خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب22%

خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب مؤلف:
الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلاميّة
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 344

خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
  • البداية
  • السابق
  • 344 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 80687 / تحميل: 7511
الحجم الحجم الحجم
خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

مؤلف:
الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلاميّة
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

عوف [ الأعرابي ]، عن ميمون أبي عبد الله قال: [ قال ](١) زيد بن أرقم:

قام رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال:

(ألستم تعلمون أنّي أولى بكلّ مؤمن من نفسه)؟

قالوا: بلى نشهد لأنت أولى بكلّ مؤمن من نفسه.

قال:(فإنّي مَن كنت مولاه فهذا مولاه). [ و ](٢) أخذ بيد عليّ.

٨٤ - أخبرنا محمّد بن يحيى بن عبد الله النيسابوري وأحمد بن عثمان بن حكيم

____________________

=

باختصار.

ورواه شعبة عن ميمون مختصراً: ترجمة ميمون من الكامل لابن عدي: ٦ / ٤١٣ برقم ١٨٩٥، والترمذي في سننه: ذيل الحديث ٢ من باب مناقب عليّ من المناقب: ٦ / ٦٣٣: ٣٧١٣، وأحمد في المسند: ٤ / ٣٧٢ ط ١، وح ٦٥ من مسند زيد، وعنه ابن عساكر في ح ٥٤٤ من ترجمة أمير المؤمنين (عليه السلام) من تاريخ دمشق: ٢ / ٤٢.

ورواه أبو عبيدة عن ميمون: مسند أحمد: ٤ / ٣٧٢ ط ١، والفضائل: ١٣٩، والمصنَّف لابن أبي شيبة: ق ١٥٩ / أ، والمعجم الكبير للطبراني: ٥ / ٢٠٢: ٥٠٩٢، والبزّار كما في كشف الأستار: ٣ / ١٨٩ برقم ٢٥٣٧.

ورواه ابن جرير من طريق ميمون أيضاً: كنز العمّال: ١٣ / ١٠٤: ٣٦٣٤٢.

وللحديث طرق عن زيد تقدّم تخريجها ذيل الحديث ٧٨؛ فلاحظ.

ولاحظ الحديث ٣٨، فلا يبعد أن يكون هذا الحديث جزء منه فرّقه الرواة لأسباب علميّة.

(١ و ٢) من مخطوطة طهران ونسختين أُخريين.

٨٤ - وأشار إلى هذه الرواية أبو نعيم في حلية الأولياء كما يأتي، وابن كثير في البداية والنهاية: ٥ / ٢١١.

ورواه الحسن بن عليّ بن عفان عن عبيد الله: أمالي الطوسي: ح ٤٨ م ١٠ وح ١٢ م ١٢.

ورواه عليّ بن مسلم ومحمّد بن حاتم بن بزيع عن عبيد الله: ح ٩٥٠ من مناقب الكوفي.

١٢١

الأودي قالا: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرني هانئ بن أيّوب، عن طلحة الإيامي قال: حدثنا عَميرة بن سعد:

أنّه سمع عليّاً وهو يُنشد في الرحبة مَن سمع رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) يقول:(مَن كنت مولاه فعليّ مولاه) .

فقام بضعة عشر فشهدوا.

٨٥ - أخبرنا محمّد بن المثنّى قال: حدثنا محمّد [ بن جعفر غُندُر ] قال: حدثنا

____________________

ورواه محمّد بن عبد الله الحشاش عن عبيد الله بن موسى: مناقب الكوفي: ح ٩٣١.

ورواه الأجلح عن طلحة: كما أشار إليه أبو نعيم فيما سيأتي من كلامه، ورواه ابن عساكر في ح ٥١٢ و ٥١٣ من ترجمة أمير المؤمنين (عليه السلام) من تاريخ دمشق: ٢ / ١٣ - ١٤، والمزّي في تهذيب الكمال: ٢٢ / ٣٩٧ في ترجمة عميرة بن سعد.

ورواه مسعر عن طلحة: المعجم الصغير للطبراني: ١ / ٦٤ في ترجمة أحمد بن إبراهيم بن عبد الله الأصبهاني، وفي الأوسط: ٣ / ١٣٤ ح ٢٢٧٥ في ترجمة الأصبهاني أيضاً، ومن طريقه أبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء: ٥ / ٢٦ في ترجمة طلحة بن مصرف وقال: غريب من حديث طلحة تفرّد به مسعر عنه مطوّلاً، ورواه ابن عائشة عن إسماعيل مثله، ورواه الأجلح وهانئ بن أيّوب عن طلحة مختصراً، وفي ذكر أخبار أصبهان: ١ / ١٤٢ رقم ٩٢ ترجمة أحمد بن إبراهيم، وابن المغازلي في المناقب: ح ٣٨، وابن عساكر في ح ٥١٤ من ترجمة أمير المؤمنين (عليه السلام) من تاريخ دمشق: ٢ / ١٣ - ١٤، والمزّي في تهذيب الكمال: ٢٢ / ٣٩٨ كلّهم من طريق الطبراني.

ورواه الزبير بن عديّ عن عميرة: ح ٥١١ من تاريخ ابن عساكر.

وأخرجه ابن مردويه من طريق طلحة: كما في هامش ابن عساكر: ٢ / ١٧ ط ٢ نقلاً عن أرجح المطالب: ص ٥٧٩.

ورواه عن عليّ جماعة؛ فلاحظ تاريخ دمشق وما بهامشه من تعليق، ولاحظ الحديث التالي.

٨٥ - ورواه محمّد بن عبد الله بن الحشاش عن محمّد بن المثنى، وقرن به محمّد بن بشّار: ح ٩٤١ من

=

١٢٢

____________________

=

مناقب الكوفي.

ورواه أحمد عن غندر: الفضائل: ح ١٤٣ والمسند: ٥ / ٣٦٦ ط: ١.

ورواه محمّد بن بشّار عن غندر كما تقدّم آنفاً.

ورواه الأجلح عن أبي إسحاق: تاريخ دمشق: ح ٥٣٠ من ترجمة عليّ (عليه السلام).

ورواه إسرائيل عن أبي إسحاق: كما في الحديث التالي.

ورواه الأعمش عن أبي إسحاق: كما في الحديث ٩٨ الآتي.

ورواه شريك عن أبي إسحاق: كما في الحديث ٨٧ الآتي.

ورواه عمرو بن ثابت عن أبي إسحاق، وقرن بسعيد زيد بن يثيع وعمر ذي مرّ: كما في ح ٨٤٣ و ٨٧٩ من مناقب الكوفي، وكشف الأستار: ٣ / ١٩١.

ورواه فطر عن أبي إسحاق، وقرن بسعيد زيداً وعمراً: كما في كشف الأستار: ح ٢٥٤١، وحديث ابن رشيق العسكري في المجموع: ١١٥، ومناقب الكوفي: ح ٨٥٧ و ٩٣٢، وأمالي الطوسي: ح ٥٢ من المجلس ٩، وتاريخ دمشق: ح ٥١٥ و ٥١٦ من ترجمة أمير المؤمنين (عليه السلام)، والمعجم الكبير: ٥ / ١٩١: ٥٠٥٨.

ورواه كثير النواء عن أبي إسحاق عنهم: ح ٩١١ من مناقب الكوفي.

ورواه السري بن إسماعيل عن سعيد: ح ٢ من زين الفتي: ١ / ١٣ ط ١.

ورواه فطر عن زيد عن عليّ: السنّة لابن أبي عاصم: ح ١٣٧٠.

قال الذهبي في تاريخ الإسلام: ٢ / ١٩٧ بعد ذكر حديث المناشدة برواية ابن أبي ليلى: وله طرق أُخرى ساقها الحافظ ابن عساكر في ترجمة عليّ يصدّق بعضها بعضاً.

وفي علل الحديث للدار قطني: ج ٢ حسب ما نقل عنه: وسئل عن حديث سعيد بن وهب فقال: حدّث به الأعمش وشعبة وإسرائيل عن أبي إسحاق، واختلف عن الأعمش فقال عبد الواحد بن زياد عنه عن أبي إسحاق عن زيد، وقال عبد الرزّاق: عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن سعيد وعبد خير، وقال فضيل: عن أبي إسحاق عن سعيد وزيد وعمرو ذي

=

١٢٣

____________________

=

مرّ، وقال شريك: عن أبي إسحاق عن سعيد وزيد، وقال عمران بن أبان: عن شريك عن أبي إسحاق عن زيد، وقال إسحاق العرزمي: عن شريك عن أبي إسحاق عن سعيد - ووهم وإنّما أراد زيد -، وقال عمرو بن ثابت: عن أبي إسحاق عن سعيد وزيد وهبيرة وحبّة، وقال الأجلح: عن أبي إسحاق عن عمرو، وقال أبان بن تغلب: عن أبي إسحاق عن عمرو وآخر لم يسمّه. وقال خالد بن عامر: عن فطر عن أبي إسحاق عن الحارث عن عليّ، ولم يتابَع على الحارث وأشبهها بالصواب قول الأعمش وشعبة وإسرائيل وإسحاق بن أبي إسحاق ومن تابعهم. انتهى وبتلخيص.

رواة حديث المناشدة عن عليّ (عليه السلام):

١ - الأصبغ بن نباتة: أسد الغابة: ٣ / ٣٠٧ في ترجمة عبد الرحمان بن عبد ربّه الأنصاري.

٢ - الحارث الأعور: كما أشار إليه الدار قطني في النقل المتقدّم.

٣ - حبّة: كما عند الدولابي في الكنى والأسماء: ٢ / ٨٨، وابن المغازلي في المناقب: ح ٢٧، والطبراني في الكبير: ٥ / ١٩١ ح ٥٠٥٨.

٤ - الحسين الشهيد: ح ٥٢٥ من تاريخ ابن عساكر، وح ٢٩ من مناقب ابن المغازلي.

٥ - زاذان: ح ٦٤١ من مسند أحمد، وح ١٣٧٢ من السنّة لابن أبي عاصم: ص ٥٩٣.

