أشهد أن عليا ولي الله في الأذان

أشهد أن عليا ولي الله في الأذان0%

أشهد أن عليا ولي الله في الأذان مؤلف:
الناشر: الاجتهاد
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 595

أشهد أن عليا ولي الله في الأذان

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد علي الشهرستاني
الناشر: الاجتهاد
تصنيف: الصفحات: 595
المشاهدات: 149978
تحميل: 11574

توضيحات:

أشهد أن عليا ولي الله في الأذان
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 595 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 149978 / تحميل: 11574
الحجم الحجم الحجم
أشهد أن عليا ولي الله في الأذان

أشهد أن عليا ولي الله في الأذان

مؤلف:
الناشر: الاجتهاد
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الأذان الذي يكرره الإنسان في اليوم والليلة، ولكن لمّا أوصد سلطان الضلال الأبواب على الأئمةعليهم‌السلام كما تشهد به جدران الحبوس وقعر السجون المظلمة لم يجد الإمام بدّاً من اختيار هذا النحو من البيان لعلمه بتأثير كلامه في نفوس الشيعة وقيامهم بما يأمرهم به في كلّ الأحوال، وأهمّها حال الأذان، لأنّه وجه العبادة ومفتاح الأصول إلى ساحة الجلال الإلهي، وهذا لطفٌ من إمام الأمةعليه‌السلام بشيعته لينالوا الدرجات العالية وأقصى المثوبات، ومن هنا يمكن دعوى اتّصال سيرة العلماء والمتديّنين على الجهر بالولاية في الأذان في صلواتهم بزمان المعصومعليه‌السلام ، وهذه السيرة من العلماء مع العمومات الآمرة بالولاية في كلّ الأحوال في السرّ والعلانية تصدّ دعوى البدعة، فالشهادةُ بالولاية لأمير المؤمنين في الأذان والإقامة ممّا لا ريب في رجحانه(١) .

٨٨ - السيّد الحكيم (ت ١٣٩٠ هـ)

قال السيّد الحكيم في(المستمسك) :

 الظاهر منالمبسوط إرادة نفي المشروعية بالخصوص، ولعلّه أيضاً مراد غيره، لكنّ هذا المقدار لا يمنع من جريان قاعدة التسامح على تقدير تماميتها في نفسها، ومجرّد الشهادة بكذب الراوي لا يمنع من احتمال الصدق الموجب لاحتمال المطلوبية، كما أنّه لا بأس بالإتيان به بقصد الاستحباب المطلق؛ لما في خبرالاحتجاج (إذا قال أحدكم: لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، فليقل:

____________________

(١) سر الإيمان، للمقرم: ٧٥ - ٧٦.

٤٤١

علي أمير المؤمنين)، بل ذلك في هذه الأعصار معدود من شعائر الإيمان ورمز إلى التشيع، فيكون من هذه الجهة راجحاً شرعاً، بل قد يكون واجباً، لكن لا بعنوان الجزئية من الأذان، ومن ذلك يظهر وجه ما فيالبحار من أنّه لا يبعد كون الشهادة بالولاية من الأجزاء المستحبّة للأذان؛ لشهادة الشيخ والعلاّمة والشهيد وغيرهم بورود الأخبار بها، وأُيد ذلك بخبر القاسم بن معاوية..(١) .

وقالرحمه‌الله في(منهاج الصالحين) :

 وتستحبّ الصلاةُ على محمد وآله عند ذكر اسمه الشريف، وإكمالُ الشهادتين لعليّ بالولاية وإمرة المؤمنين في الأذان وغيره(٢) .

٨٩ - السيّد الخميني (ت ١٤٠٩ هـ)

قال السيّد الإمام الخميني في(الآداب المعنوية):

 قد ورد في بعض الروايات غير المعتبرة أن يقال بعد الشهادة بالرسالة في الأذان: (أشهد أن عليّاً وليّ الله) مرّتين، وفي بعض الروايات: (أشهد أن عليّاً أمير المؤمنين حقاً) مرّتين، وفي بعض آخر: (محمد وآل محمد خير البرية)، وقد جعل الشيخ الصدوقرحمه‌الله هذه الروايات من موضوعات المفوّضة وكذّبها، والمشهور بين العلماء (رضوان الله عليهم) عدم الاعتماد بهذه الروايات، وجعل بعض المحدّثين هذه الشهادة جزءاً مستحبّاً من جهة التسامح في

____________________

(١) مستمسك العروة الوثقى ٥: ٥٤٥.

