتى به بقصد التقرب في العبادة، لا خصوص الكيفية المعتبرة في المأمور به شرعا فانه عليه يكون (على وجهه) قيدا - توضيحيا - وهو بعيد - مع أنه يلزم خروج التعبديات عن حريم النزاع بناء على المختار كما تقدم من ان قصد القربة من كيفيات الاطاعة عقلا لا من قيود المأمور به شرعا، ولا الوجه المعتبر عند بعض الاصحاب فانه - مع عدم اعتباره عند المعظم، وعدم اعتباره عند من اعتبره إلا في خصوص العبادات لا مطلق الواجبات، لا وجه لاختصاصه به بالذكر على تقدير الاعتبار فلا بد من ارادة ما يندرج فيه من المعنى وهو ما ذكرناه كما لا يخفى

______________________________

الكلام في الاجزاء

(قوله: مثل ان يؤتى به) بيان للنهج اللازم عقلا بناء على خروج قصد التقرب عن موضوع الامر (قوله: لا خصوص) معطوف على النهج وفيه تعريض بما قد يظهر من عبارة التقريرات فتأملها (قوله: قيدا توضيحيا) لان ذكر المأمور به يغني عنه ثم إن كون القيد توضيحيا لازم للقائلين بأن قصد التقرب داخل في المأمور به (قوله: مع انه يلزم خروج) إذ لا إشكال في عدم الاجزاء لو كان المأمور به في العبادات فاقدا لقصد التقرب وان كان واجدا لجميع ما يعتبر فيه شرعا (قوله: بناء على المختار) أما على القول بكون قصد التقرب قيدا للمأمور به فهي داخلة في محل النزاع لدخولها في العنوان ويكون عدم الاجزاء مع فقد التقرب لعدم الاتيان بالمأمور به شرعا (قوله: ولا الوجه المعتبر) يعني الوجوب والندب (قوله: عند المعظم) فلا وجه لذكره في العنوان في كلام المعظم إلا أن يكون المقصود من ذكره الاحتياط في ذكر القيود لكنه بعيد (قوله: لا مطلق الواجبات) فلا وجه لاخذه قيدا في دعوى الاجزاء مطلقا (قوله: لاختصاصه) يعني من دون سائر القيود المعتبرة في الاطاعة مثل التقرب والتمييز إلا أن يدعى الاكتفاء به عنهما على بعض

١٩١

(ثانيها) الظاهر ان المراد من الاقتضاء ههنا الاقتضاء بنحو العلية والتأثير لا بنحو الكشف والدلالة، ولذا نسب إلى الاتيان لا إلى الصيغة (ان قلت): هذا إنما يكون كذلك بالنسبة إلى أمره وأما بالنسبة إلى أمر آخر كالاتيان بالمأمور به بالامر الاضطراري أو الظاهرى بالنسبة إلى الامر الواقعي فالنزاع في الحقيقة في دلالة دليلهما على اعتباره بنحو يفيد الاجزاء أو بنحو آخر لا يفيده (قلت): نعم لكنه لا ينافى كون النزاع فيها كان في الاقتضاء بالمعنى المتقدم غايته ان العمدة في سبب الاختلاف فيهما انما هو الخلاف في دلالة دليلهما هل انه على نحو يستقل العقل بان الاتيان به موجب للاجزاء ويؤثر فيه وعدم دلالته، ويكون النزاع فيه صغرويا أيضا بخلافه في الاجزاء بالاضافة إلى أمره فانه لا يكون الا كبرويا لو كان هناك نزاع

______________________________

التقادير فتأمل (قوله: المراد من الاقتضاء ههنا) الواقع في القوانين والفصول وغيرهما في تحرير العنوان قولهم: الامر بالشئ هل يقتضي الاجزاء أولا ؟، وحيث أن ظاهر الاقتضاء فيه الكشف والدلالة كما في قولهم: الامر يقتضي الوجوب، والنهي يقتضي التحريم، نبه المصنف (ره) على ان الاقتضاء في العنوان المذكور في المتن ليس بمعنى الكشف والدلالة بل بمعنى العلية والتأثير كما في قولهم: الامر بالشئ يقتضي النهي عن ضده، والوجه في ذلك نسبة الاقتضاء في عنوان المتن إلى الاتيان وفي عنوان غيره إلى الامر وحيث أنه لا معنى لتأثير الامر في الاجزاء وجب حمله على الدلالة يعني يدل الامر على أن موضوعه واف بتمام المصلحة بخلاف الاتيان فان تأثيره في الاجزاء ظاهر إذ لولا كونه علة لحصول الغرض لما كان مامورا به (قوله: هذا إنما يكون) يعني أن حمل الاقتضاء على العلية إنما يصح بالاضافة إلى نفس الامر المتعلق بالماتي فان إجزاءه يلازم سقوط امره لا بالنسبة إلى الامر المتعلق بغيره إذ النزاع في الحقيقة يكون في دلالة الدليل فالاقتضاء فيه بمعنى الدلالة (قوله: نعم) يعني كما ذكرت من أن النزاع في دلالة الدليل (قوله: صغرويا) صورة القياس في المقام هكذا: المأمور به

١٩٢

كما نقل عن بعض (فافهم) (ثالثها) الظاهر ان الاجزاء ههنا بمعناه لغة وهو الكفاية وان كان يختلف ما يكفى عنه فان الاتيان بالمأمور به بالامر الواقعي يكفى فيسقط به التعبد به ثانيا، وبالامر الاضطراري أو الظاهرى الجعلي فيسقط به القضاء لا انه يكون ههنا اصطلاحا بمعنى اسقاط التعبد أو القضاء فانه بعيد جدا

______________________________

*

بالامر الاضطراري مأمور به بالامر الواقعي - ولو تنزيلا - والمامور به بالامر الواقعي يقتضي الاجزاء، ينتج: المأمور به بالامر الاضطراري يقتضي الاجزاء. والنزاع في هذه المسألة بالنسبة إلى الامر الواقعي في الكبرى وبالنسبة إلى الامر الاضطراري في الصغرى بالنسبة إلى الامر الواقعي، وفي الكبرى بالنسبة إلى أمر نفسه والمحكم في الكبرى مطلقا العقل والمحكم في الصغرى الدليل الشرعي فإذا كان الاقتضاء في الكبرى بمعنى العلية كان في النتيجة كذلك، ومنه يظهر أن إثبات الاجزاء في الفعل الاضطراري والظاهري بالنسبة إلى الامر الواقعي يتوقف على إثبات الصغرى والكبرى معا، وفي الفعل الواقعي على اثبات نفس الكبرى لانه عينها (قوله: فافهم) يمكن ان يكون اشارة إلى ان النزاع في مثل هذه الصغرى ليس نزاعا في المسألة الاصولية لان شأن المسائل الاصولية تنقيح الكبريات وأما الصغريات فوضيفة الفقيه، ولذا لم يتعرض في هذا المبحث لصغريات الافعال الاضطرارية والظاهرية تفصيلا فلاحظ (قوله: الظاهر ان الاجزاء) قد تضمنت جملة من العبارات كون الاجزاء له معنيان (احدهما) إسقاط التعبد بالفعل ثانيا (وثانيهما) إسقاط القضاء، وأن المراد هنا أي المعنيين ؟ وقد دفع المصنف (ره) ذلك - تبعا للتقريرات - بان لفظ الاجزاء لم يستعمل في المقام إلا بمعناه اللغوي وهو الكفاية غاية الامر أن ما يكفي عند الماتي به تارة يكون هو التعبد به ثانيا فيكون مسقطا للتعبد به واخرى الامر به قضاء فيكون مسقطا للقضاء لا أن له معنى اصطلاحيا ليتردد في أنه إسقاط التعبد أو إسقاط القضاء (قوله: يكفي فيسقط) يعنى يكفي في حصول الغرض فلا يحتاج إلى التعبد به ثانيا لتحصيله (قوله: فيسقط به) يعنى يكفي أيضا في حصول

١٩٣

(رابعها) الفرق بين هذه المسألة ومسألة المرة والتكرار لا يكاد يخفى، فان البحث ههنا في ان الاتيان بما هو المأمور به يجزئ عقلا بخلافه في تلك المسألة فانه في تعيين ما هو المأمور به شرعا بحسب دلالة الصيغة بنفسها أو بدلالة اخرى (نعم) كان التكرار عملا موافقا لعدم الاجزاء لكنه لا بملاكه، وهكذا الفرق بينها وبين مسألة تبعية القضاء للاداء فان البحث في تلك المسألة في دلالة الصيغة على التبعية وعدمها بخلاف هذه المسألة فانه كما عرفت في ان الاتيان بالمأمور يجزئ عقلا عن اتيانه ثانيا اداء أو

