المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٤

المهذب البارع في شرح المختصر النافع14%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 553

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 553 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 114314 / تحميل: 7354
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

قصّة بعض الفضلاء

ومنها : قصّة تغيّر الأمر الإلهي في قبض روح بعض الفضلاء من أهل السنّة ، كما حكاه الشعراني في (لواقح الأنوار ) بترجمة الشيخ محمد الشريبي ، إذ قال :

( وأخبرني والده الشيخ أحمد ـ أيضاً ـ وصدّقه على ذلك الإمام العالم العلاّمة شهاب الدين البهوني الحنبلي ، قال : مرضت مرّةً حتّى أشرفت على الموت ، وحضرني عزرائيل ، ورأيته جالساً عندي لقبض روحي ، فدخل عليّ والدي ، فقال لعزرائيل : راجع ربّك فإنّ ذلك الأمر تغيَّر ، فخرج عزرائيل وأنا أعيش إلى الآن ، والحكاية لها أكثر من ثلاثين سنة )(١) .

تبدّل حال الرجل

ومنها : تبدّل حال الرّجل من الشقاوة إلى السعادة ، كما ذكر القاضي ثناء الله في (تفسيره ) بعد ذكر مذهب ابن مسعود وعمر ، قال :

( ويوافق مذهب عمر وابن مسعود ( رضي الله عنهما ) ما ذكر في المقامات المجدديّة : أنّ المجدّدرضي‌الله‌عنه نظر ببصيرة الكشف مكتوباً في ناصية ملاّ طاهر اللاّهوري ( شقيّ ) ، وكان ملاّ طاهر معلّماً لابنيه الكريمين محمّد سعيد ومحمّد معصوم ( رضي الله عنهما ) ، فذكر المجدّدرضي‌الله‌عنه ما أبصر لولديه الشريفين ، فالتمسا منه ( رضي الله عنهم ) أن يدعو الله سبحانه أن يمحو عنه الشقاوة ويثبت مكانه السعادة ، فقال المجدّدرضي‌الله‌عنه : نظرت في اللّوح المحفوظ ، فإذا فيه : إنّه قضاءٌ مبرم لا يمكن ردّه ، فألجأه ولداه الكريمان في الدعاء لمّا التمسا منه ، فقال المجدّدرضي‌الله‌عنه : تذكّرت ما قال غوث الثقلين السيّد السند محي الدين عبد القادر الجيليرضي‌الله‌عنه : إنّ القضاء المبرم أيضاً يردّ بدعوتي ، فدعوت الله سبحانه ، وقلت : اللّهمّ رحمتك واسعة وفضلك غير مقتصرٍ على أحد ، أرجوك وأسألك من فضلك العظيم أن تجيب دعوتي في محو كتاب الشقاء من ناصية ملاّ طاهر وإثبات السعادة مكانه ، كما أجبت دعوة السيّد السندرضي‌الله‌عنه قال : فكأنّي أنظر إلى ناصية ملاّ طاهر

ـــــــــــــــــ

(١) لواقح الأنوار ـ ترجمة الشيخ محمّد الشريبي .

٢٢١

إنّه مُحِي منها كلمة ( شقيّ ) وكُتب مكانه ( سعيد ) وما ذلك على الله بعزيز ) .

قصّة أبي رومي

ومنها : قصّة أبي رومي ، التي رووها عن ابن عباس ، كما في (الدر المنثور ) قال :

( أخرج ابن مردويه والديلمي عن ابن عبّاسرضي‌الله‌عنه قال : كان أبو رومي من شرّ أهل زمانه ، وكان لا يدع شيئاً من المحارم إلاّ ارتكبه ، وكان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : لئن رأيت أبا رومي في بعض أزقّة المدينة لأضربنّ عنقه .

وإنّ بعض أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتاه ضيف له ، فقال لامرأته : اذهبي إلى أبي رومي فخذي لنا منه بدرهم طعاماً حتّى ييسّر الله تعالى فقالت له : إنّك لتبعثني إلى أبي رومي وهو أفسق أهل المدينة ؟!

فقال : اذهبي فليس عليك منه بأس إنْ شاء الله تعالى ، فانطلقت فضربت عليه الباب ، فقال : من هذا ؟

قالت : فلانة

قال : ما كنت لنا بزوّارة ؟!

ففتح لها الباب فأخذها بكلام رفث ، ومدّ يده إليها فأخذتها رعدة شديدة ، فقال : ما شأنك ؟

قالت : إنّ هذا عمل ما عملته قطّ

قال أبو رومي : ثكلت أبا رومي أُمّه ، هذا عمل عَمِله وهو صغير لا تأخذه رعدة ولا يبالي على أبي رومي ، عهد الله إن عاد لشيء من هذا أبداً .

فلمّا أصبح غدا على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : مرحباً يا أبا رومي وأخذ يوسّع له المكان ، وقال له : يا أبا رومي ما عملت البارحة ؟

فقال : ما عسى أن أعمل يا نبيّ الله ، أنا شرّ أهل الأرض ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ الله قد حوّل مكتبك إلى الجنّة فقال :( يَمْحُوا اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ) ) .

٢٢٢

وأخرج يعقوب بن سفيان وأبو نعيم عن ابن عبّاسرضي‌الله‌عنه قال : كان أبو رومي من شرّ أهل زمانه ، وكان لا يدع شيئاً من المحارم إلاّ ارتكبه ، فلمّا أصبح غدا على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلمّا رآه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بعيد قال : مرحباً يا أبا رومي وأخذ يوسّع له المكان ، فقال له : يا أبا رومي ، ما عملت البارحة ؟

قال : ما عسى أن أعمل يا نبيّ الله ، أنا شرّ أهل الأرض

فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ الله جعل مكتبك إلى الجنّة ، فقال :( يَمْحُوا اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمّ الْكِتَابِ ) (١) .

وبعد :

فهل يبقى المعاندون يشنّعون على الإماميّة رواياتهم في البداء وعقيدتهم في هذه الحقيقة الدينيّة ؟

وهل يستمرّون على التبحّج بكلام سليمان ابن جرير الزيدي(٢) وأمثاله من أعداء أهل البيت ؟

ـــــــــــــــــ

(١) الدر المنثور ٤ : ٦٦٣ .

(٢) انظر الملل والنحل ١ : ١٥٩ ـ ١٦٠ .

٢٢٣

الميثـاق والصّـور

رأي السيّد المرتضى في خبر الميثاق

لقد نسب الشيخ عبد العزيز الدهلوي صاحب كتاب (التحفة الإثني عشريّة ) ـ تبعاً لشيخه الكابلي صاحب (الصواقع ) ـ إلى السيّد المرتضى ـ رضي الله عنه ـ الحكم بوضع خبر الميثاق ، وقد أجاب عن ذلك علماؤنا الأعلام في ردودهم على كتاب (التحفة ) بالجملة والتفصيل ، وكان مجمل كلامهم : إنّ السيّد المرتضى لم يكذّب أخبار الميثاق المرويّة بالطرق المختلفة والأسانيد المتكثّرة ، ونحن نذكر أوّلاً كلام (التحفة ) ثمّ نعقّبه بنصّ عبارة السيّد المرتضىرحمه‌الله ؛ ليتّضح واقع الحال ، ويظهر كذب الدهلوي فيما نُسب إلى السيّد من المقال :

قال الدهلوي في (التحفة ) عند تعداد موارد غلوّ الإماميّة في الأئمّة المعصومين عليهم الصلاة والسلام :

( الثاني ـ قولهم : إنّ الله تعالى أخذ من الملائكة والأنبياء الميثاق على ولاية الأئمّة وطاعتهم .

وهذا ـ أيضاً ـ خلاف العقل تماماً ؛ لأنّ أخذ الميثاق من الأنبياء على ذلك ـ مع العلم القطعي بعدم معاصرتهم للأئمّة ـ عبث محض ، إذ الغرض من أخذ الميثاق هو النصرة والإعانة وبيان المناقب ونشر المدائح ، وأيّ فائدةٍ في ذلك مع عدم اتّحاد الزمان

وأمّا أخذ الميثاق منهم على بيان وصف خاتم الأنبياء كما في القرآن المجيد ؛ فلأنّ نصوص نبوّته وصفاته ونعوته نازلة في الكتب السماويّة ومصرَّح بها فيها ، ووجود أهل الكتاب في زمانه وإظهار تلك النصوص على يده مقطوع به ، فلذا أخذ الميثاق من الأنبياء على تفهيم تلك النصوص وتبليغها إلى أُممهم ، وأخذ ذلك الميثاق من الأُمم أيضاً ؛ حتّى تبقى تلك النصوص قرناً بعد قرن ، من دون تغيير وتبديل ، إلى أنْ يأتي وقت الحاجة إلى إظهارها والاحتجاج بها .

٢٢٤

بخلاف إمامة الأئمّة ، فلا هي ممّا نزل في كتب الأنبياء ، ولا هي ممّا أُبلغ به الأُمم ، ولا ممّا وقعت الحاجة إلى إظهاره ؛ لأنّ الإمامة إنّما تثبت بالنصّ من النبي ؛ لكونها نيابةً عنه ، ولم يراجع أهل الكتاب بشأنها ولم يكن لقولهم فيها اعتبار ، ولو كان أخذ الميثاق في هذا الأمر ضروريّاً ، لأُخذ من أبي بكر وعمر وعثمان ، بل كان على النبيّ أنْ يأخذ منهم كتاباً في أنْ ليس لهم حقٌّ في الإمامة ، ويستشهد على ذلك الثقات ، ويودعه عند الأمير ، لا أنْ يأخذ الميثاق من موسى وعيسى وهارون ، الذين ليس لهم ولا لأتباعهم دخلٌ في غصب الإمامة من الأئمّة أو تقريرها والتسليم بها .

ومستمسك هؤلاء في هذا الغلوّ الباطل ، ما رواه محمّد بن الحسن الصفّار ، عن محمّد بن مسلم ، قال : سمعت أبا جعفر يقول : إنّ الله أخذ ميثاق النبيّين بولاية عليّ بن أبي طالب .

وما رواه محمّد بن بابويه في كتاب التوحيد ، عن داود الرّقي ، عن أبي عبد الله في خبرٍ طويل ، قال : ( لمّا أراد الله أن يخلق الخلق نشرهم بين يديه ، وقال : من أنا ؟

فكان أوّل من نطق رسول الله وأمير المؤمنين والأئمّة ـعليهم‌السلام ـ فقالوا : أنت ربّنا

فحمّلهم العلم والدين ثمّ قال للملائكة : هؤلاء حملة علمي وديني وأمانتي من خلقي ، ثمّ قال لبني آدم : أقرّوا لله بالربوبيّة ولهؤلاء النّفر بالطاعة ، فقالوا : نعم ربّنا أقررنا ) .

