نهاية المرام الجزء ١

نهاية المرام0%

نهاية المرام مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 484

نهاية المرام

مؤلف: صاحب المدارك السيد العاملي
تصنيف:

الصفحات: 484
المشاهدات: 51521
تحميل: 5430


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 484 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 51521 / تحميل: 5430
الحجم الحجم الحجم
نهاية المرام

نهاية المرام الجزء 1

مؤلف:
العربية

يقع عليها، فإذا وقع عليها فلا(١) .

اذا تقرر ذلك، فنقول: الجنون هو فساد العقل، فمتى تحقق فساد العقل بأي سبب اتفق وعلى أي وجه كان، دائما أو أدوارا، تحقق معه الحكم.

والجذام والبرص مرضان معروفان فمتى تحقق احدهما في الزوجة تسلط الزوج بذلك على فسخ النكاح، ومع اشتباه الحال يرجع فيه إلى طبيبين عدلين او إخبار جماعة يفيد قولهم العلم، وبدون ذلك يتمسك بأصل اللزوم.

واما القرن، فقيل: انه العفل، وبه صرح ابن الاثير في نهايته، فانه قال: القرن بسكون الراء شئ يكون في فرج المرأة كالسن يمنع من الوطء، ويقال له العفلة.

وربما ظهر من كلام ابن دريد في الجمهرة تغايرهما، فانه قال: ان القرناء هي التي يخرج قرنة رحمها، قال: والاسم، القرن.

وضبطها(٢) محركة مفتوحة، وقال في العفل انه غلظ في الرحم، وقال في القاموس: العفل والعفلة محركتين شئ يخرج من قبل النساء (المرأة خ)، وحياء الناقة كالادرة من الرجال.

ولم أقف في كلامه على ذكر القرن، والاصح انهما واحد كما تضمنته صحيحة عبدالرحمان بن أبي عبدالله(٣) .

والظاهر ان المراد منهما ان يكون في الفرج شئ من عظم او لحم يمنع من الوطء.

وفي صحيحة أبي الصباح، قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام ، عن رجل

____________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ١ من ابواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٥٩٣.

(٢) يعني ضبط ابن دريد القرن بحركات للقاف والراء.

(٣) لاحظ الوسائل باب ١ حديث ١ من ابواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٥٩٣.

*

٣٢١

[والافضاء، والعمى والاقعاد].

تزوج امرأة فوجد بها قرنا، قال: هذا لا تحبل ولا تقدر زوجها على مجامعتها يردها على اهلها صاغرة، ولا مهر لها، قلت: فان كان دخل بها؟ قال: ان كان علم بذلك قبل ان ينكحها يعني المجامعة ثم جامعها فقد رضي بها، وان لم يعلم الا بعد ما جامعها، فان شاء بعد أمسك، وان شاء طلق(١) .

ويستفاد من هذه الرواية أن القرن إذا لم يكن مانعا من الوطء، بأن كان يمكن حصوله بعسر، يجوز معه الفسخ وهو ظاهر اختيار المصنف في الشرائع ويؤيده تعليق الحكم في الاخبار على وجود الاسم المذكور الشامل لما يمكن معه الوطء وما لا يمكن.

وقيل: لا يجوز الفسخ بالقرن الا إذا كان مانعا من الوطء، واليه ذهب الاكثر، ولعله أحوط.

قوله: (والافضاء والعمى والاقعاد) اما الافضاء، فالمراد به ذهاب الحاجز بين مخرج البول والحيض، فلا خلاف بين الاصحاب في انه عيب ترد به المرأة.

ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي عبيدة، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال في رجل تزوج امرأة من وليها فوجد بها عيبا بعد ما دخل بها، قال: فقال: إذا دلست العفلآء (نفسها خ يب)، والبرصآء، والمجنونة، والمفضاة، ومن كان بها زمانة ظاهرة، فانها ترد على اهلها من غير طلاق(٢) .

واما العمى، فالمشهور بين الاصحاب كونه كذلك نص عليه الشيخ في النهاية، والمفيد، والمرتضى، وابن الجنيد، وابن ادريس، وغيرهم.

____________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ١ من ابواب العيوب بالتدليس ج ١٤ ص ٥٩٨.

(٢) الوسائل باب ٢ حديث ١ من ابواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٥٩٦.

*

٣٢٢

[وفي الترق تردد، أشبه ثبوته عيبا، لانه يمنع الوطء].

وربما ظهر من كلام الشيخ في المبسوط والخلاف أنه ليس بعيب، فانه عد عيوب المرأة ستة ثم قال: وفي اصحابنا من ألحق العمى وكونها محدودة في الزنا.

والاصح انه عيب مطلقا سواء كانت العين صحيحة ام لا، وسواء كانت مفتوحة ام لا.

لصحيحة داود بن سرحان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام في الرجل يتزوج المرأة فيؤتى بها عميآء أو برصآء او عرجاء، قال: ترد على وليها، ويكون لها المهر على وليها وان كان بها زمانة لا يراها الرجال، اجيز بشهادة النساء عليها(١) .

واما الاقعاد فقد صرح الاكثر بكونه عيبا ولم يذكر بعضهم.

والمعتمد انه عيب لصحيحتي أبي عبيدة وداود بن سرحان(٢) المتضمنتين لجواز الفسخ بالزمانة الظاهرة، ولا ريب ان الاقعاد زمانة، وقال في القاموس: الزمانة العاهة، والعاهة تتناول الاقعاد أيضا.