______________________________

*

الغرض فلا يثبت الامر بالقضاء ثم إن إجزاء المأمور به الواقعي لما كان بلحاظ الامر به ناسب التعبير باسقاط التعبد به ثانيا وإجزاء المأمور به بالامر الاضطراري والظاهري لما كان بلحاظ الامر به قضاء ناسب التعبير باسقاط القضاء (قوله: الفرق بين هذه) قد يتوهم أن القول بالمرة قول بالاجزاء والقول بالتكرار قول بعدم الاجزاء (قوله: بما هو المأمور به) يعني بعد الفراغ عن تعيين تمام المأمور به (قوله: فانه في تعيين) وحينئذ فيكون النزاع في الاجزاء مترتبا على النزاع في المرة والتكرار لا أن النزاع فيهما نزاع في الموضوع والنزاع فيه نزاع في الحكم (قوله: بحسب دلالة) يعني فيكون النزاع في أمر لفظي (قوله: عملا) متعلق بقوله: موافقا، يعني هما من حيث العمل سواء لكنه موقوف على أن المراد بالتكرار فعل كل فرد ممكن بعد آخر أما لو كان المراد ما يشمل تكرار الصلاة اليومية وصوم رمضان كما يقتضيه استدلال بعضهم فلا ملازمة بينهما عملا ثم إن هذا بالنسبة إلى أمره أما بالنسبة إلى أمر غيره فلا مجال للتوهم ولا للموافقة عملا (قوله: لا بملاكه) إذ ملاك عدم الاجزاء عدم وفاء المأمور به بالغرض المقصود منه وملاك التكرار عدم حصول تمام المأمور به (قوله: وهكذا الفرق) يعني قد يتوهم أن القول بعدم الاجزاء عين القول بتبعية القضاء للاداء، والقول بالاجزاء قول بعدم تبعية القضاء للاداء (قوله: فان البحث حينئذ) يعني أن البحث في تبعية القضاء للاداء بحث في ان الامر بشئ في وقت

١٩٤

قضاء أولا يجزئ فلا علقة بين المسألة والمسئلتين اصلا (إذا) عرفت هذه الامور فتحقيق المقام يستدعي البحث والكلام في موضعين (الاول) أن الاتيان بالمأمور به بالامر الواقعي بل بالامر الاضطراري أو الظاهري أيضا يجزئ عن التعبد به ثانيا، لاستقلال العقل بانه لا مجال مع موافقة الامر باتيان المأمور به على وجهه لاقتضائه التعبد به ثانيا. نعم لا يبعد ان يقال بأنه يكون للعبد تبديل الامتثال والتعبد به ثانيا بدلا عن التعبد به أولا لا منضما إليه كما اشرنا إليه في المسألة السابقة، وذلك فيما علم ان مجرد امتثاله لا يكون علة تامة لحصول الغرض وان كان وافيا به لو اكتفى

______________________________

*

هل يدل على لزوم فعله في خارج الوقت على تقدير عدم الاتيان به في الوقت بحيث يرجع إلى الامر به مطلقا لكونه في الوقت أولا يدل ؟ فيكون النزاع في تعيين المأمور به من حيث دلالة الامر، وأين هو من النزاع في المسألة ؟ (قوله: فلا علقة بين) أولا من جهة أن إحداهما متضمنة لتعيين نفس المأمور به والاخرى متضمنة لتعيين مقتضاه (وثانيا) من جهة أن النزاع في إحداهما لفظي وفى الاخرى عقلي " وثالثا " من جهة ان القول بعدم الاجزاء انما في ظرف الاتيان بالمأمور به والقول بالتبعية انما هو في ظرف عدم الاتيان به (قوله: بالامر الاضطراري) يعني بالاضافة إلى أمره (قوله: أو الظاهري) يعني بالاضافة إلى أمره (قوله: لاستقلال العقل بأنه) قد عرفت أن الامر الحقيقي لابد ان يكون حاكيا عن الارادة وأن الارادة حدوثا وبقاء تتوقف على العلم بالمصلحة المعبر عنها بالداعي تارة وبالغرض أخرى فالماتي به في الخارج إما أن لا يترتب عليه الغرض فلا يكون مامورا به فهو خلف أو يترتب عليه الغرض فبقاء الامر حينئذ إن كان بلا غرض فهو مستحيل كما عرفت وان كان عن غرض آخر غير الغرض الحاصل من الماتي به أولا فيلزمه أن يكون المأمور به فردين في الخارج يترتب على كل منهما غرض خاص فيكون الامر منحلا إلى أمرين يسقط كل منهما بالاتيان بمتعلقه وهو عين الاجزاء المدعى غاية الامر أنه لا يكون فعل أحدهما مسقطا لامر الآخر ومجزئا عنه ولكنه غير محل الكلام إذ الكلام - كما عرفت - في أن فعل المأمور به مجزئ عن الامر به ثانيا (قوله: لا منضما إليه)

١٩٥

به كما إذا اتى بماء امر به مولاه ليشربه فلم يشربه بعد فان الامر بحقيقته وملاكه لم يسقط بعد ولذا لو اهرق الماء واطلع عليه العبد وجب عليه اتيانه ثانيا كما لم يأت به أولا ضرورة بقاء طلبه ما لم يحصل غرضه الداعي إليه والا لما اوجب حدوثه فحينئذ يكون له الاتيان بماء آخر موافق للامر كما كان له قبل اتيانه الاول بدلا عنه. نعم فيما كان الاتيان علة تامة لحصول الغرض فلا يبقى موقع التبديل كما إذا أمر باهراق الماء في فمه لرفع عطشه فاهرقه، بل لو لم يعلم أنه من أي القبيل فله التبديل باحتمال ان لا يكون علة فله إليه السبيل، ويؤيد ذلك بل يدل عليه ما ورد من الروايات في باب اعادة من صلى فرادى جماعة وان الله تعالى يختار احبهما إليه (الموضع الثاني) وفيه مقامان (المقام الاول) في ان الاتيان بالمأمور به بالامر الاضطراري هل يجزئ عن الاتيان بالمأمور به بالامر الواقعي ثانيا بعد رفع الاضطرار في الوقت اعادة وفى خارجه قضاء أولا يجزئ ؟ تحقيق الكلام فيه يستدعي التكلم فيه (تارة) في بيان ما يمكن ان يقع عليه الامر الاضطراري من الانحاء وبيان ما هو قضية كل منها من الاجزاء وعدمه (وأخرى) في تعيين ما وقع عليه فاعلم انه يمكن

______________________________

*

قد يمكن أن يكون منضما إليه كما في الافراد الدفعية التى تكون امتثالا واحدا لعدم المرجح. فتأمل (قوله: وجب عليه) يعني بعين وجوبه أولا كما تقدم الكلام فيه (قوله: بدلا عنه) قد عرفت أنه يمكن أن يكون منضما إليه (قوله: فلا يبقى موقع) إذ الثاني مما يعلم بعدم ترتب الاثر عليه (قوله: ما ورد من الروايات) كرواية أبي بصير قلت لابي عبد الله (عليه السلام): أصلي ثم أدخل المسجد فتقام الصلاة وقد صليت فقال (عليه السلام): صل معهم يختار الله أحبهما إليه، ورواية هشام عنه (عليه السلام): في الرجل يصلي الصلاة وحده ثم يجد جماعة قال (عليه السلام): يصلي معهم ويجعلها الفريضة انشاء الله، ونحوها رواية حفص، وفي مرسلة الصدوق: يحسب له أفضلهما وأتمهما

١٩٦

ان يكون التكليف الاضطراري في حال الاضطرار كالتكليف الاختياري في حال الاختيار وافيا بتمام المصلحة وكافيا فيما هو المهم والغرض ويمكن ان لا يكون وافيا به كذلك بل يبقى منه شئ امكن استيفاؤه أو لا يمكن، وما أمكن كان بمقدار يجب تداركه أو يكون بمقدار يستحب، ولا يخفى انه ان كان وافيا به فيجزئ فلا يبقى مجال اصلا للتدارك لا قضاء ولا اعادة، وكذا لو لم يكن وافيا ولكن لا يمكن تداركه ولا يكاد يسوغ له البدار في هذه الصورة الا لمصلحة كانت فيه لما فيه من نقض الغرض وتفويت مقدار من المصلحة لولا مراعاة ما هو فيه من الاهم فافهم

______________________________

الامر الاضطراري

(قوله: ان يكون التكليف) يعني موضوعه (قوله: كالتكليف الاختياري) يعني كموضوعه (قوله: وما أمكن كان) يعني أن المقدار الباقي من المصلحة الذي يمكن استيفاؤه قسمان فانه تارة يكون واجب التدارك وأخرى يكون مستحب التدارك (أقول): ما لا يمكن استيفاؤه ايضا قسمان تارة يكون محرم التفويت وأخرى لا يكون كذلك فالاقسام خمسة وإنما لم يتعرض للقسمين المذكورين لعدم اختلافهما في الاجزاء وإن كانا يختلفان في جواز البدار وعدمه (قوله: ولا يخفى) شروع في حكم الاقسام من حيث الاجزاء (قوله: اصلا للتدارك) لان التدارك إنما يكون في ظرف الفوت والمفروض عدمه (قوله: ولا يكاد يسوغ) يعني حيث يكون الفائت مما يحرم تفويته أما إذا لم يكن فلا تحريم للبدار كما أن نسبة التحريم إلى البدار لا تخلو من مسامحة إذ المحرم هو تفويت ذلك المقدار والبدار ليس تفويتا ولا مقدمة له وإنما هو ملازم له فلا ينسب إليه التحريم إلا بالعرض والمجاز ولذا لم تفسد العبادة، ولعله إلى هذا اشار بقوله: فافهم (قوله: إلا لمصلحة) يعني إذا كانت مصلحة في البدار تصلح لمزاحمة المقدار الفائت لم يحرم التفويت الملازم للبدار حينئذ (قوله: لما فيه من)

