المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٤

المهذب البارع في شرح المختصر النافع7%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 553

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 553 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 117659 / تحميل: 7773
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

[والمفيد(١) ، بمعنى: انه لو قامت البينة لهما بالملك، سواء كانت العين في يدا حدهما، او ايديهما، او يد ثالث، ينظر إلى اقوى البينتين عدالة، ومع تساويهما ينظر إلى اكثرهما عددا، ويقضى لمن اختص بأحدهما. واكثر المتأخرين لم يذكروا هذين المرجحين الا في القسم الثالث، اعني خروج ايديهما، ولعل مرادهم ما ذكره القدماء.

وأما اليد: فهل يوجب الترجيح؟ قال في الخلاف: نعم(٢) ان اطلقتا، او اضافتا إلى سبب، وان اختصت احدهما بالتقييد، اختصت بالترجيح، وقال في النهاية: تقدم بينة الخارج مع اطلاقهما ومع انفراد الداخل بالسبب، يقدم، وسكت عن اشراكهما في السبب(٣) .

وفي كتابى الاخبار: قدم بينة الخارج مع اطلاقهما، والداخل مع اضافتهما(٤) (٥) ].

____________________

اعداد الشهود الخ.

(١)المقنعة: باب كيفية سماع القضاة البينات ص ١١٤ س ٢٢ قال: واذا تنازع نفسان في شئ إلى قوله: وان رجح بعضهم على بعض في العدالة حكم لاعدلهما شهودا، إلى قوله: وان كان لاحدهما شهود اكثر عددا حكم لاكثرهما شهودا الخ.

(٢)كتاب الخلاف: كتاب الدعاوي والبينات، مسألة ٢ قال: اذا أدعيا ملكا مطلقا ويد احدهما على العين كانت بينته اولى.

(٣)النهاية: باب سماع البينات وكيفية الحكم بها ص ٣٤٤ س ٥ قال: ومتى كان مع واحد منهما يد متصرفة إلى قوله: وان شهدت البينة لليد المتصرفة بسبب الملك من بيع او هبة او معاوضة كانت اولى من اليد الخارجة.

(٤)الاستبصار: ج ٣ كتاب القضايا والاحكام(٢٢) باب البينتين اذا تقابلتا ص ٤٢ ذيل حديث ١٣ س ١٥ قال: وان كان مع احدى البينتين يد متصرفة الخ.

(٥)التهذيب: ج ٦(٩٠) باب البينتين تتقابلان او يترجح بعضها على بعض، ص ٢٣٧ ذيل حديث ١٤.

٤٦١

[فقد ظهر للشيخ فيما حكيناه ثلاثة أقول:

(أ) تقديم الداخل مع اطلاقهما وتقييدهما، وهو قوله في الخلاف.

(ب) تقديم الخارج مع اطلاقهما والداخل مع تقييدهم، وهو قوله في كتابي الاخبار.

(ج) تقديم الخارج مع اطلاقهما، وتقديم المنفرد بالسبب منهما، وسكت عن اجتماعهما في السبب، وهو مضمون النهاية. وتقديم بينة الخارج مذهب الصدوقين(١) (٢) والمفيد(٣) .

والتحقيق: ان التعارض اذا وقع في العين، فاما ان تكون في ايديهما، او في يد احدهما، أو خارجة عنهما.

القسم الاول: ان تكون في ايديهما، فان اختصت البينة باحدهما قضي له، وان اقاما بينتين، نظر إلى أعدلهما، فاكثرهما ورجح به، فان تساويا فيهما قضي لكل منهما بما في يده، على القول بالقضاء لصاحب اليد كمذهب الخلاف، وبما في يد صاحبه، كمذهب النهاية وكتابي الاخباز.

وتظهر الفائدة في ضم اليمين ان حكمنا بتقديم بينة الداخل، لان الظاهر تساقط البينتين مع تعارضهما، ويقضى للداخل، لانه الاصل، فيتوجه اليمين عليه لدفع دعوى المدعي.

وان قلنا يقضى له بما في يد صاحبه، لا يتوجه على احدهما يمين، لان القضاء له]

____________________

(١)و(٢) المقنع: باب القضاء والاحكام ص ١٣٣ س ١٩ قال: واذا ادعى رجل على رجل عقارا او حيوانا او غيره إلى قوله: فالحكم فيه ان يخرج الشئ من يدي مالكه إلى المدعي، لان البينة عليه، إلى قوله: كذلك ذكره والديرحمه‌الله في رسالته الي.

(٣)المقنعة: باب كيفية سماع القضاة البينة ص ١١٣ س ٢٤ قال: وان كان الشئ في يد احدهما واستوى شهودهما في العدالة، حكم للخارج اليد منه ونزعت يد المتشبث به منه.

٤٦٢

[مستند إلى بينة، وهي ناهضة بثبوت الحق، فيستغني عن اليمين.

القسم الثاني: ان يكون في يد احدهما، وقد عرفت حكمه في اول الباب.

الثالث: ان يكون خارجة عنهما: فيقضى لمن انفرد بالبينة، ومع قيامهما يقضى بالاعدل والاكثر، ومع التساوي، بالقرعة فمن وقعت له حلف، فان نكل أحلف الآخر، نكل قسمت بينهما مطلقا، أي سواء اطلقتا او اضافتا قاله الشيخ في النهاية(١) وتبعه القاضي(٢) وفي المبسوط: يقضي بالقرعة وحكم بالعين لمن يخرجه مع يمينه اذا كانت الشهادة بالملك مطلقا، وان كانت مقيدا قسم بينهما نصفين من غير قرعة، فان اختص احدهما بالتقييد حكم له(٣) .

احتج من قدم بينة الداخل: بان جانب الداخل اقوى، ولهذا قدمت يمينه، فيكون بينته اقوى، فيقدم.

وبما رواه العامة عن جابر: ان رجلين اختصما إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في دابة او بعير، فاقام كل واحد منهما البينة انه انتجها، فقضى بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لمن هي في يده(٤) .

وبما رواه الاصحاب، عن غياث بن ابراهيم عن الصادقعليه‌السلام : ان امير المؤمنينعليه‌السلام اختصم اليه رجلان في دابة، وكلاهما اقاما البينة انه]

____________________

(١)النهاية: باب سماع البينات وكيفية الحكم بها واحكام القرعة ص ٣٤٣ س ١٨ قال: فان كانت ايديهما خارجتين منه إلى قوله: فان امتنعا جميعا من اليمين كان الحق بينهما نصفين.

(٢)المهذب: ج ٢ كتاب الدعوى والبينات ص ٥٧٨ س ٤ قال: فان كان ايديهما خارجتين إلى قوله فان امتنعا من اليمين قسم بينهما نصفين.

(٣)المبسوط: ج ٨ كتاب الدعاوي والبينات ص ٢٥٨ س ٤ قال: وان كانت ايديهما خارجتين اقرع بينهما إلى قوله: ان كانت الشهادة بالملك مطلقا وان كان مقيدا قسم بينهما نصفين الخ.

(٤)عوالي اللئالي: ج ٣ س ٥٢٦ الحديث ٣١ ولاحظ ماعلق عليه نقلا عن سنن الدارقطني.

٤٦٣

[منحها، فقضي بها للذي هي في يده، وقال: لو لم يكن في يده جعلتها بينهما نصفين(١) .

فرع

على القول بتقديم بينة الداخل، هل يفتقر إلى اليمين؟ قال العلامة: نعم(٢) وفي المبسوط: لا(٣) .

والتحقيق: ان البينتين هل يتساقطان، ويرجع إلى الاصل وهو الحكم للداخل؟ او يقضي بالبينة التي حكمنا بترجيحها؟ فعلى التساقط تفتقر إلى اليمين، وعلى عدمه لا تحتاج اليها، لنهوض البينة بثبوت الحق.

واحتج القائل بتقديم بينة الخارج بأن الاصل كون البينة على المدعي، وهو الخارج، واليمين على المنكر، وهو الداخل، لقولهعليه‌السلام : البينة على المدعي وعلى الجاحد اليمين(٤) ، ولان بينة الخارج يتضمن النقل وبينة الداخل يتضمن التقرير، والبينة المتضمنة للنقل عن حكم الاصل اولى من المقررة.

ولما رواه محمد بن حفص، عن المنصور، عن الصادقعليه‌السلام قال: قلت له: رجل في يده شاة، فجاء رجل فادعاها واقام البينة العدول انها ولدت عنده، ولم]

____________________

(١)الكافي: ج ٧ كتاب القضاء والاحكام، باب الرجلان يدعيان فيقيم كل واحد منهما البينة ص ٤١٩ الحديث ٦.

(٢)المختلف: ج ٢ في تعارض البينات ص ١٤٢ س ٢٦ قال: والمعتمد ان نقول: إلى قوله: فان البينة بينة الداخل مع يمينه.

(٣)المبسوط: ج ٨ كتاب الدعاوي والبينات ص ٢٥٨ س ١٤ قال: فكل موضع سمعنا بينة الداخل إلى قوله: وقال آخرون: لا يستحلف، وهو الاقوى.

(٤)رواه في السرائر كتاب القضايا ص ١٩٤ س ٣٢.

٤٦٤

[يهب ولم يبع، وجاء الذي في يده بالبينة مثلهم عدول انها ولدت عنده ولم يبع ولم يهب، قال: قال ابوعبداللهعليه‌السلام : حقها للمدعي، ولا اقبل من الذي في يده بينة، لان الله تعالى انما امر ان تطلب البينة من المدعي، فان كانت له بينة والا فيمين الذي هو في يده، هكذا امر الله تعالى(١) .

قال العلامة: واحتج الشيخ على قوله في الخلاف: بما تقدم من الاخبار.

وبانهما تداعيا، واقاما بينة، فلا ترجيح، ويبقي اليد مختصة باحدهما، فترجح، وهو حسن، لكن حديث منصور يدل على خلافه ولولاه لصرت إلى قول الشيخ في الخلاف(٢) (٣) .

واما قديم الملك: فاذا اشتملت احدى البينتين على الشهادة بقديم الملك، والاخرى بحديثه، فالترجيح لجانب الاقدم عملا بالاستصحاب، وهو المشهور بين الاصحاب، لا اعلم فيه خلافا بين الطائفة.

ولابن ادريس قدس الله روحه هاهنا اضطراب عظيم، وعبارة منتشرة، ولنورد بعضها.

فان لم يكن ترجيح، وهي في يد ثالث فاقام احدهما بينة تقديم الملك، والآخر بحديثه، وكل منهما يدعي: انه ملكي الان، وبينة كل واحد منهما تشهد: بانه ملكه الان، غير ان احدى البينتين تشهد بالملكية الآن وتقديم الملك، والاخرى تشهد بالملكية الآن وبحديث الملك، سمعت بينة القديم، لان حديث الملك لا يملكه الا عن يد قديمة، فهو مدعي الملكية عنه، ولا خلاف انا لا نحكم بانه ملك عنه، لانه لو كان]

____________________

(١)الاستبصار: ج ٣ كتاب القضايا والاحكام(٢٢) باب البينتين اذا تقابلتا ص ٤٣ الحديث ١٤.

