الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية الجزء ١

الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية10%

الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية مؤلف:
الناشر: دهكده جهاني آل محمّد (صلّى الله عليه وآله)
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 361

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 361 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 214079 / تحميل: 8508
الحجم الحجم الحجم
الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية

الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دهكده جهاني آل محمّد (صلّى الله عليه وآله)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

ولعلّ هذه الجملة إشارة إلى القيامة الوارد ذكرها آنفا ، أو أنّها إشارة إلى القرآن ، لأنّه ورد التعبير عنه بـ «الحديث» في بعض الآيات كما في الآية ٣٤ من سورة الطور ، أو أنّ المراد من «الحديث» هو ما جاء من القصص عن هلاك الأمم السابقة أو جميع هذه المعاني.

ثمّ يقول مخاطبا :( وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ وَأَنْتُمْ سامِدُونَ ) أي في غفلة مستمرّة ولهو وتكالب على الدنيا ، مع أنّه لا مجال للضحك هنا ولا الغفلة والجهل ، بل ينبغي أن يبكى على الفرص الفائتة والطاعات المتروكة ، والمعاصي المرتكبة ، وأخيرا فلا بدّ من التوبة والرجوع إلى ظلّ الله ورحمته!

وكلمة سامدون مشتقّة من سمود على وزن جمود ـ ومعناه اللهو والانشغال ورفع الرأس للأعلى تكبّرا وغرورا ، وهي في أصل استعمالها تطلق على البعير حين يرفل في سيره ويرفع رأسه غير مكترث بمن حوله.

فهؤلاء المتكبّرون المغرورون كالحيوانات همّهم الأكل والنوم ، وهم غارقون باللذائذ جاهلون عمّا يحدق بهم من الخطر والعواقب الوخيمة والجزاء الشديد الذي سينالهم.

ويقول القرآن في آخر آية من الآيات محلّ البحث ـ وهي آخر آية من سورة النجم أيضا ـ بعد أن بيّن أبحاثا متعدّدة حول إثبات التوحيد ونفي الشرك :( فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا ) .

فإذا أردتم أن تسيروا في الصراط المستقيم والسبيل الحقّ فاسجدوا لذاته المقدّسة فحسب ، إذ لله وحده تنتهي الخطوط في عالم الوجود ، وإذا أردتم النجاة من العواقب الوخيمة التي أصابت الأمم السالفة لشركهم وكفرهم فوقعوا في قبضة عذاب الله ، فاعبدوا الله وحده.

الذي يجلب النظر ـ كما جاء في روايات متعدّدة ـ أنّ النّبي عند ما تلا هذه الآية وسمعها المؤمنون والكافرون سجدوا لها جميعا.

٢٨١

ووفقا لبعض الرّوايات أن الوحيد الذي لم يسجد لهذه الآية عند سماعها هو «الوليد بن المغيرة» [لعلّه لم يستطع أن ينحني للسجود] فأخذ قبضة من التراب ووضعها على جبهته فكان سجوده بهذه الصورة.

ولا مكان للتعجّب أن يسجد لهذه الآية حتى المشركون وعبدة الأصنام ، لأنّ لحن الآيات البليغ من جهة ، ومحتواها المؤثّر من جهة اخرى وما فيها من تهديد للمشركين من جهة ثالثة ، وتلاوة هذه الآيات على لسان النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المرحلة الاولى من نزول الآيات عن لسان الوحي من جهة رابعة كلّ هذه الأمور كان لها دور في التأثير والنفوذ إلى القلوب حتّى أنّه لم يبق أيّ قلب إلّا اهتزّ لجلال آيات الله وألقى عنه. ستار الضلال وحجب العناد ـ ولو مؤقتا ـ ودخله نور التوحيد المشعّ!.

وإذا تلونا الآية ـ بأنفسنا ـ وأنعمنا النظر فيها بكلّ دقّة وتأمّل وحضور قلب وتصوّرنا أنفسنا أمام النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفي جوّ نزول الآيات وبقطع النظر ـ عن اعتقادنا الإسلامي ـ نجد أنفسنا ملزمين على السجود عند تلاوتنا لهذه الآية وأنّ نحني رؤوسنا إجلالا لربّ الجلال!

وليست هذه هي المرّة الاولى التي يترك القرآن بها أثره في قلوب المنكرين ويجذبهم إليه دون اختيارهم ، إذ ورد في قصّة «الوليد بن المغيرة» أنّه لمّا سمع آيات فصّلت وبلغ النّبي (في قوله) إلى الآية :( فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ ) قام من مجلسه واهتزّ لها وجاء إلى البيت فظنّ جماعة من المشركين أنّه صبا إلى دين محمّد.

فبناء على هذا ، لا حاجة أن نقول بأنّ جماعة من الشياطين أو جماعة من المشركين الخبثاء حضروا عند النّبي ولمّا سمعوا النّبي يتلو الآية :( أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى ) بسطوا ألسنتهم وقالوا : تلك الغرانيق العلى!! ولذلك انجذب المشركون لهذه الآيات فسجدوا أيضا عند تلاوة النّبي آية السجدة!

٢٨٢

لأنّنا كما أشرنا آنفا في تفسير هذه الآيات. انّ الآيات التي تلت هذه الآيات عنّفت المشركين ولم تدع مجالا للشكّ والتردّد والخطأ لأي أحد (في مفهوم الآية) [لمزيد الإيضاح يراجع تفسير الآيتين ١٩ و٢٠ من هذه السورة].

وينبغي الالتفات أيضا إلى أنّ الآية الآنفة يجب السجود عند تلاوتها ، ولحن الآية التي جاءت مبتدئة بصيغة الأمر ـ والأمر دالّ على الوجوب ـ شاهد على هذا المعنى.

وهكذا فإنّ هذه السورة ثالثة السور الوارد فيها سجود واجب ، أي هي بعد سورة الم السجدة ، وحم السجدة وإن كان بعضهم يرى بأنّ أوّل سورة فيها سجود واجب نزلت على النّبي من الناحية التاريخية ـ هي هذه السورة.

اللهمّ أنر قلوبنا بأنوار معرفتك لئلّا نعبد سواك شيئا ولا نسجد إلّا لك.

اللهمّ إنّ مفاتيح الرحمة والخير كلّها بيد قدرتك ، فارزقنا من خير مواهبك وعطاياك ، أي رضاك يا ربّ العالمين.

اللهمّ ارزقنا بصيرة في العبر ـ لنعتبر بالأمم السالفة وعاقبة ظلمها وأن نحذر الاقتفاء على آثارهم

آمين يا ربّ العالمين.

* * *

انتهت سورة النجّم

٢٨٣
٢٨٤

سورة

القمر

مكّية

وعدد آياتها خمس وخمسون آية

٢٨٥
٢٨٦

«سورة القمر»

محتوى السورة :

تحوي هذه السّورة خصوصيات السور المكيّة التي تتناول الأبحاث الأساسيّة حول المبدأ والمعاد ، وخصوصا العقوبات التي نزلت بالأمم السالفة ، وذلك نتيجة عنادهم ولجاجتهم في طريق الكفر والظلم والفساد ممّا أدّى بها الواحدة تلو الاخرى إلى الابتلاء بالعذاب الإلهي الشديد ، وسبّب لهم الدمار العظيم.

ونلاحظ في هذه السورة تكرار قوله تعالى :( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) وذلك بعد كلّ مشهد من مشاهد العذاب الذي يحلّ بالأمم لكي يكون درسا وعظة للمسلمين والكفّار.

ويمكن تلخيص أبحاث هذه السورة في عدّة أقسام هي :

١ ـ تبدأ السورة بالحديث عن قرب وقوع يوم القيامة ، وموضوع شقّ القمر ، وإصرار وعناد المخالفين في إنكار الآيات الإلهيّة.

٢ ـ والقسم الثاني يبحث بتركيز واختصار عن أوّل قوم تمرّدوا على الأوامر الإلهيّة ، وهم قوم نوح ، وكيفيّة نزول البلاء عليهم.

٣ ـ أمّا القسم الثالث فإنّه يتعرّض إلى قصّة قوم «عاد» وأليم العذاب الذي حلّ بهم.

٤ ـ وفي القسم الرابع تتحدّث الآيات عن قوم «ثمود» ومعارضتهم لنبيّهم صالحعليه‌السلام وبيان معجزة الناقة ، وأخيرا ابتلاؤهم بالصيحة السماوية.

٥ ـ تتطرّق الآيات بعد ذلك إلى الحديث عن قوم «لوط» ضمن بيان واف

٢٨٧

لانحرافهم الأخلاقي ثمّ عن السخط الإلهي عليهم وابتلائهم بالعقاب الرّباني.

٦ ـ وفي القسم السادس تركّز الآيات الكريمة ـ بصورة موجزة ـ الحديث عن آل فرعون ، وما نزل بهم من العذاب الأليم جزاء كفرهم وضلالهم.

٧ ـ وفي القسم الأخير تعرض مقارنة بين هذه الأمم ومشركي مكّة ومخالفي الرّسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمستقبل الخطير الذي ينتظر مشركي مكّة فيما إذا استمرّوا على عنادهم وإصرارهم في رفض الدعوة الإلهيّة.

