فرائد السمطين الجزء ٢

فرائد السمطين0%

فرائد السمطين مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 369

فرائد السمطين

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: إبراهيم بن محمد بن المؤيد الجويني الخراساني
تصنيف: الصفحات: 369
المشاهدات: 94528
تحميل: 9014


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 369 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 94528 / تحميل: 9014
الحجم الحجم الحجم
فرائد السمطين

فرائد السمطين الجزء 2

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

[قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): كل سببٍ ونسبٍ ينقطع يوم القيامة إلاّ حسبي ونسبي].

٥٤٤ - أخبرنا الشيخ الإمام تاج الدين عبد الله بن أبي القاسم [ابن] ورخر البغدادي - بقراءتي عليه ببغداد سنة اثنتين وسبعين وستّمئة في شهر ربيع الأوّل برباط دار الذهب - أنبأنا أبو حفص عمر بن الحسين بن المعوج سماعاً عليه - في سنة اثنين وعشرة وستّمئة - قال: أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن عبد الواحد الدلاّل المعروف بابن الأشقر، قال: أنبأنا أبو الخطيب أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله المعروف بابن هزار مرد الصريفيني قراءةً عليه - تاسع رجب سنة ثلاث وتسعين وثلاثمئة - قال: أنبأنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري إملاءً - في [شهر] صفر سنة ثمان عشرة وثلاثمئة - حدّثنا عبد الرحمان بن بشر بن الحكم، حدثنا موسى بن عبد العزيز أبو شعيب، حدثا الحكم بن أبان، عن عكرمة: عن ابن عبّاس، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم):(كلُّ سببٍ ونسبٍ ينقطع يوم القيامة إلاّ حسبي ونسبي) (١) .

____________________

٥٤٤ - ورواه أيضاً الخطيب في ترجمة عبد الرحمان بن بشر بن الحكم النيسابوري تحت الرقم: (٥٣٨٧) من تاريخ بغداد: ج١٠، ص٢٧١، قال:

أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن محمد بن جعفر العطّار، حدثنا أحمد بن سلمان الفقيه، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي، قال: حدثنا عبد الرحمان بن بشر النيسابوري...

(١) ومن أوّل الحديث: (٥٤١) إلى هنا غير موجود في نسخة السيد علي نقي.

وبعد هذا في نسخة طهران هكذا: (روى هذا الحديث: كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلاّ نسبي وصهري) تكسب معتقدها المعتد بها العارف بحقّها شرفاً وفخراً، ومنقبة يهدي إلى منقبها سعادة تكون له في الدارين عدّةً وذخراً!!

٢٨١

فضيلة

تكسب معتقدها المفيد بها، العارف بحقّها: شرفاً وفخراً، ومنقبة تهدي إلى منتسبها سعادة تكون له في الدارين عدّةً وذخراً.

٥٤٥ - أخبرني جماعة، عن الشيخ رضيّ الدين المؤيّد بن محمد بن عليّ المقرئ الطوسي (رحمه الله) إجازةً، منهم شيخنا العلاّمة نجم الدين عثمان بن الموفّق الأذكاني (رحمه الله)، قال: أنبأنا جدّي لأُمّي معين السنّة أبو العبّاس محمد بن العبّاس العصاري الطوسي المعروف بعباسة سماعاً عليه، قال: [أنبأنا] القاضي أبو سعيد محمد بن سعيد الفرّخزادي سماعاً عليه، قال: أنبأنا الأُستاذ الإمام أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، قال: أنبأنا الشيخ أبو عبد الله الثقفي، حدثنا عبد الله بن محمد بن شيبة، وعبد الله بن يوسف، قال: أنبأنا محمد بن عمران بن هارون، حدثنا محمد بن إسحاق الصنعاني، حدّثنا أبو عبيد القاسم بن سلام، حدثنا عبد الله بن صالح، عن الليث، عن هشام بن سعد:

عن عطاء الخراساني، قال: خطب عمر بن الخطّاب أُمّ كلثوم وهي من فاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)، فقال [عليّ عليه السلام]: إنّها صغيرة. فقال عمر: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) يقول:(كل نسب وصهر منقطع (١) يوم القيامة إلاّ نسبي وصهري) ؛ فلذلك رغبت في هذا!!! فقال [علي عليه السلام]: وإنّي مرسلها إليك حتى تنظر إلى صغرها. فأرسلها إليه فجاءته، فقالت: إنّ أبي يقول لك: هل رضيت الحلّة؟ قال: رضيتها. فأنكحه عليّ، فأصدقها عمر أربعين ألف دهم(٢) .

____________________

(١) كذا في نسخة السيد علي نقي، وفي نسخة طهران: (ينقطع...).

(٢) هكذا نسجت القصّة رواة أهل السنّة، وشيعة آل أبي سفيان، وأبناء مَن غلب!! وقلّدهم بعض مَن لا علم له

=

٢٨٢

____________________

=

بعلل الحوادث وتناسبها بمعلولاتها!!

مع اشتمال بعض رواياتهم على ما يستنكره كل غيور، ويستقبحه كل ذي دين، ويستبشعه كل مَن له أدنى مروءة وإنسانيّة!!!

وكيف كان فلا ريب عند ذوي البصائر النافذة، وأصحاب الفطرة السليمة والإحساسات المستقيمة أن تحقّق مثل هذا الأمر - الغير العادي - اختياراً. ووقوع مثل هذه القضية الغير الطبيعية في عالم الخارج بالطوع والرغبة يستلزم أُموراً مستحيلة، وتوالي فاسدة باطلة، وما يستلزم الباطل؛ فوقوع هذا الأمر بالطوع باطل، وتحقّقه في عالم الخارج بالرغبة والاختيار مستحيل وعاطل!!!

أمّا كون هذا الأمر غير عادي، وأن تحقّقه وبروزه في عالم الخارج يكون على خلاف المجاري الطبيعية والموازين الاعتيادية، فواضح بعد الالتفات والانتباه إلى مقدار عُمْر أُمّ كلثوم وسنيّ حياتها (سلام الله عليها)، وكمّية سنّ عمر بن الخطاب حين أقدم على هذا التدليس وخطب أُمّ كلثوم!

أمّا أُمّ كلثوم (سلام الله عليها) فإنّها كانت صغيرة جدّاً باعتراف القوم، وصريح أخبراهم الناطقة باعتذار عليّ (عليه السلام) بأنّها صغيرة، وبدليل عدم إقدام أحد على خطبتها قبل عمر، مع أنّها كانت غاية آمال جميع المسلمين، وكانوا يتهافتون على مثل هذا الأمر، كما تهافتوا وتسابقوا قبل إلى خطبة أُمّها فاطمة (صلوات الله عليها)، فخيّب الله آمالهم فرجعوا آيسين خاسئين.

وكانت أُمّ كلثوم صُغرى بنات فاطمة (صلوات الله عليهما)، وكانت من مواليد السنة الثامنة أو العاشرة أو قُبيلهما أو بُعيدهما بقليل، وكان أقصى عمرها حين هذه الخطبة التخديعية ثلاثة عشر سنة، وأدناه عشر سنوات.

وأمّا ابن الخطّاب، فإنّه كان حينئذٍ ابن بضع وستّين سنة، فإنّه عاش مع المشركين من زملائه خدمة الأصنام قريباً من أربعين سنة، وعاش بعد إظهاره الإسلام مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قريباً من عشرين سنة، وعاش بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) اثني عشر عاماً.