٦ - زرّ بن حبيش: شرح المواهب: ٧ / ١٣، وأسد الغابة: ١ / ٣٦٨ نقلاً عن كتاب الموالاة لابن عقدة.

٧ - زياد بن أبي زياد: ح ٦٧٠ من مسند أحمد، وح ٥٢٣ و ٥٢٤ من تاريخ ابن عساكر.

٨ - زيد بن أرقم: ح ٥٠٣ من تاريخ ابن عساكر، وح ٣٣ من مناقب ابن المغازلي، وفي شرح النهج لابن أبي الحديد ذيل الخطبة ٥٧، ومسند أحمد: ١ / ٢٦٣ ح ٩٥٢ و ٥ / ٣٧٠ ط ١، وفوائد محمّد بن عبد الله الشافعي كما في هامش ابن عساكر، والأوسط للطبراني: ٢ / ٥٧٦ ح ١٩٨٧، والكبير: ٥ / ١٧٥ ح ٤٩٧٠ و ٤٩٩٦ ولاحظ الرقم ٥٠٥٩ منه، ومسند البزّار: ح ٢٥٣٨ و ٢٥٣٩ من كشف الأستار، ولاحظ ما تقدّم برقم ٧٨ من هذا الكتاب وما بهامشه من

=

١٢٤

____________________

=

تعليق.

٩ - زيد بن وهب أخو سعيد: البداية والنهاية: ٥ / ٢١٠ نقلاً عن ابن جرير.

١٠ - زيد بن يثيع: كما في الحديث ٨٧ الآتي.

١١ - سعيد بن أبي حدان: فرائد السمطين: ح ٤٦ باب ١٠ مقروناً بعمرو ذي مرّ.

١٢ - سعيد بن وهب: كما تقدّم تخريجاته في أوّل التعليقة.

١٣ - شقيق بن سلمة: أنساب الأشراف: ح ١٧٣ من ترجمة أمير المؤمنين (عليه السلام): ص ٦٦ ط ٢.

١٤ - أبو الطفيل عامر بن واثلة: كما في ح ٩٢ الآتي.

١٥ - عبد خير: ح ٥٢٠ من ابن عساكر، وأشار إليه الدار قطني، والمناقب للخوارزمي: ح ١٨٥ مقروناً بسعيد بن وهب.

١٦ - عبد الرحمان بن أبي ليلى: ح ٥٠٦ - ٥١٠ من تاريخ ابن عساكر، وح ٥٦٧ من مسند أبي يعلى: ١ / ٤٢٨، وأمالي المحاملي: ق ٨٧، وذكر أخبار أصبهان: في ترجمة محمّد بن الحسين بن إبراهيم الأبهري: ٢ / ٢٢٧، ومسند البزّار: ح ٦٣٢، وزين الفتى للعاصمي: ١ / ١٢ ح ١، وتاريخ بغداد: ١٤ / ٢٣٦ ترجمة يحيى بن محمّد الأخباري، ومشكل الآثار للطحاوي: ٢ / ٢١٢ ح ١٩٠١ في الباب ٢٨١، ومسند أحمد: ح ٩٦١ و ٩٦٤، والافراد للخطيب كما في كنز العمّال: ١٣ / ١٣١ ح ٣٦٤١٧ باب فضائل عليّ (عليه السلام)، وذكر ما يتّفق من أسماء المحدّثين وأنسابهم للخطيب: ق ١٦، والبداية والنهاية: ٧ / ٣٦٠ نقلاً عن أبي يعلى وعبد الله بن أحمد والدار قطني.

١٧ - عبد الله بن عبّاس: ينابيع المودّة: ص ٣٣.

١٨ - عمرو ذي مرّ: كما في ح ٩٩ الآتي.

١٩ - عميرة بن سعد: كما تقدّم في الحديث ٨٤.

٢٠ - أبو مريم الثقفي: كما في ح ١٣١١ من مسند أحمد.

٢١ - مهاجر بن عميرة: السنّة لابن أبي عاصم: ص ٥٩٣ ح ١٣٧٣.

١٢٥

شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت سعيد بن وهب قال:

لمّا ناشدهم عليّ قام خمسة - أو ستّة - من أصحاب النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) فشهدوا أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) قال:(مَن كنت مولاه فعليّ مولاه) .

٨٦ - أخبرنا عليّ بن محمّد بن عليّ [ قاضي المصيصة ] قال: حدثنا خلف [ بن تميم ] قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق قال: حدثني سعيد بن وهب أنّه قام

____________________

٢٢ - هانئ بن هانئ: أسد الغابة: ٣ / ٣٢١ في ترجمة عبد الرحمان بن مدلج من طريق ابن عقدة.

٢٣ - هبيرة بن يريم: كما ذكره الدار قطني فيما تقدّم، والطبراني في ح ٥٠٥٨ من المعجم الكبير: ٥ / ١٩١.

هذا ما حضرني عاجلاً حول حديث المناشدة بحديث الغدير، وأمّا حديث الغدير نفسه فرواه أكثر من مئة نفر من أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) كما في مناقب ابن الجزري، والأزهار المتناثرة للسيوطي، ونظم المتناثر للكتاني، والغدير للأميني.

قال ابن الجزري: هذا حديث صحيح من وجوه كثيرة تواتر عن أمير المؤمنين عليّ، وهو متواتر عن النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم)، رواه الجمّ الغفير، ولا عبرة بمَن حاول تضعيفه ممّن لا اطلاع له في هذا العلم.

٨٦ - ورواه عبيد الله بن موسى عن إسرائيل: الحديث ٩٢٤ من مناقب الكوفي.

ورواه حسين بن محمّد المروزي عن إسرائيل: مناقب الكوفي: ح ٩٤٥.

ورواه عبد الرزّاق عن إسرائيل: ح ١٨٥ من مناقب الخوارزمي وقرن بسعيد عبد خير، ومثله في البداية والنهاية: ٧ / ٣٦٠ نقلاً عن عبد الرزّاق.

وسيعد المصنّف رواية هذا الحديث بهذا السند ولكن عن عمرو ذي مرّ؛ فلاحظ الرقم ٩٩ الآتي.

(١) من ب، وطبعتي مصر وبيروت.

١٢٦

ممّا يليه ستّة، وقال زيد بن يثيع: وقام ممّا يليني(١) ستّة، فشهدوا أنّهم سمعوا رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) يقول:

(مَن كنت مولاه فإنّ عليّاً مولاه) .

٨٧ - أخبرنا أبو داود [ سليمان بن سيف الحراني ] قال: حدثنا عمران بن أبان قال: حدثنا شريك [ بن عبد الله ] قال: حدثنا أبو إسحاق، عن زيد بن يثيع قال: سمعت عليّ بن أبي طالب يقول على منبر الكوفة:

إنّي منشد الله رجلاً - ولا أنشد إلاّ أصحاب محمّد (صلّى الله عليه وسلّم) - [ مَن ](٢) سمع رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) يقول يوم غدير خم:

(مَن كنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ والِ مَن والاه، وعاد مَن عاداه) .

____________________

(١) وفي طبعة مصر وبيروت: ممّا يلي المنبر... فعليّ مولاه.

٨٧ - ورواه أبو بكر بن أبي شيبة عن شريك: كما في ح ٢٨ من فضائل عليّ (عليه السلام) من المصنَّف.

ورواه جبارة عن شريك: ح ٨٨٠ من مناقب الكوفي، وقرن بزيد سعيد بن وهب.

ورواه عثمان بن أبي شيبة عن شريك: ح ٨٦٢ من مناقب الكوفي.

ورواه عليّ بن حكيم عن شريك: مسند أحمد: ح ٩٥٠، ومسند البزّار كما في ح ٢٥٤١ من كشف الأستار وقرن زيداً بسعيد.

ورواه محمّد بن خالد عن شريك: السنّة لابن أبي عاصم: ص ٥٩٣ ح ١٣٧٤، ومسند البزّار: ٣ / ١٩٠ من كشف الأستار.

ورواه فطر عن أبي إسحاق: السنّة لابن أبي عاصم: ص ٥٩٢ ح ١٣٧٠، ومسند البزّار وقرن به سعيد بن وهب وعمر ذي مرّ.

ولاحظ الحديثين المتقدّمتين وما بهامشهما من تعليق.

قال الذهبي كما في البداية والنهاية لابن كثير: ٥ / ١٨٨: صدر الحديث متواتر، أتيقّن أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) قاله، وأمّا (اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه) فزيادة قويّة الإسناد.

(٢) لفظة (مَن) لم ترد في طبعتي مصر وبيروت.

١٢٧

فقام ستّة من جانب المنبر وستّة من الجانب الآخر فشهدوا أنّهم سمعوا رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) يقول ذلك.

قال شريك: فقلت لأبي إسحاق: هل سمعت البراء بن عازب يحدّث بهذا عن رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)؟ قال: نعم(١) .

قال أبو عبد الرحمان: عمران بن أبان ليس بقويّ في الحديث.

____________________

(١) وحديث البراء رواه عنه عديّ بن ثابت: فضائل أحمد: ح ١٣٨، ومسنده: ٤ / ٢٨١ ط ١، وبرواية القطيعي من الفضائل: ح ١٦٤، ومن رواية عبد الله في المسند: ٤ / ٢٨١، وأنساب الأشراف للبلاذري: ح ٤٦ و ٤٧ من ترجمة أمير المؤمنين (عليه السلام)، والمصنَّف لابن أبي شيبة: ح ٥٥ من فضائل عليّ (عليه السلام)، وسنن ابن ماجة: ١ / ٤٣ ح ١١٦، والسنّة لابن أبي عاصم: ح ١٣٦٣، والمناقب للخوارزمي: ح ١٨٣ في أواخر الفصل ١٤، والجويني في فرائد السمطين: ح ٤١ و ٤٢ و ٧١ في الباب ٩ و ١٠، وترجمة عليّ (عليه السلام) من تاريخ دمشق: ح ٥٤٨ - ٥٥٢، ومناقب الكوفي: ح ٣٤٣ و ٨٤٤ و ٨٤٥ و ٩٢٦ و ٩٢٧، والأمالي الخميسيّة: ح ٥٠ من فضائل عليّ (عليه السلام): ج ١ ص ١٤٥ ط ١، وتفسير الثعلبي: ق ٧٧ / ب.

