المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٥

المهذب البارع في شرح المختصر النافع13%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 430

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 430 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 52898 / تحميل: 7818
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٥

مؤلف:
العربية

المهذب البارع في شرح المختصر النافع

ال جزء الخامس

تأليف:

العلامة جمال الدين ابي العباس

احمد بن محمد بن فهد الحلي

تحقيق: الحجة الشيخ مجتبى العراقي

٧٥٧ - ٨٤١ ه‍.

١

هذا الكتاب

نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف

شبكة الإمامين الحسنينعليهما‌السلام للتراث والفكر الإسلامي

بانتظار أن يوفقنا الله تعالى لتصحيح نصه وتقديمه بصورة أفضل في فرصة أخرى

قريبة إنشاء الله تعالى.

٢

٣

٤

كتاب الحدود والتعزيرات(١) وفيه فصول: الفصل الاول: في حد الزنا والنظر في

الموجب والحد واللواحق

(المقدمة الأولى)

الحد في اللغة: المنع والتقدير. وفي الشرع: عقوبة مقدرة على فعل ما لا يجوز شرعا، وما ليس له مقدر يسمى تعزيرا. وأصناف الاول تسعة:

(الاول) الضرب بالسيف، او الاحراق بالنار، او الالقاء من الجدار، او القاؤه

____________________

(١)هنا مطلبان: الاول: ليس في النسخ المخطوطة كلمة (والمتعزيرات) والثاني: ان في النسخ المخطوطة اورد كتاب الحدود بعد الشهادات، ولكن في النسخ المطبوعة من المختصر النافع اوردها في آخر الجزء الاول بعد كتاب اللعان، فلاحظ ولا تغفل.

[*]

٥

عليه، او الرجم، ويجوز الجمع بين احد هذه وبين الاحراق، وذلك في اللواط.

(الثاني) الجلد والرجم في زنا المحصن اذا كان شيخا او شيخة.

(الثالث) الرجم خاصة في زنا الشاب المحصن على احد القولين.

(الرابع) الجلد والحرق والتغريب في زنا البكر الذكر الحر.

(الخامس) الجلد خاصة في زنا المرأة غير المحصنة.

(السادس) جلد ثمانين في الشرب والقذف.

(السابع) ثلاثة ارباع حد الزاني مع الشهوة والنفي في القيادة.

(الثامن) ثمن حد الزاني، اثنى عشر سوطا، ونصف حد من تزوج امة على حرة ودخل بها قبل اذن الحرة، فيلزم نصف السوط ويضرب به.

(التاسع) القتل مطلقا، الحر والعبد والمحصن وغيره سواء، في زنا الاكراه، وزنا الذمي بالمسلمة، والزنا بالمحرمة.

وأما الثاني: فذكر له اصناف: ويجمعها كل من فعل محرما، او ترك واجبا. واطلق الاصحاب: كون التعزير ما ليس له في الشرع تقدير.

وخرج منه مواضع:

(الاول) المجامع لزوجته في نهار رمضان على كل منهما التعزير بخمسة وعشرين سوطا.

(الثاني) المجتمعان تحت ازار واحد مجردين على كل منهما التعزير من ثلاثين سوطا إلى تسعة وتسعين.

(الثالث) من افتض بكرا باصبعه، قال الشيخ: جلد من ثلاثين إلى سبعة وسبعين(١) .

وقال المفيد: يضرب من ثلاثين إلى ثمانين سوطا عقوبة على

____________________

(١)النهاية: كتاب الحدود ص ٦٩٩ س ١١ قال: ومن افتض جارية بكرا إلى قوله: جلد من ثلاثين سوطا إلى تسعة وتسعين.

[*]

٦

ما جناه(١) . وهو في صحيحة ابن سنان عن الصادقعليه‌السلام عن عليعليه‌السلام (٢) وقال الصدوقان: عليه الحد(٣) (٤) وقال ابن ادريس: روي انه يغرم عشر ديتها، ويجلد من ثلاثين إلى تسع وتسعين(٥) .

(الرابع) الرجل والمرأة يوجدان في لحاف وازار مجردين، او عاين الشهود التصاق جسم بجسم، فيه عشر جلدات إلى تسعة وتسعين قاله المفيد(٦) وقال الشيخ: التعزير(٧) وقال في الخلاف: روى اصحابنا الحد(٨) .

(المقدمة الثانية)

اجمع اهل الملل على تحريم الزنا لانه من الاول الخمسة التي يجب تعزيرها في كل شريعة.

____________________

(١)المقنعة: باب الحدود ص ١٢٤ س ٣١ قال: ومن افتض جارية باصبعه ضرب من ثلاثين سوطا إلى ثمانين الخ.

(٢)التهذيب: ج ٨(١) باب حدود الزنا ص ٤٧ الحديث ١٧٢ ١٧٣ وفيه (تجلد ثمانين).

(٣)المقنع: باب الزنا واللواط ص ١٤٥ س ٥ قال: وان افتضت جارية باصبعها فعليه المهر وتضرب الحد.

(٤)لم اظفر على فتوى علي بن بابويه.

(٥)السرائر: كتاب الحدود ص ٤٤٦ س ٢٥ قال: فان كانت امة روي انه يغرم ثمنها، ويجلد من ثلاثين سوطا إلى تسعة وتسعين.

(٦)المقنعة: باب الحدود، باب الحد في اللواط ص ١٢٤ س ٣٤ قال: فان شهد الاربعة على رؤيتهما في ازار واحد مجردين من الثياب ولم يشهدوا برؤية الفعال إلى آخره، وكذا في المختلف أيضا ج ٢ ص ٢١١ س ١١ ولكن البحث من المصنف: وكذا من العلامة في الرجل والمرأة يوجدان في لحاف واحد.

(٧)النهاية: باب الحد في السحق ص ٧٠٧ س ١٦ قال: واذا وجدت امرأتان في ازار واحد إلى قوله: كان على كل واحدة منهما التعزير.

(٨)الخلاف: كتاب الحدود مسألة ٩ قال: روى اصحابنا إلى قوله: ان عليهما مائة جلدة.

[*]

٧

فشرح حد الزنا الحفظ النسب، والقصاص لحفظ النفوس، وحد الردة لحفظ الدين، وحد السرقة لحفظ المال، وحد الشرب لحفظ العقل. فان قلت: الحكم بكون الخمر يملكها الذمي، ويضمن له لو اتلفها عليه مسلم، يدل على عدم تحريمها في الشرع. قلنا: بل هو من المحرف.

(المقدمة الثالثة)

الزنا تغيب الحشفة من ذكر اصلي يقينا في فرج امرأة أصلي يقينا، مع علم التحريم، علما مطابقا لما في نفس الامر. فقولنا (قدر الحشفة) ليشمل الحشفة الحقيقية، والمقدرة لو كانت الحشفة مقطوعة. وقولنا (من ذكر اصلي) احتراز عن الزائد كالخنثى، وقولنا (يقينا) احتراز عن ذكر الخنثى المشكل، فانه وان لم يعلم انه زائد لم يعلم انه اصلي ووجوب الحد منوط باليقين، لقولهعليه‌السلام : ادرؤا الحدود بالشبهات(١) وقولنا (مع علم التحريم) ليخرج الجاهل بالتحريم، أو المحرمة، وقلنا (مطابقا لما في نفس الامر) احتراز عما لو زنى بامرأة في ظنه واتفقت محللة له بان لا يعلمها، أو زوجه الوكيل، أو اشتراها ولما يعلم، فانه لا حد عليه، لانه ليس بزان في نفس الامر.

(المقدمة الرابعة)

الزنا من اعظم الكبائر قال الله تعالى: (ولا تقربوا الزنا انه كان فاحشة)(٢) وقال سبحانه:( ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق اثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا)(٣) فقد جمع وجود الحد، والتوعد بالخلود في النار.

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لن يعمل ابن آدم عملا اعظم عندالله عزوجل من رجل قتل نبيا،

____________________

(١)الفقيه: ج ٤(١٧) باب نوادر الحدود ص ٥٣ الحديث ١٢

(٢)الاسراء: ٣٢.

(٣)الفرقان: ٦٨ ٦٩.

[*]

٨

او هدم الكعبة التي جعلها الله قبلة لعباده، او افرغ مائه في امرأة حراماً(١) .

وقالعليه‌السلام : ماعجت الارض إلى ربها كعجيجها من ثلاث: دم حرام يسفك عليها، أو اغتسال من زنا، والنوم عليها قبل طلوع الشمس(٢) .

وعن الصادقعليه‌السلام عن ابيهعليه‌السلام قال: قال يعقوب لابنه يوسف: يا بني لا تزن، فان الطير لوزنا لتناثر ريشه(٣) .

وعن الباقرعليه‌السلام قال: كان فيما اوحى الله تعالى إلى موسى بن عمران: يا موسى من زنا زني به ولو في العقب من بعده، يابن عمران: ان تعف تعف اهلك، يا موسى بن عمران ان اردت ان يكثر خير اهل بيتك فاياك والزنا، يابن عمران كما تدين تدان(٤) .

وصعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المنبر، فقال: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم: شيخ زان، وملك جبار، ومقل محتال(٥) .

وسأل ابن مسعود رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اي الذنب اعظم؟ قال: ان تجعل لله ندا وهو خلقك، قال: قلت: ثم أي؟ قال: ان تقتل ولدك مخافة ان يطعم معك قال: قلت: ثم أي؟ قال: ان تزني بحليلة جارك(٦) .

وروى عبدالله بن سنان عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: اجتمع الحواريون

____________________

(١)من لا يحضره الفقيه: ج ٤(٣) باب ما جاء في الزنا ص ١٢ الحديث ١.

(٢)من لا يحضره الفقيه: ج ٤(٣) باب ما جاء في الزنا ص ١٣ الحديث ٣.

(٣)من لا يحضره الفقيه: ج ٤(٣) باب ما جاء في الزنا ص ١٣ الحديث ٤.

