عوائد الايام في بيان قواعد الاحكام ومهمات مسائل الحلال والحرام

عوائد الايام في بيان قواعد الاحكام ومهمات مسائل الحلال والحرام0%

عوائد الايام في بيان قواعد الاحكام ومهمات مسائل الحلال والحرام مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 303

عوائد الايام في بيان قواعد الاحكام ومهمات مسائل الحلال والحرام

مؤلف: المولى أحمد النراقي
تصنيف:

الصفحات: 303
المشاهدات: 30225
تحميل: 8640

توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 303 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 30225 / تحميل: 8640
الحجم الحجم الحجم
عوائد الايام في بيان قواعد الاحكام ومهمات مسائل الحلال والحرام

عوائد الايام في بيان قواعد الاحكام ومهمات مسائل الحلال والحرام

مؤلف:
العربية

المقام وهو كون النبى في مقام بيان احكام الدين والاسلام بل خصوص الرواية الاولى تدل على نفى الضرر والضرار في الاسلام من حيث هو اسلام وليس مثل هذه الضرر بواقع وان كان ما قيل من مثل القصاص والديات والتقاص وتضمين الغاصب ونحوها فمع منع مثل كونها ضررا بل هى جايزة للضرر الواقع على الغير جوازها ينافي المعنيين الاولين ايضا والتوجيه بالتخصص مشترك هذا مع ان المعنيين الاولين يختصان بضرر العباد بعضهم بعضا مع انا نرى الفقهاء يستدلون بنفى الضرر على الاعم من ذلك مثلا يقولون بعدم وجوب الحج مع العلم بالضرر او ظنه في الطريق تمسكا بنفى الضرر وامثال ذلك فظهر مما ذكر ان الموافق للاصل والاوفق بكلمات القوم هو المعنى الثالث اى الحمل على نفى مهية الضرر ووجوده في الاسلام ويلزمه ان كل حكم يتضمن ضررا او ضرارا لم يكن من احكام الاسلام والا تحقق الضرر في الاسلام والحكم اعم من الحرمة والوجوب والاستحباب والكراهة والاباحة فلا يتحقق تحريم ولا كراهة ولا وجوب ولا استحباب ولا اباحة يستلزم ضرر شخص من الاشخاص فكلما كان كذلك لا يكون حكما للشارع بل يستفاد من تلك الاحاديث ان عدم الضرر وعدم كون الحكم المتضمن للضرر حكما شرعيا كم شرعى يجب اتباعه والاخذ به.

(البحث الرابع)

لما كان الضرر والضرار نكرتان منفيتان فيفيدان العموم فعلى المعنى الاول يكون النهى عن جميع افراد الضرر وعلى الثانى نفى لتجويز كل فرد منه وعلى الثالث يكون نفيا لوجوده كذلك و يكون المعنى انه لاضرر ماليا بوجه من الوجوه ولا بدنيا ولا عرضيا ولا غير ذلك من المضار متحققا في احكام الشرع فيدل نفى الضرر على ان كل حكم يتضمن او يستلزم ضررا او ضرارا فهو ليس من احكام الشرع والاسلام فلا يجب اتباعه ومن هذا يظهر كيفية الاستدلال في المايل الفقيه بتلك الاخبار فانه يستدل بها على نفى كون ما يوجب ضررا او ضرارا حكما شرعيا واما يقين اصل الحكم فموقوف على دليل اخر مثلا اذا كانت المبايعة مما يوجب ضررا على البايع بسبب الغبن فيحكم بتلك الاخبار على عدم كون لزوم تلك المبايعة من احكام الشرع واما ان الحكم هو خيار البايع او فساد المبايعة او ضمان المشترى للتفاوت فهو يحتاج إلى عناية اخرى.

(البحث الخامس)

قد ظهر مما ذكر ان نفى الضرر و الضرار في الاحكام الشرعية من الاصول والقواعد الثابتة بالاخبار المستفيضة المعتضدة بعمل الاصحاب الموافقة للاعتبار المناسبة للملة السمحة السهلة المعاضدة بنفى الحرح والعسر والمشقة كما ورد في الكتاب والسنة فهذا اصل من الاصول كساير القواعد والاصول الممهدة ودليل شرعى يستدل به في موارده فان لم يكن له معارض فالامر واضح وان كان بان يدل دليل اخر عملى ثبوت حكم شرعى يلزمه ضرر فيعمل فيهما بمقتضى التعارض الترجيح وقد يعارض نفى الضرر نفسه بان يكون الامر مرددا بين حكمين يستلزم كل منهما ضررا على احد فالحكم الترجيح ان كان والا فالتوقف او التخيير ولا يخفى ان مرادنا من كون نفى الضرر والضرار من الاصول انه من الادلة الشرعية لا انه اصل كاصل البراء‌ة والاستصحاب واصل الحقيقة وامثالها حتى لا يعارض دليلا اصلا والتوضيح انهم قد يقولون ان القاعدة الفلانية من قبيل الدليل دون الاصل حتى لا يعارض دليلا اصلا ومرادهم من الاصل هنا كل ما ثبت لولا الدليل على خلافه وبعبارة اخرى ما يدل على ثبوت شئ ولا الدليل على خلافه ومن الدليل ما يدل على

٢١

ثبوت شئ مطلقا والفرق ان الاول لا يعارض دليلا اصلا سواء كان موضوع الدليل اعم من موضوعه مطلقا و من وجه او اخص والثانى يعارض مع الادلة ويعمل حين التعارض بما يقتضيه التعادل والترجيح مثلا قوله (ع) كل ماء طاهر دليل على طهارة الماء فاذا ورد كل شئ نجس يتعارضان والاول اخص مطلقا فيخصص الثانى به واذا ورد كل شئ ملاق للنجاسة نجس يتعارضان بالعموم من وجه ومحل التعارض الماء الملاقى للنجاسة فيعمل فيه بمقتضى التراجيح واذا ورد كل ماء ملاق للنجاسة نجس يكون اخص مطلقا من الاول فتخصصه.

واما قولهعليه‌السلام كل ماء لم يعلم نجاسته فهو طاهر وكل ماء طاهر حتى يعلم انه نجس فهو دليل على اصالة طهارة الماء لا على طهارته فهو دليل على الاصل ولا يعارض شيئا من المذكورات لان كلا منها دليل شرعى عام شامل للماء مطلقا او الماء الملاقى للنجاسة فهو يكون معلوم النجاسة فيكون خارجا عن مدلول كل ماء لم يعلم نجاسته ويكون الماء معلوم النجاسة حينئذ ويعلم كون شئ من باب الدليل او الاصل بكونه مقيدا بعدم الدليل على خلافه ومطلقا فان كان مقيدا فهو من باب الاصل كاصل البرائة والحقيقة وامثالهما فانه ليس هناك دليل دال على برائة ذمة كل احد من التكاليف ولا على كون كل لفظ مستعملا في معناه الحقيقى بل الثابت هو برائة الذمة ما لم يعلم الشغل في الحقيقة والاستعمال ما لم يعلم التجوز ولو كان هناك دليل على ان كل لفظ حقيقة مطلقا لكان ذلك معارضا مع قرائن المجازية وان كان مطلقا فهو الدليل نحو قوله لا ضرر ولا ضرار فان قيل هو ايضا مقيدة لا محالة بقيد لولا الدليل على خلافه قلنا نعم ولكن كلما يعارضه ايضا مقيد بذلك فلا يمنع هذا القيد من التعارض.

(البحث السادس)

قد اشرنا فيما سبق إلى ان نفى الضرر والضرار انما يصلح دليلا لنفى الحكم اذا كان موجبا للضرر واما اثبات حكم وتعيينه فلا بل لتعيين محتاج إلى دليل اخر ومن هذا يظهر فساد ما ارتكبه بعضهم من الحكم بضمان الضار والمتلف بحديث نفى الضرار فان عدم كون ما ارتكبه حكما شرعيا لا يدل على الضمان بل ولا على الجبران مطلقا كما قيل نعم لو قيل ان معنى الحديث لا ضرر بلا جبران لدل على تحقق الجبران وهو ايضا لا يثبت ضمان الضار لامكان الجبران من بيت المال او في الاخرة او في الدنيا من جانب الله سبحانه بان يفعل ما ينتفع من استضر به بقدر ما استضر او ازيد نعم اذا كان حكم بحيث يكون لولاه لحصل الضرر اى كان عدمه موجبا للضرر مطلقا وانحصر انتفاء الضرر بثبوت الحكم الفلانى يحكم بثبوته بدليل نفى الضرر ولكن الثبوت حينئذ ايضا ليس بنفى الضرر خاصة بل به وبالانحصار بذلك وهذا موجب للتعيين في غير هذا المورد ايضا كما اذا كان هناك احتمالات ثلثة مثلا وكان اثنان منها موجبا للضرر يحكم بتعيين الثالث لولا دليل اخر غير الاصل على انتفائه وكذا اذا كان احدها موجبا للضرر والاخر نافيا لدليل شرعى اخر غير الاصل فيحكم بتعيين الثالث اذا لم يكن على نفيه دليل غير الاصل واما الاصل فهو غير صالح للنفى هناك لان بطلان غيره دليل على ثبوته بقى هاهنا امر اخر وهو ان الضرر كما مر هو ما لم يكن بازائه عوض والعوض كما اشرنا اليه يعم الاخروى ايضا والعوض الذى ينوى مما يمكن درك وجوده او انتفائه بخلاف الاخروى وعلى هذا فكيف يمكن فهم ان الضرر الذى يتضمنه الحكم الفلانى لا عوض له حتى يكون ضررا ودفعه ان الضرر هو الذى لم يكن

٢٢

بازائه عوض معلوم او مظنون واحتمال العوض لا ينفى صدق الضرر مع ان العوض الاخروى معلوم الانتفاء بالاصل فان قيل هذا ينفع اذا لم يكن الحكم المتضمن للضرر داخلا في عموم دليل شرعى واما اذا كان داخلا فيه سيما اذا كان من باب الاوامر وامثاله يثبت العوض ويلزمه عدم تعارض نفى الضرر مع عمومه مع انه مخالف لكلام القوم مثلا اذا ورد اذا استطعتم حجوا واذا دخل الوقت صلوا يدل بعمومه على الامر بالحج والصلوة في كل وقت حصل الاستطاعة او دخل الوقت وان تضمن ضررا كليا والامر يدل على العوض فلا يكون ضررا قلنا الامر تعلق بالحج والصلوة ولازمة تحقق الاجر المقابل لمهية الحج والصلوة المحقق في حالة عدم الضرر ايضا واما حصول وض في مقابل الضرر واجرله فلا دليل عليه نعم لو كان نفس الضرر مما امر به يحكم بعدم التعارض وعدم كونه ضررا كما في قوله اذا ملكتم النصاب فزكوا وامثاله.

(البحث السابع)

تحديد الضرر المنفى موكول إلى العرف اى ما تسمى ضررا عرفا فما لا يكون كذلك وان كان فيه نقص شئ كمثقال حنطة لا يعد ضررا وليس منفيا ولا يعارض نفيه ادلة ثبوت الاحكام بل الضرر قد يختلف باختلاف الاشخاص في الاموال والبلاد والازمنة وفي الاحكام المتعارضة مثلا اذا كان احد في الصلوة عند زرع كثير له واراد احد اخذ سنبلة واحدة من زرعه فلا يقال؟ انه ضرر منفى فيعارض لا تبطلوا اعمالكم بخلاف ما لو اخذ نصف ماذرعه وامثاله على الفقيه ملاحظة ذلك في الموارد لكن بعد صدق الضرر عرفا لا يتفاوت قليله وكثيره في كونه منفيا ونفيه معارضا لادلة الاحكام واما ما قيل من تعيين اخف الضررين عند التعارض فهولا يستفاد من حديث نفى الضرر فان كان تقديم اخفهما قاعدة ثابتة بدليل اخر او دل عليه دليل في مورد خاص فيتبع والاوجه له.

