نهاية المرام الجزء ٢

نهاية المرام0%

نهاية المرام مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 368

نهاية المرام

مؤلف: صاحب المدارك السيد العاملي
تصنيف:

الصفحات: 368
المشاهدات: 42842
تحميل: 5417


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 368 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 42842 / تحميل: 5417
الحجم الحجم الحجم
نهاية المرام

نهاية المرام الجزء 2

مؤلف:
العربية

[ولو طلق ولم يشهد ثم اشهد كان الاول لغوا].

انواع الفسق، الخروج عن الايمان كما هو واضح.

وهاتان الروايتان مع صحتهما سالمتان من المعاض فيتجه العمل بهما.

قال في المسالك: ويتفرع على المشهور من اعتبار عدالة الشاهدين بمعنى ملكة التقوى والمروة أن المعتبر ثبوتها ظاهرا لا في نفس الامر، لانه لا يطلع عليه الا الله والشاهد، فلو اعتبر ذلك في حق غيرهما لزم التكليف بما لا يطاق وحينئذ فلا يقدح فسقهما في نفس الامر في صحة الطلاق مع ظهور عدالتهما، ولا يشترط حكم الحاكم بها، بل ظهورها عند المطلق ومن يرتب على الطلاق حكما، وهل يقدح فسقهما في نفس الامر بالنسبة اليهما حتى لا يصح لاحدهما ان يتزوج بها ام لا، نظرا إلى حصول شرط الطلاق، وهو العدالة ظاهرا؟ وجهان، وكذا لو علم الزوج فسقهما مع ظهور عدالتهما، ففي الحكم بوقوع الطلاق بالنسبة إليه حتى يسقط عنه حقوق الزوجية، فتستبيح اختها والخامسة؟ الوجهان، والحكم بصحته فيهما لا يخلو من قوة (انتهى كلامهرحمه‌الله ).

وما ذكره أولا من انه لا يقدح فسقهما في نفس الامر بالنظر اليهن، جيد، لتحقق الشرط وهو اشهاد العدلين ظاهرا، اما مع معرفة الزوج بفسقهما، فيشكل الحكم بالصحة، لعدم حصول الشرط، وهو اشهاد العدلين، اذ المفروض ظهور فسقهما عند الزوج فيتجه البطلان كذلك، والله العالم.

قوله: (ولو طلق ولم يشهد ثم اشهد كان الاول لغوا) انما كان لغوا لعدم اجتماع شرائط الصحة فيه.

واما الثاني، فان استجمع الشرائط صح والا فلا.

وفي صحيحة أحمد بن محمد، قال: سألته عن الطلاق، فقال: على طهر وكان عليعليه‌السلام يقول: لا يكون طلاق الا بالشهود، فقال له رجل إن طلقها ولم يشهد ثم اشهد بعد ذلك بأيام فمتى تعتد؟ فقال: من اليوم الذي اشهد فيه على

٤١

[ولا تقبل فيه شهادة النساء. النظر الثاني: في أقسامه وينقسم إلى بدعة وسنة. فالبدعة، طلاق الحائض مع الدخول وحضور الزوج أو غيبته دون المدة المشترطة، وفي طهر قد قربها فيه، وطلاق الثلاث المرسلة وكله لا يقع].

الطلاق(١) .

والظاهر أن هذا الاطلاق مقيد بما ذكرناه، والله أعلم.

قوله: (ولا تقبل فيه شهادة النساء) لا منفردات ولا منضمات إلى الرجل وهذا الحكم موضع وفاق وقد تقدم من النص(٢) ما يدل عليه.

قوله: (النظر الثاني في أقسامه وينقسم إلى بدعة وسنة الخ) المراد بطلاق السنة الذي هو قسيم للبدعة، الطلاق الشرعي اعني الجائز شرعا ومقتضى ذلك ان طلاق البدعة ما قابله، وهو الباطل شرعا لكن قصره على هذه الانواع الثلاثة غير جيد فان الطلاق الواقع بالكناية بدون الاشهاد باطل ايضا، وكذا الطلاق أزيد من مرة مرتبا بدون الرجعة.

ويحتمل اختصاص طلاق البدعة بهذه الانواع الثلاثة ويكون الطلاق الباطل اعم منه فان ذلك اصطلاح لا مشاحة فيه.

لكن على هذا لا يكون القسمة حاصرة، فان المقسم مطلق الطلاق الذي

____________________

(١) الوسائل باب ١٠ حديث ١٠ من ابواب مقدمات الطلاق ج ١٥ ص ٢٨٤.

(٢) راجع الوسائل باب ٢٤ حديث ٢ ٤ ٥ ٧ ١١ ١٧ ٢٥ ٤٢ ٥٠ من كتاب الشهادات ج ١٨ ص ٢٥٨ ٢٦٩.

*

٤٢

[وطلاق السنة ثلاث: بائن، ورجعي، وللعدة (والعدة خ)].

هو اعم من الصحيح الفاسد.

وقول المصنف: (وكله لا يقع) ظاهر في الاولين اما في الاخير فالبطلان يتعلق بالمجموع من حيث هو مجموع، فلا ينافي الحكم بصحة الواحدة عند المصنف كما سبق.

ويحتمل عود الضمير في قوله: (وكله) إلى طلاق الثلاث المرسلة لا إلى جميع ما سبق، لكنه بعيد، ولقد اجاد العلامة في القواعد حيث قال: والكل باطل الا الاخير فانه يقع واحد.

