المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٢

المهذب البارع في شرح المختصر النافع0%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 579

المهذب البارع في شرح المختصر النافع

مؤلف: العلامة جمال الدين ابي العباس احمد بن محمد بن فهد الحلي
تصنيف:

الصفحات: 579
المشاهدات: 113175
تحميل: 6696


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 579 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 113175 / تحميل: 6696
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء 2

مؤلف:
العربية

المهذب البارع في شرح المختصر النافع

الجزء الثاني

تأليف:

العلامة جمال الدين ابي العباس

احمد بن محمد بن فهد الحلي

٧٥٧ - ٨٤١ ه

تحقيق: الحجة الشيخ مجتبى العراقي

١

٢

هذا الكتاب

نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف

شبكة الإمامين الحسنينعليهما‌السلام للتراث والفكر الإسلامي

بانتظار أن يوفقنا الله تعالى لتصحيح نصه وتقديمه بصورة أفضل في فرصة أخرى

قريبة إنشاء الله تعالى.

٣

٤

كتاب الصوم

وهو يستدعي بيان امور:

الاول: الصوم

وهو الكلف عن المفطرات مع النية، ويكفي في شهر رمضان نية القربة، وغيره يفتقر إلى التعيين

(مقدمة)

الصوم لغة: الامساك والكف، يقال: صام الماء إذا سكن، وصام النهار اذا في وسط الظهيرة(١) .

وهو أشد الاوقات حرارة(٢) ، لكف حركات الناس في ذلك الوقت والتجائهم إلى القيلولة.

وشرعا: امساك مخصوص، على وجه مخصوص في زمان مخصوص، ممن هو على صفة مخصوصة، بشرط النية.

____________________

(١) صام النهار، قام قائم الظهيرة، وماء صائم، اى ساكن " اقرب الموارد ج ١ لغة صوم ".

(٢) إلى هنا مقتبس من المبسوط، لا حظ ج ١ ص ٢٦٥.

٥

فبالاول يخرج الامساك عن غير المفطرات. وبالثاني يخرج التناول نسيانا.وبالثالث يريد الامساك بالنهار دون الليل.وبالرابع يخرج عنه امساك من ليس على صفات الصوم المشترط كصوم الحائض.

هذا تعريف الشيخرحمه‌الله (١) وهو تعريف بأمورخفية.وأحسن منه قول المفيدرحمه‌الله : الصيام هو الكف عن تناول أشياء ورد الامر من الله تعالى بالكف عنها في أزمان مخصوصة، وهي أزمان الصيام(٢) .وقال السيدرحمه‌الله : الصوم توطين النفس على الكف عن تعمد تناول ما يفسد الصوم من أكل وشرب وجماع وما أشبهه(٣) .ولو حذف الصوم ثانيا واقتصرعلى قوله (توطين النفس على الكف) خلص من الدور.وقال المصنف في كتابيه: هو الكف عن المفطرات مع النية(٤) و(٥) . فان قلت: الدور وارد، لان حاصل التعريف: انه الكف عن المفطرات، وهي المفسدة للصوم.قلنا: معرفة كونه مفطرا لا يتوقف على معرفة الصوم، وحاصله: أن الصوم هو الكف عن أشياء سماها الشرع مفطرات.

____________________

(١) المبسوط: ج ١ كتاب الصوم ص ٢٦٥.

(٢) المقنعة: باب ماهية الصيام ص ٤٩ س.

(٣) جمل العلم والعمل: ص ٨٩ فصل في حقيقة الصوم س ٣.

(٤) شرايع الاسلام: كتاب الصوم..الاول الصوم وهو الكف..

(٥) المختصر النافع: كتاب الصوم، الاول الصوم وهو الكف..

٦

وقال العامة: هو توطين النفس على الكف عن المفطرات(١) فزاد قيد (التوطين)، وما أحسنه، لان الكف أمر عدمي، فلا تتعلق به الارادة.

قال الشيخ في المبسوط: النية ارادة، فلا تتعلق بالعدم بل بتوطين النفس على الامتناع، أو فعل كراهية لحدوث المفطرات(٢) .

وحاصله: (ان خ) العدم لاستمراره غير مقدور، والصوم عبارة عن نفي المفطر، فلا تتعلق الارادة به، بل متعلقها توطين النفس وقهرها على الامتناع، بتخويفها من العقاب، وهو أمر وجودي، أو يحدث كراهية إيجاد المفطر.وهو واجب بالكتاب والسنة والاجماع.

