نهاية المرام الجزء ٢

نهاية المرام0%

نهاية المرام مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 368

نهاية المرام

مؤلف: صاحب المدارك السيد العاملي
تصنيف:

الصفحات: 368
المشاهدات: 42839
تحميل: 5415


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 368 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 42839 / تحميل: 5415
الحجم الحجم الحجم
نهاية المرام

نهاية المرام الجزء 2

مؤلف:
العربية

نهاية المرام الجزء الثاني

صاحب المدارك السيد العاملي

في تتميم مجمع الفائدة والبرهان

تأليف

المولى أحمد المقدس الاردبيليقدس‌سره

١

هذا الكتاب

نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف

شبكة الإمامين الحسنينعليهما‌السلام للتراث والفكر الإسلامي

بانتظار أن يوفقنا الله تعالى لتصحيح نصه وتقديمه بصورة أفضل في فرصة أخرى

قريبة إنشاء الله تعالى.

٢

٣

٤

كتاب الطلاق والنظر في أركانه وأقسامه و لواحقه

كتاب الطلاق

قوله: (كتاب الطلاق، والنظر في أركانه وأقسامه ولواحقه) قال في القاموس: طلقت كعني في المخاض طلقا، اصابها وجع الولادة ومن زوجها كنصر وكرم طلاقا بانت منه فهي طالق، ونحوه قال الجوهري.

ومقتضى ذلك اطلاق الطلاق لغة على المعنى الشرعي.

وعرف المحقق الشيخ فخر الدين الطلاق شرعا، بأنه لفظ انشائي وضعه الشارع سببا لازالة قيد النكاح ابتداء قال: أي من غير اعتبار غيره فيخرج الفسخ بخيار كعيب (لعيب خ ل) أو عتق.

وينتقض طردا بالخلع، وعكسا بطلاق الاخرس.

وعرفه الشهيد في شرح الارشاد بانه ازالة قيد النكاح بصيغة (طالق من غير عوض).

واورد عليه عكسا طلاق الاخرس وطردا الطلاق بعوض، فانه خارج عن (من خ) التعريف.

ويمكن الجواب عن الاول بأن اشارة الاخرس قائمة مقام الصيغة.

٥

وعن الثاني بان الحق ان الطلاق بالعوض خلع لا طلاق كما سيجئ بيانه فلا يضر خروجه من التعريف، بل يجب اخراجه عنه.

وعرفه في المسالك بأنه ازالة قيد النكاح بصيغة طالق وشبهها.

ويرد عليه طردا الطلاق بالعوض بناء على انه خلع لا طلاق، والامر في ذلك هين.

وقد وقع التعبير عن الطلاق في القرآن المجيد بألفاظ ثلاثة: الطلاق، والفراق، والسراح.

قال الله تعالى: الطلاق مرتان فامساك بمعروف أو تسريح باحسان(١) وقال الله تعالى: وسرحوهن سراحا جميلا(٢) ، وقال تعالى: وان يتفرقا يغن الله كلا من سعته(٣) .

قيل: فكان الرجل في صدر الاسلام يطلق امرأته ما شاء، من واحدة إلى عشرة ويراجعها في العدة فنزل قوله تعالى: الطلاق مرتان، فامساك بمعروف او تسريح باحسان(٤) فبين ان عدد الطلاق ثلاث فقوله: (مرتان) اخبار بمعنى الامر.

واختلف الناس في الثالثة، فقال ابن عباس: أو تسريح باحسان، الثالثة، وقال بعضهم: فان طلقها فلا تحل له من بعد، حتى تنكح زوجا غيره(٥) الثالثة.

وروى ابوبصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام قول الله عزوجل: الطلاق مرتان فامساك بمعروف أو تسريح باحسان(٦) ، التطليقة الثالثة التسريح باحسان(٧)

____________________

(١) و(٤) و(٥) البقرة: ٢٢٩ و ٢٣٠.

(٢) الاحزاب: ٤٩.

(٣) النساء: ١٣٠.

(٦) البقرة: ٢٢٩.

(٧) الوسائل باب ٤ حديث ١٢ من ابواب اقسام الطلاق ج ١٥ ص ٣٦١ منقول بالمعنى فلاحظ.

*

٦

[(الركن الاول) في المطلق، ويعتبر فيه البلوغ والعقل والاختيار، والقصد فلا اعتبار بطلاق الصبي.

