المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٣

المهذب البارع في شرح المختصر النافع13%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 584

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 584 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 121574 / تحميل: 6830
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

ثانيا ـ انه ندد بالأمويين ، وشجب سياستهم القائمة على طاعة الشيطان ، ومعصية الرحمن ، واظهار الفساد ، وتعطيل حدود اللّه ، والاستئثار بالفيء ، وتحليل الحرام ، وتحريم الحلال.

ثالثا ـ ان الامام احق وأولى من غيره بالقيام بتغيير الأوضاع الراهنة التي تنذر بالخطر على الاسلام ، فانه (ع) المسئول الأول عن القيام باعباء هذه المهمة.

رابعا ـ انه (ع) عرض لهم انه اذا تقلد شئون الحكم ، فسيجعل نفسه مع انفسهم ، واهله مع اهاليهم. من دون أن يكون له أي امتياز عليهم.

خامسا ـ انهم اذا نكثوا بيعتهم ، ونقضوا عهودهم التي اعطوها له فانه ليس بغريب عليهم فقد غدروا من قبل بابيه واخيه وابن عمه ، وقد أخطئوا بذلك حظهم ، وحرموا نفوسهم السعادة.

لقد وضع الامام بهذا الخطاب النقاط على الحروف : وفتح لهم منافذ النور ، ودعاهم الى الاصلاح الشامل الذي ينعمون في ظلاله.

ولما سمع الحر خطابه اقبل عليه فقال له : «إني اذكرك اللّه في نفسك ، فاني أشهد لئن قاتلت لتقتلن» وانبرى الامام قائلا له :

«ابالموت تخوفني ، وهل يعدو بكم الخطب أن تقتلوني ، وما ادري ما أقول : لك؟!! ولكني اقول : كما قال اخو الأوس لابن عمه وهو يريد نصرة رسول اللّه اين تذهب فانك مقتول؟ فقال له :

سأمضي وما بالموت عار على الفتى

اذا ما نوى حقا وجاهد مسلما

وآسى الرجال الصالحين بنفسه

وخالف مثبورا وفارق مجرما

فان مت لم اندم وان عشت لم الم

كفى بك عارا ان تذل وترغما(1)

__________________

(1) تأريخ ابن الاثير 3 / 281 ، والطبري

٨١

ولما سمع الحر ذلك تنحى عنه وعرف أنه مصمم على الموت ، وعازم على التضحية في سبيل غايته الهادفة إلى الاصلاح الشامل.

التحاق جماعة من الكوفة بالامام :

ولما انتهى الامام إلى عذيب الهجانات وافاه أربعة أشخاص من أهل الكوفة جاءوا إلى نصرته ، وقد أقبلوا على رواحلهم يجنبون فرسا لنافع ابن هلال ، ولم يخرج أحد لاستقبال الحسين من اهل الكوفة سواهم وهم

1 ـ نافع بن هلال المرادي

2 ـ عمرو بن خالد الصيداوي

3 ـ سعد مولى عمرو بن خالد

4 ـ مجمع بن عبد اللّه العابدي من مذحج

وأراد الحر منعهم من الالتحاق بالحسين ، فصاح به الامام :

«اذا أمنعهم بما امنع فيه نفسي ، انما هؤلاء انصاري ، واعواني وقد جعلت لي أن لا تعرض بي حتى يأتيك كتاب ابن زياد».

وكف الحر عنهم ، فالتحقوا بالامام فرحب بهم ، وسألهم عن اهل الكوفة فقالوا له :

«اما الأشراف فقد عظمت رشوتهم ، وملئت غرائرهم(1) ليستمال ودهم ، وتستنزف نصائحهم ، فهم عليك إلبا واحدا ، وما كتبوا إليك الا ليجعلوك سوقا ومكسبا وأما سائر الناس فافئدتهم تهوي إليك ، وسيوفهم غدا مشهورة عليك»(2) .

__________________

(1) الغرائر جمع غرارة وهي الكيس من الشعر أو الصوف

(2) انساب الأشراف ق 1 ج 1 ص 241

٨٢

وكشف هذا الحديث عن نقاط بالغة الأهمية وهي :

1 ـ ان السلطة قد اشترت ضمائر الوجوه والاشراف من اهل الكوفة بالأموال واغرتهم بالجاه والنفوذ فصاروا إلبا واحدا مجمعين ومتفقين على حرب الامام ، وقد مهر الامويون في هذه السياسة الماكرة فكانوا يستميلون الوجوه بكل الوسائل الممكنة. واما الرعاع فيلهبون ظهورهم بالسياط.

2 ـ ان اشراف اهل الكوفة انما كاتبوا الحسين بالقدوم إليهم لا ايمانا منهم بعدالة قضيته وباطل الأمويين وانما كتبوا إليه ليكون سوقا ومكسبا للظفر باموال بني أمية ، فكانوا يعلنون لهم انكم ان لم تغدقوا علينا بالأموال فستكون من انصار الحسين ، فكانت كتبهم إليه وسيلة من وسائل الكسب.

3 ـ ان سواد الناس كانت قلوبهم مع الحسين ، ولكنهم منقادون لزعمائهم من دون ان تكون لهم أية ارادة او اختيار على متابعة ما يؤمنون به ، فكانوا جنود السلطة واداتها الضاربة.

هذه بعض النقاط المهمة التي حفل بها كلام هؤلاء القوم ، وقد دلت على دراستهم الوثيقة لشؤون مجتمعهم.

مع الطرماح :

والتحق الطرماح بالامام في اثناء الطريق ، وقد صحبه بعض الوقت وقد أقبل الامام على اصحابه ، فقال لهم :

«هل فيكم احد يخبر الطريق على غير الجادة؟»

فانبرى إليه الطرماح بن عدي الطائي فقال له :

٨٣

«أنا اخبر الطريق»

«سر بين أيدينا»

وسار الطرماح يتقدم موكب العترة الطاهرة ، وقد ساورته الهموم فجعل يحدو بالابل بصوت حزين وهو يرتجز :

يا ناقتي لا تذعري من زجرى

وامضي بنا قبل طلوع الفجر

بخير فتيان وخير سفر

آل رسول اللّه أهل الفخر

السادة البيض الوجوه الزهر

الطاعنين بالرماح السمر

الضاربين بالسيوف البتر

حتى تحلى بكريم النجر

بما جد الجد رحيب الصدر

أتى به اللّه لخير أمر

سأمضي وما بالموت عار على الفتى

اذا ما نوى حقا وجاهد مسلما

عمره اللّه بقاء الدهر

يا مالك النفع معا والضر

امدد حسينا سيدي بالنصر

على الطغاة من بقايا الكفر

على اللعينين سليلي صخر

يزيد لا زال حليف الخمر

والعود والصنج معا والزمر

وابن زياد العهر وابن العهر(1)

واسرعت الابل في سيرها على نغمات هذا الشعر الحزين ، وقد فاضت عيون اصحاب الحسين وأهل بيته من الدموع ، وهم يؤمنون على دعاء الطرماح للحسين بالنصر والتأييد ، وحلل الدكتور يوسف خليف هذا الرجز بقوله : «والرجز هنا ـ ولعله اول شعر كوفي يظهر فيه الحديث عن الحسين ـ يعتمد على البساطة في عرض الفكرة ، فهو لا يعدو أن يكون صورة من تحية البدو وترحيبهم بضيف عزيز قادم إليهم ، وهم خارجون لاستقباله. فالراجز يحث ناقته على السير السريع لتحل برحاب هذا الضيف

__________________

(1) مقاتل الطالبيين (ص 119) أنساب الأشراف ج 1 ق 1 ، ص 242 ، مروج الذهب 2 / 72 ، الفتوح.

٨٤

الذي يضفي عليه صفات المدح المألوفة عند البدو ، ويخلع عليه ما يتمثله البدوي في الرجل من مثل وفضائل فهو عنده كريم الأصل ، ماجد حر واسع الصدر لأن هذا الضيف ليس شخصا عاديا ، وانما هو حفيد رسول اللّه (ص) ومبعوث العناية الالهية إليهم لأمر هو خير الأمور ، ثم يختم هذه التحية البدوية بدعاء فطري ساذج ، ولكنه معبر عما يحمله له في نفسه من محبة صادقة واخلاص اكيد فيدعو أن يبقيه اللّه بقاء الدهر»(1)

وقال الطرماح للامام : «واللّه إني لأنظر فما أرى معك أحدا ، ولو لم يقاتلك إلا هؤلاء الذين أراهم ملازمين لك مع الحر لكان ذلك بلاء فكيف وقد رأيت قبل خروجي من الكوفة بيوم ظهر الكوفة مملوءا رجالا فسألت عنهم فقيل ليوجهوا الى الحسين ، فناشدتك اللّه أن لا تقدم إليهم شبرا الا فعلت»(2) .

وإلى أي مكان يرجع الامام؟ واين يذهب؟ والأرض كلها تحت قبضة الأمويين ، فلم يكن له بد من الاستمرار في سفره إلى العراق ، وعرض له الطرماح أن يسير معه إلى جبل بني طي ، وتعهد له بعشرين الف طائي يقاتلون بين يديه ، ولم يستجب الامام لهذا الوعد الذي هو غير مضمون ، واستأذن الطرماح من الامام ان يمضي لأهله ليوصل إليهم الميرة ويعود إلى نصرته ، فاذن له وانصرف الى أهله ، فمكث أياما ثم قفل راجعا إلى الامام فلما وصل إلى عذيب الهجانات بلغه مقتل الامام ، فأخذ يبكي على ما فاته من شرف الشهادة مع ريحانة رسول اللّه (ص)(3) .

