المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٢

المهذب البارع في شرح المختصر النافع10%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 579

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 579 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 117347 / تحميل: 7179
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

الآيات

( وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ (٤) حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ (٥) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ (٦) خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ (٧) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ (٨) )

التّفسير

يوم البعث والنشور :

تأتي هذه الآيات لتواصل البحث عن الكفّار الذين كذّبوا الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يذعنوا للحقّ حيث أعرضوا عن جميع المعاجز التي شاهدوها.

والآيات أعلاه تشرح حال هؤلاء الأفراد وموضّحة المصير البائس الذي ينتظر هؤلاء المعاندين في يوم القيامة.

يقول سبحانه إنّ هؤلاء لم يعدموا الإنذار والإخبار ، بل جاءهم من الأخبار ما يوجب انزجارهم عن القبائح والذنوب :( وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ ) وذلك ليلقي عليهم الحجّة.

وبناء على هذا فلا يوجد نقص في تبليغ الدعاة الإلهيين ، وما يوجد من

٣٠١

نقصان أو خلل يمكن فيهم ، حيث ليس لديهم روح تواقة لمعرفة الحقّ ولا آذان صاغية ، ونفوسهم متنكّبة عن التقوى والتدبّر في الآيات الإلهية.

والقصد من «الأنباء» الإخبار عن الأمم والأقوام السابقة الذين هلكوا بألوان العذاب المدمّر الذي حلّ بهم ، وكذلك أخبار يوم القيامة وجزاء الظالمين والكفّار ، حيث اتّضحت كلّ تلك الأخبار في القرآن الكريم.

ويضيف تعالى :( حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ ) فهذه الآيات حكم إلهيّة بليغة ومواعظ مؤثّرة ، إلّا أنّها لا تفيد أهل العناد(١) (٢) .

تبيّن هذه الآية أن لا نقص في «فاعلية الفاعل» ، أو تبليغ الرسل. لكن الأمر يكمن في مدى استعداد الناس وأهليتهم لقبول الدعوة الإلهيّة ، وإلّا فإنّ الآيات القرآنية والرسل والأخبار التي وردتهم عن الأمم السابقة والأخبار التي تنبؤهم عن أحوال يوم القيامة كلّ هذه الأمور هي حكمة بالغة ومؤثّرة في النفوس الخيّرة ذات الفطرة السليمة.

الآية التالية تؤكّد على أنّ هؤلاء ليسوا على استعداد لقبول الحقّ ، فأتركهم لحالهم وأعرض عنهم وتذكّر يوم يدعو الداعي الإلهي إلى أمر مخيف ، وهو الدعوة إلى الحساب ، حيث يقول سبحانه :( فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ ) (٣) .

وعلى هذا تكون عبارة :( يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ ) عبارة مستقلّة ومنفصلة عن جملة :( فَتَوَلَّ عَنْهُمْ ) . لكن البعض يرى أنّ كلّ واحدة من الجملتين مكمّلة للأخرى ، حيث يذهبون إلى أنّ قوله تعالى :( فَتَوَلَّ عَنْهُمْ ) جاءت بصيغة الأمر للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالإعراض عن المشركين الذين يرجون الشفاعة منه يوم القيامة عند ما يدعوهم

__________________

(١) (حكمة بالغة) خبر لمبتدأ محذوف تقديره (هذه حكمة بالغة).

(٢) نذر جمع نذير ويعني (المنذرين) والمقصود بالمنذرين هي الآيات القرآنية وأخبار الأمم والأنبياء الذين وصل صوتهم إلى أسماع الناس ، ويحتمل البعض أنّ (نذر) مصدر بمعنى إنذار. لكن المعنى الأوّل هو الأنسب. وضمنا فإنّ (ما) في عبارة (ما تغن بالنذر) نافية وليست استفهامية.

(٣) في الآية أعلاه (يوم) يتعلّق بمحذوف تقديره (اذكر) ويحتمل البعض أنّها تتعلّق بـ (يخرجون) ولكن ذلك مستبعد.

٣٠٢

الداعي الإلهي للحساب. وهذا الرأي مستبعد جدّا.

وهنا يثار السؤال التالي : هل الداعي هو الله سبحانه؟ أم الملائكة؟ أم إسرافيل الذي يدعو الناس ليوم الحشر عند ما ينفخ في الصور؟ أم جميع هؤلاء؟

ذكر المفسّرون احتمالات عدّة للإجابة على هذا التساؤل ، ولكن بالرجوع إلى قوله تعالى :( يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ ) ،(١) يرجّح الرأي الأوّل. رغم أنّ الآيات اللاحقة تتناسب مع كون الداعي هم الملائكة المختّصون بشؤون الحساب والجزاء.

أمّا المراد من( شَيْءٍ نُكُرٍ ) (٢) فهو الحساب الإلهي الدقيق الذي لم يكن معلوما من حيث وقته قبل قيام الساعة ، أو العذاب الذي لم يخطر على بالهم ، أو جميع هذه الأمور ، ذلك لأنّ يوم القيامة في جميع أحواله حالة غير مألوفة للبشر.

وفي الآية اللاحقة يبيّن الله سبحانه وتعالى توضيحا أكثر حول هذا الموضوع ويذكر أنّ هؤلاء يخرجون من القبور في حالة :( خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ ) .

نسبة «الخشوع» هنا للأبصار لأنّ المشهد مرعب ومخيف إلى حدّ لا تستطيع الأنظار رؤيته ، لذلك فإنّها تتحوّل عنه وتطرّق نحو الأسفل.

والتشبيه هنا بالجراد المنتشر لأنّ النشور في يوم الحشر يكون بصورة غير منتظمة لحالة الهول التي تعتري الناس فيه ، كما هي حركة انتشار الجراد التي تتمثّل فيها الفوضى والاضطراب خلافا للقسم الأكبر من حركة الطيور التي تطير وفق نظم خاصّة في الجو ، مضافا إلى أنّهم كالجراد من حيث الضعف وعدم القدرة.

نعم ، إنّ حالة هؤلاء الفاقدين للعلم والبصيرة ، حالة ذهول ووحشة وتخبّط في المسير كالسكارى يرتطم بعضهم ببعض فاقدين للوعي والإرادة كما في قوله

__________________

(١) الإسراء ٢

(٢) (نكر) مفرد من مادّة (نكارة) وتعني الشيء المبهم المخيف.

٣٠٣

تعالى :( وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى ) .(١)

والحقيقة أنّ هذا التشبيه هو ما ورد أيضا في الآية (٤) من سورة القارعة حيث يقول سبحانه :( يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ ) .

وأمّا قوله تعالى :( مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ ) فإنّ كلمة «مهطعين» تأتي من مادّة (إهطاع) أي مدّ الرقبة ، والبعض يرجعها إلى النظر بانتباه أو الركض بسرعة نحو الشيء ، ويحتمل أن تكون كلّ واحدة من هذه المعاني هي المقصودة ، ولكن المعنى الأوّل هو الأنسب ، لأنّ الإنسان عند سماعه لصوت موحش يمدّ رقبته على الفور وينتبه إلى مصدر الصوت ، ويمكن أن تكون هذه المفاهيم مجتمعة في الآية الكريمة حيث أنّ بمجرّد سماع صوت الداعي الإلهي تمدّ الرقاب إليه ثمّ يتبعه التوجّه بالنظر نحوه ، ثمّ الإسراع إليه والحضور في المحكمة الإلهيّة العادلة عند دعوتهم إليها.

وهنا يستولي الخوف من الأهوال العظيمة لذلك اليوم على وجود الكفّار والظالمين ، لذا يضيف سبحانه معبّرا عن حالة البؤس التي تعتري الكافرين بقوله :( يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ ) .

والحقّ أنّه يوم صعب وعسير. وهذا ما يؤكّده البارئعزوجل بقوله :( وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً ) .(٢)

ويستفاد من هذا التعبير أنّ يوم القيامة يوم غير عسير بالنسبة للمؤمنين.

* * *

__________________

(١) الحجّ ، ٢.

(٢) الفرقان ، ٢٦.

٣٠٤

مسألة

لماذا كان يوم القيامة يوما عسيرا؟ :

ولماذا لا يكون عسيرا؟ في الوقت الذي يحاط فيه المجرمون بكلّ أجواء الرهبة والوحشة ، وخاصّة عند ما يستلمون صحائف أعمالهم حيث يصطرخون :( يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها ) ،(١) هذا من جهة.

ومن جهة اخرى فإنّهم يواجهون بما ليس في الحسبان ، حيث يحاسبون بدقّة حتّى على أصغر الأعمال التي أدّوها ، سواء كانت صالحة أم طالحة :( إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ) .(٢)

ومن جهة ثالثة ، لا سبيل يومئذ للتكفير عن الذنوب والتعويض بالطاعة ، والاعتذار عن التقصير ، حيث لا عذر يقبل ولا مجال للعودة مرّة اخرى إلى الحياة يقول تعالى :( وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ ) .(٣)

ونقرأ كذلك في قوله تعالى :( وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) .(٤) . ولكن هيهات.

ومن جهة رابعة فإنّ العذاب الإلهي شديد ومرعب إلى درجة تنسي الامّهات أولادها ، وتسقط الحوامل أجنّتهن ، ويكون الجميع يومئذ في حيرة وذهول وفقدان للوعي كالسكارى وما هم بسكارى ولكنّ عذاب الله شديد ، قال تعالى :( يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى

__________________

(١) الكهف ، ٤٩.

(٢) لقمان ، ١٦.

(٣) البقرة ، ٤٨.

(٤) الأنعام ، ٢٧.

٣٠٥

النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ ) .(١)

والدليل على اضطراب وهلع العاصين هو حالة التشبّث بالافتداء بكلّ ما في الدنيا أملا في الخلاص من العذاب الأليم ، قال تعالى :( يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ ، وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ ، وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ ، كَلَّا إِنَّها لَظى ) .(٢)

إذا ، هل يمكن مع كلّ هذه الأوصاف والأوصاف الأخرى المهولة التي وردت في آيات اخرى أن يكون ذلك اليوم يوما مريحا وبعيدا عن الهمّ والغمّ والشدّة؟!

(حفظنا الله جميعا في ظلّ لطفه ورعايته).

* * *

__________________

(١) الحجّ ، ٢.

(٢) المعارج ، ١١ ـ ١٥.

