الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية الجزء ١

الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية10%

الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية مؤلف:
الناشر: دهكده جهاني آل محمّد (صلّى الله عليه وآله)
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 361

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 361 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 214101 / تحميل: 8508
الحجم الحجم الحجم
الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية

الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دهكده جهاني آل محمّد (صلّى الله عليه وآله)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

وأمّا التحيّة التي لم يحيّ بها الله ، ولم يكن قد سمح بها هي جملة : (أسام عليك).

ويحتمل أيضا أن تكون التحية المقصودة بالآية الكريمة هي تحيّة الجاهلية حيث كانوا يقولون : (أنعم صباحا) و (أنعم مساء) وذلك بدون أن يتوجّهوا بكلامهم إلى الله سبحانه ويطلبون منه السلامة والخير للطرف الآخر.

هذا الأمر مع أنّه كان سائدا في الجاهلية ، إلّا أنّ تحريمه غير ثابت ، وتفسير الآية أعلاه له بعيد.

ثمّ يضيف تعالى أنّ هؤلاء لم يرتكبوا مثل هذه الذنوب العظيمة فقط بل كانوا مغرورين متعالين وكأنّهم سكارى فيقولعزوجل :( وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللهُ بِما نَقُولُ ) وبهذه الصورة فإنّهم قد أثبتوا عدم إيمانهم بنبوّة الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكذلك عدم إيمانهم بالإحاطة العلمية لله سبحانه.

وبجملة قصيرة يرد عليهم القرآن الكريم :( حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) .

والطبيعي أنّ هذا الكلام لا ينفي عذابهم الدنيوي ، بل يؤكّد القرآن على أنّه لو لم يكن لهؤلاء سوى عذاب جهنّم ، فإنّه سيكفيهم وسيرون جزاء كلّ أعمالهم دفعة واحدة في نار جهنّم.

ولأنّ النجوى قد تكون بين المؤمنين أحيانا وذلك للضرورة أو لبعض الميول ، لذا فإنّ الآية اللاحقة تخاطب المؤمنين ستكون مناجاتهم في مأمن من التلوّث بذنوب اليهود والمنافقين حيث يقول البارئعزوجل :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ ، وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) .

يستفاد من هذا التعبير ـ بصورة واضحة ـ أنّ النجوى إذا كانت بين المؤمنين فيجب أن تكون بعيدة عن السوء وما يثير قلق الآخرين ، ولا بدّ أن يكون مسارها

١٢١

التواصي بالخير والحسنى ، وبهذه الصورة فلا مانع منها.

ولكن كلّما كانت النجوى بين أشخاص كاليهود والمنافقين الذين يهدفون إلى إيذاء المؤمنين ، فنفس هذا العمل حرام وقبيح ، فكيف الحال إذا كانت نجواهم شيطانية وتآمرية ، ولذلك فإنّ القرآن يحذّر منها أشدّ تحذير في آخر آية مورد للبحث ، حيث يقول تعالى :( إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا ) ولكن يجب أن يعلموا أنّ الشيطان لا يستطيع إلحاق الضرر بأحد إلّا أن يأذن الله بذلك( وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ ) .

ذلك لأنّ كلّ مؤثّر في عالم الوجود يكون تأثيره بأمر الله حتّى إحراق النار وقطع السيف.

( وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) إذ أنّهم ـ بالروح التوكّلية على الله ، وبالاعتماد عليه سبحانه ـ يستطيعون أن ينتصروا على جميع هذه المشاكل ، ويفسدوا خطط أتباع الشيطان ، ويفشلوا مؤامراته.

* * *

بحثان

١ ـ أنواع النجوى

لهذا العمل من الوجهة الفقهيّة الإسلامية أحكام مختلفة حسب اختلاف الظروف ، ويصنّف إلى خمسة حالات تبعا لطبيعة الأحكام الإسلامية في ذلك.

فتارة يكون هذا العمل «حراما» وفيما لو أدّى إلى أذى الآخرين أو هتك حرمتهم ـ كما أشير له في الآيات أعلاه ـ كالنجوى الشيطانية حيث هدفها إيذاء المؤمنين.

وقد تكون النجوى أحيانا (واجبة) وذلك في الموضوعات الواجبة السرّية ، حيث أنّ إفشاءها مضرّ ويسبّب الخطر والأذى ، وفي مثل هذه الحالة فإنّ عدم

١٢٢

العمل بالنجوى يستدعي إضاعة الحقوق وإلحاق خطر بالإسلام والمسلمين.

وتتصف النجوى في صورة اخرى بالاستحباب ، وذلك في الأوقات التي يتصدّى فيها الإنسان لأعمال الخير والبرّ والإحسان ، ولا يرغب بالإعلان عنها وإشاعتها وهكذا حكم الكراهة والإباحة.

وأساسا ، فإنّ كلّ حالة لا يوجد فيها هدف مهمّ فالنجوى عمل غير محمود ، ومخالف لآداب المجالس ، ويعتبر نوعا من اللامبالاة وعدم الاكتراث بالآخرين.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما فإنّ ذلك يحزنه»(١) .

كما نقرأ في حديث عن أبي سعيد الخدري أنّه قال : كنّا نتناوب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يطرقه أمر أو يأمر بشيء فكثر أهل الثوب المحتسبون ليلة حتّى إذا كنّا نتحدّث فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الليل فقال : ما هذه النجوى ألم تنهوا عن النجوى»(٢) .

ويستفاد من روايات أخرى أنّ الشيطان ـ لإيذاء المؤمنين ـ يستخدم كلّ وسيلة ليس في موضوع النجوى فقط ، بل أحيانا في عالم النوم حيث يصوّر لهم مشاهد مؤلمة توجب الحزن والغمّ ، ولا بدّ للإنسان المؤمن في مثل هذه الحالات أن يلتجئ إلى الله ويتوكّل عليه ، ويبعد عن نفسه هذه الوساوس الشيطانية(٣) .

٢ ـ كيف تكون التحيّة الإلهيّة؟

من المتعارف عليه اجتماعيا في حالة الدخول إلى المجالس تبادل العبارات

__________________

(١) تفسير مجمع البيان نهاية الآية مورد البحث ، والدرّ المنثور ، ج ٦ ، ص ١٨٤ واصول الكافي ، ج ٢ ، ص ٤٨٣ (باب المناجاة) حديث ١ ، ٢.

(٢) الدرّ المنثور ، ج ٦ ، ص ١٨٤.

(٣) للاطلاع الأكثر على هذه الروايات يراجع تفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٢٦١ ـ ٢٦٢ ، حديث ٣١ ، ٣٢.

١٢٣

التي تعبّر عن الودّ والاحترام بين الحاضرين ـ كلّ منهم للآخر ـ ويسمّى هذا بالتحيّة ، إلّا أنّ المستفاد من الآيات أعلاه أن يكون للتحيّة محتوى إلهي ، كما في بقيّة القواعد الخاصّة بآداب المعاشرة.

