خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب16%

خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب مؤلف:
الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلاميّة
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 344

خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
  • البداية
  • السابق
  • 344 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 80682 / تحميل: 7511
الحجم الحجم الحجم
خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

مؤلف:
الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلاميّة
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

____________________

عبد الله بن عمرو بن العاص: السنّة لابن أبي عاصم: ح ٩٢٩ و ٩٣٠ و ٩٣٤ و ٩٤٤، السنّة لعبد الله بن أحمد: ٢٨١: ١٤٦٠ وص ٢٧٦ ح ١٤٣١، تاريخ الطبري: ٣ / ٩٢ حوادث سنة ٨ في عنوان (أمر أموال هوازن وعطايا المؤلّفة قلوبهم)، مسند البزّار: ص ٢٠٧، حلية الأولياء: ٦ / ٥٤ ترجمة نوف البكالي، مستدرك الحاكم: ٢ / ١٤٥ أوّل كتاب قتال أهل البغي، دلائل البيهقي: ٥ / ١٨٦.

عبد الله بن مسعود: سنن ابن ماجة: ١ / ٥٩: ١٦٨، المصنّف لابن أبي شيبة: ٧ / ٥٥٢: ٣٧٨٧٢ وص ٥٥٣ ح ٣٧٨٧٩، مسند أحمد: ١ / ٤٠٤ ط ١، سنن الترمذي: ٣ / ٣٢٦، الشريعة للآجري: ص ٣٥ باب ذكر ثواب قتال الخوارج، شرح السنّة للبغوي: ١٠ / ٢٣٤: ٢٥٥٩ وفيه:(يا أُمّ سلمة هذا والله قاتل القاسطين والناكثين والمارقين من بعدي) .

عبد الله بن أبي نجيح: مرسلاً: السنّة لابن أبي عاصم: ص ٤٣٩ ح ٩٢٩ و ٩٣١.

عقبة بن عامر: مسند أحمد: ٤ / ١٤٥ ط ١ في مسند عقبة.

قتادة: مرسلاً: المصنّف لعبد الرزّاق: ١٠ / ١٥٤: ١٨٦٦٩.

محمّد بن عليّ بن الحسين أبو جعفر الباقر: السنّة لعبد الله بن أحمد: ص ٢٧٦ ح ١٤٣٢، تاريخ الطبري: ٣ / ٩٢ حوادث سنة ٨، السنّة لابن أبي عاصم: ص ٤٣٩ ح ٩٢٩ و ٩٣١، دلائل البيهقي: ٥ / ١٨٧.

محمّد بن عمرو بن علقمة: مرسلاً: السنّة لابن أبي عاصم: ح ٩٣٣.

أبو نجيح والد عبد الله: مرسلاً: السنّة لابن أبي عاصم: ص ٤٤١ ح ٩٣٢.

أبو هريرة: السنّة لابن أبي عاصم: ص ٤٣٧ ح ٩٢٦.

وأمر قتال الخوارج من اختصاصات أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد ورد من غير طريق أنّه (عليه السلام) نَهى عن مقاتلة الخوارج من بعده معلّلاً في بعضها بأنّه:(ليس مَن طلب الحقّ فأخطأ (وهم الخوارج)كمن طلب الباطل فأصابه (وهم معاوية وأضرابه)) ، وفي بعضها استثناء حالة خروجهم على إمام عادل، وأخبار النبيّ (صلّى الله عليه وآله) عامتها دالة على هذا الاختصاص؛ لذلك قال المصنّف في بداية

=

٢٦١

أنا فقأت عين الفتنة، ولولا أنا ما قوتل أهل النهروان [ وأهل الجمل ] (١) ،ولو لا أنّي أخشى أن تتركوا العمل لأخبرتكم بالّذي قضى الله [ عزّ وجلّ ] (٢) على لسان نبيّكم (صلّى الله عليه وسلّم) لمَن قاتلهم مبصراً لضلالتهم عارفاً بالهدى الّذي نحن عليه.

____________________

=

الباب: ذكر ما خصّ به عليّ من قتال المارقين.

وقد رُوي عن عليّ وغيره من وجوه أنّه قال: أُمرت أن أقتل الناكثين أهل الجمل والقاسطين أهل الشام والمارقين الخوارج.

وتقدّم عن رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): أنّ عليّاً يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله، فهو مع الحقّ والقرآن، فمَن فارقه فقد فارق الحقّ والقرآن، سواء كان عالماً بذلك كمعاوية وابن العاص وأضرابهما، أم كان جاهلاً مثل عامّة الخوارج وسواد أهل الشام.

(١) من طبعتي مصر وبيروت، ومثله في السنّة لعبد الله بن أحمد، وكفاية الطالب للكنجى، وحلية الأولياء لأبي نعيم.

(٢) من أ، ب، ط.

٢٦٢

ذكر مناظرة عبد الله بن عبّاس الحروريّة واحتجاجه

[ عليهم ](١) فيما أنكروه على أمير المؤمنين

عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه)

١٩٠ - أخبرنا عمرو بن عليّ قال: حدثنا عبد الرحمان بن مهدي قال: حدثنا عكرمة بن عمّار قال: حدثنا أبو زميل [ سماك بن الوليد ] قال: حدثني عبد الله بن عبّاس قال:

لمّا خرجت الحروريّة اعتزلوا في دار وكانوا ستّة آلاف، فقلت لعلي: يا أمير المؤمنين أبرد بالصلاة لعليّ أكلّم هؤلاء القوم. قال:إنّي أخافهم عليك . قلت: كلاّ. فلبست وترجّلت ودخلت عليهم في دار نصف النّهار وهم يأكلون، فقالوا: مرحباً بك يا ابن عبّاس، فما جاء بك؟! قلت لهم: أتيتكم من عند أصحاب النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) المهاجرين والأنصار، ومن عند ابن عمّ النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) وصهره، وعليهم نزل القرآن، فهم أعلم بتأويله منكم، وليس فيكم منهم أحد، لأبلغكم ما يقولون، وأبلغهم ما تقولون. فانتحى لي نفر منهم، قلت: هاتوا ما نقمتم على أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) وابن عمّه؟ قالوا: ثلاث. قلت: ما هنّ؟

____________________

(١) من طبعتي مصر وبيروت.

١٩٠ - ورواه أحمد أحمد بن حنبل عن عبد الرحمان بن مهدي: ٥ / ٢٦٣: ٣١٨٧ بقصّة الحديبيّة.

ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام عن عبد الرحمان بن مهدي: كتاب الأموال: ص ١٧٢ ح ٤٤٥.

ورواه عبد الرزّاق عن عكرمة: المصنّف: ١٠ / ١٥٧: ١٨٦٧٨، وعنه الطبراني في الكبير: ١٠ / ٢٥٧: ١٠٥٩٨، وعنه أبو نعيم في حلية الأولياء: ١ / ٣١٨ ترجمة ابن عبّاس.

ورواه عمر بن يونس عن عكرمة: الأموال لأبي عبيد: ص ١٧٢ ح ٤٤٥، مستدرك

=

٢٦٣

قالوا(١) : أمّا إحداهنّ: فإنّه حكّم الرجال في أمر الله، وقال الله:( إِنِ الْحُكْمُ إِلا للهِ ) [ ٥٨ / الأنعام: ٦، ٤٠ و٦٧ / يوسف: ١٢ ] ما شأن الرجال والحكم؟ قلت: هذه واحدة.

قالوا: وأمّا الثانية: فإنّه قاتل ولم يسب [ سباهم ](٢) ولم يغنم، وإن كانوا كفّاراً لقد حلّ سبيهم، ولئن كانوا مؤمنين ما حلّ سبيهم ولا قتالهم. قلت: هذه ثنتان فما الثالثة؟ وذكر كلمة معناها:

قالوا: محى نفسه من أمير المؤمنين، فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو

____________________

=

الحاكم: ٢ / ١٥٠، وعنه البيهقي في السنن الكبرى: ٨ / ١٧٩، كلاهما في كتاب قتال أهل البغي، تاريخ دمشق لابن عساكر: ٣ / ١٩١ ح ١٢٠٤ من ترجمة أمير المؤمنين.

ورواه موسى بن مسعود عن عكرمة: المعجم الكبير للطبراني: ١٠ / ٢٥٧: ١٠٥٩٨، وعنه أبو نعيم في حلية الأولياء: ١ / ٣١٨ ترجمة ابن عبّاس، المعرفة والتاريخ للفسوي: ١ / ٥٢٢، وعنه الخوارزمي في المناقب: ح ٢٤٤ في آخر الفصل ١٦.

ورواه النضر بن محمّد عن عكرمة: جامع بيان العلم لابن عبد البرّ: ٢ / ١٠٣ باب إثبات المناظرة والمجادلة وإقامة الحجّة.

وأخرج أبو داود في سننة: ٤ / ٣١٧ من طريق عكرمة جزءاً منه؛ فلاحظ.

وله شاهد من حديث عبد الله بن شداد وفيه: أنّ عليّاً (عليه السلام) ناظرهم أوّلاً ثمّ بعث إليهم ابن عبّاس: أخرجه أحمد في المسند: ٢ / ٨٤: ٦٥٦، وأبو يعلى في المسند: ١ / ٣٦٧: ٤٧٤، والحاكم في المستدرك: ٢ / ١٥٢، وعنه وعن غيره البيهقي في السنن الكبرى: ٨ / ١٧٩ - ١٨١ كلاهما في كتاب قتال أهل البغي.

ورواه الشعبي باختصار: أنساب الأشراف: ح ٤٥٥ ترجمة أمير المؤمنين.

ولاحظ الأحاديث التالية، وانظر ما رواه البلاذري في أنساب الأشراف: ح ٤٤٦ وما بعده من ترجمة أمير المؤمنين.

(١) من طبعتي مصر وبيروت: وفي الأصل وطبعة الكويت: (قال).

(٢) من الأصل وحده.

٢٦٤

أمير الكافرين.

قلت: هل عندكم شيء غير هذا؟ قالوا: حسبنا هذا.

قلت لهم: أرأيتكم إن قرأت عليكم من كتاب الله جلّ ثناؤه وسنّة نبيّه (صلّى الله عليه وسلّم) ما يرد قولكم أترجعون؟ قالوا: نعم.