__________________

(1) حياة الشعر في الكوفة (ص 373)

(2) أنساب الاشراف ج 1 ق 1 ص 242

(3) تاريخ الطبري 6 / 330

٨٥

مع عبيد اللّه بن الحر :

واجتازت قافلة الامام على قصر بني مقاتل(1) ، فنزل الامام فيه وكان بالقرب منه بيت مضروب ، وامامه رمح قد غرس في الأرض يدل على بسالة صاحبه وشجاعته ، وقباله فرس ، فسأل الامام عن صاحب البيت ، فقيل له انه عبيد اللّه بن الحر ، فاوفد للقياه الحجاج بن مسروق الجعفي فخف إليه ، فبادره عبيد اللّه قائلا :

ـ ما ورائك؟

ـ قد أهدى اللّه إليك كرامة

ـ ما هي؟

ـ هذا الحسين بن علي يدعوك إلى نصرته ، فان قاتلت بين يديه أجرت ، وان مت فقد استشهدت.

ـ ما خرجت من الكوفة الا مخافة أن يدخلها الحسين وأنا فيها فلا أنصره لأنه ليس له فيها شيعة ولا أنصار إلا وقد مالوا إلى الدنيا إلا من عصم اللّه!!

وقفل الحجاج راجعا فأدى مقالته الى الامام ، ورأى (ع) أن يقيم عليه الحجة ويجعله على بينة من أمره فانطلق إليه مع الصفوة الطيبة من أهل بيته واصحابه ، واستقبله عبيد اللّه استقبالا كريما ، واحتفى به احتفاء بالغا ، وقد غمرته هيبة الامام ، فراح يحدث عنها بعد ذلك يقول :

«ما رأيت قط أحسن من الحسين ، ولا املأ للعين ، ولا رققت على أحد قط رقني عليه حين رأيته يمشي والصبيان من حوله ، ونظرت

__________________

(1) ذكر الخوارزمي في مقتله ان ملاقاة الامام بعبيد اللّه بن الحر كانت بين الثعلبية وزرود.

٨٦

إلى لحيته فرأيتها كأنها جناح غراب ، فقلت له : أسواد أم خضاب؟ قال! يا ابن الحر عجل علي الشيب فعرفت أنه خضاب»(1) .

وتعاطى الامام معه الشؤون السياسية العامة ، والأوضاع الراهنة ، ثم دعاه الى نصرته قال له :

«يا ابن الحر ان اهل مصركم كتبوا إلي أنهم مجتمعون على نصرتي وسألوني القدوم عليهم فقدمت ، وليس رأي القوم على ما زعموا فانهم اعانوا على قتل ابن عمي مسلم وشيعته ، واجمعوا على ابن مرجانة عبيد اللّه ابن زياد يا ابن الحر اعلم ان اللّه عز وجل مؤاخذك بما كسبت من الذنوب في الأيام الخالية ، وأنا أدعوك الى توبة تغسل بها ما عليك من ذنوب ادعوك الى نصرتنا أهل البيت»(2) .

والقى ابن الحر معاذيره الواهية فحرم نفسه السعادة والفوز بنصرة سبط الرسول ، قائلا :

«واللّه إني لأعلم أن من شايعك كان السعيد في الآخرة ، ولكن ما عسى أن اغني عنك ، ولم اخلف لك بالكوفة ناصرا فانشدك اللّه أن تحملني على هذه الخطة ، فان نفسي لا تسمح بالموت ، ولكن فرسي هذه «الملحقة»(3) واللّه ما طلبت عليها شيئا الا لحقته ، ولا طلبني أحد وأنا عليها الا سبقته فهي لك»(4) .

وما قيمة فرسه عند الامام فرد عليه قائلا :

«ما جئناك لفرسك وسيفك؟ انما أتيناك لنسألك النصرة ، فان

__________________

(1) انساب الأشراف 5 / 291 ، خزانة الأدب 1 / 298

(2) الفتوح 5 / 130

(3) وفي رواية «وهذه فرسي ملجمة»

(4) الأخبار الطوال (ص 249) الدر النظيم (ص 168)

٨٧

كنت قد بخلت علينا بنفسك فلا حاجة لنا في شيء من مالك ، ولم اكن بالذي اتخذ المضلين عضدا(1) واني انصحك إن استطعت أن لا تسمع صراخنا ولا نشهد وقعتنا فافعل ، فو اللّه لا يسمع واعيتنا احد ولا ينصرنا الا اكبه اللّه في نار جهنم»(2) .

فاطرق ابن الحر برأسه الى الأرض وقال بصوت خافت حياء من الامام.

«أما هذا فلا يكون أبدا ان شاء اللّه تعالى»(3)

وما كان مثل ابن الحر وهو الذي اقترف الكثير من الجرائم ان يوفق الى نصرة الامام ويفوز بالشهادة بين يديه.

وقد ندم ابن الحر كاشد ما يكون الندم على ما فرط في امر نفسه من ترك نصرة ريحانة رسول اللّه (ص) واخذت تعاوده خلجات حادة من وخز الضمير ، ونظم ذوب حشاه بابيات سنذكرها عند البحث عن النادمين عن نصرة الحسين (ع).

مع عمرو بن قيس :

والتقى الامام في قصر بني مقاتل بعمرو بن قيس المشرفي ، وكان معه ابن عم له ، فسلم على الامام وقال له :

«يا ابا عبد اللّه هذا الذي ارى خضابا؟

__________________

(1) الفتوح 5 / 132

(2) مقتل الحسين للمقرم (ص 224)

(3) تاريخ ابن الأثير 3 / 282

٨٨

قال (ع) : «خضاب ، والشيب إلينا بني هاشم أسرع واعجل» والتفت (ع) لهما فقال :

«جئتما لنصرتي؟»

«لا. انا كثيرو العيال» وفي ايدينا بضائع للناس ، ولم ندر ما ذا يكون؟ ونكره ان نضيع الامانة».

ونصحهما الامام فقال لهما :

«انطلقا فلا تسمعا لي واعية ، ولا تريا لي سوادا فانه من سمع واعيتنا او رأى سوادنا فلم يجبنا او يغثنا كان حقا على اللّه عز وجل أن يكبه على منخريه في النار»(1) .

وارتحل الامام من قصر بني مقاتل ، واخذت قافلته تقطع الصحارى الملتهبة ، وتجتاز اغوارها في جاهد وعناء ، وتعاني لفحها الضارب كريخ السموم.

رسالة ابن زياد للحر :

وتابعت قافلة الامام سيرها في البيداء ، وهي تارة تتيامن واخرى تتياسر ، وجنود الحر يذودون الركب عن البادية ، ويدفعونه تجاه الكوفة والركب يمتنع عليهم(2) ، وإذا براكب يجذ في سيره ويطوى الرمال فلبثوا هنيئة ينتظرونه ، واذا هو رسول من ابن زياد الى الحر ، فسلم

__________________

(1) رجال الكشي (ص 72)

(2) تاريخ ابن الأثير 3 / 282

٨٩

الخبيث على الحر ، ولم يسلم على الحسين ، وتاول الحر رسالة من ابن زياد جاء فيها :

«أما بعد : فجعجع بالحسين حين يبلغك كتابي ، ويقدم عليك رسولي ، فلا تنزله إلا بالعراء في غير حصن وعلى غير ماء ، وقد امرت رسولي أن يلزمك فلا يفارقك حتى يأتيني بانفاذك أمري والسلام»(1) .

واستثنى ابن مرجانة ما عهد به إلى الحر من القاء القبض على الامام وارساله مخفورا إلى الكوفة ، ولعله خاف من تطور الأحداث وانقلاب الأوضاع عليه ، فرأى التحجير عليه في الصحراء بعيدا عن المدن لئلا يتجاوب أهلها الى نصرته ليتم القضاء عليه بسهولة ، وتلا الحر الكتاب على الامام الحسين فاراد الامام أن يستأنف سيره متجها صوب قرية أو ماء ، فمنعهم الحر ، وقال : لا استطيع ، فقد كانت نظرات الرقيب الوافد من ابن زياد تتابع الحر ، وكان يسجل كل بادرة يخالف بها الحر أوامر ابن زياد وانبرى زهير بن القين فقال للامام :

«انه لا يكون بعد ما ترون إلا ما هو أشد منه يا ابن رسول اللّه إن قتال هؤلاء الساعة أهون علينا من قتال من يأتينا من بعدهم ، مما لا قبل لنا به».

فقال الحسين : ما كنت لأبدأهم بقتال

وتابع زهير حديثه قائلا :

«سر بنا إلى هذه القرية حتى ننزلها فانها حصينة ـ وهي على

__________________

(1) انساب الأشراف ج 1 ق 1 ص 240 ، المناقب لابن شهر اشوب 5 / 128 مصور.

٩٠

شاطئ الفرات ـ فان منعونا قاتلناهم ، فقتالهم أهون علينا من قتال من يجيء بعدهم».

وسأل الامام عن اسم تلك الأرض؟ فقالوا له : انها تسمى العقر ، فتشأم منها ، وراح يقول : اللهم اني اعوذ بك من العقر(1) ، وأصر الحر على الامام أن ينزل في ذلك المكان ولا يتجاوزه ، ولم يجد الامام بدا من النزول في ذلك المكان والقى ببصره عليه ، والتفت الى أصحابه فقال لهم :

ـ ما اسم هذا المكان؟

ـ كربلاء

ودمعت عيناه وراح يقول :

«اللهم اني اعوذ بك من الكرب والبلاء»(2) .

__________________

(1) تأريخ ابن الأثير 3 / 282 ، معجم البلدان 4 / 444.