أما الكتاب فقوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون.أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر، وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين، فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خيرا لكم إن كنتم تعلمون "(٣) .وقد تلطف سبحانه بعباده في هذة الآية من وجوه:

(أ): تشريفه لهم بالنداء حيث جعلهم محلا لخطابه ومقرا لرد جوابه.

(ب): تسميته تعالى لهم بالاوصاف الجميلة " يا أيها الذين آمنوا " لا بالاسماء والعبودية.

(ج): " كتب عليكم " على بناء المفعول، ولم يقل " كتبت " أو " أوجبت " رفعا

____________________

(١) قال في القواعد ما لفظه " وشرعا توطين النفس على الامتناع عن المفطرات مع النية " لا حظ ص ٦٣.

(٢) المبسوط: ج ١ كتاب الصوم، فصل في ذكر النية وبيان أحكامها في الصوم ص ٢٧٨ س ١٧.

(٣) البقره: ١٨٣ و ١٨٤

٧

لمقامهم، وإظهارا لاحتشامهم، فجل من مليك ما ألطفه، وعز من قدير ما أرأفه.

(د): " كما كتب على الذين من قبلكم " ليدل على التسلى والمواساة لمن كان قبلهم في الطاعة، وأن هذه العبادة غير خاصة بهم، بل هي عامة للانبياء وأممهم من عهد آدم إلى عهدكم.وروي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: أولهم آدمعليه‌السلام (١) .

(ه‍): " لعلكم تتقون " بيانا لللطف الحاصل بالصوم.

(و): " أياما " أتى بصيغة أقل الجمع، تسهيلا عليهم.

(ز): " معدودات " أي قلائل غير كثيرة، وهو تأكيد القلة، وأنه لم يرد بالجمع أولا الكثرة.

(ح): " فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر " تلطف بالفطر، وقبل التعويض بالايام المقضية عنه.

(ط): " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " اي الذين يحصل لهم نوع من المشقة، كالحامل المقرب، والشيخ العاجز، وا لمرضعة القليلة اللبن، وذي العطاش يفطرون ويتصدقون على مسكين واحد عن كل يوم بمد طعام مع القضاء.

(ي): " فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم " أتى بالامر على وجه التلطف، ومعنى قوله تعالى: " فمن تطوع خيرا فهو خير له " أي زاد في الفدية عن المد، فالتطوع خير له، ومعنى قوله: " وأن تصوموا خير لكم " قيل معناه: إن في صدر الاسلام فرض عليهم الصوم ولم يتعودوا فاشتد عليهم، فرخص لهم في الافطار والفدية.

____________________

(١) تفسير الصافي: ج ١ في تفسيره لآية ١٨٣ من سورة البقرة، وجوامع الجامع: ص ٣٣ س ٢١ في تفسير للآية.

٨

وروي ذلك عن الباقرعليه‌السلام :(١) .قال تعالى: " وعلى الذين يطيقونه " فمن اختار الرخصة " فدية طعام مسكين " " فمن تطوع خيرا " فزاد في الفدية " فهو خير له وأن تصوموا " أيها المطيعون " خير لكم " من الفدية والتطوع وأعظم ثوابا، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: " فمن شهد منكم الشهر فليصمه".وروى الاصحاب عن الصادقعليه‌السلام : أن معناه، وعلى الذين يطيقون الصوم ثم اصابهم كبر أو عطاش أو شبه ذلك فدية لكل يوم مد من الطعام، وعلى هذا لا نسخ(٢) .ثم وصف شهر رمضان بأنه شريف أنزل فيه القرآن ولم يوجبه على المريض والمسافر، ثم قال: " يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر " ليزيد في طمأنينتهم برحمته، وسكونهم إلى جميل صنايعه.وأما السنة فكثير: مثل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : شهر رمضان شهر فرض الله صيامه، فمن صامه إيمانا واحتسابا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه(٣) .وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال الله تعالى: الصوم لي وأنا أجزي به(٤) .

____________________

(١) رواه العامة والخاصة بعنوان (قيل): لا حظ تفسير الصافي: في تفسيره لآية ١٨٣ من سورة البقرة، وتفسير أنوار التنزيل وأسرار التأويل (تفسير البيضاوي): في تفسيره للآية المتقدمة.وجامع اليان في تفسير القرآن للطبري ج ٢ ص ٧٧ في تفسيره للآية إلى غير ذلك من مظانها.

