فرائد السمطين الجزء ٢

فرائد السمطين0%

فرائد السمطين مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 369

فرائد السمطين

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: إبراهيم بن محمد بن المؤيد الجويني الخراساني
تصنيف: الصفحات: 369
المشاهدات: 94518
تحميل: 9014


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 369 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 94518 / تحميل: 9014
الحجم الحجم الحجم
فرائد السمطين

فرائد السمطين الجزء 2

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الحسين بن إبراهيم بن [أحمد] بن هشام [المكتب، قال: أنبأنا عليّ بن إبراهيم ابن هاشم] عن أبيه، قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن يحيي الفارسي(١) قال:

نظر أبو نواس إلى أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) ذات يوم وقد خرج من عند الخليفة على بغلةٍ له، فدنا منه أبو نواس وسلّم عليه، وقال: يا ابن رسول الله قد قلتُ فيكَ أبياتاً فأُحبّ أن تسمعها منّي. قال:هات. فأنشأ [أبو نواس] يقول:

مطهّرون نقيّاتٌ ثيابهمُ = تجري الصلاةُ عليهم أينما ذُكروا

مَن لم يكن عَلَويّاً حين تنسبه = فما لهُ في قديمِ الدهرِ مفتخرُ

والله لمّا بدا خلقاً فأتقنه = صفاكمُ واصطفاكم أيّها البشرُ

وأنتمُ الملأ الأعلى وعندكمُ = علم الكتاب وما جاءت به السورُ

فقال الرضا [عليه السلام]:(قد جئت بأبيات ما سبقك إليها أحد ، ثمّ قال:يا غلام هل معك من نفقتنا شيء؟ فقال: ثلاثمئة دينار. فقال:أعطها إيّاه . ثمّ قال (عليه السلام):لعلّه استقلّها؟ يا غلام سق إليه البغلة) .

____________________

(١) كذا في نسخة طهران، ومثله في كتاب عيون الأخبار، وفي نسخة السيد علي نقي: (محمد بن علي الفاريي)؟

٢٠١

[أبيات أُخر لأبي نواس في مدح الإمام الرضا (عليه السلام)، وكلام الحاكم في أنّ الإمام الرضا من ذرّية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وإجماع فقهاء الحجاز عليه، وأنّ مَن خالف هذا القول فقد خالف الكتاب والسنّة، وعاند الحق].

٤٨١ - [وبالسند المتقدّم] قال [الحاكم النيسابوري في تاريخ مدينة نيسابور](١) وحدثنا أبو نصر محمد بن الحسن بن إبراهيم الكرخي الكاتب، قال: حدثني أبو الحسن(٢) محمد بن سفيان الغسّاني، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي قال: سمعت أبا العبّاس محمد بن يزيد المبرّد، يقول:

خرج أبو نواس ذات يوم من داره فبصر براكب قد حاذاه(٣) فسأل عنه ولم ير وجهه، فقيل: إنّه عليّ بن موسى الرضا، فأنشأ يقول:

إذا أبصرتك العينُ من بعد غايةٍ = وعارض فيكَ الشكُّ أثبتكَ القلبُ

ولو أنّ قوماً أمّموك لقادهم = نسيمُك حتى يستدلَ به الركبُ

قال الحاكم - أيّد [ه] الله -: [و] من أجل فضيلة لنسب علي بن موسى الرضا أنّه من ذرّيّة خير البشر محمد المصطفى (صلّى الله عليه وسلّم).

وهذا مذهب أهل السنّة والجماعة، وإجماع فقهاء الحجاز عليه، ومَن خالف هذا القول فقد خالف الكتاب والسنّة، وعاند الحقّ، وأظهر التعصّب على سيّدي شباب أهل الجنّة وذرّيتهما إلى أن تقوم الساعة.

____________________

(١) ورواه أيضاً الشيخ الصدوق تحت الرقم: (١١) من الباب: (٤٠) من كتاب عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج٢ ص١٤٣.

(٢) كذا في نسخة السيد علي نقي، ومثلها في كتاب عيون أخبار الرضا (عليه السلام)، غير أنّ فيه: (أبو الحسن محمد بن صقر الغسّاني...).

وفي نسخة طهران من فرائد السمطين الجزء الثاني: (أبو الحسين...).

(٣) كذا في كتاب عيون الأخبار، وهو الظاهر، وفي أصليّ من فرائد السمطين الجزء الثاني: (من دار قيصر فإذا براكب...).

٢٠٢

[استدلال يحيى بن يعمر (رحمه الله) بالقرآن الكريم - ردّاً على الحجّاج ومَن يتّبع خطواته من النواصب - على أنّ الحسن والحسين (عليهما السلام) من أبناء رسول الله وذرّيته، وإفحامه الحجّاج ثمّ تصديقه ليحيى، ثمّ نفيه من العراق إلى خراسان].

٤٨٢ - ٤٨٣ - [قال الحاكم:] فأمّا الدليل على ما ذكرناه من الكتاب: فأخبرناه أبو إسحاق أحمد بن محمد بن علي الهاشمي بالكوفة، قال: حدثنا أحمد ابن موسى بن إسحاق التميمي، قال: حدثنا محمد بن عبيد النحّاس، قال: حدثنا صالح بن موسى الطلحي، قال: حدثنا عاصم بن بهدلة، قال:

اجتمعوا يوماً عند الحجّاج؛ فذكر الحسين بن علي - عليهما السلام - فقال الحجّاج: إنّه لم يكن من ذرّية النبي (صلّى الله عليه وسلّم)!!! وعنده يحيى بن يعمر فقال له: كذبت أيّها الأمير. فقال [الحجّاج]: لتأتيني على ما قلت بمصداق من كتاب الله عزّ وجلّ أو لأقتلنّك. فقال [يحيى]: قال الله عزّ وجلّ [في الآية: ٨٤ - ٨٥ / من سورة الأنعام: ٦]:( وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ، وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ ) ( وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ [وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ] وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى ) ... فأخبر

____________________

(١) جميع ما وضعناه بين المعقوفات زيادات توضيحية وتكميلية لما أخلّ به الراوي في نقل الكلام والمحاجّة، وكان في الأصل هكذا: (فقال: قال الله عزّ وجلّ:( وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ ) - إلى قوله تعالى: -( وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى ) . فأخبر الله عزَّ...).

والحديث رواه أيضاً الشيخ الصدوق في الحديث: (٣) من المجلس: (٩٢) من أماليه ص٥٦٤، قال:

حدّثنا أبي قال: حدثنا محمد بن علي، قال: حدثنا عبد الله بن الحسن المؤدّب، عن أحمد بن علي الإصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن عليّ بن هلال الأحمسي، قال: حدثنا شريك، عن عبد الملك بن عمير، قال: بعث الحجّاج إلى يحيى بن يعمر فقال له...

