المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٢

المهذب البارع في شرح المختصر النافع10%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 579

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 579 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 117318 / تحميل: 7175
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

وعنده حقة، أخذت منه، وأعطي معها شاتين أو عشرين درهما. فإن وجبت عليه حقة، وعنده جذعة، أخذت منه، وردّ عليه شاتان أو عشرون درهما.

فأمّا زكاة البقر، فليس في شي‌ء منها زكاة، الى أن تبلغ ثلاثين. فإذا بلغت ذلك، كان فيها تبيع حولي. ثمَّ ليس فيما زاد عليها شي‌ء، الى أن تبلغ أربعين. فإذا بلغت ذلك، كان فيها مسنّة. وكلّ ما زاد على ذلك، كان هذا حكمه: في كلّ ثلاثين تبيع أو تبيعة، وفي كل أربعين مسنّة.

وأمّا الغنم، فليس فيها زكاة، الى أن تبلغ أربعين. فإذا بلغت ذلك، كان فيها شاة. ثمَّ ليس فيها شي‌ء، الى أن تبلغ مائة وعشرين. فإذا بلغت ذلك، وزادت واحدة، كان فيها شاتان الى أن تبلغ مائتين. فإذا بلغت وزادت واحدة، كان فيها ثلاث شياه الى أن تبلغ ثلاثمائة. فإذا بلغت ذلك، وزادت واحدة، كان فيها أربع شياه. ثمَّ تترك هذه العبرة فيما زاد عليه، وأخذ من كلّ مائة شاة.

وأمّا الخيل إذا كانت عتاقا كان على كلّ واحدة منها في في كلّ سنة ديناران. وإن كانت براذين كان على كلّ واحدة منها دينار واحد. ومن حصل عنده من كلّ جنس تجب فيه الزّكاة أقلّ من النّصاب الذي فيه الزّكاة، وإن كان لو جمع لكان أكثر من النّصاب والنّصابين، لم يكن عليه شي‌ء، حتى

١٨١

يبلغ كلّ جنس منه، الحدّ الذي تجب فيه الزّكاة. ولو أنّ إنسانا ملك من المواشي ما تجب فيه الزّكاة، وإن كانت في مواضع متفرّقة، وجب عليه فيها الزّكاة. وإن وجد في موضع واحد من المواشي ما تجب فيه الزكاة لملّاك جماعة لم يكن عليهم فيها شي‌ء على حال. ولا بأس أن يخرج الإنسان ما يجب عليه من الزّكاة من غير الجنس الذي يجب عليه فيه بقيمته. وإن أخرج من الجنس، كان أفضل.

باب الوقت الذي تجب فيه الزكاة

لا زكاة في الذّهب والفضّة حتّى يحول عليهما الحول بعد حصولهما في الملك. فان كان مع إنسان مال أقلّ ممّا تجب فيه الزّكاة، ثمَّ أصاب تمام النّصاب في وسط السّنة، فليس عليه فيه الزّكاة حتّى يحول الحول على القدر الذي تجب فيه الزّكاة. وإذا استهلّ هلال الشّهر الثّاني عشر، فقد حال على المال الحول، ووجبت فيه الزّكاة. فإن أخرج الإنسان المال عن ملكه قبل استهلال الثّاني عشر، سقط عنه فرض الزّكاة. وإن أخرجه من ملكه بعد دخول الشّهر الثّاني عشر، وجبت عليه الزّكاة، وكانت في ذمّته الى أن يخرج منه.

وأمّا الحنطة والشّعير والتّمر والزّبيب، فوقت الزّكاة فيها حين حصولها بعد الحصاد والجذاذ والصّرام، ثمَّ ليس فيها

١٨٢

بعد ذلك شي‌ء، وإن حال عليها حول، إلّا أن تباع بذهب أو فضّة، وحال عليهما الحول، فتجب حينئذ فيه الزّكاة.

وأمّا الإبل والبقر والغنم، فليس في شي‌ء منها زكاة، حتّى يحول عليها الحول من يوم يملكها. وكلّ ما لم يحل عليه الحول من صغار الإبل والبقر والغنم، لا تجب فيه الزّكاة. ولا يجوز تقديم الزّكاة قبل حلول وقتها. فإن حضر مستحقّ لها قبل وجوب الزّكاة، جاز أن يعطى شيئا ويجعل قرضا عليه. فإذا جاء الوقت، وهو على تلك الصّفة من استحقاقه لها، احتسب له من الزّكاة. وإن كان قد استغنى، أو تغيّرت صفته التي يستحقّ بها الزّكاة، لم يجزئ ذلك عن الزّكاة، وكان على صاحب المال أن يخرجها من الرأس.

وإذا حال الحول فعلى الإنسان أن يخرج ما يجب عليه على الفور ولا يؤخّره. فإن عدم المستحقّ له، عزله عن ماله، وانتظر به المستحق. فإن حضرته الوفاة، وصى به أن يخرج عنه. وإذا عزل ما يجب عليه من الزّكاة، فلا بأس أن يفرّقه ما بينه وبين شهر وشهرين، ولا يجعل ذلك أكثر منه. وما روي عنهمعليهم‌السلام ، من الأخبار في جواز تقديم الزّكاة وتأخيرها، فالوجه فيه ما قدّمناه في أنّ ما يقدّم منه يجعل قرضا، ويعتبر فيه ما ذكرناه، وما يؤخّر منه إنّما يؤخّر انتظار المستحق، فأمّا مع وجوده، فالأفضل إخراجه إليه على البدار حسب ما قدّمناه.

١٨٣

باب مستحق الزكاة وأقل ما يعطى وأكثر

الذي يستحق الزّكاة هم الثّمانية أصناف الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن: وهم الفقراء، والمساكين، والعاملون عليها، و( الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ ) ، والغارمون،( وَفِي سَبِيلِ اللهِ ) ، وابن السّبيل.

فأمّا الفقير فهو الذي له بلغة من العيش. والمسكين الذي لا شي‌ء معه. وأمّا العاملون عليها فهم الذين يسعون في جباية الصّدقات.

وأمّا المؤلّفة فهم الذين يتألّفون ويستمالون إلى الجهاد.

(وَفِي الرِّقابِ ) وهم المكاتبون والمماليك الذين يكونون تحت الشّدة العظيمة. وقد روي أنّ من وجبت عليه كفّارة عتق رقبة في ظهار أو قتل خطإ وغير ذلك، ولا يكون عنده، يشترى عنه ويعتق.

والغارمون هم الذين ركبتهم الدّيون في غير معصية ولا فساد.

( وَفِي سَبِيلِ اللهِ ) وهو الجهاد.

وابن السّبيل وهو المنقطع به. وقيل أيضا: إنّه الضّيف الذي ينزل بالإنسان ويكون محتاجا في الحال، وإن كان له يسار في بلده وموطنه.

١٨٤

فإذا كان الإمام ظاهرا، أو من نصبه الإمام حاصلا، فتحمل الزّكاة إليه، ليفرّقها على هذه الثّمانية الأصناف. ويقسم بينهم على حسب ما يراه. ولا يلزمه أن يجعل لكل صنف جزءا من ثمانية، بل يجوز أن يفضّل بعضهم على بعض، إذا كثرت طائفة منهم وقلّت آخرون.

وإذا لم يكن الإمام ظاهرا، ولا من نصبه الإمام حاصلا، فرّقت الزّكاة في خمسة أصناف من الذين ذكرناهم، وهم الفقراء والمساكين( وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ ) وابن السّبيل. ويسقط سهم( الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) وسهم السّعاة وسهم الجهاد، لأنّ هؤلاء لا يوجدون إلّا مع ظهور الإمام. لأن الْمُؤَلَّفَةَ( قُلُوبُهُمْ ) إنّما يتألّفهم الإمام ليجاهدوا معه، والسّعاة أيضا إنّما يكونون من قبله في جميع الزّكوات، والجهاد أيضا إنّما يكون به أو بمن نصبه. فإذا لم يكن هو ظاهرا ولا من نصبه، فرّق فيمن عداهم.

والذين يفرّق فيهم الزّكاة ينبغي أن يحصل لهم مع الصّفات التي ذكرناها أن يكونوا عارفين بالحقّ معتقدين له. فإن لم يكونوا كذلك، فلا يجوز أن يعطوا الزّكاة. فمن أعطى زكاته لمن لا يعرف الحق، لم يجزئه، وكان عليه الإعادة. ولو أنّ مخالفا أخرج زكاته الى أهل نحلته، ثمَّ استبصر، كان عليه إعادة الزّكاة. ولا يجوز أن يعطى الزّكاة من أهل المعرفة إلّا أهل السّتر والصّلاح. فأمّا الفسّاق وشرّاب

١٨٥

الخمور فلا يجوز أن يعطوا منها شيئا. ولا بأس أن تعطي الزّكاة أطفال المؤمنين. ولا تعطى أطفال المشركين.

ولا يجوز أن يعطي الإنسان زكاته لمن تلزمه النّفقة عليه مثل الوالدين والولد والجدّ والجدة والزّوجة والمملوك. ولا بأس أن يعطي من عدا هؤلاء من الأهل والقرابات من الأخ والأخت وأولادهما والعمّ والخال والعمّة والخالة وأولادهم.

والأفضل أن لا يعدل بالزّكاة عن القريب مع حاجتهم الى ذلك الى البعيد. فإن جعل للقريب قسط، وللبعيد قسط، كان أفضل.