في هذه الرواية والرواية السابقة لم يذكر أخذ الميثاق من الملائكة ، وإنّما الغرض من الرواية الثانية مجرّد إظهار فضل الأئمّة ، وشرفهم عند الملائكة ، ومن الواضح أنْ لا معنى لأخذ الميثاق من الملائكة ، ولذا لم يدخل الملائكة في أخذ ميثاقٍ من المواثيق ؛ لأنّ الميثاق إنّما يؤخذ من المكلَّفين ؛ لأنّهم الذين يحتمل منهم الطاعة والعصيان ، بخلاف الملائكة فإنّهم :

( لاَ يَعْصُونَ اللّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)

فأيّ فائدةٍ في أخذ الميثاق منهم ؟

وأيضاً ، فلم يذكر في الرواية الأخيرة أخذ الميثاق من الأنبياء ، إلاّ أنْ يستفاد ذلك من عموم لفظ ( بني آدم ) ولكنْ قد أشتهر أنّه : ما من عام إلاّ وقد خصّ منه البعض .

٢٢٥

وأيضاً ، فإنّ هذه الرواية فيها أخذ ميثاق الطاعة للنبيّ والأمير والأئمّة فقط ، فلابدَّ وأنْ يكون وجوب الطاعة للأنبياء أُولي العزم وغيرهم ـ الذي لا شكّ في ثبوته ـ قد وقع بطريق البداء !

والرواية التي تعجب هؤلاء القوم ، تجدها في مجاميع الشيخ ابن بابويه ، فقد روى ابن بابويه في خبرٍ طويل عن ابن عبّاس عن النبي ، أنّه لمّا أُسري به وكلّمه ربّه ، قال بعد كلامٍ : إنّك رسولي إلى خلقي وإنّ عليّاً وليّ المؤمنين ، أخذت ميثاق النبيّين وملائكتي وجميع خلقي بولايته .

وأحوال الصفّار وابن بابويه ورجالهما ـ خصوصاً محمّد بن مسلم وغيره ـ معروفة ، وركّة ألفاظ هذه الأخبار تشهد بكونها كذباً وافتراءً ، ومع هذا ، فإنّ أهل السنّة ـ والحمد لله ـ في غنىً عن توهين وتضعيف هذه الأخبار أو تأويل هذه المفتريات ؛ لأنّ الشريف المرتضى ـ الملقَّب بزعم الشيعة بـ ( علم الهدى ) ـ قد أثبت جدارته بهذا اللقب في كتابه (الدرر والغرر ) بتكذيب خبر الميثاق بكلّ جزمٍ وحتم ، وكفى الله المؤمنين القتال )(١) .

التحقيق فيما نُسب إلى السيّد المرتضى

حاصل هذا الكلام دعوى موافقة السيّد المرتضى العامّةَ في إنكار أخذ الميثاق على ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام من الأنبياء والملائكة ، وهل هذا إلاّ محض البهتان وصريح الإفك وواضح الهذيان ؟

وتوضيح ذلك :

أوّلاً : إنّ السيّد المرتضى لم يذكر في كتابه (الدرر والغرر ) خبر الميثاق أصلاً ، فضلاً عن أن يكذّب أو يصدّق به ، نعم ، قد ذكر السيّد قوله تعالى( وَإِذْ أَخَذَ رَبّكَ مِن بَنِي آدَمَ ) وأنكر أن يكون المراد منها أنّ الله تعالى أخذ من جميع ذريّة آدم الذين في ظهره الميثاق على الإقرار بمعرفته تعالى ، وأنّه أشهدهم على ذلك ، وإنّما ذكر للآية تأويلاً آخر ، وأيّ ربطٍ لذلك بتكذيب أخبار الميثاق ؟!

ــــــــــــــ

(١) التحفة الاثني عشريّة : ١٦١ .

٢٢٦

وثانياً : إنّه على فرض أنّ السيّد ينكر وقوع أخذ الميثاق في عالم الأرواح ، فأين الدليل من كلامه على إنكار أخذ الميثاق على الإطلاق ، كما يدّعيه الدهلوي ؟

وكيف يثبت بذلك تضعيف خبر الصفّار وخبر ابن بابويه ، الدالّين على مطلق أخذ ميثاق ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام ؟

فظهر أنّ نسبة تكذيب أخبار الميثاق على الإطلاق إلى السيّد المرتضى كذب بحت وبهتان صريح ، وهذا كتاب (الغرر والدرر ) موجود بين أيدي الناس ، ونسخه شائعة في البلاد ...

وبعد ، فإنّ العلماء قد اختلفوا في معنى الآية المباركة على قولين ، فذهب الأكثر إلى الأخذ بظاهرها ، وقالوا : بأنّ ذريّة آدم كانوا في عالم الأرواح ذوي عقولٍ ـ كما هم في هذا العالم ـ وقد أخذ منهم الميثاق ، وقال جماعة ـ منهم السيّد المرتضى ـ بتأويل الآية على معنىً آخر ، وهذا نصُّ عبارة السيّد في الكتاب المذكور :

( إنّه تعالى ، لمّا خلقهم وركّبهم تركيباً يدلّ على معرفته ، ويشهد بقدرته ووجوب عبادته ، وأراهم العبر والآيات والدلائل في غيرهم وفي أنفسهم ، كان بمنزلة المشهد لهم على أنفسهم ، وكانوا ـ في مشاهدة ذلك ومعرفته وظهوره فيهم على الوجه الذي أراده الله تعالى وتعذر امتناعهم منه وانفكاكهم من دلالته ـ بمنزلة المقرّ المعترف ، وإن لم يكن هناك إشهاد ولا اعتراف على الحقيقة ، ويجري ذلك مجرى قوله تعالى :( ثُمّ اسْتَوَى‏ إِلَى السّماءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَللأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ) وإن لم يكن منه تعالى قول على الحقيقة ولا منهما جواب ، ومثله قوله تعالى :( شَاهِدِينَ عَلَى‏ أَنْفُسِهِم بِالْكُفْرِ ) ونحن نعلم أنّ الكفّار لم يعترفوا بالكفر بألسنتهم ، وإنّما لما يظهر منهم ظهوراً لا يتمكّنون من دفعه كانوا بمنزلة المعترفين به )(١) .

فدلَّ هذا الكلام منه على أنّه غير منكرٍ لأصل الميثاق ، وإنّما له كلامٌ في كيفيّته ، وله رأيٌ في تأويل الآية .

ـــــــــــــــــ

(١) الغرر والدرر أمالي السيّد المرتضى ١ : ٣٠ .

٢٢٧

رأي الغزالي في خبر الميثاق

وهذا بخلاف الغزّالي مثلاً ـ من علماء القوم ـ فإنّه ينكر أصل الميثاق ، كما في كتابه (المضنون به على أهله ) :

 ( فقيل له ـ أي للغزالي ـ : إن كانت الأرواح حادثة مع الأجساد ، فما معنى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ الله خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام ، وقولهعليه‌السلام : أنا أوّل الأنبياء خلقاً وآخرهم بعثاً ، وقالعليه‌السلام : كنت نبيّاً وآدم بين الماء والطين ؟

فقالرضي‌الله‌عنه : شيء من هذه لا يدلّ على قدم الروح ، بل يدلّ على حدوثه وكونه مخلوقاً ، نعم ، ربّما يدلّ بظاهره على تقدّم وجوده على الجسد ، وأمر الظواهر ضعيف وتأويلها يمكن ، والبرهان القاطع لا يدرء بالظواهر ، بل يسلّط على تأويل الظواهر ، كما في ظواهر التشبيه في حقّ الله .

وأمّا قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خلق الله الأرواح قبل الأجساد بألفي عام ، فأراد بالأرواح أرواح الملائكة ، وبالأجساد أجساد العالم من العرش والكرسي والسماوات والكواكب والماء والهواء والأرض ، كما أنّ أجساد الآدميّين بجملتهم صغيرة بالإضافة إلى الأرض ، وجرم الأرض أصغر من الشمس بكثير ، ثمّ لا نسبة لجرم الشمس إلى فلكه ، ولا لفلكه إلى السماوات التي فوقه ، ثمّ كلّ ذلك اتّسع له الكرسي ، إذ وسع كرسيّه السماوات والأرض ، والكرسي صغير بالإضافة إلى العرش ، فإذا تفكّرت في جميع ذلك ، استحقرت جميع أجساد الآدميّين ، ولم تفهمها من مطلق لفظ الأجساد .

فكذلك فاعلم وتحقّق : أنّ أرواح البشر بالإضافة إلى أرواح الملائكة كأجسادهم بالإضافة إلى أجساد العالم ، ولو انفتح لك باب معرفة أرواح الملائكة لرأيت الأرواح البشريّة كسراج اقتبس من نار عظيمة طبّق العالم ، وتلك النار العظيمة هي الروح الأخير من أرواح الملائكة ، ولأرواح الملائكة ترتيب ، ولكلّ واحد انفراد بمرتبة ، ولا يجتمع في مرتبة واحدة اثنان ، بخلاف

٢٢٨

الأرواح البشريّة المتكثّرة مع اتّحاد النوع والمرتبة ، أمّا الملائكة فكلّ واحدٍ نوعٌ برأسه وهو كلّ ذلك النوع ، وإليه الإشارة بقوله تعالى :( وَإِنّا لَنَحْنُ الصّافّونَ ) وبقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ الراكع منهم لا يسجد ، والقائم منهم لا يركع ، وإنّه ما من واحد إلاّ له مقام معلوم ، فلا تفهمنّ إذاً من الأرواح والأجساد المطلقة أرواح الملائكة .

وأمّا قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : أنا أوّل الأنبياء خلقاً وآخرهم بعثاً ؛ فالخلق هاهنا هو الإيجاد ، فإنّه قبل أن ولدته أُمّه ليس موجوداً مخلوقاً ، ولكنّ الغايات والكمالات سابقة في التقدير لاحقة في الوجود ، وهو معنى قولهم : أوّل الفكرة آخر العمل بيانه : أنّ المقدّر المهندس أوّل ما يتمثّل صورته في تقديره ، وهي دار كاملة ، وآخر ما يوجد في أثر أعماله هي الدار الكاملة ؛ فالدار الكاملة أوّل الأشياء في ذهنه تقديراً وآخرها وجوداً ؛ لأنّ ما قبلها من ضرب اللبنات وبناء الحيطان وتركيب الجذوع وسيلة إلى غاية الكمال وهي الدار ، فالغاية هي الدار ، ولأجلها تُقدّر الآلات والأعمال )(١) .

فإن لم يتيسّر الوقوف على كتاب الغزالي ، فقد نقل المتأخّرون مقالته في كتبهم ، ففي (المواهب اللدنيّة ) ـ مثلاً ـ جاء محصّل المقالة المذكورة ، حيث قال :

( فإن قلت : إنّ النبوّة وصف ، ولابدّ أن يكون الموصوف به موجوداً ، وإنّما يكون بعد بلوغ أربعين سنة أيضاً ، فكيف يوصف به قبل وجوده وإرساله ؟

ـــــــــــــــــ

(١) المضنون به على أهله وهذا الكلام موجود في رسالته ( الأجوبة الغزالية في المسائل الأخروية ) ضمن ( مجموعة رسائل الإمام الغزالي ) : ١٧٨ ـ ١٨٠ .

٢٢٩

قلت : أجاب الغزالي في كتابالنفخ والتسوية عن هذا وعن قوله ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ : أنا أوّل الأنبياء خلقاً وآخرهم بعثاً ، بأنّ المراد بالخلق هنا التقدير دون الإيجاد ، فإنّه قبل أنْ ولدته أُمّه لم يكن موجوداً مخلوقاً ، ولكن الغايات والكمالات سابقة في التقدير لاحقة في الوجود )(١) .