(٢) جوامع الجامع: ص ٣٣ ص ٣١ في تفسيره لآية(١٨٣) من سورة البقرة.

(٣) التهذيب ج ٤(٤٠) باب فرض الصيام ص، الحديث ٤.

(٤) رواه ائمة اهل الحديث وأرباب الصحاح والسنن، لا حظ التهذيب: ج ٤(٤٠) باب فرض الصيام ص ١٥٢، الحديث ٣، وسنن ابن ماجة: ج ٢ كتاب الادب(٥٨) باب فضل العمل ص ١٢٥٦ الحديث ٣٨٢٣، ولفظه " عن أبى هريرة قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كل عمل ابن دم يضاعف له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف قال الله سبحانه إلا الصوم فانه لي وانا اجزى به " ومسند أحمد بن حنبل: ج ٢ ص ٢٣٢ و ٢٣٤ و ٢٥٧ إلى غير ذلك.

٩

وفي النذر المعين تردد، وقالعليه‌السلام : الصوم جنة من النار(١) .وقال الباقرعليه‌السلام : بني الاسلام على خمس.الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية(٢) .وأما الاجماع: فمن عامة المسلمين، ولو استحل مكلف تركه كان مرتدا.قال طاب ثراه: وفي النذر المعين تردد.أقول: هنا بحثان: الاول: في كيفية نية القربة، وفيها قولان:

(أ) قول الشيخ في المبسوط والخلاف(٣) و(٤) : أن ينوي الصوم فقط متقربا إلى الله تعالى، والتعيين أن ينوي مع ذلك الصوم من رمضان، أو النذر، أو غير ذلك.

(ب) قول إبن إدريس(٥) : أن ينوي مع ذلك الوجوب، وهو اختيار العلامة(٦) .

الثاني: يكفي نية القربة في شهر رمضان.وهل يكفي في النذر المعين؟ قولان:

____________________

(١) و(٢) التهذيب: ج ٤(٤٠) باب فرض الصيام ص ١٥١ الحديث ١.

(٣) المبسوط: ج ١ كتاب الصوم، فصل في ذكر النية وبيان أحكامها في الصوم ص ٢٧٦ س ١٤.

(٤) الخلاف: كتاب الصوم: مسائل النية: مسألة ٤ قال: ويكفي أن ينوي انه يصوم متقربا به إلى الله تعالى.

(٥) كتاب السرائر: كتاب الصيام ص ٨٣ س ٢٢ قال بعد نقل قول الشيخ في المبسوط والخلاف ما لفظه: " والذي ذكره في مسائل الخلاف هو الصحيح اذا زاد فيه واجبا الخ "(٦) المختلف: كتاب الصوم ص ٤١ س ١٥ قال بعد نقل قول ابن ادريس وتضحيفة: " نعم استدراكه للوجوب حسن جيد اذ لا بد منه ".

١٠

ووقتها ليلا، ويجوز تجديدها في شهر رمضان إلى الزوال، وكذا في القضاء ثم يفوت وقتها.وفي وقتها للمندوب روايتان: أصحهما مساواد الواجب.الاكتفاء، وهو مذهب المرتضى(١) وابن إدريس(٢) للاصل، ولانه زمان تعين للصوم، فكان كرمضان.وعدمه، بل لا بد من التعيين، وهو مذهب الشيخ(٣) والعلامة(٤) لانه زمان لم يعينه الشارع في الاصل للصوم، فافتقر إلى التعيين، ولكونه أحوط.

قال طاب ثراه: وفي وقتها للمندوب روايتان: اصحهما مساواة الواجب.

أقول: الصوم إما واجب أو ندب، والواجب إما معين أو غير معين فالنظر في الاقسام الثلاثة: الاول: الواجب المعين، و تجب فيه النية من الليل، ولو من أوله، مستمرا على حكمها، ولا يجوز تركها إلى بعد الفجر إختيارا، فيكفر.وظاهر أبي علي تسويغ النية بعد الزوال،، فرضا ونفلا عمدا ونسيانا حيث قال: يستحب للصائم فرضا وغير فرض أن يبيت الصيام من الليل لما يريد به، وجائز أن

____________________

(١) جمل العلم والعمل: فصل في حقيقة الصوم ص ٨٩ س ٧ قال: " وانما يفتقر إلى تعيين النية في الزمان الذي لا يتعين فيه الصوم ".