(٢)هكذا عبارة المختلف، ولكن في النسخ المخطوطة بعد كلمة (خلافه) هكذا (فلو خلا عن معارضة لكان هو المعتمد) والامر سهل.

(٣)المختلف: ج ٢، في تعارض البينات ص ١٤٣ س ٢ قال: واحتج الشيخ على قوله في الخلاف الخ.

٤٦٥

[ملك عنه لوجب ان يكون الرجوع عليه بالدرك، فاذا لم يحكم بانه عنه ملك، بقي الملك على صاحبه حتى يعلم زواله عنه، وكذلك يكون بينة السبب اولى في هذه المسألة اذا كانت العين في يد ثالث عند بعض أصحابنا، والاقوى عندي استعمال القرعة هاهنا، ولا يجعل لصاحب السبب ترجيح، لان الترجيح عندنا ماورد الا بكثرة الشهود، فان تساويا فالاعدل، ولا ترجيح بغير ذلك عند اصحابنا، والقياس والاستحسان والاجتهاد باطل عندنا، فلم يبق الا القرعة، إلى ان قال: ولو قلنا نرجح بالسبب اذا كانت في يد ثالث لكان قويا، وبه افتي لان فيه جمعا بين الاحاديث والروايات وعليه الاجماع، فان المحصلين من اصحابنا مجمعون عليه قائلون به، ولان السبب اولى من قديم الملك، وقد رجحنا بقديم الملك، إلى ان قال: والذي اعتمده واعتقده واعمل عليه بعد هذه التفاصيل جميعها، الا نرجح الا بالعدد، وبالتفاضل في عدالة البينتين فحسب، دون الاسباب وقديم الاملاك، لان القياس عندنا باطل، وانما فصلنا مافصلناه على وضع شيخنا في مسائل خلافه، وهي من فروع المخالفين ومذاهبهم فحكاها واختارها دون ان يكون مذهبا لنا او لبعض مشيختنا، ولا وردت به اخبارنا ولم يذهب اليه احد من اصحابنا سوى شيخنا أبي جعفر في كتابيه الفروع، مبسوطه ومسائل خلافه، وعادته في هذين الكتابين وضع اقوال المخالفين واختبار بعضها، فليلحظ(١) .

فقد ظهر من قوله هذا - بعد ماترى فيه من الاضطراب الذي لا تحتاج إلى التنبيه عليه - مخالفة المشهور في ثلاثة امور:

(أ) اعتبار التفاضل في العدد قبل اعتبار التفاضل في العدالة.

(ب) عدم الترجيح بقدم الملك].

____________________

(١)السرائر: كتاب القضايا، في سماع البينات وكيفية الحكم بها، ص ١٩٥ س ٣ فلاحظ.

٤٦٦

(ج) عدم الترجيح بالسبب، وهو نادر.

تحقيق: قد عرفت ان اسباب الترجيح خمسة: فان انفرد واحد منهما بواحد منها وعرى الآخر منها حكم له، فان اشتركا في الترجيح، فان تكافيا، اقرع، وان تفاوتا فذو السببين اولى من ذي السبب، وذو الثلاثة اولى من صاحب الاثنين. ولو اختص احدهما بسبب، والآخر بمخالف، كما لو كان لاحدهما سبب، وللآخر قديم ملك، او يدان رجحنا بها، وللآخر سبب، او تقديم، فنقول: اما السببان الاولان من اسباب الترجيح، وهما قوة العدالة وكثرة العدد، فلا ريب في تقديم من انفرد بهما.

وان اجتمعا مع مرجوح كاليد ان رجحنا الخارج.

واما الثلاثة الاخرى: فاقواها القديم، فيقدم على السبب وان لم يتكرر كالنتاج، وهو ظاهر التحرير(١) ثم السبب، وقال ابن ادريس: يقدم الخارج وان اطلق، على ذي اليد، وان سبب(٢) .

وتوضيح البحث يقع في فصلين:

(الاول) تشبثا او احدهما، ومسائله عشرة.

(أ) تشبثا ولكل بينة، قضي لكل بالنصف، لكن هل هو الذي في يده، او في يد غريمه؟ مر البحث فيه وما يترتب عليه.

(ب) تشبث أحدهما ولكل بينة بالملك المطلق، قضى للخارج على مذهب]

____________________

(١)التحرير: ج ٢ في تصادم الدعاوي ص ١٩٥ س ١٠ قال: ولو شهدت بالملك المطلق للخارج او بالسبب لذي اليد، حكم لذي اليد سواء كان السبب مما يتكرر او لا يتكرر كالنتاج.

(٢)السرائر: في سماع البينات وكيفية الحكم بها ص ١٩٤ س ٣٤ قال: اذا تنازعنا عينا إلى قوله: انتزعت العين من يد الداخل واعطيت الخارج الخ.

٤٦٧

[النهاية(١) والخلاف(٢) في البيوع، وللداخل على مذهب الخلاف في الدعاوي(٣) .

(ج) تشبث احدهما وله بينة وتقديم ملك، او سبب، وللاخر بينة بالملك المطلق رجح الداخل والخارج بالعكس فيهما، وهو اربع مسائل.

(د) تشبث احدهما وللآخر بينة بقديم الملك، أو باليد، اختلف قولا الشيخ في كتابيه، فرجح في موضع منهما القديم(٤) ، وفي الآخر منهما اليد(٥) .

(ه‍) تشبثا، او احدهما، او خرجا، ولاحدهما بينة بالقديم، وللآخر بينة بالسبب، رجح القديم، وابن ادريس رجح الخارج(٦) وان اطلق على الداخل. وان قيد بسبب القدم.

(و) انفراد احدهما بالبينة، قضى له، متشبثين، او احدهما، او خارجين قولا واحدا].

____________________

(١)النهاية: باب سماع البينات وكيفية الحكم بها ص ٣٤٤ س ٥ قال: ومتى كان مع واحد منهما يد متعرفة إلى قوله انترع الحق من اليد المتصرفة واعطى اليد الخارجة.

(٢)كتاب الخلاف: كتاب البيوع مسألة ١٧ قال: اذا ادعى عمرو عبدا في يد زيد واقام البينة إلى قوله: فالبينة بينة الخارج وهو عمرو.

(٣)كتاب الخلاف: كتاب الدعاوي والبينات مسألة ٢ قال: اذا ادعيا ملكا مطلقا ويد احدهما على العين كانت بينة اولى.

(٤)المبسوط: ج ٨ تعارض البينتين ص ٢٦٩ س ١٠ س ٩ قال: واقام كل واحد منهما بينة، فانا نقضى لصاحب اليد بالدار.

(٥)كتاب الخلاف: كتاب الدعاوي والبينات، مسألة ١٥ قال: وان كانت في يد حديث الملك فصاحب اليد اولى.

(٦)السرائر: في سماع البينات وكيفية الحكم بها ص ١٩٤ س ٣٤ قال: اذا تنازعا عينا وهي في يد احدهما إلى قوله: انتزعت العين من يد الداخل واعطيت الخارج، سواء شهدت بينة الداخل بالملك بالاطلاق او بالاسباب، او بقديمه او بحديثه الخ.

٤٦٨

الفصل الثاني: خرجا عن العين، فيقضي في الظاهر لمن هي في يده وان لم يقم احدهما بينة. ففيه أربع مسائل: (الاول) دفعهما فهي له، ولكل احلافه.

(الثاني) وان صدق احدهما قضي للمصدق، وللآخر تحليفهما.

(الثالث) وان صدقهما فهو كما لو كانت في ايديهما، ولكل احلافه أيضا.

(الرابع) وان قال: لا ادري اختصما وكانا خارجين ولهما احلافه.

وان قاما بينتين وصدق احدهما فهو لغو، وهل يكون التصديق كاليد لمن صدقه حتى يرجح بها؟ ان قلنا بترجيح ذي اليد، الاقرب لا، لان هذه اليد مستحقة للازالة بالبينتين.

ثم البينتان: ان شهدت بينة كل واحد له بالملك المطلق، فان أطلقتا التاريخ، او قيدتا، او اطلقت واحدة وقيدت الاخرى تحقق التعارض، وان تقدم تاريخ احداهما حكم للسابقة.

واعلم ان الشهادة باليد، اولى من الشهادة بالسماع، وبالملك اولى من اليد، وبسبب الملك اولى من الملك المطلق، وبالقديم اولى من الحادث.

ومع تحقق التعارض يتشعب البحث إلى تسع مسائل:(١) قامت بيناتهما بالملك مطلقا، والقضاء بالقرعة، وكذا لو قامت البينتان باليد.

(ب) قامت بيناتهما بالسبب، والاظهر مساواة الاولين، وقال في المبسوط: يقسم بلا قرعة(١) ].

____________________

(١)المبسوط: ج ٨ كتاب الدعاوي والبينات ص ٢٥٨ س ٥ قال: وان كان مقيدا قسم بينهما نصفين.

٤٦٩

[(ج) قامت بينة واحد باليد والآخر بالملك مطلقا، او قامت بينة واحد بالملك المطلق، وبينة الآخر بالسبب، فالثاني في المسألتين ارجح.

(د) قامت بيناتهما باليد او الملك المطلق، أو احدهما اقدم، أو اشتركتا في السبب واختلفتا في التاريخ، او اختصت احداهما بالسبب والمطلقة اقدم تاريخا، فالترجيح لجانب الاقدم في المسائل الاربع.

كتاب الشهادات والنظر في أمور أربعة: النظر الاول: في صفات الشاهد

وهي ستة:

مقدمة

الشهادة لغة الحضور، يقال: شهد فلان موضع كذا، اي حضره، وشهدت الواقعة، اي حضرتها.

واصطلاحا: اخبار عن علم المخبر بثبوت أمر او نفيه، يلزم غيره لغيره، لاثباته عند الحاكم.

فقولنا: (يلزم غيره) احتراز عما يلزم نفسه، فانه اقرار، وقولنا: (لغيره) احتراز عما لو كان اللزوم له، فانه يكون دعوى، وقولنا: (بثبوت امر) لكونه اعم من المال او الحق، كالقصاص، والقذف، والشفعة، والولاية وغير ذلك، وقولنا: (او نفيه) لان الشهادة كما تكون بالاثباب، تكون بالاسقاط، وقولنا: (لاثباته عند الحاكم) لانها حالة جزم لا تسامح بها.

٤٧٠

[ولو عوض ذلك: (هي اخبار عن علم المخبر بثبوت أمر أو نفيه يلزم غيره لغيره قصدا للاثبات لا على جهة الدعوى) لكان احسن، ليدخل فيه الشهادة للشهادة، واحترزنا بقولنا: (لا على جهة الدعوى) عن الوكيل فانه يخبر: بلزوم حق على المدعى عليه لموكله، لكه على جهة الدعوى.

والاصل فيه: الكتاب، والسنة، والاجماع.

أما الكتاب فقوله تعالى: " واشهدوا اذا تبايعتم "(١) " واقيموا الشهادة لله "(٢) " واستشهدوا شهيدين من رجالكم فان لم يكونا رجلين فرجل وامراتان ممن ترضون من الشهداء "(٣) .