وفيمن بلغ عشرا، رواية بالجواز فيها ضعف].

قوله: (الركن الاول في المطلق، ويعتبر فيه البلوغ الخ) اختلف الاصحاب في طلاق الصبي المميز الذي بلغ عشر سنين بعد اتفاقهم على بطلان طلاق غير المميز ومن لم يبلغ العشر.

فقال الشيخ في النهاية: انه يصح طلاقه وتبعه ابن البراج وابن حمزة.

وقال ابن ادريس: لا يصح طلاق الصبي إلى ان يبلغ، وهو اختيار أبي الصلاح وسلار، والمصنف وسائر المتأخرين.

وهو المعتمد، (لنا) التمسك بمقتضى الاصل فيما لم يقم دليل على خلافه وما رواه الشيخ، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: ليس طلاق الصبي بشئ(١) .

وما رواه الكليني، عن أبي بصير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: لا يجوز طلاق الصبي ولا السكران(٢) .

والرواية التي اشار اليها المصنف، رواها الكليني، عن ابن أبي عمير، عن بعض رجاله، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: يجوز طلاق الصبي اذا بلغ عشر سنين(٣) .

وقد جعل الشيخ في التهذيب هذه الرواية رواية ابن بكير(٤) ، وهو غير

____________________

(١) الوسائل باب ٣٢ حديث ١ من ابواب مقدمات الطلاق ج ١٥ ص ٣٢٤.

(٢) الوسائل باب ٣٢ حديث ٤ من ابواب مقدمات الطلاق ج ١٥ ص ٣٢٤.

(٣) الوسائل باب ٣٢ حديث ٢ من ابواب مقدمات الطلاق ج ١٥ ص ٣٢٤.

(٤) راجع التهذيب عند قول المفيدرحمه‌الله : وطلاق الصبي جائز اذا عقد الخ من كتاب الطلاق حديث١٧٢.

*

٧

[ولو طلق عنه الولي لم يقع الا ان يبلغ فاسد العقل].

جيد، فان رواية ابن بكير رواها الكليني(١) متقدمة على هذه الرواية بغير فصل.

وكأن نظر الشيخرحمه‌الله سبق من سند رواية ابن بكير إلى متن رواية ابن أبي عمير وقد وقع نحو ذلك في عدة مواضع من التهذيب فينبغي التنبيه له.

وبهذه الرواية احتج الشيخ على صحة طلاق الصبي اذا بلغ عشرا، وضعفها بالارسال يمنع من العمل بها وان كان المرسل لها ابن أبي عمير كما تقدم تحقيقه.

ونقل عن الشيخ علي بن بابويه انه قال في رسالته: والغلام اذا طلق للسنة فطلاقه جائز(٢) .

وربما كان مستنده في هذا الاطلاق ما رواه ولده فيمن لا يحضره الفقيه عن زرعة، عن سماعة، قال: سألته عن طلاق الغلام ولم يحتلم وصدقته؟ قال: اذا طلق للسنة ووضع الصدقة في موضعها وحقها فلا بأس وهو جائز(٣) .

وهذه الرواية ضعيفة بالاضمار واشتمال سندها(٤) على عدة من الواقفة فلا يصح التعلق بها في اثبات هذا الحكم.

قوله: (ولو طلق عنه الولي (وليه خ) لم يقع الا ان يبلغ فاسد العقل) اما انه ليس لولي الصبي ان يطلق عنه قبل البلوغ فمجمع عليه بين الاصحاب ويدل عليه قولهعليه‌السلام : الطلاق بيد من أخذ بالساق(٥) .

وصحيحة الفضل بن عبدالملك، قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن

____________________

(١) راجع الكافي باب طلاق الصبيان من كتاب الطلاق.

(٢) رسالتان مجموعتان ص ١١٥.

(٣) الوسائل باب ٣٢ حديث ٥ من ابواب مقدمات الطلاق بالسند الثاني ج ١٥ ص ٣٢٥.

(٤) سندها كما في الكافي هكذا: عدة من اصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد وعلي بن ابراهيم عن أبيه جميعا، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة.

(٥) عوالي اللآلي: ج ١ ص ٢٣٤ ولاحظ ذيله.

*

٨

الرجل يزوج ابنه وهو صغير؟ قال: لا بأس، قلت: (هل خ) يجوز الطلاق للاب؟ قال: لا(١) .

