• البداية
  • السابق
  • 315 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 32026 / تحميل: 6186
الحجم الحجم الحجم
الانتصار

الانتصار

مؤلف:
العربية

قلنا: هذا العموم يرجع عن ظاهره بالاجماع فانه لا خلاف بين الطائفة في هذا، وقول من يقول من أصحابنا كيف يجوز أن يحجبها الاخوة من الام وهم في كفالتها ومؤنتها ليس بعلة في سقوط الحجب، وإنما إتبعوا في ذلك لفظ الرواية فانهم يروون عن أئمتهمعليهم‌السلام أنهم لا يحجبونها لانهم في نفقتها ومؤنتها.

(مسألة) ومما إنفردت به الامامية القول: بأنه لا يرث مع الولد ذكرا كان أو أنثى أحد إلا الوالدان والزوج والزوجة، وخالف باقي الفقهاء في ذلك وجعلوا للاخوة والاخوات والعمومة وأولادهم نصيبا مع البنات، والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه بعد الاجماع المتردد أنه لو جاز أن يرث أحد ممن ذكرناه مع البنات لجاز أن يرث مع البنين، لان إسم الولد يتناول الجميع، ولان قربى البنت كقربى الابن وما يعولون عليه من خبر العصبة قد تقدم الكلام عليه وبيان ما فيه.

(مسألة) ومما إنفردت به الامامية القول: بأن الولد الذكر الاكبر يفضل دون ساير الورثة بسيف أبيه وخاتمه ومصحفه، وباقي الفقهاء يخالف في ذلك، والذي يقوى في نفسي أن التفضيل للاكبر من الذكور بما ذكر إنما هو بان يخص بتسليمه إليه وتحصيله في يده دون باقي الورثة وإن إحتسب بقيمته عليه، وهذا على كل حال إنفراد من الفقهاء لانهم لا يوجبون ذلك ولا يستحسونه وإن كانت القيمة محسوبة عليه.

وإنما قوينا ما بينا وإن لم يصرح به أصحابنا، لان الله تعالى يقول: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين)، وهذا الظاهر يقتضي مشاركة الانثى الذكر في جميع ما يخلفه الميت من سيف ومصحف وغيرهما.

وكذلك ظاهر آيات ميراث الابوين والزوجين يقتضي أن لهم السهام المذكورة من جميع تركة الميت، فإذا إختصصنا الذكر الاكبر بشئ من

٣٠١

ذلك من غير إحتساب بقيمته عليه، تركنا هذه الظواهر، وأصحابنا لم يجمعوا على أن الذكر الاكبر يفضل بهذه الاشياء من غير إحتساب بالقيمة، وإنما عولوا على أخبار رووها تتضمن تخصيص الاكبر بما ذكرناه من غير تصريح باحتساب عليه أو بقيمته، وإذا خصصناه بذلك إتباعا لهذه الاخبار وإحتسبنا القيمة عليه فقد سلمت ظواهر الكتاب مع العمل بما أجمعت عليه الطائفة من التخصيص له بهذه الاشياء فذلك أولى، ووجه تخصيصه بذلك مع الاحتساب بقيمته عليه أنه القائم مقام أبيه والساد مسده فهو أحق بهذه الامور من النسوان والاصاغر للرتبة والجاه.

(مسألة) ومما إنفردت به الامامية أن ولد الصلب يحجب من كان أهبط منه، ولا فرق في ذلك بين كونه ذكرا أو أنثى، وخالف باقي الفقهاء في ذلك وذهبوا إلى أن لولد الولد نصيبا مع بنات الصلب.

والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه بعد إجماع الطائفة أن الذكر من ولد الصلب إنما يحجب من هو أسفل منه، لانه ولد صلب ولقرابته القريبة من الميت وهذا ثابت للذكر والانثى، فلو جاز أنه يرث ولد الولد مع ولد الصلب إذا كان أنثى لجاز مثل ذلك في الذكر.

(مسألة) ومما إنفردت به الامامية أن الزوج يرث المال كله إذا لم يكن وارث سواه فالنصف بالتسمية والنصف الآخر بالرد وهو أحق بذلك من بيت المال، وخالف باقي الفقهاء في ذلك، وذهبوا كلهم إلى أن النصف له والنصف الآخر لبيت المال.

