المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٤

المهذب البارع في شرح المختصر النافع0%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 553

المهذب البارع في شرح المختصر النافع

مؤلف: العلامة جمال الدين ابي العباس احمد بن محمد بن فهد الحلي
تصنيف:

الصفحات: 553
المشاهدات: 109970
تحميل: 6744


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 553 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 109970 / تحميل: 6744
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء 4

مؤلف:
العربية

[على التعريف الثاني. وتحريمه معلوم من العقل. والنص، من الكتاب والسنة والاجماع.

أما الكتاب: فقوله تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل)(١) و (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما ياكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا)(٢) ومن غصب مال اليتيم فقد ظلمه.

واما السنة: فمنه ما رواه انس عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال: لا يحل مال امرء مسلم الا عن طيب نفس منه(٣) .

وعن ابن مسعود عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : حرمة مال المسلم كحرمة دمه(٤) .

وروى عبدالله بن السائب عن أبيه عن جده عن النبيعليه‌السلام قال: لا يأخذن احدكم مال اخيه جادا ولا لاعبا، من اخذ عصا اخيه فليردها(٥) .

وروى معلى بن مرة الثقفي ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من اخذ ارضا بغير حقها كلف ان يحمل ترابها إلى المحشر(٦) .

وعنهعليه‌السلام : من أخذ شبرا من الارض بغير حقه طوق به يوم القيامة من سبع ارضين(٧) .

وعنهعليه‌السلام ليأتين على الناس زمان لا يبالي الرجل بما يأخذ مال اخيه، بحلال]

____________________

(١)سورة النساء / ٢٩.

(٢)سورة النساء / ١٠.

(٣)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٤٧٣ الحديث ١ ولاحظ ماعلق عليه.

(٤)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٤٧٣ الحديث ٢ ولاحظ ماعلق عليه.

(٥)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٤٧٣ الحديث ٥ ولاحظ ما علق عليه.

(٦)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٤٧٤ الحديث ٦ ولاحظ ما علق عليه.

(٧)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٤٧٤ الحديث ٧ ولاحظ ما علق عليه ورواه أبي دواد الطبالسي في سنده ج ١٠ ص ٣١٧ الحديث ٣٤١٠.

٢٢١

ولا يضمن لو منع المالك من امساك الدابة المرسلة. وكذا لو منعه على القعود على بساطه. ويصح غصب العقار كالمنقول ويضمن بالاستقلال به. ولو سكن الدار قهرا مع صاحبها ففي الضمان قولان: ولو قلنا بالضمان ضمن النصف.

[او حرام(١) . واتفقت الامة تحريم الغصب.

قال طاب ثراه: ويصح غصب العقار كالمنقول - إلى قوله: ولو قلنا بالضمان ضمن النصف.

أقول: هنا مسائل.

(الاولى) يصح غصب العقار، أي يتحقق الغصب في العقار كما يتحقق في المنقول، وان لم تستقل اليد عليه، لان المراد باليد في تعريف الغصب (انه الاستقلال باثبات اليد) القدرة، لا الجارحة، ومعناها التمكن من الانتفاع بالعين مع رفع يد المالك، وهذا المعنى لاشك انه يتحقق في العقار والارض والاشجار كما يتحقق في المنقولات، بان يستقل بالتصرف في الدار والبستان مثلا، ويمنع المالك من التصرف.

(الثانية) لو سكن الدار قهرا مع مالكها، هل يتحقق الغصب هنا؟ يحتمله قويا، لاستقلاله بالتصرف فيما سكنه، ورفع يد المالك عنه، فيصدق الحد عليه، ويحتمل عدمه، لعدم الاستقلال، فان المالك لم يرفع يده عن الملك، بل هو متصرف فيه، والاول مذهب العلامة(٢) والثاني مذهب المصنف(٣) ].

____________________

(١)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٤٧٤ الحديث ٨ ولاحظ ماعلق عليه.

(٢)التحرير: ج ٢ كتاب الغصب ص ١٣٧ س ٢٥ قال: ولو سكن مع المالك قهرا فالوجه انه يضمن النصف.

(٣)الشرائع: كتاب الغصب (في السبب) قال: فلو سكن الدار مع مالكها قهرا لم يضمن الاصل،

٢٢٢

ويضمن حمل الدابة لو غصبها، وكذا الامة. ولو تعاقبت الايدى على المغصوب، فالضمان على الكل، ويتخير المالك. والحر لا يضمن ولو كان صغيرا، لكن لو اصابه تلف بسبب الغاصب ضمنه. ولو كان لا بسببه كالموت ولذع الحية فقولان.

[(الثالثة) على القول بالضمان، يضمن نصف الدار، ولا فرق بين ان يكون تصرفه في قدر النصف او اقل او اكثر، لان التصرف في الدار اثنان، فيحال بالضمان عليهما كالجنايات. اما الاجرة فلا يضمن منها الا قدر ما ينتفع به من السكنى.

وهذا البحث على تقدير كون كل واحد من المالك والغاصب متفوضا في جميع الدار، ولو فرضنا استقلال الغاصب ببيت من الدار مثلا - ولم يشارك المالك في غيره من الدار، ويد المالك على الباقي - ضمن البيت خاصة.

ولو كان المالك يشاركه في التصرف في البيت، ضمن نصف اصل البيت دون باقي الدار ويضمن نصف المجاز إلى البيت لمشاركة المالك له فيه. ولو كان مستقلا في البيت ومعارضا(١) للمالك في بقية الدار ضمن البيت باجمعه ونصف اصل بقية الدار.