واما ان لوليه ان يطلق عنه اذا بلغ فاسد العقل مع مراعاة الغبطة، فهو يقول الاكثر ومنهم الشيخ في النهاية واتباعه، وابن بابويه، وابن الجنيد، وادعى على فخر المحققين، الاجماع.

وقال في الخلاف: لا يجوز للولي ان يطلق عنه، محتجا باجماع الفرقة، والى هذا القول ذهب ابن ادريس.

والمعتمد، الاول (لنا) ما رواه الكليني في الصحيح عن أبي خالد القماط، قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : رجل يعرف امره (رأيه ئل) مرة، وينكره اخرى يجوز طلاق وليه عنه؟ قال: ماله لا يطلق، قلت: لا يعرف حد الطلاق ولا يؤمن عليه ان طلق اليوم ان يقول غدا: لم اطلق، قال: ما أراه إلا بمنزلة الامام يعني الولي(٢) .

والظاهر أن المراد من كونه بمنزلة الامام كونه كذلك في جواز طلاقه عنه كما يفهم من سياق الرواية.

ويدل عليه ما رواه الكليني، عن أبي خالد القماط ايضا، عن أبي عبداللهعليه‌السلام في طلاق المعتوه؟ قال: يطلق عنه وليه فاني أراه بمنزلة الامام (عليه‌السلام خ)(٣) .

وعن شهاب بن عبد ربه، قال: قال ابوعبداللهعليه‌السلام : المعتوه الذي

____________________

(١) الوسائل باب ٣٣ حديث ١ من ابواب مقدمات الطلاق ج ١٥ ص ٣٢٦.

(٢) الوسائل باب ٣٤ حديث ١ من ابواب مقدمات الطلاق ج ١٥ ص ٣٢٧.

(٣) الوسائل باب ٣٥ حديث ٣ من ابواب مقدمات الطلاق ج ١٥ ص ٣٢٩.

*

٩

[ولا يصح طلاق المجنون ولا السكران].

لا يحسن ان يطلق، عنه وليه على السنة(١) .

احتج ابن ادريس باصالة بقاء العقد وصحته، وبقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : الطلاق بيد من أخذ بالساق(٢) ، والزوج هو الذي له ذلك دون غيره.

ولا يخفى جودة هذا القول(٣) لولا ما اوردناه من الروايات الدالة على خلافه.

قوله: (ولا يصح طلاق المجنون ولا السكران) المراد بالمجنون المطبق، اما ذو الادوار فيصح طلاقه في زمن افاقته قطعا وليس لوليه الطلاق عنه كما صرح به العلامة في القواعد.

وبالسكران من بلغ بتناول المسكر حدا رفع قصده، وقال بعض الفضلاء في حده: انه الذي اختلط كلامه المنظوم وانكشف سره المكتوم.

ويدل على عدم صحة طلاق المجنون والسكران مضافا إلى الاجماع ما رواه الكليني في الحسن، عن الحلبي، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: سألته عن طلاق السكران، فقال: لا يجوز ولا كرامة(٤) .

وعن الحلبي، قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام ، عن طلاق المعتوه الذاهب العقل أيجوز طلاقه؟ قال: لا(٥) .

____________________

(١) الوسائل باب ٣٥ حديث ٢ من ابواب مقدمات الطلاق ج ١٥ ص ٣٢٩.

(٢) عوالي اللآلي: ج ١ ص ٢٣٤ ولاحظ ذيله.

(٣) في هامش بعض النسخ هكذا: مما حررنا يعلم أن ما ذكره العلامة في المختلف من التشنيع على ابن ادريس بهذا القول حتى أنه قال: وقال ابن إدريس وبئس ما قال: ولا يجوز للولي أن يطلق عنه وقع في غير محله، والعجب انه لم ينقل ذلك عن الشيخ في الخلاف، ولا دعواه الاجماع عليه منه.

(٤) الوسائل: باب ٣٦ حديث ١ من ابواب مقدمات النكاح ج ١٥ ص ٣٣٠.

(٥) الوسائل باب ٣٦ حديث ٤ من ابواب مقدمات الطلاق ج ١٥ ص ٣٢٧.

*

١٠

[ولا المكره] وقد عرفت حكم طلاق الولي عن المجنون.