بل مقتضى صحيحة داود بن سرحان جواز الفسخ بمطلق العرج، وسيجئ الكلام فيه.

قوله: (وفي الرتق تردد الخ) قال الجوهري(٣) : الرتق بالتحريك مصدر قولك: امرأة رتقاء بينة الرتق لا يستطاع جماعها لارتتاق ذلك الموضع منها، وقريب

____________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ٦ من ابواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٥٩٧.

(٢) تقدمتا آنفا.

(٣) ابونصر اسماعيل بن حماد الفارابي كان من أذكياء العالم واعاجيب الدنيا لانه كان من الفاراب احدى بلاد الشرك من عشيرة تركية، ولع باللغة العربية وأسرارها وأخذ يطوف من مظان وجودها أخذ عن السيرافي والفارسي (إلى ان قال): وصنف كتابا في العروض ومقدمة في النحو والصحاح في اللغة بايدي الناس اليوم وعليه اعتمادهم، احسن تصنيفه وجود تأليفه (إلى ان قال): واختلف في سنة وفاته، ولعل الاشهر انها سنة ٣٩٣، وقيل: انه يغير عقله وعمل دفتين وشدهما كالجناحين، وقال: أريد ان أطير وقفز به من علو فهلك والله تعالى العالم الكنى ج ٢ ص ١٤٤ طبع صيدا.

*

٣٢٣

[ولا ترد بالعور، ولا بالزنا ولو حدت فيه].

منه في القاموس.وفتره العلامة في القواعد بأنه عبارة عن كون الفرج ملتحما بحيث لا يكون فيه مدخل للذكر.وقال في التحرير: إن الرتق لحم ينبت في الفرج يمنع من دخول الذكر وعلى هذا يكون مرادفا للعفل، وقد عرفت حكمه.ولا خلاف في كون الرتق عيبا ترد به المرأة، وادعى عليه المحقق الشيخ علي، الاجماع ويدل قولهعليه‌السلام في صحيحة أبي الصباح في القرناء: هذه لا تحبل ولا يقدر زوجها على مجامعتها يردها على أهلها.فان ذلك بمنزلة التعليل لجواز الرد فيتعدى إلى كل موضع وجدت فيه العلة.وانما يثبت الخيار بالرتق إذا لم يمكن ازالة المانع بفتق الموضع أو امكن وامتنعت منه، فلو امكن ورضيت فلا خيار، وليس للزوج اجبارها على ذلك، للاصل، ولما في الالتزام بتحمل الصبر على الجرح من العسر والضرر المنفيين بالآية(١) والرواية(٢) .

قوله: (ولا ترد بالعور ولا بالزنا ولو حدت فيه) اما انها لا ترد بالعور،

____________________

(١) مثل قوله تعالى: وما جعل عليكم من الدين من حرج، به تقدمت آنفا الحج / ٧٨.

وقوله تعالى: يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر البقرة / ١٨٥.

وقوله تعالى: ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم المائدة / ٦.

وقوله تعالى: لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده البقرة / ٢٣٣.

وقوله: تعالى: ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن الطلاق / ٦.

وقوله تعالى: ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا البقرة / ٢٣١ وقوله تعالى: من بعد وصية يوصى بها او دين غير مضارالنساء / ١٢.

(٢) الكافي باب الضرار من كتاب المعيشة ج ٥ ص ٢٩٢.

*

٣٢٤

[ولا بالعرج على الاشبه].

فيدل عليه مضافا إلى الاصل ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن الحلبي، عن أبي عبداللهعليه‌السلام انه قال في الرجل يتزوج إلى قوم فاذا امرأته عوراء ولم يبينوا له، قال: لا ترد(١) .

واما انها لا ترد بالزنا وان حدت فهو أحد الاقوال في المسألة، وقال الصدوق في المقنع: إذا زنت المرأة قبل دخول الزوج بها كان له رده بذلك وقال المفيد: ترد المحدودة في الفجور، وبه قال سلار، وابن البراج، وابن الجنيد وابوالصلاح.

والاصح أنها لا ترد مطلقا لقولهعليه‌السلام في صحيحة الحلبي: انما يرد النكاح من البرص، والجذام، والجنون، والعفل(٢) .

ولما رواه الكليني، عن رفاعة بن موسى قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن المحدود والمحدودة هل ترد من النكاح؟ قال: لا(٣) .

وفي رواية ابن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام : واما المحدودة فليس للرجل ردها(٤) .

قوله: (ولا بالعرج على الاشبه) اختلف الاصحاب في العرج، فذهب الاكثر إلى انه عيب ترد به المرأة لصحيحة داود بن سرحان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام في الرجل يتزوج المرأة فيؤتى بها عمياء او برصاء او عرجاء، قال: ترد على وليها(٥) .

ورواية محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: ترد البرصاء،

____________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ١ من ابواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٦٠٠.

(٢) الوسائل باب ٢ حديث ٥ من ابواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٥٩٧.

(٣) الوسائل باب ٥ حديث ٢ من ابواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٦٠٠.

(٤) التهذيب باب التدليس في النكاح حديث ٧ من كتاب النكاح ولم نعثر عليه في الوسائل.

