المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٣

المهذب البارع في شرح المختصر النافع6%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 584

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 584 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 121552 / تحميل: 6827
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٣

مؤلف:
العربية

المهذب البارع في شرح المختصر النافع

ال جزء الثالث

تأليف

العلامة جمال الدين ابي العباس

احمد بن محمد بن فهد الحلي

٧٥٧ - ٨٤١ ه‍.

تحقيق: الحجة الشيخ مجتبى العراقي

١

هذا الكتاب

نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف

شبكة الإمامين الحسنينعليهما‌السلام للتراث والفكر الإسلامي

بانتظار أن يوفقنا الله تعالى لتصحيح نصه وتقديمه بصورة أفضل في فرصة أخرى

قريبة إنشاء الله تعالى.

٢

٣

٤

كتاب الوديعة والعارية

بسم الله الرحمن الرحيم

أما الوديعة: فهي استنابة في الاحتفاظ، وتفتقر إلى القبول قولا كان أو فعلا، ويشترط فيهما الاختيار.

وتحفظ كل وديعة بما جرت به العادة. ولو عين المالك حرزا اقتصر عليه، ولو نقلها إلى أدون أو أحرز ضمن إلا مع الخوف. وهى جائزة من الطرفين، وتبطل بموت كل واحد منهما. ولو كانت دابة وجب علفها وسقيها، ويرجع به على المالك. والوديعة أمانة لايضمنها المستودع إلا مع التفريط أو العدوان. ولو تصرف فيها باكتساب ضمن وكان الربح للمالك. ولا يبرأ بردها إلى الحرز. وكذا لو تلفت في يده بتعد أو تفريط فرد مثلها إلى الحرز، بل لايبرأ إلا بالتسليم] كتاب الوديعة والعارية

مقدمة

الوديعة مشتقة من ودع يدع، اذا استقر وسكن، تقول: اودعته اودعه، اى أقررته، واسكنه، وقيل: إنه مشتق من ودع يقال: ودع الشئ يودع اذا كان في حفض وسكون، وهو قريب من الاول، وكأن المالك سكن إلى المستودع واطمأن اليه وثوقا بأمانته وأنه يقوم مقامه في حفظها، فهو في حفض ودعه من تكلف

٥

[إلى المالك أو من يقوم مقامه، ولا يضمنها لو قهره عليها ظالم، لكن إن أمكنه الدفع وجب، ولو أحلفه أنها ليست عنده حلف موريا. وتجب اعادتها إلى المالك مع المطالبة. ولو كانت غصبا منعه وتوصل في وصولها إلى المستحق. ولو جهله عرفها كاللقطة حولا، فإن وجده، والا تصدق بها عن المالك إن شاء، ويضمن ان لم يرض. ولو كانت مختلطة بمال المودع ردها عليه إن لم يتميز. وإذا إدعى المالك التفريط، فالقول قول المستودع مع يمينه].

إحفاظها، وقرار من تجشم مراعاتها. والاصل فيه الكتاب والسنة والاجماع.

أما الكتاب: فقوله تعالى (ان الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها)(١) وقوله تعالى (فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي إئتمن امانته)(٢) .

وأما السنة: فروى أنس بن مالك وأبي بن كعب وابوهريرة كل واحد على الانفراد عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال: أد الامانة إلى من إئتمنك، ولا تخن من خانك(٣) وكان عندهصلى‌الله‌عليه‌وآله ودائع بمكة فلما أراد أن يهاجر أودعها أم ايمن، وأمر علياعليه‌السلام بردها على أصحابها(٤) وروى سمرة(٥) عنهعليه‌السلام

____________________

(١) النساء: ٥٨.

(٢) البقرة: ٢٨٣.

(٣) عوالى اللئالى: ج ٣ باب الوديعة ص ٢٥٠ الحديث ١ ولاحظ ماعلق عليه.

(٤) عوالى اللئالى: ج ٣، باب الوديعة ص ٢٥٠ الحديث ٢ ورواه في المستدرك: ج ٢ كتاب الوديعة، الباب ١ الحديث ١٢. نقلا عن عوالى اللئالى، ونقله في التذكرة: ج ٢ كتاب الامانات، ص ١٩٦.

(٥) بفتح السين المهملة وضم الميم وفتح الراء المهملة والهاء في الاصل سمي به جماعة من الصحابة (تنقيح المقال: ج ٢ ص ٦٨ باب سمرة).

٦

انه قال: على اليد ماأخذت حتى تؤدي(١) .

ومن طريق الخاصة عن زين العابدينعليه‌السلام : لو أن قاتل الحسينعليه‌السلام إئتمني على السيف الذي قتل به الحسينعليه‌السلام لرددته اليه(٢) .

وأما الاجماع: فمن الامة لا يختلفون فيه.

تنبيه

الوديعة والعارية من الامانات الخاصة.

والامانة مطلقا ينقسم إلى قسمين: أمانة خاصة كالوديعة، والعارية، والشركة، والمضاربة، والعين المرهونة، والمستاجرة، ومافى يد الوكيل، والوصي.

وضابطها كل عين حصلت في يد غير مالكها بغير اذنه أو باذنه، ثم اعلم ولم يطالبها، أو أقره الشارع على إمساكها ليدخل فيه الوديعة بعد موت المودع المشغول بحجة الاسلام، مع علم المستودع عدم تقييد الوارث، فإن الشارع جعل له ولاية الاستيجار للحج فهى في يده إلى وقت الاستيجار غير مضمونة.

ويدخل فيه ايضا اللقطة، فانها لاباذن المالك، بل الشارع أقر يده عليه للاحتفاظ.

وأمانة عامة: وهي كل عين حصلت في يد غير المالك مع عدم علمه بذلك على غير المتعدي كالثوب تطيره الريح إلى دار انسان، وكالوديعة اذا مات مالكها ولم يعلم الوارث، وكالمأمور بدفع عين إلى غيره، والمال الموصى بتفريقه أو بدفعه إلى من يعلم به.

ولو كان الموصى له معينا وعلم به كان أمانة خاصة، وحكم أمانة الخاصة

____________________

(١) سنن ابن ماجة: ج ٢ كتاب الصدقات(٥) باب العارية، الحديث ٢٤٠٠ والترمذي: ج ٣ كتاب البيوع(٣٩) باب ماجاء ان العارية مؤداة الحديث ١٢٦٦.

(٢) الامالى للشيخ الطوسي: المجلس الثالث والاربعون، ص ١٠٣.

٧

[ولو اختلفا في مال هل هو وديعة أو دين، فالقول قول المالك مع يمينه أنه لم يودع، اذا تعذر الرد، أو تلفت العين، ولو اختلفا في القيمة فالقول قول المالك مع يمينه، وقيل: القول قول المستودع، وهو أشبه، ولو اختلفا في الرد فالقول قول المستودع. ولو مات المودع وكان الوارث جماعة دفعها اليهم، أو إلى من يرتضونه، ولو دفعها إلى البعض ضمن حصص الباقين.

وأما العارية: فهي الاذن في الانتفاع بالعين تبرعا وليست لازمة لاحد المتعاقدين. ويشترط في المعير كمال العقل وجواز التصرف. وللمستعير الانتفاع، بل لايضمن إلا مع تفريط أو عدوان أو اشتراط، الا ان تكون العين ذهبا او فضة فالضمان يلزم وإن لم يشترط.

ولو استعار من الغاصب مع العلم ضمن، وكذا لو كان جاهلا لكن يرجع على المعير بما يغترم.

وكل مايصح الانتفاع به مع بقائه تصح إعارته، ويقتصر المستعير على مايؤذن له.

ولو اختلفا في التفريط فالقول قول المستعير مع يمينه] انها لايجب دفعها إلا مع الطلب من المالك او وكيله، ولو اتلفت قبله لم يضمن، وحكم العامة وجوب الدفع على الفور ويضمن مع التأخير، ويشتركان في الضمان مع التفريط أو التعدى.

قال طاب ثراه: ولو اختلفا في مال هل هو وديعة أو دين؟ فالقول قول المالك: أنه لم يودع، اذا تعذر الرد او تلفت العين. ولو اختلفا في القيمة فالقول قول المالك مع يمينه، وقيل: القول قول المستودع، وهو أشبه.