٢٠٣

الله عزّ وجلّ: أنّ عيسى من ذرّية إبراهيم و [إنّما عدّه] من ذرّيّة إبراهيم(١) بأُمّه [مع الفصل الطويل بينهما] والحسين [أولى بأن، يُعدّ] من ذرّيّة محمد [صلّى الله عليه وآله وسلّم] بأُمّه [لأنّ أُمّه بنت رسول الله بلا فصل، وأمّا أُمّ عيسى فبينها وبين إبراهيم فواصل كثيرة].

قال [الحجّاج]: صدقت فما حملك على تكذيبي في مجلسي؟ قال: ما أخذ الله على [حاملي أمانات] الأنبياء لتبيّنّنه للناس ولا يكتمونه [وما ذمّهم على تركه حيث] قال الله عزّ وجلّ:( وَإِذَ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ) [١٨٧ / آل عمران: ٣]. قال: فنفاه إلى خراسان.

[قال الحاكم:] وحدثنا أبو أحمد الحافظ، قال: حدثنا محمد بن الحسين الخثعمي، قال: حدثنا محمد بن عبيد المحاربي، قال: حدثنا صالح بن موسى الطلحي، عن عاصم بن أبي النجود:

عن يحيى بن يعمر العامري، قال: أرسل إليّ الحجّاج فأتيته، فقال: يا يحيى أنت الذي تدّعي أنّ ولد علي من فاطمة ولد رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)؟ قلت: إن آمنتني تكلّمت؟ قال: أنت آمن، تكلّم. قلت: أقرأ به عليك كتاب الله عزّ وجلّ، إنّ الله تعالى يقول - وقوله الحقّ:( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ منَ الصَّالِحِينَ ) [٥٤ - ٥٥ / الأنعام: ٦]. ثمّ ذكره بنحوه(٣) .

____________________

(١) هذا هو الظاهر، وفي الأصل: (من ذرّية آدم).

(٢) الضمير في قوله تعالى: (له) راجع إلى إبراهيم المذكور قبل ذلك في قوله عزّ وجلّ:( وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ) .

(٣) ورواه أيضاً الخوارزمي على وجهين آخرين في الفصل: (٦) من مقتله: ج١، ص٨١.

وتقدّم أيضاً بسندٍ آخر عن صالح بن موسى... في الباب: (١٦) تحت الرقم: (٣٩٧) من هذا السمط ص٦٦ وفي طبعتنا هذه ص٧٤، وذكرنا له أيضاً في التعليق مصادر.

والحديث رواه أيضاً ابن كثير في تفسير الآية الكريمة من تفسيره: ج٢ ص١٥٥، ط بيروت، وبهامش فتح البيان: ج٤ ص٩٣ قال:

قال ابن أبي حاتم: حدثنا سهل بن يحيى العسكري، حدثنا عبد الرحمان بن صالح، حدثنا علي بن عابس، عن عبد الله بن عطاء المكّي، عن أبي حرب بن أبي الأسود، قال:

أرسل الحجّاج إلى يحيى بن يعمر، فقال: بلغني أنّك تزعم أنّ الحسن والحسين من ذرّية النبي (صلّى

=

٢٠٤

٤٨٤ - [قال الحاكم:] والدليل الآخر على أنّ الحسن والحسين وذرّيتهما هم ذرّية المصطفى (صلّى الله عليه وسلّم) من طريق الكتاب فهي أخبار كثيرة، فمنها ما(١) :

أخبرناه أبو الحسين علي بن عبد الرحمان بن عيسى الدهقان بالكوفة من أصل كتابه، قال: حدثنا الحسين بن الحكم الحبري(٢) قال: حدثنا الحسن بن الحسين العرني، قال: حدّثنا حبّان بن علي العنزي، قال: حدثنا الكلبي عن أبي صالح:

عن ابن عبّاس في قوله عزّ وجلّ:( تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) [٦١ / آل عمران: ٣] [قال]: نزلت في رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) وعليّ نفسه( ونساءنا ونساءكم ) في فاطمة( وأبناءنا وأبناءكم ) في حسن وحسين(٣) والدعاء على الكاذبين نزلت في العاقب والسيد وعبد المسيح وأصحابه(٤) .

٤٨٥ - [قال الحاكم: و] أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عليّ بن عبد الحميد الصنعاني، قال: حدثنا علي بن المتبرك الصنعاني(٥) قال: حدثنا أبو عبد الله الصنعاني، قال:

حدثنا محمد بن بور(٦) عن ابن جريج في قوله [تعالى]:( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ

____________________

= الله عليه وسلّم)؟ [أ] تجده في كتاب الله؟ وقد قرأته من أوّله إلى آخره فلم أجده!! قال: أليس تقرأ في سورة الأنعام:( وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ ) - [فقرأ الآية الكريمة] حتى بلغ -( ويحيى وعيسى ) قال: بلى. قال: أليس عيسى من ذرّيّة إبراهيم [من قِبَل أُمّه]؟ وليس له أب [تتصل به بإبراهيم].

ورواه أيضاً في كتاب بدائع المنن: ج٢ ص٤٩٣ عن أبي عبد الله محمد بن موسى بن النعمان، قال: حدثنا أبو الحسين الإصبهاني الحافظ، قال: حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا أبو بكر، قال: سمعت عاصم، قال:

بعث الحجّاج إلى قتيبة بن سلم أن ابعث إليَّ بيحيى بن يعمر...

وذكره أيضاً في إحقاق الحق: ج١٠ ص٦٣٩ وقال: فذكر القصّة بمثل ما نقله الخوارزمي في مقتل الحسين ص٨٩.

أقول: ثمّ ذكره بأسانيد ومصادر أُخر.

(١) هذا الحديث رواه الحاكم في النوع السابع عشر من كتاب معرفة علوم الحديث ص٦٢.

ورواه عنه الحافظ الحسكاني في تفسير الآية: (٦١) من سورة آل عمران تحت الرقم: (١٧١) من شواهد التنزيل: ج١، ص١٢٣، ط١.

وأيضاً قال الحاكم بعد ذكر الحديث في النوع: (١٧) من كتاب معرفة علوم الحديث:

وقد تواترت الأخبار في التفاسير عن عبد الله بن عبّاس وغيره: أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) أخذ يوم المباهلة بيد علي وحسن وحسين وجعلوا فاطمة وراءهم، ثمّ قال:(هؤلاء أبناؤنا وأنفسنا ونساؤنا، فهلمّوا أنفسكم وأبناءكم ونساءكم، ثمّ نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) .

(٢) رواه في الحديث: (٨) من تفسيره أو ما نزل من القرآن في أهل البيت.

(٣) كذا في النسخة، وفي شواهد التنزيل: (ونساءنا) فاطمة، (وأبناءنا) حسن وحسين...

(٤) وفي الحديث: (٨) من تفسير الحبري (وأصحابهم).

(٥) كذا.

(٦) كذا.