قلت: أمّا قولكم (حكّم الرجال في أمر الله) فإني أقرأ عليكم في كتاب الله أن قد صيّر الله حكمه إلى الرجال في ثمن ربع درهم، فأمر الله تبارك وتعالى أن يحكّموا فيه، أرأيت قول الله تبارك وتعالى:( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُتَعَمّدَاً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنكُمْ ) [ ٩٥ / المائدة: ٥ ] وكان من حكم الله أنّه صيّره إلى الرجال يحكمون فيه، ولو شاء يحكم(١) فيه، فجاز من حكم الرجال، أنشدكم بالله أحكم الرجال في صلاح ذات البين وحقن دمائهم أفضل أو في أرنب؟ قالوا: بلى، بل في هذا أفضل.

وفي المرأة وزوجها [ قال الله عزّ وجلّ ](٢) :( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا ) [ ٣٥ / النساء: ٤ ] فنشدتكم بالله حكم الرجال في صلاح ذات بينهم وحقن دمائهم أفضل من حكمهم في بضع امرأة؟ خرجت من هذه؟ قالوا: نعم.

قلت: وأمّا قولكم: (قاتل ولم يسب ولم يغنم) أفتسبون أُمّكم عائشة تستحلّون منها ما تستحلّون من غيرها وهي أُمّكم؟ فإن قلتم: إنّا نستحلّ منها ما نستحلّ من غيرها فقد كفرتم، وإن قلتم: ليست بأمّنا فقد كفرتم،( النّبِيّ أَوْلَى‏ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمّهَاتُهُمْ ) [ ٦ / الأحزاب: ٣٣ ] فأنتم بين ضلالتين فأتوا منها بمخرج؟ أفخرجت من هذه؟ قالوا: نعم.

وأمّا محي نفسه من أمير المؤمنين فأنا اتيكم بما ترضون، أنّ نبيّ الله (صلّى الله عليه وسلّم) يوم الحديبيّة صالح المشركين فقال لعليّ:(اكتب يا عليّ: هذا ما صالح عليه محمّد

____________________

(١) في ج: (لحكم).

(٢) من طبعة مصر.

٢٦٥

رسول الله) . قالوا: لو نعلم أنّك رسول الله ما قاتلناك. فقال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم):(امح يا عليّ، اللهمّ إنّك تعلم أنّي رسول الله، امح يا علي واكتب: هذا ما صالح عليه محمّد بن عبد الله) . والله لرسول الله (ص) خير من عليّ وقد محى نفسه، ولم يكن محوه نفسه ذلك محاه من النبوّة، أخرجت من هذه؟ قالوا: نعم.

فرجع منهم ألفان وخرج سائرهم فقتلوا على ضلالتهم، قتلهم المهاجرون والأنصار.

٢٦٦

ذكر الأخبار المؤيّدة لما تقدّم وصفه

١٩١ - أخبرني معاوية بن صالح قال: حدثنا عبد الرحمان بن صالح قال: حدثنا عمرو بن هاشم الجنبي، عن محمّد بن إسحاق، عن محمّد بن كعب القرظي، عن علقمة بن قيس قال:

قلت لعليّ: تجعل بينك وبين ابن آكلة الأكباد حكماً؟ قال:إنّي كنت كاتب رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)يوم الحديبيّة فكتبت: (هذا ما صالح عليه محمّد رسول الله وسهيل بن عمرو) . فقال سهيل: لو علمنا أنّه رسول الله ما قاتلناه، امحها. فقلت:هو والله رسول الله وإن رغم أنفك، لا والله لا أمحوها (١) .فقال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم):(أرني مكانها). فأريته فمحاها وقال: (أما إنّ لك مثلها ستأتيها وأنت مضطرّ) (٢) .

١٩٢ - أخبرنا محمّد بن المثنى ومحمّد بن بشار قالا: حدثنا محمّد [ بن جعفر ] قال: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت البراء قال:

____________________

(١) في الأصل (أمحها)، والمثبت من أ، ب وطبعتي مصر وبيروت.

(٢) وفي ط: (مضطهد).

١٩١ - وروى البلاذري في ح ٤٢٧ من ترجمة أمير المؤمنين من أنساب الأشراف: عن أبي إسحاق السبيعي عن علقمة بن قيس قال: قلت لعليّ: أتقاضي معاوية على أن يحكم حكمان؟ فقال: ما أصنع أنا مضطهد.

وروى ابن أبي عاصم في السنة: ص ٤٢٥ ح ٩٠٧ عن عليّ بن يزيد: عن فطر عن حكيم بن جبير عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن عليّ يوم النهروان أنّه قال:(أمرت بقتال المارقين وهؤلاء المارقون). قال المحقّق بالهامش: أخرجه البزّار ص ٢٣٥ عن عبد الله بن نمير عن فطر.

١٩٢ - ورواه مسلم بهذا الإسناد في صحيحه: ٣ / ١٤١٠ ح ٢ من باب ٣٤ (باب صلح الحديبيّة) من كتاب الجهاد.

ورواه البخاري عن محمّد بن بشار: صحيح البخاري: ٣ / ٢٤١ باب ما جاء في الإصلاح

=

٢٦٧

لمّا صالح رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) أهل الحديبيّة - وقال ابن بشار: أهل مكّة - كتب عليّ كتاباً بينهم، قال: فكتب: (محمّد رسول الله)، فقال المشركون: لا تكتب محمّد رسول الله، لو كنت رسول الله لم نقاتلك. فقال لعلي: (امحه). قال: ما أنا بالّذي أمحاه. فمحاه رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) بيده، فصالحهم على أن يدخل هو و أصحابه ثلاثة أيّام، ولا يدخلها إلاّ بجُلبان السلاح، فسألته - قال ابن بشار: فسألوه -: ما جلبان السلاح؟ قال: القراب بما فيه.

١٩٣ - أخبرنا أحمد بن سليمان [ الرهاوي ](١) قال: عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا إسرائيل [ بن يونس ] عن [ جدّه ] أبي إسحاق، عن البراء بن عازب قال:

____________________

=

بين الناس.

ورواه أحمد بن حنبل عن محمّد بن جعفر باختصار: المسند: ٤ / ٢٩١ ط ١، وعنه أبو داود في سننه: كتاب المناسك: ٢ / ١٦٧: ح ١٨٣٢ باب المحرم يحمل السلاح.

ورواه أبو داود الطيالسي عن شعبة: مسند الطيالسي: ٩٧: ٧١٣.

ورواه معاذ العنبري عن شعبة: صحيح مسلم: ٣ / ١٤٠٩ ح ١٧٨٣ باب صلح الحديبيّة من كتاب الجهاد.

ورواه عن شعبة: مسند أحمد: ٤ / ٢٨٩ ط ١.

ورواه إسرائيل عن أبي إسحاق: كما في الحديث التالي.

ورواه زكريّا عن أبي إسحاق: صحيح مسلم: ٣ / ١٤١٠ ح ٣ من باب صلح الحديبيّة من كتاب الجهاد.

(١) من ب، وطبعتي مصر وبيروت.

١٩٣ - تقدّم هذا الحديث وبهذا الإسناد برقم ٦٩ بفقرة (أنت منّي وأنا منك) فقط.

٢٦٨

اعتمر رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) في ذي القعدة فأبى أهل مكّة أن يدعوه يدخل مكّة حتّى قاضاهم على أن يقيم فيها ثلاثة أيّام، فلمّا كتبوا: (هذا ما قاضى عليه محمّد رسول الله)، قالوا: لا نقرّ بها، لو نعلم أنّك رسول الله ما منعناك بيته ولكن أنت محمّد بن عبد الله. قال:(أنا رسول الله وأنا محمّد بن عبد الله)، قال لعليّ:(امح رسول الله (ص)) . فقال:والله لا أمحوك أبداً . فأخذ رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) الكتاب وليس يحسن يكتب، فكتب مكان رسول الله (ص) محمّداً، فكتب:(هذا ما قاضى عليه محمّد بن عبد الله، لا يدخل مكّة سلاح إلاّ السيف في القراب، وأن لا يخرج من أهلها بأحد إن أراد أن يتبعه، وأن لا يمنع أحداً من أصحابه إن أراد أن يقيم). فلمّا دخلها ومضى الأجل أتوا عليّاً فقالوا: قل لصاحبك فليخرج عنّا فقد مضى الأجل، فخرج رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)، فتبعته ابنة(١) حمزة تنادي: يا عم يا عم! فتناولها

____________________

ورواه البخاري عن عبيد الله بن موسى: الصحيح: ٥ / ١٧٩ باب عمرة القضاء، وعنه البغوي في شرح السنّة: ١٤ / ١٣٩: ٣٩٣٧.

ورواه سعيد بن مسعود عن عبيد الله بن موسى: سنن البيهقي: ٨ / ٥ باب الخالة أحقّ بالحضانة من كتاب النفقات.

ورواه أسود بن عامر عن إسرائيل: مسند أحمد: ٤ / ٢٩٨ ط ١ دون قصّة ابنة حمزة.

ورواه حجين اليمامي عن إسرائيل: مسند أحمد: ٤ / ٢٩٨ ط ١ دون قصّة ابنة حمزة.

ورواه محمّد بن يوسف عن إسرائيل: مسند الدرامي: ٢ / ٢٣٧ باب صلح الحديبيّة دون قصّة ابنة حمزة.

ورواه هبيرة بن يريم وهانئ بن هانئ عن عليّ: كما في الحديث التالي.

وقصّة صلح الحديبيّة رواها أيضاً المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم وابن عمر وأنس.

(١) في فتح الباري: ٧ / ٥٠٥: اسمها عمارة وقيل فاطمة، وقيل أُمامة، أو غيرها، ورجّح ابن حجر الأوّل.

٢٦٩

عليّ، فأخذ(١) بيدها فقال لفاطمة: دونك ابنة عمّك، فحملتها، فاختصم فيها عليّ وزيد وجعفر، فقال عليّ: أنا أخذها وهي ابنة عمّي. وقال جعفر: ابنة عمّي وخالتها تحتي. وقال زيد: ابنة أخي. فقضى بها رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) لخالتها وقال:(الخالة بمنزلة الأمّ) . ثمّ قال لعليّ:(أنت منّي وأنا منك) . وقال لجعفر:(أشبهت خلقي وخلقي) . ثمّ قال لزيد:(أنت أخونا ومولانا). فقال عليّ: ألا تتزوّج ابنة حمزة؟ فقال:(إنّها ابنة أخي من الرضاعة) .

قال أبو عبد الرحمان: خالفه(٢) يحيى بن آدم فروى آخر هذا الحديث عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ وهبيرة بن يريم، عن عليّ:

أنّهم اختصموا في ابنة حمزة، فقضى بها رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) لخالتها وقال: (الخالة أمّ)(٣) . قلت: يا رسول الله ألا تزوجها؟ قال: (إنّها لا تحلّ لي إنّها ابنة أخي من الرضاعة)، وقال لعليّ: (أنت منّي وأنا منك)، وقال لزيد: (أنت أخونا ومولانا)، وقال لجعفر: (أشبهت خلقي وخلقي).