ومتى لم يجد من تجب عليه الزّكاة مستحقّا لها، عزلها من ماله، وانتظر بها مستحقّها، فإن لم يكن في بلده من يستحقّها فلا بأس أن يبعث بها إلى بلد آخر. فإن أصيبت الزّكاة في الطّريق أو هلكت، فقد أجزأ عنه. وإن كان قد وجد في بلده لها مستحقا، فلم يعطه، وآثر من يكون في بلد آخر، كان ضامنا لها، إن هلكت، ووجب عليه إعادتها.

ومن وصّي بإخراج زكاة، أو أعطي شيئا منها ليفرّقه على مستحقيه، فوجده، ولم يعطه. بل أخّره، ثمَّ هلك، كان ضامنا للمال.

ولا تحلّ الصّدقة الواجبة في الأموال لبني هاشم قاطبة. وهم الذين ينتسبون إلى أمير المؤمنين،عليه‌السلام ، وجعفر

١٨٦

ابن أبي طالب، وعقيل بن أبي طالب، وعبّاس بن عبد المطّلب. فامّا ما عدا صدقة الأموال، فلا بأس أن يعطوا إيّاها. ولا بأس أن تعطي صدقة الأموال مواليهم. ولا بأس أن يعطي بعضهم بعضا صدقة الأموال. وإنّما يحرم عليهم صدقة من ليس من نسبهم.

وهذا كلّه إنّما يكون في حال توسّعهم ووصولهم إلى مستحقّهم من الأخماس. فإذا كانوا ممنوعين من ذلك ومحتاجين إلى ما يستعينون به على أحوالهم، فلا بأس أن يعطوا زكاة الأموال رخصة لهم في ذلك عند الاضطرار.

ولا يجوز أن تعطى الزّكاة لمحترف يقدر على اكتساب ما يقوم بأوده وأود عياله. فإن كانت حرفته لا تقوم به، جاز له أن يأخذ ما يتّسع به على أهله. ومن ملك خمسين درهما يقدر أن يتعيّش بها بقدر ما يحتاج إليه في نفقته، لم يجز له أن يأخذ الزكاة. وإن كان معه سبعمائة درهم، وهو لا يحسن أن يتعيّش بها، جاز له أن يقبل الزّكاة، ويخرج هو ما يجب عليه فيما يملكه من الزّكاة، فيتّسع به على عياله. ومن ملك دارا يسكنها وخادما يخدمه، جاز له أن يقبل الزّكاة. فإن كانت داره دار غلّة تكفيه ولعياله، لم يجز له أن يقبل الزّكاة فإن لم يكن له في غلّتها كفاية، جاز له أن يقبل الزّكاة.

وينبغي أن تعطي زكاة الذّهب والفضّة للفقراء والمساكين

١٨٧

المعروفين بذلك، وتعطي زكاة الإبل والبقر والغنم أهل التّجمّل.

فإن عرفت من يستحقّ الزّكاة، وهو يستحيي من التعرّض لذلك، ولا يؤثر إن تعرفه، جاز لك أن تعطيه الزّكاة وإن لم تعرفه أنّه منها، وقد أجزأت عنك.

وإذا كان على إنسان دين، ولا يقدر على قضائه، وهو مستحقّ لها، جاز لك أن تقاصّه من الزّكاة. وكذلك إن كان الدّين على ميّت، جاز لك أن تقاصّه منها. وإن كان على أخيك المؤمن دين، وقد مات، جاز لك أن تقضي عنه من الزّكاة. وكذلك إن كان الدين على والدك أو والدتك أو ولدك، جاز لك أن تقضيه عنهم من الزّكاة.

فإذا لم تجد مستحقا للزّكاة، ووجدت مملوكا يباع، جاز لك أن تشتريه من الزّكاة وتعتقه. فإن أصاب بعد ذلك مالا، ولا وارث له، كان ميراثه لأرباب الزّكاة. وكذلك لا بأس مع وجود المستحقّ أن يشتري مملوكا ويعتقه، إذا كان مؤمنا، وكان في ضرّ وشدّة. فإن كان بخلاف ذلك، لم يجز ذلك على حال.

ومن أعطى غيره زكاة الأموال ليفرقها على مستحقها، وكان مستحقّا للزّكاة، جاز له أن يأخذ منها بقدر ما يعطي غيره. اللهمّ إلّا أن يعيّن له على أقوام بأعيانهم. فإنّه لا يجوز

١٨٨

له حينئذ أن يأخذ منها شيئا، ولا أن يعدل عنهم الى غيرهم.

وأقلّ ما يعطي الفقير من الزّكاة خمسة دراهم أو نصف دينار. وهو أوّل ما يجب في النّصاب الأوّل. فأمّا ما زاد على ذلك، فلا بأس أن يعطى كلّ واحد ما يجب في نصاب نصاب، وهو درهم إن كان من الدراهم، أو عشر دينار إن كان من الدّنانير، وليس لأكثره حد. ولا بأس أن يعطي الرّجل زكاته لواحد يغنيه بذلك.

باب وجوب زكاة الفطرة ومن تجب عليه

الفطرة واجبة على كلّ حر بالغ مالك لما تجب عليه فيه زكاة المال. ويلزمه أن يخرج عنه وعن جميع من يعوله من ولد ووالد وزوجة ومملوك ومملوكة، مسلما كان أو ذمّيّا، صغيرا كان أو كبيرا. فإن كان لزوجته مملوك في عياله، أو يكون عنده ضيف يفطر معه في شهر رمضان، وجب عليه أيضا أن يخرج عنهما الفطرة. وإن رزق ولدا في شهر رمضان، وجب عليه أيضا أن يخرج عنه. فإن ولد المولود ليلة الفطر أو يوم العيد قبل صلاة العيد، لم يجب عليه إخراج الفطرة عنه فرضا واجبا. ويستحبّ له أن يخرج ندبا واستحبابا.

وكذلك من أسلم ليلة الفطر قبل الصّلاة، يستحبّ له أن يخرج زكاة الفطرة، وليس ذلك بفرض. فإن كان إسلامه

١٨٩

قبل ذلك، وجب عليه إخراج الفطرة. ومن لا يملك ما يجب عليه فيه الزّكاة، يستحبّ له أن يخرج زكاة الفطرة أيضا عن نفسه وعن جميع من يعوله. فإن كان ممّن يحلّ له أخذ الفطرة أخذها ثمَّ أخرجها عن نفسه وعن عياله. فإن كان به إليها حاجة، فليدر ذلك على من يعوله. حتّى ينتهي إلى آخرهم، ثمَّ يخرج رأسا واحدا إلى غيرهم، وقد أجزأ عنهم كلّهم.

باب ما يجوز إخراجه في الفطرة ومقدار ما يجب منه

أفضل ما يخرجه الإنسان في زكاة الفطرة التّمر ثمَّ الزّبيب. ويجوز إخراج الحنطة والشّعير والأرزّ والأقط واللّبن. والأصل في ذلك أن يخرج كلّ أحد ممّا يغلب على قوته في أكثر الأحوال.

فأمّا أهل مكّة والمدينة وأطراف الشّام واليمامة والبحرين والعراقين وفارس والأهواز وكرمان، فينبغي لهم أن يخرجوا التّمر. وعلى أوساط الشّام ومرو من خراسان والريّ، أن يخرجوا الزّبيب. وعلى أهل الجزيرة والموصل والجبال كلّها وخراسان، أن يخرجوا الحنطة والشّعير، وعلى أهل طبرستان الأرز، وعلى أهل مصر البرّ. ومن سكن البوادي من الأعراب فعليهم الأقط، فإذا عدموه، كان عليهم اللّبن.

١٩٠

ومن عدم أحد هذه الأصناف التي ذكرناها، أو أراد أن يخرج ثمنها بقيمة الوقت ذهبا أو فضة، لم يكن به بأس. وقد روي رواية أنّه يجوز أن يخرج عن كلّ رأس درهما. وقد روي أيضا أربعة دوانيق. والأحوط ما قدّمناه من أنّه يخرج قيمته بسعر الوقت.

فأمّا القدر الذي يجب إخراجه عن كلّ رأس، فصاع من أحد الأشياء التي قدّمنا ذكرها. وقدره تسعة أرطال بالعراقيّ وستّة أرطال بالمدني. وهو أربعة أمداد. والمدّ مائتان واثنان وتسعون درهما ونصف. والدرهم ستّة دوانيق. والدّانق ثماني حبّات من أوسط حبّات الشّعير. فأمّا اللّبن فمن يريد إخراجه، أجزأه أربعة أرطال بالمدنيّ أو ستّة بالعراقي.

باب الوقت الذي يجب فيه إخراج الفطرة ومن يستحقها

الوقت الذي يجب فيه إخراج الفطرة يوم الفطر قبل صلاة العيد. ولو أن إنسانا أخرجها قبل يوم العيد بيوم أو يومين أو من أوّل الشّهر الى آخره، لم يكن به بأس، غير أن الأفضل ما قدّمناه.

فإذا كان يوم الفطر، فليخرجها، ويسلّمها الى مستحقّيها فإن لم يجد لها مستحقّا، عزلها من ماله، ثمَّ يسلّمها بعد الصّلاة أو من غد يومه الى مستحقّيها. فإن وجد لها أهلا، وأخّرها،

١٩١

كان ضامنا لها، الى أن يسلّمها إلى أربابها. وإن لم يجد لها أهلا، وأخرجها من ماله، لم يكن عليه ضمان.