وتنتهي السورة ببيان صور ومشاهد من معاقبة المشركين ، وجزاء وأجر المؤمنين والمتّقين.

وسورة القمر تتميّز آياتها بالقصر والقوّة والحركية.

وقد سمّيت هذه السورة بـ (سورة القمر) لأنّ الآية الاولى منها تتحدّث عن شقّ القمر.

فضيلة تلاوة سورة القمر :

ورد عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال :

«من قرأ سورة اقتربت الساعة في كلّ غبّ بعث يوم القيامة ووجهه على صورة القمر ليلة البدر ، ومن قرأها كلّ ليلة كان أفضل وجاء يوم القيامة ووجهه مسفر على وجوه الخلائق»(١) .

ومن الطبيعي أن تكون النورانية التي تتّسم بها هذه الوجوه تعبيرا عن الحالة الإيمانية الراسخة في قلوبهم نتيجة التأمّل والتفكّر في آيات هذه السورة المباركة والعمل بها بعيدا عن التلاوة السطحية الفارغة من التدبّر في آيات الله.

* * *

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ٩ (بداية سورة القمر).

٢٨٨

الآيات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (٢) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (٣) )

التّفسير

شقّ القمر!!

يتناول الحديث في الآية الاولى حادثتين مهمّتين :

أحدهما : قرب وقوع يوم القيامة ، والذي يقترن بأعظم تغيير في عالم الخلق ، وبداية لحياة جديدة في عالم آخر ، ذلك العالم الذي يقصر فكرنا عن إدراكه نتيجة محدودية علمنا واستيعابنا للمعرفة الكونية.

والحادثة الثانية التي تتحدّث الآية الكريمة عنها هي معجزة انشقاق القمر العظيمة التي تدلّل على قدرة البارئعزوجل المطلقة ، وكذلك تدلّ ـ أيضا ـ على صدق دعوة الرّسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال تعالى :( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) .

٢٨٩

وجدير بالذكر أنّ سورة النجم التي أنهت آياتها المباركة بالحديث عن يوم القيامة( أَزِفَتِ الْآزِفَةُ ) تستقبل آيات سورة القمر بهذا المعنى أيضا ، ممّا يؤكّد قرب وقوع اليوم الموعود رغم أنّه عند ما يقاس بالمقياس الدنيوي فقد يستغرق آلاف السنين ويتوضّح هذا المفهوم ، حينما نتصوّر مجموع عمر عالمنا هذا من جهة ، ومن جهة اخرى عند ما نقارن جميع عمر الدنيا في مقابل عمر الآخرة فانّها لا تكون سوى لحظة واحدة.

إنّ اقتران ذكر هاتين الحادثتين في الآية الكريمة : «انشقاق القمر واقتراب الساعة» دليل على قرب وقوع يوم القيامة ، كما ذكر ذلك قسم من المفسّرين حيث أنّ ظهور الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وهو آخر الأنبياء ـ قرينة على قرب وقوع اليوم المشهود قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «بعثت أنا والساعة كهاتين»(١) مشيرا إلى إصبعيه الكريمين.

ومن جهة اخرى ، فإنّ انشقاق القمر دليل على إمكانية اضطراب النظام الكوني ، ونموذج مصغّر للحوادث العظيمة التي تسبق وقوع يوم القيامة في هذا العالم ، حيث اندثار الكواكب والنجوم والأرض يعني حدوث عالم جديد ، استنادا إلى الرّوايات المشهورة التي ادّعى البعض تواترها.

قال ابن عبّاس : اجتمع المشركون إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالوا : إن كنت صادقا فشقّ لنا القمر فلقتين ، فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إن فعلت تؤمنون؟» قالوا : نعم ، وكانت ليلة بدر فسأل رسول الله ربّه أن يعطيه ما قالوا ، فانشقّ القمر فلقتين ورسول الله ينادي : «يا فلان يا فلان ، اشهدوا»(٢) .

ولعلّ التساؤل يثار هنا عن كيفية حصول هذه الظاهرة الكونية : (انشقاق هذا الجرم السماوي العظيم) وعن مدى تأثيره على الكرة الأرضية والمنظومة

__________________

(١) تفسير الفخر الرازي ، ج ٢٩ ، ص ٢٩.

(٢) ذكر في مجمع البيان وكتب تفسير اخرى في هامش تفسير الآية مورد البحث.

٢٩٠

الشمسية ، وكذلك عن طبيعة القوّة الجاذبة التي أعادت فلقتي القمر إلى وضعهما السابق ، وعن كيفيّة حصول مثل هذا الحدث؟ ولماذا لم يتطرّق التاريخ إلى ذكر شيء عنه؟ بالإضافة إلى مجموعة تساؤلات اخرى حول هذا الموضوع والتي سنجيب عليها بصورة تفصيليّة في هذا البحث إن شاء الله.

والنقطة الجديرة بالذكر هنا أنّ بعض المفسّرين الذين تأثّروا بوجهات نظر غير سليمة ، وأنكروا كلّ معجزة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عدا القرآن الكريم ، عند ما التفتوا إلى وضوح الآية الكريمة محلّ البحث والرّوايات الكثيرة التي وردت في كتب علماء الإسلام في هذا المجال ، واجهوا عناءا في توجيه هذه المعجزة الربّانية ، وحاولوا نفي الظاهرة الإعجازية لهذا الحادث

والحقيقة أنّ مسألة «انشقاق القمر» كانت معجزة ، والآيات اللاحقة تحمل الدلائل الواضحة على صحّة هذا الأمر كما سنرى ذلك إن شاء الله.

لقد كان جديرا بهؤلاء أن يصحّحوا وجهات نظرهم تلك ، ليعلموا أنّ للرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معجزات عديدة أيضا.

وإذا أريد الاستفادة من الآيات القرآنية لنفي المعجزات فإنّها تنفي المعجزات المقترحة من قبل المشركين المعاندين الذين لم يقصدوا قبول دعوة الحقّ من أوّل الأمر ولم يستجيبوا للرسول الأكرم بعد إنجاز المعجز ، لكن المعجزات التي تطلب من الرّسول من أجل الاطمئنان إلى الحقّ والإيمان به كانت تنجز من قبله ، ولدينا دلائل عديدة على هذا الأمر في تأريخ حياة الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

يقول سبحانه :( وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ) .

والمراد من قوله تعالى «مستمر» أنّهم شاهدوا من الرّسول الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معجزات عديدة ، وشقّ القمر هو استمرار لهذه المعاجز ، وأنّهم كانوا يبرّرون إعراضهم عن الإيمان وعدم الاستسلام لدعوة الحقّ وذلك بقولهم : إنّ هذه المعاجز كانت «سحر مستمر».

٢٩١

وهنالك بعض المفسّرين من فسّر «مستمر» بمعنى «قوي» كما قالوا : (حبل مرير) أي : محكم ، والبعض فسّرها بمعنى : الطارئ وغير الثابت ، ولكن التّفسير الأنسب هو التّفسير الأوّل.

أمّا قوله تعالى :( وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ ) فإنّه يشير إلى سبب مخالفتهم وعنادهم وسوء العاقبة التي تنتظرهم نتيجة لهذا الإصرار.

إنّ مصدر خلاف هؤلاء وتكذيبهم للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو تكذيب معاجزه ودلائله ، وكذلك تكذيب يوم القيامة ، هو اتّباع هوى النفس.

إنّ حالة التعصّب والعناد وحبّ الذات لم تسمح لهم بالاستسلام للحقّ ، ومن جهة اخرى فإنّ المشركين ركنوا للملذّات الرخيصة بعيدا عن ضوابط المسؤولية ، وذلك إشباعا لرغباتهم وشهواتهم ، وكذلك فإنّ تلوّث نفوسهم بالآثام حال دون استجابتهم لدعوة الحقّ ، لأنّ قبول هذه الدعوة يفرض عليهم التزامات ومسئوليات الإيمان والاستجابة للتكاليف

نعم إنّ هوى النفس كان وسيبقى السبب الرئيسي في إبعاد الناس عن مسير الحقّ

وبالنسبة لقوله تعالى :( وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ ) ، يعني أنّ كلّ إنسان يجازى بعمله وفعله ، فالصالحون سيكون مستقرّهم صالحا ، والأشرار سيكون مستقرّهم الشرّ.

ويحتمل أن يكون المراد في هذا التعبير هو أنّ كلّ شيء في هذا العالم لا يفنى ولا يزول ، فالأعمال الصالحة أو السيّئة تبقى مع الإنسان حتّى يرى جزاء ما فعل.

ويحتمل أن يكون تفسير الآية السابقة أنّ الأكاذيب والاتّهامات لا تقوى على الاستمرار الأبدي في إطفاء نور الحقّ والتكتّم عليه ، حيث إنّ كلّ شيء (خير أو شرّ) يسير بالاتّجاه الذي يصبّ في المكان الملائم له ، حيث إنّ الحقّ سيظهر وجهه الناصح مهما حاول المغرضون إطفاءه ، كما أنّ وجه الباطل القبيح سيظهر قبحه كذلك ، وهذه سنّة إلهيّة في عالم الوجود.