فقد تبيّن بهذه المقدّمة أنّه بحسب العادة والغرائز الطبيعية والميولات الأوّليّة الإنسانية، لا صلة بن طفلة في سنّ ثلاثة عشر سنة أو دونه، وبين شيخ في سنّ ستّين سنة أو بعده، بحيث يكون رؤيته ملازمة لرؤية الكفن والدفن، وإقامة المأتم عليه، وتقسيم تركته، والفكرة في حال أهله وأولاده!!!

نعم قد يحدث مثل هذا الأمر في الخارج لأُمور غير اعتيادية، وعلل غير سارية على الاستقامة، والفطرة التي فطر الله الناس عليها، وهي محصورة في أُمور:

الأوّل: رذالة البنت وكونها خُلقاً وخِلقة متخلِّفة ومنحطّة عن أقرانها من البنات، وما أودع الله فيهنّ من الخلقة والصفات.

الثاني: كونها معمّرة بحيث لا يرغب فيها الشباب والفتيان.

الثالث: عدم وجود شابّ كفؤها يتزوّج بها.

الرابع: الطمع في المال والمنزلة، وحيازة زخارف الدنيا، والتصدّي للتمتّع بالدنيا وادّخار متاعها.

الخامس: اكتساب الشرف من الزوج، والترفّع وعلوّ المنزلة به، والخروج من الخمول والرزالة إلى انتشار الصيت والمكانة.

السادس: السفه والحمق، وعدم التمييز بين الضار والنافع، والصلاح والفساد.

السابع: الظلم ومكابرة وليّ البنت، أو مَن بيده اختياره، أو معاندة الأُنثى لعقلها بالزواج لغير تربها.

والعلل المذكورة كلها كانت مفقودة في قصّة الزواج المزعوم بين أُمّ كلثوم (صلوات الله عليها) وابن الخطّاب، فلا يكن في هذه القضية أن يعدل عليّ (عليه السلام) بالطوع والرغبة عن المجاري الطبيعية، فالعدول عنها في الفرض منتفٍ؛ فتحقّق هذا الزواج منتفٍ.

=

٢٨٣

____________________

=

أمّا انتفاء العلّة الأُولى فمتّفق عليه، فإنّ أُمّ كلثوم (سلام الله عليها) كانت تمثالاً لأُمّا (صلوات الله عليها) في المحاسن والمكارم، فلا تزوّج مثلها بمَن كان فاقداً للكمال، وجامعاً للرذالة في أيّام شبابه، فكيف في أيّام نكس عمره وخرافته!!!

وأمّا انتفاء العلّة والمقدّمة، فقد تبيّن بما ذكرناه من تاريخ ولادتها، ومبلغ عمرها حينما خطبها ابن الخطّاب.

وأمّا انتفاء المقدّمة والعلّة الثالثة في القضية، فواضح بعد كثرة شباب المسلمين في تلك الأيام، الراغبين للزواج بها ولا سيّما رغبة شباب بني هاشم خاصّةً بهذا الأمر، لا سيّما مع ولع الفتيان من أولاد جعفر بن أبي طالب، وعقيل بن أبي طالب (سلام الله عليهم) وكل فرد منهم كان خيراً من صلحاء آل الخطّاب أجمع.

وأمّا انتفاء العلّة والمقدّمة الرابعة، فواضح جدّاً؛ إذ الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان قد طلّق الدنيا ثلاثاً، وكانت الدنيا أهون عنده من عرق خنزير في يد مجذوم!!!

وبحكم الأخبار الغير المحصورة، واعتراف عادل بني أُميّة عمر بن عبد العزيز: كان عليٌّ من أزهد الناس في الدنيا.

وأمّا انتفاء المقدّمة والعلّة الخامسة فمتّفق عليه، فإنّهم (عليهم السلام) كانوا أشرف البريّة، وأفضل الخلق والخليقة. وأحاديث القوم صريحة في ذلك، حتى أنّ الأخبار الواردة في الموضوع - أيضاً - ناطقة بأنّ عمر لأجل التشرّف بهم أقدم على هذا الأمر.

وأمّا انتفاء المقدّمة السادسة فجليّ، وكل مسلم يعرف مقداراً يسيراً من أمر الإسلام وحقائقه، قلبه معقود على أنّ عليّاً (عليه السلام) كان أبصر الناس وأعقلهم، نعم، بعض النواصب وأعداء أهل البيت يمكن أن ينكر ذلك معاندةً لأهل البيت (عليهم السلام) وتقليداً لأبي جهل، وكفى لهم خزياً مشاقّتهم لله ولأوليائه.

وأمّا انتفاء المقدّمة السابعة وبراءة ساحة علي (عليه السلام) من الظلم وكونه مركز العدالة، فأمر بديهي لكل مَن كان له إلمام بحقائق الإسلام، وخبرة بسيرة الإمام أمير المؤمنين أو كلماته (عليه السلام)، وباعتراف أعدائه أنّه (عليه السلام) لعدله ومجابهته الظَلَمَة تفرّق الناس عنه!!!

فقد تحقّق بما ذكرناه أنّه لا يُعقل لأدنى كامل أن يقدم على مثل هذا العمل بالطوع والرغبة، فكيف بمثل أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي كان محور المكارم والكمالات، ومركز العدالة والفتوّة، والحنان والرحمة.

سبحان الله كيف يزوّج عليّ (عليه السلام) ابنته، وهي حديثة السنّ، وفي أوّل أيّام إدراكها، ولم تصل بعد إلى ريعان شبابها برجل كونيّ، رجله على شفير القبر أو شفا جرفٍ هار!!!

أما كان في بني أعمامها شابّ أو فتى حتى يزوّجها به؟!!

أما كان لها أقران أكفّاء من المسلمين ممّن كان على عمرها، أو قريب منها عُمْراً ونزعةً؛ حتى تختار واحداً منهم لأن تعيش معه طول الحياة عيشاً سعيداً، ولا تبتلي بشيخ همّ يترقّب هلاكه في ليلة الزفاف؛ ويستشم منه ريح الكافور في ليلة العرس!!!

٢٨٤

٥٤٦ - أخبرني الشيخ مجد الدين عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر بن أبي الجيش - (رحمه الله) - وغيره إجازةً، قالوا: أنبأنا الشيخ أبو محمد ابن(١) عبد العزيز بن أحمد بن مسعود بن سعد بن عليّ الناقد إجازةً، قال: أنبأنا أبو القاسم سعيد بن أحمد بن الحسن بن البنّاء سماعاً عليه - في آخر المحرّم سنة تسع وأربعين وخمسمئة - قال: أنبأنا الشريف الأجلّ أبو نصر محمد بن عليّ بن الحسن الهاشمي الزينبي، قيل له: أخبركم أبو بكر محمد بن عمر بن عليّ بن خلف الورّاق، قال: حدّثنا أبو بكر محمد الرازي بن عثمان التمّار(٢) حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثا محمد بن إبراهيم بن العلاء الدمشقي، حدّثا عمار [ة] بن سيف، عن هشام بن عمرو، عن أبيه، عن عبد الله بن عمر، قال:

قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم):إنّي سالت ربّي عزّ وجلّ أ [ن] لا يرفع إليّ أحد من أُمّتي، ولا يترفّع إليّ أحد من أُمّتي (٣) إلاّ كان معي في الجنّة، فأعطاني ذلك.

٥٤٧ - وبه [أي بالسند المتقدّم آنفاً] حدّثنا أبو بكر محمد التمّار، حدّثنا أبو عبد الله صاحب خليل، حدّثنا محمد بن إبراهيم بن العلاء الدمشقي، حدّثنا إسماعيل بن عياش، عن نور(٤) بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن معاذ بن جبل، قال:

قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): شرط [إليّ] من ربّي شروط أ [ن] لا أصاهر

____________________

(١) لفظة: (ابن) غير موجودة في نسخة السيد علي نقي، وإنّما هي من نسخة طهران.