اقول: هنا مسألتان: (آ) اذا اختلفا في مال، فقال القابض: هو وديعة عندي، وقال مالكه: بل هو

٨

دين عليك، أي مثله دين، لان الملك المعين لانسان لايكون دينا على غيره، لان الدين كلي ثابت في الذمة غير مشخص، إلا أن نقول: القرض لايملك بمجرد القبض، بل بالتصرف، وهذا النزاع إنما يحصل ويتصور له ثمرة مع تلف العين أو تعذر ردها، كما لو أخذها ظالم فادعى القابض أنها وديعة عنده وتلفها من مالكها، وادعى المالك أنها دين عليه، وقال: حقى ثابت في ذمتك وإنما لي عليك مثلها أو قيمتها، فالقول قول المالك لان الاصل في اليد ضمانها مال الغير، لقولهعليه‌السلام : على اليد ماأخذت حتى تؤدى(١) ولما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن رجل استودع رجلا الف درهم، فضاعت، فقال الرجل: كانت عندي وديعة، وقال الآخر: انما كانت عليك قرضا، قال: المال لازم له، إلا أن يقيم البينة أنها كانت وديعة(٢) .

(ب) اذا ثبت تفريط الودعي باقراره أو البينة، لزمه ضمان العين مثلا أو قيمة، فإن اختلفا في القيمة، فهل القول قول المالك؟ قال الشيخان: نعم(٣) لان الودعي صار بالتفريط خائنا، ولا يكون قوله مسموعا، وقال التقى: يقبل قوله لانه غارم والاصل براء‌ة ذمته من الزائد(٤) وبه قال إبن حمزة(٥) وابن

____________________

(١) تقدم آنفا.

(٢) الفروع: ج ٥، كتاب المعيشة، باب ضمان العارية والوديعة، ص ٢٣٩ الحديث ٨.

(٣) المقنعة: باب الوديعة ص ٩٧ س ١٦ قال: واذا اختلف المودع والمودع في قيمة الوديعة كان القول قول صاحبها الخ وفي النهاية: باب الوديعة والعارية ص ٤٣٧ س ١٥ قال: واذا اختلف المودع والمودع في قيمة الوديعة كان القول قول صاحبها الخ.

(٤) الكافي: فصل في الوديعة ص ٢٣١ س ١٢ قال: فان اختلفا في القيمة أخذ منه ماأقربه وطولب المودع بالبينة الخ.

(٥) الوسيلة: فصل في بيان الوديعة ص ٢٧٥ س ١٣ قال: فان اختلفا في القيمة ولم يكن هناك ابينة كان القول قول المودع الخ.

٩

ادريس(١) واختاره المصنف(٢) والعلامة(٣) ذكر العارية قال في الصحاح: العارية بالتشديد، كأنها منسوب إلى العار، لان طلبها عار(٤) .

وقيل: منسوب إلى العارة، وهو اسم، من قولك: أعرت المتاع إعارة وعارة، والاعارة المصدر.

وقيل: اشتقاقها من عار يعير اذا ذهب وجاء، فسميت عارة لتحويلها من يد إلى يد.

وذكر الخطائى أن اللغة الغالبة التشديد، وقد يخفف.

وفي الشرع: هي غبارة عن إباحة الانتفاع بالعين، ثم استردادها، ويسمى مالك المنفعة المعير والمستبيح والمستعير، والعين المنتفع بها المستعار.

والاصل فيها الكتاب والسنة والاجماع.

أما الكتاب: فقوله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى)(٥) والعارية إباحة الانتفاع لمن هو محتاج، فكان إعانة.

وقوله تعالى (الذين هم يراؤن ويمنعون الماعون)(٦) قال ابن عباس: الماعون العوارى(٧) وعن ابن مسعود: الماعون العوارى من الدلو والقدر والميزان(٨) .

____________________

(١) السرائر: باب الوديعة ص ٢٦٣ س ٢٩ قال: واذا ثبت التفريط واختلفا في قيمة الوديعة ولا بينة فالقول قول المودع الخ.

(٢) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٣) المختلف: في الوديعة ص ١٦٦ س ٢١ قال: مسألة لو اختلفا في القيمة بعد ثبوت التفريط فالقول قول الودعي الخ.

(٤) الصحاح: مادة عور.

(٥) المائدة: ٢.

(٦) الماعون: ٧.

(٧) الدر المنثور: ج ٨ في تفسير سورة الماعون ص ٦٤٤ عن ابن عباس قال: عارية متاع البيت، وفيه ايضا قال: ومنهم من قال: يمنعون العارية.

(٨) الدر المنثور: ج ٨ ص ٦٤٣ وفيه روايات آخر عنه، ورواه في مجمع البيان في تفسيره لسورة الماعون

١٠

وأما السنة: فروى جابر قال سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: مامن صاحب الابل لا يفعل فيها حقها إلا جاء‌ت يوم القيامة اكثر ماكانت بقاع قرقر(١) يشد عليه بقوائمها واخفافها، قال رجل: يارسول الله ماحق الابل؟ قال: حلبها على الماء وإعارة دلوها وإعارة فحلها(٢) وروى أبو امامة أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال في خطبة الوداع: العارية مؤداة والمنحة مردودة، والدين مقضي، والزعيم غارم(٣) وروى أنس أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إستعار من أبي طلحة فرسا فركبه(٤) واستعار من صفوان بن أمية يوم حنين درعا، فقال: أغصبا يامحمد؟ فقال: بل عارية مضمونة مؤداة(٥) .

وأما الاجماع: فمن سائر الامة.

تنبيه

العارية من الامانات الخاصة، والاصل فيها عدم الضمان عند الفرقة المحقة، إلا أن يعرض ما يوجب ضمانها، وهو أمور: (أ) التفريط، وهو ترك سبب من أسباب الحفظ الواجبة.

(ب) التعدي، وهو فعل ما لا يجوز شرعا.

____________________

(١) القرقر، القاع الاملس، وقيل: المستوى الاملس الذي لا شئ فيه، وفي حديث الزكاة بطح له بقاع قرقر، هو المكان المستوى لسان العرب ج ٥ لغة قرر.

(٢) مسند احمد بن حنبل: ج ٣ ص ٣٢١ قطعة من حديث جابر.

(٣) مسند احمد بن حنبل: ج ٥ ص ٢٦٧ عن ابي امامة الباهلي، وفي ٢٩٣ عن سعيد بن أبي سعيد.

(٤) مسند احمد بن حنبل: ج ٣ ص ١٨٠ ولفظ الحديث (عن انس قال: كان بالمدينة فزع فاستعار النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم فرسا لابي طلحة يقال له مندوب فركبه الحديث).

(٥) الفروع: ج ٥ كتاب المعيشة، باب ضمان العارية والوديعة: ص ٢٤٠ الحديث ١٠.

١١

[ولو اختلفا في الرد، فالقول قول المعير. ولو اختلفا في القيمة، فقولان: أشبههما قول الغارم مع يمينه. ولو استعار ورهن من غير اذن المالك، انتزع المالك العين ويرجع المرتهن بماله على الراهن].

(ج) أن يستعير ذهبا أو فضة الا ان يشترط سقوط الضمان، ولا فرق بين المستودع وغيره.

(د) أن يستعير من غاصب أو ممن ليس بكامل.

(ه‍) أن يشترط على المستعير ضمانها، فيضمن العين مع تلفها، ولا يضمن ما ينقص بالاستعمال.

(و) أن يستعير للرهن، فيكون مضمونة على المستعير دون المرتهن.

وذهب بعض العامة إلى كونها مضمونة في الاصل، لقولهعليه‌السلام (بل عارية مضمونة) والجواب أن ضمانها بإشتراطهعليه‌السلام على نفسه الضمان، لا أنه من لوازمها.

قال طاب ثراه: ولو اختلفا في القيمة فقولان: أشبههما قول الغارم.

أقول: مختار المصنف مذهب العلامة(١) وبه قال القاضي(٢) (٣) وسلار(٤)

____________________

(١) المختلف: كتاب الامانات، في العارية، ص ١٦٨ س ٣٨ قال بعد نقل قول ابن ادريس: وهو الوجه عندي.

(٢) ظاهر الامر على خلاف ماأثبته المصنفرحمه‌الله لان بعضهم في الاختلاف يقول: القول قول المعير وبعضهم يقول: القول قول المعير وبعضهم يقول: القول قول المستعير، واليك ما اثبتوه في كتبهم أو نقل عنهم.

(٣) المختلف: كتاب الامانات، في العارية ص ١٦٨ س ٣٥ قال: واذا اختلفا في القيمة بعد التفريط قال الشيخان: القول قول المالك مع يمينه إلى قوله وبه قال ابن البراج.