١٩٧

(لا يقال): عليه فلا مجال لتشريعه ولو بشرط الانتظار لامكان استيفاء الغرض بالقضاء (فانه يقال): هذا كذلك لولا المزاحمة بمصلحة الوقت، وأما تسويغ البدار أو ايجاب الانتظار في الصورة الاولى فيدور مدار كون العمل بمجرد الاضطرار مطلقا أو بشرط الانتظار أو مع اليأس عن طرؤ الاختيار ذا مصلحة ووافيا بالغرض، وان لم يكن وافيا وقد امكن تدارك الباقي في الوقت أو مطلقا ولو بالقضاء خارج

______________________________

تعليل لعدم جواز البدار لكن عرفت أن البدار لا تفويت فيه لغرض المولى وإنما هو يلازم التفويت (قوله: فلا مجال لتشريعه) يعني إذا كان البدل الاضطراري غير واف بمصلحة المبدل الاختياري كيف جاز تشريعه ولو في آخر الوقت ؟ لان في تشريعه تفويتا للمصلحة (قوله: هذا كذلك) (أقول): تشريع الاضطراري إنما جاز لاشتماله على المصلحة مع عدم كونه مقدمة للتفويت فالمنع عن تشريعه غير ظاهر الوجه الا ان يكون المراد من تشريعه الامر بفعله في الوقت أو الاذن كذلك الملازمين للاذن في التفويت (قوله: لولا المزاحمة) يعنى انما يكون تفويت التشريع ممنوعا عنه حيث يؤدي إلى تفويت المصلحة مع عدم مزاحمتها بمصلحة أخرى وإلا فلو فرض كون خصوصية الفعل في الوقت مشتملة على مصلحة تزاحم المقدار الفائت لم يكن مانع عن تشريعه كما تقدم مثل ذلك في جواز البدار ثم إنه حيث كان في خصوصية الوقت مصلحة يتدارك بها ما يفوت جاز البدار أول الوقت إذا علم الاضطرار في تمام الوقت ولا موجب للانتظار فتأمل (قوله: في الصورة الاولى) وهي ما كان الاضطراري فيها وافيا بتمام المصلحة (قوله: الاضطرار مطلقا) وعليه يجوز البدار مطلقا (قوله: أو بشرط الانتظار) وعليه فلا يجوز البدار (قوله: أو مع اليأس) فلا يجوز البدار الا مع اليأس ثم إن هذه الاقسام لا تختص بالصورة الاولى بل تجري في الثانية أيضا إذ قد تكون خصوصية الوقت مطلقا ذات مصلحة تزاحم المقدار الفائت. وقد تكون بشرط الانتظار، وقد تكون بشرط اليأس وقد يكون بغير ذلك فيتبع كلا حكمه (قوله: وان لم يكن وافيا)

١٩٨

الوقت فان كان الباقي مما يجب تداركه فلا يجزئ فلا بد من ايجاب الاعادة أو القضاء وإلا فاستحبابه ولا مانع عن البدار في الصورتين غاية الامر يتخير في الصورة الاولى بين البدار والاتيان بعملين العمل الاضطراري في هذا الحال والعمل الاختياري بعد رفع الاضطرار أو الانتظار والاقتصار باتيان ما هو تكليف المختار، وفي الصورة الثانية يتعين عليه استحباب البدار واعادته بعد طروء الاختيار. هذا كله فيما يمكن أن يقع عليه الاضطراري من الانحاء، وأما ما وقع عليه فظاهر إطلاق دليله مثل قوله تعالى: (فان لم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا) وقوله (عليه السلام): (التراب أحد الطهورين ويكفيك عشر سنين) هو الاجزاء وعدم وجوب الاعادة أو القضاء ولا بد في ايجاب الاتيان به ثانيا من دلالة دليل بالخصوص (وبالجملة):

______________________________

*

معطوف على قوله: إن كان وافيا (قوله: فلا بد من ايجاب) لاجل تدارك الباقي (قوله: والا فاستحبابه) الظاهر أن أصل العبارة: والا فيجزئ، بمعنى عدم وجوب الاعادة والقضاء وان كان يستحب (قوله: ولا مانع عن) إذ لا تفويت فيهما (قوله: في الصورة الاولى) وهي ما يكون الباقي فيها مما يجب تداركه (قوله: وفى الصورة الثانية) وهي ما كان الباقي فيها مما يستحب تداركه (قوله: استحباب البدار) هذا الاستحباب بنحو الكلية غير ظاهر الوجه إلا أن يستند فيه إلى مثل آيتي المسارعة والاستباق فتأمل (قوله: وأما ما وقع عليه) التعرض لذلك ينبغي أن يكون في الفقه لا هنا إذ ليس لدليله ضابطة كلية فقد يختلف الدليل باختلاف قرينة الحال أو المقال من حيث الدلالة على الوفاء وعدمه وكأن مقصود المصنف (ره) الاشارة إلى ما يكون كالانموذج لادلة البدل الاضطراري (قوله: هو الاجزاء) أما اقصاء ما كان بلسان البدلية مثل: أحد الطهورين، ونحوه فظاهر، فان اطلاق البدلية يقتضي قيام البدل مقام المبدل منه بلحاظ جميع الآثار والخواص فلا بد من أن يفى بما يفي به المبدل من المصلحة بمرتبتها ويترتب عليه الاجزاء " فان قوله ": هذا الاطلاق

١٩٩

وان كان ثابتا الا انه معارض باطلاق دليل المبدل منه فانه يقتضي تعينه في جميع الاحوال ولازمه وجوب حفظ القدرة عليه الكاشف عن عدم وفاء البدل بمصلحته والا جاز تفويت القدرة عليه، وكما يمكن الجمع بينهما برفع اليد عن اطلاق دليل المبدل فيحمل على تعينه في ظرف القدرة عليه جاز رفع اليد عن اطلاق دليل البدل فيحمل على وفائه ببعض مراتب المصلحة التي يفي بها المبدل واذ لا مرجح يرجع إلى الاصل ويسقط الاطلاق عن المرجعية " قلت ": نسبة دليل البدل إلى دليل المبدل منه نسبة الحاكم إلى المحكوم لانه ناظر إليه موسع لموضوعه فيجب تقديمه عليه وجوب تقديم الحاكم على المحكوم. هذا كله بالنظر إلى طبع الكلام نفسه أما بملاحظة كون البدلية في حال الاضطرار فلا يبعد كون مقتضى الجمع العرفي كون البدل من قبيل الميسور للتام ولاجل ذلك نقول: لا يجوز تعجيز النفس اختيارا لانه تفويت للتام، فتأمل جيدا. وأما ما كان بلسان الامر فقد يشكل اطلاقه المقتضي للاجزاء إذ الامر انما يدل على وفاء موضوعه بمصلحة مصححة للامر به أما أنها عين مصلحة المبدل أو بعضها فلا يدل عليه الامر ولا يصلح لنفي وجوب الاعادة أو القضاء. نعم لو كان المتكلم في مقام بيان تمام ما له دخل في حصول الغرض المترتب على الاختياري مع عدم الامر بالاعادة أو القضاء أمكن الحكم بالاجزاء حينئذ اعتمادا على هذا الاطلاق المقامي المقدم على اطلاق دليل المبدل للحكومة، أو كون الامر واردا مورد جعل البدل فيجري فيه ما تقدم، اللهم إلا أن يقال: دليل المبدل ظاهر في التعيين في حال التمكن وعدمه ودليل البدل ظاهر في تعينه في حال عدم التمكن من المبدل وهما متنافيان للعلم بعدم تعينهما معا فيدور الامر (بين) رفع اليد عن ظهور دليل البدل في التعيين ودليل المبدل فيه بالاضافة إلى بعض مراتب المصلحة ولازمه الحكم بتعين المبدل في تحصيل تمام مرتبة الغرض والتخيير بينه وبين البدل في تحصيل بعضها ويترتب عليه عدم الاجزاء (وبين) رفع اليد عن اطلاق دليل المبدل بالاضافة إلى حالتي التمكن وعدمه وحيث أن الثاني أقرب يكون هو المتعين ولازم ذلك اشتراط وجوب المبدل بحال التمكن فيترتب

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

باشتراط تبقيته، ومع إطلاق الابتياع يلزم البايع إبقاؤه إلى إدراكه، وكذا الثمرة مالم يشترط الازالة، ويصح اشتراط العتق والتدبير والكتابة، ولو اشترط ألا يعتق أو لا يطأ الامة قيل: يبطل الشرط دون البيع.ولا أعرف بها عاملا حتى أنقله.

قال طاب ثراه: ويصح اشتراط العتق والتدبير والمكاتبة.ولو اشترط ألا يعتق أولا يطأ الامة قيل: يبطل الشرط دون البيع.