(٥) الوسائل باب ٢ حديث ٦ من ابواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٥٩٧.

*

٣٢٥

[واما الاحكام فمسائل

(الاولى) لا يفسخ النكاح بالعيب المتجدد بعد الدخول، وفي العيب المتجدد بعد العقد تردد عدا العنن].

والعمياء والعرجاء، واما المحدودة فليس للرجل ردها(١) .

وقيده العلامة في المختلف والتحرير ب‍ (البين) ونقله عن ابن ادريس، واستدل عليه بهذه الرواية.

وهي خالية من هذا القيد، ولعله يريد ب‍ (البين) ما كان ظاهرا في الحس.

واعتبر المصنف في الشرائع والعلامة في القواعد والارشاد في العرج بلوغه حد الاقعاد.

ولا وجه لهذا التقييد الا تعليق الحكم على الزمانة في صحيحة أبي عبيدة(٢) ، فحملوا المطلق على المقيد.

وليس بين الروايتين منافاة تقتضي تعين هذا الجمع، مع ان مقتضى العرف ان الاقعاد لا يسمى عرجا.

وأطلق الشيخ في المبسوط أن العرج ليس بعيب، والمسألة محل تردد وان كان القول الاول لا يخلو من رجحان.

قوله: (الاولى لا يفسخ النكاح بالعيب الخ) العيب الحاصل في الرجل والمرأة اما ان يكون موجودا قبل العقد أو بعده، قبل الدخول او بعده.

ففي الاول يثبت به الفسخ اجماعا.

وفي الاخير لا يثبت به الفسخ كما قطع به المصنف وغيره، بل قال في

____________________

(١) التهذيب باب التدليس في النكاح حديث ٧ من كتاب النكاح واورد صدره فقط في الوسائل باب ١ حديث ١٢ ج ١٤ ص ٥٩٤ من ابواب العيوب والتدليس.

(٢) راجع الوسائل باب ١ حديث ٥٧ من ابواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٥٩٣.

*

٣٢٦

[وقيل: تفسخ المرأة بجنون الرجل المستغرق لاوقات الصلاة وان تجدد].

المسالك: إنه لا خيار في هذه الصورة اتفاقا على ما يظهر من المصنف وغيره.

ويدل عليه مضافا إلى الاصل قولهعليه‌السلام في صحيحة عبدالرحمان بن أبي عبدالله: المرأة ترد من أربعة اشياء، من البرص والجذام، والجنون، والقرن وهو العفل ما لم يقع عليها، فاذا وقع عليها فلا(١) .

دلت الرواية على سقوط الرد بعد المواقعة، فيسقط مع تجدد العيب بعدها قطعا.

وفي الثاني قولان: (احدهما) الثبوت، ذهب اليه الشيخ في المبسوط والخلاف تمسكا باطلاق الروايات المتضمنة لثبوت الفسخ بهذه العيوب، فانها متناولة باطلاقها للموجود قبل العقد المتجدد بعده.

(والثاني) العدم اختاره ابن ادريس، والمصنف في الشرائع، والعلامة في جملة من كتبه، لعدم صراحة الروايات في جواز الفسخ بالعيب المتجدد بعد العقد بل الظاهر من اكثرها تعلق الحكم بالموجود قبل العقد، فيجب التمسك فيما عداه بمقتضى العقد اللازم، وهذا اقوى.

وقول المصنف: (عدا العنن) استثناء من التردد، إذ المشهور بين الاصحاب ثبوت الفسخ به وان تجدد بعد العقد اذا كان قبل الدخول وسيجئ تمام الكلام في ذلك.

قوله: (وقيل: تفسخ المرأة بجنون الرجل الخ) القول للشيخرحمه‌الله وجماعة ومستنده رواية علي بن أبي حمزة(٢) ، وهي صريحة في جواز فسخ المرأة بجنون

____________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ١ من ابواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٥٩٣.

(٢) روى الشيخ في التهذيب في باب التدليس في النكاح الخ، ما هذا لفظه: روى محمد بن علي بن *

٣٢٧

[(الثانية) الخيار فيه على الفور وكذا في التدليس.

(الثالثة) الفسخ فيه ليس طلاقا فلا يطرد معه تنصيف المهر].

الزوج المتجدد، لكنها خالية من التقييد بكونه مستغرقا لاوقات الصلاة وقد بينا فيما سبق أن الرواية ضعيفة السند، وأن العمدة في اثبات كون الجنون عيبا، على الاجماع فينبغي قصره على مورده، وهو الجنون المستغرق المتقدم على العقد ان تم ذلك، والتمسك فيما عداه بمقتضى العقد اللازم.

قوله: (الثانية الخيار فيه على الفور وكذا في التدليس) هذا الحكم مقطوع به في كلام الاصحاب، وظاهرهم الاتفاق عليه ولا بأس به اقتصارا فيما خالف الاصل على موضع الوفاق وما يندفع به الضرر وفي بعض الروايات(١) دلالة عليه، فلو علم الرجل والمرأة بالعيب او التدليس فلم يبادر بالفسخ لزم العقد، ويعذر جاهل أصل الخيار، وفي جاهل الفورية وجهان.