(٤) المراسم: ذكر احكام العارية ص ١٩٤ س ١٠ قال: فاذا اختلفا في شئ من ذلك فالقول قول المعير الخ.

١٢

وابن حمزة(١) وابن ادريس(٢) وقال الشيخان يقدم قول المالك(٣) ومنشأ الخلاف قد تقدم.

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

____________________

(١) الوسيلة: فصل في بيان العارية ص ٢٧٦ س ٦ قال: وان اختلفا في القيمة كان القول قول المعير الخ.

(٢) السرائر: باب العارية، ص ٢٦٢ س ١١ قال: والذي يقتضيه الادلة واصول المذهب أن القول قول المدعى عليه الخ.

(٣) المقنعة: باب العارية ص ٩٧ س ٢٧ قال: وان لم تكن له بينة فالقول قول صاحب العارية الخ وفي النهاية: باب الوديعة والعارية ص ٤٣٨ س ١٣ قال: واذا اختلف المعير والمستعير في قيمة العارية كان القول قول صاحبها مع يمينه الخ.

١٣

١٤

كتاب الاجارة

١٥

١٦

[كتاب الاجارة وهي تمليك منفعة معلومة بعوض معلوم. ويلزم من الطرفين]

كتاب الاجارة

مقدمة

الاجارة في اللغة كد الاجير، وإشتقاقه من الاجر وهو الثواب، يقال: آجر داره يوجرها ايجارا فهو موجر. والاجير فعيل بمعنى الفاعل كالعليم بمعنى العالم. وفي الشريعة تمليك المنفعة مدة معينة بعوض مالي. فالتمليك جنس، والمنفعة فصل يخرج به تمليك الاعيان كالبيع والهبة. ويخرج باشتراط العوض العارية، وباقى القيود شروطه. والاصل فيه الكتاب والسنة والاجماع.

أما الكتاب: فقوله تعالى (فإن أرضعن لكم فآتوهن اجورهن)(١) وقال (لو شئت لاتخذت عليه أجرا)(٢) وقال (إنى اريد أن انكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرنى ثمانى حجج)(٣) فاخبر بوقوع الاجارة.

وأما السنة: فروى أبوهريرة أن النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: أعط الاجير اجرته

____________________

(١) الطلاق: ٦.

(٢) الكهف: ٧٧.

(٣) القصص: ٢٧.

١٧

قبل أن يجف عرقه(١) وروى أبوسعيد الخدرى وأبوهريرة عنهعليه‌السلام : من استأجر أجيرا فليعلمه أجره(٢) وروى ابن عمر ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، رجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل إستاجر أجيرا فاستوفى منه ولم يوفه أجره، ورجل أعطاني صفقته ثم غدر(٣) .

وفعله الصحابة، فعليعليه‌السلام آجر نفسه من يهودي ليستقي الماء كل دلو بتمرة وجمع التمراة وحمله إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) .

وروى محمد بن سنان عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: سألته عن الاجارة؟ قال: صالح لا بأس بها اذا نصح قدر طاقته، وقدر آجر نفسه موسى بن عمران واشترط فقال: ان شئت ثمانيا وإن عشرا، فانزل الله الآية(٥) .

والتعرض للتكسب بالتجارة أفضل منها، روى محمد بن عمرو بن أبي المقدام عن عمار الساباطي قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : الرجل يتجر وإن هو آجر نفسه أعطى اكثر مما يصيب في تجارته، قال: لا يؤاجر نفسه ولكن يسترزق الله عز وجل ويتجر، فان من آجر نفسه فقد حظر على نفسه الرزق(٦) .

____________________

(١) سنن الكبرى للبيهقي: ج ٦ باب لاتجوز الاجارة حتى تكون معلومة وتكون الاجرة معلومة ص ١٢٠ س ٢٢.

(٢) سنن الكبرى للبيهقى: ج ٦ باب لاتجوز الاجارة حتى تكون معلومة وتكون الاجرة معلومة ص ١٢٠ س ٩ فعن أبى هريرة كما في المتن ولفظ ماعن أبي سعيد الخدري هكذا: نهى عن استئجار الاجير، يعنى حتى يبين له أجره.

(٣) صحيح البخاري: ج ٣ باب في الاجارة: باب ٤١ من منع أجر الاجير.

وسنن ابن ماجة: ج ٢ كتاب الرهون(٤) باب أجر الاجراء الحديث ٢٤٤٢.

(٤) سنن ابن ماجة: ج ٢ كتاب الرهون(٦) باب الرجل يستقى كل دلو بتمرة ويشترط جلدة الحديث ٢٤٤٦.

(٥) الفروع: ج ٥ كتاب المعيشة، باب كراهية اجارة الرجل نفسه ص ٩٠ الحديث ٢.

(٦) الفروع: ج ٥ كتاب المعيشة، باب كراهية إجارة الرجل نفسه ص ٩٠ الحديث ٣.

١٨

[وتنفسح بالتقايل، ولاتبطل بالبيع ولا بالعتق. وهل تبطل بالموت؟ قال الشيخان: نعم، وقال المرتضى: لاتبطل، وهو اشبه].

وأما الاجماع: فمن عامة المسلمين.

قال طاب ثراه: وهل تبطل بالموت؟ قال الشيخان: نعم، وقال المرتضى: لايبطل، وهو أشبه.

أقول: للاصحاب هنا ثلاثة اقوال: (أ) البطلان بالموت من أيهما إتفق قاله الشيخان(١) وسلار(٢) والقاضي(٣) وابن حمزة(٤) .

(ب) عدم البطلان من أيهما كان قاله السيد(٥) وابن ادريس(٦) والتقى(٧) وهو ظاهر أبي علي(٨) واختاره المصنف(٩) والعلامة(١٠) .

____________________

(١) المقنعة، باب الاجارات، ص ٩٨ س ٢٠ قال: والموت يبطل الاجارة.

وفي النهاية، باب المزارعة والمساقاة ص ٤٤١ س ١٩ قال: ومتى مات المستاجر أو الموجر بطلت الاجارة وفي باب الاجارة ص ٤٤٤ س ٤ قال: والموت يبطل الاجارة على مابيناه.

(٢) المراسم، ذكر أحكام الاجارات ص ١٩٦ س ٦ قال: ولايبطل الاجارة الا الموت.

(٣) المهذب: ج ١ كتاب الاجارة، ص ٥٠١ س ١٩ قال: والموت يفسخ الاجارة.

(٤) الوسيلة، باب في بيان الاجارة ص ٢٦٧ س ١٠ قال: وتبطل الاجارة بموت كليهما وبموت احدهما.

(٥) المختلف: كتاب الاجارة ص ٢ س ٣٠ قال: وقال ابوالصلاح لايبطل الاجارة بالموت إلى أن قال: وبه قال ابن ادريس ونقله عن السيد المرتضى إلى أن قال: والوجه ماقال ابوالصلاح.

(٦) السرائر: باب المزارعة، ص ٢٦٧ س ١١ قال: وقال الاكثرون المحصلون: لايبطل الاجارة بموت الموجر ولا بموت المستاجر وهو الذي يقوى في نفسى وافتي به.

(٧) الكافي: الاجارة، ص ٣٤٨ س ١٨ قال: ولا تبطل الاجارة بالموت الخ.

(٨) المختلف: كتاب الاجارة ص ٢ س ٣٠ قال: وقال ابن الجنيد: ولو مات المستأجر قام ورثته الخ.

(٩) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(١٠) تقدم نقله آنفا.

١٩

(ج) بطلانها بموت المستأجر دون الموجر، نقله في الخلاف عن بعض الاصحاب(١) وفي المبسوط قال: وهو اظهر عندهم(٢) أي عند أصحابنا، وقال القاضي: وعمل الاكثر من أصحابنا على أن موت المستاجر هوالذي يفسخها، لاموت الموجر(٣) .

احتج الاولون بتعذر استيفاء المنفعة بالموت، لانه استحق استيفائها على ملك الموجر فاذا مات زال ملكه عن العين، فانتقلت إلى ورثته، فالمنافع تحدث على ملك الوارث، فلا يستحق المستاجر استيفائها، لعدم العقد على ملك الوارث.

