خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب16%

خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب مؤلف:
الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلاميّة
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 344

خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
  • البداية
  • السابق
  • 344 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 80689 / تحميل: 7511
الحجم الحجم الحجم
خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

مؤلف:
الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلاميّة
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

(لأُعطينّ هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله له، يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله) .

فلمّا أصبح النّاس غدوا على رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) كلّهم يرجو أن يُعطى فقال:(أين عليّ بن أبي طالب) .

____________________

ورواه سعيد بن منصور عن يعقوب بن عبد الرحمان: الحديث ٢٤٧٢ من سننه: ٢ / ١٧٨، وعنه الطبراني في الكبير: ٦ / ١٩٨ ح ٥٩٩١.

ورواه يحيى بن يزيد أبو الشريك عن يعقوب: ترجمة عليّ (عليه السلام) من تاريخ دمشق: ح ٢٢٨.

ورواه ابن وهب عن يعقوب: شرح معاني الآثار للطحاوي: ٣ / ٢٠٧ مع اختصار، سند الروياني: ص ١٢٤ ح ١٠٢٣.

ورواه عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه: سنن سعيد بن منصور: ح ٢٤٧٣، وعنه أبو داود في سننه: ٣ / ٣٢٢ ح ٣٦٦١ كتاب العلم باب فضل نشر العلم إلاّ أنّه اقتصر على ما يرتبط بموضوع بحثه وذكر فقط ذيل الحديث: (والله لأن...)، والبخاري في صحيحه: ٤ / ٥٧ كتاب الجهاد باب دعاء النبيّ إلى الإسلام عن عبد الله بن مسلمة عن عبد العزيز، وفي ج ٥ ص ٢٢ ح ٣٧٠١ في باب مناقب عليّ (عليه السلام) ح ١ عن قتيبة عن عبد العزيز ومثله في مسلم: ٤ / ١٨٧٢، وصحيح ابن حبّان: ١٥ / ٣٧٧ ح ٦٩٣٢، والطبراني في الكبير: ٦ / ١٦٦ ح ٥٨٧٧ عن يحيى بن بكير عن عبد العزيز، والبيهقي في السنن الكبرى: ٩ / ١٠٦ باب دعاء مَن لم تبلغه الدعوة من كتاب السير عن ابن أبي مريم عن عبد العزيز، وأبو يعلى في ح ١٨ من مسند سهل من مسنده: ١٣ / ٥٢٢ عن سويد بن سعيد عن عبد العزيز، وفي ص ٥٣١ ح ٢٨ عن إسماعيل الترجماني عن عبد العزيز، وأبو جعفر الكوفي في المناقب: ٢ / ٥٠٧ ط ١ ح ١٠٠٧ عن عبد الله بن مسلمة عن عبد العزيز، وتلخيص متشابه الرسم للخطيب: ٢ / ٦١٤ ترجمة عبيد بن هاشم التميمي.

ورواه فضيل بن سليمان عن أبي حازم: المعجم الكبير للطبراني: ٦ / ١٨٧ ح ٥٩٥٠، ومسند أبي يعلى: ١ / ٢٩١ ح ٩٤ من مسند أمير المؤمنين (عليه السلام).

ورواه يحيى بن سابق عن أبي حازم: ترجمة أمير المؤمنين (عليه السلام) من تاريخ دمشق: ح ٢٣١.

٤١

فقالوا: يا رسول الله، يشتكي عينيه.

قال:(فأرسلوا إليه) . فأتي به فبصق رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) في عينيه ودعا له، فبرأ كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال عليّ:يا رسول الله، أقاتلهم حتّى يكونوا مثلنا؟

قال:(انفذ على رسلك، حتّى تنزل بساحتهم ثمّ ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حقّ الله، فو الله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن تكون لك حمر النعم) .

ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين بخبر أبي هريرة فيه:

١٨ - أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدّثنا يعلى بن عبيد قال: حدّثنا يزيد بن كيسان، عن أبي حازم [ سلمة بن دينار ]، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم):(لأدفعنّ اليوم الراية إلى رجلٍ يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله) .

فتطاول القوم، فقال:(أين علي)؟ فقالوا: يشتكي عينيه، قال: فبصق نبيّ الله (صلّى الله عليه وسلّم) في كفّيه، ومسح بها عينَي عليّ، ودفع إليه الراية، ففتح الله على يديه(١) .

١٩ - أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: حدّثنا يعقوب [ بن عبد الرحمان ] عن سهيل

____________________

١٨ - رواه ابن أبي شيبة في المصنّف: كتاب المغازي في غزوة خيبر: ح ٣٦٨٨٤ عن يعلى بن عبيد، ومثله في فضائل عليّ (عليه السلام) ح ٣٢، وابن حبّان في صحيحه: ١٥ / ٣٧٩ ح ٦٩٣٣ عن ابن أبي شيبة، والنسائي أيضاً في السنن الكبرى في كتاب المناقب: ٥ / ٤٦ ح ١٥ من فضائل علي (عليه السلام) بهذا الإسناد.

وانظر تعليقة الحديث التالي.

(١) وفي المناقب من السنن الكبرى: عينيه فدعا به فبزق... ثمّ مسح بهما... عليه يومئذ.

١٩ - وبهذا الإسناد والمتن رواه المصنِّف أيضاً في كتاب السير من السنن الكبرى: ٥ / ١٧٩ ح

٤٢

____________________

٨٦٠٣، ومسلم في صحيحه: ٤ / ١٨٧١ ح ٦ من فضائل عليّ من كتاب الفضائل، والقطيعي في زوائد الفضائل: ح ٢٤٤ بواسطة عليّ بن طيفور، وابن عساكر في تاريخ دمشق: ح ٢٢١ من ترجمة أمير المؤمنين (عليه السلام) عن محمّد بن إسحاق الثقفي عن قتيبة.

ورواه عن سهيل كلّ من:

إبراهيم بن طهمان: علل الدار قطني كما سيأتي.

جرير عن عبد الحميد: كما في الحديث التالي.

حبيب كاتب مالك: تاريخ بغداد: ٨ / ٥ وعن ابن عساكر في تاريخ دمشق: ح ٢٢٠ من ترجمة أمير المؤمنين (عليه السلام).

حمّاد بن سلمة: فضائل أحمد: ح ١٥٣ و ١٦٦ و ١٧٨ برواية أحمد والقطيعي، المصنَّف لابن أبي شيبة: ٧ / ٣٩٤ ح ٣٦٨٧١، صحيح ابن حبّان: ١٥ / ٣٧٩ ح ٦٩٣٤، السنّة لابن أبي عاصم: ص ٥٩٤ ح ١٣٧٧، تاريخ دمشق: ح ٢٢٤، مناقب الكوفي: ٢ / ٥٠٣ ح ١٠٠٥ و ١٠٠٦.

خالد بن عبد الله الواسطي: سنن سعيد بن منصور: ح ٢٤٧٤، تاريخ دمشق: ح ٢٢٦.

السنّة لابن أبي عاصم: ص ٥٩٤ ح ١٣٧٨.

عبد العزيز بن المختار: تاريخ دمشق: ح ٢٢٥.

عليّ بن عاصم: مناقب ابن المغازلي: ح ٢٢١.

أبو عوانة: أمالي الطوسي: م ١٣ ح ٦٨، علل الدار قطني كما سيأتي.

وهيب بن خالد: كما في الحديث ما بعد التالي.

يحيى بن سعيد: تاريخ دمشق: ح ٢١٩ من ترجمة أمير المؤمنين (عليه السلام).

يعقوب بن عبد الرحمان: كما في هذا الحديث.

قال الدار قطني في العلل: ٣ ق...: ويرويه سهيل بن أبي صالح، واختلف عنه فرواه يعقوب بن عبد الرحمان ووهيب وجرير وإبراهيم بن طهمان وعليّ بن عاصم وأبو عوانة، واختلف عن

=

٤٣

[ بن أبي صالح ]، عن أبيه، عن أبي هريرة:

أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) قال يوم خيبر:(لأُعطينّ هذه الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، يفتح الله عليه) .

قال عمر بن الخطّاب: ما أحببت الأمارة إلاّ يومئذ، فدعا رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) عليّ بن أبي طالب فأعطاه إيّاها وقال:(امش ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك) . فسار عليّ شيئاً ثمّ وقف - وذكر قتيبة كلمة معناها [ ولم يلتفت ] - فصرخ:يا رسول الله، علامَ أقاتل النّاس؟

قال:(قاتلهم حتّى يشهدوا أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمّداً رسول الله، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك (١) دماءهم وأموالهم إلاّ بحقّها، وحسابهم على الله) .

٢٠ - أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا جرير [ بن عبد الحميد ]، عن سهيل [ بن أبي صالح ]، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم):

(لأُعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله [ ويحبّه الله ورسوله ] (٢) يفتح عليه) .

قال عمر: فما أحببت الأمارة قطّ إلاّ يومئذ. قال: فاشرأبّ لها، فدعا عليّاً

____________________

=

حمّاد بن سلمة فرواه حجّاج بن المنهال وأبو سلمة السوديجي... وخالفهم أسود بن عامر فرواه عن حمّاد عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن عمر، والصواب قول وهيب ومَن تابعه.

ورواه أبو حازم عن أبي هريرة كما في الحديث المتقدّم.

(١) كذا في رواية السير من السنن الكبرى، ونحوه في مخطوطة طهران من الخصائص، وفي الخصائص: (فسار عليّ ثم توقّف يعني فصرخ... وأنّي رسول الله... منّي دماءهم).

٢٠ - لاحظ التعليقة المتقدّمة والتالية، ورواه ابن عساكر في ترجمة أمير المؤمنين: ح ٢٢٢ عن زهير عن جرير، وح ٢٢٣ عبد الرحيم بن منيف عن جرير، والبلاذري في أنساب الأشراف: ح ١١ من ترجمة الإمام عليّ (عليه السلام) عن شجاع بن مخلد ويوسف القطّان عن جرير.

(٢) من مخطوطة طهران، ومثلها في رواية البلاذري من أنساب الأشراف.

٤٤

فبعثه ثمّ قال:

(اذهب فقاتل حتّى يفتح الله عليك ولا تلتفت).

قال: فمشى ما شاء الله ثمّ وقف فلم يلتفت فقال:علامَ أقاتل النّاس؟

قال:(قاتِلهم حتّى يشهدوا أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا دماءهم وأموالهم إلاّ بحقّها، وحسابهم على الله) .

٢١ - أخبرنا محمّد بن عبد الله بن المبارك قال: حدّثنا أبو هشام [ المخزومي ](١) قال: حدّثنا وهيب [ بن خالد ] قال: حدّثنا سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) يوم خيبر:

(لأدفعنّ الراية إلى رجل [ يحبّ الله ورسوله و ] (٢) يحبّه الله ورسوله، ويفتح الله عليه) .

قال عمر: فما أحببت الإمارة قطّ قبل يومئذ. فدفعها إلى عليّ فقال:(قاتِل ولا تلتفت) . فسار قريباً، قال:يا رسول الله علامَ أقاتل النّاس؟

قال:(على أن يشهدوا أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله، فإذا فعلوا فقد عصموا دماءهم وأموالهم منّي إلاّ بحقّها، وحسابهم على الله) .