قوله: (الثالثة الفسخ فيه ليس طلاقا الخ) لا ريب ان هذا الفسخ ليس بطلاق، لان الطلاق يفتقر إلى لفظ خاص وشرائطه مخصوصة، وهذا الفسخ لا يعتبر فيه شئ من ذلك، وعلى هذا فلا تعد في الثلاث المحرمة ولا يطرد معه تنصيف المهر اذا وقع قبل الدخول كالطلاق.

وانما قال المصنف: (فلا يطرد معه تنصيف المهر) دون ان يقول: (ولا يتنصف) للتنيبه على انه قد يتنصف به المهر في بعض الموارد كما سيجئ في العنة، فالمنفي اطراد التنصيف، لا ثبوته في الجملة.

____________________

= محبوب، عن أحمد، عن الحسين، عن القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة قال: سئل ابوابراهيم ليه السلام عن امرأة يكون لها زوج قد اصيب في عقله بعد تزوجها (تزوج بها خ ل) او عرض له جنون؟ قال: لها ان تنزع نفسها منه ان شاء‌ت.

الوسائل باب ١٢ حديث ١ من ابواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٦٠٧.

(١) يمكن كون المراد ما دل على جواز الفسخ ما لم يجامعها راجع الوسائل باب ١ حديث ١ ٤ وباب ٢ حديث ١ من ابواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٥٩٣ و ٥٩٨.

*

٣٢٨

[(الرابعة) لا يفتقر الفسخ بالعيوب إلى الحاكم. ويفتقر في العنن لضرب الاجل.

(الخامسة) اذا فسخ الزوج قبل الدخول فلا مهر].

قوله: (الرابعة لا يفتقر الفسخ بالعيوب إلى الحاكم الخ) المعروف من مذهب الاصحاب عدم افتقار الفسخ بالعيوب إلى مراجعة الحاكم، لاطلاق الروايات المتضمنة لجواز الفسخ بذلك من غير تقييد باعتبار مراجعة الحاكم.

واضطراب كلام الشيخ في المبسوط في هذه المسألة (فتارة) جوز لهما الاستقلال بالفسخ لان الاخبار مطلقة (وتارة) اعتبر مراجعة الحاكم (وتارة) جعله احوط لقطع الخصومة.

واستثنى المصنف وغيره من هذا الحكم، العنن، فانه يفتقر إلى الحاكم لضرب الاجل على ما سيجئ فاذا ضرب الاجل ومضت المدة استقلت المرأة بالفسخ.

قوله: (الخامسة إذا فسخ الزوج قبل الدخول فلا مهر الخ) الظاهر ان هذه الاحكام متفق عليها بين الاصحاب وقد ورد بها روايات.

(منها) ما رواه الكليني في الصحيح عن أبي عبيدة، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال في رجل تزوج امرأة من وليها فوجد بها عيبا بعد ما دخل بها؟ قال: فقال: إذا دلست العفلاء والبرصاء والمجنونة، والمفضاة، ومن كان بها زمانة ظاهرة، فانها ترد على اهلها من غير طلاق، ويأخذ الزوج المهر من وليها الذي كان دلسها، فان لم يكن وليها علم بشئ من ذلك فلا شئ عليه وترد على اهلها، قال: وان اصاب الزوج شيئا مما اخذت منه فهو له، وان لم يصب شيئا فلا شئ له، قال: وتعتد منه عدة المطلقة ان كان دخل بها، وان لم يكن دخل بها فلاعدة عليها ولا مهر لها(١) .

____________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ١ من ابواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٥٩٦.

*

٣٢٩

[ولو فسخ بعده فلها المسمى ويرجع به الزوج على المدلس].

وعن رفاعة بن موسى، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: وسألته عن البرصاء فقال: قضى امير المؤمنين صلوات الله عليه في امرأة زوجها وليها وهي برصاء أن لها المهر بما استحل من فرجها، وان المهر على الذي زوجها وانما صار المهر عليه، لانه دلسها، ولو ان رجلا تزوج امرأة أو زوجها رجل (او زوجه اياه رجل ئل) لا يعرف دخيلة امرها لم يكن عليه شئ وكان المهر يأخذه منها(١) .

وما رواه الشيخ في الصحيح، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال في كتاب عليعليه‌السلام : من زوج امرأة فيها عيب (دلسه ولم يبين) (دلسته ولم تبين يب) ذلك لزوجها فانه يكون لها الصداق بما استحل من فرجها ويكون الذي ساق الرجل اليها، على الذي زوجها ولم يبين(٢) .

وهنا مباحث (الاول) إذا وقع الفسخ من الزوج بعد الدخول استحقت الزوجة المسمى لان النكاح صحيح، فان ثبوت الخيار فرع صحة العقد في نفسه.

وقال الشيخ في المبسوط: ان كان الفسخ بالمتجدد بعد الدخول، فالواجب المسمى لان الفسخ انما يستند إلى العيب الطارئ بعد استقراره، وان كان بعيب موجود قبل العقد او بعده قبل الدخول وجب مهر المثل، لان الفسخ وان كان في الحال الا انه مستند إلى حال حدوث العيب، فكأنه وقع منسوخا حال حدوث العيب فيصير كأنه وقع فاسدا فيتعلق به أحكام الفاسد إن كان قبل الدخول، فلا مهر ولا متعة وان كان بعده، فلا نفقة للعدة ويجب مهر المثل.

____________________

(١) أورد صدره في الوسائل باب ٢ حديث ٢ من ابواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٥٩٦.