(2) الفتوح 5 / 149 ، وفي تذكرة الخواص (ص 260) انه لما قيل للحسين هذه ارض كربلا اخذ ترابها فشمها وقال : واللّه هي الأرض التي اخبر بها جبرئيل رسول اللّه (ص) انني اقتل فيها ، وجاء في حياة الحيوان للدميري 1 / 60 ان الحسين سأل عن اسم المكان فقيل له كربلا ، فقال : ذات كرب وبلاء لقد مر أبي بهذا المكان عند مسيره إلى صفين وأنا معه فوقف وسأل عنه فأخبروه باسمه ، فقال : هاهنا محط رحالهم وهاهنا مهراق دمائهم فسئل عن ذلك؟ فقال : نفر من آل محمد ينزلون هاهنا ، ثم أمر باثقاله فحطت في ذلك المكان وكذلك جاء في مختصر صفوة الصفوة (262).

٩١

وطفق يحدث اصحابه وقد ايقن بنزول الرزء القاصم قائلا :

«هذا موضع كرب وبلاء ، هاهنا مناخ ركابنا ، ومحط رحالنا وسفك دمائنا ..».

وطافت به الذكريات ، وقد مثل امامه ذلك اليوم الذي تحدث فيه ابوه امير المؤمنين وهو في هذه البقعة ، وكان في طريقه الى صفين ، فقال : هاهنا محط رحالهم ، ومهراق دمائهم فسئل عن ذلك فقال :

نفر من آل محمد ينزلون هاهنا وذابت الدنيا في عين الامام ، وانقطع كل امل له في الحياة ، وايقن ان اوصاله سوف تتقطع على صعيد هذه الأرض الا انه خلد الى الصبر ، واستسلم لقضاء اللّه وقدره»

ونهض الامام بقوة وعزم مع أصحابه وأهل بيته الى توطيد مخدرات الرسالة وعقائل الوحي ، فنصبوا لهن الخيام وكانت خيم الأصحاب ، وخيم أهل البيت ، محيطة بها عن اليمين والشمال ، واسرع فتيان بني هاشم فانزلوا السيدات من المحامل ، وجاءوا بهن إلى خيامهن ، وقد استولى عليهن الرعب والذعر ، فقد احسسن بالاخطار الهائلة التي ستجري عليهن في هذه الأرض.

موضع الخيام :

ونصبت خيام اهل البيت (ع) في البقعة الطاهرة التي لا تزال آثارها باقية إلى اليوم(1) يقول السيد هبة الدين الشهرستاني : «وأقام الامام

__________________

(1) بغية النبلاء في تاريخ كربلاء 2 / 6 للسيد عبد الحسين سادن الروضة الحسينية في مكتبة المحامي السيد عادل الكليدار.

٩٢

في بقعة بعيدة عن الماء تحيط بها سلسلة ممدودة ، وربوات تبدأ من الشمال الشرقي متصلة بموضع باب السدرة في الشمال ، وهكذا إلى موضع الباب الزينبي إلى جهة الغرب ، ثم تنزل إلى موضع الباب القبلي من جهة الجنوب وكانت هذه التلال المتقاربة تشكل للناظرين نصف دائرة ، وفي هذه الدائرة الهلالية حوصر ريحانة الرسول (ص)»(1) ونفى صديقنا الاستاذ السيد محمد حسن الكليدار أن يكون الموضع المعروف بمخيم الحسين هو الموضع الذي حط فيه الامام اثقاله ، وانما يقع المخيم بمكان نائي بالقرب من المستشفى الحسيني ، مستندا في ذلك إلى أن التخطيط العسكري المتبع في تلك العصور يقضي بالفصل بين القوى المتحاربة بما يقرب من ميلين ، وذلك لما تحتاجه العمليات الحربية من جولان الخيل وغيرها من مسافة ، كما ان نصب الخيام لا بد أن يكون بعيدا عن رمي السهام والنبال المتبادلة بين المحاربين واستند أيضا إلى بعض الشواهد التأريخية التي تؤيد ما ذهب إليه(2) .

واكبر الظن ان المخيم انما هو في موضعه الحالي ، أو يبعد عنه بقليل وذلك لأن الجيش الأموي المكثف الذي زحف لحرب الامام لم يكن قباله إلا معسكر صغير عبر عنه الحسين بالأسرة ، فلم تكن القوى العسكرية متكافئة في العدد حتى يفصل بينهما بميلين أو اكثر ..

لقد احاط الجيش الأموي بمعسكر الامام حتى انه لما اطلق ابن سعد السهم الذي انذر به بداية القتال ، واطلق الرماة من جيشه سهامهم لم يبق احد من معسكر الامام إلا اصابه سهم حتى اخترقت السهام بعض ازر النساء ، ولو كانت المسافة بعيدة لما اصيبت نساء أهل البيت بسهامهم

__________________

(1) نهضة الحسين (ص 99)

(2) مدينة الحسين 2 / 24

٩٣

ومما يدعم ما ذكرناه ان الامام الحسين (ع) لما خطب في الجيش الأموي سمعت نساؤه خطابه فارتفعت اصواتهن بالبكاء ، ولو كانت المسافة بعيدة لما انتهى خطابه إليهن ، وهناك كثير من البوادر التي تدل على أن المخيم في وضعه الحالي.

٩٤

فى كربلاء

٩٥
٩٦

وأقام موكب العترة الطاهرة في كربلا يوم الخميس المصادف اليوم الثاني من المحرم سنة (61 هـ)(1) وقد خيم الرعب على اهل البيت ، وايقنوا بنزول الرزء القاصم ، وعلم الامام مغبة الأمر ، وتجلت له الخطوب المفزعة ، والأحداث الرهيبة التي سيعانيها على صعيد كربلا ، ويقول المؤرخون : انه جمع أهل بيته واصحابه فالقى عليهم نظرة حنان وعطف وايقن انهم عن قريب سوف تتقطع أوصالهم ، فاغرق في البكاء. ورفع يديه بالدعاء يناجي ربه ، ويشكو إليه ما المّ به من عظيم الرزايا والخطوب قائلا :

«اللهم : انا عترة نبيك محمد (ص) قد أخرجنا وطردنا وازعجنا عن حرم جدنا ، وتعدت بنو أمية علينا اللهم فخذ لنا بحقنا وانصرنا على القوم الظالمين.».

ثم اقبل على اولئك الابطال فقال لهم :

«الناس عبيد الدنيا والدين لعق على السنتهم يحوطونه ما درّت معايشهم فاذا محصوا بالبلاء ، قلّ الديانون»(2) .

يا لها من كلمات مشرقة حكت واقع الناس في جميع مراحل التأريخ فهم عبيد الدنيا في كل زمان ومكان ، واما الدين فلا ظل له في اعماق

__________________

(1) انساب الأشراف ق 1 ج 1 / 240 ، وكان هلال المحرم في تلك السنة يوم الأربعاء جاء ذلك في (الافادة في تأريخ الأئمة السادة)

(2) ضبط ابو هلال الحسن بن عبد اللّه العسكري في كتابه (الصناعتين) كلام الامام الحسين بهذه الصورة «الناس عبيد الدنيا والدين لغو على السنتهم يحوطونه ما درّت به معايشهم فاذا محصوا بالبلاء قلّ الديانون».

٩٧

نفرسهم ، فاذا دهمتهم عاصفة من البلاء تنكروا له وابتعدوا منه نعم ان الدين بجوهره انما هو عند الامام الحسين وعند الصفوة من أهل بيته واصحابه فقد امتزج بمشاعرهم ، وتفاعل مع عواطفهم فانبروا الى ساحات الموت ليرفعوا شأنه ، وقد اعطوا بتضحيتهم دروسا لاجيال الدنيا في الولاء الباهر للدين.

وبعد حمد اللّه والثناء عليه خاطب اصحابه قائلا :

«اما بعد : فقد نزل بنا ما قد ترون. وان الدنيا قد تغيرت ، وتنكرت وادبر معروفها ، ولم يبق منها إلاّ صبابة كصبابة الاناء ، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل(1) . الا ترون الى الحق لا يعمل به ، والى الباطل لا يتناهى عنه ليرغب المؤمن في لقاء اللّه فاني لا أرى الموت الا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما»(2) .

لقد أدلى بهذا الخطاب عما نزل به من المحن والبلوى ، واعلمهم ان الظروف مهما تلبدت بالمشاكل والخطوب فانه لا ينثني عن عزمه الجبار لاقامة الحق الذي خلص له وقد وجه (ع) هذا الخطاب لاصحابه لا ليستدر عواطفهم ، ولا ليستجلب نصرهم ، فما ذا يغنون عنه بعد ما احاطت به القوى المكثفة التي ملئت البيداء ، وانما قال ذلك ليشاركونه المسئولية في اقامة الحق الذي آمن به واختاره قاعدة صلبة لنهضته الخالدة وقد

__________________

(1) المرعى الوبيل : هو الطعام الوخيم الذي يخاف وباله أي سوء عاقبته.

(2) معجم الطبراني من مصورات مكتبة امير المؤمنين ، تأريخ ابن عساكر 13 / 74 من مصورات مكتبة الامام امير المؤمنين ، تأريخ الاسلام للذهبي 2 / 345 ، حلية الأولياء 2 / 39.

٩٨

جعل الموت في هذا السبيل هو الآمل الباسم في حياته الذي لا يضارعه أي أمل آخر.