____________________

(١) من ب.

٢١ - ورواه أبو داود الطيالسي عن وهيب: ح ٢٤٤١ من مسنده.

ورواه عفّان بن مسلم عن وهيب: الطبقات الكبرى لابن سعد: ٢ / ١١٠ في غزوة خيبر، والمسند لأحمد: ١٤ / ٥٤٠: ٨٩٩٠ والفضائل: ح ١٥٢.

ورواه سعيد بن المسيّب عن أبي هريرة: كما في مناقب ابن المغازلي: ح ٢١٧.

وروى ذيله همام بن منبه عن أبي هريرة: مسند أحمد: ١٣ / ٤٩٩ ح ٨١٦٣ ولاحظ ما بهامشه من تعليق.

(٢) من مخطوطة طهران ورواية ابن سعد، وهذه الفقرة وردت في رواية أبي داود وأحمد، ولكن لم ترد الثانية فيها.

٤٥

ذِكر خبر عمران بن حصين في ذلك:

٢٢ - أخبرنا العبّاس بن عبد العظيم العنبري قال: حدّثنا عمر بن عبد الوهّاب قال: حدّثنا معتمر بن سليمان [ بن طرخان ]، عن أبيه، عن منصور [ بن المعتمر ]، عن ربعي [ بن حراش ]، عن عمران بن حصين:

أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) قال:(لأعطينّ الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله). أو قال:(يحبّه الله ورسوله) (١) . فدعا عليّاً وهو أرمد ففتح الله على يديه.

____________________

(١) هذا الترديد لم يرد في طريق آخر، بل جمع بينهما في كثير من الطرق.

٢٢ - ورواه المصنّف أيضاً بهذا السند والمتن في المناقب من السنن الكبرى: ٥ / ٤٦.

ورواه البخاري عن عمر بن عبد الوهّاب: تاريخ دمشق: ح ٢٥٢ من ترجمة أمير المؤمنين، تهذيب الكمال للمزّي: ترجمة عمر بن عبد الوهّاب: ٢١ / ٤٥٤.

ورواه محمد بن يونس الكديمي عن عمر بن عبد الوهّاب: تاريخ دمشق: ح ٢٥٣.

ورواه محمّد بن أبي السري عن المعتمر: المعجم الكبير للطبراني: ١٨ / ٢٣٧ ح ٥٩٥.

ورواه سعيد بن عبد الكريم عن منصور: مناقب الكوفي: ٢ / ٥٠١ ح ١٠٠٣ ط ١.

ورواه سليط بن عطيّة عن منصور: المعجم الكبير: ١٨ / ٢٣٨: ٥٩٧.

ورواه سليمان بن قرم عن منصور: المعجم الكبير: ١٨ / ٢٣٨: ٥٩٦.

ورواه شيبان عن منصور: المعجم الكبير: ١٨ / ٢٣٨: ٥٩٩.

ورواه عمرو بن أبي قيس عن منصور: المعجم الكبير: ١٨ / ٢٣٨: ٥٩٨.

ورواه محمّد بن عليّ السلمي عن منصور: المعجم الكبير: ١٨ / ٢٣٧: ٥٩٤، مناقب ابن المغازلي: ح ٢١٥ و ٢١٦، تاريخ دمشق: ح ٢٥٤ و ٢٥٥.

٤٦

ذِكر خبر الحسن بن عليّ عن النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) في ذلك، وأنّ جبريل

يقاتل عن يمينه وميكائيل عن يساره

٢٣ - أخبرنا إسحاق بن إبراهيم [ بن راهويه ] قال: أخبرنا النضر بن شميل قال: حدّثنا يونس [ بن أبي إسحاق ]، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن مريم قال:

خرج إلينا الحسن بن عليّ وعليه عمامة سوداء فقال: لقد كان فيكم بالأمس رجل ما سبقه الأوّلون ولا يدركه الآخرون، وإنّ رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) قال:(لأُعطينّ

____________________

٢٣ - ورواه عن أبي إسحاق كلّ من:

الأجلح بن عبد الله: الطبقات الكبرى: ٣ / ٣٨، المعجم الكبير للطبراني: ٣ / ٨٠: ٢٧٢٥، تاريخ إصبهان: ١ / ٧٠ إشارة.

إسرائيل: مناقب الكوفي: ٢ / ٤٤ ذيل الحديث ٥٣٠ ط ١.

إسماعيل بن أبي خالد: المعجم الكبير: ٣ / ٧٩: ٢٧١٩ و ٢٧٢٠، المصنّف لابن أبي شيبة: ح ٤١ من فضائل عليّ، وعنه ابن حبّان في صحيحه: ١٥ / ٢٨٣: ٦٩٣٦، الطبقات الكبرى لابن سعد: ٣ / ٣٨، تاريخ أصبهان: ١ / ٧٠، حلية الأولياء: ١ / ٦٥، مقتل أمير المؤمنين لابن أبي الدنيا: ح ٨٦ و ٩٠، الأمالي الخميسيّة للمرشد بالله: ١ / ١٤٢ ذيل عنوان الحديث السادس، تاريخ دمشق لابن عساكر: ح ١٤٩٧ وتاليه من ترجمة أمير المؤمنين.

زيد العمي: تاريخ ابن عساكر: ح ١٥٠١ من ترجمة عليّ (عليه السلام).

زيد بن أبي أنيسة: المعجم الكبير للطبراني: ٣ / ٨٠: ٢٧٢٢، تاريخ أصبهان: ١ / ٧٠ إشارة، مناقب الكوفي: ح ٥٣٠ ط ١، تاريخ دمشق: ح ١٤٩٩ من ترجمة أمير المؤمنين.

سفيان الثوري: المعجم الكبير: ٣ / ٨٠: ٢٧٢٣، تاريخ أصبهان: ١ / ٧٠ إشارة.

شريك: مسند أحمد: ٣ / ٢٤٦ ح ١٧١٩ وفضائله: ح ١٣٦، المعجم الكبير: ٣ / ٧٩: ٢٧١٨.

شعيب بن خالد: ح ١٥٠٢ من ترجمة عليّ (عليه السلام) من تاريخ دمشق.

٤٧

____________________

صدقة بن أبي عمران: المعجم الكبير للطبراني: ٣ / ٨٠: ٢٧٢١، تاريخ أصبهان: ١ / ٧٠ إشارة.

عليّ بن عابس: المعجم الكبير: ٣ / ٨٠: ٢٧٢٤، تاريخ أصبهان: ١ / ٧٠ إشارة.

عمرو بن ثابت: مسند البزّار: ٤ / ١٧٨: ١٣٣٩.

يزيد بن عطاء: المعجم الكبير: ٣ / ٧٩: ٢٧١٧، تاريخ أصبهان لأبي نعيم: ١ / ٧٠ إشارة.

يونس بن أبي إسحاق: كما في هذا الكتاب.

ورواه عن الإمام الحسن كلّ من:

خالد بن جابر عن أبيه: مسند أبي يعلى: ١٢ / ١٢٥: ٦٧٥٨، مسند البزّار: ٤ / ١٧٩: ١٣٤٠، التاريخ الكبير للبخاري: ٢ / ٣٦٢ ترجمة حفص بن خالد، الجرح والتعديل: ٣ / ١٧٢، تاريخ الطبري، ٥ / ١٥٧ حوادث سنة ٤٠، مقتل أمير المؤمنين لابن أبي الدنيا: ح ٨٨، الأوسط للطبراني: ٩ / ٢١٤: ٨٤٦٤.

أبو رزين: كشف الأستار: ح ٢٥٣٩ وفي مسند البزّار: ٤ / ١٨٠: ١٣٤١، فضائل أحمد: ح ١٠٢٦.

زيد بن الحسن: تفسير فرات الكوفي: ح ٢٥٧، تفسير الحجّام ذيل الآية ٢٣ من سورة الشورى من تأويل الآيات.

أبو الطفيل عامر بن واثلة: تفسير فرات: ح ٢٥٦، بشارة المصطفى: ص ٢٤٠، المعجم الأوسط: ٣ / ٨٧: ٢١٧٦.

عاصم بن ضمرة: مناقب الكوفي: ٢ / ٤٥: ٥٣١ ط ١، المصنّف لابن أبي شيبة: ٦ / ٣٧٢: ٣٢٠٨٥ ح ٣٠ من فضائل عليّ (عليه السلام).

عليّ بن الحسين زين العابدين: مستدرك الحاكم: ٣ / ١٧٢.

عمرو بن حبشي: المصنّف لابن أبي شيبة: ح ٣٢١٠١، الفضائل لأحمد: ح ١٣٥ والزهد: ح ٧٩ والمسند: ٣ / ٢٤٧ ح ١٧٢٠، المناقب للكوفي: ح ٥٣٠ إشارة، تاريخ دمشق ح ١٤٩٥ وتاليه

٤٨

الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، يقاتل (١) جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره، ثمّ لا ترد - يعني رايته -حتّى يفتح الله عليه) ، ما ترك ديناراً ولا درهماً إلاّ سبع مئة درهم أخذها من عطائة كان أراد أن يبتاع بها خادماً لأهله.

____________________

من ترجمة أمير المؤمنين (عليه السلام).

هبيرة بن يريم: كما في هذا الحديث، وتقدّم تخريجاته في بداية التعليقة.

(١) هذا هو الصواب الموافق للسياق والعنوان وبعض المصادر وبعض النسخ، وفي الأصل: (فقاتل)، وفي نسخة: (فقال)، كما وأنّ لفظة: (يقاتل) لم ترد في العنوان في غ، وأيضاً لفظة: (يقاتل) في الحديث لم ترد في رواية ابن سعد وأحمد.

٤٩

ذكر قول النبي (صلّى الله عليه وسلّم) في علي:

إنّ الله جلّ ثناؤه لا يخزيه أبداً

٢٤ - أخبرنا محمّد بن المثنّى قال: حدّثنا يحيى بن حمّاد قال: حدّثنا الوضّاح - وهو أبو عوانة - قال: حدّثنا يحيى [ أبو بلج ] قال: حدّثنا عمرو بن ميمون قال:

إنّي لجالس إلى ابن عبّاس إذ أتاه تسعة رهط فقالوا: إمّا أن تقوم عنّا، وإمّا أن تخلّونا يا هؤلاء - وهو يومئذٍ صحيح قبل أن يعمى - قال: أنا أقوم معكم. [ فانتدءوا ](١) فتحدّثوا فلا أدري ما قالوا، فجاء وهو ينفض ثوبه وهو يقول: أف وتف، يقعون في رجل له عشر:

____________________

(١) من طبعتي مصر وبيروت، ونحوه في غير مصدر.

٢٤ - ورواه المصنّف بهذا الإسناد وبفقرة حديث الراية في كتاب السير من السنن الكبرى: ٥ / ١٧٩: ٨٦٠٢، وبفقرة حديث سدّ الأبواب برقم ٤٣ من الخصائص أي هذا الكتاب، رواه ابن أبي عاصم بهذا الإسناد والمتن في السنّة: ص ٥٨٨ ح ١٣٥١ بطوله سوى قصّة حاطب في آخر الحديث وفي ص ٥٥١ ح ١١٨٨ بحديث المنزلة.