ورواه أبو إسحاق السبيعي عنه: كما أشار إليه المصنّف هنا، وذكره الدولابي في الكنى والأسماء: ١ / ١٦٠ عن سعيد بن بيان عن أبي إسحاق، وابن عساكر في ح ٥٥٣ من تاريخ دمشق عن موسى بن عثمان عن أبي إسحاق عن زيد بن أرقم والبراء.

١٢٨

ذكر قول النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم): عليّ وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي(١)

٨٨ - أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: حدثني جعفر - يعني ابن سليمان -، عن زيد [ الرِشك ](٢) ، عن مُطَرِّف بن عبد الله، عن عمران بن حصين قال:

بعث رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) جيشاً فاستعمل عليهم عليّ بن أبي طالب، فمضى في السريّة فأصاب جارية فأنكروا عليه، وتعاقدوا(٣) أربعة من أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) إذا لقينا رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) أخبرناه بما صنع، وكان المسلمون إذا رجعوا من السفر بدءوا برسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) فسلّموا عليه ثمّ انصرفوا إلى رحالهم، فلمّا قدمت السرية سلّموا على النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله! ألم تر إلى عليّ بن أبي طالب صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)، ثمّ قام - يعني الثاني - فقال مثل ذلك، ثمّ قام الثالث فقال مثل مقالته، ثمّ قام الرابع فقال مثل ما قالوا، فأقبل إليهم رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) والغضب [ يبصر ](٤) في وجهه فقال:

(ما تريدون من عليّ؟! إنّ عليّاً منّي وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمن من بعدي) .

____________________

(١) في أ، ب، وطبعتي مصر وبيروت: (من بعدي)، وهو موافق لنصّ الحديث بيد أنّ النصّ في سائر المصادر خالٍ منه.

(٢) من ب.

(٣) في أ، ب، وطبعتي مصر وبيروت: (وتعاقد) كما في سائر المصادر عدا فضائل الصحابة لأحمد في إحدى طبعتيه فكما هنا، وقال المحقّق: كذا في الأصل على لغة أكلوني البراغيث.

(٤) من طبعتي مصر وبيروت، وفي ب: (يعرف).

٨٨ - ورواه المصنّف بهذا السند أيضاً في ح ١٠ من مناقب عليّ من كتاب المناقب من السنن الكبرى: ٥ / ٤٥: ٨١٤٦ مكتفياً بالمرفوع منه.

١٢٩

____________________

ورواه الترمذي في جمعه: ح ١ من باب مناقب عليّ برقم ٣٧١٢ ج ٥ ص ٦٣٢، والحاكم في المستدرك: ٣ / ١١٠، والكوفي في المناقب: ح ٣٥١، والخوارزمي في المناقب: ح ١٨٠ عن الحاكم، جميعهم بالسند والمتن المذكور هنا، سوى الكوفي فقرن بقتيبة مسدّد بن مسرهد.

وقد رواه عن جعفر بن سليمان كلّ من:

١ - بشر بن هلال: كما تقدّم في ح ٦٧ من هذا الكتاب وباختصار، وكما في رواية الطبراني في المعجم الكبير: ١٨ / ١٢٨ ح ٢٦٥ مقروناً بالعبّاس وعبد السلام ومسدّد.

٢ - حسن بن عمر بن شقيق: كما في رواية أبي يعلى في مسنده حسب رواية ابن المقرئ عنه في ح ٤٨٨ من ترجمة عليّ من تاريخ دمشق، وابن حبّان في صحيحه: ١٥ / ٣٧٣ ح ٦٩٢٩.

٣ - خالد القطربلي: مسند الروياني: ح ١١٩.

٤ - أبو داود الطيالسي في مسنده: ح ٨٢٩، وعنه الكوفي في المناقب: ح ٣٤٨.

٥ - أبو الربيع الزهراني: البغوي في معجم الصحابة: ق ٢٠، وعنه عيسى بن عليّ الوزير في أماليه: ق ١٨٣ / ب، وابن عساكر في ح ٤٨٥ من طريق الوزير، وابن المغازلي في ح ٢٧٦ من مناقبه من طريق البغوي، الجويني في فرائد السمطين: ح ٣٢ في الباب ٦ من طريق البغوي.

٦ - عبّاس بن الوليد: المعجم الكبير: ح ٢٦٥ مقروناً بغيره، السنّة لابن أبي عاصم: ص ٥٥٠ ح ١١٨٧.

٧ - عبد الرزّاق الصنعاني: في أماليه: ق ١٢ / أ، وعند أحمد في المسند والفضائل مقروناً بعفّان.

٨ - عبد السلام بن عمر: المعجم الكبير: ١٨ / ١٢٨ ح ٢٦٥، وعنه أبو نعيم في حلية الأولياء: ٦ / ٢٩٤ في ترجمة جعفر.

٩ - عبيد الله القواريري: مسند أبي يعلى: ١ / ٢٩٣ ح ٣٥٥، وعنه ابن عدي في الكامل: ٢ / ١٤٥ في ترجمة جعفر، وابن عساكر في ح ٤٨٧ من ترجمة أمير المؤمنين.

١٠ - عفان: المصنَّف لابن أبي شيبة: ح ٥٥ من فضائل عليّ، ومسند أحمد: ٤ / ٤٣٧ ط ١

١٣٠

ذكر قوله (صلّى الله عليه وسلّم): عليّ وليّكم بعدي

٨٩ - أخبرنا واصل بن عبد الأعلى، عن [ محمّد ] بن فضيل، عن الأجلح، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال:

بعثنا رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) إلى اليمن مع خالد بن الوليد، وبعث عليّاً على جيش آخر

____________________

=

وفضائله: ح ١٥٧ مقروناً بعبد الرزّاق، وبرواية القطيعي في زياداته: ح ١٨٢.

١١ - عليّ بن الحسين البزّار: مناقب ابن المغازلي: ح ٢٧٠ مقروناً بموسى بن محمّد.

١٢ - أبو كامل الفضيل بن الحسين: السنّة لابن أبي عاصم: ص ٥٥٠ ح ١١٨٧.

١٣ - قتيبة: كما في رواية المصنّف وغيره كما تقدّم في أوّل التعليقة.

١٤ - مسدّد: المعجم الكبير للطبراني: ١٨ / ١٢٨ ح ٢٦٥، وعنه أبو نعيم في الحلية: ٦ / ٢٩٤ في ترجمة جعفر، مناقب الكوفي: ح ٣٥١ وقرن به قتيبة، كما تقدّم.

١٥ - معلّى بن مهدي: ح ٤٨٩ من ترجمة عليّ من تاريخ دمشق بسنده إلى أبي يعلى.

١٦ - موسى بن محمّد البجلي: ح ٢٧٠ من مناقب ابن المغازلي.

١٧ - يحيى بن الحسن: ح ٣٩٧ من مناقب الكوفي باختصار.

وللحديث شواهد كثيرة، ولاحظ الحديث التالي.

٨٩ - ورواه أبو هشام الرفاعي عن محمّد بن فضيل: مناقب الكوفي: ح ٨٦٣.

ورواه خالد عن الأجلح: مناقب الكوفي: ح ٣٨٥ و ٩٠٣.

ورواه شريك عن الأجلح: ح ٤٦٧ من ترجمة عليّ من تاريخ دمشق.

ورواه عبد الله بن نمير عن الأجلح: مسند أحمد: ٥ / ٣٥٦ ط ١، والفضائل: ح ٢٩٨، وعنه ابن عساكر في ح ٤٦٨ من تاريخه، مناقب الكوفي: ح ٣٩٤.

ورواه عمّار بن رزيق عن الأجلح كما في رواية أبي يعلى، وعنه ابن عساكر في ح ٤٦٦.

ورواه عمرو بن ثابت عن الأجلح: مناقب الكوفي: ح ٨٦٦.

ورواه محمّد بن إبراهيم بن أبي شيبة عن الأجلح: مناقب ابن المغازلي: ح ٢٧١.

ورواه سعد بن عبيدة عن ابن بريدة: ح ٤٧٠ - ٤٧٨ من تاريخ دمشق، وقد تقدّم في الحديث

١٣١

وقال:(إن التقيتما فعليّ على النّاس، وإن تفرّقتما فكلّ واحد منكما على حدته) . فلقينا بني زبيد من أهل اليمن، وظهر المسلمون على المشركين، فقتلنا المقاتلة وسبينا الذريّة، فاصطفى عليّ جارية لنفسه من السبي، فكتب بذلك خالد بن الوليد إلى النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم)، وأمرني أن أنال منه، فقال(١) : فدفعت الكتاب إليه ونِلت من عليّ فتغيّر وجه رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) فقلت: هذا مكان العائذ، بعثتني مع رجل وأمرتني بطاعته، فبلّغت ما أرسلت به، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم).

(لا تقعنّ يا بريدة في عليّ، فإنّ عليّاً منّي وأنا منه، وهذا (٢) وليّكم بعدي) .

____________________

٧٩ من هذا الكتاب فلاحظ سائر تخريجاته هناك.

وروى البراء بن عازب نحوه: المصنّف لابن أبي شيبة: ح ٥٦ من فضائل عليّ.

(١) في ج، وطبعتي مصر وبيروت: (قال).

(٢) وفي طبعتي مصر وبيروت: (وهو).

١٣٢

ذكر قول النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم):

مَن سبّ عليّاً فقد سبّني

٩٠ - أخبرنا العبّاس بن محمّد [ الدوري ](١) قال: حدثنا يحيى بن أبي بكير قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبد الله الجدلي قال:

دخلت على أُمّ سلمة فقالت: أيسبّ رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) فيكم؟! فقلت: سبحان الله - أو: معاذ الله -! قالت: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) يقول:

(مَن سبّ عليّاً فقد سبّني) .

____________________

(١) من طبعتي مصر وبيروت، ونسخة ب.

