الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية الجزء ١

الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية21%

الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية مؤلف:
الناشر: دهكده جهاني آل محمّد (صلّى الله عليه وآله)
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 361

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 361 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 213933 / تحميل: 8500
الحجم الحجم الحجم
الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية

الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دهكده جهاني آل محمّد (صلّى الله عليه وآله)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

بأنبائكم ولا يعزب عنّا شيء من أخباركم ) (١) ، وقولهعليه‌السلام :( إنّا غير مهملين لمراعاتكم ، ولا ناسين لذكركم ، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء ، واصطلمكم الأعداء ، اتقوا الله جلّ جلاله ، وظاهرونا على انتياشكم من فتنة ، قد أنافت عليكم ، يهلك فيها مَن حمّ أجله ، ويحمى عنها مَن أدرك أمله ) (٢) .

دور الإمام (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) في درء الفساد

من الأدوار الأساسية التي يقوم بها خليفة الله في الأرض ، هو منع البشرية من الانحدار في الهاوية ، ودرء خطر استئصالها ، والإبادة التامة والشاملة لها ، سواء كان ذلك نتيجة للحروب ، أم لتفشّي الظلم والجور والفساد ، وانتشار الأمراض والأوبئة وغيرها من الأمور التي تهدّد البشرية بالانقراض .

وهذا المعنى أشار إليه القرآن الكريم ، عند ذكره لاعتراض الملائكة ، في معرض تعريفه للخليفة ، وذلك في قوله تعالى ـ حكاية عن الملائكة :( قَالُوا أتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدّسُ لَكَ قَالَ إِنّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) (٣) ، فالملائكة افترضت أنّ خليفة الله لا يفسد ، ولا يسفك الدماء ، بل هو الذي يقف حائلاً أمام ذلك ، وقد أقرّهم الله تبارك وتعالى على ذلك ، وأجابهم من جهة أخرى ، حيث قال :( إِنّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) .

إذن أوّل دور من الأدوار الأساسية التي يقوم بها خليفة الله في الأرض ، هو درء الفساد ، وممانعة سفك الدماء وهذا ما يلتقي مع التصريحات الكثيرة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذا المجال ، كقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( لا تخلوا الأرض من حجّة ) ، وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( أهل بيتي أمان لأهل الأرض ، فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض ) وغير ذلك من التصريحات النبويّة ، التي تؤكّد على أنّ من بين الأدوار الأساسية للخلفاء حفظ البشرية من الهلاك ، ومنع وقوعها في الفساد .

ـــــــــــــ

(١) الاحتجاج ، الطبرسي : ج ٢ ص ٣٢٣ ، الخرائج والجرائح ، قطب الدين الراوندي : ج ٢ ص ٩٠٢ .

(٢) الاحتجاج ، الطبرسي : ج ٢ ص ٣٢٣ .

(٣) البقرة : ٣٠ .

١٦١

ثم إنّ السؤال الأساس يقع عمّا هو المراد بالفساد ؟ وهل يشمل كل فساد ولو كان جزئياً ؟

وفي مقام الإجابة عن ذلك نقول : ليس المراد من الفساد ما يشمل الفساد الجزئي والمقطعي ، وذلك بمقتضى اعتراف الملائكة ، حيث إنّهم لم يعترضوا على الفساد القليل ؛ لأنّ الفساد القليل يقابله الخير الكثير ، فاعتراض الملائكة إنّما كان على الفساد المطبق ، والشامل للأرض ومَن عليها ، المستأصل للبشرية ، والموجب لاجتثاثها وهلاكها .

فدور الخليفة إذاً لا يقتصر على فئة معيّنة من الناس ، أو على المسلمين فحسب ، وإنّما هو شامل لكل البشرية ؛ لذا قال تعالى شأنه :( إنّي جاعل في الأرض ) ، وكذا قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( لا تخلو الأرض من حجّة ) (١) وقوله :( إذا هلكوا ماجت الأرض بأهلها ) ، وقوله :( أهل بيتي أمان لأهل الأرض ، فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض ) ، فلم يقل هلك أو ذهب المسلمون خاصة ، أو ماجت الأرض بهم .

فالإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) الذي هو خليفة الله في الأرض ، يمارس دوراً كبيراً في حياة البشرية ، وإن لم يتقلّد الحكومة الرسمية الظاهرة ، فهو (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) كما هو الحال في الخضرعليه‌السلام ، الذي هو وليّ من أولياء الله تعالى ، وعبد من عباده ، قلّده مناصب عالية وحكومة رائدة ، يديرها بالسر والخفاء .

فقصّة الخضرعليه‌السلام ـ الذي هو عبد من مجموعة عباد جعلهم الله أوتاداً للأرض ـ ذكرها الله عزّ وجلّ في قرآنه الخالد ، عظة وعبرة لنا ، وليست هي مجرّد قصة خيالية لا واقع لها ، وإنّما الغاية من هذه القصّة هي الاعتقاد بوجود أولياء وحجج لله تعالى ، يقومون بمهام إلهية ، ويديرون دفّة الحكم الإلهي في الأرض .

إذن ليست الغيبة بمعنى التعطيل والجمود ، كما قد يتخيلها البعض .

إذن فالإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) له دور كبير في فترة غيبته .

ـــــــــــــ

(١) المعجم الكبير ، الطبراني : ج ٢ ص ١٩٦ ح ١٧٩٤ ؛ كنز العمال ، المتقي الهندي : ج ١٢ ص ٣٤ ح ٣٣٨٦١ ؛ وانظر : تاريخ مدينة دمشق ، ابن عساكر : ج ٥٠ ص ٢٥٥ ؛ وانظر تاريخ اليعقوبي ، اليعقوبي : ج ٢ ص ٢٠٦ ؛ وانظر ينابيع المودة ، القندوزي الحنفي : ج ١ ص ٨٩ ؛ وانظر المناقب ، الخوارزمي : ص ٣٦٦ .

١٦٢

أضف إلى ذلك كله ، أنّ هناك أعمالاً وأفعالاً أوكل الإمامعليه‌السلام مهمّة القيام بها إلى من قلّدهم النيابة العامة في زمن الغيبة ، وهم العلماء والفقهاء العدول ؛ ليكونوا بذلك ممثّلين لهعليه‌السلام ، ينوبون عنه في بعض المهام التي أُوكلت إليهم ، كما ورد ذلك عنهعليه‌السلام ، حيث قال :( وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ، فإنّهم حجّتي عليكم ، وأنا حجّة الله عليهم ) (١) .

وقد أشار باقي الأئمّةعليهم‌السلام أيضاً إلى هذا الدور المهم للعلماء في عصر الغيبة الكبرى ـ فمثلاً ـ ما عن الإمام الهاديعليه‌السلام أنّه قال :( لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم عليه الصلاة والسلام من العلماء الداعين إليه ، والذّابين عن دينه بحجج الله ، المنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته ، ومن فخاخ النواصب ، لما بقي أحد إلاّ ارتد عن دينه ، ولكنّهم الذين يمسكون أزمّة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكّانها ، أولئك هم الأفضلون عند الله ) (٢) .

ونقتصر في هذا المجال على ما أفاده الشيخ المفيدرحمه‌الله ، حيث قال بعد تعرّضه لبعض مهام الغيبة : ( ولا يحتاج هوعليه‌السلام إلى تولّي ذلك بنفسه ، كما كانت دعوة الأنبياءعليهم‌السلام تظهر بأتباعهم والمقرّين بحقّهم ، وينقطع العذر بها فيما ينأى عن ملتهم ومستقرهم ، ولا يحتاجون إلى قطع المسافات لذلك بأنفسهم ، وقد قامت أيضاً بأتباعهم بعد وفاتهم وكذلك إقامة الحدود وتنفيذ الأحكام ، وقد يتولاّها أُمراء الأئمّة ، وعمّالهم دونهم ، كما كان يتولّى ذلك أُمراء الأنبياءعليهم‌السلام وولاتهم ، ولا يخرجون هم إلى ذلك بأنفسهم ، وكذلك القول في الجهاد ، ألا ترى أنّه يقوم به الولاة من قبل الأنبياء والأئمّة دونهم ، ويستغنون عن توليه بأنفسهم ، فعُلم بما ذكرناه أنّ الذي أحوج إلى وجود الإمام ، ومنع من عدمه ، ما أختص به من حفظ الشرع ، الذي لا يجوز ائتمان غيره عليه ، ومراعاة الخلق في أداء ما كلّفوه

ـــــــــــــ

(١) الغيبة ، الطوسي : ص ٢٩١ ؛ الاحتجاج : الطبرسي : ج ٢ ص ٢٨٣ ؛ الخرائج والجرائح ، قطب الدين الراوندي : ج ٣ ص ١١١٤ .

(٢) الاحتجاج ، الطبرسي : ج ٢ ص ٢٦٠ .

١٦٣

من أدائه )(١) .

والحاصل : إنّ للإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) طوراً آخر من أطوار الإدارة والحكم في زمن الغيبة ، وأمّا تنفيذ الكثير من الأمور التي تحتاج إلى إجراء بحسب ما هو الظاهر والمعلن ، فقد أوكل ذلكعليه‌السلام إلى العلماء والفقهاء .

خلفيات وفوائد أُخرى للغيبة

أوّلاً : حفظ شخصية الإمام (عجّل الله تعالى فرجه الشريف)

من أهم فوائد غيبة الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) هي حفظ شخصيته (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) من القتل والاغتيال ؛ لأنّ هذه الأمة الإسلامية لا تعدو خطى الأمم السابقة ، كما صرّح بذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنّ هذه الأمة ستتبع خطى الأمم السالفة ، حذو النعل ، والقذّة بالقذّة ، وقد وقعت الغيبة لكل من إدريس وصالح وإبراهيم ويوسفعليهم‌السلام ، وقد اضطّر موسىعليه‌السلام إلى الهرب من قومه( فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمّا خِفْتُكُمْ ) (٢) ، وكذلك رفع الله عيسىعليه‌السلام ، عندما أراد بنو إسرائيل قتله ، قال تعالى :( بَل رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً ) (٣) كذلك كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحتجب عن قومه في غار حراء فترة مديدة من الزمن ، وقد اضطر للاعتزال عنهم في الشعب ثلاث سنين ، وأخرج أحمد بن حنبل عن عكرمة قوله : مكث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خمس عشرة سنة ، منها أربع أو

ـــــــــــــ

(١) مسائل عشر ، الشيخ المفيد : ص ١٠٦ ـ ١٠٧ .