ورواه المحاملي عن محمّد بن المثنّى: تاريخ دمشق: ح ٢٤٩ من ترجمة أمير المؤمنين (عليه السلام).

ورواه أحمد بن حنبل عن يحيى بن حمّاد: المسند: ٥ / ١٧٨ ح ٣٠٦١ والفضائل: ح ٢٩١، وعنه الحاكم في المستدرك: ٣ / ١٣٢.

ورواه من طريق يحيى بن حمّاد أيضاً كلّ من: ابن عساكر في تاريخ دمشق: ح ٢٥٠ من ترجمة عليّ (عليه السلام)، وابن المغازلي في المناقب: ح ٣٠٧ بفقرة سدّ الأبواب.

ورواه الحسن بن علي الحلواني عن أبي عوانة: تفسير فرات: ح ٥٥٨.

ورواه أبو داود عن أبي عوانة: مناقب الكوفي: ح ١٠٠٦ بحديث الراية.

ورواه فهد بن عوف عن أبي عوانة: أنساب الأشراف: ح ٤٣ من ترجمة أمير المؤمنين باختصار.

٥٠

____________________

ورواه كثير بن يحيى عن أبي عوانة: المعجم الكبير: ١٢ / ٧٧: ١٢٥٩٣ والأوسط: ٣ / ٣٨٨: ٢٨٣٦، مسند أحمد: ح ٣٠٦٢ برواية ابنه عبد الله.

ورواه يحيى الحمّاني عن أبي عوانة: مناقب الكوفي: ٢ / ٤٥٧: ٩٥١، فضائل الصحابة لأبي نعيم كما في اللآلي المصنوعة: ١ / ٣٦٤ كلاهما بفقرة سدّ الأبواب، تاريخ دمشق: ح ٢٤٨ بحديث الراية ثمّ قال: هذا مختصر من حديث، ثمّ ذكر الحديث بتمامه بسند آخر، تفسير فرات ح ٣٣.

ورواه شعبة عن أبي بلج: ح ٤٢ من هذا الكتاب بفقرة سدّ الأبواب.

ورواه سعيد بن جبير عن ابن عبّاس بحديث الراية: كشف الأستار: ٣ / ١٩٢، ضعفاء العقيلي: ٢ / ٢٤٣ ترجمة عبد الله بن حكيم بن جبير، تاريخ دمشق: ح ٢٤٧ من ترجمة أمير المؤمنين (عليه السلام).

ورواه المنصور العبّاسي عن أبيه عن جدّه بفقرة سدّ الأبواب: كما في اللآلي المصنوعة: ١ / ٣٤٧.

ورواه ميمون أبو عبد الله عن ابن عبّاس بحديث سدّ الأبواب: المعجم الكبير: ١٢ / ١١٤: ١٢٧٢٢. هذا ولكلّ فقرة من فقرات الحديث شواهد وأسانيد كثيرة.

طرق حديث الراية:

بريدة الأسلمي: تقدّم برقم ١٥ و ١٦ فلاحظ.

الحسن بن عليّ: تقدّم في ح ٢٣.

سعد بن أبي وقّاص: تقدّم في ح ١١ - ١٣ ويأتي برقم ١٢٦ أيضاً.

سعيد بن المسيّب مرسلاً: المصنَّف لابن أبي شيبة: ح ٢٤ من فضائل عليّ (عليه السلام)، مناقب الكوفي: ٢ / ٤٩٦: ٩٧٧ ط ١.

أبو سعيد الخدري: تاريخ دمشق: ح ٢٥٦ و ٢٥٧ و ٢٩٠، مناقب الكوفي: ٢ / ٤٩٦: ١٠٠١ ط ١، ونحوه في ح ١٧٦ من فضائل أحمد برواية القطيعي، ورواه أحمد في الفضائل: ح ١١١ و

=

٥١

وقعوا في رجل قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم):(لأبعثنّ رجلاً يحبّ الله ورسوله [ ويحبّه الله ورسوله ] (١) لا يخزيه الله أبداً) . فاستشرف [ لها ](٢) مَن استشرف، فقال:(أين

____________________

=

المسند: ١٧ / ١٩٧ ح ١١١٢٢، مناقب الكوفي: ٢ / ٤٩٥ ح ٩٩٥.

سلمة بن الأكوع: صحيح مسلم: ٣ / ١٤٣٣ و ٤ / ١٨٧٢، طبقات ابن سعد: ٢ / ١١٠، المصنّف لابن أبي شيبة: ٦ / ٣٧٢: ٣٢٠٩١ ح ٣٦ من فضائل عليّ (عليه السلام) و ٧ / ٣٩٢: ٣٦٨٦٣ ح ٢ من غزوة خيبر، مسند أحمد: ٤ / ٥١ ط ١ والفضائل: ١٥٨ ومن رواية القطيعي برقم ٢١٦، والمعجم الكبير للطبراني: ٧ / ١٣: ٦٢٣٣ وص ١٦ ح ٦٢٤٣ وص ٣١ ح ٦٢٨٧ وص ٣٥ ح ٦٣٠٣ وتاليه، مستدرك الحاكم: ٣ / ٣٨، سنن البيهقي: ٩ / ١٣١، صحيح البخاري: ٤ / ٦٤ و ٥ / ٢٣ و ١٧١، سيرة ابن هاشم: ٢ / ٣٣٤، حلية الأولياء: ١ / ٦٢، مسند الروياني: ٢ / ١٧٢: ١١٧٢ وص ١٦٦ ح ١١٤٩ من مسند سلمة، مناقب الكوفي: ٢ / ٤٩٦: ٩٩٦ ط ١ و ص ٥٠٠ ح ١٠٠٢، تاريخ دمشق: ح ٢٣٢ - ٢٣٨ من ترجمة عليّ (عليه السلام).

سهل بن سعد الساعدي: تقدّم في ح ١٧ تخريجه.

عبد الله بن عبّاس: تقدّم في بداية التعليقة هنا.

عبد الله بن عمر: مسند أحمد: ٢ / ٢٦ وفي الفضائل: ق ١٠١، مسند أبي يعلى:...، تاريخ دمشق: ح ٢٤٥ و ٢٤٦ و ٢٨٣ - ٢٨٩، مناقب الكوفي: ١ / ٣٤٥: ٢٧٢ ط ١ وج ٢ ص ٢٢ ح ٥١١، أمالي ابن سمعون خ الظاهريّة.

علي بن أبي طالب: كما في رواية أبي ليلى الآتية.

عمر بن الخطّاب: أخرجه أبو يعلى كما في البداية والنهاية: ٧: ٣٤٢، وفضائل أحمد بزيادة القطيعي: ق ١٢٠، ولاحظ طرق أبي هريرة للحديث ففيها ذكر لعمر، تاريخ دمشق: ح ٢٨٢.

عمران بن الحصين: تقدّم في ح ٢٢.

أبو ليلى الأنصاري: تقدّم في ح ١٤.

أبو هريرة: تقدّم في ح ١٨ - ٢١.

(١) من ط وحدها.

(٢) من طبعتي مصر وبيروت، وفي الأصل: (فأشرف). ومثل المثبت في مسند أحمد وغيره.

٥٢

عليّ؟ [ قيل: ](١) هو في الرحا يطحن. [ قال: ](وما كان أحدكم ليطحن) ؟ فدعاه وهو أرمد ما يكاد أن يبصر، فنفث في عينيه ثمّ هزّ الراية ثلاثاً فدفعها إليه فجاء بصفيّة بنت حُيي(٢) .

وبعث أبا بكر بسورة التوبة، وبعث عليّاً خلفه فأخذها منه فقال:(لا يذهب بها إلاّ رجل هو منّي وأنا منه) .

[ وقال لبني عمّه:(أيّكم يواليني في الدنيا والآخرة) ؟ قال: وعليّ معه جالس فقال:أنا أواليك في الدنيا والآخرة . ](٣) [ فقال:(أنت وليّي في الدنيا والآخرة) ].

ودعا رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) الحسن والحسين وعليّاً وفاطمة فمدّ عليهم ثوباً فقال:(اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً) .

وكان أوّل مَن أسلم من النّاس بعد خديجة.

ولبس ثوب رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) ونام [ مكانه ](٤) فجعل المشركون يرمون كما يرمون رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) وهم يحسبون أنّه نبيّ الله (صلّى الله عليه وسلّم)، فجاء أبو بكر فقال: يا نبيّ الله. فقال عليّ:إنّ نبيّ الله قد ذهب نحو بئر ميمون ، فأتبعه فدخل معه الغار، وكان المشركون يرمون عليّاً حتّى أصبح.

وخرج بالنّاس في غزوة تبوك فقال عليّ:أخرج معك؟ فقال:(لا) . فبكى، فقال:(أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّك لست بنيّ) ؟ ثمّ قال:(أنت خليفتي) يعني في كلّ مؤمن(من بعدي) .

قال: وسدّ أبواب المسجد غير باب عليّ، فكان يدخل المسجد وهو جنب وهو

____________________

(١) منهما وب، وفي الأصل: (هو)، وفي ج: (وهو).

(٢) وروى المصنِّف هذه الفقرة من الحديث، وبهذا الإسناد مع مغايرات طفيفة في كتاب السير من السنن الكبرى: ٥: ١٧٩: ٨٦٠٢.

(٣) من طبعتي مصر وبيروت، وما بعده استدراك من رواية ابن عساكر وأحمد وابن أبي عاصم وغيرهم.

(٤) منهما.

٥٣

في طريقه ليس له طريق غيره(١) .

وقال:(مَن كنت وليّه فعليّ وليّه) .

قال ابن عبّاس: وقد أخبرنا الله في القران أنّه قد رضي عن أصحاب الشجرة، فهل حدّثنا بعد أنّه سخط عليهم؟

قال: وقال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) لعمر حين قال: ائذن لي فلأضرب عنقه - يعني حاطباً -، قال:(ما يدريك لعلّ الله قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) .

____________________

(١) وهذه الفقرة من الحديث سيذكرها المصنّف ثانية برقم ٤٣.

٥٤

ذكر قول النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) لعليّ

أنّه مغفور له

٢٥ - أخبرني هارون بن عبد الله [ الحمّال البغدادي ](١) قال: حدّثنا محمّد بن عبد الله بن الزبير الأسدي قال: حدّثنا عليّ بن صالح، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن مرّة، عن عبد الله بن سَلِمة، عن عليّ قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم):

(ألا أعلّمك كلمات إذا قلتهنّ غفر لك مع أنّه مغفور لك؟ لا إله إلاّ هو الحليم الكريم، لا إله إلاّ هو العليّ العظيم، سبحان الله ربّ السماوات السبع وربّ العرش الكريم، الحمد لله ربّ العالمين) .

ذِكر الاختلاف على أبي إسحاق في هذا الحديث

٢٦ - أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم قال: حدّثنا خالد - وهو ابن مخلد - قال:

____________________

(١) من ب، وطبعتي مصر وبيروت.