البحث الثامن

من موارد تعارض نفى الضرر مع دليل اخر ما لو استلزم تصرف احد في ملكه تضرر الغير فانه يعارض ما دل على جواز التصرف في المال مثل قوله (ع) الناس مسلطون على اموالهم والتعارض بالعموم من وجه فقد يرجح ادلة نفى الضرر بما مر من المعاضدات وقد يرجح الثانى وقيل لو استلزم التصرف في ملكه تضرر الغير فهل هذا من الضرر المنفى ام لا مقتضى العمومات ذلك وما ذكر الاصحاب مثل العلامة في التحرير في كتاب احياء الاموات حيث قال للرجل ان يتصرف في ملكه وان استضر جاره إلى اخر ما قال فالظاهر انه لا ينافى ما ذكرنا فان المراد من نفى الضرر نفيه راسا فلا يكفى في نفيه انتفائه من الخارج اذا تضرر المالك ايضا بعدم التصرف بل هو اولى بالمراعاة نعم لوامكن رفع الضرر عنهما ميعا لزم العمل عليه فترك اضرار الجار لم يعلم وجوبه مع تضرر نفسه فلاحظ الروايات الواردة في حكاية نخل سمرة فان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اراد الجمع بين الحقين بان يستاذن سمرة في لدخول او يبيع نخيلته باعلى القيم او نحو ذلك ولم يرض فحكم بقلعها ورميها فان تصرف سمرة كان في ملكه ولكن بحيث يتضرر الانصارى فظهر ان التصرف في ملك نفسه اذا اوجب تضرر الجار مع امكان رفعه بحيث لا يحصل ضرر له منفى حرام نعم لو كان التصرف بقصد الاضرار فهو حرام وان لم يمكنه رفعه عن جاره بنحو اخر فهو احد محتملات حكاية سمرة انتهى.

اقول وجه التردد في كون التصرف في ملكه المستلزم لضرر الغير من الضرر المنفى ام لا ان النسبة بين دليل نفى الضرر وعمومات جواز التصرف في المال عموم من وجه فيكون احدهما مخصصا قطعا ولكنه لما

٢٣

لم يكن معلوما يحصل التردد في عموم كل منهما وشموله للمورد ومقتضى عمومات نفى الضرر وان ان نفى ذلك ايضا ولكن مقتضى عمومات جواز التصرف في المال خلافه وكلام العلامة في التحرير اعم من ان يكون تصرف الرجل في ملكه لدفع الضرر عن نفسه او لجلب النفع فحمله على الاول والحكم بعدم المنافات لكون هذا الضرر ايضا منفيا لا وجه له بل يمكن ان يكون كلامه مبينا على ترجيح عمومات التصرف او اسقاط المتعارضين والرجوع إلى اصالة جواز التصرف او غير ذلك وقوله نعم لو امكن رفع الضرر عنهما جميعا لزم العمل عليه هذا صحيح اذا لم يكن ما يرفع به الضرر عنهما مما كان مخالفا لدليل اخر غير الاصل على ما مر ومع ذلك اذا كان ما يرفع به الضرر متعددا يلزم الحكم بالتخيير بين جميع ما ينتفى به الضرر.

وقوله فان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اراد الجمع بين الحقين الظاهر انه تفريع على قوله نعم لو امكن رفع الضرر وعلى هذا فكان اللازم ان يامره رسول الله بالاستيذان او البيع لانه مقتضى لزوم العمل بما يرفع الضرر عنهما دون القلع لانه ضرر على سمرة وقوله نعم لو كان التصرف بقصد الاضرار الخ فهو كذلك والاجماع يدل عليه والاخبار والآيات الواردة في موارد مختلفه مثبتة ومنه يظهر ان هذا التصرف اى بقصد الاضرار خارج عن عمومات جواز التصرف في الملك بل مطلق ما كان متعلقا بهذا القصد وكان المقصود منه الاضرار يكون حراما وهذا هو السبب في امر النبى بقلع نخل سمرة حيث انهصلى‌الله‌عليه‌وآله لما امره بالاستيذان او البيع ولم يقبل علمصلى‌الله‌عليه‌وآله ان قصده من بقاء ملكه هنا ليس الا الاضرار اذ لو كان القصد الانتفاع به لتحقق بالاستيذان ايضا ولذا قال ما اراك الارجلا مضارا او انك رجل مضار وهذا الابقاء ليس واجبا فامر بقلعه واما تضرر سمرة بالقلع فيمكن ان يكون هذا بخصوصه خارجا عن الضرر المنفى بالعموم؟ لوجه خاص فيه فان العمومات يخصص بتخصيص الرسول صلى الله عليه آله سيما مع ما ظهر من سمرة من عدم قبول نخيلات الجنة بعوض هذا النخل المنبئ عن نفاقه او عدم اعتقاده فتأمل (البحث التاسع) قيل في تحقيق نفى العسر والحرج ونفى الضرر ما عبارته ذلك بعد التلخيص وحذف بعض الزوايد ان معنى نفى العسر والحرج والضرر في كلام الله ورسوله وخلفائه اما في الاولين فهو انه تعالى لا يرضى للعباد بالعسر والحرج ولا يجعل عليهم ما يوجبها واما في الضرر فهو انه تعالى ايضا لا يفعل ما يضر العباد به اولا يرضى باضرار بعض عباده بعضا فيجوز لمن يتضرر دفع الضرر عن نفسه ولا يجب تحمله عن الضار ويحرم على الضار ايصال الضرر و يمكن اجراء المعنيين في العسر والحرج ايضا وقد تداول الاستدلال في جميع تلك الموارد اما في عدم اضرار الله تعالى بعباده كما في وضع المؤن في الزكوة واما في عدم جواز اضرار العباد بعضهم بعضا فكثير وكذلك العسر والحرج اما المنفى عن فعله تعالى كما في القعود في الصلوة والافطار في الصوم للمريض واما عن فعل الغير فكما في تكليف الوالدين ما يوجب الحرج على الولد ثم ان تلك المذكورات اما يرد على التكليف الثابت نوعها او على نفس التكليف فينفيه راسا (ثم) الاشكال في هذا المقام من وجهين :

(الاول) ان نفى المذكورات بعنوان العموم كيف يجامع ما نشاهد من التكليف بالجهاد والحج والصيام في الايام الحارة والجهاد الاكبر وامثالها.

(والثاني) انا نرى الشارع لم يرض لنا في بعض التكاليف باد في مشقة كما نشاهد في ابواب التيمم ونرى عدم السقوط في

٢٤

كثير منها باكثر من ذلك وكذلك الكلام في الضرر المنفى فانا نرى التكليف بالخمس والزكوة وصرف المال في لحج وفي انفاق الوالدين وغيرهما مع ما فيها من الضرر وكذا ترى عدم الرضاء بالضرر فيما هو اقل من ذلك والذي يقتضيه النظر بعد القطع بان التكاليف الشاقة والمضار الكثيرة واردة في الشريعة ان المراد بنفى العسر والحرج والضرر نفى ما هو زايد على ما هو لازم لطبايع التكليفات الثابتة بالنسبة إلى طاقة اوساط الناس المبرئين عن المرض والعذر الذي هو معيار مطلقات التكاليف بل هى منفية من الاصل الا فيما ثبت وبقدر ما ثبت والحاصل انا نقول ان المراد ان الله تعالى لا يريد بعباده العسر والحرج والضرر الا من جهة التكاليف الثابتة بحسب احوال متعارف الاوساط وهم الاغلبون الباقى منفى سواء لم يثبت اصله اصلا او ثبت ولكن على نهج لا يستلزم هذه الزيادة ثم ان ذلك النفى اما من جهة تنصيص الشارع كما في كثير من ابواب الفقه من العبادات وغيرها كالقصر في السفر والخوف في الصلوة والافطار في الصوم ونحو ذلك واما من جهة التعميم كجواز العمل بالاجتهاد للغير المقصر في الجزئيات كالوقت والقبلة ونحوهما او الكليات كالاحكام الشرعية للعلماء انتهى.

(اقول) لا كلام لنا هنا فيما ذكره لتحقيق نفى العسر والحرج وانما هو يأتى في عائدة اخرى واما الكلام هنا معه فيما ذكره لدفع الاشكال عن نفى الضرر فان الكلام فيه في اصل الاشكال وفي دفعه معا اما الاول فلما كرنا سابقا من ان صدق الضرر عرفا انما هو اذا كان النقصان مما لم يثبت بازائه عوض مقصود للعقلاء يساويه مطلقا واما مع ثبوت ذلك بازائه فلا يصدق الضرر اصلا سيما اذا كان ما بازائه اضعافا كثيرة له وخيرا منه بكثير ولا شك ان كل ما امر به من التكاليف الموجبة لنقص في المال من الخمس والزكوة والحج والصدقة وانفاق العيال وامثالها مما يثبت بازائها اضعاف كثيرة في الاخرة من يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه وما انفقتم من نفقه صغيرة ولا كبيرة الاية ومثل الذين ينفقون اموالهم في سبيل الله كمثل حبة انبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء بل في كثير منها وعد العوض في الدنيا ايضا وكيف يكون مثل ذلك ضررا الا عند من لا يؤمن بالله ولا باليوم الاخر ولو قال رجل يظن صدق وعده ان من اعطى عبدى شيئا اعوضه ضعفه فاعطى رجل عبده لا يقال انه اضر بنفسه فكيف في حق من لا خلف لوعده ولا كذب في قوله نعم انما يصح الاستشكال فيما لم يكن بازائه ثواب دنيوى او اخروى ولم يكن لجبر نقص اخر كالقصاص ودية الجنايات وامثالها لو وجد مثله في الشريعة كضرب الدية على العاقلة على ما يتوهم فان وجد مثله فلا اشكال ايضا لانه يكون من باب التخصيص فانه كما لا اشكال في تخصيص ساير العمومات حتى قيل ما من عام الا وقد خص فكذا هنا وهذا وان كان جاريا في جميع التكاليف مثل الزكوة والخمس والانفاق وامثالها لو قلنا بكونها ضررا ولكن هذا التخصيص الكثير من هذا التاكيد في نفى الضرر والضرار بعيد غاية البعد واما الثاني فلانه على ما ذكره في دفع الاشكال يكون قاعدة نفى الضرر من تاب اصل البرائة دون الدليل فلا يعارض دليلا اصلا اذ يكون نفى الضرر مقيدا بغير التكاليف الثابتة ويكون موضوع الضرر المنفى ما هو زايد عن اصل طبايع التكاليف فكل تكليف ثبت بالخصوص او العموم او الاطلاق او التقييد يكون خارجا عنه فكلما كان عليه دليل عام او خاص لا يعارضه قاعدة نفى الضرر وهذا مناف لاستدلالات الفقهاء بل لما صرح به هذا القائل الا ان يقال ان مراده ليس

٢٥

ان نفى الضرر مقيد في نفسه بهذا القيد العام حتى يكون من قبيل كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهى ولا تكليف الا بعد البيان بل مراده ان بعد ملاحظة عمومات التكاليف وخصوصاتها وملاحظة معارضاتها (تها) مع قاعدة نفى الضرر واعمال القواعد الترجيحية واخراج ما ثبت ترجيحه من التكاليف الضارة يقيد حديث نفى الضرر والضرار بغير هذه المخرجات فافهم.