٢٠٥

اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ ) [٥٨ / آل عمران: ٣]: [أنّه قال]:

بلغنا أنّ نصارى نجران قدم وفدهم على النبي (صلّى الله عليه وسلّم) المدينة [و] فيهم السيّد والعاقب - وأخبرت أن معهما عبد المسيح - وهما يومئذٍ سيّدا أهل نجران، فقالوا: يا محمد فيم تشتم صاحبنا؟ قال:ومَن صاحبكم؟ قالوا: عيسى بن مريم تزعم أنّه عبد. قال النبي (صلّى الله عليه وسلّم):أجل هو عبد الله وكلمته - ألقاها إلى مريم - وروح منه . فغضبوا وقالوا: إن كنت صادقاً فأرنا عبداً يحيي الموتى ويشفي ويبرئ الأكمه والأبرص ويخلق من الطين كهيئة الطير، ولكنّه الله!!!

فسكت النبي (صلّى الله عليه وسلّم) حتى جاءه جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد (لقد كفر الذين قالوا: إنّ الله هو المسيح بن مريم) [١٧ / المائدة: ٥] قال النبي (صلّى الله عليه وسلّم):(إنّهم قد سألوني أن أخبرهم بمثل عيسى. قال جبرئيل:( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ (١) فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ [وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ] إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللّهُ ) [٥٨ - ٦٢ / آل عمران: ٣].

فأخذ النبي (صلّى الله عليه وسلّم) بيد علي والحسن والحسين وجعلوا فاطمة وراءهم، ثمّ قال:(هؤلاء أبناؤنا وأنفسنا ونساؤنا، فهلمّوا أنفسكم وأبناءكم ونساءكم ونجعل لعنة الله على الكاذبين) .

فأبى السيّد [من المباهلة] فقالوا: نصالحك. فصالحوه على ألف حلّة(٢) كل عام، في كل رجب ألف حلّة، فقال النبي (صلّى الله عليه وسلّم):(والذي بيده نفسي لولا عنوني ما حال الحول ومنهم بشر إلاّ أهلك الله الكاذبين).

____________________

(١) جميع ما وضعناه بين المعقوفات حذفه الراوي من القصّة تلخيص، وكان لفظ الأصل هكذا: قال جبرئيل:( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ) ، حتى( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ ) - في عيسى يا محمد من بعد هذا -( فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ ) الآية،( إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاّ اللَّهُ ) هذه الآية، فأخذ النبيّ...

(٢) كذا في نسخة السيد علي نقي، وفي نسخة طهران: (ألفي حلّة...).

٢٠٦

٤٨٦ - [قال الحاكم(١) و] حدثنا جعفر [بن] محمد بن نصير الخلدي [ببغداد] قال: حدثنا موسى بن هارون، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن بكير بن مسمار:

عن عامر بن سعد، عن أبيه، قال: لمّا نزلت هذه الآية:( نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ ) [٦١ / آل عمران: ٣] دعا رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فقال:(اللّهمّ هؤلاء أهلي) .

____________________

(١) وهذا الحديث رواه الحاكم في باب مناقب أهل البيت (عليهم السلام) من المستدرك: ج٣ ص١٥٠، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرّجاه. وأقرّه الذهبي.

ومثله باختصار رواه الحسكاني في تفسير آية المباهلة تحت الرقم: (١٧٢) من شواهد التنزيل: ج١، ص١٢٤، ط١، قال:

أخبرنا أحمد بن علي بن إبراهيم، قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الزاهد، قال: أخبرنا محمد بن إسحاق [عن] قتيبة بن سعيد، عن حاتم بن إسماعيل، عن بكير بن مسمار:

عن عامر بن سعد، عن أبيه، قال: ولمّا نزلت هذه الآية:( ندع أبناءنا وأبناءكم [ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم] ) دعا رسول الله عليّا ًوفاطمة وحسناً وحسيناً، فقال:(اللّهمّ هؤلاء أهلي) .

أقول: ولرواية سعد بن أبي وقّاص هذه صُوَر تفصيلية وأسانيد ومصادر.

وقد رواها الحسكاني في تفسير آية التطهير تحت الرقم: (٦٥٤) من شواهد التنزيل: ج٢ ص١٩، وروى قبله وبعده عن جماعة من الصحابة، ولكنّ موردها آية التطهير لا المباهلة.

ورواها أيضاً الحافظ ابن عساكر تحت الرقم: (٢٧١) وما بعده من ترجمة أمير المؤمنين (عليه السلام) من تاريخ دمشق: ج١، ص٢٠٦ ط١؛ بطرق.

وقد ذكرناها أيضاً في تعليقه عن مصادر.

٢٠٧

الباب الحادي والأربعون

[في سنيّ إمامة الإمام الرضا (عليه السلام) وأخذ المأمون البيعة له على ولاية العهد، وقصّة الإمام مع زينب الكذّابة والبدوي، ثمّ حسد المأمون إيّاه وسقايته الإمام سمّاً، واستشهاد الإمام به].

٤٨٧ - [قال الحاكم:] ومن كرامات أولياء الله التي شاهدوا لعليّ بن موسى الرضا (صلوات الله عليه) أوّلها: ما قدّمنا ذكره من تمزيق الصورتين بطن حميد بن مهران في مجلس المأمون(١) .

[ثمّ قال الحاكم:] ولقد حدّثني علي بن محمد بن يحيى الواعظ، قال: حدثا أبو الفضل ابن أبي نصر الحافظ، قال: قرأت في كتاب عيسى بن مريم العماني: أنّ موسى بن جعفر أوصى إلى ابنه علي بن موسى ويكنّى أبا الحسن ويلقّب بالرضا، وأُمّه تكتم النوبيّة.

وكان سنيّ إمامته بقيّة ملك الرشيد، ثمّ محمد بن زبيدة وهو الأمين، ثمّ المأمون.

ثمّ [إنّ المأمون] في صدر ملكه(٢) أخذ البيعة لعليّ بن موسى الرضا بعهد [ولايته لأُمور] المسلمين - بعد رضاه بذلك - فقيل له ما تقول؟ فقال: والله لا أفعل وإنّي والرشيد كهاتين - وحرّك إصبعيه الوسطى والسبابة - فما علم معنى قوله: (أنا والرشيد كهاتين) حتّى دُفن بجنبه فصار قبراهما واحد بجنب الآخر.

فلمّا كان يوم من الأيام دخل عليّ الرضا على المأمون، وعنده زينب الكذّابة [التي] كانت تزعم أنّها ابنة علي بن أبي طالب، وأنّ علياً دعا لها بالبقاء إلى يوم الساعة. فقال المأمون لعليّ: سلّم على أُختك. فقال:والله ما هي أُختي ولا ولدها علي بن

____________________

(١) كذا في أصلي، فإن صحّ ولم يسقط هاهنا منه شيء فالظاهر أنه ذكره في ترجمة الإمام الرضا (عليه السلام) من تاريخ نيسابور، ولم يصل تاريخ نيسابور إلى المصنف أو فات منه أن يذكره عنه حرفي.