____________________

(١) في الكبرى: (فأخذها).

(٢) ليس فيه مخالفة بل فيه متابعة.

١٩٤ - تقدّم الحديث وبتفصيل برواية القاسم بن يزيد الجرمي عن إسرائيل برقم ٧٠، وقد ذكرنا تخريجاته في ذيل الحديث هناك فلاحظ.

(٣) في ج، ط (إنّ الخالة أُمّ).

٢٧٠

الفهارس:

١ - فهرس الآيات

٢ - فهرس الأحاديث

٣ - فهرس الأعلام والأماكن

٤ - فهرس الموضوعات

٢٧١

٢٧٢

فهرس الآيات

( أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى‏ أَعْقَابِكُمْ ) : ١٤٤ / آل عمران - ح ٦٤.

( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً ) : ٣٥ / النساء - ح ١٩٠.

( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ) : ٩٥ / المائدة - ح ١٩٠.

( إِنِ الْحُكْمُ إِلاّ للهِ ) : ٥٧ / الأنعام و٤٠ و٦٧ / الأحزاب - ح ١٩٠.

( النّبِيّ أَوْلَى‏ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ) : ٦ / الأحزاب - ح ١٩٠.

( إِنّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرّجْسَ ) ٣٣ / الأحزاب - ح ١١.

( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرّسُولَ... صَدَقَةً ) : ١٢ و١٣ / المجادلة - ح ١٥٢.

* * *

٢٧٣

فهرس الأحاديث والآثار

الحديث رقم الحديث

ابن سميّة، تقتلك الفئة الباغية - ١٦٠

أتبغض عليّاً؟! - ٩٧

أخبرني أنّه ميّت من وجعه - ١٢٧

أخبرني أنّه يموت فبكيت - ١٢٨

اذهب فوار أباك - ١٢٨

استأذن أبو بكر على النبي فسمع صوت عائشة عالياً - ١١٠

أشبهت خلقي وخلقي - ٧٠ - ١٩٤

اطلبوا ذا الثدية - ١٨٤

اعتمر رسول الله في ذي القعدة فأبى أهل مكّة - ١٩٣

أقبلت فاطمة تمشي كأنّ مشيتها مشية رسول الله - ١٣١

أقرب النّاس عهداً برسول الله على - ١٥٥

ألا أحدّثكما بأشقى النّاس؟ - ١٥٣

ألا أعلّمك دعاء إذا دعوت غفر لك؟ - ٣٠

ألا أعلّمك كلمات إذا قلتهنّ غفر لك؟ - ٢٥ - ٢٩

ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى - ٥٣

التمسوا المخدج - ١٨٥

ألستم تعلمون أنّي أولى بكلّ مؤمن من نفسه؟ - ٨٣، ٩٢، ٩٥

الله وليّي وأنا وليّ المؤمنين - ١٥٧

اللّهمّ أذهب عنه الحرّ والبرد - ١٥١

اللّهمّ اكفه أذى الحرّ والبرد - ١٤

٢٧٤

الحديث رقم الحديث

اللّهمّ إنّ الخير خير الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة - ١٦٠ و١٦١

اللّهمّ اهد قلبه وسدّد لسانه - ٣٤

اللّهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير - ١٠

اللّهمّ هؤلاء أهلي - ١١

اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي - ٢٤

أمّا أنت يا علي فختني وأبو ولدي وأنت منّي وأنا منك - ١٣٨

أمّا أنت يا علي فصفيّي وأميني - ٧٢

أما إنّ لك مثلها ستأتيها وأنت مضطر - ١٩١

أمّا بعد أيّها النّاس إنّ وليّكم - ٩٤

أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى - ١١، ٢٤، ٤٤، ٤٦، ٤٩، ٥٢، ٥٥، ٥٦، ٥٨ ٥٩ ٦١، ١٢٦

أما ترضين أن تكوني سيّدة نساء هذه الأُمّة - ١٣١

أمّا علي فلا تسألني عنه... فهذا بيته - ١٠٤ - ١٠٧

أمر رسول الله بأبواب المسجد فسدّت - ٤٢

انطلقت مع رسول الله حتّى أتينا الكعبة - ١٢٢

أنّا أوّل مَن صلّى - ١

أنّا عبد الله وأخو رسوله وأنا الصدّيق الأكبر - ٧، ٦٦

أنا فقأت عين الفتنة - ١٨٩

أنت خليفتي في كلّ مؤمن - ٢٤

أنت منّي بمنزلة هارون من موسى - ١١، ١٢، ٢٤، ٤٤، ٦٣، ١٢٦

أنت منّي مكان هارون - ٥٦

أنت منّي وأنا منك - ٦٩، ٧٠، ١٩٧

إنّ أحدث النّاس عهداً برسول الله علي - ١٥٤، ١٥٥

٢٧٥

الحديث رقم الحديث

إن التقيتما فعليّ على النّاس - ٨٩

إنّ رسول الله دعا فاطمة فناجاها فبكت - ١٢٨

إنّ رسول الله وصف ناساً إنّي لأعرف صفتهم في هؤلاء - ١٧٧

إنّ بني هشام بن المغيرة استأذنوني - ١٣٣، ١٣٤

إنّ جبرئيل كان يعارضني بالقران كلّ سنة مرّة - ١٣١، ١٣٢

إنّ عليّاً كان أوّلنا به لحوقاً - ١٠٩

إنّ عليّاً منّي وأنا منه - ٦٦

إنّ فاطمة مضغة منّي يريبني ما رابها و - ١٣٣، ١٣٧، ١٤٠

إنّ الله سيهدي قلبك ويثبّت لسانك - ٣٢، ٣٧

إنّ الله مولاي وأنا وليّ كلّ مؤمن - ٧٩

إنّ الله وليّي وأنا وليّ المؤمنين - ٩٨

إنّ الله يقول:( أفإن مات أو قتل ) - ٦٤

إنّ معاوية ذكر عليّ بن أبي طالب - ١٢٦

إنّ ملكاً من السماء لم يكن رآني فاستأذن الله في زيارتي - ١٣٠

إنّ منكم مَن يقاتل على تأويل القرآن - ١٥٦

إنّ النبيّ حين رجع من عمرة الجعرانة بعث أبا بكر - ٧٧

أنّه ذكر ناساً في أُمّته يخرجون في فرقة - ١٧٣

إنّه سيخرج قوم يتكلّمون بالحقّ لا يجاوز حلوقهم - ١٨١

إنّه قد ذكر لي خارجة تخرج من قبل المشرق وفيهم ذو الثدية - ١٨٥

إنّه كان أوّلنا به لحوقاً - ١٠٨

إنّه لا يؤدّي عنّي إلاّ أنا أو علي - ٧٦

إنّه لعهد النبيّ الأُمّي لا يحبّني إلاّ مؤمن - ١٠٠ - ١٠٢

إنّه منّي بمنزلة هارون من موسى - ١٢

٢٧٦

الحديث رقم الحديث

إنّها صغيرة - ١٢٣

إنّي أمرت أن أبلغه أنا أو رجل من أهل بيتي - ٧٥

إنّي دافع لوائي غداً إلى رجل يحبّ الله ورسوله - ١٥

أو لا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى - ٥٤

أوّل مَن أسلم وصلّى علي - ٣ - ٦

أيّكم يواليني في الدنيا والآخرة - ٢٤

أيّها النّاس مَن وليّكم؟ - ٩٦

بي خفف عن هذه الأُمّة - ١٥٢

بؤساً لك ابن سميّة - ١٦٣

بينا نحن عند رسول الله وهو يقسم... أتاه ذو الخويصرة - ١٧٥، ١٧٦

تجعل بينك وبين ابن آكلة الأكباد حكماً - ١٩١

تفترق أُمّتي فرقتين يمرق بينهما مارقة - ١٧١

تقتل عمّاراً الفئة الباغية - ١٥٨، ١٦٨

تمرق مارقة عند فرقة من النّاس - ١٦٩، ١٧٢

جئت في الجاهليّة إلى مكّة - ٦

الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة - ١٢٩، ١٣٠، ١٤٠، ١٤٣

الخالة أُمّ - ٧٠، ١٩٤

الخالة بمنزلة الأُمّ، ٧١

خطب أبو بكر وعمر فاطمة - ١٢٣

دعه فإنّ له أصحاباً يحقّر أحدكم صلاته مع صلاتهم - ١٧٥

ذكر لي أنّكم تسبّون عليّاً؟! - ٩٢

ربّ هؤلاء أهلي - ٥٤

ريحانَتَيّ من هذه الأُمّة - ١٤٤، ١٤٥

٢٧٧

الحديث رقم الحديث

سأل رجل ابن عمر عن عثمان وعلي - ١٠٤

ستكون أُمّتي فرقتين - ١٧٠

سدّوا هذه الأبواب إلاّ باب عليّ - ٣٨، ٤٢، ٧٣

سيخرج قوم من أُمّتي يقرؤن القرآن - ١٨٦

صدق الله وبلغ رسوله - ١٨٢

عليّ منّي وأنا منه - ٦٨، ٧١، ٧٣، ٨٩، ١٩٤

عهد إليّ النبيّ الأُمّي لا يحبّني إلاّ مؤمن - ١٠١

فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة - ١٢٧، ١٣١

قم يا عليّ فقد برئت - ١٤٧، ١٤٨

كأنّي قد دعيت فأجبت، إنّي قد تركت فيكم الثقلين - ٧٨

كان أحبّ النّاس إلى رسول الله من النساء فاطمة ومن الرجال عليّ - ١١٣

كان أوّل مَن أسلم بعد خديجة - ٢٤

كان (عثمان) من الّذين تولّوا يوم التقى الجمعان - ١٠٤، ١٠٦

كان لي من نبي الله مدخلان - ١١٧

كانت لي ساعة من السحر - ١١٥، ١١٦

كانت لي منزلة من رسول الله لم تكن لأحد من الخلائق - ١١٨

كلمات الفرج: لا إله إلاّ الله العليّ العظيم - ٢٧

كلمة حقّ أُريد بها باطل - ١٧٧

كنت أدخل على نبيّ الله فإن كان يصلّي سبّح - ١١٤

كنت إذا سألت أُعطيت - ١٢٠، ١٢١

كنت إذا سألت رسول الله أعطاني - ١١٩

كنت في زفاف فاطمة - ١٢٤

كيف أنت يا علي وقوم كذا وكذا؟ - ١٨٣

لأبعثنّ رجلاً يحبّ الله ورسوله - ٢٤

٢٧٨

الحديث رقم الحديث

لأدفعنّ الراية إلى رجل يحبّ الله ورسوله - ١٨، ٢١

لأدفعنّ الراية غداً إلى رجل يحبّ الله ورسوله - ١٣

لأعطينّ الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله - ١١، ١٢، ١٤، ١٥، ٢٢، ١٢٦

لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله - ٢٠، ٢٣

لأعطين اللواء رجلاً يحبّ الله ورسوله - ١٦

لأعطين هذه الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله - ١٩، ٥٤

لأعطين هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله عليه - ١٧

لا إله إلاّ الله العظيم الحليم - ٢٥، ٣٠

لا تسأل عن عليّ ولكن انظر إلى بيته - ١٠٤، ١٠٧

لا تقعنّ يا بريدة في علي - ٩٠

لا يحبّك إلاّ مؤمن - ٩٨، ١٠٠، ١٠٢

لا يذهب بها إلاّ رجل هو منّي وأنا منه - ٢٤

لا ينبغي أن يبلغ هذا إلاّ رجل من أهلي - ٧٤، ٧٥

لقد كان فيكم بالأمس رجل ما سبقه الأوّلون - ٢٣

لمّا خرجت الحروريّة اعتزلوا في دار - ١٩٠

لمّا رجعت إلى النبيّ قال لي كلمة ما أحبّ أنّ لي بها الدنيا - ١٥٠

لمّا زوّج رسول الله فاطمة من عليّ - ١٢٥

لمّا صالح رسول الله أهل مكّة - ١٩٢

لو لا أن تبطروا لأنبأتكم ما وعد الله - ١٨٧، ١٨٨

لينتهينّ بنو وليعة أو لأبعثنّ إليهم رجلاً كنفسي - ٧١

ما أعرف أحداً من هذه الأُمّة عبد الله بعد نبيّها غيري - ٨

ما أنا أمرت بإخراجكم، ما أنا فتحتها ولا سددتها - ٤٠، ٤١

ما تريدون من علي؟ إنّ عليّاً منّي - ٨٨

٢٧٩

الحديث رقم الحديث

ما رأيت رجلاً أحبّ إلى رسول الله منه - ١١١، ١١٢

ما سألت ربّي شيئاً إلاّ أعطاني وما سألت لنفسي شيئاً إلاّ وقد سألت لك - ١٤٧

ما لك يا أبا تراب؟ - ١٥٣

ما منعك أن تسبّ أبا تراب؟ - ٥٤

ما منكم أحد إلاّ وله حامة - ٦٠

ما يدريك لعلّ الله قد أطلع على أهل بدر - ٢٤

مرحباً بابنتي... أما ترضين أنّك سيّدة نساء هذه الأُمّة - ١٣٢

مرض رسول الله فجاءت فاطمة - ١٢٧

مرهم أن يتصدّقوا - ١٥٢

مَن سبّ عليّاً فقد سبّني - ٩٠، ٩١

مَن كنت مولاه فعليّ مولاه - ٩، ١٢، ٨٠، ٨٧، ٩٣، ٩٦، ٩٨، ٩٩، ١٥٧

مَن كنت وليّه فعليّ وليّه - ٢٤، ٧٧، ٧٩، ٩٥

هذا ما صالح عليه محمّد رسول الله - ١٩١

هذا ما قاضي عليه محمّد رسول الله - ١٩٣

هذا وليّي والمؤدّي عنّي - ٩

هذان ابناي وابنا ابنتي - ١٣٩

هما ريحانتي من الدنيا - ١٤٥

هي أحبّ إليّ منك وأنت أعزّ - ١٤٦

وسدّ أبواب المسجد غير باب عليّ - ٤٣

والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله - ٦٤

والله لقد علمت أنّ عليّاً أحبّ إليك - ١١٠

والله ما أنا أدخلته وأخرجتكم - ٣٩

ومَن يعدل إذا لم أعدل؟ - ١٧٥

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

أخبرني أبو بكر أحمد بن محمّد بن عبد الواحد المروذي ، حدّثنا محمّد ابن عبد الله بن محمّد الحافظ ـ بنيسابور ـ قال : سمعت أبا حامد أحمد بن محمّد المُقرئ الفقيه الواعظ يقول : سمعت أبا العبّاس محمّد بن إسحاق الثقفي يقول : لمّا انصرف قتيبة بن سعيد إلى الري ، سألوه أنْ يحدّثهم فامتنع وقال : أُحدّثكم بعد أنْ حضر مجالسي أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، وعليّ بن المديني، وأبو بكر ابن أبي شيبة ، وأبو خيثمة ؟ ! قالوا له : فإنّ عندنا غلاماً يسرد كلّ ما حدّثت به مجلساً مجلساً ، قم يا أبا زرعة ، فقام أبو زرعة ، فسرد كلّ ما حدّث به قتيبة ، فحدّثهم قتيبة .

حدّثنا محمّد بن يوسف القطّان النيسابوري ـ لفظاً ـ أخبرنا محمّد بن عبد الله بن محمّد بن حمدَويه الحافظ قال : سمعت أبا جعفر محمد بن أحمد الرّازي يقول : سمعت أبا عبد الله محمّد بن مسلم بن وارة يقول : كنت عند إسحاق بن إبراهيم بنيسابور ، فقال رجلٌ مِن أهلِ العراق : سمعت أحمد بن حنبل يقول : صحّ مِن الحديث سبعمِئة ألف حديث وكسر ، وهذا الفتى : ـ يعني أبا زرعة ـ قد حفظ ستمِئة ألف .

أخبرنا أبو سعد الماليني ، حدّثنا عبد الله بن عدي قال : سمِعت الحسن ابن عثمان التستري يقول : كلّ حديثٍ لا يعرفه أبو زرعة الرّازي ليس له أصل .

حدّثني أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن علّي السوذرجاني ـ لفظاً ، بأصبهان ـ وأبو طالب يحيى بن عليّ بن الطيّب الدسكري ـ لفظاً ، بحلوان ـ قال يحيى حدّثنا ، وقال الآخر : أنبأنا أبو بكر ابن المُقرئ ، حدّثنا عبد الله بن محمّد بن جعفر القزويني ـ بمصر ـ قال سمعت محمّد بن إسحاق الصاغاني يقول ـ في حديث ذكره مِن حديث الكوفة فقال : هذا أفادنيه أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم ، فقال له بعض مَن حضر : يا أبا بكر ، أبو زرعة مِن أولئك الحفّاظ الذين رأيتهم ؟ وذكر جماعة من الحفّاظ ، منهم الفلاس .

فقال : أبو زرعة أعلاهم ؛ لأنّه جمَع الحفظ مع التقوى والورع ، وهو يشبه بأبي عبد الله أحمد بن حنبل.

٣٢١

أخبرنا أبو نعيم الحافظ : حدّثنا الحسن بن محمّد الزعفراني ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن عمر ، حدّثنا أبو بكر ابن بحر ، حدّثنا محمّد بن الهيثم بن عليّ النسوي ، قال : لمّا أن قدِم حمدون البرذعي على أبي زرعة لكتابة الحديث، دخل عليه فرأى في داره أواني وفرشاً كثيراً ، قال : وكان ذلك لأخيه، فهمّ أنْ يرجع ولا يكتب عنه ، فلمّا كان من اللّيل رأى كأنّه على شط بركة، ورأى ظلّ شخص في الماء، فقال : أنت الذي زهدت في أبي زرعة ؟ ! أعلمت أنّ أحمد بن حنبل كان من الأبدال ، فلمّا أنْ مات أبدل الله مكانه أبا زرعة .

أخبرنا الماليني : أخبرنا عبد الله بن عيدي ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن سليمان القطّان، حدّثنا أبو حاتم الرّازي، حدّثني أبو زرعة عبدي الله بن عبد الكريم بن يزيد القرشي ، وما خلّف بعده مثله علماً وفهماً ، وصيانةً وحذقاً ، وهذا ما لا يُرتاب فيه ، ولا أعلم مِن المشرق والمغرب مَن كان يفهم من هذا الشأن مثله ، ولقد كان من هذا الأمر بسبيل .

وقال ابن عدي : سمعت عبد الملك بن محمّد يقول : سمعت ابن خراش يقول : كان بيني وبين أبي زرعة موعد أنْ أُبكّر عليه فأُذاكره ، فبكّرت فمررت بأبي حاتم وهو قاعدٌ وحده ، فدعاني فأجلسني معه يُذاكرني حتّى أصبح النهار ، فقلت له : بيني وبين أبي زرعة موعد ، فجئت إلى أبي زرعة والناس عليه منكبّون ، فقال لي : تأخّرت عن الموعد ؟ قلت : بكّرت فمررت بهذا المستوحش فدعاني فرَحِمته لِوحدته ، وهو أعلا إسناداً منك ، وضربت أنت بالدست أو كما قال .

أخبرنا أبو منصور محمّد بن عيسى بن عبد العزيز البزّاز ـ بهمذان ـ حدّثنا صالح بن أحمد بن محمّد الحافظ قال : سمعت القاسم بن أبي صالح يقول : سمعت أبا حاتم الرّازي يقول : أبو زرعة إمام.

أخبرنا البرقاني : أخبرنا عليّ بن عمر الدارقطني ، أخبرنا الحسن بن رشيق ، حدّثنا عبد الكريم بن أبي عبد الرحمان النسائي عن أبيه ، ثمّ حدّثني الصوري ، أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال : ناولني عبد الكريم ـ وكتب لي بخطّه ـ قال : سمعت أبي يقول : عبيد الله بن عبد الكريم أبو زرعة الرّازي ثقةٌ.

٣٢٢

أخبرنا الماليني : أخبرنا عبد الله بن عدي قال : سمعت أبا يعلى الموصلي يقول : ما سمعنا بذكرِ أحدٍ في الحفظ إلاّ كان اسمه أكثر مِن رؤيته ، إلاّ أبو زرعة الرّازي ، فإنّ مشاهدته كانت أعم من اسمه ، وكان قد جمع حفظ الأبواب ، والشيوخ ، والتفسير ، وغير ذلك ، وكتبنا بانتخابه بواسط ستّة آلاف .