وينبغي أن تحمل الفطرة الى الإمام ليضعها حيث يراه. فإن لم يكن هناك إمام، حملت الى فقهاء شيعته ليفرقوها في في مواضعها. وإذا أراد الإنسان أن يتولّى ذلك بنفسه، جاز له له ذلك، غير أنّه لا يعطيها إلا لمستحقّيها.

والمستحقّ لها، هو كلّ من كان بالصّفة التي تحلّ له معها الزّكاة. وتحرم على كلّ من تحرم عليه زكاة الأموال.

ولا يجوز حمل الفطرة من بلد الى بلد. وان لم يوجد لها مستحقّ من أهل المعرفة، جاز أن تعطى المستضعفين من غيرهم.

ولا يجوز إعطاؤها لمن لا معرفة له، إلّا عند التقية أو عدم مستحقّيها من أهل المعرفة. والأفضل أن يعطي الإنسان من يخافه من غير الفطرة، ويضع الفطرة في مواضعها.

ولا يجوز أن يعطي أقلّ من زكاة رأس واحد لواحد مع الاختيار. فإن حضر جماعة محتاجون وليس هناك من الأصواع بقدر ما يصيب كلّ واحد منهم صاع، جاز أن يفرّق عليهم. ولا بأس أن يعطي الواحد صاعين أو أصواعا.

والأفضل أن لا يعدل الإنسان بالفطرة إلى الأباعد مع وجود القرابات ولا الى الأقاصي مع وجود الجيران. فإن فعل خلاف ذلك، كان تاركا فضلا، ولم يكن عليه بأس.

١٩٢

باب الجزية وأحكامها

الجزية واجبة على أهل الكتاب ممّن أبى منهم الإسلام وأذعن بها، وهم اليهود والنّصارى. والمجوس حكمهم حكم اليهود والنّصارى. وهي واجبة على جميع الأصناف المذكورة إذا كانوا بشرائط المكلّفين وتسقط عن الصّبيان والمجانين والبله والنّساء منهم. فأمّا ما عدا الأصناف المذكورة من الكفّار، فليس يجوز أن يقبل منهم إلّا الإسلام أو القتل. ومن وجبت عليه الجزية وحلّ الوقت، فأسلم قبل أن يعطيها، سقطت عنه، ولم يلزمه أداؤها.

وكلّ من وجبت عليه الجزية، فالإمام مخيّر بين أن يضعها على رءوسهم أو على أرضيهم. فإن وضعها على رءوسهم، فليس له أن يأخذ من أرضيهم شيئا. وإن وضعها على أرضيهم، فليس له أن يأخذ من رءوسهم شيئا.

وليس للجزية حدّ محدود ولا قدر موقّت. بل يأخذ الإمام منهم على قدر ما يراه من أحوالهم من الغنى والفقر بقدر ما يكونون به صاغرين.

وكان المستحقّ للجزية في عهد رسول الله،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، المهاجرين دون غيرهم. وهي اليوم لمن قام مقامهم في نصرة الإسلام والذبّ من سائر المسلمين.

١٩٣

ولا بأس أن تؤخذ الجزية من أهل الكتاب ممّا أخذوه من ثمن الخمور والخنازير والأشياء التي لا يحلّ للمسلمين بيعها والتّصرف فيها.

باب أحكام الأرضين وما يصح التصرف فيه منها بالبيع والشرى والتملك وما لا يصح

الأرضون على أربعة أقسام:

ضرب منها يسلم أهلها عليها طوعا من قبل نفوسهم من غير قتال، فتترك في أيديهم، ويؤخذ منهم العشر أو نصف العشر، وكانت ملكا لهم، يصحّ لهم التّصرّف فيها بالبيع والشّرى والوقف وسائر أنواع التّصرف.

وهذا حكم أرضيهم إذا عمروها وقاموا بعمارتها. فإن تركوا عمارتها، وتركوها خرابا، كانت للمسلمين قاطبة. وعلى الإمام أن يقبّلها ممّن يعمّرها بما يراه من النّصف أو الثّلث أو الرّبع. وكان على المتقبّل بعد إخراج حقّ القبالة ومئونة الأرض، العشر أو نصف العشر فيما يبقى في حصّته، إذا بلغ الى الحدّ الذي يجب فيه ذلك. وهو خمسة أوسق فصاعدا حسب ما قدّمناه.

والضّرب الآخر من الأرضين، ما أخذ عنوة بالسّيف، فإنّها تكون للمسلمين بأجمعهم. وكان على الإمام أن يقبّلها

١٩٤

لمن يقوم بعمارتها بما يراه من النّصف أو الثّلث أو الرّبع. وكان على المتقبّل إخراج ما قد قبل به من حقّ الرّقبة، وفيما يبقى في يده وخاصّه العشر أو نصف العشر.

وهذا الضّرب من الأرضين لا يصحّ التّصرف فيه بالبيع والشرى والتملّك والوقف والصّدقات. وللإمام أن ينقله من متقبّل إلى غيره عند انقضاء مدّة ضمانه، وله التّصرّف فيه بحسب ما يراه من مصلحة المسلمين. وهذه الأرضون للمسلمين قاطبة، وارتفاعها يقسم فيهم كلّهم: المقاتلة، وغيرهم. فإن المقاتلة ليس لهم على جهة الخصوص إلّا ما تحويه العسكر من الغنائم.

والضّرب الثّالث كلّ أرض صالح أهلها عليها، وهي أرض الجزية، يلزمهم ما يصالحهم الإمام عليه من النّصف أو الثّلث أو الرّبع، وليس عليهم غير ذلك.

فإذا أسلم أربابها، كان حكم أرضيهم حكم أرض من أسلم طوعا ابتداء، ويسقط عنهم الصّلح، لأنه جزية بدل من جزية رءوسهم وأموالهم، وقد سقطت عنهم بالإسلام. وهذا الضّرب من الأرضين يصحّ التّصرّف فيه بالبيع والشّرى والهبة وغير ذلك من أنواع التّصرف، وكان للإمام أن يزيد وينقض ما صالحهم عليه بعد انقضاء مدّة الصّلح حسب ما يراه من زيادة الجزية ونقصانها

١٩٥

والضّرب الرّابع، كلّ أرض انجلى أهلها عنها، أو كانت مواتا فأحييت، أو كانت آجاما وغيرها ممّا لا يزرع فيها، فاستحدثت مزارع.

فإن هذه الأرضين كلّها للإمام خاصة، ليس لأحد معه فيها نصيب، وكان له التّصرّف فيها بالقبض والهبة والبيع والشّرى حسب ما يراه، وكان له أن يقبّلها بما يراه من النّصف أو الثّلث أو الرّبع، وجاز له أيضا بعد انقضاء مدّة القبالة نزعها من يد من قبّله إيّاها وتقبيلها لغيره، إلّا الأرضين التي أحييت بعد مواتها، فإن الذي أحياها أولى بالتّصرف فيها ما دام يقبلها بما يقبلها غيره. فإن أبى ذلك، كان للإمام أيضا نزعها من يده وتقبيلها لمن يراه. وعلى المتقبّل بعد إخراجه مال القبالة والمؤن فيما يحصل في حصتّه، العشر أو نصف العشر.

باب الخمس والغنائم

الخمس واجب في جميع ما يغنمه الإنسان.

والغنائم كلّ ما أخذ بالسّيف من أهل الحرب الذين أمر الله تعالى بقتالهم من الأموال والسّلاح والكراع والثّياب والمماليك وغيرها ممّا يحويه العسكر وممّا لم يحوه.

ويجب الخمس أيضا في جميع ما يغنمه الإنسان من أرباح

١٩٦

التّجارات والزّراعات وغير ذلك بعد إخراج مئونته ومئونة عياله.

ويجب الخمس أيضا في جميع المعادن من الذّهب والفضّة والحديد والصّفر والملح والرّصاص والنّفط والكبريت وسائر ما يتناوله اسم المعدن على اختلافها.

ويجب أيضا الخمس من الكنوز المذخورة على من وجدها، وفي العنبر وفي الغوص.

وإذا حصل مع الإنسان مال قد اختلط الحلال بالحرام، ولا يتميّز له، وأراد تطهيره، أخرج منه الخمس، وحلّ له التّصرف في الباقي. وإن تميّز له الحرام، وجب عليه إخراجه وردّه الى أربابه. ومن ورث مالا ممّن يعلم أنّه كان يجمعه من وجوه محظورة مثل الرّبا والغضب وما يجري مجراهما، ولم يتميّز له المغصوب منه ولا الرّبا، أخرج منه الخمس، واستعمل الباقي، وحلّ له التّصرف فيه.

والذمّي إذا اشترى من مسلم أرضا، وجب عليه فيها الخمس.

وجميع ما قدّمناه ذكره من الأنواع، يجب فيه الخمس قليلا كان أو كثيرا، إلّا الكنوز ومعادن الذّهب والفضّة، فإنّه لا يجب فيها الخمس إلّا إذا بلغت إلى القدر الذي يجب فيه الزّكاة.

١٩٧

والغوص لا يجب فيه الخمس إلّا إذا بلغ قيمته دينارا.

وأمّا الغلّات والأرباح فإنّه يجب فيها الخمس بعد إخراج حق السّلطان ومئونة الرّجل ومئونة عياله بقدر ما يحتاج اليه على الاقتصاد.

والكنوز إذا كانت دراهم أو دنانير، يجب فيها الخمس فيما وجد منها، إذا بلغ إلى الحدّ الّذي قدّمناه ذكره. وإن كان ممّا يحتاج الى المؤنة والنّفقة عليه، يجب فيه الخمس بعد إخراج المؤنة منه.