قوله: (وطلاق السنة ثلاث باين ورجعي وللعدة) لا يخفى ان جعل طلاق العدة قسيم الرجعي غير جيد، لان طلاق العدة من اقسام الرجعي، بل من اظهرها حيث حصل فيه الرجوع في العدة، فلا يستقيم جعله قسيما له المقتضى لمغايرته اياه، ولقد كان الاولى تقسيم (ان يقسم خ ل) الطلاق إلى الباين والرجعي ثم تقسيم الطلاق الرجعي إلى طلاق العدة وغيره كما فعل في التحرير.

واعلم انه قد اشتهر في الاخبار وكلام الاصحاب تقسم الطلاق إلى طلاق السنة وطلاق العدة.

وممن صرح بذلك، الشيخ في النهاية، فانه قال: واذا اراد الرجل ان يطلق امرأته التي دخل بها وهو غير غائب عنها طلاق السنة فليطلقها وهي طاهر طهرا لم يقربها فيه بجماع ويشهد على ذلك شاهدين تطليقة واحدة ثم يتركها حتى تخرج من العدة، فاذا خرجت من العدة ملكت نفسها وكان خاطبا من الخطاب، وما لم تخرج من عدتها فهو املك برجعتها، واذا أراد ان يتزوجها عقد عليها عقدا جديدا بمهر جديد.

ثم قال: ومتى اراد ان يطلقها بطلاق العدة فليطلقها كما قدمناه إلى آخر ما ذكره.

٤٣

والاصل في ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: طلاق السنة يطلقها تطليقة يعني على طهر من غير جماع بشهادة شاهدين ثم يدعها حتى يمضي اقرائها فاذا مضت اقرائها فقد بانت منه وهو خاطب من الخطاب ان شاء‌ت نكحته وان شاء‌ت فلا، واذا (ان ئل) اراد ان يراجعها اشهد على رجعتها قبل ان يمضي اقرائها فتكون عنده على التطليقة الماضية(١) .

وفي الصحيح، عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام انه قال: كل طلاق لا يكون عن السنة او على طلاق العدة فليس بشئ، قال زرارة: قلت لابي جعفرعليه‌السلام : فسر لي طلاق السنة وطلاق العدة فقال: اما طلاق السنة فاذا اراد الرجل ان يطلق امرأته فلينتظر بها حتى تطمث وتطهر، فاذا خرجت من طمثها طلقها تطليقة من غير جماع ويشهد شاهدين على ذلك ثم يدعها حتى تطمث طمثتين فتنقضي عدتها بثلاث حيض وقد بانت منه ويكون خاطباب من الخطاب ان شاء‌ت تزوجته وان شاء‌ت لم تزوجه، وعليه نفقتها والسكنى ما دامت في عدتها وهما يتوارثان حتى تنقضي العدة (عدتها ئل)، قال: واما طلاق العدة التي قال الله تعالى: فطلقوهن لعدتهن واحصوا العدة، فاذا اراد الرجل منكم ان يطلق امرأته طلاق العدة فلينتظر بها حتى تحيض وتخرج من حيضها ثم يطلقها تطليقة من غير جماع ويشهد (بشهادة ئل) شاهدين عدلين ويراجعها من يومه ذلك ان احب او بعد ذلك بأيام قبل ان تحيض ويشهد على رجعتها ويواقعها وتكون معه حتى تحيض، فاذا حاضت وخرجت من حيضها طلقها تطليقة اخرى من غير جماع، ويشهد على

____________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ٢ من ابواب اقسام الطلاق ج ١٥ ص ٣٤٤ وله ذيل نقلا عن أبي بصير فلاحظ.

*

٤٤

ذلك ثم يراجعها ايضا متى شاء قبل ان تحيض ويشهد على رجعتها ويواقعها وتكون معه إلى ان تحيض الحيضة الثالثة، فاذا خرجت من حيضتها الثالثة طلقها التطليقة الثالثة بغير جماع ويشهد على ذلك، فاذا فعل ذلك فقد بانت منه ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، قيل له: وان كان ممن لا تحيض؟ فقال: مثل هذه تطلق طلاق السنة(١) .

ومقتضى النص وكلام الاصحاب أن طلاق السنة من اقسام الطلاق الرجعي، وانه الطلاق الرجعي الذي لا يحصل فيه الرجوع في العدة وبذلك صرح ابن ادريس في سرائره والعلامة في جملة من كتبه.

ومن ذلك يعلم ان ما ذكره جديقدس‌سره في المسالك، من ان طلاق السنة بالمعنى الاخص اعم من البائن والرجعي، غير جيد، لكنه قال في آخر كلامه: وما ذكرناه من ان الطلاق السني بالمعنى الاخص اعم من البائن والرجعي هو مدلول فتاوى الاصحاب اجمع، ولكن الظاهر من الاخبار اختصاصه بالطلاق الرجعي وعلى هذا فيكون من اقسامه كطلاق العدة.

وهو جيد، لكن اسناد الاول إلى فتاوى الاصحاب اجمع وقع في غير محله.

وقد ظهر مما حررناه ان الطلاق الشرعي الذي هو طلاق السنة بالمعنى الاعم ينقسم إلى بائن ورجعي، والطلاق الرجعي ينقسم إلى طلاق السنة بالمعنى الاخص وهو الطلاق الرجعي الذي لم يحصل فيه الرجوع في العدة وطلاق العدة، وهو الطلاق الرجعي الذي قد حصل فيه الرجوع في العدة والوطئ.

لكن لا يخفى ان الطلاق الرجعي لا ينحصر في هذين القسمين، فان من

____________________

(١) اورد صدره في الوسائل باب ١ حديث ١ وذيله في باب ٢ حديث ١ من ابواب اقسام الطلاق ج ١٥ ص ٣٤٤ ٣٤٨.