(٢) الوسائل باب ٢ حديث ٧ من ابواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٥٩٧ *

٣٣٠

ولا يخفى ضعف هذا القول، لان النكاح وقع صحيحا وظهور العيب لا يبطله من أصله وان كان سابقا على العقد والا لم يثبت التخيير بين الفسخ والامضاء كما هو واضح.

(الثاني) قد عرفت ان الزوج إذا فسخ العقد بعد الدخول استحقت الزوجة المسمى وقد حكم المصنف وغيره بان الزوج يرجع به على المدلس، والمراد بالتدليس هنا، السكوت عن العيب مع العلم به.

واطلاق النص والفتوى يقتضي عدم الفرق في المدلس بين ان يكون وليا او غيره حتى لو كان المدلس هو المرأة رجع عليها أيضا ولو لم يكن دفع اليها المهر سقط وجوب الدفع، اذ لا وجه لاعطائها اياه ثم الرجوع عليها به.

ولو انتفى التدليس بأن كان العيب خفيا لم تطلع عليه المرأة ولا من زوجها، فلا رجوع لانتفاء المقتضى.

ولو ادعت المرأة الجهل به وامكن ذلك صدقت بيمينها.

ولو كان المتولي لتزويجها جماعة فالرجوع عليهم بأن يوزع على جميعهم بالسوية.

ثم إن كان الرجوع بالمهر على غير الزوجة فلا بحث في انه يرجع بجميع ما غرم وان كان الرجوع عليها، ففي الرجوع بجميع المهر وجهان احدهما، وهو الاظهر أنه يرجع بالجميع تمسكا بالاطلاق (والثاني) أنه يجب ان يستثنى منه ما يكون مهرا، لان الوطء المحرم لا يخلو من مهر، والى هذا ذهب الاكثر.

وفي تقديره قولان (احدهما) ما ذهب اليه ابن الجنيد وهو اقل مهر مثلها، لانه قد استوفى منفعة البضع فوجب عوضه وهو مهر المثل (والثاني) واليه هب الاكثر أنه قل ما يمكن أن يكون مهرا وهو اقل ما يتحول في العادة، ووجهه ورود النص بالرجوع بالجميع، فيجب الاقتصار في المخالفة على موضع اليقين، وهذا

٣٣١

[واذا فسخت الزوجة قبل الدخول فلا مهر الا في العنن، وان كان بعده فلها المسمى].أجود.

(الثالث) يستفاد من الحكم بجواز الفسخ بعد الدخول ان الوطء لا يمنع من الفسخ بالعيب السابق على العقد، ويجب تقييده بما اذا لم يقع الوطء بعد العلم بالعيب اما لو وقع بعده، فانه يسقط به الخيار لدلالته على الرضا.

ويدل على هذا التفصيل ما رواه الكليني في الصحيح عن أبي الصباح قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن رجل تزوج امرأة فوجد بها قرنا، قال: فقال: هذه لا تحبل ولا يقدر زوجها على مجامعتها، يردها على أهلها صاغرة ولا مهر لها، قلت: فان كان دخل بها؟ قال: إن كان علم بذلك قبل ان ينكحها يعني المجامعة ثم جامعها فقد رضي بها وان لم يعلم الا بعد ما جامعها، فان شاء بعد أمسك وان شاء طلق(١) .والظاهر أن المراد من الطلاق هنا، الفسخ.

ولا ينافي ذلك قولهعليه‌السلام في صحيحة عبدالرحمان بن أبي عبدالله عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: المرأة ترد من اربعة اشياء، من البرص والجذام، والجنون، والقرن وهو العفل ما لم يقع عليها، فاذا وقع عليها فلا(٢) .

لانه محمول على مااذا وقع عليها بعد العلم بالعيب كما دلت عليه الرواية المفصلة.

قوله: (واذا فسخت الزوجة قبل الدخول فلا مهر الخ) اما ان لها المسمى اذا وقع الفسخ بعد الدخول، فظاهر للزوم المسمى بالعقد واستقراره

____________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ١ من ابواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٥٩٨.

(٢) الوسائل باب ١ حديث ١ من ابواب والتدليس ج ١٤ ص ٥٩٢.

*

٣٣٢

[ولو فسخت بالخصاء ثبت لها المهر مع الخلوة ويعزر.

(السادسة) لو ادعت عننه فانكر فالقول قوله مع يمينه].

بالدخول واما سقوطه اذا فسخت الزوجة قبل الدخول في غير العنن، فلان الفسخ اذا وقع من جانب الزوجة قبل الدخول اقتضى سقوط المهر واستثني من ذلك فسخها بعنته (بعنت خ ل) قبل الدخول فانه يوجب تنصيف المهر كما سيجئ بيانه.

قوله: (ولو فسخت بالخصاء ثبت لها المهر مع الخلوة ويعزر) هذا الحكم ذكره الشيخ وجمع من الاصحاب.

واستدلوا عليه بما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن مسكان، قال: بعثت بمسألة مع ابن اعين، قلت: سله عن خصي دلس نفسه لامرأة ودخل بها فوجدته خصيا؟ قال: يفرق بينهما ويوجع ظهره ويكون لها المهر بدخوله عليها(١) .