ولما انهى خطابه هبّ اصحابه جميعا ، وهم يضربون أروع الأمثلة للتضحية والفداء من أجل العدل والحق وكان اول من تكلم من اصحابه زهير بن القين وهو من افذاذ الدنيا فقد قال :

«سمعنا يا بن رسول اللّه (ص) مقالتك ، ولو كانت الدنيا لنا باقية ، وكنا فيها مخالدين لآثرنا النهوض معك على الاقامة فيها»

ومثلت هذه الكلمات شرف الانسان وانطلاقه في سبيل الخير ، وبلغ كلام زهير في نفوس الأنصار اقصى الرضا ، وحكى ما صمموا عليه من الولاء للامام والتفاني في سبيله وانبرى بطل آخر من أصحاب الامام وهو برير الذي ارخص حياته في سبيل اللّه فخاطب الامام :

«يا بن رسول اللّه لقد منّ اللّه بك علينا أن نقاتل بين يديك ، وتقطع فيك اعضاؤنا ، ثم يكون جدك شفيعنا يوم القيامة».

لقد أيقن برير ان نصرته للامام فضل من اللّه عليه ، ليفوز بشفاعة رسول اللّه (ص) وقام نافع وهو يقرر نفس المصير الذي اختاره الأبطال من اخوانه قائلا :

«أنت تعلم أن جدك رسول اللّه (ص) لم يقدر أن يشرب الناس محبته ، ولا أن يرجعوا إلى أمره ما أحب ، وقد كان منهم منافقون يعدونه بالنصر ، ويضمرون له الغدر يلقونه بأحلى من العسل ، ويخلفونه بأمر من الحنظل ، حتى قبضه اللّه إليه ، وان أباك عليا كان في مثل ذلك فقوم قد أجمعوا على نصره وقاتلوا معه الناكثين والقاسطين والمارقين حتى أتاه أجله فمضى إلى رحمة اللّه ورضوانه وأنت اليوم عندنا في مثل تلك الحالة ، فمن نكث عهده ، وخلع بيعته فلن يضر الا نفسه واللّه مغن عنه

٩٩

فسر بنا راشدا معافى ، مشرقا إن شئت او مغربا ، فو اللّه ما اشفقنا من قدر اللّه ، ولا كرهنا لقاء ربنا ، وإنا على نياتنا وبصائرنا نوالي من والاك ونعادي من عاداك»(1) .

وتكلم اكثر اصحاب الامام بمثل هذا الكلام ، وقد شكرهم الامام على هذا الاخلاص والتفاني في سبيل اللّه.

انتظار الاسدي للامام :

والتحق بالامام فور قدومه إلى كربلا رجل من بني أسد اهمل المؤرخون اسمه ، وقد حكى قصبته العريان بن الهيثم قال : كان أبي ينزل قريبا من الموضع الذي كانت فيه واقعة الطف ، وكنا لا نجتاز في ذلك المكان الا وجدنا رجلا من بني أسد مقيما هناك ، فقال له ابي : إني اراك ملازما هذا المكان؟ فقال له : بلغني أن حسينا يقتل هاهنا ، فانما أخرج لعلي أصادفه فاقتل معه ، ولما قتل الحسين قال أبي : انطلق معي لننظر إلى الأسدي هل قتل؟ فأتينا المعركة وطفنا في القتلى فرأينا الأسدي معهم(2) لقد فاز بالشهادة بين يدي ريحانة رسول اللّه (ص) ونال أسمى المراتب ، فكان في أعلى عليين مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن اولئك رفيقا.

رسالة الامام لابن الحنفية :

ورفع الامام (ع) رسالة من كربلا إلى أخيه محمد بن الحنفية وسائر بنى هاشم ، نعى فيها نفسه ، واعرب عن دنو الأجل المحتوم منه هذا نصها : «أما بعد : فكأن الدنيا لم تكن وكأن الآخرة لم تزل

__________________

(1) مقتل المقرم (ص 231)

(2) تاريخ ابن عساكر 13 / 74

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

[يشترط إستدعاؤهما إلى السماع، ويعتبر فيهما العدالة، وبعض الاصحاب يكتفي بالاسلام.ولو طلق ولم يشهد ثم أشهد كان الاول لغوا، ولا تقبل فيه شهادة النساء].

وقيل: يبطل الطلاق.

أقول: الاول اختيار الشيخ في النهاية(١) والقاضي(٢) وابن زهرة(٣) وابن إدريس(٤) واختاره المصنف(٥) والعلامة(٦) .

والثاني اختيار المرتضى(٧) وابن حمزة(٨) والحسن(٩) وظاهر سلار(١٠) .

____________________

(١) النهاية: باب اقسام الطلاق وشرائطه، ص ٥١٢ س ٥ قال: فان طلقها اكثر من ذلك ثنتين أو ثلاثا، لم يقع اكثر من واحدة.

(٢) المهذب: ج ٢، باب بيان مايقع به الطلاق، ص ٢٧٩ س ٥ قال: واذا قال لها: انت طالق اثنين، وقعت طلقة في الحال، وما عدا ذلك لغو.

(٣) الغنية من جوامع الفقهية: في الطلاق واللعان ص ٦١٥ س ١ قال: ومن طلق ثلاثا بلفظ واحد كان مبتدعا في قوله ثلاثا ووقعت واحدة.

(٤) السرائر: كتاب الطلاق، ص ٣٢٥ س ٢٩ قال: فان طلقها ثنتين او ثلاثا إلى قوله: لم يقع على الصحيح من المذهب الا واحدة الخ.

(٥) الشرائع: كتاب الطلاق، في الصيغة قال: ولو فسر الطلقة باثنين او ثلاث إلى قوله: وقيل: يقع واحدة ويلقى التفسير وهو اشهر الروايتين.

(٦) المختلف: كتاب الطلاق ص ٣٦ س ١ قال: وابن زهرة وابن ادريس وافقا الشيخ في النهاية وهو المعتمد.

(٧) الانتصار في الطلاق ص ١٣٦ قال: مسألة، ومما انفردت به الامامية القول: بان الطلاق الثلاث بلفظ واحد لا يقع الخ.

(٨) الوسيلة: احكام الطلاق: ص ٣٢٢ س ٤ قال: وبدعة في القول إلى قوله: وايقاع الطلاق ثلاثا بلفظ واحد ولايقع كلاهما.

(٩) المختلف: كتاب الطلاق، ص ٣٥ س ٣٧ قال: وقال ابن عقيل: لو طلقها ثلاثا بلفظ واحد وهي طاهر لم يقع عليها شئ.

(١٠) المراسم كتاب الفراق، ص ١٦١ طلاق السنة س ٧ قال: فما يرجع إلى الزوج إلى قوله: وان يتلفظ بالطلاق موحدا.

٤٦١

(النظر الثاني) في اقسام الطلاق طلاق البدعة

فالبدعة طلاق الحائض مع الدخول وحضور الزوج، او غيبته دون المدة المشترطة، وفي طهر قد قربها فيه، وطلاق الثلاث المرسلة، وكله لايقع].

احتج الاولون: بوجود المقتضى، وهو (انت طالق) وانتفاء المانع، إذا ليس الا الضميمة، وهي هنا مؤكدة لا منافية.

ولصحيحة جميل بن دراج عن احدهماعليهما‌السلام قال: سألته عن الذي يطلق في حال طهر في مجلس ثلاثا؟ قال: هي واحدة(١) .

وصحيحة بكير بن اعين عن الباقرعليه‌السلام قال: ان طلقها للعدة اكثر من واحدة، فليس الفضل على الواحدة بطلاق(٢) .

احتج الاخرون بصحيحة أبي بصير عن الصادقعليه‌السلام : من طلق ثلاثا في مجلس فليس بشئ، من خالف كتاب الله رد إلى كتاب الله(٣) .ولان واحدة المفردة المقيدة بقيد الوحدة غير مرادة، فلا يقع، لاشتراط القصد في الطلاق والثلاث غير واقعة اجماعا.

اجاب العلامة بالقول بالموجب، فان الثلاث لايقع، فكانه ليس بشئ يوجب ماقصده، والفعل الاختيار الصادر عن الحيوان اذا لم يصحل غايته يسمى باطلا، فلا يكون شيئا(٤) .

قال طاب ثراه: وطلاق الثلاث المرسلة، وكله لايقع.

____________________

(١) الاستبصار: ج ٣(١٦٩) ص ٢٨٥ الحديث ١.

(٢) الاستبصار: ج ٣(١٦٩) ص ٢٨٦ الحديث ٥.

(٣) الاستبصار: ج ٣(١٦٩) ص ٢٨٧ الحديث ١٠.

(٤) المختلف: كتاب الطلاق ص ٣٦ س ٨ قال: والجواب: انا نقول بموجب الخبر الخ.

٤٦٢

طلاق السنة

[وطلاق السنة ثلاث: بائن، ورجعي، وللعدة.فالبائن ما لا يصح معه الرجعة، وهو طلاق اليائسة على الاظهر، ومن لم يدخل بها، والصغيرة، والمختلعة والمباراة مالم ترجعا في البذل، والمطلقة ثلاثا بينها رجعتان.والرجعي ما يصح معه الرجعة ولولم يرجع.وطلاق العدة مايرجع فيه ويواقع، ثم يطلق.فهذه تحرم في التاسعة تحريما مؤبدا.وما عداها تحرم في كل ثلاثة حتى تنكح غيره].

أقول: مراده تعداد الطلاق البدعى، وعد منه أصنافا، كطلاق الحائض، والثلاث المرسلة، قال: (وكله لايقع) لانه غير مراد للشارع، والاصل بقاء عصمة النكاح، فيقف رفعها على موضع الاذن، خلافا للعامة: فان عندهم أن طلاق الحائض بدعة، لكنه يقع(١) .