(٤)من لا يحضره الفقيه: ج ٤(٣) باب ما جاء في الزنا ص ١٣ الحديث ٥.

(٥)من لا يحضره الفقيه: ج ٤(٣) باب ما جاء في الزنا ص ١٣ الحديث ٦.

(٦)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٥٤٦ الحديث ٧ ولا حظ ما علق عليه.

[*]

٩

إلى عيسىعليه‌السلام فقالوا له: يا معلم الخير ارشدنا، فقال لهم: ان موسى كليم اللهعليه‌السلام امركم ان لا تحلفوا بالله تبارك وتعالى كاذبين، وانا آمركم: ان لا تحلفوا بالله كاذبين ولا صادقين، قالوا: يا روح الله زدنا، فقال ان موسى نبي اللهعليه‌السلام أمركم ان لا تزنوا، وانا آمركم ان لا تحدثوا انفسكم بالزنا فضلا عن أن تزنوا، فان من حدث نفسه بالزنا كان كمن اوقد في بيت مزوق(١) فافسد التزاويق الدخان وان لم يحترق البيت(٢) .

وروى عبدالله بن ميمون القداح عن أبي عبدالله عن أبيهعليهم‌السلام قال: للزاني ست خصال ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة، اما التي في الدنيا فيذهب بنور الوجه، ويورث الفقر، ويعجل الفناء. واما التى في الآخرة، فسخط الرب، وسوء الحساب، والخلود في النار(٣) .

وروى الفضل بن أبي قرة عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: لما اقام العالم الجدار، اوحى الله تبارك وتعالى إلى موسىعليه‌السلام : اني مجازي الابناء بسعي الآباء، ان خيرا فخيروان شرا فشر، لا تزنوا فتزني نساء‌كم، ومن وطئ فراش امرء مسلم وطئ فراشه، كما تدين تدان(٤) .

وروى هشام بن سالم عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: اما يخشى الذين

____________________

(١)قال الفيروزآبادي: الزوق بالضم: الزيبق، ومنه التزويق للتزيين والتحسين، لانه يجمع مع الذهب فيطلى به، فيدخل في النار فيطير الزواووق ويبقى الذهب، ثم قيل لكل منقش ومزين مزوق (مرات العقول: ج ٢٠ ص ٣٨٧).

(٢)الكافي: ج ٥ كتاب النكاح باب الزاني ص ٥٤٢ الحديث ٧.

(٣)الكافي: ج ٥ كتاب النكاح باب الزاني ص ٥٤١ الحديث ٣.

(٤)الكافي: ج ٥ كتاب النكاح باب ان من عف عن حرم الناس عف عن حرمه ص ٥٥٣ الحديث ١.

[*]

١٠

ينظرون في ادبار النساء ان يبتلوا بذلك في نسائهم(١) .

وعن مفضل الجعفي قال: قال ابوعبداللهعليه‌السلام : ما اقبح بالرجل ان يرى بالمكان المعور(٢) فيدخل ذلك علينا وعلى صالحي اصحابنا، يا مفضل أتدري لم قيل: من يزن يوما يزن به !؟. قلت: لا جعلت فداك، قال: انها كانت بغي في بني اسرائيل، وكان في بني اسرائيل رجل يكثر الاختلاف اليها، فلما كان في آخر ما اتاها اجرى الله على لسانها: اما انك سترجع إلى اهلك فتجد معها رجلا، قال: فخرج وهو خبيث النفس، فدخل منزله غير الحال التي كان يدخل بها قبل ذلك اليوم، وكان يدخل باذن، فدخل يومئذ بغير اذن، فوجد على فراشه رجلا، فارتفعا إلى موسىعليه‌السلام فنزل جبرئيلعليه‌السلام على موسىعليه‌السلام فقال: يا موسى من يزن يوما يزن به، فنظر اليهما فقال: عفوا تعف نسائكم(٣) .

وعن عبدالحميد عن أبي ابراهيمعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : تزوجوا إلى آل فلان فانهم عفوا فعفت نسائهم، ولا تزوجوا إلى آل فلان، فانهم بغوا فبغت نسائهم، وقال: مكتوب في التوراة، (انا الله قاتل القاتلين ومفقر الزانين، ايها الناس: لا تزنوا فتزني نسائكم كما تدين تدان)(٤) .

____________________

(١)الكافي: ج ٥ كتاب النكاح باب ان من عف عن حرم الناس عف عن حرمه ص ٥٥٣ الحديث ٢.

(٢)قولهعليه‌السلام : (بالمكان المعور) اما من العوار بمعنى العير، او من العورة بمعنى السوء‌ة وما يستحي منه، وفي التنزيل (ان بيوتنا عورة) اي ذات عورة، او من العور بمعنى الردائة، وقال الجوهري: وهذا مكان معور: اي يخاف فيه القطع (مرات العقول: ج ٢٠ س ٤٠٣).

(٣)الكافي: ج ٥ كتاب النكاح باب إن من عف عن حرم الناس عف عن حرمه ص ٥٥٣ الحديث ٣.

(٤)الكافي: ج ٥ كتاب النكاح باب إن من عف عن حرم الناس عف عن حرمه ص ٥٥٤ الحديث ٤

[*]

١١

وروى ميمون القداح قال: سمعت ابا جعفرعليه‌السلام يقول: ما من عبادة افضل من عفة بطن وفرج(١) .

وخطب اميرالمؤمنينعليه‌السلام الناس فقال: ان الله تبارك وتعالى حد حدودا، فلا تعتدوها، وفرض فرائض فلا تنقصوها، وسكت عن أشياء ولم يسكت عنها نسيانا لها فلا تكلفوها رحمة من الله لكم فاقبلوها، ثم قال عليعليه‌السلام : حلال بين وحرام بين وشبهات بين ذلك، فمن ترك ما اشتبه عليه من الاثم، فهو لما استبان له أترك، والمعاصي حمى الله عزوجل، فمن يرتع حولها يوشك ان يدخلها(٢) .

(المقدمة الخامسة)

اقامة الحدود من مهمات الفرائض، واعظم مصالح النوع.

روى محمد بن يعقوب يرفعه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله اقامة الحد لله خير من مطر اربعين صباحا(٣) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ساعة إمام عادل أفضل من عبادة سبعين سنة، وحد يقام في الارض أفضل من مطر أربعين صباحا(٤) .

وعن الباقرعليه‌السلام : حد يقام في الارض ازكى فيها من مطر اربعين ليلة وايامها(٥) .

وروى ابن محبوب، عن أبي ايوب عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: ان في كتاب عليعليه‌السلام : انه كان يضرب بالسوط، وبنصف السوط، وببعضه في الحدود. وكان اذا اتى بغلام أو جارية لم يدركا لا يبطل حدا من حدود الله، قيل له: وكيف كان يضرب؟ قال: كان يأخذ السوط بيده من وسطه، او من ثلثه، ثم

____________________

(١)الكافي: ج ٥ كتاب النكاح باب ان من عف عن حرم الناس عف عن حرمه ص ٥٥٤ الحديث ٧.

(٢)من لا يحضره الفقيه: ج ٤(١٧) باب نوادر الحدود ص ٥٣ الحديث ١٥.

(٣)الكافي: ج ٧ ص ١٧٤ ح ٣.

(٤)الكافي: ج ٧ ص ١٧٥ ح ٨.

(٥)الكافي: ج ٥ ص ١٧٤ ح ١.

[*]

١٢

[أما الموجب: فهو ايلاج الانسان فرجه في فرج امرأة، من غير عقد، ولا ملك، لا شبهة، ويتحقق بغيبوبة الحشفة قبلا، أو دبرا. ويشترط في ثبوت الحد: البلوغ، والعقل، والعلم بالتحريم، والاختيار.

فلو تزوج محرمة كالام، او المحصنة، سقط الحد مع الجهالة بالتحريم، ويثبت مع العلم، ولا يكون العقد بمجرده شبهة في السقوط.] يضرب على قدر اسنانهم، ولا يبطل حدا من حدود الله(١) .

قال طاب ثراه: ولا يكون العقد بمجرده شبهة في السقوط.

أقول: يريد ان الانسان لو تزوج محرمة كالام سقط عنه الحد ان اعتقد التحليل به، لعموم قولهعليه‌السلام : (ادرؤا الحدود بالشبهات)(٢) وينظر إلى احوال المكلف: ان كان ممن يخفى عليه تحريم الام كقريب العهد بالاسلام درء عنه الحد. وان كان الاحتمال غير ممكن في حقه لا يلتفت إلى دعواه واقيم عليه الحد، فقوله: (ولا يكون العقد بمجرده شبهة) اي لا يقتنع منه بمجرد ايقاع العقد، بل ينظر إلى شاهد حاله. وهذا رد على أبي حنيفة: حيث اسقط الحد عنه بمجرد ايقاع العقد، وان كان عالما بتحريمه، فايجاد صورة العقد عنده موجب لسقوط الحد عنه(٣) .

____________________

(١)الكافي: ج ٧ كتاب الحدود، باب التحديد ص ١٧٦ الحديث ١٣.

(٢)من لا يحضره الفقيه: ج ٤(١٧) باب نوادر الحدود ص ٥٣ قطعة من حديث ١٢.

(٣)المغني لا بن قدامة: ج ١٠ ص ١٤٨(٧١٥٨) قال: فصل، وان تزوج محرمه، فالنكاح باطل بالاجماع، فان وطئها فعليه الحد إلى قوله: وقال ابوحنيفة: لا حد عليه، لانه وطء تمكنت الشبهة منه، فلم يوجب الحد، إلى قوله: وبيان الشبهة: انه قد وجدت صورة المبيح، وهو عقد النكاح الذي هو سبب للاباحة، فاذا لم يثبت حكمه وهو الاباحة، بقيت صورة شبهة دائرة للحد الذي يندرئ بالشبهات فلاحظ وان شئت اكثر من هذا فعليك بمراجعة كتاب الفقه على المذاهب الاربعة الجزء الرابع كتاب النكاح ص ١٢٤ س ١٦ الثالثة: شبهة العقد إلى آخره.