٣٠٦

الآيات

( كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (٩) فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (١٠) فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (١١) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (١٢) وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ (١٣) تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ (١٤) وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٥) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (١٦) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧) )

التّفسير

قصّة قوم نوح عبرة وعظة :

جرت السنّة القرآنية في كثير من الموارد أنّ الله سبحانه يستعرض حالة الأقوام السابقة والعاقبة المؤلمة التي انتهوا إليها إنذارا وتوضيحا (للكفّار والمجرمين) بأنّ الاستمرار في طريق الضلال سوف لن يؤدّي بهم إلّا إلى المصير البائس الذي لاقته الأقوام السابقة.

٣٠٧

وفي هذه السورة ، إكمالا للبحث الذي تناولته الآيات السابقة ، في إثارات وإشارات مختصرة ومعبّرة حول تاريخ خمسة من الأقوام المعاندة ابتداء من قوم نوح كما في قوله تعالى :( كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ ) . فمضافا إلى تكذيبه واتّهامه بالجنون صبّوا عليه ألوان الأذى والتعذيب ومنعوه من الاستمرار في أداء رسالته.

فتارة يقولون له مهدّدين ومنذرين( قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ ) .(١)

وتارة اخرى يضغطون رقبته بأيديهم حتّى يفقد وعيه ، ولكنّه ما أن يفيق إلى وعيه حتّى يقول : «اللهمّ اغفر لقومي فإنّهم لا يعلمون»(٢) .

وخلاصة القول فإنّ قوم نوح مارسوا كلّ وسيلة لأذى نبيّهم ، ومع ذلك فإنّه لم يتوقّف عن التبليغ والإرشاد أملا في هدايتهم.

والجدير بالذكر أنّنا نلاحظ أنّ لفظ (التكذيب) قد ورد مرّتين ، ولعلّ السبب أنّه ورد في الحالة الاولى (مختصرا) وفي الثانية (مفصّلا).

والتعبير بـ «عبدنا» إشارة إلى أنّ هؤلاء القوم المعاندين والمغرورين في الواقع يبارزون الله تعالى لا مجرّد شخص «نوح».

كلمة (وازدجر) أصلها (زجر) بمعنى الطرد ، وهو الإبعاد المقترن بصوت شديد ، كما أنّه يطلق على كلّ عمل يراد منه منع الشخص من الاستمرار به.

والظريف في هذه الآية أنّ الفعل (قالوا) أتى بصورة فعل معلوم (وازدجر) بصيغة فعل مجهول ولعلّ ذلك للإشارة إلى أنّ عدم ذكر الفاعل هنا للترفّع عن ذكر قوم نوح بسبب سوء وقبح الأعمال التي مارسوها والتي كانت أقذر وأقبح من أقوالهم ، ممّا يكون سببا في عدم ذكرهم بالصيغة المعلومة كما في قوله تعالى :

__________________

(١) الشعراء ، ١١٦.

(٢) تفسير الكشّاف وأبو الفتوح والرازي هامش الآية مورد البحث

٣٠٨

( قالُوا ) .

ثمّ يضيف تعالى أنّ نوح عند ما يئس من هداية قومه تماما :( فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ ) (١) .

والغلبة المذكورة في الآية الكريمة لم تكن غلبة في الحجّة والدليل أو البرهان على عدم صحّة الدعوة ، وإنّما كانت تتجسّد بالظلم والجناية والتكذيب والإنكار وأنواع الزجر والضغوط ولهذا فإنّ هؤلاء القوم لا يستحقّون البقاء ، فانتقم لنا منهم وانصرنا عليهم.

نعم ، فهذا النّبي العظيم كان يطلب من الله المغفرة لقومه ما دام يأمل في هدايتهم وصلاحهم ، ولكن عند ما يئس منهم غضب عليهم ولعنهم ودعا ربّه أنّ ينتقم منهم.

ثمّ يشير هنا إشارة معبّرة وقويّة في كيفية العذاب الذي ابتلوا به وصبّ عليهم حيث يقول سبحانه :( فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ ) .

إنّ تعبير انفتاح أبواب السماء لتعبير رائع جدّا ، ويستعمل عادة عند هطول الأمطار الغزيرة.

(منهمر) من مادّة (همر) على وزن (صبر) وتعني النّزول الشديد للدموع أو الماء ، ويستعمل هذا التعبير أيضا عند ما يستدر الحليب من الضرع حتّى النهاية.

والعجيب هنا أنّه ورد في أقوال المفسّرين أنّ قوم نوح كانوا قد أصيبوا بالجدب لعدّة سنوات قد خلت ، وكانوا يرتقبون بتلهّف سقوط المطر عليهم ، وفجأة ينزل المطر ولكن لا ليحيي أرضهم ويزيد خيرهم بل ما حقا ومميتا لهم(٢) .

ويذكر أنّ الماء الذي أدّى إلى الطوفان لم يكن من هطول الأمطار فقط ، بل

__________________

(١) (انتصر) : طلب العون كما في الآية (٤١) سورة الشورى ، وهنا جاءت بمعنى طلب الانتقام على أساس العدل والحكمة كما فسّرها البعض في التقدير (انتصر لي).

(٢) روح المعاني هامش الآية مورد البحث.

٣٠٩

كان من تفجير العيون في الأرض حيث يقول تعالى :( وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً ) (١) وهكذا اختلط ماء السماء بماء الأرض بمقدار مقدّر وملأ البسيطة :( فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ) .

إنّ هذا التعبير يجسّد حالة الطوفان الذي غمر الأرض ، إلّا أنّ بعض المفسّرين فسّروا عبارة (قد قدر) بقولهم : إنّ كميّتي المياه المتدفّقة من الجانبين المتقابلين كانتا متساويتين في مقاديرهما بصورة دقيقة ، إلّا أنّ الرأي الأوّل هو الأرجح.

وخلاصة الأمر : إنّ الماء قد فار من جميع جهات الأرض وفجّرت العيون وهطلت الأمطار من السماء ، واتّصل الماء بعضه ببعض وشكّل بحرا عظيما وطوفانا شديدا.

وتترك الآيات الكريمة مسألة الطوفان ، لأنّ ما قيل فيها من الآيات السابقة يعتبر كافيا فتنتقل إلى سفينة نجاة نوحعليه‌السلام حيث يقول تعالى :( وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ ) .

(دسر) جمع (دسار) على وزن (كتاب) ، كما يقول الراغب في المفردات ، أنّها في الأصل بمعنى الإبعاد أو النهر بشدّة مقترنا مع حالة عدم الرضا ، ولكون المسمار عند ما يتعرّض للطرق الشديد يدخل في الخشب وما شاكل فيقال له (دسار).

وذكر قسم من المفسّرين أنّ معنى هذه الكلمة هو (الحبل) مشيرين بذلك إلى حبال أشرعة السفينة وما إلى ذلك ، والتّفسير الأوّل هو الأرجح نظرا لذكر كلمة (ألواح).

على كلّ حال ، فإنّ التعبير القرآني هنا ظريف ، لأنّه كما يقول البارئعزوجل بأنّنا وفي وسط ذلك الطوفان العظيم ، الذي غمر كلّ شيء أودعنا أمر نجاة

__________________

(١) «عيونا» : يمكن أن تكون تميّزا للأرض والتقدير فجرنا عيون الأرض ، ثمّ إنّ العيون مفعول به منفصل وقد جاءت بصورة تمييز كي تعبّر عن المبالغة والأهميّة وكأنّ الأرض جميعا تحوّلت إلى عيون.

٣١٠

نوح وأصحابه إلى مجموعة من المسامير وقطع من الخشب ، وأنّها أدّت هذه الوظيفة على أحسن وجه ، وهكذا تتجلّى القدرة الإلهيّة العظيمة.

ويمكن أن يستفاد من هذا التعبير طبيعة البساطة التي كانت عليها سفن ذلك الزمان والتي هي بعيدة عن التعقيد والتكلّف قياسا مع السفن المتقدّمة في العصور اللاحقة. ومع ذلك فإنّ سفينة نوحعليه‌السلام كان حجمها بالقدر المطلوب وطبق الحاجة ، وطبقا للتواريخ فإنّ نوحعليه‌السلام قد أمضى عدّة سنين في صنعها كي يتمكّن من وضع (من كلّ زوجين إثنين) من مختلف الحيوانات فيها.

ويشير سبحانه إلى لطف عنايته للسفينة المخصّصة لنجاة نوحعليه‌السلام حيث يقول سبحانه( تَجْرِي بِأَعْيُنِنا ) أي أنّ هذه السفينة تسير بالعلم والمشيئة الإلهيّة ، وتشقّ الأمواج العالية بقوّة وتستمر في حركتها تحت رعايتنا وحفظنا.

إنّ التعبير (بأعيننا) كناية ظريفة للدلالة على المراقبة والرعاية للشيء ويتجسّد هذا المعنى بوضوح في قوله تعالى في الآية (٣٧) من سورة هود :( وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا ) .

بعض المفسّرين ذهبوا إلى أنّ المقصود من( تَجْرِي بِأَعْيُنِنا ) هو الإشارة إلى الشخصيات المهمّة التي كانت على ظهر السفينة ، وبناء على هذا فإنّ المقصود من قوله تعالى :( تَجْرِي بِأَعْيُنِنا ) (١) أنّ تلك السفينة كانت تحمل عباد الله الخالصين المخلصين ، ونظرا لطبيعة الموارد التي استعمل فيها هذا التعبير في الآيات القرآنية الاخرى فإنّ الرأي الأوّل هو الأصحّ.

ويحتمل أيضا أنّ المراد بجملة (بأعيننا) هو الملائكة التي كان لها الأثر في هداية سفينة نوحعليه‌السلام ، ولكن هذا الرأي ضعيف أيضا لسبب أعلاه.

ثمّ يضيف تعالى :( جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ ) (٢) .

__________________

(١) «أعين» جمع عين ، وإحدى معانيها العين الباصرة ، والمعنى الآخر لها هو : الشخصية المعتبرة ، ولها معان اخرى.

(٢) يجدر بالملاحظة هنا أنّ فعل (كفر) مبني للمجهول ، والمراد به نوحعليه‌السلام الذي كفر به ، وليس فعلا معلوما يشير إلى

٣١١

نعم إنّ نوحعليه‌السلام كسائر الأنبياء الإلهيين يعتبر نعمة إلهيّة عظيمة وموهبة من مواهبه الكبيرة على البشرية ، إلّا أنّ قومه الحمقى كفروا به وبرسالته(١) .

ثمّ يقول سبحانه وكنتيجة لهذه القصّة العظيمة موضع العظّة والإعتبار :( وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) .

والحقيقة أنّ كلّ ما كان يستحقّ الذكر في هذه القصّة قد قيل ، وكلّما ينبغي للإنسان الواعي المتّعظ أن يدركه فهو موجود.