وكذا في طرف المستاجر على تقدير موته لايمكن ايجاب الاجارة (الاجرة) من تركته، لانتقالها بالموت إلى ورثته، ولانه ربما كان غرض المالك تخصيص المستأجر، لتفاوت الاغراض بتفاوت المتسأجرين، وقد تعذر ذلك بالموت.

واجيب بان المستاجر قد ملك المنافع بالعقد، وملكت عليه الاجرة كاملة، فالمنتقل إلى ورثة الموجر بالموت ليس الا العين مسلوبة المنافع مدة الاجارة، والى ورثة المستأجر ماعدا مال الاجارة، لوجوبه في حياته للغير بعقد شرعي.

احتج العلامة ومن تابعه بوجوه: (أ) إن الاجارة حق مالي ومنفعته موجودة يصح المعاوضة عليها، وانتقالها بالميراث وشبهه، فلا يبطل بموت صاحبها كغيرها من الحقوق(٤) .

____________________

(١) الخلاف: كتاب الاجارة مسألة ٧ قال: وفي أصحابنا من قال: موت المستاجر يبطلها الخ.

(٢) المبسوط: ج ٣ كتاب الاجارات، ص ٢٢٤ س ١٨ قال: والاظهر عندهم ان موت المستاجر يبطلها الخ.

(٣) المهذب: ج ١ كتاب الاجارة ص ٥٠١ س ٢٠ قال: وعمل الاكثر من أصحابنا على أن موت المستاجر هو الذي يفسخها.

(٤) المختلف: كتاب الاجارة ص ٣ س ١ قال: لنا انه حق مالي ومنفعة مقصودة يصح المعاوضة عليها الخ

٢٠

[وكل ماتصح إعارته تصح إجارته. واجارة المشاع جائزة. والعين أمانة لا يضمنها المستأجر ولا ما ينقص منها إلا مع تعد أو تفريط.

وشرائطها خمسة:

(١) ان يكون المتعاقدان كاملين جائزي التصرف.

(٢) وأن تكون الاجرة معلومة، كيلا أو وزنا، وقيل: تكفى المشاهدة، ولو كان مما يكال أو يوزن.

وتملك الاجرة بنفس العقد معجلة مع الاطلاق أو اشتراط التعجيل ويصح تأجيلها نجوما، أو إلى أجل واحد] ولقائل أن يقول: هذا مصادرة على المطلوب، لان المانع لا يسلم صحة انتقالها بالميراث لان المنافع تتجدد وتحدث في ملك الوارث.

(ب) انها عقد صحيح فيستصحب حكمه.

(ج) انه عقد ناقل بالاجماع، واذا اقتضى نقل المنفعة إلى المكتري والاجرة إلى الموجر كان الاصل بقاء‌ها على ملكه لايزول عنه ويعود إلى من صارت عنه الا بالدليل، وليس في الشرع مايدل على ذلك.احتج الآخرون بما احتج به الاولون في الشق الثاني.

قال طاب ثراه: وأن تكون الاجرة معلومة كيلا أو وزنا.

وقيل: تكفى المشاهدة.

أقول: قال الشيخ في المبسوط: مال الاجارة يصح أن يكون معلوما بالمشاهدة، وان لم يعلم قدره(١) وهو مذهب السيد(٢) وظاهر النهاية المنع(٣) وبه قال ابن

____________________

(١) المبسوط: ج ٣ كتاب الاجارات ص ٢٢٣ س ٧ قال: ومال الاجارة يصح ان يكون جزافا الخ.

(٢) الجوامع الفقهية، كتاب البيع من الناصريات، المسألة الخامسة والسبعون والمائه، ص ٢١٧ س ١٧ قال: ولم يشرط في الاجارة ان تكون الاجرة مضبوطة الصفات الخ.

(٣) النهاية: باب الاجارات س ١٦ قال: الاجارة لا تنعقد الا بأجل معلوم ومال معلوم الخ.

٢١

[ولو استأجر من يحمل له متاعا إلى موضع في وقت معين باجرة معينة، فان لم يفعل نقص من أجرته شيئا معينا، صح ما لم يحط بالاجرة.

(٣) وان تكون المنفعة مملوكة للموجر، أو لمن يؤجر عنه، وللمستأجر أن يؤجر الا أن يشترط عليه استيفاء المنفعة بنفسه].

ادريس(١) واختاره المصنف(٢) والعلامة(٣) لتحقق الجهالة، اذ قد عهد في عرف الشرع ان المكيل والموزون انما يصح المعاوضة عليهما بعد إعتبارهما بالكيل أو الوزن، ولم يكتف في البيع لهما بالمشاهدة، ولا علة لذلك سوى الجهالة، فيمنع من الاجارة، لانها الغرر المفضي إلى التنازع المنهى عنه.

احتج الشيخ باصالة الصحة، وبانتفاء الغرر بحصول العلم بالمشاهدة. والاصل مدفوع بالبطلان الناشي من الجهالة المتحققة هنا.

قال طاب ثراه: ولو استأجر من يحمل له متاعا إلى موضع في وقت معين، فان لم يفعل نقص من أجرته شيئا معينا، صح ما لم يحط بالاجرة.

أقول: هذا هو المشهور في كتب أصحابنا، وتوضيحه ما رواه محمد الحلبي في الموثق قال: كنت قاعدا عند قاض وعنده أبوجعفرعليه‌السلام جالس، فأتاه رجلان، فقال أحدهما: اني تكاريت ابل هذا الرجل ليحمل لي متاعا إلى بعض المعادن واشترطت أن يدخلني المعدن يوم كذا وكذا، لانها سوق أتخوف أن يفوتنى، فان احتبست عن ذلك حططت من الكر، لكل يوم احتبسه كذا وكذا، وانه قد

____________________

(١) السرائر: باب الاجارات ص ٢٧٠ س ١ قال: فأما مال الاجارة التي هي الاجرة فالاظهر من المذهب انه لا يجوز الا أن يكون معلوما ولا تصح ولا تنعقد الاجارة اذا كان مجهولا جزافا الخ.

(٢) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٣) التذكرة: ج ٢ كتاب الاجارة ص ٢٩١ س ٣٣ قال: مسألة يشترط في الاجرة المالية إلى أن قال: وأن يكون معلوما لانه عوض في عقد معاوضة فوجب أن يكون معلوما كثمن المبيع إلى أن قال: اذا كانت الاجرة من المكيل أو الموزون الخ.

٢٢

حبسني عن ذلك الوقت كذا وكذا يوما، فقال القاضي: هذا شرط فاسد وفه كراه، فلما قام الرجل أقبل الي ابوجعفر عليهالسلام فقال: شرطه هذا جائز ما لم يحط يجميع كراه(١) وفي صحيحة محمد بن مسلم عن الباقرعليه‌السلام ، قال: سمعته يقول: كنت جالسا عند قاض من قضاة المدينة فاتاه رجلان فقال أحدهما: إني تكاريت هذا يوافي بي السوق يوم كذا وكذا، وانه لم يفعل، قال: ليس له كراء، قال: فدعوته فقلت له: ياعبدالله ليس لك أن تذهب بحقه وقلت للاجير: ليس لك أن تأخذ كل الذي عليه إصطلحا، فترادا بينكما(٢) وقال ابن ادريس: الاولى عندي أن العقد صحيح والشرط فاسد، لان الله تعالى قال (أوفوا بالعقود)(٣) وهذا عقد فيحتاج في فسخه إلى دليل، وإلا فالشرط إذا انضم إلى عقد شرعى صح العقد وبطل الشرط اذا كان غير شرعي(٤) وقال ابوعلي: اذا استأجره على أن يبلغ به خمسة أيام بخمسين درهما، فان لم يبلغها كان موضوعا من الاجرة لكل يوم خمسة عشر درهما، فبلغه إلى المكان في مدة لا يستغرق الحطيطة الاجرة، جاز، وان استغرقت، أو كان الشرط عليه إن تأخر عن شرطه لم يكن له أجرة، كان الحكم في ذلك الصلح، لا يسقط الاجرة كلها ولا يأخذها جميعا(٥) وظاهر العلامة بطلان العقد ببطلان الشرط ووجوب اجرة المثل(٦) .

____________________

(١) الفروع: ج ٥ كتاب المعيشة، باب الرجل يكتري الدابة فيجاوز بها الحد، ص ٢٩٠ الحديث ٥.

(٢) الفروع: ج ٥ كتاب المعيشة، باب الرجل يكتري الدابة فيجاوز بها الحد، ص ٢٩٠ الحديث ٤.

(٣) المائدة: ١.