قال طاب ثراه: ولو كان لا بسببه كالموت ولذع الحية فقولان.

أقول: الحر لا يدخل تحت اليد، لانه ليس مالا، فلا يضمن، لان المضمون باليد انما هو الاموال، وانما تضمن بالجناية عليه، وكذ منافعه في قبضه لا يضمن الا لمباشرة اتلافها كاستعماله. ويتفرع على هذا الاصل مسألتان.

(أ) لو غصب حرا صغيرا وتلف لا بسبب كما لو مات حتف انفه، فلا ضمان.

وان كان بسبب كلذع الحية، ووقوع الحائط، والغرق هل يضمنه؟ قال الشيخ].

____________________

وقال الشيخ يضمن النصف وفيه تردد الخ.

(١)في " ل ": ومفاوضا.

٢٢٣

[في كتاب الجراح من المبسوط: يضمنه(١) ، لانه فعل سبب الاتلاف، اذا الصغير لا يمكنه الاحتراز، فهو كحافر البئر، ولانه آثم، احتياطا في حقن الدماء وعصمة النفوس، واختاره العلامة(٢) وقال في كتاب الغصب منه وفي الخلاف لا تضمنه(٣) (٤) لان الحر لا يضمن باليد بلا سبب وليس بمباشر، والضمان معلل بهما، وانتفاء العلة توجب انتفاء معلولها، فوجب القول بانتفاء الضمان، ولاصالة البراء‌ة، ثم قال: ولو قلنا بالضمان كان قويا ولم يفرق المصنف هنا بين الموت بالسبب او لا بالسبب(٥) والاصحاب على الفرق.

(ب) لو حبس صانعا ولم يستعمله، لم يضمن اجرته، لان منافعه في قبضته، فلا يدخل تحت الغصب كما لا يدخل عينه. اما لو استأجره لعمل فاعتقله ولم يستعمله، فهل يضمن اجرته؟ قيل فيه قولان.

احدهما: نعم لوجوب الاجرة على المستاجر بنفس العقد، وانما يسقط بالتقايل، او امتناع الاجير من العمل، والتقدير أنه ممكن باذل منافعه، والتفريط والتضييع مستند إلى المستأجر باعتقاله، فيستقر عليه الاجرة، كما لو استاجر دارا وتسلمها وأهمل الانتفاع بها حتى خرجت المدة].

____________________

(١)المبسوط: ج ٧ كتاب الجراح ص ١٨ س ٣ قال: وان مات بسبب مثل ان لذعته حية إلى قوله: فعليه الضمان.

(٢)المختلف: كتاب الامانات (الفصل الخامس في الغصب) ص ١٨١ س ٣٢ فانه بعد نقل قول المبسوط في الجراح قال: وفيه قوة الخ.

(٣)المبسوط: ج ٣ كتاب الغصب ص ١٠٥ س ١٦ قال: وان غصب حرا صغيرا فتلف في يده فلا ضمان عليه بسبب كان او غير سبب.

(٤)كتاب الخلاف: كتاب الغصب، مسألة ٤٠ قال: اذا غصب حرا صغيرا فتلف في يده فلا ضمان عليه إلى قوله: وان قلنا بقول أبي حنيفة كان قويا.

(٥)لاحظ عبارة النافع.

٢٢٤

ولو حبس صانعا لم يضمن اجرته.ولو انتفع به ضمن اجرة الانتفاع. ولا يضمن الخمر لو غصبت من مسلم، ويضمنها لو غصبها من ذمي، وكذا الخنزير. ولو فتح بابا على مال ضمن السارق، دونه: ولو ازال القيد عن فرس، فشرد، أو عن عبد مجنون فآبق، ضمن ولا يضمن لو ازاله عن عاقل.

(الثاني) في الاحكام

يجب رد المغصوب وان تعسر كالخشبة في البناء، واللوح في السفينة. ولو عاب ضمن الارش. ولو تلف او تعذر العود ضمن مثله ان كان متساوى الاجزاء، وقيمته يوم الغصب ان كان مختلفا، وقيل: اعلى القيم من حين الغصب إلى حين التلف. وفيه وجه آخر.

[والاخر: لا، وهو الذي قواه المصنف في الشرائع(١) لان منافع الحر في قبضته، فلا يضمن الا بتفويتها. والتقدير ان الحابس لم يستوف شيئا من منافعه.

واعلم: ان موضوع المسألة ومحل الخلاف انما هو على تقدير وقوع العقد على العمل ثم حبسه مدة يمكن فيها استيفاؤه. اما لو كانت الاجارة متعلقة بالزمان المعين ثم اعتقله فيه، فانه يستقر عليه مال الاجارة قولا واحدا.

قال طاب ثراه: ولو تلف او تعذر العود ضمن مثله ان كان متساوي الاجزاء، وقيمته يوم الغصب ان كان مختلفا، وقيل: اعلى القيم من حين الغصب إلى حين التلف، وفيه وجه اخر.

أقول: هنا مسائل.

(الاولى) يجب رد المغصوب مع بقاء عينه، وان تعسر او ادى إلى تلف مال]

____________________

(١)الشرائع: كتاب الغصب (في السبب) قال: ولو حبس صانعا لم يضمن اجرته الخ.

٢٢٥

[الغاصب وكان اضعاف قيمة المغصوب كاللوح في السفينة الموفرة في اللجة.