[*]

١٣

[ولو تشبهت الاجنبية بالزوجة فعليها الحد، دون واطئها. وفي رواية: يقام عليها الحد جهرا، وعليه سرا، وهي متروكة.] وفي ارجوزته المشهورة.

وما على لواطة من حد

ولا نكاح الام بعد العقد

قال طاب ثراه: ولو تشبهت الاجنبية بالزوجة فعليها الحد دون واطئها. وفي رواية يقام عليها الحد جهرا وعليه سرا، وهي متروكة. أقول: اذا تشبهت الاجنبية، بأن نامت على فراشه فظنها زوجته، او امته فوطئها من غير تحرز، قال القاضي: عليها الحد يقام جهرا، وعليه سرا(١) ، وقاله الشيخان(٢) (٣) .

وقد روي: ان امرأة تشبهت لرجل بجاريته، واضطجعت على فراشه ليلا، فظنها جاريته، فوطئها من غير تحرز، فرفع خبره إلى أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، فأمر باقامة الحد على الرجل سرا، واقامة الحد على المرأة جهرا(٤) . وقال في الخلاف: لا حد عليه(٥) وهو مذهب ابن ادريس(٦) والمصنف(٧)

____________________

(١)المهذب: ج ٢ باب الزنا واقسام الزنا ص ٥٢٤ س ٧ قال: واذا تشابهت امرأة لرجل إلى قوله: كان عليه الحد سرا وعلى المرأة جهرا.

(٢)المقنعة: باب الحدود والآداب، ص ١٢٤ س ٢٤ قال: واذا إدعى انه اشتبه الامر عليه إلى قوله: لم يسقط ذلك عنه الحد، ثم استشهد بالحديث.

(٣)النهاية: باب اقسام الزناة ص ٦٩٩ س ١ قال: فان ادعى انه اشتبه عليه الامر إلى قوله: واقيم عليه الحد، ثم استشهد بالحديث.

(٤)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٥٥٠ الحديث ٢٠ ولا حظ ما علق عليه.

(٥)الخلاف: كتاب الحدود مسألة ٢٠ قال: اذا وجد الرجل على فراشه امرأة إلى قوله: فوطئها لم يكن عليه الحد.

(٦)السرائر: في اقسام الزنا ص ٤٤٦ س ١٤ قال: فان ادعى انه اشتبه عليه الامر إلى قوله بعد اسطر وبعد نقل قول الخلاف: هو الصحيح الذي يقتضيه مذهبنا.

(٧)لاحظ عبارة النافع.

[*]

١٤

[ولو وطئ المجنون عاقلة، ففي وجوب الحد تردد، وأوجبه الشيخان، ولاحد على المجنونة.]

والعلامة(١) لا صالة البراء‌ة وعموم الخبر.

قال طاب ثراه: ولو زنى المجنون بعاقلة، ففي وجوب الحد تردد، واوجبه الشيخان.

أقول: المجنون اذا زنا، ما ذا عليه؟ قيل فيه: ثلاثة أقوال:

(أ) الحد كاملا، الرجم مع الاحصان، والجلد مع عدمه، قاله الشيخان(٢) (٣) والصدوق(٤) والقاضي(٥) وهو ظاهر السيد(٦) وأبي علي(٧) .

(ب) لا شئ عليه قاله الشيخ في كتابي [المبسوط] الخلاف(٨) (٩) وبه قال ابن

____________________

(١)القواعد: ج ٢ كتاب الحدود ص ٢٤٩ س ٢٢ قال: ولو وجد امرأة على فراشه فظنها زوجته فلاحد، ولو تشبهت عليه حدت دونه.

(٢)المقنعة: باب باب الحدود والآداب ص ١٢٣ س ٢٨ قال: والمجنون اذا زنا اقيم عليه الحد الخ.

(٣)النهاية: باب اقسام الزناة ص ٦٩٦ س ٤ قال: فان زنا مجنون بامرأة كان عليه الحد تاما.

(٤)المقنع: باب الزنا واللواط ص ١٤٦ س ١٧ قال: واذا زنا المجنون حد.

(٥)المهذب: ج ٢ باب الزنا واقسام الزنا ص ٥٢١ س ١٢ قال: واذا زنا مجنون بامرأة كان عليها جلد مائة (أو الرجم) فليتأمل.

(٤)الانتصار: في الحدود ص ٢٥٨ س ٣ قال: مسألة، ومما انفردت به الامامية إلى قوله: هذه الصفات اذا ثبتت فهو مستغن بالحلال عن الحرام الخ.

(٧)المختلف: ج ٢ في حد الزنا ص ٢٠٧ س ٨ قال: وقال ابن الجنيد: والاحصان الذي يلزم صاحبه اذا زنا الرجم هو ان يكون إلى قوله: وهذا يعطي عدم اشتراط العقل ونحوه قال السيد المرتضى.

(٨)المبسوط: ج ٨ كتاب الحدود ص ٣ س ٧ قال: وحد الاحصان عندنا هو كل حر بالغ كامل العقل إلى قوله: واصحابنا لم يراعو كمال العقل لانهم رووا ان المجنون اذا زنا وجب عليه الجلد او الرجم.

(٩)الخلاف: كتاب الحدود مسألة ٦ قال: اذا مكنت العاقلة المجنون من نفسها ووطئها لزمها الحد وان وطئ المجنونة عاقل لزمه الحد ولم يلزمها الحد.

[*]

١٥

[ويسقط الحد با دعاء الزوجية، وبدعوى ما يصلح شبهة بالنظر إلى المدعي. ولا يثبت الاحصان الذي يجب معه الرجم حتى يكون الزاني بالغا حدا له فرج مملوك بالعقد الدائم، او الملك يغدو عليه ويروح، ويستوي في المسلمة والذمية.]

ادريس(١) واختاره المصنف(٢) والعلامة(٣) لانتفاء التكليف في حقه، واصالة براء‌ة الذمة. اما المجنونة فلا حد عليها اجماعا.

(ج) قال التقي، ونعم ما قال: المجنون ينقسم إلى قسمين: مطبق لا يفيق ولا يهتدي شيئا، فلا جناح عليه، والى من يصح منه القصد إلى الزنا، فيجلد مائة محصنا كان او غيره(٤) وفيه جمع بين القولين.

احتج الاولون: بما رواه ابان بن تغلب عن الصادقعليه‌السلام قال: اذا زنا المجنون او المعتوه جلد الحد، وان كان محصنا رجم، قلت: وما الفرق بين المجنون والمجنونة، والمعتوه والمعتوهة؟ قال: المرأة انما تؤتى والرجل يأتي، وانما يزني اذا عقل، كيف يأتي اللذة، وان المرأة انما تستكره ويفعل بها وهي لا تعقل ما يفعل بها(٥) . وحملها العلامة: على من يعتوره الجنون اذا زنى بعد تحصيله، لان العلة التي ذكرها الامامعليه‌السلام تدل عليه(٦) .

____________________

(١)السرائر: في اقسام الزنا ص ٤٤٥ س ١٧ قال: والذي يقتضيه اصول مذهبنا، انه لا حد على المجنون والمجنونة لانهما غير مخاطبين.

(٢)لاحظ عبارة النافع.

(٣)المختلف: ج ٢ في حد الزنا ص ٢٠٧ س ١٣ قال: والمعتمد اسقاط الحد عن المجنون والمجنونة.

(٤)الكافي: فصل في حد الزنا ص ٤٠٦ س ٨ قال: وان كان مجنونا مطبقا لا يفيق الخ.

(٥)الكافي: ج ٧ باب المجنون والمجنونة يزنيان ص ١٩٢ الحديث ٣.

(٦)المختلف: ج ٢ في حد الزنا ص ٢٠٧ س ١٧ قال بعد نقل الحديث: والجواب بعد صحة السند، الحمل على ما يعتوره الجنون الخ.

[*]

١٦

[واحصان المرأة كاحصان الرجل، لكن يراعى فيها العقل اجماعا. ولا تخرج المطلقة رجعية عن الاحصان، وتخرج البائن، وكذا المطلق. ولو تزوج معتدة عالما حد مع الدخول، وكذا المرأة. ولو ادعيا الجهالة، او احدهما قبل على الاصح اذا كان ممكنا في حقه. ولو راجع المخالع لم يتوجه عليه الرجم حتى يطأ. وكذا العبد لو اعتق، والمكاتب اذا تحرر.] قال طاب ثراه: ولو تزوج معتدة عالما حد مع الدخول، وكذا المرأة. ولو ادعيا الجهالة او احدهما قبل على الاصح ان كان ممكنا في حقه.

أقول: قال الشيخ في النهاية: من عقد على امرأة في عدتها ودخل بها عالما بذلك وجب عليه الحد، وعليها مثله في البائنة، وعليها في الرجعية الرجم، فان ادعيا انهما لم يعلما ان ذلك لا يجوز في شرع الاسلام لا يصدقان واقيم عليهما الحد(١) ونحوه قال المفيد(٢) وقال ابن ادريس: يقبل ان كانا قريبي العهد بالاسلام ودرئ الحد عنهما، لقولهعليه‌السلام : ادرؤا الحدود بالشبهات(٣) وهذه شبهة بغير خلاف، وان كانا بخلاف ذلك لم يصدقا واقيم عليهما الحد، لانه شائع بين المسلمين لا يختص بعالم دون عامي جاهل فلا شبهة لهما في ذلك(٤) .

____________________

(١)النهاية: باب اقسام الزناة ص ٦٩٦ س ١٦ قال: ومن عقد على امرأة في عدتها الخ.

(٢)المقنعة: باب الحدود والآداب ص ١٢٣ س ٣٠ قال: ومن عقد على امرأة وهي في عدة من زوجها الخ.