باب قسمة الغنائم والأخماس

كلّ ما يغنمه المسلمون من دار الحرب من جميع الأصناف التي قدّمناه ذكرها، ممّا حواه العسكر يخرج منه الخمس. وأربعة أخماس ما يبقى يقسم بين المقاتلة. وما لم يحوه العسكر من الأرضين والعقارات وغيرها من أنواع الغنائم يخرج منه الخمس، والباقي تكون للمسلمين قاطبة: مقاتليهم وغير مقاتليهم، يقسمه الامام بينهم على قدر ما يراه من مئونتهم.

والخمس يأخذه الإمام فيقسمه ستّة أقسام:

قسما لله، وقسما لرسوله، وقسما لذي القربى. فقسم الله وقسم الرّسول وقسم ذي القربى للإمام خاصّة، يصرفه في أمور نفسه وما يلزمه من مئونة غيره.

١٩٨

وسهم ليتامى آل محمّد، وسهم لمساكينهم، وسهم لأبناء سبيلهم. وليس لغيرهم شي‌ء من الأخماس. وعلى الإمام أن يقسم سهامهم فيهم على قدر كفايتهم ومئونتهم في السّنة على الاقتصاد. فإن فضل من ذلك شي‌ء، كان له خاصّة. وإن نقص كان عليه أن يتمّ من خاصّته.

وهؤلاء الذين يستحقّون الخمس، هم الذين قدّمنا ذكرهم ممّن تحرم عليهم الزّكاة، ذكرا كان أو أنثى. فإن كان هناك من أمّه من غير أولاد المذكورين، وكان أبوه منهم، حلّ له الخمس، ولم تحلّ له الزّكاة. وإن كان ممّن أبوه من غير أولادهم، وأمّه منهم، لم يحلّ له الخمس، وحلّت له الزّكاة.

باب الأنفال

الأنفال كانت لرسول الله خاصّة في حياته، وهي لمن قام مقامه بعده في أمور المسلمين. وهي كلّ أرض خربة قد باد أهلها عنها. وكلّ أرض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب أو يسلّمونها هم بغير قتال، ورءوس الجبال وبطون الأودية والآجام والأرضون الموات التي لا أرباب لها، وصوافي الملوك وقطائعهم ممّا كان في أيديهم من غير وجه الغصب، وميراث من لا وارث له.

وله أيضا من الغنائم قبل أن تقسم: الجارية الحسناء،

١٩٩

والفرس الفاره، والثّوب المرتفع، وما أشبه ذلك ممّا لا نظير له من رقيق أو متاع.

وإذا قاتل قوم أهل حرب من غير أمر الإمام، فغنموا، كانت غنيمتهم للإمام خاصّة دون غيره.

وليس لأحد أن يتصرف فيما يستحقّه الإمام من الأنفال والأخماس إلّا بإذنه. فمن تصرّف في شي‌ء من ذلك بغير إذنه، كان عاصيا، وارتفاع ما يتصرّف فيه مردود على الإمام. وإذا تصرّف فيه بأمر الإمام، كان عليه أن يؤدي ما يصالحه الإمام عليه من نصف أو ثلث أو ربع.

هذا في حال ظهور الإمام. فأمّا في حال الغيبة، فقد رخّصوا لشيعتهم التصرّف في حقوقهم ممّا يتعلّق بالأخماس وغيرها فيما لا بدّ لهم منه من المناكح والمتاجر والمساكن. فأمّا ما عدا ذلك، فلا يجوز له التصرّف فيه على حال.

وما يستحقّونه من الأخماس في الكنوز وغيرها في حال الغيبة فقد اختلف قول أصحابنا فيه، وليس فيه نصّ معيّن إلا أنّ كلّ واحد منهم قال قولا يقتضيه الاحتياط.

فقال بعضهم: إنّه جار في حال الاستتار مجرى ما أبيح لنا من المناكح والمتاجر.

وقال قوم: إنّه يجب حفظه ما دام الإنسان حيا. فإذا حضرته الوفاة، وصّى به الى من يثق به من إخوانه المؤمنين

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

ولو اشترى جارية سرقت من أرض الصلح ردها على البائع واستعاد ثمنها، فإن مات ولا عقب له سعت الامة في قيمتها على رواية مسكين السمان، وقيل: يحفظها كاللقطة.ولو قيل: يدفع إلى الحاكم ولا تكلف السعي كان حسنا.كله، وأما بعضه، فيتصور فيما يؤخذ من أهل الحرب غيلة أو نهبا من غير قتال، فانه يكون لآخذه وفيه الخمس لاربابه، وهم الاصناف والامام، فيكون للامام حصة منه، فما كان من ذلك من رقيق لايجب إخراج حصة الامام منه، ولا حصة الاصناف، لعموم الاذن باباحة الرقيق حالة الغيبة، لتطيب الولادة، فاعلم ذلك.

قال طاب ثراه: ولو اشترى جارية سرقت من أرض الصلح ردها على البائع واستعاد ثمنها فإن مات ولا عقب له سعت الامة في قيمتها على رواية مسكين السمان، وقيل: يحفظها كاللقطة، ولو قيل: تدفع إلى الحاكم ولا تكلف السعي كان حسنا.

أقول: في المسألة ثلاثة أقوال حكاها المصنف: فالاول قول الشيخ في النهاية(١) وتبعها القاضي(٢) .والثاني قول ابن ادريس، وقال: كيف تستسعي بغير اذن صاحبها؟ وكيف تعتق؟ والاولى أن يكون بمنزلة اللقطة، بل يرفع خبرها إلى حاكم المسلمين ويجتهد على ردها على من سرقت منه فهو الناظر في أمثال ذلك(٣) .

____________________

(١) النهاية: باب ابتياع الحيوان ص ٤١٤ س ٣ قال: ومن اشترى جارية سرقت من أرض الصلح الخ.

(٢) المختلف: في بيع الحيوان ص ٢٠٦ س ٣١ قال بعد نقل قول الشيخ في النهاية: وتبعه ابن البراج.

(٣) السرائر: باب ابتياع الحيوان ص ٢٤١ س ٢٦ قال: قال محمد بن ادريس: كيف تستعي هذه الجارية الخ.

٤٦١

والثالث مذهب المصنف، وهو دفعها إلى الحاكم من رأس، ولا يجوز له التصرف فيها لانها مال الغائب، النظر فيه إلى الحاكم(١) .

احتج الشيخ بما رواه مسكين السمان عن الصادقعليه‌السلام قال: سألته عن رجل اشترى جارية سرقت من أرض الصلح؟ قال: فليردها على الذي اشتراها منه ولا يقربها إن قدر عليه أو كان موسرا، قلت: جعلت فداك فانه قد مات ومات عقبه؟ قال: فليستسعها(٢) .واختار العلامة مذهب المصنف(٣) .واعلم أن الرواية قد تضمنت حكمين منافيين للاصل.

(أ) ردها على البائع، وهو غير مالك.

(ب) إستسعاؤها في الثمن، وكيف يجوز استسعاء مملوك الغير بغير اذنه؟ ثم كيف يصرف كسبها عوضا عما قبضه من ليس مالكها؟ واختار الشهيد العمل بمضمون الرواية، فأجاب عن الاول: بتنزيل الرواية على تكليف البائع ردها إلى أربابها، لانه السارق، أو لانه ترتب يده عليها.وعن الثاني: باشتماله على الجمع بين حق المشتري بإستدراك ثمنه وحق المالك بردها عليه.والاصل فيه: أن مال الحربي فئ في الحقيقة وبالصلح صار محرما إحتراما عرضيا، فلا يعارض ذهاب مال محترم في الحقيقة(٤) .

____________________

(١) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٢) التهذيب: ج ٧(٦) باب ابتياع الحيوان، ص ٨٣ الحديث ٦٩.

(٣) المختلف: في بيع الحيوان، ص ٢٠٦ س ٣٦ قال: والتحقيق أن نقول: إن كان عالما وجب عليه ردها إلى المالك، ان عرفه، والا إلى الحاكم ليحفظها على مالكها ولا يرجع بشئ الخ.

(٤) الدروس: ج ١، درس في المملوكين المأذونين، ص ٣٤٩ س ٥ قال: روى مسكين في من اشترى إلى أن قال: والاقرب المروي تنزيلا على أن البائع يكلف بردها إلى أهلها، إما لانه السارق أولانه ترتبت يده عليها الخ.

٤٦٢

السابعة: إذا دفع إلى مأذون ما لا ليشتري نسمة ويعتقها ويحج ببقية المال، فاشترى أباه وتحاق مولاه ومولى الاب وورثة الآمر بعد العتق والحج وكل يقول: اشترى بمالي، ففي رواية ابن أشيم: مضت الحجة، ويرد المعتق على مواليه رقا، ثم أي الفريقين أقام البينة كان له رقا، وفي السند ضعف، وفي الفتوى إضطراب، ويناسب الاصل، الحكم بامضاء ما فعله المأذون مالم يقم بينة تنافيه.وفي هذا التنزيل نظر، لان البائع على تقدير كونه سارقا لم يبق أهلا لاداء الامانة، وعلى تقدير عدم السرقة ليست يده أولى بالعقوبة في التكليف بالرد لمكان ترتب يده عليها بأولى من المشتري، لتساويهما.قوله: فأولى تقديم حفظ مال المسلم على مال الكافر.

قلنا: هذه الاولوية متى يكون حاصلا؟ على تقدير كونه معاهدا، أو مطلقا، الثاني مسلم، والاول ممنوع.