فإنّ هذا الكلام يفيد أنّ الغزالي ينكر تقدّم خلق الأرواح على الأجساد ، ولا يسلّم بأنّ للخلق وجوداً سابقاً على ولادتهم الظاهريّة في هذا العالم ، ولا يرى خلقةً للنبيّ قبل وجوده الظاهري ، فضلاً عن القول بالوجود في عالم الذرّ .

ومن الواضح أنّ أخذ الميثاق في عالم الأرواح فرع على وجودها فيه .

فالغزالي ينكر وقوع الميثاق في ذلك العالم ، مع دلالة الأحاديث الكثيرة الواردة من طرقهم في ذلك ، وكونها مخرّجةً في كتابي البخاري ومسلم ، وفي الموطّأ لمالك(٢) ، وغيرها من كتبهم كما أنّ السيوطي أخرج ما يقارب الخمسين حديثاً في أخذ الميثاق من ذريّة آدم في عالم الأرواح ، بذيل الآية المباركة من (الدرّ المنثور )(٣) .

وقد نصَّ الشعراني في (اليواقيت ) على ابتناء كثيرٍ من الاعتقادات في إثبات الحشر والنشر على مسألة الميثاق(٤) .

وحينئذٍ ، فكلّ جوابٍ يذكرونه من طرف الغزالي ، فهو الجواب من طرف السيّد المرتضى لو صحّت النسبة إليه !

ـــــــــــــــــ

(١) شرح المواهب اللدنيّة بالمنح المحمّدية : ١ : ٣٦ .

(٢) الموطأ ٢ : ٨٩٨ ـ ٨٩٩/٢ كتاب القدر ، باب النهي عن القول بالقدر .

(٣) الدر المنثور ٣ : ٥٩٨ ـ ٦٠٧ .

(٤) اليواقيت والجواهر : ٤٣٩ ـ ٤٤٢ .

٢٣٠

رأي مجاهد في آية الميثاق

هذا ، وقد أنكر مجاهد أخذ الميثاق من الأنبياء ، والتزم بتحريف الآية المباركة الناصّة على ذلك ، كما ذكر السيوطي في (تفسيره ) إذ قال :

( أخرج عبد بن حميد والفريابي وابن جرير وابن المنذر ، عن مجاهد في قوله تعالى :

( وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النّبِيّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ)

قال : هي خطأ من الكتّاب ، وهي في قراءة ابن مسعود : ميثاق الذين أُوتوا الكتاب .

وأخرج ابن جرير عن الربيع ، أنّه قرأ : وإذ أخذ الله ميثاق الذين أُوتوا الكتاب ، قال : وكذلك كان يقرؤها أُبي بن كعب ، قال الربيع : ألا ترى إنّه يقول :( ثُمّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنّ بِهِ وَلَتَنصُرُنّهُ ) لتؤمننّ بمحمّد ولتنصرنّه

قال : هم أهل الكتاب )(١) .

حول كلام الطبرسي في آية الصّور

وقد نُسب إلى الشيخ الطبرسي بل إلى الشيخ المفيد القول بأنّ ( الصور ) في قوله تعالى:

( وَنُفِخَ فِي الصّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السّماوَاتِ وَمَن فِي الأَرْض ِ ) (٢) هو ( جمع صورة ) وليس المراد ( صور إسرافيل ) .

وهذه النسبة باطلة ، وقد نشأت من الخطأ والغلط في فهم عبارة الشيخ المجلسي ...

فإنّ هذا المتوهّم قد نظر إلى قول الشيخ المجلسي :

( وأمّا الصور فيجب الإيمان به ، على ما ورد في النصوص الصريحة ، وتأويله بأنّه جمع الصورة كما

ـــــــــــــــــ

(١) الدر المنثور ٢ : ٢٥٢ .

(٢) سورة الزمر ٣٩ : ٦٨ .

٢٣١

مرَّ من الطبرسي وقد سبقه الشيخ المفيد )(١) وغفل عن كلامه السابق ، حيث قال :

( قال الطبرسي في قوله تعالى :( وَنُفِخَ فِي الصّورِ ) : اختلف في الصور .

فقيل : هو قرن ينفخ فيه عن ابن عباس وابن عمر

وقيل : هو جمع صورة ، فإنّ الله يصوّر الخلق في القبور كما صوّرهم في أرحام الأُمّهات ، ثمّ ينفخ فيهم الأرواح كما نفخ وهم في أرحام أُمّهاتهم عن الحسن وأبي عبيدة

وقيل : إنّه ينفخ إسرافيل في الصور ثلاث نفخات : النفخة الأُولى نفخة الفزع ، والثانية نفخة الصعق يصعق من في السماوات والأرض بها فيموتون ، والثالثة نفخة القيام لربّ العالمين فيحشر الناس بها من قبورهم )(٢) .

فهذا كلام صاحب (مجمع البيان ) ، وأين اختيار القول الذي نسب إليه ؟

فقول الشيخ المجلسي : ( كما مرّ من الطبرسي ) يعني : كما مرَّ نقل هذا القول ـ الذي قاله غير الطبرسي ـ من الطبرسي ، حيث نقله في تفسيره ، لا أنّه قائل به ومعتقد له .

بل لعلّ في تقديمه القول الأوّل إشارة إلى اختياره له بل إنّ كلامه في تفسير الآية المذكورة صريح في ذلك ، فإنّه قال في (مجمع البيان ) :

(( وَنُفِخَ فِي الصّورِ ) وهو قرن ينفخ فيه إسرافيل

ووجه الحكمة في ذلك : إنّها علامة جعلها الله ليعلم بها العقلاء آخر أمرهم في دار التكليف ثمّ تجديد الخلق ، فشبّه ذلك بما يتعارفونه من بوق الرحيل والنزول ، ولا تتصوّره النفوس بأحسن من هذه الطريقة

وقيل : إنّ الصّور جمع صورة ، فكأنّه ينفخ

ـــــــــــــــــ

(١) بحار الأنوار ٦ : ٣٣٦ .

(٢) بحار الأنوار ٦ : ٣١٨ .

٢٣٢

في صور الخلق )(١) .

ثمّ قال ـرحمه‌الله ـ : (( فَصَعِقَ مَن فِي السّماوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ ) أي : يموت من شدّة تلك الصيحة التي يخرج من الصور جميع من في السماوات والأرض ، يُقال : صعق فلان : إذا مات بحال هائلة شبيهةٍ بالصيحة العظيمة ) .

قال : (( ثُمّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى ) يعني : نفخة البعث ، وهي النفخة الثانية

وقال قتادة في حديثٍ رفعه : إنّ ما بين النفختين أربعين سنة

وقيل : إنّ الله تعالى يفني الأجسام كلّها بعد الصعق وموت الخلق ثمّ يعيدها

وقوله :( فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ ) إخبار عن سرعة إيجادهم ؛ لأنّه سبحانه إذا نفخ النفخة الثانية أعادهم عقيب ذلك ، فيقومون من قبورهم أحياء )(٢) .

وعلى هذا المنوال كلامه في تفسيره الآخر (جوامع الجامع ) في قوله تعالى :( يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصّورِ ) (٣) : ( والصور قرن ينفخ فيه إسرافيل نفختين ، فيفنى الخلق بالنفخة الأُولى ويحيون بالثانية وعن الحسن إنّه جمع صورة )(٤) .

وقد قال في (مجمع البيان ) بتفسيرها : ( وأمّا الصور فقيل فيه إنّه قرن ينفخ فيه إسرافيلعليه‌السلام نفختين ، فيفنى الخلائق كلّهم بالنفخة الأُولى ويحيون بالنفخة الثانية ، فتكون الأُولى لانتهاء الدنيا والثانية لابتداء الآخرة

وقال الحسن : هو جمع صورة ، كما أنّ السور جمع سورة ، وعلى هذا فيكون معناه : يوم ينفخ الروح في الصور .

ويؤيّد الأوّل : ما رواه أبو سعيد الخدري عن النبيّ ( صلَّى الله عليه وآله

ـــــــــــــــــ

(١) مجمع البيان في تفسير القرآن ٨ : ٤٥٩ .

(٢) مجمع البيان ٨ : ٤٦٠ .

(٣) سورة الأنعام ٦ : ٧٣ .

(٤) جوامع الجامع ١ : ٥٨٤ .

٢٣٣

وسلَّم ) إنّه قال :

( كيف أنتم وقد التقم صاحب القرن وحنا جبينه وأصغى سمعه ينتظر أنْ يُؤمر فينفخ ؟

قالوا : فكيف نقول يا رسول الله ؟

قال :قولوا : حسبنا الله ونعم الوكيل ) .

والعرب تقول : نفخ الصور ونفخ في الصور ، قال الشاعر :

لولا ابن جعدة لم يفتح قهندزكم

ولا خراسان حتّى ينفخ الصور )(١)

وكما أيّد القول الأوّل هنا بالحديث ، كذلك أيّده به بتفسير( يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصّورِ ) حيث قال : ( وقد ورد ذلك في الحديث ) أي : إنّ القول الآخر لا مؤيّد له في الأحاديث ...

وقال بتفسير( فَإِذَا نُقِرَ فِي النّاقُورِ ) : ( الناقور فاعول من النقر ، كهاضوم من الهضم وحاطوم من الحطم ، وهو الذي من شأنه أن ينقر فيه للتصويت به ) قال :

( معناه : إذا نفخ في الصور ، وهي كهيئة البوق ، عن مجاهد

وقيل : إنّ ذلك في النفخة الأُولى وهو أول الشدّة الهائلة العامّة

وقيل : إنّه النفخة الثانية ، وعندها يحيي الله الخلق ، وتقوم القيامة وهي صيحة الساعة ، عن الجبائي )(٢) .

وعلى الجملة ، فإنّ التتبع في كلمات الشيخ الطبرسي في المواضع المختلفة من تفسيريه ، يفيد أنّ ما نُسب إليه من إنكار الصور بالمعنى بالمذكور من غرائب التوهّمات ، بل من عجائب الافتراءات .

حول كلام المفيد في معنى ( الصور )

وأمّا ما نُسب إلى الشيخ المفيد (رحمه‌الله ) من تأويل (الصور ) ، وأنّه يقول

ـــــــــــــــــ

(١) مجمع البيان ٤ : ٩٥ .

(٢) مجمع البيان ١٠ : ١٩١ و ١٩٥ .

٢٣٤

بأنّه جمع للصّورة ، ففيه كلام كذلك ، ومجرّد قول الشيخ المجلسي ( وسبقه الشيخ المفيد ) لا يكفي ، إذ يحتمل أن يكون مراده أنّ الشيخ المفيد قد سبق الشيخ الطبرسي في نقل القول المذكور عن بعض العامّة .

ولو سلّمنا أنّ الشيخ المفيد يجوّز أنْ يكون (الصور ) جمعاً للصورة ، فإنّه لا ينكر (الصور ) بمعنى (القرن ) الذي ينفخ فيه إسرافيلعليه‌السلام ، لثبوت ذلك في الكتاب والسنّة ، غاية ما هناك أنّه جوّز في بعض تلك الأدلّة أنْ يكون (الصور ) جمعاً للصورة ، وذلك لا يلازم إنكار كون المراد هو (القرن ) في البعض الآخر كما هو واضح ...