*

٤٥

[فالبائن ما لا يصح معه الرجعة، وهو طلاق اليائسة على الاظهر، ومن لم يدخل بها، والصغيرة، والمختلعة والمبارأة ما لم ترجعا في البذل، والمطلقة ثلاثا بينها رجعتان. والرجعى ما يصح معه الرجعة ولو لم يرجع.وطلاق العدة ما يرجع فيه ويواقع ثم يطلق فهذه تحرم في التاسعة تحريما مؤبدا].

راجع في العدة ولم يواقع لا يكون طلاقه للسنة ولا للعدة.

قوله: (فالبائن ما لا يصح معه الرجوع الخ) الخلاف هنا وقع في طلاق اليائسة والصغيرة، والاصح انهما باينان، وسيجيئ الكلام في هذه المسائل مفصلا.

قوله: (والرجعي ما يصح معه الرجعة ولم لم يرجع) ربما يتوجه على هذا التعريف، الدور، حيث أخذ الرجعة في تعريف الرجعي، مع انه مجمل جدا.

وكان الاولى ان يقول: والرجعى ما عدا ذلك كما فعله العلامة في القواعد والارشاد.

ويندرج في الرجعي طلاق المختلعة والمبارأة بعد رجوعهما في البذل فيكون طلاقهما تارة من أقسام البائن وتارة من اقسام الرجعي.

قوله: (وطلاق العدة ما يرجع فيه ويواقع ثم يطلق فهذه تحرم في التاسعة تحريما مؤبدا) هذا هو القسم الثالث من اقسام الطلاق على ما اعتبره المصنف من التفسير (التقسيم خ) وقد عرفت ان الطلاق العدي من اقسام الرجعي لا قسيم له ولا فائدة ذكره من بين اقسام الرجعي ما يترتب عليه من الاحكام الخاصة، وهي التحريم في التاسعة مؤبدا والافتقار بعد كل ثلاث (ثلاثة خ ل) إلى المحلل اجماعا.

ومقتضى كلام المصنفرحمه‌الله أن طلاق العدة انما يتحقق بالرجوع في العدة والمواقعة ثم الطلاق بعد ذلك.

٤٦

واعتبر العلامة في القواعد طلاق العدة الرجوع في العدة والمواقعة، ولم يعتبر الطلاق ثانيا.

وربما لاح من كلام الشيخ في النهاية وجماعة ان الطلاق الواقع بعد المراجعة والمواقعة، يوصف بكونه عديا وان لم يقع بعده رجوع ووقاع، لكن الطلاق الثالث لا يوصف بكونه عديا الا اذا وقع بعد الرجوع والوقاع وفي بعض الروايات(١) دلالة عليه.

وقد نقل جمع من الاصحاب، الاجماع على أن المطلقة تسعا للعدة تحرم مؤبدا ولم ينقلوا على ذلك دليلا.

والذي وقفت عليه في ذلك ما رواه الكليني، عن زرارة بن اعين وداود بن سرحان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام انه قال: الملاعنة اذا لاعنها زوجها لم تحل له أبدا، والذي يتزوج المرأة في عدتها وهو يعلم لا تحل له أبدا، والذي يطلق الطلاق الذي لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره ثلاث مرات (وتزوج ثلاث مرات كا ئل) لا تحل له أبدا، والمحرم اذا تزوج وهو يعلم انه حرام عليه لم تحل له أبدا(٢) .

وفي الصحيح، عن جميل بن دراج، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، وإبراهيم بن عبدالحميد، عن أبي عبدالله وأبي الحسن صلوات الله عليهما، قال: اذا طلق الرجل المرأة فتزوجت ثم طلقها زوجها فتزوجها الاول ثم طلقها فتزوجت رجلا ثم طلقها فتزوجها الاول ثم طلقها هكذا ثلاثا لم تحل له أبدا(٣) .

____________________

(١) ولعلهرحمه‌الله اراد ما في رواية ١ من باب ٢ من ابواب اقسام الطلاق فراجع الوسائل ج ١٥ ص ٣٤٨.

(٢) أورد قطعة في باب ٣١ حديث ١ من ابواب ما يحرم بالمصاهرة ج ١٤ ص ٣٧٨ وقطعة منه في باب ٤ حديث ٤ من ابواب اقسام الطلاق ج ١٥ ص ٣٥٨.

(٣) الوسائل باب ١١ حديث ٢، من ابواب ما يحرم بالمصاهرة ج ١٤ ص ٤٠٨.

*

٤٧

[وما عداها تحرم في كل ثالثة حتى تنكح زوجا غيره.

وهنا مسائل : (الاولى) لا يهدم استيفاء العدة تحريم الثلاثة

واطلاق الرواية الاولى وخصوص الثانية يقتضي حصول التحريم بالطلقات التسع التي ليست للعدة، لكن لا أعلم بمضمونها قائلا.

قوله: (وما عداها تحرم في كل ثالثة حتى تنكح زوجا غيره) المراد أن كل امرأة استكملت الطلاق ثلاثا فانها تحرم على المطلق حتى تنكح زوجا غيره، سواء كانت مدخولا بها أو لم تكن، راجعها او تركها.

ويدل على هذا الحكم قوله تعالى: فان طلقها يعني الثالثة فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره(١) وهو ما طلاقه شامل لطلاق العدة وغيره، والاخبار الواردة بذلك كثيرة جدا(٢) ، وسنورد طرفا منها في المسألة الآتية.