(٢) كذا في نسخة طهران، وفي نسخة السيد علي نقي: (أبو بكر محمد السري بن عثمان التمّار).

(٣) كذا في نسخة طهران، وفي نسخة السيد علي نقي: (أن لا يزوّج إليّ أحد من أُمّتي، ولا يتزوّج إليّ أحد..).

والحديث مضطرب المتن، ضعيف السند، مشكوك الصدور عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بناءً على ما في نسخة طهران. وأمّا بناءً على أنّ متنه هو المتن المذكور في نسخة السيد علي نقي، فهو مقطوع الاختلاق، وإنّه من صنيع أعوان الشجرة الملعونة في القرآن، حاولوا بافترائهم إيّاه على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ونسبته إليه تبرير أعمال المنافقين، وتحبيذ ما أسّسه الظالمون.

(٤) كذا في نسخة السيد علي نقي، وفي نسخة طهران: (إسماعيل بن عبّاس، عن سور بن يزيد).

٢٨٥

إلى أحد، وأ [ن] لا يصاهر إليّ أحد إلاّ كانوا رفيقاتي في الجنّة(١) فاحفظوني في أصهاري وأصحابي، فمَن حفظني فيهم كان عليه من الله حافظ، ومَن لم يحفظني فيهم تخلّى الله عزّ وجلّ منه، ومَن تخلّى الله منه هلك(٢) .

____________________

(١) كذا في نسخة طهران، ولكن بإهمال القاف والتاء المثناة الفوقانية، وفي نسخة السيد علي نقي: (رفاقتي).

(٢) هذا الحديث مع اشتماله على ضعف السند، مخالف لضرورة الإسلام ومحكمات الكتاب والسنّة، إذ كان لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أصهار من المشركين واليهود من عشيرة أُمّ المؤمنين خديجة (رضوان الله عليها)، ومن أُسرة أُمّ المؤمنين صفيّة، فيلزم أن يكون أبواهما من رفقاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الجنّة، وضرورة الإسلام قاضية بأنّ المشركين والمعاندين من أهل الكتاب لا يستشمّون رائحة الجنّة..

وكيف يمكن أن يوصي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) باحتفاظ حقّه في عموم أصحابه - على ما قصده مختلق هذا الحديث - وفيهم المنافقون الذين كانوا يتربّصون به الدوائر وريب المنون، وكانوا عيون المشركين وجواسيس اليهود يراقبون حالات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويفشونها إلى أخدانهم من المشركين واليهود؛ كي يتوسّلوا بهذه المعلومات إلى القضاء على الإسلام ورسول الله والمسلمين!!!

ومَن أراد أن يرى ملموساً أنّ الجمّ الغفير من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) - أي الذين كانوا محيطين به - كانوا من المنافقين فليتدبّر آيات سورة التوبة، والأحزاب، وسورة المنافقين؛ فإنّها تغنيه عن غيرها، وتعرّفه أنّه ما جرّ الويلات والفتن إلى ساحة المسلمين إلاّ المنافقون، ولم يختلف المسلمون ولم يتفرّقوا ويتمزّقوا إلاّ بكيد المنافقين كما أخبر (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك فقال:(إنّي لا أخاف على أُمّتي مؤمناً ولا مشركاً، أمّا المؤمن فيمنعه الله بإيمانه، وأمّا المشرك فيقمعه الله بشركه، ولكنّي أخاف عليكم كل منافق الجنان، عالم اللسان، يقول ما تعرفون ويفعل ما تنكرون) !!!

وما أحسن ما أجاده العلاّمة الطباطبائي في منظومته الكلاميّة في الإشارة إلى كثرة المنافقين في المزدحمين حول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال:

وهل ترى جميع مَن كان معه = ما قد حوى من الصفات جمعه

كيف وفي أصحابه منافقْ = وفاسق به الكتاب ناطقْ

ومَن زنى وللخمور شربا = منهمكاً وللفجور ارتكبا

فليست الصحبة من حيث هيه = عاصمة من ارتكاب المعصيه

ولا سبيلها سبيل التوبه = بحيث لا يقدح فيها الحوبه

أليس منهم مَن أتاهم أفإن = ويلمزون وينادونك من

ألم يكن ولّى عن الزحف وفرْ = أكثرهم وغادروا خير البشرْ

وهل نسيت عصبة الإفك ومَنْ = في عصمة النبيّ بالإفك طعنْ

وفي حديث حوضه شهاده = تثبت ردّ البعض وارتداده

أقول: وما ذكره العلاّمة الطباطبائي في الشطرين الأخيرين متواتر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وذكره أصحاب صحاح أهل السنّة: كالبخاري ومسلم وغيرهما في صحيحهما بأسانيد، وله شواهد كثيرة جدّاً تجد بعضها تحت الرقم: (٨٥١) وتواليه من كتاب شواهد التنزيل: ج٢ ص١٥٢.

٢٨٦

____________________

وذكرنا نموذجاً منه في تعليق الحديث التالي هاهنا، فاقرأه وتبصّر.

ثمّ إنّ صدق هذا الحديث والتصديق به ملازم للتصديق بهلاك أئمّة القوم، وإنّ الله تعالى تخلّى عنهم حيث لم يحفظوا حقّ رسول الله ووصيّته في أفضل أصهاره، وزوج أفضل بناته وأبي ذرّيته الطيّبة الباقية بن الأُمّة، وهمّوا به الهموم وهو مشغول بتجهيز رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولم يفرغ منه حتى بلغه: أنّ القوم فرغوا ممّا خطّطوا ودبّروا قبل ذلك اليوم، فبعثوا إليه وساقوه عنفاً إلى بيعتهم وهدّدوه بالقتل إن لم يبايعهم، وأخذوا نِحْلة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لزوجته منها وآذوها أشدّ إيذاءً حتى هاجرتهم وتوفيّت وهي مغضبة عليهم، وكانت قد وصّت إلى عليّ (عليه السلام) أن يدفنها ليلاً ولا يؤذنهم للحضور إلى تشييعها ودفنها؛ فدفنها علي (عليه السلام) ليلاً مظلومة مضطهدة، كما يشهد به كلمات كثيرة من أمير المؤمنين (عليه السلام) وشواهد أُخر من طريق القوم.

ثمّ إنّ ظلمهم هذا قد توسّع وانبسط، بسعاية أخلاّء القوم وأخدانهم من ظَلَمَة بني أميّة وبني مروان، ومَن شايعهم على ظلمهم ونفاقهم، فحاصروا آل رسول الله (عليهم السلام) في بيوتهم، وحجبوا بينهم وبين القيام بحقوقهم ووظائفهم، كما حاصروا جدّهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في شِعْب أبي طالب، وخنقوهم عند ظنّهم واحتمالهم لثوراتهم!!!

فالحديث المذكور في المتن، وما هو بسياقه، باطل مخالف لمباني الشيعة والسنّة معاً؛ وكفى به وهناً وإدراجاً له في سلّة الأباطيل، مخالفته لمحكمات الشريعة وأُصول الشيعة والسنّة معاً.

٢٨٧

الباب الستّون

[تهديد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعض الجهّال، أو المعاندين، الذين آذوا آل رسول الله بأنّ قرابتهم من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا تنفعهم يوم القيامة].