(٣)من لا يحضره الفقيه: ج ٤(١٧) باب نوادر الحدود ص ٥٣ الحديث ١٢.

(٤)السرائر: في اقسام الزنا ص ٤٤٥ س ٢٧ قال: ومن عقد على امرأة في عدتها إلى قوله: فان ادعيا انهما لم يعلما الخ.

[*]

١٧

[ويجب الحد على الاعمى، فان ادعى الشبهة، فقولان، اشبههما القبول مع الاحتمال. وفي التقبيل، والمضاجعة، والمعانقة التعزير. ويثبت الزنا بالاقرار او البينة.] قال طاب ثراه: ويجب الحد على الاعمى، فان ادعى الشبهة فقولان، اشبههما: القبول مع الاحتمال.

أقول: اذا وطئ الاعمى امرأة، ثم ادعى انه اشتبه عليه الامر، فظن ان الذي وطئها زوجته، او امته قال الشيخان: لا يصدق في ذلك واقيم عليه الحد(١) (٢) وتبعهما القاضي(٣) وسلار في ذلك(٤) وقال ابن ادريس: الاعمى كالمبصر اذا اشتبه عليه الامر فظنها زوجته او امته، وكانت الحال شاهدة بما ادعاه، بان تكون على فراشه نائمة. وان كان شاهد الحال بخلاف ذلك، فانه لا يصدق واقيم عليه الحد(٥) ، واختاره المصنف(٦) والعلامة(٧) لانه مسلم، والاصل في اخباره المطابقة، وهو في مظنة ما اخبربه، ولا صالة البراء‌ة.

____________________

(١)المقنعة: باب الحدود والآداب ص ١٢٤ س ٢٤ قال: ويحد الاعمى اذا زنا ولا يقبل له عذر لعماه.

(٢)النهاية: باب اقسام الزناة ص ٦٩٨ س ٢٠ قال: والاعمى اذا زنا وجب عليه الحد، ولم يسقط عنه الحد لعماه.

(٣)المهذب: ج ٢ باب الزنا واقسام الزنا ص ٥٢٤ س ٢ قال: واذا زنا وهو اعمى وجب عليه الحد، ولم يسقط عنه لعماه.

(٤)المراسم: كتاب الحدود والآداب ص ٢٥٤ س ٥ قال: ويجلد السكران والاعمى، فان ادعى إلى قوله: لم يقبل منه.

(٥)السرائر: كتاب الحدود ج ٣ ص ٤٤٨.

(٦)لاحظ عبارة النافع.

(٧)المختلف: ج ٢ في حد الزنا ص ٢٠٨ س ١٥ قال: لا نه مسلم، والاصل في اخباره المطابقة الخ.

[*]

١٨

[ولا بد من بلوغ المقر، وكماله، واختياره، وحريته، وتكرار الاقرار اربعا. وهل يشترط اختلاف مجالس الاقرار؟ اشبهه: انه لا يشترط.]

قال طاب ثراه: وهل يشترط اختلاف مجالس الاقرار؟ أشبهه: انه لا يشترط.

أقول: اذا اقر المكلف على نفسه عند الحاكم بالزنا اربع مرات، هل يشترط ايقاع ذلك في اربعة مجالس؟ فلو كان في مجلس واحد لم يجب الحد، او لا يشترط ذلك بل يقام عليه الحد وان كان المجلس واحدا؟.

قال المفيد: اذا اقر على نفسه بالزنا اربع مرات على اختيار منه، وجب عليه الحد(١) ، واطلق وكذا اطلق الشيخ في النهاية(٢) والتقي(٣) والحسن(٤) والقاضي(٥) وسلار(٦) وابن ادريس(٧) وقطب الدين الكيدري(٨) واكثر الاصحاب(٩) .

____________________

(١)المقنعة: باب الحدود والآداب ص ١٢٢ س ٢٣ قال: واذا اقر الانسان على نفسه بالزنا اربع مرات الخ.

(٢)النهاية: باب ماهية الزنا وما يثبت به ذلك ص ٦٨٩ س ٣ قال: احدهما اقرار الفاعل بذلك إلى قوله: اربع مرات.

(٣)الكافي: فصل في حد الزنا ص ٤٠٤ س ١١ قال: انما يكون المرء زانيا في الشريعة بان يقربه اربع مرات.

(٤)المختلف: ج ٢ في حد الزنا ص ٢١١ س ٤ قال: وقال ابن عقيل: إلى قوله: وقيل: اذا اقر المحصن بالزنا رد اربع مرات ثم رجم.

(٥)المهذب: ج ٢ باب مابه يثبت به حكم الزنا ص ٥٢٤ س ١٣ قال: فهو اقرار الانسان إلى قوله: على نفسه اربع مرات.

(٦)المراسم: كتاب الحدود والآداب ص ٢٥٢ س ١٦ قال: وكل حدود الزنا، إلى قوله: او الاقرار اربع مرات.

(٧)السرائر: باب ماهية الزنا وما به يثبت ذلك ص ٤٤١ س ٣٧ قال: فإذا اقر اربع مرات إلى قوله: حكم له بالزنا.

(٨)لم اظفر عليه.

(٩)قال في الجواهر: ج ٤١ ص ٢٨٣ س ٥ في رد من قال بعدم الثبوت لو اقر اربعا في مجلس واحد: بل منع وفاقا لا طلاق الاكثر وصريح غير واحد ممن تاخر بل في الرياض تسبته إلى كافة المتأخرين.

[*]

١٩

[ولو اقر بحدولم يبينه، ضرب حتى ينهى عن نفسه. ولو اقربما يوجب الرجم ثم انكر سقط عنه، ولا يسقط غيره. ولو اقر ثم تاب كان الامام مجزى في الاقامة، رجما كان او غيره. ولا يكفي في البينة اقل من أربعة رجال، او ثلاثة وامراتين. ولو شهد رجلان واربع نساء يثبت بهم الجلد، لا الرجم. ولا تقبل شهادة ست نساء ورجل، ولا شهادة النساء منفردات. ولو شهد ما دون الاربع لم يثبت، وحدوا للفرية. ولا بد في الشهادة من ذكر المشاهدة كالميل في المكحلة. ولابد من تواردهم على الفعل الواحد في الزمان الواحد والمكان الواحد.] وصرح المصنف والعلامة بعدم الاشتراط(١) (٢) .

وقال الشيخ: في الكتابين: لا يجب الحد بالزنا الا بالاقرار اربع مرات في اربعة مجالس(٣) (٤) وبه قال ابن حمزة(٥) وقطب الدين الراوندي(٦) .

____________________

(١)لاحظ عبارة النافع.

(٢)المختلف: ج ٢ في حد الزنا ص ٢٠٩ س ٣٥ قال: والمعتمد الاول، اي قول المفيد.

(٣)المبسوط: ج ٨ كتاب الحدود ص ٤ س ١٦ قال: لايثبت حد الزنا الا بالاقرار اربع مرات في اربع مجالس.

(٤)الخلاف: كتاب الحدود، مسألة ١٦ قال: لا يجب الحد بالزنا الا باقرار اربع مرات في اربعة مجالس.

(٥)الوسيلة: فصل في بيان ماهية الزنا وما يثبت به ص ٤١٠ س ١٠ قال: واما ثبوته باقرار الفاعل إلى قوله: اربع مرات في مجالس متفرقات.

(٦)فقه القرآن: ج ٢ ص ٢٧٠ س ١٨ قال: باقرار الفاعل اربع مرات في اربع مجالس.

[*]

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

قولي الشافعي ، والأصحّ عنده : البطلان(١) .

وكذا الخلاف لو ربح الغاصب في المغصوب ، يكون الربح له أو للمالك؟(٢) .

والحقّ عندنا أنّه إن اشترى بعين المال ، كان للمالك الربحُ مع الإجازة. وإن لم يجز ، بطل البيع من أصله. وإن اشترى في الذمّة ، فللغاصب الربحُ ؛ لأنّه نقد المال ديناً عليه.

و - لو باع مال أبيه على ظنّ أنّه حيٌّ وأنّه فضوليٌّ فظهر بعد العقد أنّه كان ميّتاً وأنّ الملك كان للبائع ، فإنّه يصحّ البيع ؛ لصدوره من المالك في محلّه ، وهو أصحّ قولي الشافعي(٣) . وهذا بخلاف ما لو أخرج مالاً وقال : إن مات مورّثي فهذا زكاة ما ورثته منه ، وكان قد ورث ، فإنّه لا يجزئه ؛ لأنّ النيّة شرط في الزكاة ، ولم يبن نيّته على أصل ، أمّا البيع فلا حاجة له إلى النيّة.

والثاني للشافعي : البطلان ، فإنّه وإن كان منجّزاً في الصورة إلّا أنّه معلّق في المعنى. والتقدير : إن مات مورّثي فقد بعتك. ولأنّه كالعابث حيث باشر العقد مع اعتقاده(٤) أنّه لغيره ، والعبث لا عبرة به في نظر الشرع(٥) .

____________________

(١) الوسيط ٣ : ٢٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢ ، المجموع ٩ : ٢٦٠.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣.

(٣) الوسيط ٣ : ٢٣ ، الوجيز ١ : ١٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢ ، المجموع ٩ : ٢٦١.

(٤) في « ق ، ك» : اعتقاد.

(٥) الوسيط ٣ : ٢٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢ - ٢٣ ، المجموع ٩ : ٢٦١.

٢٢١

وأمّا الهازل فلا ينعقد بيعه عندنا. وفي انعقاده عنده وجهان(١) .

وكذا بيع التلجئة باطل عندنا. وصورته أن يخاف غصب ماله والإكراه(٢) على بيعه فيبيعه من إنسان بيعاً مطلقاً ولكن توافقا قبله على أنّه لدفع الظلم.

وظاهر مذهب الشافعي انعقاده(٣) .

وهو خطأ ؛ لقوله تعالى :( لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ ) (٤) .