واستنادا إلى هذا التّفسير المنسجم مع الآيات السابقة واللاحقة ، فإنّ الضمير في (تركناها) يرجع إلى قصّة الطوفان وماضي نوحعليه‌السلام ومخالفيه. ولكن البعض يرى أنّ المراد هو (سفينة نوح) لأنّها بقيت مدّة من الزمن شاخصة لأنظار العالم ، وكلّما يراها أحد تتجسّد أمامه قصّة الطوفان الذي حلّ بقوم نوحعليه‌السلام ، ومع علمنا بأنّ بقايا سفينة نوحعليه‌السلام كانت حتّى عصر الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما أنّ البعض من المعاصرين ادّعى رؤية بقاياها في جبال (آرارات) في القفقاز ، عندئذ يمكن أن يكون المعنيان مقصودين في الآية الكريمة.

ولهذا فإنّ قصّة نوحعليه‌السلام كانت آية للعالمين ، وكذا سفينته التي بقيت ردحا من الزمن بين الناس(٢) .

وفي الآية اللاحقة يطرح الله سبحانه سؤالا معبّرا ومهدّدا للكافرين الذين اتّبعوا نفس المنهج الذي كان عليه قوم نوح حيث يقول سبحانه :( فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ ) .

هل هذه حقيقة واقعة ، أم قصّة واسطورة؟

__________________

الكفّار.

(١) إذا لم يكن في الآية شيء مقدّر فيكون نائب الفاعل للفعل (كفر) هو شخص نوحعليه‌السلام حين أنّهعليه‌السلام يكون النعمة التي (كفر) بها ، أمّا إذا قلنا أنّ للآية محذوف مقدّر ، فيكون تقديره (كفر به) فعندئذ تكون إشارة إلى عدم الإيمان بنوحعليه‌السلام وتعاليمه.

(٢) لقد ذكرت أبحاث مفصّلة حول قصة قوم نوحعليه‌السلام في هامش الآيات الكريمة ٢٥ ـ ٤٩ من سورة هود

٣١٢

ويضيف مؤكّدا هذه الحقيقة في آخر الآية مورد البحث في قوله تعالى :( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) .

نعم إنّ هذا الكتاب العظيم الخالي من التعقيد والمجسّد لعناصر التأثير من حيث عذوبة ألفاظه وجاذبيتها ، وحيوية عباراته وصراحتها في عرض المطالب ترغيبا وتهديدا ، وطبيعة قصصه الواقعية ذات المحتوى الغزير بالإضافة إلى قوّة دلائله وأحكامها ومنطقه المتين ، واحتوائه على كلّ ما يلزم من عناصر التأثير لذا فإنّ القلوب المهيأة لقبول الحقّ والمتفاعلة مع منطق الفطرة والمستوعبة لمنهج العقل تنجذب بصورة متميّزة ، والشاهد على هذا أنّ التأريخ الإسلامي يذكر لنا قصصا عديدة عجيبة محيّرة من حالات التأثير العميق الذي يتركه القرآن الكريم على القلوب الخيّرة.

ولكن ما العمل حينما تكون النطفة لبذرة ما ميتة ، حتّى لو هيّأ لزراعتها أخصب الأراضي ، وسقيت بماء الكوثر ، واعتني بها من قبل أمهر المزارعين ، فإنّها لن تنمو ولن تزهر وتثمر أبدا.

* * *

٣١٣

الآيات

( كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (١٨) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (١٩) تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (٢٠) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (٢١) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٢٢) )

التّفسير

مصير قوم عاد :

تستعرض الآيات الكريمة أعلاه وباختصار أخبار نموذج آخر من الكفّار والمجرمين بعد قوم نوح ، وهم (قوم عاد) وذلك كتحذير لمن يتنكّب طريق الحقّ والهداية الإلهية.

وتبدأ فصول أخبارهم بقوله تعالى :( كَذَّبَتْ عادٌ ) .

لقد بذل هودعليه‌السلام غاية جهده في توعية قومه وتبليغهم بالحقّ الذي جاء به من عند الله ، وكانعليه‌السلام كلّما ضاعف سعيه وجهده لانتشالهم من الكفر والضلال ازدادوا إصرارا ونفورا ولجاجة في غيّهم وغرورهم الناشئ من الثراء والإمكانات المادية ، بالإضافة إلى غفلتهم نتيجة انغماسهم في الشهوات ، جعلتهم صمّ الآذان ،

٣١٤

عمّي العيون ، فجازاهم الله بعقاب أليم وعذاب شديد ، ولهذا تشير الآية الكريمة باختصار حيث يقول سبحانه :( فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ ) .

كما نلاحظ التفصيل في الآيات اللاحقة بعد هذا الإجمال حيث يقول سبحانه :( إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ ) .

«صرصر» من مادّة (صرّ) على وزن (شرّ) ، وفي الأصل تعني (الإغلاق والإحكام) ويأتي تكرارها في هذا السياق للتأكيد ، ولأنّ الرياح التي عذّبوا بها كانت باردة وشديدة ولاذعة ومصحوبة بالأزيز ، لذا اطلق عليها (صرصر).

أمّا (نحس) ففي الأصل معناها (الاحمرار الشديد) الذي يظهر في الأفق أحيانا ، كما يطلق العرب أيضا كلمة (نحاس) على وهج النار الخالية من الدخان ، ثمّ أطلق هذا المصطلح على كلّ (شؤم) مقابل (السعد).

«مستمر» صفة لـ (يوم) أو لـ (نحس) ومفهومه في الحالة الاولى هو استمرار حوادث ذلك اليوم كما في قوله تعالى :( سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً ، فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ ) .(١)

وتعني في الحالة الثانية استمرار نحوسة ذلك اليوم حتّى هلك الجميع.

كما يفسّر البعض معنى (النحس) بأنّه حالة الجو المكفهر المغبّر ، لأنّ العاصفة كانت مغبرة إلى درجة أنّها لم تسمح برؤية بعضهم البعض. وعند ما شاهدوا العاصفة من بعيد ظنّوا أنّها غيوم محملة بالأمطار متّجهة نحوهم ، وسرعان ما تبيّن لهم أنّها ريح عاتية لا تبقي ولا تذر أمرت بعذابهم والانتقام منهم ، كما في قوله تعالى :( فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ. مُمْطِرُنا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ ) .(٢)

إنّ هذين التّفسيرين غير متنافيين ، ويمكن جمعهما في معنى الآية الكريمة

__________________

(١) الحاقّة ، ٧

(٢) الأحقاف ، ٢٤.

٣١٥

مورد البحث.

ثمّ يستعرض سبحانه وصف الريح بقوله :( تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ ) .

«منقعر» من مادّة (قعر) بمعنى أسفل الشيء أو نهايته ، ولذا يستعمل هذا المصطلح بمعنى قلع الشيء من أساسه.

كما يحتمل أن يكون المقصود من هذا التعبير أنّ ضخامة الهياكل وقوّة الأبدان التي كان عليها قوم عاد لم تغنهم من فتك الريح بهم وهلاكهم حيث ذهب بعض المفسّرين إلى أنّ قوم عاد حاولوا التخلّص من العذاب الذي باغتهم وذلك بأن التجأوا إلى حفر عميقة وملاجئ تحت الأرض لحفظ أنفسهم ، ولكن دون جدوى حيث أنّ الريح كانت من القوّة بحيث قلعتهم من أعماق تلك الحفر وقذفت بهم من جهة إلى اخرى ، حتّى قيل أنّها كانت تدحرجهم وتجعل أعلى كلّ منهم أسفله وتفصل رؤوسهم عن أجسادهم.

«أعجاز» جمع (عجز) ـ على وزن (رجل) ـ بمعنى خلف أو تحت ، وقد شبّهوا بالقسم الأسفل من النخلة وذلك حسبما يقول البعض لأنّ شدّة الريح قطّعت أيديهم ورؤوسهم ودفعتها باتّجاهها ، وبقيت أجسادهم المقطّعة الرؤوس والأطراف كالنخيل المقطّعة الرؤوس ، ثمّ قلعت أجسادهم من الأرض وكانت الريح تتقاذفها.

وللسبب المذكور أعلاه ، يكرّر الله سبحانه وتعالى إنذاره للكفّار بقوله :( فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ ) .

فنحن كذلك فعلنا وجازينا الأقوام السالفة التي سلكت سبيل الغي والطغيان والعصيان ، فعليكم أن تتفكّروا في مصيركم وأنتم تسلكون نفس الطريق الذي سلكوه!!

وفي نهاية القصّة يؤكّد قوله سبحانه :( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) فهل هنالك من آذان صاغية وقلوب واعية لهذا النداء الإلهي والإنذار

٣١٦

الربّاني؟.

والنقطة الأخيرة الجديرة بالذكر هي تأكيد قوله سبحانه :( فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ ) حيث تكرّرت مرّتين : الأولى : في بداية الحديث عن قصّة قوم عاد ، والثانية : في نهايتها. ولعلّ سبب هذا الاختلاف بين قوم عاد والأقوام الاخرى ، أنّ عذاب قوم عاد كان أكثر شدّة وانتقاما ، رغم أنّ جميع ألوان العذاب الإلهي شديد.

* * *

بحث

سعد الأيّام ونحسها :

الشيء المتعارف بين الناس ، هو أنّ بعض الأيّام سعيدة ومباركة ، والبعض الآخر نحس ومشؤوم ، مع وجود اختلاف كثير في تشخيصها.

ويدور الحديث حول مدى قبولها إسلاميا ، وهل أنّها مأخوذة من تعاليم الإسلام أم لا؟.

من الناحية العقلية لا يعدّ اختلاف أجزاء الزمان من هذه الجهة محالا ، بأن يتّصف بعضها بالنحوسة والاخرى بالبركة والسعد. ولا نملك أي استدلال عقلي لإثبات أو نفي هذا المعنى ، ولهذا نستطيع القول : إنّ هذا الأمر بهذا القدر شيء ممكن ، ولكنّه غير ثابت من الناحية العقلية.

وبناء على ذلك فإذا كانت لدينا دلائل شرعية لهذا المعنى ثبتت عن طريق الوحي فلا مانع من قبولها ، بل الالتزام بها.

وحول (نحس الأيّام) تشير الآيات القرآنية مرّتين إلى هذا الموضوع ، الاولى في الآيات مورد البحث ، والثانية : في قوله تعالى :( فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً

٣١٧

صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ ) (١) (٢) .

وفي مقابل «النحوسة» فإنّنا نلاحظ في بعض الآيات القرآنية تعبير (مبارك) كما في قوله تعالى حول ليلة القدر :( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ ) .(٣)

وقلنا إنّ «نحس» مأخوذ في الأصل من صورة الاحمرار الشديد في الأفق ، الذي يشبه النار المتوهّجة الخالية من الدخان والتي يطلق عليها (النحاس). وبهذه المناسبة استعمل في معنى الشؤم.