٢٩٢

وهذه التفاسير لا تتنافى فيما بينها ، حيث يمكن جمعها في مفهوم هذه الآية الكريمة.

* * *

بحوث

١ ـ شقّ القمر معجزة كبيرة للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومع ذلك فإنّ بعض الأشخاص السطحيين يصرّون على إخراج هذا الحادث من حالة الإعجاز ، حيث قالوا : إنّ الآية الكريمة تحدّثنا فقط عن المستقبل وعن أشراط الساعة ، وهي الحوادث التي تسبق وقوع يوم القيامة

لقد غاب عن هؤلاء أنّ الأدلّة العديدة الموجودة في الآية تؤكّد على حدوث هذه المعجزة ، ومن ضمنها ذكر الفعل (انشقّ) بصيغة الماضي ، وهذا يعني أنّ (أشقّ القمر) شيء قد حدث كما أنّ قرب وقوع يوم القيامة قد تحقّق ، وذلك بظهور آخر الأنبياء محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

بالإضافة إلى ذلك ، إن لم تكن الآية قد تحدّثت عن وقوع معجزة ، فلا يوجد أي تناسب أو انسجام بينها وبين ما ورد في الآية اللاحقة حول افترائهم على الرّسول بأنّه (ساحر) وكذلك قوله :( وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ ) والتي تخبر الآية هنا عن تكذيبهم للرسالة والرّسول ومعاجزه.

إضافة إلى ذلك فإنّ الرّوايات العديدة المذكورة في الكتب الإسلامية ، والتي بلغت حدّ التواتر نقلت وقوع هذه المعجزة ، وبذلك أصبحت غير قابلة للإنكار.

ونشير هنا إلى روايتين منها :

الاولى : أوردها الفخر الرازي أحد المفسّرين السنّة ، والاخرى للعلّامة الطبرسي أحد المفسّرين الشيعة.

يقول الفخر الرازي : «والمفسّرون بأسرهم على أنّ المراد أنّ القمر انشقّ

٢٩٣

وحصل فيه الإنشقاق ، ودلّت الأخبار على حديث الإنشقاق ، وفي الصحيح خبر مشهور رواه جمع من الصحابة والقرآن أدلّ دليل وأقوى مثبت له وإمكانه لا يشكّ فيه ، وقد أخبر عنه الصادق فيجب إعتقاد وقوعه»(١) .

أمّا عن نظرية بطليموس والقائلة بأنّ (الأفلاك السماوية ليس بإمكانها أن تنفصل أو تلتئم) فإنّها باطلة وليس لها أي أساس أو سند علمي ، حيث إنّه ثبت من خلال الأدلّة العقليّة أنّ انفصال الكواكب في السماء أمر ممكن.

ويقول العلّامة الطبرسي في (مجمع البيان) : لقد أجمع المفسّرون والمحدّثون سوى عطاء والحسين والبلخي الذين ذكرهم ذكرا عابرا ، أنّ معجزة شقّ القمر كانت في زمن الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ونقل أنّ حذيفة ـ وهو أحد الصحابة المعروفين ـ ذكر قصّة شقّ القمر في جمع غفير في مسجد المدائن ولم يعترض عليه أحد من الحاضرين ، مع العلم أنّ كثيرا منهم قد عاصر زمن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (ونقل هذا الحديث في هامش الآية المذكورة في الدرّ المنثور والقرطبي).

وممّا تقدّم يتّضح جيّدا أنّ مسألة شقّ القمر أمر غير قابل للإنكار ، سواء من الآية نفسها والقرائن الموجودة فيها ، أو من خلال الأحاديث والرّوايات ، أو أقوال المفسّرين ، ومن الطبيعي أن تطرح أسئلة اخرى حول الموضوع سنجيب عنها إن شاء الله فيما بعد.

٢ ـ مسألة شقّ القمر والعلم الحديث :

السؤال المهمّ المطروح في هذا البحث هو : هل أنّ الأجرام السماوية يمكنها أن تنفصل وتنشقّ؟ وما موقف العلم الحديث من ذلك؟

__________________

(١) التّفسير الكبير ، الفخر الرازي ، ج ٢٩ ، ص ٢٨ ، أوّل سورة القمر.

٢٩٤

وللإجابة على هذا السؤال وبناء على النتائج التي توصّل إليها العلماء الفلكيون ، فإنّ مثل هذا الأمر في نظرهم ليس بدرجة من التعقيد بحيث يستحيل تصوّره إنّ الاكتشافات العلمية التي توصّل إليها الباحثون تؤكّد أنّ مثل هذه الحوادث مضافا إلى أنّها ليست مستحيلة فقد لوحظت نماذج عديدة من هذا القبيل ولعدّة مرّات مع اختلاف العوامل المؤثّرة في كلّ حالة.

وبعبارة اخرى : فقد لوحظ أنّ مجموعة انفجارات وانشقاقات قد وقعت في المنظومة الشمسية ، بل في سائر الأجرام السماوية.

ويمكن ذكر بعض النماذج كشواهد على هذه الظواهر

أ ـ ظهور المنظومة الشمسية :

إنّ هذه النظرية المقبولة لدى جميع العلماء تقول : إنّ جميع كرات المنظومة الشمسية كانت في الأصل جزءا من الشمس ثمّ انفصلت عنها ، حيث أصبحت كلّ واحدة منها تدور في مدارها الخاصّ بها غاية الأمر هناك كلام في السبب لهذا الانفصال

يعتقد (لا پلاس) أنّ العامل المسبّب لانفصال القطع الصغيرة من الشمس هي : (القوّة الطاردة) التي توجد في المنطقة الإستوائية لها ، حيث أنّ الشمس كانت تعتبر ولحدّ الآن كتلة ملتهبة ، وضمن دورانها حول نفسها فإنّ السرعة الموجودة في المنطقة الإستوائية لها تسبّب تناثر بعض القطع منها في الفضاء ممّا يجعل هذه القطع تدور حول مركزها الأصلي (الشمس).

ولكن العلماء الذين جاءوا بعد (لا پلاس) توصّلوا من خلال تحقيقاتهم إلى فرضية اخرى تقول : إنّ السبب الأساس لحدوث الانفصال في الأجرام السماوية عن الشمس هو حالة المدّ والجزر الشديدين التي حدثت على سطح الشمس نتيجة عبور نجمة عظيمة بالقرب منها.

٢٩٥

الأشخاص المؤيّدون لهذه النظرية الذين يرون أنّ الحركة الوضعية للشمس في ذلك الوقت لا تستطيع أن تعطي الجواب الشافعي لأسباب هذا الانفصال ، قالوا : إنّ حالة المدّ والجزر الحاصلة في الشمس أحدثت أمواجا عظيمة على سطحها. كما في سقوط حجر كبير في مياه المحيط ، وبسبب ذلك تناثرت قطع من الشمس الواحدة تلو الاخرى إلى الخارج ، ودارت ضمن مدار الكرة الامّ (الشمس).

وعلى كلّ حال فإنّ العامل المسبّب لهذا الانفصال أيّا كان لا يمنعنا من الإعتقاد أنّ ظهور المنظومة الشمسية كان عن طريق الإنشقاق والانفصال.

ب ـ (الأستروئيدات):

الأستروئيدات : هي قطع من الصخور السماوية العظيمة تدور حول المنظومة الشمسية ، ويطلق عليها في بعض الأحيان بـ (الكرات الصغيرة) و (شبه الكواكب السيارة) يبلغ قطر كبراها (٢٥) كم ، لكن الغالبية منها أصغر من ذلك.

ويعتقد العلماء أنّ «الأستروئيدات» هي بقايا كوكب عظيم كان يدور في مدار بين مداري المريخ والمشتري تعرّض إلى عوامل غير واضحة ممّا أدّى إلى انفجاره وتناثره.

لقد ثمّ اكتشاف ومشاهدة أكثر من خمسة آلاف من (الأستروئيدات) لحدّ الآن ، وقد تمّ تسمية عدد كثير من هذه القطع الكبيرة ، وتمّ حساب حجمها ومقدار ومدّة حركتها حول الشمس ، ويعلّق علماء الفضاء أهميّة بالغه على الأستروئيدات ، حيث يعتقدون أنّ بالإمكان الاستفادة منها في بعض الأحيان كمحطّات للسفر إلى المناطق الفضائية النائية.

كان هذا نموذج آخر لانشقاق الأجرام السماوية.

٢٩٦

ج ـ الشهب :

الشهب : أحجار سماوية صغيرة جدّا ، حتّى أنّ البعض منها لا يتجاوز حجم (البندقة) ، وهي تسير بسرعة فائقة في مدار خاصّ حول الشمس وقد يتقاطع مسيرها مع مدار الأرض أحيانا فتنجذب إلى الأرض ، ونظرا لسرعتها الخاطفة التي تتميّز بها ـ تصطدم بشدّة مع الهواء المحيط بالأرض ، فترتفع درجة حرارتها بشدّة فتشتعل وتتبيّن لنا كخطّ مضيء وهّاج بين طبقات الجوّ ويسمّى بالشهاب.

وأحيانا نتصوّر أنّ كلّ واحدة منها تمثّل نجمة نائية في حالة سقوط ، إلّا أنّها في الحقيقة عبارة عن شهاب صغير مشتعل على مسافة قريبة يتحوّل فيما بعد إلى رماد.