وتوعد على كتمانها: فقال: " ولا يأب الشهداء اذا ما دعوا "(٤) " ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فانه اثم قلبه "(٥) ، " ومن اظلم ممن كتم شهادة عنده من الله "(٦) . ولولا انها حجة لما أمر بها، ولا تواعد على كتمانها.

ومثل هذا قولهعليه‌السلام : من سئل عن علم فكتمه الجمه الله يوم القيامة بلجام من نار(٧) .

وأما السنة: فمثل ماروى ابن عباس ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سئل عن الشهادة؟ فقال: ترى الشمس؟ على مثلها فاشهد او دع(٨) .

وقضى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بالشهادة(٩) وكذلك عليعليه‌السلام ]

____________________

(١)البقرة: ٢٨٢.

(٢)الطلاق: ٢.

(٣)البقرة: ٢٨٢.

(٤)البقرة: ٢٨٢.

(٥)البقرة: ٢٨٣.

(٦)البقرة: ١٤٠.

(٧)مسند احمد بن حنبل: ج ٢ ص ٣٥٣ س ١٩.

(٨)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٥٢٨ الحديث ١ ولاحظ ما علق عليه لاحظ.

(٩)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٥٢٨ الحديث ٢ ولاحظ ما علق عليه، والتهذيب: ج ٦(٩١) باب البينات، ففيه احاديث كثيرة في هذا المعنى.

٤٧١

(الاول) البلوغ: فلا تقبل شهادة الصبي مالم يصر مكلفا، وقيل: تقبل اذا بلغ عشرا، وهو شاذ.

[بعده(١) وبعده الخلفاء.

وأما الاجماع: فمن سائر المسلمين لا يختلفون في ذلك.

قال طاب ثراه: الاول: البلوغ، فلا تقبل شهادة الصبي مالم يصر مكلفا، وقيل: تقبل اذا بلغ عشرا وهو شاذ.

أقول: اذا ميز الصبي وله دون العشر لا تقبل شهادته في غير الجراح والقصاص اجماعا.

وهل يقبل في غير ذلك؟ معظم الاصحاب على المنع، وهو ظاهر النهاية(٢) وقال في الخلاف يقبل(٣) وبه قال ابوعلي(٤) .

وان بلغ العشر، فهل يقبل مطلقا؟ الجمهور من الاصحاب: لا، لوجوه: (الاول) قولهعليه‌السلام : رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى ينتبه(٥) وفي رفع القلم عنه دلالة على ان لا عبرة بافعاله واقواله.

(الثاني) علمه بعدم المؤاخذة له، يرفع الوثوق بقوله، فلا يحصل الظن بصدقه،]

____________________

(١)التهذيب: ج ٦(٩١) باب البينات ص ٢٦١ الحديث ٩٧.

(٢)النهاية: باب شهادة العبيد والاماء والمكاتبين والصبيان ص ٣٣١ س ١٨ قال: ويجوز شهادة الصبيان اذا بلغوا عشر سنين، إلى قوله ولا تقبل شهادتهم فيما عدى ذلك من الديون والحقوق والحدود.

(٣)كتاب الخلاف: كتاب الشهادات، مسألة ٢٠ قال: تقبل شهادة الصبيان بعضهم على بعض في الجراح مالم يتفرقوا الخ.

(٤)الايضاح: ج ٤ في الشهادات ص ٤١٧ س ١٨ قال: وقال في الخلاف: يقبل، وهو اختيار ابن الجنيد.

(٥)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٥٢٨ الحديث ٣ ولاحظ ماعلق عليه.

٤٧٢

واختلف عبارة الاصحاب في قبول شهادتهم في الجنايات، ومحصلها: القبول في الجراح مع بلوغ العشر مالم يختلفوا، ويؤخذ باول قولهم.

وشرط الشيخ في الخلاف: الا يتفرقوا.

[لعدم المانع له حينئذ عن الكذب.

(الثالث) ان قوله على نفسه لا تقبل بالاقرار، فلا تقبل على غيره بالشهادة، لكونه اكثر شروطا، ولعدم التهمة في الاقرار وتجويزها في الشهادة، فهو من باب التنبيه بالادنى على الاعلى.

وقيل: يقبل مطلقا في كل شئ من غير استثناء، نقله المصنف(١) والعلامة(٢) وحكاه صاحب كشف الرموز عن الشيخ في النهاية(٣) .

والتعويل فيه على رواية رواها محمد بن يعقوب في كتابه: اذا بلغ الغلام عشر سنين جاز أمره وجازت شهادته(٤) .

قال طاب ثراه: واختلفت عبارة الاصحاب في قبول شهادتهم في الجنايات، ومحصلها: القبول في الجراح مع بلوغ العشر، مالم يختلفوا، ويؤخذ باول قولهم، وشرط الشيخ في الخلاف: الا يتفرقوا.

أقول: نسب الخلاف إلى العبارة(٥) لاتفاقهم على القبول في الجملة.

فذهب المفيد إلى قبولها في الجراح والقصاص(٦) ومثله قال الشيخ في]

____________________

(١)لاحظ عبارة النافع.

(٢)القواعد: ج ٢، المقصد التاسع في الشهادات ص ٢٣٥ س ٢٥ قال: وقيل: تقبل مطلقا اذا بلغ عشر سنين.

(٣)كشف الرموز: ج ٢، كتاب الشهادات ص ٥١٤ س ٩ قال: وافتى عليها في النهاية.

(٤)الكافي: ج ٧ باب شهادة الصبيان ص ٣٨٨ الحديث ١.

(٥)اي في قوله: (واختلف عبارة الاصحاب).

(٦)المقنعة: باب البينات ص ١١٢ س ٣٦ قال: وتقبل شهادة الصبيان في الشجاح والجراح اذا كانوا يعقلون ما يشهدون به الخ.

٤٧٣

[النهاية(١) .

وروى جميل بن دراج عن أبي عبداللهعليه‌السلام : تقبل شهادتهم في القتل، ويؤخذ باول كلامهم(٢) وهو اختيار ابن ادريس(٣) وذهب في الخلاف إلى انه تقبل في الجراح مالم يتفرقوا، اذا اجتمعوا على مباح(٤) قال المصنف في الشرائع: والاولى القبول بالشروط الثلاثة: بلوغ العشر، وبقاء الاجتماع، اذا كان على مباح(٥) وهو اختيار العلامة(٦) . فقد تلخص من عبارة المصنف اعتبار أربع قيود:

(أ) بلوغ العشر، وادعى صاحب كشف الرموز عليه الاجماع(٧) ودعوى الاجماع فيه ممنوع، وقد بينا الخلاف فيه فيما تقدم.

(ب) الاجتماع لمباح].

____________________

(١)النهاية: باب شهادة العبيد والاماء والمكاتبين والصبيان ص ٣٣١ س ١٨ قال: ويجوز شهادة الصبيان إلى قوله في الشجاج والقصاص.

(٢)عوالى اللئالي: ج ٣ ص ٥٢٩ الحديث ٥ ولاحظ ما علق عليه.

(٣)السرائر: باب شهادة والصبيان واحكامهم ص ١٨٧ س ٦ قال: ويجوز شهادة الصبيان إلى قوله: الشجاج والقصاص ويؤخذ باول كلامهم.

(٤)كتاب الخلاف: كتاب الشهادات مسألة ٢٠ قال: تقبل شهادة الصبيان في الجراح مالم يتفرقوا اذا اجتمعوا على امر مباح كالرمي وغيره.

(٥)الشرائع: كتاب الشهادات، في صفات الشهود، قال: فالاولى الاقتصار على القبول في الجراح بالشروط الثلاثة الخ.

(٦)القواعد: ج ٢ ص ٢٣٦ الشهادات س ١ قال: وتقبل شهادتهم في الجراح بشروط ثلاثة الخ.

(٧)كشف الرموز: ج ٢ كتاب الشهادات ص ٥١٥ س ١٦ قال: والقدر المجمع عليه القبول في الجراح مع بلوغ العشر الخ.

٤٧٤

(الثاني) كمال العقل: فالمجنون لا تقبل شهدته. ومن يناله الجنون ادوارا، تقبل في حال الوثوق باستكمال فطنته.

(الثالث) الايمان: فلا تقبل شهادة غير المؤمن. وتقبل شهادة الذمي في الوصية خاصة مع عدم المسلم، وفي اعتبار الغربة تردد. وتقبل شهادة المؤمن على اهل الملل، ولا تقبل شهادة احدهم على المسلم، ولا غيره. وهل تقبل على اهل ملته؟ فيه رواية بالجواز ضعيفة، والاشبه المنع.

[(ج) ان لا يفترقوا، حذرا ان يلقنوا.

(د) كون الحكم في الشجاج والجراح دون النفس.

واختار فخر المحققين عدم القبول مطلقا، لقوله تعالى: " واستشهدوا شهيدين من رجالكم "(١) (٢) وهو نادر، والاقرب القبول بالشروط المذكورة.

تنبيه

على القول بانه يؤخذ باول كلامه، لا بثانيه لو ناقض الاول الثاني عمل بالاول، ومع عدم اشتراط هذا القيد ينبغي القول ببطلان الشهادة، لان التناقض فيها يوجب ابطالها، ولا نفتقر في حقه من الشروط سوى الصغر، للنص عليه، فيبقى الباقي من الشروط على اصالة اعتباره.

قال طاب ثراه: وتقبل شهادة الذمي في الوصية خاصة، وفي اعتبار الغربة تردد.

أقول: اجمع الاصحاب على منع شهادة الذمي على المسلم في غير الوصية، ومنع]

____________________

(١)البقرة: ٢٨٢.

(٢)الايضاح: ج ٤ في الشهادات ص ٤١٧ س ٢١ قال: والاصح انه لا تقبل شهادته مطلقا.

٤٧٥

[شهادة غير المؤمن مطلقا.

والتحقيق: ان شهادة الذمي اما ان يكون على مسلم، او ذمي، فهنا مسألتان: (الاولى) شهادته على المسلم، وهي مقبولة اذا جمع خمس شرائط:

(أ) تعذر عدول المسلمين.

(ب) كونه عدلا في ملته.

(ج) اعتقاده تحريم الكذب في الشهادة على مثله، او مسلم.

(د) كون الشهادة بالوصية.

(ه‍) كون الوصية بالمال.

وهل يشترط سادس، وهو كون الموصي في غربة؟ قال في المبسوط: نعم(١) وبه قال التقي(٢) وابوعلي(٣) واطلق في النهاية(٤) وكذا المفيد(٥) والحسن(٦) وسلار(٧) ]

____________________

(١)البسوط: ج ٨، فيما يجب على المؤمن من القيام بالشهادة ص ١٨٧ س ١٦ قال: الا بما يتفرد به اصحابنا في الوصية خاصة في حال السفر.

(٢)الكافي: فصل في الشهادات ص ٤٣٦ س ٧ قال: الا عدول اهل الذمة في الوصية في السفر خاصة.