أخبرنا هناد بن هارون النسفي : أخبرنا محمّد بن أحمد بن محمّد بن سليمان الحافظ ـ ببخارى ـ أخبرنا أبو الأزهر ناصر بن محمّد بن النضر الأسدي ـ بكرمينية ـ قال سمعت أبا يعلى أحمد بن عليّ بن المثنّى يقول : رحلْتُ إلى البصرة لِلِقاء المشايخ أبي الربيع ، الزهراني ، وهدبة بن خالد ، وسائر المشايخ ، فبينا نحن قُعود في السفينة ، إذا أنا برجلٍ يسأل رجلاً فقال : ما تقول ـ رحمك الله ـ في رجلٍ حلف بطلاق امرأته ثلاثاً أنّك تحفظ مِئة ألف حديث ؟ فأطرق رأسه مليّاً ثمّ رفع فقال : اذهب يا هذا وأنت بارٌّ في يمينك ، ولا تعد إلى مثل هذا ، فقلت من الرجل ؟ فقيل لي : أبو زرعة الرّازي ، كان ينحدر معنا إلى البصرة .

أخبرنا الماليني : حدّثنا عبد الله بن عدي قال : سمعت أبي عدي بنعبد الله يقول : كنت بالري ـ وأنا غلام في البزّازين ـ فحلف رجلٌ بطلاقِ امرأته أنّ أبا زرعة يحفظ مِئة ألف حديث ، فذهب قومٌ إلى أبي زرعة بسبب هذا الرجل هل طلّقت امرأته أم لا ؟ فذهبْت معهم ، فذكر لأبي زرعة ما ذكر الرجل ، فقال : ما حمله على ذلك ؟ فقيل له :

٣٢٣

قد جرى الآن منه ذلك ، فقال أبو زرعة : قل له يمسك امرأته... ) (١) .

ترجمة أبي حاتم الرّازي

وكذلك أبو حاتم الرّازي المتوفّى سنة ٢٧٧ :

قال الذهبي : ( محمّد بن إدريس أبو حاتم الرّازي ، الحافظ ، سمع الأنصاري وعبيد الله بن موسى.

وعنه : د ، س ، ووَلَده عبد الرحمان بن أبي حاتم ، والمحاملي قال موسى بن إسحاق الأنصاري : ما رأيت أحفظ منه مات في شعبان سنة ٢٧٧ )(٢) .

وقال السمعاني : ( إمامُ عصره والمرجوع إليه في مشكلات الحديث ، مِن مشاهير العلماء المذكورين ، الموصوفين بالفضل والحفظ والرحلة ، ولقي العلماء )(٣) .

وقال ابن حجر: ( د ، س ، ق محمّد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران الحنظلي ، أبو حاتم الرّازي ، الحافظ الكبير ، أحد الأئمّة.... روى عنه : أبو داود والنسائي وابن ماجة في التفسير... وقال الحاكم أبو أحمد في الكنى : أبو

ـــــــــــــــــــ

(١) تاريخ بغداد ١٠ / ٣٢٦ ـ ٣٣٧ .

(٢) الكاشف ٣ : ٦ / ٤٧٦١ .

(٣) الأنساب ٢ : ٢٧٩ .

٣٢٤

حاتم محمّد بن إدريس ، روى عنه : محمد بن إسماعيل الجعفي وابنه عبد الرحمان... ورفيقه أبو زرعة... وآخرون .

قال أبو بكر الخلال : أبو حاتم إمامٌ في الحديث ، روى عن أحمد مسائلَ كثيرةٌ وقعت إلينا متفرّقة ، كلّها غريب .

وقال ابن خراش : كان مِن أهل الأمانة والمعرفة .

وقال النسائي : ثقةٌ .

وقال اللاّلكائي : كان إماماً ، عالماً بالحديث ، حافظاً له ، متقناً متثبّتاً .

وقال الخطيب : كان أحد الأئمّة الحفّاظ الأثبات ، مشهوراً بالعلم ، مذكوراً بالفضل... مات بالري ٢٧٧ )(١) .

تكلّم الذهلي في البخاري

وممّن تكلّم في البخاري مِن الأئمّة الأعلام : محمّد بن يحيى الذهلي ، فقد قدح فيه وطعن ، وبدّعه في الدين ، ومنع من الكتابة عنه والحضور عنده ، قال السبكي بترجمة البخاري :

( قال أبو حامد ابن الشرقي : رأيت البخاري في جنازة سعيد بن مروان والذهلي يسأله عن الأسماء والكنى والعِلل ، ويمرّ فيه البخاري مثل السهم ، فما أتى على هذا شهر حتّى قال الذهلي : ألا مَن يختلف إلى مجلسه فلا يأتنا ، فإنّهم كتبوا إلينا من بغداد أنّه تكلّم في اللّفظ ، ونهيناه فلم ينته ، فلا تقربوه .

قلت : كان البخاري ـ على ما رُوي وسنحكي ما فيه ـ ممّن قال : لفظي بالقرآن مخلوقٌ ، وقال محمّد بن يحيى الذهلي : مَن زَعم أنّ لفظي بالقرآن مخلوقٌ فهو مُبتَدِع لا يُجالَس ولا يُكلَّم ، ومَن زعم أنّ القرآن مخلوقٌ فقد كفر ) .

ـــــــــــــــــــ

(١) تهذيب التهذيب ٩ : ٢٨ ـ ٣٠ .

٣٢٥

وقال ابن حجر : ( قال أبو حامد ابن الشرقي : سمعت محمّد بن يحيى الذهلي يقول : القرآن كلامُ الله غير مخلوق ، ومَن زعم لفظي بالقرآن مخلوق فهو مبتدِع لا يُجالَس ولا يُكلَّم ، ومَن ذهب بعد هذا إلى محمّد بن إسماعيل فاتّهموه ، فإنّه لا يحضر مجلسه إلاّ مَن كان على مذهبه )(١) .

نقد دفاع القوم عن البخاري

ثمّ إنّ القوم حاولوا تخليص البخاري مِن هذه الورطة ، فأتعبوا أنفسهم وجهدوا كثيراً... فقد جاء في كتاب( الطبقات ) بعد ما تقدَّم :

( وإنّما أراد محمّد بن يحيى ـ والعِلم عند الله ـ ما أراده أحمد بن حنبل كما قدّمناه في ترجمة الكرابيسي ، مِن النّهي عن الخوض في هذا ، فلم يرد مخالفة البخاري ، وإنْ خالفه وزعم أنّ لفظه الخارج مِن بين شفة المحدّثين قديم ، فقد باء بإثمٍ عظيم ، والظنّ به خلاف ذلك ، وإنّما أراد هو وأحمد وغيرهما مِن الأئمّة النهي عن الخوض في مسائل الكلام ، وكلام البخاري عندنا محمولٌ على ذكر ذلك عند الاحتياج إليه ، فالكلام عند الاحتياج واجب ، والسكوت عنه عند عدم الاحتياج سنّة .

فافهم ذلك ودع خرافات المؤرّخين ، واضرب صفحاً عن تمويهات الضالّين ، الذين يظنّون أنّهم مُحدّثون وأنّهم عند السنّة واقفون ، وهُم عنها مبعدون .

وكيف يظنّ بالبخاري أنّه يذهب إلى شيء مِن أقوال المعتزلة ، وقد صحّ عنه فيما رواه الفربري وغيره أنّه قال : إنّي لأستجهل مَن لا يكفّر الجهميّة ، ولا يرتاب المنصف في أنّ محمّد بن يحيى الذهلي لحقته الحسد التي لم يسلم منها إلاّ أهل العصمة ، وقد سأل بعضهم البخاري عمّا بينه وبين محمّد بن يحيى فقال البخاري : كم يعتري محمّد بن يحيى الحسد في العلم ، والعلم رزقُ الله يعطيه مَن يشاء ، ولقد أطرف البخاري وأبان عن عظيم ذكائه حيث قال ـ وقد قال له أبو عمرو الخفّاف أنّ الناس خاضوا في قولك : لفظي بالقرآن مخلوقٌ ـ يا أبا عمرو، أحفظ ما أقول لك ، مَن زعم مِن أهل نيسابور وقومس والري وهمدان ، وبغداد والكوفة والبصرة ، ومكّة والمدينة : أنّي قلت لفظي بالقرآن مخلوقٌ ، فهو كذّاب ، فإنّي لم أقله ، إلاّ أنّي قلت : أفعال العباد مخلوقة .

ـــــــــــــــــــ

(١) هدي الساري : ٤٩٢ .

٣٢٦

قلت : تأمّل كلامه ما أذكاه ! ومعناه ـ والعلم عند الله ـ إنّي لم أقل لفظي بالقرآن مخلوق ، لأنّ الكلام في هذا خوض في مسائل الكلام وصفات الله التي لا ينبغي الخوض فيها إلاّ للضرورة ، ولكنّي قلت أفعال العباد مخلوقة ، وهو قاعدة مغنية عن تخصيص هذه المسألة بالذكر ، فإنّ كلّ عاقلٍ يعلم أنّ لفظنا مِن جملةِ أفعالنا ، وأفعالنا مخلوقة ، فألفاظنا مخلوقة .

ولقد أفصح بهذا المعنى في رواية أُخرى صحيحة عنه ، رواها حاتم بن أحمد الكيدري فقال : سمعت مسلم بن الحجّاج ، فذكر الحكاية وفيها : أنّ رجلاً قام إلى البخاري فسأله عن اللّفظ بالقرآن فقال : أفعالنا مخلوقةٌ وألفاظنا من أفعالنا ، وفي الحكاية : أنّه وقع بين القوم إذ ذاك اختلاف على البخاري ، فقال بعضهم : قال لفظي بالقرآن مخلوقٌ ، وقال آخرون : لم يقل .

قلت : فلم يكن الإنكار إلاّ على مَن تكلّم في القرآن ، فالحاصل ما قدّمناه في ترجمة الكرابيسي ، من أنّ أحمد بن حنبل وغيره من السادات الموفّقين ، نهوا عن الكلام في القرآن جملةً ، وإنْ لم يُخالفوا في مسألة اللفظ فيما نظنّه فيهم إجلالاً لهم وفهماً مِن كلامهم في غير رواية ، ودفعاً لمحلّهم عن قول لا يشهد له معقول ولا منقول ، وهو أنّ الكرابيسي والبخاري وغيرهما مِن الأئمّة الموفّقين أيضاً أفصحوا بأنّ لفظهم مخلوقٌ لمّا احتاجوا إلى الإفصاح ، هذا إنْ ثبت عنهم الإفصاح بهذا ، وإلاّ فقد نقلنا لك قول البخاري أنّ مَن نقل عنه هذا فقد كذِب عليه .