(٢) الشعراء : ٢١ .

(٣) النساء : ١٥٨ .

١٦٤

خمس يدعو إلى الإسلام سرّاً وهو خائف(١) .

فإذا كانت غيبة واحتجاب أولئك الأنبياءعليهم‌السلام لا تضر ، ولا تقدح في نبوّتهم وبعثتهم للأمم ، بل يعد ذلك من الأساليب المهمة في سبيل انجاز وتحقيق الغاية ، لا سيّما وأنّه امتثال لمشيئة الله تعالى وإرادته ، كذلك ما نجده في غيبة الإمام المهديعليه‌السلام ، إذ إنّ غيبته كغيبتهمعليهم‌السلام ، وظروفه كظروفهم ، من متابعته ومحاولة قتله والقضاء عليه ، بل ما نجده في حياة الإمام المهديعليه‌السلام من الظروف التي تستدعي الغيبة كثيرة جداً ، وفي غاية الوضوح ، حيث كانت السلطات العباسية تسعى حثيثاً للقبض عليه وقتله ، كما نصّ على ذلك المؤرخون والمحدثون :

منهم : ابن الصباغ المالكي ، حيث قال : ( خلّف أبو محمد الحسن ابنه الحجّة القائم المنتظر لدولة الحق ، وكان قد أخفى مولده ، وستر أمره ، لصعوبة الوقت ، وشدّة طلب السلطان ، وتطلّبه للشيعة ، وحبسهم ، والقبض عليهم )(٢) .

ومنهم : ابن أبي الفتح الإربلي في كتابه ( كشف الغمّة ) ، وعبارته قريبة من عبارة ابن الصباغ المتقدمة ، وينقل بالإضافة إلى ذلك رواية أحمد بن عبيد الله بن خاقان ، والي الضياع والخراج بقم ، وجاء فيها : ( وخرجنا وهو على تلك الحال ، والسلطان يطلب أثر ولد الحسن بن علي اليوم ، وهو لا يجد إلى ذلك سبيلاً ، والشيعة مقيمون على أنّه مات وخلّف ولداً ، يقوم مقامه بالإمامة ) (٣) وغيرهم كثير ؛ فراجع .

ـــــــــــــ

(١) كتاب العلل ، أحمد بن حنبل : ج ٢ ص ٥٩٠ ج ٣ ص ٤٢٦ ، وكذا في الدر المنثور السيوطي ج ٥: ص ١٠٢ ، المصنف : الصنعاني ج ٥ ص ٣٦١ .

(٢) الفصول المهمة ، ابن الصباغ المالكي : ص ١٠٩١ .

(٣) كشف الغمة ، الإربلي : ج ٣ ص ٢٠٥ .

١٦٥

وهذا السبب وإن كان غير مختص به دون آبائهعليهم‌السلام ، حيث تعرّضوا للمطاردة والقتل والاغتيال ، إلاّ أنّ السبب الأساس الذي يقف وراء اختصاص الإمام المهدي بالغيبة دونهمعليهم‌السلام ، هو أنّهعليه‌السلام مكلّف بإقامة الدولة الإسلامية العالمية ، وعلى يديه يحقق الله تعالى العدل والقسط على هذه الأرض ، وبواسطته يُظهر الله عزّ وجلّ الإسلام على الدين كلّه ولو كره المشركون ، فلا بد من المحافظة على وجوه المبارك لإنجاز هذه المهمة التي جعلها الله تعالى الغاية الأساسية من بعثة الأنبياء والرسل .

ولا تعني غيبتة واختفاؤه (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) انتفاء إمامته ، أو تخلّيه عن المسؤوليات المُناطة به ، بل هو الحجّة القائمة لله على خلقه ، ولكن ستره الله تعالى عن خلقه خوفاً على حياته من الظالمين ، كما صرّح بذلك أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، حيث قال :( اللّهمّ بلى لا تخلو الأرض من قائم بحجّة ، إما ظاهر مشهور ، وإما خائف مغمور ، لأن لا تبطل حجج الله ، وبيّناته ) (١) ، وخائف مغمور أي خائف مختف ، وقد بيّنا سابقاً أنّ الغيبة لا تعني أنّه ناءٍ وبعيد وعديم الدور في الأمّة ، وإنّما الغيبة هي إدارة الأمور والعمل بالخفاء .

ومعنى الخوف من القتل ليس ما يتبادر إلى الأذهان الساذجة ، من المعاني الأوّلية للخوف ؛ لأنّ هذا النوع من الخوف غير متصوّر في أولياء

ـــــــــــــ

(١) تاريخ مدينة دمشق ، ابن عساكر : ج ٥٠ ص ٢٥٥ ، وانظر تاريخ اليعقوبي : ج ٢ ص ٢٠٦ ، وانظر كنز العمال : ج ١٠ ص ٢٦٣ ـ ٢٦٤ ( أخرجها عن ابن الأنباري في المصاحف والمرهبي في العلم ونصر في الحجّة ) ، المعيار والموازنة ، الإسكافي : ص ٨١ ؛ مناقب أمير المؤمنين ، محمد بن سليمان القاضي : ج ٢ ص ٩٦ ؛ دستور معالم الحكم : ابن سلامة : ص ٨٤ ، ينابيع المودّة ، القندوزي الحنفي : ج ١: ص٨٩ .

١٦٦

الله تعالى وحججه الذين يأنسون بالموت ولقاء الله عزّ وجلّ ، وإنّما المقصود من خوف القتل هنا هو الخوف على ضياع الغرض والهدف الإلهي الذي أنيط بهعليه‌السلام ، حيث إنّ مسؤوليتهعليه‌السلام جسيمة وعظيمة تشبه مسؤولية الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، الذي صدع بأمر الله تعالى ، لنشر الدين على وجه الأرض ، كما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( هو رجل من عترتي ، يقاتل على سنّتي ، كما قاتلت أنا على الوحي ) (١) .

فالخوف المقصود إنّما هو الخوف من استئصال الحجج الإلهية على الخلق ، كما ورد ذلك في الروايات متضافراً :

منها : ما جاء عن زرارة قال : سمعت أبا عبد الله يقول :إنّ للغلام غيبة قبل أن يقوم ، قال : ( قلت ولم ؟ قال :يخاف ، وأومأ إلى بطنه ، ثم قال :يا زرارة وهو المنتظر )(٢) .

ومنها : ما عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أيضاً قال : (للقائم غيبة قبل قيامه قلت : ـ أي زرارة ـ وَلِمَ ؟ قال :يخاف على نفسه الذبح )(٣) .

ومنها : ما جاء عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول :( في صاحب هذا الأمر أربعة ، من سنن أربعة أنبياء فأمّا من موسى : فخائف يترقب ) (٤) .

ـــــــــــــ

(١) كتاب الفتن ، المروزي : ص ٢٢٩ ؛ ينابيع المودة ، القندوزي : ج ٣ ص ٢٦٣ .

(٢) الكافي ، الكليني : ج ١ ص ٣٣٧ ؛ تاريخ آل زرارة ، أبو غالب الزراري : ج ١ : ص ٢١ ؛ كمال الدين ، الشيخ الصدوق : ص ٣٤٦ ؛ الغيبة : النعماني : ص ١٧٧ .

(٣) كمال الدين وتمام النعمة ، الصدوق : ص ٤٨١ .

(٤) الإمامة والتبصرة : ص ٩٤ ، كمال الدين ، الصدوق : ص ٢٨ ؛ دلائل الإمامة ، محمد بن جرير الطبري : ص ٤٧٠ ؛ كتاب الغيبة ، الطوسي : ص ٤٢٤ .

١٦٧

ومنها : ما عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : ( إذا قام القائم (عجل الله تعالى فرجه الشريف) قال : ففررت منكم لمّا خفتكم فوهب لي ربي حكماً )(١) .

ومنها : ما جاء في كشف الغمة للإربلي ، عن الإمام الحسينعليه‌السلام قال :( في القائم منّا سنن من الأنبياء ، سنّة من نوح ، وسنّة من إبراهيم ، وسنّة من موسى ، وسنّة من عيسى ، وسنّة من أيوب ، وسنّة من محمد وأمّا من موسى فالخوف ، والغيبة ) (٢) .

وكذلك في كشف الغمّة ، في حديث محمد بن مسلم ، قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : ( إن قدام القائم بلوى من الله ، قلت : وما هو جعلت فداك ؟ فقرأ :( وَلَنَبْلُوَنّكُمْ بِشَيْ‏ءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالّثمَرَاتِ وَبَشّرِ الصّابِرِينَ ) (٣) ، ثم قال : الخوف من ملوك بني فلان ، والجوع من غلاء الأسعار ، ونقص الأموال من كساد التجارات ، وقلّة الفضل فيها ، ونقص الأنفس بالموت الذريع ، ونقص الثمرات بقلّة ريع الزرع ، وقلّة بركة الثمار ، ثم قال : وبشّر الصابرين عند ذلك بتعجيل خروج القائم (عجل الله تعالى فرجه الشريف)(٤) .

ثانياً : التمحيص

معنى التمحيص : هو التطهير مع شدّة الاختبار ؛ لأنّ مادة ( محص ) تدلّ على الخلوص ، والتطهير من كل عيب ، كما يقال محّص الذهب بالنار ، أي خلّصه ممّا يشوبه .

ـــــــــــــ

(١) الغيبة ، محمد بن إبراهيم النعماني : ص ١٧٤ .

(٢) كشف الغمّة ، الإربلي : ج ٣ ص ٣٢٩ ، إكمال الدين وإتمام النعمة ، الصدوق : ص ٣٢٢ .

(٣) البقرة : ١٥٥ .

(٤) كشف الغمّة ، الإربلي : ج ٣ ص ٢٦٠ .

١٦٨

وعلى ضوء ذلك كان التمحيص والابتلاء والاختبار سنّة إلهيّة رافقت البشرية منذ بداية خلقها ، قال تعالى :( مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى‏ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتّى‏ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطّيّبِ ) (١) .