(٢) كتاب السرائر: كتاب الصيام ص ٨٣ س قال: والصحيح ما ذهب اليه سيدنا المرتضيرحمه‌الله ، من كل زمان يتعين فيه الصوم كشهر رمضان والنذر المعين بيوم أو أيام لا يجب فيه نية التعين بل نية القرية فيه كافية..الخ.

(٣) المبسوط ج ١ كتاب الصوم ص ٢٧٧ س ١٨ قال: " وإما الضرب الآخر من الصوم المتعين بيوم فهو أن يكون نذر أن يصوم يوما بعينة، فهذا يحتاج إلى نية التعيين ونية القربة معا ".

(٤) المختلف: كتاب الصوم ص ٤١ قال: مسألة، قال الشيخ في المبسوط والجمل والخلاف: النذر المعين بيوم لا يكفى فيه نية القربة، بل لابد فيه من نية التعيين، إلى أن قال: والاقرب الاول

١١

يبتدئ بالنية وقد بقي بعض النهار ويحتسب به من واجب، إذا لم يكن أحدث ما ينقض الصيام، ولو جعله تطوعا كان أحوط(١) و(٢) .وهو نادر لا يعرج إليه، لانه قد مضى معظم النهار بغير نية، فلا يعد صائما كما لو استوعب النهار ترك النية، ولقولهعليه‌السلام : من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له(٣) فدل ذلك على وجوبها ليلا.ولصحيحة هشام بن سالم عن أبي عبداللهعليه‌السلام قلت له: الرجل يصبح ولا ينوي الصوم، فاذا تعالى النهار حدث له رأي في الصوم، فقال: إن هو نوى الصوم قبل أن تزول الشمس حسب له يومه، وإن نواه بعد الزوال حسب له من الوقت الذي نوى(٤) .وهو عام في الفرض والنفل، لصدقه عليهما، وإذا حسب له في المفرض من وقت النية وكانت بعد الزوال لم يخرج عن العهدة، لان الواجب عليه يوم كامل فلا يجزي بعضه.

إحتج أبوعلي بما رواه عبدالرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن موسىعليه‌السلام عن الرجل يصبح ولم يطعم ولم يشرب ولم ينو صوما، وكان عليه يوم من شهر رمضان أله أن يصوم ذلك اليوم وقد ذهب عامة النهار؟ فقال: نعم، له أن يصوم ويعتد به من شهر رمضان(٥) .

____________________

(١) المختلف: كتاب الصوم ص ٤١ س ٣١ قال: وقال ابن الجنيد: ويستحب للصائم فرضا الخ.

(٢) وزاد هنافي نسخة (ج) ما يأتي: " ويجوز للناسي تجديدها إلى الزوال، فان زالت جدد ايضا وقضى، لانه قد مضى معظم النهار بغير نية فلا يعد صائما كما لو استوعب النهار ترك النية ".

(٣) عوالى اللثالي: ج ٣ ص ١٣٢ باب الصوم، الحديث ٥.

(٤) التهذيب: ج ٤(٤٤) باب نية الصيام ص ١٨٨ الحديث ١١.

(٥) التهذيب ج ٤(٤٤) باب نية الصيام ص ١٨٧ الحديث ٩.

١٢

ومثلها رواية البزنطي عمن ذكره عنهعليه‌السلام قال: قلت له: الرجل يكون عليه القضاء من شهر رمضان ويصبح فلا أكل إلى العصر، أيجوز له أن يجعله قضاء من شهر رمضان؟ قال: نعم(١) و(٢) .والمعتمد في الجواب أن نقول: الروايتان واردتان في القضاء، فتختص به.لا يقال: ما يتعين زمانه أولى بالاجزاء.لانا نقول: الاصل عدم تعدي الحكم من المنصوص إلى غيره، لان ذلك قياس وهو باطل، ولان ما تعين زمانه يجب عليه ايقاع النية مع أول جزء من الصوم، لانها شرط فيه أو ركن، فيصدق عليه أنه قد خالف المأمور به عمدا، فلا يخرج عن العهدة، وأما غير المعين فلا يصدق عليه المخالفة والعصيان بالترك أول النهار، فيكون حكمه حكم الساهي في رمضان، فجاز التجديد وورود النص عليه فتختص به.

الثاني: الواجب غير المعين، كالنذر المطلق، وقضاء رمضان، فتجب فيه النية ليلا، ويجوز تجديدها إلى الزوال اختيارا، لانه زمان لا يوصف نهاره بتحريم الاكل من أوله، فاذا لم ينو من الليل لا يوصف أوله بالتحريم، بخلاف الصوم المعين.