(٢) منهاج الصالحين: ١٢٩ الطبعة السابعة.

٤٤٢

أدلّة السنن، وهذا القول ليس ببعيد عن الصواب وإن كان أداؤها بقصد القربة المطلقة أولى وأحوط، لأنّه يستحب بعد الشهادة بالرسالة الشهادة بالولاية وإمارة المؤمنين كما ورد في حديثالاحتجاج عن قاسم بن معاوية؛ قال: (قلت لأبي عبدالله: هؤلاء يروون حديثاً في معراجهم أنّه لما أسري برسول الله رأى على العرش مكتوباً: لا إله إلاّ الله محمد رسول الله أبو بكر الصدّيق، فقال: سبحان الله غيّروا كل شيء حتى هذا؟! قلت نعم، قال: (إن الله عزّ وجل لما خلق العرش كتب عليه: لا إله إلاّ الله محمد رسول الله عليّ أمير المؤمنين، ولما خلق الله عزّ وجلّ الماء كتب في مجراه: لا إله إلاّ الله محمد رسول الله عليّ أمير المؤمنين)، ثمّ تذكر الرواية كتابة هذه الكلمات على قوائم الكرسي واللوح وعلى جبهة إسرافيل وعلى جناحي جبرائيل وأكناف السماوات وأطباق الأرضين ورؤوس الجبال وعلى الشمس والقمر، ثم قال: (فإذا قال أحدكم: لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، فليقل: عليّ أمير المؤمنين).

 وبالجملة: هذا الذكر الشريف يستحبّ بعد الشهادة بالرسالة مطلقاً، وفي فصول الأذان لا يبعد استحبابه بالخصوص وإن كان الاحتياط يقتضي أن يؤتى به بقصد القربة المطلقة لا بقصد الخصوصية في الأذان؛ لتكذيب العلماء الأعلام تلك الروايات(١) .

____________________

(١) الآداب المعنوية: ٢٦٤ - ٢٦٥.

٤٤٣

٩٠ - السيّد الخوئي (ت ١٤١٣ هـ)

قال السيّد الخوئي في(المستند في شرح العروة الوثقى) وبعد أن نقل كلام الشيخ الصدوق فيالفقيه والشيخ فيالنهاية والمبسوط:

ونحوه ما فيالمنتهى ، وغيره من كلمات الأصحاب، هذا وربّما يتمسّك لإثبات الاستحباب بقاعدة التسامح نظراً إلى ما سمعته من ورود الشهادة الثالثة في شواذّ الأخبار، وفيه مضافاً إلى أنّ القاعدة غير تامّة في نفسها، إذ لا يثبت بها إلاّ الثواب دون الاستحباب، لتكون الشهادة من فصول الأذان وأجزائها المستحبة كما فصّلنا البحث حوله في الأصول(١) أنّه على تقدير تسليمها فهي خاصّة بصورة بلوغ الثواب فحسب لا بلوغه مع بلوغ عدمه كما في المقام، حيث إنّ الراوي، وهو الشيخ الصدوق، قد بلغنا عنه القطع بكذب تلك الرواية وعدم الثواب على الشهادة.

 أضف إلى ذلك: أنّها لو كانت جزءاً من الأذان لنقل ذلك عن المعصومعليه‌السلام ولفعله ولو مرّة واحدة، مع أنّ الروايات الحاكية للأذان خالية عن ذلك بتاتاً.

 نعم، قد يقال: إنّ روايةالاحتجاج تدلّ عليه بصورة العموم، فقد روى الطبرسي فيالاحتجاج عن القاسم بن معاوية، عن الصادقعليه‌السلام : (أنّه إذا قال أحدكم: لا إله إلاّ الله محمّد رسول، فليقل: علي أمير المؤمنين)(٢) ، لكنّها لضعف سندها غير صالحة للاستدلال إلاّ بناءً على قاعدة التسامح، ولا نقول بها كما عرفت.

____________________

(١) مصباح الأصول ٢: ٣١٩.

(٢) الاحتجاج ١: ٣٦٦ / ٦٢.

٤٤٤

 ولعلّ ما فيالبحار من كون الشهادة من الأجزاء المستحبة(١) مستند إلى هذه الرواية، أو ما عرفته من شهادة الصدوق والشيخ وغيرهما بورود النصوص الشاذّة.