٩٠ - ورواه أحمد عن يحيى بن أبي بكير: الفضائل ح ١٣٣، والمسند: ٦ / ٣٢٣، وعنه ابن عساكر في ح ٦٦٨ من ترجمة عليّ من تاريخ دمشق.

ورواه محمّد بن سعد العوفي عن يحيى: المستدرك للحاكم: ٣ / ١٢١، وعنه الجويني في فرائد السمطين: ١ / ٣٠١ باب ٥٦.

ورواه بكير بن عثمان عن أبي إسحاق: المستدرك: ٣ / ١٢١.

ورواه فطر عن أبي إسحاق: أنساب الأشراف: ح ٢١٩، والمصنّف لابن أبي شيبة: ح ٥٠ من باب فضائل عليّ (عليه السلام)، والمعجم الكبير: ٢٣ / ٣٢٢ ح ٧٣٧، وترجمة عليّ من تاريخ دمشق: ح ٦٦٧.

ورواه السدّي عن الجدلي: المعجم الصغير للطبراني: ٢ / ٢١ في ترجمة محمّد بن الحسين أبي حصين القاضي، وفي الأوسط: ٦ / ٣٨٩ ح ٥٨٢٨، والكبير: ٢٣ / ٣٢٣ ح ٧٣٨، ومسند أبي يعلى: ١٢ / ٤٤٤ ح ٧٠١٣، وعنه وعن غيره ابن عساكر في ح ٦٦٩ - ٦٧١، وتاريخ بغداد: ٧ / ٤٠١ في ترجمة الحسن بن الفضل الزعفراني البوصراني.

ورواه قيس بن أبي حازم عن أُمّ سلمة: ح ٦٧١ من تاريخ ابن عساكر.

ورواه يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمان ابن أخي زيد بن أرقم عن أُمّ سلمة: تاريخ دمشق:

=

١٣٣

٩١ - أخبرنا عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى [ الكوفي ](١) قال: حدثنا جعفر بن عون، عن شقيق بن أبي عبد الله قال: حدثنا أبو بكر بن خالد بن عرفطة قال:

رأيت سعد بن مالك بالمدينة فقال: ذُكِر [ لي ](٢) أنّكم تسبّون عليّاً؟! قلت: قد فعلنا. قال: لعلّك سببته؟! قلت: معاذ الله. قال: لا تسبّه فإن وضع المنشار على مفرقي على أن أسبّ عليّاً ما سببته بعد ما سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) ما سمعت.

____________________

=

ح ٦٦٤ و ٦٦٥.

وللحديث نظائر عن ابن عبّاس وسعد بن أبي وقّاص وجابر وغيرهم.

ولاحظ الحديث التالي من حديث سعد وما بهامشه من حديث سعد وأُمّ سلمة من العقد الفريد.

وخالد بن عرفطة - والد أبي بكر المذكور في السند - كان من أصحاب معاوية، وكان حامل رايته حين دخل الكوفة بعد صلح الحسن (عليه السلام)، وتوجّه فيما بعد أيضاً إلى قتال الحسين (عليه السلام)، وقد رُوي عن عليّ (عليه السلام) فيه:(أنّه لن يموت حتّى يحمل راية ضلالة) . انظر ح ٢٠ من تيسير المطالب ط ٢ وما بهامشه من تعليق.

(١) من طبعتي مصر وبيروت، ونسخة ب.

(٢) من طبعتي مصر وبيروت، ونسختي أ، ب.

٩١ - ورواه ابن أبي شيبة عن جعفر بن عون: ح ٥٨ من فضائل عليّ من كتاب المصنّف: ح ٣٢١١٣.

ورواه عبيد الله بن موسى عن شقيق: مسند أبي يعلى: ٢ / ١١٤ ح ٧٧٧، وعنه ابن عساكر ح ١١٠٣ من تاريخه، وتهذيب الكمال للمزّي: ١٢ / ٥٥٥ في ترجمة شقيق، والتاريخ الكبير للبخاري: ٩ / ١١ في ترجمة أبي بكر بن خالد، ومناقب الكوفي: ح ١٠٥٧.

وقال ابن عبد ربّه في العقد الفريد: ٥ / ١١٤ في عنوان أخبار معاوية: ولمّا مات الحسن بن عليّ حجّ معاوية فدخل المدينة وأراد أن يلعن عليّاً على منبر رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) فقيل له: إنّ ها هنا سعد بن أبي وقّاص ولا نراه يرضى بهذا، فابعث إليه وخذ رأيه، فأرسل إليه وذكر له ذلك،

=

١٣٤

الترغيب في موالاة عليّ رضي الله عنه

والترهيب عن(١) معاداته

٩٢ و ٩٣ - أخبرني هارون بن عبد الله [ البغدادي الحمّال ](٢) قال: حدثنا مصعب بن المقدام قال: حدثنا فطر بن خليفة، عن أبي الطفيل.

وأخبرنا أبو داود [ سليمان بن سيف ] قال: حدثنا محمّد بن سليمان [ بن أبي داود الحراني ] قال: حدثنا فطر، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال:

____________________

=

فقال: إن فعلت لأخرجنّ من المسجد ثمّ لا أعود إليه. فأمسك معاوية عن لعنه حتّى مات سعد، فلمّا مات سعد لعنه على المنبر وكتب إلى عمّاله أن يلعنوه على المنابر ففعلوا، فكتبت أُمّ سلمة زوج النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) إلى معاوية: إنّكم تلعنون الله ورسوله على منابركم؛ وذلك أنّكم تلعنون عليّ بن أبي طالب ومَن أحبّه، وأنا أشهد أنّ الله أحبّه ورسوله، فلم يلتفت إلى كلامها.

ورواه العاصمي في عنوان (الشتم والمسبّة) في الفصل الخامس من زين الفتى: ج ٢.

وللحديث وما بمعناه طرق عن سعد، فرواه مصعب وعامر ابنا سعد وأبو نجيح وقتادة والسدّي عن سعد، ولاحظ ح ٥٤ من هذا الكتاب.

(١) في الأصل وبعض النسخ: (في معاداته)، والمثبت من طبعتي مصر وبيروت، كما وإنّ الترضية من الأصل وحده.

(٢) من ط مصر وبيروت، ولفظة (البغدادي) وردت في ب أيضاً.

٩٢ و ٩٣ - ورواه حسين بن محمّد بن المروزي أبو أحمد عن فطر: مسند أحمد: ٤ / ٣٧٠ ط ١، الفضائل: ح ٢٨٩ مقروناً بأبي يزيد عبد الرحمان بن مصعب وقد تصحف فيهما (أبو يزيد) بـ (أبي نعيم)، إلاّ أنّه صرّح في المسند بنسبة المعنِي.

ورواه أبو يزيد عبد الرحمان بن مصعب المعني عن فطر: المعجم الكبير للطبراني: ٥ / ١٦٦ ح ٤٩٦٨، مناقب الكوفي: ح ٩٣٤، مسند أحمد: ٤ / ٣٧٠ ط ١ والفضائل: ح ٢٨٩، السنّة

=

١٣٥

جمع عليّ النّاس في الرحبة فقال:أنشد بالله كلّ امرئ سمع من رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)يقول يوم غدير خم ما سمع ، فقام أُناس فشهدوا أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) قال يوم غدير خم:

(ألستم تعلمون أنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) .

وهو قائم، ثمّ أخذ بيد عليّ فقال:

(مَن كنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه) .

____________________

=

لابن أبي عاصم: ص ٥٩٢ ح ١٣٦٧ و ١٣٦٨ بالاقتصار على المرفوع منه.

ورواه عبد الله بن موسى العبسي عن فطر: مسند البزار: ح ٢٥٤٤ من كشف الأستار وقال: وقد روي عن عليّ من غير وجه، مناقب الكوفي: ح ٨٤٧ و ٩٣٣، أمالي الطوسي: ح ٥٢ من المجلس ٩، ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق: ج ٢ ص ٦ ح ٥٠٤ ط ٢ وتصحف فيه إلى (عبيدة).

ورواه عليّ بن قادم عن فطر: زين الفتى للعاصمي: ١ / ١٤ ح ٣ ط ١.

ورواه عليّ بن هاشم عن فطر: مناقب الكوفي: ح ٨٤٦ مقروناً بمحمّد بن فضيل.

ورواه محمّد بن سليمان عن فطر: كما عند المصنّف هنا.

ورواه محمّد بن فضيل عن فطر: مناقب الكوفي: ٢ / ٣٧٢ ح ٨٤٦.

ورواه محمّد بن كثير عن فطر وقرن بفطر أبا الجارود: أسد الغابة: ٥ / ٢٧٥ من طريق ابن عقدة، الإصابة لابن حجر: ٤ / ١٥٩: ٩٢٦ نقلاً عن كتاب الموالاة لابن عقدة، كلاهما في ترجمة أبي قدامة الأنصاري.

ورواه مصعب بن المقدام عن فطر: كما عند النسائي هنا.

ورواه أبو نعيم عن فطر: صحيح ابن حبّان: ١٥ / ٣٧٥ ح ٦٩٣١ مقروناً بيحيى بن آدم، زين الفتى للعاصمي: ح ٤٧٦، مناقب الكوفي: ح ٩٢١ و ٩٣٦.

ورواه يحيى بن آدم عن فطر: الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان: ١٥ / ٣٧٥ مقروناً بأبي نعيم.

وتقدّمت رواية حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل برقم ٧٨، فلاحظ ما بهامشه من تعليق.

١٣٦

قال أبو الطفيل: فخرجت وفي نفسي منه شيء فلقيت زيد بن أرقم فأخبرته فقال: وما(١) تنكر؟ أنا سمعته من رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم).

واللفظ لأبي داود.

٩٤ - أخبرني زكريّا بن يحيى [ السجستاني ](٢) قال: حدثني محمّد بن عبد الرحيم قال: حدثنا إبراهيم [ بن المنذر ] قال: حدثنا معن [ بن عيسى ] قال: حدثني موسى بن يعقوب، عن المهاجر بن مسمار، عن عائشة بنت سعد وعامر بن سعد، عن سعد:

أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) خطب النّاس فقال:(أمّا بعد، أيّها النّاس فإنّي وليّكم) .