قوله: (وهنا مسائل (الاولى) لا يهدم استيفاء العدة تحريم الثالثة) المراد انه اذا طلقها واستوفت العدة ثم نكحها بعقد جديد، ثم طلقها وتركها حتى قضت (انقضت خ ل) العدة ثم استانف نكاحها ثم طلقها ثالثة حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره ولا يهدم استيفائها العدة وعدم رجوع الزوج فيها، تحريم الثالثة وكذا لو استوفت العدة في احدى الطلقات.

وهذا الطلاق يشارك طلاق العدة في تحريمها بعد الثالثة إلى أن تنكح زوجا غيره ويفارقه في ان هذه لا تحرم مؤبدا مطلقا بخلاف طلاق العدة حيث يثبت التحريم به مؤبدا في التاسعة وقد تقدم الكلام في ذلك.

____________________

(١) البقرة: ٢٣.

(٢) راجع الوسائل باب ٤ من ابواب اقسام الطلاق ج ١٥ ص ٣٥٧.

*

٤٨

ونقل عن عبدالله بن بكير أنه خالف في الحكم الاول، وقال: ان هذا الطلاق لا يحتاج إلى محلل بعد الثلاث، بل استيفاء العدة يهدم التحريم.

وربما ظهر ذلك من كلام الصدوق في من لا يحضره الفقيه ايضا فانه قال: بعد ان أورد طلاق السنة: ومتى طلقها طلاق السنة فجائز له أن يتزوجها بعد ذلك، وسمي (طلاق السنة) طلاق الهدم متى استوفت قرئها وتزوجها ثانية هدم الطلاق الاول.

ويدل على التحريم مطلقا مضافا إلى ما سبق ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة ومحمد بن مسلم ومن معهما عن الصادقينعليهما‌السلام أنهما قالا: إن الطلاق الذي امر الله به في كتابه وسنة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن اذا حاضت المرأة وطهرت من حيضها اشهد رجلين عدلين قبل أن يجامعها على تطليقة، ثم هو احق برجعتها ما لم يمض ثلاثة قروء، فان راجعها كانت عنده على تطليقتين، وان مضت ثلاثة قروء قبل ان يواقعها فهي املك بنفسها، فان اراد ان يخطبها مع الخطاب خطبها، فان تزوجها كانت عنده على تطليقتين، وما خلا هذا فليس بطلاق(١) .

وفي الصحيح، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : اذا اراد الرجل الطلاق طلقها قبل عدتها من غير جماع، فانه اذا طلقها واحدة ثم تركها حتى يخلو أجلها أو بعده فهي عنده على تطليقة، فان طلقها الثانية فشاء (وشاء ئل) ان يخطبها مع الخطاب ان كان تركها حتى خلا أجلها، وان شاء راجعها قبل ان ينقضي اجلها، فان فعل فهي عنده على تطليقتين، فان طلقها ثلاثا فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، وهي ترث وتورث

____________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ٧ من ابواب اقسام الطلاق، ج ١٥ ص ٣٥٢ منقول بالمعنى في الجملة.

*

٤٩

ما دامت في التطليقتين الاولتين(١) .

وبازاء هذه الروايات روايات اخر دالة، على ان استيفاء العدة يهدم الطلاق ولا تحتاج المطلقة معه إلى محلل بعد الثلاث وهي التي تمسك بها عبدالله بن بكير.

فمن ذلك ما رواه الشيخ عن عبدالله بن بكير، عن زرارة بن اعين قال: سمعت ابا جعفرعليه‌السلام يقول: الطلاق الذي يحبه الله والذي يطلق الفقيه وهو العدل بين المرأة والرجل أن يطلقها في استقبال الطهر بشهادة شاهدين وارادة من القلب ثم يتركها حتى تمضي ثلاثة قروء، فاذا رأت الدم في اول قطرة من الثالثة وهي آخر القرء لان الاقراء هي الاطهار فقد بانت منه، وهي املك بنفسها، فان شاء‌ت وتزوجته وحلت له بلا زوج، فان فعل هذا بها مائة مرة هدم ما قبله وحلت بلا زوج، وان راجعها قبل ان تملك نفسها ثم طلقها ثلاث مرات، يراجعها ويطلقها، لم تحل له الا بزوج(٢) .

وفي معنى هذه الرواية روايات اخر وكلها مشتركة في ضعف السند.

قال الشيخ في التهذيب بعد ان أورد خبر ابن بكير: فهذه الرواية آكد شبهة من جميع ما تقدم من الروايات، لانها لا تحمل شيئا مما قلنا(٣) لكونها مصرحة خالية من وجوه الاحتمال الا ان في طريقها عبدالله بن بكير وقد بينا (قدمنا خ) من الاخبار ما تضمن انه قال حين سئل عن هذه المسألة: (هذا مما رزق الله من

____________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ٨ من ابواب اقسام الطلاق ج ١٥ ص ٣٥٢.

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ١٦ من ابواب اقسام الطلاق ج ١٥ ص ٣٥٥.

(٣) ما قاله الشيخ قبل نقل هذه مما يوهم الخلاف (تارة) حمله على ان الزوج الثاني لم يكن قد دخل بها أو كان تزوج متعة او لم يكن بالغا وان كان التزويج دائما (واخرى) حملها على ضرب من التقية لانه مذهب عمر قال: فيجوز ان يكون الحال اقتضت ان يفتيعليه‌السلام بما يوافق مذهبه.

*

٥٠

[(الثانية) يصح طلاق الحامل للسنة كما يصح للعدة على الاشبه]

الرأي)(١) .