ومن هنا نلاحظ أنّ القرآن الكريم لم يتطرّق لهذه المسألة إلّا من خلال إشارة مغلقة فقط. لكنّنا حينما نقرأ في الكتب الإسلامية ، يواجهنا العديد من الرّوايات في هذا المجال ، مع العلم أنّ الكثير منها ضعيف ، وأنّ البعض الآخر منها موضوع أو ملفّق ، أو مشوب بالخرافات. وليست جميعا كذلك ، بل هناك ما هو معتبر منها وموضع اطمئنان كما يؤكّد المفسّرون صحّة ذلك من خلال تفسير الآيات أعلاه.

ويذكر لنا المحدّث الكبير العلّامة المجلسي روايات عديدة في هذا المجال في بحار الأنوار(٤) .

وفي هذا المجال نستطيع إيراد الملاحظات التالية :

أ ـ لقد ذكروا في روايات عديدة (سعد ونحس) الأيّام ، وكذلك الحوادث التي وقعت فيها ، حيث نقرأ في الرّواية التالية في أسئلة الشامي لأمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه قال : (أخبرني عن يوم الأربعاء والتطيّر منه وثفله ، وأي أربعاء هو) ، قالعليه‌السلام : «آخر أربعاء من الشهر ، وهو المحاق ، وفيه قتل قابيل هابيل أخاه ، ويوم الأربعاء أرسل

__________________

(١) يجدر الانتباه إلى أنّ نحسات جاءت صفة للأيّام ، وذلك يعني أنّ الأيّام المذكورة وصفت بالنحوسة ، في الوقت الذي ذكرت كلمة (يوم) في الآية الكريمة (في يوم نحس مستمر) إضافة لـ (النحس) وليست وصفا ولكن بقرينة الآية أعلاه يجب القول : إنّ الإضافة هنا تكون إضافة موصوف إلى صفة (يرجى الانتباه).

(٢) فصّلت ، ١٦.

(٣) الدخان ، ٣.

(٤) بحار الأنوار ، ج ٥٩ كتاب السماء والعالم ، ص ١ ـ ٩١ وما بعدها.

٣١٨

اللهعزوجل الريح على قوم عاد»(١) .

ومن هنا فإنّ الكثير من المفسّرين يرتّبون أثرا على هذه الرّوايات ، ويعتبرون أنّ آخر أربعاء من كلّ شهر هو يوم نحس ، ويطلقون عليه (أربعاء لا تدور) أي لا تتكرّر.

ونقرأ في بعض الرّوايات أنّ اليوم الأوّل من كلّ شهر هو سعد ومبارك ، وذلك لأنّ آدمعليه‌السلام خلق في هذا اليوم ، وكذلك فإنّ اليوم ٢٦ من كلّ شهر يوم مبارك ، حيث : (ضرب موسى فيه البحر فانفلق)(٢) .

كما أنّ اليوم الثالث من كلّ شهر ، هو يوم نحس ، نزع عن آدم وحواء لباسهما وأخرجا من الجنّة(٣) .

كما أنّ اليوم السابع من كلّ شهر هو يوم مبارك ، لأنّ نوحعليه‌السلام قد ركب في السفينة (ونجا من الغرق)(٤) .

ونقرأ في الحديث التالي عن الإمام الصادقعليه‌السلام في هذا المعنى حول يوم (النوروز) حيث يقول :

«... يوم مبارك استوت فيه سفينة نوح على الجودي ، وهو اليوم الذي نزل فيه جبرائيل على النبي ، وهو اليوم الذي حمل فيه رسول الله أمير المؤمنين على منكبه حتّى رمى أصنام قريش من فوق البيت الحرام فهشّمها وهو اليوم أمر النّبي أصحابه أن يبايعوا عليا بإمرة المؤمنين ...»(٥) .

وقد اقترن سعد ونحس الأيّام بذكر بعض الوقائع التأريخية الحسنة والسيّئة كما في العديد من الرّوايات ، فمثلا ما ذكر عن يوم عاشوراء الذي اعتبره الامويون

__________________

(١) تفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ١٨٣ حديث (٢٥).

(٢) تفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ١٠٥.

(٣) تفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٥٨.

(٤) تفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٦١.

(٥) بحار الأنوار ، ج ٥٩ ، ص ٩٢.

٣١٩

يوم سعد لمّا حقّقوا فيه وبظنّهم من انتصار على أهل البيتعليه‌السلام نلاحظ الرّوايات تنهى بشدّة عن التبرّك في مثل هذا اليوم ، كما تحذر من ادّخار الأقوات السنوية فيه ، والابتعاد عن أجواء الاحتفالات التي كان يقيمها الامويون في هذا اليوم وكذلك تؤكّد على تعطيل الأعمال فيه.

ومن ملاحظة مجموعة الرّوايات السابقة ، دفع البعض أن يفسّر مسألة سعد ونحس الأيّام على أنّها مجعولة من أجل شدّ المسلمين بهذه الحوادث التاريخيّة المهمّة ، وحثّهم عمليّا على تطبيق ما تستلزمه تلك الحوادث من التفاعل وما تفرزه من معطيات ، وكذلك الابتعاد عن محطّات الحوادث السيّئة واجتناب سبلها.

ويمكن أن يصدّق هذا التّفسير في قسم من هذه الرّوايات ولا يصدق على القسم الآخر منها ، ذلك لأنّ المستفاد من البعض منها أنّ هنالك تأثيرا ملموسا في بعض الأيّام (إيجابا وسلبا) وليس لنا تفسير أو علم لهذا التأثير.

ب ـ ممّا يجدر الانتباه إليه أنّ هنالك من يفرط في موضوع سعد ونحس الأيّام ، بحيث إنّهم يمتنعون من الشروع بأي عمل إلّا بالاعتماد على هذه الخلفية ، وبذلك يفوتون عليهم فرصا كثيرة يمكن الاستفادة منها.

وبدلا من التعمّق في البحث الموضوعي الذي تحسب فيه حسابات الربح والخسارة والاستفادة من الفرص والتجارب الثرية فإنّهم يرجعون كسب الأرباح إلى سعد الأيّام والانتكاسات والخسارة إلى شؤم الأيّام وهذا المنهج يعبّر عن الانهزام من الواقع والهروب من الحقيقة والإفراط في التعليل الخرافي لحوادث الحياة الذي يجب أن نحذّره ونتجنّبه بشدّة.

والجدير بنا في هذه المسائل أن لا نعطي آذانا صاغية لأقوال المنجّمين والإشاعات المنتشرة في الأجواء الاجتماعية المتخلّفة ، ولا لحديث أولئك الذين يدّعون المعرفة المستقبلية لفأل الأشخاص ، ونستمرّ في حياتنا العملية بجهد حثيث وخطى ثابتة وبالتوكّل على الله وبروح موضوعية بعيدة عن التأثّر بهذه

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

باشتراط تبقيته، ومع إطلاق الابتياع يلزم البايع إبقاؤه إلى إدراكه، وكذا الثمرة مالم يشترط الازالة، ويصح اشتراط العتق والتدبير والكتابة، ولو اشترط ألا يعتق أو لا يطأ الامة قيل: يبطل الشرط دون البيع.ولا أعرف بها عاملا حتى أنقله.

قال طاب ثراه: ويصح اشتراط العتق والتدبير والمكاتبة.ولو اشترط ألا يعتق أولا يطأ الامة قيل: يبطل الشرط دون البيع.

أقول: البحث هنا يقع في فصلين: الاول: في اشتراط فعل هذه الامور، وهي ثلاثة أقسام.(القسم الاول) اشتراط العتق، وهو سايغ عند علمائنا أجمع، لعموم قوله تعالى: " واحل الله البيع "(١) وقولهعليه‌السلام : المؤمنون عند شروطهم(٢) .فالمشتري إما أن يعتق أولا؟ واذا لم يعتق إما أن يموت العبد أولا؟ فهنا أبحاث ثلاثة: الاول: وفيه مسائل (أ) مع العتق لا كلام في لزوم العقد لوفائه بما شرط عليه وخروجه عن العهدة.

(ب) هذا الشرط، أي شرط العتق هل هو حق الله تعالى، أو للبايع، أو للعبد، فيه ثلاث احتمالات وجه الاول، انه غاية يتقرب بها إلى الله تعالى، فهو كالملتزم بالنذر.ووجه الثاني، تعلق غرض البايع به، وظاهر انه بواسطة هذا الشئ يساغ في الثمن.ووجه الثالث، ملك العبد نفسه وتسلطه على تصرفات الاحرار، ولهذا كان

____________________

(١) البقرة: ٢٧٥.

(٢) عوالى اللئالى: ج ١ ص ٢٣٥ الحديث ٨٤ وص ٢٩٣ الحديث ١٧٣ وج ٢ ص ٢٧٥ الحديث ٧ وج ٣ ص ٢١٧ الحديث ٧٧

٤٠١

كالنسب المخرج له من العدم إلى الوجود.فعلى الاول المطالبة للحاكم، ولو اسقطه البايع لم يسقط.وعلى الثاني المطالبة للبايع، ويسقط باسقاطه، كاسقاط الرهن والكفيل، دون الحاكم وعلى الثالث المطالبة للعبد لتحصيل فكاكه.وأورد العلامة - على هذا الاحتمال، بعد أن قواه - إشكالا ينشأ من كونه منوطا بإختيار المشتري، إذ له الامتناع، غايته تسلط البايع على الفسخ والامضاء، ومن ثبوت حق للعبد للانتفاع به، فكان له المطالبة به، قال: وهذا أقرب(١) .

(ج) هل يثبت هنا ولاء أم لا؟ يحتمل العدم، لانه عتق واجب بعقد البيع، فلا يستعقبه ولاء، والثبوت لان له الاخلال بالشروط المشترطة في البيع من عتق وغيره ويثبت الخيار للبايع، فالعتق في الحقيقة مستند إلى اختياره، فيكون متبرعا، فيستعقبه الولاء، فعلى الاول لا ولاء هنا، أما بالنسبة إلى البايع فلانتقال الملك عنه، وصدور العتق عن غيره، وقالعليه‌السلام : الولاء لمن أعتق(٢) وأما بالنسبة إلى المشتري، فلوجوب العتق عليه.