(الثانية) مع رد العين لا نظر إلى القيمة اذا كانت العين على صفاتها، ولا يضمن تفاوت السوق، فلو غصب منه شاة قيمتها عشرون درهما ثم ردها وقد نزل سوقها إلى خمسة ولم يتعيب لم يكن عليه شىء، ولو تعيبت بما انقص قيمتها درهما بحيث صارت يساوي أربعة، ضمن ستة عشر.

(الثالثة) اذا تلفت العين المغصوبة، او تعذر ردها، بان اخذها ظالم، فان كان مثليا - وهو ما يتساوى قيمة اجزاء‌ه كالحبوب والادهان - وجب على الغاصب رد مثله، فلا عبرة بالقيمة، زادت عن يوم الغصب او نقصت، لوجوه:

(أ) قوله: تعالى: (فمن إعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم)(١) .

(ب) ان مثله يعرف مشاهدة وقيمته اجتهادا والمعلوم مقدم على المجتهد فيه.

(ج) انه اذا اخذ المثل نقدا فقد اخذ وفق حقه، وان اخذ القيمة ربما زاد أو نقص، فكان المثل اولى.

وان كان مختلفا - وهو ما لا يتساوى قيمة اجزاء‌ه كالارض والثوب - رد قيمته. وفي اعتبارها ثلاثة اقوال.

(الاول) قيمته يوم الغصب، لانه وقت انتقال الضمان اليه واعتلاقه به، والضمان هنا بالقيمة، فيقضى بها عليه حينئذ، وهو اختيار الشيخ في المبسوط(٢) .

(الثاني) قيمته وقت التلف، لانه وقت استقرار الضمان، اذ الغاصب انما خوطب بدفع القيمة عند التلف ضرورة وجوب رد العين مع بقائها، فيقضى عليه] هامش)

____________________

(١) سورة البقرة / ١٩٤.

(٢) المبسوط: ج ٣ كتاب الغصب، ص ٦٠ س ٦ قال: وان اعوز المثل إلى قوله: طالبه بقيمته حين القبض.

٢٢٦

[بالقيمة حين وجوبها، وهو اختيار القاضي(١) والعلامة في المختلف(٢) .

(الثالث) اعلى القيم من حين الغصب إلى حين التلف، وهو اختيار الشيخ في النهاية(٣) والخلاف(٤) وموضع من المبسوط(٥) وهو ظاهر القواعد(٦) والارشاد(٧) لانه مضمون في جميع حالاته التي من جملتها الحالة العليا، ولو تلف فيها لزمه ضمانه بتلك القيمة، وكذا لو نقصت قيمته بعد ذلك، لان تلك الزيادة التي لزمته شرعا لم يدفعها إلى المالك ولا إلى وكيله، فتكون باقية في ذمته ولانه يناسب التغليظ].

____________________

(١)المهذب: ج ١ كتاب حظر الغصب والتعدي ص ٤٣٥ س ١٤ قال: فان اعوز المثل ولم يقدر عليه كان عليه القيمة.

(٢)المختلف: ج ١، الفصل الخامس في الغصب، ص ١٧٧ س ١٧ قال: (مسألة) اذا كان المغصوب من ذوات القيم وتلف وجب على الغاصب قيمته يوم التلف.

(٣)ما عثرنا عليه من النهاية على خلاف المطلوب أدل لاحظ باب بيع الغرر والمجازفة ص ٤٠٢ س ٣ قال: رجع على الغاصب بقيمة يوم غصبه، وايضا في باب الاجارات ص ٤٤٦ س ٥ قال: ولزمه قيمتها وم تعدى فيها.

(٤)كتاب الخلاف: كتاب الغصب، مسألة ٢٩ قال: وان كان مما لا مثل له فعليه اكثر ما كانت قيمته من حين الغصب إلى حين التلف.

(٥)المبسوط: ج ٣ كتاب الغصب ص ٧٢ س ٢ قال: فان هلك الثوب قبل الرد فعليه قيمة اكثر ما كانت من حين الغصب إلى حين التلف.

(٦)القواعد: ج ١ كتاب الغصب (الركن الرابع) ص ٢٠٣ س ٢٤ قال: الاول اقصى قيمته من يوم الغصب إلى يوم التلف.

(٧)الارشاد: ج ١ في الغصب، المطلب الثاني في الاحكام ص ٤٤٦ س ٣ قال: والاعلى من حين الغصب إلى التلف على رأى.

٢٢٧

ومع رده لا يرد زيادة القيمة السوقية، وترد الزياده لزيادة في العين أو الصفة. ولو كان المغصوب دابة فعابت، ردها مع الارش. ويتساوى بهيمة القاضي والشوكى. ولو كان عبدا (وكان الغاصب هو الجاني)(١) رده ورية الجناية ان كانت مقدرة. وفيه قولا آخر. ولو فرج الزيت بمثله رد العين، وكذا لو كان باجود منه، ولو كان بادون ضمن المثل. ولو زادت قيمة المغصوب فهو لمالكه، اما لو كانت الزيادة لانضياف عين كالصبغ والالة في الابنية اخذ العين الزائدة ورد الاصل، ويضمن الارش ان نقص.

[قال طاب ثراه: ولو كان عبدا رده ودية الجناية ان كانت مقدرة، وفيه قول اخر.