وفي الموثق، عن سماعة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ان خصيا دلس نفسه لامرأة فقال: يفرق بينهما وتأخذ المرأة منه صداقها ويوجع ظهره كما دلس نفسه(٢) .

وانكر ابن ادريس هذا الحكم، وقال: لا دليل على صحة هذه الرواية من كتاب ولا سنة مقطوع بها ولا اجماع، والاصل براء‌ة الذمة وان كان قد اورد شيخنا في نهايته ذلك ايرادا لا اعتقادا.

وقال العلامة في المختلف: ان الشيخ بنى ذلك على اصله من ثبوت المهر بالخلوة.

وفيه نظر، فان الشيخرحمه‌الله انما استند في هذا الحكم إلى هذه الروايات ولو صح سندها لوجب المصير اليه وان لم يثبت ذلك الاصل والمسألة محل تردد.

قوله: (السادسة لو ادعت عنته فانكر فالقول قوله مع يمينه) لما

____________________

(١) الوسائل باب ١٣ حديث ٣ من ابواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٦٠٨.

(٢) الوسائل باب ١٣ حديث ٢ من ابواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٦٠٨.

*

٣٣٣

[ومع ثبوته يثبت لها الخيار ولو كان متجددا].

كانت العنة من الامور الخفية.

التى لا يطلع عليها الغير على وجه يمكنه الشهادة بها كان الطريق إلى اثباتها اقرار الرجل بها أو البينة على اقراره، فان انتفيا وادعتها المرأة فالقول قوله في عدمها عملا بأصالة السلامة، فان حلف استقر النكاح.

وان نكل عن اليمين، فان قضينا بالنكول ثبت العيب، والا ردت اليمين على المرأة، فاذا حلفت ثبت العيب، سواء قلنا: ان اليمين المردودة كالبينة من المدعي او كالاقرار من المنكر، اذ المراد تنزيلها منزلة البينة المسموعة.

ولا يخفى أن حلفها يتوقف على علمها بوجود العيب بممارستها له على وجه يحصل لها بتعاضد القرائن، العلم بالعنة وذهب ابن بابويه إلى ان الرجل المدعى عليه العنة يقام في الماء البارد، فان تقلص(١) حكم بقوله، وان بقي مسترخيا حكم لها.

ولم نقف له على مستند، وقيل: ان ذلك قول الاطباء، ولم يثبت بحيث يصير طريقا شرعيا إلى ثبوت هذا المرض.

قوله: (ومع ثبوته يثبت لها الخيار ولو كان متجددا الخ) اذا ثبت العنن، فاما ان يثبت تقدمه على العقد، أو تجدده بعده قبل الوطء أو بعده.

فان ثبت تقدمه على العقد ثبت لها الخيار اجماعا.

وان تجدد بعد العقد وقبل الوطء فالمشهور جواز الفسخ به ايضا.

وربما لاح من كلام الشيخ في المبسوط عدمه.

وكذا الخلاف لو تجدد بعد الوطء لكن الاكثر هنا على عدم ثبوت الفسخ به.

وذهب المفيد وجماعة إلى ان لها الفسخ ايضا، وهو الذي يقتضيه اطلاق عبارة المصنف وقواه في المختلف، ثم قال بعد ذلك: ونحن في ذلك من المتوقفين.

____________________

(١) بمعنى انزوى وانضم (مجمع البحرين).

*

٣٣٤

احتج القائلون بثبوت الخيار به مطلقا وان تجدد بعد الدخول، بصحيحة محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: العنين يتربص به سنة ثم ان شاء‌ت امرأته تزوجت وان شاء‌ت اقامت(١) .

ورواية أبي الصباح الكناني، قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن امرأة ابتلى زوجها فلا يقدر على الجماع أبدا أتفارقه؟ قال: نعم ان شاء‌ت(٢) .

احتج القائلون بانتفاء الخيار اذا تجدد بعد الدخول بما رواه الشيخ، عن غياث الضبي، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: في العنين اذا علم انه عنين لا يأتي النساء، فرق بينهما، واذا وقع عليها دفعة واحدة لا (لم خ) يفرق بينهما، والرجل لا يرد من عيب(٣) .

وعن اسحاق بن عمار، عن جعفر، عن أبيهعليهما‌السلام ان علياعليه‌السلام كان يقول: اذا تزوج الرجل امرأة فوقع عليها مرة (وقعة واحدة - خ ئل) ثم اعرض عنها فليس لها الخيار، لتصبر، فقد ابتليت(٤) واجابوا عن الاخبار المطلقة بالحمل على ما اذا حصلت العنة قبل الدخول كما تضمنته هاتان الروايان المفصلتان.

وهو جيد لو تكافأ السندان، لكن رواية ابن مسلم المطلقة صحيحة ورواية أبي الصباح معتبرة الاسناد ايضا.

وما تضمن التفصيل ضعيف بجهالة الراوي في الاولى، واشتمال سند الثانية على اسحاق بن عمار وهو فطحي، وغياث بن كلوب(٥) وهو غير موثق.

____________________

(١) الوسائل باب ١٤ حديث ٥ من ابواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٦١١.

(٢) الوسائل باب ١٤ حديث ٦ من ابواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٦١١.

(٣) الوسائل باب ١٤ حديث ٢ من ابواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٦١٠.

(٤) الوسائل باب ١٤ حديث ٨ من ابواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٦١٢.