____________________

(١) التهذيب: ج ٤(٤٤) باب نية الصيام ص ١٨٨ الحديث ١٢.

(٢) وزاد في نسخة (ب وج) هنا ما يأتي: ونحن ننقله مع اضطراب متنه: وعدم تماميته موافقة لما نفله في المختلف، قال: " وفي معنا هما صحيحة عبدالرحمن بن الحجاج عن العالمعليه‌السلام وسياتيان !؟ " واجاب العلامة عن الاولى بمنع السند وعن الثانية بانها مرسلة وعن الثالثة باحتمال ان يريد بعامة النهار قبل الزوال على سبيل المجاز " قال: قلت: الرجل يكون عليه القضاء من شهر رمضان ويصبح فلا يأكل إلى العصر، أيجوز له أن يجعل قضاء من شهر رمضانت؟ قال نعم والمعتمد في الجواب الخ ".

اعلم ان الشيخ في التهذيب نقل حديث عبدالرحمن بن الحجاج تارة عن طريق محمد بن علي بن محبوب عن علي بن السندي وتارة عن محمد بن علي بن محبوب عن معاوية بن حكيم، لا حظ التهذيب ج ٤(٤٤) باب نية الصيام ص ١٨٧ الحديث ٩ كما قدمناه آنفا، وص ١٨٨ الحديث ١٣

١٣

وقال علم الهدى: وقت نية الصوم الواجب من أول الفجر إلى الزوال(١) .وهذا الاطلاق يشمل المعين وغيره، ولعله أراد وقت التضييق.

ويدل على ما قلناه روايات:

(أ) رواية عبدالله بن صالح عن أبي إبراهيمعليه‌السلام قال: قلت: رجل جعل لله عليه صيام شهر، فيصبح وهو ينوي الصوم، ثم يبدو له فيفطر، ويصبح وهو لا ينوي الصوم، فيبدو له فيصوم، فقال: هذا كله جائز(٢) .

(ب) رواية عبدالرحمان بن الحجاج (في الصحيح) قال: سألته عن الرجل يبدو له بعد ما يصبح ويرتفع النهار أن يصوم ذلك اليوم ويقضيه من رمضان وإن لم يكن نوى ذلك من الليل؟ قال: نعم يصومه ويعتد به إذا لم يحدث شيئا(٣) .

(ج) رواية عمار الساباطي عن أبي عبداللهعليه‌السلام : عن الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان ويريد أن يقضيها، متى ينوي القضاء؟ قال: هو بالخيار إلى أن تزول الشمس، فاذا زالت فان كان نوى الصوم فليصم، وإن كان نوى الافطار فليفطر، سئل فان كان نوى الافطار يستقيم له أن ينوي الصوم بعد ما زالت الشمس؟ قال: لا(٤) .

(د) رواية هشام بن سالم عن الصادقعليه‌السلام قلت له: الرجل يصبح ولا ينوي الصوم فاذا تعالى النهار حدث له رأي في الصوم، فقال: إن هو نوى قبل أن تزول الشمس حسب له من يومه(٥) .

____________________

(١) جمل العلم والعمل: فصل في حقيقة الصوم ٨٩ س ١١

(٢) التهذيب ج ٤(٤٤) باب نية الصيام ص ١٨٧ الحديث ٦ وفيه عن صالح بن عبدالله.

(٣) التهذيب: ج(٤)(٤٤) باب نية الصيام ص ١٨٦ قطعة من حديث ٥.

(٤) التهذيب: ج ٤(٦٥) باب فضاء شهر رمضان وحكم من افطر فيه على التعمد ص ٢٨٠ قطعة من حديث ٢٠.

(٥) التهذيب: ج ٤(٤٤) باب نية الصيام ص(١٨٨) قطعة من حديث ١١ وتمامه " وإن نواه بعد الزوال حسب له من الوقت الذي نورى ".

١٤

الثالث: المندوب.

وفي وقته قولان: أحدهما: الليل مستمرا إلى الزوال ثم يفوت وقتها كالواجب، وهو مذهب الشيخ(١) والحسن(٢) والمصنف في النافع(٣) والعلامة في المختلف(٤) .والآخر امتدادها إلى الغروب، وهو مذهب السيد(٥) وابن حمزة(٦) وابن إدريس(٧) واختاره المصنف في المعتبر(٨) وهو المعتمد.