والحجة لنا في ذلك إجماع الطائفة عليه، فاذا قيل: كيف يرد على من لا قرابة له ولا نسب وإنما يرث بسبب، وإنما يرد على ذوي الارحام ولو جاز أن يرد على الزو لجاز أن يرد على الزوجة حتى ترث جميع المال إذا لم يكن وارث سواها.

٣٠٢

قلنا: الشرع ليس يؤخذ قياسا وإنما يتبع فيه الادلة الشرعية، وليس يمتنع أن يرد على من لم يكن ذا رحم وقرابة إذا قام الدليل على ذلك، وأما الزوجة فقد وردت رواية شاذة بأنها ترث المال كله إذا إنفردت كالزوج، ولكن لا معول على هذه الرواية ولا تعمل الطائفة بها، وليس يمتنع أن يكون للزوج مزية في هذا الحكم على الزوجة، كما كانت له مزية عليها في تضاعف حقه على حقها.

(مسألة) ومما إنفردت به الامامية القول: بأن الزوجة لا ترث من رباع المتوفى شيئا بل تعطى بقيمة حقها من البناء والآلات دون قيمة العراص وخالف باقي الفقهاء في ذلك ولم يفرقوا بين الرباع وغيرها في تعلق حق الزوجات والذي يقوى في نفسي أن هذه المسألة تجري مجرى المسألة المتقدمة في تخصيص الاكبر من الذكور بالسيف والمصحف وإن الرباع وإن لم تسلم إلى الزوجات فقيمتها محسوبة لها، والطريقة في نصرة ما قويناه هي الطريقة في نصرة المسألة الاولى وقد تقدم بيان ذلك: ويمكن أن يكون الوجه في صد الزوجة عن الرباع أنها ربما تزوجت فأسكنت هذه الرباع من كان ينافس المتوفى أو يغيظه أو يحسده فيثقل ذلك على أهله وعشيرته فعدل بها عن ذلك على أجمل الوجوه.

(مسألة) ومما إنفردت به الامامية أنه لا يرث مع الاخت للاب والام أحد من الاخوة والاخوات للاب خاصة، كما لا يرثون مع الاخ للاب والام وخالف باقي الفقهاء في ذلك فورثوا الاخت من الاب مع الاخت من الاب والام، دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه إجماع الطائفة، وأيضا ما منع من ميراث ولد الاب خاصة مع الذكور من ولد الاب والام يمنع من ميراثه مع الاناث، لان إسم الولد شامل لهم وتأكد القرابة ثابتة للجميع ولا وجه للتفرقة بينهم.

٣٠٣

(مسألة) ومما إنفردت به الامامية القول: بأن بني الاخوة يقومون عند فقد آبائهم مقامهم عند مقاسمة الجد ومشاركته، وخالف باقي الفقهاء في ذلك، وحجتنا على ذلك إجماع الطائفة ولا إعتراض لهم علينا بأن الجد أقرب إلى الميت من إبن أخيه لانهم لا يراعون في الميراث القربى، ولان إبن الاخ قد ورث من سمى الله له سهما في النص، وليس كذلك الجد فهو أقوى سببا منه، والمعول فيه على إجماع الطائفة ولا علة للاحكام الشرعية نعرفها أكثر من المصلحة الدينية على سبيل الجملة من غير معرفة تفصيل ذلك.

(مسألة) ومما إنفردت به الامامية أن من لاعن زوجته وفرق الحاكم بينهما الفرقة المؤبدة إن عاد بعد ذلك وأقر بالولد أو أكذب نفسه لا يورث من الولد، بل يورث الولد منه، ولا يورث هذا الراجع، وباقي الفقهاء يخالفون في ذلك، وقد بينا الكلام في هذه المسألة في باب اللعان من هذا الكتاب فلا معنى لاعادته.