أقول: اذا جنى على العبد بما فيه مقدر، المشهور: رده وارش الجناية بالغا مابلغ، قال المصنف: وفيه قول اخر، يحتمل ان تكون الاشارة به إلى ما قال الشيخ في المبسوط: ان كان الارش محيطا بالقيمة ليس له المطالبة الا مع دفع العبد برمته، تسوية بين الغاصب وغيره في الجناية(٢) وقال ابن ادريس: له امساكه مع المطالبة بأرشه(٣) وهو ظاهر المصنف(٤) واختاره العلامة(٥) ].

____________________

(١)ما كتبناه بين الهلالين موجودة في النسخ المطبوعة التي بايدينا من المختصر النافع وغير ثابتة في النسخ المخطوطة التي تحت تصرفنا من المهذب البارع.

(٢)المبسوط: ج ٣ كتاب الغصب ص ٦٢ س ٢٢ قال: اذا جنى على ملك غيره جناية يحيط ارشها بقيمة ذلك الملك كان المالك بالخيار الخ.

(٣)السرائر: باب الغصب ص ٢٧٧ س ٣٦ قال: واذا غصب عبدا قيمته الف فخصاه إلى قوله: رده وقيمة الخصيتين الخ.

(٤)لاحظ عبارة النافع.

(٥)كتاب التحرير: ج ٢ كتاب الغصب (في الاحكام) ص ١٣٩ س ٢٧ قال: والاقرب عندي الزام الغاصب باكثر الامرين من ارش النقص أو دية العضو الخ.

٢٢٨

(الثالث) في اللواحق

وهي ستة.

(الاولى) فوائد المغصوب للمالك منفصلة كانت كالولد، او متصلة كالصوف والسمن، او منفعة كاجرة السكنى وركوب الدابة.

ولا يضمن من الزيادة المتصلة مالم تزد به القيمة كما سمن المغصوب وقيمته واحدة.

(الثانية) لا يملك المشتري ما يقبضه بالبيع الفاسد، او يضمنه وما يحدث من منافعه وما يزاد في قيمته لزيادة صفة فيه.

ووجه الاول: ان المقتضي لوجوب الدفع على المالك اخذ القيمة بكمالها، لئلا يجتمع للمالك العين القيمة.

[ووجه الثاني: عموم وجوب الزام الغاصب بدية جنايته، وحمله على الجاني قياس، وهو باطل، والمأخوذ من الغاصب عوض الفائت بالجناية، والمناسبة التغليظ، اذ الغاصب مأخوذ بأشق الاحوال.

ويحتمل ان تكون الاشارة به إلى ما اختاره المصنف في الشرائع: من كون الغاصب مطالبا باكثر الامرين من المقدر والارش، مثلا قطع يده وهو يساوي مأتين، فدية اليد مائة، فلو نقص وخمسين (بإن صار يساوي خمسين، فالارش هنا مائة وخمسون، فيضمنها الغاصب، وإن بقي بعد القطع يساوي مائة وخمسون)(١) كان المقدر اكثر من الارش فيضمن المقدر، وهو مائة.

ووجه هذا الاحتمال: اما ضمان المقدر على تقدير زيادته، فللعموم وأما الارش على تقدير زيادته فلانه نقص أدخله على مال غصبه بسببه فيكون ضامنا له].

____________________

(١)ما كتبناه بين الهلالين لا يكون في النسخة المعتمدة، ولكنه موجود في النسختين المخطوطتين الاخريين.

٢٢٩

(الثالثة) اذا اشتراه عالما بالغصب فهو كالغاصب، ولا يرجع المشتري بالثمن البائع بما يضمن، ولو كان جاهلا دفع العين إلى مالكها، ويرجع بالثمن على البائع وبجميع ما غرمه مما لم يحصل له في مقابلته عوض كقيمة الولد، وفي الرجوع بما يضمن من المنافع كعوض الثمرة واجرة السكنى تردد.

(الرابعة) اذا غصب حبا فزرعه، او بيضة فافرخت، او خمرا فخللها، فالكل للمغصوب منه.

(الخامسة) اذا غصب ارضا فزرعها، فالزرع لصاحبه وعليه اجرة الارض، ولصاحبها ازالة الغرس، والزامه طم الحفرة، والارش ان نقصت. ولو بذل صاحب الارض قيمة الغرس لم تجب اجابته [قال طاب ثراه: وفي الرجوع بما يضمن من المنافع كعوض الثمرة واجرة السكنى تردد.

أقول: ما يغرمه المشتري للمالك عوضا عما ينتفع به من ثمرة، او صوف، او اجرة دار، هل يرجع به على الغاصب؟ للشيخ قولان.

احدهما: الرجوع لانه سبب، والمباشرة ضعفت بالغرور، لانه دخل على استيفاء هذه المنافع مجانا، فلا يتعقبه ضمان. والاخر عدم الرجوع لحصول العوض في مقابل التغريم واولوية المباشرة بالضمان مع مجامعة السبب(١) ].

____________________

(١)المبسوط: ج ٣ كتاب الغصب ص ٧١ س ١٧ قال: وان كان غرم مادخل على انه له بغير بدل وقد حصل في مقابله نفع وهو اجرة الخدمة فهل يرجع بذلك على الغاصب ام لا؟ فيه قولان: احدهما يرجع لانه غرم والثاني لا يرجع، وهو الاقوى، لانه وان غرم فقد انتفع بالاستخدام.

٢٣٠

(السادسة) لو تلف المغصوب واختلفا في القيمة، فالقول قول الغاصب، وقيل: قول المغصوب منه.