ويلتقي مداري الشهب والكرة الأرضية في نقطتين هما نقطتا تقاطع المدارين وذلك في شهري (آب وكانون الثاني) حيث يصبح بالإمكان رؤية الشهب بصورة أكثر في هذين الشهرين.

ويقول العلماء : إنّ الشهب هي بقايا نجمة مذنّبة انفجرت وتناثرت أجزاؤها بسبب جملة عوامل غير واضحة وهذا نموذج آخر من الإنشقاق في الأجرام السماوية.

وعلى كلّ حال ، فإنّ الإنفجار والإنشقاق في الكرات السماوية ليس بالأمر الجديد ، وليس بالأمر المستحيل من الناحية العلمية ، ومن هنا فلا معنى حينئذ للقول بأنّ الإعجاز لا يمكن أن يتعلّق بالحال.

هذا كلّه عن مسألة الإنشقاق.

أمّا موضوع رجوع القطعتين المنفصلتين إلى وضعهما الطبيعي السابق تحت تأثير قوى الجاذبية التي تربط القطعتين فهو الآخر أمر ممكن.

ورغم أنّ الإعتقاد السائد قديما في علم الهيئة القديم طبق نظرية (بطليموس) واعتقاده بالأفلاك التسعة التي هي بمثابة قشور البصل في تركيبها ـ الواحدة على

٢٩٧

الاخرى ـ فأيّ جسم لا يستطيع أن يخترقها صعودا أو نزولا ، ولذلك فانّ أتباع هذه النظرية ينكرون المعراج الجسماني واختراقه للأفلاك التسعد ، كما أنّه لا يمكن وفقا لهذه النظريات انشقاق القمر ، ومن ثمّ التئامه ، ولذلك أنكروا مسألة شقّ القمر ، ولكن اليوم أصبحت فرضية (بطليموس) أقرب للخيال والأساطير منها للواقع ، ولم يبق أثر للأفلاك التسعة ، وأصبحت الأجواء لا تساعد لتقبّل مثل هذه الآراء.

وغني عن القول أنّ ظاهرة شقّ القمر كانت معجزة ، ولذا فإنّها لم تتأثّر بعامل طبيعي اعتيادي ، والشيء الذي يراد توضيحه هنا هو بيان إمكانية هذه الحادثة ، لأنّ المعجزة لا تتعلّق بالأمر المحال.

٣ ـ شقّ القمر تاريخيّا :

لقد طرح البعض من غير المطّلعين إشكالا آخر على مسألة شقّ القمر ، حيث ذكروا أنّ مسألة شقّ القمر لها أهميّة بالغة ، فإذا كانت حقيقيّة فلما ذا لم تذكر في كتب التأريخ؟

ومن أجل أن تتوضّح أهميّة هذا الإشكال لا بدّ من الإلمام والدراسة الدقيقة لمختلف جوانب هذا الموضوع ، وهو كما يلي :

أ ـ يجب الالتفات إلى أنّ القمر يرى في نصف الكرة الأرضية فقط ، وليس في جميعها ، ولذا فلا بدّ من إسقاط نصف مجموع سكّان الكرة الأرضية من إمكانية رؤية حادثة شقّ القمر وقت حصولها.

ب ـ وفي نصف الكرة الأرضية التي يرى فيها القمر فإنّ أكثر الناس في حالة سبات وذلك لحدوث هذه الظاهرة بعد منتصف الليل.

ج ـ ليس هنالك ما يمنع من أن تكون الغيوم قد حجبت قسما كبيرا من السماء ، وبذلك يتعذّر رؤية القمر لسكّان تلك المناطق.

٢٩٨

د ـ إنّ الحوادث السماوية التي تلفت انتباه الناس تكون غالبا مصحوبة بصوت أو عتمة كما في الصاعقة التي تقترن بصوت شديد أو الخسوف والكسوف الكليين الذي يقترن كلّ منها بانعدام الضوء تقريبا ولمدّة طويلة.

لذلك فإنّ الحالات التي يكون فيها الخسوف جزئيا أو خفيفا نلاحظ أنّ الغالبية من الناس لم تحط به علما ، اللهمّ إلّا عن طريق التنبيه المسبق عنه من قبل المنجّمين ، بل يحدث أحيانا خسوف كلّي وقسم كبير من الناس لا يعلمون به.

لذا فإنّ علماء الفلك الذين يقومون بر صد الكواكب أو الأشخاص الذين يتّفق وقوع نظرهم في السماء وقت الحادث هم الذين يطّلعون على هذا الأمر ويخبرون الآخرين به.

وبناء على هذا ونظرا لقصر مدّة المعجزة (شقّ القمر) فلن يكون بالمقدور أن تلفت الأنظار إليها على الصعيد العالمي ، خصوصا وأنّ غالبية الناس في ذلك الوقت لم تكن مهتّمة بمتابعة الأجرام السماوية.

ه ـ وبالإضافة إلى ذلك فإنّ الوسائل المستخدمة في تثبيت نشر الحوادث التأريخية في ذلك الوقت ، ومحدودية الطبقة المتعلّمة ، وكذلك طبيعة الكتب الخطيّة التي لم تكن بصورة كافية كما هو الحال في هذا العصر حيث تنشر الحوادث المهمّة بسرعة فائقة بمختلف الوسائل الإعلامية في كلّ أنحاء العالم عن طريق الإذاعة والتلفزيون والصحف كلّ هذه الأمور لا بدّ من أخذها بنظر الإعتبار في محدودية الاطلاع على حادثة (شقّ القمر).

ومع ملاحظة هذا الأمر والأمور الاخرى السابقة فلا عجب أبدا من عدم تثبيت هذه الحادثة في التواريخ غير الإسلامية ، ولا يمكن اعتبار ذلك دليلا على نفيها.

٢٩٩

٤ ـ تأريخ وقوع هذه المعجزة :

من الواضح أنّه لا خلاف بين المفسّرين ورواة الحديث حول حدوث ظاهرة شقّ القمر في مكّة وقبل هجرة الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لكن الذي يستفاد من بعض الرّوايات هو أنّ حدوث هذا الأمر كان في بداية بعثة الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) . في حين يستفاد من البعض الآخر أنّ حدوث هذا الأمر قد وقع قرب هجرة الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفي آخر عهده بمكّة ، وكان استجابة لطلب جماعة قدموا من المدينة لمعرفة الحقّ وأتباعه ، إذ أنّهم بعد رؤيتهم لهذه المعجزة آمنوا وبايعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في العقبة(٢) .

ونقرأ في بعض الرّوايات أيضا أنّ سبب اقتراح شقّ القمر كان من أجل المزيد من الاطمئنان بمعاجز الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنّها لم تكن سحرا لأنّ السحر عادة يكون في الأمور الأرضية(٣) . ومع ذلك فإنّ قسما من المتعصّبين والمعاندين لم يؤمنوا برغم مشاهدتهم لهذا الإعجاز ، وتتعلّلوا بأنّهم ينتظرون قوافل الشام واليمن ، فإنّ أيّدوا هذا الحادث ورؤيتهم له آمنوا ومع إخبار المسافرين لهم بذلك ، إلّا أنّهم بقوا مصرّين على الكفر رافضين للإيمان(٤) .

والنقطة الأخيرة الجديرة بالذكر أنّ هذه المعجزة العظيمة والكثير من المعاجز الاخرى ذكرت في التواريخ والرّوايات الضعيفة مقترنة ببعض الخرافات والأساطير ، ممّا أدّى إلى حصول تشويش في أذهان العلماء بشأنها ، كما في نزول قطعة من القمر إلى الأرض. لذا فإنّ من الضروري فصل هذه الخرافات وعزلها بدقّة وغربلة الصحيح من غيره ، حتّى تبقى الحقائق بعيدة عن التشويش ومحتفظة بمقوّماتها الموضوعية.

* * *

__________________

(١) بحار الأنوار ، ج ١٧ ، ص ٣٥٤ حديث (٨).

(٢) بحار الأنوار ، ج ١٧ ، ص ٣٥٢ حديث (١).

(٣) بحار الأنوار ، ج ١٧ ، ص ٣٥٥ حديث (١٠).

(٤) الدرّ المنثور ، ج ٦ ، ص ١٢٣.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

٦ ـ إنّ الاصطفاء والاختيار الإلهي إنّما جاء وفقاً للعدالة الإلهية ، ووفقاً لقوله تعالى :( إِنّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ) (١) ، والسبب في ذلك هو أنّ الاصطفاء والاختيار ناشئ من علمه تعالى بحقائق الأشياء ، وأنّ علمه محيط بكل شيء ، فالله تعالى لعلمه السابق بما للمصطفين من قدرة على تحمّل المسؤولية ، وإرادتهم لذلك وانصهارهم في ذات الله تعالى ، اختارهم الله تعالى دون غيرهم من الناس ، وهذا منطق عقلائي يمارسه العقلاء في حياتهم اليومية .