قالوا: صدقت. ثمّ أخذ بيد عليّ فرفعها ثمّ قال:

(هذا وليّي والمؤدّي عنّي، وال الله مَن والاه، وعاد مَن عاداه) (٣) .

٩٥ - أخبرنا أحمد بن عثمان [ البصري ](٤) أبو الجوزاء قال: حدثنا ابن عثمة

____________________

(١) في ط مصر: (ما تشكّ)، وفي الأصل وبعض النسخ: (أو ما تنكر)، والمثبت من طبعة بيروت.

٩٤ - لاحظ الحديثين التاليين.

(٢) من ب، وطبعة مصر.

(٣) في ط: (وال الله مَن والاه وعاد اللّهمّ)، وفي غ: (والى الله... وعاد مَن...).

٩٥ - تقدّم هذا الحديث برقم ٩ عن هلال بن بشر عن ابن عثمة؛ فلاحظ تخريجاته هناك.

وأخرجه ابن أبي عاصم في السنّة: ح ١١٨٩ عن أحمد بن عثمان، وقرن به الحسين بن عليّ دون قوله: (وإنّ الله يوالي...).

ورواه ابن كثير في البداية والنهاية: ٥ / ٢١٢ نقلاً عن كتاب الغدير للطبري بالسند والمتن المذكور هنا دون قوله: (ويعادي مَن عاداه).

(٤) من (ط)، وطبعة مصر.

١٣٧

[ وهو محمّد بن خالد البصري ](١) قال: حدثنا موسى بن يعقوب، عن المهاجر بن مسمار، عن عائشة بنت سعد، عن سعد قال(٢) :

أخذ رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) بيد عليّ فخطب فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال:(ألستم تعلمون أنّي أولى بكم من أنفسكم)؟

قالوا: نعم، صدقت يا رسول الله. ثمّ أخذ بيد عليّ فرفعها فقال:

(مَن كنت وليّه فهذا وليّه، وإنّ (٣) الله يوالي مَن والاه ويعادي مَن عاداه) .

٩٦ - أخبرني زكريّا بن يحيى قال: حدثنا محمّد بن يحيى [ بن أبي عمر ] قال: حدثنا يعقوب بن جعفر بن أبي كثير، عن مهاجر بن مسمار قال: أخبرتني عائشة بنت سعد، عن سعد قال:

كنّا مع رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) بطريق مكّة [ إلى المدينة ] وهو متوجّه إليها(٤) فلمّا بلغ غدير خم وقّف النّاس ثمّ ردّ مَن مضى ولحقه مَن تخلّف، فلمّا اجتمع النّاس إليه قال:(أيّها النّاس هل بلّغت)؟ قالوا: نعم.

____________________

(١) من ط.

(٢) كذا في طبعتي مصر وبيروت و (أ، ب)، وفي الأصل: (عن عائشة بنت سعد)، ويؤيّد المثبت أيضاً تخريجات الحديث كافة، ومنها الحديث المتقدّم والتالي.

(٣) في ج: (فإنّ)، وفي ط مصر: (ليوالي).

٩٦ - ورواه الحميدي عن يعقوب بن جعفر: مناقب الكوفي: ح ٣٤٤، تاريخ دمشق: ح ٥٥٤ من ترجمة أمير المؤمنين، فرائد السمطين: ١ / ٧٠ باب ١١.

ورواه الطبري أيضاً من طريق يعقوب: كما في البداية والنهاية: ٥ / ١٨٧.

ورواه إبراهيم بن مهاجر عن أبيه: مسند الصحابة للشاشي: ق ١٧ مسند سعد.

وتقدّم برقم ٩ من رواية موسى بن يعقوب عن مهاجر؛ فلاحظ سائر تخريجاته هناك.

(٤) كذا في أ، ب، وطبعتي مصر وبيروت. ومابين المعقوفين زيادة لابدّ منها حسب سائر المصادر. وفي سائر النسخ: (وهو موجّه إليها).

١٣٨

قال:(اللّهمّ اشهد) ثلاث مرّات يقولها، ثمّ قال:(أيّها النّاس مَنْ وليّكم)؟ قالوا: (الله ورسوله) ثلاثاً(١) ، ثمّ أخذ بيد عليّ فأقامه ثمّ قال:(مَن كان الله ورسوله وليّه فهذا وليّه، اللّهمّ والِ مَن والاه وعادِ مَن عاداه) .

____________________

(١) بيان للسؤال والجواب معاً حسب ما يظهر من السياق.

١٣٩

الترغيب في حبّ عليّ

وذكر دعاء النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) لمَن أحبّه ودعائه على مَن أبغضه

٩٧ - أخبرنا إسحاق بن إبراهيم [ بن راهويه ](١) قال: أخبرنا النضر بن شميل قال: حدثنا عبد الجليل بن عطيّة قال: حدثنا عبد الله بن بريدة قال: حدثني أبي قال:

لم يكن أحد من النّاس أبغض إلَيّ من عليّ بن أبي طالب، حتّى أحببت رجلاً من قريش لا أحبّه إلاّ على بغضاء عليّ، فبعث [ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ](٢) ذلك الرجل على خيل، فصحبته، وما أصحبه إلاّ على بغضاء عليّ، فأصاب سبياً، فكتب إلى النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) أن يبعث(٣) إليه من يخمّسه، فبعث إلينا عليّاً، وفي السبي وصيفة من أفضل السبي، فلمّا خمّسه صارت الوصيفة في الخمس، ثمّ خمّس فصارت في أهل بيت النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم)، ثمّ خمّس فصارت في آل عليّ، فأتانا ورأسه يقطر، فقلنا: ما هذا؟ فقال: ألم تروا الوصيفة صارت في الخمس ثمّ صارت في أهل بيت النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) ثمّ صارت في آل عليّ؟ فوقعت عليها. فكتب وبعثني مصدّقاً لكتابه إلى النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) مصدّقاً لما قال [ في ](٤) عليّ، فجعلت أقرأ عليه وأقول صدق وأقرأ و

____________________

(١) من طبعتي مصر وبيروت.

٩٧ - تقدّم تخريج هذا الحديث ذيل الحديث ٧٩؛ فلاحظ.

ورواه الطحاوي في مشكل الآثار: ٤ / ١١٠ ح ٣٣١٥ باب ٤٧٦ عن المصنّف به.

ورواه يحيى بن سعيد عن عبد الجليل: مسند أحمد: ٥ / ٣٥٠ ط ١، والفضائل: ح ٣٠٢.

ورواه البراء بن عازب: مسند الروياني: ص ١٣٢ ح ٣٠٩ باختصار.

(٢) من مشكل الآثار نقلاً عن المصنّف.

(٣) في ط، ومشكل الآثار: (أن أبعث).

(٤) من أ، ب، وفي المشكل: (بما قال فجعلت...).

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

الموت والشهادة. بل إنّهم يستلهمون من قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه أفضل الصلاة والسلام) «والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمّه»(١) ويستقبلون الموت في سبيل الهدف برحابة صدر. ولهذا فإنّ أمير المؤمنين حينما تلقّى الضربة السامّة من اللعين الخاسر «عبد الرحمن بن ملجم» لم يقل سوى «فزت وربّ الكعبة».

خلاصة القول : فإنّ الإيمان بالمعاد يجعل من الإنسان الخائف الضائع ، إنسانا شجاعا شهما هادفا ، تمتلئ حياته بالحماسة والتضحية والصدق والتقوى.

٣ ـ الدلائل العقليّة على المعاد :

فضلا عن الدلائل النقلية الكثيرة على المعاد سواء الواردة في القرآن المجيد ، والتي تشمل مئات الآيات بهذا الخصوص ، فإنّ هناك أدلّة عقليّة واضحة أيضا على هذه المسألة ، والتي نحاول ذكرها هنا بشكل مختصر :

أ ـ برهان الحكمة :

إذا نظرنا إلى هذا العالم بدون العالم الآخر ، فسيكون فارغا وبلا معنى تماما ، كما لو افترضنا بوجود الحياة في الأطوار الجنينية بدون الحياة في هذه الدنيا.

فلو كان قانون الخلق يقضي بأنّ جميع المواليد الجدد يختنقون بمجرّد نزولهم من بطون امّهاتهم ويموتون ، فإنّ الدور الجنيني سيكون بلا معنى؟ كذلك لو كانت الحياة في هذا العالم مبتورة عن الحياة في العالم الآخر ، فسنواجه نفس الاضطراب والحيرة ، فما ضرورة أن نعيش سبعين عاما أو أكثر أو أقل في هذه الدنيا وسط كلّ هذه المشكلات؟ فنبدأ الحياة ونحن لا نملك تجربة معيّنة ، وحين بلوغ تلك المرتبة يهجم الموت وينتهي العمر نسعى مدّة لتحصيل العلم والمعرفة ،

__________________

(١) نهج البلاغة ، الخطبة ٥ صفحة ٥٢.

٢٦١

وحينما نبلغ درجة منه بعد اشتعال الرأس شيبا يستقبلنا الموت.

ثمّ لأجل ماذا نعيش؟ الأكل واللبس والنوم والاستيقاظ المتكرّر يوميا ، واستمرار هذا البرنامج المتعب لعشرات السنين ، لماذا؟

فهل حقّا إنّ هذه السماء المترامية الأطراف وهذه الأرض الواسعة ، وكلّ هذه المقدّمات والمؤخّرات وكلّ هؤلاء الأساتذة والمعلّمين والمربّين وكلّ هذه المكتبات الضخمة وكلّ هذه الأمور الدقيقة والأعمال التي تداخلت في خلقنا وخلق باقي الموجودات ، كلّ ذلك لمجرّد الأكل والشرب واللبس والحياة المادية هذه؟

هنا يعترف الذين لا يعتقدون بالمعاد بتفاهة هذه الحياة ، ويقدم بعضهم على الانتحار للتخلّص من هذه الحياة الخاوية ، بل قد يفتخر به.