وكذا قال تبارك وتعالى :( وَلِيُمَحّصَ اللهُ الّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ ) (٢) ، وكقوله تعالى :( وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلُِيمَحّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصّدُورِ ) (٣) ، فمن خلال التمحيص يتعيّن مركز الفرد وواقعه تجاه عقيدته وإيمانه ، استقامة أو انحرافاً ، كما يكشف التمحيص عن عناصر القوة والضعف في نفسية الإنسان ، فهو طريق لاستكمال النفوس ورقيّها ، فإذا ورد التمحيص على جماعة من الناس فإنّه يقتضي امتياز المؤمنين من المنافقين .

وتتضاعف أهميّة التمحيص في عصر الغيبة فيما إذا اقترن بالإعداد ليوم الظهور ، لتحمّل المسؤولية ، والمشاركة في إنقاذ العالم من الظلم والجور الذي يفترض فيه وجود عدد كاف ممحص ومطهر من شوائب الكفر والشرك والنفاق ، ليكونوا من المخلصين الذين لهم شرف المشاركة في الدولة الكريمة العادلة بقيادة الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) .

ومن هذا المنطلق نعرف أهمية التمحيص والاختبار الذي أشارت إليه الروايات بكثافة .

وممّا يشهد على أهمية التمحيص ودوره في تمييز الخبيث من الطيب ، ما لمسناه واضحاً من الردّة والانقلاب على الأعقاب بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، حيث وجدنا أنّ الكثير ممّن رافقوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يصمدوا أمام غربال التمحيص والاختبار ، بل انحرفوا عمّا رسمه لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في وصاياه الكثيرة والمتعددة في شأن الإمامة والخلافة ، فضلاً عما صرّح به القرآن الكريم في هذا الشأن ، وهذا يدل على أن كثيراً من هؤلاء الأصحاب لم يكونوا ممحصين ، ولا قادرين على تحمل المسؤولية .

ـــــــــــــ

(١) آل عمران : ١٧٩ .

(٢) آل عمران : ١٤١ .

(٣) آل عمران : ١٥٤ .

١٦٩

ومن هنا نفهم سرّ عدم جعل الأئمةعليهم‌السلام الكفاح العسكري المسلح هو الخيار والحل الوحيد لإقامة الحق والعدل ؛ وذلك لأنّهم لا يرون القيام بالعمل العسكري وحده كافياً للانتصار وإقامة دعائم الحكم الصالح ، بل يتوقّف ذلك على إعداد جيش عقائدي ممحص مطهّر مخلص يؤمن بالإمام وعصمته وحاكميته إيماناً مطلقاً ، ويعي أهدافه الكبيرة ، ويدعم تخطيطه الواسع .

وعلى هذا الأساس نجد أنّ من شرائط ظهور الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) الأساسية هو ظهور عدد من الأصحاب والأنصار المخلصين للإسلام وللإمامعليه‌السلام القادرين على تحمّل المسؤولية ، وهذا لا يتحقّق إلاّ من خلال مرور البشرية بالظروف القاسية والفتن الشديدة .

وممّا ينبغي الإشارة إليه ، هو أنّ التمحيص المقصود الذي من خلاله تتهيّأ البشرية لليوم الموعود ، هو تمحيص البشرية بشكل عام ، وعلى طول امتدادها التاريخي ، بالنحو الذي ينتج أفراداً مخلصين قادرين على تحمّل المسؤولية في الدولة الكريمة .

أمّا روايات التمحيص والابتلاء في زمن الغيبة ، وقبل قيام الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) فهي كثيرة جداً ، وقد وردت في كتب الفريقين :

١٧٠

منها : رواية ابن عباس المتقدمة ، عندما قال جابر لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( يا رسول الله وللقائم من ولدك غيبة ؟ قال:إي وربي ، ليمحص الله الذين آمنوا ، ويمحق الكافرين )(١) .

ومنها : ماجاء على لسان الإمام عليعليه‌السلام ، عندما قال للإمام الحسينعليه‌السلام :( التاسع من ولدك يا حُسين هو القائم بالحق ، والمظهر للدين ، والباسط للعدل ، قال الحسينعليه‌السلام :فقلت : وإن ذلك لكائن ؟ فقال عليه‌السلام : أي والذي بعث محمّداً بالنبوّة ، واصطفاه على جميع البرية ، ولكن بعد غيبة وحيرة لا يثبت على دينه إلاّ المخلصون المباشرون لروح اليقين الذين أخذ الله ميثاقهم بولايتنا ، وكتب في قلوبهم الإيمان ، وأيدهم بروح منه) (٢) ، فالمخلصون بحسب هذه الرواية هم حاصل ذلك الابتلاء والتمحيص .

ومنها : ما جاء أيضاً عن الإمام عليعليه‌السلام ، حيث قال للأصبغ بن نباته :( الحادي عشر من ولدي هو المهدي ، يملأها عدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً ، تكون له حيرة وغيبة ، يضلّ فيها أقوام ، ويهتدي فيها آخرون ، فقلت : يا أمير المؤمنين وإنّ هذا لكائن ؟ فقال :نعم ، كما أنّه مخلوق ، وأنّى لك بالعلم بهذا الأمر يا أصبغ ، أولئك خيار هذه الأمّة ، مع أبرار هذه العترة ) (٣) .

ـــــــــــــ

(١) ينابيع المودة ، القندوزي : ج ٣ ص ٢٩٧ وص ٣٨٧ ، كشف الغمّة : الإربلي : ج ٣ ص ٣٢٨ .

(٢) كشف الغمة ، الإربلي : ج ٣ ص ٣٢٨ .

(٣) الإمامة والتبصرة ، ابن بابوية القمّي : ص ١٢١ ؛ الغيبة ، النعماني : ص ٦١ ؛ كفاية الأثر ، الخزاز القمّي : ص ٢٢٠ .

١٧١

ومنها : ما ورد عن الإمام محمد الباقرعليه‌السلام ، في قوله تعالى :( فَلاَ أُقْسِمُ بِالْخُنّسِ * الْجَوَارِ الْكُنّسِ ) (١) ، قال :( هذا مولود في آخر الزمان ، هو المهدي من هذه العترة ، تكون له حيرة وغيبة ، يضلّ فيها أقوام ، ويهتدي فيها أقوام ) (٢) .

ومنها : ما ورد عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام أيضاً ، قال:( والله لتميزنّ ، والله لتمحصنّ ، والله لتغربلنّ ، كما يغربل الزؤان من القمح ) (٣) .

ومنها : ما ورد عنه أيضاًعليه‌السلام ، قال :( هيهات هيهات ، لا يكون الذي تمدّون إليه أعناقكم حتى تمحصوا ، هيهات ولا يكون الذي تمدون إليه أعناقكم ، حتى تميزوا ، ولا يكون الذي تمدون إليه أعناقكم حتى تغربلوا ، ولا يكون الذي تمدون إليه أعناقكم إلاّ بعد إياس ، ولا يكون الذي تمدون إليه أعناقكم حتى يشقى مَن شقي ، ويسعد مَن سعد ) (٤) .

ومنها : ما ورد عن أبي عبد الله جعفر بن محمدعليه‌السلام :( والله لتُمحصنّ ، والله لتطيرن يميناً وشمالاً ، حتى لا يبقى منكم إلاّ كل امرئ أخذ الله ميثاقه ، وكتب الإيمان في قلبه ، وأيده بروح منه ) (٥) .

ومنها : ما ورد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أيضاً قال :( لابدّ للناس أن يمحّصوا ويميّزوا ويغربلوا ، وسيخرج من الغربال خلق كثير ) (٦) .

ـــــــــــــ

(١) التكوير : ١٥ ـ ١٦ .

(٢) إكمال الدين وإتمام النعمة ، الصدوق : ص ٣٣٠ ، انظر : الغيبة ، الطوسي : ص ٣٣٦ .

(٣) الغيبة ، الطوسي : ص ٣٤٠ ، الغيبة ، النعماني : ص ٢٠٥ .

(٤) الغيبة ، النعماني : ص ٢٠٩ .

(٥) المصدر نفسه : ص ٢٦ .

(٦) المصدر نفسه : ص ٢١٢ ؛ دلائل الإمامة : ابن جرير الطبري (الشيعي) : ص ٤٥٦ ؛ العدد القوية ، العلاّمة الحلّي : ص ٧٤ ؛ الكافي ، الكليني : ج ١ ص ٣٧٠ .

١٧٢

ومنها : ما جاء عنه أيضاًعليه‌السلام :( لتُمحصنّ يا شيعة آل محمد ، تمحيص الكحل في العين ) (١) .

ومنها : كذلك ما ورد عنهعليه‌السلام قوله : ( والله لتكسّرن تكسّر الزجاج ، وإنّ الزجاج ليعاد فيعود كما كان ، والله لتكسّرن تكسّر الفخار وإنّ الفخار ليتكسّر فلا يعود كما كان ، ووالله لتغربلن، والله لتميزن ، والله لتمحّصن حتى لا يبقى منكم إلا الأقل ، وصعّر كفه )(٢) .

ومنها : ما ورد عنه أيضاًعليه‌السلام ، قال :( والله لتمحصنّ ، والله لتميزن ، والله لتغربلن ، حتى لا يبقى منكم إلاّ الأندر ) (٣) .

ومنها : ما عن صفوان بن يحيى ، قال : قال أبو الحسن الرضاعليه‌السلام :( والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى تمحصوا ، وحتى لا يبقى منكم إلاّ الأندر ، فالأندر ) (٤) .

وأخيراً : يضرب الإمام أمير المؤمنين عليعليه‌السلام لنا مثلاً في ذلك ، حيث يقول :( وسأضرب لكم مثلاً ، وهو مثل رجل كان له طعام فنقّاه ، وطيّبة ثم أدخله بيتاً ، وتركه فيه ما شاء الله ، ثم عاد إليه ، فإذا هو قد أصابه السوس ، فأخرجه ونقّاه وطيّبه ثم أعاده إلى البيت ، فتركه ما شاء الله ، ثم عاد إليه ، فإذا هو قد أصابته طائفة من السوس ، فأخرجه ونقّاه ، وطيّبه ، وأعاده ، ولم يزل كذلك حتى بقيت منه رزمة

ـــــــــــــ

(١) الغيبة ، النعماني : ص ٢٠٦ ؛ الغيبة ، الطوسي : ص ٣٣٩ .