اما السكران فلا يصح طلاق وليه عنه كما لا يصح طلاقه عن النائم والمغمى عليه، لانتفاء النص المقتضي للصحة، ولاشتراك الجميع في ان لهم امدا مترقبا وذلك موضع وفاق.

قوله: (ولا المكره) اجمع الاصحاب وغيرهم ظاهرا على أن الاختيار شرط في صحة الطلاق، فلا يصح طلاق المكره كما لا يصح شئ من تصرفاته.

ويدل عليه مضافا إلى الاجماع روايات (منها) ما رواه الكليني في الحسن عن زرارة، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سألته عن طلاق المكره وعتقه، فقال: ليس طلاقه بطلاق ولا عتقه بعتق(١) .

ويتحقق الاكراه بتوعده بما يكون مضرا به بحسب حاله في نفسه أو من يجري مجراه مع قدرة المتوعد على فعل ما توعد به وحصول الظن بأنه يفعله به لو لم يفعل.

ولا فرق في المتوعد به بين كونه قتلا، وجرحا، وضربا، وشتما واخذ مال، ويختلف ما عدا القتل والجرح باختلاف طبقات الناس واحوالهم فقد يؤثر قليل الشتم في الوجيه الذي ينقصه ذلك ولا يبالي بعضهم بالضرب وقد يضر بحال بعضهم اخذ عشرة دراهم لفقره، ولا يضر بحال بعضهم أخذ مائة ليساره.

والضابط في ذلك حصول الضرر عرفا بوقوع المتوعد به.

ولو خير الزوج بين الطلاق ودفع مال غير مستحق والزم بأحد الامرين فهو اكراه، بخلاف ما لو خير بينه وبين فعل يستحقه الآمر من دفع مال أو غيره.

ولو اكرهه على طلاق امرأة بعينها فطلق غيرها صح.

____________________

(١) الوسائل باب ٣٧ حديث ١ من ابواب مقدمات الطلاق ج ١٥ ص ٣٣١.

*

١١

وكذا لو اكرهه على طلقة فطلق أزيد، لان ذلك يشعر باختياره فيما أتى به.اما لو اكرهه على طلاق احدى الزوجتين فطلق معينة فالاصح انه اكراه، اذ لا يمكن التخلص من الضرر المتوعد به بدون ذلك.

ولا يشترط في الحكم ببطلان طلاق المكره، التورية ان امكنت.ولو طلق المكره ناويا الطلاق قيل: يقع، وهو اختيار العلامة في التحرير، وجدي في الروضة والمسالك، لحصول اللفظ والقصد، ولان القصد لا اكراه عليه فلولا حصول الرضا بالعقد لما قصد اليه.

وقيل: يبطل، اذ المفروض انه لولا الاكراه لما فعله، وعقد المكره باطل بالنص والاجماع، والمسألة محل اشكال.

(تفريع) لو تلفظ بالطلاق ثم قال: كنت مكرها فانكرته المرأة، فان كان هناك قرينة تدل على صدقه بأن كان محبوسا أو في يد متغلب أو نحو ذلك فقد قطع الاصحاب بقبول قوله في ذلك بيمينه.

وهو جيد، لان القصد إلى العقد والرضا به شرط في صحة العقد لكن لما لم يكن الاطلاع على الرضا غالبا الا باللفظ الدال عليه اكتفى الشارع به اذا لم تقم قرينة على عدم الرضا، اما مع وجود القرينة الدالة على انتفائه، فلا يكفي التعويل على دلالة اللفظ لانتفاء الدليل عليه والاصل عدمه.

لكن لا يخفى أن اللازم من هذا التوجيه بناء على الحكم ببطلان طلاق المكره مطلقا الحكم ببطلان طلاق من ادعى الاكراه مع القرائن الدالة على صدق دعواه من غير يمين، وانما يتجه الافتقار إلى اليمين ان قلنا بصحته اذا انضم اليه القصد لكن يكون الحلف على عدم القصد إلى الطلاق لا على حصول الاكراه.

١٢

[ولا المغضب مع ارتفاع القصد].

ولو طلق في المرض ثم قال: كنت مغشيا علي أو مسلوب القصد، قيل: لم يقبل قوله الا ببينة لان الاصل عدم زوال العقل، وهو(١) جيد اذا طابقه الظاهر.

اما لو ظهر من حال المريض اختلاط كعدم انتظام كلامه واضطراب احواله ثم ادعى زوال العقل، فالاظهر قبول قوله كما في دعوى الاكراه.