قال طاب ثراه: اذا دفع إلى مأذون مالا يشتري نسمة ويعتقها ويحج ببقية المال، فاشترى أباه وتحاق مولاه ومولى الاب وورثة الامر بعد العتق والحج فكل يقول: اشترى بمالي، ففي رواية ابن أشيم مضت الحجة ويرد المعتق على مواليه رقا، ثم أي الفريقين أقام البينة كان له رقا.وفي المستند ضعف، وفي الفتوى إضطراب، وتناسب الاصل الحكم بامضاء مافعله المأذون مالم تقم بينة تنافيه.

أقول: في المسألة ثلاثة أقوال: (أ) رد المعتق على مواليه، وهو مضمون رواية ابن أشيم، وهو ضعيف، وبها قال الشيخ في النهاية(١) .

____________________

(١) النهاية باب ابتياع الحيوان، ص ٤١٤ س ٧ قال: ومن اعطى مملوك غيره الخ.

٤٦٣

الثامنة: إذا اشترى عبدا فدفع إليه البائع عبدين ليختار أحدهما، فأبق واحد، قيل: يرتجع نصف الثمن، ثم إن وجده تخير، والا كان الآخر بينهما نصفين، وفي الرواية ضعف، ويناسب الاصل ان يضمن الآبق ويطالب بما اتباعه.

(ب) كون المعتق لمولى الماذون رقا لكونه في يده بشرائه من مواليه وبطلان عتقه، وهو قول ابن إدريس(١) واختاره العلامة(٢) المصنف في الشرائع(٣) .

(ج) امضاء ما فعله المأذون، ومعناه الحكم بصحة البيع والعتق، لان الاصل أن ما يفعله المأذون يكون صحيحا، وهذا تتمشى اذا جعلنا حكم المأذون حكم الوكيل، فيقبل اقراره بما في يده ويمضى تصرفه فيه كما يمضى اقراره بالدين، وهو أوجه الاقوال، وهو مذهب المصنف في النافع(٤) .

قال طاب ثراه: اذا اشتري عبدا فدفع اليه البائع عبدين ليختار أحدهما، فأبق واحد قيل: يرتجع نصف الثمن، ثم إن وجده تخير، والا كان الاخر بينهما نصفين، وفي الرواية ضعف، ويناسب الاصل أن يضمن الابق بقيمته، ويطالب بما ابتاعه.

أقول: ما حكاه هو قول الشيخ في النهاية(٥) وتبعه القاضي(٦) ومستنده رواية

____________________

(١) السرائر: باب ابتياع ص س ٣٢ قال: قال: محمد بن إدريس: لاأرى لرد المعتق.

إلى مولاه وجها الخ.

(٢) المختلف: في بيع الحيوان ص ٢٠٧ س ١٠ قال: والمعتمد ما قاله ابن ادريس.

(٣) الشرائع: في بيع الحيوان، الثامنة، قال: وقيل: يرد على مولى المأذون مالم يكن هناك بينة، وهو أشبه.

(٤) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٥) النهاية: باب ابتياع الحيوان ص ٤١١ س ١٣ قا ل: ومن اشترى من رجل عبدا وكان البائع عبدان الخ.

(٦) المختلف: في بيع الحيوان، ص ٢٠٤ س ١٢ قال بعد نقل قول الشيخ في النهاية: وتبعه ابن البراج على ذلك.

٤٦٤

محمد بن مسلم عن الباقرعليه‌السلام قال: سألته عن رجل اشترى من رجل عبدا وكان عنده عبدان، فقال للمشتري: إذهب بهما واختر أيهما شئت ورد الاخر، وقد قبض المال، فذهب بهما المشتري فأبق أحدهما من عنده، قال: فليرد الذي عنده منهما ويقبض نصف الثمن مما أعطى ويذهب في طلب الغلام، فان وجده يختار أيهما شاء ورد النصف الذي أخذ، وإن لم يجد كان العبد بينهما، نصفه للبائع ونصفه للمبتاع(١) .ويمكن تنزيلها على تقدير أربع مقدمات:

(أ) تساويهما قيمة.

(ب) تطابقهما وصفا.

(ج) إنحصار حقه فيهما.

(د) عدم ضمان المشتري هنا بالقبض، ويكون كالمبيع في مدة الخيار، فإن تلفه في مدة الخيار من مال البائع وإن كان بعد القبض فأولى هنا لتعيين المبيع ثمة وعدمه في صورة النزاع.

قال المصنف في الشرائع: وهو بناء على انحصار حقه فيهما(٢) .لانه مع انحصار حقه فيهما يكون شريكا للبائع، واذا ذهب من الشريك بعض مال الشركة بغير تفريط، كان على جميع الشركاء.ويناسب الاصل أن يضمن الابق بقيمته ان قلنا بضمان المقبوض بالسوم ويطالب بما ابتاعه، أي بالعبد الموصوف بالصفات التي ذكرت في العقد، فان كان التالف واختاره تهاترا، وان كان الباقي أخذه، وضمن الابق بقيمته حين قبضه، وان لم يكونا مشتملين على الصفات،

____________________

(١) الفروع: ج ٥ كتاب المعيشة، باب نادر ص ٢١٧ الحديث ١.

(٢) الشرائع: في بيع الحيوان، التاسعة، قال: وهو على انحصار الخ.

٤٦٥

ولو ابتاع عبدا من عبدين لم يصح، وحكى الشيخ في الخلاف: الجواز طالب بما اشتملت عليه، وهو مذهب المصنف(١) والعلامة(٢) .

قال طاب ثراه: ولوابتاع عبدا من عبدين لم يصح، وحكى الشيخ في الخلاف: الجواز.

أقول: المشهور بطلان البيع، لعدم تعيين المبيع عند المتبايعين، وقال الشيخ في الخلاف في باب البيوع: روى اصحابنا أنه اذا اشترى عبدا من عبدين على أن للمشتري أن يختار أيهما شاء، أنه جائز، ولم يرووا في الثوبين شيئا، وقال الشافعي: اذا اشترى ثوبا من ثوبين على أن له الخيار ثلاثة أيام لم يصح البيع، إلى أن قال: دليلنا إجماع الفرقة، وقولهعليه‌السلام : المؤمنون عند شروطهم(٣) وقال في باب السلم من الكتاب: إذا قال: اشتريت منك أحد هذين العبدين بكذا، أو أحد هؤلاء العبيد الثلاثة بكذا لم يصح الشراء، وبه قال الشافعي، وقال ابوحنيفة: اذا اشترط فيه الخيار ثلاثة أيام، جاز لان هذا غرر يسير، وأما في الاربعة فمازاد عليها لايجوز، دليلنا ان هذا بيع مجهول، فيجب أن لايصح، ولانه بيع غرر، لاختلاف قيمتي العبدين ولانه لا دليل على صحة ذلك في الشرط، وقد ذكرنا هذه المسألة في البيوع وقلنا: إن أصحابنا رووا جواز ذلك في العبدين، فان قلنا بذلك تبعنا فيه الرواية ولم نقس عليها غيرها(٤) هذا آخر كلام الشيخرحمه‌الله ، وقال العلامة في المختلف: وأما قول الشيخ في الخلاف عن الرواية فان لها محملا، وهو أن نفرض

____________________

(١) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٢) المختلف: في بيع الحيوان ص ٢٠٤ س ٢٥ قال: والتحقيق أن نقول: العقد إن وقع على عبد مطلق موصوف بصفاته المقصودة الموجودة الرافعة للجهالة صح البيع الخ.

(٣) الخلاف: كتاب البيوع، مسألة ٥٤ قال: روى أصحابنا الخ.

(٤) الخلاف: كتاب السلم، مسألة ٣٨.

٤٦٦

التاسعة: اذا وطأ أحد الشريكين الامة سقط عنه من الحد ما قابل نصيبه، وحد بالباقي مع انتفاء الشبهة، ثم إن حملت قومت عليه حصص الشركاء، وقيل: نقوم بمجرد الوطء وينعقد الولد حرا، وعلى الواطئ قيمة حصص الشركاء منه عند الولادة.تساوي العبدين من كل وجه ولا استبعاد في ذلك كقفيز من متساوي الاجزاء كالصبر(١) ة.

قال طاب ثراه: اذا وطأ أحد الشريكين الامة سقط عنه من الحد ما قابل نصيبه، وحد بالباقي مع انتفاء الشبهة، ثم إن حملت قومت عليه حصص الشركاء، وقيل: تقوم بمجرد الوطء، وينعقد الولد حرا، وعلى الواطئ قيمة حصص الشركاء منه عند الولادة.

أقول: هنا مسائل: الاولى: لا يحد مع الشبهة، كما لو توهم الحل بمسيس بعض الملك.ولو كان عالما حد بقدر نصيب الشركاء، وسقط عنه من الحد ما قابل نصيبه.

الثانية: إن حملت تعلق بها حكم امهات الاولاد، فتقوم عليه، لان الاستيلاد بمنزلة الاتلاف، لتحريم بيعها، ووجوب عتقها بموت سيدها، فيكون عليه غرامة الحصص، ولا تدخل في ملكه بمجرد الحمل بل بالتقويم ودفع القيمة، أو بالضمان مع رضا الشريك.فهنا فروع (أ) الكسب قبل التقويم للجميع.

____________________

(١) المختلف: في بيع الحيوان ص ٢٠٤ س ٣١ قال: وأما قول في الخلاف عن الرواية فان لها محملا الخ.

٤٦٧

(ب) لو سقط الولد قبل التقويم استقر ملك الشركاء.