(٢) المصدر نفسه : ص ٢٠٧ ؛ المصدر نفسه : ص ٣٤٠ .

(٣) تفسير العياشي ، محمد بن مسعود العياشي : ج ١ ص ١٩٩ ؛ وانظر : الغيبة ، النعماني : ص ٢٠٨ ؛ وانظر : الغيبة ، الشيخ الطوسي : ص ٣٣٧ .

(٤) غيبة ، النعماني : ص ٢٠٨ ؛ الغيبة ، الشيخ الطوسي : ص ٣٣٧ ؛ الخرائج والجرائح : الراوندي : ج ٣ ص ١١٧٠ ؛ انظر : تفسير العياشي : ج ١ ص ١٩٩ .

١٧٣

كرزمة الأندر ، لا يضره السوس شيئاً ، وكذلك أنتم تُميزون ، حتى لا يبقى منكم إلاّ عصابة لا تضرها الفتنة شيئاً ) (١) ، وبنفس المضمون ما جاء عن الإمام الباقرعليه‌السلام (٢) .

وكذلك ما جاء أيضاً على لسان حكيمة عمّه الإمامعليه‌السلام ، عندما قالت لمحمد بن عبد الله المطهري : (لا بد للأمّة من حيرة ، يرتاب فيها المبطلون ، ويخلص فيها المُحقّون ، كيلا يكون للناس على الله حجّة )(٣) .

هذا مضافاً إلى روايات الفتن ، والابتلاء في آخر الزمان التي نقلها الفريقان بنحو التواتر ، والتي لا يخلو منها كتاب واحد من كتب الحديث ، بل عُقدت لروايات الفتن في آخر الزمان كتب وأبواب خاصّة ، وهذا يكشف عن أهمية التمحيص والغربلة في عصر الغيبة لمعرفة وتمييز المخلصين الصالحين للقيام بشؤون الدولة العالمية ، تحت راية الإمام المهديعليه‌السلام عن غيرهم ، ومن تلك الروايات :

١ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( إنّ بين يدي الساعة فتناً كقطع الليل المظلم ، يصبح فيها الرجل مؤمناً ويُمسي كافراً ، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً ) (٤) .

٢ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( ثم فتنة الدهيماء ، لا تدع أحداً من هذه الأُمّة إلاّ

ـــــــــــــ

(١) الغيبة ، النعماني : ص ٢١٠ .

(٢) كمال الدين وتمام النعمة ، الصدوق : ص ٤٢٦ .

(٣) المصدر نفسه : ص ٤٢٦ .

(٤) مسند أحمد ، أحمد بن حنبل : ج ٤ ص ٢٧٧ ، البداية والنهاية ، ابن كثير ج ٨ ص ٢٦٧ ؛ كنز العمال ، المتقي الهندي : ج ١٤ ص ٢٢٩ ؛ النهاية في الفتن والملاحم : ابن كثير الدمشقي : ج ١ ص ٥٩ ؛ سنن أبي داود ، السجستاني : كتاب الفتن ، ص ٧٠٨ ح ٤٢٥٣ ؛ سنن الترمذي ، الترمذي : كتاب الفتن ؛ باب ما جاء في اتخاذ سيف من خشب في الفتنة : ص ٢٣٠ ، ح ٢٢٩٣ ؛ كما أخرجه ابن ماجه في كتاب الفتن ، باب التثبيت في الفتنة : ص ١٣١٠ ، ح ٣٩٦١ .

١٧٤

لطمته ، حتى إذا قيل انقضت عادت ، يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً حتى يصير الناس فسطاطين ، فسطاط إيمان لا نفاق فيه ، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه ، فإذا كان ذاكم فانتظروا الدجال من يومه أو من غده) (١) .

٣ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( ويل للعرب من شر قد اقترب ، فتن كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ، يبيع قوم دينهم بعرض من الدنيا قليل ؛ المتمسّك يومئذ بدينه كالقابض على الجمر ـ أو قال ـعلى الشوك ) (٢) .

ثالثاً : انكشاف عجز وبطلان الأطروحات الأخرى

لا ريب أنّ الغيبة تساهم في إثبات عجز أو فشل المدارس والأطروحات الأخرى التي تدعي تحقيق السعادة والعدل والكمال المنشود للمجتمع البشري ، وهذا بدوره يكون دافعاً للمجتمع عموماً للتفاعل الإيجابي مع المهمّة الإصلاحية الكبرى للإمام المهديعليه‌السلام .

ومن ثم يزيل العقبات التي تمنع عن حصول هذا التفاعل المطلوب ، لتحقيق الأهداف الإلهية ، التي يقوم بإنجازها الإمامعليه‌السلام .

ـــــــــــــ

(١) النهاية في الفتن والملاحم : ابن كثير الدمشقي : ج ١ ص ٦١ ؛ وكذا لاحظ : سنن أبي داود ؛ كتاب الملاحم ، باب الأمر والنهي : ج ٢ ص ٢٢٩ ، ح ٤٣٤٢ ؛ تهذيب الكمال ، المزي : ج ٢٢ ص ٥٢٧ ؛ مسند أحمد ، أحمد بن حنبل : ج ٢ ص ١٣٣ باختلاف في اللفظ ؛ المستدرك ، الحاكم النيسابوري : ج ٤ ص ٤٦٧ .

(٢) مسند أحمد ، أحمد بن حنبل : ج ٢ : ص ٣٩٠ ؛ النهاية في الفتن والملاحم : ابن كثير الدمشقي : ج ١ ص ٥٥ تاريخ دمشق ، ابن عساكر : ج ٧٠ ص ٣٥ ؛ سير أعلام النبلاء ، الذهبي : ج ٢ ص ٦٢٣ ، ج ٨ ص ٢٨؛ كنز العمال ، المتقي الهندي : ج ١١ : ص ١٥٨ ؛ انظر صحيح البخاري : كتاب أحاديث الأنبياء : باب قصة يأجوج ومأجوج : ج ٢ ص ٣٤٧ ح ٣٣٤٦ ؛ وانظر صحيح مسلم ؛ كتاب الفتن ، باب اقتراب الفتن وفتح ردم يأجوج ومأجوج : ص ٢٢٠٧ ح ٢٢٨٠ .

١٧٥

إذن فالغيبة تفسح المجال لكي يتضح بطلان كل ما يرفع من شعارات مُزيّفة ومُغرضة ، مهما كان مصدرها ، سواء أكانت من المدارس المادّية أم من مدارس ذات أصول سماوية منحرفة ؛ وبذلك يتبين فشل كل ما يرفع من الشعارات التي نراها براقة في يومنا هذا ، كأطروحة العدالة العالمية ، ومحاربة الإرهاب ، ومنظمة حقوق الإنسان وغيرها ، ومن ثم تسقط مصداقيتها لدى الناس ، وينكشف زيفها وكذبها ، وتتضح سياساتها العنصرية ونواياها السيئة ، وكذا يتضح عجز العقل البشري عن تلبية ما تطمح إليه الفطرة البشرية من السعادة الكاملة ، وإقامة العدل على هذه الأرض .

وهذا بدوره يشكّل عاملاً مهمّاً في نجاح الأطروحة الإلهية على يد الإمام المهديعليه‌السلام ، بإقامة دولته العالمية ، وتفاعل الناس معه .

ولعلّ روايات الفتنة والتمحيص المتقدمة تشير إلى ذلك ، وتؤكّد على عجز الإنتاج البشري عن تقديم ما تطمح إليه البشرية من العدل ، ورفاهية العيش والأمن في هذه الدنيا .

رابعاً : تجلّي مفهوم الانتظار في أحضان الغيبة

إنّ إحساس الفرد المؤمن بوجود الإمامعليه‌السلام ، واطّلاعه عن كثب على أوضاع المجتمع عموماً ، يساهم في حصول الاطمئنان والثبات النفسي عند المؤمنين ، وبذلك تزداد صلتهم بالإمامعليه‌السلام ، ويتغلغل إيمانهم به وبعقيدته إلى داخل أعماقهم ، ومن ثمّ تكون عقيدتهم بإمامهم عقيدة راسخة ، وهو معنى الانتظار الذي يعد من الركائز الأساسية التي اهتمّ بها القرآن الكريم

١٧٦

والرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيتهعليهم‌السلام ، في عملية إعداد الفرد والمجتمع قال تعالى :( فَانْتَظِرُوا إِنّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ) (١) .

وقد أولى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عناية خاصة بمفهوم الانتظار ، وهذا ما نجده واضحاً من خلال كثافة الروايات الواردة في هذا السياق ، فقد جاء عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله :( أفضل العبادة انتظار الفرج ) (٢) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( انتظار الفرج بالصبر عبادة ) (٣) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( أحب الأعمال إلى الله انتظار الفرج ) (٤) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( انتظار الفرج من الله عبادة ) (٥) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج ) (٦) .

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( أفضل جهاد أُمّتي انتظار الفرج ) (٧) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( أفضل العبادة انتظار الفرج ، أي انتظار الفرج بظهور المهدي ) (٨) .

ـــــــــــــ

(١) الأعراف : ٧١ .

(٢) سنن الترمذي ، الترمذي : ج ٥ ص ٢٢٦ ، مجمع الزوائد ، الهيثمي : ج ١٠ ص ١٤٧ ، الجامع الصغير ، السيوطي : ج ١ ص ١٩٢ ؛ المعجم الكبير للطبراني : ج ١٠ ص ١٠١ ، المعجم الأوسط للطبراني : ج ٥ ص ٢٣٠ .

(٣) الجامع الصغير : الطبراني : ج ١ص ٤١٧ ؛ لسان الميزان ، ابن حجر : ج ٤ ص ٣٦٢ ، مسند ابن سلامة : ج ١ ص ٦٢ .

(٤) دستور معالم الحكم ، ابن سلامة : ص ١٠٣ .

(٥) الجامع الصغير ، السيوطي : ج ١ ص ٤١٧ .

(٦) الفرج بعد الشدّة ، القاضي التنوخي : ج ١ ص ٢٧ ؛ مناقب آل أبي طالب : ابن شهر آشوب : ج ٣ ص ٥٢٧ .