فإنْ كان الخصم في شكٍّ من هذا ، ذكرنا له كلام إمامه الفخر الرازي بتفسير قوله تعالى :( يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصّورِ ) فإنّه يصدّق ما قلناه تماماً ، وهذا نصّه :

( المسألة الثالثة : قوله تعالى :( يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصّورِ ) لا شبهة أنّ المراد منه يوم الحشر ، ولا شبهة عند أهل الإسلام أنّ الله سبحانه خلق قرناً ينفخ فيه ملك من الملائكة ، وذلك القرن مسمّى بالصور على ما ذكر الله هذا المعنى في مواضع من الكتاب الكريم ، ولكنّهم اختلفوا في المراد بالصّور في هذه الآية على قولين : الأوّل : إنّ المراد منه ذلك القرن الذي ينفخ فيه وصفته مذكورة في سائر السور ، والقول الثاني : إنّ الصور جمع صورة ، والنفخ في الصور عبارة عن النفخ في صور الموتى )(١) .

فلو فرض تفسير الشيخ المفيد لفظ (الصور ) في بعض الموارد بـ (جمع الصورة ) ، فإنّ هذا لا يستلزم كونه منكراً وجود (الصور ) بمعنى (النفخ ) ، وكيف

ـــــــــــــــــ

(١) تفسير الرازي ١٣ : ٣٣

٢٣٥

يجوز نسبة ذلك إليه ؟ والحال أنّ كلامه في (أجوبة المسائل السروية ) صريح في الاعتقاد بالصور

وهذه عبارة السؤال والجواب على ما نقل في (البحار ) :

( ما قوله ـ أدام الله تأييده ـ في عذاب القبر وكيفيّته ؟

ومتى يكون ؟

وهل تردّ الأرواح إلى الأجساد عند التعذيب أم لا ؟

وهل يكون العذاب في القبر أو يكون بين النفختين ؟

الجواب :

الكلام في عذاب القبر طريقه السمع دون العقل ، وقد ورد عن أئمّة الهدىعليهم‌السلام أنّهم قالوا :

( ليس يعذّب في القبر كلّ ميّت ، وإنّما يعذّب من جملتهم من محّض الكفر محضاً ، ولا ينعم كلّ ماض لسبيله ، وإنّما ينعم منهم من محّض الإيمان محضاً ، فأمّا سوى هذين الصنفين فإنّه يلهى عنهم )

وكذلك روي : أنّه لا يُسئَل في قبره إلاّ هذان الصنفان خاصّة ، فعلى ما جاء به الأثر من ذلك يكون الحكم ما ذكرناه .

فأمّا عذاب الكافر في قبره ، ونعيم المؤمنين فيه ، فإنّ الخبر ـ أيضاً ـ قد ورد بأنّ : الله تعالى يجعل روح المؤمن في قالب مثل قالبه في الدنيا في جنّة من جنانه ينعمه فيها إلى يوم الساعة ، فإذا نُفِخ في الصور أُنشىء جسده الذي بُلي في التراب وتمزّق ، ثمّ أعاده إليه وحشره إلى الموقف وأمر به إلى جنّة الخلد ، فلا يزال منعّماً ببقاء الله عزّ وجلّ ، غير أنّ جسده الذي يُعاد فيه لا يكون على تركيبه في الدنيا ، بل تعدّل طباعه وتحسّن صورته ، فلا يهرم مع تعديل الطباع ، ولا يمسّه نصبٌ في الجنّة ولا لغوب .

والكافر يجعل في قالب كقالبه في الدنيا ، في محلّ عذاب يعاقب به ونار يعذّب بها حتّى الساعة ، ثمّ أُنشئ جسده الذي فارقه في القبر ويعاد إليه ، ثمّ يعذّب به في الآخرة إلى الأبد ، ويركّب ـ أيضاً ـ جسده تركيباً لا يفنى معه ، وقد

٢٣٦

قال الله عزّ وجلّ اسمه :

( النّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدّ الْعَذَابِ)

وقال في قصّة الشهداء :

 ( وَلاَ تَحْسَبَنّ الّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبّهِمْ يُرْزَقُونَ ) .

فدلّ أنّ العذاب والثواب يكونان قبل يوم القيامة وبعدها .

والخبر وارد بأنّه يكون مع فراق الروح الجسد من الدنيا ، والروح هاهنا عبارة عن الفعّال الجوهر البسيط ، وليس بعبارة عن الحياة التي يصحّ معها العلم والقدرة ؛ لأنّ هذه الحياة عرض لا يبقى ولا يصحّ الإعادة فيه .

فهذا ما عوّل عليه بالنقل وجاء به الخبر على ما بيّنّاه )(١) .

هذا كلام الشيخ المفيد ، وهو نصّ قاطع في أنّه غير منكر للصور ، بل ذكر عقيدته على أساس الأخبار المرويّة عن الأئمّة الأطهارعليهم‌السلام وجعلها المعوَّل عليه والمعتَمد .

ولا يتوهّم أنّ هذا الكلام أيضاً ، يحتمل كون المراد من الصور هو نفخ الأرواح في الأجساد ، وأنّ الصور جمع الصورة ؛ لأنّ هذا الإحتمال فاسد قطعاً ، وكلامه صريح في أنّ المراد من (الصور ) هو (القرن ) لا جمع الصورة ، ويدلّ على ذلك وجهان :

الأوّل : قوله : ( فإذا نفخ في الصور أُنشئ جسده ) فإنّه يدلّ بوضوحٍ على أنّ إنشاء الجسد إنّما يكون بعد نفخ الصور ، فنفخ الصور متقدّم على إنشاء الجسد الذي بلي في التراب وتمزّق ، وهذا مقتضى الشرط والجزاء ؛ فإنّ الجزاء متفرّعٌ على وجود الشرط متأخّرٌ عنه

ومن البديهي أنّه لو كان (الصور ) جمع الصّورة ، وكان المراد نفخ الأرواح في الأجساد ، لم يكن تأخّر إنشاء

ـــــــــــــــــ

(١) بحار الأنوار ٦ : ٢٧٢ ـ ٢٧٣ عن أجوبة المسائل السرويّة .

٢٣٧

الجسد ، وإلاّ لزم تأخّر الشيء عن نفسه ؛ لأنّ النفخ في الصور ـ على تقدير كون (الصور ) جمع الصورة ـ هو نفخ الأرواح في الأجساد ، فلابدّ من إنشاء الأجساد قبل النفخ حتى ينفخ فيها الأرواح .

الثاني : إنّ لفظة ( ثمّ ) في قوله : ( ثمّ أعاد إليه وحشره إلى الموقف ) صريحٌ في تأخّر إعادة الروح إلى الجسد ، عن نفخ الصور وإنشاء الجسد ، كما هو ظاهر لفظة ( ثمّ ) الموضوعة للتراخي والبعديّة ، ولا ريب أنّ أعادة الروح إلى الجسد هو عين نفخ الروح فيه فلو كان المراد من( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصّورِ ) هو جمع الصورة ، وكان المراد من النفخ هو نفخ الأرواح في الأجساد ، لزم تأخّر الشيء عن نفسه .

وتلخّص : أنّ الشيخ المفيد (رحمه‌الله ) يقول بوجود الصور بمعنى القرن ، وبوقوع النفخ فيه كما دلّت عليه الأدلّة ، وقد أشار إليها في جواب السؤال ونصَّ على الاعتماد عليها فلا يجوز نسبة غير ذلك إليه ألبتّة .

عقيدة الحسن البصري وأبي عبيدة

لكنّها عقيدة الحسن البصري وأبي عبيدة وغيرهما من أهل السنّة ، وقد نصّ غير واحدٍ من أعلام القوم على أنّها خلاف ما عليه أهل السنّة والجماعة :

قال العيني في (عمدة القاري ) بشرح قول البخاري : ( باب نفخ الصور ) :

( الصور ، وهو بضمّ الصاد وسكون الواو ، وذكر عن الحسن أنّه قرأها بفتح الواو جمع الصورة ، وتأوّله على أنّ المراد النفخ في الأجسام ليعاد إليها الأرواح

قال الأزهري : إنّه خلاف ما عليه أهل السنّة والجماعة )(١) .

ـــــــــــــــــ

(١) عمدة القاري بشرح البخاري ٢٣ : ٩٨ باب نفخ الصور .

٢٣٨

بل هو عقيدة جماعة

وليس هذا قول الحسن وحده ، ففي (فتح الباري ) ما نصّه :

( باب نفخ الصور ، تكرّر ذكره في القرآن ، في الأنعام والمؤمنين والنمل والزمر وقاف وغيرها ، وهو بضمّ المهملة وسكون الواو ، وثبت كذلك في القراآت المشهورة والأحاديث ، وذكر عن الحسن البصري أنّه قرأها بفتح الواو جمع صورة ، وتأوّله على أنّ المراد النفخ في الأجساد ليعاد إليها الأرواح

وقال أبو عبيدة في المجاز : يقال الصور يعني بسكون الواو جمع صورة ، كما يقال سور المدينة جمع سورة

قال الشاعر :

لمّا أتى خــبر الزبير

تواضعت صور المدينة

فيستوي معنى القراءتين .

وحكى مثله الطبري عن قوم وزاد : كالصوف جمع صوفة .

قالوا : والمراد بالنفخ في الصور ـ وهي الأجساد ـ أن تعاد فيها الأرواح ، كما قال تعالى :( وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رّوحِي ) .

وتعقّب قوله : جمع ، بأنّ هذه أسماء أجناس لا جموع .

وبالغ النحّاس وغيره في الردّ على التأويل المذكور .

وقال الأزهري : إنّه خلاف ما عليه أهل السنّة والجماعة )(١) .

وقال الرازي في (تفسيره ) :

( اعلم : إنّ الله سبحانه لمّا قال :( وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى‏ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) ذكر أحوال ذلك اليوم ، فقال :( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصّورِ ) وفيه ثلاثة أقوال :

أحدها : إنّ الصور آلة ، إذا نفخ فيها يظهر صوتٌ عظيم جعله الله علامةً

ـــــــــــــــــ

(١) فتح الباري في شرح البخاري ١١ : ٣٠٨ باب نفخ الصور .

٢٣٩

لخراب الدنيا وإعادة الأموات

روي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنّه قرن ينفخ فيها .

وثانيها : إنّ المراد من الصور مجموع الصور ، والمعنى : فإذا نفخ في الصور أرواحها ، وهو قول الحسن ، وكان يقرأ بفتح الواو ، وبالفتح والكسر عن أبي رزين ، وهو حجّة لمن فسّر الصّور بجمع صورة .

وثالثها : إنّ النفخ في الصور استعارة ، والمراد منه البعث والحشر .

والأولى الأوّل )(١) .

وقال ابن الأثير في (النهاية ) :

( وفيه ذكر النفخ في الصور ، هو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيلعليه‌السلام عند بعث الموتى إلى المحشر

وقال بعضهم : إنّ الصور جمع صورة ، يريد صور الموتى ينفخ فيه الأرواح ، والصحيح الأوّل ؛ لأنّ الأحاديث تعاضدت عليه تارةً بالصور وتارةً بالقرن )(٢) .