 هذا، ولكنّ الذي يهوّن الخطب أنّنا في غنى من ورود النص، إذ لا شبهة في رجحان الشهادة الثالثة في نفسها بعد أن كانت الولاية من متمّمات الرسالة ومقوّمات الإيمان، ومن كمال الدين بمقتضى قوله تعالى:( الْيَومَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) (٢) ، بل من الخمس التي بني عليها الإسلام، ولا سيّما وقد أصبحت في هذه الأعصار من أجلى أنحاء الشعار وأبرز رموز التشيع وشعائر مذهب الفرقة الناجية، فهي إذن أمر مرغوب فيه شرعاً وراجح قطعاً في الأذان وغيره، وإن كان الإتيان بها فيه بقصد الجزئية بدعة باطلة وتشريعاً محرّماً حسبما عرفت، ويستدل له برواية أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : (قال: لو أنّ مؤذّناً أعاد في الشهادة أو في "حيّ على الفلاح" المرتين والثلاث وأكثر من ذلك إذا كان إماماً يريد به جماعة القوم ليجمعهم لم يكن به بأس)(٣) .

وقال السيّد في جواب له على سؤال وُجِّه إليه:

 وقد جرت سيرة العلماء الأبرار على الشهادة بالولاية في الأذان والإقامة لا بقصد الجزئية منذ عهد بعيد من دون نكير من أحدهم، حتى أصبح ذلك شعاراً للشيعة ومميّزاً لهم عن غيرهم، ولا ريب

____________________

(١) البحار ٨١: ١١١.

(٢) المائدة ٥: ٣.

(٣) مستند العروة الوثقى ١٣: ٢٥٩ - ٢٦٠، والخبر في الوسائل ٥: ٤٢٨ / أبواب الأذان والإقامة ب ٢٣ / ح ١.

٤٤٥

 في أنّ لكل أمّة أن تأخذ ما هو سائغ في نفسه، بل راجح في الشريعة المقدّسة شعاراً لها(١) .

هذا، وقد أفتى غالب من عاصرناهم من الفقهاء كالسيّد الميلاني، والسيّد الشاهرودي، والسيّد الكلبايگاني، والسيّد الخونساري وغيرهم بما قاله من سبقهم من الأعلام بجواز الإتيان بها بقصد القربة المطلقة ولرجاء المطلوبية وللتيمّن والتبرّك، ولامتثال الأخبار الواردة في الإتيان بالشهادة بالولاية بعد الشهادة بالرسالة. أمّا القول بالجزئية، فالكلّ ينفونه. ولا نرى ضرورة في التفصيل أكثر من هذا في نقل أقوال فقهاءنا العظام، ففيما نقلناه عنهم كفاية وغنىً إن شاء الله.

____________________

(١) شرح رسالة الحقوق ٢: ١٢٧ كما في الشهادة الثالثة للشيخ محمد السند: ٣٣٩.

٤٤٦

الخلاصة:

تلخص مما سبق أنّ فقهاء الإمامية وعبر جميع القرون كانوا يجيزون الإتيان بالشهادة الثالثة إمّا لمحبوبيتها الذاتية، أو بقصد القربة المطلقة، أو لامتثال العمومات والأخبار الواردة في اقتران الشهادات الثلاث، أو لكونها صارت شعاراً ورمزاً للشيعة، إلى غيرها من التخاريج الفقهية التي صرّحوا بها في مصنفاتهم. وفي الوقت نفسه أنكر الجميع الإتيان بها بقصد الجزئية، وحتّى المتشدّدين من الإمامية في أمر الولاية كالشيخ أحمد الأحسائي (ت ١٢٤١ هـ) والشيخ محمّد كريم خان الكرماني (ت ١٢٨٨ هـ)، والشيخ زين العابدين الكرماني (ت ١٣٦٠ هـ) وغيرهم من الذي سماهم الخالصي بمفوضة هذا العصر، كانوا لا يجيزون الإتيان بها بقصد الجزئية.

نعم، بعض المتأخّرين من أتباع محمد حسن گوهر (ت ١٢٥٧ هـ) وهم الأسكوئية اليوم، وبعض أتباع محمد كريم خان الكرماني، قالوا بالجزئية لكنّ ذلك رأي لا يعتدّ به.