ففي التحيّة بالإضافة إلى الاحترام والإكرام لا بدّ أن تقرن بذكر الله في حالة اللقاء ، كما في (السّلام) الذي تطلب فيه من الله السلامة للطرف الآخر.

وقد ورد في تفسير علي بن إبراهيم ـ في نهاية الآيات مورد البحث ـ أنّ مجموعة من أصحاب الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند ما كانوا يقدمون عليه يحيّونه بقولهم (أنعم صباحا) و (أنعم مساء) وهذه تحية أهل الجاهلية فأنزل الله :( وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ ) فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «قد أبدلنا الله بخير تحيّة أهل الجنّة السّلام عليكم»(١) .

كما أنّ من خصوصيات السّلام في الإسلام أن يكون مقترنا بذكر الله تعالى ، هذا من جهة ، ومن جهة اخرى ففي السّلام سلامة كلّ شيء أعمّ من الدين والإيمان والجسم والروح وليس منحصرا بالراحة والرفاه والهدوء(٢) .

(وحول حكم التحية والسّلام وآدابها كان لدينا بحث مفصّل في نهاية الآية (٨٦) في سورة النساء).

* * *

__________________

(١) نور الثقلين ، ج ٥ ، حديث ٣٠.

(٢) في كتاب «بلوغ الإرب في معرفة أحوال العرب» جاء بحث مفصّل حول تحيّة العرب في الجاهلية وتفسير عبارة (أنعم صباحا) و (أنعم مساء) ، ج ٢ ، ص ١٩٢.

١٢٤

الآية

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١) )

سبب النّزول

نقل العلّامة الطبرسي في مجمع البيان ، والآلوسي في روح المعاني ، وجمع آخر من المفسّرين ، أنّ هذه الآية نزلت يوم الجمعة وكان رسول الله يومئذ في (الصفّة) وكان يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار ، فجاء ناس من أهل بدر.

قد سبقوا إلى المجالس ، فقاموا حيال رسول الله فقالوا : السّلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته. فردّ النبي عليهم ، ثمّ سلّموا على القوم بعد ذلك فردّوا عليهم ، فقاموا على أرجلهم ينظرون أن يوسّع لهم ، فعرف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما يحملهم على القيام ، فشقّ ذلك على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال لمن حوله من المهاجرين والأنصار من غير أهل بدر! قم يا فلان ، قم يا فلان ، فلم يزل يقيمهم بعدّة النفر الذين هم قيام بين

١٢٥

يديه من المهاجرين والأنصار ـ أهل بدر ـ فشقّ ذلك على من أقيم من مجلسه ، وعرف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الكراهة في وجوههم ، فقال المنافقون : ألستم تزعمون أنّ صاحبكم هذا يعدل بين الناس؟ والله ما رأيناه قد عدل على هؤلاء! إنّ قوما أخذوا مجالسهم وأحبّوا القرب من نبيّهم ، فأقامهم وأجلس من أبطأ عنه فبلغنا أنّ رسول الله قال : «رحم الله رجلا يفسح لأخيه» فجعلوا يقومون بعد ذلك سراعا ، فيفسح القوم لإخوانهم ونزلت هذه الآية(١) .

التفسير

احترام أهل السابقة والإيمان :

تعقيبا على الموضوع الذي جاء في الرّوايات السابقة حول ترك (النجوى) في المجالس ، يتحدّث القرآن عن أدب آخر من آداب المجالس حيث يقول سبحانه :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا ) (٢) ( يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ ) .

«تفسّحوا» من مادّة (فسح) على وزن قفل بمعنى المكان الواسع ، وبناء على هذا ، فإنّ التفسّح بمعنى التوسّع ، وهذه واحدة من آداب المجالس ، فحين يدخل شخص إلى المجلس فإنّ المرجو من الحاضرين أن يجلسوا بصورة يفسحوا بها مجالا له ، كي لا يبقى في حيرة وخجل ، وهذا الأدب أحد عوامل تقوية أواصر المحبّة والودّ على عكس النجوى التي أشير إليها في الآيات السابقة ، والتي هي أحد عوامل التفرقة والشحناء ، وإثارة الحساسيات والعداوة.

__________________

(١) تفسير روح المعاني ، ج ٢٨ ، ص ٢٥. ومجمع البيان ، ج ٩ ، ص ٢٥٢ ، ونقل مفسّرون آخرون نفس النصّ باختلاف قليل كالفخر الرازي والقرطبي والسيوطي في الدرّ المنثور وفي ظلال القرآن أيضا في نهاية الآية مورد البحث.

(٢) إنّ اختلاف التعبيرين ـ تفسّحوا وافسحوا ـ عن الآخر وهو أنّ أحدهما من تفعّل ، والآخر من الثلاثي المجرّد ، ويمكن أن يكون الفرق أنّ الأوّل له صفة التكلّف ، والآخر خال من هذه الصفة ، يعني كما لو قال قائل : افسحوا للشخص الذي يقدم توّا ، فإنّ الجالسين بدون أن يشعروا بالتكلّف يتفسّحون ، (يرجى ملاحظة ذلك).

١٢٦

والشيء الملاحظ أنّ القرآن الكريم ، الذي هو بمثابة دستور لجميع المسلمين لم يهمل حتّى هذه المسائل الجزئية الأخلاقية في الحياة الاجتماعية للمسلمين ، بل أشار إليها بما يناسبها ضمن التعليمات الأساسية ، حتّى لا يظنّ المسلمون أنّه يكفيهم الالتزام بالمبادئ الكليّة.

جملة( يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ ) فسّرها بعض المفسّرين بتوسّع المجالس في الجنّة ، وهو ثواب يعطيه الله تعالى للأشخاص الذين يراعون هذه الآداب في عالم الدنيا ، ويلتزمون بها ، وبلحاظ كون الآية مطلقة وليس فيها قيد أو شرط فإنّ لها مفهوما واسعا ، وتشمل كلّ سعة إلهيّة ، سواء كانت في الجنّة أو في الدنيا أو في الروح والفكر أو في العمر والحياة ، أو في المال والرزق ، ولا عجب من فضل الله تعالى أن يجازي على هذا العمل الصغير بمثل هذا الأجر الكبير ، لأنّ الأجر بقدر كرمه ولطفه لا بقدر أعمالنا.

وبما أنّ المجالس تكون مزدحمة أحيانا بحيث أنّه يتعذّر الدخول إلى المجلس في حالة عدم التفسّح أو القيام ، وإذا وجد مكان فإنّه غير متناسب مع مقام القادمين واستمرارا لهذا البحث يقول تعالى :( وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا ) (١) أي إذا قيل لكم قوموا فقوموا.

ولا ينبغي أن تضجروا أو تسأموا من الوقوف ، لأنّ القادمين أحيانا يكونون أحوج إلى الجلوس من الجالسين في المجلس ، وذلك لشدّة التعب أو الكهولة أو للاحترام الخاصّ لهم ، وأسباب اخرى.

