المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٢

المهذب البارع في شرح المختصر النافع0%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 579

المهذب البارع في شرح المختصر النافع

مؤلف: العلامة جمال الدين ابي العباس احمد بن محمد بن فهد الحلي
تصنيف:

الصفحات: 579
المشاهدات: 113171
تحميل: 6696


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 579 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 113171 / تحميل: 6696
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء 2

مؤلف:
العربية

٥٤١

٥٤٢

كتاب الشركة

وهي اجتماع حق مالكين فصاعدا في الشئ على سبيل الشياع.ويصح مع امتزاج المالين المتجانسين على وجه لا يمتاز أحدهما عن الآخر.ولا ينعقد بالابدان والاعمال.ولو اشتركا كذلك كان لكل واحد أجرة عمله.ولا أصل لشركة الوجوه والمفاوضة.وإذا تساوى المالان في القدر فالربح بينهما سواء، ولو تفاوتا فالربح كذلك، وكذا الخسران بالنسبة.

مقدمات

(الاولى) الشركة في اللغة الخلط.وفي الشرع اجتماع حق مالكين فصاعدا في الشئ على سبيل الشياع، ف‍ " الاجتماع " جنس، و " مالكين فصاعدا "، لانه لا شركة مع وحدة المالك، ولان الاجتماع عبارة عن الانضمام وانما يكون بين شيئين فصاعدا، و " على سبيل الشياع " ليخرج إجتماع حقوق الملاك في شئ تمتاز حق كل واحد عن صاحبه، فانه لا شركة.

(الثانية) سبب الشركة قد يكون إرثا كما لوورثا دارا عن أبيهما مثلا، وقد يكون عقدا كما لو اشتريا حيوانا مثلا، وقد يكون إختيارا كما لو مزجا المتجانسين، وقد

٥٤٣

يكون إتفاقا كما لو امتزج المتساويان بغير إختيارهما، وقد يكون حيازة كما لو اغترفا ماء دفعة، أو إقتلعا شجرة دفعة، فهذه خمسة أسباب.

(الثالثة) محل الشركة قد يكون حقا كالقصاص، والشفعة، وحد القذف، وخيار الرد بالعيب، وخيار الشرط، وحق الرهن، وحد المرافق في الطرقات، ومرافق الدار، والصنعة، والشرب، والبئر، والعين، وتعيين المجهول في الوصية، وقد يكون مالا، وقد يكون منفعة، كما لو اشترا دارا إشاعة.

(الرابعة) أقسام الشركة أربعة:

(أ) شركة العنان، وهي شركة الاموال، مأخوذة من عنان الدابة، لاستواء الشريكين في ولاية التصرف والفسخ كإستواء طرفي العنان، وسميت بذلك؟ لانهما متساويان ويتصرفان فيها بالسوية، فهما كالفارسين إذا سيرا دابتيهما وتساويا في ذلك، فإن عنانيهما في حال السير سواء، وقال الفراهي: مشتقة من عن الشئ إذا عرض، يقال: عنت له حاجة، اذا عرضت، فسميت الشركة بذلك، لان كل واحد منهما قد عن له أن يشارك صاحبه، أي عرض له، وقيل: اشقاقها من المعارضة، يقال: عاينت فلانا، اذا عارضته بمثل ماله وفعاله، وكل واحد من الشريكين أخرج في معارضة صاحبه بماله وتصرفه مثل ما أخرجه، فسميت بذلك شركة العنان، واستصلحه الشيخ على الاولين(١) .

(ب) شركة الابدان، وهي عقد لفظي يدل على تراضيهما واتفاقهما على اشتراكهما في كسب الاعمال التي يصدر عنهما على قدر الشرط، كاتفاق الدلالين والحمالين وارباب الصنايع على الاشتراك في الحاصل، فرأس المال هنا الاعمال،

____________________

(١) المبسوط: ج ٢ كتاب الشركة ص ٣٤٣ س ٦ قال: فاما الشركة في الاعيان فمن ثلاثه أوجه: بالميراث، بالعقد، بالحيازة إلى أن قال: وأما الاشتراك في المنافع كالاشتراك في منفعة الوقف و..فعلى هذا دخلت في شركة الاعيان.