ولا يخفى عليك أنّ بعض الكتّاب استظهروا من كلام بعض فقهائنا القدماء والمتأخّرين أنّهم كانوا ينكرون الشهادة الثالثة، في حين إنّ هذا النقل عنهم ليس بدقيق، لأنّ هؤلاء الفقهاء قد أشاروا إلى وجه من المسألة تاركين الوجه الآخر منه، إذ الإتيان بها بقصد القربة المطلقة أو لما فيها من الرجحان الذاتي لا يمكن لأحد إنكاره، فالشيخ في(النّهاية) ، أو الشهيد في(روض الجنان) أو المقدّس الأردبيلي في(مجمع الفائدة والبرهان) ، أو الشيخ جعفر في(كشف الغطاء)، أشاروا إلى جانب من المسألة تاركين الوجه الآخر منه.

قال الشيخ أحمد الأحسائي (ت ١٢٤١ هـ) في رسالته العملية المسماة ب

٤٤٧

( الحيدرية) : وأمّا قول (أشهد أنّ عليّاً ولي الله) و(محمد وآل محمد خير البرية) في الأذان فلا يعمل عليه وليس من فصول الأذان وإن كان حقّاً، بل قال ابن بابويه: إنّه من موضوعات المفوّضة(١) .

وقال الشيخ محمد كريم خان الكرماني في(الجامع لأحكام الشرائع) بعد أن ذكر عدد فصول الأذان وأنّها ثمانية عشر فصلاً، قال: وروي أنّه عشرون فصلاً بزيادة تكبيرتين بعد التكبيرتين الأخيرين، وروي سبعة عشر بجعل التهليل مرّة، والكلّ موسّع، والإقامة سبعة عشر على ما هو المعروف، وروي أنّها عشرون بزيادة التكبيرتين بعد الأوّلتين، وروي أنّها اثنان وعشرون بجعل التكبيرتين الأخيرتين أيضاً أربعاً، والكلّ موسّع.

وفصول الأذان: التكبير، والشهادة بالتوحيد والرسالة والحيعلات الثلاث، والتكبير، والتهليل، ويزاد في الإقامة: (قد قامت الصلاة)، والشهادة بالولاية بنفسها مستحبة مطلقاً بعد ذكر التوحيد والرسالة ويشهد بإمرة المؤمنين)(٢) .

وقال في كتابه الأخر(فصل الخطاب) : أمّا ورود الرواية فثبت لإقراره(٣) ، وأمّا كونهم مفوّضة وكون رواياتهم مجعولة فيحتاج إلى تأمل وتثبّت، ولا شكّ أنّ الروايات لا تنافي كتاباً ولا سنة، مع أن اليوم بناء الشيعة قاطبة على العمل بها بحيث من تركها سمّوه سنيّاً.

أمّا ابنه الشيخ محمد بن محمد كريم خان (ت ١٣٢٤ هـ) فقد ذهب إلى الجزئية، فقال في رسالته باللغة الفارسية(الوجيزة في الأحكام الفقهية) : فصول

____________________

(١) حكى ذلك الشيخ عبد الرضا الإبراهيمي أحد علماء الشيخية في العصر الأخير قائلاً: نسخة من هذه الرسالة موجودة في مكتبتي بخط الشيخ الأحسائي، انظر (شهادت ثالثة): ٤٧ لعبد الرضا الإبراهيمي.

(٢) الجامع لاحكام الشرائع: ١١٥ الطبعة الأولى في سنة ١٣٦٧ هـ مطبعة السعادة / كرمان إيران.

(٣) الضمير يعود للصدوقرحمه‌الله .

٤٤٨

الأذان أن تقول: (الله أكبر) أربع مرّات، و(أشهد أن لا إله إلاّ الله) مرتين، و(أشهد أن محمّداً رسول الله) مرّتين، و(أشهد أنّ عليّاً أمير المؤمنين ولي الله) مرّتين، (حيّ على الصلاة) مرتين، (حيّ على الفلاح) مرتين، (حيّ على خير العمل) مرتين. والإقامة مثلها إلاّ أن تقول في أوّلها التكبير مرتين وفي آخرها (لا إله إلاّ الله) مرة واحدة(١) .

أمّا زين العابدين بن محمد كريم خان (ت ١٣٦٠ هـ) فقد كتب رسالته العملية بعد وفاة أخيه محمد، واسمها(الموجز في أحكام الطهارة والصلاة والصوم والاعتكاف والخمس والزكاة) والذي طبع في مطبعة السعادة ببلدة كرمان سنة ١٣٥٠ هـ، جاء فيها:

فصل في كيفية الأذان: الأخبارُ في فصول الأذان والإقامة مختلفة، والكلّ موسّع، إلاّ أنّ المشهور أنّها خمسة وثلاثون، ففي الأذان أربع تكبيرات، ثمّ أشهد أن لا إله إلاّ الله، أشهد أنّ محمداً رسول الله، حيّ على الصلاة، حي على الفلاح، حي على خير العمل، الله أكبر، لا إله إلاّ الله، كلها مثنى مثنى فهي ثمانية عشر، وفي الإقامة سبعة عشر بنقص تكبيرتين من الأوّل وتهليلة من الآخر، وزيادة (قد قامت الصلاة) مرّتين قبل التكبيرتين الأخيرتين.