٥٤٨ - أنبأني الشيخان كمال الدين أبو الفرج عبد الرحمان بن عبد اللطيف بن محمد البزّار البغدادي(١) وشمس الدين عبد الواسع بن عبد الكافي بن عبد الواسع الأبهري، ثمّ الدمشقي، قال: أنبأنا الشيخان أبو حفص عمر بن محمد بن محمد بن

____________________

(١) ومثله في الحديث: (٣٥٦) من السمط الأوّل، ويعضده ما يأتي تحت الرقم: (٦٠٩ / أو ٥٩٢) من هذا السمط ص٣٢٩ من مخطوطي. وفي هذه الطبعة ص٣٣٦.

وهاهنا كتب في أصليّ بخط يدي فوق لفظ: (البغدادي) لفظ: (البغوي) والظاهر أنّه مأخوذ من نسخة السيد علي نقي، وأنّه كان فيه: (البغوي) بدلاً عن (البغدادي)، ولا تحضرني النسخة الآن.

وأيضاً رواه أحمد بهذا السند، وبسندٍ آخر في الحديث: (١٧٤) من مسند أبي سعيد من المسند: ج٣ ص١٨ قال:

حدثنا أبو عامر، حدثنا زهير عن عبد الله بن محمد، عن حمزة بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه قال: سمعت النبي (صلّى الله عليه وسلّم) يقول على هذا المنبر:(ما بال رجال يقولون: إنّ رحم رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) لا تنفع قومه؟! بلى والله إنّ رحمي موصولة في الدنيا والآخرة، وإنّي أيّها الناس فرط لكم على الحوض، فإذا جئتم قال رجل: يا رسول الله أنا فلان ابن فلان. وقال آخر: أنا فلان ابن فلان. قال لهم: أمّا النسب فقد عرفته ولكنّكم أحدثتم بعدي وارتددتم القهقرى) .

ورواه أيضاً في الحديث: (٣٨٢) من مسند أبي سعيد من كتاب المسند: ج٣ ص٣٩ ط١، قال:

حدثنا أبو النضر، حدثنا شريك، عن عبد الله بن محمد بن عقي، عن سعيد بن المسيّب:

عن أبي سعيد الخدري، عن النبي (صلّى الله عليه وسلّم) أنّه قال: تزعمون أنّ قرابتي لا تنفع قومي!! والله إنّ رحمي موصولة في الدنيا والآخرة [و] إذا كان يوم القيامة يرفع لي قوم يؤمر بهم ذات اليسار، فيقول الرجل: يا محمد أنا فلان ابن فلان. ويقول الآخر: أنا فلان ابن فلان. فأقول: أمّا النسب قد عرفت، ولكنّكم أحدثتم بعدي وارتددتم على أعقابكم القهقرى.

٢٨٨

معمر بن طبرزد الدار فري، وأبو الفرج محمد بن هبة الله بن كامل الوكيل - إجازةً إن لم يكن سماعاً - قال: أنبأنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، أنبأنا أبو علي ابن المذهب، أنبأنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل(١) قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا زكريّا بن عديّ، قال: أنبأنا عبيد الله(٢) - يعني ابن عمرو - عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن حمزة بن سعيد الخدري، عن أبيه، قال:

سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) يقول على المنبر:(ما بال قوم يقولون: إنّ رحم رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) لا تنفع يوم القيامة؟! (٣) فو الله إنّ رحمي لموصولة في الدنيا والآخرة، وإنّي أيّها الناس فرط لكم على الحوض) .

____________________

(١) رواه أحمد في الحديث: (٥٣٨) في أوائل مسند أبي سعيد الخدري من كتاب المسند: ج٣ ص٦٢ ط١، وفيه: (حدثنا عبد الله، حدثني أبي...).

ورواه عنه ابن كثير في تفسير الآية: () من سورة: () من تفسيره: ج٧ ص٣٤ ط بولاق بمتن مثل ما رويناه عن عبد بن حميد، وقد روى عنه ابن كثير في إحقاق الحقّ: ج٩ ص٥١٤.

(٢) كذا في كتاب المسند - هاهنا - وفي الأصل: (عبد الله...).

(٣) كذا في أصليّ مع، وفي المسند: (ما بال أقوام تقول: إنّ رحم رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) لا تنفع يوم القيامة؟ والله إنّ رحمي لموصولة...).

والحديث رواه أيضاً ابن أبي الحديد باختلاف لفظي في شرح المختار: (٩٢) من نهج البلاغة: ج٢ ص١٨٧، ط٢ بمصر.

ورواه أيضاً عبد بن حميد في مسنده، الورق ١٢٨ / أ / قال:

حدثني زكريا بن عديّ، أنبأنا عبد الله بن عمرو، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن حمزة بن أبي سعيد:

عن أبي سعيد قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) يقول على المنبر:(ألا ما بال أقوام يقولون: إنّ رحم رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) لا ينفع يوم القيامة؟! بلى والله إنّ رحمي لموصولة في الدنيا والآخرة، وإنّي أيّها الناس فرط لكم يوم القيامة على الحوض، فإذا جئتم قال رجل: يا رسول الله أنا فلان ابن فلان [و] يقول آخر: يا رسول الله أنا فلان ابن فلان. فأقول: أمّا النسب فقد عرفته ولكنّكم أحدثتم بعدي وارتددتم القهقرى) .

ورواه أيضاً البيهقي في كتاب الاعتقاد على مذهب السلف ص١٦٥، ط القاهرة، قال:

حدثنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الإصبهاني، أنبأنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان، حدثنا إبراهيم ابن الحارث البغدادي، حدّثنا يحيى بن أبي بكير، حدثنا زهير بن محمد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل:

عن حمزة بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) يقول على المنبر:(ما بال رجال يقولون: إنّ رحم رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) لا ينفع قومه يوم القيامة؟! بلى والله إنّ رحمي موصولة في الدنيا والآخرة، وإنّي أيّها الناس فرط لكم على الحوض) .

ورواه علويّ بن طاهر الحداد في القول الفصل: ج٢ ص١٦:

عن أحمد والحاكم والبيهقي والطبراني في الكبير، وعبد بن حميد، وأبي يعلى، وابن أبي شيبة.

هكذا رواه عنهم. ورواه أيضاً عن مصادر أُخر في إحقاق الحق: ج٩ ص٥١٤.

٢٨٩

٥٤٩ - أنبأني الشيخ مجد الدين عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر ابن أبي الجيش البغدادي، والشيخ كمال الدين أبو الحسن عليّ بن محمد بن محمد بن وضّاح الشهراباني(١) (رحمهما الله) إجازةً، قالا: أنبأنا الشيخ إبراهيم بن محمود بن سالم بن مهدي بن الخبير إجازةً، قال: أخبرتنا فخر النساء شهدة بنت أحمد بن الفرج بن عمر الأبزي، إجازةً إن لم يكن سماعاً - قال: أنبأنا الشيخ الإمام أبو القاسم علي بن الحسين بن عبد الله الربعي قراءةً عليه ونحن نسمع - في ذي الحجّة سنة تسعين وأربعمئة - قال: أنبأنا أبو الحسن محمد بن محمد بن إبراهيم بن مخلد البزّار سنة سبع عشر وأربعمئة، أنبأنا أبو جعفر محمد ابن عمر البحتري الرزاز إملاءً سنة تسع وثلاثين وثلاثمئة، قال: حدّثنا أحمد بن محمد، حدّثنا عبيد بن إسحاق، حدّثنا القاسم ابن محمد(٢) حدّثني عبد الله بن محمد:

حدّثنا جابر بن عبد الله، قال: كان لآل رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) خادمة تخدمهم، يُقال لها: بريرة(٣) فلقيها رجل فقال [لها]: يا بريرة غطّي شُعَيفاتك(٤) فإنّ محمداً (صلّى الله عليه وسلّم) لن يغني عنك من الله شيئاً!!! قال: فأخبرت النبي (صلّى الله عليه وسلّم) فخرج يجرّ رداءه محمارّة وجنتيه، [قال جابر:] وكنّا معشر الأنصار نعرف غضبه بجرّ ردائه وحمرة وجنتيه، فأخذنا السلاح، فأتيناه فقلنا: يا رسول الله مرنا بما شئت، والذي بعثك بالحقّ لو أمرتنا بآبائنا وأمّهاتنا وأولادنا لمضينا لقولك فيهم. ثمّ صعد المنبر فحمد الله عزّ وجلّ وأثنى عليه [ثمّ] قال:ما أنا؟ قلنا: أنت رسول الله. قال:نعم ولكن مَن أنا؟ قلنا: محمد بن عبد الله بن عبد المطّلب

____________________

(١) كذا.