(٧) تحف العقول ، ابن شعبة : ص ٣٧ .

(٨) ينابيع المودّة ، القندوزي الحنفي : ج ٣ ص ٣٩٧ ؛ لسان الميزان ، ابن حجر : ج ٣ ص ٩٣ .

١٧٧

فالانتظار يمثّل عنصر التوازن في حياة المؤمن وحالة وسطى بين القنوط واليأس من روح الله ، وبين حرمة الأمن من مكر الله ، قال تعالى :( وَلاَ تَيْأَسُوا مِن رّوْحِ اللهِ إِنّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَوْحِ اللهِ إِلاّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ) (١) .

ومن خلال الانتظار يتوجه الإنسان إلى ربّه ، ويتمسّك بإمامه ، ويطلب الفرج من الله تعالى ، وهذا ما كشف النقاب عنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بقوله :( أفضل العبادة انتظار الفرج ) (٢) .

كذلك نجد أنّ الانتظار في واحدة من أبعاده هو الإيمان بالغيب ، ومن ثمّ يحمل الفرد على العمل والتعبد بعقيدته ، ويكون محبّاً للعدل كارهاً للظلم ، وبذلك يوجّه نفسه ، وسائر إخوانه المؤمنين إلى ما فيه الخير والصلاح للمجتمع .

وكذلك نجد أيضاً أنّ الانتظار يحمل في طيّاته دفع المؤمن وحثّه على الامتثال والالتزام الكامل بتطبيق الأحكام الإلهية ، ليكون فرداً صالحاً مؤهّلاً للعضوية في مجتمع العدالة الكبرى ، ومن ثمّ يكتسب المؤمن الإرادة القوية ، والإخلاص الحقيقي الذي يؤهّله للمشاركة والتشرّف بتحمل المسؤولية الكبيرة في اليوم الموعود ، فيزداد تعلّقه بالأنبياء ورسالاتهم ، وتجديد العهد معهم ، ومع الإمامعليه‌السلام الذي يحقق هدف الأنبياء على هذه الأرض ، وكل هذا إنّما يتجلّى وتشتعل جذوته إذا أحس الإنسان بوجود المصلح حيّاً يرزق قد حفظه الله تعالى وادخره لإنجاز مهمّة الإصلاح .

ـــــــــــــ

(١) يوسف : ٨٧ .

(٢) سنن الترمذي ، الترمذي : ج ٥ ص ٢٢٦ ؛ مجمع الزوائد ، الهيثمي : ج ١٠ ص ١٤٧ ؛ الجامع الصغير ، السيوطي : ج ١ ص ١٩٢ ؛ المعجم الأوسط ، الطبراني : ج ٥ ص ٢٣٠ .

١٧٨

خامساً : عدم انقطاع سلسلة حجج الله في الأرض

إنّ الغيبة من الوسائل المهمة للحفاظ على وجود الحجّة الإلهية في الأرض ، وعدم خلوّها من تلك الحجّة ، كما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( لا تخلو الأرض من قائم بحجّة ) (١) .

ولا يخفى الأثر المهم والدور الأساس لوجود حجّة الله في الأرض ، من كونها أماناً لأهل الأرض ، كما قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( النجوم أمان لأهل السماء ، إذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء ، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض ، فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض ) (٢) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( لن يزال الدين قائماً إلى اثني عشر من قريش ، فإذا هلكوا ماجت الأرض بأهلها ) (٣) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح ، مَن ركب فيها نجا ، ومَن تخلّف عنها غرق ، ومَن قاتلنا في آخر الزمان فكأنّما قاتل مع الدجال ) (٤) .

ـــــــــــــ

(١) تاريخ مدينة دمشق ، ابن عساكر : ج ٥٠ ص ٢٥٥ ؛ ينابيع المودّة ، القندوزي : ج ١ ص ٨٩ ؛ المناقب ، الخوارزمي : ص ٣٦٦ ، وانظر تاريخ اليعقوبي ، اليعقوبي : ج ٢ ص ٢٠٦ .

(٢) فضائل الصحابة ، أحمد بن حنبل : ج ٢ ص ١٦٥ ؛ شواهد التنزيل ، الحسكاني : ج ١ ص ٤٢٦ ؛ ينابيع المودّة ، القندوزي : ج ١ ص ٧١ وح ٢ ص ١١٤ ؛ ذخائر العقبى ، محب الدين الطبري : ص ١٧ ؛ ونحوه في المستدرك ، الحاكم النيسابوري : ج ٢ ص ٤٤٨ ج ٣ ص ١٤٩ ص ٤٥٧ ؛ جواهر المطالب : ابن الدمشقي الشافعي : ج ١ ص ٣٤٣ .

(٣) المعجم الكبير ، الطبراني ج : ٢ ص ١٩٦ ؛ كنز العمال ، المتقي الهندي : ج ١٢ ص ٣٤ .

(٤) المعجم الكبير ، الطبراني : ج ٣ ص ٤٥ ، ح ٢٦٣٦ ؛ مسند ابن سلامة : ج ٢ ص ٢٧٣ .

١٧٩

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( النجوم جُعلت أماناً لأهل السماء ، وإنّ أهل بيتي أمان لأُمّتي ) (١) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( كيف تهلك أمّة أنا أوّلها ، وعيسى بن مريم آخرها ، والمهدي من أهل بيتي في وسطها ) (٢) .

مضافاً إلى أنّ غيبة الإمامعليه‌السلام تؤمّن إتيانه بالإسلام الخالص ، كما أنزله الله تعالى حين الظهور ؛ لأنّه سوف يكون وارثاً عن أبيه عن آبائهعليهم‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الإسلام الصحيح ، وتفاصيله التي أملاها الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الإمام عليعليه‌السلام وكتبها بخطّه .

بخلاف ما لو قلنا إنّ المهديعليه‌السلام لم يولد بعد ، فإنّه حينئذ كيف يمكنه الإتيان بالإسلام الخالص بعد انقطاع الوحي ، وكيف يحرز الإسلام الصحيح وسط هذه الاختلافات بين المذاهب ، وبعد تضييع سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

أضف إلى ذلك أنّ وجود الحجّة والإمام في الأرض لطف من الله تعالى ـ كما تقدم ـ وإتمام للحجّة البالغة على خلقه ، أمّا الغيبة فهي لأسباب وظروف اقتضت ذلك ، وقد تقدم ذكر بعضها .

سادساً : لكي لا تكون في عنقه بيعة لظالم

وهذا من معطيات الغيبة أيضاً ؛ لأنّ أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام كلّهم أُجبروا وأُكرهوا على البيعة للحكّام الظالمين ، ابتداءً من الإمام عليعليه‌السلام إلى الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام .

والبيعة من الإمام المعصوم تعني إعطاء عهد يطوق به عنقه ويكبله ويقضي بعدم محاربة الظالم في حال لزومها .

ـــــــــــــ

(١) المعجم الكبير : ج ٧ ص ٢٢ .

(٢) الدر المنثور : ج ٢ ص ٧٤٢ ؛ الجامع الصغير السيوطي : ج ٢ ص ٤٢٣ ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ابن عساكر : ج ٤٧ ص ٥٢٢ ، ونحوها في المستدرك : الحاكم النيسابوري : ج ٣ ص ٤١ ؛ قال فيه : ( حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ) ، فيض القدير : ج ٥ ص ٣٨٣ .

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

[٢٠٣] وبآخر ، عن عبد الله بن عباس ، إنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عليّ وليّ كل مؤمن من بعدي.

[٢٠٤] وبآخر عن البراء بن عازب ، إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أخذ بعضد عليعليه‌السلام فأقامه ، ثم قال : هذا وليكم من بعدي والى الله من والاه وعادى من يعاديه. قال : فقام عمر بن الخطاب إليه. فقال : يهنيك يا ابن أبي طالب ، أصبحت ، أو قال : أمسيت(١) ولي كل مسلم.

[٢٠٥] وبآخر عن بريدة ، إنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي وليكم من بعدي.

[٢٠٦] وبآخر عن عمار بن ياسر رحمة الله عليه إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب فمن تولاه فقد تولاني ومن تولاني فقد تولى الله عز وجل.

[٢٠٧] وبآخر ، الحسين بن الحكم بن مسلم الحبري ، باسناده عن سلمان الفارسي ( رضوان الله عليه ) ، انه قال : كنت عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعنده جماعة من أصحابه إذ وقف أعرابي [ من بني عامر وسلم ] فقال : والله يا محمد لقد آمنت بك من قبل أن أراك ، وصدقتك من قبل أن ألقاك ، وقد بلغني عنك أمر ، فأردت سماعه منك. فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وما الذي بلغك عني يا أعرابي؟ قال : دعوتنا الى أن نشهد أن لا إله إلا الله والى. الإقرار بأنك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأجبناك ، وإلى الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد ، فأجبناك ، ثم لم ترض حتى دعوت الناس إلى حبّ ابن عمّك علي وولايته ، فذلك فرض علينا من الأرض أم الله فرضه من السماء؟

__________________

(١) وفي غاية المرام ص ٨٤ : أصبحت وأمسيت.

٢٢١

قال : فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بل الله عز وجل فرضه من السماء(١) .

قال الأعرابي : فان كان الله عز وجل فرضه ، فحدّثني به يا رسول الله.

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أعرابي أني اعطيت في علي خمس خصال الواحدة منها خير من الدنيا بحذافيرها ، يا أعرابي ألا انبئك بهن؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : كنت يوم بدر جالسا وقد انقضت الغزاة فهبط عليّ جبرائيلعليه‌السلام ، فقال : يا محمد إن الله تعالى يقرؤك السلام ، ويقول لك : إني آليت على نفسي بنفسي ألا الهم حب علي ، إلا من أحببته ، فمن أحببته ألهمته ذلك ، ومن أبغضته ألهمته بغضه وعداوته.