(البحث العاشر) ما يكون جبر الضرر واقع من شخص على غيره من الالزامات فهل هو ضرر ام لا ويظهر الفائدة عند التعارض كما اذا تلف شخص مال غيره فلو لم نقل بكون الزام المثل او القيمة ضررا يحكم بلزوم لمثل او القيمة على المتلف بلا معارض ولو قلنا بكونه ايضا ضررا يحصل التعارض بين الضررين والتحقيق ان الالزامات على قسمين احدهما يوجب لزوال الضرر المتحقق اولا كاعطاء المثل او القيمة فان معه لا يكون ضرر على من تلف ماله وثانيهما ما ليس كذلك كقصاص الجنايات وامثالهما فانه عقوبة على المضر لا جبر لضرر من حصل عليه الضرر فماكان من الاول لا يعد ضررا لان بالزامه يندفع الضرر عن صاحب المال فيخرج المتلف يبذله عن كونه مضر او هو نفع عظيم لان الاضرار فعل محرم موجب للعقاب وقد وقع النهى عنه في الاخبار ومثل ذلك ليس ضررا بل دفع ضرر عظيم عن نفسه بامر يسير وما كان من الثانى يكون ضررا لانه لا يدفع الضرر الاول فلا يحكم بثبوته بمحض الاضرار بل لابد من دليل اخر.

(البحث الحادى عشر) لا فرق في نفى الضرر و الضرار ونفى كونهما من الاحكام الشرعية بين ما اذا اذن به من يحصل عليه الضرر ام لا رضى ام لم يرض لعموم الاخبار فلا يفيد اذن صاحب المال مثلا في اتلافه في اباحة الاتلاف ولا في نفى الالزام بالمثل او القيمة فيما اوجبه الضرر لصدق الضرر الا فيما يحصل بسبب نفع دنيوى او اخروى كالضيافة امثالها فانه ليس ضررا حقيقة نعم لو دل دليل من اجماع او نص على عدم الالزام بالمثل او القيمة او تجويز الضرر مع الاذن في موضع خاص او مطلقا يكون ذلك خارجا بالدليل.

(عايدة) قد كثر ذكر لفظ الباس في الاخبار كقولهم؟ بكذا وكقولهم ان كان كذا فلا باس فيه وهو يدل بالمفهوم على انه ان لم يكن كذا ففيه باس فهل يثبت به الحرمة او الاعم منه ومن الكراهة وكذا الثابت من المنطوق هل هو الاباحة او الجواز الشامل للكراهة ايضا الظاهر في الاول الاول وفي الثاني الثاني لان الباس هو العذاب والشدة والخوف وشئ منها لا يكون الا في الحرام قال الله سبحانه فلما احسوا باسنا اذا هم منها يركضون.

(قال) ابوعلى في مجمع البيان اى فلما ادركوا بحواسهم باسنا اى عذابنا.

(وقال) البيضاوى فلما ادركوا شدة عذابنا وكذا في الصافى.

(وقال) في شرح قوله سبحانه ولا ياتون الباس الا قليلا الباس الحرب واصله الشدة وفي الصافي في تفسير قوله سبحانه وحين الباس عند شدة القتال.

(وقال) الجوهرى الباس العذاب والباس الشدة في الحرب.

(وقال) في النهاية الاثيرية بؤس يبؤس بالضم فيهما بؤاسا اذ اشتد قال ومنه حديث علي كنا اذا اشتد الباس القينا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يريد الخوف ولا يكون الا مع الشدة.

(وقال) في القاموس الباس العذاب والشدة في الحرب إلى ان قال والباساء والابوس الداهية ومنه عبس الغوير ابؤسا اى داهية والبئيس كفعيل الشديد.

(وقال)

٢٦

الطريحى في مجمع البحرين الباس الشدة في الحرب والباس العذاب ومنه قوله تعالى لما راوا باسنا اى عذابنا وقال ايضا الباس الخضوع والخوف وقال وقد تكرر في الحديث لا باس بذلك ومعناه الاباحة والجواز انتهى.

و عطفه الجواز على الاباحة لا يخلو عن شئ ويمكن ان يكون مراده انه يستعمل نفى الباس في الموضعين يث ان العذاب منفى في المباح والجايز معا فقولهم لا باس بذلك يستعمل في المباح ويستعمل في الجايز والمراد من استعماله في المباح ليس ان المراد من نفى الباس الاباحة بل المراد انه استعمل في المورد المباح فالمراد في الموضعين نفى العذاب واما تساوى الطرفين فيعلم من الخارج ومما يؤيد ان المراد من نفيه نفى الحرمة ومن اثباته اثباتها نفى الباس في الاخبار عما يكره قطعا كما في الاستحطاط بعد الصيغة فانه مكروه نصا واجماعا ومع ذلك نفى عنه الباس في الاخبار كما في رواية معلى بن خنيس الرجل يشترى المتاع ثم يستوضع قال لا باس ورواية يونس بن يعقوب الرجل يشترى من الرجل المبيع فيستوهبه بعد الشراء من غير ان يحمله على الكره قال لا باس به في الذبح في الليل فانه مكروه بصريح الروايات ونفى عنه الباس في صحيحة البزنطى قال سئلت الرضاء عن طروق الطير بالليل في ذكرها فقال لا باس بذلك ومثلها صحيحة صفوان وفي الصلوة في بيت الحمام اذا كان طاهرا مع تحقق الكراهة فيه كما في مرسلة الفقيه عن على بن جعفر انه سئل اخاه عن الصلوة في بيت الحمام

قال اذا كان الموضع نظيفا فلا باس إلى غير ذلك وهذا هو المستفاد من كلام الفقهاء ايضا قال ابن ادريس في السرائر ولا باس يبيع الخشب ممن يتخذه ملاهى وكذلك بيع العنب ممن يجعله خمرا فانه مكروه وليس بحرام وغير ذلك ثم ان هذا مقتضى معناه الحقيقى وقد يستعمل في غيره بضرب من المجاز كما في المكروه فانه قد ورد في بعض الاحاديث اثبات الباس للمكروه فيكون مجازا ولا يصاد اليه الا مع قرينة دالة عليه.

(عائدة) مقدمة الحرام ان كانت سببا له فهو حرام ومعصيته كما ثبت في الاصول كوضع النار على يد زيد بعد النهى عن احراقها فلا يجوز له وضعها عليها مطلقا وان كانت شرطا له فان لم يكن قصده من فعله التوصل إلى المحرم فلا شك في عدم حرمته وعدم كونه معصية كما اذا اوقد نارا في المثال او اشترى فحما او حطبا او سافر إلى بلدة فيها من نهى من قتله او فيها فاحشة او خمرا إلى غير ذلك من غير ان يريد بهذه الامور التوصل إلى الحرام وان قصد من فعله التوصل إلى المحرم كان يسافر إلى البلدة المذكورة لاجل قتل الرجل او شرب الخمر ونحوهما فالظن كون هذا الفعل معصية وحراما فلو سافر بهذا القصد وحصل له مانع عن فعل اصل المحرم ولم يفعله يكون اثما باصل المسافرة عاميا به مستحقا للعقاب لاجله بل لو فعل المحرم يكون له العقاب والاثم لاجلهما ويتفرع عليه ايضا حرمة المعاونة على هذه المقدمة اذا فعلت بقصد التوصل وان لم يعلم انه يحصل له التوصل ويتم ما قصده واراده و ممن صرح بالحرمة الشهيد في قواعده قال اذا تطيبت المرئة لغير الزوج فعلت حراما فاحشا وكذا اذا اخرجت متطيبة للتعرض للفجور او مقدماته او قصد الرجل بذينك التودد إلى النساء المحرمات انتهى.

بل الظاهر انه لا خلاف لاحد في ذلك ومما يدل على كون الفعل بهذه القصد حراما موجبا للاثم ان فاعله حين

٢٧

فعله يعد عاصيا لاجله في العرف وكل عصيان حرام اثم فاعله بالاجماع والنصوص وبدل عليه ايضا انه لا شك ان فعل مقدمة الحرام بقصد التوصل اليه والاتيان به اطاعة للشيطان واتباع للهوى وهما محرمان اما الاولى فظاهرة جيدا اما الثانية فبالاجماع والكتاب والسنة المتواترة قال الله سبحانه ولا تتبع الهوى وقال ايضا ولا تتبعوا الهوى قالصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلث مهلكات شح مطاع وهوى متبع واعجاز المرء بنفسه وفي رواية اسماعيل بن جابر المروية في روضة الكافى عن ابى عبداللهعليه‌السلام في رسالة طويلة كتبها إلى صحابه وامرهم بمدارستها والعمل بها واياكم ان تشره نفسكم إلى شئ مما حرم الله عليكم فان من انتهك ماحرم الله عليه هاهنا في الدنيا حال الله بينه وبين الجنة ونعيمها إلى ان قال ولا تتبعوا اهوائكم ورايكم فتضلوا وفي رواية ابى محمد الوالسى الصحيحة عن السراد الذى اجمعوا على تصحيح ما يصح عنه قال سمعت ابا عبدالله يقول احذروا اهوائكم كما تحذرون اعدائكم فليس شئ اعدى للرجل ن اتباع الهوى وفي رواية يحيى بن عقيل انى اخاف عليكم اثنين اتباع الهوى وطول الامل ويدل على حرمته ايضا قوله سبحانه لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم فان قصد المحرم من كسب القلوب ويدل عليه ايضا الاخبار المستفيضة المصرحة بان لكل امرى ما نوى وان العمل بالنيات وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله انما يحشر الناس على نياتهم.

وقال (ع) انما خلد هل النار في النار لان نياتهم كانت في الدنيا ان لو خلدوا فيها لعصو الله تعالى ابدا ولا شك ان فاعل المقدمة بقصد التوصل يقصد فعل الحرام وينويه فيكون حراما.

وقال (ع) لو تزوج امرئة على صداق وهو لا ينوى ادائه فهو زان ومن استدان دينا وهو لا ينوى قضائه فهو سارق واصرح من الكل ما روى عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال اذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار قيل يارسول الله هذا القاتل فما بال المقتول قال لانه اراد قتل صاحبه ثم بعض هذه الادلة وان دلت على ترتب الاثم والعقاب والمؤاخذة على مجرد القصد وان لم يؤثر في الخارج اثر اولم تقارنه فعل الا ان المستفيضة من الاخبار بل الاجماع خص ذلك فيبقى الباقى ويدل عليه ايضا ما ورد في ذم فاعل بعض قدمات الحرام واثبات الاثم له كلعن غارس الخمر وحارسها وعاصرها ومثل ما ورد في ان من ذهب إلى باب الظلمة او السعاية للسلم كان عليه لكل خطوة عقاب كذا وكذا ويمكن الاستدلال عليه ايضا بقوله سبحانه ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن فان فعل مقدمة الفواحش بقصد التوصل اليها اقرب منها لا محالة فيكون حراما.