قوله: (ولا المغضب مع ارتفاع القصد) أجمع الاصحاب على اعتبار القصد في صحة التصرفات اللفظية من الطلاق وغيره ويدل عليه روايات (منها) رواية زرارة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: لا طلاق الا ما اريد به الطلاق(٢) .

ورواية هشام بن سالم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: لا طلاق إلا لمن اراد الطلاق(٣) .

ورواية محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام انه قال: ولا يقع الطلاق باكراه ولا اجبار ولا على سكر ولا على غضب(٤) .

ويستفاد من اعتبار القصد انه لا يصح طلاق الساهي، والنائم، والغالط، والهازل، والمغضب الذي ارتفع قصده، والاعجمي الذي لقن الصيغة ولا يفهم معناها.

ولو ادعى المطلق عدم القصد إلى مدلول اللفظ مع علمه به لم يقبل منه كما في سائر التصرفات القولية، لان الظاهر من حال العاقل المختار، القصد إلى مدلول اللفظ الذي يتكلم به، فاخباره بخلافه مناف للظاهر.

____________________

(١) في بعض النسخ: وهو غير جيد.

(٢) الوسائل باب ١١ حديث ٣ من ابواب مقدمات الطلاق ج ١٥ ص ٢٨٦.

(٣) الوسائل باب ١١ حديث ٤ من ابواب مقدمات الطلاق ج ١٥ ص ٢٨٦.

(٤) لم ينقله في الوسائل ولم يذكره في الكافي والتهذيب بعنوان جزء من الحديث نعم ذكر هذه العبارة فيمن لا يحضره الفقيه، لكن الظاهر انه من كلام الصدوقرحمه‌الله راجع الفقيه طبع مكتبة الصدوق ج ٣ ص ٤٩٧ نعم يظهر من المجلس الاول انه من تتمة الحديث راجع ج ٩ ص ٣٧ من روضة المتقين.

*

١٣

[(الركن الثاني) في المطلقة، ويشترط فيها الزوجية والدوام].

واطلق جمع من الاصحاب منهم المصنف في الشرائع ان المطلق لو قال: لم اقصد الطلاق، قبل منه ظاهرا ودين بنيته باطنا وان تأخر تفسيره لم تخرج (عن خ) العدة فلا (ولا خ) بأس به اذا كانت العدة رجعية، لان ذلك يعد رجعة كانكار الطلاق.

اما في العدة البائنة فمشكل، فان الزوجية معها زائلة بالكلية فحكمها في ذلك حكم ما بعد العدة.

وربما حمل كلامهم على ارادة العدة الرجعية، وهو بعيد، لانهم عللوا القبول بأن ذلك اخبار عن نيته فقبل قوله فيه، وذلك مما يأبى هذا الحمل.

قوله: (الركن الثاني في المطلقة، ويشترط الخ) لا خلاف بين الاصحاب في أن المطلقة يشترط فيها، الزوجية، والدوام، لان الطلاق حكم شرعي، فيجب الاقتصار فيه على ما جعله الشارع سببا للبينونة، ولم ينقل عنه وقوع الطلاق بغير الزوجة، ولا بالمستمتع بها فيجب نفيه.

وخالف في ذلك العامة فحكم بعضهم بوقوعه على الاجنبية مطلقا، وبعضهم وقوعه اذا علقه بتزويجها بمعنى احتساب ذلك من الطلقات الثلاث المحرمة على تقدير تزويجها.

ولا ريب في بطلان ذلك، وقد روى الكليني في الصحيح، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سألته عن رجل قال: ان تزوجت فلانة فهي طالق، فقال: ليس بشئ لا يطلق الا ما يملك(١) .

وعن عبدالله بن سليمان، عن أبيه، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام انه

____________________

(١) الوسائل باب ١٢ قطعة حديث ٢ من ابواب مقدمات الطلاق ج ١٥ ص ٢٨٧ ولم ينقل الشارح قده جملتين من الحديث فراجع.

*

١٤

[والطهارة من الحيض والنفاس اذا كانت مدخولا بها وزوجها حاضرا معها].

قال: انما الطلاق بعد النكاح(١) .

وفي رواية سماعة: لا يكون طلاق حتى يملك عقدة النكاح(٢) .

قوله: (والطهارة من الحيض والنفاس الخ) اتفق العلماء كافة على تحريم طلاق الحائض، وفي معناها النفساء.