٢٥ - ورواه المصنّف أيضاً في السنن الكبرى: ٤ / ٣٩٨ في كتاب النعوت ح ٧٦٧٨ وفي عمل اليوم والليلة: ٦ / ١٦٤ ح ١٠٤٧ وفيهما: (لا إله إلاّ الله) في الموردين ومثله في بعض النسخ.

ورواه أحمد عن محمّد بن عبد الله بن الزبير: المسند: ح ٧١٢.

ورواه ابن أبي شيبة عن محمّد بن عبد الله: المصنَّف: ح ٢٩٣٤٦ في كتاب الدعاء وعنه عبد بن حميد في مسنده: ح ٧٤، وابن أبي عاصم في السنّة: ح ١٣١٦، والبزّار في مسنده: ح ٧٠٥.

ورواه خالد بن مخلد عن عليّ بن صالح: كما في الحديث التالي، ولاحظ سائر تخريجاته هناك.

ورواه أبو يوسف عبد الله بن عليّ عن أبي إسحاق: تاريخ بغداد: ٩ / ٣٥٦ ترجمة طاهرين عبد الرحمان.

٢٦ - ورواه عبد الرحيم بن سليمان عن عليّ بن صالح: صحيح ابن حبّان: ح ٦٩٢٨.

ورواه الحسن بن صالح عن عليّ بن صالح: المعجم الصغير للطبراني: ١ / ١٢٧ وعنه المرشد

=

٥٥

حدّثنا عليّ - وهو ابن صالح بن حيّ أخو حسن بن صالح - عن أبي إسحاق الهَمْداني، عن عمرو بن مرّة، عن عبد الله بن سَلِمة، عن عليّ: أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) قال:

(يا عليّ، ألا أعلّمك كلمات إذا أنت قلتهنّ غفر الله لك مع أنّه مغفور لك؟ تقول: لا إله إلاّ الله الحليم الكريم، لا إله إلاّ هو العليّ العظيم، سبحان الله ربّ السماوات [ السبع خ ]وربّ العرش الكريم، الحمد لله ربّ العالمين) .

٢٧ - أخبرنا صفوان بن عمرو قال: حدّثنا أحمد بن خالد قال: حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن مرّة، عن عبد الرحمان بن أبي ليلى، عن عليّ قال:

____________________

=

بالله في الأمالي الخميسيّة: ١ / ٢٤٥ ذيل عنوان ح ١١.

ورواه عليّ بن قادم عن عليّ بن صالح: السنّة لابن أبي عاصم: ص ٥٨٣ ح ١٣١٥.

ورواه الدار قطني في العلل: ٤ / ١٠، وابن الصلت في جزء حديث ابن عبد العزيز الهاشمي: ق ٧٥ من طريق عليّ بن صالح.

ورواه محمّد بن عبد الله الأسدي عن عليّ بن صالح: كما في الحديث السابق.

ورواه نصير بن أبي الأشعث القرادي عن أبي إسحاق: السنّة لابن أبي عاصم: ص ٥٨٣ ح ١٣١٧، الأمالي الخميسيّة: ١ / ٢٢٩ ذيل عنوان الحديث الحادي عشر.

وقد تكرّر هذا الحديث في طبعة مصر الأُولى، وفي طبعة بيروت المعتمدة على مخطوطة طهران هكذا: أخبرنا أحمد بن عثمان قال: حدّثنا خالد بن مخلد قال: حدّثنا عليّ - وهو ابن صالح بن حيّ - عن أبي إسحاق... غفرت ذنوبك وإن كان مثل زبد البحر؟ قل: سبحان الله ربّ السماوات السبع وربّ العرش العظيم، الحمد لله ربّ العالمين. والباقي سواء.

٢٧ - ورواه المصنّف أيضاً في كتاب عمل اليوم والليلة من السنن الكبرى: ٦ / ١٦٣: ١٠٤٧٢.

ورواه أحمد بن يونس عن إسرائيل: مستدرك الحاكم: ٣ / ١٣٨، تذكرة الحفّاظ: ٢ / ٦٦٢ ترجمة مطين واسمه محمّد بن عبد الله بن سليمان.

ورواه عبيد الله بن موسى عن إسرائيل: مناقب الخوارزمي: ص ٢٥٨.

٥٦

كلمات الفرج: (لا إله إلاّ الله العليّ العظيم، لا إله إلاّ الله الحليم الكريم، سبحان الله ربّ السماوات السبع، وربّ العرش العظيم، والحمد لله ربّ العالمين) .

٢٨ - أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم قال: حدّثنا أبو غسّان قال: حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمان بن أبي ليلى، عن عليّ، عن النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) نحوه، يعني نحو حديث خالد [ بن مخلد ].

٢٩ - أخبرني عليّ بن محمّد بن عليّ قال: حدّثنا خلف بن تميم قال: حدّثنا إسرائيل قال: حدّثنا أبو إسحاق، عن عبد الرحمان بن أبي ليلى، عن عليّ قال:قال النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم):

(ألا أعلّمك كلمات إذا قلتهنّ غفر لك على أنّه مغفور لك؟: لا إله إلاّ الله العليّ العظيم، لا إله إلاّ الحليم الكريم، سبحان الله ربّ العرش العظيم، الحمد لله ربّ العالمين) .

٣٠ - أخبرنا الحسين بن حريث قال: حدّثنا الفضل بن موسى، عن الحسين

____________________

٢٨ - ورواه خلف بن تميم عن إسرائيل: كما في الحديث التالي، ولاحظ سائر تخريجاته.

٢٩ - ورواه أيضاً المصنِّف في كتاب عمل اليوم والليلة من السنن الكبرى: ٦ / ١٦٣: ١٠٤٧٣.

ورواه أبو سعيد مولى بني هاشم عن إسرائيل: مسند أحمد: ح ١٣٦٣ والفضائل: ح ٣٣٨.

ورواه أبو غسّان عن إسرائيل كما في الحديث المتقدّم.

ورواه يحيى بن ادم عن إسرائيل: الأمالي الخميسيّة: ١ / ٢٢٨ في عنوان الحديث الحادي عشر، السنّة لابن أبي عاصم: ص ٥٨٢ ح ١٣١٤.

ورواه عبيد بن الصباح عن أبي إسحاق: معجم السفر للسلفي: ٤٢٠: ١٤٢٦ ترجمة هبة الله بن عبد الرحمان بن حمد الدوني.

٣٠ - ورواه المصنّف أيضاً في كتاب عمل اليوم والليلة من السنن الكبرى: ٦ / ١٦٤: ١٠٤٧٦.

٥٧

بن واقد، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن عليّ قال:قال النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم):

(ألا أعلّمك دعاءً إذا دعوت به غُفر لك، وإن كنت مغفوراً لك)؟

قلت: بلى.

قال: (لا إله إلاّ الله العليّ العظيم، لا إله إلاّ الحليم الكريم، لا إله إلاّ الله، سبحان الله ربّ العرش العظيم).

قال أبو عبد الرحمان: أبو إسحاق لم يسمع من الحارث إلاّ أربعة أحاديث ليس هذا منها، وإنّما أخرجناه لمخالفة الحسين بن واقد لإسرائيل ولعليّ بن صالحت، والحارث الأعور ليس بذاك في الحديث، وعاصم بن ضمرة أصلح منه.

____________________

ورواه عن الفضل بن موسى أيضاً كلّ من: عليّ بن خشرم وعليّ بن حجر وعليّ بن الحسين بن واقد: كما في صحيح الترمذي: ٥ / ٥٢٩: ٣٥٠٤ باب ٨١ من كتاب الدعوات، والقطيعي: ح ١٧٥ من فضائل أحمد، والمعجم الصغير للطبراني: ١ / ٢٧٠: ٧٦٣ في ترجمة قيس بن مسلم، وتاريخ بغداد للخطيب ١٢ / ٢٦٣ في ترجمة قيس بن مسلم بسنده عن الطبراني.

ورواه المصنّف أيضاً في السنن الكبرى برقم ١٠٤٧٥ قال: أخبرنا أحمد بن عثمان قال: حدّثنا شريح بن مَسلَمة قال: حدّثنا إبراهيم بن يوسف [ بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي ]، عن أبيه، عن أبي إسحاق... نحوه.

ورواه سفيان الثوري عن أبي إسحاق: كما في العلل للدار قطني: ٤ / ٩.

ورواه عبد الله بن جعفر عن عليّ: كما في السنن الكبرى في عمل اليوم والليلة وغيره وله أسانيد كثيرة.

ورواه عبد الله بن عبّاس عن رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) أيضاً: كما في مسند أحمد والأمالي الخميسيّة وغيرهما.

٥٨

ذكر قول النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم):

قد امتحن الله قلب عليّ للإيمان

٣١ - أخبرنا محمّد بن عبد الله بن المبارك قال: حدّثنا الأسود بن عامر قال: حدّثنا شريك [ بن عبد الله النخعي ]، عن منصور [ بن المعتمر ]، عن رِبعي [ بن حراش ]، عن عليّ قال:

جاء النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) أُناس من قريش فقالوا: يا محمّد إنّا جيرانك وحلفاؤك، وإنّ أناساً من عبيدنا فقد أتوك، وليس بهم رغبة في الدين ولا رغبة في الفقه، إنّما فرّوا من ضياعنا وأموالنا فارددهم إلينا.

فقال لأبي بكر: (ما تقول)؟

____________________

٣١ - ورواه أحمد عن الأسود: المسند: ٢ / ٤٤٨: ١٣٣٦ إلى قوله: (فتغيّر وجه النبيّ).

ورواه ابن أبي شيبة عن الأسود: المصنَّف لابن أبي شيبة: ح ١٧ من فضائل عليّ (عليه السلام) من قوله: (يا معشر قريش...) إلى آخره.

ورواه السيوطي في جمع الجوامع: ٢ / ٥٣ والمتّقي في كنز العمّال: ١٣ / ١٢٧ ح ٣٦٤٠٢ عن أحمد وابن جرير وصحّحه وسعيد بن منصور... الحديث بطوله.

ورواه إسماعيل ابن بنت السدّي عن شريك: مختصر مسند الكلابي: ح ٢٤ المطبوع ذيل مناقب ابن المغازلي.

ورواه زيد بن الحباب عن شريك: منتخب مسند الكلابي: ح ٢٥.

ورواه أبو غسّان عن شريك: مستدرك الحاكم: ٤ / ٢٩٨.

ورواه محمّد بن سعيد الأصبهاني عن شريك: شرح معاني الآثار للطحاوي: ٤ / ٣٥٩، مستدرك الحاكم: ٢ / ١٣٧.

ورواه أبو نعيم عن شريك: مستدرك الحاكم: ٤ / ٢٩٨.

ورواه وكيع عن شريك: سنن الترمذي: ٥ / ٦٣٤: ٣٧١٥.

٥٩

فقال: صدقوا وإنّهم لجيرانك وأحلافك. فتغيّر وجه النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) ثمّ قال لعمر (١) :(ما تقول)؟

قال: صدقوا إنّهم لجيرانك وحلفاؤك. فتغيّر وجه النبي (صلّى الله عليه وسلّم) ثمّ قال:

(يا معشر قريش، والله ليبعثنّ الله عليكم رجلاً منكم قد امتحن الله قلبه

____________________

ورواه يحيى الحمّاني عن شريك: الفضائل لأحمد: ح ٢٢٧ برواية القطيعي، المناقب للخوارزمي: فصل ١٣ وفرائد السمطين: ح ١٣٦ وكلاهما عن طريق البيهقي.