٣٢٧

فإنْ قلت : إذا كان حقّاً لِمَ لا يفصح به ، قلت : سبحان الله ، قد أنبأناك أنّ السرّ فيه في الخوض في علم الكلام ، خشية أنْ يَجُرَّ الكلام فيه إلى ما لا ينبغي ، وليس كلّ علمٍ يُفصح به ، فاحفظ ما نُلقيه إليك واشدد عليه يدَيك ، ويعجبني ما أنشد الغزالي في منهاج العابدين لبعض أهل البيت(١) :

إِنّي لأَكتُم مِن عِلمي جَواهِرَهُ كي

لا يَرى الحقُّ ذي جَهلٍ فَيَفتَنِنا

يا رُبَّ جَوهَرِ عِلمٍ لَو أَبوحُ بِهِ

لقيلَ لي أَنتَ مِمَّن يَعبدُ الوَثَنا

وَلاسَتَحَلَّ رِجالٌ صَالِحُون دَمي

يَرَونَ أَقبَحَ ما يَأتونَهُ حَسَنا

وَقَد تَقَدَّمَ في هَذا أَبو حَسَنٍ

إِلى الحُسَينِ وَوَصّى قَلبَهُ الحَسنا

أقـول :

لكن كلام السبكي مُتهافت وركيك ، ألا ترى أنّه يُبادر إلى إنكار وقوع الخلاف بين الذهلي والبخاري ، ثمّ يرجع فيرمي الذهلي بالحسد للبخاري ، ثمّ تارةً يؤيّد القول بخلق التلفّظ بالقرآن ، وأُخرى ينكر أنْ يكون البخاري قائلاً بذلك !!

والحاصل : أنّه قد ذكر ثلاثة وجوه في الدفاع عن البخاري .

أحدها : عدم الخلاف بين الذهلي والبخاري في المسألة .

والثاني : إنّ ما قال الذهلي في البخاري ليس إلاّ عن الحسد له .

والثالث : إنّه لم يثبت عن البخاري القول بأنّ لفظي بالقرآن مخلوق .

ـــــــــــــــــــ

(١) منهاج العابدين : ٥ نسبه للإمام زين العابدينعليه‌السلام .

٣٢٨

لكن الأوّل واضح البطلان ، ولا سبيل لحمل كلام الذهلي في البخاري على أنّه إنّما كان نهياً عن الخوض في علم الكلام ، وكيف يقول هذا ؟ وهو ينقل عن الذهلي تكفير البخاري والردّ عليه والتكلّم فيه والمنع من الذهاب إليه والحضور عنده ؟ وكيف يدّعي عدم وقوع الخلاف ؟ وقد جاء في كتابه قبل هذا : ( قصّته مع محمّد بن يحيى الذهلي ) فقال : ( قال الحسن بن محمّد بن جابر : قال لنا الذهلي لمّا ورد البخاري بنيسابور : اذهبوا إلى هذا الرجل الصالح فاستمعوا منه ، فذهب الناس إليه واقبلوا على السماع منه ، حتّى ظهر الخلل في مجلس الذهلي ، فحسده بعد ذلك وتكلّم فيه... )(١) .

وذكر ابن حجر في مقدّمة شرح البخاري : ( ذكر ما وقع بينه وبين الذهلي في مسألة اللّفظ ، وما حصل له مِن المحنة بسبب ذلك وبراءته ممّا نسب إليه ) فقال :

( قال الحاكم أبو عبد الله في تاريخه : قدِم البخاري بنيسابور سنة خمسٍ وثلاثين ، فأقام بها مدّة يحدّث على الدوام ، قال : سمعت محمّد بن حازم البزّار يقول : سمعت الحسن بن محمّد بن جابر يقول : سمعت محمّد بن يحيى يقول : اذهبوا إلى هذا الرجل الصالح العالم فاسمعوا منه .

قال : فذهب الناس إليه واقبلوا على السماع منه ، حتّى ظهر الخلل في مجلس محمّد بن يحيى .

قال : فتكلّم فيه بعد ذلك ) .

قال : ( وقال أبو أحمد ابن عدي : ذكر لي جماعة مِن المشايخ : أنّ محمّد ابن إسماعيل لمّا ورد نيسابور واجتمع الناس عنده ، حسده بعض شيوخ الوقت ، فقال لأصحاب الحديث : إنّ محمّد بن إسماعيل يقول : لفظي بالقرآن مخلوقٌ ، فلمّا حضر المجلس قام إليه رجلٌ فقال : يا أبا عبد الله ، ما تقول في اللّفظ بالقرآن ، مخلوقٌ هو أو غير مخلوق ؟ فأعرض عنه البخاري ولم يُجِبه ثلاثاً ، فألحّ عليه ، فقال البخاري : القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق ، وأفعال العباد مخلوقة ، والامتحان بدعة ، فشغب الرجل وقال : قد قال لفظي بالقرآن مخلوق ) قال : ( وقال الحاكم : لمّا وقع بين البخاري وبين محمّد بن يحيى في مسألة اللّفظ ، انقطع الناس عن البخاري إلاّ مسلم بن الحجّاج وأحمد بن مسلمة فقال الذهلي : ألا مَن قال باللّفظ فلا يحضرنا مجلسنا ) .

ـــــــــــــــــــ

(١) طبقات الشافعيّة للسبكي ٢ : ٢٢٨ .

٣٢٩

قال : ( قال الحاكم أبو عبد الله : سمعت محمّد بن صالح بن هاني يقول : سمعت أحمد بن مسلمة النيسابوري يقول : دخلت على البخاري فقلت : يا أبا عبد الله ، إنّ هذا الرجل مقبولٌ بخراسان خصوصاً في هذه المدينة ، وقد لجّ في هذا الأمر حتّى لا يقدر أحد أنْ يكلّمه ، فما ترى ؟ قال : فقبض على لحيته وقال :( .. وأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ) ، اللّهمّ إنّك تعلم أنّي لم أرد المقام بنيسابور أشراً ولا بطراً ولا طلباً للرياسة ، وإنّما أبَت نفسي الرجوع إلى الوطن لغَلَبة المخالفين ، وقد قصدني هذا الرجل حسَداً لِمَا آتاني الله ثمّ قال لي : يا أبا أحمد ، إنّي خارج غداً لتتخلّصوا مِن حديثه لأجلي ) .

وقال الحاكم أيضاً عن الحافظ أبي عبد الله ابن الأخرم قال : ( لمّا قام مسلم بن الحجّاج وأحمد بن مسلمة مِن مجلس محمّد بن يحيى بسببالبخاري قال الذهلي : لا يُساكنني هذا الرجل في البلد ، فخشي البخاري وسافر (١) .

وكيف يجتمع القول بعدم وقوع الخلاف مع دعوى حسد الذهلي للبخاري ؟

لكنّ دعوى الحسد أيضاً لا تحلّ المشكلة ، ولا تنفعهم بل تضرّهم ، لأُمور :

ترجمة الذهلي

الأوّل : جلالة قدر الذهلي وعظمته كما بتراجمه ، فقد ذكروا أنّه مِن مشايخ البخاري وأبي داود والترمذي وابن ماجة والنسائي وآخرين من كبار الأئمّة ، وأنّ ابن أبي داود لقّبه بـ ( أمير المؤمنين في الحديث ) :

قال الذهبي : ( وعنه : خ والأربعة وابن خزيمة وأبو عوانة وأبو علي الميداني ، ولا يكاد البخاري يفصح باسمه لِما وقَع بينهما قال ابن أبي داود : حدّثنا محمّد بن يحيى ، وكان أمير المؤمنين في الحديث .

وقال أبو حاتم : هو إمامُ أهل زمانه توفّي ٢٥٨ وله ستّ وثمانون )(٢) .

وقال السمعاني : ( إمام أهل نيسابور في عصره ، ورئيس العلماء ومقدّمهم )(٣) .

وقال الصفدي : ( الإمام الذهلي ، مولاهم ، النيسابوري ، الحافظ ، سمع مِن خلقٍ كثير ، روى عنه الجماعة خلا مسلم ، قال : ارتحلت ثلاث رحلات

ـــــــــــــــــــ

(١) هدي الساري = مقدّمة فتح الباري : ٤٩٢ .

(٢) الكاشف ٣ : ٨٨ / ٥٢٧٤ .

(٣) الأنساب ٣ : ١٨١ .

٣٣٠

وأنفقت مِئةً وخمسين ألفا ً. قال النسائي : ثقةٌ مأمون قال أبو عمرو أحمد بن نصر الخفاف : رأيت محمّد بن يحيى في المنام فقلت : ما فعل الله بك ؟ قال : غفر لي قلت : ما فُعِل بحديثك ؟ قال : كُتِب بماء الذهب ورُفِع في عِلّيّين )(١) .

فهذ مقامات الذهلي ومنازله كما يقولون ، فكيف يصدّق مع هذا رميه بالحسد للبخاري ، وأنّ كلّ ما قاله فيه مِن التكفير وغيره هو عن الحسد له ؟ اللّهمّ إلاّ أنْ يلتجأ المدافعون عن البخاري إلى تكذيب هؤلاء المادحين للذهلي ، وهذه شناعةٌ عظيمة وداهيةٌ كبيرة بلا ارتياب ، فإنّه مصداق الهرب مِن المطر والوقوف تحت الميزاب !!

الأمر الثاني :

إنّ هذا الوجه ـ المُبطل للوجه السابق ـ لا ينفع القوم بل يضرّهم ؛ لأنّه إذا ثبت حسد الذهلي ـ كما ذكر السبكي ونصَّ عليه البخاري ـ وأنّه كان مِن أجل الرياسة وحبّ الدنيا ، توجّه الطعن إلى البخاري مرّةً أُخرى ، وصار دليلاً آخر على عدم احتياطه وتورّعه في الرواية والفتيا ؛ لأنّ الأُمور التي حكاها الحاكم والسبكي وابن حجر العسقلاني مثبتة ، لكون الذهلي فاسقاً ضالاًّ لا يجوز الأخذ منه والرواية عنه ، لكنّ البخاري قد أخرج عنه في صحيحه كما في( تهذيب الكمال ) (٢) و( تهذيب التهذيب) (٣) و( تقريب التهذيب ) (٤) و( الكاشف ) (٥) وغيرهما .

ـــــــــــــــــــ

(١) الوافي بالوفيات ٥ : ١٨٦ / ٢٢٣٥ .

(٢) تهذيب الكمال ٢٦ : ٦٢٢ / ٥٦٨٦ .

(٣) تهذيب التهذيب ٩ : ٤٥٢ / ٨٤٣ .

(٤) تقريب التهذيب ٢ : ٢٢٦ / ٧١٩٣ .

(٥) الكاشف ٣ : ٨٨ / ٥٢٧٤ .

٣٣١

وكيف جاز له أنْ يُخرج عنه في كتابه الذي لم يُخرج فيه عن الإمام أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام ؟

ومِن الطرائف أنْ يلتزم بالرواية عنه ، وإخراجها في كتابه ولو مع عدم التصريح باسمه ؟!