إحتج الاولون بوجوه: (أ) قولهعليه‌السلام : إنما الاعمال بالنيات(٩) نفى العمل بدون النية.ومضي

____________________

(١) الخلاف: كتاب الصوم، مسألة ٦ قال: يجوز أن ينوى صيام النافلة نهارا إلى أن قال: ومنهم من أجازة إلى آخر النهار ولست أعرف به نصا.

(٢) المختلف كتاب الصوم، ص ٤٢ س ٣٥ قال: ومنع ابن عقيل من تجدد النية بعد الزوال وجعل النفل كافرض في لك.

(٣) المختصر النافع: كتا ب الصوم ص ٦٥ س ٧.

(٤) المختلف: كتاب الصوم، ص ٤٢ س ٣٧ قال: والاقرب قول الشيخرحمه‌الله وابن عقيل.

(٥) جمل العلم والعمل: كتاب الصوم، فصل في حقيقة الصوم، ص ٨٩ قان في بحث النية: وفي صيام التطوع الي بعد الزوال.

(٦) المختلف: كتاب الصوم، ص ٤٢ س ٣٨ قال: وقال ابن حمزة: وان نسى النية في صوم نافلة جددها بعد الزوال إلى أن يبقى من النهار مقدار ما يكون الصائم فيه ممسكا.

(٧) السرائر: كتاب الصوم، ص ٨٤ س ٢٣ قال: فاما صوم التطوع فله أن ينوي مادام في نهاره سواء كان قبل الزوال أو بعده على الصحيح من الاقوال والاخبار.

(٨) المعتبر: كتاب الصوم ص ٢٩٩ قال: مسألة، وفي وقتها الصيام النافلة روايتان الخ.

(٩) رواه جمع من ائمة الحديث وأصحاب الصحاح والسنن، لاحظ الوسائل: ج ١، كتاب الطهارة، الباب ٥ من ابواب مقدمة العبادات مقدمة العبادات، ومسند أحمد بن حنبل: ج ١ ص ٢٥ وصحيح البخاري: " بدء الوحي " باب كيف كان بدء الوحي، إلى غير ذلك من كتب الحديث.

١٥

جزء من النهار يستلزم نفي حكمه ترك العمل به في صورة النية قبل الزوال لمعنى يختص به، وهو صيرورة عامة النهار منويا، فيبقى الباقي على الاصل.

(ب) أنه عبادة مندوبة فيكون وقت نيتها وقت نية فرضها، كالصلاة.

(ج) صحيحة هشام بن سالم عن أبي عبداللهعليه‌السلام إلى قوله: وان نواه بعد الزوال، حسب له من الوقت الذي نوى(١) .ويمكن الجواب عن الاول بوجود الموجب لصيرورة النهار منويا في الصورتين، وهو تدارك النية في محل الصوم، وهو النهار، ولا فرق بين الاقل منه والاكثر.كإدراك الامام قبل الركوع.وعن الثاني بأنه قياس.وعن الثالث بعدم دلالة الحديث على المطلوب، فانهعليه‌السلام لم ينف الصوم، بل قال: حسب له من الوقت الذي نوى، فحاز أن يريد به حساب الثواب، إذ الصوم لا يتبعض، وإذا لم يتبعض لا يوصف ما لا يسمى صوما بانه محسوب له.وأيضا: فإنه لم يتعرض فيه لفساد الصوم.

احتج الآخرون بوجوه:

(أ) أصالة الصحة.

(ب) عموم قوله تعالى: " وأن تصوموا خير لكم "(٢) .

(ج) قولهعليه‌السلام : الصوم جنة من النار.

____________________

(١) التهذيب: ج ٤(٤٤) باب نية الصيام ص ١٨٨ قطعة من حديث ١١.

(٢) البقرة: ١٨٤.

(٣) التهذيب: ج ٤ كتاب الصيام(٤٠) باب فرض الصيام ص ١٥١ قطعة من حديث ١.

١٦

(د) روى هشام بن سالم عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يدخل على أهله، فيقول: عندكم شئ؟ وإلا صمت، فإن كان عندهم شئ أتوه به، وإلا صام(١) .ورواه العامة أيضا عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) .