(٢) هذا هو الظاهر، وفي أصليَّ: (ومملكته).

٢٠٨

أبي طالب. فقالت زينب: والله ما هو أخي ولا ولده علي بن أبي طالب. فقال المأمون: ما مصداق قولك هذا؟ قال:إنّا أهل البيت لحومنا محرّمة على السباع (١) فاطرحها إلى السباع، فإن تك صادقة فإنّ السباع تغبّ لحمها .(٢) قالت زينب: ابدأ بالشيخ. فقال المأمون: قد أنصفت. قال الرضا:أجل . ففُتحت بركة السباع وأضربت فنزل الرضا إليها، فلمّا أن رأته بصبصت وأومأت إليه بالسجود فصلّى ما بينها ركعتين(٣) وخرج منها، فأمر المأمون زينب لتنزل وامتنعت فطُرحت إلى السباع فأكلتها.

فحسد المأمون علي الرضا على ذلك، فلمّا كان بعد مدّة دخل الرضا على المأمون فوجد فيه هم، فقال له:أرى فيك همّاً؟ فقال المأمون: نعم بالباب بدويّ قد دفع إليَّ منه سبع شعرات يزعم أنّهنّ من لحية رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) وقد طلب الجائزة، فإن يك صادقاً ومنعته الجائزة قد بخست شرفي، وإن يك كاذباً فأعطيته الجائزة فقد سخر بي، ما أدري ما أعمل؟ قال الرضا (عليه السلام):عليّ بالشعر ، فلمّا رآه شمّه، وقال:هذه أربعة من لحية رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) و [أمّا] الباقي فليس من لحيته (صلّى الله عليه وسلّم) . فقال المأمون: ومن أين هذا؟ فقال:النار والشعر . فألقي الشعر في النار فاحترقت ثلاث شعرات، وبقيت الأربعة التي أخرجها علي بن موسى الرضا [و] لم يكن للنار عليها سبيل. فقال المأمون: عليّ بالبدوي. فلمّا مثل بين يديه أمر بضرب عنقه(٤) فقال البدوي: بماذا؟ فقال: تصدق عن الشَعر. قال: أربعة من لحية رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) وثلاث من لحيتي.

فتمكّن حسد المأمون في قلبه للرضا، فنفاه إلى طوس، ثمّ سقاه سمّاً فمات علي الرضا مسموماً وقد كمل عمره ثمان وأربعون سنة، فدُفن إلى جانب قبر الرشيد، فعلم قول عليّ: أنا والرشيد كهاتين.

ولمّا صار إلى كرامة الله سجانه وتعالى، صار وليّ الله في أرضه ابنه محمد بن علي بوصيّة أبيه إليه، ولقّبه: صاحب الذوابة. ويقال: التقيّ. وأُمّه ريحانه أُمّ الحسين، ومولده بالمدينة سنة سبعين(٥) ومئة من الهجرة.

____________________

(١) كذا في نسخة السيد علي نقي، وفي نسخة طهران: (إنّا أهل بيت محرّمة على السباع).

(٢) وذكره في نسخة السيد علي نقي بالعين المهملة.

(٣) هذا هو الظاهر، وفي الأصل: (فصلّى فيما بينهما).

(٤) كذا في نسخة السيد علي نقي، وفي نسخة طهران: (رقبته).

(٥) هذا هو الصواب الموافق لنسخة طهران غير أنّ فيه: (ومولوده). وفي نسخة السيد علي نقي: (ومولده بالمدينة سنة سبعين).

٢٠٩

[قصّة الإمام الرضا (عليه السلام) مع مَن رأى في المنام النبيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وأعطاه ثمانية عشر تمرة.

وقوله (عليه السلام) لرجل: أوص بما تريد واستعدّ لما لا بدّ منه].

٤٨٨ - [قال الحاكم: و] حدثني عليّ بن محمد بن يحيى المذكّر، قال: حدثنا محمد بن علي بن الحسين الفقيه(١) قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن عيسى، عن أبي حبيب [البناجي] أنّه قال:

رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في المنام وقد وافى البناج(٢) ونزل في المسجد الذي ينزله الحاج في كل سنة، وكأنّي مضيت إليه ونزلت عنده وسلّمت عليه ووقفت بين يديه، فوجدت عنده طبقاً من خوص نخل المدينة فيه تمر صيحاني فكأنّه قبض قبضة من ذلك التمر، فناولني فعددته فكان ثمانية عشر [تمرةً]، فتأوّلت أنّني أعيش بعدد كل تمرة سنة. فلمّا كان بعد عشرين يوماً كنت في أرض تعمر بين يديّ للزراعة(٣) إذ جاءني مَن أخبرني بقدوم أبي الحسن الرضا (عليه السلام) من المدينة ونزوله ذلك المسجد، فرأيت الناس يسعون إليه، فمضيت نحوه فإذا هو جالس في الموضع الذي كنت رأيت(٤) فيه النبيَّ (صلّى الله عليه وسلّم) وتحته حصير مثل ما كان

____________________

(١) وهذا رواه محمد بن علي الفقيه في الحديث: (١٥) من الباب: (٤٧) من عيون أخبار الرضا - (عليه السلام) -: ج٢ ص٢١١.

(٢) كذا في الأصل ومثله في ط٣ من كتاب عيون الأخبار، غير أنّ جملة: (وقد وافى) كانت في الأصل مصحّفة.

ثمّ إنّي لم أجد (البناج) في حرف الباء من معجم البلدان، ولعلّها مصحّفة عن (النباح) بالنون المكسورة ثمّ الباء الموحّدة، قال في حرف النون من معجم البلدان:

قال أبو منصور: في بلاد العرب نباجان، أحدهما على طريق البصرة، يُقال له نباج بني عامر وهو بحذاء فيد، والآخر نباج بني سعد بالقريتين. وقال غيره: النباج منزل لحجاج البصرة...

(٣) هذا هو الظاهر الموافق لعيون الأخبار، وفي أصليّ: (معمر بين يدي للزراعة).

(٤) كذا في نسخة السيد علي نقي وكتاب عيون الأخبار، وفي نسخة طهران: (فإذا هو جالس في الموضع الذي رأيت فيه النبي).

٢١٠

تحته، وبين يديه طبق فيه تمر صيحاني فسلّمت عليه وردّ عليّ السلام واستدناني فناولني قبضة من ذلك التمر، فعددته فإذا عدده مثل ذلك العدد الذي ناولني رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)، فقلت له: زدني منه يا ابن رسول الله [(صلى الله عليه وآله وسلم)] فقال:لو زادك رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -لزدناك .

٤٨٩ - [وبالسند المتقدّم عن الحاكم، عن محمد بن عليّ بن الحسين] قال: وحدثنا محمد بن موسى بن المتوكّل، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن سعد بن سعيد(١) .

عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أنّه نظر إلى رجل فقال له:يا عبد الله أوص بما تريد، واستعدّ لما لا بدّ منه وكأن قد.

قال: فمات بعد ذلك بثلاثة أيام(٢) .

____________________

(١) كذا في أصليّ.

ورواه الصدوق (رحمه الله) في الحديث: (٤٣) من الباب: (٤٧) من عيون أخبار الرضا - (عليه السلام) - ص٢٢٥ وفيه: (عنه سعيد بن سعد...).

(٢) لعلّ هذا هو الصواب، وفي نسخة طهران: (قال: فما بعد ذلك). وفي نسخة السيد علي نقي: (قال: ممّا بعد ذلك...

٢١١

[احتباس المطر عن الناس بعد بيعتهم الإمام الرضا بولاية العهد، وتطيّر الحاسدين به، ثمّ استسقاء الإمام بطلب من المأمون، ونزول المطر الغزير بدعاء الإمام واستسقائه].

٤٩٠ - وبالإسناد [المتقدّم] إلى الحاكم البيّع (رحمة الله عليه) قال:

رأيت في كتب أهل البيت [عليهم السلام] أنّ المأمون لمّا جعل علي بن موسى الرضا (عليه السلام) وليّ عهد [ه] احتبس المطر فجعل بعض حاشية المأمون والمتعصّبين على الرضا(١) يقولون: انظروا ما جاءنا علي بن موسى الرضا؟! وليّ عهدنا فحبس عنّا المطر. واتصل ذلك بالمأمون واشتدّ عليه، فقال للرضا: قد احتبس عنّا المطر، فلو دعوت الله تعالى أن يمطر الناس. قال الرضا:نعم. قال: فمتى تفعل ذلك؟ - وكان ذلك يوم الجمعة - فقال:يوم الاثنين فإنّ رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) أتاني البارحة في منامي ومعه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فقال: يا بنيّ انتظر يوم الاثنين فابرز [فيه] إلى الصراء واستسق فإنّ الله عزّ وجلّ يسقيهم، وأخبرهم بما يريك الله ممّا لا يعلمون ليزداد علمهم بفضلك (٢) ومكانك من ربّك عزّ وجلّ .

فلمّا كان يوم الاثنين، غدا [عليّ بن موسى الرضا] إلى الصحراء، وخرج الخلائق ينظرون، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال:اللّهمّ يا ربّ، أنتَ عظّمت حقّنا أهل البيت فتوسّلوا بنا كما أمرت، وأمَّلُوا فضلك ورحمتك، وتوقّعوا إحسانك ونعمتك، فاسقهم سقياً نافعاً عامّاً غير ضارٍّ، وليكن ابتداء مطرهم بعد انصرافهم مِن مشهدهم هذا إلى منازلهم ومقارّهم .

____________________

(١) كذا في مخطوطة طهران، ومثله في كتاب عيون الأخبار، وفي نسخة السيد علي نقي: (المبغضين)؟

(٢) هذا هو الظاهر، الموافق لكتاب عيون الأخبار، وفي نسخة السيد علي نقي: (فابرزوا إلى الصحراء... ليزداد عليهم تفضّلك). وفي نسخة طهران: (وأمرهم بما يريك الله مما لا يعلمون ليزداد عليهم...).

وانظر الباب: (٤١) من كتاب عيون أخبار الرضا (عليه السلام) ص١٦٥.

٢١٢

قال: فو الذي بعث محمّداً نبيّاً، لقد نسجت الرياح الغيوم وأرعدت وأبرقت، وتحرّك الناس كأنّهم يريدون التنحّي عن المطر، فقال الرضا:على رسلكم أيّها الناس فليس هذا الغيم لكم إنّما هو لأهل بلد كذا.

فمضت السحابة وعبرت، ثمّ جاءت سحابة أُخرى تشتمل على رعدٍ وبرقٍ فتحرّكوا، فقال [الرضا]:على رسلكم فما هذه لكم إنّما هو لبلد كذا.

فما زالت حتى جاءت عشرة سحائب وعبرت [و] يقول عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام):على رسلكم ليست هذه لكم إنّما هي لبلد كذا.

ثمّ أقبلت سحابة حادية عشر(١) فقال:يا أيّها الناس هذه بعثها الله لكم؛ فاشكروا الله على تفضّله عليكم، وقوموا إلى مقارّكم ومنازلكم، فإنّها مسامتة لرؤوسكم ممسكة عنكم إلى أن تخلوا مقارّكم، ثمّ يأتيكم من الخير ما يليق بكرم الله عزّ وجلّ.

ونزل [الرضا] عن المنبر وانصرف الناس، فما زالت السحابة ممسكة إلى أن قربوا من منازلهم، ثمّ جاءت بوابل المطر فملأت الأودية والحياض والغدران والفلوات.

فجعل الناس يقولون: هنيئاً لولد رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) كرامات الله.

ثمّ برز إليهم الرضا (عليه السلام)، وحضرت الجماعة الكثيرة منهم، فقال:

يا أيّها الناس: اتّقوا الله في نِعَم الله عليكم فلا تنفروها عنكم بمعاصيه، بل استديموها بطاعته وشكره على نِعَمِه وأياديه، واعلموا أنّكم لا تشكرون الله عزّ وجلّ بشيءٍ بعد الإيمان بالله، وبعد الاعتراف بحقوق أولياء الله من آل محمد رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) أحبّ إليه من معاونتكم لإخوانكم المؤمنين على دنياهم التي هي معبر لهم تعبر [بهم] إلى جنان ربّهم، فإنّ مَن فعل ذلك كان من خاصّة الله تعالى، وقد قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) في ذلك قولاً ينبغي للعاقل أن يزيد في فضل الله عليه فيه أن يأمله ويعمل عليه (٢) ،قيل: يا رسول الله هلك فلان، يعمل من الذنوب كيت وكيت. فقال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): بل قد نجا، ولا يختم الله عمله إلاّ بالحسنى، وسيمحو الله عنه السيّئات ويبدّلها له حسنات. إنّه كان مرّة يمرّ في

____________________

(١) كذا في كتاب عيون الأخبار، وفي أصليّ: (حاذت...)؟

(٢) كذا في نسخة السيد علي نقي، وفي نسخة طهران: (أن يزهد).

وفي ط الغري من كتاب عيون الأخبار: (وقد قال رسول الله [(صلى الله عليه وآله وسلم)] في ذلك قولاً ما ينبغي لقائلٍ أن يزهد في فضل الله عليه فيه إن تأمّله وعمل عليه).

٢١٣

طريق [و] عرض له مؤمن قد انكشفت عورته وهو لا يشعر، فسترها عليه ولم يخبره بها مخافة أن يخجل. ثمّ إنّ ذلك المؤمن عرفه في مهواةٍ فقال له: أجزل الله (١) لك الثواب، وأكرم لك المآب، ولا ناقشك الحساب. فهذا العبد لا يختم له إلاّ بخير بدعاء ذلك المؤمن.