وقال محمد طاهر في (مجمع البحار ) :

( ونفخ في الصور ، هو قرن ينفخ فيه إسرافيلعليه‌السلام عند بعث الموتى إلى المحشر ، وقيل : هو جمع صورة يريد صور الموتى ينفخ فيها الأرواح ، والصحيح الأوّل لتظاهر الأحاديث فيه )(٣) .

وفي (الصحاح ) :

( الصور القرن قال الراجز :

ـــــــــــــــــ

(١) تفسير الرازي ٢٣ : ١٢١ .

(٢) النهاية في غريب الحديث والأثر ( صور ) .

(٣) مجمع البحار ( صور ) .

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

[واحتجوا: بان للواحد من كلالة الام السدس.

واجيب: بانه في حق الاخوة دون الاجداد، فان قالوا: نصوا على ان الجد كالاخ والجدة كالاخت قلنا: اذا اجتمعوا وكانوا من جهة واحدة اقتسموا على هذه النسبة، فيأخذ الجد بقدر ما يأخذه الاخ، والجدة بقدر ما تأخذه الاخت.

تحقيق

الجد وان علا تقاسم الاخ وان دنا، والاخ وابنه وان سفل تقاسم الجد وان قرب فكل من هاتين الطبقتين: اعني طبقة الاخوة والاجداد وارث على حده، والا يعتبر فيه القرب والبعد بالنسبة إلى الطبقة الاخرى، فلا يمنع الاقرب من احدى الطبقتين الابعد من الاخرى ويمنع الابعد من طبقته، فلا ارث لابن الاخ مع الاخ، ولا لجد جد مع جد. ولا فرق في منع الارث للابعد هنا بين ان يكون جهته التي يمت بها إلى الميت هي جهة الآخر، او غيرها، فلا يرث ابن الاخ للابوين مع الاخ للام، او للاب، لانه اقرب منه بدرجة. وكذا لا يرث جد جد لاب مع جدة لام.

ولنوضح ذلك في مسائل:

(الاولى) لو ترك جدا وجدة لام واخوة من قبلها، وجدا وجدة لاب واخوة من قبله كان لاقرباء الام الثلث بينهم بالسوية، ولاقرباء الاب الثلثان للذكر ضعف الانثى، ويكون الجد كالاخ والجدة كالاخت هنا في البابين.

(الثانية) لو ترك جدا وجدة لاب واخوة من قبله، وجدا وجدة للام كان لجد الام الثلث، ولاقرباء الاب الثلثان للذكر سهمان وللانثى سهم، ويجرى الجد فيه مجرى الاخ، والجدة مجرى الاخت.

ولو ترك جدا وجدة لام واخوة من قبلها، وواحدا من قبل الاب، اخا او اختا، جدا او جدة، كان لاجداد الام وجداتها واخواتها الثلث بينهم بالسوية، ولقريب الاب الثلثان.

٣٦١

مسألتان

(الاولى) لو اجتمع اربعة اجداد لاب ومثلهم لام كان لاجداد الام الثلث بينهم ارباعا، ولاجداد الاب وجداته الثلثان، لابوي ابيه ثلثا الثلثين اثلاثا، ولابوي امة الثلث اثلاثا أيضا، فيصح من مائة وثمانية.

(الثانية) الجد وان علا يقاسم الاخوة والاخوات. واولاد الاخوة والاخوات وان نزلوا يقومون مقام آبائهم عند عدمهم في مقاسمة الاجداد والجدات ويرث كل واحد منهم نصيب من يتقرب به، ثم ان كانوا اخوة او اخوات لاب اقتسموا المال للذكر مثل حظ الانثيين، وان كانوا لام اقتسموا بالسوية.

(الثالثة) لو ترك اخوة لام وجدا قريبا لاب، وجدا بعيدا لام، فلجد الاب ثلثى المال، ولاخوة الام الثلث، وهل يشاركهم جد الام البعيد؟ احتمالان: نعم لان الاخ لا يمنع الجد البعيد، والقريب لايزاحمه البعيد فيما حصل له.

وكذا لو ترك اخوة للاب وجدا بعيدا من قبله، واخوة لام وجدا قريبا من قبلها، كان لاقرباء الام الثلث بينهم بالسوية، ولاخوة الاب الثلثان، وهل يشاركهم جد الاب البعيد؟ يحتمله لان بعده لا يمنعه من مقاسمة الاخوة، وهو لا يزاحم الجد القريب فيما حصل له.

ويحتمل عدم الشركة لكونه محجوبا بالجد القريب، وقضية الحجب هنا المنع من اصل الارث.

(الرابعة) لو ترك جد لام وابن اخ لام مع اخ لاب، فلاخ الاب الثلثان، ولجد الام الثلث، وهل يزاحمه ابن الاخ للام؟ فيه الاحتمالان: وكذا لو ترك جد الاب وابن اخ له مع اخ للام، فلاخ الام السدس ولجد الاب الباقي، وهل يزاحم ابن

٣٦٢

(المرتبة الثالثة) الاعمام والاخوال

للعم المال اذا انفرد، وكذا للعمين فصاعدا، وكذا العمة والعمتان والعمات، والعمومة والعمات للذكر مثل حظ الانثيين. ولو كانوا متفرقين، فلمن تقرب بالام السدس ان كان واحدا، والثلث ان كانوا اكثر بالسوية، والباقي لمن يتقرب بالاب وبالام للذكر مثل حظ الانثيين، ويسقط من يتقرب بالاب معهم ويقومون مقامهم عند عدمهم. ولا يرث الابعد مع الاقرب، مثل ابن خال مع خال أو عم، أو ابن عم مع خال أو عم، الا ابن عم لاب وام مع عم لاب، فابن العم اولى. الاخ للاب؟ فيه الوجهان.

قال طاب ثراه: ولا يرث الابعد مع الاقرب، مثل ابن خال مع خال او عم، او ابن عم مع خال او عم الا ابن عم لاب وام مع عم لاب فابن العم اولى.

أقول: هذه هي المسألة الاجماعية التي انفردت بها الامامية، لكن لما خالفت القواعد المقررة، واصول المذهب المعتبرة - اعتبرنا فيها بقاء الصورة التي ورد بها النص على حالها على المختار من الاقوال والمحصل من فتاوى المحققين.

فروع

(الاول) لا يتغير الحكم بتعدد العم، او ابن العم، ولا بانضمام الزوج والزوجة قاله الشهيد(١) ويحتمله لانه غير صورة النص، قاله العلامة: في القواعد(٢) .

____________________

(١)الدروس: كتاب الميراث ص ٢٥١ س ٧ قال: قاعدة لا يمنع ابعد اقرب الا في مسألة اجماعية، إلى قوله: ولا يتغير الحكم الخ.

(٢)القواعد: ج ٢ الفصل الثالث في ميراث الاعمام والاخوال ص ١٧٥ س ١٠ قال: ولا يرث ابن العم مع العم الا في مسألة اجماعية إلى قوله: ولو تغير الحال انعكس الحجب الخ.

٣٦٣

والاشكال في تعددهما، او تعدد احدهما اقوى من الاشكال في انضمام الزوجين.

ووجه الاشكال: من حيث مشاركتهما في المقتضي للترجيح، فان ابن العم له المال وحده، فمع تعدده اولى، وسبب ارث العمين العمومة، وابن العم مانع لهذا السبب، ومانع احد السببين المتساويين مانع الآخر.

(الثاني) هل يتغير الحكم بتبديل الذكورة بالانوثه؟ بان كان بدل العم عمة؟ الاظهر: نعم، اقتصارا على مورد النص، وهو اختيار ابن ادريس(١) والمصنف(٢) والعلامة في القواعد(٣) وقال الشيخ، العمة للاب كالعم(٤) .

(الثالث) لو جامعها خال او خالة؟ قيل فيه: ثلاثة أقوال:

(أ) حرمان ابن العم، ويكون المال بين العم والخال أثلاثا، لتغيير الصورة المنصوصه، وهو اختيار عماد الدين بن حمزة القمي ويعرف بالطبرسيرحمه‌الله (٥)

____________________

(١)السرائر: في ترتيب الوراث ص ٣٩٧ س ١٢ قال: فان كان عوض العم المذكور فيها عمة للاب كان الميراث لها دون ابن العم.

(٢)الشرائع: المرتبة الثالثة: الاعمام والاخوال، قال: ولو انضم اليهما (اي عم لاب وابن عم) ولو خال تغيرت الحال وسقط ابن العم.

(٣)القواعد: ج ٢ الفصل الثالث في ميراث الاعمام والاخوال ص ١٧٥ س ١١ قال: فلو كان بدل العم عمة إلى قوله: كان الابعد ممنوعا.

(٤)الاستبصار: ج ٤(١٠١) باب ميراث الاولى من ذوي الارحام ص ١٧٠ ذيل حديث ٣ س ١٣ قال: والوجه الاخر ان يكون هذا الحكم يختص اذا كان بنوا العم لاب وام والعم او العمة لاب خاصة الخ.

(٥)المختلف: ج ٢ كتاب الفرائض ص ١٨٢ س ٩ قال: وقال العماد القمى ويعرف بالطبرسي: المال للعم والخال لان ابن العم محجوب بالخال.

٣٦٤

[وابن ادريس(١) وظاهر الشيخ في المسألة الحلبية(٢) والمصنف(٣) والعلامة في القواعد(٤) .

ويؤيده رواية مسلمة بن محرز عن الصادقعليه‌السلام قال: في ابن عم وخال: قال: المال(٥) .

(ب) حرمان العم ويكون المال للخال وابن العم قاله قطب الدين الراوندى(٦) ومعين الدين المصرى(٧) لان العم الخال لا يمنع العم، لا يمنع ابن العم الذى هو حاجب للعم اولى، وهو اقرب من ابن العم، وابن العم يرث مع العم، فيرث مع الخال المساوي له.

(ج) حرمان العم وابن العم واختصاص الخال بالمال، قاله سديد الدين الحمصى(٨) لان العم محجوب بابن العم، وابن العم محجوب بالخال].

____________________

(١)السرائر: في ترتيب الوراث ص ٣٩٧ س ١٣ قال: وكذلك لو كان خال وعم للاب وابن العم للاب والام كان المال للعم الثلثان وللخال الثلث وسقط ابن العم للاب والام.

(٢)المختلف: ج ٢ كتاب الفرائض ص ١٨٢ س ٤ قال بعد نقل اعتراض ابن ادريس على الشيخ نقلا عنه: وقد رجع شيخنا عن هذا في المسائل الحلبية.

(٣)الشرائع: في المواريث، المرتبة الثالثة الاعمام والاخوال قال: ولو انضم اليهما ولو خال تغيرت الحال وسقط ابن العم.

(٤)القواعد: ج ٢ الفصل الثالث في ميراث الاعمام والاخوال ص ١٧٥ س ١٢ قال: ولو اجتمع مع العم وابن العم خال او خالة فالاجود حرمان ابن العم.

(٥)التهذيب: ج ٩(٣٠) باب ميراث العم والعمات والاخوال والخالات ص ٣٢٨ قطعة من حديث ١٨.