(٢) كذا في نسخة طهران، وفي نسخة السيد علي نقي: (محمود).

(٣) كذا في أصليّ، ومثله في الباب: (١) من كتاب ذخائر العقبى ص٦ نقلاً عن ابن البحتري.

وذكرها ابن حجر في باب الباء من كتاب النساء تحت الرقم: (١٧٣) من كتاب الإصابة؛ ج٤ ص٢٥١ وقال: (برة) غير منسوبة، [ثمّ قال]: قال الطبراني في المعجم الأوسط:

حدثنا محمد بن العبّاس المؤدّب، حدثنا عبيد بن الإسحاق العطّار، حدثنا القاسم بن محمد بن عبد الله بن عقيل، حدثني أبي عبد الله - [قال القاسم]: وكنت أدعو جدّى أبي - حدثنا جابر بن عبد الله، قال:

كان لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خادمة تخدمه يُقال لها: (برّة) فلقيها رجل فقال لها: يا برّة غطّي شعيفاتك؛ فإنّ محمّداً لن يُغني عنك من الله شيئاً!!! فأخبرت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فخرج يجرّ رداءه محمرّة وجنتاه... الحديث: [قال ابن حجر:] وعبيد وشيخه متروكان.

(٤) هذا هو الصواب الموافق لما في كتاب ذخائر العقبى ص٦، والشعفة: الذآبة. قال في تاج العروس: الشعفة: الخصلة في أعلى الرأس. ويقال: ما في رأسه إلاّ شعيفات أي إلاّ شعيرات من الذوابة. وهذه اللفظة في المتن والتعليقة معاً كانت مصحّفة: (شفيعاتك سيقالك).

٢٩٠

ابن هاشم بن عبد مناف. قال:أنا سيّد ولد آدم ولا فخر، وأوّل مَن ينشقّ عنه الأرض ولا فخر، وأوّل مَن ينتقض التراب عن رأسه ولا فخر، وأوّل داخل الجنّة ولا فخر، وصاحب لواء الحمد ولا فخر، وفي ظلّ الرحمان عزّ وجلّ يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه ولا فخر.

ما بال أقوام يزعمون [أنّ] رحمي لا ينفع؟! بل [ينفع حتّى تبلغ] جاء وحكم وهما آخر قبيلتي من اليمن (١) لأُشفَّع فأشفع، حتّى أنّ [مَن] أشفع له يشفع، حتى أنّ إبليس ليطاول طمعاً في الشفاعة (٢) .

____________________

(١) كذا في أصليّ غير أنّ لفظ: (حاء) كان فيه بالجيم، وما بين المعقوفتين أيضاً كان قد سقط عنه؛ وأخذناه من كتاب ذخائر العقبى، وفيه بعده هكذا: (وهم إحدى قبيلتين من اليمن...).

قال في الغريب: وهما حيّان من اليمن من وراء رمل: (يبرين). قال أبو موسى: يجوز أن يكون (حاء) من الحوة وقد حُذفت لامه، ويجوز أن يكون من حوي يحوي، ويجوز أن يكون مقصوراً غير ممدود.

(٢) وقريباً منه جدّاً رواه الهيثمي في أوّل (كتاب علامات النبوّة) من مجمع الزوائد: ج٨ ص٢١٦ عن الطبراني بسنده، عن ابن عبّاس، قال:

توفّي ابن لصفيّة عمّة رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) فبكت عليه وصاحت، فأتاها النبي (صلّى الله عليه وسلّم) فقال لها:يا عمّة ما يبكيك؟ قالت: توفّي ابني. قال:يا عمّة مَن توفّي له ولد في الإسلام فصبر بنى الله له بيتاً في الجنّة. فسكتت، ثمّ خرجت من عند رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) فاستقبلها عمر بن الخطاب، فقال: يا صفيّة قد سمعت صراخك إنّ قرابتك من رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) لن تغني عنك من الله شيئاً!!! فبكت. فسمعها النبي (صلّى الله عليه وسلّم) وكان يكرّمها ويحبّها، فقال:يا عمّة أتبكين وقد قلت لك ما قلت؟ قالت: ليس ذاك أبكاني يا رسول الله، استقبلني عمر بن الخطاب، فقال: إنّ قرابتك من رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) لن تغني عنك من الله شيئاً!!! قال: فغضب النبي (صلّى الله عليه وسلّم) وقال:يا بلال هجّر بالصلاة، فهجّر بلال بالصلاة فصعد النبي (صلّى الله عليه وسلّم) المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال:ما بال أقوام يزعمون أنّ قرابتي لا تنفع؟ كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلاّ سببي ونسبي؛ فإنّها موصولة في الدنيا والآخرة.

أقول: وفي ذيل الحديث وقبله أيضاً شواهد أُخر في أنّ عمر ومَن كان على نزعته كانوا مصرّين على إيذاء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكذلك في ترجمة عبد الله بن عبّاس من كتاب المعرفة والتاريخ: ج٢ ص٤٩٩.

وقريباً منه رواه الطبراني في ترجمة عبيد الله بن جعفر من المعجم الصغير: ج١، ص٢٣٩ قال:

حدثنا عبيد الله بن جعفر بن أعين البغدادي، حدثنا أبو الأشعث بن المقدام العجلي، حدثنا أصرم بن حوشب، حدثنا إسحاق بن واصل الضبّي، عن أبي جعفر محمد بن عليّ:

عن عبد الله بن جعفر، قال: أتى العبّاس بن عبد المطّلب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا رسول الله إنّي أتيت قوماً يتحدّثون فلمّا رأوني سكتوا وما ذاك إلاّ أنّهم يستثقلوني!! فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): قد فعلوها؟ والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدهم حتى يحبّكم بحبّي أيرجون أن يدخلوا الجنّة بشفاعتي ولا يرجو [ه] بنو عبد المطّلب؟!

أقول: وذيل الكلام رواه أيضاً الطبراني في ترجمة محمد بن عونه السيرافي من المعجم الصغير: ج٢ ص٩٦ قال:

حدثنا محمد بن عون السيرافي بالبصرة، حدثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام، حدثنا أصرم بن حوشب، حدثنا قرّة بن خالد، عن أبي جعفر محمد بن عليّ، قال: قلت لعبد الله بن جعفر بن أبي طالب: حدّثنا شيئاً سمعته...

٢٩١

الباب الحادي والستّون(١)

[في حثّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) على محبّة الله، ومحبّته، ومحبّة أهل بيته]

٥٥٠ - أنبأنا الشيخ نجم الدين عثمان بن الموفّق، والأمير تاج الدين الموفّق بن محمد بن الموفّق الأذكانيان (رحمهما الله) بروايتهما، عن الإمام مجد الدين عبد الحميد بن محمد بن إبراهيم الخوارزمي إجازةً، قال: أنبأنا الإمام تاج الدين أبو سعيد مسعود بن محمود بن حسّان بن سعيد المنيعي سماعاً عليه في الجامع المنتقى(٢) لثلاث ليالٍ بقين من شهر رمضان سنة سبع وسبعين وخمسمئة.