ويحتمل ان يعود الضمير في قوله: (وكله) إلى الثلاث المرسلة، وقد تقدم ان الواقع منها واحدة على احد القولين، ولا يقع شئ على القول الاخر، ومختار المصنف الوقوع، فقوله هنا (وكله) يحتمل ان يكون المراد الكل المجموعي، أي الثلاث بتمامها لايقع، بل واحدة منها، ويحتمل ان يكون رجوعا عن الاول، وقد صرح به المصنف في الشرائع، حيث قال: والكل باطل لا يقع معه طلاق(٢) فاتى الطلاق منكرا في سياق النفي وهويفيد العموم على ما تقرر في موضعه.

قال طاب ثراه: فالبائن لايصح معه الرجعة، وهو طلاق اليائسة على الاظهر.

____________________

(١) فصل: فان طلق للبدعة وهو ان يطلقها حائضا، او في طهر اصابها فيه، اثم ووقع طلاقه في قول عامة اهل العلم (المغنى لابن قدامة) ج ٨ ص ٢٣٨ مسألة ٥٨١٦.

(٢) تقدم آنفا.

٤٦٣

أقول: اختلف في اليائسة والصغيرة هل عليهما عدة ام لا؟ الاول مذهب المرتضى(١) وابن زهرة(٢) .

والثاني مذهب الشيخين(٣) (٤) والصدوقين(٥) (٦) والتقي(٧) والقاضي(٨) وابن حمزة(٩) وابن إدريس(١٠) واختاره المصنف(١١) والعلامة(١٢) .

____________________

(١) الانتصار، في مسائل العدة، ص ١٤٦ س ٤ قال: والذي اذهب انا اليه: ان على الآيسة من المحيض والتي لم تبلغه، العدة الخ.

(٢) الغنية في الجوامع الفقهيه، ص ٥٥٤.

(٣) المقنعة: باب عدد النساء، ص ٨٢ س ٢٢ قال: وان كانت قد استوفت خمسين سنة وارتفعت عنها الحيض وايست منه لم يكن عليها عدة إلى ان قال: وان صغرت عن ذلك لم يكن عليها عدة الخ.

(٤) المبسوط: ج ٥، كتاب العدد، ص ٢٣٩ س ٦ قال: الايسة من المحيض ومثلها لاتحيض لاعدة عليها مثل الصغيرة الخ.

(٥) المختلف: الفصل السادس في العدد ص ٥٩ س ١٧ قال: لاعدة عليها (أي الصبية والايسة) وهو اختيار الشيخ علي بن بابويه.

(٦) المقنع باب الطلاق ص ١١٦ س ١ قال: واعلم إلى ان قال: ان كان مثلها لاتحيض فلاعدة عليها.

(٧) الكافي: فصل في العدة واحكامها ص ٣١٢ س ٣ قال: وقبل ان تبلغ تسع سنين إلى قوله: فلا عدة عليهما.

(٨) المهذب: ج ٢ باب طلاق المدخول بها ولم تبلغ المحيض ص ٢٨٤ س ١٥ قال: فاذا طلقها بانت منه الخ.

(٩) الوسيلة: فصل في بيان العدة ص ٣٢٥ س ١٨ قال: والتي لم تبلغ المحيض، والايسة لاعدة عليهما.

(١٠) السرائر: باب العدد ص ٣٣٩ س ١ قال: فقد اختلف اصحابنا في وجوب العدة عليهما إلى قوله: والقول الاخر (أي عدم الوجوب) اكثر واظهر.

(١١) لاحظ عبارة النافع.

(١٢) المختلف: ص ٥٩ الفصل السادس في العدد س ١٩ قال: والمعتمد الاول، أي قول الشيخان

٤٦٤

[وهنا مسائل خمسة

(الاولى) لا يهدم استيفاء العدة تحريم الثلاثة].

احتج السيد بقوله تعالى: (واللائي يئسن من المحيض من نساء‌كم ان ارتبتم فعدتهن ثلاثة اشهر واللائي لم يحضن)(١) وهذا صريح في الآيات من المحيض، واللائى لم يبلغن عدتهن الاشهر على كل حال(٢) .

احتج الاخرون بوجوه.

(أ) ان المقتضى للاعتداد، وهو استعلام فراغ الرحم من الحمل غالبا منتف هنا قطعا، فلا وجه لوجوب العدة روى محمد بن مسلم عن الباقرعليه‌السلام قال: التي لاتحبل مثلها، لاعدة عليها(٣) وهو ايماء إلى ماذكرناه من العلة.

(ب) ان غير المدخول بها لاعدة عليها إجماعا، فكذا اليائسة والصغيرة، اذا الدخول هنا لا اعتداد به.

(ج) موثقة عبدالرحمان بن الحجاج عن الصادقعليه‌السلام قال: ثلاث يتزوجن على كل حال: التي لم تحض ومثلها لاتحيض، قال: قلت: وماحدها؟ قال: اذا اتى عليها اقل من تسع سنين، والتي لم يدخل بها، والتي يئسن من المحيض ومثلها لاتحيض، قال: قلت: وماحدها؟ قال: إذا كان لها خمسون سنة(٤) .

قال طاب ثراه: لايهدم استيفاء العدة تحريم الثالثة.

أقول: لم يختلف احد من اصحابنا في افتقارها بعد الثلاثة إلى المحلل، سواء كانت الثلاث للعدة او للسنة.

ولانه منصوص القرآن(٥) وفي الثالثة لابد من استيفاء العدة بالنسبة إلى المحلل،

____________________

(١) الطلاق: ٤.

(٢) تقدم آنفا.

(٣) الاستبصار: ج ٣(١٩٦) ص ٣٣٨ الحديث ٣.

(٤) الاستبصار: ج ٣(١٩٦) ص ٣٣٧ الحديث ١.

(٥) قال تعالى: (فان طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) سورة البقرة / ٢٣٠.

٤٦٥

ولو كان استيفائها كافيا في الحل في الاول وهادما للتحريم لجاز العقد للزوج مكان المحلل، فيلزم عدم الافتقار إلى المحلل ابدا، وهو مخالف للكتاب العزير، وعليه طابقت الروايات(١) .

نعم ورد في شواذها: عن الحسن بن محبوب، عن عبدالله بن بكير، عن زرارة بن أعين قال: سمعت ابا جعفرعليه‌السلام يقول: الطلاق الذي يحبه الله هو الطلاق الذي يطلق الفقيه، وهو العدل بين المرأة والرجل ان يطلقها في استقبال الطهر بشهادة الشاهدين، وارادة من القلب، ثم يتركها حتى يمضي ثلاثة قروء، فاذا رأت الدم في اول قطرة من الثالة، وهو اخر القروء، لان الاقراء هي الاطهار، فقد بائت منه، وهي املك بنفسها، فان شاء‌ت تزوجه وحلت له بلا زوج، فان فعل هذا بها مائة مرة هدم ماقبله، وحلت بلا زوج، وان راجعها قبل ان تملك نفسها ثم طلقها ثلاثة مرات، يراجعها ويطلقها لم تحل له الا بزوج(٢) .

وعبدالله بن بكير فطحي كذاب.

وقال الشيخ وسئل عن هذا؟ فقال: هذا مما رزقه الله من الرأي، ولما رأى أصحابه لايقولون به اسنده إلى زرارة نصرة لمذهبه الذي افتى به، وانما هو عليه من الغلط في انحرافه عن اعتقاد الحق، في اعتقاد مذهب الفطحية اعظم من الغلط في استناده فتيا يعتقد صحته لشبهة دخلت عليه إلى بعض اصحاب الائمةعليهم‌السلام ولم يعلم بها احد من الاصحاب(٣) .

قال طاب ثراه: يصح طلاق الحامل للسنة كما تصح للعدة.

____________________

(١) لاحظ الوسائل: ج ١٥، الباب ٤ من ابواب اقسام الطلاق واحكامه ص ٣٥٧.

(٢) التهذيب: ج ٨(٣) باب احكام الطلاق، ص ٣٥ الحديث ٢٦.

(٣) قطعة من كلام الشيخ بعد نقل الرواية، لاحظ ص ٣٥ و ٣٦ من ج ٨ من التهذيب.

٤٦٦

أقول: هذه المسألة من مشكلات علم الفقه، وقبل اخوض فيه يفتقر إلى توضيح (مقدمة).

وهي ان الطلاق ينقسم إلى قسمين: سنى وبدعى: فالبدعى ما نهى عنه، كطلاق الحائض، والنفساء، وفي طهر قربها فيه.وعندنا لا يقع البدعى، ويقع عند العامة موقعه وإن أثم.والسنى مقابله، وهو ما اذن فيه وجاز فعله.

وينقسم إلى قسمين: طلاق عدة، وطلاق سنة.فطلاق العدة ان يطلقها على الشرائط، ثم يراجعها في العدة، ويواقعها فيها والسنة ان يتركها حتى تخرج من العدة، ويراجعها بعقد ومهر جديد.

والسنى الاول: يسمى طلاق السنة بالمعنى الاعم، لعمومه، فانه يشمل البائن، والرجعي، والعدي، والسنى، والسني الثاني الذي قابل العدى في التقسيم الثاني يسمى طلاق السنة بالمعنى الاخص.

اذا تقرر هذا فنقول: الحامل يجوز طلاقها للعدة اجماعا: بان يطلقها على الشرائط، ثم يراجعها قبل وضع حملها، ويطأ قبل الوضع فقد حصل الرجوع والوطى في العدة، لا انها هنا زمان الحمل، وهل يجوز ان يطلقها للسنة ام لا؟ فيه اشكال: لانه ان اريد بالسنة، السنة بالمعنى الاعم، فهو تكرار، لان الطلاق الاول الذي جاز اجماعا، اعنى طلاق العدة سني بالمعنى الاعم، لانه أحد اقسامه، والمقسم صادق على الاقسام.

وان اريد بالمعنى الاخص، فهو لا يتحقق الا بعد خروج العدة، وهو تحصل بوضع الحمل، وحينئذ يخرج عن كونها حاملا.