(عائدة) قال الله سبحانه في سورة المائدة ولا تعاونوا على الاثم و العدوان وهذه الاية الكريمة تدل على حرمة المعاونة على كل ما كان اثما وعدوانا واستفاضت على تحريمها الروايات وانعقد عليها اجماع العلماء كافة واستدل عليه الفقهاء في موارد كثيرة على احكام عديدة ولا كلام في ثبوت تحريمها والنهى عنها وانما الكلام في تعيين ما يكون مساعدة ومعاونة على الاثم والعدوان وتحقيقه انه لا شك ولا خفاء في انه يشترط في تحقق الاعانة والمساعدة على الشئ صدور عمل وفعل من المعاون له مدخلية في تحقق المعاون عليه وحصوله او في كماله وتماميته ونحو ذلك وانما الخفاء في اشتراط القصد إلى تحقق المعاون عليه من ذلك العمل وكونه مقصود ومطلوبا منه انفرادا اومع اشتراك شئ اخر وفي اشتراط تحقق المعاون عليه وعدمه اى ترتبه على فعله وفي اشتراط العلم بتحقق المعاون عليه او الظن ام لا وفي اشتراط العلم بمدخلية فعله في تحققه اما الاول فالظاهر اشتراطه ومعناه ان يكون مقصود المعاون من فعله ترتب المعاون عليه وحصوله في الخارج ويكون ذلك منظوره من فعله سوآء كان على سبيل الانفراد ام على الاشتراك اى كان هو المقصود والمنظور مع غيره ايضا سوآء كانا مستقلين في المقصود به والعلية اولا لان المتبادر

٢٨

من المعاونة والمساعدة ذلك عرفا فانه لو قيل اعان زيد عمروا في الامر الفلانى بجميع ادواته والاية بفهم منه ان مقصود زيد من جمع الاسباب والالات كان حصول ذلك الامر ولصحة السلب عرفا فانا نعلم انه لولم يعط زيد ثوبه إلى الخياط ليخيطه لا يخيطه الخياط ولا يتحقق منه خياطة مع انه لو اعطاه اياه وخاط لا يقال انه اعانه على صدور الخياطة لان غرضه كان صيرورة الثوب مخيطا لا صدور الخياطة منه الا اذا كان مقصوده صدور هذا الخياطة منه كما اذا كان ثوب لشخص واراد ثلثة ن الخياطين خياطته فسعى شخص في اعطائه إلى واحد معين منهم ليصدر الخياطة منه فيقال انه اعانه على ذلك ولذا ترى انه لا يقال للدافعين اثوابهم إلى الخياط انهم اعانوه على صنعة الخياطة وتعلمها مع انه لولا دفع احد ثوبه اليه لم يعلم صنعة الخياطة ولو دفع احد ثيابا متعددة إلى شخص ليخيطها وكان غرضه ترغيبه إلى تعلمها وتحسينها وشوقه اليها حتى صار ذلك سببا لتعلمها يقال عرفا نه اعانه عليها وكذا التاجر لا يتجر لو علم ان واحدا لا يشترى منه شيئا اولا يبيعه منه فللبيع والشراء منه مدخلية في تحقق التجارة منه ولا يقال للبايعين والمشترين منه انهم معاونوه على التجارة بخلاف ما لو باع احد منه واشترى منه لترغيبه في التجارة وتعلمه لها فيقال انه اعانه عليها وكذا ساير الحرف والصناعات وكذا نرى انه اذا صارت جماعة اضيافا على زيد واشترى زيد لهم طعاما من شخص لولاهم لما اشتريه لا يقال انهم اعانوه على بيعه بخلاف ما لو كان مقصودهم من صيرورتهم اضيافا رواج طعامه واشتراء زيد منه فيقال انهم اعانوه وهكذا (و) قد صرح بذلك الفاضل الاردبيلى في ايات الاحكام قال في كتاب الحج منه عند بيان هذه الاية والظاهر ان المراد الاعانة على المعاصى مع القصد او على الوجه الذى يقال عرفا انه كذلك مثل يطلب الظالم العصا من شخص لضرب مظلوم فيعطيه اياه او يطلب منه القلم الكتابة ظلم فيعطيه اياه ونحو ذلك ممايعد معاونة عرفا فلا يصدق على لتاجر الذى يتجر ليحصل غرضه انه معاون للظالم العاشر في اخذ العشور ولا على الحاج الذى يؤخذ منه بعض المال في طريقه ظلما وغير ذلك مما لايحصى فلا يعلم صدقها على شرآء من لم يحرم عليه شراء السلعة من الذى يحرم عليه البيع ولا على بيع العنب ممن يعمل خمرا او الخشب ممن يعمل صنما ولهذا ورد في الروايات الكثيرة الصحيحة جوازه وعليه الاكثر ونحو ذلك مما لا يخفى انتهى.

كلامه رفع مقامه وهو جيد في غاية الجودة ويظهر ذلك ايضا من المحقق الثانى في حاشيته على لارشاد وكذا من صاحب الكفاية.

واما الثاني فالظاهر ايضا اشتراطه فلو فعل احد عملا قد يترتب عليه امر ويكون له مدخلية في تحقق ذلك الامر ولم يترتب عليه ذلك الامر فلا يقال انه اعانه على ذلك الامر وان كان مقصوده منه اعانة شخص اخر في تحقق ذلك الامر و حصوله نعم لو قصد به الاعانة يصدق بانه اعانه على مقدماته او في السعى فيه ولكن حينئذ لو كان ذلك الامر الذي يريد المعاونة عليه اثما ومحرما يكون ذلك الفعل الذي صدر من المعاون ايضا اثما وحراما لما علم في العائدة السابقة كما لو قلنا بكونه معاونة على الاثم غاية الامر اختلاف جهة الحرمة ولو قلنا بكون ذلك ايضا معاونة على الحرم ويحرم بالاعتبارين وعلى هذا فلو غرس احد كرما بقصد عصر الخمر منه للخمارين فهو عاص في هذا الغرس اثم مطلقا لما مر في العايدة المتقدمة فلو اثم وحصل منه الخمر شرب يكون معاونة على الاثم ايضا ويكون حراما من هذه الجهة ايضا ولو لم يتفق ذلك فيه حتى قلع لا يكون معاونة على اثم ولكن يكون حراما لاجل قصده.

واما الثالث وهو العلم بتحقق المعاون عليه وبترتبه على عمله فهو لا يشترط فانه لو غرس كرما بقصد انه لو اراد احد شرب الخمر كان حاضرا فاثمر واخذ منه الخمر وشرب يكون عمله معاونة على الاثم وان لم يؤخذ منه الخمر لا يكون

٢٩

معاونة وان اثم في غرسه بهذا القصد فالمناط في الاثم والحرمة مطلقا هو العمل مع القصد سواء ترتب عليه ما قصد ترتبه عليه ام لا و سواء علم انه يتحقق النية او فعله يقصده انه لعله يتحقق والمناط في المعاونة على الاثم هو القصد وتحقق المعاون عليه فلو تحقق ياثم بالاعتبارين فلو لم يعلم انه يتحقق فان فعل بقصد تحققه وتحقق يكون معاونة على الاثم وان فعل بقصده ولم يتحقق يكون فاعلا لقصد المعاونة على الاثم ولذلك يكون اثما وان فعل لا بقصده لا يكون اثما سوآء تحقق ام لا ومن هذا يظهر ال الرابع ايضا اى اشتراط العلم بمدخلية عمله في تحقق المعاون عليه ام لا وذلك كما اذا علم ان زيد الظالم لم يقتل اليوم عمروا ظلما فارسل اليه سيف لذلك مع عدم علمه بانه هل يحتاج إلى هذا السيف في قتله وله مدخلية في تحقق القتل ام لا فانه يكون اثما في الارسال قطعا فان اتفق احتياجه اليه وترتب القتل عليه يكون معاونا على الاثم ايضا والا فلا وفرق ذلك مع سابقه ان في السابق يعلم التوقف ولكن لا يعلم تحقق التوقف كما اذا علم انه لو قتل زيدا لاحتاج إلى هذا السيف ولكن لم يعلم تحقق القتل وفي ذلك قد يعلم التحقق ولكن لا يعلم التوقف ثم اذا احطت بما ذكرنا تعلم ما ذهب اليه الاكثر من جواز بيع العنب ممن يعلم انه يجعله خمرا ما لم يتفق عليه وحرمته مع الاتفاق عليه اما الاول فلان المقصود من البيع وغرض البايع منه ليس جعل ذلك خمرا فلا يكون اعانة على الاثم وان علم انه يجعله كذلك وذلك مثل حمل التاجر المتاع إلى بلد للتجارة مع علمه بان العاشر ياخذ منه العشور او بناء شخص دارا لزيد مع علمه بانه يشرب فيه الخمر واما الثاني فلان مع الاتفاق عليه او رطه يكون البايع بايعا بقصد الحرام فيكون اثما وان لم يكن لاجل المعاونة على الاثم لو لم يتحقق جعله خمرا ومن هذا ايضا يظهر عدم الحاجة إلى التاويلات البعيدة في الروايات المصرحة بجواز بيع العنب لم يعلم انه يجعله خمرا او الخشب لمن يجعله بريطا واجارة السفينة لمن يحمل الخمر والخنزير بل يبقى على ظاهرها ولا ضير فيه لعدم كون ذلك اعانة على الاثم ولا محرما ما لم يقصد البايع ببيعه لك غاية الامر ان المشترى يفعل حراما وهو عاقل عالم مكلف فعليه ترك ذلك الفعل ولا اثم على البايع ما لم يقصد اثما بفعله ومن ذلك (ان‍؟) يظهر سر ما ورد في روايات كثيرة من جواز بيع المتنجس من الذمى والميتة بمستحل الميتة مع كون الكفار مكلفين بالفروع فانه لا ضير في ذلك لان البايع لم يفعل حراما ويظهر من ذلك ايضا عدم حرمة بيع الحرير للرجال ولو علم انهم يلبسونه الا اذا ان مقصوده من بيعه منهم لبسهم فان المشترى مامور بعدم التلبس فان لبسه يكون عاصيا ولا اثم على البايع وكذلك من يصنع اوانى الذهب والفضة او يبيعها لمن يعلم انه يستعملها وكذلك من يعطى الاجر على صنعتها الا اذا قصد به الاستعمال فيكون اثما لاجل هذا القصد نعم لو كان كذلك صنعتها حراما فاعطاء الاجر لصنعتها يكون معاونة على الاثم ويكون حراما لان المقصد من اعطاء الاجر هو الصنعة المحرمة ولكن لم يثبت حرمة صنعة اوانى الذهب والفضة واما مثل عمل الصور المجسمة التى ثبت حرمته فيكون اعطاء الاجر لعملها حراما لكونه معاونة على الاثم وكذا كل عمل يكون اصل العمل حراما يكون الاستيجاد له معاونة على الاثم ومحرما والله العالم.