(ه‍) رواية أبي بصير عن الصادقعليه‌السلام .انه سئل عن الصائم المتطوع تعرض له الحاجة قال: هو بالخيار ما بينه وبين العصر، وان مكث إلى حين العصر ثم بد له أن يصوم ولم يكن نوى ذلك، فله أن يصوم ذلك اليوم ان شاء(٣) .وطعن العلامة في هذه الرواية بضعف سندها، لان فيه سماعة(٤) .ثم هي على تقدير التسليم، غير دالة على صورة النزاع، لان السؤال وقع عن الصائم وانما يتحقق الصوم بالنية، والرواية دلت على أن الصائم من أول النهار يتخير في الافطار إلى العصر، وإن مكث إلى حين العصر ثم بدا له أن يصوم عقيب نية افطاره ولم يكن نوى الصوم عقيب نية الافطار فله أن يجدد نية الصوم بقية اليوم إن شاء‌ه.وبالجملة كلام السيد لا يخلو من قوة، هذا آخر كلامه(٥) .ولما كانت هذه الروايات قابلة للتأويل وغير خالية عن الاحتمال، قال الشيخ في الخلاف: ولست أعرف به نص(٦) ا، قال: وتحقيقه انه يجوز تجديدها إلى أن يبقى من النهار مقدار ما يبقى زمان بعدها يمكن أن يكون صوما، وإذا كان انتهاء النية مع

____________________

(١) التهذيب: ج ٤ كتاب الصيام(٤٤) باب نية الصيام ص ١٨٨ الحديث ١٤.

(٢) سنن ابن ماجة: ج ١ كتاب الصيام(٢٦) باب ما جاء في فرض الصوم من الليل، والخيار في الصوم ص ٥٤٣ قطعة من حديث ١٧٠١.

(٣) التهذيب: ج ٤ كتاب الصوم(٤٤) باب نية الصيام ص ١٨٦ الحديث ٤.

(٤) سند الحديث كما في التهذيب: " الحسين عن فضالة عن الحسين بن عثمان عن سماعة عن أبى بصير ".

(٥) المختلف: كتاب الصوم: ص ٤٣ س ١٤.

(٦) الخلاف: كتاب الصوم: مسألة ٦ قال: ومنهم من أجازة إلى آخر النهار ولست أعرف به نصا.

١٧

وقيل: يجوز تقديم نية شهر رمضان على الهلال ويجزى فيه نية واحدة انتهاء النهار، فلا صوم(١) .

فرع: هل تسري النية في اليوم إلى أوله؟

وهل تسري النية في اليوم إلى أوله؟ أو يكون له صومه من حين نيته؟ فيه روايتان: إحداهما: سريانه إلى النهار من أوله إن كان نوى قبل الزوال، وهو رواية هشام بن سالم المتقدمة(٢) .وهو اختيار الشيخ في الخلاف(٣) واختاره المصنف(٤) .

والثانية: رواية عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله قال: إن بداله أن يصوم بعدما ارتفع النهار، فليصم، فانه يحسب له من الساعة التي نوى فيها(٥) .

قال طاب ثراه: وقيل: يجوز تقديم نية شهر رمضان على الهلال ويجزي فيه نية واحدة.

أقول: هنا مسألتان: (أ) هل تجزي تقديم نية شهر رمضان على هلاله للناسي؟ قال الشيخ في المبسوط: نعم لو نوى قبل الهلال أجزأ النية السابقة إن عرض له سهو أو نوم أو

____________________

(١) هذا التحقيق من الشيخ في المبسوط، لا حظ:ج١كتاب الصوم فصل في ذكر النية وبيان أحكامها ص ٢٧٨ س١٢.

(٢) التهذيب: ج ٤(٤٤) باب نية الصيام ص ١٨٨ الحديث ١١.

(٣)الخلاف: كتاب الصوم مسألة ٧ قال: اذا نوى بالنهار يكون صائما من اوله لا من وقت تجديد النية.

(٤) المعتبر: كتاب الصوم ص ٣٠٠ قال بعد نقل رواية هشام بن سالم وعبدالله بن سنان: والرواية الاولى اقرب الخ.

(٥) التهذيب: ج ٤(٤٤) باب نية الصيام ص ١٨٧ من حديث ٧.

١٨

إغماء، وإن كان ذاكرا فلا بد من تجديدها(١) ومنع ابن إدريس(٢) واختاره المصنف(٣) والعلامة(٤) لانه عبادة تفتقر إلى نية، ومن شرط النية المقارنة، وإلا لجاز تقديمها مع الذكر.