(٦)و(٧) المختلف: ج ٢ كتاب الفرائض ص ١٨٢ س ٧ و ٩ قال: وقال قطب الدين الراوندي: المال للخال وابن العم، وقال معين المصري: واعلم ان هذه المسألة الخ.

(٨)المختلف: ج ٢ كتاب الفرائض ص ١٨٢ في الهامش، وقال السديد الدين الحمصي: المال للخال الخ.

٣٦٥

وللخال المال اذا انفرد، وكذا للخالين والاخوال، والخالة والخالتين والخالات. ولو اجتمعوا فالمال بينهم بالسوية كيف كانوا. ولو كانوا متفرقين، فلمن يتقرب بالام السدس ان كان واحدا، والثلث ان كانوا اكثر، والثلثان لمن يتقرب بالاب والام، ويسقط من يتقرب بالام معهم، والقسمة بينهم للذكر مثل حظ الانثيين. ولو اجتمع الاخوال والاعمام، فللاخوال الثلث، وللاعمام الثلثان. ولو كان معهم زوج أو زوجة فلهما النصيب الاعلى، ولمن يتقرب بالام ثلث الاصل، والباقي لمن يتقرب بالاب. ولو اجتمع عم الاب وعمته، وخاله وخالته، وعم الام وعمتها وخالها وخالتها، كان لمن يتقرب بالام الثلث، بينهم ارباعا، ولمن [قال العلامة في المختلف: ونحن في هذه المسألة من المتوقفين، فان كل واحد من هذه الاقوال ينقدح فيه الرجحان(١) .

واحتمل العلامة في القواعد قولا رابعا: وهو حرمان الخال مع العم(٢) واختصاص المال بابن العم، لانه مانع للعم والخال مساويه في المرتبة، ومانع احد المتساويين مانع الآخر، والا لم يكونا متساويين.

قال طاب ثراه: ولو اجتمع عم الاب وعمته، وخاله وخالته، وعم الام وعمتها وخالها وخالتها كان لمن يتقرب بالام الثلث بينهم ارباعا، ولمن يتقرب بالاب]

____________________

(١)المختلف: ج ٢ كتاب الفرائض ص ١٨٢ س ٢٨ قال: ونحن في هذه المسألة من المتوقفين الخ.

(٢)القواعد: ج ٢ الفصل الثالث في ميراث الاعمام والاخوال ص ١٧٥ س ١٣ قال: وحرمان الخال والعم.

٣٦٦

يتقرب بالاب الثلثان، ثلثه لعمه وعمته اثلاثا، وثلثه لخاله وخالته بالسوية على قول.

(مسائل)

(الاولى) عمومة الميت وعماته، وخئولته وخالاته واولادهم وان نزلوا، اولى من عمومة أبيه وخئولته.

وكذا اولاد كل بطن اقرب، اولى من البطن الابعد. ويقوم اولاد العمومة والعمات والخئولة والخالات مقام آبائهم عند عدمهم، ويأخذ كل منهم نصيب من يتقرب به، واحدا كان أو اكثر.

(الثانية) من اجتمع له سببان ورث بهما مالم يمنع احدهما الآخر، فالاول: كابن عم لاب هو ابن خال لام، وزوج هو ابن عم، وعمة لاب هي خالة لام.

والثاني: كابن عمه هو اخ لام.

(الثالثة) حكم اولاد العمومة والخئولة مع الزوج والزوجة حكم آبائهم، يأخذ من يتقرب ثلث الاصل، والزوج نصيبه الاعلى، وما يتقى لمن يتقرب بالاب.

[الثلثان، ثلثاه لعمه وعمته اثلاثا، وثلثه لخاله وخالته بالسوية على قول.

أقول: هذا قول للشيخ في النهاية(١) وتابعه المتأخرون على ذلك(٢) ، لانهم]

____________________

(١)النهاية: باب ميراث ذوي الارحام ص ٦٥٧ س ٦ قال واذا اجتمع عم اب وعمته الخ(٢) لاحظ الشرائع: كتاب الفرائض، المرتبة الثالثة الاعمام والاخوال قال: ولو اجتمع عم الاب وعمته الخ وفى اللمعة: ج ٨ ص ١٦٢ س ١ قال: فلو ترك الميت عم ابيه الخ وفي القواعد: ج ٢، الفصل الثالث في ميراث الاعمام والاخوال ص ١٧٦ س ١٢ قال: اذا اجتمع عم الاب وعمته الخ.

٣٦٧

في ميراث الازواج

للزوج مع عدم الولد النصف، وللزوجة الربع، ومع وجوده وان نزل نصف النصيب، ولو لم يكن وارث سوى الزوج رد عليه الفاضل، وفي الزوجة قولان: احدهما لها الربع والباقي للامام، والآخر يرد عليها الفاضل كالزوج.

وقال ثالث: بالرد مع عدم الامام. والاول اظهر. واذا كن اكثر من واحدة فهن مشتركات في الربع او الثمن. وترث الزوجة وان لم يدخل بها الزوج. وكذا الزوج. وكذا في العدة الرجعية خاصة، لكن لو طلقها مريضا ورثت وان كان بائنا، مالم تخرج السنة، ولم يبرأ، ولم تتزوج، ولا ترث البائن الا هنا.

ويرث الزوج من جميع ما تركته المرأة، وكذا المرأة عدا العقار، وترث من قيمة الآلات والابنية، ومنهم من طرد الحكم في ارض المزارع والقرى، وعلم الهدى يمنعها العين دون القيمة.

[يتقربون بالام.

وذهب بعضهم إلى القسمة اثلاثا(١) كما في جد ام الاب وجدته، وجمهور الاصحاب على الاول(٢) .

قال طاب ثراه: ولو لم يكن وارث سوى الزوج - إلى قوله: والاول: اظهر.

أقول: تقدم البحث في هذه المسألة.

قال طاب ثراه: ويرث الزوج من جميع ما تركته المرأة، وكذا الزوجة عدا العقار].

____________________

(١)الايضاح: ج ٤ ص ٢٣٠ قال في شرح قول العلامة في القواعد: (ويحتمل ان يكون لعم الام وعمتها لاخ) مالفظه: والاحتمال الثاني ذكره افضل المحققين نصير الحق والدين، الطوسيرحمه‌الله في فرائضه الخ

(٢) لاحظ مانقلناه انفا عن الشرائع والقواعد واللمعة.

٣٦٨

[أقول: اعلم ان كل وارث، فانه يرث من جميع متروكات مورثه، وخرج منه بالنص امور: (الاول) الزوجان بالنسبة إلى القصاص والحد، وهو اجماع.

(الثاني) النساء بالنسبة إلى القصاص، وهو قول الشيخ في الاستبصار(١) وسيأتي تحقيقه في موضعه ان شاء الله.

(الثالث) اقارب الام بالنسبة إلى الدية(٢) على قول(٣) .

(الرابع) النساء بالنسبة إلى الولاء الا في موضعين:

(أ) اذا باشرب العتق.

(ب) اذا اعتق مولاها الذي باشرت عتقه ثم مات الواسطة.

(الخامس) الزوجة تحرم من شئ ما، من متروكات الزوج عند الامامية، الا ابن الجنيد(٤) ، وقد سبقه الاجماع وتأخر عنه، والحجة فيه النصوص عن اهل البيتعليهم‌السلام ، الاخذين علومهم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله المتلقاة عن الوحي الالهي(٥) . والحكمة فيه مذكورة في نصوصهمعليهم‌السلام (٦) ، وفي عبارات علمائهم، وهو تطرق الضرر على أقرباء الميت، اذ لا حجر لهم عليها في التزويج، فربما تزوجت بمن]

____________________

(١)الاستبصار: ج ٤(١٥٣) باب انه ليس للنساء عفو ولا قود ص ٢٦٢ الحديث ١.

(٢)الكافي: ج ٧ باب مواريث القتلى ومن يرث من الدية ومن لا يرث، فلاحظ.

(٣)النهاية: بيان ميراث القاتل ومن يستحق الدية ص ٦٧٣ س ١٦ قال: ولا يستحقها الاخوة والاخوات من قبل الام.

(٤)المختلف: ج ٢ كتاب الفرائض في ميراث الزوجين ص ١٨٤ س ٢ قال: وقال ابن الجنيد: إلى قوله: وللزوجة الثمن من جميع التركة عقاراً واثاث الخ.

(٥)و(٦) التهذيب: ج ٩(٢٧) باب ميراث الازواج الاحاديث ٢٤ إلى ٣٤ والحكمة مذكورة فيها.

٣٦٩

[كان منافسا للمتوفي وحاسدا وعدوا مغيظا، فيثقل ذلك على اهله وعشيرته، فعدل بها عن ذلك إلى اجمل الوجوه(١) . وهذا التعليل مما تقتضيه الحكمة الخلقية، ومستبعده مستهزئ بالشرع.

وزادا عليه: روى حماد بن عثمان عن أبي عبدالله عليه قال: انما جعل للمرأة قيمة الخشب؟ لئلا تتزوج فتدخل عليهم من يفسد مواريثهم(٢) . واختلفت الروايات عنهم في كمية الشئ الذي تحرمه وكيفيته وشرطه(٣) . واختلفت الاقوال بحسب ذلك.

فهنا بحثان: (الاول) هل الحرمان عام في كل زوجة، سواء كان لها ولد، او لم يكن؟ أو هو خاص بغير ذات الولد؟ بالاول صرح ابن ادريس(٤) وهو ظاهر المفيد(٥) والتقي(٦) والمرتضى في الانتصار(٧) والشيخ في الاستبصار(٨) ].

____________________

(١)لاحظ الانتصار: المسائل المشتركة في الارث، ص ٣٠١ قال: مسألة: ومما انفردت به الامامية القول: بان الزوجة لا ترث من رباع المتوفى شيئا إلى قوله: والذي يقوي في نفسي الخ.

(٢)التهذيب: ج ٩(٢٧) باب ميراث الازواج ص ٢٩٨ الحديث ٢٨.

(٣)سيأتي عن قريب.

(٤)السرائر: كتاب الفرائض ص ٤٠١ س ٣٢ قال: والصحيح انها لا ترث من نفس التربة ولا من قيمتها، بل يقوم الطوب والالات وتعطي قيمته إلى قوله: هذا اذا لم يكن لها ولد.

(٥)المقنعة: باب ميراث الازواج ص ١٠٤ س ٢٢ قال: ولا ترث الزوجة شيئا مما يخلفه الزوج من ارباع وتعطي قيمة الخشب والطوب.

(٦)الكافي: فصل في الارث ص ٣٧٤ س ١٩ قال: ولا ترث الزوجة من رقاب الرباع والارضين شيئا وترث من قيمة الات الرباع.

(٧)الانتصار: المسائل المشتركة في الارث ص ٣٠١ قال: مسألة ومما انفردت به الامامية، القول: بان الزوجة لا ترث من رباع المتوفى.

(٨)الاستبصار: ج ٤(٩٤) باب ان المرأة لا ترث من العقار والدور والارضين شيئا من تربة الارض، ولها نصيبها من قيمة الطوب والخشب والبنيان ص ١٥٤ س ٥ قال: قال محمد بن الحسن: هذه الاخبار التي اوردناه عامة في انه ليس للمرأة الخ.