وهنا يجب أن يؤثّر الحاضرون على أنفسهم ويتقيّدوا بهذا الأدب الإسلامي ، كما مرّ بنا في سبب نزول الآية ، حيث كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أمر المجموعة التي

__________________

(١) «انشزوا» من مادّة (نشز) على وزن (نصر) مأخوذة من معنى الأرض العالية ، لذلك استعمل بمعنى القيام ، و «المرأة الناشزة» تطلق على كلّ من تعتبر نفسها أعلى من أن تطيع أمر زوجها ، واستعمل هذا المصطلح أحيانا بمعنى الإحياء ، لأنّ هذا الأمر سبب للقيام من القبور.

١٢٧

كانت جالسة بالقرب منه بالتفسّح للقادمين الجدد لأنّهم كانوا من مجاهدي بدر ، وأفضل من الآخرين من ناحية العلم والفضيلة.

كما فسّر بعض المفسّرين (انشزوا) بمعناها المطلق وبمفهوم أوسع ، حيث تشمل أيضا القيام للجهاد والصلاة وأعمال الخير الاخرى ، إلّا أنّه من خلال التمعن والتدقيق في الجملة السابقة لها والتي فيها قيد «في المجالس» ، فالظاهر أنّ هذه الآية مقيّدة بهذا القيد ، فيمتنع إطلاقها بسبب وجود القرينة.

ثمّ يتطرّق سبحانه إلى الجزاء والأجر الذي يكون من نصيب المؤمنين إذا التزموا بالأمر الإلهي ، حيث يقولعزوجل :( يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ ) (١) .

وذلك إشارة إلى أنّ الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا أمر البعض بالقيام وإعطاء أماكنهم للقادمين ، فإنّه لهدف إلهي مقدّس ، واحتراما للسابقين في العلم والإيمان.

والتعبير بـ (درجات) بصورة نكرة وبصيغة الجمع ، إشارة إلى الدرجات العظيمة والعالية التي يعطيها الله لمثل هؤلاء الأشخاص ، الذين يتميّزون بالعمل والإيمان معا ، أو في الحقيقة أنّ الأشخاص الذين يتفسّحون للقادمين لهم درجة ، وأولئك الذين يؤثرون ويعطون أماكنهم ويتّصفون بالعلم والتقوى لهم درجات أعلى.

وبما أنّ البعض يؤدّي هذه التعليمات ويلتزم بهذه الآداب عن طيب نفس ورغبة ، والآخرون يؤدّونها عن كراهية أو للرياء. والتظاهر فيضيف تعالى في نهاية الآية :( وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) .

* * *

__________________

(١) «يرفع» في الآية أعلاه مجزومة بسبب صيغة الأمر التي جاءت قبلها ، والتي في الحقيقة تعطي مفهوم الشرط ، ويرفع بمنزلة جزاء هذا الشرط.

١٢٨

بحثان

١ ـ مقام العلماء

بالرغم من أنّ الآية نزلت في مورد خاصّ ، إلّا أنّ لها مفهوما عامّا ، وبملاحظة أنّ ما يرفع مقام الإنسان عند الله شيئان : الإيمان ، والعلم. وبالرغم من أنّ «الشهيد» في الإسلام يتمتع بمقام سام جدّا ، إلّا أنّنا نقرأ حديثا للرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يبيّن لنا فيه مقام أهل العلم حيث قال : «فضل العالم على الشهيد درجة ، وفضل الشهيد على العابد درجة وفضل العالم على سائر الناس ، كفضلي ، على أدناهم»(١) .

وعن الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام نقرأ الحديث التالي : «من جاءته منيّته وهو يطلب العلم فبينه وبين الأنبياء درجة»(٢) .

ومعلوم أنّ الليالي المقمرة لها بهاء ونضرة ، خصوصا ليلة الرابع عشر من الشهر ، حيث يكتمل البدر ويزداد ضوؤه بحيث يؤثّر على ضوء النجوم هذا المعنى الظريف ورد في حديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث قال : «فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب»(٣) .

والطريف هنا أنّ العابد ينجز عبادته التي هي الهدف من خلق الإنسان ، ولكن بما أنّ روح العبادة هي المعرفة ، لذا فإنّ العالم مفضّل عليه بدرجات.

وما جاء حول أفضلية العالم على العابد في الروايات أعلاه يقصد منه بيان الفرق الكبير بين هذين الصنفين ، لذا ورد في حديث آخر حول الاختلاف بينهما بدلا من درجة واحدة مائة درجة ، والمسافة بين درجة واخرى بمقدار عدو الخيل في سبعين سنة(٤) .

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ٩ ، ص ٢٥٣.

(٢) المصدر السابق.

(٣) جوامع الجامع ، مطابق لنقل نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٢٦٤ ، والقرطبي ، ج ٩ ، ص ٦٤٧٠.

(٤) المصدر السابق.

١٢٩

وواضح أيضا أنّ مقام الشفاعة لا يكون لأي شخص في يوم القيامة ، بل هي مقام المقرّبين في الحضرة الإلهية ، ولكن نقرأ في حديث للرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يشفع يوم القيامة ثلاثة : الأنبياء ، ثمّ العلماء ، ثمّ الشهداء»(١) .

وفي الحقيقة أنّ الموفّقية في طريق التكامل وجلب رضا الله والقرب منه مرهون بعاملين أساسين هما : الإيمان والعلم ، أو الوعي والتقوى وكلّ منهما ملازم للآخر ، ولا تتحقّق الهداية بأحدهما دون الآخر.

٢ ـ آداب المجلس في القرآن الكريم

أشار القرآن الكريم مرّات عديدة إلى الآداب الإسلامية في المجالس ضمن المسائل الأساسية ، ومنها آداب التحيّة ، والدخول إلى المجلس ، وآداب الدعوة إلى الطعام. وآداب التكلّم مع الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وآداب التفسّح للأشخاص القادمين ، خصوصا ذوي الفضيلة والسابقين في العلم والإيمان(٢) .

وهذا يرينا بوضوح أنّ القرآن الكريم يرى لكلّ موضوع في محلّه أهميّة وقيمة خاصّة ، ولا يسمح لتساهل الأفراد وعدم اهتمامهم أن تؤدّي إلى الإخلال بالآداب الإنسانية للمعاشرة.

وقد نقلت في كتب الحديث مئات الروايات عن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة الأطهارعليهم‌السلام حول آداب المعاشرة مع الآخرين. جمعها المحدّث الكبير الشيخ الحرّ العاملي في كتابه وسائل الشيعة ، ج ٨ ، حيث رتّبها في ١٦٦ بابا.