٥٤٤

والربح ما يحصل بها، فخرج بالاعمال أرش الجناية.فلا يدخل في الشركة، ولا أصل لها عند الامامية، وأجازها ابوعلي(١) وقد تقدمها الاجماع تأخر عنه.فان تميز عمل كل منهما، فلكل كسب عمله، وان لم يتميز قسم الحاصل على أجرة المثل، لا الشرط، ولو تراضيا وقت القسمة على ذلك، جاز وكان صلحا.

(ج) شركة المفاوضة، وهي عقد لفظي يدل على اتفاقهما على شركتهما في غنم وغرم يحدث لهما أو عليهما الا الصداق وبذل الخلع والجناية، وصيغة هذا العقد: اشتركنا شركة المفاوضة، أو تفاوضنا، فيقول أحدهما ذلك ويقبل الاخر، أو يقولا ذلك معا.واتفقت الامامية على بطلانها.

(د) شركة الوجوه، وقيل في تفسيرها ثلاثة أقوال:

(أ) أن يشترك وجيهان عند الناس، فيبتاع كل منهما في ذمته إلى أجل على أن مايبتاعه كل واحد منهما بانفراده يكون بينهما، ثم يبيع كل منهما ما اشتراه ويؤدي ثمنه، فما فضل عنه كان بينهما.

(ب) أن يشترك وجيه لامال له مع خامل له مال، فيكون العمل من الوجيه والمال من الخامل، والربح بينهما.

(ج) أن يبيع الوجيه مال الخامل بزيادة ربح ليكون له بعض الربح، وهو تفسير العلامة في قواعده(٢) واتفقت الامامية على بطلانها.

(الخامسة) الاصل في الشركة الكتاب والسنة والاجماع.أما الكتاب فقوله تعالى " واعلموا انما غنمتم من شئ فان لله خمسه وللرسول

____________________

(١) المختلف: في الشركة، ص ٢١ س ٣ قال: وقال ابن الجنيد: ولو اشترك رجلان بغير رأس مال على أن يشتريا ويبيعا بوجوههما جاز ذلك.

(٢) القواعد: كتاب الاجازة، المقصد الرابع في الشركة، ص ٢٤٢ س ١٨ قال: وشركة الوجوه، وهي أن يبيع الوجيه مال الخامل

٥٤٥

ولذي القربى "(١) فجعل الغنيمة مشتركة بين الغانمين وبين أهل الخمس، وجعل الخمس مشتركا بين أهله.وقال تعالى " يوصيكم الله في أولاد كم للذكر مثل خط الانثيين "(٢) فجعل التركة مشتركة بين الورثة، وقال تعالى " انما الصدقات للفقراء والمساكين "(٣) فجعل الصدقا ت مشتركة بين أهلها، لان اللام للتمليك، والواو للتشريك وأما السنة.

فروى جابر بن عبدالله قال: نحرنا بالحديبية سبعين بدنة، كل بدنة عن سبعة(٤) وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : يشترك البقر في الهدي(٥) وروى جابر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: من كان له شريك في ربع أو حائط فلا يبيعه حتى يؤذن شريكه، فان رضي أخذه وان كره تركه(٦) وروي عن أبي المنهال أنه قال: كان زيد بن ارقم والبراء بن عازب شريكين فاشتريا فضة بنقد ونسيئة فبلغ ذلك النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فأمرهما: أن كل ما كان بنقد فاجيزوه وما كان بنسيئة فردوه(٧) وروى السائب بن أبي السائب قال: كنت شريكا للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في الجاهلية، فلما قدم يوم فتح مكة قال: أتعرفني؟ قلت: نعم، أنت شريكى، وأنت خير شريك، كنت لا توارى(٨) ولا تمارى(٩) .فقال

____________________

(١) الانفال ٤١.

(٢) النساء: ١١.

(٣) التوبة: ٦٠.

(٤) عوالى اللئالى: ج ٣، باب الشركة، ص ٢٤٤ الحديث ١ لاحظ ما علق عليه.

(٥) عوالى اللئالى: ج ٣ باب الشركة، ص ٢٤٤ ذيل الحديث ١ لا حظ ما علق عيله.

(٦) سنن الدارمي: ج ٢ باب الشفعة، بادنى تفاوت في الالفاظ، ورواه في التذكرة: ج ٢، في الشركة ص ٢١٩ عن بعض العامة.