ثم قال: ومن هذه صورته فيجوز ان يكون اسند ذلك إلى رواية زرارة نصرة لمذهبه الذي كان أفتى به، وانه لما رآى اصحابه لا يقبلون ما يقوله برأيه اسنده إلى من رواه عن أبي جعفرعليه‌السلام ، وليس عبدالله بن بكير معصوما لا يجوز عليه هذا، بل وقع منه من العدول، عن اعتقاد مذهب الحق إلى اعتقاد مذهب الفطحية، ما هو معروف من مذهبه، والغلط في ذلك اعظم من الغلط في اسناد فتيا الغلط فيمن يعتقد صحتها لشبهة دخلت إلى بعض اصحاب الائمةعليهم‌السلام ، واذا كان الامر على ما قلناه لم تعترض هذه الرواية أيضا، ما قدمناه هذا كلامهرحمه‌الله .

ولا يخفى ما فيه من القدح العظيم في عبدالله بن بكير، مع ان الكشي قد نقل اجماع العصابة على تصحيح ما يصح عنه وأقروا له بالفقه.

وكيف كان فلا ريب في ضعف هذا القول.

قوله: (الثانية) يصح طلاق الحامل للسنة كما يصح للعدة على الاشهر) اجمع علماؤنا كافة على جواز طلاق الحامل مرة واحدة.

ويدل عليه قولهعليه‌السلام في عدة اخبار صحيحة(٢) : خمس يطلقهن الرجل على كل حال، وعد منها: الحامل المستبين حملها.

واختلفوا في جواز طلاقها ثانيا فنقل عن الصدوقين انهما منعا منه الا بعد مضي ثلاثة اشهر، سواء في ذلك طلاق العدة وغيره.

____________________

(١) راجع الوسائل باب ٣ حديث ١٢ من ابواب اقسام الطلاق ج ١٥ ص ٣٥٣.

(٢) قد ورد بهذا المضمون روايات فيها اكثرها صحيح وغير صحيح فراجع الوسائل باب ٢٥ من ابواب مقدمات الطلاق ج ١٥ ص ٣٠٥.

*

٥١

وحكى في المختلف، عن علي بن بابويه انه قال في رسالته: فان راجعها يعني الحبلى قبل ان تضع ما في بطنها أو يمضي لها ثلاثة اشهر ثم اراد طلاقها فليس له ذلك حتى تضع ما في بطنها وتطهر ثم يطلقها ولم يفصل.

وذهب ابن الجنيد إلى المنع من طلاق العدة الا بعد شهر ولم يتعرض لغيره وقال الشيخ في النهاية: واذا اراد ان يطلق امرأته وهي حبلى يستبين حملها فيطلقها أي وقت شاء، فاذا طلقها واحدة كان املك برجعتها ما لم تضع ما في بطنها، فاذا راجعها واراد طلاقها للسنة لم يجز له ذلك حتى تضع ما في بطنها، فان اراد طلاقها للعدة، واقعها ثم طلقها بعد المواقعة، فاذا فعل ذلك فقد بانت منه بتطليقتين، وهو أملك برجعتها، فان راجعها واراد طلاقها ثالثة واقعها ثم يطلقها، فاذا طلقها الثالثة لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره، وتبعه ابن البراج وابن حمزة.

وذهب ابن ادريس والمصنف وجماعة إلى جواز طلاقها مطلقا كغيرها.

ومنشأ الخلاف في هذه المسألة اختلاف الاخبار ظاهرا، فورد في كثير منها ان طلاق الحامل واحدة، وفيها ما هو الصحيح.

كصحيحة الحلبي، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: طلاق الحبلى (الحامل خ) واحدة، وان شاء راجعها قبل ان تضع، فان وضعت قبل ان يراجعها فقد بانت منه وهو خاطب من الخطاب(١) .

وحسنة الحلبي أيضا، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: طلاق الحبلى واحدة، واجلها ان تضع حملها، وهو اقرب الاجلين(٢) .

وصحيحة اسماعيل الجعفي، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: طلاق

____________________

(١) الوسائل باب ٢٠ حديث ٢ من ابواب اقسام الطلاق ج ١٥ ص ٣٨٠.

(٢) الوسائل باب ٩ حديث ٦ من ابواب العدد ج ١٥ ص ٤١٩.

*

٥٢

الحامل واحدة واذا وضعت ما في بطنها فقد بانت منه(١) .

قال الشيخ في التهذيب بعد أن أورد هذه الروايات: فاما ما رواه الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمار، قال: قلت لابي إبراهيمعليه‌السلام : الحامل يطلقها زوجها ثم يراجعها ثم يطلقها ثم يراجعها، ثم يطلقها الثالثة؟ فقال: تبين منه، ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره(٢) .

فلا ينافي ما ذكرناه من ان طلاق الحبلى واحدة، لانا انما ذكرنا ذلك في طلاق السنة، فاما طلاق العدة فانه يجوز ان يطلقها في مدة حملها اذا راجعها ووطئها.

ويتوجه عليه (أولا) ان هذه رواية واحدة، وراويها وهو اسحاق بن عمار مطعون فيه، بانه فطحي فلا يمكن التعلق بروايته والخروج بها عن الاخبار المستفيضة المتضمنة لان طلاق الحبلى واحدة (وثانيا) ان مقتضى الرواية جواز طلاقها ثانيا وثالثا بعد المراجعة من غير اعتبار الواطئ فلا وجه لاعتباره من غير دليل.