أقول: البحث هنا يقع في فصلين: الاول: في اشتراط فعل هذه الامور، وهي ثلاثة أقسام.(القسم الاول) اشتراط العتق، وهو سايغ عند علمائنا أجمع، لعموم قوله تعالى: " واحل الله البيع "(١) وقولهعليه‌السلام : المؤمنون عند شروطهم(٢) .فالمشتري إما أن يعتق أولا؟ واذا لم يعتق إما أن يموت العبد أولا؟ فهنا أبحاث ثلاثة: الاول: وفيه مسائل (أ) مع العتق لا كلام في لزوم العقد لوفائه بما شرط عليه وخروجه عن العهدة.

(ب) هذا الشرط، أي شرط العتق هل هو حق الله تعالى، أو للبايع، أو للعبد، فيه ثلاث احتمالات وجه الاول، انه غاية يتقرب بها إلى الله تعالى، فهو كالملتزم بالنذر.ووجه الثاني، تعلق غرض البايع به، وظاهر انه بواسطة هذا الشئ يساغ في الثمن.ووجه الثالث، ملك العبد نفسه وتسلطه على تصرفات الاحرار، ولهذا كان

____________________

(١) البقرة: ٢٧٥.

(٢) عوالى اللئالى: ج ١ ص ٢٣٥ الحديث ٨٤ وص ٢٩٣ الحديث ١٧٣ وج ٢ ص ٢٧٥ الحديث ٧ وج ٣ ص ٢١٧ الحديث ٧٧

٤٠١

كالنسب المخرج له من العدم إلى الوجود.فعلى الاول المطالبة للحاكم، ولو اسقطه البايع لم يسقط.وعلى الثاني المطالبة للبايع، ويسقط باسقاطه، كاسقاط الرهن والكفيل، دون الحاكم وعلى الثالث المطالبة للعبد لتحصيل فكاكه.وأورد العلامة - على هذا الاحتمال، بعد أن قواه - إشكالا ينشأ من كونه منوطا بإختيار المشتري، إذ له الامتناع، غايته تسلط البايع على الفسخ والامضاء، ومن ثبوت حق للعبد للانتفاع به، فكان له المطالبة به، قال: وهذا أقرب(١) .

(ج) هل يثبت هنا ولاء أم لا؟ يحتمل العدم، لانه عتق واجب بعقد البيع، فلا يستعقبه ولاء، والثبوت لان له الاخلال بالشروط المشترطة في البيع من عتق وغيره ويثبت الخيار للبايع، فالعتق في الحقيقة مستند إلى اختياره، فيكون متبرعا، فيستعقبه الولاء، فعلى الاول لا ولاء هنا، أما بالنسبة إلى البايع فلانتقال الملك عنه، وصدور العتق عن غيره، وقالعليه‌السلام : الولاء لمن أعتق(٢) وأما بالنسبة إلى المشتري، فلوجوب العتق عليه.

(د) إن أعتقه المشتري فقد وفى بما عليه، والتزم بالبيع، والولاء له إن قلنا بثبوته، وإن إمتنع، فان قلنا أنه حق للبايع لم يجز كما لو شرط الرهن والتضمين، لكن يتخير في الفسخ لعدم سلامة ما شرط له، وان قلنا انه حق لله، أجبر عليه، فيحتمل فيه وجهين، حبسه حتى يعتق، واعتاق القاضي عليه.

(ه‍) هل يجوز اعتافه عن الكفارة؟ فنقول: إن شرط البايع عتقه عن الكفارة أجزأ ويكون فائدة الشرط، التخصيص لهذا العبد بالاعتاق، وان لم يشترط، فإن قلنا

____________________

(١) التذكرة: ج ١، في الشروط الجائزة في ضمن العقد، ص ٤٩٢ س ١٩ قال: وعلى ما اخترناه نحن للعبد المطالبة بالعتق على اشكال الخ.

(٢) عوالى اللئالى: ج ٣، باب التجارات، ص ٢١٧ الحديث ٧٨ ورلا حظ ذيله.

٤٠٢

أن العتق لله تعالى لم يجز، كإعتاق المنذور عتقه، وان قلنا انه حق للبايع فكذلك ان لم يسقط حقه، وان أسقطه جاز لسقوط وجوب العتق، ويحتمل عدمه لان البيع بشرط العتق لا يخلو عن محاباة، فكأنه أخذ عن العتق عوضا.وان قلنا أنه حق للعبد أجزأ لحصول العتق في الجملة ووقوع مراد العبد.

(و) يجوز للمشتري الاستخدام، لعدم خروجه عن الملك إلا بالعتق ولم يحصل، وكذا ما يحصل له من كسب أو التقاط يكون للمشتري.

(ز) اذا قلنا بثبوت الولاء للمشتري لم يصح اشتراطه للبايع، لمنافاته النص، وهل يفسد به البيع؟ وجهان مبنيان على بطلان البيع مع بطلان الشرط وعدمه.

البحث الثاني: اذا مات العبد، أو قتل قبل العتق، وفيه مسائل: الاولى: يتخير البايع بين الفسخ، فيرد ما أخذه من الثمن، ويطالب بالقيمة يوم القبض لانه وقت انتقال الضمان إلى المشتري، وبين الامضاء فيرجع بما نقصه بشرط العتق، فاذا قيل قيمته لو بيع مطلقا، مائة، وبشرط العتق خمس وسبعون زيد على الثمن مثل ثلثه.فرع ويحكم مع الاجازة، بكون العبد مات على ملك المشتري، ومع الفسخ على ملك البايع، فمؤنة التجهيز على البايع في الثاني، وعلى المشتري في الاول.ومع قتله يكون المحاكمة إلى المشتري مع الاجازة والى البايع مع الفسخ.ولو كان هناك قسامة، حلف المشتري مع الاجازة، والبايع مع الفسخ.

تذنيبان

(أ) لو كان القاتل هو البايع، كان له الخيار أيضا، فإن اختار الفسخ رد الثمن

٤٠٣

إلى المشتري، وإن اختار الامضاء رجع بالارش، ودفع إلى المشتري القيمة.ولو كان القتل خطأ استوفاه المشتري من عاقلته في ثلاثة أحوال.

(ب) لو كان البايع حلف أن لا يقتل عبدا له، ثم فسخ بعد قتله لم يحنث، لانتقال الملك إلى المشتري بالعقد والفسخ متجدد.ولو كان المشتري هو القاتل يجبر القاتل أيضا، فان فسخ رد الثمن وألزم المشتري بالقيمة، وحنث المشتري لو حلف أن لا يقتل عبدا له، لتجدد خروج الملك عنه.ولو جنى على طرفه بجناية أوجب أرشا وفسخ البايع، إحتمل قويا كون الارش للمشتري، لانه نماء ملكه، وللبايع، لانه عوض عن بعض المبيع، وهو قوي أيضا.

الثانية: شرط العتق تناول السبب المباح، فلو نكل به لم يأت بالشرط، وكان للبايع الخيار بين الفسخ والامضاء كالتالف ويحكم بالعتق عقيب التنكيل، فيرجع البايع بالقيمة مع الفسخ، وبالتفاوت مع الاجازة كما تقدم.

الثالثة: شرط العتق إنما يتناول العتق مجانا، فلو أعتقه وشرط عليه الخدمة، أو شيئا من المال، يتخير البايع أيضا، فان فسخ إحتمل نفوذ العتق، لابتنائه على التغليب، فيرجع البايع بالقيمة كالتالف، ويحتمل بطلانه لوقوعه على خلاف ما وجب عليه، ويحتمل نفوذ العتق ولا خيار للبايع ولا شئ له، لحصول العتق له في الجملة.

البحث الثالث لم يعتقه ولم يمت، وفيه مسائل.

(أ) لو باعه، أو أوقفه، أو كاتبه، تخير البايع، فان فسخ بطلت العقود، لوقوعها في غير ملك تام.

(ب) لوباعه المشتري من غيره وشرط عليه العتق، احتمل ضعيفا الصحة، لوقوع غرض البايع به كما لو فعله بوكيله، وقويا البطلان، لان شرط العتق مستحق عليه فليس له نقله إلى غيره.

٤٠٤

(ج) لو نذر المشتري عتقه مطلقا، أو علق بشرط وحصل، تأكد وجوب الاعتاق، فإن أخل به كفر، وكان للبايع الفسخ، ولو أعاده بملك مستأنف لم يجب العتق.

(القسم الثاني) اشتراط التدبير، وفيه مسائل:

(أ) إن دبره وفى بشرطه وخرج من العهدة، سواء كان التدبير مطلقا أو مقيدا، فان خرج قبل حصول الموت وجب عليه التدبير ثانيا، إن قلنا بعدم جواز الرجوع، وان لم يفعل تخير البايع.

(ب) لو لم يدبر تخير البايع بين الفسخ والامضاء، فيرجع بالتفاوت.

(ج) هل يجوز للمشتري الرجوع في هذا التدبير؟ إحتمالان، نعم، قضية للتدبير، غايته تسلط البايع على الفسخ، والمنع لوجوب الوفاء بالشرط، وعدم حصول غرض البايع، فالرجوع فيه ابطال له، فينافي صحة الشرط.