وملاحظة الجزئيّات الموجودة في هذه الروايات ترشدنا إلى مبلغ اهتمام الإسلام بالآداب الاجتماعية. حيث تتناول هذه الروايات حتّى طريقة الجلوس ،

__________________

(١) روح المعاني ، ج ٢٨ ، ص ٢٦ ، والقرطبي ، ج ٩ ، ص ٦٤٧٠.

(٢) جاءت هذه التعليمات من خلال التسلسل في الآيات التالية : آداب التحيّة والسّلام. النساء / ٨٦ ، آداب الدعوة إلى الطعام. الأحزاب / ٥٣ ، آداب التكلّم مع الرّسول. الحجرات / ٢ ، وآداب التفسّح. في الآيات مورد البحث.

١٣٠

وطريقة التكلّم والابتسامة والمزاح والإطعام ، وطريقة كتابة الرسائل ، بل حتّى طريقة النظر إلى الآخرين ، وقد حدّدت التعليمات المناسبة لكلّ منها ، والحديث المفصّل عن هذه الروايات يخرجنا عن البحث التّفسيري ، إلّا أنّنا نكتفي بحديث واحد عن الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام حيث يقول : «ليجتمع في قلبك الافتقار إلى الناس ، والاستغناء عنهم ، فيكون افتقارك إليهم في لين كلامك وحسن سيرتك ، ويكون استغناؤك عنهم في نزاهة عرضك وبقاء عزّك»(١) .

* * *

__________________

(١) وسائل الشيعة ، ج ٨ ، ص ٤٠١.

١٣١

الآيتان

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢) أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٣) )

سبب النّزول

نقل العلّامة الطبرسي في مجمع البيان وكذلك جمع آخر من المفسّرين أنّ هذه الآية أنزلت في الأغنياء ، وذلك أنّهم كانوا يأتون النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيكثرون مناجاته ـ وهذا العمل بالإضافة إلى أنّه يشغل الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويأخذ من وقته فإنّه كان يسبّب عدم ارتياح المستضعفين منه ، وحيث يشعرهم بامتياز الأغنياء عليهم ـ فأمر سبحانه بـ (الصدقة) عند المناجاة ، فلمّا رأوا ذلك انتهوا عن مناجاته ، فنزلت آية الرخصة التي لامت الأغنياء ونسخت حكم الآية الاولى وسمح للجميع بالمناجاة ،

١٣٢

حيث أنّ النجوى هنا حول عمل الخير وطاعة المعبود(١) .

وصرّح بعض المفسّرين أيضا أنّ هدف البعض من «النجوى» هو الاستعلاء على الآخرين بهذا الأسلوب. وبالرغم من أنّ الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان غير مرتاح لهذا الأسلوب ، إلّا أنّه لم يمنع منه ، حتّى نهاهم القرآن من ذلك(٢) .

التّفسير

الصدقة قبل النجوى (اختبار رائع):

في قسم من الآيات السابقة كان البحث حول موضوع النجوى ، وفي الآيات مورد البحث استمرارا وتكملة لهذا المطلب.

يقول سبحانه :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ) وكما ذكرنا في سبب نزول هذه الآيات ، فإنّ بعض الناس وخاصّة الأغنياء منهم كانوا يزاحمون الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باستمرار ويتناجون معه ولمّا كان هذا العمل يسبّب إزعاجا للرسول بالإضافة إلى كونه هدرا لوقته الثمين ، وفيه ما يشعر بالخصوصية لهؤلاء الذين يناجونه بدون مبرّر لذا نزل الحكم أعلاه ، وكان امتحانا لهم ، ومساعدة للفقراء ، ووسيلة مؤثّرة للحدّ من مضايقة هؤلاء لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ثمّ يضيف بقوله تعالى :( ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ ) .

أمّا كون الصدقة «خير» فإنّها كانت للأغنياء موضع أجر وللفقراء مورد مساعدة ، وأمّا كونها (أطهر) فلأنّها تغسل قلوب الأغنياء من حبّ المال ، وقلوب الفقراء من الغلّ والحقد ، لأنّه عند ما تكون النجوى مقرونة بالصدقة تكون دائرتها أضيق ممّا كانت عليه في الحالة المجانية ، وبالتالي فإنّها نوع من التصحيح

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ٩ ، ص ٢٥٢ ، وكثير من التفاسير الأخرى نهاية الآيات مورد البحث.

(٢) روح المعاني ، ج ٢٨ ، ص ٢٧.

١٣٣

والتهذيب الفكري والاجتماعي للمسلمين.

ولكن لو كان التصدّق قبل النجوى واجبا على الجميع ، فإنّ الفقراء عندئذ سيحرمون من طرح المسائل المهمّة كاحتياجاتهم ومشاكلهم أمام الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلذا جاء في ذيل الآية إسقاط هذا الحكم عن المجموعة المستضعفة ممّا مكّنهم من مناجاة الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والتحدّث معه( فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .

وبهذه الصورة فإنّ دفع الصدقة قبل النجوى كان واجبا على الأغنياء دون غيرهم.

والطريف هنا أنّ للحكم أعلاه تأثيرا عجيبا وامتحانا رائعا أفرزه على صعيد الواقع من قبل المسلمين في ذلك الوقت ، حيث امتنع الجميع من إعطاء الصدقة إلّا شخص واحد ، ذلك هو الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وهنا اتّضح ما كان يجب أن يتّضح ، وأخذ المسلمون درسا في ذلك ، لذا نزلت الآية اللاحقة ونسخت الحكم حيث يقول سبحانه :( أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ ) .

حيث اتّضح أنّ حبّ المال كان في قلوبكم أحبّ من نجواكم للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واتّضح أيضا أنّ هذه النجوى لم تكن تطرح فيها مسائل أساسية ، وإلّا فما المانع من أن تقدّم هذه المجموعة صدقة قبل النجوى ، خاصّة أنّ الآية لم تحدّد مقدار الصدقة فبإمكانهم دفع مبلغ زهيد من المال لحلّ هذه المشكلة!!

ثمّ يضيف تعالى :( فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ ) .

ويعكس لنا التعبير بـ (التوبة) أنّهم في نجواهم السابقة كانوا قد ارتكبوا ذنوبا ، سواء في التظاهر والرياء ، أو أذى الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو أذى المؤمنين الفقراء.

وبالرغم من عدم التصريح بجواز النجوى في هذه الآية بعد هذا الحادث ، إلّا أنّ تعبير الآية يوضّح لنا أنّ الحكم السابق قد رفع.

أمّا الدعوة لإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وإطاعة الله ورسوله فقد أكّد عليها

١٣٤

بسبب أهميّتها ، وكذلك هي إشارة إلى أنّه إذا تناجيتم فيما بعد فيجب أن تكون في خدمة الأهداف الإسلامية الكبرى وفي طريق طاعة الله ورسوله.