حيلولة: وأخبرني العدل الإمام تاج الدين علي بن أنجب بن عبيد الله الخازن البغدادي إجازةً، قال: أنبأنا شهاب بن محمود(٣) المزكّي الهروي كتابةً، قال: أخبرنا الإمام أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن أبي المظفّر منصور بن عبد الجبّار السمعاني، قال: أنبأنا الشريف أبو البركات عمر بن إبراهيم بن حمزة الحسيني بقراءتي عليه بالكوفة، أنبأنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن النقّور البزّار، أنبأنا أبو الحسن علي بن عمر الحربي، أنبأنا أحمد بن الحسين الصوفي، حدّثنا يحيى بن معين، حدثنا هشام بن يوسف، عن عبد الله بن سليمان، عن محمد بن عليّ بن عبد الله بن عبّاس، عن أبيه، عن جدّه (رضي الله عنهم أجمعين)، قال:

قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم):(أحبّوا الله لما يغذوكم به من نعمة، وأحبّوني

____________________

(١) وبعد هذا الباب قد سقط عن أصليّ من مخطوطة طهران قوله: باب كذا، وباب كذا. وأمّا نسخة السيد علي نقي فقد أنهت المطالب إلى صدر الحديث: (٥٥٤) في ص٢٩٥ والبقيّة إلى آخر الكتاب ساقطة عنه.

(٢) كذا في أصليّ هاهنا، ولم أجد اللفظة في غير هذا المورد من موارد النقل عن عثمان بن الموفّق في هذا الكتاب، والظاهر أنّها مصحّفة عن (المنيعي).

(٣) كذا في نسخة طهران، وفي نسخة السيد علي نقي: (محفوظ).

٢٩٢

بحبّ الله، وأحبّوا أهل بيتي بحبّي) (١) .

____________________

(١) ورواه أيضاً الترمذي في باب مناقب أهل البيت (عليهم السلام) من أبواب المناقب تحت الرقم: (٣٨٨٩) من سننه: ج٥ ص٦٦٤ وشرح الأحوذي: ج١٢، ص٢٠١، قال:

حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث، قال: أخبرنا يحيى بن عين، قال: حدثنا هشام بن يوسف، عن عبد الله بن سليمان النوفلي، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عبّاس، عن أبيه، عن ابن عبّاس، قال:

قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم):(أحبّوا الله لما يغذوكم من نعمة، وأحبّوني بحبّ الله، وأحبّوا أهل بيتي لحبّي) .

قال أبو عيسى [الترمذي]: هذا حديث حسن غريب إنّما نعرفه من هذا الوجه.

أقول: ورواه أيضاً الطبراني في الحديث: (١١١) من ترجمة الإمام الحسن (عليه السلام) تحت الرقم (١٠٠٠) من كتاب المعجم الكبير: ج١ / الورق ١٢٥ / أ / وفي ط١: ج٣ ص... قال:

حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا يحيى بن معين...

ورواه أيضاً أبو نعيم في ترجمة علي بن عبد الله بن العبّاس تحت الرقم: (٢٣٧) من حلية الأولياء: ج٣ ص٢١١ قال:

حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا يحيى بن معين...

ثمّ قال أبو نعيم: هذا حديث غريب بهذا اللفظ لا يعرف مأثوراً متصلاً عن النبي (صلّى الله عليه وسلّم) إلاّ من حديث علي بن عبد الله بن العبّاس، ولا عنه إلاّ من حديث هشام بن يوسف عن عبد الله. وهشام بن يوسف هو قاضي صنعاء محتجّ بحديثه أحد الثقاة:

[و] رواه أيضاً عنه علي بن بحر مثل رواية يحيى بن معين...

ورواه أيضاً الحاكم في أواخر باب مناقب أهل البيت من المستدرك: ج٣ ص١٤٩، قال:

أخبرنا أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه، وأبو الحسن أحمد بن محمد العنبر، قال: حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا يحيى بن معين، حدثنا هشام بن يوسف، حدثني عبد الله بن سليمان النوفلي، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عبّاس، عن أبيه، عن ابن عبّاس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):(أحبّوا الله لما يغذوكم به من نِعَمِه، وأحبّوني لحبّ الله، وأحبّوا أهل بيتي لحبّي) .

قال الحاكم - وصدّقه الذهبي -: هذا حديث صحيح الإسناد.

ورواه أيضاً في ترجمة أحمد بن رزقويه تحت الرقم: (١٨٣٣) من تاريخ بغداد: ج٤ ص١٥٩ قال:

أخبرنا الحسن بن الحسين بن العبّاس النعالي، أخبرنا أحمد بن عبد الله بن نصر الذارع بالنهروان، حدثنا أبو العبّاس أحمد بن رزقويه الوزّان، حدثنا يحيى بن معين، حدثنا هشام بن يوسف، حدثنا عبد الله بن سليمان النوفلي...

ثمّ قال الخطيب: رواه عن يحيى بن معين جماعة هكذا...

ورواه أيضاً الشيخ الصدوق في المجلس: (٥٨) من أماليه ص٣٢٦ بسندٍ آخر عن هشام بن يوسف...

ورواه أيضاً يوسف بن يعقوب الفسوي في ترجمة عبد الله بن عبّاس من كتاب المعرفة والتاريخ: ج٢ ص٤٩٧ قال:

حدثنا زياد بن أيّوب، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا هشام بن يوسف الصنعاني، عن عبد الله بن سليمان النوفي قاضي صنعاء...

ورواه السيوطي في ذيل تفسير آية المودّة - وهي الآية: (٢٣) من سورة الشورى من تفسير الدرّ المنثور، وقال: أخرجه الترمذي وحسنّه و [أخرجه أيضاً] الطبراني والحاكم والبيهقي في الشعب.

ورواه عنه في فضائل الخمسة: ج٢ ص٧٥.

٢٩٣

٥٥١ - أخبرني الإمام تاج الدين علي بن أنجب بن عبيد الله إجازةً، عن كتاب الإمام برهان الدين ناصر ابن أبي المكارم المُطرّزي، قال: أخبرنا أبو المؤيّد الموفّق بن أحمد المكّي الخوارزمي(١) بإسناده إلى الإمام محمد بن أحمد بن علي بن شاذان(٢) قال: حدّثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد - بالمحمدية - عن الحسين بن جعفر، عن محمد بن يعقوب، عن محمد بن عيسى، عن نصر بن حمّاد، عن شعبة بن الحجّاج، عن أيّوب السختياني، عن نافع، عن ابن عمر، قال:

قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم):(مَن أراد التوكّل على الله فليحبّ أهل بيتي، ومَن أراد أن ينجو من عذاب القبر فليحبّ أهل بيتي، ومَن أراد الحكمة فليحبّ أهل بيتي، ومَن أراد دخول الجنّة بغير حساب فليحبّ أهل بيتي، فوالله ما أحبّهم أحد إلاّ ربح الدنيا والآخرة) .

٥٥٢ - أخبرني محمد بن يعقوب إجازةً، أخبرنا عبد الرحمان بن عبد السميع إجازةً، أنبأنا شاذان بن جبرئيل بقراءتي عليه، أنبأنا محمد بن عبد العزيز، أنبأنا الحاكم محمد بن أحمد النطنزي، قال: حدثنا الأُستاذ الإمام أبو محمد أحمد بن الفضل الخواص، قال: حدثنا أبو سعيد النقّاش، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم البروجردي، قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن أحمد الطوسي، حدّثنا محمد بن يحيى بن ضريس الفيدي(٣) قال:

حدّثا عيسى بن عبد الله، عن أبيه: عن جدّه علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال:(جاء رجل إلى النبي (صلّى الله عليه وسلّم)، فقال: والله إنّي لأحبّك يا رسول الله. قال: وحدي؟ قال: نعم. قال: ما أحببتني حتّى تحبّني في آلي) (٤) .