(القسم الثالث) اشتراط المكاتبة، وفيه مسائل:

(أ) وهو صحيح عندنا، خلافا للشافعي فيه، وفي أحد قوليه في العتق، لنا إنه فعل سايغ مرغب فيه وعقد البيع قابل له.احتج بانه شرط ازالة ملكه عنه، فكان فاسدا، لاقتضاء صحة العقد التمليك، واقتضاء لزوم الشرط خروج الملك.والجواب، لامنافاة، لاستناد اخراج الملك إلى إختيار المشتري، اذ لايجبر على الشرط، وله فوائده الحاصلة قبل العتق والمكاتبة، ففوائد الملك موجودة فيه.

(ب) اطلق الشرط، فيتخير في المكاتبة بأي قدر شاء، وإن عين قدرا تعين، فيتخير مع الخلاف، ولو طلب في المطلقة أزيد من القيمة وامتنع العبد، تخير البايع أيضا بين الفسخ والامضاء وإلزام المشتري بالكتابة به بقيمة العبد، ولا يجب على المشتري المكاتبة بدون القيمة.

(ج) يتخير مع الاطلاق في المكاتبة المطلقة والمشروطة، فان عجز في المشروطة

٤٠٥

فرده رقا، فالاقرب عدم ثبوت الخيار، للامتثال، واستناد التفريط إلى المالك حيث لم يتعين المطلقة، ولو عين لو نوعا تعين، فيتخير مع الخلاف في الفسخ والامضاء، والزامه بالكتابة ثانيا.

فرع

لو اشترى من ينعتق عليه بشرط العتق لم يصح، لتعذر الوفاء بالشرط، فانه ينعتق عليه قبل ان يعتقه.

الفصل الثاني: في اشتراط أضداد هذه الامور، كأن يشترط عليه أن لايعتق، أو لايطأ الجارية.ولا شك أن مقتضى عقد البيع انتقال المبيع إلى المشتري، ويلزمه تسليطه على المبيع بسائر أنواع التصرفات، فاذا شرط عليه أن لا يعتق أولا يطأ فقد شرط ماينافي العقد، فيكون باطلا.وايضا الكتاب والسنة وردا بتسويغ العتق، بل واستحبابه وبوطء الامة، وهو مانع منهما، فيكون مخالفا للكتاب والسنة.واذا فسد الشرط هل يسري فساده ألى البيع؟ أو يكون صحيحا والباطل هو الشرط خاصة؟ المصنف(١) والعلامة على الاول(٢) والشيخ على الثاني(٣) وبه قال القاضي(٤) وأبوعلي(٥) .

احتج الاولون بأن الشرط له قسط من الثمن، فانه قد يزيد باعتباره وقد ينقص،

____________________ _

(١) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٢) المختلف: في الشروط ص ١١٨ س ٢٥ قال: والمعتمد عندي بطلان العقد والشرط معا.

(٣) المبسوط: في تفريق الصفقة ص ١٤٨ س ٢٣ قال: اذا اشترى جارية إلى أن قال: أوبشرط أن لا يبيعها أو لا يعتقها أو لا يطأها كان البيع صحيحا والشرط باطلا الخ.

(٤) و(٥) المختلف: في الشروط ص ١١٨ س ٢٥ قال بعد نقل قول الشيخ في المبسوط من بطلان الشرط خاصة: وبه قال: ابن الجنيد وابن البراج، ولا يخفى ان هذا يوهم خلاف ما قصده المؤلف، فتأمل.

٤٠٦

فاذا بطل الشرط بطل ما بازائه من الثمن وذلك غير معلوم، فتطرقت الجهالة إلى الثمن، فيبطل البيع.ولان البايع إنما رضي بنقل سلعته عنه بهذا الثمن على تقدير سلامة الشرط، وكذلك المشتري انما رضي ببذل هذا الثمن في مقابلة العين على تقدير سلامة هذا الشرط، فاذا لم يسلم لاحدهما ما شرطه كان البيع باطلا، لانه يكون تجارة عن غير تراض.

احتج الاخرون بأن الاصح صحة البيع، وبعموم قوله تعالى: " وأحل الله البيع "(١) ولان لزوم الشرط فرع على صحة البيع، فلو كان الحكم بصحة البيع موقوفا على صحة الشرط لزم الدور، وبأن عايشة إشترت بريرة بشرط ان تعتقها ويكون ولاؤها لمواليها، فأجاز النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله البيع وأبطل الشرط(٢) .والجواب عن الاول، بان الاصل يصار عنه للدليل، وقد بيناه.وعن الثاني، بان المراد البيع بشروطه.وعن الثالث، ان تسويغ الشرط ليس بشرط في الحقيقة لصحة العقد حتى يلزم الدور، بل هي صفات للبيع، فما كان منها سائغا داخلا تحت القدرة، لزم باشتراطه في العقد، كما لو شرط صفة كمال في البيع، وان لم يكن سائغا بطل العقد لا من حيث فوات شرطه، بل من حيث وقوع الرضا عليه، وشروط الصحة انما هي المذكورة في الاول الكتاب، مثل كمال المتعاقدين، وكون المبيع مما ينتفع به معلوما، فهذه شروط الصحة يبطل العقد بفقد أحدها، بخلاف هذه الشروط، وصحة العقد يلزم ما تعين فيه من الشروط السائغة فلا دور.وعن الرابع، بمنع السند.

____________________

(١) البقرة: ٢٧٥.

(٢) عوالى اللئالى: ج ٣ باب التجارات ص ٢١٧ الحديث ٧٩ ولا حظ ذيله.

٤٠٧

ولو شرط في الامة ألا تباع ولا توهب، فالمروى الجواز.

تتمة

روى الشيخ في أماليه والعلامة في تذكرته عن عبدالوارث بن سعيد قال: دخلت مفوجدت بها ثلاثة فقهاء كوفيين، ابوحنيفة، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، فصرت إلى أبي حنيفة فسألته عمن باع بيعا وشرط شرطا؟ فقال: البيع والشرط فاسدان، فأتيت ابن أبي ليلى فسألته؟ فقال: البيع جائز والشرط باطل، فأتيت إبن شبرمة فسألته؟ فقال: البيع والشرط جائزان، فرجعت إلى أبي فقلت: إن صاحبيك خالفاك ! فقال: لست أدري ماقالا، حدثنى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع وشرط، ثم أتيت إبن أبي ليلى فقلت: إن صاحبيك خالفاك.

فقال: ما أدرى ما قالا، حدثنى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت: لما اشتريت بريرة جاريتي شرط علي مواليها أن أجعل ولاء‌ها لهم إذا أعتقتها، فجاء النبيعليه‌السلام فقال: الولاء لمن أعتق، فأجاز البيع وأفسد الشرط، فأتيت إبن شبرمة، فقلت: إن صاحبيك خالفاك ! فقال: ما أدري ما قالا، حدثني مسعر عن حارب عن جابر قال: ابتاع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مني بعيرا بمكة، فلما نقدنى الثمن شرطت عليه أن يحملنى على ظهره إلى المدينة، فأجاز النبيعليه‌السلام : الشرط والبيع(١) و(٢) .

والمحقق عند علمائنا: أن الشرط اذا لم يكن مخالفا للكتاب والسنة، ولا مؤديا إلى جهالة في المبيع أو الثمن لزم.

قال طاب ثراه: ولو شرط في الامة أن لا تباع ولا توهب في المبيع أو الثمن لزم.

قال طاب ثراه: ولو شرط في الامة أن لا تباع ولا توهب، فالمروي الجواز.

أقول: روى صفوان عن ابن سنان قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن

____________________

(١) امالى الشيخ الطوسي: ج ٢ الجزء الرابع عشر ص ٤.

(٢) التذكرة: ج ١ القسم الرابع النهي عن بيع وشرط ص ٤٩٠ س ٩.

٤٠٨

ولو باع أرضا جربانا معينة فنقصت، فللمشتري الخيار بين الفسخ والامضاء بالثمن، وفي رواية، له أن يفسخ أو يمضي البيع بحصتها من الثمن وفي الرواية، إن كان للبايع ارض بجنب تلك الارض لزم البايع أن يوفيه منها ويجوز ان يبيع مختلفين صفقة، وأن يجمع بين سلف وبيع.الشرط في الاماء ألا تباع ولا توهب؟ فقال: يجوز ذلك غير الميراث فانها تورث، لان كل شرط خالف كتاب الله فهو باطل(١) وقال العلامة: ببطلان الشرط لمنافاته العقد(٢) وهو مذهب الشهيد(٣) وفخر المحققين(٤) وفي بطلان البيع به الخلاف المتقدم.

قال طاب ثراه: وفي الرواية ان كان للبايع أرض بجنب تلك الارض لزم البايع أن يوفيه منها.

أقول: إذا باعه أرضا على أنها عشرة أجرية مثلا فخرجت خمسة، فلا يخلو إما أن يكون للبايع أرض بجنب تلك الارض أولا، فهنا مسألتان: (أ) أن لا يكون مجاورا لها، وفيه قولان: أحدهما: له الخيار بين الفسخ وبين الرضا بكل الثمن قاله الشيخ في المبسوط(٥)

____________________

(١) التهذيب: ج ٧(٦) باب ابتياع الحيوان، ص ٦٧ الحديث ٣.