٤٦٧

فهذا تقرير الاشكال، وتقرير حله يتوقف على ايراد اقوال الفقهاء في هذه المسألة وهي اربعة.

(أ) قال الصدوق في الرسالة والمقنع(١) (٢) اذا راجع الحبلى قبل وضعها، ثم اراد طلاقها ثانيا لم يكن له ذلك الا بعد الوضع، او مضى ثلاثة اشهر، ولم يفصلا العدى والسنى.

(ب) قال ابوعلي: اذا اراد طلاقها بعد الرجعة وكان قد واقع، اشترط مضى شهر بعد الوقاع وكذا في الثالث، ويحرم حتى المحلل(٣) .

(ج) قال الشيخ في النهاية: اذا اراد الرجل ان يطلق امرأته وهي حبلى مستبين حملها، فليطلقها أي وقت شاء، فاذا طلقها واحدة كان املك برجعتها ما لم تضع مافي بطنها، فاذا راجعها واراد طلاقها للسنة، لم يجز له ذلك حتى تضع مافي بطنها، واذا اراد طلاقها للعدة، واقعها ثم طلقها بعد المواقعة(٤) .

وتبعه القاضي(٥) وابن حمزة(٦) فقدمنع من طلاقها للسنة بالمعنى الاعم،

____________________

(١) المختلف: كتاب الطلاق، ص ٣٧ س ٢١ قال: وقال الشيخ علي بن بابويه في رسالته: فان راجعها يعنى الحبلى الخ.

(٢) المقنع، باب الطلاق ص ١١٦ س ٨ قال: فان راجعها من قبل ان تضع مافي بطنها، او يمضى بها ثلاثة اشهر، ثم اراد طلاقها الخ.

(٣) المختلف: كتاب الطلاق، ص ٣٧ قال: وقال ابن الجنيد: والحبلى اذا طلقها زوجها وقع الطلاق وله ان يرتجعها آه.

(٤) النهاية: باب كيفية اقسام الطلاق ص ٥١٦ س ٢٠ قال: واذا اراد ان يطلق امرأته وهي حبلى مستبين حملها فيطلقها أي وقت شاء الخ.

(٥) المهذب: ج ٢ باب طلاق الحامل المستبين حملها ص ٢٨٥ س ١٢ قال: طلاق هذه المرأة اذا اراد زوجها الخ.

(٦) الوسيلة، فصل في بيان اقسام الطلاق ٣٢٢ س ١٢ قال: والحامل اذا استبان حملها طلقها متى شاء الخ.

٤٦٨

وأجازه للعدة فكانه يقول: لايجوز طلاقها إلا نوعا واحدا من أنواع الطلاق، وهو العدى فقط.

(د) قال ابن إدريس: يجوز طلاقها للسنة(١) واختاره المصنف(٢) والعلامة(٣) وفخر المحققين(٤) رضي ‌الله‌ عنهم.

إحتج الصدوقان بصحيحة محمد بن إسماعيل الجعفي عن الباقرعليه‌السلام قال: طلاق الحامل واحدة، فاذا وضعت مافي بطنها فقد بانت عنه(٥) .

وبصحيحة أبي بصير عن الصادقعليه‌السلام قال: الحبلى تطلق تطليقة واحدة(٦) .

ورواية منصور الصيقل عنهعليه‌السلام في الرجل يطلق إمرأته وهي حبلى؟ قال: يطلقها، قلت: فيراجعها؟ قال: نعم يراجعها، قلت: فإنه بدا له بعد ماراجعها أن يطلقها؟ قال: لا حتى تضع(٧) .

وأجاب الشيخ عن الاولين: بأن المراد بالوحدة، الوحدة الصنفية، أي لا يقع بها الاصنف واحد من الطلاق، وهو العدى، لا صنفان أحدهما عدى والآخر

____________________

(١) السرائر، كتاب الطلاق، ص ٣٢٨ س ٥ قال: واذا اراد ان يطلق امرأته وهي حبلى مستبين حملها فليطلقها أي وقت شاء الخ.

(٢) لاحظ عبارة النافع.

(٣) المختلف: كتاب الطلاق، ص ٣٧ س ٣٨ قال: والتحقيق في هذا الباب ان نقول الخ.

(٤) الايضاح: ج ٣ ص ٣١٧ قال: (د) قول والدي المصنف قدس الله سره: انه يجوز طلاقها للسنة كما يجوز للعدة إلى قوله: وهو الاقوى.

(٥) التهذيب: ج ٨(٣) باب احكام الطلاق ص ٧٠ الحديث ١٥٣ وفيه (عن إسماعيل الجعفي) بحذف كلمة (محمد).

(٦) التهذيب: ج ٨(٣) باب احكام الطلاق ص ٧٠ الحديث ١٥٢.

(٧) التهذيب: ج ٨(٣) باب احكام الطلاق ص ٧١ الحديث ١٥٧.

٤٦٩

سنى(١) ولهذا منع من طلاقها إلا بعد المواقعة، ليكون للعدة.

واحتج الشيخ على هذا التاويل برواية إسحاق بن عمار قال: قلت لابي إبراهيمعليه‌السلام : الحامل يطلقها زوجها ثم يراجعها، ثم يطلقها، ثم يراجعها، ثم يطلقها الثالثة؟ فقال: تبين منه ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره(٢) .

فقد تضمنت هذه الرواية تعداد الطلاق صريحا، فيكون معارضة للثالثة والاولتين أيضا.

وعن إسحاق بن عمار أيضا عنهعليه‌السلام قال: سالته عن الحبلى، يطلق طلاق الذي لاتحل له حتى تنكح زوجا غيره؟ قال: نعم، قلت: ألست قلت: اذا جامع لم يكن له ان يطلق؟ قال: الطلاق لا يكون الا على طهر، قد بان وحمل قدبان وهذه قدبان حملها(٣) .

احتج ابوعلي برواية يزيد الكناسى قال: سألت ابا جعفرعليه‌السلام عن طلاق الحبلى؟ فقال: يطلقها واحدة للعدة بالشهود، قلت: فله ان يراجعها؟ قال: نعم وهى إمرأته قلت: فان راجعها ومسها واراد أن يطلقها تطليقة اخرى؟ قال: لا يطلقها حتى يمضى لها بعد مامسها شهرا، قلت: فان طلقها ثانية واشهد ثم راجعها واشهد على رجعتها ومسها ثم طلقها التطليقة الثالثة واشهد على طلاقها لكل عدة شهر، فهل تبين كما تبين المطلقة على العدة التي لاتحل لزوجها حتى تنكح زوجا غيره؟ قال: نعم، قلت: فما عدتها؟ قال: عدتها إن تضع مافي بطنها، ثم قد حلت

____________________

(١) قال في الاسبتصار، ج ٣ باب طلاق الحامل المستبين حملها ص ٢٩٩ ذيل حديث ٧ مالفظه: قيل له: الوجه في هذا الخبر انه ليس له ان يطلقها أي طلاق، وإذا لم يكن ذلك فيه، حملناه على انه ليس له ان يطلقها اذا راجعها حتى تضع طلاق السنة، فاما طلاق العدة فيجوز اذا وطئها.

(٢) الاستبصار: ج ٣(١٧٤) باب طلاق الحامل المستبين حملها، ص ٢٩٩ الحديث ٨.

(٣) الاستبصار: ج ٣(١٧٤) باب طلاق الحامل المستبين حملها ص ٢٩٩ الحديث ٨.

٤٧٠

للازواج(١) .

احتج إبن إدريس بعدم المانع، وعموم الايات كقوله تعالى:(فان طلقها)(٢) (الطلاق مرتان)(٣) (٤) .

قال المصنف: الوجه الاعراض عن اخبار الاحاد، والالتفات إلى مادل القران عليه من جواز طلاقها مطلقا(٥) .

وقول المصنف في الشرائع: اذا طلق الحامل وراجعها جاز ان يطأها ويطلقها ثانية للعدة اجماعا(٦) .

يريد بالاجماع هنا الحاصل بعد عصري الفقيهين وأبي علي، لانقراض المخالف فيه(٧) .

قال العلامة في المختلف: والتحقيق في هذا الباب ان طلاق العدة والسنة واحدة، وانما يصير للسنة بترك الرجعة وترك المواقعة، وللعدة بالرجعة في العدة والمواقعة، فاذا طلقها لم يظهر انه للسنة او للعدة الا بعد وضع الحمل، لانه ان راجع

____________________

(١) الاستبصار: ج ٣(١٧٤) باب طلاق الحامل المستبين حملها ص ٣٠٠ الحديث ٩.

(٢) البقرة: ٢٣٠.

(٣) البقرة: ٢٢٩.

(٤) السرائر: كتاب الطلاق، ص ٢٢٨ س ٩ قال: والاصل الصحة والمنع يحتاج إلى دليل مع قوله تعالى: الخ.

(٥) الظاهر ان المراد بقوله (قال المصنف) هونجم الدين بن سعيد، لان هذا القول منه، لاحظ الايضاح، ج ٣ س ٥.

(٦) الشرائع: كتاب الطلاق، واما طلاق العده، قال: (الثانية) اذا طلق الحامل وراجعها جاز له ان يطأها ويطلقها إلى قوله: اجماعا.

(٧) الايضاح: ج ٣، كتاب الفراق، ص ٣١٨ س ١٢ قوله (اجماعا) المراد به اجماعا اهل العصر الثالث، أي بعد عصري ابن بابويه وابن الجنيد، لانقراض المخالف فيه الخ.

٤٧١

قبله كان طلاق العدة، وان تركها حتى تضع كان طلاق السنة، فان قصد الشيخ ذلك فهو حق وتحمل الاخبار عليه(١) .