____________________

(١) رواه في الحديث: (٢٥) من الفصل: (٥) وهو باب فضائل فاطمة (صلوات الله عليها) من مقتله: ج١، ص٥٩ ط الغري.

(٢) هذا هو الصواب الموافق لنسخة السيد علي نقي ومقتل الخوارزمي، وفي مخطوطة طهران هاهنا تصحيف.

(٣) هذا هو الصواب، وفي نسخة السيد علي نقي: (العبدي).

(٤) كذا في أصليّ كليهما.

والحديث قد رأيته في بعض مصادر أُخر من مصادر أهل السنّة - وقد ذهب عن بالي اسمه - وكما نفيه أنّ الرجل الذي واجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذا القول هو عمر بن الخطّاب.

٢٩٤

[قول زيد الشهيد (رضوان الله عليه): إنّ من رضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يدخل أهل بيته وذرّيته الجنّة].

٥٥٣ - أخبرني أحمد بن إبراهيم [بن عمر الفاروقي] عن عبد الرحمان بن عبد السميع إجازةً، عن شاذان القُمي قراءةً عليه، عن محمد بن عبد العزيز، عن محمد بن أحمد بن علي، قال: أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسين الحدّاد، قال: حدّثنا أبو نعيم، قال: حدثنا أبو بكر ابن البراء، قال: حدثنا محمد بن أحمد الكاتب، قال: حدثنا عيسى بن مهران، قال: حدثنا حفص بن عمر، قال: حدثنا الحكم بن ظهير، عن أبي الزناد:

عن زيد بن علي [(عليهما السلام)] في قوله عزّ وجلّ:( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ) [٥ / الضحى: ٩٣] فقال: إنّ من رضى رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) أن يدخل أهل بيته وذرّيته في الجنّة(١) .

____________________

(١) والحديث رواه أيضاً ابن عساكر في ترجمة زيد الشهيد من تاريخ دمشق: ج١٩، ص١٣٥، قال:

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله، أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي، أنبأنا أبو سعيد الحسن بن محمد بن عبد الله بن حسنويه الإصبهاني، أنبأنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر بن سلم بن البراء بن سبرة بن سنان الجعابي الحافظ، أنبأنا محمد بن أحمد الكاتب...

ورواه أيضاً ابن المغازلي في ذيل الحديث: (٣٦٠) من مناقبه ص٣١٦ ط١، قال:

أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب إجازةً: أنّ أبا أحمد عمر بن عبد الله بن شوذب أخبرهم: قال: حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق، حدثنا محمد بن أحمد بن أبي العَوام، حدّثنا ابن الصباح الدولابي، حدثنا الحكم بن ظهير:

عن السدّي في قوله عزّ وجلّ:( وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا ) قال: المودّة في آل الرسول (صلّى الله عليه وآله).

وفي قوله تعالى:( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ) قال: رضى محمد (صلّى الله عليه وآله) أن يدخل أهل بيته الجنّة.

ورواه في هامشه إشارة عن الصواعق المحرقة ص١٥٧، نقلاً عن القرطبي في تفسيره. ثمّ قال:

=

٢٩٥

____________________

=

وأخرجه أيضاً الثعلبي في تفسيره بإسناده إلى الحكم بن ظهير، عن السدّي، عن أبي مالك، عن ابن عبّاس.

وأخرجه أيضاً السيوطي في الدرّ المنثور: ج٦ ص٧. وفي كتاب مسالك الحنفاء ص١٣. وفي كتاب الحاوي للفتاوي: ج٢ ص٢٠٧. وفي كتاب السبل الجليّة ص٦.

وأخرجه أيضاً ابن كثير الدمشقي في تفسيره بهامش تفسير فتح البيان: ج١٠، ص١٤٦.

أقول: ورواه أيضاً الطبري في تفسير الآية الكريمة من تفسيره: ج٣٠ ص٢٣٢ ط مصر:

عن عباد بن يعقوب، عن الحكم بن ظهير، عن السدّي، عن ابن عبّاس، قال: من رضاء محمد (صلّى الله عليه وسلّم) أن لا يدخل أحد من أهل بيته النار.

ورواه في الحديث: (١١١١، و١١١٣) من شواهد التنزيل عنه وعن فرات بن إبراهيم، عن جعفر بن محمد الفزاري، عن عباد، عن نصر، عن محمد بن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن أبن عبّاس...

ورواه أيضاً السيّد هاشم البحراني - نقلاً عن فرائد السمطين الجزء الثاني، ومناقب ابن المغازلي - في الباب: (٢٣) من كتاب غاية المرام ص٣٢٥ ط١.

٢٩٦

[كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) مع أبي عبد الله الجدلي حول تفسير قوله تعالى:( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آَمِنُونَ * وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ ) وأن مراد الله تعالى من الحسنة: حبّهم، ومن السيّئة: بغضهم].

٥٥٤ - أخبرني شيخنا الإمام مجد الدين محمد بن يحيى بن الحسين أبو الحسن الكرجي رحمه الله وسلفه - إجازةً إن لم يكن سماعاً بقراءتي عليه - قال: أخبرنا الرضيّ المؤيّد بن محمد بن علي إجازةً، أنبأنا جدّي لأُمّي محمد بن العبّاس العصاري أبو العبّاس سماعاً عليه، قال: أنبأنا القاضي أبو سعيد محمد بن سعيد الفرُّخزادي (رحمه الله)، قال: أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي (رحمه الله)، قال في تفسير قوله تعالى:( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آَمِنُونَ ) [٨٩ / النمل: ٢٧] قوله:( مَن جاء ) أي مَن وافى الله تعالى(١) [ثمّ قال الثعلبي]:

أخبرني أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد القايني(٢) أنبأنا القاضي أبو الحسين محمد بن عثمان النصيبي ببغداد، حدّثنا أبو بكر محمد بن الحسين السبيعي بحلب، حدّثني الحسين [بن] إبراهيم الجصّاص، أنبأنا حسين بن الحكم(٣) حدثنا إسماعيل بن أبان، عن فضيل بن الزبير، عن أبي داود السبيعي:

عن أبي عبد الله الجدلي، قال: دخلت علي علي [بن أبي طالب] (عليه السلام) فقال:(يا أبا عبد الله ألا أُنبّئك بالحسنة التي مَن جاء بها أدخله [الله] الجنّة، والسيّئة التي مَن جاء بها أكبّه الله في النار (٤) ولم يقبل معها عملاً؟ قلت: بلى. قال:الحسنة

____________________

(١) وبعد هذا في نسخة السيد علي نقص، وبقيّة المطالب إلى آخر الكتاب أخذناها من مخطوطة طهران.

(٢) كذا في ظاهر رسم الخطّ من نسخة طهران، والظاهر أنّه هو الصواب.

ورواه في الباب: (٣١) من كتاب غاية المرام ص٣٢٩ نقلاً عن فرائد السمطين الجزء الثاني وقال: (الفامي).

(٣) وهو الحيري، والحديث موجود تحت الرقم: (٢٨) من تفسيره، الورق ٢٠ / أ /.

(٤) إشارة إلى قوله تعالى في الآية: (٨٩) من سورة النمل (٢٧):( مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُم مِن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ * وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ ) .