(٢) التذكرة: ج ١ القسم الرابع، النهي عن بيع وشرط، ص ٤٨٩ س ٤١ قال: مسألة قد بينا ان كل شرط ينافي مقتضى العقد فانه يكون باطا إلى أن قال: وكذا لو شرط عليه أن لا يبيعها الخ.

(٣) الدروس: كتاب البيع ص ٣٤٣ س ٢ قال: درس في الشروط إلى أن قال: ولو شرط ما ينافيه، كعدم التصرف بالبيع والهبة والاستخدام والوطء‌الى أن قال: بطل وأبطل على الاقرب.

(٤) ايضاح الفوائد: ج ١ الفصل الثالث في الشرط ص ٥١٢ س ٥ قال: واما أن ينافي مفتضى العقد إلى أن قال: فهذه الشروط باطلة الخ ولم يعلق هدا الفرع شيئا.

(٥) المبسوط: ج ٢ في بيع الصبرة وأحكامها ص ١٥٤ س ٥ قال: واذا قال: بعتك هذه الارض على انها ماء‌ة ذراع فكانت تسعين، فالمشتري بالخيار ان شاء فسخ البيع وان شاء أجازه بكل الثمن الخ.

٤٠٩

وتبعه القاضي(١) والمصنف(٢) وهو الذي إستقربه العلامة في القواعد(٣) واختاره فخر المحققين(٤) لان العقد وقع على جميع الثمن، فلا يتبعض عليه، بل يكون له الخيار بين الفسخ والامضاء.

والآخر: له الخيار بين الفسخ والامساك بقسطه من الثمن قاله في النهاية(٥) وتبعه ابن إدريس(٦) واختاره العلامة(٧) في المختلف لانه وجده ناقصا في القدر فكان له أخذه بقسطه من الثمن، كما لو اشترى الصبرة على أنها عشر أقفزة فبانت تسعة، وكذا المعيب له امساكه وأخذ أرشه، لرواية عمر بن حنظلة(٨) وهو اختيار الاكثر.

____________________

(١) المختلف: في الغرر والمجازقة ص ١١٢ س ٢٥ قال: بعد نقل قول الشيخ في المبسوط: وتبعه ابن البراج.

(٢) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٣) القواعد: الفصل الثالث في الشرط ص ١٥٣ س ١٤ قال: والاقرب أن للبايع إلى أن قالل: وللمشتري الخيار في طرف النقصان فيهما بين الفسخ والامضاء.

(٤) الايضاح: ج ١ ص ٥١٧ س ٢٢ قال: في شرح قول العلامة: والحق رجوع هذه المسائل إلى أن المقدار وصف والمبيع العين الخ.

(٥) النهاية: باب بيع المياه والمراعي وأحكام الارضين ص ٤٢٠ س ١١ قال: واذا اشترى الانسان من غيره جريانا معلومة من الارض إلى أن قال: فنقض عن المقدار الذي اشتراه كان بالخيار بين أن يرد الارض وبين أن يطالب يرد ثمن ما نقض من الارض، وان كان للبايع أرض بجنب تلك الارض وجب عليه أن يوفيه تمام ما باعه الخ.

(٦) السرائر: باب بيع المياه وأحكام الارضين ص ٢٤٧ س ٢٦ قال: وروي انه اذا اشترط الانسان من غيره جريانا معلومة من الارض فنقص كان بالخيار بين أن يرد الارض وبين أن يطالب برد ثمن ما نقص إلى أن قال: وان كان للبايع أرض بجنب تلك الارض فغير واضح الخ.

(٧) المختلف: في الغرر والمجازفة ص ١١٢ س ٢٢ قال: مسألة قال الشيخ في النهاية إلى أن قال بعد نقل رواية عمربن حنظلة: فالتخطي إلى الارض المجاورة ممنوع.

(٨) سيأتي عن قريب

٤١٠

(ب) أن يكون له أرض يجاور المبيع، قال في النهاية: كان للمشتري الخيار بين إمساكه بحصته من الثمن وبين إلزامه توفية الناقص من الارض المجاورة(١) وقال ابن إدريس: بل له الخيار بين الفسخ والرجوع بقسط الناقص(٢) وهو مدهب العلامة في المختلف(٣) .

احتج الشيخ بما رواه عمر بن حنظلة عن الصادقعليه‌السلام في رجل باع أرضا على أن فيها عشرة أجربة، فاشترى المشتري منه بحدوده ونقد الثمن وأوقع صفقة البيع وافترقا، فلما مسح الارض فاذا هي خمسة أجربة، قال: إن شاء إسترجع ماله وأخذ الارض، وان شاء رد المبيع واخذ ماله كله، إلا أن يكون بجنب تلك الارض له ايضا أرضون، فليوفيه، ويكون البيع لازما له، وعليه الوفاء له بتمام البيع، فإن لم يكن له في ذلك المكان غير الذي باع، فإن شاء المشتري أخذ الارض واسترجع فضل ماله، وإن شاء رد الارض وأخذ المال كله(٤) .واللام في قوله (وفي الرواية) للعهد، لانه حكى الحكم الاول من الرواية، وهو قوله " كان له الخيار بين الفسخ والامضاء بحصتها " فقال: وفي الرواية، أي في الرواية التي هي مستند هذا الحكم، اذا كان للبايع أرض بجنب تلك الارض.

فرع

لو اختار المشتري الاخذ للارض بقسطها من الثمن على القول به، هل يثبت للبايع خيار الفسخ؟ احتمالان:

____________________

(١) تقدم آنفا نقله عن النهاية.

(٢) تقدم نقله عن السرائر بقوله (فغير واضح).

(٣) تقدم نقله عن المختلف بقوله (فالتخطي إلى الارض المجاورة ممنوع).

(٤) التهذيب: ج ٧(١١) باب أحكام الارضين ص ١٥٣ الحديث ٢٤.

٤١١

الخامس: في العيوب

وضابطها ما كان.زائدا عن الخلقة الاصلية، أو ناقصا.واطلاق العقد يقتضي السلامة.فلو ظهر عيب سابق تخير المشتري بين الرد والارش، ولا خيرة للبايع.ويسقط الرد، بالبراء‌ة من العيب ولو إجمالا، وبالعلم به قبل العقد، وبالرضا بعده، وبحدوث عيب عنده، وباحداثه في المبيع حدثنا، كركوب الدابة، والتصرف الناقل ولو كان قبل العلم بالعيب.أما الارش فيسقط بالثلاثة الاول دون الاخيرين.ويجوز بيع المعيب وان لم يذكر عيبه، وذكره مفصلا أفضل.ولو ابتاع شيئين فصاعدا صفقة، فظهر العيب في البعض، فليس له رد المبيع منفردا، وله رد الميع أو الارش ولو إشترى إثنان شيئا صفقة، فلهما الرد بالعيب أو الارش، وليس لاحدهما الانفراد بالرد على الاظهر والوطء يمنع رد الامة إلا من عيب الحبل، ويرد معها نصف عشر قيمتها.

أحدهما: لا يثبت، لان الخيار إنما يثبت للتعيب بنقص المبيع، والخيار في العيب للمشتري خاصة دون البايع، ولاستناد العيب إلى تفريطه، فالعقد لازم له.يحتمل ثبوت الخيار له، لانه إنما رضي ببيعها بالثمن أجمع، فاذا لم يصل اليه كان له الفسخ.فعلى هذا لو بذل له المشتري جميع الثمن، منع الفسخ، لزوال العيب.

قال طاب ثراه: ولو اشترى اثنان شيئا صفقة، فلهما الرد بالعيب أو الارش، وليس لاحدهما الانفراد بالرد على الاظهر.

أقول: اختار الشيخ في كتاب الشركة من كتابي الخلاف إنفراد أحدهما

٤١٢

بما يختاره من الرد أو الارش(١) واختاره ابن ادريس(٢) وهو مذهب أبي على(٣) لان ذلك بمنزلة عقدين، فالعيب مستند إلى البايع ومنع في النهاية(٤) وموضع آخر من الكتابين(٥) وبه قال المفيد(٦) وتلميذه(٧) والتقي(٨) وابن حمزة(٩) وللقاضي قولان، حذرا من تبعيض الصفقة على البايع، وانما يجوز رد العين مع سلامتها من العيب، وهذا الرد يتوجه به عيب بسبب التبعيض(١٠) واختاره

____________________

(١) المبسوط: ج ٢ كتاب الشركة ص ٣٥١ س ٩ قال: اذا اشترى الشريكان عبدا إلى أن قال: فان أراد أحدهما الرد والاخر الامساك كان لهما ذلك وفي الخلاف: كتاب الشركة، مسألة ١٠ قال: فان أراد أحدهما الرد والاخر الامساك كان لهما ذلك.

(٢) السرائر: باب ابتياع الحيوان ص ٢٣٩ س ١ قال: بعد نقل قول الشيخ في المبسوط: والى هذا أذهب وأفتي وأعمل الخ.