وروى نحوه أبان بن صالح عن منصور: سنن أبي داود: ٣ / ٦٥، السنن الكبرى للبيهقي: ٩ / ٢٢٩.

ورواه سلمة بن كهيل عن منصور: مسند البزّار: ١ / ق ٧٩.

ورواه شعبة عن منصور: مناقب ابن المغازلي: ص ٥٤ ح ٧٨.

ورواه قيس بن مسلم وأبو كلثوم عن ربعي: تاريخ بغداد: ١ / ١٣٣ و ٨ / ٤٣٣ ترجمة أمير المؤمنين وربعي.

وللحديث ذيل من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) ورد في رواية الترمذي والحاكم والبزّار والقطيعي والكلابي قالوا: ثمّ قال عليّ:أما إنّي قد سمعت النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) يقول: (لا تكذبوا عليّ فمَن كذب عليّ متعمّداً فليلج النّار) . وهذا الذيل بما أنّه لا يثير حساسيّة الساسة والمتسلّطين على رقاب النّاس؛ لذلك ولغيره اكتفى به جماعة من المحدّثين فلاحظ: صحيح البخاري: ١ / ٣٨، وصحيح مسلم: ١ / ٩، والترمذي: ٥ / ٣٥: ٢٦٦٠ وابن ماجة: ١ / ١٣ ومسند أبي يعلى: ١ / ٣٩٤: ٥١٣ عن شريك عن منصور وص ٤٦١ ح ٦٧٢ عن شعبة عن منصور.

وورد الحديث من طريق عبد الرحمان بن عوف: رواه أبو يعلى وابن أبي شيبة والحاكم والخطيب وابن عساكر وغيرهم.

ومن طريق أبي سعيد الخدري: رواه الكلابي في مختصر مسنده: ح ٢٣، وبالهامش ثبت لمصادر عديدة.

(١) في الأصل (لعلي)، والتصويب من نسخة المكتبة الوطنيّة بطهران، وطبعة مصر، وسائر المصادر.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

بكاءً، كما في سورة الدخان(1) ، روى الفريقان تحقّق هذا الأمر في شهادة الحسين (عليه السلام)، مثل: ابن عساكر في تاريخه في ترجمة سيّد الشهداء (عليه السلام)، حيث ذكرَ جملة من الروايات المُسندة في ذلك عن مشاهدة الدم تحت الأحجار وفوق الحيطان وغير ذلك.

أوجهُ الاعتراض على ظاهرة البكاء والجواب عليها

نذكر بعد ذلك ما يُثار حول ظاهرة البكاء من انتقادات وإشكالات ونتعرّض للجواب عنها بالتفصيل تباعاً، فهناك عدّة نظريات وآراء مخالفة لظاهرة البكاء تعتمد على وجوه عديدة.

الوجه الأوّل: أنّ أدلة وروايات البكاء تشتمل على مضامين لا يقبلها العقل، مثل:(إنّ مَن بكى ودَمعت عيناه بقدر جَناح ذُبابة، غُفر له كلّ ذنوبه) فهذه الروايات - بتعبيرهم - مضمونها إسرائيلي، شبيه لمـَا لدى النصارى من أنّ المسيح قُتل لتُغفر ذنوب أمّته، فهذه الروايات فيها ما يشابه هذا المضمون، أنّ الحسين (عليه السلام) قُتل ليُكفّر عن ذنوب شيعته إلى يوم القيامة، فهي - بزعم هؤلاء - إغراء بالذنوب وإغراء للمعاصي، فلا يمكن العمل بهذه الروايات؛ لأنّ فيها نفس الإغراء الموجود في الفكرة المسيحيّة واليهوديّة، فحينئذٍ مضمون هذه الروايات لا يقبلها العقل ولا يصدّقها، وهو مضمون دخيل كما عبّروا، وهذا الوجه - في الحقيقة - يتألّف من أمرين:

____________________

(1) الدخان: 29.

٣٠١

الأول: ضعفُ سند هذه الروايات.

الثاني: ضعفُ المضمون؛ لاشتماله على هذا الإغراء الباطل.

الجواب: أمّا ضعفُ السند، فقد ذكرنا سابقاً أنّ كتاب بحار الأنوار يتضمّن باب ثواب البكاء على الحسين (عليه السلام)، ويحتوي على خمسين رواية في فضل واستحباب البكاء، وهذه الروايات الخمسون، ممّا جَمعها صاحب البحار هي غير الروايات العشرين التي جَمعها صاحب الوسائل وغير الروايات المتناثرة التي تربو على العشرات في الأبواب الأخرى، فكيف نردّ هذه الروايات؟ وبأيّ ميزان دِرائيّ ورجالي نُشكّك بها؟ فالقول بضعف السند لهذه الروايات ناتج من ضعف الانتباه أو ضعف الحيطة العلميّة؛ لأنّه بأدنى تصفّح في المصادر المعتبرة الحديثيّة تحصل القناعة واليقين بوجود أسانيد كثيرة جدّاً، منها: الصحيح، والموثّق، والمُعتبر، فضلاً عن كونها تصل إلى حدّ الاستفاضة بل التواتر.

وأمّا المضمون، فقد طعنَ عليه غير واحد، حيث قالوا: إنّ ذِكر الثواب في البكاء على الحسين (عليه السلام)، فيه إغراء للناس لارتكاب الذنوب والاتّكاء على البكاء، ويستشهدون على ذلك: بكون كثير من العوامّ يرتكبون المعاصي ويشاركون في نفس الوقت مشاركة فعّالة في الشعائر الحسينيّة ويخدمون ويحضرون المجالس ويبكون، واتّكالاً على هذه المشاركة وتذرّعاً بهذا البكاء فإنّهم يرتكبون ما يروق لهم من المعاصي، فبالتالي يصبح مضمون هذه الشعائر باطلاً.

الجواب عن هذا الإشكال: إنّ مثل هذا المضمون موجود في موارد عديدة في الشريعة، وهي موارد مسلّمة، مثلاً:( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ

٣٠٢

سَيِّئَاتِكُمْ ) (1) ، فهل هذا إغراء بالصغائر، أو:( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ) (2) ، هل هذا إغراء بكلّ المعاصي غير الشِّرك؟!

يُضاف إلى ذلك، روايات عديدة أخرى وردت من طرق العامّة والخاصّة في ثواب البكاء من خشية الله، منها:

عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :(مَن خرجَ من عينيه مثل الذُباب من الدمع من خشية الله، آمنهُ الله يوم الفزع الأكبر) (3) .

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله :(مَن بكى على ذنبه حتّى تسيل دموعه على لحيته، حرّم الله ديباجة وجهه على النار) (4) فهل هذا إغراء لارتكاب المعاصي والذنوب؟! وكذلك ورد في ثواب الحجّ والصلاة المفترضة والصوم وغيرها من الثواب العظيم، وغفران الذنوب، بل يمكن الردّ على الإشكال في هذه الموارد بوجوه عديدة:

أوّلاً: الترغيب في نفس العمل، لا أنّه إغراء بالمنافرات والمضادّات.

ثانياً: فتح باب التوبة وعدم اليأس.

ثالثاً: إنّ البكاء من خشية الله؛ إنّما يكون من باب المقتضي للتكفير عن الصغائر أو لغفران الذنب، وليس من باب العلّة التامّة، أي أنّ هناك أموراً وشرائط أخرى لابدّ من توفّرها مع المقتضي، من قبيل: عدم الإصرار على الصغائر، والعزم والتصميم على الإقلاع عن المعصية وغير ذلك، فإذا تمّت جميع هذه المقدّمات

____________________

(1) النساء: 31.

(2) النساء: 48.

(3) روضة الواعظين (الفتال النيسابوري): 452.

(4) المصدر السابق.

٣٠٣

وتوفّر المقتضي فتحصل العلّة التامّة للتكفير أو للمغفرة، لذلك نقول: إنّ هذه الأمور هي من باب المقتضي وليست من باب العلّة التامّة.

ورابعاً: في آية( إِنْ تَجْتَنِبُوا... ) المقصود تكفير الذنوب السابقة وليس الآتية في المستقبل، والذي يرتكب الذنوب في المستقبل قد لا يوفّق إلى مثل هذا التكفير والغفران، وهذا نظير ما وردَ في باب الحج: أنّ مَن حجّ يقال له بعد رجوعه استأنفَ العمل(1)، أو أنّه يرجع كما ولدتهُ أمّه، ويُغفر لمَا سبقَ من ذنوبه، فهذا ليس إغراءً بالجهل وبالذنوب، بل المقصود: أنّ هذه مقتضيات، لا أنّها تُحدّد المصير النهائي والعاقبة النهائيّة.

وقد ورد في مضمون بعض الروايات: مَن مات على الولاية، يَشفع ويُشفّع(2)، لكن مَن يضمن أنّه يموت على الولاية إذا كان يرتكب الذنوب والكبائر، فليست ولاية أهل البيت مُغرية للوقوع في الذنوب والمعاصي.

إذ إنّ ارتكاب المعاصي يُسبّب فقدان أغلى جوهرة وأعظم حبل للنجاة، وهو العقيدة، ويؤدّي إلى ضياع الإيمان، حيث قال تعإلى:( ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ

____________________

(1) بحار الأنوار 99: 315 / 6؛ وكذلك في تفسير القمّي 1: 70؛ واللفظ للأخير: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:(إنّ العبد المؤمن حين يخرج من بيته حاجّاً، لا يخطو خطوة ولا تخطو به راحلته إلاّ كُتب له بها حسنة، ومُحيَ عنه سيّئة، ورُفع له بها درجة، فإذا وقفَ بعرفات فلو كانت له ذنوب عدد الثرى رجعَ كما ولدتهُ أُمّه، فقال له: استأنِف العمل..) .

(2) ورد في بحار الأنوار 8: 30 عدّة روايات بهذا المضمون منها: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :(إنّي أشفعُ يوم القيامة فأُشفّع، ويشفع عليّ فيُشفّع، ويشفع أهل بيتي فيُشفّعون، وإنّ أدنى المؤمنين شفاعة ليشفَع في أربعين من إخوانه كلّ قد استوجبوا النار) .

٣٠٤

أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ ) (1) ، حيث إنّ مجموع الدين يُعتبر كتلة واحدة، ولا ننظر إلى الدين من جهة دون أخرى، وإذا كان تمام الأدلّة الدينيّة يشير إلى أنّ ارتكاب المعاصي والإصرار عليها يؤدّي إلى فقدان الإيمان والمآل إلى سوء العاقبة - والعياذ بالله - فليس فيها جانب إغراء، بل فيها إشارة إلى جهة معيّنة، وهي: أنّها تُخلّص الإنسان وتنقذه من حضيض المعاصي والرذائل، وتعرج به إلى سموّ الفضائل وجادّة الصواب والصراط المستقيم.