(ج) لايحرم على الشركاء الاستخدام قبل التقو يم.

(د) لو مات السيد قبل التقويم اخذت القيمة من تركته، ولو ضاقت التركة وقع التخلص، ولا يحسب الجارية من التركة، لان الاستيلاد إتلاف، ويحتمل تعلق حقوق الشركاء بالجارية لجواز بيعها في ثمن رقبتها، ويحتمل بيعها وقسمة ما فضل من ثمنها عن الحصص في الغرماء، لانها إنما ينعتق بجعلها في نصيب ولدها، ولا إرث إلا بعد الدين، ويحتمل تقويمها على الولد ويلزمه باقي قيمتها، لا باقى الديون.

(الثالثة) تقوم مع الحمل قطعا، وهل تقوم بنفس الوطء؟ قال الشيخ: نعم(١) والاكثرون على خلافه.

فروع

(أ) ماذا يجب بالتقويم؟ المشهور قيمتها العادلة، وقال الشيخ: اكثر الامرين من القيمة وقت التقويم، ومن ثمنها الذي اشتريت به(٢) ومستنده رواية عبدالله بن سنان عن الصادقعليه‌السلام (٣) .

(ب) عليه قيمة الولد يوم سقط حيا على تقدير كونه عبدا، ويسقط من قيمته ما قابل نصيبه، ويضمن للشركاء الباقي، هذا اذا لم يكن قومت عليه حبلى ويكون عليه قيمتها يوم الوطء، ومع تقويمها حبلى يكون عليه أعلى القيم من حين الاحبال إلى حين التقويم.

____________________

(١) و(٢) النهاية: باب ابتياع الحيوان، ص ٤١١ س ١٩ قال: واذا كانت الجارية بين شركاء إلى أن قال: وتقوم الامة قيمة عادلة ويلزمها، فان كانت القيمة اقل من الثمن الذي أشتريت به الزم ثمنها.

الاول، وإن كانت قيمتها في ذلك اليوم الذي قومت فيه اكثر من ثمنها الزم الاكثر.

(٣) التهذيب،: ج ٧(٦) باب ابتياع الحيوان، ص ٧٢ الحديث ٢٣ والحديث طويل.

٤٦٨

العاشرة: المملوكان المأذون لهما في التجارة اذا ابتاع كل منهما صاحبه، حكم للسابق.ولو اشتبه مسحت الطريق وحكم للاقرب، فان اتفقا بطل العقدان.وفي رواية يقرع بينهما.

(ج) إن كانت بكرا وجب عليه أرش البكارة ويسقط عنه قدر نصيبه.

(د) مع عدم البكارة هل يجب عليه مهر أم لا؟ سكت عنه الشيخرحمه‌الله ، وقال ابن ادريس: لا يجب عليه سوى الحد وأرش البكارة إن كانت(١) .والحق وجوب المهر إن كانت جاهلة، أو مكرهة، لا مع العلم والمطاوعة، وتسقط عنه قدر حصته.

(ه‍) لزوم قيمة الولد عند الولادة ان كان حيا، ولو سقط ميتا لم تضمنه.

(و) هذا الولد قبل سقوطههل هو محكوم برقيته ووجوب التقويم على أبيه، كما يجب بذل قيمة الوارث وهو قبلها رق، أو هو حرفي الاصل ووجوب القيمة لاجل حقوق الشركاء لا يصيره عبدا؟ الاظهر الثاني.وتظهر الفائدة فيما لو أوصى له حملا فيصح على الثاني دون الاول.

(ز) لو سقط هذا الولد بجناية جان، الزم الجاني دية جنين الحر للاب، وعلى الاب للشركاء دية جنين الامة، عشر قيمة امه الا قدر نصيبه، ويحتمل ضعيفا أن لا شئ على الاب.

قال طاب ثراه: المملوكان المأذون لهما اذا ابتاع كل منهما صاحبه حكم للسابق، ولو اشتبه مسحت الطريق وحكم للاقرب، فان اتفقا بطل العقدان، وفي رواية يقرع بينهما.

أقول: هنا مسألتان:

____________________

(١) السرائر: باب ابتياع الحيوان، ص ٢٤٠ س ٢٢ قال: والاولى أن يقال: لا يلزم الواطئ لها شيئا سوى الحد الذي ذكرناه، الا إن تكون بكرا فياخذ عذرتها الخ.

٤٦٩

الاولى: اذا اشترى كل من المأذونين صاحبه وعلم سبق أحدهما كان العقد له وبطل المتأخر لبطلان تصرفه بخروجه عن ملك بائعه.وان اقترن العقدان في حالة واحدة، قيل فيه قولان: (أحدهما) البطلان قاله ابن ادريس(١) واختاره المصنف(٢) لتدافعهما، وقال الشيخ في النهاية(٣) يقرع بينهما وتبعه القاضى(٤) وقال العلامة: ان اشترى كل منهما لنفسه، وقلنا: العبد يملك بطلا، وإن قلنا لا يملك، أو كل واحد منهما اشترى لمولاه، فان كانا وكيلان، صح العقدان، وان كانا مأذونين، فالاقرب إيقاف العقدين على الاجازة، فان أجاز الموليان صح العقدان وانتقل كل منهما إلى المولى الاخر، لان كل واحد منهما قد بطل إذنه ببيع مولاه له، فاذا اشترى الاخر لمولاه كان كالفضولى، وان فسخ الموليان بطلا(٥) .

الثانية: اشتبه الحال في معرفة السابق، وفيه قولان: (أحدهما) مسح الطريق والحكم للاقرب على تقدير تساويهما في القوة، ومع تساوي الطريقين يقرع، اختاره الشيخ في الاستبصار(٦) ، لانه من المشكلات وكل

____________________

(١) السرائر: باب ابتياع الحيوان، ص ٢٤٠ س ٢٨ قال: وان اتفق العقدان في حالة واحدة كان العقد باطلا.

(٢) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٣) النهاية: باب ابتياع الحيوان ص ٤١٢ س ٩ قال: فان اتفق أن يكون العقدان في حالة واحدة إقرع بينهما الخ.

(٤) المختلف: في بيع الحيوان ص ٢٠٥ س ١٤ قال بعد نقل قول الشيخ في النهاية: وتبعه ابن البراج الخ.

(٥) المختلف: في بيع الحيوان ص ٢٠٥ س ٢٤ قال: فان اشترى كل واحد منها لنفسه الخ.

(٦) الاستبصار: ج ٣(٥٤) باب المملوكين المأذونين لهما في التجارة ص ٨٢ قا ل بعد نقل الحديث: وهذا عندي أحوط لمطابقته لما روي أن الخ.

٤٧٠

مشكل فيه القرعة.

وقال العلامة: ان اشتبه السبق أو السابق حكم بالقرعة(١) ، والاقرب البطلان مع إشتباه السبق، لجواز الاقتران، والسبق المصحح للبيع غير معلوم، ولا يجوز الحكم بالمسبب مع الجهل بسببه، والقرعة مع اشتباه السابق، للعلم بصحة أحد العقدين في الجملة، فيتحقق الاشكال الموجب للقرعة.

احتج الاولون بما رواه الشيخ عن أبي خديجة عن الصادقعليه‌السلام في رجلين مملوكين مفوض اليهما يشتريان ويبيعان بأموالهما، فكان بينهما كلام، فخرج هذا يعدو إلى مولى هذا وهذا ألى مولى هذا، وهما في القوة سواء، فاشترى هذا من مولى هذا العبد، وذهب هذا فاشترى من مولى هذا العبد الاخر، وانصرفا إلى مكانهما، فنسب كل واحد إلى صاحبه وقال: أنت عبدي اشتريتك من سيدك، قال: يحكم بينهما حيث افترقا يذرع الطريق فأيهما كان أقرب فهو الذي سبق الذي هو أبعد، وإن كانا سواء فهما رد على مواليهما، جاء اسواء وافترقا سواء إلا أن يكون أحدهما سبق صاحبه، فالسابق هو له إن شاء باع وإن شاء امسك، وليس له ان يضربه(٢) .واعلم أن هذه الرواية دلت على امور:

(أ) إن العبد يملك.

(ب) إن الشراء لانفسهما بقوله: " وقال له أنت عبدي إشتريتك من سيدك ".

(ج) اعتبار تساويهما في القوة، فلو تفاوتا فيها لم يحكم بذرع الطريق، لانتفاء الظن، لجواز سبق الابعد لمزيد قوته.

(د) انه مع علم السبق يحكم للسابق كيف كان، بقوله " إلا أن يكون أحدهما

الفصل الثامن: في السلف

وهو ابتياع مضمون إلى أجل بمال حاضر، أو في حكمه، والنظر في شروطه وأحكامه ولو احقه.

____________________

(١) المختلف: في بيع الحيوان ص ٥ س ٢٤ قال: والتحقيق أن نقول: ان اشتبه السبق أو السابق حكم بالقرعة.

(٢) الفروع: ج ٥ كتاب المعيشة، باب نادر، ص ٢١٨ الحديث ٣، وفي الاستبصار: ج ٣(٥٤) باب المملوكين المأذونين لهما في التجارة يشتري كل واحد منهما صاحبه من مولاه، ص ٨٢ الحديث ١.

٤٧١

(النظر الاول) في شروط السلف

وهي خمسة الاول: ذكر الجنس والوصف، فلا يصح فيما لا يضبطه الوصف كاللحم والخبز والجلود، ويجوز في الامتعة والحيوان والحبوب وكل ما يمكن ضبطه.