(٣) المختلف: في العيوب ص ١٩٦ س ٢٧ قال: وقال: ابن الجنيد لو كانت المعيبة بين رجلين إلى أن قال: كان الذي لم يرض في حقة قائما الخ.

(٤) النهاية: باب ابتياع الحيوان ص ٤٠٩ س ١٥ قال: واذا ابتاع اثنان عبدا أو أمة ووجدا به عيبا وأراد أحدهمت الارش والاخر الرد لم يكن لهما الا واحد من الامرين الخ.

(٥) المبسوط: ج ٢، فصل في ان الخراج بالضمان ص ٧ س ٢٣ قال: اذا اشترى نفسان عبدا ووجدا به عيبا كان لهما الرد والامساك فإن أراد أحدهما الرد والاخر الامساك لم يكن لهام ذلك الخ وفي الخلاف، كتاب البيوع مسألة ١٧٨ قال: اذا اشترى نفسان الخ.

(٦) المقنعة: باب ابتياع الحيوانات ص ٩٣ قال: واذا ابتاع اثنان عبدا ووجدابه عيبا الخ.

(٧) المراسم: ذكر الشرط الخاص في البيع والمبيع ص ١٧٦ س ١٥ قال: ويجوز شراء كل الحيوان بين الشركاء فان وجد به عيبا فليس لشركاء أن يختلفوا فيه الخ.

(٨) الكافي: البيع ص ٣٥٨ س ١٩ قال: واذا ابتياع اثنان أو أكثر من ذلك حيوانا فظهر به عيب إلى أن قال: لم يكن لهما الا أحد الامرين.

(٩) الوسيلة: فصل في بيان أحكام الرد بالعيب ص ٢٥٦ س ٥ قال: لو ابتياع جماعة متاعا بالشركة وظهر به عيب الخ.

(١٠) المهذب: ج ١ باب بيع المعيوب ص ٣٩٣ س ١٧ قال: واذا اشترى اثنان مملوكا صفقة واحدة الخ.

٤١٣

وهنا مسائل الاولى: التصرية تدليس، يثبت بها خيار الرد، ويرد معها مثل لبنها، أو قيمته مع التعذر، وقيل صاع من بر.

الثانية: الثيوبة ليست عيبا، نعم لو شرط البكارة فثبت سبق الثيوبة كان له الرد، ولو لم يثبت التقدم فلا رد، لان ذلك قد يذهب بالنزوة.

الثالثة: لا يرد العبد بالاباق الحادث عند المشتري، ويرد بالسابق.

الرابعة: لو اشترى أمة لا تحيض في ستة أشهر فصاعدا ومثلها تحيض، فله الرد، لان ذلك لا يون إلا لعارض.

الخامسة: لا يرد البزر والزيت بما يوجد فيه من التفل المعتاد، نعم لو خرج عن العادة جاز رده إذا لم يعلم.

السادسة: لو تنازعا في التبري من العيب ولا بينة، فالقول قول منكره مع يمينه، مالم يكن هنا قرينة حال تشهد لاحدهما.

السابعة: يقوم المبيع صحيحا ومعيبا، ويرجع المشتري على البايع بنسبة ذلك من الثمن، ولو اختلف أهل الخبرة رجع إلى القيمة الوسطى.المصنف(١) والعلامة(٢) .

قال طاب ثراه: التصرية تدليس يثبت بها خيار الرد، ويرد معها مثل لبنها أو قيمته مع التعذر، وقيل: صاع من بر.أقول: هنا مسائل:،

____________________

(١) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٢) المختلف: في العيوب ص ١٩٦ س ٢٨ قال: بعد نقل قول المشهور: والاقرب الاول.

٤١٤

الاولى: التصرية عبارة عن تحفيل الشاة، ومعناه أن يترك البايع حلبها أياما ليتوفر اللبن في ضرعها، ثم يخرجها إلى السوق فيراها المشتري فيظنها حلوبة، فيدخل على ذلك، فله الخيار اجماعا وهل يرد معها اللبن مع وجوده؟ أو لا؟ فيه ثلاثة أقوال:

(أ) نعم، يرده مع وجوده، فإن بقيت أوصافه رده ولا شئ عليه، وان تغير رده مع الارش، ومع فقده يرد مثله، فإن تعذر فعليه قيمته، ذهب اليه الشيخ في النهاية(١) وبه قال المفيد(٢) والقاضي(٣) وابن ادريس(٤) واختاره المصنف(٥) والعلامة(٦) .

(ب) يرد معها لبنها أو عوضه صاعا من حنطة أو تمر قاله ابوعلي(٧) .

(ج) يرد معها عوض اللبن صاعا من بر أو تمر، وان كان اللبن موجودا، ولا يجب ر البايع على أخذ عين اللبن، فان تعذر الصاع فقيمته وان بلغ قيمة الشاة قاله

____________________

(١) النهاية: باب العيوب الموجبة للرد ص ٣٩٤ س ٥ قال: وترد الشاة المصراة إلى أن قال: واذا ردها رد معها قيمة ما احتلب الخ.

(٢) المقنعة: باب العيوب الموجبة للرد ص ٩٢ س ٢٥ قال: وترد الشاة المصراة إلى أن قال: واذا ردها رد مع القيمة ما احتلبه الخ.

(٣) المهذب: ج ١ باب بيع المصراة ص ٣٩١ س ٢٠ قال: واذا ابتاعها وأراد ردها مع صاع من تمر أو صاع من بر إلى أن قال: فان لم يجد ذلك كان عليه القيمة ولو بلغت فيه القيمة قيمة الشاة.

(٤) السرائر: باب الشرط في العقود ص ٢٢٢ س ١٧ قال: فان كان مصراة وكان اللبن قائم العين رده بحاله وان كان تالفا الخ.

(٥) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٦) و(٧) المختلف: في العيوب ص ١٩٤ س ٢٥ قال: بعد نقل قول المقنعة والنهاية اولا،: والمعتمد الاول، قال قبل ذلك بأسطر.ابن الجنيد: إلى أن قال: يرد معها عوضا عما حلب صاعا من حنظة أو تمر الخ.

٤١٥

القاضي في المهذب(١) وتردد الشيخ في المبسوط بين إجبار البايع على قبول عين اللبن مع وجوده، وعدم اجباره، بل له الصاع لعموم النص(٢) ويمكن حمل قول المبسوط والقاضي على تغير اللبن، اذ هو الغالب لسرعة انفعاله، لكن يبقى الاشكال في إلزامه بالصاع عند ذلك، بل مقتضى الاصل رد أرشه، ويخالف الدليل، وهو عموم النص.

الثانية: هل تثبت التصرية في البقرة والناقة؟ قال الشيخ في الكتابين: نعم، وادعى عليه الاجماع(٣) وبه قال القاضي(٤) وابن ادريس(٥) وابوعلي(٦) وتوقف العلامة في المختلف ومال فيه إلى عدم الثبوت(٧) واستقربه في القواعد(٨) وهو مذهب الشهيد(٩) وتردد المصنف(١٠)

____________________

(١) تقدم آنفا.

(٢) المبسوط: ج ٢ فصل في بيع المصراة ص ١٢٤ س ٢٢ قال: المصراة أن يترك حلب النافة أو البقرة أو الشاة إلى أن قال: واذا كان لبن التصرية باقيا لم يشرب منه شيئا فأراد رده مع الشاة لم يجبر البايع عليه وإن قلنا انه يجبر عليه كان قويا.

(٣) الخلاف: كتاب البيوع مسألة ١٦٩ قال: التصرية في البقرة مثل التصرية في النافة والشاة.وفي المبسوط ما تقدم آنفا.

(٤) المهذب: ج ١ باب بيع المصراة ص ٣٩١ س ٩ قال: المصراة هي الناقة أو البقرة أو الشاة.

(٥)السرائر: باب العيوب الموجبة للرد ص ٢٢٦ س ٣١ قال: وترد الشاة المصراة إلى أن قال: وكذلك حكم البقرة والناقة.

(٦) و(٧) المختلف: في العيوب ص ٤ س ٢٩ قال بعد نقل قول الشيخ في المبسوط والخلاف: وبه قال ابن الجنيد، ثم قال: ونحن في ذلك من المتوفقين.

(٨) القواعد: كتاب المتاجر، المطلب الثالث ص ١٤٧ س ٧ قال: والاقرب ثبوت التصرية في البقرة والناقة.

(٩) الدروس: كتاب الخيار ص ٣٦٣ س ٤ قال: ومن التدليس التصرية في الشاة والناقة والبقرة.

(١٠) الشرايع: كتاب التجارة، الفصل الخامس في أحكام العيوب، مسائل الاولى، قال: ويثبت التصرية في الشاة قطعا، وفي الناقة والبقرة على تردد.

٤١٦

الثامنة: لو حدث العيب بعد العقد وقبل القبض، كان للمشتري الرد، وفي الارش قولان أشبههما الثبوت.

وكذا لو قبض المشتري بعضا وحدث في الباقي كان الحكم ثابتا فيما لم يقبض.