إنّه إنْ كان ثقةٌ يصلح للرواية عنه ، فالإخراج عنه مع إخفاء اسمه حسدٌ له مِن البخاري ، وإنْ كان مِن المجروحين عنده ، فالإخراج عنه بهذه الكيفيّة خيانةٌ وتدليس !!

الأمر الثالث :

إنّه إذا ثبت حسدُ الذهلي للبخاري وقدحه تضليله إيّاه ، وذمّ البخاري للذهلي وتكلّمه فيه ، توجّه إلى أهل السنّة ما أورده الشاه عبد العزيز الدهلوي في( التحفة الاثني عشريّة ) بعنوان الطعن على أهل الحق ، مِن وجود التكاذب والتحاسد بين قدماء الأصحاب وردّ بعضهم على البعض ، كتأليف هشام بن الحكم كتاباً في الردّ على هشام بن سالم الجواليقي ومؤمن الطاق .

يقول الدهلوي : ( والعجب ، إنّ قدماء الإماميّة وقدوتهم ، الذين تنتهي إليهم سلاسل أسانيد أهل الأخبار منهم ، كهشام بن الحكم ، وهشام بن سالم الجواليقي ، وصاحب الطاق ، قد وقع بينهم أشدّ التكاذب والتحاسد ، وكانوا يكذِّبون بعضهم بعضاً في الروايات الواقعة بينهم ، عن الأئمّة الثلاثة السجّاد والباقر والصادقعليهم‌السلام ويضلّلون ويكفّرون فيما بينهم ، كما أنّ لهشام ابن الحكم كتاباً في الردّ على الجواليقي وصاحب الطاق ذكر ذلك النجاشي ، فسقط جميع أخبارهم عن حيّز الاعتبار وتساقط بالتعارض )(١) .

ـــــــــــــــــــ

(١) التحفة الاثني عشريّة : ١١٨ الباب الرابع .

٣٣٢

لكنّ المناظرة وردّ البعض على البعض في المسائل العلميّة أمرٌ ، والإهانة والتكذيب بل التضليل والتكفير أمرٌ آخر ، فهشام بن الحكم وضع كتاباً في الردّ على هشام بن سالم في مسالة اختلفا فيها ، أمّا ما كان بين الذهلي والبخاري فهو الحسد والتضليل والتكفير، كما هو صريح عبارات القوم ، وهو الذي ينتهي إلى سقوط أخبارهم عن حيّز الاعتبار وتساقطها بالتعارض .

وأمّا إنكار السبكي أنْ يكون البخاري قائلاً : لفظي بالقرآن مخلوق ، فليس إلاّ مكابرةً منه ؛ لأنّه بنفسه قد حكى ذلك عن البخاري ، كما أنّ ابن حجرٍ أيضاً رواه ، قال السبكي :

( قال محمّد بن يوسف الفربري : سمعت محمّد بن إسماعيل يقول : وأمّا أفعال العباد مخلوقة ، فقد ثنا عليّ بن عبد الله ، ثنا مروان بن معاوية ، ثنا أبو مالك ، عن ربعي ، عن حذيفة قال : قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( إنّ الله يصنع كلّ صانع وصنعته ) .

وسمعت عبيد الله بن سعيد ، سمعت يحيى بن سعيد يقول : ما زلت أسمع أصحابنا يقولون أفعال العباد مخلوقة .

قال البخاري : حركاتهم وأصواتهم و أكسابهم وكتابتهم مخلوقة ، فأمّا القرآن المتلو المُثبت في المصاحف ، المسطور المكتوب المُوعى في القلوب ، فهو كلام الله ليس بمخلوق .

قال الله تعالى :( بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ..... ) .

وقال : يُقال فلانٌ حسنُ القراءة ورديُّ القراءة ، ولا يُقال حسنُ القرآن ولا رديّ القرآن ، وإنّما ينسب إلى العباد القراءة ؛ لأنّ القرآن كلام الربّ والقراءة فعل العبد ، وليس لأحدٍ أنْ يشرع في أمر بغير علم ، كما زعم بعضهم أنّ القرآن بألفاظنا وألفاظنا

٣٣٣

به ، شيء واحد ، والتلاوة هي المتلو ، والقراءة هي المقروء...)(١) .

وقال ابن حجر في( مقدمة فتح الباري ) :

( قال حاتم بن أحمد بن محمود : سمعت مسلم بن الحجّاج يقول : لمّا قدِم محمّد بن إسماعيل نيسابور ، ما رأيت عالماً ولا والياً فعَل به أهل نيسابور ما فعلوا به ، فاستقبلوه مِن مرحلتين من البلد أو ثلاث ، فقال محمّد بن يحيى الذهلي في مجلسه : مَن أراد أنْ يستقبل محمّد بن إسماعيل غداً فليستقبله ، فإنّي أستقبله ، فاستقبله محمّد بن يحيى وعامّة علماء نيسابور ، فدخل البلد .

فقال محمّد بن يحيى : لا تسألوه مِن شيء مِن الكلام ، فإنْ أجاب بخلاف ما نحن عليه وقع بيننا وبينه ، وشمت بنا كلّ أباضيّ وجهميّ ومرجئ بخراسان ، فازدحم الناس على محمّد بن إسماعيل حتّى امتلأت الدار والسطوح ، فلمّا كان اليوم الثاني أو الثالث مِن يوم قدومه ، قام إليه رجلٌ فسأله عن اللّفظ بالقرآن ، فقال : أفعالنا مخلوقةٌ وألفاظنا من أفعالنا ، فقال : فوقع بين الناس اختلاف ؛ فقال بعضهم : قال لفظي بالقرآن مخلوق ، وقال بعضهم : لم يقل ، فوقع بينهم في ذلك اختلاف حتّى قام بعضهم إلى بعض قال : فاجتمع أهل الدار فأخرجوهم )(٢)

وأيضاً قال ابن حجر : ( قال الحاكم : حدّثنا أبو بكر ابن أبي الهيثم ، ثنا الفربري قال : سمع محمّد بن إسماعيل يقول : أمّا أفعال العباد مخلوقة ، فقد حدّثنا عليّ ابن عبد الله ، ثنا مروان بن معاوية ، ثنا أبو مالك عن ربعي ، عن حذيفة قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( إنّ الله يصنع كلّ صانع وصنعته ) .

ـــــــــــــــــــ

(١) طبقات الشافعيّة ٢ : ٣٢٨ ـ ٢٢٩ .

(٢) هدي الساري : ٤٩١ .

٣٣٤

قال : وسمعت عبيد الله بن سعيد ـ يعني أبا قدامة السرخسي ـ سمعت يحيى ابن سعي يقول : لا زلت أسع أصحابنا يقولون إنّ أفعال العباد مخلوقة وقال محمّد بن إسماعيل : حركاتهم وأصواتهم وأكسابهم وكتابتهم مخلوقة ، فأمّا القرآن المبين المكتوب في المصاحف الموعى في القلوب ، فهو كلام الله تعالى غير مخلوق( بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ... ) (١) .

وأمّا ما ذكره أخيراً في مقام الدفاع عن البخاري ، وأنّه ( ليس كلّ علمٍ يُفصح به ) فهو اعتراف بجواز التقيّة واستعمالها ، فلماذا يرمون أهل الحقّ ـ المستعملين التقيّة مِن حكّام الجور وعملائهم ـ بأنواع التُهم ؟ ويسمّون ( التقيّة ) بـ ( النفاق ) ؟

وعلى الجملة ، فإنّ قول البخاري بمقالة ( لفظي بالقرآن مخلوق ) وتضليل الذهلي إيّاه بهذا السبب ، أمرٌ ثابت لا ريب فيه ، وكذلك سائر علماء القوم ، يكفّرون مَن قال بذلك .

وهذا الذهبي ينصّ في غير موضع مِن تاريخه على أنّ هذه المقالة هي مذهب الجهميّة .

والعجب أنّ السبكي ينقل عن الذهبي هذا الكلام ـ بترجمة الحسين الكرابيسي ـ ويضطرب أمامه أشدّ الاضطراب .

قال السبكي : ( وممّا يدلّك أيضاً على ما نقوله ، وأنّ السلف لا ينكرون أنّ لفظنا حادثٌ ، وأنّ سكوتهم إنّما هو عن الكلام في ذلك ، لا عن اعتقاده : أنّ الرواة رَوَوا أنّ الحسين بلَغَه كلام أحمد فيه فقال : لأقولنّ مقالةً حتّى يقول

ـــــــــــــــــــ

(١) هدي الساري : ٤٩١ .

٣٣٥

أحمد بخلافها فيُكفّر ، فقال : لفظي بالقرآن مخلوقٌ ، وهذه الحكاية قد ذكرها كثير مِن الحنابلة ، وذكرها شيخنا الذهبي في ترجمة الإمام أحمد وفي ترجمة الكرابيسي ، فانظر إلى قول الكرابيسي فيها إنّ مخالفها يُكفّر ، والإمام أحمد ـ فيما نعتقده ـ لم يخالفها ، وإنّما أنكر أنْ يتكلّم في ذلك .

فإذا تأمّلت ما سطرناه ، ونظرت قول شيخنا في غير موضعٍ من تاريخه ، إنّ مسألة اللفظ ممّا يرجع إلى قولِ جهم ، عرفت أنّ الرجل لا يدري في هذه المضائق ما يقول ، وقد أكثر هو وأصحابه من ذك جهم بن صفوان ، وليس قصدهم إلاّ جعل الأشاعرة ـ الذين قدر الله لقدرهم أنْ يكون مرفوعاً ، ولزومهم للسنّة أنْ يكون مجزوماً به ومقطوعا ـ فرقةً جهميّة .

واعلم أنّ جهماً شرٌّ مِن المعتزلة ـ كما يدريه مَن ينظر الملل والنحل ويعرف عقائد الفِرَق ـ بل هو شرّ مِن القائلين بها ؛ لمشاركته إيّاهم فيما قالوه وزيادته عليهم بطامّات ، فما كفى الذهبي أنْ يشير إلى اعتقاد ما يتبرّأ العقلاء عن قوله ، من قدم الألفاظ الجارية على لسانه ، حتّى ينسب هذه العقيدة إلى مثل الإمام أحمد بن حنبل وغيره مِن السّادات ، ويدّعي أنّ المُخالف فيها يرجع إلى قول جهم ، فليته درى ما يقول ، والله يغفر لنا وله ، ويتجاوز عمّن كان السبب في خوض مثل الذهبي في مسائل هذا الكلام ، وإنّه ليعزّ عليّ الكلام في ذلك .