(عائدة) قد تكرر في كلمات الفقهاء الاستدلال على فساد البيع بكونه غررا او استلزامه للغرور وتداول تمسكهم به في مظان عديدة ولابد في تحقيقه من بيان امرين الاول ماخذ فساد بيع الغررى والثانى معنى الغرر ومعنى بيع الغرر ما الاول فما خده امران الاول الاجماع فان المتتبع لكلمات الفقهاء يريهم باسرهم مصرحين بذلك في غير موضع واحد بحيث يحصل العلم للفقيه بانه حكم الامام المعصوم بل هو المتفق عليه بين الفريقين وسياتى شطرا من كلماتهم بل في استدلالهم به مطلقا اشعار بكونه قاعدة مقبولة

٣٠

مسلمة بين الجميع وصرح بعضهم بالاجماع ايضا قال بعض مشايخنا في الاجازة في بطلان مالو اشترى بحكم حد المتبايعين للغرر والجهالة المنتهى عنها بالاجماع والرواية المتفق عليها بين العلماء كافة وربما يشعر كلام جمع منهم الشهيد في موضعين من شرح الارشاد كونه ضروريا قال في شرح قول المصنف والاثمان يتعين بالتعيين قالوا تعيينها غرر فيكون منهيا عنه اما الصغرى فلجواز عدمها او ظهورها ستحقه لفسخ البيع واما الكبرى فظاهر ونحوه في مسألة اشتراط بدو الصلاح والثاني الخبر المروى عن النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله انه نهى عن بيع الغرر ذكره السيد في الانتصار وابن ادريس في السراير والعلامة في نهج الحق ومواضع عديدة من التذكرة وولده في شرح القواعد والشيخ المقداد في لتنقيح والشهيد في قواعده وبعض المتاخرين في شرحه على المفاتيح والطريحى في مجمع البحرين والجوهرى في صحاحه وابن الاثير في نهايته والحاجبى في مختصره ونقل القاضى نور الله في احقاق الحق عن ابن جزم انه قال والبرهان على بيع ما لم يعرف برؤية ولا صفة حجة نهى رسول للهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن بيع الغرر وهذا عين الغرر لانه لا ندرى ما اشترى او باع وقد مر في كلام بعض مشايخنا ان هذه الرواية متفق عليها بين العلماء كافة وعلى هذا فيكون الرواية منجرة بالشهرة العظيمة بل الاجماع القطعى او الضرورة فهى مما لا ريب في حجيتها وكونها كالخبر الصحيح بل اقوى منه.

واما الثانى اى معنى الغرر فبينة بعد ذكر مقامين:

المقام الاول في نقل طايفة من كلام اهل اللغة وغيرهم

في معنى تلك المادة قال الجوهرى في الصحاح ما عبارته بعد حذف الزوايد الغرور ومكاسر الجلد الواحد غر بالفتح ومنه قولهم طويت الثوب على غيره اى على كسره الاول والغرة بالضم بياض في جبهة فوق الدرهم ورجل اغر اى شريف وفلان غرة قومه اى سيدهم وغرة كل شئ وله واكرمه والغرر ثلث ليال من اول الشهر والغرة العبد والامة ورجل غر بالكسر وغرير اى غير مجرب وقد غر يغر بالكسر غرارة والاسم الغرة و عيش غرير اذا كان لا يفزع اهله والغرة الغفلة والغار الغافل واغرة اى اتاه على غرة منه واغتبر بالشئ اى خدع به والغرر الخطير ونهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن بيع الغرر وهو مثل بيع السمك في الماء والطير في الهواء ابن السكيت لغرور الشيطان ومنه قوله تعالى ولا يغرنكم بالله الغرور والغرور ايضا ما يتغرغر به من الادوية قال والغرور بالضم ما اغتر به من متاع الدنيا والغرار النوم القليل وليث فلان غرار شهر اى مكث مقداد شهر والغرار نقصان لبن الناقة ثم ذكر معانى كثيرة للغرار بكسر المعجمة فقال وغره يغره غرورا خدعه يقال ما غرك لفلان اى كيف اجترئت عليه وغر الطاير ايضا فرخة يغره غرارا اى زقه التغرير حمل النفس على الغرر وقد غرر بنفسه تغريرا وتغرة كما يقال جلل تجليلا وتجلة ويقال ايضا غررت ثنيتا الغلام اى تطلعت اول ما تطلع الاصمعى يقال غارت الناقة تغار غرارا قل لبنها ابوزيد غارت السوق تغارت غرارا كسدت والغرغرة تردد الروح في الحلق انتهى. وقال صاحب القاموس ما ملخصه غره غرا وغرورا وغرة بالكسر فهو مغرور وغرير خدعه واطمعه بالباطل فاغتر هو والغرور الدنيا وما يتغرغر به من الادوية وما غرك او يخص بالشيطان وبالضم الاباطيل جمع غار وانا غريرك منه اى احذركه وغرر بنفسه تغريرا وتغرة عرضها للهلكة والاسم الغرر محركة والغرة والغرغرة غرة بضمها بياض في الجبهة إلى ان قال عز وجهه يغر بالفتح غررا محركة وغرة بالضم وغرارة بالفتح صار ذا غرة وابيض والغرة بالضم العبد والامة ومن الشهر ليلة استهلال القمر إلى ان قال والغار الغافل واغتر غفل والاسم الغرة بالكسر انتهى. وقال ابن الاثير في النهاية فيه انه جعل في الجنتين غره عبدا او امة ثم ذكر احاديث كثيرة ذكر فيها الغرة والغر بالضم والغر بالكسر والاغر الغرار والغريرة والاغترار وفسر الغرة بالكسر بالغفلة والاغترار بطلب الغفلة فقال وفيه انه نهى عن بيع الغرر وهو ما كان له ظاهر يغر المشترى وباطن مجهول

٣١

وقال الازهرى بيع الغرر ما كان على غير عهدة ولايقة ويدخل فيه البيوع التى لا يحيط بكنهها المتبايعان من كل مجهول وقد تكرر في الحديث ومنه حديث مطرف ان لى نفسا واخذة وانى اكره ان اغررتها اى احملها على غير ثقة وبه مى الشيطان غرورا لانه تحمل الانسان على حجابه ووراء ذلك ما يسوء ومنه حديث الدعاء وتعاطى ما نهيت عنه تغريرا اى مخاطرة وغفلة عن عاقبة امره ومنه الحديث لان اغتر بهذه الاية ولا اقاتل احب الي من ان اغتر بهذه الاية يريد قوله تعالى فقاتلوا التى تبغى وقوله ومن يقتل مؤمنا متعمدا المعنى ان اخاطر بتركى مقتضى الامر بالاولى احب الي من ان اخاطر بالدخول تحت الاية الاخرى ومنه حديث عمر ايما رجل بايع اخر فانه لا يؤثر واحد منهما تغره اى تقتيلا التغره مصدر غررته اذا القيته في الغرر وهى من التغرير كالتعله من التعليل وفي الكلام مضاف محذوف تقديره خوف تغره اى تقتيلا اى خوف وقوعهما في القتل انتهى.

وفي مجمع البحرين وغره غرا وغرورا وغرة بالكسر هو مغرور اخدعه واطمعه بالباطل فاغتر هو إلى ان قال وفى الخير نهى رسول الله عن بيع الغرر وفسر بما يكون له ظاهر يغر المشرى وباطن مجهول مثل بيع السمك بالماء والطير في الهواء إلى ان قال والتغرير حمل النفس على الغرور وهو ان يعرض له الرجل نفسه للمهلكة ومنه الحديث لا يغرر الرجل بنفسه انتهى.

وفي مجمع البيان واغرك يجوز ان يكون من الغرر الغرارة فيكون معناه ما اجهلك واغفلك عما يراد بك ويجوز ان يكون من الغرور على غير القياس وفيه ايضا والغرور ظهور امر توهم به جهلا الامان من المحذور فقال غره غرورا واغره اغترارا وفيه ان الكافرون الا في غرور وقيل معناه ماهم الافى امر لا حقيقة له وفي الصافى ان الكافرون الا في غرور ولا معتمد لهم انتهى.

اقول وان ظهر من كلماتهم ان الموضوع من تلك المادة الفاظ عديده من المصادر المجردة كالغره والغرارة والغرار والغرور والغر وغيره وغير المجردة كالتغرير والمغارة والتغرة والاغترار ومن الاسماء كالغره بالكسر والغرة بالضم والغر والغرار والغرور بالفتح والغرور بالضم والغرر محركة وغير ذلك ولكن كلها متطابقة على ان الغرر هو الاسم من التغرير الذى معناه التعريض للتهلكة وان معنى الغرر هو الخطر والخطر المصدرى الاشراف على الهلاك والمخاطرة ارتكاب ما فيه خطر هلاك اى فيه احتمال راجح او مساو في التلف والهلاكة فيكون هو معنى الغرر بتصريح اللغويين من غير معارض ولا يكون مشتركا ووضع الفاظ اخر متحدة مادة مع هذا اللفظ لمعان اخر لا يوجب اشتراك هذا اللفظ بعد اختلاف الهيئة وعدم الاشتقاق ثم معنى بيع الغرر بيع يكون احد العوضين فيه في الخطر اى في شرف الهلاك ومعرض التلف.

المقام الثانى في ذكر طائفة من كلام الفقهاء في موارد استعمالاتهم لفظ الضرر

قال الصدوق (ره) في معانى الاخبار بعد ذكر بيع المنابذة والملامة وبيع الحصاة وتفسير الاول بان يقول الرجل لصاحبه انبذ إلى الثوب او غيره او انبذه اليك فقد وجب البيع او يقول اذا نبذت الحصاة فقد وجب البيع وانه معنى بيع الحصاة والثانى بان يقول اذا لمست ثوبى او لمست ثوبك فقد وجب البيع او ان تلمس المطاع من وراء الثوب ولا ينظر اليه فيقع البيع على ذلك وهذه بيوع كان اهل الجاهلية يتباعون فنهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عنها لانها غرر كلها وقال ايضا ونهى (ع) عن بيع حبل الحبلة ومعناه ولد ذلك الجنين الذى في بطن الناقه وقال غيره وهو نتاج النتاج وذلك غرر انتهى.

٣٢

وقال السيد في الاختصار ومما انفرد دونه الاماميه القول بجواز بشراء العبد الآبق مع غيره وخالف باقى الفقهاء في ذلك وذهبوا إلى انه لا يجوز بيع الآبق على كل حال إلى ان قال وتعويل مخالفينا في منع بيعه على انه بيع غرر وان نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع الغرر إلى ان قال وهذا ليس بصحيح لان هذا البيع تخرجه من ان يكون غررا لانضمام غيره ليه.

وقال الشيخ في الخلاف اذا قال اشتريت منك احد هذين العبدين بكذا او احد هؤلاء العبيد الثلثة بكذا لم يصح إلى ان قال دليلنا ان هذا بيع مجهول فيجب ان لا يصح ولانه بيع غرر لاختلاف قيمتى العبدين.

وقال ابن ادريس في السرائر بعد ذكر حلب بعض اللبن وبيعه مع ما في الضرع او يجعل عوض اللبن شيئا من العروض والاقوى عندى المنع من ذلك كله لانه غرر وبيع مجهول والرسول هى عن بيع الغرر.

وقال العلامة في التذكرة في ذكر شرايط البيع القدرة على التسليم وهو اجماع في صحة البيع فيخرج البيع من ان يكون بيع غرر.

وقال فيها ايضا لا يصح بيع الطير في الهواء سواء كان مملوكا او غيره اجماعا لانه في المملوك غرر وقد نهى النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الغرر وفيها ايضا يجب العلم بالقدر فالجهل به مما في الذمة ثمنا كان او مثمنا مبطل إلى ان قال وبه قال لشافعى و ابوحنيفة للغرر ويظهر من التحرير جعل بيع ما ليس عنده ايضا من بيع الغرر وبه صرح ايضا في التذكرة.