(٣)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧٠ س ٦ قال: وقال ابن الجنيد: إلى قوله: الا في الوصية في السفر وعند عدم المسلمين.

(٤)النهاية: باب شهادة من خالف الاسلام ص ٣٣٤ س ٣ قال: ويجوز قبول شهادتهم في حال الضرورة في الوصية خاصة.

(٥)المقنعة: باب البينات ص ١١٢ س ٣٤ قال: وتقبل شهادة رجلين من اهل الذمة على الوصية خاصة اذا لم يكن حضر الميت احد من المسلمين.

(٦)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٦٩ س ٣٣ قال بعد نقل قول المقنعة: وكذا ابن أبي عقيل.

(٧)المراسم: ذكر احكام البينات ص ٢٣٣ س ١٨ قال: وانما مع عدمهم (اي المسلمين) تجوز في الوصية للمسلمين لا عليهم.

٤٧٦

[ابن ادريس(١) والقاضي(٢) واختاره المصنف(٣) والعلامة(٤) .

احتج الاولون: بقوله تعالى: " او اخران من غيركم ان انتم ضربتم في الارض "(٥) شرط في القبول الضرب في الارض، وهو السفر.

ولصحيحة حمزة بن حمران عن الصادقعليه‌السلام قال سألته عن قول الله عزوجل: " ذوا عدل منكم او اخران من غيركم "(٦) فقال: (اللذان منكم) مسلمان، و (اللذان من غيركم) من اهل الكتاب قال: وانما ذلك اذا مات الرجل المسلم في ارض غربة، فطلب رجلين مسلمين يشهدهما على وصية، فلم يجد مسلمين، اشهد فلى وصية رجلين ذميين من اهل الكتاب مرضيين عند اصحابهم(٧) .

وفي معناها حسنة هشام بن الحكم(٨) .

احتج الآخرون: بان المناط في القبول اما هو تحصيل غرض الموصي وبلوغ حاجته، لعدم استدراكها بفوات المسلمين، فلا أثر للضرب في القبول وعدمه.

وبرواية ضريس الكناسي عن الباقرعليه‌السلام قال: سألته عن شهادة اهل]

____________________

(١)السرائر: باب شهادة من خالف الاسلام ص ١٨٧ س ٣٠ قال: لا يجوز إلى قوله: الا في الوصية بالمال في حال الاضطرار خاصة.

(٢)المهذب: ج ٢ كتاب الشهادة ص ٥٥٧ س ١٣ قال: فان كانت حال ضرورة قبلت شهادتهم في الوصية دون غيرها.

(٣)لاحظ عبارة النافع.

(٤)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٦٩ س ٣٠ قال: مسألة، تجوز شهادة اهل الذمة على المسلمين في الوصية خاصة عند عدم المسلمين.

(٥)المائدة: ١٠٦.

(٦)المائدة: ١٠٦.

(٧)التهذيب: ج ٦(٩١) باب البينات ص ٢٥٣ الحديث ٦٠.

(٨)الكافي: ج ٧ باب شهادة اهل الملل ص ٣٩٨ الحديث ٦.

٤٧٧

[ملة، هل يجوز على رجل من غير اهل ملتهم؟ فقال: لا، الا ان لا يوجد في تلك الحال غيرهم، فان لم يوجد غيرهم جازت شهادتهم في الوصية، لانه لا يصلح ذهاب حق امرء مسلم(١) .

واجابوا عن حجة الاولين: بان التقييد في الآية والاخبار خرج مخرج الاغلب، لا انه شرط.

تنبيه

هذا القدر من البحث والشروط، هو الذي ذكره الاصحاب في هذا الباب، ولم يزيدوا عليه.

وقال العلامة: الاقرب احلاف الشاهدين من اهل الذمة بعد العصر: انهما ماخانا، ولا كتما، ولا اشتريا به ثمنا قليلا، ولو كان ذا قربى، ولا نكتم شهادة الله انا اذا لمن الاثمين، على ما تضمنته الآية، قال: ولم اقف فيه لعلمائنا على قول(٢) .

(الثانية) شهادة الذمي على غير المسلم، فتقبل في كل ماتقبل فيه على المسلمين، وهل تقبل في غير ذلك؟ ثلاثة أقوال:

(أ) القبول مطلقا، اي سواء اتفقت ملتا الشاهد والمشهود عليه، او اختلفت، بشرط عدالته في ملته وهو قول أبي علي(٣) ].

____________________

(١)الكافي: ج ٧ باب شهادة اهل الملل ص ٣٩٩ الحديث ٧.

(٢)التحرير: ج ٢ كتاب الشهادات ص ٢٠٨ س ٦ قال: (د) الاقرب احلاف الشاهدين إلى قوله: ولم اقف فيه لعلمائنا على قول.

(٣)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧٠ س ٦ قال: وقال ابن الجنيد: إلى قوله: وشهادة اهل العدالة في دينهم جائزة من بعضهم على بعض وان اختلفت الملتان.

٤٧٨

[(ب) عدمه مطلقا وهو ظاهر المفيد(١) والحسن(٢) وقواه القاضي(٣) واختاره المصنف(٤) والعلامة(٥) .

(ج) القبول بشرط اتفاق الملتين، وهو قول الشيخ في النهاية(٦) .

وقال في الخلاف: بالقبول اذا ترافعوا الينا وعدلوا الشهود ولا يلزمهم ذلك لو لم يختاروا(٧) واختاره العلامة في المختلف(٨) .

احتج المجوزون مطلقا: بان الكفر كالملة الواحدة، فلا تفاوت فيه. واحتج للقائل باشتراط العدالة في الشاهد، وعدم تحققها في الكافر، خرج منه الوصية للنص والضرورة، فيبقى البافي على اصله.

وبرواية ضريس وقد تقدمت(٩) ].

____________________

(١)المقنعة: باب البينات ص ١١٢ س ٣٤ قال: وتقبل شهادة رجلين من اهل الذمة على الوصية خاصة.

(٢)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٦٩ س ٣٣ قال بعد نقل قول المقنعة: وكذا ابن أبي عقيل.

(٣)المهذب: ج ٢ كتاب الشهاده ص ٥٥٧ س ١٤ قال: ولا يجوز شهادة اهل الملل المختلفة بعضها على بعض، بل يقبل شهادة اهل الملة الواحدة بعضهم على بعض الخ ولا يخفى انه غير واف بمقصود المصنف.

(٤)لاحظ عبارة النافع.

(٥)القواعد: ج ٢ في الشهادات ص ٢٣٦ س ٦ قال: ولا تقبل شهادة الكافر، لا على مسلم ولا على مثله على رأي الا الذمي في الوصية.

(٦)النهاية: باب شهادة من خالف الاسلام ص ٣٣٤ س ٦ قال: ولا تقبل شهادة اهل ملة منهم لغير اهل ماتهم ولا عليهم.

(٧)الخلاف: كتاب الشهادات، مسألة ٢٢ قال: ان كانت الملة واحدة قبلت إلى قوله: اذا اختاروا الترافع الينا الخ.

(٨)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧٠ س ١٤ قال: كما اختاره الشيخ في الخلاف، وهو انه اذا ترافعوا الينا الخ.

(٩)الكافي: ج ٧ باب شهادة اهل الملل ص ٣٩٩ الحديث ٧.

٤٧٩

(الرابع) العدالة: ولا ريب في زوالها بالكبائر، وكذا في الصغائر مصرا، واما الندرة من اللمم فلا، ولا يقدح اتخاذ الحمام للانس، وانفاذ الكتب، اما الرهان عليها فقادح، لانه قمار. واللعب بالشطرنج ترد به الشهارة، وكذا الغناء وسماعه، والعمل بآلات اللهو وسماعها، والدف الا في الاملاك والختان، ولبس الحرير للرجل الا في الحرب، والتختم بالذهب، والتحلي به للرجال. ولا تقبل شهادة القاذف، وتقبل لو تاب، وحد توبته ان يكذب نفسه، وفيه قول آخر متكلف.

[واحتج الشيخ على قول النهاية برواية سماعة عن الصادقعليه‌السلام قال: سألته عن شهادة اهل الملة؟ قال: فقال: لا تجوز الا على أهل ملتهم، فان لم تجد غيرهم جازت شهادتهم على الوصية، لانه لا يصلح ذهاب حق احد(١) .

واجيب بمنع السند(٢) .

قال طاب ثراه: ولا تقبل شهادة القاذف، وتقبل لو تاب، وحد توبته ان يكذب نفسه، وفيه قول آخر متكلف.

أقول: للاصحاب في كيفية التوبة أربعة أقوال:

(أ) قال في النهاية: وحقيقة توبته اكذاب نفسه فيما كان قذف به(٣) وقال في]

____________________

(١)الكافي: ج ٧ باب شهادة اهل الملل ص ٣٩٨ الحديث ٢.

(٢)سند الحديث كما في الكافي (علي بن ابراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن زرعة، عن سماعة) والجواب عن الايضاح، لاحظ ج ٤ ص ٤١٩ س ١٦.

(٣)النهاية: باب تعديل الشهود ومن تقبل شهادته ومن لا تقبل، ص ٣٢٦ س ٩ قال: وحد توبته من القذف ان يكذب نفسه.

٤٨٠

[الخلاف: وحقيقة ذلك ان يقول: كذبت فيما قلت(١) وبه قال الحسن(٢) والفقيه(٣) .

(ب) ان يكذب نفسه ان كان كاذبا ويخطيها في الملاء ان كان صادقا، قاله العلامة في الارشاد(٤) والقواعد(٥) والتحرير(٦) .

قال الشهيد: ويضعف: بانه قذف تعرضي(٧) .

(ج) ان يقول: القذف باطل او حرام، ولا اعود إلى ما قلت، لانه ربما كان صادقا في الاول فيما بينه وبين الله تعالى فيكون هذا الاكذاب، كذبا وذلك قبيح قاله الشيخ في المبسوط(٨) واختاره ابن ادريس(٩) .

(د) قال ابن حمزة: ان كان صادقا قال: الكذب حرام ولا اعود إلى مثل]

____________________

(١)الخلاف: كتاب الشهادات، مسألة ١٢ قال: وحقيقة الاكذاب ان يقول: كذبت فيما قلت.

(٢)و(٣) المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٦٥ س ٥ قال: وقال ابن أبي عقيل: وتوبته ان يرجع عما قال ويكذب نفسه عند الامام إلى ان قال: وقال علي بن بابويه وابنه: توبته ان يقف في الموضع الذي قال فيه ماقال، فيكذب نفسه.

(٤)الارشاد: ج ٢ ص ١٥٧ س ٣ قال: والقاذف قبل التوبة، وحدها الاكذاب معه الخ.

(٥)القواعد: ج ٢ في الشهادات ص ٢٣٦ س ١٤ قال: وحدها اكذاب نفسه، وان كان صادقا اعترف بالخطاء في الملاء.

(٦)التحرير: كتاب الشهادات ص ٢٠٨ س ٢٧ قال: وحد التوبة ان يكذب نفسه ان كان كاذبا بمحضر من الناس ويخطي نفسه ان كان صادقا الخ.