(٧) المنتقى من أخبار المصطفى: ج ٢ كتاب الشركة والمضاربة، الحديث ٣٠٢٥ ورواه في التذكرة: ج ٢ في الشركة ص ٢١٩.

(٨) الورى معناه ماتوارى عنك واستتر (مجمع البحرين).

(٩) المماراة، المجادلة ومنه قوله تعالى " فلا تمار فيهم " أى لا تجادل في أمر أصحاب الكهف (مجمع البحرين).

٥٤٦

ولو شرط أحدهما في الربح زيادة، فالاشبه أن الشرط لا يلزم.ومع الامتزاج ليس لاحد الشركاء التصرف إلا مع الاذن من الباقين.ويقتصر في التصرف على ما تناوله الاذن، ولو كان الاذن مطلقا صح، ولو شرط الاجتماع لزم.وهي جائزة من الطرفين، وكذا الاذن في التصرف.وليس لاحد الشركاء الامتناع من القسمة عند المطالبة إلا أن يتضمن ضررا.ولا يلزم أحد الشريكين إقامة رأس المال، ولا ضمان أحد الشركاء مالم يكن بتعد أو تفريط.ولا تصح مؤجلة، وتبطل بالموت، وتكره مشاركة الذمي، وابضاعه، وايداعه.عليه‌السلام : يدالله على الشريكين مالم يتخانا(١) وعنهعليه‌السلام قال: يقول الله تعالى: أنا ثالث الشريكين مالم يخن أحدهما صاحبه، فاذا خان أحدهما صاحبه خرجت من بينهما(٢) .

وأما الاجماع.فمن سائر الامة لا يختلفون في جواز الشركة، وان اختلفوا في فروعها.قال طاب ثراه: ولو شرط أحدهما في الربح زيادة، فالاشبه أن الشرط لا يلزم.

أقول: مقتضى عقد الشركة كون الربح والخسران على قدر رؤوس الاموال، فاذا شرط التساوي مع التفاوت أو بالعكس، فلا يخلومن شرطت له الزيادة من أن يكون عاملا بانفراده، أولا، بل يكونا عاملين، فهنا قسمان:

____________________

(١) المنتفى من أخبار المصطغى: ج ٢، كتاب الشركة والمضاربة الحديث ٣٠٢٢ ورواه في جامع الاصول: ج ٦ الكتاب الثاني من حرف الشين، في الشركة الحديث ٣٢١٦ نقلا عن أبى داود باختلاف في الالفاظ.

(٢) سنن أبى داود: ج ٣ كتاب البيوع، باب في الشركة، الحديث ٣٣٨٣ ورواه في التذكرة: ج ٢ في الشركة ص٢١٩.

٥٤٧

الاول: أن يكونا عاملين وشرط التفاوت، فهل يلزم هذا الشرط أم لا؟ قال في الخلاف والمبسوط، لا(١) و(٢) وبه قال ابن ادريس(٣) واختاره المصنف(٤) فيبطل الشركة، وإن تحققت بالمزج، ويكون معنى بطلانها، بطلان الشرط وماتضمنه، ويحكم بصحة التصرف الواقع منهما بالاذن، ويكون الربح والوصيعة على نسبة المالكين، ولكل واحد اجرة عمله بعد وضع ما قابل عمله في ماله.

وقال المرتضى: يصح الشركة ويلزم الشرط(٥) وهو ظاهرأبي علي(٦) واختاره العلامة(٧) .

وقال التقى: لواصطلحوا في الربح على ذلك حل تناول الزيادة بالاباحة دون عقد الشركة ويجوز لمبيحها الرجوع بها مادامت عينها باقية(٨) .

احتج الاولون بأن هذا الشرط خلاف مقتضى عقد الشركة، فيكون باطلا، ولصحة الشركة مع تقسيط الربح على رأس المال، وليس على جواز خلافه دليل.

____________________

(١) الخلاف: كتاب الشركة، مسألة ٩ قال: لا يجوز ان يتفاضل الشريكان في الربح مع التساوي في المال، ولا أن يتساويا الخ.

(٢) المبسوط: ج ٢، كتاب الشركة ص ٣٤٩ س ٣ قال: ولا يجوز ان يتفاضل الشريكان في الربح مع التساوي في المال الخ.