وعجز هذا التحقيق يعطي كون النزاع لفظيا، لان حاصله، ان طلاق السنة لايتصور، لان حقيقته تركها بعد الطلاق حتى تنقضي العدة، وهي بوضع الحمل، يخرج عن كونها حاملا، ولم يقل أحد ببطلان الطلاق الذي لايتعقبه رجعة اذ شرائط الطلاق تكون مقدمة عليه بوجوب تقدم الشرط على مشروطه.

واورد عليه السيد عميد الدين عبدالمطلب قدست نفسه(٢) ان قوله: (لا يعلم كونه للسنة اوللعدة الا بعد الوضع) مستدرك، لانه يعلم كونه للعدة قبل الوضع، بان يراجعها قبله، ثم يواقعها، ثم يطلقها، ثم يجوز له ان يراجعها أيضا ويواقعها ثم فيطلقها الثالثة، فيحرم عليه حتى تنكح زوجا غيره، ولا يتوقف العلم بذلك على الوضع، ولو قال: (لا يعلم كونه للسنة حتى تضع)، كان حقا، وذلك ليس مخصوصا بالحامل، بل كل مطلقة رجعيا لايعلم كون طلاقها للسنة حتى تنقضي عدتها، سواء كان بالوضع، او بالاقراء، أو بالاشهر، فانه متى انقضت عدتها ولم يراجع، علم انه للسنة، وقبل ذلك لا يعلم، هذا اخر كلامه في شرحه(٣) .

واجاب عنه ولده فخر المحققين بان قوله: (اذا طلقها لم يظهر) أي بالطلاق لايهما

____________________

(١) المختلف: كتاب الطلاق، ص ٣٧ س ٣٨ قال: والتحقيق في هذا الباب ان نقول: الخ.

(٢) قال في الذريعة: ج ١٤ ص ١٢ تحت رقم ١٥٦٧ في عنوان شرح القواعد ما لفظه: السيد عميد الدين عبدالمطلب مجدالدين، ابي الفوارس محمد بن على الاعرجي ابن اخت العلامة الحلى، ولد سنة ٦٨١ وتوفى سنة ٧٥٤ ذكره سيدنا الصدر في التكملة، وحكى في رياض العلماء عن نظام الاقوال بعنوان الحاشية ايضا، وعند عده لشروح القواعد ذكر اولا شرح العميدي مصرحا بانه الفه بعد وفاة خاله العلامة.

(٣) مخطوط ولم نظفر عليه.

٤٧٢

هو، وانما يظهر باحد الامرين اما بالرجوع قبله والمواقعه، وهو علامة العدى، او بالوضع قبل الرجوع، وهو علامة السنى، هذا مراده ولم يرد انه لا يظهر واحد منهما الا بعد الوضع(١) .

ثم قال فخر المحققين: واقول على قول الشيخ: يلزم احد امور ثلاثة.

اما ان يجعل حصول وصف السني والعدي بالنية، او الرجعة سببا للصحة او كاشفة، لان الطلاق حال وقوعه قدر مشترك بين صنفيه، اعنى العدى والسنى بالمعنى الاخص، فالمميز له بحصول احد الوصفين، اما النية، أو الرجعة والمواقعة في العدة، او هي كاشفة، ودليل الحصر الاجماع على انتفاء غيرها.

أما النية فلم يقل به أحد، وأما كون الرجعة سببا للصحة، فلاستلزامه الدور، لان صحة الرجعة مشروطة بصحة الطلاق، فلو كان الرجعة سببا في صحة الطلاق لزم الدور، فبقى أن يكون الرجعة والمواقعة في العدة كاشفة، فإن حصلا علمنا أنه للعدة، وإن لم يحصلا حتى خرجت العدة بوضع الحمل علمنا أنه للسنة(٢) .

وأقول: إن الذي ينبغي تحصيله في هذا المقام أن نقول: موضوع المسألة: أن الحامل يجوز أن تطلق واحدة إجماعا.

وهل الواحدة نوعية، أو شخصية؟ الصدوقان على الثاني(٣) ، والشيخ على الاول(٤) ، فيجوز عنده تعددها إذا كانت من صنف واحد من أصاف الطلاق، وهو العدي، فيمنع من طلاقها ثانيا حتى يواقعها، ولو لم يواقعها منع من طلاقها، فالوقاع شرط في الطلاق الثاني للحامل، فيزيد على شروطها ذلك، ويكون معنى

____________________

(١) الايضاح: كتاب الفراق، ج ٣ ص ٣١٨ س ٧ قال: (فاذا طلقها لم يظهر، أي بالطلاق انه لايهما هو، إلى قوله: هذا مراده، ولم يرد انه لايظهر واحد منهما الا بعد الوضع كما قد يقع في اوهام بعض العوام.

(٢) الايضاح: ج ٣، كتاب الفراق، ص ٣١٨ س ١٤ قال: واقول على قول الشيخ الخ.

(٣) و(٤) تقدم نقل قولهما.

٤٧٣

[(الثانية) يصح طلاق الحامل للسنة كما تصح للعدة.

(الثانية) يصح طلاق الحامل للسنة كما تصح للعدة على الاشبه.

(الثالثة) يصح ان يطلق ثانية في الطهر الذي طلق فيه وراجع فيه، ولم يطأ، لكن لايقع للعدة.

(الرابعة) لو طلق غائبا ثم حضرودخل بها، ثم ادعى الطلاق لم تقبل دعواه، ولا بينته، ولو اولدها لحق به.

(الخامسة) اذا طلق الغائب واراد العقد على اختها، او على خامسة، تربص تسعة اشهر احتياطا.

(النظر الثالث) في لواحق الطلاق وفيه مقاصد

قول الشيخ: (فإذا راجعها وأراد طلاقها للسنة لم يجز له ذلك) السنة بالمعنى الاعم، وقوله (حتى تضع) أي لا يجوز ايقاع طلاق آخر عليها على غير الوجه المذكور، وهو الذي يتقدمه الوقاع، بل يستمر معها حتى تضع.

وإبن إدريس ومن تبعه على جواز طلاقها مطلقا(١) ، أي وان لم يتقدمه وطى، فيكون للسنة بالمعنى الاعم.

ويجاب عن الاشكال(٢) قوله: (طلاق العدة سنى بالمعنى الاعم لانه أحد أقسامه).

قلنا: مسلم، لكن لما اختص الجواز بقسم واحد من اقسامه، صار كالقسيم لباقي الاقسام، فقولهم: (يجوز طلاق الحامل للعدة) وهو داخل في السني العام لكن بقيد الرجوع والوطى في العدة، ومع عدم الوطى يكون سنيا عاما شاملا لذلك وللسني الخاص، فاعلم ذلك.

____________________

(١) تقدم نقل قوله ودليله.

(٢) أي الاشكال الذي طرحه في صدر المبحث.

٤٧٤

(المقصد الاول) يكره طلاق المريض

ويقع لو طلق، ويرث زوجته في العدة الرجعية، وترثه هي، ولو كان الطلاق بائنا، إلى سنة، مالم تتزوج، او يبرء من مرضه ذلك.

(المقصد الثاني) في المحلل

ويعتبر فيه البلوغ والوطئ في القبل بالعقد الصحيح الدائم. وهل يهدم مادون الثلاث؟ فيه روايتان، اشهرهما: انه يهدم].

قال طاب ثراه: وهل يهدم مادون الثلاث؟ فيه روايتان، اشهرهما: انه يهدم.

أقول: اذا رجع المطلق عاد اليه النكاح بما بقى من الطلقات. وكذا ان بانت منه بطلقة او طلقتين وارتجعا بعقد مستانف قبل تزويجها بغيره، أو بعده قبل اصابة الثاني.

أما لو كان بعدإصابته على الشرائط المحللة لو وقعت بعد ثلاث، فهل يهدم هذا المحلل الطلاق السابق، وتبقى مع زوجها على ثلاث مستأنفات؟ أو لايهدم بعد الطلقة السابقة على النكاح الثاني مع الثلاث وتبقى معه بعد تزويجها على طلقتين، ولو كان السابق على نكاح الثاني طلقتين بقيت معه على طلقة؟ فيه روايتان.

احدهما الهدم، وهي رواية رفاعة بن موسى النحاس، قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : رج طلق امرأة تطليقة واحدة، فتبين منه، ثم يتزوجها اخر، فيطلقها على السنة، فتبين منه، ثم يتزوجها الاول، على كم هي عنده قال: على غير شئ، ثم قال: يارفاعة كيف اذا طلقها ثلاثا ثم تزوجها ثانيا استقبل الطلاق، فاذا طلقها واحدة كانت على الثنتين(١) .

____________________

(١) الاستبصار: ج ٣(١٦٤) باب ان من طلق امرأة ثلاث تطليقات للسنة، لاتحل له حتى تنكح زوجا غيره ص ٢٧٢ الحديث ٩.

٤٧٥

ويؤيدها رواية عبدالله بن عقيل بن أبي طالب: ان عمر قضى على انها تبقى على ما بقى من الطلاق، فقال امير المؤمنينعليه‌السلام : سبحان الله أيهدم ثلاثا، ولا يهدم واحدة(١) .

ويعضدها الشهرة بين الاصحاب، فافتى بمضمونها الشيخ في كتبه الثلاثة في النهاية(٢) والمبسوط(٣) والخلاف(٤) والقاضي(٥) وابن حمزة(٦) وابن إدريس(٧) واختاره المصنف(٨) والعلامة(٩) والاخرين عدم الهدم.