الثاني: قبض رأس المال قبل التفرق، ولو قبض بعض الثمن ثم.سبق صاحبه ".

واحتج الاخرون بجواز الاقتران، وهو يقتضي البطلان، وبجواز سبق ذي الطريق البعيدة بزيادة مشيه وسرعته وحصول عائق لغريمه.وهذه أمور توجب الشك في حصول السبب الناقل، والاصل بقاء ما كان على ما كان عليه.

الفصل الثامن: في السلف

وهو ابتياع مضمون إلى أجل معلوم بمال حاضر أو في حكمه.فالابتياع خبر المبتدأ، و (مضمون) صفة مضاف محذوف مجرور بالاضافة، أي إبتياع شئ، أو مال مضمون، فالابتياع جنس، وقوله: مضمون، فصل يخرج به البيع الاعيان الحاضرة، وقوله: إلى أجل يخرج به البيع بالوصف حالا، وقوله: معلوم، اشارة إلى وصف شرط من شرائط السلف.روى ابن عباس عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : من سلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم وأجل معلوم(١)، وقوله: بمال حاضر، يريد به اشتراط التقابض

____________________

(١) سنن ابن ماجة: ج ٢، كتاب التجارات(٥٩) باب السلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم، ص ٧٦٥ الحديث ٢٢٨٠ ولفظ الحديث (عن ابن عباس قال: قدم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهم يتسلفون ي الثمن السنتين والثلاث، فقال: من اسلف في تمر الخ.

٤٧٢

افترقا صح في المقبوض، ولو كان الثمن دينا على البائع ص على الاشبه، لكنه يكره في المجلس، وقوله: أوفي حكمه، ليدخل مالم يكن حاضرا حالة العقد في المجلس ثم أحضر وقبض في مجلس العقد قبل التفرق، وكذا ما كان دينا على البائع على الاصح فانه في حكم الحاضر، بل في حكم المقبوض، وظاهر أبي علي جواز تأخر القبض ثلاثة أيام(١) وهو متروك.

قال طاب ثراه: ولو كان الثمن من دين(٢) على البائع، صح على الاشبه، لكنه يكره.

أقول: مختار المصنف الصحة(٣) ولعموم قوله تعالى " وأحل الله البيع "(٤) ولعدم المانع.

اذ بيع الدين بالدين عند المصنف هو التبايع بما في ذمتين غير ذمتى متبايعين، لانه بمنزلة المقبوض، وقال الشيخ: لا يصح(٥) لانه بمنزلة بيع دين بدين، واختاره العلامة في المختلف(٦) لانه بيع دين بدين، ولانه أحوط، واختار في غيره مذهب المصنف(٧) .

____________________

(١) المختلف: في السلف، ص ١٨٩ س ١ قال: مسألة المشهور أن قبض الثمن في المجلس شرط إلى أن قال: وقال ابن الجنيد: لااختار أن يتأخر الثمن الذي به يقع السلم أكثر من ثلاثه أيام الخ.

(٢) هكذا في النسخ المخطوطة، وفي المطبوعة (دينا) كما أثبتناه في المتن.

(٣) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٤) البقرة: ٢٧٥.

(٥) و(٦) المختلف: في السلف ص ١٩٠ س ١٢ قال: مسألة لو شرط أن يكون الثمن من دين عليه قال الشيخ لا يصلح، لانه بيع دين بمثله، وقيل: يكره: والمعتمد الاول لانه بيع بدين وقد نهي عنه.

(٧) لم أعثر عليه

٤٧٣

الثالث: تقدير المبيع بالكيل أو الوزن، ولا يكفي العدد ولو كان مما يعد، ولا يصح في القصب أطنانا، ولا في الخطب حزما، ولا في الماء قربا.وكذا يشترط التقدير في الثمن، وقيل: يكفى المشاهدة.

قال طاب ثراه: وكذا يشترط التقدير في الثمن، وقيل: يكفي المشاهدة.

أقول: اشتراط التقدير في الثمن بالكيل أو الوزن أو القدر لابد منه في السلم، لما تقدم من اشتراطه في مطلق البيع، ولا مكان تطرق الفسخ بتعذر التسلم عند الحلول لحاجة أو غيرها، فيحتاج المسلم إلى بذل الثمن، فان كان جزافا تعذر الرجوع به لجهالته، ولاداء ذلك إلى التنازع، وهو اختيار الشيخ في كتابي الفروع(١) وهو قول الاكثر، واختاره المصنف(٢) والعلامة(٣) وقال المرتضى: يكفي إذا كان معلوما بالمشاهدة مضبوطا بالمعاينة، ولا يفتقر مع ذلك إلى ذكر صفاته ومبلغ وزنه وعده(٤) وأجاب عما قلناه من تعذر الرجوع، بانه معارض بالاجارة، ويمكن عروض البطلان لها بانهدام الدار، فيحتاج إلى معرفة مال الاجاره، مع انه يجوز أن يكون جزافا، وبأن العقود مبنية على التراضي دون ما يخاف طريانه، فانه من باع شيئا بثمن معين بالمشاهدة صح البيع، وإن جاز أن يخرج المبيع مستحقا فيثبت على البائع للمشتري حق الرجوع ببذل الثمن، ومع ذلك لا يشترط ضبط صفات الثمن(٥) .

____________________

(١) المبسوط: ج ٢ كتاب السلم ص ١٧٠ س ٣ قال: فانه يجب أن يذكر مقداره سواء كان من جنس المكيل أو الموزون االمذروع وعلى كل حال ومتى لم يفعل ذلك لم يصح السلم الخ وفي الخلاف:.كتاب السلم، مسألة ٤ فلا حظ.

(٢) لا حظ عبارة النافع.

(٣) المختلف: في السلف ص س ٢١ قال: مسألة المشاهدة غير كافية في معرفة الثمن إذا كان مما يكان أو يوزن بل لابد الخ.

(٤) الناصرية، المسألة الخامسة والسبعون والمائة قال: معرفة مقدار رأس المال في صحة السلم إلى أن قال: إذا كان معلوما بالمشاهدة مضبوطا بالمعاينة لم يفتقر إلى ذكر صفاته الخ.

(٥) الناصرية: المسألة الخامسة والسبعون والمائة، ص ٢١٧ من الجوامع الفقيه س ١٤ قال: وليس

٤٧٤

الرابع: تعيين الاجل بما يرفع احتمال الزيادة والنقصان.

الخامس: أن يكون وجوده غالبا وقت حلوله، ولو كان معدوما وقت العقد.

(النظر الثاني) في أحكام السلف

وهي خمسة مسائل: الاولى: لا يجوز بيع السلم قبل حلوله ويجوز بعده وإن لم يقبضه على كراهية في الطعام على من هو عليه وعلى غيره.وكذا يجوز بيع بعضه وتولية بعضه، وكذا بيع الدين، فان باعه بما هو حاضر صح، وكذا إن فقد طال كلامهرحمه‌الله هنا على جواز كون مال الاجارة وثمن المبيع مطلقا سلما كان أو غيره جزافا، والكل ممنوع.تذنيب لو كان الثمن مذروعا قال الشيخ في الكتابين: لا بد من معرفة ذرعه قبل العقد، كالكيل والوزن(١) ، ولم يوجب ذلك السيد، وتردد العلامة(٢) ، ووجه الصحة فيه جواز بيعه مشاهدا، فيجوز أن يكون ثمنا والاقرب عدم الاكتفاء، لجواز عروض الفسخ، كما قلناه.

____________________

(١) المبسوط: ج ٢ كتاب السلم، ص ١٦٩ س ١٨ قال: ورأس المال ينظرالى أن قال: يجب أن يذكر مقداره سواء كان من جنس المكيل او الموزون أو المذروع الخ وفي الخلاف: كتاب السلم، مسألة ٤.

قال: سواء كان مكيلا أو موزونا أو مذروعا الخ.

(٣) المختلف: في السلف، ص ١٨٦ س ٣٦ قال: تذنيب، لو كان الثمن من المذروعات إلى أن قال وعندي في ذلك نظر.

٤٧٥

باعه بمضمون حال، ولو شرط تأجيل الثمن قيل: يحرم، لانه بيع دين بدين، وقيل: يكره، وهو الاشبه، أما لو باع دينا في ذمة زيد بدين المشتري في ذمة عمرو فلا يجوز، لانه بيع دين بدين.

فرع: لو قلنا بالصحة وطرء الفسخ

لو قلنا بالصحة وطرء الفسخ، قضى بالصلح.

قال طاب ثراه: ولو شرط تأجيل الثمن قيل: يحرم، لانه بيع دين بدين، وقيل: يكره وهو الاشبه.

أقول: هنا مسألتان:

(أ) الدين المؤجل.منع ابن ادريس من بيعه مطلقا وادعى عليه الاجماع(١) وأجاز العلامة بيعه على من هو عليه، فيباع بالحال لا بالمؤجل(٢) .

(ب) الدين الحال، يجوز بيعه بمال حاضر مطلقا، وكذا بيعه بمضمون حال ولو كان مؤجلا قال العلامة في كتبه: لا يجوز(٣) وهو مذهب ابن ادريس(٤) وقال المصنف: بالجواز على كراهية(٥) وهومذهب الشيخ في النهاية(٦) واتفق الفريقان

____________________

(١) السرائر: في السلف ص ٢٣١ قال: س ١ قال: ولا يجوز ان بيع الانسان ماله على غيره في أجل لم يكن قد حضر وقته، انما يجوز بيعه اذا حل الاجل، فاذا حضر الاجل جازله أن يبيع الذي عليه بزيادة من الثمن الخ.