(٤) السرائر: كتاب الاجارات ص ٢٧٢ س ٣٠ قال: والاولى عندي أن العقد صحيح والشرط باطل الخ.

(٥) و(٦) المختلف: في الاجارة، ص ٥ س ١٠ قال: وقال ابن الجنيد: ولو استاجر على أن يبلغ به الخ ثم قال بعد تزييف قول ابن ادريس وحينئذ يجب أجرة المثل.

٢٣

[(٤) وأن تكون المنفعة مقدرة بنفسها، كخياطة الثوب المعين، أو بالمدة المعينة كسكنى الدار وتملك المنفعة بالعقد.واذا مضت مدة يمكن استيفاء المنفعة والعين في يد المستأجر، استقرت الاجرة ولو لم ينتفع.واذا عين جهة الانتفاع لم يتعدها المستاجر، ويضمن مع التعدي.ولو]

فالحاصل: أن هنا أربعة أقوال: (أ) صحة هذا الشرط والعمل بموجبه مالم يحط بالاجرة، فيجب اجرة المثل، قاله الشيخ في النهاية واختاره(١) وافتى به العلامة في المعتمد(٢) .

(ب) صحة هذا الشرط والعمل بموجبه مالم يحط بالاجرة، فيجب القضاء بالصلح، قاله ابوعلي(٣) .

(ج) بطلان هذا الشرط وصحة العقد، فيجب الاجرة بكمالها، قاله ابن ادريس(٤) .

(د) بطلانهما معا، فيجب اجرة المثل سواء أو صله في المعين أو غيره، وسواء أحاطت بالاجرة أو لا اختاره العلامة(٥) وفخر المحققين(٦) لعدم اليقين والجزم في العقد.

وهو مشكل لانه اجتهاد في مقابلة النص.

قال طاب ثراه: واذا مضت مدة يمكن استيفاء المنفعة والعين في يد المستاجر استقرت الاجرة وان لم ينتفع.

____________________

(١) النهاية: باب الاجارات، ص ٤٤٨ س ١٥ قال: ومن اكترى من غيره دابة على أن تحمل له متاعا إلى ان قال: ولزمه أجرة المثل.

(٢)(٣) و(٤) تقدما آنفا.

(٥) و(٦) لم اعثر على هذا الفتوى منهقدس‌سره ولاحظ ايضاح الفوائد في شرح القواعد: في المطلب الثاني في العوض ج ٢ ص ٢٤٨ س ٢ قال: ولو استاجر لحمل متاع إلى مكان في وقت معلوم الخ وارتضاه فخر المحققين ولم يعلق عليه شيئا.

٢٤

[تلفت العين قبل القبض أو امتنع الموجر من التسليم مدة الاجارة بطلت الاجارة.ولو منعه الظالم بعد القبض لم تبطل وكان الدرك على الظالم.ولو انهدم المسكن تخير المستأجر في الفسخ وله إلزام المالك باصلاحه.ولا يسقط مال الاجارة لو كان الهدم بفعل المستأجر.

(٥) وان تكون المنفعة مباحة، فلو آجره ليحمل الخمر، وليعلمه الغناء لم تنعقد. ولا تصح اجارة الآبق.

ولا يضمن صاحب الحمام الثياب الا أن يودع فيفرط. ولو تنازعا في الاستئجار فالقول قول المنكر مع يمينه. ولو اختلفا في رد العين فالقول قول المالك مع يمينه، وكذا لو كان في قدر الشئ المستأجر، ولو اختلفا في قدر الاجرة فالقول قول المستاجر مع يمينه، وكذا لو ادعى عليه التفريط.

وتثبت أجرة المثل في كل موضع تبطل فيه الاجارة.

ولو تعدى بالدابة المسافة المشترطة ضمن]، أقول: هذا الكلام مجمل ويفتقر إلى تفصيل واشار اليه المصنف في الشرائع ولم يبينه(١) وقد سمعنا فيه مذاكرة أقوالا غير محصلة لانطول بايرادها الكتاب، لخلوها عن الفائدة، وأجود ماقيل فيه ماحكاه شيخنا قدس الله روحه ورضي عنه.

قال: أنسب ماسمعت في هذا المعنى مارأيته مكتوبا على نسخة قرئت على المصنف، وصورته: أي إن كانت المنفعة معينة بالزمان لزمته الاجرة المعينة، وإن لم يكن معينة يلزم في المدة الماضية اجرة المثل، ولا يسقط المنفعة المقدرة وتلزم الاجرة.

____________________

(١) الشرائع: كتاب الاجارة، في شرائط الاجارة الرابع، قال: واذا سلم العين المستاجرة ومضت مدة إلى أن قال: وفيه تفصيل.

٢٥

[ولزمه في الزائد اجرة المثل. وان اختلفا في قيمة الدابة أو أرش نقصها فالقول قول الغارم، وفي رواية القول قول المالك. ويستحب أن يقاطع من يستعمله على الاجرة، ويجب إيفاؤه عند فراغه، ولايعمل أجير الخاص لغير المستأجر].

قال طاب ثراه: ولو اختلفا في قيمة الدابة، أو أرض نقصها فالقول قول الغارم، وفي رواية قول المالك.

أقول: مختار المصنف هو مذهب ابن ادريس(١) واختاره العلامة، وقال الشيخ في النهاية: القول قول المالك في الدابة، وفي غيرها القول قول الغارم(٢) عملا برواية أبي ولاد(٣) .

____________________

(١) السرائر: في الاجارات، ص ٢٧١ س ٢٣ قال: ومتى هلكت الدابة إلى أن قال: فان لم يكن له بينة كان القول قول الغارم.

(٢) المختلف: كتاب الاجارة ص ٤ س ١٩ قال بعد نقل قول ابن ادريس: وهو جيد.

(٣) النهاية: باب الاجارات ص ٤٤٦ س ٤ قال: ومتى هلكت الدابة إلى أن قال فان اختلفا في الثمن كان على صاحبها البينة فان لم تكن له بينة كان القول قوله مع يمينه إلى أن قال: والحكم فيما سوى الدابة فيما يقع الحلف فيه الخ.

(٤) الفروع: ج ٥ كتاب المعيشة، باب الرجل يكتري الدابة فيجاوز بها الحد ص ٢٩٠ الحديث ٦.

٢٦

٢٧

٢٨

قد فرغت من كتابته وتصحيحه وتحشيته صبيحة يوم السبت في الخامس من شهر صفر المظفر من شهور سنة ١٠٤٩ ه‍. ق والحمد لله كلما حمده حامد والصلاة والسلام على نبيه المصطفى وآله أولي الدراية والنهى بعدد أنفاس الخلائق.

كتاب الوكالة.. (الفصل الاول)

الوكالة، عبارة عن الايجاب والقبول الدالين على الاستنابة

مقدمة

الوكالة بكسر الواو وفتحها، وهي استنابة في التصرف. والاصل فيها الكتاب والسنة والاجماع.

أما الكتاب: فعموم قوله تعالى (أوفوا بالعقود)(١) وقوله تعالى (فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه)(٢) أي أعطوه دراهمكم واقيموه في الشراء مقامكم، وقوله تعالى (فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداء‌نا)(٣) والعرب تسمى الوكيل والخادم فتى، والمخاطب في الآية هو يوشععليه‌السلام ، وليس خادما، فيكون وكيلا.

فدلت الآيتان ونظائرهما على مشروعية الاستنابة في التصرف وهو معنى الوكالة.

____________________

(١) المائدة: ١.

(٢) الكهف: ١٩.

(٣) الكهف: ٦٢.

٢٩

وأما السنة: فروى جابر بن عبدالله أنه قال: أردت الخروج إلى خيبر فأتيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلمت عليه وقلت له: إنى أريد الخروج إلى خيبر، فقال: إذا أتيت وكيلى فخذ منه خمسة عشر وسقا، فإن إبتغى منك آية فضع يدك على ترقوته، فأثبتعليه‌السلام لنفسه وكيلا(١) وفيه دلالة على جواز تسليم العين إلى غير المالك بالعلامة وإخبار الشقة.