(٥) وسندها كما في التهذيب هكذا: محمد بن أحمد بن يحيى، عن الحسن بن موسى الخشاب عن غياث بن كلوب عن اسحاق بن عمار.

*

٣٣٥

[اذا عجز عن وطئها قبلا ودبرا وعن وطء غيرها. ولو ادعى الوطء فانكرت، فالقول قوله مع يمينه].

والمسألة محل تردد وان كان المصير إلى ما عليه الاكثر من اشتراط حصول العنة قبل الوطء أولى، اقتصارا في فسخ العقد اللازم على موضع الوفاق.

وقول المصنف (اذا عجز عن وطئها قبلا ودبرا وعن وطئ غيرها) يقتضي ان العنن لا يتحقق بالعجز عن وطئها خاصة.

واستدل عليه بقول الصادقعليه‌السلام في رواية غياث الضبي في العنين اذا علم انه عنين لا يأتي النساء فرق بينهما(١) .

وفي رواية عمار الساباطي: ان (اذا ئل) كان لا يقدر على اتيان غيرها من النساء فلا يمسكها الا برضاها بذلك، وان كان يقدر على غيرها فلا بأس بامساكها(٢) .

وفي الروايتين قصور من حيث السند، مع ان العجز عن وطء الغير في مجموع السنة قد لا يعلم، لعدم تمكن الزوج من ذلك.

ويظهر من عبارة المفيدرحمه‌الله ان (المعتبر خ) العنن عجزه عنها وان قدر على وطء غيرها.

وفي صحيحة أبي حمزة: فاذا ذكرت انها عذراء فعلى الامام ان يؤجله سنة، فان وصل اليها والا فرق بينهما(٣) .

ومقتضى ذلك، الاكتفاء في جواز الفسخ بعجزه عن وطئها وان لم يعلم عجزه عن وطء غيرها، والمصير اليه غير بعيد.

قول: (ولو ادعى الوطء فانكرت فالقول قوله مع يمينه) دعوى الزوج

____________________

(١) تقدم بيان موضعها آنفا.

(٢) راجع الوسائل باب ١٤ حديث ٣ من ابواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٦١١.

(٣) الوسائل باب ١٥ حديث ١ من ابواب العيوب ج ١٤ ص ٦١٣.

*

٣٣٦

الوطء تقع بعد ثبوت العنن وقبله، وفرض المصنف في الشرائع المسألة فيما اذا ادعى الزوج الوطء بعد ثبوت العنن وحكم بأن القول قوله مع يمينه، واطلق الاكثر كما اطلقه المصنف هنا.

اما قبول قول الزوج بيمينه لو ادعى الوطء قبل ثبوت العنن فظاهر، لانه بدعوى الوطء يكون منكرا للعنن فيقبل قوله فيه بيمينه.

ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي حمزة، قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: اذا تزوج الرجل المرأة الثيب التي قد تزوجت زوجا غيره فزعمت انه لم يقربها مذ (مند خ ئل) دخل بها، فان القول في ذلك قول الرجل، وعليه ان يحلف بالله لقد جامعها، لانها المدعية، قال: فان تزوجها وهي بكر فزعمت انه لم يصل اليها، فان مثل هذا تعرف النساء فلينتظر اليها من يوثق به منهن فاذا ذكرن (ت خ ل) انها عذراء فعلى الامام ان يؤجله سنة، فان وصل اليها وإلا فرق بينهما واعطيت نصف الصداق ولا عدة عليها(١) .

واما قبول قوله لو ادعى الوطء بعد ثبوت العنن فمشكل، لانه مدع لزوال ما كان قد ثبت فلا يكون قوله مقبولا.

لكن المصنف في الشرائع والعلامة في القواعد صرحا بقبول قوله في ذلك اما لان هذا الفعل لا يعلم إلا من قبله فيقبل قوله فيه كدعوى المرأة انقضاء عدتها بالاقراء، واما لان العنة لم تثبت قبل مضي السنة وانما الثابت، العجز الذي يمكن ان يكون عنة ويمكن انه يكون غيرها، ولهذا يؤجل سنة لينظر أيقدر على الوطء ام لا، فان قدر فلا عنة، والا يثبت فيكون الزوج بدعواه الوطء منكرا للعنة وان كان بعد ثبوت العجز يقبل فيه قوله بيمينه.

____________________

(١) الوسائل باب ١٥ حديث ١ من ابواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٦١٣.

*

٣٣٧

وربما احتج عليه باطلاق رواية أبي حمزة(١) حيث ان موردها اختلافهما في حصول الوطء وعدمه، المتناول لما إذا وقع ذلك قبل ثبوت العنة وبعده.

وفي المسألة قول آخر، ذهب اليه الشيخ في الخلاف، والصدوق في المقنع وجماعة، وهو أن دعواه الوطء ان كان في القبل، فان كانت بكرا صدق مع شهادة اربع من النساء بذهابها، وان كانت ثيبا حشي قبلها خلوقا(٢) ثم يؤمر بالوطء، فان خرج الخلوق على ذكره صدق والا فلا.

واستدل عليه في الخلاف باجماع الفرقة واخبارهم.