وكذا الخلاف عنده لو باع العبد على [ ظنّ ](٥) أنّه آبق أو مكاتب فظهر أنّه قد رجع أو فسخ الكتابة ، وفيما إذا زوّج أمة أبيه على ظنّ أنّه حيّ ثمّ بان موته هل يصحّ النكاح؟(٦)

والوجه عندنا : صحّة ذلك.

أمّا لو قال : إن مات أبي فقد زوّجتك هذه الجارية ، فإنّ العقد هنا باطل ، لتعلّقه على شرط. وله قولان(٧) .

وهذه المسألة مع أكثر فروعها قد سبقت(٨) .

مسألة ١١١ : يجوز بيع الأعمى وشراؤه‌ ، سواء كان أكمه وهو الذي‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٣ ، المجموع ٩ : ٢٦١.

(٢) كذا ، والظاهر : أو الإكراه.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٣ ، المجموع ٩ : ٢٦١ ، المغني ٤ : ٣٠٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٩.

(٤) النساء : ٢٩.

(٥) أضفناها من المصدر.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣ - ٣٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٣ ، المجموع ٩ : ٢٦١.

(٧) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٣ ، المجموع ٩ : ٢٦١.

(٨) في ص ١٤ وما بعدها ، المسألة ٥ وفروعها.

٢٢٢

خُلق أعمى ، أو يكون قد عمي بعد أن أبصر لكن بشرط علمه بالمبيع أو المشتري إمّا باللمس إن عرفه به أو بالذوق إن علمه به أو يوصف له وصفاً يرفع الجهالة - وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد(١) - لعموم الجواز. ولأنّه بيع صدر من أهله في محلّه ، فكان سائغاً. ولأنّ المقتضي موجود ، والأصل ، والمعارض لا يصلح للمانعيّة ؛ لأنّا فرضنا معرفته ، فكان كما لو باع شيئاً غائباً عنه يعلم بالمشاهدة. ولأنّ في الصحابة مَنْ كان أعمى ولم ينقل أنّهم منعوا من البيع مع كثرتهم ، ولو كانوا منعوا ، لنقل. ولأنّ الأخرس تقوم إشارته مقام عبارته فالأعمى ينبغي أن يقوم مسّه وذوقه وشمّه مقام رؤيته.

وقال الشافعي : إن كان أكمه ، لم يجز بيعه. وإن كان عمي بعد أن كان بصيراً ، فإن اشترى ما لم يره ، لم يجز البيع. وإن اشترى ما قد كان رآه ، فإن كان الزمان يسيراً لا يتغيّر في مثله أو كان المبيع ممّا لا يتغيّر وإن مرّ عليه الزمان الطويل ، فإنّ هذا يجوز له بيعه. فإنّ وجده متغيّراً ، ثبت له الخيار. وإن كان قد مضى زمان يتغيّر فيه كأن رآه صغيراً(٢) وقد صار رجلاً ، فإنّه لا يصحّ بيعه.

هذا على القول بعدم جواز بيع خيار الرؤية ، وأمّا على الجواز فهل يصحّ بيعه؟ فيه وجهان :

أحدهما : لا يجوز أيضاً ؛ لأنّ بيع خيار الرؤية يثبت فيه الخيار متعلّقاً

____________________

(١) التلقين - في الفقه المالكي - ١ - ٢ : ٣٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٣٥ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٣٤ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٧٩ ، ١١٥٧ ، المغني ٤ : ٢٩٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٢ ، المجموع ٩ : ٣٠٢ - ٣٠٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢.

(٢) أي : كأن رأى العبد المبيع صغيراً.

٢٢٣

بالرؤية ، وهذا منفي في حقّ الأعمى.

والثاني : يجوز ؛ لأنّ رؤيته إذا لم تكن شرطاً في صحّة البيع فلم يفقد في حقّ الأعمى إلّا الرؤية. ويمكن أن يقوم صفة غيره له مقام رؤيته في إثبات الخيار.

ووجه المنع : أنّه مبيع مجهول الصفة عند العاقد ، فلا يصحّ بيعه ، كما لو قال : بعتك عبداً(١) .

والجواب : المنع من جهل الصفة ، إذ التقدير العلمُ بها.

إذا ثبت هذا ، فقد أثبت علماؤنا وأبو حنيفة(٢) له الخيار إلى معرفته بالمبيع إمّا بمسّه أو بذوقه أو أن يوصف له إذا لم يدركه بذلك.

واعلم أنّ السَّلَم كالحالّ يجوز بيع الأعمى فيه وشراؤه كالبصير ، وبه قال الشافعي(٣) .

قال المزنيّ : أراد بذلك الأعمى الذي عرف الألوان قبل أن يعمى ، فأمّا مَنْ خُلق أعمى فلا معرفة له بالأعيان.

وصوَّب المزنيَّ أبو العباس وأبو علي ابن أبي هريرة. وخطّأه أبو إسحاق المروزي ؛ فإنّ الأعمى يجوز أن يتعرّف الصفات في نفسه‌

____________________

(١) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ١٧٠ - ١٧١ ، المسألة ٢٧٩. وانظر : المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧١ ، والمجموع ٩ : ٣٠٢ - ٣٠٣ ، وروضة الطالبين ٣ : ٣٥ ، والتهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٣٥ ، والعزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢ ، ومختصر اختلاف العلماء ٣ : ٧٩ ، ١١٥٧ ، والمغني ٤ : ٢٩٩ ، والشرح الكبير ٤ : ٣٢.

(٢) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٣٤ ، المغني ٤ : ٢٩٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٢.

(٣) الوسيط ٣ : ٣٨ ، الوجيز ١ : ١٣٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٣ و ٥٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٠٣ ، المجموع ٩ : ٣٠٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦ ، حلية العلماء ٤ : ٣٥٥ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٣٥.

٢٢٤

بالسماع ، فإذا أسلم في ثوب موصوف ، جاز ، ويكون بمنزلة بصير يُسلم في شي‌ء لم يره ويذكر أوصافه ، فإنّه يجوز ، كذا هنا(١) .

وهذه المسألة أيضاً قد سلفت(٢) .

مسألة ١١٢ : من الغرر جهالة الثمن على ما تقدّم‌ ، ومن صُور الجهالة أن يبيع الشي‌ء بثمنين مختلفين أحدهما حالٌّ والآخر مؤجّل ، أو أحدهما إلى أجل والآخر إلى أزيد ، فيقول مثلاً : بعتك هذا الثوب إما بعشرة دراهم نقدا أو باثني عشر نسيئة ، وإمّا بعشرة مؤجّلة إلى شهر أو باثني عشر إلى شهرين - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيعتين(٤) في بيعة(٥) .

وفسّره الشافعي بأمرين ، أحدهما هذا ، قال : ويحتمل أن يكون المراد أن يقول : بعتك عبدي هذا بألف على أن تبيعني دارك هذه بألف(٦) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن‌

____________________

(١) مختصر المزني : ٨٨ ، حلية العلماء ٤ : ٣٥٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٣٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٠٣ - ٣٠٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٣ و ٥٤.

(٢) في ص ٢٤ ، المسألة ٧.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٣ ، المجموع ٩ : ٣٣٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٤ ، الوجيز ١ : ١٣٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٤ ، الوسيط ٣ : ٧١ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٣٦.

(٤) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : بيعين. وما أثبتناه من المصادر.

(٥) سنن الترمذي ٣ : ٥٣٣ / ١٢٣١ ، سنن النسائي ٧ : ٢٩٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٤٣ ، مسند أحمد ٢ : ٣٦٦ / ٦٥٩١ ، و ٣ : ٢٤٦ / ٩٧٩٥ ، و ٢٩٧ / ١٠١٥٧ ، الموطّأ ٢ : ٦٦٣ / ٧٢.

(٦) مختصر المزني : ٨٨ ، الوسيط ٣ : ٧٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٤١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٤ ، المجموع ٩ : ٣٣٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٣٦ - ٥٣٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٤.

٢٢٥

بيع ما ليس عندك ، وعن بيعين في بيع »(١) .

ولأنّ الثمن هنا مجهول ، فكان بمنزلة ما لو قال : بعتك هذا العبد أو هذه الجارية بألف.

أمّا لو قال : بعتك بعشرة نقداً وباثني عشر إلى شهر ، فإنّه كذلك عندنا ؛ لعدم التعيين.

وقال بعض(٢) علمائنا : يكون للبائع أقلّ الثمنين في أبعد الأجلين ؛ لأنّه رضي بنقل العين في مقابلة الثمن القليل بالأجل الكثير ، فلا تجوز الزيادة عليه لأجل الزيادة في الأجل.

ولما رواه السكوني عن الصادق عن الباقر عن آبائهعليهم‌السلام : « أنّ عليّاًعليه‌السلام قضى في رجل باع بيعاً واشترط شرطين : بالنقد كذا ، وبالنسيئة كذا ، فأخذ المبتاع على ذلك الشرط فقال : هو بأقلّ الثمنين وأبعد الأجلين ، يقول : ليس له إلاّ أقلّ النقدين إلى الأجل الذي أجّله نسيئةً »(٣) .

والجواب : يُمنع رضاه بالأقلّ ثمناً والأزيد أجلاً ، بل رضي بالأقلّ ثمناً مع قلّة الأجل ، وبالأكثر مع زيادته.

والرواية ضعيفة جدّاً ؛ لأنّ السكوني ضعيف ، والراوي عنه النوفلي ضعيف أيضاً.

وجوّز بعض الشافعيّة هذا البيع(٤) ، ويكون له بعشرة معجّلاً ، وباثني عشر مؤجّلاً.

____________________

(١) التهذيب ٧ : ٢٣٠ / ١٠٠٥.

(٢) الشيخ الطوسي في النهاية : ٣٨٧ - ٣٨٨.

(٣) التهذيب ٧ : ٥٣ / ٢٣٠.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٣٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٤.

٢٢٦

إذا ثبت هذا ، فالتفسير الذي ذكره الشافعي ثانياً ليس بشي‌ء عندنا ؛ لأنّه يجوز البيع بشرط على ما يأتي إن شاء الله.