(د) إن أعتقه المشتري فقد وفى بما عليه، والتزم بالبيع، والولاء له إن قلنا بثبوته، وإن إمتنع، فان قلنا أنه حق للبايع لم يجز كما لو شرط الرهن والتضمين، لكن يتخير في الفسخ لعدم سلامة ما شرط له، وان قلنا انه حق لله، أجبر عليه، فيحتمل فيه وجهين، حبسه حتى يعتق، واعتاق القاضي عليه.

(ه‍) هل يجوز اعتافه عن الكفارة؟ فنقول: إن شرط البايع عتقه عن الكفارة أجزأ ويكون فائدة الشرط، التخصيص لهذا العبد بالاعتاق، وان لم يشترط، فإن قلنا

____________________

(١) التذكرة: ج ١، في الشروط الجائزة في ضمن العقد، ص ٤٩٢ س ١٩ قال: وعلى ما اخترناه نحن للعبد المطالبة بالعتق على اشكال الخ.

(٢) عوالى اللئالى: ج ٣، باب التجارات، ص ٢١٧ الحديث ٧٨ ورلا حظ ذيله.

٤٠٢

أن العتق لله تعالى لم يجز، كإعتاق المنذور عتقه، وان قلنا انه حق للبايع فكذلك ان لم يسقط حقه، وان أسقطه جاز لسقوط وجوب العتق، ويحتمل عدمه لان البيع بشرط العتق لا يخلو عن محاباة، فكأنه أخذ عن العتق عوضا.وان قلنا أنه حق للعبد أجزأ لحصول العتق في الجملة ووقوع مراد العبد.

(و) يجوز للمشتري الاستخدام، لعدم خروجه عن الملك إلا بالعتق ولم يحصل، وكذا ما يحصل له من كسب أو التقاط يكون للمشتري.

(ز) اذا قلنا بثبوت الولاء للمشتري لم يصح اشتراطه للبايع، لمنافاته النص، وهل يفسد به البيع؟ وجهان مبنيان على بطلان البيع مع بطلان الشرط وعدمه.

البحث الثاني: اذا مات العبد، أو قتل قبل العتق، وفيه مسائل: الاولى: يتخير البايع بين الفسخ، فيرد ما أخذه من الثمن، ويطالب بالقيمة يوم القبض لانه وقت انتقال الضمان إلى المشتري، وبين الامضاء فيرجع بما نقصه بشرط العتق، فاذا قيل قيمته لو بيع مطلقا، مائة، وبشرط العتق خمس وسبعون زيد على الثمن مثل ثلثه.فرع ويحكم مع الاجازة، بكون العبد مات على ملك المشتري، ومع الفسخ على ملك البايع، فمؤنة التجهيز على البايع في الثاني، وعلى المشتري في الاول.ومع قتله يكون المحاكمة إلى المشتري مع الاجازة والى البايع مع الفسخ.ولو كان هناك قسامة، حلف المشتري مع الاجازة، والبايع مع الفسخ.

تذنيبان

(أ) لو كان القاتل هو البايع، كان له الخيار أيضا، فإن اختار الفسخ رد الثمن

٤٠٣

إلى المشتري، وإن اختار الامضاء رجع بالارش، ودفع إلى المشتري القيمة.ولو كان القتل خطأ استوفاه المشتري من عاقلته في ثلاثة أحوال.

(ب) لو كان البايع حلف أن لا يقتل عبدا له، ثم فسخ بعد قتله لم يحنث، لانتقال الملك إلى المشتري بالعقد والفسخ متجدد.ولو كان المشتري هو القاتل يجبر القاتل أيضا، فان فسخ رد الثمن وألزم المشتري بالقيمة، وحنث المشتري لو حلف أن لا يقتل عبدا له، لتجدد خروج الملك عنه.ولو جنى على طرفه بجناية أوجب أرشا وفسخ البايع، إحتمل قويا كون الارش للمشتري، لانه نماء ملكه، وللبايع، لانه عوض عن بعض المبيع، وهو قوي أيضا.

الثانية: شرط العتق تناول السبب المباح، فلو نكل به لم يأت بالشرط، وكان للبايع الخيار بين الفسخ والامضاء كالتالف ويحكم بالعتق عقيب التنكيل، فيرجع البايع بالقيمة مع الفسخ، وبالتفاوت مع الاجازة كما تقدم.

الثالثة: شرط العتق إنما يتناول العتق مجانا، فلو أعتقه وشرط عليه الخدمة، أو شيئا من المال، يتخير البايع أيضا، فان فسخ إحتمل نفوذ العتق، لابتنائه على التغليب، فيرجع البايع بالقيمة كالتالف، ويحتمل بطلانه لوقوعه على خلاف ما وجب عليه، ويحتمل نفوذ العتق ولا خيار للبايع ولا شئ له، لحصول العتق له في الجملة.

البحث الثالث لم يعتقه ولم يمت، وفيه مسائل.

(أ) لو باعه، أو أوقفه، أو كاتبه، تخير البايع، فان فسخ بطلت العقود، لوقوعها في غير ملك تام.

(ب) لوباعه المشتري من غيره وشرط عليه العتق، احتمل ضعيفا الصحة، لوقوع غرض البايع به كما لو فعله بوكيله، وقويا البطلان، لان شرط العتق مستحق عليه فليس له نقله إلى غيره.

٤٠٤

(ج) لو نذر المشتري عتقه مطلقا، أو علق بشرط وحصل، تأكد وجوب الاعتاق، فإن أخل به كفر، وكان للبايع الفسخ، ولو أعاده بملك مستأنف لم يجب العتق.

(القسم الثاني) اشتراط التدبير، وفيه مسائل:

(أ) إن دبره وفى بشرطه وخرج من العهدة، سواء كان التدبير مطلقا أو مقيدا، فان خرج قبل حصول الموت وجب عليه التدبير ثانيا، إن قلنا بعدم جواز الرجوع، وان لم يفعل تخير البايع.

(ب) لو لم يدبر تخير البايع بين الفسخ والامضاء، فيرجع بالتفاوت.

(ج) هل يجوز للمشتري الرجوع في هذا التدبير؟ إحتمالان، نعم، قضية للتدبير، غايته تسلط البايع على الفسخ، والمنع لوجوب الوفاء بالشرط، وعدم حصول غرض البايع، فالرجوع فيه ابطال له، فينافي صحة الشرط.

(القسم الثالث) اشتراط المكاتبة، وفيه مسائل:

(أ) وهو صحيح عندنا، خلافا للشافعي فيه، وفي أحد قوليه في العتق، لنا إنه فعل سايغ مرغب فيه وعقد البيع قابل له.احتج بانه شرط ازالة ملكه عنه، فكان فاسدا، لاقتضاء صحة العقد التمليك، واقتضاء لزوم الشرط خروج الملك.والجواب، لامنافاة، لاستناد اخراج الملك إلى إختيار المشتري، اذ لايجبر على الشرط، وله فوائده الحاصلة قبل العتق والمكاتبة، ففوائد الملك موجودة فيه.

(ب) اطلق الشرط، فيتخير في المكاتبة بأي قدر شاء، وإن عين قدرا تعين، فيتخير مع الخلاف، ولو طلب في المطلقة أزيد من القيمة وامتنع العبد، تخير البايع أيضا بين الفسخ والامضاء وإلزام المشتري بالكتابة به بقيمة العبد، ولا يجب على المشتري المكاتبة بدون القيمة.

(ج) يتخير مع الاطلاق في المكاتبة المطلقة والمشروطة، فان عجز في المشروطة

٤٠٥

فرده رقا، فالاقرب عدم ثبوت الخيار، للامتثال، واستناد التفريط إلى المالك حيث لم يتعين المطلقة، ولو عين لو نوعا تعين، فيتخير مع الخلاف في الفسخ والامضاء، والزامه بالكتابة ثانيا.

فرع

لو اشترى من ينعتق عليه بشرط العتق لم يصح، لتعذر الوفاء بالشرط، فانه ينعتق عليه قبل ان يعتقه.

الفصل الثاني: في اشتراط أضداد هذه الامور، كأن يشترط عليه أن لايعتق، أو لايطأ الجارية.ولا شك أن مقتضى عقد البيع انتقال المبيع إلى المشتري، ويلزمه تسليطه على المبيع بسائر أنواع التصرفات، فاذا شرط عليه أن لا يعتق أولا يطأ فقد شرط ماينافي العقد، فيكون باطلا.وايضا الكتاب والسنة وردا بتسويغ العتق، بل واستحبابه وبوطء الامة، وهو مانع منهما، فيكون مخالفا للكتاب والسنة.واذا فسد الشرط هل يسري فساده ألى البيع؟ أو يكون صحيحا والباطل هو الشرط خاصة؟ المصنف(١) والعلامة على الاول(٢) والشيخ على الثاني(٣) وبه قال القاضي(٤) وأبوعلي(٥) .

احتج الاولون بأن الشرط له قسط من الثمن، فانه قد يزيد باعتباره وقد ينقص،

____________________ _

(١) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٢) المختلف: في الشروط ص ١١٨ س ٢٥ قال: والمعتمد عندي بطلان العقد والشرط معا.

(٣) المبسوط: في تفريق الصفقة ص ١٤٨ س ٢٣ قال: اذا اشترى جارية إلى أن قال: أوبشرط أن لا يبيعها أو لا يعتقها أو لا يطأها كان البيع صحيحا والشرط باطلا الخ.

(٤) و(٥) المختلف: في الشروط ص ١١٨ س ٢٥ قال بعد نقل قول الشيخ في المبسوط من بطلان الشرط خاصة: وبه قال: ابن الجنيد وابن البراج، ولا يخفى ان هذا يوهم خلاف ما قصده المؤلف، فتأمل.

٤٠٦

فاذا بطل الشرط بطل ما بازائه من الثمن وذلك غير معلوم، فتطرقت الجهالة إلى الثمن، فيبطل البيع.ولان البايع إنما رضي بنقل سلعته عنه بهذا الثمن على تقدير سلامة الشرط، وكذلك المشتري انما رضي ببذل هذا الثمن في مقابلة العين على تقدير سلامة هذا الشرط، فاذا لم يسلم لاحدهما ما شرطه كان البيع باطلا، لانه يكون تجارة عن غير تراض.