فإنّ التفاعل العاطفي مع أحداث عاشوراء ليس يُنفّر من أعداء أهل البيت (عليهم السلام) فقط، بل هو أيضاً ينفّر من السلوكيّات المنحرفة المبتلى بها، وتتولّد في أعماق الشخص المتأثّر حالة تأنيب الضمير لذلك، فهو يُجسّد في نفسه الصراع والجهاد، فإذا عَرضت له أشكال من المعصية كأنّما يتحرّك عنده هاجس الحرارة الحسينيّة، وينشأ في روحه جانب تأنيب الضمير، فهذا نوع من الانجذاب القلبي والعزم الإرادي نحو الصراط المستقيم.

وليس مفاد الروايات: أنّ مَن بكى على الحسين فلهُ الضمان في حسن العاقبة، وله النتيجة النهائيّة في الصلاح والفلاح، ليس مفادها ذلك؛ إنّما مفاد الروايات: مَن بكى على الحسين غُفرت له ذنوبه، مثل أثر فريضة الحجّ، وغفران الذنوب مشروط - كما يقال - بالموافاة، والموافاة: اصطلاح كلامي وروائي، أي أن يوافي الإنسان خاتمة أجره بحُسن العاقبة، وإلاّ فمعَ سوء العاقبة - والعياذ بالله - ترجع عليه السيئات وتُحبط الحسنات ولا تُكتب له.

____________________

(1) الروم: 10.

٣٠٥

فليس في منطق هذه الروايات إغراء بالمعاصي، وليست هي كعقيدة النصارى بأنّ المسيح قد قُتل ليُغفر للنصارى جميعاً، حتّى وإن عملوا المعاصي والكبائر وأنواع الظلم والعدوان، ولا كعقيدة اليهود الذين قالوا إنّ عزيراً أو غيره له هذه القابليّة على محو المعاصي والكبائر عن قومه.

وإلاّ لأُشكلَ علينا أنّ قرآننا توجد فيه إسرائيليّات، فمنطق الآية:( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ ...) يختلف عن ذاك المنطق الذي ينادي به النصارى، أولئك يقولون: نعمل ما نشاء والعاقبة ستُختم لنا بالحسنى، فأين هذا عن المعنى الذي نحن بصدده؟

مضمون أن يُغفر له ولو كان كزبد البحر، مخالفٌ غير ذلك المعنى أصلاً، بل فيه نوع من إدانة المذنبين، إضافةً إلى فتح باب الأمل وعدم القنوط وعدم اليأس، بل الأمل بروح الله أن ينجذب الإنسان إلى الصراط المستقيم وجانب الطاعات، ولا يقع في طريق المعاصي ويتخبّط في الذنوب.

الوجهُ الثاني: سلّمنا بكون هذه الروايات المشتملة على البكاء تامّة سنداً ومتناً ومضموناً، لكن مضمونها غير أبدي، وليس بدائم، مضمونها هو الحثّ على البكاء في فترة الأئمّة (عليهم السلام)، وهي فترة وحقبة التقيّة، حيث كان الأسلوب الوحيد لإبراز المعارضة والاستنكار للظلم وإبراز التضامن مع أهل البيت (عليهم السلام) هو البكاء، أمّا في يومنا هذا، فالشيعة - ولله الحمد - يعيشون في جوّ من الحريّة النسبيّة، فليست هذه الوسيلة صحيحة.

كان الهدف من تشريع هذه الوسيلة والحثّ عليها هو: حصول غرض معيّن، وهو إبراز التضامن مع أهل البيت (عليهم السلام)، أو التولّي لأهل البيت، وإظهار الاستنكار

٣٠٦

والتبرّي من أعدائهم والمعارضة لخطّهم، باعتبار أنّ الظرف كان ظرف تقيّة، كانت الأفواه مكمّمة، وكانت النفوس في معرض الخطر من الظالم، فقد يكون البكاء هو الأسلوب الوحيد آنذاك، أمّا في أيّامنا هذه - وقد زال الخوف - فهذا ليس بالأسلوب الصحيح.

أمّا الآن فقد انتفت الغاية منها، فتكون أشبه بالقضيّة الخارجيّة الظرفيّة، لا القضيّة الحقيقيّة العامّة الدائمة.

الجواب: فنقول: أمّا كونه أحد الغايات للبكاء فتام، لكن ليس هو تمام غاية البكاء، بل هو أحد الغايات والسُبل لإظهار الظلامة، هذا أوّلاً، وثانياً: ما الموجب لكون هذه الغاية غير قابلة للتحقّق، بل هي مستمرة قابلة للتحقّق؛ لأنّ البكاء نوع من السلوك التربوي لإثارة وجدان أبناء الفِرق الأخرى من المسلمين ومن غير المسلمين، وإلاّ لو حاولت - إظهار النفرة لظالمي أهل البيت والتبرّي من أعداء الدين الذين قادوا التحريف والانحراف في الأمّة الإسلاميّة - بمجرد كلمات فكريّة أو إدراكيّة يكون الأسلوب غير ناجح وغير نافع، وقد يُسبِّب ردّة فعل سلبيّة عندهم، أمّا أسلوب العاطفة الصادقة فهو أكثر إثارة، وأنجح علاجاً لهداية الآخرين، لمَا مرّ من أنّ الطبيعة الإنسانيّة مركّبة من نَمطين جِبلييّن: نَظري إدراكي، وعَملي انفعالي.

والغاية ليست منحصرة في ذلك، بل هناك عِلل كثيرة - كما سنقرأ من الروايات في ختام بحث البكاء - وحصر علّة البكاء بهذه العلّة غير صحيح.

اعتراض: أمّا ما يقال: بأنّ الحسين (عليه السلام) قد منعَ الفواطم أو العقائل من شقّ الجيوب، وخَمش الوجوه، ونهاهنّ عن البكاء، فهذا النهي في الواقع مُغيّى

٣٠٧

ومُعلّل، عندما أخبرَ الحسين (عليه السلام) زينب العقيلة (عليها السلام) بأنّه راحل عن قريب، لطمَت وجهها وصاحت وبكت، فقال لها الحسين (عليه السلام):(مَهلاً لا تُشمِتي القوم بنا) (1) .

حذّرها شماتة الأعداء قبل انتهاء الحرب وقبل حلول الفادحة والمصيبة العظمى؛ لأنّه يُسبّب نوعاً من الضعف النفسي في معسكر الحسين (عليه السلام)، أمّا إخماد الجزع بعد شهادته (عليه السلام)، أو إخماد الوَلولة وكَبت شِدّة الحُزن فهي نوع من إخماد وإسكات لصوت نهضة الحسين (عليه السلام)، وحدٌّ من وصول ظلامته إلى أسماع العالَم بأسره، وكلّ مستقرئ يرى أنّ الذي أوصلَ صوت الحسين (عليه السلام) إلى العالَم، وأنجحَ نهضته إلى اليوم وإلى يوم القيامة هم السبايا ومواقف العقيلة (عليها السلام) وخطبها، وخُطب السجّاد (عليه السلام) في المواضع المختلفة من مشاهد السبي لأهل البيت (عليهم السلام)(2) .

والسرّ واضح؛ لأنّه حينما تكون حالة هياج وحالة احتراق للخيام وتشرّد وهيام الأطفال واليتامى، فالظرف هنا ليس ظرف جزع ولا ظرف إظهار الندبة، بل هو ظرف حزم الأمور وقوّة الجَنان، ومحاولة الإبقاء على البقيّة الباقية من أهل البيت (عليهم السلام).

____________________

(1) اللهوف في قتلى الطفوف (السيّد ابن طاووس): 55؛ بحار الأنوار 44: 391 / 2.

(2) وهناك نهي آخر عن الحسين لسكينة بالخصوص مُغيّى أيضاً بقتله، كما يظهر من الأبيات المنسوبة له (عليه السلام) حين توديع ابنته سكينة:

سيطولُ بعدي يا سُكينة فاعلَمي منكِ البكاء إذا الحِمام دَهاني

لا تُحرقي قلبي بدمعك حسرةً مادام مني الروح في جثماني

وإذا قُتلتُ فأنتِ أولى بالذي تأتينهُ يا خيرة النِسوان

مناقب آل أبي طالب (ابن شهر آشوب) 3: 257.

٣٠٨

الجواب: ليس من المعقول أن تبدو في الإنسان ظاهرة عاطفيّة انفعاليّة من دون أن تكون وليدة لإدراك معيّن، ولا ناشئة عن فهم معلومة ما.

وأصلاً؛ فإنّ التفكيك بين الانفعال والتأثّر العاطفي من جهة، وبين الإحساس والإدراك لأمرٍ ما من جهةٍ أخرى غير ممكن، بل البكاء - كما بيّنا فيما سبق موضوعاً وحكماً، سواءً بالحكم العقلي أو النقلي - هو نوع من الإخبات للمعلومة الحقيقيّة، وشدّة التأثّر بها، وشدّة الإذعان والمتابعة لها، فلو أنّ الإنسان ذكرَ معلومة من المعلومات الحقيقيّة المؤلمة ولم يتأثّر بها، فهذا يعني أنّه لم يشتدّ إذعانه لها، ولم يُرتّب عليها آثار المعلومة الحقيقيّة، بخلاف ما لو تأثّر بها بأيّ نوع من التأثّر، فهذا يدلّ على شدّة إيقانه بتلك الحقيقة.

ومن غير الممكن أن توجد ظاهر البكاء في الجناح العملي في النفس وكفعل نفساني، من دون أن يكون هناك إدراك ما، فكيف إذا كان إدراك حرمان ذروة التكامل في المعصوم، وشدّة الحسرة على فقدان تلك الكمالات البشريّة، ومن ثَمّ شدّة التلهّف للاقتداء والانجذاب إلى ذلك الكمال والمثل الأعلى، فسوف يتأثّر الإنسان بشدّة وينفعل بدرجة عالية، هذا أدنى ما يمكن أن يتصوّر.

وهذا التفاعل: إنّما هو انجذاب النفس إلى الكمالات الموجودة المطويّة في شخصيّة المعصوم؛ وإنّما التأثّر به والقرب منه يُعدّ من أسمى الفضائل، ويُعتبر نفرة عن الرذائل.

فالفضائل كلّها مجتمعة في الذات المطهّرة لسيّد الشهداء (عليه السلام)، والبراءة من أعدائه ومناوئيه تُعتبر نفرة من الرذائل والآثام المجتمعة في أعداء أهل البيت (عليهم السلام).

٣٠٩

وهذه أقلّ حصيلة يمكن أن تُتصوّر في البكاء، حيث إنّ أدنى مرتبة من مراتب مجلس الرثاء والتعزية هي نفس هذا المقدار أيضاً، وهو في الواقع أمر عظيم ينبغي عدم الاستهانة به، حيث يولِّد الانجذاب نحو الفضائل، والنفرة والارتداع عن الرذائل، وهل المقصود من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر غير هذا؟ وهل الغاية في نشر الدين وتبليغ الرسالة إلاّ انتشال الفرد من مستنقع الرذائل والصعود به إلى سموّ الفضائل.

هذا أدنى حصيلة عمليّة تنشأ من البكاء، فهو نوع من المجاوبة والتفاعل لا الجمود والخمول، ولا الحياديّة السلبيّة.