يا أعرابي ألا انبئك بالثانية؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : كنت يوم أحد جالسا ، وقد فرغت من جهاز عمي حمزة فاذا أنا بجبرائيلعليه‌السلام وقد هبط عليّ ، فقال : يا محمد ، الله تعالى يقرؤك السلام ، ويقول لك : اني فرضت الصلاة ووضعتها عن العليل(٢) ، والزكاة ووضعتها عن المقسر ، والصوم فوضعته عن المسافر ، والحج ووضعته عن المقتر(٣) ، والجهاد فوضعته عمّن له عذر وفرضت ولاية علي ومحبته على جميع الخلق ، فلم أعط أحدا فيها رخصة

__________________

(١) وفي الفضائل لابن شاذان : ص ١٤٧ بل فرضه الله تعالى في السماوات على أهل السماوات والأرض.

(٢) وهو المريض ، ووضعناها بمعنى خففت من أحكامها لعلّة مرضه بأحكام مرنة ملائمة لحاله.

(٣) الفقير.

٢٢٢

طرفة عين.

[ ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ] يا أعرابي ألا انبئك بالثالثة؟

قال : بلى.

فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) : ما خلق الله عز وجل شيئا إلا جعل له سيدا ، فالنسر سيد الطيور(٢) والثور سيد البهائم والأسد سيد السباع وإسرافيل سيد الملائكة ويوم الجمعة سيد الأيام وشهر رمضان سيد الشهور(٣) وأنا سيد الأنبياء وعلي سيد الأوصياء.

[ ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ] يا أعرابي ، إلا انبئك بالرابعة؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : يا أعرابي : إن الله عز وجل خلق حبّ علي شجرة أصلها في الجنة وأغصانها في الدنيا ، فمن تعلّق بغصن من أغصانها في الدنيا أورده الجنة ، وبغض علي شجرة أصلها في النار وأغصانها في الدنيا ، فمن تعلّق بغصن من أغصانها في الدنيا أورده في النار.

[ ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ] يا أعرابي ألا انبئك بالخامسة؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : إذا كان يوم القيامة يؤتى بمنبري فينصب عن يمين العرش ويؤتى بمنبر إبراهيمعليه‌السلام فينصب عن يمين العرش. يا أعرابي والعرش له يمينان ، فمنبري عن يمين ، ومنبر إبراهيم عن يمين ثم يؤتى بكرسي عال مشرف فينصب بين المنبرين المعروف بكرسيّ الكرامة

__________________

(١) وفي بحار الأنوار ٢٧ / ١٢٩ : إنه ما أنزل الله كتابا ولا خلق الله ...

(٢) وفي الأصل : الطير.

(٣) وفي الفضائل ص ١٤٧ أضاف : وآدم سيد البشر.

٢٢٣

لعلي ، وأنا عن يمين العرش على منبري وإبراهيم على منبره وعلي على كرسيّ الكرامة وأصحابي حولي ، وشيعة علي حوله فما رأيت أحسن من حبيب بين خليلين.

يا أعرابي : أحبب عليا حق حبّه ، فما هبط عليّ جبرائيل إلا سألني عن علي وشيعته ، ولا عرج من عندي إلا قال أقرئ مني عليا أمير المؤمنينعليه‌السلام السّلام.

[ فعند ذلك قال الأعرابي : سمعا وطاعة لله ولرسوله ولابن عمه علي بن أبي طالب ](١) .

[٢٠٨] وبآخر ، أبو بصير ، عن أبي جعفر محمد بن عليعليه‌السلام ، إنه قال : إذا مات العبد المؤمن من أهل ولايتنا وصار الى قبره دخل معه قبره ست حور منهن حورة أحسنهن وجها وأطيبهن ريحا وأنظفهن هيئة ، حورة تكون عند رأسه ، وتكون الاخرى منهن عن يمينه ، والاخرى عن يساره ، والاخرى من خلفه ، والاخرى عن قدامه ، والاخرى عند رجليه ، فيمنعنه من حيث ما أتى من الجهات ويؤنسنه في قبره ، فيقول الميت من أنتنّ ، جزاكنّ الله خيرا. فتقول التي عن يمينه : أنا الصلاة ، وتقول التي عن يساره : أنا الزكاة ، وتقول التي بين يديه : أنا الصيام ، وتقول التي من خلفه : أنا الحج والعمرة ، وتقول التي عند رجليه : أنا الجهاد وأنا من وصلته من إخوانك ، وتقول التي عند رأسه وهي أحسنهن : أنا الولاية لعليعليه‌السلام والائمة من ذرّيته.

[٢٠٩] وبآخر ، معاذ بن مسلم ، قال : دخلت مع أخي عمرو ، على أبي عبد الله ( جعفر بن محمدعليه‌السلام ) ، فقلت له : جعلت فداك هذا

__________________

(١) هذه الزيادة موجودة في الفضائل لابن شاذان ص ١٤٧.

٢٢٤

أخي يريد أن يسمع منك. فقال له : سل عمّا شئت.

فقال : أسألك عن الذي لا يقبل الله عز وجل من العباد غيره ، ولا يعذرهم على جهله؟

قالعليه‌السلام : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمّدا رسول الله والطهارة والصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان وحجّ البيت الحرام لمن استطاع إليه سبيلا والجهاد لمن قدر عليه والائتمار(١) مع ذلك بأئمة الحق من آل محمّد عليه وعليهم أفضل الصلاة.

قال له عمرو : سمّهم لي جعلت فداك.

قالعليه‌السلام : علي أمير المؤمنين ، والحسن ، والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمد بن علي ، ويعطي الله الخير من يشاء.

قال له : فأنت جعلت فداك؟ قال : يجري لآخرنا ما جرى لأوّلنا ، ومحمد وعلي أفضلنا.

[٢١٠] أبو صالح ، عن عبد الله بن عباس ، إنه قال في قول الله عز وجل «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ » (٢) . قال : أتى عبد الله بن سلام ورهط من أهل الكتاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند صلاة الظهر ، فقالوا : يا رسول الله ، إن بيوتنا قاصية ولا نجد محدثا دون أهل المسجد ، وإن قومنا لما رأونا قد آمنا بالله ورسوله وتركنا دينهم أظهروا لنا العداوة وأقسموا أن لا يخالطونا ولا يجالسونا ولا يكلّمونا وتبرّءوا منا ومن ولايتنا و[ قاطعونا ] ، فشقّ ذلك علينا.

فبيناهم يشكون ذلك الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ انزل عليه : «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) الآية ». فقرأها رسول الله صلّى الله

__________________

(١) الافتداء.

(٢) المائدة : ٥٥

٢٢٥

عليه وآله. فقالوا : رضينا بالله ورسوله وبالمؤمنين ، وأذّن بلال لصلاة الظهر.

فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى المسجد والناس يصلّون ، ومسكين يسأل ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هل أعطاك أحد شيئا؟

قال : نعم. قال : ما ذا؟ قال : خاتم فضة. قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أعطاك؟ قال : ذلك الرجل القائم ـ وأومى الى علي ـ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وعلى أيّ حال أعطاك؟ قال : وهو راكع مررت به ، وأنا أسأل ، فاستلّه(١) من إصبعه وناولني إياه. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الله أكبر(٢) .

[٢١١] وفي إسناد آخر ، إنه لما فرغ من الصلاة دعا علياعليه‌السلام فبشره بما أنزل الله فيه وما أوجب من ولايته.

[٢١٢] وبآخر عن علي بن عامر ، يرفعه الى أبي معشر ، قال : دخلت الرحبة ، فاذا عليعليه‌السلام بين يديه مال مصبوب وهو يقول : والذي فلق الحبة وبرىء النسمة لا يموت عبدا وهو يحبني إلا جئت أنا وهو كهاتين يوم القيامة ـ وجمع المسبحتين من يديه جمعا ـ ولا أقول كهاتين ـ وجمع بين

__________________

(١) استلّه أي : استخرجه من إصبعه.

(٢) روى عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام إن الخاتم الذي تصدق به أمير المؤمنينعليه‌السلام وزن أربعة مثاقيل حلقته من فضة ـ وفضته خمسة مثاقيل ـ وهو من ياقوتة حمراء ، وثمنه خراج الشام ، وخراج الشام ثلاثمائة حمل من فضة وأربعة أحمال من ذهب ، وكان الخاتم لمران بن طوق ، قتله أمير المؤمنين ـ في الجهاد ـ وأخذ الخاتم من إصبعه ، وأتى به الى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من جملة الغنائم وأمره النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يأخذ الخاتم.

قال الغزالي في كتاب سرّ العالمين : إن الخاتم الذي تصدق به أمير المؤمنين كان خاتم سليمان بن داود.

قال الشيخ الطوسي : إن التصدق بالخاتم كان في اليوم الرابع والعشرين من ذي الحجة.

٢٢٦

المسبحة والوسطى من يده اليمنى ـ وقال : أنا يعسوب المؤمنين ووليهم ، وهذا ـ وأشار الى المال ـ يعسوب المنافقين ومقصدهم ، فبي يلوذ المؤمنون ، وبهذا يلوذ المنافقون.

[٢١٣] وعن جعفر بن سليمان الهاشمي ، يرفعه الى عمر بن الخطاب ، إنه قال : أحبّوا الأشراف وتودّدوهم ، واتقوا على أعراضكم السفلة ، ولا يتم إسلام مسلم حتى يتولّى علي بن أبي طالب.

[٢١٤] الحسين بن الحكم الحبري ، يرفعه الى أبي جعفر محمد بن علي صلوات الله عليه ، إنه قال : بينما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يمشي وعليعليه‌السلام معه في بعض طرق الجبانة ، إذ عرضت لهما جنازة رثة الهيئة قليلة التبع ، فوقف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى انتهوا بها إليه ، فقال : قفوا ، من هذا الميت؟ فقالوا : يا رسول الله هذا عبد لنبي الرياح(١) كان كثير الاسراف على نفسه فجفاه الناس ، فلما مات قلّ تبعه. قال : أصلّيتم عليه؟ قالوا : لا. فقال : امضوا. ومضى معهم حتى انتهوا إلى موضع فيه سعة. فقال : أنزلوه. فأنزلوه ، فصلّى عليه ، ثم مشى معهم الى قبره ، فدفنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسوّى عليه التراب ، فلما تفرقوا ، قال لعليعليه‌السلام : أما سمعت ما قال هؤلاء القوم في هذا الميت؟ قال : بلى يا رسول الله ، ولكني أخبرك عنه إنه والله ما استقبلني قط إلا قال لي : يا مولاي أنا والله أحبك وأتولاّك. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فبها والله أدرك ما أدرك لقد رأيت معه قبيلا من الملائكة(٢) يشيّعون جنازته.