وهي صحيحة الحلبي قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن رجل طلق امرأته تطليقة واحدة، ثم تركها حتى قضت عدتها، فتزوجت زوجا غيره، ثم مات الرجل،

____________________

(١) الاستبصار: ج ٣(١٦٤) باب من طلق امرأته ثلاث تطليقات للسنة لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره ص ٢٧٥ الحديث ٢٣.

(٢) النهاية: باب كيفية اقسام الطلاق ص ٥١٣ س ١٦ قال: فان تزوجت فيما بين التطليقة الاولى إلى قوله: هدم ماتقدم من الطلاق.

(٣) المبسوط: ج ٥ فصل فيما يهدم الزوج من الطلاق، ص ٨١ س ١٩ قال: وان وطئها الثاني ثم طلقها إلى قوله: فانها تعود عندنا كما كانت أولا.

(٤) كتاب الخلاف، كتاب الطلاق، مسألة ٥٩ قال: الظاهر من روايات أصحابنا والاكثرين: ان الزوج الثاني اذا دخل بها يهدم ما دون الثلاث الخ.

(٥) المهذب: ج ٢ باب صفة طلاق السنة، ص ٢٨٢ س ٣ قال: فان تزوجت بين الطلقة الاولى والثانية إلى قوله: هدم هذا التزويج ما تقدم من الطلاق.

(٦) الوسيلة: فصل في بيان اقسام الطلاق، ص ٣٢١ س ١٥ قال: فان تزوجها بعد الواحدة او الاثنين رجل بالغ إلى قوله: هدم ما تقدم من الطلاق.

(٧) السرائر: كتاب الطلاق ص ٣٢٣ س ٩ قال: وكذا ان تزوجت فيما بين الاولى والثانية إلى قوله: هدم ذلك ما تقدم من الطلاق.

(٨) لاحظ عبارة النافع.

(٩) المختلف: كتاب الطلاق ص ٣٩ س ٣٩ قال بعد نقل الاقوال: فالاقوى ما اختاره الشيخ.

٤٧٦

[ولو ادعت انها تزوجت ودخل، وطلقها، فالمروي القبول إذا كانت ثقة.

(المقصد الثالث) في الرجعة

تصح نطقا، كقوله: راجعت، وفعلا، كالوطء والقبلة واللمس بالشهوة، ولو انكر الطلاق كان رجعة ولايجب في الرجعة الاشهاد، بل يستحب].

او طلقها فراجعها زوجها الاول، فقال: هي عنده على تطليقتين باقيتين(١) .

ونقل ابن ادريس عن بعض اصحابنا: العمل بها(٢) .

وحمل الشيخ هذه الرواية وما في معناها على احد امور ثلاثة. اما ان يكون الزوج الثاني صغيرا. او لم يدخل بها. او يكون متعة(٣) .

قال طاب ثراه: ولو ادعت انها تزوجت ودخل وطلق، فالمروي القبول اذا كانت ثقة.

أقول: الرواية اشارة إلى مارواه الحسين بن سعيد عن أبي عبداللهعليه‌السلام في رجل طلق امرأته ثلاثا فبانت منه، واراد مراجعتها، قال: انى اريد اراجعك

____________________

(١) الاستبصار ج ٣(١٦٤) باب من طلق امرأة ثلاث تطليقات للسنة لاتحل له حتى تنكح زوجا غيره ص ٢٧٣ الحديث ١٠.

(٢) السرائر: كتاب الطلاق، ص ٣٢٣ س ١٠ قال: في بعضها لايهدم الزوج الثاني مادون الثلاث الخ.

(٣) الاستبصار: ج ٣(١٦٤) باب من طلق امرأة ثلاث تطليقات للسنة لاتحل له حتى تنكح زوجا غيره ص ٢٧٣ قال بعدنقل حديث ١٤: فالوجه في هذه الروايات أحد شيئين الخ.

٤٧٧

[ورجعة الاخرس بالاشارة، وفي رواية باخذ القناع. ولو ادعت انقضاء العدة في الزمان الممكن، قبل].

فتزوجي زوجا غيري، قالت: قد تزوجت وحللت لك نفسي، فيصدقها ويراجعها، كيف يصنع؟ قال: إذا كانت المرأة ثقة صدقت في قولها(١) .

قال طاب ثراه: ورجعة الاخرس الاشارة، وفي رواية باخذ القناع.

أقول: الاول هو المشهور، وهو مختار الشيخ(٢) والقاضي(٣) وأبي علي(٤) وابن ادريس(٥) والمصنف(٦) والعلامة(٧) . واخذ القناع مذهب الصدوقين(٨) (٩) وابن حمزة(١٠) .

____________________

(١) الاستبصار: ج ٣(١٦٤) باب ان من طلق امرأة ثلاث تطليقات لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، ص ٢٧٥ الحديث ٢٢.

(٢) الاستبصار: ج ٣(١٧٥) باب طلاق الاخرس الحديث ١ ثم قال بعد نقل الحديثين الذين فيهما اخذ المقنعة ووضعها على راسها ما لفظه: فلا ينافي هذين الخبرين الخبر الاول الخ.

(٣) و(٤) المختلف كتاب الطلاق ص ٤٠ س ١ قال: مسألة المشهور أن طلاق الاخرس بالاشارة إلى ان قال: ذهب اليه الشيخ وابن الجنيد وتبعهما ابن البراج.

(٥) السرائر: كتاب الطلاق ص ٣٢٥ س ٢٥ قال: ومن لم يتمكن من الكلام مثل أن يكون اخرس إلى قوله: فاذا اراد منه مراجعتها اخذ القناع من رأسها وهذه الرواية يمكن حملها على من لم يكن له كتابة مفهومة الخ.

(٦) لاحظ عبارة النافع.

(٧) القواعد: كتاب الفراق، ص ٦٦ الفصل الثاني في الرجعة، س ٤ قال: والاخرس بالاشارة الدالة عليها، وقيل: باخذ القناع الخ.

(٨) المقنع، باب الطلاق ص ١١٩ س ١٥ قال: والاخرس إلى قوله: فاذا ارادان يراجعها رفع القناع عنها الخ.

(٩) المختلف: كتاب الطلاق ص ٤٠ س ٢ قال: وقال الصدوق في المقنع وابوه في رسالته إلى قوله: فاذا اراد مراجعتها رفع القناع عنها.

(١٠) الوسيلة: في بيان احكام الرجعة ص ٣٣٠ س ١٣ قال: ويزداد للاخرس واحد وهو كشف المقنعة عن رأسها.

٤٧٨

(المقصد الرابع) في العدد، والنظر في فصول

واما الرواية باخذ القناع تنصيا في الرجعة، فلم نقف عليها، بل في الطلاق.

وهي رواية السكوني عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: طلاق الاخرس ان يأخذ مقنعتها ويضعها على راسها(١) . مقدمة العدة مدة مقررة بأصل الشرع بالاشهر أو الاقراء، أو بهما، أو الحمل. يوجبها رفع النكاح الثابت بالعقد بالموت مطلقا، وبعد الدخول بغيره، أو وطى غير محرم لاجنبية. وهي على ثلاثة أضرب. تعبد محض، كعدة الوفاة مع عدم الدخول. واستبراء محض كعدة الحامل. وبعدة واستبراء بالشهور والاقراء.

وأيضا: العدة قد يكون بالاقراء كمستقيمة الحيض، وقد يكون بالشهور كالمسترابة، وقد يتركب منهما كما لو بانت بعد حيضة فانها يكملها بشهرين، ولو كان بعد حيضين أكملت بشهر.

والاصل فيها الكتاب والسنة والاجماع.

أما الكتاب: فلذوات الاقراء، قوله تعالى: (والمطلقات يتربص بأنفسهن ثلاثة قروء)(٢) ولذوات الشهور (واللائى يئسن من المحيض من نساء‌كم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن)(٣) وللحوامل (وأولات الاحمال أجلهن أن

____________________

(١) الكافي: ج ٦ باب طلاق الاخرس ص ١٢٨ الحديث ٣.

(٢) البقرة: ٢٢٨.

(٣) الطلاق: ٤.

٤٧٩

يضعن حملهن)(١) وللارامل. (والذين يتوفؤن منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا)(٢) . واما السنة فكثيرة متواترة(٣) .

واما الاجماع: فمن سائر المسلمين لا يختلفون في وجوب الاعتداد على الزوجات بعد مفارقة الازواج ومن طريق النظر: انما حرم السفاح حذرا من اختلاط الانساب، ومع مفارقة الاول بعد وطئه لو جاز الوطى لامتزج الماء‌ان، وقالعليه‌السلام : ماء‌ان في رحم واحد(٤) . ويلزم اختلاط النسب المحذور في كل شريعة، فلا بد من ضبط قدر يعلم به فراغ الرحم من الاول ليأمن الثاني على نسبه من التدنيس بالغير. وقد كان يكفى الحيضة الواحدة كما جعله الشرع دلالة على فراغ رحم الجارية في الاستبراء، فجعله ثلاثة قروء إعظاما للعقد وتفخيما لامر الحرائر، وإحتياطا في المبالغة على حفظ الانساب، وإمهالا في التروي لاختيار الزوجين الرجوع إلى التئام الحال، وحفظا للعيال، وصونا لعصمة الفرج وستر الحال والفراش أن يكثر التطلع عليه قال الله تعالى (وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا)(٥) .

____________________

(١) الطلاق: ٤.

(٢) البقرة: ٢٣٤.

(٣) لاحظ الوسائل ج ١٥، الباب ٢ و ٤ من ابواب اقسام الطلاق واحكامه.

(٤) عوالى اللئالى: ج ٣ ص ٣٨٤ الحديث ٤٩.

(٥) البقرة: ٢٢٨.

٤٨٠

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584