قال وقد نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن بيع الغرر كبيع عسيب الفحل وبيع ما ليس عنده وبيع الحمل في بطن امه لنهيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولانه غرر لعدم العلم بسلامته وصفته وقد يخرج حيا او ميتا ولا يقدر على تسليمه عقيب العقد وفيها ايضا ومن الغرر بيع الملاقيح والمضامين وفيها ايضا ومن الغرر جهالة الثمن قال ولده في الايضاح البيع اذا كان المقصود منه المطعوم والمشروب اذا لم يكن اخباره موديا إلى افساده هل يصح بيعه من غير اخبار إلى ان قال اختلف الاصحاب فقال ابوالصلاح وسلار لا يصح.

وقال المص يصح إلى ان قال احتج الاولون بانه بيع غرر وقد نهى النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله عن بيع الغرر.

وقال الشهيد في قواعده يشترط كون البيع علوم العين والقدر والصفه فلو قال بعتك عبدا من عبدين بطل لانه غرر.

وقال في شرح الارشاد في مسألة تعيين الاثمان بالتعيين قالوا تعيينها غرر فيكون منهيا عنه اما الصغرى فلجواز عدمها او ظهورها مستحقة فينفسخ البيع واما الكبرى فظاهرة إلى ان قال قلت بمنع الصغرى فان الغرر احتمال يجتنب عنه في العرف بحيث لو تركه ونج عليه وما ذكره لا يخطر ببال فضلا عن اللوم عليه وقال في بحث سلم الدروس في سلم الرقيق ولو قدره بالاشبار كالخمسة او السته احتمل المنع لافضائه إلى الغرر.

وقال في بيان شرط القدرة على التسليم عند الاجل فان كان وجوده نادرا بطل وان امكن حصيله لكن بعد مشقة فالوجه الجواز لالزامه به مع امكانه ويحتمل المنع لانه غرر وقال الشهيد الثانى في المسالك بعد حكمه بعدم لحوق البعير الشارد والفرس الغائر بالابق في البيع مع الضميمة وعلى هذا يبطل البيع للغرر وقال صاحب التنقيح بعد نقل عدم صحة بيع ما يراد طعمه وريحه من غير اختبار عن ابى الصلاح والقاضى وسلار لانه مجهول فهو بيع غرر وقد نهى النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله عن بيع الغرر وقال المحقق الشيخ على في شرح القواعد في بيان صحة بيع الصاع من الصبرة المجهولة الصفات وذلك لان البيع امر كلى والاجزاء متساوية فلا غرر بخلاف ما لو باع النصف فانه مع جهاله ا يعلم قدره فيلزم الغرر.

وقال ايضا في بيان تجويز بيع العسل ونحوه اعتمادا على مقتضى طبعه اذ ليس المراد بالغرر مطلق الجهالة والا لم يخرج الصبرة المرئى بعضها ولا المبيع بالوصف على وجه مخصوص ونمنع حصوله هنا واعلم انه ربما فهم من العبارة

٣٣

انه لا يشترط مشاهدته ايضا والظاهر انه لابد من المشاهدة لئلا يلزم الغرر إلى غير ذلك من كلمات الفقهاء من المتقدمين والمتاخرين الواردة في موارد مختلفة وقد ذكرنا شطرا منها ليعلم كون الاستدلال بالغرر من القواعد المسلمة بل للجمع عليها وليظهر موارد الغرر عندهم وقد ظهر ان موارده عندهم هو الموافق لمعناه الذى ذكره اللغويون وهوما كان المبيع او الثمن في موضع الخطر اى موضع كان محتمل التلف احتمالا ملتفتا اليه عرفا وعادة فيكون الخطر فيه او لعوضه حيث يعطى عوضا عما لا يوثق به فيذهب عن اليد من غير وصول معوضه ومعظم تلك الموارد في مواضع ثلثه احدها ان يكون الخطر باعتبار عدم الوثوق بامكان التسليم بان يكون احد العوضين غير مقدور التسليم فيكون هو في الخطر اى معرض عدم الوصول او يكون عوضه الاخر في الخطر حيث يذهب بلا عوض فيكون تالفا ومنه ما ذكروه من بطلان بيع الآبق والطير في الهواء والسمك في الماء والمغصوب وامثال ذلك وثانيها الخطر باعتبار عدم الوثوق بتحقق وجوده بان يكون احدهما غير موثوق يتحققه وخروجه إلى فضاء الوجود على ما هو المقصود من المبايعة فيكون هو في معرض التلف او يكون عوضه كذلك ومنه ما ذكروه من بطلان بيع عصيب الفحل والحمل وحبل الجنة وامثالها وثالثها ان يكون الخطر باعتبار الجهل بقدر احد العوضين او جنسه او وصفة ندادا لم يعلم المشترى ذلك بجعل الثمن في موضع الخطر لجواز ان ا يكون المثمن على نحو يقابل ذلك الثمن فجعل ثمنه في موضع الخطر وان لم يعلم البايع يجعل الثمن في محل الخطر لجواز ان يكون على نحو لا يقابله الثمن الماخوذ ولكن يشترط في ذلك ان يكون الاختلاف المحتمل بحيث لا يتسامح فيه عرفا ولذا لم يلتفتوا إلى ما يتعارف من فضول الكيل واختلاف الوصف بما لا يختلف به القيمة عرفا ولذا صرح الشيخ على (ره) وعلى ما مربانه ليس المراد بالغرر مطلق الجهالة بل على وجه مخصوص ومراده ما ذكرنا من كون الاحتمال احتمالا ملتفتا اليه عرفا والاختلاف اختلافا غير ما يتسامح به كذلك وكذا قال الشهيد ان الغرر احتمال يجتنب عنه عرفا بحيث او تركه ونج؟ عليه وعلى هذا فالجهل الذى ليس كذلك لا يسمى غررا فبطلان بيع احد العبدين اذا فرض تساويهما قيمة ليس لاجل الغرر ولذى ترى الشيخ كما مر استدل على بطلانه بالغرر لاجل اختلاف قيمتى العبدين فلولا كذلك يكون البطلان لنفس الجهل كما ياتى لا للغرر وكذا اذا كانا مختلفى القيمة ولكن اشتريه بقيمة الادون وكان البايع عالما او بالقيمة الاعلى وكان المشترى عالما بالواقع لم كن هناك غرر وبالجملة المستفاد من كلام اهل اللغة واستعمالات الفقهاء ان بيع الغرر ما يدخل لاجله احد العوضين في محل الخطر بان لا يوثق بوصول العوض او بوجوده او بكونه مما يقابل العوض الاخر وضابطه ما ذكره الشهيد طاب ثراه في شرح الارشاد من تحقق احتمال مجتنب عنه عرفا بحيث لو لم يلتفت اليه وتركه بحاله صار محلا للتوبيخ واللوم في العرف من جهة تضييع المال وللشهيد في قواعده كلام يوهم بظاهره مخالفته في بعض ما ذكر من معنى الغرر.

وقال الغرر ماله طاهر محبوب وباطن مكروه قال بعضهم ومنه قوله تعالى متاع الغرور وشرعا هو جهل الحصول واما المجهول فمعلوم الحصول مجهول الصفة وبينهما عموم وخصوص من وجه لوجود الغرر بدون الجهل في العبد الابق اذاكان معلوم الصفة من قبل او بالوصف الان ووجود الجهل بدون الغرر كما في المكيل والموزون والمعدود اذا لم يعتبر وقد لم يتوغل في الجهالة كحجر لا يدرى اذهب ام فضة ام نحاس ام حجر ويوجدان معا في العبد الابق المجهول صفته

٣٤

ويتعلق الغرر والجهل تارة بالوجود كالعبد الابق وتارة بالخصوص كالعبد الابق المعلوم وجوده والطير في الهواء وبالجنس كحبة لا يدرى ماهو وكسلعة من سلع مختلفة وبالنوع كعبد من عبيد وبالقدر كالكيل الذى لا يعرف قدره والبيع إلى مبلغ لسهم والتعيين كثوب من ثوبين مختلفين وفى البقاء كبيع الثمره قبل بدو الصلاح عند بعض الاصحاب ولو شرط في العقد ان يبدوا الصلاح لامحة كان غررا عند الكل كما لو شرط صيرورة الزرع سنبلا والغرر قد يكون بماله مدخل ظاهرا في العوضين وهو ممتنع اجماعا وقد يكون بما يتسامح به لقلته كاس الجداد وقطن الحبه وهو معفو اجماعا وكذا اشتراط الحمل وقد يكون بينهما وهو محل الخلاف كالجزاف في مال الاجاره والمضاربة والثمره قبل بدو الصلاح والابق بضميمة انتهى.

اقول ما ذكره من العموم من وجه بين الغرر والجهل فهو كذلك لتحقق الاول خاصة في الابق المعلوم الصفة والثانى خاصة في بيع احد العبدين المتساويين قيمة وغرضا واجتماعهما في الابق المجهول الصفه وكذا ما ذكره من ان الغرر يتحقق مع الجهل بالحصول ولكن ما ذكره من اختصاصه به ومن كونه معناه رعا فغير صحيح واما الثانى فلعدم ثبوت حقيقة شرعية فيه واما الاول فلانه مخالف لكلمات جميع الاصحاب فارجع إلى قدمناه ذكره من موارد استعمالاتهم الغرر واستدلالاتهم به حتى ما نقلناه من الشهيد نفسه حتى من قواعده في موضع اخر واذا كان كذلك ولم يفهم الاختصاص من معناه اللغوى ايضا بل كل مقتضاه التعميم على ما تقدم فلا وجه للتخصيص بل ذكره لا يوافق ما ذكره في هذا الكلام اخيرا ايضا من جعله الجزاف في مال الاجاره والمضاربه من الغرر وكذا اس الحايط وقطن الحبه ويمكن توجيه كلامه بان يقال ان مراده من الجهل بالحصول عدم الوثوق بحصول ما يقابل الثمن في يده وعلى هذا فماعلم وجوده ولم يعلم وصفه الموجب لاختلاف القيمة لم يوثق بحصول ما يقابل الثمن هو المتصف بالوصف الاحسن فيكون غررا وان كان ذلك جهلا من حيث عدم تعيين الوصف ايضا فكل جهل بالصفة التى يختلف باختلافها القيمة يكون جهلا من جهة عدم التعيين وغررا من حيث لا يوثق بحصول ما يقابل الثمن فمجهول الصفة وان كان فيه الغرر ايضا الا انه من جهة عدم الوثوق بحصول ما على الوصف الاحسن وعلى هذا فما كان مجهول الصفة عند المشترى خاصه ولكن كانت القيمة التى اشترا بها مما يقابل الوصف الادون لا يكون فيه غرر بل يكون جهلا خاصة وهو كذلك هذا ولا يخفى انه لا يؤثر علم البايع او المشترى بكونه في محل الخطر ورضاه به لان نهى الشارع عام شامل الصورة العلم ولا عجب ان ينهى الشارع من الرضا بجعل المال في معرض الخطر او شراء ما في معرض الخطر مع العلم به كما في الاسراف واتلاف المال عبثا نعم لو لم يكن خطرا بل علم الواقع واشتراه بالقيمة الاعلى او باعه كذلك كان صحيحا لعدم كونه غررا لغة وعرفا والغرر في الرواية كما يظهر من الشهيد في شرح الارشاد مبنى على الخلاف في ان عموم لفظ الحكاية من الراوى هل يكفى في اثبات العموم ام لا والحق كفايته في مثل ذلك الموضع كما بيناه في الاصول وكذا لا يؤثر عدم التلف في الواقع فكونه بعد المبايعة تساوى الثمن والمثمن او القدرة على التسليم لم يفد تحقق الغرر وهو احتمال التلف احتمالا تجتنبا عنه في العرف حال البيع فيشمله النهى قال الشهيد في قواعده اما لو باع صبرة بصبرة فظهر تماثيلها في القدر متجانسين او متخالفين او تخالفهما متخالفين ولم يتمانعا قال الشيخ (ره) بجوازه والاقرب منعه للغرر