وأجمع الاصحاب على بطلان الطلاق على تقدير وقوعه، واخبارهم به ناطقة.

فروى الشيخ في الصحيح عن محمد الحلبي، قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام الرجل يطلق امرأته وهي حائض؟ قال: الطلاق على غير السنة باطل(٣) .

وفي الصحيح، عن زرارة، ومحمد بن مسلم، وبكير، وبريد، وفضيل، واسماعيل الازرق، ومعمر بن يحيى، عن أبي جعفر وأبي عبداللهعليهما‌السلام انهما قالا: اذا طلق الرجل في دم النفاس او طلقها بعد ما غشيها (يمسها خ ل ئل) فليس طلاقه اياها بطلاق، وان طلقها في استقبال عدتها طاهرا من غير جماع ولم يشهد على ذلك رجلين عدلين، فليس طلاقه اياها بطلاق(٤) .

وفي الحسن، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن رجل طلق امرأته بعد ما غشيها بشهادة عدلين، قال: ليس هذا طلاقا، فقلت: جعلت فداك كيف طلاق السنة؟ قال: يطلقها اذا طهرت من

____________________

(١) الوسائل باب ١٢ ذيل حديث ٣ من ابواب مقدمات الطلاق ج ١٥ ص ٢٨٧.

(٢) الوسائل باب ١٢ ذيل حديث ٥ من ابواب مقدمات الطلاق ج ١٥ ص ٢٨٨.

(٣) و(٤) الوسائل صدره في باب ٨ حديث ٥ من أبواب مقدمات الطلاق ج ١٥ ص ٢٧٨ وذيله في باب ١٠ حديث ٣ منها.

*

١٥

[ولو كان غائبا صح، وقد قدر الغيبة اضطراب محصله انتقالها من طهر إلى آخر].

حيضها قبل أن يغشيها بشاهدين عدلين كما قال عزوجل في كتابه، فان خالف ذلك رد إلى كتاب الله(١) .

والاخبار الواردة بذلك كثيرة جدا.

واستثنى من ذلك غير المدخول بها، والغائب عنها زوجها، والحامل على القول بانها تحيض، لما رواه ابن بابويه في الصحيح عن جميل بن دراج عن اسماعيل بن جابر الجعفي عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: خمس يطلقن على كل حال: (المتيقن) المستبين خ ل حملها، والتي لم يدخل بها زوجها، والغائب عنها زوجها، والتي لم تحض، والتي قد جلست من الحيض(٢) .

قال ابن بابويه: وفي خبر آخر: والتي قد يئست من الحيض(٣) .

وما رواه الكليني في الحسن، عن الحلبي، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: لا بأس بطلاق خمس على كل حال، الغائب عنها زوجها، والتي لم تحض، والتي لم يدخل بها والحبلى، والتي قد يئست من المحيض(٤) .

قوله: (ولو كان غائبا صح وفي قدر الغيبة اضطراب الخ) اجمع الاصحاب على ان طلاق الحائض اذا كان زوجها غائبا جاز في الجملة.

وانما اختلفوا في انه هل يكفي في جوازه مجرد الغيبة أم لا بد معه من أمر آخر؟ فذهب شيخنا المفيد، وعلي بن بابويه، وابن أبي عقيل وغيرهم إلى جواز طلاقها اذا كانت بحيث لا يمكنه استعلام حالها من غير تربص، وادعى ابن أبي

____________________

(١) الوسائل باب ١٠ حديث ٤ من أبواب مقدمات الطلاق ج ١٥ ص ٢٨٢.

(٢) الوسائل باب ٢٥ حديث ١ من ابواب اقسام الطلاق ج ١٥ ص ٣٠٥.

(٣) الوسائل باب ٢٥ حديث ٢ من ابواب اقسام الطلاق ج ١٥ ص ٣٠٥.

(٤) الوسائل باب ٢٥ حديث ٣ من ابواب اقسام الطلاق ج ١٥ ص ٣٠٦.

*

١٦

عقيل تواتر الاخبار بذلك.