* * *

بحوث

١ ـ الملتزم الوحيد بآية الصدقة قبل النجوى

إنّ الشخص الوحيد الذي نفّذ آية الصدقة في النجوى ـ كما في أغلب كتب مفسّري الشيعة وأهل السنّة ـ وعمل بهذه الآية هو الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، كما ينقل ذلك الطبرسي في رواية عنهعليه‌السلام أنّه قال : «آية من كتاب الله لم يعمل بها أحد قبل ولم يعمل بها أحد بعدي ، كان لي دينار فصرفته بعشرة دراهم ، فكنت إذا جئت إلى النبي تصدّقت بدرهم»(١) .

كما نقل هذا المضمون «الشوكاني» عن «عبد الرّزاق» و «ابن المنذر» و «ابن أبي حاتم» و «ابن مردويه»(٢) .

ونقل «الفخر الرازي» هذا الحديث أيضا عن بعض المحدّثين عن ابن عبّاس والعامل الوحيد بمضمون الآية هو الإمام عليعليه‌السلام (٣) .

وجاءت في الدرّ المنثور ـ أيضا ـ روايات متعدّدة بهذا الصدد ، في نهاية تفسير الآيات أعلاه(٤) .

وفي تفسير روح البيان نقل عن عبد الله بن عمر بن الخطاب أنّه قال : «كان لعلي ثلاثة! لو كانت فيّ واحدة منهنّ لكانت أحبّ إليّ من حمر النعم : تزويجه

__________________

(١) تفسير الطبري ، ج ٢٨ ، ص ١٥.

(٢) (البيان في تفسير القرآن) ، ج ١ ، ص ٣٧٥ ، ونقل سيّد قطب أيضا هذه الرواية في ظلال القرآن ، ج ٨ ، ص ٢١.

(٣) تفسير الفخر الرازي ، ج ٢٩ ، ص ٢٧١.

(٤) تفسير الدرّ المنثور ، ج ٦ ، ص ١٨٥.

١٣٥

فاطمة ، وإعطاؤه الراية يوم خيبر وآية النجوى»(١) .

إنّ ثبوت هذه الفضيلة العظيمة للإمام عليعليه‌السلام قد جاء في أغلب كتب التّفسير ، وهي مشهورة بحيث لا حاجة لشرحها أكثر.

٢ ـ فلسفة تشريع ونسخ حكم الصدقة

لما ذا كانت الصدقة قبل النجوى مع الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تشريعية؟ ثمّ لما ذا نسخت بعد فترة وجيزة؟

يمكن الإجابة على هذا التساؤل ـ بصورة جيّدة ـ من خلال القرائن الموجودة في الآية محلّ البحث ومن سبب النزول كذلك.

الهدف هو اختبار الأفراد المدّعين الذين يتظاهرون بحبّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذه الوسيلة ، فاتّضح أنّ إظهار الحبّ هذا إنّما يكون إذا كانت النجوى مجانية ، ولكن عند ما أصبحت النجوى مقترنة بدفع مقدار من المال تركوا نجواهم.

ومضافا إلى ذلك فإنّ هذا الحكم قد ترك تأثيره على المسلمين ، ووضّح حقيقة عدم إشغال وقت الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكذلك القادة الإسلاميين الكبار في النجوى ، إلّا لضرورات العمل الأساسية ، لأنّ ذلك تضييعا للوقت وجلبا لسخط الناس وعدم رضاهم. فكان هذا التشريع في الحقيقة تقنينا للنجوى المستقبلة.

وبناء على هذا فالحكم المذكور كان في البداية مؤقتا ، وبعد ما تحقّق المطلوب نسخ ، لأنّ استمراره سيثير مشكلة ، لأنّ هناك بعض المسائل الضرورية التي تستدعي أن يطّلع عليها النبي على انفراد. ومع بقاء حكم الصدقة فقد تهمل بعض المسائل الضرورية ، وبصورة عامّة ففي موارد النسخ يكون للحكم منذ

__________________

(١) تفسير روح البيان ، ج ٦ ، ص ٤٠٦ ، كما نقل هذا الحديث الطبرسي في مجمع البيان ، والزمخشري في الكشّاف ، والقرطبي في تفسير الجامع وذلك في نهاية الآيات مورد البحث.

١٣٦

البداية جانب محدود ومؤقت بالرغم من أنّ الناس أحيانا لا يعلمون بذلك ويتصوّرونه بصورة دائمة.

٣ ـ هل الالتزام بالصدقة فضيلة؟

ممّا لا شكّ فيه أنّ الإمام عليعليه‌السلام لم يكن من طائفة الأغنياء من أصحاب الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث البساطة في حياته وزهده في عيشه ، ومع هذا الحال واحتراما للحكم الإلهي ، تصدّق في تلك الفترة القصيرة ـ ولمرّات عديدة ، وناجى الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهذه المسألة واضحة ومسلّمة بين المفسّرين وأصحاب الحديث كما أسلفنا.

إلّا أنّ البعض ـ مع قبول هذا الموضوع ـ يصرّون على عدم اعتبار ذلك فضيلة وحجّتهم في ذلك أنّ كبار الصحابة عند ما أحجموا عن هذا العمل فذلك لأنّهم لم تكن لهم حاجة عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أو لم يكن لديهم وقت كاف ، أو أنّهم كانوا يفكّرون بعدم إحراج الفقراء وبناء على هذا فإنّها لا تحسب فضيلة للإمام علي ، أو أنّها لا تسلب فضيلة من الآخرين(١) .

ويبدو أنّهم لم يدقّقوا في متن الآية التالية حيث يقول سبحانه موبّخا :( أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ ) حتّى أنّه سبحانه يعبّر في نهاية الآية بالتوبة ، والتي ظاهرها دالّ على هذا المعنى ، ويتّضح من هذا التعبير أنّ الإقدام على الصدقة والنجوى مع الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانت عملا حسنا ، وإلّا فلا ملامة ولا توبة.

وبدون شكّ فإنّ قسما من أصحاب الرّسول المعروفين قبل هذا الحادث كانت لهم نجوى مع الرّسول (لأنّ الأفراد العاديين والبعيدين قلّما احتاجوا إلى

__________________

(١) الفخر الرازي وروح البيان نهاية الآيات مورد البحث.

١٣٧

مناجاة الرّسول).

إلّا أنّ هؤلاء الصحابة المعروفين بعد حكم الصدقة ، امتنعوا من النجوى ، والشخص الوحيد الذي احترم ونفّذ هذا الحكم هو الإمام عليعليه‌السلام .

وإذا قبلنا ظاهر الآيات والروايات التي نقلت في هذا المجال وفي الكتب الإسلامية المختلفة ولم نقم أهميّة للاحتمالات الضعيفة الواهية فلا بدّ أن نضمّ صوتنا إلى صوت عبد الله بن عمر بن الخطاب الذي جعل هذه الفضيلة بمنزلة تزويج فاطمة ، وإعطاء الراية يوم فتح خيبر ، وأغلى من حمر النعم.