وكأنه اراد بالاخبار ما رواه في التهذيب، عن عبدالله بن الفضل الهاشمي، عن بعض مشيخته، قال: قالت امرأة لابي عبداللهعليه‌السلام ، أو سأله رجل، عن رجل تدعي عليه امرأته انه عنين وينكر الرجل، قال: تحشوها القابلة بالخلوق ولا يعلم الرجل ويدخل عليها الرجل، فان خرج وعلى ذكره الخلوق صدق وكذبت والا صدقت وكذب(٣) .

وروى أيضا، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام نحو ذلك(٤) .

والروايتان ضعيفتا السند، فلا يسوغ التعلق بهما.

اما الحكم بتصديقه اذا كانت بكرا مع شهادة اربع من النساء بذهاب بكارتها، فيدل عليه صحيحة أبي حمزة المتقدمة(٥) .

____________________

(١) المتقدمة آنفا فلاحظ.

(٢) الخلوق، هو كرسول على ما قيل: طيب مركب يتخذ من الزعفران وغيره من انواع الطيب والغالب عليه الصفرة والحمرة ومنه الحديث وتحشوها القابلة بالخلوق (مجمع البحرين).

(٣) الوسائل باب ١٥ حديث ٢ من ابواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٦١٣.

(٤) الوسائل باب ١٥ حديث ٣ من ابواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٦١٤.

(٥) تقدم ذكر موضعها آنفا فلاحظ.

*

٣٣٨

[(السابعة) ان صبرت مع العنن فلا بحث، وان رفعت امرها إلى الحاكم أجلها سنة من حين الترافع فإن عجز عنها، وعن غيرها فلها الفسخ ونصف المهر].

ولو كذبهن الزوج لم يسمع منه.

وان ادعى عود البكارة بعد الوطء قدم قولها مع اليمين إما بعدم الوطء او بأن هذه بكارة الاصل، فان جانبها معتضد بأصالة بقاء البكارة، وان الظاهر عدم العود بعد الزوال، ولو نكلت حلف وسقط خيارها.

قوله: (السابعة ان صبرت مع العنن فلا بحث الخ) اذا ثبت العنة بإحدى الطرق السابقة، فان صبرت المرأة مع علمها بالخيار فلا بحث في حكمها، لان الحق لها، فاذا لم تطالب به لا تعترض.

ويمكن ان يكون المراد أنها اذا صبرت فلا بحث في لزوم العقد، لان المواقعة فورية كالفسخ على ما صرح به الشيخ في المبسوط، وان لم تصبر رفعت امرها إلى الحاكم.

فاذا رفعته اليه أجله سنة من حين المرافعة، فان عجز عنها وعن غيرها فلها الفسخ وكان لها نصف المهر وان واقعها او غيرها فلا فسخ.

وهذا الحكم اعني التأجيل سنة قول معظم الاصحاب.

ويدل عليه قولهعليه‌السلام في صحيحة أبي حمزة: فاذا ذكرن (ت خ ل) انها عذراء، فعلى الامام ان يؤجله سنة، فان وصل اليها، وإلا فرق بينهما واعطيت نصف الصداق ولا عدة عليها(١) .

وصحيحة محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: العنين يتربص به سنة ثم ان شاء‌ت امرأته تزوجت وان شاء‌ت اقامت(٢) .

____________________

(١) الوسائل باب ١٥ حديث ١ من ابواب العيوب التدليس ج ١٤ ص ٦١٣.

(٢) الوسائل باب ١٤ حديث ٥ من ابواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٦١١.

*

٣٣٩

وفي المسألة قولان آخران (احدهما) ان العنة ان كانت متقدمة على العقد جاز للمرأة الفسخ في الحال، وان كانت حادثة بعد العقد أجل سنة من حين الترافع، ذهب إليه بن الجنيد.

واحتج له في المختلف بقولهعليه‌السلام في رواية غياث الضبي: (اذا علم انه عنين لا يأتي النساء فرق بينهما)(١) .

وبرواية أبي الصباح الكناني عن الصادقعليه‌السلام ، قال: سألته عن امرأة ابتلى زوجها فلا يقدر على الجماع أبدا أتفارقه؟ قال: نعم ان شاء‌ت(٢) .

والجواب بعد تسليم السند انهما مطلقتان وما تضمن اعتبار التأجيل مفصل، والمفصل يحكم على المجمل.

واجاب عنهما في المختلف بان العلم إنما يحصل بعد السنة، قال: ولو قدر حصوله قبلها، فالاقوى ما قاله ابن الجنيد.

والعجب ان المحقق الشيخ علي وجديقدس‌سره نقلا الاتفاق على اعتبار التأجيل مع ان العلامة في المختلف نقل فيه الخلاف واختار ما ذكرناه (وثانيهما) ان المرأة اذا اختارت الفسخ بعد تمكينها اياه من نفسها وجب لها المهر، وان لم يولج، ذهب اليه ابن الجنيد أيضا.

قال في المختلف: وهو بناء على اصله، من أن المهر يجب كملا بالخلوة كما يجب بالدخول.

ويدفعه صحيحة أبي حمزة(٣) ، الدالة على انها مع الفسخ تستحق نصف الصداق خاصة والله تعالى أعلم.

____________________

(١) الوسائل باب ١٤ حديث ٢ من ابواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٦١١.

(٢) الوسائل باب ١٤ حديث ٦ من ابواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٦١١.

(٣) لاحظ الوسائل باب ١٥ حديث ١ من ابواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٦١٣ *

٣٤٠