وروي أنهعليه‌السلام وكل عمرو بن أمية الضمري في قبول نكاح ام حبيبة وكانت بالحبشة(٢) ووكل أبا رافع في قبول نكاح ميمونة بنت الحرث الهلالية خالة عبدالله بن العباس(٣) ووكل عروة بن الجعد البارقي في شراء شاة الاضحية(٤) ووكل السعاة في قبض الصدقات(٥) وروي أن علياعليه‌السلام وكل أخاه عقيلا في مجلس أبي بكر أو عمر فقال: هذا أخي، فما قضي عليه فعلي، وماقضي له فلي(٦) ووكل عبدالله بن جعفر في مجلس عثمان(٧) .

وأما الاجماع، فمن عامة المسلمين.

____________________

(١) السنن الكبرى للبيهقى: ج ٦ ص ٨٠ كتاب الوكالة، باب التوكيل في المال وطلب الحقوق. وسنن الدارقطنى ج ٤ ص ١٥٤ باب الوكالة، الحديث ١.

(٢) السنن الكبرى للبيهقي: ج ٧ ص ١٣٩ كتاب النكاح، باب الوكالة في النكاح.

(٣) التذكرة: ج ٢ في الوكالة ص ١١٣ س ٣٥ قال: ووكل ابا رافع في نكاح ميمونة، ولم أعثر فيما بأيدينا من كتب الحديث والرجال من العامة والخاصة على غيره.

(٤) و(٥) عوالى اللئالى: ج ٣، باب الوكالة ص ٢٥٧ الحديث ٤ و ٥ ولاحظ ماعلق عليه.

(٦) السنن الكبرى للبيهقي: ج ٦ ص ٨١ كتاب الوكالة، باب التوكيل في الخصومات مع الحضور والغيبة، ولفظ الحديث (كان علي بن ابيطالبعليه‌السلام يكره الخصومة، فكان اذا كانت له خصومة وكل فيها عقيل بن ابي طالب).

(٧) السنن الكبرى للبيهقي: ج ٦ ص ٨١ كتاب الوكالة، باب التوكيل في الخصومات مع الحضور والغيبة، ولفظ الحديث (عن رجل من اهل المدينة يقال له جهم عن عليرضي‌الله‌عنه انه وكل عبدالله بن جعفر بالخصومة فقال: ان للخصومة أهلا)].

٣٠

[في التصرف، ولا حكم لوكالة المتبرع. ومن شرطها أن تقع منجزة، فلا يصح معلقة على شرط ولاصفة. ويجوز تنجيزها وتأخير التصرف إلى مدة وليست لازمة لاحدهما. ولا ينعزل ما لم يعلم العزل وإن أشهد بالعزل على الاصح، وتصرفه قبل العلم ماض].

قال طاب ثراه: ولا حكم لوكالة المتبرع.

أقول: هذه المسألة من خواص هذا الكتاب، واختلف في تفسيرها على قولين: (أ) ان تبرع إنسان فيوكل آخر عن زيد مثلا، وتقبل الوكيل هذه الوكالة، فيكون الوكالة هنا بمعنى التوكيل، أى لا حكم لتوكيل المتبرع، بل يقع باطلا.

أو يكون معناه: أن الوكيل تبرع بقبولها فضوليا، لعلمه بصدورها عن غير مالك، فهو متبرع.

(ب) وبيانه موقوف على مقدمة.

وتقريرها ان الوكالة الصحيحة لها حكمان:

(أ) امضاء التصرفات الصادرة من الوكيل على الموكل.

(ب) استحقاق الوكيل عند فعل ماوكل فيه أحد الامرين، إما الاجارة أو الجعل، فالمتبرع بقبول الوكالة من غير اشتراط أحد الامرين لايستحق أحدهما، فقوله: لا حكم لوكالة المتبرع، يريد به الحكم الثاني الذي هو الاستحقاق، لا الاول.

ولا نعنى بقولنا: من غير اشتراط أحد الامرين، أن لا يشترط العوض لفظا، بل اعم من اللفظ والنية اذا كان العمل مما له اجرة بالعادة، فإنه مع وقوعه بأمر المالك يستحق عليه اجرة المثل وان لم يشارطه، بل التقدير انه فعله بنية التبرع، أو كان الفعل مما لا يستأجر له بمجرى العادة كبرية القلم، فاذا لم يذكر العوض لفظا لم يمكن له أجر وان نواه لتبرعه بقبولها، والتعبير الاول أوجه.

قال طاب ثراه: ولاينعزل مالم يعلم العزل وان أشهد على الاصح.

٣١

[على الموكل. وتبطل بالموت والجنون والاغماء وتلف مايتعلق به. ولو باع الوكيل بثمن فأنكر الموكل الاذن بذلك القدر، فالقول قول الموكل مع يمينه، ثم تستعاد العين ان كانت موجودة ومثلها ان كانت مفقودة، أو قيمتها إن لم يكن لها مثل، وكذا لو تعذر استعادتها].

أقول: للاصحاب هنا ثلاثة أقوال:

(أ) عدم إنعزاله إلا مع العلم، وفعله ماض على الموكل قبل العلم وان تأخر عن العزل والاشهاد وهو قول ابي علي(١) وقواه في الخلاف(٢) واختاره المصنف(٣) والعلامة في الارشاد(٤) وفخر المحققين(٥) .

(ب) إنعزاله بالعزل وإن لم تشهد وهو مذهب العلامة(٦) قال الشيخ في الخلاف: اذا عزل الموكل وكيله عن الوكالة في غيبة الوكيل، لاصحابنا فيه روايتان: إحداهما انه ينعزل في الحال وان لم يعلم الوكيل، وكل تصرف تتصرف فيه الوكيل يكون باطلا(٧) قال العلامة: ولم نظفر بهذه الرواية(٨) .

____________________

(١) المختلف: في الوكالة، ص ١٥٨ س ٣٦ قال: فقال ابن الجنيد: لا يصح عزل الموكل لوكيله الا ان يعلمه بالعزل الخ.

(٢) الخلاف: كتاب الوكالة، مسألة ٣ قال: والثانية انه لاينعزل حتى يعلم الوكيل ذلك الخ.

(٣) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٤) الارشاد: المقصد السابع في الوكالة، المطلب الثاني في الاحكام قال: فلو عزله انعزل إن علم بالعزل، والا فلا (مخطوط).

(٥) الايضاح: ج ٢، في الفسخ ص ٣٥٣ س ٢٤ قال: والوجه عندي الاول، أي قول ابن الجنيد.

(٦) المختلف: في الوكالة، ص ١٥٩ س ٢٢ قال: وقول الشيخ في النهاية لا بأس به لانه توسط بين الاقوال.

(٧) الخلاف: كتاب الوكالة، مسألة ٣ قال: اذا عزل الموكل وكيله عن الوكالة في غيبة من الوكيل فلاصحابنا فيه روايتان، إحداهما انه ينعزل في الحال الخ.

(٨) المختلف: في الوكالة، ص ١٥٩ س ١٧ قال: ولم نظفر بالرواية الاخرى التي نقلها الشيخ في الخلاف

٣٢

(ج) قال في النهاية: فليشهد على عزله علانية بمحضر من الوكيل، أو يعلمه بذلك، كما أشهد على وكالته وكل أمر ينفذه بعد ذلك كان ماضيا على موكله إلى أن يعلم بعزله(١) ، وبه قال التقي(٢) والقاضي(٣) وابن حمزة(٤) وابن ادريس(٥) .

احتج الاولون بأمور:

(أ) النهى لا يتعلق به حكم في حق المنهي عنه إلا بعد علمه، وكذا نواهي الشرع كلها، ولهذا لما بلغ أهل قبا أن القبلة حولت إلى الكعبة، داروا وبنوا على صلاتهم ولم يؤمروا بالاعادة، وكذلك نهي الموكل وكيله عن التصرف ينبغي أن لا يتعلق به حكم في حق الوكيل الا بعد العلم، وهذا الدليل ذكره في الخلاف(٦) .

(ب) رواية هشام بن سالم عن الصادقعليه‌السلام (٧) وفي معناها رواية معاوية بن وهب عن الصادقعليه‌السلام : أن من وكل رجلا على إمضاء أمر من الامور فالوكالة ثابتة أبدا حتى يعلم بالخروج منها كما أعلمه بالدخول فيها(٨) ومثلها

____________________

(١) النهاية: باب الوكالات، ص ٣١٨ س ١٢ قال: وان عزله ولم يشهد على عزله إلى أن قال: كان ماضيا على موكله إلى أن يعلم بعزله.

(٢) الكافي: فصل في الوكالة ص ٣٣٨ س ٩ قال: وكان مايفعله الوكيل ماضيا حتى يعلم العزل.