احتج الاخرون بأن الاصح صحة البيع، وبعموم قوله تعالى: " وأحل الله البيع "(١) ولان لزوم الشرط فرع على صحة البيع، فلو كان الحكم بصحة البيع موقوفا على صحة الشرط لزم الدور، وبأن عايشة إشترت بريرة بشرط ان تعتقها ويكون ولاؤها لمواليها، فأجاز النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله البيع وأبطل الشرط(٢) .والجواب عن الاول، بان الاصل يصار عنه للدليل، وقد بيناه.وعن الثاني، بان المراد البيع بشروطه.وعن الثالث، ان تسويغ الشرط ليس بشرط في الحقيقة لصحة العقد حتى يلزم الدور، بل هي صفات للبيع، فما كان منها سائغا داخلا تحت القدرة، لزم باشتراطه في العقد، كما لو شرط صفة كمال في البيع، وان لم يكن سائغا بطل العقد لا من حيث فوات شرطه، بل من حيث وقوع الرضا عليه، وشروط الصحة انما هي المذكورة في الاول الكتاب، مثل كمال المتعاقدين، وكون المبيع مما ينتفع به معلوما، فهذه شروط الصحة يبطل العقد بفقد أحدها، بخلاف هذه الشروط، وصحة العقد يلزم ما تعين فيه من الشروط السائغة فلا دور.وعن الرابع، بمنع السند.

____________________

(١) البقرة: ٢٧٥.

(٢) عوالى اللئالى: ج ٣ باب التجارات ص ٢١٧ الحديث ٧٩ ولا حظ ذيله.

٤٠٧

ولو شرط في الامة ألا تباع ولا توهب، فالمروى الجواز.

تتمة

روى الشيخ في أماليه والعلامة في تذكرته عن عبدالوارث بن سعيد قال: دخلت مفوجدت بها ثلاثة فقهاء كوفيين، ابوحنيفة، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، فصرت إلى أبي حنيفة فسألته عمن باع بيعا وشرط شرطا؟ فقال: البيع والشرط فاسدان، فأتيت ابن أبي ليلى فسألته؟ فقال: البيع جائز والشرط باطل، فأتيت إبن شبرمة فسألته؟ فقال: البيع والشرط جائزان، فرجعت إلى أبي فقلت: إن صاحبيك خالفاك ! فقال: لست أدري ماقالا، حدثنى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع وشرط، ثم أتيت إبن أبي ليلى فقلت: إن صاحبيك خالفاك.

فقال: ما أدرى ما قالا، حدثنى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت: لما اشتريت بريرة جاريتي شرط علي مواليها أن أجعل ولاء‌ها لهم إذا أعتقتها، فجاء النبيعليه‌السلام فقال: الولاء لمن أعتق، فأجاز البيع وأفسد الشرط، فأتيت إبن شبرمة، فقلت: إن صاحبيك خالفاك ! فقال: ما أدري ما قالا، حدثني مسعر عن حارب عن جابر قال: ابتاع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مني بعيرا بمكة، فلما نقدنى الثمن شرطت عليه أن يحملنى على ظهره إلى المدينة، فأجاز النبيعليه‌السلام : الشرط والبيع(١) و(٢) .

والمحقق عند علمائنا: أن الشرط اذا لم يكن مخالفا للكتاب والسنة، ولا مؤديا إلى جهالة في المبيع أو الثمن لزم.

قال طاب ثراه: ولو شرط في الامة أن لا تباع ولا توهب في المبيع أو الثمن لزم.

قال طاب ثراه: ولو شرط في الامة أن لا تباع ولا توهب، فالمروي الجواز.

أقول: روى صفوان عن ابن سنان قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن

____________________

(١) امالى الشيخ الطوسي: ج ٢ الجزء الرابع عشر ص ٤.

(٢) التذكرة: ج ١ القسم الرابع النهي عن بيع وشرط ص ٤٩٠ س ٩.

٤٠٨

ولو باع أرضا جربانا معينة فنقصت، فللمشتري الخيار بين الفسخ والامضاء بالثمن، وفي رواية، له أن يفسخ أو يمضي البيع بحصتها من الثمن وفي الرواية، إن كان للبايع ارض بجنب تلك الارض لزم البايع أن يوفيه منها ويجوز ان يبيع مختلفين صفقة، وأن يجمع بين سلف وبيع.الشرط في الاماء ألا تباع ولا توهب؟ فقال: يجوز ذلك غير الميراث فانها تورث، لان كل شرط خالف كتاب الله فهو باطل(١) وقال العلامة: ببطلان الشرط لمنافاته العقد(٢) وهو مذهب الشهيد(٣) وفخر المحققين(٤) وفي بطلان البيع به الخلاف المتقدم.

قال طاب ثراه: وفي الرواية ان كان للبايع أرض بجنب تلك الارض لزم البايع أن يوفيه منها.

أقول: إذا باعه أرضا على أنها عشرة أجرية مثلا فخرجت خمسة، فلا يخلو إما أن يكون للبايع أرض بجنب تلك الارض أولا، فهنا مسألتان: (أ) أن لا يكون مجاورا لها، وفيه قولان: أحدهما: له الخيار بين الفسخ وبين الرضا بكل الثمن قاله الشيخ في المبسوط(٥)

____________________

(١) التهذيب: ج ٧(٦) باب ابتياع الحيوان، ص ٦٧ الحديث ٣.

(٢) التذكرة: ج ١ القسم الرابع، النهي عن بيع وشرط، ص ٤٨٩ س ٤١ قال: مسألة قد بينا ان كل شرط ينافي مقتضى العقد فانه يكون باطا إلى أن قال: وكذا لو شرط عليه أن لا يبيعها الخ.

(٣) الدروس: كتاب البيع ص ٣٤٣ س ٢ قال: درس في الشروط إلى أن قال: ولو شرط ما ينافيه، كعدم التصرف بالبيع والهبة والاستخدام والوطء‌الى أن قال: بطل وأبطل على الاقرب.

(٤) ايضاح الفوائد: ج ١ الفصل الثالث في الشرط ص ٥١٢ س ٥ قال: واما أن ينافي مفتضى العقد إلى أن قال: فهذه الشروط باطلة الخ ولم يعلق هدا الفرع شيئا.

(٥) المبسوط: ج ٢ في بيع الصبرة وأحكامها ص ١٥٤ س ٥ قال: واذا قال: بعتك هذه الارض على انها ماء‌ة ذراع فكانت تسعين، فالمشتري بالخيار ان شاء فسخ البيع وان شاء أجازه بكل الثمن الخ.

٤٠٩

وتبعه القاضي(١) والمصنف(٢) وهو الذي إستقربه العلامة في القواعد(٣) واختاره فخر المحققين(٤) لان العقد وقع على جميع الثمن، فلا يتبعض عليه، بل يكون له الخيار بين الفسخ والامضاء.

والآخر: له الخيار بين الفسخ والامساك بقسطه من الثمن قاله في النهاية(٥) وتبعه ابن إدريس(٦) واختاره العلامة(٧) في المختلف لانه وجده ناقصا في القدر فكان له أخذه بقسطه من الثمن، كما لو اشترى الصبرة على أنها عشر أقفزة فبانت تسعة، وكذا المعيب له امساكه وأخذ أرشه، لرواية عمر بن حنظلة(٨) وهو اختيار الاكثر.

____________________

(١) المختلف: في الغرر والمجازقة ص ١١٢ س ٢٥ قال: بعد نقل قول الشيخ في المبسوط: وتبعه ابن البراج.

(٢) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٣) القواعد: الفصل الثالث في الشرط ص ١٥٣ س ١٤ قال: والاقرب أن للبايع إلى أن قالل: وللمشتري الخيار في طرف النقصان فيهما بين الفسخ والامضاء.

(٤) الايضاح: ج ١ ص ٥١٧ س ٢٢ قال: في شرح قول العلامة: والحق رجوع هذه المسائل إلى أن المقدار وصف والمبيع العين الخ.

(٥) النهاية: باب بيع المياه والمراعي وأحكام الارضين ص ٤٢٠ س ١١ قال: واذا اشترى الانسان من غيره جريانا معلومة من الارض إلى أن قال: فنقض عن المقدار الذي اشتراه كان بالخيار بين أن يرد الارض وبين أن يطالب يرد ثمن ما نقض من الارض، وان كان للبايع أرض بجنب تلك الارض وجب عليه أن يوفيه تمام ما باعه الخ.

(٦) السرائر: باب بيع المياه وأحكام الارضين ص ٢٤٧ س ٢٦ قال: وروي انه اذا اشترط الانسان من غيره جريانا معلومة من الارض فنقص كان بالخيار بين أن يرد الارض وبين أن يطالب برد ثمن ما نقص إلى أن قال: وان كان للبايع أرض بجنب تلك الارض فغير واضح الخ.

(٧) المختلف: في الغرر والمجازفة ص ١١٢ س ٢٢ قال: مسألة قال الشيخ في النهاية إلى أن قال بعد نقل رواية عمربن حنظلة: فالتخطي إلى الارض المجاورة ممنوع.

(٨) سيأتي عن قريب

٤١٠

(ب) أن يكون له أرض يجاور المبيع، قال في النهاية: كان للمشتري الخيار بين إمساكه بحصته من الثمن وبين إلزامه توفية الناقص من الارض المجاورة(١) وقال ابن إدريس: بل له الخيار بين الفسخ والرجوع بقسط الناقص(٢) وهو مدهب العلامة في المختلف(٣) .

احتج الشيخ بما رواه عمر بن حنظلة عن الصادقعليه‌السلام في رجل باع أرضا على أن فيها عشرة أجربة، فاشترى المشتري منه بحدوده ونقد الثمن وأوقع صفقة البيع وافترقا، فلما مسح الارض فاذا هي خمسة أجربة، قال: إن شاء إسترجع ماله وأخذ الارض، وان شاء رد المبيع واخذ ماله كله، إلا أن يكون بجنب تلك الارض له ايضا أرضون، فليوفيه، ويكون البيع لازما له، وعليه الوفاء له بتمام البيع، فإن لم يكن له في ذلك المكان غير الذي باع، فإن شاء المشتري أخذ الارض واسترجع فضل ماله، وإن شاء رد الارض وأخذ المال كله(٤) .واللام في قوله (وفي الرواية) للعهد، لانه حكى الحكم الاول من الرواية، وهو قوله " كان له الخيار بين الفسخ والامضاء بحصتها " فقال: وفي الرواية، أي في الرواية التي هي مستند هذا الحكم، اذا كان للبايع أرض بجنب تلك الارض.

فرع

لو اختار المشتري الاخذ للارض بقسطها من الثمن على القول به، هل يثبت للبايع خيار الفسخ؟ احتمالان:

____________________

(١) تقدم آنفا نقله عن النهاية.

(٢) تقدم نقله عن السرائر بقوله (فغير واضح).

(٣) تقدم نقله عن المختلف بقوله (فالتخطي إلى الارض المجاورة ممنوع).

(٤) التهذيب: ج ٧(١١) باب أحكام الارضين ص ١٥٣ الحديث ٢٤.