٢٩٧

حبّنا والسيّئة بغضنا) (١) .

[ثمّ قال الثعلبي: قوله عزّ وجلّ]:( فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا ) أي من هذه الحسنة(٢) أي فله من هذه الحسنة خير يوم القيامة وهو الثواب والأمن.

[ثمّ قال: و] قال ابن عبّاس [في معنى قوله:]( فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا ) أي فمنها يصل إليه الخير(٣) .

وعن ابن عبّاس أيضاً [في معنى الكلام]:( فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا ) يعني الثواب(٤) لأنّ الطاعة فعل العبد، والثواب فعل الله تعالى.

وقيل [في معنى قوله جلّ وعل:( فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا ) ]: هو أن الله تعالى يقبل إيمانه حسناته، وقبول الله سبحانه وتعالى خير من عمل العبد.

وقيل [معنى]( فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا ) : أي رضوان الله تعالى، قال الله تعالى: (ورضوان من الله أكبر) [٧٢ / التوبة: ٩].

وقال محمد بن كعب وعبد الرحمان بن زيد [المراد من الخير في قوله تعالى:]( فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا ) الأضعاف، أعطاه الله تعالى بالواحدة عشراً فصاعداً، فهذا خير منها.

[قال الثعلبي:] ولقد أحسن ابن كعب، وابن زيد في تأويلهما [الخير بالأضعاف] لأنّ للأضعاف خصائص، منها: أنّ العبد يسأل عن عمله ولا يسأل عن الأضعاف.

ومنها: أنّ للشيطان سبيلاً إلى عمله ولا سبيل [له] إلى الأضعاف، ولأنّه لا يطمع الخصوم في الأضعاف(٥) ولأنّ دار الحسنة الدنيا، ودار الأضعاف الجنّة، ولأنّ الحسنة على استحقاق العبد، والتضعيف كما يليق بكرم الربّ سبحانه.

____________________

(١) ورواه أيضاً الحافظ الحسكاني في تفسير الآية الكريمة تحت الرقم: (٥٨٢) من شواهد التنزيل: ج١، ص٤٢٦ ط١، وقال:

أخبرونا عن القاضي أبي الحسين النصيبي...

ورواه قبله بسندٍ آخر واختصار في متنه، وروى بعدهما شواهد لهما.

ورواه أيضاً فرات بن إبراهيم في الحديث: (٤) من تفسير سورة النمل من تفسيره ص١١٥.

ورواه أيضاً في الحديث: (٤٦) من الجزء (١٧) من أمالي الطوسي ج٢. ص١٠٧، ط٢:

ورواه في الباب: (٣١ و ٣٢) من كتاب غاية المرام عن أبي نعيم والكليني والطوسي وابن ماهيار، والبرقي والطبرسي في تفسير الآية الكريمة من مجمع البيان.

(٢) جملة: (أي من هذه الحسنة) سقطت عن مخطوطة طهران، وأخذناها من الباب: (٣١) من كتاب غاية المرام ص٣٢٩، وما بين المعقوفات زيادات توضيحية منّا.

(٣) كلمتا: (إليه الخير) كان محلّهما بياضاً في الأصل، وأخذناهما من كتاب غاية المرام.

(٤) لفظة: (الثواب) تفسير لقوله: (خير) أي إنّ لفاعل الحسنة ما هو خير من الحسنة التي أتى بها وهو ثواب الله.

(٥) كذا في مخطوطة طهران، وفي كتاب غاية المرام: (ولأنّه لا يطمح للخصوم في الأضعاف).

٢٩٨

٥٥٥ - أخبرني أحمد بن إبراهيم بن عمر، إجازة عن عب الرحمان بن عبد السميع، إجازة عن شاذان بن جبرئيل قراءة عليه، أنبأنا محمد بن عبد العزيز القمّي، أنبأنا حاكم الدين محمد بن أحمد بن عليّ أبو عبد الله، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: حدّثنا أبو نعيم، قال: حدّثنا ابن سهل، قال: حدّثنا أحمد بن محمد بن شيبة أبو العباس، قال: حدّثنا محمد بن الحسين الخثعمي، قال: حدّثنا أرطأة بن حبيب، قال: حدّثنا فضيل بن الزبير الرسان، عن عبد الملك يعني زادان(١) وأبي داوود، عن أبي عبد الله الجدلي، قال:

قال عليّ (عليه السلام):يا أبا عبد الله ألا أخبرك بالحسنة التي من جاء بها أمن من الفزع الأكبر يوم القيامة؟ وبالسيّئة التي من جاء بها كبّت وجوههم في النار فلم يقبل منها عمل؟ ثم قرأ:( مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُم مِن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ * وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ ) [٨٩ - ٩٠ / النمل: ٢٧].

ثم قال:يا أبا عبد الله الحسنة حبّنا والسيّئة بغضنا.

____________________

(١) كذا في أصلي، ورواه في الحديث الثاني من الباب: (٣١) من كتاب غاية المرام عن فرائد السمطين الجزء الثاني وقال: (عن زاذان).

٢٩٩

[قول أمير المؤمنين (عليه السلام) في تفسر قوله تعالى:( وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ ) وأنّهم هم الذين رفضوا ولاية أهل البيت (عليهم السلام)].

٥٥٦ - أنبأني عِزّ الدين أحمد بن إبراهيم الفاروقي، أنبأنا النقيب عبد الرحمان الهاشمي إجازةً، أنبأنا شاذان بن جبرئيل القمّي بقراءتي عليه، أنبأنا محمد بن عبد العزيز، أنبأنا محمد بن أحمد بن علي، قال: أنبأنا أبو الفضل جعفر بن عبد الواحد ابن محمد بن محمود، قال: أنبأنا أبو طاهر بن عبد الرحيم، قال: حدّثنا أبو محمّد بن حبّاب، قال: حدّثنا محمد بن علي بن خلف العطّار، قال: حدّثنا الحسين بن علوان، قال: حدّثنا سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة:

عن علي (عليه السلام) في قوله تعالى:( وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ ) (١) [٧٤ / المؤمنون: ٢٣] قال:(عن ولايتنا).

____________________

(١) أي ماثلون عادلون، يقال: نكب زيد عن الحق - من باب نصر نكْباً ونُكُوباً): عدل عنه. و: (نكب عن الطريق - من باب علم - نَكَباً): عدل عنه:

والحديث رواه أيضاً عبّاس بن ماهيار الثقة في تفسيره فيما نزل في أهل البيت (عليهم السلام)، قال:

حدثنا أحمد بن الفضل الأهوازي، عن بكر بن محمد بن إبراهيم غلام الخليل، قال: حدثنا زيد بن موسى، عن أبيه موسى، عن أبيه جعفر، عن أبيه محمد، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين:

عن أبيه علي بن أبي طالب [(عليهم السلام)] في قول الله عزّ وجلّ:( وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ ) قال:(عن ولايتنا أهل البيت) .

ورواه عنه وعن فرائد السمطين الجزء الثاني، وعن ابن شهر آشوب في الباب: (٥٦ و ٥٧) من كتاب غاية المرام ص٢٦٣..

ورواه أيضاً فرات بن إبراهيم في الحديث [صبيح (ح)] عن الحسين بن علوان، عن سعد، عن الأصبغ...

ورواه في تفسير الآية الكريمة تحت الرقم: (٥٥٧) وتاليه من كتاب شواهد التنزيل: ج١ ص٤٠٢ ط١، عنه وعن أبي بكر السبيعي، عن وضيف بن عبد الله الأنطاكي، عن جعفر بن علي، عن الحسن بن حسين بن علوان، عن سعد الإسكاف، عن الأصبغ...

٣٠٠