٧ ـ إنّ الذرية من الآباء والأجداد من الأمور التي لها مدخلية وتأثير على شخصية الإنسان ومزاجه ، ولذا شاء الله تعالى أن يجعل هؤلاء الأنبياء والمرسلين والأئمّة المصطفين من ذرّية واحدة ، من أصلاب شامخة وأرحام مطهّرة ، وهذا ما نلمسه من أخبار الطينة الواردة في كتب الفريقين .

وذكرنا أنّ لظاهرة الاختيار والاصطفاء وجعلهم في ذرّية واحدة أبعاداً مهمة لها أثر كبير في حفظ الرسالة ، منها :

البعد التاريخي : حيث نجد أنّ اختيار الله للأوصياء يتركّز على أولئك المقرّبين للأنبياء من أقاربهم أو ذرّياتهم ، أو ممّن يرتبطون بالنبي والرسول ارتباطاً نَسَبيّاً .

البعد الرسالي :وهو ما يترتّب على الذرّية من تحقيق مصالح الرسالة ، وإعداد أفراد صالحين يتحمّلون أعباءها الثقيلة ؛ وذلك لأنّ عمر الرسول يكون أقصر من عمر الرسالة ، فتحتاج لمَن يقوم بأعبائها ومسؤولياتها ، وممّا لا شك فيه أنّ الإعداد الأفضل لا يتم إلاّ في داخل البيت الرسالي ومن الأفراد المقرّبين نَسَبيّاً من صاحب الرسالة .

ـــــــــــــ

(١) الحجرات : ١٣ .

٣٤١

٨ ـ إنّ أهل البيت هم ورثة الأنبياء ، واستدللنا على ذلك بأدلة متعددة .

٩ ـ أثبتنا في الجواب عن هذه الشبهة أعلمية أهل البيتعليهم‌السلام على سائر البشر ، كما في قوله تعالى :( قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ) (١) ، ولا شك أنّ المراد بمَن عنده علم الكتاب هو ( الإمام علي بن أبي طالب ) كما في الروايات الواردة من طرق الفريقين .

١٠ ـ قلنا إنّ حقيقة علم الكتاب عبارة عن سنخ علم خاص ، يمنح لصاحبه القدرة على التصرّف في الكون كما في تصرّف آصف بن برخيا ، حيث تمكّن من نقل عرش بلقيس من اليمن إلى بيت المقدس بأقل من طرفة عين ، مع أنّه لم يكن عنده إلاّ بعض علم الكتاب ، كما هو مقتضى نص الآية المباركة :( قَالَ الّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) (٢) .

١١ ـ بيّنا أيضاً اختصاص أهل البيت عليهم‌السلام بعلم الكتاب ، وهو ما تشير إليه بعض الآيات القرآنية ، كما في قوله تعالى : ( بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيّنَاتٌ فِي صُدُورِ الّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) (٣) ، وقوله تعالى : ( وَنَزّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلّ شَيْ‏ءٍ ) (٤) ، فالقرآن فيه تبيان كل شيء يحمله ثلّة مطهّرة من الأُمّة ، وهم أهل البيتعليهم‌السلام ، كما هو مقتضى حديث الثقلين .

ـــــــــــــ

(١) الرعد : ٤٣ .

(٢) النمل : ٤٠ .

(٣) النحل : ٨٩ .

(٤) العنكبوت : ٤٩ .

٣٤٢

مضافاً لقوله تعالى :( إِنّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لا يَمَسّهُ إِلاّ الْمُطَهّرُونَ ) (١) ، وهذا يدلّنا على حقيقة مهمة وهي أنّ حقيقة وكنه القرآن لا يمكن أن يصلها إلاّ المطهّرون ، وهم أهل البيتعليهم‌السلام كما هو مقتضى جملة وافرة من الروايات .

أهل البيتعليهم‌السلام وعلمهم بالغيب

ذكرنا أنّ المراد بعلم الغيب هو علم خاص بالله تعالى بالأصالة والاستقلال ، ولا مانع من إفاضته على غيره من عباده فيعلمون الغيب بإرادته ومشيئته تعالى ، وهنالك روايات عديدة تشهد على أنّ أهل البيت أخبروا ببعض المغيّبات .

قلنا إنّ الغلو هو مجاوزة الحدّ الذي حدّد الله تعالى ورسوله ، وعلى هذا الأساس فلا يمكن إطلاق الغلو على مَن يعتقد أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل البيت يعلمون الغيب بإذن الله تعالى وتبعاً لإرادته ؛ لأنّه لا يعدّ تجاوزاً لحدود الله تعالى ، بل موافقاً لها طبقاً للآيات والروايات .

هل التعظيم للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته غلو ؟

اتضح أنّ تعظيم الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيتهعليهم‌السلام ليس من الغلو ؛ لأنّ احترام وتعظيم رسول الله وأهل بيتهعليهم‌السلام لا يعدّ تجاوزاً لحدود الله تعالى أبداً ؛ وذلك لأنّه تعالى هو الذي أمرنا بتعظيم رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته بنصّ القرآن الكريم والسنّة الشريفة .

أمّا فلسفة هذا التعظيم ، فهو أنّ الاحترام والتعظيم يعدّ من الأدب مع هذه الثلّة الطاهرة ، وتركه مع أمر الله به يوجب الكفر ، كما هو الحال بالنسبة لإبليس حيث أدّى به استكباره ، وعدم تعظيمه لنبي الله آدمعليه‌السلام ـ بعد الأمر الله بتعظيمه والسجود له ـ إلى حبط أعماله وخروجه من رِبقة الإيمان بالله تعالى .

هذا وقد واجه أهل البيتعليهم‌السلام ظاهرة الغلو بشدّة وقوّة وعبّأوا جهدهم من أجل تقويض أركانه ، معتبرين الغلو أحد أقسام الكفر الذي يجب محاربته ، وفي هذا المقام يوجد عدد وافر من الروايات الواردة عنهمعليهم‌السلام في التشديد والإنكار لهذه الظاهرة .

ـــــــــــــ

(١) الواقعة : ٧٧ ـ ٧٩ .

٣٤٣

ووقف علماء الشيعة موقفاً صارماً من الغلاة ، مستمدّين ذلك من توجيهات أهل البيتعليهم‌السلام في محاربة هذه الظاهرة .

ميزان قبول الأعمال

الشبهة :

الأعمال لا تُقبل إلاّ بولاية أهل البيتعليهم‌السلام .

الجواب :

تمهيد :

من المعالم البارزة في العقيدة الوهابية اتهام الكثير من الطوائف والمذاهب الإسلامية بالشرك والكفر ، وهذا أشهر من نار على علم .

وصاحب الشبهة يريد أن يتهم المذهب الشيعي بذلك الداء العضال الذي ابتلى به المذهب الوهابي ، فيقول : إنّ الشيعة يحكمون بكفر وهلاك جميع المسلمين ؛ لعدم قبول أعمالهم .

مع أنّ كتب علماء الشيعة قد صرّحت بإسلام مَن تشهد الشهادتين ، ولم يحكموا إلاّ بهلاك المبغض لقربى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهم أهل البيتعليهم‌السلام تبعاً للآيات ، والروايات ؛ كما هو مفاد آية المودّة :( قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى )

الولاية في نظر أعلام السنّة

لقد حكم أكثر مفسّري أهل السنّة بأنّ المودّة الواجبة هي عدم البغض مع درجة من درجات الحب ولو أدنى درجاتها ، ومع فقدانها يكون الشخص مجاهراً بالرد على الله ورسوله ، وهذا أيضاً ما يؤكّده حديث الثقلين المتواتر ، ولذا فإنّ جميع المسلمين هم من المحبّين لأهل البيتعليهم‌السلام ، وهذه هي أدنى درجات الولاية ، التي تحفظ للمسلم هويّته الإسلامية ، وترفع عنه حتمية الهلاك ، بخلاف المبغض الذي نصّت الروايات الكثيرة على هلاكه .

٣٤٤

قبول الأعمال بالولاية

أمّا الحقّانيّة والمقبولية التامّة للأعمال بالولاية ، فهو حالة طبيعية ومنهجية يستدعيها نفس تعدد المذاهب ، وكون هذا المذهب في قِبال مذهب آخر ، وهذا ما يقرّه علم المناهج قديماً وحديثاً ، فصاحب كل منهج وعقيدة يرى أنّ النتائج الصحيحة والمقبولة لابد أن تكون ضمن بوتقة المنهج العقيدي والرؤية الكونية التي يرى أنّها هي الحق ، فالمنظومة الاعتقادية الصحيحة هي التي تحتوي على أُسس وضروريات الاعتقاد ، وهي الكلم الطيب الذي يرتفع بالعمل وتكون الأعمال مقبولة بسببه ، وإلاّ فما هو سبب تعدد المذاهب الاعتقادية ؟ !! .