(٧)الدروس: كتاب الشهادات ص ١٩٠ س ٥ قال: وقيل فيه يخطئ نفسه في الملاء، ويضعف بانه قذف تعريضي الخ.

(٨)المبسوط: ج ٨ فصل في شهادة القاذف، ص ١٧٩ س ٦ قال: فاذا ثبت ان التوبة اكذابه نفسه إلى قوله: فاذا قال: القذف باطل حرام الخ.

(٩)السرائر: كتاب الشهادات ص ١٨٢ س ٩ قال: وكيفية توبته من القذف هو ان يقول: القذف باطل حرام ولا اعود إلى ماقلت.

٤٨١

[ما قلت: واصلح العمل بالضد مما قال: وان كان كاذبا قال: كذبت فيما قلت، واصلح العمل(١) ، وبالاول يشهد الروايات(٢) وهو اختيار المصنف في النافع(٣) والشرائع(٤) وان كان صادقا وتورى باطنا واختاره الشهيد(٥) وحمل الاطلاق عليه، وقال في المختلف: والوجه عندي التفصيل، فان كان كاذبا كانت توبته التصريح بالكذب والاعتراف به حقيقة، وان كان صادقا اعترف بتحريم ماقاله واظهر الاستغفار منه من غير ان يصرح بالكذب ويحمل الاخبار على هذا التفصيل(٦) هذا آخر كلامه.

" لفت نظر " لما كان عبارة متن بعض النسخ وهامش بعض آخر منها، مع النسخ الآخر التي عندي مختلفة، وان كان مفاهيمها متقاربة، احببت ايرادها لتتميم الفائدة.

قال بعد نقل عبارة المتن ما لفظه: أقول: الاول هو المشهور بين الاصحاب، قاله الشيخ في النهاية، وقال في]

____________________

(١)الوسيلة: فصل في بيان شهادة الفاسق ص ٢٣١ س ١٦ قال: فان كان صادقا قال: الكذب حرام الخ.

(٢)التهذيب: ج ٦(٩١) باب البينات ص ٢٤٥ الحديث(٢٠ - ٢١ - ٢٢).

(٣)لاحظ عبارة النافع.

(٤)الشرائع: في صفات الشهود، قال: الثانية: لا تقبل شهادة القاذف، ولو تاب قبلت، وحد التوبة ان يكذب نفسه إلى قوله: ويورى باطنا.

(٥)الدروس: كتاب الشهادات ص ١٩٠ س ٥ قال: ويزول (اي الفسق) بان يتوب باكذاب نفسه، ويورى باطنا ان كان صادقا.

(٦)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٦٥ س ١٣ قال: والوجه عندي التفصيل إلى قوله: ويحمل الاخبار على هذا التفصيل.

٤٨٢

(الخامسة) ارتفاع التهمة: فلا تقبل شهادة الجار نفعا، كالشريك فيما هو شريك فيه، والوصي فيما له فيه ولاية، ولا شهادة ذي العداوة الدنيوية، وهو الذي يسر بالمساء‌ة، ويساء بالمسرة، والنسب لا يمنع [الخلاف: هذا هو الذي يقتضيه مذهبنا.

واختلف هؤلاء في كيفية التوبة على ثلاثة أقوال: (الاول) قال في النهاية: وحقيقة توبته اكذاب نفسه فيما كان قذف به، وقال في الخلاف: وحقيقة ذلك ان يقول: كذبت فيما قلت: (الثاني) قال الحسن: وتوبته ان يرجع عما قال ويكذب نفسه عند الامام الذي جلده وعنده جماعة من المسلمين.

(الثالث) قال الصدوق: ان توبته ان يقف في الموضع الذي قال فيه ما قال: فيكذب نفسه.

والقول المتكلف اشارة إلى ما استخرجه المروي (المروزي خ ل)، وهو ان يقول: القذف باطل او حرام إلى آخر.

تذنيب

هل يشترط في قبول توبته بعد التوبة امر آخر، وهو اصلاح العمل؟ قيل: فيه ثلاثة أقوال:

(أ) نعم مطلقا، اي في الصادق والكاذب، لعموم قوله تعالى: " الا الذين تابوا من بعد ذلك واصلحوا "(١) وهو قول ابن حمزة(٢) ].

____________________

(١)النور: ٥.

(٢)الوسيله: فصل في بيان شهادة الفاسق ص ٢٣١ س ١٧ قال: واصلح العمل بالضد مما قال إلى قوله: واصلح العمل، أيضا.

٤٨٣

القبول. وفي قبول شهادة الولد على ابيه خلاف، اظهره: المنع.

[(ب) لا مطلقا، قاله الشيخ في النهاية(١) واختاره المصنف(٢) والعلامة(٣٩ وفسروا الاصلاح بالاستمرار على التوبة.

(ج) اشتراطه في الكاذب لا الصادق، وهو قول ابن ادريس(٤) .

قال طاب ثراه: وفي قبول شهادة الولد على ابيه خلاف اظهره المنع.

أقول: بالمنع قال الشيخان(٥) (٦) والصدوقان(٧) (٨) وسلار(٩) وابن حمزة(١٠) والقاضي(١١) وابن ادريس(١٢) واختاره المصنف(١٣) والعلامة(١٤) ].

____________________

(١)النهاية: باب تعديل الشهود ص ٣٢٦ س ١٠ قال: فاذا فعل ذلك (اي تكذيب نفسه) جاز قبول شهادته بعد ذلك.

(٢)لاحظ عبارة النافع.

(٣)المحتلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٦٥ س ٢١ قال: والتحقيق ان النزاع هنا لفظي، فان البقاء على التوبة إلى قوله: وهو كاف إلى اصلاح العمل.

(٤)السرائر: في الشهادات ص ١٨٢ س ١١ قال: وهو يفتقر إلى صلاح العمل بعد ذلك وهو ان يعمل طاعة.

(٥)المقنعة: باب البينات ص ١١٢ س ٢٥ قال: وتقبل شهادة الولد لوالده ولا تقبل شهادته عليه.

(٦)النهاية: باب شهادة الولد لوالده وعليه ص ٣٣٠ س ١٥ قال: ولا يجوز شهادته عليه.

(٧)المقنع: باب القضاء والاحكام ص ١٣٣ س ٣ قال: واعلم انه لا يجوز شهادة الولد على الوالد.

(٨)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٦٨ س ١ قال: مسألة قال الشيخان: لا تقبل شهادة الابن على الاب وبه قال: ابنا بابوية.

(٩)المراسم: ذكر احكام البينات ص ٢٣٢ س ٥ قال: والولد تقبل شهادته لوالده ولا تقبل عليه.

(١٠)الوسيلة: فصل في بيان الشهادات ص ٢٣١ س ٢ قال: والولد تقبل شهادته لابيه، ولا تقبل عليه.

(١١)المهذب: ج ٢ كتاب الشهادة ص ٥٥٨ س ٦ قال: ولا شهادة الولد على الوالد.

(١٢)السرائر: باب شهادة الولد لوالده وعليه ص ١٨٦ س ٣٠ قال: ولا يجوز شهادته عليه.

(١٣)لاحظ عبارة النافع.

(١٤)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٦٨ س ٥ قال: والوجه عندي الاول اي قول الشيخان والصدوقان

٤٨٤

[وبالجواز قال السيد(١) .

احتج الاولون بوجه: (الاول) قوله تعالى: " وصاحبهما في الدنيا معروفا "(٢) وليس من المعروف الشهادة والرد لقوله واظهار تكذيبه، فارتكاب ذلك معصيه، فلا يكون الشهادة مقبولة.

(الثاني) انه نوع عقوق.

(الثالث) انه قول اكثر علمائنا، حتى ادعى ابن ادريس، والشيخ في الخلاف عليه اجماع الطائفة(٣) (٤) ، فيكون أرجح. ولم نقف على حديث يدل عليه بالتعيين، نعم قال الصدوق في كتابه: وفي خبر انه لا تقبل شهادة الولد على والده(٥) .

احتج السيد بوجوه: (الاول) قوله تعالى: " واشهدوا ذوي عدل منكم "(٦) وهو عام].

____________________

(١)الانتصار: في الشهادات ص ٢٤٤ قال: مسألة، ومما انفردت به الامامية في هذه الاعصار إلى قوله: بجواز شهادات ذوي الارحام والقرابات بعضهم لبعض من غير استثناء لاحد، إلى قوله، دليلنا الاجماع وقوله تعالى الخ.

(٢)لقمان: ١٥.

(٣)السرائر: كتاب الشهادات: باب شهادة الولد لوالده وعليه ص ١٨٦ س ٢٠ قال: والاول (اي لا يجوز شهادته عليه) هو المذهب وعليه العمل، والاجماع منعقد عليه ولا اعتبار بمخالفة من يعرف اسمه ونسبه.

(٤)الخلاف: كتاب الشهادات مسألة ٤٥ قال: شهادة الولد على والده لا تقبل بحال إلى قوله: دليلنا اجمع الفرقة واخبارهم.

(٥)من لا يحضره الفقيه: ج ٣(١٨) باب من يجب رد شهادته ومن يجب قبول شهادته ص ٢٦ الحديث ٦.

(٦)الطلاق: ٢.

٤٨٥

وكذا تقبل شهادة الزوج لزوجته، وشرط بعض الاصحاب: انضمام غيره من أهل الشهادة، وكذا في الزوجة، وربما صح فيها الاشتراط.

[(الثاني) قوله تعالى: " ياايها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على انفسكم او الوالدين والاقربين "(١) .

(الثالث) مارواه داود بن الحصين عن الصادقعليه‌السلام قال: سمعته يقول: اقيموا الشهادة على الوالدين والولد(٢) ومثلها رواية علي بن سوية(٣) .

واجاب العلامة: بان الامر بالشهادة لا تستلزم القبول(٤) .

وفيه نظر: لانتفاء فائدة الامر حينئذ.

قال طاب ثراه: وكذا تقبل شهادة الزوج لزوجته، وشرط بعض الاصحاب: انضمام غيره من اهل الشهادة، وكذا في الزوجة، وربما صح فيها الاشتراط.

أقول: شرط الشيخ في النهاية الضميمة في الزوج والزوجة، والوالد والاخ(٥) . اما الاخيران فالاشتراط فيهما نادر. واما في الزوج والزوجة فتابعه القاضي(٦) ]

____________________

(١)النساء: ١٣٥.

(٢)التهذيب: ج ٦(٩١) باب البينات ص ٢٥٧ قطعة من حديث ٨٠.

(٣)التهذيب: ج ٦(٩١) باب البينات ص ٢٧٦ قطعة من حديث ١٦٢.

(٤)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٦٨ س ١١ قال بعد نقل روايتي داود بن الحصين وعلي بن سويد: والجواب الامر بالاقامة لا تستلزم القبول.

(٥)النهاية: باب شهادة الوالد لولده وعليه: والمرأة لزوجها وعليه، والزوج لزوجته وعليها ص ٣٣٠ س ١٤ قال: مع غيره من اهل الشهادة إلى قوله: اذا كان معه غيره من اهل العدالة إلى قوله: اذا كان معها غيرها من اهل الشهادة.