فربّما يواجه الإنسان فضيلةً وتُعرض عليه رذيلةً، فيظلّ مرتاباً متردّداً، ومتربّصاً في نفسه لا يحسم الموقف:( وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ ) (1) ، فيضلّ يعيش فترة حياديّة مع نفسه، لا هو ينجذب للفضائل، ولا يتأثّر بالرذائل، يعني تسيطر على نفسه حالة تربّص، وهذه حالة التربّص قد ذمّها القرآن الكريم، وهي مرغوب عنها في علم الأخلاق وعلم السير والسلوك؛ لأنّ نفس التوقّف هو تسافل ودركات، أمّا الانجذاب نحو الفضائل فيُعتبر نوعاً من التفاعل السليم.

فالبكاء يعني التأثّر والانجذاب والإقرار والإذعان، وبالتالي التبعيّة.

بخلاف ما لو لم يبكِ الإنسان ولم يتفاعل، بل يكون موقفه التفرّج والحياديّة، وشتّان بين الحالتين!

أضف إلى ذلك: أنّ في البكاء نوعاً من التولّي، حيث إنّ البكاء يدلّ على

____________________

(1) الحديد: 14.

٣١٠

فإذاً، ظرف المرحلة بخصوصها هي جنبة ضبط وتدبير وحزم، وليس من الصحيح إظهار المآتم والعزاء في ذلك الظرف، فمن ثَمّ فإنّ أمره (عليه السلام) مختصّ بذلك الظرف، وهو نوع من التدبير والحكمة منه (عليه السلام)، ولابدّ من لمّ الشَمل وجمع الشِتات للأرامل واليتامى، وإنّ ذلك الظرف ليس ظرف بكاء ورثاء ولا محل لإظهار المصيبة.

خلاصة القول: في مقام الإجابة على الانتقادات والاعتراضات السابقة: أنّ ما ذُكر في العلوم التخصصيّة في حقيقة البكاء من جهة البحث الموضوعي، هو أنّ هناك شرطان لرجحان البكاء هما: أن يكون البكاء وليداً لمعلومة ولإدراك حقيقي، وأن يكون لغاية حقيقيّة وهادفة إيجابيّة، فيكون من سنخ الانفعالات الكماليّة الممدوحة للنفس بلا ريب، وهو كذلك ممدوح في لغة القرآن ولغة النصوص الشرعيّة، وخَلصنا إلى أنّ البكاء هو نوع من التفاعل الجدّي والفعلي مع الحقيقة.

وبعبارةٍ أخرى: أنّ إعطاء السامع، أو القارئ، أو المُشاهد، أو المُوالي فكرة إدراكيّة بحتة غير مثمر بمفرده، وإنّ البكاء بمنزلة إمضاء مُحرّك للسير على تلك الفكرة، أو ما يعبّر عنه: بحصول إرادة جدّيّة عازمة فعليّة للمعنى.

فالبكاء إذا ولّدَ حضور الفكرة، العِبرة إذا تعقّبت العَبرة حينئذٍ يكون نوع من التفاعل الشديد والإيمان الأكيد بالفكرة والعِبرة.

ويُعتبر ذلك نوعاً من التسجيل المؤكَّد لتفاعل الباكي وإيمانه واختياره لمسيرة تلك العِبرة.

الوجهُ الثالث: الذي يُذكر للنقض على البكاء: أن لو سلّمنا أنّنا قَبلنا بأمر البكاء في الجملة، ولكنّ استمرار البكاء على نحو سنوي، أو راتب شهري، أو

٣١١

أسبوعي بشكلٍ دائم يولِّد حالة وانطباعاً عن الشيعة والموالين لأهل البيت (عليهم السلام)، بأنّ هؤلاء أصحاب أحقاد وضغون، وإنّهم يحملون العُقد، واستمرارهم بالبكاء واجترارهم له يدلّ على أنّهم عَديمي الأمل فهذه ظاهرة سلبيّة انهزاميّة تكشف عن عُقد روحيّة، وكبت نفسي دَفين، فبدل أن يَقدموا على أعمال وبرامج ومراحل لبناء مذهبهم ولبناء أنفسهم ليخرجوا من حالة المظلوميّة إلى حالة قيادة أنفسهم والغلبة على مَن ظلمهم، فإنّهم يبقون على حالة الانتكاس والتراجع، وهذه الحالة يمكن أن نسمّيها الحالة الروحيّة الشاذّة، هي حالة توجِد خَللاً في الاتّزان الروحي (كما في علم النفس وعلم الاجتماع)، فالبكاء حيث إنّه في علم النفس ليس بحالة اتّزان روحي؛ وإنّما حالة اختلال فكري لا نستطيع معهما أن نهتدي السبيل، بل نحن عديمو الأمل، لدينا حالة كبت، وهذه الأوصاف هي أوصاف مَرضيّة وليست أوصاف روحيّة سليمة.

فحينئذٍ يكون الإبقاء على مثل هذه الظاهرة إبقاءً على حالة مرضيّة بإجماع العلوم الإنسانيّة التجريبيّة الحديثة، ولمّا كانت هذه الظاهرة المرضيّة تتشعّب إلى أمراض روحيّة أو فكريّة أو نفسيّة عديدة، فمن اللازم الابتعاد عنها ونبذها جانباً.

فملخّص الاعتراض في هذا الوجه الثالث: هو كون البكاء عبارة عن مجموعة من العُقد النفسيّة، وهو يوجِب انعكاس حالة مرضيّة روحيّة لأفراد المذهب وأبناء الطائفة.

الجواب: فنقول: على ضوء ما ذكرنا سابقاً من كلمات علماء النفس

٣١٢

والاجتماع والفلسفة: بأنّ الفطرة الإنسانيّة السليمة التي هي باقية على حالها لابدّ لها من التأثّر والتفاعل، أمّا التي لا تتأثّر بالأمور المحرِّكة للعاطفة تكون ممسوخة، إذ فيها جناح واحد فقط وهو جناح الإدراك، أمّا جناح العمل فإنّه مُنعدم فيها، كما هو الفرق بين المجتمعات الغربيّة والمجتمعات الشرقيّة.

فعلى عكس زعم المُعترض، تكون هذه حالة صحيحة وسليمة وليست حالة مرضيّة، ولا حالة عُقد، بل ذكرنا أنّ العُقد إنّما تجتمع فيمن لا يكون له متنفّس للانفعال، يعني أنّ الذي لا ينفعل، والذي لا يظهر انفعاله إزاء المعلومات الحقيقيّة التي تصيبه والذي يكبت ردود الفعل الطبيعيّة للحوادث سوف تتكدّس عنده الصدَمات إلى أن تصبح عُقد وتناقضات، وإلى أن تنفجر يوماً ما، وربّما تظهر لديه حالات شاذّة من قبيل: سوء الظن بالآخرين، أو اتّخاذ موقف العَداء لجميع مَن حوله.

والشخصيّات المعروفة في المجتمعات البشريّة - بعد استقراء أحوالهم وأطوارهم - نجدها تتمتّع بهذه الصفة الأساسيّة في النفس، فالذي لا يُبدي العواطف الإنسانيّة الصادقة، ولا تظهر أشكالها عليه، سوف يجتمع في خفايا نفسه ركام من الحقد وأكوام من العُقد، حيث إنّ الإنسان لا يخلو من جانب العاطفة، والاستجابة للعاطفة أمرٌ ثابت ناشئ ومتولّد عن الظاهرة العمليّة والوجدانيّة والضميريّة من الإدراك الحقيقي.

فإذا لم تحصل هذه الاستجابة فلابدّ من وجود اختلال في توازن الإنسان.

لذلك نجد أنّ المنطق القرآني والإرشادات من السنّة النبويّة الشريفة والسيرة العلويّة الكريمة، كلّها تُقرّر هذه الموازنة والتعادل بين جميع قوى النفس دون أن

٣١٣

يتمّ ترجيح جانبٍ للنفس دون جانب آخر.

فإذاً، المنطق المتعادل والمتوازن هو كون نفس الإنسان في حالة من التجاذب والتأثير والتأثّر بين أجنحتها المختلفة.

الوجهُ الرابع: أنّ البكاء ظاهرة تُنافي الصبر المرغوب فيه، ولا تنسجم مع الاستعانة بالله عزّ وجل، كما في سورة البقرة( الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) (1) فالبكاء منافٍ للصبر والتحمّل ومُناقض للاستعانة بالله سبحانه.

الجواب: أمّا الجواب لمَا قيل من وجوب الصبر والتحمّل عند نزول المصيبة كما في الآية الشريفة:( الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ( 156 ) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) (2) .

فنقول: كيف يتّفق هذا مع بكاء يعقوب على يوسف حتّى ابيضّت عيناه، هل هذا خلاف الصبر؟ أو بكاء السجّاد على أبيه سيّد الشهداء (عليه السلام) والأوامر التي بَلغت حدّ التواتر، الواردة في ثواب البكاء على الحسين (عليه السلام) إلى ظهور المهدي (عجّل الله فرجه) بل في بعضها إلى يوم القيامة.

فهل يتنافى ذلك كلّه مع الصبر؟ كلاّ.

وقد وردَ عن الصادق (عليه السلام):(إنّ البكاء والجزع مكروه للعبد في كلّ ما جَزع ما خلا البكاء على الحسين بن عليّ (عليه السلام)؛ فإنّه فيه مأجور) (3) ، هذا ليس استثناءً

____________________

(1) البقرة: 156 - 157.

(2) البقرة: 156 - 157.

(3) بحار الأنوار 44: 291 / 32. راجع روايات الجزع ص: 312 من هذا الكتاب.

٣١٤

متّصلاً، بل هو استثناء منقطع؛ لأنّ الجزع نوع اعتراض على تقدير الله ويُعتبر حالة من الانهيار والتذمّر والانكسار، أمّا في الجزع على الحسين فليس اعتراضاً على قضاء الله وقدره، بل هو - بالعكس - نوع من الاعتراض على ما فعله أعداء الله، ولا يُعدّ انهياراً أو انكساراً، بل هو ذروة الإرادة للتخلّق والاتّصاف بالفضائل، وشَحذ الهِمم للانتقام من الظالمين، والاستعداد لنصرة أئمّة الدين والتهيئة لظهور الإمام الحجّة المنتظر (عجّل الله فرجه).

فقد يقال: أليس الحالة التي يندب إليها الشرع والقرآن عند المصيبة هي الصبر وقول:( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) ، فلا موضع للبكاء، بل البكاء يخالف الخُلق القرآني والتوصية الشرعيّة في ذلك، ونرى أنّ القرآن حين يستعرض لنا بأنّ الصبر هو الموقف الإيجابي عند البلاء والمصيبة، وفي نفس الوقت يستعرض لنا القرآن أمثولة نموذجيّة وهي: نبيّ الله يعقوب، يستعرض فعله بمديح وثناء لا انتقاصَ فيه، مضافاً إلى ما وردَ عن الصادق (عليه السلام).