روى عن أبي سلمان(٢) راعي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: ليلةَ أُسري بي إلى السماء قال لي الجليل جلّ جلاله.. وساق الحديث إلى أن قال: ثمّ اطلعت الثانية فاخترت منها علياً، وشققت له اسما من أسمائي، فلا أُذْكَرُ في موضع إلاّ ذُكِرَ معي، فأنا الأعلى وهو عليّعليه‌السلام الحديث.

____________________

(١) الوجيزة في الأحكام الفقهية: ٧٥، لمحمّد بن محمد كريم خان طبعة حجرية لم يذكر فيها تاريخ الطبع والمطبعة التي طبعتها إلاّ أن في آخرها: وقد حصل الفراغ من تسويدها قبل الظهر يوم الخميس ثالث عشر من شهر شعبان ١٢٩٧ هـ.

(٢) كذا في المطبوع، والصواب (أبي سلمى). انظر قاموس الرجال ١١: ٣٥٤ وتقريب التهذيب ٢: ٤٠٩.

٤٤٩

وعن القاسم بن معاوية بن عمار عن أبي عبداللهعليه‌السلام في حديث ذكر فيه أنّ الله عزّ وجلّ لمّا خلق العرش كتب على قوائمه (لا إله إلاّ الله محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّ أمير المؤمنينعليه‌السلام ) وكذا على الماء والكرسي واللوح وإسرافيل وجبرئيل والسماوات والأرضين والجبال والشمس والقمر، إلى أن قال: فإذا قال أحدكم: لا إله إلاّ الله محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فليقل: عليّ أمير المؤمنينعليه‌السلام .

أقول: فذكرُ عليٍّ أمير المؤمنينعليه‌السلام بنفسه مستحبّ مندوبٌ إليه أينما ذكر التوحيد والرسالة، ولا نحكم بأنّه من أجزاء الأذان، ونفى المجلسيرحمه‌الله والمحدث البحراني البعد من أن يكون من الأجزاء المستحبة للأذان؛ لشهادة الشيخ والعلاّمة والشهيد وغيرهم بورود الأخبار بها، وقال شيخ الجواهر: لولا تسالم الأصحاب لأمكن دعوى الجزئية، وعن العلاّمة الطباطبائي في منظومته عند ذكر سنن الأذان وآدابه:

وأكمل الشهادتين بالّتي

قد أُكمل الدين بها في الملّةِ(١)

وقال الشيخ الميرزا حسن الأسكوئي في(أحكام الشيعة) : فصول الأذان ثمانية عشر ومع الشهادتين عشرون.. إلى أن يقول: الشهادة الثالثة وهي (أشهد أن عليّاً أمير المؤمنين ولي الله) ولو أنّها ظاهراً ليست من فصول الأذان والإقامة وأجزائهما ولكنّها ركن الإيمان وكمال الدين ورمز التشيع فلا ينبغي تركها بنيّة الزينة والاستحباب.

بل أقول كما قال صاحب الجواهر في جواهره: لولا تسالم الأصحاب لأمكن ادّعاء جزئيتها بناءً على صلاحية العموم في مشروعية الخصوص. لقول أبي عبدالله الصادقعليه‌السلام المروي عن قاسم في احتجاج الطبرسي (إذا قال أحدكم: لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله، فليقل: علي أمير المؤمنين) وغيره من الأخبار.

____________________

(١) الموجز: ١٧٤ - ١٧٥.

٤٥٠

وقال المرحوم أخي المعظم في رسالته العملية(منهاج الشيعة) : ولولا الاتّفاق على عدم جزئيّتها لأمكن القول بها لعموم بعض الأخبار (من قال محمّد رسول الله فليقل على ولي الله)... كما أنه من قال: لا إله إلاّ الله، فليقل: محمد رسول الله، بل اسم عليّعليه‌السلام توأم مع اسم أخيه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كلّما يذكر اسمه أو يكتب في الألواح، والأشباح، والسماوات، والأرضين، بل والدنيا والآخرة، فاسم أخيه وابن عمه وصهره عليعليه‌السلام مذكور ومكتوب معه... كما فيالاحتجاج عن القاسم بن معاوية ابن عمار، قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : هؤلاء يروون حديثاً في معراجهم أنّه لمّا أسري برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رأى على العرش: لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله أبو بكر الصديق، فقالعليه‌السلام : سبحان الله !! غيّروا كل شيء حتى هذا؟! قلت نعم... إلى آخر الخبر(١) .