(٣) السرائر: باب الشركة، ص ٢٥٤ س ٤ قال: واذا انعقدت الشركة الشرعية اقتضت أن يكون لكل واحد من الشريكين من الربح بمقدار رأس ماله وعليه من الوضيعة بحسب ذلك الخ.

(٤) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٥) الانتصار: مسائل ستى، في الاشتراك، ص ٢٢٧، قال مسألة، ومما انفردت به الامامية القول بأن المشركين تساوي ماليها اذا تراضيا بأن يكون لاحدهما من الربح أكثر مما للآخر جاز ذلك الخ

(٦) و(٧) المختلف: في الشركة، ص ٢١ س ١١ قال بعد نقل قول السيد: وهو الظاهر من كلام ابن الجنيد ثم قال بعد أسطر والحق عندي ما ذهب اليه المرتضى الخ.

(٨) الكافي: فصل في الشركة ص ٣٤٣ س ٨ قال: وان اشترط في عقد الشركة تفاضل في الوضيعة صحت الشركة الخ.

٥٤٨

احتج الاخرون بوجوه:

(أ) قوله تعالى " أوفوا بالعقود "(١) وانما يقع الايقاع إذا اجريت على ما وقعت عليه.

(ب) قوله تعالى " يا ايها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل الا أن تكون تجارة عن تراض منكم(٢) " والتراضي انما وقع على ماشرطا، فلا يسوغ غيره، لخروجه عن حد التراضي.

(ج) المؤمنون عند شروطهم(٣) .

(د) إن في الشركة إرفاقا لكل واحد من المشاركين باعتبار المساعدة بالانضمام، وقد لا يرغب أحدهما فيها بدون الزيادة، ومع عدم الجواز تفوت المصلحة الناشئة من المشروعية لغير معنى يوجب الانتفاء.

القسم الثاني: أن يكون من شرطت له الزيادة عاملا، قال المصنف في الشرائع: صح ويكون بالقراض أشبه(٤) وقال التقي: يكون للعامل اجرة عمله من الربح وبحسب ماله(٥) وأولى بالجواز عند العلامة، لصحة الشرط مع عدم العمل عنده(٦) .

____________________

(١) المائدة:

(٢) النساء: ٢٩.

(٣) عوالى اللئالى: ج ١ ص ٢٣٥ الحديث ٨٠ وص ٢٩٣ الحديث ١٧٣ وج ٢ ص ٢٧٥ الحديث ٧ وج ٣ ص ٢١٧ الحديث ٧٧.

(٤) الشرائع: كتاب الشركة، الفصل الاول، قال: أما لوكان العامل أحدهما وشرطت الزيادة للعامل صح ويكون بالقراض أشبه.

(٥) الكافي: فصل في الشركة، ص ٣٤٢ س ١٠ قال: فان كان أحد الشريكين عاملا في البضاعة الي أن قال: وكان المعامل اجره عمله ومن الريح بحسب ماله.

(٦) تقدم مختاره مع عدم العمل، فاذا كان العمل فأولى بالجواز.

٥٤٩

٥٥٠

٥٥١

٥٥٢

٥٥٣

كتاب المضاربة

مقدمة

المضاربة والقراض عبارة عن معنى واحد.وهو أن يدفع الانسان إلى غيره مالا يتجربه على أن ما رزقه الله من ربح كان بينهما على ما يشترطانه.فالمضاربة لغة أهل العراق، وإشتقاقها من الضرب بالمال في الارض والتقليب له.وقيل: من ضرب كل واحد منهما بسهم في الربح.والمضارب بكسر الراء العامل، لانه الذي يضرب فيه ويقلبه، وليس للمالك منه اشتقاق.والقراض لغة أهل الحجاز، وقيل في اشتقاقه وجهان: (الاول) أنه من

٥٥٤

القرض، وهو القطع، ومنه قيل: قرض الفأر الثوب، إذا قطعه(١) . ومعناه أن المالك قطع من ماله قطعة وسلمها إلى العامل، وقطع له قطعة من الربح، ومنه سمي القرض، لان المقرض يقطع من ماله قطعة ويدفعها إلى المقترض.