(ب) هل يجزي نية واحدة لصيام الشهر من أوله؟ قال الثلاثة(٥) والتقى(٦) وسلار(٧) نعم، لانه عبادة واحدة، فتجزي فيه النية الواحدة، وادعى المرتضى الاجماع(٨) ، ولانها تؤثر في الشهر كما تؤثر في اليوم كله، وإن وقعت في أول ليلة

____________________

(١) المبسوط كتاب الصوم، فصل في ذكر النية ص ٢٧٦ س ١٩ قال: ونية القربة يجوز أن تكون مقدمة، فإنه إذا كان من نيته صوم الشهر اذا حضر ثم دخل عليه الشهر وإن لم يجددها لسو لحقه أو نوم أو إغماء كان صومه ماضيا صحيحا

(٢) السرائر: كتاب الصوم ص ٨٤ س ٦ فاشار إلى ان ما أختاره الشيخرحمه‌الله من طريق اخبار الآحاد، معلوم أن ابن ادريس لا يعمل باخبار الآحاد فلهذا نسب المنع إليه.

(٣) المعتبر: كتاب الصوم ص ٣٠٠ س ٨ قال بعد نقل قول الشيخ في صحة النية قبل شهر رمضان وذكر نية دليلة: لكن هذه الحجة ضعيفة الخ.

(٤) التذكرة: ج ١ كتاب الصوم ص ٢٥٦ س ٣٨ قال بعد نقل قول الشيخ: والوجه عدم الجواز

(٥) أي المفيد والمرتضى والطوسي قدس الله اسرارهم، ففي المقنعة، كتاب الصيام، باب النية للصيام، ص ٤٨ س ٣٣: فاذا عقد قبل الفجر من اول يوم من شهر رمضان، صيام الشهر بأسره أجزأه ذلك في صيام الشهر بأجمعه وأغناه في الفرض عن تجديد نية في كل يوم على الاستقلال، وفي جمل العلم والعمل ص ٨٩ قال: ونية واحدة لصوم جميع شهر رمضان واقعة إبتداء به كافية: وفي النهاية كتاب الصيام، باب علامة شهر رمضان ص ١٥١ قال: ويكفي في نية صيام الشهر كله أن ينوي في أول الشهر ويعزم على أن يصوم الشهر كله.

(٦) الكافي: فصل في صوم شهر رمضان ص س ١٤: قال: ويجزيه أو ينوي ليلة الشهر قبل طلوع الفجر صيامه.

(٧) المراسم: ذكر أحكام صوم شهر رمضان ص ٩٦ س ١٤ قال: ونية واحدة كافية في صيام الشهر كله

(٨) المختلف: كتاب الصوم ص ٤٣ س ١٨ قال: قال السيد المرتضى إلى أن قال: وهو المذاهب الصحيح الذي عليه إجماع الامامية.

١٩

ويصام يوم الثلاثين من شعبان بنية الندب.ولو اتفق من رمضان أجزأ، ولو صام بنية الواجب لم يجز وكذا لو ردد نيته، وللشيخ قول آخر.منه، وقال المصنف(١) والعلامة(٢) لا بد لكل ليلة من نية، لان صوم كل يوم عبادة على حدة فيفتقر إلى نية منفردة.تنبيه حد التقديم في النية على القول بالاجتزاء به، ثلاثة أيام فما دون، وما زاد لا يجزي قطعا.

قال طاب ثراه: ولو صام بنية الواجب لم يجز، وكذا لو ردد نيته، وللشيخ قول آخر.

أقول: معنى ترديد النية: أن ينوي الصوم فرضا أو ندبا من غير جزم بأحدهما. وهنا مسائل

(أ) يستحب صيام هذا اليوم، أعني يوم الشك بنية شعبان، ويحرم بنية رمضان.

(ب) لو صامه بنية الندب، فظهر أنه من رمضان بعد اليوم، أجزأ عن رمضان، وفي أثنائه يجدد نية الوجوب ولو قبل الغروب.

(ج) لو نواه عن رمضان فعل حراما، فان ظهر أنه منه بعد اليوم، أجزأ عند الشيخ في الخلاف(٣) لانه لا يقع في رمضان غيره، وبه قال القديمان(٤) ، وقال في الجمل

____________________ __

(١) المعتبر: كتاب الصوم ص ٣٠٠ س ١٤ قال: والاولى تجديد النية لكل يوم في ليلته.

(٢) المختلف: كتاب الصوم: ص ٤٣ س ١٨ قال: بعد نقل قول الاقول في المسألة: والاقرب المنع.

(٣) الخلاف: كتاب الصيام مسألة ٢٣.

(٤) المختلف: كتاب الصوم ص ٤٤ قال: مسألة، اذا نوى صوم يوم الشك من شهر رمضان إلى أن قال: قال ابن عقيل: انه يجزيه، وهو اختيار ابن الجنيد.

٢٠