٤١١

الخامس: في العيوب

وضابطها ما كان.زائدا عن الخلقة الاصلية، أو ناقصا.واطلاق العقد يقتضي السلامة.فلو ظهر عيب سابق تخير المشتري بين الرد والارش، ولا خيرة للبايع.ويسقط الرد، بالبراء‌ة من العيب ولو إجمالا، وبالعلم به قبل العقد، وبالرضا بعده، وبحدوث عيب عنده، وباحداثه في المبيع حدثنا، كركوب الدابة، والتصرف الناقل ولو كان قبل العلم بالعيب.أما الارش فيسقط بالثلاثة الاول دون الاخيرين.ويجوز بيع المعيب وان لم يذكر عيبه، وذكره مفصلا أفضل.ولو ابتاع شيئين فصاعدا صفقة، فظهر العيب في البعض، فليس له رد المبيع منفردا، وله رد الميع أو الارش ولو إشترى إثنان شيئا صفقة، فلهما الرد بالعيب أو الارش، وليس لاحدهما الانفراد بالرد على الاظهر والوطء يمنع رد الامة إلا من عيب الحبل، ويرد معها نصف عشر قيمتها.

أحدهما: لا يثبت، لان الخيار إنما يثبت للتعيب بنقص المبيع، والخيار في العيب للمشتري خاصة دون البايع، ولاستناد العيب إلى تفريطه، فالعقد لازم له.يحتمل ثبوت الخيار له، لانه إنما رضي ببيعها بالثمن أجمع، فاذا لم يصل اليه كان له الفسخ.فعلى هذا لو بذل له المشتري جميع الثمن، منع الفسخ، لزوال العيب.

قال طاب ثراه: ولو اشترى اثنان شيئا صفقة، فلهما الرد بالعيب أو الارش، وليس لاحدهما الانفراد بالرد على الاظهر.

أقول: اختار الشيخ في كتاب الشركة من كتابي الخلاف إنفراد أحدهما

٤١٢

بما يختاره من الرد أو الارش(١) واختاره ابن ادريس(٢) وهو مذهب أبي على(٣) لان ذلك بمنزلة عقدين، فالعيب مستند إلى البايع ومنع في النهاية(٤) وموضع آخر من الكتابين(٥) وبه قال المفيد(٦) وتلميذه(٧) والتقي(٨) وابن حمزة(٩) وللقاضي قولان، حذرا من تبعيض الصفقة على البايع، وانما يجوز رد العين مع سلامتها من العيب، وهذا الرد يتوجه به عيب بسبب التبعيض(١٠) واختاره

____________________

(١) المبسوط: ج ٢ كتاب الشركة ص ٣٥١ س ٩ قال: اذا اشترى الشريكان عبدا إلى أن قال: فان أراد أحدهما الرد والاخر الامساك كان لهما ذلك وفي الخلاف: كتاب الشركة، مسألة ١٠ قال: فان أراد أحدهما الرد والاخر الامساك كان لهما ذلك.

(٢) السرائر: باب ابتياع الحيوان ص ٢٣٩ س ١ قال: بعد نقل قول الشيخ في المبسوط: والى هذا أذهب وأفتي وأعمل الخ.

(٣) المختلف: في العيوب ص ١٩٦ س ٢٧ قال: وقال: ابن الجنيد لو كانت المعيبة بين رجلين إلى أن قال: كان الذي لم يرض في حقة قائما الخ.

(٤) النهاية: باب ابتياع الحيوان ص ٤٠٩ س ١٥ قال: واذا ابتاع اثنان عبدا أو أمة ووجدا به عيبا وأراد أحدهمت الارش والاخر الرد لم يكن لهما الا واحد من الامرين الخ.

(٥) المبسوط: ج ٢، فصل في ان الخراج بالضمان ص ٧ س ٢٣ قال: اذا اشترى نفسان عبدا ووجدا به عيبا كان لهما الرد والامساك فإن أراد أحدهما الرد والاخر الامساك لم يكن لهام ذلك الخ وفي الخلاف، كتاب البيوع مسألة ١٧٨ قال: اذا اشترى نفسان الخ.

(٦) المقنعة: باب ابتياع الحيوانات ص ٩٣ قال: واذا ابتاع اثنان عبدا ووجدابه عيبا الخ.

(٧) المراسم: ذكر الشرط الخاص في البيع والمبيع ص ١٧٦ س ١٥ قال: ويجوز شراء كل الحيوان بين الشركاء فان وجد به عيبا فليس لشركاء أن يختلفوا فيه الخ.

(٨) الكافي: البيع ص ٣٥٨ س ١٩ قال: واذا ابتياع اثنان أو أكثر من ذلك حيوانا فظهر به عيب إلى أن قال: لم يكن لهما الا أحد الامرين.

(٩) الوسيلة: فصل في بيان أحكام الرد بالعيب ص ٢٥٦ س ٥ قال: لو ابتياع جماعة متاعا بالشركة وظهر به عيب الخ.

(١٠) المهذب: ج ١ باب بيع المعيوب ص ٣٩٣ س ١٧ قال: واذا اشترى اثنان مملوكا صفقة واحدة الخ.

٤١٣

وهنا مسائل الاولى: التصرية تدليس، يثبت بها خيار الرد، ويرد معها مثل لبنها، أو قيمته مع التعذر، وقيل صاع من بر.

الثانية: الثيوبة ليست عيبا، نعم لو شرط البكارة فثبت سبق الثيوبة كان له الرد، ولو لم يثبت التقدم فلا رد، لان ذلك قد يذهب بالنزوة.

الثالثة: لا يرد العبد بالاباق الحادث عند المشتري، ويرد بالسابق.

الرابعة: لو اشترى أمة لا تحيض في ستة أشهر فصاعدا ومثلها تحيض، فله الرد، لان ذلك لا يون إلا لعارض.

الخامسة: لا يرد البزر والزيت بما يوجد فيه من التفل المعتاد، نعم لو خرج عن العادة جاز رده إذا لم يعلم.

السادسة: لو تنازعا في التبري من العيب ولا بينة، فالقول قول منكره مع يمينه، مالم يكن هنا قرينة حال تشهد لاحدهما.

السابعة: يقوم المبيع صحيحا ومعيبا، ويرجع المشتري على البايع بنسبة ذلك من الثمن، ولو اختلف أهل الخبرة رجع إلى القيمة الوسطى.المصنف(١) والعلامة(٢) .

قال طاب ثراه: التصرية تدليس يثبت بها خيار الرد، ويرد معها مثل لبنها أو قيمته مع التعذر، وقيل: صاع من بر.أقول: هنا مسائل:،

____________________

(١) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٢) المختلف: في العيوب ص ١٩٦ س ٢٨ قال: بعد نقل قول المشهور: والاقرب الاول.

٤١٤

الاولى: التصرية عبارة عن تحفيل الشاة، ومعناه أن يترك البايع حلبها أياما ليتوفر اللبن في ضرعها، ثم يخرجها إلى السوق فيراها المشتري فيظنها حلوبة، فيدخل على ذلك، فله الخيار اجماعا وهل يرد معها اللبن مع وجوده؟ أو لا؟ فيه ثلاثة أقوال:

(أ) نعم، يرده مع وجوده، فإن بقيت أوصافه رده ولا شئ عليه، وان تغير رده مع الارش، ومع فقده يرد مثله، فإن تعذر فعليه قيمته، ذهب اليه الشيخ في النهاية(١) وبه قال المفيد(٢) والقاضي(٣) وابن ادريس(٤) واختاره المصنف(٥) والعلامة(٦) .

(ب) يرد معها لبنها أو عوضه صاعا من حنطة أو تمر قاله ابوعلي(٧) .

(ج) يرد معها عوض اللبن صاعا من بر أو تمر، وان كان اللبن موجودا، ولا يجب ر البايع على أخذ عين اللبن، فان تعذر الصاع فقيمته وان بلغ قيمة الشاة قاله

____________________

(١) النهاية: باب العيوب الموجبة للرد ص ٣٩٤ س ٥ قال: وترد الشاة المصراة إلى أن قال: واذا ردها رد معها قيمة ما احتلب الخ.

(٢) المقنعة: باب العيوب الموجبة للرد ص ٩٢ س ٢٥ قال: وترد الشاة المصراة إلى أن قال: واذا ردها رد مع القيمة ما احتلبه الخ.

(٣) المهذب: ج ١ باب بيع المصراة ص ٣٩١ س ٢٠ قال: واذا ابتاعها وأراد ردها مع صاع من تمر أو صاع من بر إلى أن قال: فان لم يجد ذلك كان عليه القيمة ولو بلغت فيه القيمة قيمة الشاة.

(٤) السرائر: باب الشرط في العقود ص ٢٢٢ س ١٧ قال: فان كان مصراة وكان اللبن قائم العين رده بحاله وان كان تالفا الخ.

(٥) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٦) و(٧) المختلف: في العيوب ص ١٩٤ س ٢٥ قال: بعد نقل قول المقنعة والنهاية اولا،: والمعتمد الاول، قال قبل ذلك بأسطر.ابن الجنيد: إلى أن قال: يرد معها عوضا عما حلب صاعا من حنظة أو تمر الخ.

٤١٥

القاضي في المهذب(١) وتردد الشيخ في المبسوط بين إجبار البايع على قبول عين اللبن مع وجوده، وعدم اجباره، بل له الصاع لعموم النص(٢) ويمكن حمل قول المبسوط والقاضي على تغير اللبن، اذ هو الغالب لسرعة انفعاله، لكن يبقى الاشكال في إلزامه بالصاع عند ذلك، بل مقتضى الاصل رد أرشه، ويخالف الدليل، وهو عموم النص.

الثانية: هل تثبت التصرية في البقرة والناقة؟ قال الشيخ في الكتابين: نعم، وادعى عليه الاجماع(٣) وبه قال القاضي(٤) وابن ادريس(٥) وابوعلي(٦) وتوقف العلامة في المختلف ومال فيه إلى عدم الثبوت(٧) واستقربه في القواعد(٨) وهو مذهب الشهيد(٩) وتردد المصنف(١٠)

____________________

(١) تقدم آنفا.

(٢) المبسوط: ج ٢ فصل في بيع المصراة ص ١٢٤ س ٢٢ قال: المصراة أن يترك حلب النافة أو البقرة أو الشاة إلى أن قال: واذا كان لبن التصرية باقيا لم يشرب منه شيئا فأراد رده مع الشاة لم يجبر البايع عليه وإن قلنا انه يجبر عليه كان قويا.

(٣) الخلاف: كتاب البيوع مسألة ١٦٩ قال: التصرية في البقرة مثل التصرية في النافة والشاة.وفي المبسوط ما تقدم آنفا.