ولكن كيف يسعنا السكوت ؟ وقد ملأ شيخنا تاريخه بهذه العظائم التي لو وقف عليها العاميّ لأضلّته ضلالاً مبيناً ، ولقد يعلم الله منّي كراهيّة الإزراء لشيخنا ، فإنّه مُفيدنا ومعلّمنا ، وهذا النور اليسير الحديثي الذي عرفناه منه استفدناه ، ولكن أرى أنّ التنبيه على ذلك حتمٌ لازمٌ في الدين )(١) .

ـــــــــــــــــــ

(١) طبقات الشافعيّة ٢ : ١١٨ ـ ١٢٠ .

٣٣٦

قول البخاري بخلق الإيمان

وكما قال البخاري بخلق التلفّظ بالقرآن ، كذلك قال بخلق الإيمان ، وهو كفرٌ عند الجمهور وخاصةً الحنفيّة منهم ، يقول صاحب كتاب( الفصول والأحكام ) وهو حفيد صاحب( الهداية ) ما هذا نصّه :

( مَن قال بخلق القرآن فهو كافر ، وكذا مَن قال بخلق الإيمان فهو كافر ورُوي عن بعض السلف أنّه روى عن أبي حنيفة : إنّ الإيمان غير مخلوق وسئل الشيخ الإمام أبو بكر محمّد بن الفضل عن الصّلاة خلف مَن يقول بخلق الإيمان قال : لا تصلّوا خلفه وذكر أبو سهل بن عبد الله ـ وهو أبو سهل الكبير ـ عن كثير مِن السلف : إنْ من قال : القرآن مخلوقٌ فهو كافر ، ومن قال : الإيمان مخلوقٌ فهو كافر .

وحُكي أنّه وقعَت هذه المسألة بفرغانة ، فأُتي بمَحضر منها إلى أئمّة بخارى ، فكتب فيه الشيخ الإمام أبو بكر ابن حامد ، والشيخ الإمام أبو حفص الزاهد ، والشيخ الإمام أبو بكر الإسماعيلي : إنّ الإيمان غير مخلوق ، ومَن قال بخلقه فهو كافر .

وقد خرج كثير مِن الناس مِن بخارى ، منهم محمّد بن إسماعيل صاحب الجامع ، بسبب قولهم : الإيمان مخلوق ) .

ترجمة صاحب الفصول

وصاحب كتاب( الفصول والأحكام ) من العلماء الأعلام المرموقين بين الفقهاء الحنفيّة ، وقد ترجم له الكفوي حيث قال : ( الشيخ الإمام أبو الفتح زين الدين ، صاحب الفصول العادية ، عبد الرحيم بن أبي بكر عماد الدين بن برهان الدين صاحب الهداية عليّ بن أبي بكر بن عبد الجليل الفرغاني المرغيناني الرشداني .

تفقّه على أبيه عماد الدين ابن صاحب الهداية ، وعلى صاحب مطلع المعاني حسام الدين العلياري ، تلميذ الشيخ الإمام مجد الدين المفتي صاحب الفصول محمّد بن محمود الأسروشني ، وهو تلميذ القاضي الإمام ظهير الدين الحسن بن عليّ المرغيناني ، وهو أخذ العلم عن برهان الدين عبد العزيز بن عمر ابن مازه ، عن شمس الأئمّة السرخسي ، عن

٣٣٧

شمس الأئمّة الحلواي ، عن أبي عليّ النسفي ، عن أبي بكر محمّد بن الفضل ، عن الأُستاذ عبد الله السندمولي ، عن أبي عبد الله بن أبي حفص الكبير ، عن محمّد ، عن أبي حنيفة رحمهم الله تعالى .

رأيت في آخر فصوله : يقول جالب هذه الخصائل النفيسة ، وكاتب هذه المسائل الأنيسة ، أبو الفتح بن أبي بكر بن عليّ بن أبي بكر بن عبد الجليل المرغيناني نسباً ، والسمرقندي منشأً ، بعد تقديم الحمد لله والصلاة على محمّد عبده ونبيّه ، والثناء عليه وعلى آله في صباح كلّ يوم وعشيّة إلى آخر كلامه .

ثمّ قال : نجزت كتابته في أواخر شعبان سنة إحدى وخمسين وستّمئة )(١) .

تصريح ابن دحية بانحراف البخاري عن أهل البيت

وقد كان ما لاقاه البخاري من الإهانة والتضليل ، من كبار الأئمّة ، كأبيزرعة وأبي حاتم والذهلي وأئمّة بخارى ، جزاءً لانحرافه عن أمير المؤمنين وأهل البيت الطاهرين عليهم‌السلام ، وإزرائه لهم وكتمانه فضائلهم ومناقبهم في دار الدنيا ، الأمر الذي صرَّح به العلاّمة ذو النسبين ابن دحية في كتاب ( شرح أسماء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) حيث قال :

( ترجم البخاري في صحيحه في وسط المغازي ما هذا نصّه : بعث عليّ ابن أبي طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن قبل حجّة الوداع : حدّثني أحمد بن عثمان قال : ثنا شريح بن مسلمة قال : ثنا إبراهيم بن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق قال : حدّثني أبي ، عن أبي إسحاق سمعت البراء : بعثنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع خالد بن الوليد إلى اليم ، ثمّ بعث عليّاً بعد ذلك مكانه فقال : مر أصحاب خالد ، مَن شاء منهم أن يُعقّب معك فليُعَقِّب ، ومَن شاء فليقبل ، فكنت ممّن عَقَّب معه قال : فغنمت أَوَاقي ذات عدد .

ـــــــــــــــــــ

(١) كتائب أعلام أخبار من فقهاء مذهب النعمان المختار ـ مخطوط .

٣٣٨

حدّثني محمّد بن بشار قال : ثنا روح بن عبادة قال : ثنا عليّ بن سويد ابن منجوق ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : بعث النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّاً إلى خالد ليقبض الخمس ، وكنت أبغض عليّاً ، وقد اغتسل ، فقلت لخالد : ألا ترى إلى هذا ، فلمّا قدمنا إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذكرت له ذلك ، فقال :( يا بريدة ، أتبغض عليّاً )؟ فقلت : نعم قال :( لا تبغضه ، فإنّ له في الخمس أكثر من ذلك ) .

قال ذو النسبين رحمه الله :

أورده البخاري ناقصاً مُبتّراً كما ترى ، وهي عادته في إيراد الأحاديث التي مِن هذا القبيل ، وما ذاك إلاّ لسوء رأيه في التنكّب عن هذه السبيل .

وأورده الإمام أحمد بن حنبل كاملاً محقّقاً ، إلى طريق الصحّة فيه موفّقاً ، فقال فيما حدّثني القاضي العدل ، بقيّة مشايخ العراق ، تاج الدين أبو الفتح محمّد بن أحمد بن المندائي ـ قراءة عليه ، بواسط العراق ـ بحقّ سماعه على الثقة الرئيس أبي القاسم ابن الحصين ، بحقّ سماعه على الثقة الواعظ أبي عليّ الحسين ابن المذهب ، بحق سماعه على الثقة أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي ، بحقّ سماعه مِن الإمام أبي عبد الرحمان عبد الله ، بحق سماعه على أبيه إمام أهل السنّة أبي عبد الله أحمد بن حنبل قال : ثنا يحيى بن سعيد ، ثنا عبد الجليل قال : انتهيت إلى حلقةٍ فيها أبو مِجلَز وابنا بريدة ، فقال عبد الله ابن بريدة : أبغضتُ عليّاً بغضاً لم أبغضه أحداً قط .

قال : وأحببت رجلاً لم أُحبّه إلاّ على بغضه عليّاً قال : بعث ذلك الرجل على خيل فصحبته ، وما أصحبه إلاّ على بغضه عليّاً قال : فأصبنا سبياً قال : فكتب إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ابعث علينا مَنْ يخمّسه قال : فبعث إلينا عليّاً ، وفي السبي وصيفة هي أفضل مَن في السبي ، قال : فخمّس وقسّم ، فخرج ورأسه يقطر ، فقلنا : يا أبا الحسن ، ما هذا ؟ قال : ألم ترَوا إلى الوصيفة التي كانت في السبي ، فإنّي قسّمت وخمّست فصارت في الخُمس ، ثمّ صارت في أهل بيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثمّ صارت في آل عليّ ووقعْت بها .

٣٣٩

قال : فكتب الرجل إلى نبيّ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قلت : ابعثني ، فبعثني مصدّقاً قال : فجعلت اقرأ الكتاب وأقول : صدَق صدَق ، فأمسَك يدي والكتاب قال :( أتبغض عليّاً )؟ قال : قلت : نعم قال :( فلا تبغضه ، وإنْ كنت تحبّه فازدد لهُ حبّاً ، فو الذي نفس محمّدٍ بيده ، لنصيب آل عليّ في الخُمس أفضل مِن وصيفة ) . قال : فما كان مِن الناس أحد بعد قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحبّ إليّ مِن عليّ .

قال عبد الله : فو الذي لا إله غيره ، ما بيني وبين النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

في هذا الحديث غير أبي بريدة )(١) .

وقال ابن دحية في موضعٍ آخر من كتابه المذكور ، بعد نقل حديثٍ عن مسلم :

( بدأنا بما أورده مسلم ؛ لأنّه أورده بكماله ، وقطّعه البخاري وأسقط منه على عادته كما ترى ، وهو ممّا عِيب عليه في تصنيفه على ما جرى ، ولا سيّما إسقاطه لذكر عليّرضي‌الله‌عنه ) .

ترجمة أبي الخطّاب ابن دحية

ولا يخفى أنّ أبا الخطّاب ابن دحية مِن أكبر علماء القوم وأشهر حفّاظهم .

قال ابن خلّكان بترجمته :

( أبو الخطّاب عُمر بن الحسن بن عليّ بن محمّد بن الجميل بن فَرَح بن خلف بن قَومِس بن مُزْلال بن مَلاّل بن بدر بن دِحْية بن فروة الكلبي ، المعروف بذي النسَبَين ، الأندلسي البلنسي الحافظ نقلتُ نسبَه على هذه الصّورة من خطّه .

كان يذكر أنّ أُمّه : أمة الرحمان بنت أبي عبد الله بن أبي البسام موسى بن عبد الله بن الحسين بن جعفر بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ( رضي الله عنهم ) ، فلهذا كان يكتب بخطّه : ذو النّسبين بين دحية والحسين ، وكان يكتب أيضاً سبط أبي البسام ، إشارة إلى ذلك .

ـــــــــــــــــــ

(١) المستكفى في أسماء النبيّ المصطفى ـ مخطوط .

٣٤٠

341

342

343

344