وروى الكليني، عن يزيد الكناسي، قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن طلاق الحبلى؟ فقال: يطلقها واحدة للعدة بالشهور والشهود، قلت له: فله ان يراجعها؟ قال: نعم وهي امرأته، قلت: فان راجعها ومسها (ثم خ ئل) واراد ان يطلقها تطليقة اخرى؟ قال: لا يطلقها حتى يمضي لها بعد ما مسها اشهر، قلت: فان طلقها ثانية واشهد ثم راجعها واشهد على رجعتها ومسها، ثم طلقها التطليقة الثالثة واشهد على طلاقها لكل عدة شهر هل تبين منه كما تبين المطلقة على (من خ ل)

____________________

(١) الوسائل باب ٢٠ حديث ١ من ابواب اقسام الطلاق ج ١٥ ص ٣٨٠ وباب ٩ حديث ٤ من ابواب العدد ص ٤١٨.

(٢) الوسائل باب ٢٠ حديث ٦ من ابواب اقسام الطلاق ج ١٥ ص ٣٨١.

*

٥٣

العدة التي لا تحل لزوجها حتى تنكح زوجا غيره؟ قال: نعم، قلت: فما عدتها؟ قال: عدتها ان تضع ما في بطنها ثم قد حلت للازواج(١) .

وهذه الرواية مطابقة لقول ابن الجنيد، لكن راويها وهو يزيد الكناسي مجهول الحال، فلا يسوغ التعويل على روايته.

والذي يقتضيه الوقوف مع الاخبار الصحيحة المستفيضة الحكم بان طلاق الحامل واحدة.

لكن المصنف في الشرايع(٢) ادعى الاجماع على جواز طلاق الحامل ثانيا للعدة ونقل الخلاف في طلاقها للسنة، ونقل عنهرحمه‌الله انه قال: في بعض تحقيقاته: الوجه، الاعراض عن أخبار الآحاد والالتفات إلى ما دل القرآن عليه من جواز طلاقها مطلقا ويشكل بأن الاخبار المتضمنة لان طلاق الحامل واحدة مستفيضة كما عرفت وأسانيدها معتبرة وليس لها ما يصلح للمعارضة فاطراحها مشكل.

(وهنا امران ينبغي التنبيه لهما) (احدهما) ان قول المصنف: يصح طلاق الحامل للسنة كما يصح للعدة يريد به طلاق السنة بالمعنى الاعم.

والمراد انه كما يصح طلاق الحامل ثانيا للعدة يصح طلاقها لغير العدة أيضا مما يوصف بكون طلاق السنة بالمعنى الاعم، كما اذا طلقها ثم راجعها ثم طلقها ثانية من غير تحلل مواقعة، فان ذلك طلاق سنة بالمعنى الاعم وليس للعدة ولا للسنة

____________________

(١) الوسائل باب ٢٠ حديث ١١ من ابواب اقسام الطلاق ج ١٥ ص ٣٨٢.

(٢) قال في الشرايع: (الثانية) اذا طلق الحامل وراجعها جاز ان يطأها ويطلقها ثانية للعدة اجماعا وقيل: لا يجوز للسنة والجواز اشبه (انتهى).

*

٥٤

بالمعنى الاخص.

وانما حملنا العبارة على ذلك، لان الحامل لا يقع بها طلاق السنة بالمعنى الاخص(١) ، لانه انما يتحقق مع القضاء العدة ثم تزويجها ثانيا، وعدة الحامل لا تنقضي الا بالوضع، وبه تخرج عن كونها فلا يصدق أنها طلقت للسنة بالمعنى الاخص ما دامت حاملا.

وما قيل: من أن عدم المراجعة في العدة ونكاحها بعد الوضع بعقد جديد، يكشف عن كون الطلاق الاول للسنة، فواضح الفساد، لان المتنازع الطلاق الثاني اما الطلاق الاول فلا خلاف في صحته ووقوعه والحامل لا يقع بها طلاق ثان للسنة بالمعنى الاخص قطعا، نعم يقع بها طلاق العدة وغيره مما يوصف بكونه طلاق سنة بالمعنى الاعم كما قررناه.

(الثاني) مقتضى كلام الشيخ في النهاية ومن تبعه، ان المراد بطلاق الحامل ثانيا وثالثا للعدة، طلاقها بعد الرجوع والمواقعة وان لم يتعقب ذلك الطلاق رجوع، ومواقعة، والامر في ذلك معين، فان ذلك اصطلاح لا مشاحة(٢) فيه.

ومن هنا يظهر جواب ما قيل: من أن طلاق السنة والعدة واحد وانما يصير للسنة بترك الرجعة والمواقعة، وللعدة بالرجوع في العدة والمواقعة، فاذا طلقها ثانيا بعد المواقعة لم يظهر بالطلاق انه لايهما هو، وانما يظهر باحد امرين إما بالرجوع قبل الوضع والمواقعة وهو علامة العدي، أو بالوضع قبل الرجوع وهو علامة السني وقد عرفت ان ما استدل به على هذا الحكم وهو موثقة اسحاق بن عمار خالية من ذلك كله، وانما تدل على صحة طلاق الحامل ثلاثا برجعتين من غير اعتبار الوطئ،

____________________

(١) إلى طلاق الرجعي الذي لم يحصل فيه الرجوع فيه كذا في هامش بعض النسخ.

(٢) والمشاحة، الضنة وتشاحا على الامر لا يريدان أن يفوتهما (يفوتاه ظ) والقوم في الامر شح بعضهم على بعض حذر فوته (القاموس).