__________________

(١) وفي البحار ٣٩ / ٢٨٩ : هذا رياح غلام آل النجار.

(٢) وفي البحار أيضا : شيّعه سبعون ألف قبيل من الملائكة كل قبيل سبعون الف ملك.

٢٢٧

[٢١٥] وعن [ الحسين ](١) أيضا ، باسناده ، عن أبي هارون العبدي ، قال : كنت أرى رأي الخوارج الى أن جلست يوما الى أبي سعيد الخدري ، قال : ألا إن الاسلام بني على خمس ، فأخذ الناس بأربع وتركوا واحدة ، فقلت : وما هي يا أبا سعيد؟ قال : أما الأربع التي عمل بها الناس فالصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان والحج ، فأما التي تركوها فولاية علي بن أبي طالبعليه‌السلام . قلت : ما تقول ، هي مفروضة؟ قال : إي والله مفروضة.

[٢١٦] وبآخر عنه ، يرفعه الى زيد بن أرقم والبراء بن عازب ، إنهما قالا : سمعنا أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : إن الصدقة لا تحل لي ولا لأهل بيتي ، لعن الله من ادعى الى غير أبيه ، ولعن الله من انتمى الى غير مواليه ، الولد للفراش وللعاهر الحجر ، ليس لوارث وصيه إلا وقد سمعتم مني ورأيتموني ، فمن كذب عليّ متعمدا فليتبوّأ مقعده من النار ، ألا وأني فرطكم على الحوض ومكاثر بكم الامم يوم القيامة ، ولأستنقذن من النار رجل ، وليستنقذن من يدي آخرون ، فأقول : يا رب أصحابي ، فيقول : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، ألا إن الله وليي وأنا ولي كل مؤمن ومؤمنة ، ومن كنت مولاه فعلي مولاه.

[٢١٧] وبآخر ، سعد بن ظريف ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال : بينا عليعليه‌السلام يصلّي إذ مرّ به سائل ، فرمى إليه بخاتمه وهو راكع ، فلما فرغ من صلاته أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له : يا علي ، ما صنعت في صلاتك؟ فأخبره. فقال : إن الله تعالى أنزل فيك آيتين وتلا عليه قوله : «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » الى قوله : «هُمُ

__________________

(١) وفي الأصل : الحسن. وفي نسخة ـ ب ـ الحسين بن الحكم.

٢٢٨

الْغالِبُونَ » (١) .

[٢١٨] وبآخر ، محمد بن جرير الطبري ، باسناده ، عن عبد الله بن مسعود ، إنه قال : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو آخذ بيد عليعليه‌السلام وهو يقول : هذا ولي من أنا وليه ، عاديت من عاداه وسالمت من سالمه(٢) .

[٢١٩] وبآخر ، أبو نعيم ( الفضل بن دكين ) عن سفيان بن عيينة ، قال : سألت أبا عبد الله ( جعفر بن محمد )عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : «أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ » (٣) .

فنظر أبي كالمتعجب ، فقال لي : يا سفيان ، كيف سألتني عن هذه الآية وما سألني عنها أحد غيرك؟

ولقد سألت عنها أبي محمد بن عليعليه‌السلام فقال لي : بابني كيف سألتني عن هذه الآية وما سألني أحد غيرك؟

ولقد سألت عنها أبي علي بن الحسينعليه‌السلام فقال لي مثل ذلك.

وإنه سأل عنها أباه الحسين بن عليعليه‌السلام فقال له مثل ذلك.

وإنه سأل عنها أباه علي بن أبي طالبعليه‌السلام فقال له مثل

__________________

(١) الآيتين في سورة المائدة الآية ٥٥ و ٥٦( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ، وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ ) .

(٢) ولقد أجاد المؤلف حيث أشار في ارجوزته الى هذا المعنى :

ثم دعاه بينهم إليه

وقال وهو رافع يديه

يا ربّ وال اليوم من والاه

وعاد يا ذا العرش من عاداه

(٣) الشعراء : ٢٠٤. ( الارجوزة المختارة ص ١٠٧ ).

٢٢٩

ذلك ، وانه قال لأبيه عليعليه‌السلام ، إذ قال ذلك له : أردت أن تخبرني عنها فيمن انزلت؟

قال : نعم ، لما رجعنا من حجة الوداع نزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بغدير خم ، فقال : معاشر الناس ، اني مسئول عنكم وانتم مسئولون عني ، فما أنتم قائلون؟

قالوا : نشهد إنك لرسول الله ، بلّغت رسالة ربك ونصحت لامّتك وعبدت ربك حتى أتاك اليقين ، فجزاك الله عنا من نبي خيرا.

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وأنتم ، فجزاكم الله عني خيرا ، فلقد صدقتموني وأعنتموني على تبليغ وحي الله عز وجل ورسالته ، وجاهدتم معي فجزاكم الله عني خيرا.

ثم أخذ بيدي فرفعها كأنها مروحة ، وقال : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأنا وليّ جميعهم؟

قالوا : نعم.

قال : من كنت مولاه فهذا مولاه. هل سمعتم وأطعتم.

قالوا : نعم.

قال : اللهمّ اشهد.

فقام نعمان بن الحارث الفهري(١) فقال : يا رسول الله أتيتنا فذكرت لنا إنك رسول الله إلينا ، فقلنا لك : أعن الله ذلك؟ قلت :

نعم ، فصدّقناك.

ثم أتيتنا بالفرائض ـ وذكرت كل فريضة منها ـ فقلنا لك : أعن الله هذا؟ قلت : نعم ، فصدّقناك.

__________________

(١) وفي البحار ذكر أنه الحارث بن النعمان الفهري راجع تخريج الاحاديث.

٢٣٠

ثم أخذت الآن بيد ابن عمك هذا ، فأمرتنا بولايته ، فالله أمرك بهذا؟ قال : نعم والله عز وجل أمرني أن أقول ذلك لكم.

فقال كلمة يعنى بها التكذيب ، ثم ولّى مغضبا ، وهو يقول : اللهمّ إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. ثم أتى ناقته ، فحلّ عقالها ، وركبها ، فانطلق يريد أهله ، فأصابته حجارة من السماء [ فسقطت في رأسه وخرجت من دبره وسقط ميتا ](١) .

وفي رواية اخرى : نار فقتلته قبل أن يصل الى أهله ، فأنزل الله عز وجل :( أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ ) (٢) .

[٢٢٠] وبآخر عيسى بن عبد الله بن عمر ، قال : كنت جالسا عند أبي عبد الله جعفر بن محمدعليه‌السلام فسمع الرعد ، فقال : سبحان من سبّحت له.

ثم قال : يا أبا محمد أخبرني أبي عن أبيه عن جده ، عن الصدّيق الأكبر عليعليه‌السلام إنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

أوصي من آمن بي وصدقني ، بولاية علي بن أبي طالبعليه‌السلام فإن ولاءه ولائي ، وولائي ولاءه ، أمر أمرني به ربي عز وجل ، وعهد عهده إليّ ، وأمرني أن أبلغكموه وإن منكم من ينقصه حقّه ويركب عقّه.

قالوا : يا رسول الله أولا تعرّفنا بهم؟

قال : أما إني قد عرفتهم ، ولكن امرت بالإعراض عنهم لأمر هو كائن ، وكفى بالمرء منكم ما في قلبه لعليعليه‌السلام .

__________________

(١) هذه الزيادة موجودة في بحار الأنوار ٣٧ / ١٧٦.

(٢) الشعراء : ٢٠٤.

٢٣١

[٢٢١] وبآخر ، مسعر عن طلحة بن عميرة ، قال : شهدت علياعليه‌السلام على المنبر ، وحول المنبر اثنا عشر رجلا من أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : اناشدكم الله من كانت لي عنده شهادة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلا قام فأداها.

فقام القوم فذكروا قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من كنت مولاه فعلي مولاه » ، وكان فيهم أنس بن مالك ، فلم يقم ، ولم يقل شيئا.

فقال له عليعليه‌السلام : يا أنس بن مالك ، ما منعك أن تقوم فتشهد بما سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فقال : يا أمير المؤمنين كبرت ونسيت.

فقال عليعليه‌السلام : اللهمّ إن كان كاذبا فابتله ببياض لا تواريه العمامة.

قال طلحة : فو الله ما متّ حتى رأيتها نكتة(١) بين عينيه من برص أصابه.

[٢٢٢] وبآخر في حديث آخر عن زيد بن أرقم(٢) ، قد ذكرناه فيما تقدم إنه قال : أنشد عليعليه‌السلام الناس [ في المسجد ] : من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : « من كنت مولاه فعلي مولاه » ، إلا قام فشهد.

فقام جماعة ، فشهدوا ، وكنت فيمن كتم ، فعمي بصري ، وكان يحدث بذلك بعد أن عمي.

[٢٢٣] وبآخر ، محمد بن عبد الله بن أبي رافع عن أبي عبيدة عن عمار بن ياسر ، عن أبيه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أوصي من آمن

__________________

(١) النكتة ونكت ونكات : النقطة البيضاء في الأسود.

(٢) وفي نسخة ـ ب ـ عن بريدة.

٢٣٢

بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب ، فمن تولاه فقد تولاني ، ومن تولاني فقد تولى الله ، ومن أحبه فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله ، ومن أبغضه فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله ، ومن أبغض الله يوشك أن يأخذه عقاب.

[٢٢٤] وبآخر ، عن عباس ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد صلوات الله عليه إنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا سيد الناس(١) ولا فخر ، وعليّ سيد المؤمنين ولا فخر ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه.

[٢٢٥] وبآخر سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة عن عليعليه‌السلام ، إنه قال : في قوله الله تعالى : «إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ » (٢) .

قال : [ ناكبون ] عن ولايتنا أهل البيت.

[٢٢٦] وقالعليه‌السلام في قول الله عز وجل : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً » (٣) .

قال : في ولايتنا أهل البيت.

[٢٢٧] وبآخر ، أبو حمزة ، عن ابن عباس ، إنه قال في قوله الله عز وجل : «رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً » (٤) .

قال : الدخول في الولاية.

«وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً » قال : الجنة.