٤ ـ مدّة الحكم ومقدار الصدقة :

وحول مدّة الحكم بوجوب الصدقة قبل النجوى مع الرّسول توجد أقوال مختلفة ، فقد ذكر البعض أنّها ساعة واحدة ، وقال آخرون : إنّها ليلة واحدة ، وذكر البعض أنّها عشرة أيّام ، إلّا أنّ الأقوى هو القول الثالث ، لأنّ الساعة والليلة لا تكفي أبدا لمثل هذا الامتحان ، لأنّ بالإمكان الاعتذار في هذه المدّة القصيرة عن عدم وجود حاجة للنجوى ، إلّا أنّ مدّة عشرة أيّام تستطيع أن توضّح الحقائق وتهيء أرضية للوم المتخلّفين.

أمّا مقدار الصدقة فإنّها لم تذكر في الآية ولا في الروايات الإسلامية ، ولكن المستفاد من عمل الإمام عليعليه‌السلام هو كفاية الدرهم الواحد في ذلك.

* * *

١٣٨

الآيات

( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤) أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٥) اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (١٦) لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١٧) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ (١٨) اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٩) )

١٣٩

التّفسير

حزب الشيطان :

هذه الآيات تفضح قسما من تآمر المنافقين وتعرض صفاتهم للمسلمين ، وذكرها بعد آيات النجوى يوضّح لنا أنّ قسما ممّن ناجوا الرّسول كانوا من المنافقين ، حيث كانوا بهذا العمل يظهرون قربهم للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويتستّرون على مؤامراتهم ، وهذا ما سبّب أن يتعامل القرآن مع هذه الحالة بصورة عامّة.

يقول تعالى في البداية :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ ) .

هؤلاء القوم الذين «غضب الله عليهم» كانوا من اليهود ظاهرا كما عرّفتهم الآية (٦٠) من سورة المائدة بهذا العنوان حيث يقول تعالى :( قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ ) (١) .

مّ يضيف تعالى :( ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ ) فهم ليسوا أعوانكم في المصاعب والمشاكل ، ولا أصدقاءكم وممّن يكنون لكم الودّ والإخلاص ، إنّهم منافقون يغيّرون وجوههم كلّ يوم ويظهرون كلّ لحظة لكم بصورة جديدة.

وطبيعي أنّ هذا التعبير لا يتنافى مع قوله تعالى :( وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ) (٢) ، لأنّ المقصود هناك أنّهم بحكم أعدائكم ، بالرغم من أنّهم في الحقيقة ليسوا منهم.

ويضيف ـ أيضا ـ واستمرارا لهذا الحديث أنّ هؤلاء ومن أجل إثبات وفاءهم لكم فإنّهم يقسمون بالأيمان المغلّظة :( وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) .

وهذه طريقة المنافقين ، فيقومون بتغطية أعمالهم المنفّرة ووجوههم القبيحة بواسطة الأيمان الكاذبة والحلف الباطل ، في الوقت الذي تكون أعمالهم خير كاشف لحقيقتهم.

__________________

(١) المائدة ، الآية ٦٠.

(٢) المائدة ، الآية ٥١.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

٦ ـ إنّ الاصطفاء والاختيار الإلهي إنّما جاء وفقاً للعدالة الإلهية ، ووفقاً لقوله تعالى :( إِنّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ) (١) ، والسبب في ذلك هو أنّ الاصطفاء والاختيار ناشئ من علمه تعالى بحقائق الأشياء ، وأنّ علمه محيط بكل شيء ، فالله تعالى لعلمه السابق بما للمصطفين من قدرة على تحمّل المسؤولية ، وإرادتهم لذلك وانصهارهم في ذات الله تعالى ، اختارهم الله تعالى دون غيرهم من الناس ، وهذا منطق عقلائي يمارسه العقلاء في حياتهم اليومية .

٧ ـ إنّ الذرية من الآباء والأجداد من الأمور التي لها مدخلية وتأثير على شخصية الإنسان ومزاجه ، ولذا شاء الله تعالى أن يجعل هؤلاء الأنبياء والمرسلين والأئمّة المصطفين من ذرّية واحدة ، من أصلاب شامخة وأرحام مطهّرة ، وهذا ما نلمسه من أخبار الطينة الواردة في كتب الفريقين .

وذكرنا أنّ لظاهرة الاختيار والاصطفاء وجعلهم في ذرّية واحدة أبعاداً مهمة لها أثر كبير في حفظ الرسالة ، منها :

البعد التاريخي : حيث نجد أنّ اختيار الله للأوصياء يتركّز على أولئك المقرّبين للأنبياء من أقاربهم أو ذرّياتهم ، أو ممّن يرتبطون بالنبي والرسول ارتباطاً نَسَبيّاً .

البعد الرسالي :وهو ما يترتّب على الذرّية من تحقيق مصالح الرسالة ، وإعداد أفراد صالحين يتحمّلون أعباءها الثقيلة ؛ وذلك لأنّ عمر الرسول يكون أقصر من عمر الرسالة ، فتحتاج لمَن يقوم بأعبائها ومسؤولياتها ، وممّا لا شك فيه أنّ الإعداد الأفضل لا يتم إلاّ في داخل البيت الرسالي ومن الأفراد المقرّبين نَسَبيّاً من صاحب الرسالة .

ـــــــــــــ

(١) الحجرات : ١٣ .

٣٤١

٨ ـ إنّ أهل البيت هم ورثة الأنبياء ، واستدللنا على ذلك بأدلة متعددة .

٩ ـ أثبتنا في الجواب عن هذه الشبهة أعلمية أهل البيتعليهم‌السلام على سائر البشر ، كما في قوله تعالى :( قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ) (١) ، ولا شك أنّ المراد بمَن عنده علم الكتاب هو ( الإمام علي بن أبي طالب ) كما في الروايات الواردة من طرق الفريقين .

١٠ ـ قلنا إنّ حقيقة علم الكتاب عبارة عن سنخ علم خاص ، يمنح لصاحبه القدرة على التصرّف في الكون كما في تصرّف آصف بن برخيا ، حيث تمكّن من نقل عرش بلقيس من اليمن إلى بيت المقدس بأقل من طرفة عين ، مع أنّه لم يكن عنده إلاّ بعض علم الكتاب ، كما هو مقتضى نص الآية المباركة :( قَالَ الّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) (٢) .

١١ ـ بيّنا أيضاً اختصاص أهل البيت عليهم‌السلام بعلم الكتاب ، وهو ما تشير إليه بعض الآيات القرآنية ، كما في قوله تعالى : ( بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيّنَاتٌ فِي صُدُورِ الّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) (٣) ، وقوله تعالى : ( وَنَزّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلّ شَيْ‏ءٍ ) (٤) ، فالقرآن فيه تبيان كل شيء يحمله ثلّة مطهّرة من الأُمّة ، وهم أهل البيتعليهم‌السلام ، كما هو مقتضى حديث الثقلين .

ـــــــــــــ

(١) الرعد : ٤٣ .