(الثاني) اشتقاقه من المقارضة، وهي المساواة والموازنة، ومنه قيل: يقارض الشاعران، اذا تساويا في قول كل واحد منهما في صاحبه من مدح أو هجو، ومثله قول أبي الدرداء: قارض الناس ماقارضوك، فإن تركتهم لايتركوك(٢) ، يعنى: ساوهم فيما يقولون فيك.ومعناه هنا من وجهين:

(أ) أن من رب المال، المال، ومن العامل العمل.

(ب) يساوى كل واحد منهما صاحبه في الاشتراك في الربح.والمقارض بكسر الراء، المالك، وبفتحها العامل.والاصل فيه النص والاجماع.أما النص.فعموم قوله تعالى " فاذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض وابتغوا من فضل الله "(٣) وقوله " وآخرون يضربون في الارض يبتغون من فضل الله "(٤) ولم يفصل.واستعمل الصحابة، فروي ذلك عن علي، وإبن مسعود، وحكيم بن حزام، وأبي موسى الاشعري(٥) ولا مخالف لهم فيه.

____________________

(١) القراضة: فصالة ما يقرض الفأر من خبز أو ثوب أوغيرهما لسان العرب: ج ٧ ص ٢١٦ لغة لقرض.

(٢) والمقارضة تكون في العمل السئ والقول السئ يقصد الانسان به صاحبه وفي حديث أبي الدرداء: وإن قارضت الناس قارضوك لسان العرب: ج ٧ ص ٢١٧ لغة قرض.

(٣) الجمعة: ١٠.

(٤) المزمل: ٢٠.

(٥) لا حظ التذكرة ج ٢ كتاب القراض ص ٢٢٩ س ٢١ قال: وهذه المعاملة جائزة بالنص والاجماع، لماروى العامة ان الصحابة أجمعوا عليها الخ، ولا حظ السنن الكبرى للبيهقي ج ٦ كتاب القراض: ص ١١٠ و ١١١

٥٥٥

وأما الاجماع.فلم يختلف فيه الامة، بل أجمعوا على مشروعيته، وان اختلفوا في آحاد مسائله.

تنبيهان

الاول: في خواص العقد، وهي امور:

(أ) مقتضى هذا العقد أن العامل لا يشتري إلا بعين المال، فلا يملك الشراء في الذمة، ولا يقع للمضاربة وإن قصدها ونقد من مال المضاربة، وقف على الاجازة.

(ب) عدم الخسران على العامل، بل يضع تعبه وعمله، والخسارة على رب المال.

(ج) جهالة العوض والعمل غير قادح في هذا العقد.

(د) لو خسر المال ثم ربح، جبر الفائت من الربح، فلو تقاسما الربح ثم خسر المال، رد العامل أقل الامرين إن لم يكن حصل فسخ.ولو استمرت المعاملة سنين مطاولة من غير فسخ وكلما حصل ربح إقتسماه ثم خسر المال، أو تلف رجع على العامل بأقل الامرين.ولو حصل الفسخ ثم تقارضا ثم خسر المال، لم يجبر بالربح السالف، لانها معاملة مستأنفة وعقد جديد.

الثاني: هذا العقد مركب من عقود، فهو في الابتداء أمين، ومع التصرف وكيل، ومع ظهور الربح شريك، ومع فساد العقد أجير، ومع التعدي غاصب، واذا مات المالك انفسخت، فان كان الوارث عالما كانت كالوديعة لايجب دفعها الا مع التلف، وان لم يكن عالما كانت أمانة مطلقة.يجب ردها على الفور وإعلام المالك

٥٥٦

بها، فيضمن مع عدمه وإن كان بها عروض، فان كان قد ظهر منها ربح قبل الموت فهو شريك بقدر حصته المشروطة، وإن لم يكن ظهر ربح وأذن له الوارث في بيعها إستحقت اجرة البيع إن لم يتبرع به، سواء باعها بربح ظهر بعد موته، أو لحصول راغب، أو خسرة.ولو أقره الوارث على المضاربة لم يصح، أما لو كان المال ناضا فأقره فالاقوى إنعقادها بلفظ التقرير، لانها عقد جائز فلا يتوقف على لفظ معين، بل يكفي حصول المعنى.