(٣) المختلف: في الوكالة، ص ١٥٩، س ٢ قال بعد نقل قول الشيخ في النهاية: وبهذا القول قال ابوالصلاح وابن البراج.

(٤) الوسيلة: فصل في بيان الوكالة ص ٢٨٣ س ٥ قال: واذا عزله لم ينعزل الا بالاعلام الخ.

(٥) السرائر: باب الوكالة، ص ١٧٦ س ١٩ قال: وإن عزله ولم يشهد إلى أن قال: وكل أمر ينفذه بعد ذلك كان ماضيا الخ.

(٦) الخلاف: كتاب الوكالة، مسألة ٣ قال: ان النهي لايتعلق به حكم في حق المنهي الابعد حصول العلم به الخ.

(٧) الفقيه: ج ٣(٣٧) باب الوكالة، ص ٤٩ الحديث ٥.

(٨) الفقيه: ج ٣(٣٧) باب الوكالة، ص ٤٧ الحديث ١.

٣٣

رواية العلاء بن سيابة عنهعليه‌السلام ان علياعليه‌السلام قضى بذلك(١) قال العلامة في المختلف: فاذن الظاهر عدم عزل الوكيل إلا أن يعلم لهذه الروايات(٢)

(ج) لو انعزل قبل علمه كان فيه ضرر، لانه قد يتصرف بتصرفات يتطرق الضرر ببطلانها كما لو باع الجارية فيطأها المشتري، والطعام فيأكله أو غير ذلك، فيتصرف فيه المشتري فيجب ضمانه، فيتضرر المشتري والوكيل، وهذا الوجه الثالث ذكره العلامة في المختلف(٣) ثم قال بعد هذا الكلام بلا فصل: والقول الآخر ليس بردي، لان الوكالة من العقود الجائزة فللموكل الفسخ وان لم يعلم الوكيل، والا كانت لازمة حينئذ، هذا خلف، لان العزل رفع عقد لايفتقر إلى رضا صاحبه، فلا يفتقر إلى علمه، كالطلاق والعتق(٤) .

وفي هذا الكلام نظر، لانا نجيب عن الاول: سلمنا أن الوكالة جائزة، قوله (فللموكل الفسخ) قلنا: جواز الفسخ مسلم، لكن ترتب أثر الفسخ عليه شرطه العلم، ولم يحصل، والمشروط عدم عند عدم شرطه، قوله (والا كانت لازمة) قلنا: قد تعرض اللزوم للجائز كالجعالة بعد شروع العامل في العلم، فانها تكون لازمة للجاعل إلا مع بذل مقابل ما عمل مع اعلامه، وأمثاله في الاحكام الشرعية كثير كحضور المسافر في مسجد الجمعة، وشروع الانسان في الحج المندوب، وعن الثاني، قوله (العزل رفع عقد لا يفتقر إلى رضا صاحبه فلا يفتقر إلى علمه كالطلاق والعتق) قلنا: تمنع المساواة، فان العتق فك ملك وليس متعلقا بغير العاقد وليس كذلك العزل في الوكالة لتعلقه بثالث، ثم قال: وقول الشيخ في النهاية لابأس به، لانه

____________________

(١) الفقيه: ج ٣(٣٧) باب الوكالة، ص ٤٨ الحديث ٣ والحديث طويل.

(٢) و(٣) المختلف: في الوكالة ص ١٥٩ س ١٨ قال فاذن الظاهر عدم عزل الوكيل لهذه الروايات ثم قال: ولانه لو انعزل قبل علمه الخ.

(٤) المختلف: في الوكالة ص ١٥٩ س ٢٠ قال: والقول الآخر ليس بردي الخ.

٣٤

الفصل الثاني ماتصح فيه الوكالة

وهو كل فعل لايتعلق غرض الشارع فيه بمباشر معين كالبيع والنكاح، وتصح الوكالة في الطلاق للغائب والحاضر على الاصح. ويقتصر الوكيل على ماعينه الموكل، ولو عمم الوكالة صح الا مايقتضيه الاقرار.

الفصل الثالث؛ الموكل

ويشترط كونه مكلفا جائز التصرف. ولا يوكل العبد إلا باذن مولاه، ولا الوكيل الا أن يؤذن له. وللحاكم أن يوكل عن السفهاء والبله. ويكره لذوي المروات أن يتولوا المنازعة بنفوسهم.

توسط بين الاقوال(١) وهذا يدل على تردده. ورجح في القواعد العزل(٢) وجزم به في كتاب فتواه(٣) .

قال طاب ثراه: ويصح الوكالة في الطلاق للغائب والحاضر على الاصح: أقول: منع الشيخ في النهاية من توكيل الحاضر في الطلاق(٤) وبه قال التقي(٥) والقاضي(٦) واختاره ابن ادريس(٧) والمصنف(٨) والعلامة(٩) لوجوه:

____________________

(١) المختلف: في الوكالة ص ١٥٩ س ٢٢ قال: وقول الشيخ في النهاية لا بأس به الخ.

(٢) القواعد: في الوكالة، المطلب الخامس في الفسخ، ص ٢٥٨ س ١٧ قال: وتبطل بعزل الوكيل نفسه، وبعزل الموكل له سواء أعلمه العزل أولا على رأي.

(٣)(٤) النهاية: باب الوكالات ص ٣١٩ س ٩ قال: وان كان شاهدا لم يجز طلاق الوكيل.

(٥) الكافي: في الوكالة ص ٣٣٧ س ٧ قال: والوكالة في الطلاق جائزة كالنكاح بشرط غيبة أحد الزوجين الخ.

(٦) المختلف: في الوكالة، ص ١٥٧ س ٣١ قال بعد نقل قول الشيخ في النهاية: وتبعه ابن البراج.

(٧) السرائر: باب الوكالة ص ١٧٤ س ٢٥ قال: والطلاق يصح التوكيل فيه سواء كان الموكل حاضرا أو غائبا بغير خلاف الخ. ونقله أيضا في ص ١٧٧ س ١٠ فلاحظ.

(٨) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٩) المختلف: في الوكالة ص ١٥٧ س ٣٢ قال بعد نقل قول ابن ادريس: وهو الاقوى.

٣٥

الفصل الرابع؛ الوكيل

ويشترط فيه كمال العقل. ويجوز أن تلى المرأة عقد النكاح لنفسها ولغيرها. والمسلم يتوكل للمسلم على المسلم، والذمي، وللذمي على الذمي. وفي وكالته له على المسلم تردد. والذمي يتوكل على

(أ) الاصل الصحة.

(ب) انه فعل يقبل النيابة، فيصح دخولها فيه، أما الاولى فلجوازه في الغائب، وأما الثانية فكغيره من الافعال، لعدم المانع الخاص بصورة النزاع الواجب لخروجها من القاعدة.

(ج) قال ابن ادريس: لاخلاف أن حال الشقاق وبعث الحكمين: أن الرجل إذا وكل الحكم الذى هو من أهله في الطلاق، فطلق مضى طلاقه وجاز وان كان الموكل حاضرا في البلد(١) .

احتج الشيخ برواية سماعة عن الصادقعليه‌السلام قال: لا يجوز الوكالة في الطلاق فحمل على مااذا كان الموكل حاضرا في البلد، والاخبار التي وردت لجواز التوكيل تحمل على الغيبة(٢) .

والجواب ان الرواية ضعيفة السند(٣) مع قصورها عن إفادة المطلوب، لانها تدل على المنع مطلقا، فما دل عليه لا يقول به، وما ذهب اليه لاتدل الرواية عليه.

قال طاب ثراه: والمسلم يتوكل للمسلم على المسلم، والذمي، وللذمي على الذمي، وفي وكالته له على المسلم تردد.

____________________

(١) السرائر: باب الوكالة ص ١٧٧ س ٢١ قال: فلا خلاف بيننا معشر الاماميه ان حال الشقاق الخ.

(٢) الاستبصار: ج ٣(١٦٦) باب الوكالة في الطلاق ص ٢٧٩ الحديث ٦ ثم قال بعد نقل الخبر: هذا الخبر محمول على انه اذا كان الرجل حاضرا الخ.

(٣) سند الحديث كما في الاستبصار (محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الحسن بن على، وحميد بن زياد عن ابن سماعة عن جعفر بن سماعة جميعا عن حماد بن عثمان عن زرارة)

٣٦

الذمي للمسلم والذمي، ولايتوكل على مسلم. والوكيل أمين لا يضمن الا مع تعد أو تفريط.