(٢) النمل : ٤٠ .

(٣) النحل : ٨٩ .

(٤) العنكبوت : ٤٩ .

٣٤٢

مضافاً لقوله تعالى :( إِنّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لا يَمَسّهُ إِلاّ الْمُطَهّرُونَ ) (١) ، وهذا يدلّنا على حقيقة مهمة وهي أنّ حقيقة وكنه القرآن لا يمكن أن يصلها إلاّ المطهّرون ، وهم أهل البيتعليهم‌السلام كما هو مقتضى جملة وافرة من الروايات .

أهل البيتعليهم‌السلام وعلمهم بالغيب

ذكرنا أنّ المراد بعلم الغيب هو علم خاص بالله تعالى بالأصالة والاستقلال ، ولا مانع من إفاضته على غيره من عباده فيعلمون الغيب بإرادته ومشيئته تعالى ، وهنالك روايات عديدة تشهد على أنّ أهل البيت أخبروا ببعض المغيّبات .

قلنا إنّ الغلو هو مجاوزة الحدّ الذي حدّد الله تعالى ورسوله ، وعلى هذا الأساس فلا يمكن إطلاق الغلو على مَن يعتقد أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل البيت يعلمون الغيب بإذن الله تعالى وتبعاً لإرادته ؛ لأنّه لا يعدّ تجاوزاً لحدود الله تعالى ، بل موافقاً لها طبقاً للآيات والروايات .

هل التعظيم للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته غلو ؟

اتضح أنّ تعظيم الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيتهعليهم‌السلام ليس من الغلو ؛ لأنّ احترام وتعظيم رسول الله وأهل بيتهعليهم‌السلام لا يعدّ تجاوزاً لحدود الله تعالى أبداً ؛ وذلك لأنّه تعالى هو الذي أمرنا بتعظيم رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته بنصّ القرآن الكريم والسنّة الشريفة .

أمّا فلسفة هذا التعظيم ، فهو أنّ الاحترام والتعظيم يعدّ من الأدب مع هذه الثلّة الطاهرة ، وتركه مع أمر الله به يوجب الكفر ، كما هو الحال بالنسبة لإبليس حيث أدّى به استكباره ، وعدم تعظيمه لنبي الله آدمعليه‌السلام ـ بعد الأمر الله بتعظيمه والسجود له ـ إلى حبط أعماله وخروجه من رِبقة الإيمان بالله تعالى .

هذا وقد واجه أهل البيتعليهم‌السلام ظاهرة الغلو بشدّة وقوّة وعبّأوا جهدهم من أجل تقويض أركانه ، معتبرين الغلو أحد أقسام الكفر الذي يجب محاربته ، وفي هذا المقام يوجد عدد وافر من الروايات الواردة عنهمعليهم‌السلام في التشديد والإنكار لهذه الظاهرة .

ـــــــــــــ

(١) الواقعة : ٧٧ ـ ٧٩ .

٣٤٣

ووقف علماء الشيعة موقفاً صارماً من الغلاة ، مستمدّين ذلك من توجيهات أهل البيتعليهم‌السلام في محاربة هذه الظاهرة .

ميزان قبول الأعمال

الشبهة :

الأعمال لا تُقبل إلاّ بولاية أهل البيتعليهم‌السلام .

الجواب :

تمهيد :

من المعالم البارزة في العقيدة الوهابية اتهام الكثير من الطوائف والمذاهب الإسلامية بالشرك والكفر ، وهذا أشهر من نار على علم .

وصاحب الشبهة يريد أن يتهم المذهب الشيعي بذلك الداء العضال الذي ابتلى به المذهب الوهابي ، فيقول : إنّ الشيعة يحكمون بكفر وهلاك جميع المسلمين ؛ لعدم قبول أعمالهم .

مع أنّ كتب علماء الشيعة قد صرّحت بإسلام مَن تشهد الشهادتين ، ولم يحكموا إلاّ بهلاك المبغض لقربى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهم أهل البيتعليهم‌السلام تبعاً للآيات ، والروايات ؛ كما هو مفاد آية المودّة :( قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى )

الولاية في نظر أعلام السنّة

لقد حكم أكثر مفسّري أهل السنّة بأنّ المودّة الواجبة هي عدم البغض مع درجة من درجات الحب ولو أدنى درجاتها ، ومع فقدانها يكون الشخص مجاهراً بالرد على الله ورسوله ، وهذا أيضاً ما يؤكّده حديث الثقلين المتواتر ، ولذا فإنّ جميع المسلمين هم من المحبّين لأهل البيتعليهم‌السلام ، وهذه هي أدنى درجات الولاية ، التي تحفظ للمسلم هويّته الإسلامية ، وترفع عنه حتمية الهلاك ، بخلاف المبغض الذي نصّت الروايات الكثيرة على هلاكه .

٣٤٤

قبول الأعمال بالولاية

أمّا الحقّانيّة والمقبولية التامّة للأعمال بالولاية ، فهو حالة طبيعية ومنهجية يستدعيها نفس تعدد المذاهب ، وكون هذا المذهب في قِبال مذهب آخر ، وهذا ما يقرّه علم المناهج قديماً وحديثاً ، فصاحب كل منهج وعقيدة يرى أنّ النتائج الصحيحة والمقبولة لابد أن تكون ضمن بوتقة المنهج العقيدي والرؤية الكونية التي يرى أنّها هي الحق ، فالمنظومة الاعتقادية الصحيحة هي التي تحتوي على أُسس وضروريات الاعتقاد ، وهي الكلم الطيب الذي يرتفع بالعمل وتكون الأعمال مقبولة بسببه ، وإلاّ فما هو سبب تعدد المذاهب الاعتقادية ؟ !! .

وهذا هو مضمون ما جاء متواتراً عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من افتراق أُمّته على ثلاث وسبعين فرقة واحدة منها هي المحقّة(١) ، وقد جاء في صحيح مسلم :

ـــــــــــــ

(١) تفسير ابن كثير ، ابن كثير : ج١ ص٣٥٤ وج٢ ص١٤٨ وص٤٨٢ ؛ راجع تفسير القرطبي ، القرطبي : ج٢ ص٩ ، ج٤ ص١٦٠ ، ج٧ ص١٤١ ، ج١٢ ص١٢٩ ؛ المستدرك ، الحاكم النيسابوري : ج١ ص٦ وص١٢٨ ؛ المستدرك على الصحيحين : ج١ ص١٢٨ ، وج٥ ص٨٣٢ قال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، وسنن الدارمي : ج٢ ص٣١٤ ، ج٨ ص٢٥١ ، وكتاب الأحاديث المختارة : ج٧ ص٩٠ ح٢٤٩٩ وح٢٥٠٠ وعبّر عن الأول بأنّ إسناده صحيح ، وعن الثاني أنّ إسناده حسن ، ومجمع الزوائد : ج١ ص١٨٩ وقال : إنّ رواته رواة الصحيح إلاّ واحد وقد وثّقه ؛ مصباح الزجاجة : ج٤ ص١٨٠ ، وسنن البيهقي ج١٠ ص٢٠٨ ، وسنن أبي داود ج٢ ص٣٩٠ ح٤٥٩٦ و٤٥٩٧ باب شرح السنّة ؛ مسند أحمد : ج٤ ص١٠٢ ، ومسند أبي يعلى ، أبو يعلى الموصلي : ج١٠ ص٣١٧ وص٥٠٢ ، ومسند الشامين ، الطبراني : ج٢ ص١٠٨ ؛ افتراق الأمة ، محمد بن إسماعيل الصنعاني : ص٤٨ ؛ المعجم الكبير ، ج٨ ص٢٧٣ وج١٨ ص٥١ وص٧٠ ؛ سنن الترمذي ، الترمذي : ج٤ ص١٣٤ ـ ١٣٥ ح٢٧٧٨ ح٢٧٧٩ باب افتراق هذه الأمة .