تذنيب : لو قال : بعتك نصف هذا العبد بألف ونصفه بألفين ، صحّ. ولو قال : بعتك هذا العبد بألف نصفه بستمائة ، لم يصحّ ؛ لأنّ ابتداء كلامه يقتضي توزيع الثمن على المثمن بالسويّة ، وآخره يناقضه ، هكذا قال بعض الشافعيّة(١) .

والأقوى عندي : الجواز ؛ لأنّ الأوّل كالمطلق أو العامّ ، والثاني كالمبيِّن له.

مسألة ١١٣ : من صُور جهالة الثمن ما لو استثنى بعضاً منه غير معلوم‌ كأن يقول : بعتك بعشرة إلّا شيئاً ، أو جزءاً ، أو نصيباً ، ولم يُعيّن. ولا يحمل على الوصيّة اقتصاراً بما يخالف العرف على مورد النصّ خصوصاً مع عدم التنصيص في غيره.

ولو قال : بعتك هذا القفيز من الطعام بأربعة دراهم إلّا ما يخصّ واحداً منه ، فإن أراد ما يساوي واحداً في الحال ، فإن عرفا المقدار ، صحّ ، وإلّا فلا.

وإن أراد ما يساوي واحداً عند التقويم ، بطل ؛ لأنّه مجهول.

وإن أراد ما يخصّه إذا وُزّع القفيز على المبلغ المذكور قبل الاستثناء ، صحّ ، وكان الاستثناء(٢) للربع ، فيصحّ البيع في ثلاثة أرباع القفيز بأربعة.

وإن أراد ما يخصّه إذا وُزّع الباقي بعد الاستثناء على المبلغ المذكور على معنى أن يكون قد استثنى من القفيز ما يخصّ واحداً ممّا يستقرّ عليه‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٣٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٤.

(٢) في « ق ، ك» : استثناء.

٢٢٧

البيع بعد الاستثناء ، دخلها الدور ، لأنّا لا نعلم قدر المبيع إلاّ بعد معرفة المستثنى وبالعكس ، فنقول : إنّه يبطل البيع ، للجهالة حالة العقد ، إلاّ أن يعرفا ذلك وقت العقد بطريق الجبر والمقابلة أو غيره.

وطريقه أن نقول : المستثنى شي‌ء(١) ، فالمبيع قفيز [ إلّا شيئاً ، فربع قفيز ](٢) إلّا ربع شي‌ء هو الذي يخصّ الدرهم ، وقد تقدّم أنّ الذي يخصّ الدرهم شي‌ء ، فربع قفيز كامل يعدل شيئاً وربع شي‌ء ، فالقفيز الكامل يعدل خمسة أشياء ، فالمستثنى خُمْسه ؛ لأنّ المستثنى شي‌ء وقد ظهر أنّه خُمْسة.

أو نقول : صحّ البيع في الجميع إلّا في شي‌ء - وذلك الشي‌ هو ما يقابل الواحد - بجميع الثمن ، فإذا جبرنا القفيز بشي‌ء وزِدْنا على الأربعة ما يقابله - وهو واحد - صار القفيز بأجمعه يعدل خمسة ، فالمقابل للواحد الخُمْس.

فروع :

أ - لو قال : بعتك بعشرة إلّا ثلث الثمن ، فالثمن سبعة ونصف ؛ لأنّا نفرض الثمن شيئاً فنقول : إنّه قد باعه بعشرة إلّا ثلث شي‌ء يعدل شيئاً كاملاً ، وهو جملة الثمن ، فإذا جبرنا وقابلنا، كانت العشرة الكاملة تعدل شيئاً وثلثاً ، فالشي‌ء الذي هو الثمن ثلاثة أرباع العشرة.

ولو قال : إلّا ربع الثمن ، فالثمن ثمانية. ولو قال : إلّا خُمْس الثمن ، فهو ثمانية وثلث ، وعلى هذا.

ب - لو قال : بعتك بعشرة وثلث الثمن ، فهو خمسة عشر ؛ لأنّا‌

____________________

(١) « الشي‌ء » عند المحاسبين هو العدد المجهول المضروب في نفسه ، في باب الجبر والمقابلة. كشّاف اصطلاحات الفنون والعلوم : ١٠٤٨.

(٢) ما بين المعقوفين من تصحيحنا.

٢٢٨

نفرض الثمن شيئاً مجهولاً ، والثمن يعدل عشرة وثلث شي‌ء ، فعشرة وثلث شي‌ء تعدل شيئاً هو جملة الثمن ، يسقط ثلث شي‌ء بثلث شي‌ء ، تبقى عشرة تعدل ثلثي شي‌ء ، فالشي‌ء الكامل يعدل خمسة عشر.

ولو باعه بعشرة وربع الثمن ، فهو ثلاثة عشر وثلث ؛ لأنّا نفرض الثمن شيئاً ، فعشرة وربع شي‌ء تعدل الثمن وهو شي‌ء ، فإذا أسقطنا ربع شي‌ء بربع شي‌ء ، بقي عشرة تعدل ثلاثة أرباع شي‌ء ، فكلّ ربع ثلاثة وثلث ، فالثمن ثلاثة عشر وثلث ، وعلى هذا.

ج - لو قال : بعتك نصيبي - وهو السدس مثلاً - من الدار من حساب مائتين ، صحّ البيع‌ وإن جهل في الحال قدر الثمن ، ويكون له سدس المائتين ؛ لأنّ المراد جَعْل المائتين في مقابلة الجميع ، ويكون له ما يقتضيه الحساب.

ولو قال : بعتك نصيبي من ميراث أبي من الدار ، فإن عرف القدر حالة العقد ، صحّ. وإن جهل ، بطل. ولو عرف عدد الورثة وقدر الاستحقاق إجمالاً ، فالأقوى الصحّة ، ويكون له ما يقتضيه الحساب.

وكذا لو قال : بعتك جزءاً من مائة وأحد عشر جزءاً ، فإنّه يصحّ وإن جهل النسبة. وكذا يصحّ لو عكس ، فقال : بعتك نصف تُسْعِ عُشْرِ هذا الموضع وجهل القدر من السهام.

وكذا لو باع من اثنين صفقةً قطعةَ أرضٍ على الاختلاف بأن ورث من أبيه حصّةً ومن اُمّه أقلّ أو أكثر ، وجعل لواحدٍ منهما أحدَ النصيبين وللآخر الباقي ، فإنّه يصحّ وإن جهلا قدر نسبة النصيب إلى الجميع في الحال ونسبة النصيب في الثمن ، ويرجعان إلى ما يقتضيه الحساب ؛ إذ الثمن في مقابلة الجملة ، فلا تضرّ جهالة الأجزاء.

٢٢٩

د - لو باعه خمسة أرطالٍ على سعر المائة باثني عشر درهماً ، صحّ‌ وإن جهل في الحال قدر الثمن ؛ لأنّه ممّا يُعلم بالحساب ، ولا يمكن تطرّق الزيادة إليه ولا النقصان ، فينتفي الغرر ، ويثبت الثمن ثلاثة أخماس درهمٍ ؛ لأنّ نسبة المائة إلى ثمنها - وهو اثنا عشر - كنسبة خمسة إلى ثمنها ، فالمجهول الرابعُ ، فيضرب الثاني - وهو اثنا عشر - في الثالث - وهو خمسة - يبلغ ستّين يقسمها على الأوّل - وهو مائة - يخرج ثلاثة أخماس درهمٍ ، وهو ثمن المبيع. أو نقول : الاثنا عشر عُشْرٌ وخُمْس عُشْر المائة ، فنأخذه بهذه النسبة من الخمسة ، وهو ثلاثة أخماس واحد.

ولو قال : بعتك بخمسة دراهم على سعر المائة باثني عشر ، أخذت ربع وسدس المائة ؛ لأنّ الخمسة ربع وسدس من الاثني عشر(١) .

ه- لو كان له ثلاث قطائع من الغنم ثانيها ثلاثة أمثال أوّلها ، وثالثها ثلاثة أمثال ثانيها ، فاشترى آخر منه ثلثي الأوّل وثلاثة أرباع الثاني وخمسة أسداس الثالث ، اجتمع له مائة وخمسة وعشرون رأساً ، فطريق معرفة قدر كلّ قطيع أن نقول : نفرض القطيع الأوّل شيئاً فالثاني ثلاثة أشياء والثالث تسعة أشياء ، فنأخذ ثلثي شي‌ء وثلاثة أرباع ثلاثة أشياء وخمسة أسداس تسعة أشياء ، ونجمعها ، فتكون عشرة أشياء وربع وسدس شي‌ء ، وهو يعدل مائة وخمسة وعشرين ، فالشي‌ء يعدل اثني عشر.

و - لو تطرّقت الجهالة بعد البيع ، لم تثمر فساده ، بل وقع صحيحاً. ثمّ إن لم يمكن تدارك العلم ، اصطلحا ، ويجبرهما الحاكم عليه قطعاً للتنازع. وإن أمكن ، وجب المصير إليه ، فلو كان له قطعة أرض بين‌

____________________

(١) في « ق ، ك» : وسدس الاثني عشر.