[٢٢٨] وبآخر ، الشعبي عن ابن عباس ، إنه قال في قوله الله تعالى :

__________________

(١) وفي نسخة ـ أ ـ سيد البشر.

(٢) المؤمنون : ٧٤.

( ٣ ـ ٤ ) البقرة : ٢٠٨ و ٢٠١.

٢٣٣

  «وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ » (١) .

قال : يوقف الناس على الصراط فيسألون عن ولاية عليعليه‌السلام .

[٢٢٩] وبآخر ، يزيد بن عبد الملك ، عن علي بن الحسينعليه‌السلام ، إنه قال : في قول الله تعالى : «بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ بَغْياً » (٢) .

قال : من ولاية علي أمير المؤمنين والأوصياء من ولدهعليهم‌السلام أجمعين.

[٢٣٠] وبآخر ، زيد بن المنذر عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين صلوات الله عليهم أجمعين إنه قال ـ في قوله تعالى ـ : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما ) ( يُحْيِيكُمْ » (٣) .

قال : ولاية عليعليه‌السلام .

[٢٣١] وبآخر ، داود بن سرحان ، قال : سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله تعالى : «فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ » (٤) .

قال : ذلك علي بن أبي طالبعليه‌السلام إذا رأوا ما أزلفه(٥) الله عز وجل به لديه ، ومنزلة ومكانه من الله جلّ ثناؤه أكلوا اكفهم على ما فرطوا فيه من ولايتهعليه‌السلام .

[٢٣٢] وبآخر ، أبو حذيفة عن هلقام ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال

__________________

(١) الصافات : ٢٤.

(٢) البقرة : ٩٠.

(٣) الأنفال : ٢٤.

(٤) الملك : ٢٧.

(٥) أزلفه : قربه ، والزلفى : القربة والمنزلة ( مختار الصحاح ص ٢٧٣ ).

٢٣٤

في قول الله تعالى : «فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ »(١) .

قال : من دفعهم لولاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

[٢٣٣] وبآخر ، أبان بن عثمان ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى :( وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ » (٢) .

قال : هو وعد تواعد الله به من كذب بولاية علي أمير المؤمنين.

[٢٣٤] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : لما أنزل الله تعالى على رسول الله محمد صلوات الله عليه وآله : «إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ » (٣) .

قال لعليعليه‌السلام : المجرمون ، ـ يا علي ـ المكذبون بولايتك.

[٢٣٥] وبآخر ، عن عمر بن اذينه ، عن جعفر بن محمد عن أبيه صلوات الله عليهم إنه قال في قول الله عز وجل : «أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ » (٤) .

قال : يقول : أفتطمعون أن يقرّوا لكم بالولاية ، وهم يحرّفون الكلم عن مواضعه.

[٢٣٦] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام إنه قال في قول الله [ تعالى ] : «أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ ، فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ » (٥) .

قال : قد كذبوا والله فريقا من آل محمد وفتلوا فريقا.

[٢٣٧] وبآخر ، ثابت الثمالي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قوله الله تعالى : «أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاَّ خائِفِينَ » (٦) .

__________________

(١) ص : ١٧.

(٢) المزمل : ١١.

(٣) المدثر : ٤٢.

(٤) البقرة : ٧٥.

(٥) البقرة : ٨٧.

(٦) البقرة : ١١٤.

٢٣٥

قال : يعني الولاية لا يقولوا بها إلا وهم يخافون على أنفسهم إظهار القول بها.

[٢٣٨] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال : في قول الله عز وجل «وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ » (١) .

قال : مسلمون بولاية عليعليه‌السلام .

[٢٣٩] وبآخر ، محمد بن سلام ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله عز وجل : «قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ » (٢) قال : إن الله عز وجل أوحى الى نبيه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأمره بالصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد فلما فعلوا ذلك وأقاموه ، وكان آخر ما فعلوه منه الحج معه حجة الوداع وقام فيهم بولاية عليعليه‌السلام .

قال قوم : الى متى يلزمنا محمد هذه الفرائض شيئا بعد شيء؟

فأنزل الله تعالى قل : «إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ » يعني الولاية لأمير المؤمنين صلوات الله عليه.

[٢٤٠] وبآخر ، عبد الصمد بن بشير ، عن عطيّة عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال : لما كان يوم غدير خم ، وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ في عليعليه‌السلام ـ ما قال ، اجتمع جنود إبليس إليه ، فقالوا : ما هذا الأمر الذي حدث كنّا نظن أن محمّدا إذا مضى تفرق هؤلاء ، فنراه قد عقد هذا الأمر لآخر من بعده. فقال لهم : إن أصحابه لا يفوا له بما عقد عليهم.

قال عطية : ثم قال لي أبو جعفرعليه‌السلام : أتدري أين هو من كتاب الله تعالى؟

__________________

(١) البقرة : ١٣٢

(٢) السبأ : ٤٦.

٢٣٦

قلت : لا.

قال : هو قوله تعالى : «وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ » (١) .

[٢٤١] وبآخر ، يعقوب بن المطلب ، عن أبي جعفر محمد بن عليعليه‌السلام ، إنه قال : في قول الله عز وجل : «وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ » (٢) .

قال : لا تعدلوا عن ولايتنا فتهلكوا في الدنيا والآخرة

[٢٤٢] وبآخر ، إبراهيم بن عمر الصنعاني ، عن أبي جعفر ( محمد بن علي بن الحسينعليه‌السلام ) ، إنه قال : في قول الله عز وجل : «سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى » (٣) .

قال : لا يقول بولايتنا إلا من يخشى الله تعالى.

[٢٤٣] فضيل بن الرسان ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى » (٤) .

قال : نعينك على تبليغ الرسالة بمعرفة حق الأوصياءعليهم‌السلام .

[٢٤٤] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام إنه قال في قول الله [ عز وجل ] : «يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ ».

قال : يعني بولاية عليعليه‌السلام .

«وَإِنْ تَكْفُرُوا ) ـ يعني بولايته ـ( فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً » (٥)

__________________

(١) السبأ : ٢٠.

(٢) البقرة : ١٩٥.

(٣) الأعلى : ١٠.

(٤) الأعلى : ٨.

(٥) النساء : ١٧٠.

٢٣٧

[٢٤٥] وبآخر ، الفضل بن بشار ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » (١) .

يعني الائمةعليهم‌السلام .

[٢٤٦] وعنهعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ » (٢) .

قال : يعني الولاية.

[٢٤٧] وبآخر ، حميد بن جابر بن العبدي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها » (٣) قال : يعني الولاية «لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ ».

قال : لأرواحهم «وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ » يوم القيامة.

[٢٤٨] وبآخر ، أبو الجارود ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ » (٤) .

يقول : الى ولاية عليعليه‌السلام ، فإنّ استجابتكم له في ولاية عليعليه‌السلام أجمع لأمركم.

[٢٤٩] وبآخر ، عن ابن عمر عن أبي جعفر عن أبيه ، إنه قال في قول الله تعالى : «وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها » (٥) .

قال : بالإقرار بالولاية ، فلتعبدوا ، أتعستم فيها بالجحود.

__________________

(١) المائدة : ٥٥.

(٢) المائدة : ٦٨.

(٣) الأعراف : ٤٠.

(٤) الأنفال : ٢٤.

(٥) آل عمران : ١٠٣.

٢٣٨

[٢٥٠] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام [ إنه ] قال : نزل جبرائيلعليه‌السلام علي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذه الآية : «فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً »(١) .

قال : بولاية عليعليه‌السلام .

[٢٥١] وبآخر ، عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى » (٢) ، قال : هو التارك لحقنا ، المضيع لما افترضه الله تعالى عليه من ولايتنا.

«وَما عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى » ، قال : يقول ليس عليك يا محمد ألا يصلي ويزكي ويصوم ، فانه إن عمل أعمال الخير كلها وأتى بالفرائض بأسرها ثم لم يقبل بولاية الأوصياء لم يزن ما عمل عند الله سبحانه جناح بعوضة.

[٢٥٢] وبآخر ، أبو الجارود ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا » (٣) .

قال : علم الله عز وجل إنهم سيفترقون بعد نبيهمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويختلفون ، فنهاهم الله عن التفرق كما نهى من كان قبله وأمرهم أن يجتمعوا على ولاية آل محمدعليهم‌السلام ولا يتفرقوا.

[٢٥٣] وبآخر ، محمد بن زيد ، عن أبيه ، قال : سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله تعالى : «مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها » (٤) ، أهي للمسلمين عامة؟.

قال : الحسنة : ولاية علي أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

[٢٥٤] وبآخر ، خيثمة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله

__________________

(١) الإسراء : ٨٩.

(٢) عبس : ٥.

(٣) آل عمران : ١٠٣.

(٤) الأنعام : ١٦٠.

٢٣٩

تعالى : «فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى » (١) .

قال : العروة الوثقى هي : ولاية عليعليه‌السلام والقول بإمامته والبراءة من أعدائه ، والطاغوت أعداء آل محمّدعليهم‌السلام .

[٢٥٥] وبآخر ، جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن عليعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله عز وجل : «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ » (٢) ، قال : الذين كفروا بولاية عليعليه‌السلام وأوصياء رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين.

[٢٥٦] وبآخر ، أبو حمزة ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمدعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ » (٣) ، قال : ولاية عليعليه‌السلام وولايتنا من بعده.

[٢٥٧] وبآخر ، خالد بن يزيد ، عنهعليه‌السلام ، إنه قال : في قول الله تعالى : «فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ » (٤) ، قال : في القول بالولاية.

[٢٥٨] وبآخر ، حسّان الجمّال ، قال : حملت أبا عبد الله ( جعفر بن محمدعليه‌السلام ) من المدينة الى مكة ، فلما انتهى إلى غدير خم ، نظر الى المسجد ، فقال : ترى عن يسار المسجد ذاك؟

قلت : نعم.

قال : كان موضع قدمي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين أخذ بيد عليعليه‌السلام ، وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه.

ونظر الى الجانب الأيمن ، فقال : هاهنا كان فسطاط أربعة من

__________________

(١) البقرة : ٢٥٦.

(٢) البقرة : ٦.

(٣) الكهف : ٤٤.

(٤) التغابن : ١٦.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361