فاتّصل قول رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) بهذا الرجل فتاب وأناب وأقبل على طاعة الله، فلم يأتي عليه سبعة أيام حتى أغير على سرح المدينة، فوجّه رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) في أثرهم جماعة ذلك الرجل آخرهم واستشهد فيهم.

فعظّم الله تعالى البركة من البلاد بدعاء الرضا (رضوان الله عليه).

وقد كان للمأمون مَن يريد أن يكون وليّ عهده دون الرضا، وحسّاد كانوا بحضرة المأمون للرضا (عليه السلام)، فقال للمأمون بعض أُولئك، يا أمير المؤمنين أُعيذك بالله أن يكون تاريخ الخلفاء في إخراجك هذا الشرف العميم، والفخر العظيم من بيت ولد العبّاس إلى بيت ولد علي [(عليه السلام)] اعتب على نفسك وأهلك، جئت بهذا الساحر من ولد السحرة، وقد كان خاملاً فأظهرته، ووضيعاً فرفعته، ومنسيّاً فذكّرت به، ومُستَخَفّاً به فنوَّهت به، قد ملأ الدنيا مخرقة وتشرّفاً(٢) بهذا المطر الوارد عند دعائه، ما أخوفني أن يخرج هذا الأمر عن ولد العبّاس إلى ولد عليّ، بل ما أخوفني أن يتوصّل بسحره إلى إزالة نعمتك والتوثّب على مملكتك، هل جنا أحد على نفسه وملكه مثل جنايتك؟!!

فقال المأمون: قد كان هذا الرجل مستتراً عنّا، يدعو إلى نفسه فأردنا أن نجعله وليّ عهدنا ليكون دعاؤه إلينا، ولنعرف ما يخالفه والملك لنا، وليعتقد فيه المعترفون به أنّه ليس ممّا ادّعى(٣) في قليلٍ ولا كثير، وأنّ هذا الأمر لنا من دونه، وقد خشينا إن تركناه على تلك الحالة أن ينفق علينا منه ما لا نسدّه، ويأتي علينا ما لا نطيقه، والآن وإذ قد فعلنا به ما قد فعلنا، وأخطأنا في أمره ما أخطأنا، وأشرفنا من الهلاك - بالتنويه به - على ما أشرفنا(٤) فليس يجوز التهاون في أمره، ولكنّا نحتاج أن نضع منه قليلاً

____________________

(١) هذا هو الصواب الموافق لكتاب عيون الأخبار، وفي أصليّ هاهنا تصحيف.

(١) كذا في أصليّ، وفي كتاب عيون الأخبار: (فأردنا أن نجعله وليّ عهدنا ليكون دعاؤه لنا، وليعترف بالملك والخلافة لنا، وليعتقد فيه المفتونون به...).

(٢) كذا في الأصل، وفي كتاب عيون أخبار الرضا (عليه السلام): (وتشوّق).

(٤) هذا هو الصواب الموافق لما في عيون الأخبار، وفي نسخة طهران من فرائد السمطين الجزء الثاني: (وأشرف أمر إهلاكٍ بالسويّة على ما أشرفنا...) وفي نسخة السيد علي نقي: وأشرف أمن الهلاك بالتنويه على ما أشرفنا...).

٢١٤

قليلاً حتى نصوّره عند الرعايا بصورة مَن لا يستحقّ هذا الأمر(١) ثمّ ندبّر فيه بما يحسم عنّا موادّ بلائه.

قال الرجل: يا أمير المؤمنين فولِّني مجادلته فإنّي أفحمه وأصحابه وأضع من قدره، فولا هيبتك في صدري لأنزلته منزلته، وبيّنت للناس قصوره عمّا رشّحته له. فقال المأمون: ما شيء أحبّ إليّ من هذا. قال: فاجمع جماعة وجوه أهل مملكتك من القوّاد القضاة وخيار الفقهاء لأبيّن نقصه بحضرتهم فيكون تأخيرك له عن محلّه الذي أحللته فيه على علم منهم بصواب فعلك.

قال: فجمع [المأمون] الخلق الفاضلين من رعيّته في مجلس واسع قعد فيه لهم وأقعد الرضا بين يديه في مرتبته التي جعلها له، فابتدأ الحاجب المتضمّن للوضع عن الرضا، وقال له: إنّ الناس قد أكثروا عليك الحكايات وأسرفوا في وصفك، فما أرى أنّك إن وقفت عليه [إلاّ] برئت منه، رأوك دعوت الله تعالى في المطر المعتاد مجيئه(٢) فجعلوه آية لك [و] معجزة أوجبوا لك بها أن لا نظير لك في الدنيا!! وهذا أمير المؤمنين أدام الله ملكه لا يوازي بأحد(٣) إلاّ رجح به، وقد أحلّك المحلّ الذي قد عرفت، فليس من حقّه أن تسوّغ للكذابين لك وعليه ما يكذّبونه.

فقال الرضا رضوان الله عليه:ما أدفع عباد الله عن التحدّث بنِعَم الله عليّ وإن كنت لا أبغي أشراً ولا بطراً، وأمّا ذكرك صاحبك الذي أحلّني فما أحلّني إلاّ المحل الذي أحلّه ملك مصر يوسف الصدّيق (عليه السلام)، وكانت حالهما ما قد عرفت.

فغضب الحاجب عند ذلك فقال: يا ابن موسى لقد عدوت طورك وتجاوزت قدرك أن بعث الله تعالى بمطر مقدور في وقته لا يتقدم ولا يتأخّر [و] جعلته آية تستطيل بها، وصولة تصول بها كأنّك جئت بمثل آية الخليل إبراهيم (عليه السلام) لمّا أخذ رؤوس الطير بيده ودعا أعضاءها التي كان فرّقها على الجبال فأتته سعياً على الرؤوس وحففن

____________________

(١) كذا في نسخة السيد علي نقي، وفي كتاب عيون الأخبار: (من لا يستحقّ لهذا الأمر...).

وفي نسخة طهران هاهنا تصحيف.

(٢) ما بين المعقوفين زدناه لتصحيح ما في أصليّ، وفي كتاب عيون الأخبار: (وأسرفوا في وصفك بما أرى أنك إن وقفت عليه برئت إليهم منه، وذلك إنك قد دعوت الله في المطر المعتاج مجيئه فجاء فجعلوه آية معجزة لك...).

(٣) كذا في نسخة طهران، وعيون الأخبار: وفي نسخة السيد علي نقي: (لا يوازن..

٢١٥

وطرن بإذن الله تعالى(١) . فإن كنت صادقاً فيما توهم فأحي هاتين الصورتين(٢) .