وكيف يمكن لمن يؤمن بالله وبحكمته المتعالية أن يعتبر هذه الحياة الدنيا وحدها بدون ارتباطها بحياة اخرى ذات قيمة وذات شأن؟

يقول تعالى :( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ ) (١) . أيّ أنّه لو لم يكن رجوع بعد هذه الدنيا إلى الله ، فإنّ الحياة في هذه الدنيا ليست سوى عبث في عبث.

نعم فإنّ الحياة في هذه الدنيا تجد معناها ويكون لها مفهوما ينسجم مع حكمة الله سبحانه وتعالى عند ما تعتبر هذه : «الدنيا مزرعة للآخرة» و «الدنيا قنطرة» ومكان تعلّم ، وجامعة للاستعداد للعالم الآخر ومتجر لذلك العالم ، تماما كما يقول أمير المؤمنين علي (عليه الصلاة والسلام) في كلماته العميقة المعنى «إنّ الدنيا دار صدق لمن صدقها ، ودار عاقبة لمن فهم عنها ، ودار غنى لمن تزوّد منها ، ودار موعظة لمن اتّعظ بها ، مسجد أحبّاء الله ، ومصلّى ملائكة الله ، ومهبط وحي الله ،

__________________

(١) المؤمنون ، ١١٥.

٢٦٢

ومتجر أولياء الله»(١) .

خلاصة القول ، إنّ الفحص والمطالعة في وضع هذا العالم يؤدّي إلى الاعتقاد بعالم آخر وراء هذا العالم( وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ ) (٢) .

ب ـ برهان العدالة :

التدقيق في نظام الوجود وقوانين الخلق ، يستنتج منه أنّ كلّ شيء منها محسوب بدقّة متناهية. ففي مؤسسة البدن البشري ، يحكم نظام عادل دقيق ، بحيث أنّه لو تعرّض لأدنى تغيير أو عارض ما لأدّى إلى إصابته بالمرض أو حتّى الموت ، حركات القلب ، دوران الدم ، أجفان العين ، وكلّ جزء من خلايا الجسم البشري مشمول بهذا النظام الدقيق ، الذي يحكم العالم بأسره «وبالعدل قامت السموات والأرض»(٣) فهل يستطيع الإنسان أن يكون وحده النغمة النشاز في هذا العالم الواسع؟!

صحيح أنّ الله سبحانه وتعالى أعطى للإنسان بعض الحرية في الإرادة والإختيار لكي يمتحنه ولكي يتكامل في ظلّ تلك الحرية ويطوي مسير تكامله بنفسه ، ولكن إذا أساء الإنسان الاستفادة من تلك الحرية فما ذا سيكون؟!

ولو أنّ الظالمين الضالّين المضلّين بسوء استفادتهم من هذه الموهبة الإلهية استمرّوا على مسيرهم الخاطئ فما ذا يقتضي العدل الإلهي؟! وصحيح أنّ بعضا من المسيئين يعاقبون في هذه الدنيا ويلقون مصير أعمالهم ـ على الأقل قسم منهم ـ ولكن المسلّم أنّ جميعهم لا ينال جميع ما يستحقّ. كما أنّ جميع المحسنين الأطياب لا يتلقّون جزاء أعمالهم الطيّبة في الدنيا ، فهل من

__________________

(١) نهج البلاغة ، الكلمات القصار كلمة ١٣١.

(٢) الواقعة ، ٦٢.

(٣) تفسير الصافي ، المجلّد الخامس ، صفحة ١٠٧.

٢٦٣

الممكن أن تكون كلا المجموعتين في كفّة عدالة الله سواء؟!

ويقول القرآن الكريم :( أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) .(١) وفي موضع آخر يقول تعالى :( أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ) .(٢)

على كلّ حال ، فلا شكّ في تفاوت الناس وإطاعة أوامر الله سبحانه وتعالى ، كما أنّ محاكم «القصاص والثواب الدنيوية» و «محكمة الوجدان» و «الآثار الوضعية للذنوب» كلّ ذلك لا يكفي لإقرار العدالة على ما يبدو ، وعليه يجب القبول بأنّه لأجل إجراء العدالة الإلهية يلزم وجود محكمة عدل عامّة تراعي بدقّة الخير أو الشرّ في حساباتها ، وإلّا فإنّ أصل العدالة لا يمكن تأمينه أبدا.

وبناء على ما تقدّم يجب الإقرار بأنّ قبول العدل الإلهي مساو بالضرورة لوجود المعاد والقيامة ، القرآن الكريم يقول :( وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ ) .(٣)

ويقول :( وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) .(٤)

ج ـ برهان الهدف :

على خلاف ما يتوهّمه المادّيون ، فإنّ الإلهيين يرون أنّ هناك هدفا من خلق الإنسان ، والذي يعبّر عنه الفلاسفة بـ «التكامل» وفي لسان القرآن والحديث فهو «القرب إلى الله» أو «العبادة»( وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) .(٥)

فهل يمكن تحقيق هذا الهدف إذا كان الموت نهاية لكلّ شيء؟!

__________________

(١) القلم ، ٣٥ و ٣٦.

(٢) ص ، ٢٨.

(٣) الأنبياء ، ٤٧.

(٤) يونس ، ٥٤.

(٥) الذاريات ، ٥٦.

٢٦٤

يجب أن يكون عالم بعد هذا العالم ويستمرّ فيه سير الإنسان التكاملي ، وهناك يحصد ما زرع في هذا العالم ، وكما قلنا في موضع آخر فإنّه في ذلك العالم الآخر يستمرّ سير الإنسان التكاملي ليبلغ هدفه النهائي.

الخلاصة : أنّ تحقيق الهدف من الخلق لا يمكن بدون الإعتقاد بالمعاد ، وإذا قطعنا الارتباط بين هذا العالم وعالم ما بعد الموت ، فكلّ شيء سيتحوّل إلى ألغاز ، وسوف نفقد الجواب على الكثير من التساؤلات.

د ـ برهان نفي الاختلاف :

لا شكّ أنّنا جميعا نتعذّب كثيرا من الاختلافات بين المذاهب والعقائد في هذا العالم ، وكلّنا نتمنّى أن تحلّ هذه الاختلافات ، في حين أنّ جميع القرائن تدلّل على أنّ هذه الاختلافات هي من طبيعة الحياة. ويستفاد من عدّة دلائل بأنّه حتّى بعد قيام المهديعليه‌السلام ـ وهو المقيم لحكومة العدل العالمية والمزيل لكثير من الاختلافات ـ ستبقى بعض الاختلافات العقائدية بلا حلّ تامّ ، وكما يقول القرآن الكريم فإنّ اليهود والنصارى سيبقون على اختلافاتهم إلى قيام القيامة :( فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ) .(١)

ولكن الله سبحانه وتعالى الذي يقود كلّ شيء باتّجاه الوحدة سينهي تلك الاختلافات حتما ، ولوجود الحجب الكثيفة لعالم المادّة في الدنيا فإنّه لا يمكن حلّ هذا الأمر بشكل كامل فيها ، ونعلم أنّ العالم الآخر هو عالم الظهور والانكشاف ، إذن فنهاية هذه المسألة ستكون نهاية عملية ، وستكون الحقائق جلية واضحة إلى درجة أنّ الاختلافات العقائدية ستحلّ بشكل نهائي تامّ.

الجميل أنّه تمّ التأكيد في آيات متعدّدة من القرآن الكريم على هذه المسألة ، يقول تعالى في الآية (١١٣) من سورة البقرة :( فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما

__________________

(١) المائدة ، ١٤.

٢٦٥

كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) وفي الآيات (٣٨) و (٣٩) من سورة النحل يقول تعالى :( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ ) .

٤ ـ القرآن ومسألة المعاد :

تعتبر مسألة المعاد المسألة الثانية بعد مسألة التوحيد والتي تعتبر المسألة الأساس في تعليمات الأنبياء بخصائصها وآثارها التربوية ، لذا ففي بحوث القرآن الكريم نجد أنّ أكثر الآيات اختصّت ببحث مسألة المعاد ، بعد الكثرة الكاثرة التي اختصّت ببحث مسألة التوحيد.

والمباحث القرآنية حول المعاد تارة تكون بشكل استدلالات منطقية ، واخرى بشكل بحوث خطابية وتلقينية شديدة الوقع بحيث أنّ سماعها في بعض الأحيان يؤدّي إلى قشعريرة شديدة في البدن بأسره. والكلام الصادق ـ كالاستدلالات المنطقية ـ ينفذ إلى أعماق الروح الإنسانية.

في القسم الأوّل ، أي الاستدلالات المنطقية ، فإنّ القرآن الكريم يؤكّد كثيرا على موضوع إمكانية المعاد ، إذ أنّ منكري المعاد غالبا ما يتوهّمون استحالته ، ويعتقدون بعدم إمكانية المعاد بصورة معاد جسماني يستلزم عودة الأجسام المهترئة والتراب إلى الحياة مرّة اخرى.

ففي هذا القسم ، يلج القرآن الكريم طرقا متنوعة ومتفاوتة تلتقي كلّها في نقطة واحدة ، وهي مسألة «الإمكان العقلي للمعاد».

فتارة يجسّد للإنسان النشأة الاولى ، وبعبارة وجيزة ومعبّرة واضحة تقول الآية :( كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ) .(١)

__________________

(١) الأعراف ، ٢٩.

٢٦٦

وتارة يجسّد حياة وموت النبات ، وبعثه الذي نراه بامّ أعيننا كلّ عام ، وفي الختام يقول إنّ بعثكم تماما كالنبات :( وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ ) .(١)

وفي موضع آخر يقول تعالى :( وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ ) .(٢)

وحينا يطرح مسألة قدرة الله سبحانه وتعالى على خلق السموات والأرض فيقول :( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) .(٣)

وحينا آخر يعرض عملية انبعاث الطاقة واشتعال الشجر الأخضر كنموذج على قدرته ، وجعل النار في قلب الماء فيقول :( الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً ) .(٤)

وتارة يجسّد أمام ناظري الإنسان الحياة الجنينية فيقول :( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ) .(٥)

وأخيرا فإنّ القرآن تارة يدلّل على البعث بالنوم الطويل ـ النوم الذي هو قرين الموت وأخوه ، بل إنّه الموت بعينه من بعض الجوانب ـ كنوم أصحاب الكهف الذي استمر ثلاثمائة وتسع سنين ، وبعد تفصيل جميل حول النوم واليقظة يقول :

__________________

(١) سورة ق ، ٩ ـ ١١.