الفصل الخامس في الاحكام

وهي مسائل: الاولى: لو أمره بالبيع حالا فباع مؤجلا ولو بزيادة، لم تصح ووقف على الاجازة.

وكذا لو أمره ببيعه مؤجلا بثمن فباع باقل حالا، ولو باع بمثله أو اكثر صح إلا أن يتعلق بالاجل غرض، ولو أمره بالبيع في موضع فباع في غيره بذلك الثمن صح.

ولا كذا لو أمره ببيعه من انسان فباع من غيره فإنه يقف على الاجازة ولو باع بأزيد.

اقول: البحث هنا منحصر في ثمان مسائل، لان الوكيل لايخلو اما أن يكون مسلما أو كافرا، فإن كان مسلما فمسائله أربع:

(أ) أن يتوكل لمسلم على مسلم.

(ب) أن يتوكل لمسلم على ذمي.

(ج) أن يتوكل لذمي على ذمي. وهذه الثلاثة اجماعى لانزاع فيها.

(د) أن يوكل لذمي على مسلم.

وهذه المسألة هي محل الخلاف، واليها أشار بقوله: وفي وكالته، أي وكالة المسلم، له، أي للذمي على المسلم تردد، فظاهر الشيخ في النهاية والخلاف(١) (٢) المنع، وبه قال المفيد(٣) .

____________________

(١) النهاية: باب الوكالات ص ٣١٧ س ١٧ قال: ولايتوكل للذمي على المسلم الخ.

(٢) الخلاف: كتاب الوكالة، مسألة ١٥ قال: يكره أن يتوكل مسلم لكافر على مسلم إلى أن قال: لانه لادليل على جوازه.

(٣) المقنعة: باب الضمانات والكفالات والحوالات والوكالات، ص ١٣٠ س ٣٢ قال: وللمسلم ان يتوكل للمسلمين على أهل الاسلام وأهل الذمة الخ.

٣٧

[الثانية: اذا اختلفا في الوكالة، فالقول قول المنكر مع يمينه. ولو اختلفا في العزل، أو في الاعلام، أو في التفريط، فالقول قول الوكيل. وكذا لو اختلفا في التلف ولو اختلفا في الرد فقولان: أحدهما: القول قول الموكل مع يمينه، والثاني: القول قول الوكيل ما لم يكن بجعل، وهو أشبه].

وتلميذه سلار(١) والتقي(٢) وذهب في المبسوط إلى الكراهة(٣) وبه قال ابن ادريس(٤) واختاره المصنف(٥) والعلامة(٦) للاصل الدال على الجواز السالم عن معارضة اثبات السبيل للكافر على المسلم، فيثبت الجواز.

ولان للذمي اهلية المطالبة بالحقوق واستيفائها من المسلمين فلئن يتولى ذلك المسلم من المسلم أولى.

وان كان ذميا فمسائله أربع:

(أ) أن يتوكل لمسلم على ذمي.

(ب) أن يتوكل لذمي على ذمي، ولاشك في جواز هذين القسمين.

(ج) أن يتوكل لذمي على مسلم، ولا شك في بطلان هذا القسم.

(د) أن يتوكل لمسلم على مسلم، ومنع منه اصحابنا لاستلزام السبيل.

قال طاب ثراه: ولو اختلفا في الرد فقولان: أحدهما القول قول الموكل مع يمينه، والثاني قول الوكيل مالم يكن يجعل وهو أشبه.

أقول: في المسألة قولان:

____________________

(١) المراسم: ذكر أحكام الضمانات وكفالات والحوالات والوكالات، ص ٢٠١ س ١١ قال: فاما الذمي فلا يتوكل لاهل الذمة على أهل الاسلام.

(٢) الكافي: فصل في الوكالة وأحكامها ص ٣٣٨ س ٢ قال: ولايتوكل لكافر على مسلم.

(٣) المبسوط: ج ٢، كتاب الوكالة ص ٣٩٢ س ١٧ قال: يكره أن يتوكل المسلم الكافر على مسلم الخ.

(٤) السرائر: باب الوكالة ص ١٧٦ س ٧ قال: ويكره ان يتوكل للذمى على المسلم.

(٥) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٦) المختلف: في الوكالة، ص ١٥٨ س ٢٧ قال: والاقرب الجواز على كراهية.

٣٨

(أ) القول قول المالك في عدم الرد، لانه الاصل ولقولهعليه‌السلام على اليد ماأخذت حتى تؤدي(١) سواء كان بجعل أولا، وهو قول ابن ادريس(٢) وهو مذهب المصنف في الشرائع(٣) .

(ب) القول قول المالك ان كان بجعل، وان لم يكن بجعل فالقول قول الوكيل لانه أمين قبض المال لمنفعة غيره دون منفعته كالمودع وهو قول الشيخ في المبسوط(٤) وبه قال القاضي(٥) والمصنف في النافع(٦) .

تنبيه: اقسام الأُمَناء

الامناء على ثلاثة أقسام:

(أ) من يقبل قوله في الرد إجماعا، وضابطه من قبض العين لنفع المالك، وهو محسن محض، فيقبل قوله في ردها حذرا من مقابلة الاحسان بالاسائة، كالمستودع، واستشكله العلامة من حيث أن الاصل عدم الرد(٧) وجزم به في كتاب فتواه

____________________

(١) عوالى اللئالى: ج ١ ص ٢٢٤ الحديث ١٠٦ وص ٣٨٩ الحديث ٢٢ وج ٢ ص ٣٤٥ الحديث ١٠ وج ٣ ص ٢٤٦ الحديث ٢ وص ٢٥١ الحديث ٣ ولاحظ ماعلق عليه.

(٢) السرائر: باب الوكالة ص ١٧٥ س ١ قال: فالذين لاضمان عليهم فهم الوكيل إلى أن قال: والذي يقتضيه أصولنا أن المستام لاضمان عليه الخ.

(٣) الشرائع: في التنازع، الثانية: اذا اختلفا في دفع المال إلى الموكل إلى أن قال: وقيل: القول قول المالك وهو أشبه.

(٤) المبسوط: ج ٢ كتاب الوكالة ص ٣٧٢ س ١٢ قال: فان اختلفا في الرد إلى ان قال: فان كان وكيلا بغير جعل قبل قوله الخ.

(٥) المختلف: في الوكالة ص ١٦٠ س ٢٦ قال بعد نقل قول المبسوط: وكذا قال ابن البراج.

(٦) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٧) المختلف: في الوكالة ص ١٦٠ س ٢٨ قال: وفي الودعي إشكال.

٣٩

[الثالثة: اذا زوجه مدعيا وكالته، فانكر الموكل، فالقول قول المنكر مع يمينه، وعلى الوكيل مهرها، وروي نصف مهرها لانه ضيع حقها، وعلى الزوج ان يطلقها إن كان وكل].

بموافقة الاصحاب(١) .

(ب) مقابله، وضابطه من قبض العين لنفعه ومصلحته كالمستعير والمسترهن والمستأجر.

(ج) من قبض العين ونفعها مشترك بين المالك والقابض كالمضارب والوكيل بجعل، فمن غلب جانب النفع اعتبر قول المالك، ومن غلب جانب الامانة إعتبر قول العامل.

قال طاب ثراه: إذا زوجه مدعيا وكالته، فأنكر الموكل، فالقول قول المنكر مع يمينه، وعلى الوكيل مهرها، وروي نصف مهرها، لانه ضيع حقها، وعلى الزوج أن يطلقها إن كان وكل.

أقول: في المسألة ثلاثة أقوال: الاول: وجوب المهر كملا على الوكيل، بوجوه ثلاثة: (أ) انه ضيع حقها بترك الاشهاد على الوكالة، فعليه ضمانها.

(ب) إن المهر يجب كله بالعقد، وانما ينتصف بالطلاق، ولم يحصل.

(ج) إنه العار لها بالعقد عليها ومنع الازواج منها، وهو مذهب الشيخ في النهاية(٢) وتبعه القاضي(٣) واختاره العلامة في كتاب فتواه(٤) .

____________________

(١و ٢) النهاية: باب الوكالات ص ٣١٩ س ٣ قال: وان عقد له على التى أمره إلى أن قال: لزم الوكيل ايضا مهر المرأة الخ.

(٣) المختلف: في الوكالة ص ١٥٩ س ٢٥ قال بعدنقل قول النهاية: وبه قال ابن البراج.

(٤)

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584