وسلّطهما عليّ فإنّ ذلك يكون حينئذٍ آية معجزة، فأمّا المطر المعتاد فلست أنت أحقّ بأن يكون دعاء بدعوتك من غيرك الذي دعا كما دعوت!!!

وكان الحاجب أشار إلى أسدين مصوّرين على مسند المأمون الذي كان مستنداً إليه [وكانا متقابلين على المسند](٣) .

فغضب علي بن موسى الرضا (عليه السلام) وصاح بالصورتين:دونكما الفاجر فافترساه ولا تبقيا له عيناً ولا أثراً.

فوثب الصورتان - وقد عادتا أسدين(٤) - فتناولا الحاجب [و] رضّضا [ه] وتهشّماه وأكلاه ولحسا دمه(٥) والقوم ينظرون متحيّرين ممّا يبصرون. فلمّا فرغا منه أقبلا على الرضا (عليه السلام) فقالا: يا وليّ الله في أرضه ماذا تأمرنا أن نفعل بهذا؟ - ويشيران إلى المأمون - فغشي على المأمون ما سمع منهما، فقال الرضا:قفا . فوقفا. ثم قال [الرضا]:صبّوا عليه ماء ورد وطيّبوه. ففعل ذلك به، وعاد الأسدان يقولان: أتأذن لنا أن نلحقه بصاحبه الذي أفنيناه؟ قال:لا فإن لله تعالى تدبيراً هو ممضيه . فقالا: بماذا تأمرنا؟ قال:عودا إلى مقرّكما [كما] كنتما . فعادا إلى المسند وصارا صورتين كما كانت.

فقال المأمون: الحمد لله الذي كفاني شرّ حميد بن مهران - يعني الرجل المفترَس - ثمّ قال للرضا (عليه السلام): هذا الأمر لجدّكم (صلّى الله عليه وسلّم) ثمّ لكم فلو شئت لنزلت لك عنه(٦) .

____________________

(١) ولعلّ هذا هو الصواب، وفي أصليّ: (فأتته سعياً على الرؤوس وخفض...). وفي عيون الأخبار: (فأتينه سعياً وتاركين على الرؤوس وخففن وطرن...).

(٢) هذا هو الصواب، وفي كتاب عيون الأخبار: (فإن كنت صادقاً فيما توهم فأحي هذين وسلّطهما عليّ...).

وفي أصليّ من فرائد السمطين هاهنا تصحيف.

(٣) كذا في عيون الأخبار، وما بين المعقوفين أيضاً منه، وفي نسخة السيد علي نقي: (الذي كان مستبطراً إليه). وفي نسخة طهران: (مسنداً إليه).

(٤) كذا في عيون الأخبار، وفي أصليّ: (وقد دعا بأسدين...).

(٥) وفي كتاب عيون الأخبار: (وهشماه...).

(٦) حرف الفاء في قوله: (فلو) مأخوذ من كتاب عيون الأخبار، وهذا لفظه:

ثم قال للرضا - (عليه السلام) - يا ابن رسول الله هذا الأمر لجدّكم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم لكم فلو شئت لنزلت عنه لك؟! فقال الرضا - (عليه السلام) -:لو شئت لما ناظرتك ولم أسألك، فإنّ الله تعالى قد أعطاني من طاعة سائر خلقه ما رأيت من طاعة هاتين الصورتين إلاّ جهّال بني آدم فإنهم وإن خسروا حظوظهم فللّه عزّ وجل فيه تدبير، وقد أمرني بترك الاعتراض عليك وإظهار ما أظهرته من العمل من تحت يدك كما أمر يوسف بالعمل من تحت يد فرعون مصر.

٢١٦

الباب الثاني والأربعون

[في انطلاق لسان أبي النضر المؤذّن ببركة توسّله إلى الله تعالى بالإمام الرضا (عليه السلام)].

٤٩١ - أنبأني الشيخ محي الدين عبد الحميد بن(١) أبي البركات الحربي، وأمين الدين أبو الفضل إسماعيل بن أبي عبد الله ابن حمّاد العسقلاني، قال: أنبأنا أبو أحمد عبد الوهاب بن علي بن علي إجازة، أنبأنا زاهر بن طاهر بن محمد المستملي [ظ] إجازة، قال: أنبأنا أبو بكر الحسين بن علي، أنبأنا محمد بن عبد الله الحافظ، قال: سمعت أبا القاسم ابن علي المعمري يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبا النضر المؤذّن النيسابوري يقول:

أصابتني علّة شديدة ثقل فيها لساني فلم أقدر منها على الكلام فخطر ببالي زيارة الرضا (عليه السلام) والدعاء عنده والتوسّل به إلى الله تعالى ليعافيني فخرجت زائراً وزرت الرضا وقمت عند رأسه وصلّيت ركعتين، وكنت في الدعاء والتضرّع مستشفعاً صاحب القبر إلى الله عزّ وجلّ أن يعافيني من علّتي ويحلّ عقدة لساني إذ ذهب بي النوم في سجودي، فرأيت(٢) في منامي كأنّ القمر قد انفرج فخرج منه رجل آدم كهل شديد الأدمة، فدنا منّي فقال: يا أبا النضر قل: (لا إله إلاّ الله) قال: فأومأت إليه كيف أقول ذلك ولساني منغلق؟ فصاح عليّ صيحة وقال: تنكر لله القدرة قل: (لا إله إلاّ الله) قال: فانطلق لساني فقلت: (لا إله إلاّ الله) ورجعت إلى منزلي راجلاً وكنت أقول: (لا إله إلاّ الله) ولم ينغلق لساني بعد ذلك.

____________________

(١) كذا في نسخة طهران هاهنا، ولكن تقدّم فيها تحت الرقم: (٤٠٦) في الباب: (١٩) من هذا السمط ص٨٩. وأيضاً تقدّم في أوائل الباب: (٤٠) في ذيل الحديث: (٤٧٥) ص١٩٥: (عبد المحيي).

ومثل ما تقدّم في الباب: (١٩ و ٤٠) من نسخة طهران، ذكره في نسخة السيد علي نقي في هذا الباب: (٤٢).

(٢) كذا في نسخة طهران، وفي نسخة السيد علي نقي: (فأريت).

وهذا الحديث رواه الشيخ الصدوق رحمه الله.

بسند آخر عن أبي النصر المؤذن في الحديث: (٨) من الباب الأخير من كتاب عيون أخبار الرضا - (عليه السلام) - ص٢٨٨.

٢١٧

[قول الإمام الرضا (عليه السلام):لا تشدّ الرحال إلى شيء من القبور إلاّ إلى قبورنا. ثم خبره عن استشهاده بالسم ودفنه في الغربة وثواب من زاره.

ثم تفاءل بعض مَن كان في شكٍّ عن عظمة الإمام الرضا بالقرآن وإزالة شكّه].