وهذا هو مضمون ما جاء متواتراً عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من افتراق أُمّته على ثلاث وسبعين فرقة واحدة منها هي المحقّة(١) ، وقد جاء في صحيح مسلم :

ـــــــــــــ

(١) تفسير ابن كثير ، ابن كثير : ج١ ص٣٥٤ وج٢ ص١٤٨ وص٤٨٢ ؛ راجع تفسير القرطبي ، القرطبي : ج٢ ص٩ ، ج٤ ص١٦٠ ، ج٧ ص١٤١ ، ج١٢ ص١٢٩ ؛ المستدرك ، الحاكم النيسابوري : ج١ ص٦ وص١٢٨ ؛ المستدرك على الصحيحين : ج١ ص١٢٨ ، وج٥ ص٨٣٢ قال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، وسنن الدارمي : ج٢ ص٣١٤ ، ج٨ ص٢٥١ ، وكتاب الأحاديث المختارة : ج٧ ص٩٠ ح٢٤٩٩ وح٢٥٠٠ وعبّر عن الأول بأنّ إسناده صحيح ، وعن الثاني أنّ إسناده حسن ، ومجمع الزوائد : ج١ ص١٨٩ وقال : إنّ رواته رواة الصحيح إلاّ واحد وقد وثّقه ؛ مصباح الزجاجة : ج٤ ص١٨٠ ، وسنن البيهقي ج١٠ ص٢٠٨ ، وسنن أبي داود ج٢ ص٣٩٠ ح٤٥٩٦ و٤٥٩٧ باب شرح السنّة ؛ مسند أحمد : ج٤ ص١٠٢ ، ومسند أبي يعلى ، أبو يعلى الموصلي : ج١٠ ص٣١٧ وص٥٠٢ ، ومسند الشامين ، الطبراني : ج٢ ص١٠٨ ؛ افتراق الأمة ، محمد بن إسماعيل الصنعاني : ص٤٨ ؛ المعجم الكبير ، ج٨ ص٢٧٣ وج١٨ ص٥١ وص٧٠ ؛ سنن الترمذي ، الترمذي : ج٤ ص١٣٤ ـ ١٣٥ ح٢٧٧٨ ح٢٧٧٩ باب افتراق هذه الأمة .

٣٤٥

 ( عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يكون في أُمّتي فرقتان فيخرج من بينهما مارقة يلي قتلهم أولاهم بالحق )(١) .

ونحن نعتقد أنّ الولاية الكاملة والحقّة ، التي أمر الله تعالى ورسوله بها ، من حب وطاعة وتسليم وانقياد ، هي ميزان قبول الأعمال بنحو الاستحقاق .

والولاية في أدنى درجاتها وهي المحبّة فقط ، وعدم البغض موجودة عند جميع المسلمين ، وأمّا من كان مبغضاً لأهل البيتعليهم‌السلام فلا يمكن الحكم بإسلامه لرفضه وردّه لصريح القرآن ، وتلك الولاية مقبولة بمقدار أن تحفظ للشخص إسلامه وتنجيه من حتمية الهلاك في النار ، ولابد أن لا يرتجى منها أن ترتقي إلى مستوى المقبولية التامة الناتجة عن الولاية الكاملة والصحيحة التي هي جزء من الأصول الاعتقادية بحسب اعتقادنا .

وهذا هو معنى ما جاء في بعض الروايات كما في الخصال ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام عن جده عن عليعليه‌السلام قال :( إن للجنّة ثمانية أبواب باب يدخل منه النبيّون والصدّيقون ، وباب يدخل منه الشهداء والصالحون ، وخمسة أبواب يدخل منها شيعتنا ومحبّونا ، فلا أزال واقفاً على الصراط أدعو وأقول : ربّ سلّم شيعتي ومحبيّ وأنصاري ومن تولاّني في دار الدنيا ، فإذا النداء من بطنان العرش ، قد أُجيبت دعوتك وشفّعّت في شيعتك ، ويشفع كل رجل من شيعتي ومَن تولاّني ونصرني وحارب مَن حاربني بفعل أو

ـــــــــــــ

(١) صحيح مسلم ، النيسابوري : ج٣ ص١١٣ .

٣٤٦

قول في سبعين ألفاً من جيرانه وأقربائه ، وباب يدخل منه سائر المسلمين ممّن شهد أن لا إله إلاّ الله ، ولم يكن في قلبه مقدار ذرّة من بغضنا أهل البيت ) (١) .

إذن ، كما للولاية مراتب ودرجات أدناها الحب وعدم البغض ، كذلك قبول الأعمال له مراتب مختلفة بحسب اختلاف درجات الولاية ، فعامّة المسلمين الذين يحبّون أهل البيتعليهم‌السلام بمقتضى صريح آية المودّة ولا يبغضونهم ، لهم درجة من الولاية ودرجة من المقبولية ، وأدنى درجات المقبولية كونهم مسلمين وغير محكوم عليهم بحتمية الهلاك الأبدي في النار بخلاف المبغض والمحارب الذي جزمت الروايات بخروجه عن رِبقة الإسلام ، وهلاكه الأبدي .

روايات الولاية في الكتب السنّيّة

وقد جاء ذلك أيضاً في مجامع أحاديث أهل السنّة :

١ ـ أخرج الحاكم في المستدرك ، وابن حبان في صحيحه : عن عطية عن أبي سعيد قال : قتل قتيل بالمدينة على عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصعد المنبر خطيباً ، وقال : ( والذي نفس محمد بيده لا يبغضنا أهل البيت أحد إلاّ أكبّه الله عزّ وجلّ بالنار على وجهه ، رواه جماعة عن إسحاق ) (٢) ، قال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي في التلخيص .

ـــــــــــــ

(١) الخصال : الشيخ الصدوق : ص٤٠٨ .

(٢) المستدرك ، الحاكم النيسابوري : ج٤ ص٣٥٢ ؛ ونحوه صحيح بن حبان ، ابن حبان : ج١٥ ص٤٣٥ ؛ شواهد التنزيل ، الحاكم الحسكاني : ج١ ص٥٤٩ وص٥٥٠ ، ونحوه ترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام من تاريخ دمشق ، ابن عساكر : ج١ ص١٤٩ ح١٨٣ ـ ط٢ وقد نقل روايات كثيرة بذلك المضمون فراجع .

٣٤٧

٢ ـ وأخرج الحاكم الحسكاني وغيره : عن أبي الزبير عن جابر قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( يا علي لو أنّ أُمّتي صاموا حتى صاروا كالأوتاد وصلّوا حتى صاروا كالحنايا ، ثمّ أبغضوك لأكبّهم الله على مناخرهم في النار ) . رواه جماعة من أصحابنا عن عثمان(١) .

٣ ـ وأيضاً عن جابر بن عبد الله وأنس بن مالك قالا : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( يا علي لو أنّ أُمّتي أبغضوك لأكبّهم الله على مناخرهم في النار ) (٢) .

٤ ـ وأيضاً عن أبي أمامة الباهلي ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( إنّ الله خلق الأنبياء من شجرٍ شتّى وخلقني وعليّ من شجرة واحدة ، فأنا أصلها ، وعلي فرعها ، والحسن والحسين ثمارها ، وأشياعنا أوراقها ، فمَن تعلّق بغصن من أغصانها نجا ، ومَن زاغ هوى ، ولو أنّ عابداً عبد الله ألف عام ، ثم ألف عام ، ثم ألف عام ، ثم لم يدرك محبتنا أهل البيت أكبّه الله على منخريه في النار ، ثم تلا( قُل لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدّةَ فِي الْقُرْبَى ) ) (٣) .

وهذه الروايات من طرقنا صحيحة ومتواترة ونؤمن بمضمونها ، هذا بالنسبة للمبغض .

ـــــــــــــ

(١) شواهد التنزيل ، الحاكم الحسكاني : ج١ ص٥٥٠ ؛ ونحوه ترجمة الإمام علي من تاريخ مدينة دمشق ، ابن عساكر : ج١ ص١٥٠ ح١٨٤.

(٢) شواهد التنزيل ، الحاكم الحسكاني : ج١ ص٥٥١ .

(٣) المصدر نفسه : ج١ ص٥٥٤ ، والآية ٢٣ من سورة الشورى .

٣٤٨

رأي علماء الشيعة في قبول الأعمال

أمّا المحب غير المبغض لأهل البيتعليهم‌السلام ، فله درجة من المقبولية ، لكنّها لا تصل إلى حد ودرجة مقبولية الشيعي المتولّي الناصر لأهل البيتعليهم‌السلام ؛ وهذا هو مقتضى اعتقادنا بحقّانية مذهبنا ، وأنّ الولاية فيه معنى التولّي والنصرة والطاعة والاتّباع والتسليم لهمعليهم‌السلام ، وعلى طبق ذلك حكم محدّثونا وفقهاؤنا ومتكلّمونا .

قال المجلسيرحمه‌الله في البحار : ( وأمّا غير الشيعة الإمامية من المخالفين وسائر فرق الشيعة ممّن لم ينكر شيئاً من ضروريات دين الإسلام ، فهم فرقتان : إحداهما المتعصّبون المعاندون منهم ممّن قد تمّت عليهم الحجّة ، فهم في النار خالدون ، والأخرى المستضعفون منهم وهم الضعفاء العقول مثل النساء العاجزات ، والبُلّه وأمثالهم ومَن لم يتم عليه الحجّة ممّن يموت في زمان الفترة ، أو كان في موضع لم يأت إليه خبر الحجّة فهم المرجون لأمر الله ، إمّا يعذبهم وإمّا يتوب عليهم ، فيرجى لهم النجاة من النار )(١) وليس هذا إلاّ لدرجة من المقبولية لعدم البغض والعناد .