(مسألة) ومما إنفردت به الامامية عن أقوال باقي الفقهاء في هذه الازمان القريبة وإن كان لها موافق في متقدم الزمان القول: بأن المسلم يرث الكافر وإن لم يرث الكافر المسلم، وقد روى الفقهاء في كتبهم موافقة الامامية على هذا المذهب عن زين العابدين علي بن الحسينعليه‌السلام ومحمد ابن الحنفيةرضي‌الله‌عنه وعن مسروق وعبدالله بن معقل المزني وسعيد بن المسيب ويحيى بن نعيم ومعاذ بن جبل ومعاوية بن أبي سفيان، وخالف باقي الفقهاء في ذلك، وذهبوا إلى أن كل واحد من المسلم والكافر لا يرث صاحبه، دليلنا بعد إجماع الطائفة المتردد جميع ظواهر آيات المواريث، لان قوله تعالى (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين) يعم الكافر والمسلم، وكذلك آية ميراث الازواج والزوجات والكلالة وظواهر هذه الآيات كلها تقتضي أن الكافر كالمسلم في الميراث، فلما إجتمعت الامة

٣٠٤

على أن الكافر لا يرث المسلم أخرجناه بهذا الدليل الموجب للعلم ونفي ميراث المسلم للكافر تحت الظاهر كميراث المسلم للمسلم.

ولا يجوز أن نرجع عن الظاهر بأخبار الآحاد التي يروونها، لانها توجب الظن ولا نخص بها ولا نرجع عما يوجب العلم من ظواهر الكتاب ولان أكثرها مطعون على رواته أو مقدوح فيهم، ولانها معارضة بأخبار كثيرة يروونها أيضا مخالفونا، وتوجد في كتبهم، ولان أكثرها له تأويل يوافق مذهبنا، وتفصيل هذه الجملة أن مخالفينا في هذه المسألة يعولون على خبر يرويه الزهري عن علي بن الحسينعليه‌السلام عن عمرو بن عثمان بن عفان عن أسامة بن زيد أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم.

وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنه لا يتوارث أهل ملتين.

وعن عامر الشعبي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نحوه.

وعن الزهري عن سعيد بن المسيب قال: مضت السنة أن لا يرث المسلم الكافر، ولم يورث عمر بن الخطاب الاشعث بن قيس من عمته اليهودية وقال الزهري: كان المسلم لا يرث الكافر في عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا عهد أبي بكر وعمر وعثمان، فلما تولى معاوية ورث المسلم من الكافر وأخذ بذلك الخلفاء حتى قام عمر بن عبدالعزيز فراجع(١) السنة الاولى، وكل هذه الاخبار إذا سلمت من القدح والجرح إنما توجب الظن دون العلم اليقين، ولا يجوز أن نرجع بها ولا بشي ء منهاعما يوجب العلم من ظواهر كتاب الله تعالى.

فأما خبر أسامة فمقدوح فيه، لان أسامة إنفرد به عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتفرد به أيضا عنه عمرو بن عثمان.

وتفرد به عنه علي بن الحسينعليه‌السلام

____________________

(١) فرجع إلى السنة الاولى.

٣٠٥

وتفرد به أيضا عنهعليه‌السلام الزهري.

وتفرد الراوي بالحديث مما يوهنه ويضعفه لوجوه معروفة.

وقد روى هذا الحديث بعينه الزهري، وقال عن عمرو بن عثمان ولم يذكر علي بن الحسينعليه‌السلام وإختلاف الرواية أيضا فيه مما يضعفه، ومما يضعف هذا الخبر أن علي بن الحسين كان يورث المسلم من الكافر بلا خلاف فلو رووا فيه سنة لما خالفها.

وروى أحمد بن حنبل عن يعقوب عن أبيه عن صالح عن الزهري أن علي بن الحسينعليه‌السلام أخبره أن عثمان بن عفان وأسامة بن زيد قالا: لا يرث المسلم الكافر من غير أن يسنداه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهذا الاختلاف والاضطراب في رواية الخبر دالان على ضعفه، وأما حديث عمرو بن شعيب فان الحفاظ لا ينسبونه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ويذكرون أنه من قول عمر بن الخطاب وعمرو بن شعيب مضعف عند أصحاب الحديث.

ومما يوهنه أيضا أنه تفرد به، عن أبيه وتفرد أبيه عن جده وتفرد جده به عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعمرو بن شعيب ما لقى عبدالله ابن عمر والذي هو جده وإنما يرسل عنه.

وأما خبر الشعبي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فهو مرسل، وقول سعيد بن المسيب أنه سنة لا حجة فيه، لان ذلك خبر عن إعتقاده ومذهبه، ويجوز أن يريد أنه من سنن عمر بن الخطاب لا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وما يسنه غير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ممن ذكرناه يجوز أن يكون خطأ، كما يجوز أن يكون صوابا.