٤٩٢ - [قال المؤلّف]: وبه [أي بالسند المتقدّم] أخبرنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الله [البيّع] قال: حدثني علي بن محمد المذكّر، قال: حدثنا محمد بن عليّ الفقيه(١) قال: حدثنا [أحمد بن] زياد [بن جعفر] الهمداني، قال: حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ياسر الخادم، قال:

قال علي بن موسى الرضا:لا تُشدّ الرحال إلى شيء من القبور إلاّ إلى قبورنا.

ألا وإنّي مقتول بالسمّ ظلماً ومدفون في موضع غربة، فمَن شدّ رحله إلى زيارتي استُجيب دُعاؤه وغفر ذنوبه.

٤٩٣ - وبهذا الإسناد [الذي تقدّم آنفاً] قال [الحاكم]: سمعت عليّ بن محمد بن يحيى المذكّر، يقول: سمعت أبا الفضل ابن أبي نصر الصوفي يقول: سمعت محمد بن أبي علي الصائغ يقول:

سمعت رجلاً ذهب عنّي اسمه عند قبر الرضا [يقول: كنت [أفكر في شرف القبر وشرف مَن توارى فيه(٢) فتخالج في قلبي الإنكار على بعض من بها(٣) فضربت بيدي إلى المصحف متفألاً، فخرجت هذه الآية:( وَيَسْتَنبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ ) [٥٣ / يونس: ١٠]. حتى ضربت ثلاث مرات فخرج(٤) في كلها هذه الآية.

____________________

(١) رواه في الحديث الأول من الباب: (٦٦) من كتاب عيون الأخبار: ج٢ ص٢٥٨ وما بين المعقوفات.

مأخوذ منه. ورواه أيضاً تحت الرقم: (١٦٧) من باب الثلاثة من كتاب الخصال: ص١٣٧.

وبمعناه روى أيضاً أحاديث في المجلس: (١٥) من أماليه ص٥٦ ط الغري.

(٢) لعلّ هذا هو الصواب، وفي نسخة طهران: (من يولد به) وفي نسخة السيد علي نقي: (وشرف من يوازي به).

(٣) لعلّ هذا هو الصواب، وفي نسخة طهران: (كالإنكار على أخصّ من به). وفي نسخة السيد علي نقي: (كالإنكار على بعض من به).

(٤) كذا في نسخة اليد علي نقي، وفي نسخة طهران: (يخرج في كله).

٢١٨

[توسّل زيد الفارسي بقبر الإمام الرضا إلى الله تعالى ومسحه رجله بالقبر الشريف وذهاب الوجع والنقرس عن رجله].

[شارة أمير خراسان حمويه صاحبه في بعض المجالات بقضاء حاجته ثم طلب منه بأن يهيئ بأن يصفعه قصاصاً].

٤٩٤ - [وبالسند المتقدّم عن الحاكم عن عليّ بن محمد بن يحيى] قال أبو الفضل [ابن أبي نصر الصوفي]: سمعت زيد الفارسي يقول:

كنت بمرو الرود منقرساً مدّة سنتين لا اقدر أن أقوم قائماً ولا أن أصليّ قائماً، فأريت في المنام: ألا تمر بقبر الرضا وتمسح رجليك به وتدعو الله تعالى عند القبر حتى يذهب ما بك؟ [قال]: فاكتريت [دابة] وجئت إلى طوس ومسحت رجليّ بالقبر ودعوت الله عزّ وجلّ فذهب عنّي ذلك النقرس والوجع فأنا هاهنا منذ سنتين وما نقرست.

٤٩٥ - وبه قال الحاكم: سمعت أبا الحسن(١) ابن أبي منصور العلوي يقول: سمعت عمّي أبا محمد يقول: سمعت أبا نصر ابن أبي الفضل ابن محمد يقول: سمعت حاجب حمويه بن عليّ يقول:

كنت مع حمويه ببلخ فركب يوماً وأنا معه فبينا نحن في سوق بلخ إذ رأى حمويه رجلاً فوكل به وقال: احملوه إلى الباب ثم عند انصرافه أمر بإحضار حمار فاره وسفرة وجبنة ومأتي درهم، فلما أحضر قال: هاتوا الرجل. فجيء به فلما وقف بين يديه قال: قد صفعتني صفعة(٢) وأنا أقتصّها منك اليوم؟! [أ] تذكر اليوم الذي زرنا جميعاً قبر الرضا - رضي الله عنه - فدعوت أنت وقلت: اللّهمّ ارزقني حماراً ومأتي درهم وسفرة فيها جبنة وخبزة. وقلت أنا: اللّهمّ ارزقني قيادة خراسان. فصفعتني وقلت: لا تسأل ما لا يكون. فالآن قد بلغني الله عزّ وجلّ مأمولي وبلغك مأمولك، والصفعة لي عليك(٣) .

____________________

(١) كذا في نسخة طهران، وفي نسخة السيد علي نقي: (سمعت أبا الحسين).

(٢) يقال: (صفع زيد عمرواً - من باب منع - صفع): ضرب قفاه، أو ضرب بدنه بكفّه مبسوطة.

(٣) ورواه أيضاً الشيخ الصدوق رحمه الله في الحديث: (١٢) من الباب: (٦٩) من كتاب عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج٢ ص٢٩١ بسند آخر وتفصيل.

٢١٩

[اعتراف جماعة من علماء أهل السنّة بأنّ قصد زيارة قبر الإمام الرضا (عليه السلام) والدعاء عنده والتوسّل به إلى الله تعالى مجرّب لقضاء الحاجات].

٤٩٦ - وبه قال الحاكم: سمعت أبا الحسين(١) محمد بن علي بن سهل الفقيه يقول: ما عرض لي مهمّ من أمر الدين والدنيا فقصدت قبر الرضا لتلك الحاجة، ودعوت عند القبر إلاّ قضيت لي تلك الحاجة، وفرّج الله عنّي ذلك المهمّ.

ثم قال أبو الحسن رحمه الله: وقد صارت إلى هذه العادة أن أخرج إلى ذلك المشهد في جميع ما يعرض لي فإنّه عندي مجرّب.

٤٩٧ - قال الحاكم رحمه الله: وقد عرّفني الله من كرامات التربة خير كرامة، منه: أنّي كنت متقرّساً لا أتحرّك إلاّ بجهد فخرجت وزرت وانصرفت إلى نوقان بخفّين من كرابيس فأصبحت من الغد بنوقان وقد ذهب ذلك الوجع وانصرفت سالماً إلى نيسابور.

٤٩٨ - وبه قال الحاكم: سمعت أبا الحسين بن أبي بكر الفقيه يقول: قد أهاب الله لي في كل دعوة دعوته بها عند مشهد الرضا، حتى أنّي دعوت الله [أن يرزقني ولداً] فرُزقت ولداً بعد الإياس منه.

____________________

(١) كذا هاهنا وفي الحديث التالي في نسخة طهران، ومثلها في نسخة السيد علي نقي في التالي، ولكن فيها هاهنا: (أبا الحسن...)؟

٢٢٠