(٢) فاطر ، ٩.

(٣) الأحقاف ، ٣٣.

(٤) سورة يس ، ٨٠.

(٥) الحجّ ، ٥.

٢٦٧

( وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها ) .(١)

تلك هي الأساليب الستّة المختلفة التي طرحتها آيات القرآن الكريم لبيان إمكانية المعاد. علاوة على قصّة إبراهيم عليه‌السلام والطيور الأربعة (البقرة ـ ٢٦٠) وقصّة عزير (البقرة ـ ٢٥٩) وقصّة الشهادة من بني إسرائيل (البقرة ـ ٧٣) ، والتي تشكّل كلّ واحدة منها نموذجا تأريخيا على هذه المسألة وهي من الشواهد والدلائل الاخرى التي ذكرها القرآن بهذا الخصوص.

خلاصة القول ، إنّ ما يعرضه القرآن الكريم عن المعاد ومظاهره المختلفة ومعلوماته ونتائجه ، والدلائل الرفيعة التي يطرحها بهذا الخصوص ، حيّة ومقنعة بحيث أنّ أيّ إنسان إذا كان لديه ذرّة من الوجدان فإنّه يتأثّر بعمق ما يطرحه القرآن الكريم.

وعلى قول البعض : فإنّ ألفا ومائتي آية من القرآن الكريم تبحث في مسألة المعاد ، لو جمعت وفسّرت لأصبحت وحدها كتابا ضخما.

٥ ـ المعاد الجسماني :

المقصود من المعاد الجسماني ليس إعادة الجسم وحده في العالم الآخر ، بل إنّ الهدف هو بعث الروح والجسم معا ، وبتعبير آخر فإنّ عودة الروح أمر مسلّم به ، والحديث حول عودة الجسم.

جمع من الفلاسفة القدماء كانوا يعتقدون بالمعاد الروحي فقط ، وينظرون إلى الجسد على أنّه مركّب ، يكون مع الإنسان في هذه الدنيا فقط ، وبعد الموت يصبح الإنسان غير محتاج إليه فينزل الجسد ويندفع نحو عالم الأرواح.

ولكن العلماء المسلمين الكبار يعتقدون بأنّ المعاد يشمل الروح والجسم ، وهنا لا يقيّد البعض بعودة الجسم السابق ، ويقولون بأنّ الله قيّض للروح جسدا ، ولكن

__________________

(١) الكهف ، ٢١.

٢٦٨

شخصيّة الإنسان بروحه فإنّ هذا الجسد يعدّ جسده.

في حال أنّ المحقّقين يعتقدون بأنّ هذا الجسد الذي يصبح ترابا ويتلاشى ، يتلبّس بالحياة مرّة اخرى بأمر الله الذي يجمعه ويكسوه بالحياة ، هذه العقيدة نابعة من متون الآيات القرآنية الكريمة.

إنّ الشواهد على المعاد الجسماني في الآيات القرآنية الكريمة كثيرة جدّا ، بحيث يمكن القول قطعا بأنّ الذين يعتقدون باقتصار المعاد على المعاد الروحي فقط لا يملكون أدنى اطّلاع على الآيات العديدة التي تبحث في موضوع المعاد ، وإلّا فإنّ جسمانية المعاد واضحة في الآيات القرآنية إلى درجة تنفي أدنى شكّ في هذه المسألة.

فهذه الآيات التي قرأناها في آخر سورة يس ، توضّح هذه الحقيقة حيث حينما تساءل الإنسان :( قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ) أجابه القرآن بصراحة ووضوح :( قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ ) .

إنّ كلّ تعجّب المشركين والمخالفين لمسألة المعاد هو هذه القضيّة ، وهي كيف يمكن إحياؤنا بعد الموت وبعد أن نصبح ترابا متناثرا وضائعا في هذه الأرض؟( وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ) .(١)

إنّهم يقولون :( أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ ) (٢) . وتعجّبوا من هذه المسألة إلى درجة أنّهم اعتبروا إظهارها دليلا على الجنون أو الكذب على الله( قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ) .(٣)

لهذا السبب فإنّ استدلالات القرآن الكريم حول إمكانية المعاد عموما تدور

__________________

(١) السجدة ، ١٠.

(٢) المؤمنون ، ٣٥.

(٣) سورة سبأ ، ٧.

٢٦٩

حول هذا المحور وهو «المعاد الجسماني» وما عرضناه في الفصل السابق في ستّة طرق كانت دليلا وشاهدا على هذا الادّعاء.

علاوة على أنّ القرآن الكريم يذكر مرارا وتكرارا بأنّكم ستخرجون يوم القيامة من قبوركم والقبور مرتبطة بالمعاد الجسماني.

والأوصاف التي يذكرها القرآن الكريم عن المواهب المادية والمعنوية للجنّة ، كلّها تدلّل على أنّ المعاد معاد جسمي ومعاد روحي أيضا ، وإلّا فلا معنى للحور والقصور وأنواع الأغذية والنعيم في الجنّة إلى جنب المواهب المعنوية.

على كلّ حال ، فلا يمكن أن يكون الإنسان على جانب يسير من المنطق والثقافة القرآنية وينكر المعاد الجسماني. وبتعبير آخر : فإنّ إنكار المعاد الجسماني بنظر القرآن الكريم مساو لإنكار أصل المعاد.

علاوة على هذه الأدلّة النقلية ، فإنّ هناك أدلّة عقلية بهذا الخصوص لو أردنا إيرادها لاتّسع البحث كثيرا ، لا شكّ أنّ الإعتقاد بالمعاد الجسماني سيثير أسئلة وإشكالات كثيرة ، منها شبهة الآكل والمأكول والتي ردّ عليها العلماء الإسلاميون والتي أوردنا تفصيلا عنها بشكل مختصر في المجلّد الثاني عند تفسير الآية (٢٦٠) من سورة البقرة.

٦ ـ الجنّة والنار

الكثيرون يتوهّمون بأنّ عالم ما بعد الموت يشبه هذا العالم تماما ولكنّه بشكل أكمل وأجمل ، غير أنّ لدينا قرائن عديدة تدلّل على الفروق الكبيرة بين العالمين من حيث الكيفية والكميّة ، لو أردنا تشبيهها بالفروق بين العالم الجنيني وهذه الدنيا لظلّت المقايسة أيضا غير كاملة.

فوفقا لصريح الروايات الواردة في هذا الشأن فإنّ في عالم ما بعد الموت ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على فكر بشر ، القرآن الكريم يقول :( فَلا تَعْلَمُ

٢٧٠

نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ) .(١)

الأنظمة الحاكمة في ذلك العالم أيضا تتفاوت تماما مع الأنظمة في هذا العالم ، ففي حين يستفاد في هذا العالم من أفراد يسمّون «الشهود» في المحاكمات ، نرى أنّ هناك تشهد الأيدي والأرجل وحتّى الجلد( الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ) .(٢) ( وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ ) (٣) .

على كلّ حال ، فما قيل عن العالم الآخر لا يرسم أمامنا سوى صورة باهتة ، وعادة فإنّ اللغة التي نتحدّث بها والثقافة التي لدينا غير قادرة جميعها على الوصف الحقيقي لما هو موجود هناك ، ولكن لا يترك الميسور بالمعسور. فالمقدار المتيقّن هو أنّ الجنّة هي مركز كلّ النعم والمواهب الإلهية سواء المادية أو المعنوية ، وجهنّم هي مركز لكلّ أنواع العذاب الأليم المادّي والمعنوي أيضا.

أمّا بخصوص تفصيل ذلك فإنّ القرآن الكريم أورد جزئيات نحن نؤمن بها ، ولكن تفصيلها بدقّة غير ممكن بدون الرؤية والمعاينة. ولنا بحث حول هذا الخصوص في تفسير الآية (٣٣) من سورة آل عمران.

إلهي : آمنّا في الفزع الأكبر.

إلهي : لا تحاسبنا بعدلك ولكن حاسبنا بلطفك وعدلك ، فليس لدينا من الأعمال ما يوجب رضاك.

اللهم افعل بنا ما يرضيك عنّا ويجعلنا من الناجين آمين ربّ العالمين.

* * *

نهاية سورة يس

__________________

(١) السجدة ، ١٧.

(٢) سورة يس ـ ٦٥.

(٣) سورة فصلت ، ٢١.

٢٧١
٢٧٢

سورة

الصّافات

مكيّة

وعدد آياتها مائة واثنان وثمانون آية

٢٧٣
٢٧٤

سورة الصّافات

محتوى سورة الصّافات :

هذه السورة بحكم كونها من السور المكيّة ، فإنّها تمتلك كافّة خصائص السور المكيّة ، فهي تسلّط الأضواء على اصول المعارف والعقائد الإسلامية الخاصّة بالمبدأ والمعاد. وتتوعّد المشركين بأشدّ العقاب وذلك من خلال العبارات الحازمة والآيات القصيرة العنيفة الوقع ، وتوضّح ـ بالأدلّة القاطعة ـ بطلان عقائدهم.

بصورة عامّة يمكن تلخيص محتوى سورة الصافات في خمسة أقسام :

القسم الأوّل : يبحث حول مجاميع من ملائكة الرحمن ، ومجموعة من الشياطين المتمردين ومصيرهم.

القسم الثّاني : يتحدّث عن الكافرين ، وإنكارهم للنبوّة والمعاد ، والعقاب الذي ينتظرهم يوم القيامة ، كما يستعرض الحوار الذي يدور بينهم في ذلك اليوم ، ويحملهم جميعا الذنب ، والعذاب الإلهي الذي سيشملهم ، كما يشرح هذا القسم جوانب من النعم الموجودة في الجنّة إضافة إلى ملذّاتها وجمالها وسرور أهلها.