تتمة

ويدخل تحت المضاربة البضاعة، وهي أن يدفع الانسان إلى غيره مالا أمانة يتجر له به، وليس له في فائدته حصة. فعلى هذا إن تبرع العامل لم يكن له اجرة، والا كان له المطالبة باجرة المثل. ولا يشترى الا بالعين، ويشترى الصحيح والمعيب، ويرد بالعيب، وليس له في السفر نفقة.ويدل على مشروعيتها آيات، كقوله تعالى " وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم "(١) " وجئنا ببضاعة مزجاة "(٢) " ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت اليهم "(٣) .وعدم المانع منها مع مافيها من المصالح المقصودة.

قال طاب ثراه: ويثبت للعامل ما شرط من الربح مالم يستغرقه، وقيل: للعامل اجرة المثل.

أقول: هنا مسألتان:

____________________

(١) يوسف: ٦٢.

(٢) يوسف: ٨٨.

(٣) يوسف: ٦٥

٥٥٧

ربح كان الربح بينهما بمقتضى الشرط.وكذا لو أمره بابتياع شئ فعدل إلى غيره.وموت كل واحد منهما يبطل المضاربة.

الاولى: المشهور أن للعامل ما شرط له من الربح نصفا أو ثلثا أو ربعا أو غير ذلك مما وقع عليه، التراضي، لانها معاملة صحيحة شرعية، فيترتب عليها آثارها، وآثارها ما اقتضته، ويترتب عليها من الشروط السائغة، وهو اختيار الشيخ في كتابي الخلاف(١) والاستبصار(٢) وابن حمزة(٣) وابي علي(٤) وابن ادريس(٥) واختاره المصنف(٦) والعلامة(٧) ، للآية والخبر، و لرواية اسحاق بن عمار عن الكاظمعليه‌السلام قال: سألته عن مال المضاربة؟ قال: الربح بينهما والوضيعة على المال(٨) وقال في النهاية: للعامل اجرة المثل(٩) وبه قال المفيد(١٠) والقاضي(١١)

____________________

(١) و(٢) المختلف: في القراض ص ٢٣ س ٤ قال: المضارب يستحق ما شرط من نصف الربح أو ثلثه أو غير ذلك، اختاره الشيخ في الخلاف والمبسوط والاستبصار، وفي الاستبصار: ج ٣ ص ١٢٦(٨٤) باب أن المضارب يكون له الربح بحسب ما يشترط وليس عليه من الخسران شئ فلاحظ.

(٣) الوسيلة: في بيان حكم القراض ص ٢٦٣ س ١١ قال: القراض، وهو ان يدفع انسان إلى غيره مالا ليتجر به على أن ما رزقه الله تعالى عليه من الفائدة يكون بينهما على مقدار معلوم إلى أن قال: وان عين مقدار ماله من الثلث أو الربع الخ.

(٤) و(٧) المختلف: في القراض، ص ٢٣ س ٥ قال: والاول اختيار ابن الجنيد أي يستحق ما شرط وهو مختاره إلى أن قال لنا قوله تعالى الخ.

(٥) السرائر: باب المضاربة ص ٢٥٦ س ٥ قال: على أن ما رزقه الله من ربح كان بينهما على ما يشترطانه.

(٦) لاحظ عبارة لمختصر النافع.

(٨) التهذيب ج ٧(١٨) باب الشركة والمضاربة، ص ١٨٨ الحديث ١٥.

(٩) النهاية: باب الشركة والمضاربة ص ٤٢٨ س ٣ قال: وإن لم يجعله دينا عليه وأعطاه المال ليضارب له به كان للمضارب اجرة المثل الخ.

(١٠) المقنعة: باب الشركة والمضاربة ص ٩٧ س ٣٤ قال: وللمضارب أجر عمله والربح كله لصاحب المال.

(١١) المختلف: في القراض ص ٢٣ س ٦ قال: والثاني " أى استحقاق اجرة العمل " اختيار المفيد وسلار وابن البراج الخ.وفي المهذب: ج ١ كتاب المضاربة ص ٤٦٠ س ٢ قال: وهو أن يدفع إنسان لى غيره مال إلى أن قال: كان ما بينهما على ما يشترطانه.