[قال طاب ثراه: لو تلف المغصوب واختلفا في القيمة، فالقول قول الغاصب، وقيل: القول المغصوب منه.

أقول: مختار المصنف هو مذهب الشيخ في الكتابين(١) (٢) وابن ادريس(٣) والعلامة(٤) لانه منكر، والاصل عدم زيادة القيمة، وبراء‌ة ذمته.

وقال الشيخ في النهاية: القول قول المالك، ولا يقبل قول الغاصب لانه خائن(٥) وهو قول المفيد(٦) ].

____________________

(١)المبسوط: ج ٣ كتاب الغصب ص ٧٥ س ٤١ قال: اذا غصب جارية فهلكت إلى قوله: فان اختلفا في مقدار القيمة، فالقول قول الغاصب مع يمينه، لان الاصل براء‌ة ذمته الخ.

(٢)لم اظفر عليه في الخلاف ولكن نقله عنه في المختلف: ج ١ كتاب الامانات ص ١٨٠ س ٧ قال: مسألة، لو اختلفا في القيمة قال في المبسوط والخلاف: القول قول الغاصب مع يمينه لانه منكر فيقدم قوله.

(٣)السرائر: باب الغصب ص ٢٧٨ س ١٨ قال: فان اختلفا في مقدار القيمة فالقول قول الغاصب مع يمينه الخ.

(٤)المختلف: ج ١ كتاب الامانات ص ١٨٠ س ٨ فانه بعد نقل قول الشيخ في المبسوط والخلاف والنهاية قال: والاول (أي كون القول قول الغاصب) أصح.

(٥)النهاية: باب بيع الغرر والمجازفة ص ٤٠٢ س ٦ قال: فان اختلف في قيمة المتاع كان القول قول صاحبه الخ.

(٦)المقنعة: باب اجازة البيع وصحته وفساده ص ٩٤ س ٢٤ قال: ولو ان انسانا غصب من غيره متاعا إلى قوله: فان اختلفا في القيمة كان القول صاحب المتاع مع يمينه بالله عزوجل.

٢٣١

كتاب الشفعة والنظر في امور

وهي استحقاق في حصة الشريك لانتقالها بالبيع. والنظر فيه يستدعي امورا.

مقدمة

الشفعة لغة الزيادة قال تغلب(١) : وذلك ان المشتري يشفع نصيب الشريك يزيد به بعد ان كان ناقصا، كأنه كان وترا فصار شفعا.

وشرعا: استحقاق الشريك حصة شريكه المنتقلة عنه بالبيع.

والاصل فيه: النص والاجماع.

روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال: الشفعة في كل مشترك ربع له أو]

____________________

(١)وسئل ابوالعباس (وهو الثعلب كما عن معجم المؤلفين ج ٢ ص ٢٠٣) عن اشتقاق الشفعة في اللغة؟ فقال: الشفعة الزيادة، وهو أن يشفعك فيما تطلب حتى تضمه إلى ما عندك فتزيده، وتشفعه بها، أي ان تزيده بها، أي انه كان وترا واحدا فضم اليه ما زاده وشفعه به (لسان العرب ج ٨ ص ١٨٤ لغة شفع).

٢٣٢

(النظر الاول) ما تثبت فيه

وتثبت في الارضين والمساكن اجماعا، وهل تثبت فيما ينقل كالثياب والامتعة؟ فيه قولان: والاشبه: الاقتصار على موضع الاجماع.وتثبت في النخل والشجر والابنية تبعا للارض.

[حائط، فلا يحل له ان يبيعه حتى يعرضه عل شريكه، فان باعه فشريكه احق به(١) .

وروى سعيد بن المسيب وابوسلمة بن عبدالرحمان عن أبي هريرة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: الشفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة(٢) .واجمعت الامة على ثبوتها وان اختلفوا في مسائلها.

تذنيب: الاشياء في الشفعة على ثلاثة اقسام

الاشياء في الشفعة على ثلاثة اقسام.

(أ) ما يثبت فيه الشفعة متبوعا.

(ب) ماثبت فيه تابعا.

(ج) ما لا يثبت فيه تابعا ولا متبوعا.

فالاول: العراض والاراضي الماح.

والثاني: البناء والشجر والبئر والطريق الضيقان، والمقسوم المشترك طريقه ونهره الواسعان.

والثالث: المنقولات والحيوان على اشهر القولين.

قال طاب ثراه: وهل يثبت فيما ينقل كالثياب والامتعة؟ فيه قولان: والاشبه]

____________________

(١)سنن أبي داود: ج ٣ كتاب البيوع، باب في الشفعة، الحديث ٣٥١٣ ولاحظ عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٤٧٥ باب الشفعة الحديث ١.

(٢)سنن أبي ماجة ج ٢ كتاب الشفعة(٣) باب اذا وقعت الحدود فلا شفعة ص ٨٣٤ الحديث ٢٤٩٧ وفيه: (قضى بالشفعة فيما لم يقسم).

٢٣٣

[الاقتصار على موضع الاجماع.

أقول: للاصحاب في تعيين محل الشفعة اربعة اقوال.

(الاول) انه غير المنقول كالبساتين والرباع والعراص(١) وهو قول الشيخ في المبسوط(٢) وابن حمزة(٣) والطبرسى(٤) واختاره المصنف(٥) والعلامة(٦) .