(٤) المهذب: ج ١ باب بيع المصراة ص ٣٩١ س ٩ قال: المصراة هي الناقة أو البقرة أو الشاة.

(٥)السرائر: باب العيوب الموجبة للرد ص ٢٢٦ س ٣١ قال: وترد الشاة المصراة إلى أن قال: وكذلك حكم البقرة والناقة.

(٦) و(٧) المختلف: في العيوب ص ٤ س ٢٩ قال بعد نقل قول الشيخ في المبسوط والخلاف: وبه قال ابن الجنيد، ثم قال: ونحن في ذلك من المتوفقين.

(٨) القواعد: كتاب المتاجر، المطلب الثالث ص ١٤٧ س ٧ قال: والاقرب ثبوت التصرية في البقرة والناقة.

(٩) الدروس: كتاب الخيار ص ٣٦٣ س ٤ قال: ومن التدليس التصرية في الشاة والناقة والبقرة.

(١٠) الشرايع: كتاب التجارة، الفصل الخامس في أحكام العيوب، مسائل الاولى، قال: ويثبت التصرية في الشاة قطعا، وفي الناقة والبقرة على تردد.

٤١٦

الثامنة: لو حدث العيب بعد العقد وقبل القبض، كان للمشتري الرد، وفي الارش قولان أشبههما الثبوت.

وكذا لو قبض المشتري بعضا وحدث في الباقي كان الحكم ثابتا فيما لم يقبض.

الثالثة: لا يثبت التصرية في الامة والاتان عند الاكثر، وبه قال الشيخ في الكتابين(١) وتبعه ابن ادريس(٢) والقاضي في المهذب قال: فأما ماعدى الشاة والبقرة والناقة فمختلف فيه وليس على صحة إجرائه فيه دليل(٣) وقال ابوعلي: يثبت في كل حيوان آدمي أو غيره، لان التدليس بكثرة اللبن هو علة الرد وقد يدعوا الحاجة إلى لبن الامة وغيرها من اصناف الحيوان، فيشرع الخيار دفعا للضرر المنفي بالاية والرواية(٤) .

قال طاب ثراه: لو حدث العيب بعد العقد وقبل القبض، كان للمشتري الرد، وفي الارش قولان: وكذا لو قبض المشتري البعض وحدث في الباقي كان الحكم ثابتا فيما لم يقبض.

أقول: هنا مسألتان: الاولى: اذا حدث العيب قبل القبض كان للمشتري الرد قطعا.وهل له

____________________

(١) المبسوط: ج ٢ فصل في بيع المصراة ص ١٢٥ س ١٢ قال: والتصرية في الجارية لا تصح، ثم قال: واذا صرى اتانا لم يكن له حكم التصرية، وفي الخلاف: كتاب البيوع، مسألة ١٧٠ ١٧١.

(٢) السرائر: باب العيوب الموجبة للرد ص ٢٢٦ س ٣١ قال: وترد الشاة المصراة إلى أن قال وكذلك حكم البقرة والناقة ولا تصرية عندنا في غير ذلك.

(٣) المهذب: ج ١ باب بيع المصراة ص ٣٩١ س ٣١ قال: ولا فرق في تناول ذلك بما ذكرناه بين ناقة او بقرة او شاة فاما ما عدى ذلك الخ.

(٤) المختلف: في العيوب ص ١٩٤ س ٣٣ قال: وقال ابن الجنيد: المصراة من كل حيوان آدمي وغيره

٤١٧

الامساك مع الارش؟ قولان: أحدهما نعم، قاله الشيخ في النهاية(١) والاخر، قاله في الكتابين(٢) واختاره ابن ادريس(٣) وبالاول قال القاضي(٤) والتقي(٥) واختاره العلامة(٦) لان المبيع لو تلف كله لكان من ضمان البايع فكذا أبعاضه، لان المقتضي لثبوت الضمان في الكل وهو عدم القبض، موجود في الابعاض، فيثبت الحكم.ويظهر من المصنف اختيار الاول، لانه جزم في الشرايع بأنه إذا تلف بعض المبيع وليس له قسط من الثمن، بثبوت الخيار للمشتري في الفسخ لاغير(٧) ووجهه أن إجبار البايع على دفع الارش على خلاف الاصل، لانه مارضي ببذل عينه إلا في مقابلة كل الثمن، وأخذ المبيع منه ببعضه من غير إختياره يكون تجارة عن غير تراض، وهو محرم بالاية(٨) .فيقتصر فيه على موضع الاجماع، وهو في

____________________

(١) النهاية: باب العيوب الموجبة للرد، ص ٣٩٥ س ٨ قال: وان أراد أخذه وأخذ الارش كان له ذلك.

(٢) المبسوط: فصل في ان الخراج بالضمان ص ١٢٧ س ١٣ قال: واذا وجد المشتري عيبا إلى أن قال: لم يجبر البايع على بذل الارش وفي الخلاف: كتاب البيوع مسألة ١٧٧ قال: اذا حدث بالمبيع.

عيب إلى أن قال: وليس له اجازة البيع مع الارش.

(٣) السرائر: باب العيوب الموجبة للرد ص ٢٢٥ س ٣٠ قال: كان المشتري مخيرا بين رد المبتاع والمطالبة بالارش.

(٤) المهذب: ج ١ باب بيع العيوب ص ٣٩٢ س ٢٢ قال: من اشترى شيئا ثم وجد به عيبا لم ينبه له البايع كان مخيرا بين الرضا به وبين رده واسترجاع الثمن.

(٥) الكافي: البيع ص ٣٨٥ س ٥ قال: ومقتضى العقد المطلق يوجب تسليم المبيع صحيحا والثمن جيدا، فان ظهر عيب في أحدهما الخ.

(٦) المختلف: في العيوب ص ١٥٩ س ٣٠ قال: والمعتمد الاول، أي الامساك مع الارش.

(٧) الشرايع: كتاب التجارة، النظر الثالث في التسليم، قال: الثالثة، لو باع جملة فتلف بعضها إلى أن قال: وان لم يكن له قسط من الثمن كان للمشتري الرد أو أخذه بجملة الثمن الخ.

(٨) النساء: ٢٩

٤١٨

الفصل الخامس: في الربا

وتحريمه معلوم من الشرع، حتى أن الدرهم منه أعظم من سبعين زنية.ويثبت في كل مكيل أو موزون مع الجنسية، وضابط الجنس ما يتناوله اسم خاص، كالحنطة به الحنطة، والارز بالارز.ويشترط في بيع المثلين التساوي في القدر، فلو بيع بزيادة حرم نقدا ونسيئة، " ويصح متساويا يدا بيد، ويحرم نسيئة "، ويجب إعادة الربا مع العلم بالتحريم، فان جهل صاحبه وعرف الربا تصدق به، وإن عرفه وجهل الربا صالح عليه، وان مزجه بالحلال وجهل المالك والقدر تصدق بخمسة ولو جهل التحريم كفاه الانتهاء.صورة سبق العيب على العقد، لان اجزاء الثمن مقسطة على أجزاء المبيع، ويكون البايع قد قبض بعض الثمن، وهو غير مستحق له، فيرجع به إليه، ولانه يقرب أن يكون من باب الغبن، فبقي في الباقي على الاصل، لعدم حصول هذه المعاني فيه، وبالجملة المسألة مشكلة.

الثانية: اذا قبض بعضا وحدث في الباقي عيب، قال المصنف: " كان الحكم ثابتا فيما لم يقبض " معناه أنه يتخير المشتري بين إمساكه مجانا، أو مع المطالبة بأرشه على الخلاف، وبين رده، لاختصاصه بوجود العلة الموجبة للحكم المذكور، فيختص به دون الباقي.ويحتمل قويا عدم جواز الرد للبعض، بل الكل، أو يأخذ الارش على الاحتمالين، لمحذور تبعيض الصفقة على البايع.

قال طاب ثراه: ولو جهل التحريم كفاه الانتهاء.

٤١٩

أقول: هذا قول الشيخ(١) وبه قال الصدوق في كتابيه، اعني المقنع(٢) وكتاب من لا يحضره الفقيه(٣) ، لقوله تعالى " فمن جاء‌ه موعظة من ربه فانتهى فله ماسلف(٤) ولما روي عن الصادقعليه‌السلام : كل ربا أكله الناس بجهالة ثم تابوا فإنه يقبل منهم اذا عرفت منهم التوبة(٥) وقال ابن ادريس: بل يجب عليه رد المال(٦) وهو ظاهر أبي علي(٧) واختاره العلامة في كتبه(٨) لقوله تعالى " فإن تبتم فلكم رؤوس اموالكم "(٩) ولانها معاوضة باطلة، فلا ينتقل بها الملك، واجابوا عن الاية باحتمال العود إلى الذنب، يعنى سقوطه عنه بالتوبة، أو ما كان في زمن الجاهلية كما ذكره الشيخ في التبيان(١٠) وأجمع الكل على وجوب الاستغفار والتوبة منه مع إرتكابه مع العلم والجهالة، لانه من الكبائر.

____________________

(١) النهاية: باب الربا، ص ٣٧٦ س ٢ قال: فمن ارتكب الربا بجهالة، فليستغفر الله في المستقبل وليس عليه فيما مضي شئ.

(٢) ما وجدناه في المقنع ولكنه موجود في الهداية: لا حظ ص ٨٠(١٣٧) باب الرباس(١٩) قال: ومن اكل الربا جهالة إلى أنقال: ولا اثم عليه فيما لا يعلم الخ.

(٣) من لا يحضره الفقيه: ج ٣(٨٧) باب الربا ص ١٧٥ الحديث ٧ وقطعة من حديث ٩ وفيه (فمن) جهلة وسعة جهلة حتى يعرفه.)

(٤) البقرة: ٢٧٥.

(٥) تقدم نقله عن كتاب من لا يحضره الفقيه: ص ٥ الحديث ٧.

(٦) السرائر: باب الربا وأحكامه ص ٢١٥ س ٥ قال: بعد نقل قول الشيخ في النهاية: المراد بذلك ليس عليه شئ من العقاب، إلى أن قال: بل يجب عليه رده إلى صاحبه.

(٧) و(٨) المختلف: في أحكام الرباص ١٧٤ س ٣٧ قال: وقال ابن الجنيد من اشتبه عليه الربا لم يكن له تقدم عليه الخ ثم قا ل، بعد نقل قول ابن ادريس بوجوب الرد: وهو الاقرب.

(٩) البقرة: ٢٧٩.

(١٠) ا لنبيان: ج ٢ ص ٣٦٠ س ٢٣ قال: قال: ابوجعفرعليه‌السلام من أدرك الاسلام وتاب مما كان عمله في الجاهلية وضع الله عنه ما سلف.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579