٣٧٠

وبالثاني قال الشيخ في التهذيب(١) وتبعه القاضي(٢) وابن حمزة(٣) وهو قول الصدوق(٤) واختاره المصنف(٥) .

احتج الاولون بعموم صحيحة زرارة عن الباقرعليه‌السلام : ان المرأة لا ترث مما ترك زوجها من القرى والدور والسلاح والدواب شيئا، وترث من المال والفرش والثياب ومتاع البيت مما ترك، ويقوم النقض والابواب والجذوع والقصب، فتعطى حقها منه(٦) .

ومثلها صحيحة محمد بن مسلم عنهعليه‌السلام قال: النساء لا يرثن من الارض ولا من العقار شيئا(٧) .

فان قلت: لا يصح الاستدلال بالرواية الاولى، والا لزم عدم ارثها من السلاح]

____________________

(١)التهذيب: ج ٩(٢٧) باب ميراث الازواج ص ٣٠٠ قال بعد نقل حديث ٣٥ مالفظه: قال محمد بن الحسن: هذا الخبر محمول على انه اذا كان للمرأة ولد فانها ترث من كل شئ تركه الميت عقارا كان او غيره الخ.

(٢)المهذب: ج ٢ باب ميراث الازواج والزوجات ص ١٤١ س ٤ قال: فان كان لها منه ولد دفع اليها حقها من نفس ذلك.

(٣)الوسيلة: فصل في بيان ميراث الازواج والزوجات ص ٣٩١ س ٥ قال: فان كانت الزوجة ذات ولد من زوجها المتوفى عنها لزم ميراثها من جميع تركاته.

(٤)الفقيه: ج ٤(١٧٥) باب نوادر المواريث ص ٢٥٢ قال بعد نقل حديث ٨ قال مصنف هذا الكتاب: هذا اذا كان لها منه ولد الخ.

(٥)الشرائع: في مسائل من أحكام الازواج، الخامسة اذا كان للزوجة من الميت ولد ورثت من جميع ماترك الخ.

(٦)التهذيب: ج ٩(٢٧) باب ميراث الازواج ص ٢٩٨ الحديث ٢٥.

(٧)التهذيب: ج ٩(٢٧) باب ميراث الازواج ص ٢٩٨ الحديث ٢٦.

٣٧١

[والدواب، وهو خلاف الجماع.

فاعلم ان فخر المحققين اجاب عنه: بحمل السلاح على ما يحبى به الولد الاكبر، والدواب يحمل على انه اوقفها او اوصى بها وخرج من الثلث، لان السؤال وقع في صورة خاصة، واللام في قوله: (المرأة) للعهد، أي راجع إلى المرأة التي وقع السؤال عنها.

فان قيل: تبقى رواية وردت على صورة خاصة، فلا تتعدى.

اجاب لا نسلم عدم التعدي اذا لم يدل دليل على اختصاصها(١) .

احتج الآخرون: بان ذلك جمعا بين ماتقدم وبين رواية الفضل بن عبدالملك أو ابن أبي يعفور عن الصادقعليه‌السلام قال: سألته عن الرجل هل يرث من دار امرأته، او ارضها من التربة شيئا، او يكون في ذلك بمنزلة المرأة فلا ترث من ذلك شيئا؟ فقال: يرثها، وترثه كل شئ ترك وتركت(٢) .

ويشهد بصريح الجمع رواية محمد بن أبي عمير عن ابن اذينه في النساء اذا كان لهن ولد اعطين من الرباع(٣) .

(الثاني) في كمية الحرمان وكيفيته، وفيه ثلاثة اقوال:

(أ) وهو المشهور بين الاصحاب والاكثر في الروايات(٤) حرمانها من نفس الارض والقرى والمزارع والرباع، وهي الدور والمنازل وعين الانهار وابنيتها واشجارها، وتعطى مما عدا الارض من ذلك، وهو قول الشيخ في النهاية(٥) وتبعه]

____________________

(١)الايضاح: ج ٤ في ميراث الازواج ص ٢٤١ س ٩.

(٢)التهذيب: ج ٩(٢٧) باب ميراث الازواج ص ٣٠٠ الحديث ٣٥.

(٣)التهذيب: ج ٩(٢٧) باب ميراث الازواج ص ٣٠١ الحديث ٣٦.

(٤)لاحظ الكافي: ج ٧ كتاب المواريث ص ١٢٧ باب ان النساء لا يرثن من العقار شيئا.

(٥)النهاية: باب ميراث الازواج ص ٦٤٢ س ١ قال: والمرأة لا ترث من زوجها من الارضين والقرى والرباع الخ.

٣٧٢

[القاضي(١) وهو ظاهر التقي(٢) وابن حمزة(٣) واختاره المصنف في الشرائع(٤) .

(ب) حرمانها من الرباع دون البساتين والضياع، وتعطى قيمة الالات والابنية من الدور والمساكن، وهو قول المفيد(٥) وابن ادريس(٦) والمصنف في النافع(٧) .

(ج) حرمانها من عين الرباع، فتعطى قيمتها، وترث من رقبة المزارع والضياع، وهو قول السيد المرتضى(٨) واستحسنه العلامة في المختلف لما فيه من الجمع بين عموم القران وخصوص الاخبار، قال: ثم قول شيخنا المفيد جيد أيضا، يعني حرمانها من الرباع خاصة دون المزارع، لما فيه من تقليل التخصيص، قال: ومع هذا كله فالفتوى على ما قاله الشيخ(٩) ].

____________________

(١)المهذب: ج ٢ باب ميراث الازواج والزوجات ص ١٤٠ س ١٨ قال: والمرأة اذا لم يكن لها ولد من زوجها ومات عنها لم يورث من الارضين والرباع الخ.

(٢)الكافي: الارث ص ٣٧٤ س ١٩ قال: ولا ترث الزوجة من رقاب الرباع والارضين شيئا.

(٣)الوسيلة: فصل في بيان ميراث الازواج والزوجات ص ٣٩١ س ٦ قال: وان لم تكن ذات ولد منه لم يكن لها حق في الارضين والقرى الخ.

(٤)الشرائع: في مسائل من احكام الازواج (الخامسة) قال: ولو لم يكن (اي ولد) لم ترث من الارض شيئا الخ.

(٥)المقنعة: باب ميراث الازواج ص ١٠٤ س ٢٢ قال: ولا ترث الزوجة شيئا مما يخلفه الزوج من الرباع، وتعطي قيمة الخشب الخ.

(٦)السرائر: كتاب الفرائض ص ٤٠١ س ٢٩ قال: والاول (اي عدم الارث من الرباع) اختيار الشيخ المفيد وهو الذي يقتضيه مذهبنا.

(٧)لاحظ عبارة النافع.

(٨)الانتصار: المسائل المشتركة في الارث ص ٣٠١ قال: الزوجة لاترث من رباع المتوفى شيئا بل تعطى بقيمته حقها من البناء والالات دون قيمة العراس.

(٩)المختلف: في ميراث الزوج والزوجة ص ١٨٤ س ١٧ قال: وقول السيد المرتضى حسن الخ.

٣٧٣

(مسألتان)

(الاولى) اذا طلق واحدة من اربع وتزوج اخرى، فاشتبهت، كان للاخيرة ربع الثمن مع الولد، أو ربع الربع مع عدمه، والباقي بين الاربعة بالسوية.

(الثانية) نكاح المريض مشروط بالدخول، فان مات قبله فلا مهر لها ولا ميراث.

في الولاء، واقسامه ثلاثة: (القسم الاول) ولاء العتق

ويشترط التبرع بالعتق، وان لا يتبرع من ضمان جريرته، فلو كان واجبا كان المعتق سائبة. وكذا لو تبرأ بالعتق وتبرء من الجريرة. ولا يرث المعتق مع وجود مناسب وان بعد. ويرث مع الزوج والزوجة. احتج الاولون بما تقدم من الروايات.

[احتج المفيد برواية محمد بن مسلم عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: ترث المرأة الطوب ولا ترث من الرباع شيئا، قلت: كيف ترث من الفرع ولا ترث من الرباع شيئا؟ فقال: ليس لها بينهم حسب ترث به، وانما هي دخل عليهم ترث من الفرع ولا ترث من الاصل ولا يدخل عليهم داخل بسببها(١) .

دلت على نفي التوريث من الرباع لا غير، فبقي الباقي على اصله لعموم القران.

ولرواية مثنى عن يزيد الصائغ قال: سمعت ابا جعفرعليه‌السلام يقول: ان]

____________________

(١) التهذيب: ج ٩(٢٧) باب ميراث الازواج ص ٢٩٨ الحديث ٢٧.

٣٧٤

واذا اجتمعت الشروط: ورثه المنعم ان كان واحدا، واشتركوا في المال ان كانوا أكثر. ولو عدم المنعم، فللاصحاب فيه أقوال: اظهرها: انتقال الولاء إلى الاولاد الذكور دون الاناث، فان لم يكن الذكور، الولاء لعصبة المنعم. ولو كان المعتق امرأة فالى عصبتها دون اولادها ولو كانوا ذكورا.

[النساء لا يرثن من رباع الارض شيئا ولكن لهن قيمة الطوب والخشب، قال: قلت: ان الناس لا يأخذون بهذا، فقال: اذا ولينا ضربناهم بالسوط، فان انتهوا، والا ضربناهم بالسيف(١) .

احتج السيد، بالجمع بين عموم القرآن وخصوص الروايات.

قال طاب ثراه: ولو عدم المنعم فللاصحاب فيه اقوال: اظهرها انتقال الولاء إلى الاولاد الذكور دون الاناث فان لم يكن الذكور فالولاء لعصبة المنعم. ولو كان المعتق امرأة فإلى عصبتها دون اولادها ولو كانوا ذكورا.

أقول: المنعم المعتق سمي منعما، ومولى النعمة.

والاصل في هذا السبب قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : الولاء لحمة كلحمة النسب(٢) .

ووجه المشابهة: ان الرقيق كالمعقود لنفسه الموجود لسيده، لانه لا يستقل بالعقود، ولا يملك ولا يتصرف لنفسه، وانما يتصرف لسيده، فاذا اعتقه صار لنفسه، وملك كل ذلك لنفسه، فالمتعق صار سببا لوجوده الحكمي كما أن الاب سببا لوجوده الحقيقي، وكلما يصدر عنه من صدقة أو عتق وغيره فالمولى سبب السبب فيه، فله انعام على المعتق.

وكذا كل من انعم العتيق عليه بهبة وغيرها، فالمولى سبب السبب فيها.

والولاء بفتح الواو وبالكسر، التوالي، فالمنعم يرث العتيق اجماعا ذكرا كان او]

____________________

(١)التهذيب: ج ٩(٢٧) باب ميراث الازواج ص ٢٩٩ الحديث ٢٩.

(٢)التهذيب: ج ٨(١) باب العتق واحكامه ص ٢٥٥ الحديث ١٥٩ وتمامه (لا تباع ولا توهب).

٣٧٥

[انثى لقولهعليه‌السلام (الولاء لمن اعتق)(١) .

فان مات المنعم فإلى من ينتقل الولاء بعده؟ قيل فيه خمسة أقوال: (الاول) إلى عاقلته الذين يكون عليهم الدية لو جنى خطاء وهو قول الحسن(٢) .