وكان من مذهب سعيد بن المسيب توريث المسلم من الكافر، فكيف يجوز أن يكون عنده في خلاف ذلك سنة، على أن هذه الاخبار معارضة مقابلة بما يروونه مخالفونا، ويوجد في كتبهم مثل الخبر الذي يرويه عمرو

٣٠٦

ابن أبي حكيم عن عبدالله بن بريدة أن أخوين إختصما إلى يحيى بن يعمر يهودي ومسلم فورث المسلم منهما.

وقال حدثني أبوالاسود الدؤلي أن رجلا حدثه أن معاذا قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: الاسلام يزيد ولا ينقص فورث المسلم، ونظائر هذا الخبر موجود كثير في رواياتهم، فأما روايات الشيعة في ذلك فما لا تحصى.

وأما الخبر المتضمن لنفي التوارث بين أهل ملتين فنحن نقول بموجبه لان التوارث تفاعل وهو يقتضي أن يكون كل واحد يرث صاحبه فاذا ذهبنا إلى أن المسلم يرث الكافر والكافر لا يرثه فما أثبتنا بينهما توارثا، وربما عول بعض المخالفين لنا في هذه المسألة على أن المواريث بنيت على النصرة والموالاة، بدلالة قوله تعالى: (والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا) فقطع بذلك الميراث بين المسلم المهاجر وبين المسلم الذي لا يهاجر إلى أن نسخ ذلك بانقطاع الهجرة بعد الفتح، وكذلك يرث الذكور من العصبة دون الاناث لنفي العقل والنصرة عن النساء، وكذلك لا يرث القاتل ولا العبد لنفي النصرة وهذا خبر ضعيف جدا لانا لا نسلم أن المواريث بنيت على النصرة والمعونة، لان النساء يرثن والاطفال ولا نصرة هاهنا، وعلة ثبوت المواريث غير معلومة على التفصيل، وإن كنا نعلم على سبيل الجملة أنها للمصلحة، وبعد فان النصرة مبذولة من المسلم للكافر في الواجب وعلى الحق كما أنها مبذولة للمسلم بهذا الشرط.

(مسألة) ومما إنفردت به الامامية أن المطلقة المبتوتة في المرض ترث المطلق لها إذا مات في مرضه ذلك ما بين طلاقها وبين سنة واحدة بشرط أن لا تتزوج فان تزوجت فلا ميراث لها.

وخالف باقي الفقهاء في ذلك ولم يعتبروا فيه ما إعتبرناه، لان أبا حنيفة وأصحابه يذهبون إلى أنه إذا طلق إمرأة ثلاثا في مرضه ثم مات في مرضه وهي في العدة فانها ترثه، فان مات بعد إنقضاء العدة لم ترثه، فان صح

٣٠٧

من مرضه ثم مات لم ترثه.

وقال الحسن بن حي وزفر ان صح من مرضه ثم مرض ثم مات في مرضه وهي في العدة ورثته أيضا.

وقال الثوري والاوزاعي مثل قول زفر، وذلك قول الحسن بن حي.

وقال مالك: إذا طلق إمرأته وهو مريض قبل الدخول فان لها نصف المهر والميراث ولا عدة عليها، فان تزوجت عشرة أزواج كلهم طلقوا في المرض فانها ترث جميعهم إذا ماتوا قبل أن يصحوا من المرض، وذكر الليث أن ابن شبرمة سأل ربيعة عن المريض يطلق إمرأته، فقال: ترثه ولو تزوجت بعشرة أزواج.

وقال مالك: فان صح من مرضه صحة معروفة ثم مات بعد ذلك لم ترثه وهو قول الليث.

وقال الشافعي: لا ترث المبتوتة وإن مات وهي في العدة، وأجمعوا على أن المرأة لو ماتت لم يرثها، فبان بهذا الشرح أن الامامية منفردة بقولها.

والذى يدل على صحته الاجماع المتكرر الذي قد بينا أن فيه الحجة، وأيضا فأن الاغلب والاظهر أن الرجل إنما يبت إمرأته في مرضه هربا من أن ترثه مدة سنة كان ذلك كالصارف له عن هذا الفعل.