٢٣٠

شجرتين وقدرها ، أربعة عشر ذراعاً وطول إحدى الشجرتين ستّة وطول الاُخرى ثمانية ، فاجتاز ظبيٌ بينهما فطار إليه طائران من الرأسين بالسويّة حتى تلاقيا على رأس الظبي ، فباع القطعة من اثنين بثمنٍ واحد صفقةً واحدة لأحدهما من أصل شجرته إلى موضع الظبي وللآخر من موضع الظبي إلى أصل الاُخرى ، ثمّ خفي موضع الالتقاء ، فطريق معرفة حقّ كلٍّ منهما أن يجعل ما بين أصل الشجرة القصيرة إلى موضع الظبي شيئاً ونضربه في نفسه ، فيكون الحاصل مالاً(١) ، ونضرب طولها - وهو ستّة - في نفسه ، فيكون المجموع مالاً وستّة وثلاثين ، وجَذْرُه مقدار ما طار الطائر؛ لأنّه وَتَر القائمة ، فيكون مُربَّعه مساوياً لمجموع مُربَّعي صاحبتها بشكل العروس(٢) ، ويبقى من موضع الظبي إلى أصل الاُخرى أربعة عشر إلّا شيئاً مُربّعه مائة وستّة وتسعون ومالٌ إلّا ثمانية وعشرين شيئاً ، ومربّع الطويلة أربعة وستّون مجموعهما مائتان وستّون ومال إلّا ثمانية وعشرين شيئاً ، وهو يعدل مالاً وستّةً وثلاثين ، لتساوي الوَتَرين حيث طارا بالسويّة ، فإذا جبرت وقابلت ، بقي مائتان وأربعة وعشرون تعدل ثمانية وعشرين شيئاً ، فالشي‌ء يعدل ثمانية ، وهو ما بين أصل القصيرة والظبي ، فيبقى ما بينه وبين أصل الاُخرى يعدل ستّةً ، فكلّ وَتَر عشرةٌ.

ز - لو باع اثنين صفقةً قطعة على شكل مثلّث قاعدته أربعة عشر‌

____________________

(١) المال عند المحاسبين هو الحاصل من ضرب الشي‌ء في نفسه ، في الجبر والمقابلة. كشّاف اصطلاحات الفنون والعلوم : ١٤٢٢.

(٢) شكل العروس عند المهندسين هو : أنّ كلّ مثلّث قائم الزاوية فإنّ مربّع وتر زاويته القائمة يساوي مربّعي ضلعيها. وإنّما سُمّي به ؛ لحسنه وجماله. كشّاف اصطلاحات الفنون والعلوم : ١٠٤١.

٢٣١

ذراعاً وأحد ضلعيه الباقيين ثلاثة عشر والآخر خمسة عشر على أن يكون لأحدهما من مسقط العمود في القاعدة إلى أحد الضلعين ، وللآخر منه إلى الضلع الآخر وبسط الثمن على الأذرع ، فطريق معرفة نصيب كلٍّ منهما أن نقول : نفرض ما بين الضلع الأقصر ومسقط العمود شيئاً ، فيكون مربّعه مالاً ومربّع الضلع مائة وتسعة وستون ، وإذا نقص المال منه ، بقي مربّع العمود مائة وتسعة وستّون إلّا مالاً ، ويبقى من مسقط العمود إلى الطرف الآخر أربعة عشر إلّا شيئاً ، ومربّعها مائة وستّة وتسعون ومال إلّا ثمانية وعشرين شيئاً ، ويسقط(١) من مربّع الأوّل ، وهو مائتان وخمسة وعشرون ، تبقى تسعة وعشرون وثمانية وعشرون شيئاً إلّا مالاً ، وهو مربّع العمود ، ويكون معادلاً لمائة وتسعة وستّين إلّا مالاً ، فإذا قابلت ، بقي مائة وأربعون تعدل ثمانيةً وعشرين شيئاً ، فالشي‌ء خمسة ، وهو ما بين طرف القاعدة التي تلي الأقصر ومسقط العمود ، ومربّعه خمسة وعشرون ، وإذا(٢) أسقطناه من مائة وتسعة وستّين ، بقي مائة وأربعة وأربعون ، وهو مربّع العمود. ومن الجانب الآخر يكون ما بين مسقط العمود وطرف القاعدة تسعة مربّعة أحد وثمانون ، وإذا أسقطناه من مائتين وخمسة وعشرين ، تبقى مائة وأربعة وأربعون ، وهو مربّع العمود ، والعمود يكون اثني عشر.

ح - لو قال زيد لعمرو : بعتك داري بثمن [ ما معي و ](٣) ثلث ما معك تمام ثمن المبيع ، فقال عمرو : قبلت(٤) بثمن [ ما معي ](٥) وربع ما معك‌

____________________

(١) في « ق ، ك» : « وينقص » بدل « ويسقط ».

(٢) في « ك» : فإذا.

(٣ و ٥) ما بين المعقوفين من تصحيحنا.

(٤) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة زيادة : وبعتك داري. وهي غلط.

٢٣٢

تمامه ، فطريق معرفة قدر الثمن وقدر ما مع كلٍّ منهما أن نفرض ما مع زيد شيئاً وما مع عمرو ثلثه تصحيحاً للثلث ، فإذا أخذ زيد واحداً ، صار معه شي‌ء وواحد ، وهو ثمن المبيع ، وإذا أخذ عمرو ربع ما مع زيد ، صار معه ثلثه وربع شي‌ء ، وهو ثمن المبيع ، فشي‌ء واحد يعدل ثلثه وربع شي‌ء ، فإذا قابلت ، صار ثلاثة أرباع شي‌ء يعدل اثنين ، والشي‌ء يعدل اثنين وثلثي واحد ، فالثمن ثلاثة وثلثا واحدٍ ، فإذا صحّحت الكسر ، كان مع زيد ثمانية ومع عمرو تسعة وثمن المبيع أحد عشر.

ط - لو باعه حوض ماء ركز فيه رمح ظهر حال انتصابه ستّة أذرع ثمّ مال حتى غاب رأسه في الماء ، وكان بين موضعه وقت الانتصاب وموضع رأسه عند المغيب عشرة أذرع من الجانبين ، فطريق معرفة قدر عمقه أن نفرض القدر(١) الغائب من الرمح وقت الانتصاب شيئاً ، فيكون مُربّعه مع مُربّع العشرة مساوياً لمـُربّع الرمح بشكل العروس ، ومُربّع الشي‌ء مالٌ ، ومُربّع العشرة مائة، فمُربّع طول الرمح مالٌ ومائة ، فكان طول الرمح وقت الانتصاب شيئاً وستّة ، ومُربّعه مالٌ واثنا عشر شيئاً وستّة وثلاثون ؛ لأنّ الخطّ إذا انقسم بقسمين ، فإنّ مُربّعه مساوٍ لمـُربّع كلّ قسم ولضرب أحد القسمين في الآخر مرّتين ، فالمال ضرب الشي‌ء في نفسه ، وستّة وثلاثون ضرب ستّة في نفسها ، واثنا عشر شيئاً ضرب ستّة في الشي‌ء مرّتين ، وهو معادل المال ومائة ، وبعد المقابلة تبقى أربعة وستّون تعدل اثني عشر شيئاً ، ويكون الشي‌ء خمسةُ وثلثا ، وطول الرمح أحد عشر وثلث ذراع ، فالفاضل عن ستّة عمق الماء.

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : قدر.

٢٣٣

مسألة ١١٤ : يجوز ابتياع الجزء المشاع المعلوم النسبة من كلّ جملة يصحّ بيعها ، سواء كان عقاراً أو حيواناً أو نباتاً أو ثمرةً معلومة القدر أو طعاماً معلوم القدر ؛ للأصل ، وانتفاء المانع وهو الجهالة.

ولو باع جزءاً شائعاً من شي‌ء بمثله من ذلك الشي‌ء - كما لو كانت العين بينهما نصفين فباع أحدهما الآخر نصفه بنصف صاحبه - جاز عندنا ؛ للأصل. ولأنّه بيع صدر من أهله في محلّه فكان صحيحاً.

وللشافعيّة وجهان ، هذا أحدهما. والثاني : لا يصحّ ؛ لانتفاء فائدته(١) .

ونمنع انتفاء الفائدة ، بل له فوائد :

منها : ما لو ملكا أو أحدهما نصيبه بالهبة ، انقطعت ولاية الرجوع بالتصرّف.

ومنها : لو ملكه بالشراء ثمّ اطّلع بعد هذا التصرّف على عيب ، لم يملك الردّ على بائعه.

ومنها : لو ملّكتْه صداقاً وطلّقها الزوج قبل الدخول ، لم يكن له الرجوع فيه.

وكذا يجوز ابتياع الجملة واستثناء الجزء الشائع ، كربع الثمرة وقدر الزكاة.

مسألة ١١٥ : قد بيّنّا أنّ بيع الغائب لا يصحّ إلّا مع تقدّم الرؤية‌ أو الوصف الرافع للجهالة؛ لما فيه من الغرر.

وللشافعي في بيع الأعيان الغائبة والحاضرة التي لم تُر مع عدم‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٢ ، المجموع ٩ : ٢٥٦ - ٢٥٧ و ٢٨٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٨.

٢٣٤

الوصف قولان :

قال في القديم والإملاء والصرف [ من ](١) الجديد : إنّه صحيح - وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد - لقولهعليه‌السلام : « من اشترى شيئاً لم يره فله الخيار إذا رآه »(٢) ومعلومٌ أنّ الخيار إنّما يثبت في العقود الصحيحة.

ولأنّه عقد معاوضة ، فلم يكن [ من ](٣) شرطه رؤية المعقود عليه ، كالنكاح.

وقال في الاُم والبويطي : لا يصحّ - وهو ما اخترناه ، وبه قال المزني - لأنّه غرر وقد نهى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الغرر(٤) .

ولأنّه مبيع مجهول الصفة عند العاقد حال العقد فلم يصحّ بيعه ، كما لو أسلم في شي‌ء ولم يصفه(٥) .

والجواب عن الحديث : أنّا نقول بموجبه ؛ فإنّ الخيار إنّما يثبت فيما إذا لم يخرج على الوصف ؛ إذ لا وجه له على تقدير الصحّة مطلقاً سواء وصف أو لا ؛ لوجود الرضا من المتبايعين على التبادل في الثمن والمثمن‌

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : « في ». والمثبت أنسب بالعبارة.

(٢) أورد نصّه الرافعي في العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥١ ، وبتفاوت يسير في سنن الدار قطني ٣ : ٤ ، ١٠ وسنن البيهقي ٥ : ٢٦٨.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : « في ». والمثبت أنسب بالعبارة.