وعليه فالمشهور بين الإمامية بجميع أطيافها وتشعبّاتها هو حرمة الإتيان بها بقصد الجزئية، وجواز ما عدا ذلك.

____________________

(١) أحكام الشيعة ٢: ٣٤.

٤٥١

٤٥٢

الفصل الثالث: الشهادة الثالثة، الشعار والعبادة

٤٥٣

٤٥٤

يقع الكلام في هذا الفصل في عدة مراحل:

الأولى: توضيح معنى الشّعاريّة لغة واصطلاحاً وبيان بعض تطبيقاتها.

الثانية: وجوب الحفاظ على الشعائر، لأنّها طاعة لله ولرسوله، ولأَولي الأمر المفروض علينا طاعتهم.

الثالثة: كون ولاية علي من الشّعائر الإيمانية.

الرابعة: كيفية إدخال هذه الشعيرة في الأمور العبادية ومنها الأذان.

فالشعار والشعيرة والشعائر لغةً بمعنى العلَامَة، وهي كُلُّ ما أُشعر إلى البيت أو المسجد أو الطريق، ولكلِّ ما جُعِل علماً لطاعة الله، قال الخليل: ومنه ليت شعري، أي عِلْمِي، وما يشعرك وما يدريك. ومنهم من يقول: شَعَرْتُهُ: عقلته وفهمته(١) .

وقال الجوهرى:... والمشاعر الحواسّ، والشعار: ما وَلِيَ الجسدَ من الثياب، وشعار القوم في الحرب: علامتهم ليعرف بعضهم بعضاً(٢) .

وقال الفيروزآبادي: وأشعره الأمر به أعلمه، وأشعرها: جعل لها شعيرة، وشعار الحجّ: مناسكه وعلاماته، والشعيرة والشعارة والمشعر: معظمها، أو

____________________

(١) العين ١: ٢٥١: مادة: شعر.

(٢) الصحاح ٢: ٦٩٩، مادة: شعر.

٤٥٥

 شعائره: معالمه التي ندب الله إليها وأمر بالقيام بها(١) .

وقال ابن فارس: الشعار: الذي يتنادى به القوم في الحرب ليعرف بعضهم بعضاً، والأصل قولهم شَعَرت بالشيء، إذا علمته وفطنت له(٢) .

وشرعاً: ما يؤدّى من العبادات على سبيل الاشتهار بحيث يكون علامة لطاعة الله و إعلاماً لدينه. (وهي مأخوذة من الإشعار وهي الإعلام من جهة الإحساس ومنه مشاعر البدن وهي الحواس، والمشاعر أيضاً هي المواضع التي قد أشعرت بالعلامات)(٣) .

( وشعائر الله يُعني بها هي جميع متعبّدات الله التي أشعرها الله، أي جعلها أعلاماً لنا، وهي كلّ ما كان من موقف أو مسعى أو مذبح، و إنما قيل: شعائر الله، لكلّ عَلَم تعبد به، لأنّ قولهم: شعرت به، علمته، فلهذا سمّيت الأعلام التي هي متعبّدات للهِ شعائر)(٤) ، وقال الحسن: شعائر الله دين الله تعالى(٥) .

وهذه الشعائر بعضها منصوصة في الذكر الحكيم كالبُدْن(٦) ، والصفا والمروة(٧) والمشعر(٨) ، وأخرى موجودة كقواعد كلية في الذكر الحكيم وكلام سيّد المرسلين وأولاده المعصومين، كالحبّ في الله والبغض في الله، وجاءت في مواطن عديدة وعلى لسان الشارع المقدس بحيث

____________________

(١) القاموس المحيط ١: ٥٣٤.

(٢) مقاييس اللغة ٣: ١٩٤.

(٣) أحكام القرآن للجصاص ٢: ٢٩٩.

(٤) التهذيب، للأزهري ١: ٢٦٦.

(٥) عمدة القارئ ٩: ٢٨٥.