(٦)المهذب: ج ٢ كتاب الشهادة ص ٥٥٧ س ٤ قال: وشهادة الزوج لزوجته وعليها مع غيره من اهل العدالة.

٤٨٦

[وابن حمزة(١) .

واطلق المفيد القبول ولم يقيد بالضميمة(٢) وتابعه الشيخ في الكتابين(٣)(٤) وكذا التقي(٥) والحسن(٦) والعلامة(٧) وابن ادريس(٨) .

وفرق المصنف بينهما في الشرائع فقال: وربما صح فيها الاشتراط، ولعل الفرق انما هو لاختصاص الزوج بمزيد القوة ان تجذبه دواعي الرغبة(٩) .

وتظهر فائدة الخلاف فيما لو شهد الرجل لزوجته فيما تقبل فيه شهادة الواحد مع اليمين، فعلى القول بالضميمة لا شئ لها، وعلى عدمها تحلف معه ويثبت حقها.

وفي الزوجة لو شهدت لزوجها في الوصية منفردة، فعلى الاول لا شئ له، وعلى الثاني]

____________________

(١)الوسيلة: فصل في بيان الشهادات ص ٢٣١ س ٤ قال: وحكم الزوجين على ذلك (اي اذا شهد معه عدل آخر).

(٢)المقنعة: باب البينات ص ١١٢ س ٢٥ قال: وتقبل شهادة الرجل لامرأته اذا كان عدلا وشهد معه آخر من العدول، أو حلفت المرأة مع الشهادة لها في الديون والاموال.

(٣)البسوط: ج ٨ فصل فيمن تقبل شهادته ومن لا تقبل ص ٢٢٠ س ٤ قال: وتقبل شهادة كل واحد من الزوجين للآخر وبه قال جماعة.

(٤)الخلاف: كتاب الشهادات، مسألة ٤٩ قال: تقبل شهادة احد الزوجين للآخر.

(٥)الكافي: فصل في الشهادات ص ٤٣٦ س ١١ قال: وتقبل إلى قوله: والزوج لزوجته وعليها والزوجة له وعليه.

(٦)و(٧) المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٦٨ س ١٦ قال: وبه (اي بالاطلاق) قال ابن أبي عقيل، وهو المعتمد للاصل الخ.

(٨)السرائر: باب شهادة المرأة لزوجها وعليه والزوج لزوجته وعليها ص ١٨٦ س ٢٢ قال: ولا بأس بشهادة الرجل لامرأته وعليها اذا كان معه غيره من اهل العدالة، ولا بأس بشهادتها له وعليه اذا كان معها غيرها من اهل العدالة.

(٩)الشرائع: ج ٤ كتاب الشهادات، الخامس ارتفاع التهمة، الثالثة قال: ومنهم من شرط في الزوج الضميمة إلى قوله: ولعل الفرق انما هو لاختصاص الزوج الخ.

٤٨٧

والصحبة لا تمنع القبول كالضيف والاجير على الاشبه.ولا تقبل شهادة السائل بكفه، لما يتصف به من مهانة النفس، فلا يؤمن خدعه.

[له ربع ما شهدت به.وكذا لو شهدت باستهلال مولود يرثه زوجها.وفيما اذا زوجه وكيله ودفع المهر، فادعى هو ان بينه وبين الزوجة رضاعا محرما، وانكرت الزوجة، وكان ذلك قبل الدخول، فانه يرجع عليها بربع المهر عند أبي علي(١) وبالكل اذا تعذر عليها اقامة غيرها عند المفيد(٢) وتلميذه(٣) لان ابن الجنيد يقبل شهادة الاربع في كل ما لا يطلع عليه الرجال ويثبت مجموع الحق بهن، وان شهد بعضهن فبحساب ذلك(٤) وقال المفيد: اذا لم يوجد على ذلك الا شهادة امرأة واحدة مأمونة قبلت شهادتها فيه وشهادة واحدة في ربع الوصية(٥) وتابعه ابو علي(٦) وعندنا ان كانت احدى الاربع، استرجع الزوج المهر على تقدير قبول النساء في الرضاع وان كانت منفردة لا يقبل وان لم يشترط الضميمة، لان الواحدة لا يقبل في غير الوصية وميراث المستهل.

قال طاب ثراه: والصحبة لا يمنع القبول كالضيف والاجير على الاشبه].

____________________

(١)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٦٠ س ٢١ قال: وقال ابن الجنيد: وشهادة النساء في الدين جائزة إلى قوله: ولا يقضي به بالق الا باربع منهن، فان شهد بعض فبحساب ذلك.

(٢)و(٣) المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٦١ س ٣٣ قال: الاول النكاح إلى قوله: والمفيد منع أيضا: اي من قبول شهادة النساء في النكاح، ثم قال: وكذا سلار.

(٤)تقدم آنفا تحت رقم ١.

(٥)المقنعة: باب البينات ص ١١٢ س ٣١ قال: وتقبل شهادة امرأتين مستورتين فيما لا يراه الرجال إلى قوله: واذا لم يوجد على ذلك الخ ونقله في المختلف: ج ٢ ص ١٦٤ س ٨ قال: وقال شيخنا المفيد: وتقبل شهادة امراتين إلى قوله: وتقبل شهادة امرأة واحدة في ربع الوصية.

(٦)المختلف: ج ٢ ص ١٦٤ س ٧ قال: وقال ابن الجنيد: وكل امر لا يحضره الرجال فشهادة النساء فيه جائزة إلى قوله: فان شهد بعض فبحساب ذلك.

٤٨٨

[أقول: الاجير هل يقبل شهادته لمستاجره حال كوه اجيرا له؟ قيل فيه ثلاثة أقوال: (أ) القبول قاله ابن ادريس(١) والمصنف(٢) والعلامة(٣) .

(ب) المنع قاله الشيخ(٤) والصدوقان(٥) (٦) والتقي(٧) والقاضي(٨) وابن حمزة(٩) .

(ج) القبول مع عدم التهمة والرد معها كما لو شهد الخياط او القصار بثوب دفع اليه ليخيطه، او يقصره، قاله العلامة في المختلف(١٠) ونعم ما قال.

احتج الاولون: بوجود المقتضي وعدم المانع.

اما المقتضي: فهو العدالة، وقوله]

____________________

(١)السرائر: كتاب الشهادات ص ١٨٣ س ١٥قال: بل شهادة الاجير مقبولة سواء كان على من استاجره اوله.

(٢)لاحظ عبارة النافع.

(٣)تحرير الاحكام: ج ٢ كتاب الشهادات ص ٢١٠ س ٦ قال: ويقبل شهادة الاجير والضيف الخ.

(٤)النهاية: كتاب الشهادات ص ٣٢٥ س ١٣ قال: ولا يجوز قبول شهادة إلى قوله: والاجير.

(٥)المختلف: باب القضاء والاحكام ص ١٣٣ س ٧ قال: ولا اجير لصاحبه ولا تابع لمتبوعه.

(٧)الكافي: فصل في الشهادات ص ٤٣٦ س ١ قال: ولا تقبل شهادة الشريك فيما هو شريك فيه ولا الاجير لمستاجره.

(٨)المهذب: ج ٢ كتاب الشهادة ص ٥٥٨ س ٢ قال: والاجير لمستاجره الخ.

(٩)الوسيلة: فصل في بيان الشهادات ص ٢٣٠ س ١٣ قال: ولا تقبل شهادة خمسة إلى قوله: والاجير اذا شهد لمستاجره الخ.

(١٠)المختلف: ج ٢ في شهادة الاجير ص ١٦٦ س ٢٢ قال: والوجه عندي: ان شهادته ان تضمنت تهمة، او جر نفع، او دفع ضرر لم تقبل والا قبلت، وعليه تحمل الروايات المطلقة المانعة من القبول كما لو شهد لصاحب الثوب الخ.

٤٨٩

وفي قبول شهادة المملوك روايتان، اشهرهما: القبول، وفي شهادته على المولى، قولان اظهرهما: المنع، ولو اعتق قبلت للمولى وعليه.ولو اشهد عبديه بحمل انه ولده، فورثهما غير الحمل، واعتقهما الوارث، فشهدا للحمل، قبلت شهادتهما، ورجع الارث إلى الولد، ويكره له استرقاقهما.ولو تحمل الشهادة الصبى، او الكافر، او العبد، او الخصم، او الفاسق، ثم زال المانع وشهدوا قبلت شهادتهم.

[تعالى: ٢ واشهدوا ذوي عدل منكم "(١) و " استشهدوا شهيدين من رجالكم "(٢) .واما انتفاء المانع، فلانه الاصل، ولانه لا تجر شهادته نفعا، ولا يدفع بها ضررا.

احتج الشيخ برواية زرعة قال: سألته عما يرد من الشهود؟ قال: المريب، والخصم، والشريك، ودافع مغرم والاجير(٣) .

ومثله رواية ابن سيابه عن الصادقعليه‌السلام قال: كان أمير المؤمنينعليه‌السلام : لا يجيز شهادة الاجير(٤) .

وحمله في الاستبصار على اجير شهد لمستاجره حال كونه اجيرا له، لا بعد مفارقته، او لغيره(٥) .

واحتج العلامة على تفصيله: باشتماله على الجمع بين ما دل عليه عموم الكتاب، والاصل، وبين الروايات المانعة مطلقا(٦) .

قال طاب ثراه: وفي قبول شهادة المملوك روايتان: اشهرهما القبول إلى آخره].

____________________

(١)الطلاق: ٢.

(٢)البقرة: ٢٨٢.

(٣)التهذيب: ج ٦(٩١) باب البينات ص ٢٤٢ الحديث ٤.

(٤)و(٥) الاستبصار: ج ٣(١٥) باب شهادة الاجير ص ٢١ الحديث ١ وقال في ذيل الحديث: هذا الحديث وان كان عاما فينبغي ان يخص الخ.

(٦)تقدم آنفا تحت رقم ١.

٤٩٠

[أقول: اختلف الاصحاب في شهادة العبيد عل طرفين وواسطة.أما الطرفان فالمنع من القبول مطلقا قاله الحسن(١) اذا كانت على حر مؤمن، ويجوز على مثله او كافر قاله أبوعلي(٢) .والقبول مطلقا نقله المصنف عن بعض الاصحاب(٣) .

اما الواسطة: ففيها ثلاثة أقوال: الاول: القبول مطلقا الا على السيد(٤) ، أما الاول، فللاصل، ولعموم قوله تعالى: " واشهدوا ذوي عدل منكم "(٥) و " استشهدوا شهيدين من رجالكم "(٦) .

ولحسنة عبدالرحمان بن الحجاج عن الصادقعليه‌السلام قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : لا بأس بشهادة المملوك اذا كان عدلا(٧) .