(٤) صحيح مسلم ٣ : ١١٥٣ / ١٥١٣ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٥٤ / ٣٣٧٦ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٣٢ / ١٢٣٠ ، سنن الدار قطني ٣ : ١٥ ، ٤٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٦٦ وفيها : نهى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن بيع الغرر.

(٥) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٢٨٢ - ٢٨٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥١ ، المجموع ٩ : ٢٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٥ ، بداية المجتهد ٢ : ١٥٥ ، المغني ٤ : ٧٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٨.

٢٣٥

مهما كانا ، فيكون بمنزلة المرئي ، ومعلومٌ أنّ المرئي لا خيار فيه ، فلمـّا أثبت الخيار علمنا اقترانه باشتراط وَصْفٍ رافعٍ للجهالة.

والقياس عندنا باطل مع قيام الفرق والقلب بأن يقال : فلا يثبت فيه خيار الرؤية ، كالنكاح.

إذا تقرّر هذا ، فنقول : اختلف أصحابه في محلّ القولين على طريقين ، أصحّهما عند أكثرهم : أنّ القولين مطّردان في المبيع الذي لم يره واحد منهما أو رآه أحدهما خاصّة.

والثاني : أنّ القولين فيما إذا شاهده البائع دون المشتري ، وأمّا إذا لم يشاهده البائع ، فإنّه يبطل البيع قولاً واحداً ؛ لسهولة الاجتناب عن هذا الغرر على البائع ، لأنّه المالك والمتصرّف في المبيع. ومنهم مَنْ عكس ؛ لأنّ البائع مُعرضٌ عن الملك والمشتري محصّل له ، فهو [ أجدر ](١) بالاحتياط.

وحينئذٍ يخرج لهم طريقة ثالثة ، وهي القطع بالصحّة إذا رآه المشتري(٢) .

فروع :

أ - لو آجر غير المرئيّ له(٢) ، فإن كان المباشر للعقد قد رآه ، صحّت الإجارة عندنا ، وإن لم يكن قد رآه ، لم تصحّ.

وعند الشافعيّة القولان السابقان في بيع الغائب مع عدم الرؤية(٤) .

____________________

(١) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : آخذ. وما أثبتناه من العزيز شرح الوجيز وكما هو مستفاد من عبارة النووي في المجموع فإنّه عبّر بـ « أولى » بدل « أجدر ».

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥١ ، المجموع ٩ : ٢٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٥.

(٣) ورد في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : لو أجاز بيع غير المرئي له. وصحّحناها بما في المتن لأجل السياق وطبقاً لما في المصادر الآتية في الهامش التالي.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٢٨٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٥ ، المجموع ٩ : ٢٩٠.

٢٣٦

ب - لو آجر شيئاً بعينٍ غائبة أو صالح عليها أو جعلها رأس مال السَّلَم‌ ثمّ سلّم في مجلس عقد السلم ، بطل عندنا ذلك كلّه ، خلافاً للشافعي ، فإنّ فيه قولي(١) بيع الغائب عنده(٢) .

ج - لو أصدقها عيناً غائبة أو خالعها عليها أو عفا عن القصاص عليها ، صحّ النكاح عنده‌ وحصلت البينونة وسقط القصاص. وفي صحّة المسمّى القولان ، فإن لم يصحّ ، وجب مهر المثل على الرجل في النكاح وعلى المرأة في الخلع ووجبت الدية على المعفوّ عنه(٣) .

وعندي في ذلك إشكال.

د - الأقرب جواز هبة الغائب غير المرئي ولا الموصوف ورهنِه ؛ لأنّهما ليسا من عقود المغابنات ، بل الراهن والواهب مغبونان ، والمتّهب والمرتهن مرتفقان ، ولا خيار لهما عند الرؤية ؛ لانتفاء الحاجة إليه.

ه- لو رآه قبل الشراء ثمّ وجده كما رآه بعد الشراء ، فلا خيار له ، وهو قول الشافعي تفريعاً على صحّة البيع عنده(٤) .

وإن وجده متغيّراً ، لم يبطل البيع من أصله - وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(٥) - لبقاء(٦) العقد في الأصل على ظنٍّ غالب ، لكن له الخيار.

____________________

(١) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : قول. والصحيح ما أثبتناه.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٢٨٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٥ ، المجموع ٩ : ٢٩٠.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٢٨٤ - ٢٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٥ ، المجموع ٩ : ٢٩٠ - ٢٩١.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٢٨٨ و ٢٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٧ ، المجموع ٩ : ٢٩٦.

(٥) الوسيط ٣ : ٤٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٥ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٢٨٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٧ ، المجموع ٩ : ٢٩٦.

(٦) كذا في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة. والظاهر : لبناء.

٢٣٧

وأضعف الوجهين : البطلان ، لتبيّن انتفاء المعرفة(١) .

ولا نعني بالتغيّر هنا التعيّب خاصّة.

و - استقصاء الأوصاف على الحدّ المعتبر في السَّلَم لا يقوم مقام الرؤية وكذا سماع وصفه بالتواتر ؛ لأنّ الرؤية تطلع على اُمور لا يمكن التعبير عنها ، وهو أصحّ وجهي الشافعي(٢) .

وفي الآخر : أنّه يقوم الاستقصاء والسماع بالتواتر مقام الرؤية ؛ لأنّ ثمرة الرؤية المعرفة وهما يفيدانها ، فيصحّ البيع ، ولا خيار(٣) .

وهو ممنوع ؛ لأنّ بعض الأوصاف لا يحصل علمه إلّا بالرؤية.

مسألة ١١٦ : الرؤية المشترطة في كلّ شي‌ء على حسب ما يليق به‌ ، ففي شراء الدار لا بُدّ من رؤية البيوت والسقوف والسطوح والجدران داخلاً وخارجاً ورؤيةِ المستحمّ والبالوعة. وفي شراء البستان لا بُدّ من رؤية الأشجار واحدة واحدة والجدران ومسيل الماء ، ولا يحتاج إلى رؤية أساس البنيان ولا عروق الأشجار.

وفي اشتراط رؤية طريق الدار إشكال.

ولا يجوز رؤية العورة في الأمة والعبد ، ولا بُدّ من رؤية باقي بدن العبد ، وهو أظهر وجهي الشافعي(٤) .

وكذا في بدن الجارية ؛ لاختلاف الصفات.

وللشافعي وجوه : اعتبار رؤية ما يُرى في العبد ، ورؤية ما يبدو عند‌

____________________

(١) اُنظر : المصادر في الهامش (٥) من ص ٢٣٦.

(٢ و ٣ ) الوسيط ٣ : ٣٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٥ - ٥٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٧ ، المجموع ٩ : ٢٩١.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٢٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٩ ، المجموع ٩ : ٢٩١.

٢٣٨

المهنة ، والاكتفاء برؤية الوجه والكفّين(١) .

ويشترط رؤية الشعر ، وهو أصحّ وجهي الشافعي(٢) .

والأقرب اشتراط رؤية الأسنان واللسان ، وهو أحد وجهي الشافعي(٣) .

ولا بُدّ في الدوابّ من رؤية مقدّمها ومؤخّرها وقوائمها وظهرها.

ولا يشترط جري الفرس بين يديه - خلافاً لبعض الشافعيّة(٤) - للأصل.

ولو كان الثوب رقيقاً لا يختلف وجهاه ، كفى رؤية أحدهما ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(٥) .

ولا بُدّ من تقليب الأوراق في شراء الكتب ورؤية جميعها.

ولا يصحّ بيع اللبن في الضرع على ما تقدّم(٦) .

ولو قال : بعتك من اللبن الذي في ضرع هذه البقرة كذا رطلاً ، لم يجز ؛ لعدم العلم بوجود القدر في الضرع ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة. وفي الآخر : يجوز ، كما لو باع قدراً من اللبن في الظرف ، فيجي‌ء‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٨ ، الوسيط ٣ : ٤٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٩ ، المجموع ٩ : ٢٩١.

(٢) الوسيط ٣ : ٤٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٨ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٢٨٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٩ ، المجموع ٩ : ٢٩١.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٢٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٩ ، المجموع ٩ : ٢٩١.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٩ ، المجموع ٩ : ٢٩٢.

(٥) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٢٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠ ، المجموع ٩ : ٢٩٢.

(٦) في ص ٦٣ ، المسألة ٣٦.

٢٣٩

فيه حينئذٍ قولا بيع الغائب(١) .

ولو سكب شيئاً من اللبن فأراه إيّاه ثمّ باعه مُدّاً ممّا في الضرع ، لم يجز.

وفي روايةٍ لنا : الجواز ، وقد سلفت(٢) .

وللشافعي القولان(٣) .

ويحتمل عندي الجواز لو كان المبيع قدراً يسيراً يتيقّن وجوده حالة الحلب.

ولو قبض على قدر من الضرع وأحكم شدّه ثمّ باعه ما فيه ، لم يصحّ عندنا. وللشافعي وجهان(٤) .

فروع :

أ - يجوز بيع الشاة المذبوحة قبل السلخ وبعده ، سواء بِيع اللحم وحده أو الجلد وحده أو بِيعا معاً ، لكن بعد السلخ لا يجوز إلّا بالوزن ، أمّا قبله فالأقرب جوازه من دونه.

ومَنَع الشافعي من بيعها قبل السلخ وبعده ، سواء بِيع اللحم وحده أو الجلد وحده أو بِيعا معاً؛ لأنّ المقصود اللحم ، وهو مجهول(٥) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠ ، المجموع ٩ : ٣٢٦.

(٢) في ص ٦٤.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠ ، المجموع ٩ : ٣٢٦.

(٤) الوسيط ٣ : ٤١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠ ، المجموع ٩ : ٣٢٦.

(٥) الوسيط ٣ : ٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٠ ، المجموع ٩ : ٢٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١ ، وفيها عدم صحّة بيعها قبل السلخ فقط.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430