٣٥

الظاهر حال العقد ثم لو كان في المبايعة مصلحة اخرى يوجب انتفاء اللوم عرفا وان كان احد العوضين في محل الخطر فهل ينتفى الغرر ام الظاهر الثانى لان بيع الغرر المنهى عنه ما دخل لاجله المال في معرض الخطر ووجود صلحة اخرى لا يخرجه عن كونه غرر او خطرا فيشمله النهى الا اذا كانت تلك المصلحة مما يوجب عدم تلف ذلك المال كما في شرآء العبد الابق لمن كان عليه كفارة واراد عتقه فانه لايعد غررا فلولا النهى الصريح المطلق في الاخبار من شراء العبد الابق بلا ضميمة لما حكمنا ببطلانه في مثل ذلك الموضع ثم ان خطر كل شئ بحسبه فلا تفاوت في شراء عصفور في الهواء بنصف درهم او شراء عبد تركى ابق بالف دينار لان خطر كل شى بحسبه هذا وهل ينتفى الغرر مع ظن عدم التلف او يلزم في انتفائه العلم بعدمه ولو عاديا الظاهر ان الظن ان كان من امارة معتبرة عرفا يكفى في انتفائه اذ عه لا يسمى خطرا واسرافا على الهلاك عرفا ولا يلام على تركه في العرف والحاصل ان الغرر يتحقق احتمال مع التلف احتمالا يلتفت اليه عادة فلو كان الظن بحيث يعتبره اهل العرف ولا يلتفتون إلى احتمال خلافه يكون كافيا و كذا ينتفى الغرر باشتراط الخيار لولا الوصف الرافع للغرر فيه لعدم صدق الغرر عرفا فهو انما يكون في البيع اللازم اوما شرط فيه الخيار من غير هذه الجهة.

واعلم ان ما ذكر من بطلان بيع الغرر قاعدة كلية ثابتة من الشارع وهى كساير القواعد يقبل التخصيص فلو ثبت من الشارع تجويزه في موضع خاص يحكم بالجواز وعلى الفقيه الاخذ بالقاعدة والتفحص من جر ثبات المسائل هذا وقد يدخل كل بيع فيه احتمال عدم تحقق المبايعة او تحقق النزاع بين المتبايعين من بيع الغرر وكذا بيع كان فيه جهالة وان ثبت من الشرع جوازه او وقع الخلاف فيه ولذا ذكره العلامة في التذكرة بيع الفضولى والغاصب وبيع الشاة المذبوحة وامثالها في باب بيع الغرر وفى التحرير ذكر في هذا الباب ايضا بيع المكره وفى دخول بعضها في بيع الغرر خفاء وانت بعد ما ذكرناه من معنى الغرر وموارده تقدر على معرفة مواصعه وما يبطل بسببه وما لا يبطل والله الموفق.

(عائدة) الملكية والمالكية صفتان رابطتان وجوديتان نفس الامريتان فلا يمكن ثبوتهما الا لموضع متحقق فان ثبتا واقعا يكفى ثبوت الموضوع في الواقع ولا يلزم فيه الوجود الخارجى كما اذا قال الشارع الخمر نجس ولم يكن حين المتكلم خمر موجودا في الخارج او العنب حلال ولم يكن العنب موجودا حينئذ فان المراد اثبات الحلية والحرمة واقعا لهاتين الماهيتين الواقعتين ومرجعه إلى الحكم بانه لو وجد هذا الموضوع فالخارج لوجدت فيه تلك الصفة فالمتحقق قبل وجود الموضوع في الخارج هو هذا الحكم الشرطى ومحل هذا الحكم هو الموجود الذهنى فحكم عليه بانه لو وجد في الخارج لوجدت معه هذه الصفة فيه خارجا وبعد وجوده يوجد فيه الصفة لاجل جعل الشارع ايجاد هذا الحكم الشرطى لهذا الموجود الذهنى على النحو المقرر والشرايط المعلومة عليه وسببا لتحقق هذا الحكم الخارجى بعد وجود الموضوع فيه وهذا هو المراد من الثبوت الواقعى للحكم بل موضوعه وليس مبنيا على ثبوت المعدومات وان وجدت لصفة في الخارج فلابد من وجود الموضوع خارجا ايضا لامتناع قيام الموجود بالمعدوم ويجب على التقديرين تعيين الموضوع وامتيازه من غيره لامتناع قيام الصفة المعينة الواقعية او الخارجية بغير المعين اذ غير المعين لا ثبوت له

٣٦

ولا وجود لا خارجا ولا ذهنا واما ما ترى؟ مطلوبه لاحد الشيئين او الاشياء في الواجب التخييرى فهى ثابتة لكل منهما او منها معينا لان هذه المطلوبية هى المطلوبية التحييرية وهى ثابتة لكل واحد معين منها لان معناها مطلوبية هذا الفرد بخصوصه لو لم يات بالاخر ومطلوبية الاخر لو لم يات بالاول وهذه الصفة ثابتة لكل منهما عينا وكذا ما ترى من ثبوت مطلوبية هذا بشرط كذا لو ذاك بشرط كذا في الواجب المشروط فانها ثابتة لكل منهما معينا لان ذه المطلوبية المشروطة وهى ثابتة لكل واحد منهما معينا واما المملوكية فلم يثبت لها في الشريعة هذان القسمان اى التخييرية والمشروطة بل الثابت منها ليس الا العينية المنجزة ولا ذم ذلك عدم جواز التردد؟ فيها لامتناع تعلقها بغير المعين في الواقع ونفس الامر بل يلزم كون ما يتعلق به صفة الملكية معينا في الواقع ونفس الامر ولكن لا يجب كون تعيينه بالجزئية الحقيقية بل يلزم فيه التعيين سواء كان موجودا خارجا متعينا اى جزئيا حقيقيا او ماهية كلية معينة ممتازة عن غيرها بفصولها المميزة و على هذا فلما كان البيع اثبات ملكية شئ للمشترى فان تعلق بالموجود الخارجى حال البيع يجب تعيينه ارجا كهذا الشئ المعين وان تعلق بالماهية والنوع يجب تعيينها في نفسها فلا يصح بيع احد هذين الشيئين اواحد هذين النوعين نعم لما كان البايع مامورا بالاقباض والتسليم وهو لا يمكن في الماهيات الا بتسليم الفرد فيكون تسليم الفرد واجبا عليه في الثانى من باب المقدمة وجوبا تخييريا ولا يتوهم انه اذا باع احد هذين من الفردين او احد هذين النوعين يكون موضوع البيع ومحل الملكية ايضا امرا كليا معينا وهو القدر المشترك بينهما فيكون البيع صحيحا لان المراد بهذا القدر المشترك الذى صار موضوعا للبيع والملكية ان كان هو مفهوم احدهما فهو امر جعلى اعتبارى وليس له وجود لا في الخارج ولا في الواقع فلا يمكن كونه موضوعا لهذه الصفة الواقعية النفس الا مريد ولا يمكن للبايع جعله محلا لهذه لصفة وان كان المراد هو الكلى الذى يجمعها وهما من الافراد الواقعية له فيلزم عدم لزوم تسليم احد هذين الفردين بل جاز تسليم فردا اخر من افراد هذا الكلى على فرض وجوده كما هو شان بيع الانواع والاجناس وهو مقصود المتبايعين فتعين كون البيع فاسدا والتوضيح انه كما عرفت لابد للملكية من موضوع وهو لابد وان يكون امرا واقعيا يمكن تحققه في الخارج وكما ان الاعيان الخارجية والجزئيات الحقيقية امور موجودة متاصلة متحققة فكذا الكليات لا بمعنى انها موجودة خارجا بوصف الكلية بل على نحو وجود الكليات كما بيناه في شرح تجريد الاصول وغيره فان كل احد من العوام والخواص يعلم ان بين افراد الانسان مميزات بعضها عن بعض وقدر مشترك بينها ليس بين فرد منها وبين افراد البقر والفرس وصار ذلك الجامع سببا لحكم كل احد بمناسبة وتطابق وتوافق بين تلك لافراد ليس بينها وبين افراد سائر الحيوانات ولا شك ان هذا القدر المشترك امر موجود اذ يعلم كل احد ان بين تلك الافراد امرا وجوديا مميزا كلا منها عن فرد نوع اخر ويعلم انه مركب من هذا القدر والمشترك ومن المميز ولا يتركب الوجود من الموجود والمعدوم ولكن ليس كل لفظ يشبه لفظ الكليات كليا متحققا بل لابد من الوجود الخارجى ولولا اعتبار معتبر وانتزاع منتزع ولا شك ان احد هذين ليس شيئا متحققا بينهما يتركب كل منهما منه ومن امر اخر ويكون مميز الكل منهما عن ساير الاشياء بل هو محض جعل واعتبار وقد صرح بذلك المحقق

٣٧

الشيخ على في شرح القواعد قال (ره) وقوله ولو قال بعثك صاعا من هذه الصيعان مما يتماثل اجزائها صح ولو فرق الصيعان.

وقال بعثك احدها لم يصح والفرق بين الصورتين ان المبيع في الثانية واحد من الصيعان المتميزة المتشخصة غير عين فيكون بيعه مشتملا على الغرر وفى الاولى المبيع امر كلى غيره متشخص ويتميز وبنفسه ويتقوم بكل واحد من صيعان الصبرة ويؤخذ به ومثله ما لو تم الارباع وباع ربعا فيها من غير تعيين ولو باع ربعا قبل القيمة صح ونزل على واحد منها مشاعا لانه حينئذ امر كلى فان قلت المبيع في الاولى ايضا امر كلى قلنا اليس كذلك بل هو واحد من تلك الصيعان المتشخصة منهم فهو بحسب صورة العبادة يشبه الامر الكلى وبحسب الواقع جزئى غير معين ولا معلوم والمقتضى لهذا المعنى هو فريق الصيعان وجعل كل واحد براسه فصار اطلاق احدها منزلا على شخصى منها غير معلوم فصار كبيع احد الشاة واحد العبيد ولو انه قال بعتك صاعا من هذه شايعا في جملتها لحكمنا بالصحة انتهى.