(٦)( وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاَها لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيَها خَيْرٌ ) (الحج: ٣٦).

(٧)( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ) (البقرة: ١٥٨).

(٨)( فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَات فَاذْكُرُواْ اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ) (البقرة: ١٩٨).

٤٥٦

 يستفاد منها هذه الكلية ومن تلك المواضيع الإشهاد بالولاية لعلي بن أبي طالب، مصداقاً لقول الصادقعليه‌السلام : رحم الله من أحيا أمرنا(١) .

وعليه فالبحث في الشعائر، تارة يكون عن شعائر الإسلام، وأُخرى عن شعائر الإيمان.

إذن الشعار لغة: العلاّمة المميزة لكل دين أو طائفة أو معتقد، بل لكل حزب وشريحة اجتماعية أو وطنية، ولأجل هذا نرى لكل دولة، ومؤسسة ثقافية، أو اجتماعية، أو خيرية، أو وطنية شعاراً خاصاً بها يحمل هويتها ويميزها عن غيرها، وقد يلحظ هذا داخل الدين الواحد أو الحزب الواحد أو المؤسسة الواحدة.

فهنا سؤال يطرح نفسه: هل الإسلام غير التشيع والتشيع غير الإسلام، فما يعني التفريق بين الأمرين والقول هذا من شعائر الإيمان وذاك من شعائر الإسلام؟

الجواب:

كلا، التشيع هو الإسلام الصحيح الناصع، وشعارنا هو شعار الإسلام، لكن القوم أردوا تحريفه بغضاً لعلي الذي جعله الله علماً لهذا الدين، وإنّ دعوتنا بل دعوة رب العالمين ألزمتنا إلى أن نميز أنفسنا عن الذين حرّفوا هذا الدين، بدعوى أنهم خلفاء الرسول والأمناء على الشريعة والأمة.

فعن الصادقعليه‌السلام أنّه قال: أتدري لم أُمرتم بالأخذ بخلاف ما تقول العامة؟ فقلت: لا أدري فقال: إن علياً لم يدين الله بدين إلاّ خالفت عليه الأمة إلى غيره إرادة لإبطال أمره، وكان يسألون أمير المؤمنين عن الشيء الذي لا يعلمونه،

____________________

(١) قرب الإسناد: ٣٦ / ح ١١٧، اختصاص المفيد: ٢٩، أمالي الطوسي: ١٣٥ / ح ٢١٨.

 

٤٥٧

 فإذا أفتاهم، جعلوا له ضداً من عندهم، ليلبسوا على الناس(١) .

وعن الباقرعليه‌السلام : الحكم حكمان حكم الله عزّ وجلّ وحكم أهل الجاهلية، وقد قال الله عزّ وجلّ:( وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْم يُوقِنُونَ ) وأشهد على زيد بن ثابت لقد حكم في الفرائض بحكم الجاهلية(٢) .

وعن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر [الباقر] يقول: ليس عند أحد من الناس حق ولا صواب ولا أحد من الناس يقضي بقضاء حق إلاّ ما خرج من عندنا أهل البيت، وإذا تشعبت بهم الأمور كان الخطأ منهم والصواب من علي(٣) .

بلى، إن القوم سعوا إلى تحريف كل ما يمت إلى علي وآله بصله، فحذف عمر الحيعلة الثالثة، وادعوا أن تشريع الأذان كان منامياً لا سماوياً للتشكيك فيما نقل به من مشاهدات لرسول الله عند الإسراء والمعراج، وقالوا بأن اسم أبي بكر موجود على ساق العرش بدل اسم الإمام علي، كل هذه التحريفات والأحقاد دعتنا للإصرار على ما حذفوه، والإتيان بكل ما يمت إلى الدين بصلة.

ومن ذلك أنّهم جعلوا شعارهم لختمة القران: (صدق الله العظيم) حصراً دون غيره، متناسين ما قاله الله عن نفسه:( لَهُ مَا فِي السَّماوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ) (٤) ، وقوله تعالى( وَلاَ يَؤُدُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ) (٥) كل ذلك بغضاً لعلي، أو اعتقاداً منهم بأن الشيعة تعتقد بألوهية الإمام علي بن أبي طالب إلى غيرها من الترهات، مع أن جملة (العلي العظيم) موسعه على المسلم وواردة في الذكر الحكيم رفضوها بغضاً لهعليه‌السلام ليس إلاّ، وإليك الآن بعض النصوص على ترك

____________________

(١) علل الشرائع: ٣١ / ١، وعنه في وسائل الشيعة ٢٧: ١١٦.