وفي معناها رواية محمد بن مسلم عن أبي عبداللهعليه‌السلام في شهادة المملوك اذا كان عدلا فهو جائز الشهادة، ان اول من رد شهادة المملوك عمر بن الخطاب، وذلك انه تقدم اليه مملوك في شهادة، فقال: ان انا اقمت الشهادة تخوفت على نفسي، وان كتمتها اثمت بربي، فقال: هات شهادتك أما انه لا يجوز شهادة مملوك بعدك(٨) ]

____________________

(١)المختلف: ج ٢ في شهادة العبيد ص ١٦٨ س ٢٤ قال: واطلق ابن أبي عقيل المنع، فقال لا يجوز شهادة العبيد والاماء في شئ.

(٢)المختلف: ج ٢ في شهادة العبيد ص ١٦٨ س ٢٣ قال المنع من قبول شهادتهم على حر من المؤمنين مطلقا، وهو قول أبي علي بن الجنيد.

(٣)الشرائع: ج ٤ كتاب الشهادات، لواحق هذا الباب، الثانية قال: وقيل: تقبل مطلقا.

(٤)النهاية: باب شهادة العبيد والاماء ص ٣٣١ س ٢ قال: لا بأس بشهادة العبيد اذا كانوا عدولا إلى قوله: ولا يجوز قبول شهادتهم على ساداتهم.

(٥)الطلاق: ٢.

(٦)البقرة: ٢٨٢.

(٧)التهذيب: ج ٦(٩١) البينات ص ٢٤٨ الحديث ٣٩.

(٨)التهذيب: ج ٦(٩١) باب البينات ص ٢٤٨ الحديث ٣٨.

٤٩١

[وأما الثاني: فلانه شابه الولد في عدم قبوله على أبيه، لاشتراكهما في وجوب الطاعة وتحريم العقوق وهو مذهب الشيخ في النهاية(١) وبه قال المفيد(٢) والسيد(٣) وسلار(٤) والقاضي(٥) وابن حمزة(٦) وابن زهرة(٧) وابن ادريس(٨) واختاره المصنف(٩) والعلامة(١٠) .

(الثاني) تقبل بالنسبة إلى غير السيد، ولا تقبل عليه ولا له وهو مذهب التقي(١١) .

(الثالث) تقبل مطلقا الا لسيده، وهو ظاهر الصدوقين، حيث قالا: ولا بأس]

____________________

(١)النهاية: باب شهادة العبيد والاماء ص ٣٣١ س ٢ قال: لا بأس بشهادة العبيد إلى قوله لساداتهم وعلى غير ساداتهم ولهم ولا يجوز قبول شهادتهم على ساداتهم.

(٢)المقنعة: باب البينات ص ١١٢ س ٢٦ قال: وتقبل شهادة العبيد لساداتهم إلى قوله: ولا تقبل على ساداتهم وان كانوا عدولا.

(٣)الانتصار: مسائل القضاء والشهادات، ص ٢٤٩، قال ولا تقبل على ساداتهم..

(٤)المراسم: ذكر احكام البينات ص ٢٣٢ س ٦ قال: وتقبل شهادات العبيد لساداتهم إلى قوله: واما على ساداتهم فلا تقبل.

(٥)المهذب: ج ٢ كتاب الشهادة ص ٥٥٧ س ٥ قال: وشهادة العبيد لساداتهم لا عليهم.

(٦)الوسيلة: فصل في بيان الشهادات ص ٢٣٠ س ٢١ قال: والمملوك تقبل شهادته الا على سيده.

(٧)الغنية (في ضمن الجوامع الفقهية) في الحدود والقضايا ص ٦٢٤ س ٣٤ قال: وتقبل شهادة العبيد لكل واحد عليه الا في موضع نذكره، ولم نعثر على غير ذلك.

(٨)السرائر: باب شهادة العبيد والاماء ص ١٨٦ س ٢٩ قال: لا بأس بشهادة العبيد إلى قوله: ولا يجوز شهادتهم على ساداتهم.

(٩)لاحظ عبارة النافع.

(١٠)المختلف: ج ٢ في شهادة العبيد ص ١٦٩ س ١٣ قال بعد الاقوال: والوجه ماقاله الشيخ في النهاية.

(١١)الكافي: فصل في الشهادات ص ٤٣٥ س ١٤ قال: ولا تقبل شهادة العبد ليسده على كل حال.

٤٩٢

(السادس) طهارة المولد: فلا تقبل شهادة ولد الزنا، وقيل: تقبل في الشئ الدون، وبه رواية نادرة.

[بشهادة العبد اذا كان عدلا لغير سيده(١) (٢) وظاهره المنع فيما عدى ذلك من حيث المفهوم لا المنطوق.

احتج الحسن: بان الشهادة من المناصب الجليلة، فلا يليق بالعبد.

وبصحيحة محمد بن مسلم عن احدهماعليهما‌السلام قال: العبد المملوك لا يجوز شهادته(٣) .

احتج ابوعلي بما رواه محمد بن مسلم عن الباقرعليه‌السلام قال: لا يجوز شهادة العبد المسلم على الحر المسلم(٤) وتعليق الحكم على وصف يشعر بعليته، فينتفي الحكم عند عدم ذلك الوصف، والا انتفت فائدة التقييد.

لا يقال: دلالة المفهوم ضعيفة وغير حجة عند الاكثر.

لانا نقول: يستدل على قبولها على الذمي بمنطوق صحيحة محمد بن مسلم عن احدهماعليهما‌السلام : يجوز شهادة المملوك من اهل القبلة على اهل لكتاب(٥) وعلى قبولها في حق العبد بما رواه الشيخ في الخلاف عن عليعليه‌السلام : انه كان يقبل شهادة بعضهم على بعض، ولا يقبل شهادتهم على الاحرار(٦) .

والجواب على المذهبين ماتقدم من عموم الآيات والمعارضة بالروايات.

قال طاب ثراه: طهارة المولد، فلا تقبل شهادة ولد الزنا، وقيل: يقبل في الشئ]

____________________

(١)المختلف: ج ٢ في شهادة العبيد ص ١٦٨ س ٢٨ قال: وقال الصدوق وابوه: لا بأس بشهادة العبد لغير سيده.

(٢)المقنع: باب القضاء والاحكام ص ١٣٣ س ٤ قال: وشهادة العبد لا بأس بها لغير سيده.

(٣)و(٥) التهذيب: ج ٦(٩١) باب البينات ص ٢٤٩ قطعة من حديث ٤٣.

(٤)التهذيب: ج ٦(٩١) باب البينات ص ٢٤٩ الحديث ٤٢.

(٦)الخلاف: كتاب الشهادات، مسألة ١٩ قال: وروي عن عليعليه‌السلام الخ.

٤٩٣

[الدون، وبه رواية نادرة.

أقول: هنا ثلاثة أقوال:

(الاول) قال في المبسوط: شهادة ولد الزنا مقبولة عند قوم في الزنا وغيره، وهو قوي، لكن اخبار اصحابنا تدل على انه لا تقبل شهادته(١) .

(الثاني) قال في النهاية: تقبل في الشئ الدون مع صلاحه(٢) .

وتمسك بما رواه عيسى بن عبدالله عن الصادقعليه‌السلام قال: سألته عن شهادة ولد الزنا؟ فقال: لا يجوز الا في الشئ اليسير اذا رأيت منه صلاحا(٣) .

اجاب العلامة: بان قبول شهادته في الشئ اليسير، تعطي المنع من قبول الكثير من حيث المفهوم، ولا يسير الا وهو كثير بالنسبة إلى مادونه، فاذن لا يقبل الا في اقل الاشياء الذي ليس بكثير بالنسبة إلى مادونه، اذ لا دون له، ومثله لا يتملك(٤) .

(الثالث) قال في الخلاف: لا تقبل اصلا(٥) وبه قال السيد(٦) ]

____________________

(١)المبسوط: ج ٨ كتاب الشهادات ص ٢٢٨ س ١٧ قال: شهادة ولد الزنا مقبولة الخ.

(٢)النهاية: باب تعديل الشهود ومن تقبل شهادته ص ٣٢٦ س ٧ قال: ولا يجوز شهادة ولد الزنا إلى قوله: قبلت في الشئ الدون.

(٣)التهذيب: ج ٦(٩١) في البينات ص ٢٤٤ الحديث ١٦.

(٤)المختلف: ج ٢ في شهادة ولد الزنا ص ١٦٧ س ١٨ قال: والجواب الخ.

(٥)الخلاف: كتاب الشهادات، مسألة ٥٧ قال: شهادة ولد الزنى لا تقبل وان كان عدلا.

(٦)الانتصار: ص ٢٤٧ س ١٦ قال: مسألة. ومما انفردت به الامامية القول: بان شهادة ولد الزنا لا تقبل.

٤٩٤

وابوعلي(١) والقاضي(٢) وابن ادريس(٣) واختاره المصنف(٤) والعلامة(٥) .

واختلفوا في الدليل: فالعلامة: لانه من المناصب الجليلة، وهو ناقص، فلا يليق به كالامامة(٦) .

ولصحيحة محمد بن مسلم عن الصادقعليه‌السلام قال: لا يجوز شهادة ولد الزنا(٧) .

وما في معناها(٨) .

وابن ادريس: لانه عند اصحابنا كافر واجماعهم عليه(٩) .

وأبوعلي: لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : (ولد الزنا شر الثلاثة) ولا شك ان الاثنين لا تقبل شهادتهما فيكون اولى بعدم القبول، ولان شهادة ابويه تقبل(١٠) اذا]

____________________

(١)و(٥) المختلف: في شهادة ولد الزنا ص ١٦٦ س ٣٢ قال: وقال ابن الجنيد: إلى قوله: فهو أيضا غير مقبول شهادته إلى قوله: والوجه: المنع من قبول شهادته مطلقا، لنا ان الشهادة من المناصب الجليلة وهو ناقص فلا يليق به، كالامامة فكما لم يشرع ان يكون اماما فكذا هنا.

(٢)المهذب: ج ٢ كتاب الشهادة ص ٥٥٧ س ١٩ قال: وكذلك (اي الشهادة التي هي غير صحيحة) شهادة ولد الزنا.

(٣)السرائر: كتاب الشهادات ص ١٨٣ س ٢٦ قال: ولا يجوز شهادة ولد الزنا، لانه عند اصحابنا كافر باجماعهم.

(٤)لاحظ عبارة النافع.

(٦)و(٩) تقدم آنفا.

(٧)التهذيب: ج ٦(٩١) في البينات ص ٢٤٤ الحديث ١٨.

(٨)التهذيب: ج ٦(٩١) في البينات ص ٢٤٤ الحديث ١٥ و ١٧ وتمام الحديث (قلت: ان الحكم يزعم انها تجوز؟ ! فقال: اللهم لا تغفر ذنبه.

(١٠)هكذا في النسخ المخطوطة التي عندي، وفي المختلف: ج ٢ س ١٦٦ س ٣٣ قال بعد قوله: لا تقبل شهادتهما مالفظه: (فهو أيضا غير مقبول شهادته ولانه شرهم ماتقبل شهادة ابويه اذا تابا وشهادته غير مقبول الخ).

٤٩٥

[تابا، واذا كان شر الثلاثة لا تقبل شهادته وان استقامت طريقته(١) .