كلامه رفع مقامه هذا كله اذا قلنا بوجود الكلى الطبيعى كما هو الحق المقطوع به كما اشرنا اليه ولو ابيت عنه وقلت بعدم ثبوت وجوده فلك ان تقول انا نقطع بعدم ثبوت الملكية لغير ما يمكن تحققه فلا يحكم بتحققها الا للجزئيات الحقيقية نعم لما ثبت بالاجماع والاخبار في باب السلم وبيع الصبرة والغصب وامثالها ثبوتها في ما يقال انه كلى فيقصر في هذا الحكم على المتيقن ولم يعلم جواز تعلقها بمثل احد هذين الشيئين ولا يتوهم ان اثبات الكلية في الامر الكلى يتوقف على وضع الالفاظ الكلية للكلى ايضا فان تحقق الكلى واقعا وارادته من لفظ لا يتوقف على الوضع الحقيقى له وظهر مما ذكرنا ان بيع الكليات وجعلها اثمانا لا يوجب جهالة لامكان اثبات الاحكام لها ولتعينها واقعا وظاهرا نعم اذا كان بين افراد كلى تفاوتا بينا يجب تعيين الصنف فرارا عن الغرر دون الجهالة وهنا موضع اشتباه ثير لكثير من الفقهاء فيستدلون على فساد بيع شئ بعبد بجهالة العبد مع انه امر كلى لا جهالة فيه كبيعه بدينار ومثلا فانه كما انه لا جهالة في الدينار وكذلك لا جهالة في العبد فان كلا منهما امر كلى واقعى نعم لما كان بين افراد العبد تفاوقا كثيرا موجبا لحصول الغرر اوجب فساد البيع بخلاف الدينار ويظهر الفائدة في العقود التى لم يثبت فيها الفساد بالغرر فانه؟؟ لا يحكم فيها بالبطلان اذا وقعت على الكليات مطلقا الا بدليل ولذا ورد في الاخبار صحة صداق عبد وخادم وبيت انه يرجع فيها إلى الوسط غلط من رد الحديث بانه موجب للجهالة فانه لا جهالة فيه بل فيه الغرر ولم يثبت فساد في الصداق مع انه على فرض ثبوت فساد الغرر في الصداق ايضا لا يوجب رد الحديث لان ايجاب الغرر للفساد ليس عقليا كالجهل بحيث لا يمكن التخلف فيكون ذلك من باب التخصيص بل لو كان عقليا ايضا كما في الجهل يمكن التوجيه ايضا فنقول فيما اذا فرض ورود حديث على صحة بيع احد العبيد وانه يرجع إلى اسنهم او اصغرهم مثلا ان هذا موجب لرفع الجهالة ويثبت منه انه بيع احد العبيد بيع اسنهم او اصغرهم بالشرع فلا جهالة ولا غرر نعم يشكل فيما لو ورد حديث في انه يصح بيع احد الاشياء من دون تعيين المرجع في الحديث واللازم حينئذ الحكم بصحة البيع التخييرى ايضا كالوجوب التخييرى فيقال البيع على قسمين معين ومخير والبيع المخير هو ما تعلق البيع بكل منهما على سبيل التخيير كما في الواجب التخييرى ولكن لما لم يثبت ذلك في البيع وهو وامثاله امور توقيفية وما ثبت جوازه لا معنى لتعلقه بغير المعين عقلا فيحكم بفساد بيع المجهول ولذا قد يحكم بالصحة في بعض العقود كما قولون في الاجارة اذا اجره انه ان خاط كذا فله كذا وان خاط كذا فله كذا ومرجعه إلى الاجارة التخييرية فالمناط اولا هو الاصل المتوقف رفعه على التوقيف

٣٨

فيقال في البيع مثلا ان الثابت من البيع هو البيع التعيينى الذى هو المتبادر منه وحقيقته فانه ليس بيع الشئ تخييرا بيعه كما ان الواجب التخييرى ليس بواجب حقيقة وهو لا يمكن تعلقه بالمجهول وما يمكن تعلقه به في الجملة وهو لبيع التخييرى لم يثبت من الشرع ثم بما ذكرنا ظهر سر ما ذكره الفقهاء من فساد البيع بجهالة احد العوضين ولكن ذلك مختص بما كان غير معين في الواقع وعند المتبايعين كاحد هذين الشيئين واما ما كان معينا في الواقع مجهولا عند احدهما او كليهما فلا يثبت فساده بذلك بل بدليل اخر وتوضيحه ان الجهالة الداخلة في البيع اما يكون في الثمن او المثمن وعلى التقديرين اما يكون واقعا اى لا يكون المبيع او الثمن معينا في الواقع ايضا نحو احد هذين الشيئين حيث ان تعين كونه مبيعا؟ يتوقف على قصد المتبايعين ولا يمكن تعيينه من هذه الحيثية الا به ولا قصد لهما على التعيين او يكون ظاهرا اى لا يكون معلوما بخصوصه عند المتبايعين او احدهما وان تعين في الواقع نحو بعت ما في هذا لصندوق وعلى التقادير الاربعة اما يكون الجهل في المقدار او الجنس او الوصف وعلى التقادير اما يوجب الجهل به الغرر ام لا فهذه اربعة وعشرون صورة ويبطل البيع فيما يتضمن الغرر فيها بالنهى عن بيع الغرر كما مر وهو في اثنا عشر صورة وفيما كان الجهل بحسب الواقع مطلقا لما سبق من توقف بثوت الملكية على التعيين في الواقع وهو في ست صور من الصور الباقية ويبطل ايضا فيما كان بحسب القدر ان كان مما يعلم قدره بالكيل او الوزن او العد الا بما يتسامح به عادة بالاخبار واكثرها وان كان واردا في الثمن الا انه يتم في الثمن بعدم القول بالفعل بين الثمن والمثمن بين جميع صحابنا قطعا وبه صرح العلامة في التذكرة ايضا قال لا فرق بين الثمن والمثمن بالجزاف في الفساد عندنا ويمكن شمول بعض الاخبار لهما ايضا كان رواه العلامة في التذكرة من ان النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع الطعام مجازفة وما في مجمع البحرين من قولهم (ع) لا تشتر لى شيئا من مجازف وضعف سندهما بعد الشهرة العظيمة غير ضائر كتخصيص الاول بالطعام لعدم الفصل وفى رواية حماد بن ميسر عن جعفرعليه‌السلام عن ابيهعليه‌السلام انه كره ان يشترى الثوب بدنيا وغير رهم لانه لا يدرى كم الدينار من الدرهم بقيت صورتان اخريان وهما ما كان الجهل في الجنس او الوصف عند المتبايعين او احدهما ولم يكن فيه غرر وهو في صحة البيع غير مضر وقد تلخص مما ذكرنا ان الجهل الداخل في البيع انما يفسده اذا كان باحد الوجوه الثلثة الاول ان يكون بسبب عدم تعين المبيع او الثمن في الواقع والثانى ان يكون موجبا للغرر والثالث ان يكون احد العوضين مكيلا او موزونا او معدودا ولم يتعين قدره واما ما سوى ذلك من اقسام الجهل المذكورة فلا دليل على كونه بطلا سواء كان في الجنس او الوصف وسواء كان الجنس المجهول حاضرا مشاهدا عند البيع كبيع جنس حاضر مردد عند المتبايعين او احدهما بين انه هل هو الهليلج مثلا او الاملج مع فرض تساوى قيمتهما وكون المشترى طالبا لهما او كان مشاهدا قبل البيع مثل ان يكون لشخص هليلج واملج وراهما احد وتلف واحد منهما ولم يعلم المشترى او مع البايع ايضا التالف بعينه فيشترى الموجود من غير حضوره او لم يكن مشاهدا اصلا بل كان معلوما بالوصف مثل ان يكون هليلج واملج لزيد وذكرهما بالوصف لعمرو وتلف احدهما ولم يعلم التالف بعينه واريد بيع الموجود فالبيع في الكل صحيح ما لم يكن فيه غرر وما قاله العلامة في التذكرة من انه لابد من ذكر جنس المبيع او مشاهدته عند علمائنا

٣٩

اجمع فهو مع كونه ظاهرا فيما يستلزم الغرر حيث يستدلون عليه بانه لولاه لزم الغرر لا يدل على ازيد من مشاهدته وذكره لوصفه ولوكان معه غيره ايضا ففى كل من الصور الثلثة يصدق ذكر الجنس المبيع او مشاهدته هذا مع ما في الاجماع المنقول من الوهن وعدم الحجية وقد صرح نفسه فيه بانه لو راى ثوبين متحدين قدر او وصف او قيمة ثم سرق احدهما ولم يعلم المسروق بعينه يجوز بيع الباقى وان لم ير ثانيا ثم ان هذا الذى ذكرناه هو القاعدة الكلية وقد يستفاد من الاخبار في الموارد الجزئية حكم اخر من الصحة او الفساد فيتتبع حينئذ هذا حكم عقد البيع واما ساير العقود المملكة كالاجارة والصلح والهبة وامثالها فهى ايضا كالبيع في البطلان بالجهل اذا كان بحسب الواقع اى كان تعلق العقد مجهولا واقعا كصلح احد هذين الشيئين واما في غير تلك الصورة فليس حكم ساير العقود حكم البيع كليا بل قد يختلف كما في الصلح وتحقيقه في جزئيات الفروع.

(عائدة) المعدوم اما يمتنع وجوده وتحققه في الخارج اما يعينه او بوصفه فيمتنع بيعه ومنه بيع احد هذين الشيئين غير معين لامتناع وجود غير المعين مع وصف عدم التعيين او يمكن تحققه ووجوده فان كان يوجب الغرر فالاصل عدم صحة بيعه على ما مر وان لم يوجبه فالاصل فيه ايضا عدم الصحة بمقتضى الاخبار لصريحة الدالة على اشتراط المملوكية حال البيع في المبيع وما لا وجود له بعد ليس ملكا حينئذ وقد يخرج عن هذا الاصل بدليل كما في بيع السلم وبيع المعدوم مع الضميمة في بعض الموارد فان قلت كيف يمكن بيع المعدوم مع ان البيع نقل الملك ولا ملك الا في الموجود قلت اللازم في البيع تحقق النقل حال البيع لا تحقق الملك حينئذ لجواز نقل الملك المتحقق غدا او بعد شهر اليوم كما في نقل المنفعة في الاجارة سيما اذا لم يكن مبدئها متصلا بالعقد والحاصل ان البيع نقل الملك إلى الغير بالفعل سواء كان الملك ايضا ملكا فعليا او قويا مترقب الحصول فيكون معنى بعتك حينئذ انى نقلت الان الملك الذى حصل لى بعد مدة كذا اليك بعوض كذا ثم بعد تحقق البيع يلزم عليه التحصيل من باب مقدمة التسليم الواجب عليه حين حلول الاجل ومن هذا يتصح بيع ما في الذمة حالا ايضا وان كان موجودا في الخارج لكن لا في ملك البايع كبيع قفيز حنطة اذا لم يملكه البايع فانه ايضا نقل ملك مترقب الحصول او مقطوع الحصول بقصد البايع وهذا ايضا امر مخالف لاصل اشتراط الملكية الحالية خرج عنه بالاخبار والاجماع.

(عائدة) معنى الملكية والمالية وما يراد فهما من الالفاظ معنى اضافى لا يتحقق الا مع وجود مالك ومتمول وهذا المعنى الاضافى بحكم العرف والتبادر عبارة عن اختصاص خاص وربط مخصوص معهود بين المالك والمتمول والمال موجب للاستبداد والاقتدار على التصرف فيه نفرد او ماله ذلك الاختصاص المعهود بالنسبة إلى شخص هو الملك والمال ومعنى الملكية والمالية والملك والمال معنى عرفى او لغوى لا يتوقف معرفته على توقيف من الشرع ولا على دليل شرعى بل يجب فيها الرجوع إلى العرف واللغة كما هو الشان في ساير الالفاظ التى لم يثبت لها حقايق شرعية ولكن ثبوت ذلك الاختصاص والربط الشئ بالنسبة إلى شخص حتى يصدق عليه عرفا انه ملك وماله لكونه امرا حادثا متجددا يتوقف على دليل وذلك كما ان امراة زيد مثلا هى في العرف من يثبت احقيته بضعها لزيد وله وطيها ولكن لا يكفى العرف في ثبوت هذه الاحقية والجواز بل لابد من دليل ليه فمعنى امراة زيد معنى عرفى او لغوى ولكن تحقق ذلك المعنى العرفى او اللغوى يحتاج إلى دليل وكذلك وجوب شئ له معنى

٤٠