القسم الثّالث : يشرح بصورة مختصرة تأريخ الأنبياء أمثال (نوح) و (إبراهيم) و (إسحاق) و (موسى) و (هارون) و (إلياس) و (لوط) و (يونس) وبصورة ذات تأثير قوي ، كما يتحدّث هذا القسم بشكل مفصّل عن إبراهيم محطّم الأصنام وعن جوانب مختلفة من حياته ، والهدف الرئيسي من وراء سرد قصص الأنبياء ـ مع ذكر بعض الشواهد العينية من تأريخهم ـ هو تجسيد حوادث تلك القصص

٢٧٥

وتصويرها بشكل محسوس وملموس.

القسم الرّابع : يعالج صورة معيّنة من صور الشرك والذي يمكن اعتباره من أسوأ صور الشرك ، وهو الإعتقاد بوجود رابطة القرابة بين الله سبحانه وتعالى والجنّ والملائكة ، ويبيّن بطلان مثل هذه العقائد التافهة بعبارات قصيرة.

أمّا القسم الخامس والأخير : فيتناول في عدّة آيات قصار انتصار جيوش الحقّ على جيوش الكفر والشرك والنفاق ، وابتلاءهم ـ أي الكافرين والمشركين والمنافقين ـ بالعذاب الإلهي ، وتنزّه آيات هذا القسم الله سبحانه وتعالى وتقدّسه عن الأشياء التي نسبها المشركون إليه ، ثمّ تنتهي السورة بالحمد والثناء على الباريعزوجل .

فضيلة تلاوة سورة الصافات :

في حديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، جاء فيه : «من قرأ سورة الصافات اعطي من الأجر عشر حسنات ، بعدد كلّ جنّ وشيطان ، وتباعدت عنه مردة الشياطين ، وبرىء من الشرك ، وشهد له حافظاه يوم القيامة أنّه كان مؤمنا بالمرسلين»(١) .

وفي حديث آخر عن الإمام الصادقعليه‌السلام جاء فيه : «من قرأ سورة الصافات في كلّ جمعة لم يزل محفوظا من كلّ آفة ، مدفوعا عنه كلّ بليّة في حياته الدنيا ، مرزوقا في الدنيا بأوسع ما يكون من الرزق ، ولم يصبه الله في ماله ولا ولده ولا بدنه بسوء من شيطان رجيم ، ولا جبّار عنيد ، وإن مات في يومه أو ليلته بعثه الله شهيدا ، وأماته شهيدا ، وأدخله الجنّة مع الشهداء في درجة من الجنّة»(٢) .

الثواب العظيم الذي يناله من يتلو سورة الصافات ، جاء نتيجة لما تحويه هذه

__________________

(١) مجمع البيان ، أوّل تفسير سورة الصافات.

(٢) تفسير مجمع البيان أوّل تفسير سورة الصافات ـ لقد ورد هذا الحديث في تفسير البرهان نقلا عن الشيخ الصدوق ، رحمة الله مع اختلاف بسيط.

٢٧٦

السورة المباركة ، فنحن ندرك أنّ الهدف من التلاوة هو التفكّر ، ومن ثمّ الإعتقاد ، ومن بعد العمل. ومن دون شكّ فإنّ الذي يتلو هذه السورة بتلك الصورة ، سيحفظ من شرّ الشياطين ، ويتطهّر من الشرك ، ويمتلك الإعتقاد الصحيح القوي ، ويمارس أعمالا صالحة ، ويتّعظ من القصص الواقعية للأنبياء والأقوام الماضية ، وإنّه سيحشر مع الشهداء.

وممّا يذكر فإنّ تسمية هذه السورة بالصافات جاءت نسبة إلى الآية الاولى فيها.

* * *

٢٧٧

الآيات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (١) فَالزَّاجِراتِ زَجْراً (٢) فَالتَّالِياتِ ذِكْراً (٣) إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ (٤ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ (٥) )

التّفسير

الملائكة المستعدّة لتنفيذ المهام :

هذه السورة هي أوّل سورة في القرآن الكريم تبدأ بالقسم ، القسم المليء بالمعاني والمثير للتفكّر ، القسم الذي يجوب بفكر الإنسان في جوانب مختلفة من هذا العالم ، ويجعله متهيّئا لتقبّل الحقائق.

من المسلّم به أنّ الله تبارك وتعالى هو أصدق الصادقين ، وليس بحاجة إلى القسم ، إضافة إلى أنّ قسمه إن كان للمؤمنين ، فإنّهم مؤمنون به من دون قسم ، وإن كان للناكرين ، فإنّ أولئك لا يعتقدون بالقسم الإلهي.

ونلفت الانتباه إلى نقطتين لحلّ مشكلة القسم في كلّ آيات القرآن التي سنتناولها من الآن فما بعد.

الاولى : أنّ القسم يأتي دائما بالنسبة إلى امور مهمّة وذات قيمة ، ولذلك فإنّ

٢٧٨

أقسام القرآن تشير إلى عظمة وأهميّة الأشياء المقسم بها. وهذا الأمر يدعو إلى التفكّر أكثر بالشيء المقسم به ، التفكّر الذي يكشف للإنسان عن حقائق جديدة.

الثانية : أنّ القسم يأتي للتأكيد ، وللدلالة على أنّ الأمور التي يقسم من أجلها هي امور جديّة ومؤكّدة.

وعلاوة على ذلك أنّ المتحدّث لو تحدّث بصورة حازمة ومؤكّدة ، فإنّ تأثير كلامه من الناحية النفسية سيكون أوقع على قلب المستمع ، كما أنّه يقوّي المؤمنين ويضعّف الكافرين.

على كلّ حال ، فإنّ بداية هذه السورة تذكر أسماء ثلاثة طوائف أقسم بها الله تعالى(١) .

الأولى :( وَالصَّافَّاتِ صَفًّا ) .

الثانية :( فَالزَّاجِراتِ زَجْراً ) .

الثالثة :( فَالتَّالِياتِ ذِكْراً ) .

فمن هي تلك الطوائف الثلاث؟ وعلى من أطلقت تلك الصفات؟ وما الهدف النهائي منها؟

المفسّرون قالوا الكثير بهذا الشأن ، إلّا أنّ المعروف والمشهور هو أنّ هذه الصفات تخصّ طوائف من الملائكة

طوائف اصطفّت في عالم الوجود بصفوف منظمة ، وهي مستعدّة لتنفيذ الأمر الإلهي.

وطوائف من الملائكة تزجر بني آدم عن ارتكاب المعاصي والذنوب ، وتحبط وساوس الشياطين في قلوبهم. أو الملائكة الموكّلة بتسيير السحاب في السماء وسوقها نحو الأرض اليابسة لإحيائها.

وأخيرا طوائف من الملائكة تتلو آيات الكتب السماوية حين نزول الوحي

__________________

(١) هذه العبارات الثلاث من جهة هي ثلاثة أقسام ، ومن جهة اخرى هي قسم واحد له ثلاث صفات.

٢٧٩

على الرسل(١) .

وممّا يلفت النظر أنّ «الصافات» هي جمع كلمة «صافّة» وهي بدورها تحمل صفة الجمع أيضا ، وتشير إلى مجموعة مصطفّة ، إذن فـ «الصافات» تعني الصفوف المتعدّدة(٢) .

وأمّا كلمة «الزاجرات» فإنّها مأخوذة من (الزجر) ويعني الصرف عن الشيء بالتخويف والصراخ ، وبمعنى أوسع فإنّها تشمل كلّ منع وطرد وزجر للآخرين.

إذن فالزاجرات تعني مجاميع مهمّتها نهي وصرف وزجر الآخرين.

و «التاليات» من (التلاوة) وهي جمع كلمة (تال) وتعني طوائف مهمّتها تلاوة شيء ما(٣) .

ونظرا لكثرة واتّساع مفاهيم هذه الألفاظ ، فليس من العجب أن يطرح المفسّرون تفاسير مختلفة لها دون أن يناقض بعضها الآخر ، بل من الممكن أيضا أن تجتمع لتوضيح مفهوم هذه الآيات ، فمثلا المقصود من كلمة «الصافات» هو صفوف الملائكة المستعدّة لتنفيذ الأوامر الإلهيّة ، في عالم الخلق ، أو الملائكة النازلون بالوحي إلى الأنبياء في عالم التشريع ، وكذلك صفوف المقاتلين

__________________

(١) بالطبع وردت احتمالات اخرى في تفسير الآيات المذكورة أعلاه ، «منها» ما يشير إلى صفوف جند الإسلام في ساحات الجهاد ، الذين يصرخون بالأعداء ويزجرونهم عن الاعتداء على حرمة الإسلام والقرآن ، والذين يتلون كتاب الله دائما ومن دون أي انقطاع ، وينوّرون قلوبهم وأرواحهم بنور تلاوته ، ومنها : أنّ بعض هذه الأوصاف الثلاثة هو إشارة إلى ملائكة اصطفّت بصفوف منظمة ، والقسم الآخر يشير إلى آيات القرآن التي تنهى الناس عن ارتكاب القبائح ، والقسم الثالث يشير إلى المؤمنين الذين يتلون القرآن في أوقات الصلاة وفي غيرها من الأوقات. ويستبعد الفصل بين هذه الأوصاف ، لأنّها معطوفة على بعضها البعض بحرف (الفاء) ، وهذا يوضّح أنّها أوصاف لطائفة واحدة. وقد ذكر العلّامة «الطباطبائي» في تفسيره الميزان هذا الاحتمال ، في أنّ الأوصاف الثلاثة هي تطلق على ملائكة مكلّفة بتبليغ الوحي الإلهي ، والاصطفاف في طريق الوحي لتوديعه ، وزجر الشياطين التي تقف في طريقه ، وفي النهاية تلاوة آيات الله على الأنبياء.

(٢) ولا ضير في التعبير عن الملائكة بلفظ الإناث «الصافات والزاجرات والتاليات» لأنّ موصوفها الجماعة ، وهي مؤنّث لفظي.

(٣) ممّا يذكر أنّ بعض اللغويين قالوا بأنّ جمع كلمة (تال) هو (تاليات) وجمع (تالية) (توال).

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344