(مسألة) ومما إنفردت به الامامية أن من أشكلت حاله من الخناثى فپي كونه ذكرا أو أنثى إعتبر حاله بخروج البول، فان خرج من الفرج الذي يكون للرجال خاصة ورث ميراث الرجال، وإن كان خروجه مما يكون للنساء خاصة ورث ميراث النساء، وإن كان بال منهما معا نظر إلى الاغلب والاكثر منهما فعمل عليه وورث به، فان تساوى ما يخرج من الموضعين ولم يختلف إعتبر بعد الاضلاع، فان إتفقت ورث ميراث الاناث، وإن إختلفت ورثت ميراث الرجال.

وخالف باقي الفقهاء في ذلك وقالوا فيه أقوالا مختلفة كلها تخالف قول الشيعة في ذلك، لان أبا حنيفة وإن كان قد روي عنه إعتبار البول كما تعتبره الامامية فانه يذهب إلى أنه متى خرج البول من الفرجين جميعا ورثه بأحسن أحواله، وإن كان أحسن أحواله أن يكون ذكرا أعطاه ذلك، وإن

٣٠٨

كان أحسن أحواله أن يكون أنثى أعطاه ذلك.

والشافعي يعطي الخنثى ميراث إمرأة ويوقف بقية المال حتى يتضح أمره، وأقوال الجميع إذا تأملت علم أنها خارجة عن أقوال الامامية ومنفردة.

والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه الاجماع المتردد، وأيضا فان باقي الفقهاء عولوا عند إشكال الامر وتقابل الامارات على رأي وظن وحسبان، وعولت الامامية فيما تحكم به في الخنثى على نصوص وشرع محدود، وقولها على كل حال أولى.

(مسألة) ومما إنفردت به الامامية القول: بأن المفقود يحبس ماله عن ورثته قدر ما يطلب في الارض كلها أربع سنين، فان لم يوجد بعد إنقضاء هذه المدة قسم المال بين ورثته، وخالف باقي الفقهاء في ذلك، وقالوا فيه أقوالا مختلفة، فذهب بعضهم في مال المفقود إلى أنه يوقف ماله سبعين سنة بعد سنة فقده ثم يقسم بين الاحياء من ورثته.

وقال الآخرون: يوقف تمام مائة وعشرين سنة، وأقوالهم مختلفة في هذا الباب، تخالف لكلها ما ذهبت إليه الامامية.

والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه بعد الاجماع المتردد أن من خالفنا يعول في ما ذهب إليه على القياس، وقد بينا أن ذلك لا مدخل له في الاحكام الشرعية.

(مسألة) ومما يظن إنفراد الامامية به ولها فيه موافق قولها بأن القاتل خطأ يرث المقتول لكنه لايرث من الدية، فوافق الامامية على هذا المذهب عثمان البستي، وذهب إلى أن القاتل الخطأ يرث، ولا يرث قاتل العمد، وقال أبوحنيفة وأصحابه: لا يرث قاتل خطأ ولا عمد إلا أن يكون صبيا أو مجنونا فلا يحرم الميراث.

وقال ابن وهب عن مالك لا يرث القاتل من دية من قتل شيئا ولا من ماله وإن قتله خطأ لم يرث من ديته ويرث من سائر ماله وهو قول الاوزاعي

٣٠٩

وهذا كما تراه موافقة للامامية.

وقال ابن شبرمة: لا يرث قاتل الخطأ، وقال الثوري لا يرث القاتل من مال المقتول ولا ديته.

وحكى المزني عن الشافعي أنه قال: إذا قتل الباغي العادل أو العادل الباغي لا يتوارثان، لانهما قاتلان، والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه الاجماع المتردد.

ويدل أيضا عليه ظواهر آيات المواريث كلها مثل قوله تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم) فإذا عورضنا بقاتل العمد فهو مخرج بدليل قاطع لم يثبت مثله في قاتل الخطأ، ويمكن أن يقوى ذلك أيضا بأن الخاطئ معذور غير مذموم ولا مستحق العقاب، فلا يجب أن يحرم من الميراث الذي يحرمه العامد على سبيل العقوبة، فان إحتج المخالف بقوله تعالى: (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله) فلو كان القاتل وارثا لما وجب عليه تسليم الدية.

فالجواب عن ذلك أن وجوب تسليم الدية على القاتل إلى أهله لا يدل على أنه لا يرث ما دون هذه الدية من تركته، لانه لا تنافي بين الميراث وبين تسليم الدية، وأكثر ما في ذلك ألا يرث من الدية التي يجب عليه تسليمها شيئا وإلى هذا نذهب.