وقال الصدوق فيمن لا يحضره الفقيه: واذا اراد الغائب ان يطلق امرأته فحد غيبته التي اذا غابها كان له ان يطلق متى شاء، اقصاه خمسة أشهر أو ستة أشهر، وأوسطه ثلاثة أشهر، وأدناه شهر، والى هذا القول ذهب الشيخ في النهاية، فانه قال: وكذلك ان كان غائبا عنها شهرا فصاعدا وقع طلاقه اذا طلقها وان كانت حائضا، وتبعه ابن البراج، وابن حمزة.

وذهب ابن الجنيد إلى اعتبار مضي ثلاثة اشهر واختاره العلامة في المختلف.

واعتبر الشيخ في الاستبصار مضي مدة يعلم او يظن بحسب عادتها انتقالها من الطهر الذي واقعها فيه إلى آخر، وانه لا يتقيد عدة غير ذلك، والى هذا القول ذهب المصنفرحمه‌الله واكثر المتأخرين.

ومنشأ الاختلاف في هذه المسألة اختلاف الروايات فقد ورد في بعضها أن الغائب يطلق زوجته على كل حال كصحيحة اسماعيل الجعفي(١) وحسنة الحلبي(٢) المتقدمتين.

وصحيحة محمد بن مسلم، عن احدهماعليهما‌السلام قال: سألته عن الرجل يطلق امرأته وهو غائب قال: يجوز طلاقه على كل حال وتعتد امرأته من يوم طلقها(٣) .

وورد بعضها انه لا يطلقها الا بعد شهر، كموثقة إسحاق بن عمار، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: الغائب اذا اراد ان يطلق امرأته تركها شهرا(٤) .

____________________

(١) الوسائل باب ٢٥ حديث ١ من ابواب مقدمات الطلاق ج ١٥ ص ٣٠٥.

(٢) الوسائل باب ٢٥ حديث ٣ من ابواب مقدمات الطلاق ج ١٥ ص ٣٠٦.

(٣) الوسائل باب ٢٦ حديث ١ من ابواب مقدمات الطلاق ج ١٥ ص ٣٠٧.

(٤) الوسائل باب ٢٦ حديث ٣ من ابواب مقدمات الطلاق ج ١٥ ص ٣٠٧ وفيه: اذا أراد أن يطلقها.

*

١٧

وورد في خبر آخر اعتبار ثلاثة أشهر كصحيحة جميل بن دراج، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: الرجل اذا خرج من منزله إلى السفر فليس له ان يطلق حتى يمضي ثلاثة أشهر(١) .

وموثقة اسحاق بن عمار، قال: قلت لابي ابراهيمعليه‌السلام الغائب الذي يطلق كم غيبته؟ قال: خمسة أشهر، ستة أشهر، قلت: حد دون ذلك؟ قال: ثلاثة أشهر(٢) .

قال في الاستبصار: الوجه في الجمع بين هذين الخبرين والخبر الاول يعني رواية اسحاق بن عمار المتضمنة لاعتبار الشهر أن نقول: الحكم يختلف باختلاف عادة النساء في الحيض، فمن علم من حال امرأته أنها تحيض في كل شهر حيضة، يجوز له ان يطلق بعد انقضاء الشهر، ومن يعلم انها لا تحيض الا في كل ثلاثة أشهر أو خمسة أشهر لم يجز له أن يطلقها الا بعد مضي هذه المدة، وكأن المراعى في ذلك مضي حيضة وانتقالها إلى طهر لم يقربها فيه بجماع، وذلك يختلف على ما بيناه.

واستحسن هذا الجمع المصنفرحمه‌الله ، وهو مشكل، اذ ليس في شئ من هذه الروايات اشهار بهذا الجمع.

وأيضا فان السؤال وقع فيها عن مطلق المطلق لا عن واقعة مخصوصة حتى يتوجه احتمال كون المطلقة المسؤول عنها معتادة لتلك العدة فحملها على العادات المختلفة بعيد جدا.

والذي يقتضيه الجمع بين الصحيحة بعد اطراح غيرها اعتبار الثلاثة أشهر، حملا لما اطلق فيه من الاخبار جواز طلاق الغائب، على هذا المقيد.

____________________

(١) الوسائل باب ٢٦ حديث ٧ من ابواب مقدمات الطلاق ج ١٥ ص ٣٠٨.

(٢) الوسائل باب ٢٦ حديث ٨ من ابواب مقدمات الطلاق ج ١٥ ص ٣٠٨.

*

١٨

ويعضده ان الغالب من حال الغائب عن زوجته ان يكون حالها مجهولا عنده فتكون كالمسترابة التي يجب التربص بها ثلاثة أشهر.