وعورض بقوله تعالى: " ولا تزر وازرة وزر اخرى "(٢) فلا تؤخذ بذنب أبيه، لاستحالة الظلم عليه عقلا، ولقوله تعالى: " ولا يظلم ربك احدا "(٣) .

وأيضا فانه من الاخبار الضعاف، مارواه الا ضعيف، وقد منع نص القرآن منه(٤) .

ولو سلم منعنا دلالته، لجواز ارادة كونه شرهم فسقا اذا كان زانيا، لجمعه بين خبث الاصل والفرع، وجاز ان يكون قد اشير به إلى واحد معين من ثلاثة هو شرهم، ويكون ذكر الزنا تعريفا لا تعليلا كما في قوله تعالى: " الزاني لا ينكح الا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها الا زان او مشرك "(٥) وقد قيل: ان ابا غرة الجمحي كان يهجو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فذكر عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قوله: وقيل فيه: انه ولد زنية، فقالعليه‌السلام : ولد الزنا شر الثلاثة، يعني ابا غره(٦) .

واحتج السيد بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ولد الزنا لا يدخل الجنة، ومعنى ذلك ان يكون الله تعالى علم فيمن خلق من نطفة زنا، انه لا يختار الخير والصلاح(٧) فلا يلتفت إلى ظاهره المقتضي لظن العدالة به، ونحن قاطعون على خبث باطنه وقبح سريرته، فلا تقبل شهادته، لانه غير عدل، وعلى هذا يجب ان يقع الاعتماد، دون]

____________________

(١)المختلف: ج ٢ ص ١٦٦ س ٣٢.

(٢)الانعام: ١٦٤.

(٣)الكهف: ٤٩.

(٤)قال تعالى: " ان جائكم فاسق بنباء فتبينوا " الآية سورة الحجرات: ٦(٥) النور: ٣.

(٦)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٥٣٤ الحديث ٢٣ وفي سنن البيهقي: ج ١٠ ص ٥٨ باب ماجاء في ولد الزنا س ١٥ قال: انما كان رجل من المنافقين يؤذي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: من يعذ زنى من فلان؟ قيل: يارسول الله انه مع مابه ولد الزنا فقال: هو شر الثلاثة.

(٧)الانتصار: في الشهادة ص ٢٤٨ س ٨ قال: ومعنى ذلك الخ وفيه تحقيق لطيف فراجع.

٤٩٦

ويلحق بهذا الباب مسائل

(الاولى) التبرع بالاداء قبل الاستنطاق يمنع القبول، لتطرق التهمة. وهل يمنع في حقوق الله؟ فيه تردد.

[ما تعلق به ابوعلي.

قال العلامة: ولا فرق بين ماتعلق به السيد وابوعلي، لان كلا الخبرين احاد، ولعله قد كان الخبر الذي رواه أبوعلي متواترا في زمانه.

والحق ان رده انما هو لكون ذلك من المناصب الجليلة، فلا يليق به(١) .

قال طاب ثراه: التبرع بالاداء قبل الاستنطاق يمنع القبول، لتطرق التهمة، وهل يمنع في حقوق الله؟ فيه تردد.

أقول: حرص الشاهد وتبرعه باداء الشهادة قبل سؤال الحاكم له تطرق للتهمة اليه، فيدخل تحت عموم قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (لا يجوز شهادة خصم ولا ظنين)(٢) والظنين المتهم، قاله اهل اللغة(٣) وهو مروي عنهمعليهم‌السلام (٤) .

ومثله قول الصادقعليه‌السلام : تقوم الساعة على قوم يشهدون من غير ان يستشهدوا(٥) ].

____________________

(١)المختلف: ج ٢ في شهادة ولد الزنا ص ١٦٧ س ١٤ قال: وهذا الذي ذكره السيد على طوله ليس دليلا، اذ لا اولوية الخ.

(٢)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٥٣٥ الحديث ٢٦ ولاحظ ماعلق عليه.

(٣)النهاية لابن الاثير: ج ٣ باب الظاء مع النون ص ١٦٣ قال: وفيه: (لا تجوز شهادة ظنين) اي متهم في ذنبه، من الظنة التهمة.

(٤)دعائم الاسلام: ج ٢ فصل ٢ ذكر من يجوز شهادته ومن لا يجوز ص ٥١١ الحديث ١٨٣١ و ١٨٣٢ و ١٨٣٣ وغيرها.

(٥)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٥٣٥ الحديث ٢٧ ولاحظ ماعلق عليه.

٤٩٧

وهذه الاخبار خرج في معرض الانكار والتعجب، فهو اذن مانع من قبول الشهادة في حقوق الناس اجماعا. وهل يمنع في حقوق الله سبحانه؟ كالزنا وشرب الخمر، والمصالح العامة، كالوقف على القناطر، والمساجد، والوصية للفقراء، تردد المصنف، ومنشأه، تردده في وجود العلة المانعة من القبول وهو الحرص.

واطلق المفيد(١) والشيخ في النهاية(٢) والقاضي(٣) القول بعدم جواز الاداء قبل السؤال.

ومن ان مثل هذه الامور لا مدعى لها، فلو لم يشرع فيها التبرع لبطلت الاحكام وهو غير جائز.

ولانه نوع حبسة فيكون سائغا بل واجبا، فلا يعد تبرعا، ويحمل اطلاق الاصحاب على هذا التفصيل.

ويندفع التبرع: بان يقول للحاكم عندي شهادة، او حضر حسبة، او هنا، او معي حسبة، فيقول الحاكم هات ماعندك، فيقص ما علمه، ولا يكون حينئذ متبرعا، لانه أداها بعد سؤال الحاكم له واستنطاقه بها.

تنبيه

لا فرق بين الاداء قبل الدعوى: او بعدها قبل سؤال الحاكم، كل ذلك يسمى]

____________________

(١)المقنعة: باب البينات ص ١١٣ س ٣ قال: وليس يجوز للشاهدان يشهد قبل أن يسأل.

(٢)النهاية: باب كيفية الشهادة وكيفية اقامتها ص ٣٣٠ س ٧ قال: ولا يجوز للشاهدان يشهد قبل ان يسأل عن الشهادة.

(٣)المهذب: ج ٢ الشهادة على الشهادة ص ٥٦١ س ١٥ قال: ولا يجوز لانسان ان يشهد قبل ان يسأل عن الشهادة.

٤٩٨

(الثانية) الاصم تقبل شهادته فيما لا يفتقر إلى السماع. وفي رواية يؤخذ باول قوله. وكذا تقبل شهادة الاعمى فيما لا يفتقر إلى الرؤية.

[تبرعا، ولا تقضي بفسق الشاهد ولا تصر به مجروحا، فيجوز شهادته في غير تلك الواقعه، وهل يجوز فيها في غير ذلك المجلس؟ نظر.

قال طاب ثراه: الاصم تقبل شهادته فيما لا يفتقر إلى السماع.

وفي رواية توخذ باول قوله.

وكذا تقبل شهادة الاعمى فيما لا يفتقر إلى الرؤية.

أقول: المشهور قبول شهادة الاصم فيما يكفي فيه حاسة البصر، ولا حاجة فيه إلى السمع كالقتل والغصب، ولعموم قوله تعالى: " واشهدوا ذوي عدل منكم "(١) ولان المناط العدالة المثمرة للظن، المناسب لقبول الشهادة، وهو اختيار التقي(٢) وابن ادريس(٣) والمصنف(٤) والعلامة(٥) .

وقال الشيخ في النهاية: ولا بأس بشهادة الاصم غير انه يؤخذ باول قوله، لا بثانيه(٦) وبه قال القاضي(٧) وابن حمزة(٨) .

مصيرا إلى رواية جميل عن الصادقعليه‌السلام قال: سألته عن شهادة الاصم]

____________________

(١)الطلاق: ٢.

(٢)لم يوجد في الكافي ولكنه في المختلف: ج ٢ ص ١٦٧ س ٢٠ قال: وقال ابوالصلاح: تقبل شهادة الاعمى إلى قوله: والاصم، واشار اليه في هامش الكافي: ص ٤٣٦ تحت رقم ٣.

(٣)السرائر: في الشهادات ص ١٨٣ س ٣٦ لا بأس بشهادة الاصم.

(٤)لاحظ عبارة النافع.

(٥)المختلف: ج ٢ في بيان شهادة الاصم ص ١٦٧ س ٢٢ قال: والوجه ماقاله ابوالصلاح.

(٦)النهاية: كتاب الشهادات ص ٣٢٧ س ٤ قال: ولا بأس بشهادة الاصم غير انه يؤخذ باول قوله ولا يؤخذ بثانيه.

(٧)المهذب: ج ٢ كتاب الشهادة ص ٥٥٦ س ١٧ قال: وشهادة الاصم، ويؤخذ باول قوله ولا يؤخذ بثانيه.

(٨)الوسيلة: فصل في بيان الشهادات ص ٢٣٠ س ١٠ قال: والصمم ويؤخذ باول قول صاحبه.

٤٩٩

(الثالثة) لا تقبل شهادة النساء في الهلال، والطلاق. وفي قبولها في الرضاع تردد، اشبهه القبول، ولا تقبل في الحدود.

[في القتل؟ قال: يؤخذ باول قوله ولا يؤخذ بالثاني(١) .

واجاب العلامة عنها بوجهين:

(أ) ان في طريقها سهل بن زياد وهو ضعيف(٢) .

(ب) لو قلنا بموجبها لم يناف مطلوبنا، لان القول الثاني ان كان منافيا للاول، كان رجوعا عما شهد به اولا، وهو غير مسموع، وان لم يكن منافيا كان شهادة اخرى مستأنفة، او تأكيدا.

وفيه نظر: لان الرجوع الذي لا يسمع ولا يؤثر في ابطال ما شهد به اولا، انما هو الرجوع الحاصل بعد الحكم بالشهادة، وليس في الرواية مايدل على ذلك، وحينئذ جاز ان يكون المنافي حصل قبل الحكم، بل جاز حصوله في تمام حكاية الشهادة، فيوجب التخليط، وذلك يقتضي ردها، وعلى ما تضمنته الرواية: من الاخذ بالاول وترك الاعتداد بالثاني، يقتضي قبولها، فيتنافى المذهبان، ولم يمكن العمل بالموجب.

قال طاب ثراه: في قبولها في الرضاع تردد.

أقول: البحث هنا يقع في مقامين:

(الاول) هل يقبل شهادة النساء في الرضاع، ام لا؟ فيه مذهبان.

المنع: ذهب اليه الشيخ في الخلاف(٣) وفي فصل الضاع من المبسوط(٤) وهو]

____________________

(١)التهذيب: ج ٦(٩١) باب البينات ص ٢٥٥ الحديث ٦٩.

(٢)سند الحديث كما في التهذيب (عن سهل بن زياد، عن اسماعيل بن مهران، عن درست، عن جميل).

(٣)الخلاف: كتاب الشهادات، مسألة ٩ قال: ولا تقبل في الرضاع اصلا.

(٤)المبسوط: ج ٥ كتاب الرضاع ص ٣١١ س ٧ قال: شهادة النساء لا تقبل في الرضاع عندنا.

٥٠٠

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553