٥٥٨

وهو ظاهر التقي(١) وسلار(٢) .احتجوا بأن النماء تابع للاصل، فيكون للمالك، ولانها معاملة فاسدة لجهالة العوض، فيبطل، فيكون الربح للمالك، وعليه أجرة المثل للعامل، لانه لم يسلم له شرطه.

والجواب: بمنع فساد هذه المعاملة، وقد بينا صحتها، والجهالة لا تضر بجهالة العمل.

الثانية: على القول بلزوم الشرط، إنما يلزم المشروط إذا لم يكن مستغرقا، وإن استغرق مجموع الربح، فلا يخلو إما أن يكون الشرط للعامل أو للمالك، فهنا قسمان:

(أ) أن يكون للعامل، وهو مراد المصنف هنا، ولم يذكر حكمه، كأن يقول: قارضتك أو ضاربتك على هذه الالف ولك كل ربحها، فيه قولان: أحدهما: البطلان للاخلال بشرط القراض، فيكون فاسدا والربح للمالك وللعامل الاجرة، لفوات الشرط.وثانيهما: الصحة ويكون قرضا نظرا إلى المعنى، وتردد المصنف(٣)

(ب) أن يكون للمالك، كان يقول: خذه قراضا والربح لي، قال في المبسوط والخلاف: كان قراضا فاسدا ولا يكون بضاعة(٤) و(٥) لان لفظة القراض تقتضي

____________________

(١) الكافي: في ضروب الاجارة ص ٣٤٧ س ١٠ قال: والمضاربة خارجة عن باب الاجارة وامضاء شرطها أفضل.

(٢) المراسم: ذكر الشركة والمضاربة ص ١٨٢ س ٧ قال: والمضاربة إلى أن قال: وفيه تردد وكذا لو قال والربح لك.

(٣) الشرايع: كتاب المضاربة، الثالث في الربح قال: فلو قال خذه قراضا والربح لي فسد إلى أن قال: وفيه تردد وكذا التردد لو قال والربح لك.

(٤) المبسوط: ج ٢، كتاب القراض ص ١٨٤ س ٢١ قال: فان قال: على أن الربح كله لي، فهو قراض فاسد أيضا الخ.

(٥) الخلاف: كتاب القراض، مسألة ١٢ قال: اذا قال خذ هذاالمال قراضا على أن يكون الربح كله لي كان فاسدا.

٥٥٩

ويشترط في مال المضاربة أن يكون عينا، دنانير أو دراهم، ولا تصلح بالعروض.ولو قوم عروضا وشرط للعامل حصة من ربحه كان الربح للمالك، وللعامل الاجرة.ولا يكفي مشاهدة رأس مال المضاربة مالم يكن معلوم القدر.وفيه قول بالجواز.الشركة في الربح، فاذا شرط الربح لنفسه كان فاسدا، كما لو شرط للعامل، وقال العلامة: يصح العقد ولا اجره للعامل لانه دخل على ذك فيكون متبرعا بالعمل فلا أجرة له(١) قال طاب ثراه: ولا يكفي مشاهدة رأس مال المضاربة مالم يكن معلوم القدر، وفيه قول بالجواز.

أقول: اشتراط العلم في رأس مال المضاربة شرط في صحة العقد، حذرا من الجهالة المفضية إلى التنازع والغرر المنهي عنه في العقود، وهو اختيار الشيخ في الخلاف(٢) ، لان القراض عقد يحتاج إلى دليل رعي، وليس في الشرع ما يدل على صحة هذا القراض، فوجب بطلانه، واختاره المصنف(٣) والعلامة(٤) وقوى في المبسوط الصحة(٥)

____________________

(١) المختلف: في القراض ص ٢٥ س ١٠ قال: والوجه عندي أنه لا أجرة للعامل إلى أن قال: فكان متبرعا الخ.

(٢) الخلاف: كتاب القراض، مسألة ١٧ قال: لا يصلح القراض اذا كان رأس المال جزافا الخ.

(٣) لاحظ عبارة المختصر النافع

(٤) المختلف: في القراض:، ص ٢٥ س ٢٩ قال: وما قواه الشيخ هو الاجود.

(٥) المبسوط ج ٣ كتاب القراض ص ١٩٩ س ٤ قال قوم يصح القراض بمال مجهول إلى أن قال: وهذا هو الاقوى عندي

٥٦٠