*

٥٥

[(الثالثة) يصح ان يطلق ثانية في الطهر الذي طلق فيه وراجع فيه ولم يطأ لكن لا يقع للعدة]

فاعتبار كونه عديا او سنيا بالمعنى الاخص لا وجه له، والله أعلم.

قوله: (الثالثة يصح ان يطلق ثانية في الطهر الذي طلق فيه الخ) اذا طلق الحامل ثم راجعها، فان واقعها ثم طلقها في طهر آخر صح اجماعا وهو المسمى ب‍ (طلاق العدة) وقد عرفت حكمه.

وان طلقها من غير مواقعة، فاما ان يقع في طهر آخر غير الطهر الذي طلقها فيه أولا، أو في ذلك الطهر فهنا مسألتان: (الاولى) ان يطلقها في طهر آخر من غير مواقعة، وقد ذهب الاكثر إلى صحته ونقل عن ابن أبي عقيل انه خالف في ذلك وحكم بعدم وقوع الطلاق على هذا الوجه والاصح الاول (لنا) التمسك بمقتضى العمومات المتضمنة لوقوع الطلاق بالزوجة، الشاملة لموضع النزاع لان المطلقة بعد الرجعة تصير زوجة اجماعا.

وما رواه الشيخ في الصحيح عن عبدالحميد بن عواض ومحمد بن مسلم، قالا: سألنا ابا عبداللهعليه‌السلام عن رجل طلق امرأته وأشهد على الرجعة ولم يجامع ثم طلق في طهر آخر على السنة أثبت التطليقة الثانية بغير جماع؟ فقال: نعم اذ هو اشهد على الرجعة ولم يجامع كانت التطليقة ثانية(١) (ثابتة خ ل).

وفي الصحيح، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: سألت الرضاعليه‌السلام عن رجل طلق امرأته بشاهدين ثم راجعها ولم يجامعها بعد الرجعة حتى طهرت من حيضها ثم طلقها على طهر بشاهدين أيقع عليها التطليقة الثانية وقد راجعها ولم يجامعها؟ قال: نعم(٢) .

____________________

(١) الوسائل باب ١٩ حديث ١ من ابواب اقسام الطلاق ج ١٥ ص ٣٧٨.

(٢) الوسائل باب ١٩ حديث ٢ من ابواب اقسام الطلاق ج ١٥ ص ٣٧٨.

*

٥٦

وفي الحسن عن أبي علي بن راشد، قال: سألته مشافهة عن رجل طلق امرأته بشاهدين على طهر ثم سافر واشهد على رجعتها فلما قدم طلقها من غير جماع أيجوز ذلك؟ قال: نعم قد جاز طلاقها(١) .

احتج العلامةرحمه‌الله في المختلف لابن أبي عقيل بما رواه ابوبصير عن الصادقعليه‌السلام قال: المراجعة (هي خ ل) في الجماع والا فانما هي واحدة(٢) واجاب عنه بان المراد بذلك في طلاق العدة، لما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقرعليه‌السلام ، قال: سألته عن الرجعة بغير جماع، يكون رجعة؟ قال: نعم(٣) .

وهو جيد، مع ان رواية أبي بصير ضعيفة السند(٤) فلا تعارض الرواية الصحيحة.

ويمكن ان يحتج لابن أبي عقيل أيضا بما رواه الشيخ في الصحيح عن عبدالرحمان بن الحجاج، قال: قال ابوعبداللهعليه‌السلام في رجل (الرجل ئل) يطلق امرأته، له ان يراجع؟ فقال لا يطلق التطليقة الاخرى حتى يمسها(٥) .

وبقول أبي جعفرعليه‌السلام في صحيحة زرارة: كل طلاق لا يكون على السنة او طلاق على العدة فليس بشئ(٦) ، ثم فسر طلاق السنة وطلاق العدة بما تقدم بيانه، والطلاق بعد الرجوع وقبل المواقعة لا يسمى طلاق سنة ولا عدة وأجاب

____________________

(١) الوسائل باب ١٩ حديث ٤ من ابواب اقسام الطلاق ج ١٥ ص ٣٧٩.

(٢) الوسائل باب ١٧ حديث ١ من ابواب اقسام الطلاق ج ١٥ ص ٣٧٦.

(٣) الوسائل باب ١٨ حديث ٢ من ابواب اقسام الطلاق ج ١٥ ص ٣٧٨.

(٤) وسندها كما في الكافي هكذا: عدة من اصحابنا، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم، عن ابيه جميعا، عن ابن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن أبي بصير.

(٥) الوسائل باب ١٧ حديث ٢ من ابواب اقسام الطلاق ج ١٥ ص ٣٧٦.

(٦) الوسائل باب ١ صدر حديث ١ من ابواب اقسام الطلاق ج ١٥ ص ٣٤٤ وفيه او طلاق عن العدة.

*

٥٧

الشيخ في كتابي الاخبار(١) عن الرواية الاولى بالحمل على ان المواقعة بعد الرجعة شرط لمن أراد أن يطلقها طلاق العدة، قال: فأما من لا يريد ذلك فليس الشرط شرطا له.

ونسبه المصنف في الشرايع إلى التحكم، وهو في محله.

والاقرب حمل النهي الواقع فيها على الكراهة، جمعا بينها وبين ما اوردناه من الاخبار المتضمنة لصحة الطلاق بعد المراجعة في طهر آخر مع عدم المواقعة صريحا.

وقريب من ذلك، الجواب عن الرواية الثانية بحمل قوله: (ليس بشئ) على انه ليس بشئ يعتد به في الاولوية، كما في هذين النوعين، وبذلك يحصل الجمع بين الاخبار الصحيحة، فانه أولى من اطراح بعضها، والله أعلم.