وذكر مراجعنا في كتبهم الفقهية : أنّ الإسلام هو الإقرار بوحدانية الله تعالى ونبوّة محمد وبما جاء به من عند الله تعالى ، فالكافر هو الذي لا يتديّن بذلك ، إمّا لعدم اعتقاده بدين أصلاً أو لتديّنه بدين غير الإسلام بالمعنى المذكور ، وأنّ إنكار الضروري من الدين إن رجع إلى عدم الإقرار به بعد العلم بإنزاله من قِبل الله تعالى أو إلى تكذيب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في

ـــــــــــــ

(١) بحار الأنوار ، المجلسي : ج٨ ص٣٦٣ .

٣٤٩

تبليغه به بعد العلم بتبليغه له كان موجباً للكفر ، وإن رجع إلى عدم العلم بثبوته في الدين أو تبليغ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يوجب الكفر ، كما إذا نشأ من الجهل بتحريمه ، أو من شبهة اعتقد معها عدم التحريم(١) .

وقال الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء : فمَن اعتقد بالإمامة بالمعنى الذي ذكرناه فهو عندهم مؤمن بالمعنى الأخص وإذا اقتصر على ترك الأركان الأربعة فهو مسلم ، ومؤمن بالمعنى الأعم وتترتّب عليه جميع أحكام الإسلام من حرمة دمه وماله وعرضه ووجوب حفظه وحرمة غيبته ، وغير ذلك ، لا أنّه بعدم الاعتقاد يخرج عن كونه مسلماً ـ معاذ الله ـ نعم يظهر أثر التدين في منازل القرب والكرامة يوم القيامة ، أمّا في الدنيا فالمسلمون بأجمعهم سواء ، وبعضهم لبعض أكفاء ، وأمّا في الآخرة فلا شك أنّ المسلمين تتفاوت درجاتهم ومنازلهم ، حسب نيّاتهم وأعمالهم ، وأمر ذلك وعلمه إلى الله سبحانه ، ولا مسوّغ للبت به لأحد من الخلق(٢) .

والحاصل : هو تفاوت الولاية ودرجاتها وتفاوت المقبولية ودرجاتها إلاّ المبغضين المعاندين فهم لا خلاق لهم ، ولا يقام لهم يوم القيامة وزن ، وفي النار هم خالدون .

ولا تعجب من ذلك فإنّ هذا مقتضى تعدّد المذاهب واعتقاد الحقانية في واحد منها ؛ ولذا حكم البعض بكفر الشيعة الاثني عشرية ؛ لأنّهم لا يقدّمون الشيخين ، فضلاً عمّن يبغضهما ، كما جاء ذلك في صحيح سنن

ـــــــــــــ

(١) راجع كتبنا الفقهية في هذا المجال .

(٢) انظر : أصل الشيعة وأُصولها ، الشيخ كاشف الغطاء : ص٩٩ .

٣٥٠

أبي داود بتعليق الألباني (عن سفيان قال : مَن زعم أنّ عليّاً كان أحق بالولاية منهما فقد خطّأ أبا بكر وعمر والمهاجرين والأنصار ، ولا أراه يرتفع له مع هذا عمل إلى السماء ) ، وقد صحّحه الألباني(١) .

فالمذهب الحق له الدرجات العالية من المقبولية ، والمذاهب الباطلة بحسب اعتقادنا على فرقتين كما ذكر المجلسي ، منهم مَن هو إلى جهنّم وبئس المصير ، ومنهم مَن يرجى لهم النجاة من النار ، وهذه درجة من المقبولية ، كما أسلفنا ، وهذا شيء وحقّانية المذهب شيء آخر .

فالشيعة إذن يقولون بإسلام جميع الطوائف إلاّ النواصب مع أنّ الوهّابية كفّروا الشيعة لكونهم شيعة !!

الخلاصة

١ ـ اعتماداً على القرآن وروايات نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يتبيّن أنّ الولاية لأهل البيتعليهم‌السلام واجبة على الجميع ، وأدنى درجاتها هي المحبّة .

٢ ـ صرّحت الروايات المتواترة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأنّ مبغض أهل البيتعليهم‌السلام من الهالكين ، ويكبّه الله على وجهه في نار جهنّم .

٣ ـ أمّا الذي ليس في قلبه ذرّة من بغض أهل البيتعليهم‌السلام ، وكان في قلبه درجة من درجات الولاية والمحبّة لأهل البيتعليهم‌السلام ، ولم يكن على المذهب الحق فهو المرجى لأمر الله تعالى .

ـــــــــــــ

(١) سنن أبي داود ، أبي داود : ج٣ ص١٢٦ .

٣٥١

الفهرست

مقدّمة الكتاب.. ٣

منهج البحث.. ٧

خطّة البحث.. ٧

الفصل الأوّل: هل الإمامة جعل إلهي ؟ ١١

الشبهة : ١١

الجواب : ١١

الإمامة جعل وعهد إلهي : ١٢

الإمامة غير النبوّة : ١٣

أهمّيّة الإمامة واستمرارها : ١٤

عصمة الإمام ١٦

دور الإمام في الأمة : ١٧

أقوال علماء السنّة في حق أهل البيت عليهم‌السلام.... ٢٠

الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام.... ٢٠

الإمام الحسن والإمام الحسين عليهما‌السلام..... ٢٠

الإمام زين العابدين عليه‌السلام : ٢٢

الإمام الباقر عليه‌السلام : ٢٤

الإمام الصادق عليه‌السلام : ٢٧

الإمام الكاظم عليه‌السلام : ٣٠

الإمام الرضا عليه‌السلام : ٣٢

الإمام الجواد عليه‌السلام : ٣٣

الإمام الهادي عليه‌السلام : ٣٤

الإمام العسكري عليه‌السلام : ٣٧

تراث زاخر ٤٠

الخلاصة ٤١

٣٥٢

الإمامة في القرآن. ٤٣

الشبهة : ٤٣

الجواب : ٤٣

أوّلاً : القرآن ينصّ على الإمامة ٤٥

ثانياً : السنّة النبويّة تنصّ على الإمامة ٤٩

الخلاصة ٥٠

آية الولاية لا تختصّ بعلي عليه‌السلام.... ٥١

الشبهة : ٥١

الجواب : ٥١

أولاً : كثرة استعمال الجمع وإرادة المفرد في القرآن. ٥١

ثانيا : استعمال الجمع وإرادة المفرد سائغ في لغة العرب.. ٥٣

ثالثاً : الاعتراض المذكور يتنافى مع الروايات المتواترة ٥٣

رابعاً : الاعتراض غريب لهم يعهد من الصحابة ولا من التابعين. ٥٨

خامساً : جواب الزمخشري. ٥٨

الخلاصة ٥٩

آية الولاية لا تعني الأولى بالتصرّف.. ٦٠

الشبهة : ٦٠

الجواب : ٦٠

الاستدلال على المستوى اللغوي : ٦٠

الاستدلال على المستوى القرآني : ٦١

الاستدلال على المستوى الروائي : ٦٣

كيف تستدلّ الشيعة بشأن النزول ؟ ٦٧

الشبهة : ٦٧

الجواب : ٦٧

الخلاصة ٦٨

٣٥٣

المعروف أنّ عليّاً فقير فكيف يتصدّق ؟ ٦٨

الشبهة : ٦٨

الجواب : ٦٨

الخلاصة ٧٠

آية البلاغ تدلّ على أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يبلّغ سابقاً ٧٠

الشبهة : ٧٠

الجواب : ٧٠

الخلاصة ٧٤

لا وجود لاسم علي في القرآن. ٧٥

الشبهة : ٧٥

تمهيد: ٧٦

الأُولى : القرآن تبيان لكل شيء ٧٦

الثانية : يجب اتباع ما أمر به الله ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم..... ٧٧

الجواب : ٨٠

أوّلاً : عدم ذكر الاسم لحكمة إلهيّة ٨٠

ثالثا : ذكر الوصف أبلغ في التأثير من ذكر الاسم. ٨١

رابعاً : ذكر علي في القرآن يدعو البعض لانتحال اسمه ٨٢

خامساً : لو ذُكر اسم علي لحذفه المنافقون. ٨٢

سادساً : ذكر الاسم لا يعني حسم النزاع. ٨٣

سابعاً : ذكر الاسم في القرآن داعية لاتهام الشيعة ٨٣

ثامناً : لا ينبغي التشكيك في إمامة علي عليه‌السلام.... ٨٤

الخلاصة ٨٤

آية التطهير لا تختصّ بأئمّة الشيعة ٨٦

الشبهة : ٨٦

الجواب : ٨٦

٣٥٤

الخلاصة ٩٦

الفصل الثاني: حديث الخلفاء الاثني عشر في كتب أهل السنّة ٩٧

مدخل. ٩٧

حديث الخلفاء الاثني عشر في كتب أهل السنّة ٩٩

الشبهة المطروحة حول الحديث.. ٩٩

وفي مقام الجواب عن هذه الشبهة نقول : ٩٩

حديث الاثني عشر في كتب أهل السنّة : ١٠٠

مَن هم الخلفاء الاثنا عشر ؟ ١٠٤

محاولات أهل السنّة في تفسير حديث الخلفاء ١٠٥

المحاولة الأُولى : لابن العربي. ١٠٥

المحاولة الثانية : لابن المهلب.. ١٠٦

المحاولة الثالثة : للسيوطي. ١٠٦

المحاولة الرابعة : لأبي الحسين ابن المنادي. ١٠٧

المحاولة الخامسة : للقاضي عياض.. ١٠٧

المحاولة السادسة : لابن الجوزي. ١٠٧

المحاولة السابعة : للبيهقي. ١٠٨

التفسير الواقعي لحديث الاثني عشر ١٠٩

جملة من الشواهد على المراد الواقعي. ١١٠

الأُمّة لم تجتمع على أهل البيت عليهم‌السلام.... ١٣١

الخلاصة ١٣٢

الفصل الثالث: غيبة الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشّريف) ١٣٤