(الثاني) انه كل مبيع وهو قول السيد(٧) وأبي علي(٨) والقاضي(٩) وابن ادريس(١٠) ]

____________________

(١)العرصة بالفتح كل بقعة بين الدار واسعة ليس فيها بناء والجمع العراص والعرصات (مجمع البحرين لغة عرص).

(٢)المبسوط: ج ٣ كتاب الشفعة ص ١٦٠ س ١١ قال: فاما ما يجب فيه مقصورا متبوعا فالعراص والاراضي البراح الخ.

(٣)الوسيلة: باب الشفعة ص ٢٥٨ س ٤ قال: الخلطة في نفس المبيع وفي حقوقه من الطريق والنهر والساقية الخ.

(٤)المختلف: ج ٢ الفصل العشرون في الشفعة ص ١٢٤ س ٢٢ فانه بعد نقل قول ابن حمزة قال: وهو قول الطبرسي.

(٥)لاحظ عبارة النافع.

(٦)المختلف: ج ٢ الفصل العشرون في الشفعة ص ١٢٤ س ٢٢ قال: والمعتمد انه انما يثبت فيما يصح قسمته خاصة إلا المملوك.

(٧)الانتصار: ص ٢١٥ مسائل الشفعة س ٦ قال: مسألة ومما انفردت به الامامية اثباتهم حق الشفعة في كل شئ من المبيعات الخ.

(٨)المختلف: ج ٣ الفصل العشرون في الشفعة ص ١٢٤ س ٢٠ فانه بعد نقل قول السيد قال: وكذا مذهب ابن الجنيد.

(٩)المهذب: ج ١ كتاب الشفعة ص ٤٥٨ س ١١ قال: وجميع ما هو من ضياع او متاع و عقار او حيوان فان الشفعة تصح فيه وهو الاظهر.

(١٠)السرائر: باب الشفعة واحكامها ص ٢٥١ س ٨ قال: واذا تكاملت شروط استحقاق الشفعة استحقت في كل مبيع من الارضين والحيوان الخ.

٢٣٤

[(الثالث) انه كل مبيع بشرط امكان القسمة، فيخرج الطريق، والنهر، والحمام، والعضائد الضيقة وهو قول الشيخ في النهاية(١) .

(الرابع) انه غير المنقول، والعبد خاصة من المنقولات، نقله المصنف عن بعض الاصحاب(٢) واختاره العلامة في المختلف(٣) وظاهر الحسن ثبوتها في المقسوم ايضا(٤) .

احتج الاولون: بان الشفعة على خلاف الاصل، لان الاصل عدم التسلط على مال المسلم، فيقتصر فيه على موضع الاجماع ويبقى الباقي على الاصل.

وبما روي عن الصادقعليه‌السلام : انما جعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الشفعة فيما لا يقسم، فاذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة(٥) وانما للحصر، والحدود انما يكون في الاملاك.

وروى جابر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا شفعة الا في ربع او حائط(٦) ]

____________________

(١)النهاية: باب الشفعة واحكامها ص ٤٢٤ س ١٠ قال: ولا شفعة فيما لا يصح قسمته مثل الحمام والارحية وما اشبههما.

(٢)الشرائع: كتاب الشفعة (ما تثبت فيه الشفعة) قال: ومن الاصحاب من اوجب الشفعة في العبد دون غيره من الحيوان.

(٣)تقدم آنفا تحت رقم(٦).

(٤)المختلف: ج ٢ الفصل العشرون في الشفعة ص ١٢٥ س ١٠ قال: وقال ابن أبي عقيل: الشفعة في الاموال المشاعة والمقسومة جميعا.

(٥)سنن أبي ماجه: ج ٢ كتاب الشفعة(٣) باب اذا وقعت الحدود فلا شفعة ص ٨٣٤ الحديث ٢٤٩٩ والحديث عن جابر ولاحظ عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٤٧٥ باب الشفعة الحديث ٣ وما علق عليه.

(٦)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٤٧٦ باب الشفعة الحديث ٤ وفي المبسوط: كتاب الشفعة ص ١١٨ س ١٦ قال: الشفعة في كل شركة ربع او حائط.

٢٣٥

[وهي للحصر ايضا.

وبرواية سليمان بن خالد عن الصادقعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا شفعة في سفينة ولا في نهر ولا في طريق(١) .

احتج المعممون: برواية يونس عن بعض رجاله عن الصادقعليه‌السلام قال: سألته عن الشفعة لمن هي؟ وفي أي شئ هي؟ ولمن تصلح؟ وهل تكون في الحيوان شفعة؟ وكيف هي؟ فقال: الشفعة جائزة في كل شئ من حيوان او ارض او متاع(٢) وهي مرسلة.

فان قيل: الرواية تدل على الجواز، والكلام في الوجوب.

قلنا: جواز المطالبة بها للشفيع يستلزم لزومها للمشتري، وهذا هو بعينه القول بوجوبه، فان أحدا لم يوجبها على الشريك، بل هي حق له وله اسقاطه اجماعا.

احتج المثبتون لها في العبد بصحيحة الحلبي عن الصادقعليه‌السلام قال في المملوك بين شركاء، يبيع احدهم نصيبه، فيقول الاخر: انا احق، أله ذلك؟ قال: نعم اذا كان واحدا، فقيل له: في الحيوان شفعة؟ فقال: لا(٣) .