(٢) الكافي ٧: ٤٠٧ / ح ١ التهذيب ٦: ٢١٧ / ح ٥١٢، وعنهما في وسائل الشيعة ٢٧: ٢٣.

(٣) الكافي ١: ٣٢٩ / ح ١، وعنه في وسائل الشيعة ٢٧: ٦٨.

(٤) الشورى: ٤.

(٥) البقرة: ٢٥٥.

٤٥٨

العامّة للسنة النبوية مخالفة لعلي ولنهجه:

عن سعيد بن جبير، قال: كنت مع ابن عباس بعرفات فقال لي: مالي لا اسمع الناس يلبون؟

قلت: يخافون من معاوية.

فخرج ابن عباس من فسطاطه، فقال: لبيك اللهم لبيك لبيك فإنهم تركوا السنة من بغض علي(١) .

وقال الإمام الرازي في تفسيره: أن علياً كان يبالغ في الجهر بالتسمية في الصلاة، فلما وصلت الدولة إلى بني أمية بالغوا في المنع من الجهر، سعياً في إبطال آثار علي(٢) .

قال ابن أبي هريرة: إن الجهر بالتسمية [أي البسملة] إذا صار في موضع شعاراً للشيعة فالمستحب هو الإسرار بها، مخالفة لهم(٣) .

قال المناوي عنه شرحه خطبة السيوطي فيالجامع الصغير والتي فيها الصلاة على محمد وعلى آل محمد : قلت: نعم، وهي الإشارة إلى مخالفة الرافضة والشيعة؛ فإنّهم مطبقون على كراهة الفصل بين النبي وآله بلفظ (على) وينقلون في ذلك حديثاً...(٤) .

وقال ابن حجر فيفتح الباري : وتكره الصلاة في غير الأنبياء لشخص مفرد بحيث يصير شعاراً كما يفعله الرافضة، فلو اتفق وقوع ذلك مفرداً في بعض

____________________

(١) سنن النسائي (المجتبى) ٥: ٢٥٣ / ح ٣٠٠٦، وهو في صحيح بن خزيمة ٤: ٢٦٠ / ح ٢٨٣٠، وفي مستدرك الحاكم ١: ٦٣٦ / ح ١٧٠٦، قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

(٢) تفسير الرازي ١: ٢٠٦.

(٣) فتح العزيز ٥: ٢٣٣ - ٢٣٤.

(٤) فيض القدير ١: ٢٤.

 

٤٥٩

الأحايين من غير أن يكون شعاراً فلا بأس به(١) .

وقال ابن أبي هريرة أيضاً: الأفضل الآن العدول من التسطيح في القبور إلى التسنيم؛ لأنّ التسطيح صار شعاراً للروافض، فالأولى مخالفتهم وصيانة الميت وأهله عن الاتهام بالبدعة(٢) .

ونقل الكشي عن بعض شراح صحيح مسلم قوله: إنّما ترك القول بالتكبيرات الخمس في صلاة الميت إلى القول بالأربع؛ لأنّه صار علماً للتشيع(٣) .

وقال ابن أبي هريرة: ويستحب ترك القنوت في صلاة الصبح؛ لأنّه صار شعار قوم من المبتدعة؛ إذ الاشتغال به تعريض النفس للتهمة(٤) .

وفيشرح الزرقاني على المواهب اللدنية : لما صار إرخاء العذبة من الجانب الأيمن شعاراً للإمامية فينبغي تجنبه(٥) .

وقال الغزالي: تسطيح القبور عند الشافعي أفضل من تسنيمها، لكن التسنيم الآن أفضل مخالفة لشعار الروافض، حتى ظن ظانون إن القنوت إن صار شعاراً لهم كان الأولى تركه، هذا بعيد في إبعاض الصلاة، وإنما نخالفهم في هيئات مثل التختم في اليمين وأمثاله(٦) .

وقال الحلواني عنصدر الإسلام : وجب التحرز عن التختم باليمين لأنه من شعار الروافض(٧) .

____________________

(١) فتح الباري ١١: ١٤٦.

(٢) فتح العزيز ٥: ٢٣١ - ٢٣٢.

(٣) رجال الكشي ١: ١٦٧.

(٤) فتح العزيز ٣: ٤٣٥.

(٥) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ٥: ١٣.

(٦) الوسيط ٢: ٣٨٩.

(٧) كشف الأسرار ٤: ٥٥.

٤٦٠