(الثانية) أن يطلقها ثانيا بعد المراجعة، في ذلك الطهر الذي طلقها فيه اولا وقد ذهب الاكثر إلى صحته، والخلاف فيه مع ابن أبي عقيل ايضا.

ويدل على الصحة، العمومات المتضمنة لصحة الطلاق لمن اراده الا ما اخرجه الدليل.

وما رواه الشيخ في الموثق، عن اسحاق بن عمار، عن أبي الحسنعليه‌السلام ، قال: قلت له: رجل طلق امرأته ثم راجعها بشهود ثم طلقها ثم بدا له فراجعها بشهود ثم طلقها بشهود، تبين منه؟ قال: نعم، قلت: كل ذلك في طهر واحد؟ قال: تبين منه(٢) .

وهذه الرواية صريحة في الجواز، وسندها معتبر، وهي مطابقة لعمومات الكتاب والسنة، وليس لها معارض سوى صحيحة عبدالرحمان بن الحجاج

____________________

(١) يعني التهذيب والاستبصار.

(٢) الوسائل باب ١٩ حديث ٥ من ابواب الطلاق ج ١٥ ص ٣٧٩.

*

٥٨

(الرابعة) لوطلق غائبا ثم حضر ودخل بها ثم ادعى الطلاق لم تقبل دعواه ولا بينته، ولو أولدها لحق به

المتقدمة(١) حيث تضمنت النهي عن الطلاق ثانيا قبل المسيس.

وقد عرفت ان حملها على الكراهة متعين فتبقى الرواية الموثقة سليمة من المعارض صريحا ويتجه العمل بها. والاولى تفريق الطلقات على الاطهار، لدلالة الاخبار الصحيحة على جوازه وان كان الخلاف واقعا فيه ايضا اذا لم يحصل المواقعة بعد الرجعة. والمخرج من الخلاف، ان يراجع ويطأ ثم يطلق في طهر آخر فان الطلاق الواقع على هذا الوجه صحيح بالنص والاجماع.

وقول المصنف هنا: (لكن لا يقع للعدة) واضح لان طلاق العدة انما يتحقق بالمواقعة بعد المراجعة في العدة فيكون الطلاق الواقع على هذا الوجه طلاق سنة بالمعنى الاعم، فلا تحرم في التاسعة مؤبدا وانما يفتقر إلى المحلل في كل ثالثة.

قوله: (الرابعة لو طلق غائبا ثم حضر ودخل بها ثم ادعى الطلاق الخ) المراد أن من كان غائبا عن زوجته ثم حضر ودخل بها ثم ادعى وقوع الطلاق في حال غيبته لم تقبل دعواه ولا بينته لانه مكذب لها بفعله، ولو أولدها لحق به الولد للحكم بثبوت الزوجية ظاهرا.

والاصل في هذه المسألة ما رواه الكليني، عن سليمان بن خالد، قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام ، عن رجل طلق امرأته وهو غائب واشهد على طلاقها ثم قدم فاقام مع المرأة أشهرا لم يعلمها بطلاقها، ثم إن المرأة ادعت الحبل، فقال الرجل: قد طلقتك اشهدت على طلاقك؟ قال: يلزم به الولد ولا يقبل قوله(٢) .

____________________

(١) تقدمت قبيل هذا فلاحظ باب ١٧ حديث ٢ منها.

(٢) الوسائل باب ١٥ حديث ٤ من ابواب أقسام الطلاق ج ١٥ ص ٣٧٤.

*

٥٩

[(الخامسة) اذا طلق الغائب واراد العقد على اختها او على خامسة، تربص تسعة أشهر احتياطا]

وهذه الرواية ضعيفة السند باشتماله على اسماعيل مرار(١) ، وهو مجهول.

ولو اظهر لفعله تأويلا كدعوى نسيان الطلاق او وقوع الطلاق من وكيله مع عزله واعتقاده أنه علم بالعزل ثم ظهر خلافه اتجه قبول قوله.

قال في المسالك: ان البينة لو اقيمت حسبة وورخت بما ينافي فعله قبلت ايضا وحكم بالبينونة، وهو حسن. هذا كله اذا كان الطلاق باينا أو رجعيا وانقضت العدة قبل فعله المكذب لدعواه، والا قبلت وكان الوطئ رجعة.

قوله: (الخامسة اذا طلق الغائب واراد العقد على اختها الخ) الاصل في هذه المسألة ما رواه الكليني في الحسن عن حماد بن عثمان، قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : ما تقول في رجل له أربع نسوة طلق واحدة منهن وهو غائب عنهن متى يجوز له ان يتزوج؟ قال: بعد تسعة أشهر وفيها اجلان، فساد الحيض وفساد الحمل(٢) . وظاهر الرواية ان التسعة الاشهر تحسب من حين الطلاق لا من حين الوطئ لكن قوله: (وفيها اجلان الخ) لا يخلو من اجمال.

ومورد الرواية تزويج الخامسة، لكن عمم المصنف وجمع من الاصحاب، الحكم في تزويج الاخت لاشتراكهما في العلة.

وخص الشيخ في النهاية الحكم بتزويج الخامسة وتبعه ابن ادريس في ذلك

____________________

(١) وسندها كما في الكافي هكذا: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار عن يونس عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد.

(٢) الوسائل باب ٤٧ حديث ١ من ابواب العدد ج ١٥ ص ٤٧٩.

*

٦٠