احتج الشيخ على مطلوب النهاية: برواية طلحة بن زيد عن جعفر عن ابيه عن عليعليه‌السلام قال: لا شفعة الا لشريك مقاسم(٤) . ولا تتحقق القسمة في البئر والطريق والحمام الضيقة].

____________________

(١)التهذيب: ج ٧(١٤) باب الشفعة ص ١٦٦ الحديث ١٥ وقيه السكونى عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، ورواه في المختلف: ج ٢ ص ١٢٤ س ٢٣ عن سليمان بن خالد ولم اظفر بهذا الحديث عنه.

(٢)التهذيب: ج ٧(١٤) باب الشفعة ص ١٦٤ الحديث ٧.

(٣)التهذيب: ج ٧(١٤) باب الشفعة ص ١٦٦ الحديث ١٢.

(٤)التهذيب: ج ٧(١٤) باب الشفعة ص ١٦٧ الحديث ١٨ وفيه الا لشريك غير مقاسم.

٢٣٦

وفي ثبوتها في الحيوان قولان: المروي انها لا تثبت. ومن فقهائنا من اثبتها في العبد دون غيره ولا تثبت فيما لا ينقسم كالعضائد والحمامات والنهر والطريق الضيق على الاشبه.

[قال طاب ثراه: وفي ثبوتها في الحيوان قولان: المروي انه لا تثبت، ومن فقهائنا من اثبتها في العبد دون غيره.

أقول: البحث في هذه يعرف من البحث السابق.

قال طاب ثراه: ولا تثبت فيما لا يقسم كالعضائد والحمامات، والنهر والطريق الضيق على الاشبه.

أقول: هذا ايضا يعرف من البحث السابق.ونزيده ايضاحا.

فنقول: اختيار المصنف هنا هو اختيار الشيخ في النهاية(١) وهو اختياره في الكتابين(٢)(٣) وبه قال الفقيه(٤) وسلار(٥) .

ومذهب المرتضى وابن ادريس ثبوتها(٦) (٧) عملا بالدليل المقتضي لثبوتها في]

____________________

(١)النهاية: باب الشفعة واحكامها ص ٤٢٤ س ٥ قال: ولا تثبت الشفعة بالاشتراك في الطريق والنهر والساقية الخ.

(٢)المبسوط: ج ٣ كتاب الشفعة ص ١١٩ س ١٢ قال: اذا باع شقصا من مشاع لا يجوز قسمته شرعا كالحمام إلى قوله: فلا شفعة فيها.

(٣)كتاب الخلاف: كتاب الشفعة، مسألة ١٦ قال: اذا باع شقصا من مشاع لا يجوز قسمته شرعا كالحمام والارحية إلى قوله فلا شفعة فيها.

(٤)المختلف: ج ٢، الفصل العشرون في الشفعة ص ١٢٥ س ٢٣ قال بعد نقل قول الشيخ في المبسوط: وبه قال على بن بابويه.

(٥)المراسم: ذكر احكام الشفعة ص ١٨٣ س ١١ قال: فما لا تصح قسمته لا شفعة فيه أيضا.

(٦)الانتصار: مسائل الشفعة ص ٢١٥ س ٦ قال: اثباتهم حق الشفعة في كل شئ إلى قوله: كان ذلك مما يحتمل القسمة او لا يحتملها.

(٧)السرائر: باب الشفعة واحكامها ص ٢٥١ س ٩ قال: في كل مبيع إلى قوله: سواء كان ذلك مما يحتمل القسمة او لم يكن على الاظهر.

٢٣٧

ويشترط انتقاله بالبيع، فلا تثبت لو انتقل بهبة، او صلح، او صداق، او صدقة، او اقرار.

[المبيعات من غير استثاء، ولان الشفعة انما شرعت لازالة الضرر، وهو حاصل في غير المقسوم، ولا فرق بين دوامه وجواز انفكاكه.

واجيب: بان التضرر انما هو من تكلف القسمة لما يلحق من المؤنة، وهذا المعنى غير متحقق في صورة النزاع، لان ما لا يمكن لا يطلب، اذ التقدير انه لا يمكن قسمته، فقد ظهر الفرق بين الصورتين.

ولما رواه جابر ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: انما جعلت الشفعة فيما لا يقسم فاذا وقعت الحدود وصرفت الطريق فلا شفعة(١) .

ووجه الدلالة: انه أتى بالالف واللام وهما هنا للجنس، فكان تقدير الكلام: جنس الشفعة فيما لا تقسم ولم يقيد نفي الماضي.

وفي معناها (لما) و (لا) لنفي الابد، ولهذا صح دخولها على ما لا يصح قسمته شرعا، فيقال: السيف لا يقسم، ولا يقال: لم يقسم، لانه لا يصح اتصافه بالقسمة شرعا.واما (لم) فلا تدخل الا على ما يمكن قسمته شرعا، ويصح اتصافه بالقسمة في وقت ما من الاوقات، ويؤيد قولهعليه‌السلام في تمام الحديث (فاذا وقعت الحدود وصرفت الطرق) فلا قسمة فيما لا يتحقق فيه تمايز الحدود.وصرف الطرق ليس مرادا في الخبر، وقد تصدر فيه ب‍ (انما) وهي للحصر، فيفيد انتفاء الشفعة في صورة النزاع.ويعلم من هذا انتفائها عن المنقولات على اختلاف ضروبها، لان الحدود انما تكون في الاملاك].

____________________

(١)سنن ابن ماجة: ج ٢ كتاب الشفعة(٣) باب اذا وقعت الحدود فلا شفعة ص ٨٣٤ الحديث ٢٤٩٩.