ومع ذلك، فما ذهب إليه شيخنا المفيدرحمه‌الله ومن تبعه من عدم اعتبار التربص غير بعيد من الصواب حملا لما تضمن اعتبار ذلك على الافضلية اذ من المستبعد جدا اطلاق صحة طلاق الغائب على كل حال في الاخبار الصحيحة الواردة في مقام البيان مع كونها مشروطة بأمر غير مذكور وفي موثقة اسحاق بن عمار(١) ، اشعار بذلك ايضا، والمسألة محل تردد، ولا ريب ان اعتبار الثلاثة أشهر كما تضمنته صحيحة جميل بن دراج(٢) اولى واحوط.

اذا تقرر ذلك فنقول: اذا طلق الغائب زوجته بعد مضي المدة المعتبرة صح طلاقها، سواء ظهرت الموافقة، بأن كانت قد انتقلت من طهر المواقعة إلى آخر، أولا، بان ظهر كونها حائضا حال الطلاق أو باقية في طهر المواقعة أو استمر الاشتباه، لان شرط صحة طلاق الغائب مراعاة المدة المعتبرة وقد حصل، والحيض هنا غير مانع ولا استبراء الرحم بمعتبر، بل المعتبر انقضاء المدة المعتبرة لا غير، (وقد حصل خ).

ولو طلقها قبل مضي المدة المعتبرة ثم تبين عدم انتقالها من طهر المواقعة وكونها حائضا في حال الطلاق أو استمر الاشتباه بطل لعدم حصول الشرط وهو مضي المدة المعتبرة.

ولو ظهر بعد الطلاق وقوعه في طهر لم يقربها فيه، ففي صحة الطلاق وجهان من حصول شرط الصحة في نفس الامر، ومن انتفاء الشرط، وهو مضي المدة.

واستوجه في المسالك أن يجعل ظهور اجتماع الشرائط، كاشفا عن صحته

____________________

(١) الوسائل باب ٢٦ حديث ٨ من ابواب مقدمات الطلاق ج ١٥ ص ٣٠٨.

(٢) الوسائل باب ٢٦ حديث ٧ من ابواب مقدمات الطلاق ج ١٥ ص ٣٠٨.

*

١٩

[ولو خرج في طهر لم يقربها فيه صح طلاقها من غير تربص ولو اتفقا في الحيض.

والمحبوس عن زوجته كالغائب]. خصوصا مع جهله ببطلان الطلاق من دون مراعاة الشرط لقصده حينئذ إلى طلاق صحيح ثم ظهر اجتماع شرائطه.

وهو مشكل (جدا خ) لاطلاق النص الدال على اعتبار المدة في الغائب ولم تحصل هنا.

قوله: (ولو خرج في طهر لم يقربها فيه صح طلاقها الخ) هذا الحكم ذكره الشيخ في النهاية، وجمع من الاصحاب. وهو مشكل لاطلاق ما تضمن اعتبار مضي المدة في الغائب، فانه يتناول باطلاقه من خرج في طهر المواقعة، وغيره. ولان ما تضمن بطلان طلاق الحائض متناول لهذه الصورة كما يتناول غيرها، فيتوقف الحكم بالصحة في هذه الصورة على وجود دليل يدل عليه، نعم لو قيل: بأن من هذا شأنه يصح طلاقه من غير تربص اذا اتفق وقوع الطلاق في الطهر، كان متعهدا لان الحاضر يقع طلاقه على هذا الوجه فالغائب أولى، لانه اخص حكما منه.

قوله: (والمحبوس عن زوجته كالغائب) المراد ان الحاضر اذا كان بحيث لا يمكنه الوصول إلى زوجته حتى يعلم حيضها كالمحبوس، فهو بمنزلة الغائب في اعتبار مضي المدة أو ظن انتقالها من طهر إلى آخر. لكن ورد هنا الاكتفاء بشهر، روى ذلك الكليني في الصحيح عن عبدالرحمان بن الحجاج، قال: سألت ابا الحسنعليه‌السلام عن رجل تزوج امرأة سرا من اهلها (اهله خ ل فيه) وهي بمنزل (في منزل خ ل) اهلها (اهله خ ل فيه) وقد اراد ان يطلقها وليس يصل اليها، فيعلم طمثها اذا طمثت ولا يعلم بطهرها اذا

٢٠