(٢) المختلف: في السلف، ص ١٨٦ س ٣٨ قال: فان باعه البائع ما باعه اياه، جاز، سواء باعه بزيادة عن الثمن أوالنقصان الخ.

(٣) التذكرة: ج ١، في إحكام السلم ص ٥٥٥ س ٣٥ قال: مسألة، لا يجوز بيع السلف قبل حلوله ويجوز بعده قبل القبض على الغريم وغيره الخ.

(٤) تقدم نقله.

(٥) الشرائع، في السلف، المقصد الثالث في أحكامه، الثامنة: قال: يجوز بيع الدين على من هو عليه إلى أن قال: فان باعه بمضنون حال صح أيضا وإن اشترط تأجيله قيل: يبطل وقيل: يكره وهو الاشبه.

(٦) النهاية: باب السلف ص ٢٩٨ س ٨ قال: ولا يجوز ان يبيع الانسان إلى أن قال: ويكره ذلك فيما يدخله الكيل والوزن الخ.

٤٧٦

الثانية: اذا دفع دون الصفة وبرضى المسلم، صح.ولو دفع بالصفة وجب القبول، وكذا لو دفع فوق الصفة، ولا كذا لو دفع اكثر.

الثالثة: اذا تعذر عند الحلول، أو انقطع، فطالب كان مخيرا بين الفسخ والصبر.

الرابعة: اذا دفع من غير الجنس ورضي العريم ولم يساعره، احتسب بقيمة يوم الاقباض.

الخامسة: عقد السلف قابل لاشتراط ما هو معلوم، فلا يبطل بإشتراط بيع، أو هبة، أو عمل محلل، أو صنعة.لو أسلف في غنم وشرط أصواف نعجات بعينها.

قيل: يصح، والاشبه المنع، للجهالة.ولو شرط ثوبا من غزل إمرأة معينة، أو غلة من قراح(١) بعينه لم يضمن.عن أنه لا يجوز بيعه بدين على آخر مثله.

فرع: المبيع في ذمة المديون في عهدة البائع

والمبيع في ذمة المديون في عهدة البائع، ولو تعذر قبضه من المديون كان للمشتري الرجوع على بائعه بالثمن.

قال طاب ثراه: ولو أسلف في غنم وشرط أصواف نعجات بعينها، قيل: يصح، والاشبه المنع، للجهالة.

ولو شرط ثوبا من غزل إمرأة معينة، أو غلة من قراح بعينه، لم يضمن.

أقول: هنا مسألتان: الاولى: اذا اسلف في غنم وشرط أصواف نعجات معينة مشاهده.

____________________

(١) القراح جمع أقرحة: الارض لاماء فيها ولا شجر (المنجد لغة قرح)

٤٧٧

قال ابن ادريس: لا يصح(١) .واختاره المصنف(٢) لوجهين:

(أ) أن السلم في المشاهدة لا يجوز، لانه بيع مضمون ومن شرط صحته الاجل.

(ب) ان بيع الصوف على ظهر الغنم لايجوز.وقال الشيخ: بالصحة(٣) واختاره العلامة(٤) وأجاب عن الوجهين: أما عن الاول: فلانه يجوز السلف حالا، إعتبارا بقصد المتعاقدين، إذا كان من قصدهما الحلول، كقوله أسلمت إليك، أو أسلمتك، أو أسلفتك هذا الدينار في هذا الكتاب، فيكون قد تجوز باستعمال لفظ أسلمت مكان بعت، ولان السلم قسم من أقسام البيع وكما يجوز بعت في السلم فليجز استعمال أسلمت في البيع، لعدم الفارق، وهو اختيار المصنف في شرائعه(٥) .وأما عن الثاني، فللمنع من منع بيع الصوف على الظهور، بل هو جائز، فالمصنف انما وافق ابن ادريس في المنع من السلف مع هذا الشرط لموافقته له في الوجه الثاني، لا الاول.واعلم أن موضوع المسألة أن يكون شرط الاصواف أن يجز حالا، فلو عينها وشرط تأجيل الجز إلى أمد السلف، أو شرط أصواف نعجات في الذمة غير مشاهدة،

____________________

(١) السرائر: باب السلف ص ٢٣١ س ١٥ قال بعد نقل قول الشيخ: محمدبن ادريس: ان جعل في جملة السلف أصواف النعجات المعينة فلا يجوز السلف في المعين على مضى شرحنا له، وبيع الصوف على ظهر الغنم لا يجوز الخ

(٢) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٣) النهاية: باب السلف ص ٣٩٩ س ٩ قال: فان أسلف في الغنم وشرطه معه أصواف نعجات إلى أن قال: لم يكن به بأس

(٤) المختلف: في السلف ص ١٨٨ س ١٩ قال: بعد نقل قول الشيخ وابن ادريس ما قاله الشيخ الخ.

(٥) الشرائع: في السلف قال: وهل ينعقد البيع بلفظ السلم إلى أن قال: الاشية نعم

٤٧٨

(النظر الثالث) في لواحق السلف وهي قسمان: القسم الاول: في دين المملوك

وليس له ذلك إلا مع الاذن، ولو بادر لزم ذمته يتبع به اذا اعتق ولا يلزم المولى.ولو أذن له المولى لزمه دون المملوك إن استبقاه أو باعه.ولو اعتقه فروايتان: أحدهما يسعى في الدين.والاخرى لا يسقط عن ذمة المولى وهي الاشهر.ولو مات المولى كان الدين في تركته، ولو كان له غرماء كان غريم المملوك كأحدهم.لم يصح قولا واحدا فاعلم ذلك.

الثانية: لا يجوز إستناد السلف إلى معين، كأن يشترط ثوبا من غزل امرأة معينة، أو غلة من قراح معين، أو صوفا من نعجات معينة، لان السلم إبتياع مضمون، فهو أمر كلي في الذمة.غير مشخص إلا بقبض المشتري، فتشخيصه بأحد الاقسام المذكورة خروج عن حقيقته، نعم لو اسند إلى معين قابل للاشاعة، ولايفضي التعيين فيه إلى عسر التسليم عادة، جاز، كما لو سلف على مائة رطل من تمر البصرة، فان ذلك يحرى مجرى الصفات المشترطة في السلف كالحدادة والضرابة.

قال طاب ثراه: ولو أعتقه فروايتان: أحدهما يسعى في الدين، والاخرى لايسقط عن ذمة المولى وهي الاشهر.

أقول: إذا استدان العبد بإذن سيده، فأقسامه ثلاثة:

(أ) أن يستدين للسيد.

(ب) أن يستدين لنفسه في قدر النفقة الواجبة على السيد.

(ج) أن يستدين لماسوى ذلك من مصالحه، أي مصالح العبد.ولا شك في لزوم الدين للسيد في الاولين، وانما النزاع في الثالث، وهو موضوع المسألة، فإن بيع العبد، أو مات لزم السيد قولا واحدا، وإن أعتقه فهل يلزم العبد

٤٧٩

أو المولى؟ قال في النهاية بالاول(١) وتبعه القاضي(٢) والعلامة في أحد قوليه(٣) وقال في الاستبصار بالثاني(٤) وبه قال ابن حمزة(٥) وابن ادريس(٦) واختاره المصنف(٧) .احتج الاولون برواية عجلان عن الصادقعليه‌السلام في رجل اعتق عبدا له عليه دين قال: دينه عليه لم يزده العتق الا خيرا(٨) وبأن السيد أذن لعبده في الاستدانه، فاقتضى ذلك رفع الحجر ولا يستعقب الضمان، كالمحجور عليه اذا أذن له الولي في الاستدانة.احتج ابن ادريس بأن المولى إذا أذن العبد في الاستدانة فقد وكله في أن يستدين له، فالدين لازم في ذمته(٩) ، وأجاب العلامة عنه بانه ليس موضع النزاع، لان الاستدانة إذا كانت للسيد وجب أداؤها قطعا، وإنما التقدير أن الاستدانة

____________________

(١) النهاية: كتاب الديون، باب المملوك يقع عليه الدين، ص ٣١١ س ٢ وابن البراج قال: اعتقه لم يلزمه شئ مما عليه وكان المال في ذمة العبد

(٢) و(٣) المختلف: كتاب الديون ص ١٣٦ س ١٦ قال: وابن البراج تبع الشيخ ايضا، إلى أن قال: والاقرب الاول: أي قول الشيخ في النهاية.

(٤) الاستبصار: ج ٣(٨) باب المملوك يقع عليه الدين ص ١١ قال بعد نقل خبر زرارة: قال: محمد بن الحسن: انما يلزم المولى أو ورثثه دين العبد إذا كان قد أذن له في الاستدانة الخ.

(٥) الوسيلة: فصل في بيان الدين ص ٢٧٤ س ٩ قال: والمملوك اذا استدان إلى ان قال: فالاول كان حكم دينه دين مولاه.

(٦) السرائر: كتاب الديون، باب المملوك يقع عليه الدين ص ١٦٨ س ٢٧ قال: والصحيح الواضح أن المولى اذا اذن للعبد في الاستدانة فانه يلزمه قضاء الدين سواء باعه أو استيقاه أو اعتقه لانه وكله في ان يستدين له، فالدين في ذمة المولى لا يلزم العبد منه شئ الخ.

(٧) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٨) الاستبصار: ج ٤(١١) باب الرجل يعتق عبدا وعلى العبد دين ص ٢٠ الحديث ٢(٩) تقدم نقله عن السرائر آنفا.

٤٨٠

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579