٢٣٨

ولو كان الوقف مشاعا مع طلق فباع صاحب الطلق لم تثبت للموقوف عليه، وقال المرتضى: تثبت وهو اشبه.

[قال طاب ثراه: ولو كان الوقف مشاعا مع طلق، فباع صاحب الطلق لم يثبت للموقوف عليه شفعة، وقال المرتضى: يثبت.

أقول: مختار السيد(١) هو مذهب التقي(٢) وعدم الثبوت مذهب الشيخ في المبسوط(٣) وقال ابن ادريس: ان كان الموقوف عليه واحد ثبتت الشفعة(٤) واختاره العلامة في المختلف(٥) .

والحاصل: ان هنا ثلاثة اقوال.

(أ) ثبوتها للموقوف عليه وان كان متعددا، كالمساكين، والاخذ للناظر، وهو قول السيد.

(ب) عدم الثبوت مطلقا، وهو قول المبسوط.

(ج) ثبوتها مع وحدة الموقوف عليه، وهو مذهب العلامة وابن ادريس. احتج السيد بعموم ثبوت الشفعة للشريك، وهو اعم من الواحد وما زاد.

واحتج الشيخ: بعدم انحصار الحق في الموقوف عليه، وبعدم الانتقال اليه.

واحتج ابن ادريس: بانه شريك واحد، فكان له الشفعة كالطلق].

____________________

(١)الانتصار: في مسائل الشفعة ص ٢٢٠ س ٢٣ قال: (مسألة) ومما انفردت به الامامية القول: بان لامام المسلمين وخلفائه المطالبة بشفعة الوقوف التي ينظرون فيها على المساكين او على المساجد ومصالح المسلمين.

(٢)لم اعثر عليه في الكافي ولا في غيره من مظانه.

(٣)المبسوط: ج ٣ كتاب الشفعة ص ١٤٥ س ١٦ قال: اذا كان نصف الدار وقفا ونصفها طلقا فبيع الطلق لم يستحق اهل الوقف الشفعة بلا خلاف.

(٤)السرائر: باب الشفعة واحكامها ص ٢٥٣ س ١٥ قال: فان كان الوقف على واحد صح ذلك.

(٥)المختلف: ج ٢ في احكام الشفعة ص ١٢٩ س ٣١ قال: بعد نقل قول ابن ادريس: وهو الاقوى.

٢٣٩

(النظر الثاني) في الشفيع

وهو كل شريك بحصته مشاعة قادر على الثمن. فلا تثبت للذمي على مسلم، ولا بالجوار، ولا لعاجز عن الثمن، ولا فيما قسم وميز الا بالشركة في الطريق او النهر اذا بيع احدهما او هما مع الشقص.وتثبت بين شريكين. ولا تثبت لما زاد على اشهر الروايتين.

[قال طاب ثراه: وتثبت بين شريكين ولا تثبت لما زاد على اشهر الروايتين.

أقول: المشهور ان الشفعة لا تثبت مع كثره الشفعاء وهو اختيار الشيخ(١) وبه قال السيد(٢) وابن ادريس(٣) وسلار(٤) والتقي(٥) والقاضي(٦) وابن زهره(٧) .

وبالثبوت قال الصدوق(٨) وابوعلي(٩) .

وهل هي على قدر السهام، او على عدد الرؤوس؟ على الاول ابوعلي(١٠) وعلى]

____________________

(١)النهاية: باب الشفعة واحكامها ص ٤٢٤ س ٢ قال: واذا زاد الشركاء على اثنين بطلت الشفعة.

(٢)الانتصار: مسائل الشفعة ص ٢١٦ س ١٧ قال: (مسألة) ومما انفردت به الامامية إلى قوله: واذا زاد العدد على اثنين فلا شفعة.

(٣)السرائر: باب الشفعة واحكامها ص ٣٥٠ س ١٥ قال: فشروط استحقاقها ستة إلى قوله: وان يكون الشريك واحدا على الصحيح من المذهب.

(٤)المراسم: ذكر أحكام الشفعة ص ١٨٣ س ٤ قال: فما كان مالكه زائدا على اثنين فلا شفعة فيه.

(٥)الكافي: فصل في الشفعة ص ٣٦١ س ٤ قال: منها كون المبيع سهما من اثنين الخ.

(٦)المهذب: ج ١ كتاب الشفعة ص ٤٥٣ س ٩ قال: واذا كان اثنان شريكين في دار وليس فيها شريك غيرهما إلى قوله: كان لشريكه الشفعة.

(٧)الغنية: في الجوامع الفقهية، فصل في الشفعة ص ٥٩٠ س ١٥ قال: وشروطها ستة إلى قوله: وان يكون واحدا.

(٨)من لا يحضره الفقيه: ج ٣(٣٦) باب الشفعة ص ٤٦ قال بعد نقل حديث ١٠ من قولهعليه‌السلام : (فان زاد على اثنين فلا شفعة) مالفظه: يعني بذلك الشفعة في الحيوان وحده، فاما في غير الحيوان فالشفعة واجبة وان كانوا اكثر من اثنين.

(٩)و(١٠) المختلف: ج ١ في احكام الشفعة ص ١٢٦ س ١٣ قال: وقال ابن الجنيد: الشفعة على قدر السهام من الشركة، ولو حكم بها على عدد الشفعاء جاز.

٢٤٠