ينحلّ هذا التضاد البدوي بأدنى تأمّل؛ وذلك بالبحث عن سبب كراهة الجزع، أو عن سبب إيجابيّة الصبر في المصائب، باعتبار أنّ الجزع مردّه إلى كراهة قضاء الله وقدره، ومآله إلى الانهيار أو الانكسار مثلاً، ولا ريبَ هذا أمر سلبيّ وغير إيجابي؛ لأنّه من الضعف وعدم الصمود والطيش، وعدم رباطة الجأش، وعدم الرضا بقضاء الله سبحانه وتعإلى وقدره، أو مردّه إلى الاعتراض على الله - والعياذ بالله - أو كراهة ما قضى الله سبحانه، ولذلك لو كان الصبر في موضع آخر لمَا كان الصبر ممدوحاً، مثلاً: صبر المسلمين مقابل كيد الكافرين ليس موضع صبر؛ لأنّ اللازم عليهم الردّ وحفظ عزّتهم لو كان لهم عدد وعدّة ومع

٣١٥

توفّر الشروط الموضوعيّة للقتال، كما في تعبير الآيات القرآنية مثل:( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ) (1) .

فالصبر ثمّة ليس في محلّه، ومثله تعبير أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة:(رَوّوا السيوف من الدماء، تَرووا من الماء) (2) ، و(ما غُزي قومٌ في عُقر دارهم إلاّ ذلّوا) (3) ، فيتبيّن أنّ الصبر ليس راجحاً في كلّ مورد، بل الصبر بلحاظ ظرفه وجهته يكون ممدوحاً أو حسناً، وإلاّ قد يكون خلاف ذلك، فمن ثَمّ قد يكون إيجابيّاً و سلبيّاً فلابدّ أن يُقسّم الصبر إلى: مذموم، ومحمود.

ومثلُ ما في قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي (عليه السلام):(أبشِر فإنّ الشهادة من وراءك، فكيف صبرك إذاً، فقلتُ: يا رسول الله، ليس هذا من مواطن الصبر، ولكن من مواطن البشرى والشكر..) (4) .

أي هذا موضع إبراز الشكر لله، لا موضع السكوت والتحمّل والصبر، نعم، هو مقابل اصطدام البليّة يكون صبراً، أمّا في مقابل تقدير الله، ليس عليك فقط أن تصبر، بل عليك الشكر والرضا بقضائه وقدره.

فالصبر درجة، أمّا الشكر لله سبحانه والرضا بقضائه وقدره فهو أرقى وأسمى.

الصبر وتحمّل المصيبة يمثّل درجة، أمّا الإحساس بعذوبة تقديره سبحانه

____________________

(1) البقرة: 193.

(2) نهج البلاغة 3: 244.

(3) نهج البلاغة 2: 74.

(4) شرح نهج البلاغة 9: 305.

٣١٦

وبحلاوة قضائه فيجسّد درجة أرقى، فتكون مورداً للرضا وللشكر، وهذه الحالة لا تُنافي الصبر بل تزيد عليه فضيلة، كذلك في موارد التشوّق إلى ذكر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حيث وردَ على لسان الأئمّة (عليهم السلام) أنّهم يَعدّون خسران وفقدان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مصيبة عُظمى، وتعبيرهم (عليهم السلام):(لم يُصب أحد فيما يُصاب، كما يُصاب بفقد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى يوم القيامة، فهي أعظم مصيبة) .

إذا كان الصبر معناه الحمد لله سبحانه على قضائه وقدره، فهذا صحيح وفي محلّه، لكن ليس معنى ذلك استلزامه عدم إبراز الأحاسيس، وعدم حصول التشوّق والعاطفة الصادقة التي هي وليدة الانجذاب للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل ههنا عدم إظهار ذلك غير محمود، الإظهار هو نوع من الفضيلة زائدة على الصبر، لا أنّ هذا الإظهار ينافي الصبر.

وفي مصحّحة معاوية بن وهب:(كلّ الجَزع والبكاء مكروه ما خلا الجزع والبكاء لقتل الحسين (عليه السلام)) (1) .

وفي رواية علي بن أبي حمزة:(إنّ البكاء والجزع مكروه للعبد في كلّ ما جَزع، ما خلا البكاء على الحسين بن عليّ (عليه السلام) فإنّه فيه مأجور) (2) .

وفي صحيح معاوية بن وهب الآخر، المروي بعدّة طُرق عن أبي عبد الله (عليه السلام):(وارحَم تلك الأعين التي جَرت دموعها رحمةً لنا، وارحَم تلك

____________________

(1) وسائل الشيعة 14: 505 أبواب المزار - باب 66 استحباب البكاء لقتل الحسين وما أصاب أهل البيت (عليهم السلام).

(2) وسائل الشيعة 14: 507 أبواب المزار باب 66، ح13.

٣١٧

القلوب التي جَزعت واحترَقت لنا، وارحَم الصرخة التي كانت لنا) (1) .

الجَزع: بمعنى الانكسار، ولكنّه هنا ليس انكساراً، وليس بجزع بحقيقته، نعم، جزع من ظلم الأعداء وجزع من رذائل الأداء، وهذا جزع محمود وليس جزعاً مذموماً، باعتبار أنّه نوع من التشوّق الشديد لسيّد الشهداء (عليه السلام)، كما رواه الشيخ في أماليه بسنده عن عائشة، قالت: لمّا مات إبراهيم بكى النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى جَرت دموعه على لحيته، فقيل: يا رسول الله، تنهى عن البكاء وأنت تبكي؟!

فقال:(ليس هذا بكاء؛ وإنّما هذه رحمة، ومَن لا يَرحم لا يُرحم) (2) .

والسرّ في ذلك: هو أنّ أيّ فضيلة من الفضائل التي هي مربوطة بالخلق الإلهي، أو بالآداب الإلهيّة، أو بكلمات الله، كنماذج مجسّمة في المعصومين (عليهم السلام)، فعدم التفاعل الشديد معها ومع هذا الخلق ومع تلك الآداب، يُعتبر أمراً غير محمود بل مذموماً، فلابدّ من الانجذاب والتولّي والمتابعة والمودّة لهم، وهذا التشوّق ليس بالمذموم بل محمود وحسن، ليس هو من الجزع المذموم، والتشكّي ليس فيه اعتراض على الله، بل هو اعتراض واستنكار على الظلم والظالمين ونبذ للرذيلة وأصحابها، كما في جواب العقيلة (عليها السلام) حينما دخلت في الكوفة إلى مجلس عبيد الله بن زياد، وتوجّه إليها وقال: كيف رأيتِ صُنعَ الله بكِ وبأهل بيتكِ، قالت: (ما رأيتُ إلاّ جميلاً)(3) .

في حين أنّها تُبدي استنكارها من عُظم الفجيعة، وقد أحاطتها هالة من

____________________

(1) وسائل الشيعة 14: 412 أبواب المزار باب 37، ح7.

(2) وسائل الشيعة 3: 282 أبواب الدفن باب 88، ح 8.

(3) بحار الأنوار: 45: 116.

٣١٨

الحُزن والأسى.

الوجهُ الخامس: أنّ التمادي في الشعائر الحسينيّة، وفي البكاء يسبِّب طغيان حالة الانفعال والعاطفة على حالة التعقّل والتدبّر والتريّث والاقتباس من المُعطيات السامية لنهضته (عليه الصلاة والسلام)، والحالة العاطفيّة ليست حالة عقلائيّة، بل هي حالة هيجان واضطراب نفسي، وهذا خلاف ما هو الغاية والغرض من الشعائر الحسينيّة، حيث إنّ الغاية والغرض والهدف منها هو: الاتّعاظ والاعتبار من المواقف النبيلة في نهضته (عليه السلام)، والاقتباس من أنوار سيرته، وليس حصول حالة هيجان عاطفي وحماسي فقط من دون تدبّر ورَويّة.

فإذاً، سوف تطغى الحالة العاطفيّة على الحالة العقلائيّة، والحال أنّ المطلوب من الشعائر: هو التذكير بالمعاني الدينيّة والمبادئ الدينيّة، وأخذ العِبر والعِظات التي ضحّى سيّد الشهداء (عليه السلام) من أجلها، وحالة البكاء والهيجان خلاف ذلك، فبدلَ استلهام الدروس والعِبر تُستبدل بحالة عاطفيّة!

وربّما ترجع هذه الإشكالات بعضها إلى البعض الآخر، وإن اختلفت عناوينها.

وبعبارةٍ أخرى: أنّ التمادي في البكاء يُسبّب طغيان حالة الانفعال والعاطفة على حالة التعقّل والتدبّر، فالبكاء ليس فيه تفاعل إيجابي مع أغراض وغايات الشعائر الحسينيّة، وإنّه نوع من إخلاء الشعائر الحسينيّة عن محتواها وتفريغها عن مضمونها.

فالبكاء: صِرف تأثّر عاطفي من دون إدراك مضامين النهضة الحسينيّة، أو من دون إدراك أغراض وغايات وأهداف النهضة الحسينيّة.

٣١٩

الحبّ، وهل التولّي إلاّ الحبّ؟ وهل هناك مصداق للحبّ أوضح وأصدق من البكاء على مصابهم؟ والحُزن لحزنهم؟ والنفرة من أعدائهم؟ وبعبارةٍ أخرى: لو لم يكن للبكاء إلاّ هذا القدر من الفائدة لكفى، فهو نوع من المحافظة على جذور وأسس رُكني العقيدة المقدّسة الشريفة، ألا وهما التولّي لأولياء الله سبحانه والتبرّي من أعدائه وأعدائهم.

نعم، لابدّ فيه من إعطاء حقّ جانب الإدراك، مثل: لابُدّية إعطاء جانب العاطفة حقّها، دون أن يطغى أحد الجانبين على الآخر، كما يظهر من الروايات أنّ هناك دعوة إلى البكاء، كذلك هناك ورايات للتدبّر والتأسي بأفعالهم (عليهم السلام) والاقتداء بسيرتهم:(... ألا وإنّ لكلّ مأمومٍ إماماً يقتدي به، ويستضيء بنور علمه...) (1) ، هذا ضمن مضامين متواترة من الآيات والروايات، التي لا يتمّ الاقتداء والتأسّي إلاّ بعد استخلاص العِبر وتحليلها والتدبّر بها.

ومع ذلك، فإنّ البكاء بأيّ درجة كان وبأيّ شكل حصل - سواء في نثر، أو شعر، أو خطابة - لا يمكن فرضه إلاّ مع فرض تقارنه مع معلومة معيّنة ينطوي ضمنها، فهو يمتزج بنحو الإجمال مع تلك الحقائق الإدراكيّة، ولا يمكن فرض البكاء من دون حصول العِظة والعِبرة ولو بنحو الإجمال؛ لأنّنا نفرض أنّ الحالة العاطفيّة هي دوماً معلولة لجانب إدراكي.

الوجهُ السادس: البكاء في الواقع يُستخدم كسلاح ضدّ النفس، والحال أنّ ما يمتلكه الإنسان من طاقة مملوءة ومخزونة يجب أن يوجّهها ضدّ العدو، أو يوظّفها في الإثارة نحو السلوك العملي والبرنامج التطبيقي، بينما هذه الشحنة التي امتلأ

____________________

(1) شرح نهج البلاغة 16: 205.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344