الشبهة : ١٣٤

الجواب : ١٣٤

تمهيد : ١٣٤

هوية الغيبة ١٤١

٣٥٥

دوام الإمامة واستمرارها لطف إلهي. ١٤١

لو لا الحجّة لساخت الأرض بأهلها ١٤٣

الغيبة لطف إلهي. ١٤٥

حقيقة الغيبة : خفاء الهوية والعنوان لإخفاء الشخصية ١٤٦

ما الفائدة من الإمام الغائب ؟ ١٤٨

إدارة الإمام (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) في زمن الغيبة ١٤٩

وجه التشابه بين الخضر عليه‌السلام والإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) ١٥٢

قصّة الخضر ١٥٣

خصائص الحكم الإلهي. ١٥٦

دور الإمام (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) في درء الفساد ١٦١

خلفيات وفوائد أُخرى للغيبة ١٦٤

أوّلاً : حفظ شخصية الإمام (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) ١٦٤

ثانياً : التمحيص.. ١٦٨

ثالثاً : انكشاف عجز وبطلان الأطروحات الأخرى. ١٧٥

رابعاً : تجلّي مفهوم الانتظار في أحضان الغيبة ١٧٦

خامساً : عدم انقطاع سلسلة حجج الله في الأرض.. ١٧٩

سادساً : لكي لا تكون في عنقه بيعة لظالم. ١٨٠

سابعاً : الغيبة سرٌّ الهي. ١٨٣

دعوى المهدوية والسفارة ١٨٦

مدّعي المهدوية والسفارة في التاريخ الإسلامي. ١٨٦

الدليل على بطلان دعوى المهدوية والسفارة في عصر الغيبة الكبرى. ١٨٨

الفهم الصحيح لعلامات الظهور ١٩٠

الخلاصة ١٩١

الفصل الرابع: بطلان دعوى النص على خلافة أبي بكر ١٩٣

٣٥٦

الشبهة : ١٩٣

الجواب : ١٩٣

أوّلاً : الروايات الصحيحة وأقوال الصحابة الصريحة الدالة على عدم النص على أبي بكر : ١٩٣

ثانياً : إنكار علماء السنّة وجود نص دال على خلافة أبي بكر منها : ١٩٥

ثالثاً : الشواهد القطعية على عدم النص على أبي بكر ، منها : ١٩٨

رابعاً : معالم تحرك الحزب القرشي : ٢٠٤

خامساً : سياسات السلطة الحاكمة يكشف عن عدم الشرعية ٢١٦

الخلاصة ٢٢١

الفصل الخامس: عصيان الصحابة ٢٢٤

الشبهة : ٢٢٤

الجواب : ٢٢٤

خلفيات عدول بعض الصحابة عن وصيّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم..... ٢٢٧

أوّلاً : الحرص على كرسي الزعامة ٢٢٧

ثانياً : دور المنافقين والذين في قلوبهم مرض.. ٢٢٨

ثالثاً : التنافس والنزاع بين القبائل. ٢٢٨

رابعاً : التناحر والتحاسد بين المهاجرين والأنصار ٢٣٢

خامساً : سياسة الإرهاب في السقيفة ٢٣٣

سادساً : مخالفات الصحابة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم..... ٢٣٤

١ ـ عصيان أوامر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم..... ٢٣٤

٢ ـ الفرار في معركة أحد. ٢٣٦

٣ ـ الفرار في يوم حنين. ٢٣٦

٤ ـ اعتراض الأصحاب على الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الحديبية ٢٣٧

٥ ـ الإشفاق من التصدّق. ٢٣٨

٦ ـ عدم إنفاذ جيش أسامة ٢٣٩

٧ ـ الارتداد والانقلاب على الأعقاب.. ٢٣٩

٣٥٧

الخلاصة ٢٤٣

الفصل السادس: العصمة والغلو ٢٤٥

الشبهة : ٢٤٥

الجواب : ٢٤٥

منشأ العصمة : ٢٤٦

الدليل العقلي على عصمة أهل البيت عليهم‌السلام.... ٢٥٠

الأدلة القرآنية على عصمة الأئمّة عليهم‌السلام.... ٢٥١

بيان الاستدلال : ٢٥١

والجواب عن ذلك بالبيان التالي : ٢٥٢

الأدلة الروائيّة ٢٥٧

أوّلاً : حديث الثقلين. ٢٥٧

دلالة الحديث على عصمة أهل البيت عليهم‌السلام.... ٢٥٨

ثانياً : النص على العصمة والطهارة ٢٥٨

ثالثاً : طاعتهم طاعة لله ولرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم..... ٢٥٩

الخلاصة ٢٦٠

منشأ العصمة ٢٦٠

الدليل العقلي على عصمة أهل البيت عليهم‌السلام.... ٢٦١

الأدلة القرآنية على عصمة الأئمّة عليهم‌السلام.... ٢٦١

الأدلة الروائية على عصمة أهل البيت عليهم‌السلام.... ٢٦١

مقام الوصي. ٢٦٢

الشبهة : ٢٦٢

الجواب : ٢٦٢

أقوال علماء الشيعة ٢٦٤

الوحي انقطع بموت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم..... ٢٦٦

أقسام الوحي. ٢٦٧

٣٥٨

الخلاصة ٢٧٠

تأليه الإمام عند الشيعة ٢٧١

الشبهة : ٢٧١

الجواب : ٢٧١

مواقف علمائنا من الغلاة ٢٧٣

الخلاصة ٢٧٩

الولاية عند الشيعة أهمّ من التوحيد. ٢٨١

الشبهة : ٢٨١

الجواب : ٢٨١

أوّلاً : التوحيد أساس الدين. ٢٨١

ثانياً : ترابط أُصول الدين. ٢٨٣

ثالثاً : الولاية فرع التوحيد. ٢٨٤

الخلاصة ٢٨٥

علم أهل البيت عليهم‌السلام بالغيب غلو ٢٨٦

الشبهة : ٢٨٦

تمهيد : ٢٨٦

علم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم..... ٢٨٦

والسؤال هو : ما هي حقيقة وجوهر علم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ ٢٨٧

أفضلية نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على سائر الأنبياء ٢٨٨

الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعلم الأنبياء على الإطلاق. ٢٩١

الأنبياء يعلمون الغيب.. ٢٩٢

شواهد من علم الأنبياء بالغيب.. ٢٩٣

إخبار نبيّنا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالغيب.. ٢٩٤

علم أهل البيت عليهم‌السلام.... ٢٩٥

الدليل العقلي على علم الإمام ٢٩٦

٣٥٩

الأدلة القرآنية على علم الإمام ٢٩٨

دعوة النبي إبراهيم لذرّيته ٢٩٨

الإمامة في الذرّية سنّة قرآنية ٣٠٠

ما هو الاصطفاء ؟ ٣٠١

الاصطفاء والعدالة الإلهية ٣٠٢

الذرية الصالحة للأنبياء عناية إلهية ٣٠٣

تقلّبهم في الأرحام المطهّرة ٣٠٤

أبعاد أُخرى. ٣٠٤

أوّلاً : البعد التاريخي. ٣٠٥

ثانياً : البعد الرسالي. ٣٠٥

ما هي حقيقة وراثة الأنبياء ؟ ٣٠٦

أهل البيت عليهم‌السلام ورثة الأنبياء ٣٠٧

١ ـ الإمام علي وذرّيته عليهم‌السلام وارثو رسول الله. ٣٠٧

٢ ـ الأنبياء يقرّون بولاية على وذرّيته عليهم‌السلام.... ٣٠٩

٣ ـ أهل البيت عليهم‌السلام ورثة الكتاب.. ٣٠٩

أعلميّة أهل البيت في القرآن الكريم. ٣١١

حقيقة علم الكتاب.. ٣١٢

حدود علم الكتاب.. ٣١٣

مَن الذي عنده علم الكتاب ؟ ٣١٤

الإمام علي عليه‌السلام أحصى علم كلّ شيء ٣١٤

اختصاص أهل البيت عليهم‌السلام بعلم الكتاب.. ٣١٦

مَن هم المطهّرون ؟ ٣١٩

الروايات الخاصة في علم أهل البيت عليهم‌السلام.... ٣٢٢

١ ـ علم الأنبياء عند أهل البيت عليهم‌السلام : ٣٢٢

٢ ـ علم الكتاب كلّه عند أهل البيت عليهم‌السلام : ٣٢٢

٣٦٠

361