(الثاني) إلى اولاده الذكور ان كان رجلا، وان كان امرأتا فالى عصبتها، دون أولادها وان كانوا ذكورا وهو قول الشيخ في النهاية(٣) وبه قال القاضي(٤) وابن حمزة(٥) . فهنا حكمان:

(أ) ثبوته لاولاد الرجل الذكور خاصة.

ويدل عليه رواية بريد بن معاوية قال: سألت الصادقعليه‌السلام عن رجل - إلى قوله - ولاء المعتق هو ميراث لجميع ولد الميت من الرجال الحديث(٦) وكان السؤال عن رجل.

(ب) اختصاصه بعصبة المرأة.

يدل عليه صحيحة يعقوب بن شعيب عن الصادقعليه‌السلام قال: سألته]

____________________

(١)التهذيب: ج ٨(١) باب العتق واحكامه ص ٢٢٤ قطعة من حديث ٤٠.

(٢)المختلف: ج ٢ كتاب العتق، الفصل الثاني في الولاء ص ٨٠ س ٣٩ قال: وقال ابن عقيل: إلى قوله: فاذا مات مولاه فلعاقلته الذين يكون عليهم الدية اذا جنى جناية الخطاء.

(٣)النهاية: باب الولاء ص ٥٤٧ س ١٧ قال: واذا مات المعتق ورث ولاء مواليه اولاده الذكور منهم الخ.

(٤)المهذب: ج ٢ باب الولاء ص ٣٦٤ س ١١ قال: واذا مات المعتق ورث ولاء مواليه اولاده الذكور دون الاناث.

(٥)الوسيلة: فصل في بيان الميراث بالولاء ص ٣٩٧ س ١٦ قال: فان مات مولاه كان ميراثه لولده الذكور دون الاناث.

(٦)التهذيب: ج ٨(١) باب العتق واحكامه ص ٢٥٤ قطعة من حديث ١٥٨.

٣٧٦

[عن امرأة اعتقت مملوكا ثم ماتت قال: يرجع الولاء إلى بنى أبيها(١) .

(الثالث) انتقاله إلى اولاده ذكورا واناثا ان كان رجلا، وان كان امرأة فلعصبتها دون اولادها، وهو قول الشيخ في الخلاف(٢) وبعض اصحابنا.

(الرابع) انتقاله إلى الاولاد الذكور خاصة رجلا كان المنعم او امرأتا وهو قول المفيد(٣) .

(الخامس) انتقاله إلى اولاد المعتق ذكورا كانوا أو اناثا، رجلا كان او امرأتا، وهو قول الصدوق(٤) محتجا بعموم قولهعليه‌السلام (الولاء لحمة كلحمة النسب)(٥) .

وقال أبوعلي: النساء لا يرثن من الولاء شيئا(٦) .

تذنيبان

(١)العتيق لا يرث المنعم لو فقد الوارث، بل يكون ميراثه للامام، وقال الصدوق في كتابه، يرثه المنعم عليه(٧) وبه قال أبوعلي(٨) ].

____________________

(١)التهذيب: ج ٨(١) باب العتق واحكامه ص ٢٥٤ الحديث ١٥٥.

(٢)كتاب الخلاف: كتاب الفرائض مسألة ٨٦ قال: المعتق اذا كان امرأتا فولاء مولاها لعصبتها دون اولادها.

(٣)المقنعة: باب ميراث المولي وذوي الارحام ص ١٠٦ س ٣ قال: وان مات المعتق قبل المعتق ثم مات المعتق بعده ولم يترك ولدا ولا ذا قرابة كان ميراثه لولد مولاه الذي اعتقه(٤) الفقيه: ج ٤(١٥١) باب ميراث الموالي ص ٢٢٤ س ١٣ قال: فان ترك بنى وبنات مولاه المنعم إلى قوله: فالمال لبنى وبنات مولاه.

(٥)تقدم.

(٦)المختلف: ج ٢ في احكام الولاء ص ٨٠ س ٣٩ قال: وقال ابن الجنيد: النساء لا يرثن من الولاء شيئا.

(٧)الفقيه: ج ٤(١٥١) باب ميراث الموالي ص ٢٢٤ س ١١ قال: اذا ترك الرجل مولى منعما او منعما عليه إلى قوله: فالمال له.

(٨)المختلف: ج ٢ في احكام الولاء ص ٨٢ س ٣٢ قال: وقال ابن الجنيد: والمولى الاسفل يرث الذي عتقه الخ.

٣٧٧

ولا يصح بيعه ولا هبته. ويصح جره من مولى الام إلى مولى الاب اذا كان الاولاد مولودين على الحرية.

[(٢)الولاء يورث به اجماعا، وهل يورث؟ قال أبوعلي: لا(١) ، ومثله قول الشيخ في الايجاز(٢) واختاره العلامة(٣) لقولهعليه‌السلام : الولاء لحمة كلحمة النسب، والنسب لا يورث، بل يورث به، ولانه يفيد العصوبة كالنسب فلا يكون موروثا، لقولهعليه‌السلام : انما الولاء لمن اعتق، وهي للحصر ولم يعتق الوارث، ولان سببه انعام السيد على العبد وهذا الانعام لا ينتقل، فيستحيل انتقال الولاء، لعدم انتقال الانعام عليه.

وقال بعض اصحابنا: نعم لانه من الحقوق المتروكة، فكان داخلا تحت عموم آية الارث.

ورد بمنع كلية الكبرى، لانا نمنع كون كل حق قابلا للنقل، والا لصح بيعه. وتظهر الفائدة في مسائل:

(أ) لو مات المنعم عن ذكرين، ثم مات احدهما عن ولد، ثم مات العبد، فعلى الاول يرثه ابن المنعم وحده دون ابن اخيه لانا نعتبر اقرب الورثة إلى المنعم عند موت المعتق، وعلى الثاني يرثه ابن الميت وعمه، حتى لو كان ابن ابن ابن شارك عم ابيه واخذ كل منهما النصف، لانه حق ورث عن المنعم، فلما كان له ابنان انقسم الولاء بينهما ويصير مال كل منهما إلى ورثته ويورث عنه وهكذا وان تنازلوا.

(ب) لو مات المنعم عن ابن وابن ابن آخر، ثم مات الابن وترك ابنا، ثم مات العبد، فعلى الاول هو بينهما لتساويهما في الدرجة، وعلى الثاني تركة العبد لابن]

____________________

(١)المختلف: ج ٢ في احكام الولاء ص ٨٢ س ٣٣ قال: مسألة في عبارات بعض اصحابنا ان الولاء موروث كالمال ونص ابن الجنيد على خلافه.

(٢)الايجاز: في ضمن رسائل العشر، فصل في ذكر الولاء ص ٢٧٨ س ٤ قال: والولاء لا يورث الخ.

(٣)المختلف: ج ٢ في احكام الولاء ص ٨٢ س ٣٧ قال: والاقرب عندي ان الولاء غير موروث الخ.

٣٧٨

(القسم الثاني) ولاء تضمن الجريرة

ومن توالى انسانا يضمن حدثه ويكون ولائه له، ثبت له الميراث ولا يتعدى الضامن، ولا يضمن الا سائبة كالمعتق في النذر والكفارات، او من لا وارث له، ولا يرث الضامن الا مع فقد كل مناسب ومع فقد المعتق، ويرث معه الزوج والزوجة نصيبهما الا على وما بقى له، وهو اولى من بيت مال الامام.

(القسم الثالث) ولاء الامامة

ولا يرث الا مع فقد وارث عدا الزوجة، فانها تشاركه على الاصح.

ومع وجودهعليه‌السلام فالمال له يصنع به ما شاء.

وكان عليعليه‌السلام يعطيه فقراء بلده تبرعا. ومع غيبته يقسم في الفقراء، ولا يعطى الجائر الا مع الخوف.

[الابن الذي كان حيا عند موت المنعم لانتقاله إلى أبيه ثم اليه بعده.

(ج) لو مات المنعم عن ابنين، ثم ماتا وترك احدهما عشر بنين والآخر ابنا واحدا ثم مات العبد، فعلى الثاني للعشرة النصف، وللآخر وحده النصف الباقي، لان أب العشرة ورث نصف الولاء فانتقل بموته اليهم، واب الواحد ورث نصفه وانتقل إلى ابنه بعده، وعلى الاول قيل فيه قولان: اصحهما مساواة الاول، لان كل واحد من أولاد الاولاد يرث نصيب من يتقرب به على ماتقدم، ويحتمل التساوي، لتساويهم في الدرجة، أو لان اولاد الاولاد كالاولاد للصلب، فهذا الاحتمال مبني على هذا القول.

قال طاب ثراه: ولا يرث الا مع فقد كل وارث عدا الزوجة، فانها تشاركه على الاصح.

أقول: تقدم البحث في هذه المسألة.

قال طاب ثراه: وكان عليعليه‌السلام يعطيه فقراء بلده تبرعا(١) ، ومع غيبته]

____________________

(١)اورده في المقنعة ص ١٠٨ س ٧ قال: وكان امير المؤمنين علي بن ابيطالبعليه‌السلام يعطي تركة من لا وراث له من قريب ولا نسيب ولا مولى، فقراء اهل بلده وضعفاء جيرانه وخلطائه تبرعا عليهم بما يستحقه من ذلك، واستصلاحا لرعيته حسب ما كان يراه في الحال من صواب الرأي لانه من الانفال كما قدمناه في ذكر ما يستحقه الامام من الاموال، وله انفاقه فيما شاء ووضعه حيث شاء، ولا اعتراض للامة عليه في ذلك بحال.

٣٧٩

اللواحق : وهي أربعة : الاول: في ميراث ابن الملاعنة

ميراثه لامه وولده، للام السدس والباقي للولد، ولو انفردت، كان لها الثلث والباقي بالرد. ولو انفردت الاولاد، فللواحد النصف، وللاثنين فصاعدا الثلثان، وللذكران المال بالسوية، وان اجتمعوا فللذكر سهمان وللانثى سهم. ويرث الزوج والزوجة نصيبهما الا على مع عدم الولد وان نزل، والادنى معهم. ولو عدم الولد يرثه من تقرب بامه الاقرب فالاقرب الذكر والانثى سواء. ومع عدم الوارث يرثه الامام. ويرث هو امه ومن يتقرب بها على الاظهر، ولا يرث أباه، ولا من يتقرب به ولا يرثونه. ولو اعترف به الاب لحق به، [يقسم في الفقراء، ولا يعطي الجائر الا مع الخوف.

أقول: ميراث من لا وارث له لامام المسلمين، كما عليه عقله فشابه اولي الارحام، والمعتق، فمع وجوده (ع) يختص يه، ولا حق لارباب الخمس فيه، ولا لبيت مال المسلمين، ومع غيبته تصرف في الفقراء من المؤمنين، وليس على حد مال الامام الواجب له من الخمس، ولو كان ذلك من الاراضي كان كالانفال وللحاكم دفعه إلى الفقراء فتختص به من دفع اليه.

قال طاب ثراه: ويرث هو امه ومن يتقرب بها على الاظهر.

أقول: ذهب الشيخ في الاستبصار إلى ان ولد الملاعنة لا يرث اخواله، بل يرثونه]

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553