الثالثة: لا يثبت التصرية في الامة والاتان عند الاكثر، وبه قال الشيخ في الكتابين(١) وتبعه ابن ادريس(٢) والقاضي في المهذب قال: فأما ماعدى الشاة والبقرة والناقة فمختلف فيه وليس على صحة إجرائه فيه دليل(٣) وقال ابوعلي: يثبت في كل حيوان آدمي أو غيره، لان التدليس بكثرة اللبن هو علة الرد وقد يدعوا الحاجة إلى لبن الامة وغيرها من اصناف الحيوان، فيشرع الخيار دفعا للضرر المنفي بالاية والرواية(٤) .

قال طاب ثراه: لو حدث العيب بعد العقد وقبل القبض، كان للمشتري الرد، وفي الارش قولان: وكذا لو قبض المشتري البعض وحدث في الباقي كان الحكم ثابتا فيما لم يقبض.

أقول: هنا مسألتان: الاولى: اذا حدث العيب قبل القبض كان للمشتري الرد قطعا.وهل له

____________________

(١) المبسوط: ج ٢ فصل في بيع المصراة ص ١٢٥ س ١٢ قال: والتصرية في الجارية لا تصح، ثم قال: واذا صرى اتانا لم يكن له حكم التصرية، وفي الخلاف: كتاب البيوع، مسألة ١٧٠ ١٧١.

(٢) السرائر: باب العيوب الموجبة للرد ص ٢٢٦ س ٣١ قال: وترد الشاة المصراة إلى أن قال وكذلك حكم البقرة والناقة ولا تصرية عندنا في غير ذلك.

(٣) المهذب: ج ١ باب بيع المصراة ص ٣٩١ س ٣١ قال: ولا فرق في تناول ذلك بما ذكرناه بين ناقة او بقرة او شاة فاما ما عدى ذلك الخ.

(٤) المختلف: في العيوب ص ١٩٤ س ٣٣ قال: وقال ابن الجنيد: المصراة من كل حيوان آدمي وغيره

٤١٧

الامساك مع الارش؟ قولان: أحدهما نعم، قاله الشيخ في النهاية(١) والاخر، قاله في الكتابين(٢) واختاره ابن ادريس(٣) وبالاول قال القاضي(٤) والتقي(٥) واختاره العلامة(٦) لان المبيع لو تلف كله لكان من ضمان البايع فكذا أبعاضه، لان المقتضي لثبوت الضمان في الكل وهو عدم القبض، موجود في الابعاض، فيثبت الحكم.ويظهر من المصنف اختيار الاول، لانه جزم في الشرايع بأنه إذا تلف بعض المبيع وليس له قسط من الثمن، بثبوت الخيار للمشتري في الفسخ لاغير(٧) ووجهه أن إجبار البايع على دفع الارش على خلاف الاصل، لانه مارضي ببذل عينه إلا في مقابلة كل الثمن، وأخذ المبيع منه ببعضه من غير إختياره يكون تجارة عن غير تراض، وهو محرم بالاية(٨) .فيقتصر فيه على موضع الاجماع، وهو في

____________________

(١) النهاية: باب العيوب الموجبة للرد، ص ٣٩٥ س ٨ قال: وان أراد أخذه وأخذ الارش كان له ذلك.

(٢) المبسوط: فصل في ان الخراج بالضمان ص ١٢٧ س ١٣ قال: واذا وجد المشتري عيبا إلى أن قال: لم يجبر البايع على بذل الارش وفي الخلاف: كتاب البيوع مسألة ١٧٧ قال: اذا حدث بالمبيع.

عيب إلى أن قال: وليس له اجازة البيع مع الارش.

(٣) السرائر: باب العيوب الموجبة للرد ص ٢٢٥ س ٣٠ قال: كان المشتري مخيرا بين رد المبتاع والمطالبة بالارش.

(٤) المهذب: ج ١ باب بيع العيوب ص ٣٩٢ س ٢٢ قال: من اشترى شيئا ثم وجد به عيبا لم ينبه له البايع كان مخيرا بين الرضا به وبين رده واسترجاع الثمن.

(٥) الكافي: البيع ص ٣٨٥ س ٥ قال: ومقتضى العقد المطلق يوجب تسليم المبيع صحيحا والثمن جيدا، فان ظهر عيب في أحدهما الخ.

(٦) المختلف: في العيوب ص ١٥٩ س ٣٠ قال: والمعتمد الاول، أي الامساك مع الارش.

(٧) الشرايع: كتاب التجارة، النظر الثالث في التسليم، قال: الثالثة، لو باع جملة فتلف بعضها إلى أن قال: وان لم يكن له قسط من الثمن كان للمشتري الرد أو أخذه بجملة الثمن الخ.

(٨) النساء: ٢٩

٤١٨

الفصل الخامس: في الربا

وتحريمه معلوم من الشرع، حتى أن الدرهم منه أعظم من سبعين زنية.ويثبت في كل مكيل أو موزون مع الجنسية، وضابط الجنس ما يتناوله اسم خاص، كالحنطة به الحنطة، والارز بالارز.ويشترط في بيع المثلين التساوي في القدر، فلو بيع بزيادة حرم نقدا ونسيئة، " ويصح متساويا يدا بيد، ويحرم نسيئة "، ويجب إعادة الربا مع العلم بالتحريم، فان جهل صاحبه وعرف الربا تصدق به، وإن عرفه وجهل الربا صالح عليه، وان مزجه بالحلال وجهل المالك والقدر تصدق بخمسة ولو جهل التحريم كفاه الانتهاء.صورة سبق العيب على العقد، لان اجزاء الثمن مقسطة على أجزاء المبيع، ويكون البايع قد قبض بعض الثمن، وهو غير مستحق له، فيرجع به إليه، ولانه يقرب أن يكون من باب الغبن، فبقي في الباقي على الاصل، لعدم حصول هذه المعاني فيه، وبالجملة المسألة مشكلة.

الثانية: اذا قبض بعضا وحدث في الباقي عيب، قال المصنف: " كان الحكم ثابتا فيما لم يقبض " معناه أنه يتخير المشتري بين إمساكه مجانا، أو مع المطالبة بأرشه على الخلاف، وبين رده، لاختصاصه بوجود العلة الموجبة للحكم المذكور، فيختص به دون الباقي.ويحتمل قويا عدم جواز الرد للبعض، بل الكل، أو يأخذ الارش على الاحتمالين، لمحذور تبعيض الصفقة على البايع.

قال طاب ثراه: ولو جهل التحريم كفاه الانتهاء.

٤١٩

أقول: هذا قول الشيخ(١) وبه قال الصدوق في كتابيه، اعني المقنع(٢) وكتاب من لا يحضره الفقيه(٣) ، لقوله تعالى " فمن جاء‌ه موعظة من ربه فانتهى فله ماسلف(٤) ولما روي عن الصادقعليه‌السلام : كل ربا أكله الناس بجهالة ثم تابوا فإنه يقبل منهم اذا عرفت منهم التوبة(٥) وقال ابن ادريس: بل يجب عليه رد المال(٦) وهو ظاهر أبي علي(٧) واختاره العلامة في كتبه(٨) لقوله تعالى " فإن تبتم فلكم رؤوس اموالكم "(٩) ولانها معاوضة باطلة، فلا ينتقل بها الملك، واجابوا عن الاية باحتمال العود إلى الذنب، يعنى سقوطه عنه بالتوبة، أو ما كان في زمن الجاهلية كما ذكره الشيخ في التبيان(١٠) وأجمع الكل على وجوب الاستغفار والتوبة منه مع إرتكابه مع العلم والجهالة، لانه من الكبائر.

____________________

(١) النهاية: باب الربا، ص ٣٧٦ س ٢ قال: فمن ارتكب الربا بجهالة، فليستغفر الله في المستقبل وليس عليه فيما مضي شئ.

(٢) ما وجدناه في المقنع ولكنه موجود في الهداية: لا حظ ص ٨٠(١٣٧) باب الرباس(١٩) قال: ومن اكل الربا جهالة إلى أنقال: ولا اثم عليه فيما لا يعلم الخ.

(٣) من لا يحضره الفقيه: ج ٣(٨٧) باب الربا ص ١٧٥ الحديث ٧ وقطعة من حديث ٩ وفيه (فمن) جهلة وسعة جهلة حتى يعرفه.)

(٤) البقرة: ٢٧٥.

(٥) تقدم نقله عن كتاب من لا يحضره الفقيه: ص ٥ الحديث ٧.

(٦) السرائر: باب الربا وأحكامه ص ٢١٥ س ٥ قال: بعد نقل قول الشيخ في النهاية: المراد بذلك ليس عليه شئ من العقاب، إلى أن قال: بل يجب عليه رده إلى صاحبه.

(٧) و(٨) المختلف: في أحكام الرباص ١٧٤ س ٣٧ قال: وقال ابن الجنيد من اشتبه عليه الربا لم يكن له تقدم عليه الخ ثم قا ل، بعد نقل قول ابن ادريس بوجوب الرد: وهو الاقرب.

(٩) البقرة: ٢٧٩.

(١٠) ا لنبيان: ج ٢ ص ٣٦٠ س ٢٣ قال: قال: ابوجعفرعليه‌السلام من أدرك الاسلام وتاب مما كان عمله في الجاهلية وضع الله عنه ما سلف.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579