(مسألة) ومما إنفردت به الامامية القول: أن من مات وخلف مالا وأبا مملوكا وأما مملوكة فان الواجب أن يشتري أبوه وأمه من تركته ويعتق عليه ويورثا باقي التركة، وباقي الفقهاء يخالفون في ذلك، وقد روي عن ابن مسعود في أن الرجل إذا مات وترك أباه وكان مملوكا أنه يشتري من تركته ويعتق، والذي يدل على صحة ما ذهبت إليه الامامية الاجماع المتردد، ولان قولها أيضا مفض إلى قربة وعبادة وهو العتق فهو أولى.

(مسألة) ومما ظن إنفراد الامامية به ما ذهبوا إليه من أن الوصية للوارث جايزة وليس للوارث ردها وقد وافقهم في هذا المذهب بعض الفقهاء وإن كان الجمهور والغالب على خلافه.

والذي يدل على صحة ما ذهبوا إليه

٣١٠

من ذلك بعد الاجماع المتردد قوله تعالى: (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين) وهذا نص في موضع الخلاف.

وأيضا قوله تعالى: (من بعد وصية يوصي بها أو دين) وهذا عام في الاقارب والاجانب فمن خصص به الاجانب دون الاقارب فقد عدل عن الظاهر بغير دليل، وأيضا فان هذا إحسان إلى أقاربه وقد ندب الله تعالى إلى كل إحسان عقلا وسمعا ولم يخص بعيدا من قريب بذلك، ولا فرق بين أن يعطيهم في حياته من ماله أو في مرضه وبين أن يوصي بذلك لانه إحسان إليه وفعل مندوب إليه، فان قالوا أن الآية منسوخة بآية المواريث وبما روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من طرق مختلفة من أنه لا وصية لوارث، فالجواب عن ذلك أن النسخ بين الخبرين إنما يكون إذا تنافى العمل بموجبهما ولا تنافي بين آية المواريث وآية الوصية والعمل بمقتضاهما جميعا جائز سايغ، فكيف يجوز أن يدعي في آية المواريث أنها ناسخة لآية الوصية مع فقد التنافي، فأما الاخبار المروية في هذا الباب فلا إعتراض بها لانها إذا سلمت من كل قدح وجرح وتضعيف كانت تقتضي الظن ولا تنتهي إلى العلم اليقين، ولا يجوز أن ينسخ بما يقتضي الظن كتاب الله تعالى الذي يوجب العلم اليقين، وإذا كنا لا نخصص كتاب الله بأخبار الآحاد فالاولى أن لا ننسخه بها.

وقد بينا ذلك في كتابنا في أصول الفقه وبسطناه.

ومعول القوم على خبر يرويه شهر بن حوشب عن عبدالرحمن بن عثمان عن عمرو بن خارجة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: لا يجوز لوارث وصية، وعلى خبر يرويه إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم عن أبي إمامة الباهلي قال: سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول في خطبة حجة الوداع: ألا أن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث.

وعلى خبر يرويه إسحاق بن إبراهيم الهروي عن سفيان بن عيينة عن عمرو ابن دينار، عن جابر بن عبدالله عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: لا وصية لوارث.

٣١١

فأما خبر شهر بن حوشب فهو عند نقاد الحديث مضعف كذاب، ومع ذلك فانه تفرد به عبدالرحمن بن عثمان وتفرد به عبدالرحمن عن عمرو بن خارجة، وليس لعمرو بن خارجة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلا هذا الحديث، ومن البعيد أن يخطب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في الموسم أنه لا وصية لوارث فلا يرويه عنه المطيفون به من صحابته، ويرويه أعرابي مجهول وهو عمرو بن خارجة، ثم لا يرويه عن عمرو إلا عبدالرحمن، ولا يرويه عن عبدالرحمن إلا شهر بن حوشب وهو ضعيف متهم عند جميع الرواة، وأما حديث أبي أمامة فلا يثبت وهو مرسل، لان الذي رواه عنه شرحبيل بن مسلم وهو لم يلق أبا أمامة ورواه عن شرحبيل إسماعيل بن عياش وحده وهو ضعيف.

وحديث عمرو بن شعيب أيضا مرسل، وعمرو ضعيف متهم في حديثه لا يحتج بحديثه.

وحديث جابر أسنده أبوموسى الهروي وهو ضعيف متهم في الحديث، وجميع من رواه عن عمرو بن دينار لم يذكروا جابرا ولم يسندوه.

وما روي عن ابن عياش لا أصل له عن الحفاظ.

ورواية حجاج بن محمد عن ابن جريح عن عطاء الخراساني وعطاء الخراساني ضعيف ولم يلق ابن عباس وإنما أرسله عنه.

وربما تعلق بعض المخالفين بأن الوصية للوارث إيثار لبعضهم على بعض وذلك مما يكسب العداوة والبغضاء من الاقارب، ويدعو إلى عقوق الموصي وقطيعة الرحم، وهذا ضعيف جدا، لانه إن منع من الوصية للاقارب ما ذكروه منع من تفضيل بعضهم على بعض في الحياة فالبر والاحسان لان ذلك يدعو إلى الحسد والعداوة فلا خلاف في جوازه وكذلك الاول (تم الكتاب بحمد الله ومنه، والحمد لله رب العالمين) (والصلاة على سيدنامحمد وآله الطاهرين وسلم تسليما)

٣١٢

[خاتمة الكتاب]

يقول العبد المعترف بالعصيان محمد مهدي الموسوي الخرسان: قد تمت مقابلة هذه النسخة من الكتاب قراء‌ة وتصحيحا في مجالس عديدة أولها يوم الاحد ٢٨ محرم الحرام سنة ١٣٩٠ ه‍ وآخرها يوم الثلاثاء ٤ ربيع الثاني سنة ١٣٩٠ ه‍ على نسخة نفيسة قديمة مصورة ورد في آخرها ما صورته: (وفرغ من تحريره أبوالحسن علي بن إبراهيم بن الحسن بن) (موسى الفراهاني يوم الثلاثاء الخامس والعشرون من ذى القعدة) (سنة إحدى وتسعين وخمس مية، تقربا إلى الله تعالى وطلبا) (لثوابه ببلدة قاسان في دراه بباب ولان وكتب بخطه حامدا) (ومصليا، وحسبنا الله ونعم الوكيل) ومصورة هذه النسخة في مكتبة الامام أمير المؤمنينعليه‌السلام العامة في النجف الاشرف برقم (٢٨٥٩).

وختاما نحمد الله على توفيقه إذ هيأ لنا هذه النسخة الشريفة من الكتاب فقابلنا نسختنا عليها.

كما نشكر فضيلة السيد كاظم حكيم زاده على إلتزامه معنا في المقابلة عند القراء‌ة فجزاه الله خيرا، والحمد لله أولا وآخرا).

المطبعة الحيدرية النجف ت (٣٣٦٨) السعر ٤٠٠ تم الكتاب بتاريخ ١٥ / ٨ / ١٩٧١ / ٢٠٠٠ المطبوع [رقم الايداع القانوني في المكتبة الوطنية ببغداد ٢٥٥ لسنة ١٩٧١]

٣١٣

الفهرس

الانتصار الشريف المرتضى ١

مسائل الطهارة وما يتعلق بها ١٠

مسائل الصلاة ٣٩

[مسائل الصوم] ٦٢

[كتاب الزكاة] ٧٧

(مسائل كتاب الخمس) ٨٨

[مسائل الحج] ٩١

[مسائل النكاح] ١٠٨

[مسائل الطلاق] ١٢٩

[مسائل الظهار] ١٤٣

[مسائل اللعان] ١٤٦

[مسائل العدة] ١٤٧

الجزء الثاني: مسائل الايمان والنذر والكفارات ١٥٨

[مسائل النذر] ١٦٣

[مسائل الكفارات] ١٦٧

[مسائل في التدبير] ١٧٣

[مسائل الصيد] (والذبائح والاطعمة والاشربة واللباس) ١٨٤

[مسائل الاشربة] ١٩٩

[مسائل البيوع والربا والصرف] ٢٠٩

[مسائل الشفعة] ٢١٧

[مسائل شتى] ٢٢٣

٣١٤

[مسائل في المحارب] ٢٣٣

مسائل الحدود والقصاص والديات (وما يتصل بذلك) ٢٥٣

مسائل المواريث والفرائض والوصايا (وما يتعلق بذلك) ٢٧٨

[خاتمة الكتاب] ٣١٣

الفهرس ٣١٤

٣١٥