٣٤٥

 ( عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يكون في أُمّتي فرقتان فيخرج من بينهما مارقة يلي قتلهم أولاهم بالحق )(١) .

ونحن نعتقد أنّ الولاية الكاملة والحقّة ، التي أمر الله تعالى ورسوله بها ، من حب وطاعة وتسليم وانقياد ، هي ميزان قبول الأعمال بنحو الاستحقاق .

والولاية في أدنى درجاتها وهي المحبّة فقط ، وعدم البغض موجودة عند جميع المسلمين ، وأمّا من كان مبغضاً لأهل البيتعليهم‌السلام فلا يمكن الحكم بإسلامه لرفضه وردّه لصريح القرآن ، وتلك الولاية مقبولة بمقدار أن تحفظ للشخص إسلامه وتنجيه من حتمية الهلاك في النار ، ولابد أن لا يرتجى منها أن ترتقي إلى مستوى المقبولية التامة الناتجة عن الولاية الكاملة والصحيحة التي هي جزء من الأصول الاعتقادية بحسب اعتقادنا .

وهذا هو معنى ما جاء في بعض الروايات كما في الخصال ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام عن جده عن عليعليه‌السلام قال :( إن للجنّة ثمانية أبواب باب يدخل منه النبيّون والصدّيقون ، وباب يدخل منه الشهداء والصالحون ، وخمسة أبواب يدخل منها شيعتنا ومحبّونا ، فلا أزال واقفاً على الصراط أدعو وأقول : ربّ سلّم شيعتي ومحبيّ وأنصاري ومن تولاّني في دار الدنيا ، فإذا النداء من بطنان العرش ، قد أُجيبت دعوتك وشفّعّت في شيعتك ، ويشفع كل رجل من شيعتي ومَن تولاّني ونصرني وحارب مَن حاربني بفعل أو

ـــــــــــــ

(١) صحيح مسلم ، النيسابوري : ج٣ ص١١٣ .

٣٤٦

قول في سبعين ألفاً من جيرانه وأقربائه ، وباب يدخل منه سائر المسلمين ممّن شهد أن لا إله إلاّ الله ، ولم يكن في قلبه مقدار ذرّة من بغضنا أهل البيت ) (١) .

إذن ، كما للولاية مراتب ودرجات أدناها الحب وعدم البغض ، كذلك قبول الأعمال له مراتب مختلفة بحسب اختلاف درجات الولاية ، فعامّة المسلمين الذين يحبّون أهل البيتعليهم‌السلام بمقتضى صريح آية المودّة ولا يبغضونهم ، لهم درجة من الولاية ودرجة من المقبولية ، وأدنى درجات المقبولية كونهم مسلمين وغير محكوم عليهم بحتمية الهلاك الأبدي في النار بخلاف المبغض والمحارب الذي جزمت الروايات بخروجه عن رِبقة الإسلام ، وهلاكه الأبدي .

روايات الولاية في الكتب السنّيّة

وقد جاء ذلك أيضاً في مجامع أحاديث أهل السنّة :

١ ـ أخرج الحاكم في المستدرك ، وابن حبان في صحيحه : عن عطية عن أبي سعيد قال : قتل قتيل بالمدينة على عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصعد المنبر خطيباً ، وقال : ( والذي نفس محمد بيده لا يبغضنا أهل البيت أحد إلاّ أكبّه الله عزّ وجلّ بالنار على وجهه ، رواه جماعة عن إسحاق ) (٢) ، قال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي في التلخيص .

ـــــــــــــ

(١) الخصال : الشيخ الصدوق : ص٤٠٨ .

(٢) المستدرك ، الحاكم النيسابوري : ج٤ ص٣٥٢ ؛ ونحوه صحيح بن حبان ، ابن حبان : ج١٥ ص٤٣٥ ؛ شواهد التنزيل ، الحاكم الحسكاني : ج١ ص٥٤٩ وص٥٥٠ ، ونحوه ترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام من تاريخ دمشق ، ابن عساكر : ج١ ص١٤٩ ح١٨٣ ـ ط٢ وقد نقل روايات كثيرة بذلك المضمون فراجع .

٣٤٧

٢ ـ وأخرج الحاكم الحسكاني وغيره : عن أبي الزبير عن جابر قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( يا علي لو أنّ أُمّتي صاموا حتى صاروا كالأوتاد وصلّوا حتى صاروا كالحنايا ، ثمّ أبغضوك لأكبّهم الله على مناخرهم في النار ) . رواه جماعة من أصحابنا عن عثمان(١) .

٣ ـ وأيضاً عن جابر بن عبد الله وأنس بن مالك قالا : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( يا علي لو أنّ أُمّتي أبغضوك لأكبّهم الله على مناخرهم في النار ) (٢) .

٤ ـ وأيضاً عن أبي أمامة الباهلي ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( إنّ الله خلق الأنبياء من شجرٍ شتّى وخلقني وعليّ من شجرة واحدة ، فأنا أصلها ، وعلي فرعها ، والحسن والحسين ثمارها ، وأشياعنا أوراقها ، فمَن تعلّق بغصن من أغصانها نجا ، ومَن زاغ هوى ، ولو أنّ عابداً عبد الله ألف عام ، ثم ألف عام ، ثم ألف عام ، ثم لم يدرك محبتنا أهل البيت أكبّه الله على منخريه في النار ، ثم تلا( قُل لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدّةَ فِي الْقُرْبَى ) ) (٣) .

وهذه الروايات من طرقنا صحيحة ومتواترة ونؤمن بمضمونها ، هذا بالنسبة للمبغض .

ـــــــــــــ

(١) شواهد التنزيل ، الحاكم الحسكاني : ج١ ص٥٥٠ ؛ ونحوه ترجمة الإمام علي من تاريخ مدينة دمشق ، ابن عساكر : ج١ ص١٥٠ ح١٨٤.

(٢) شواهد التنزيل ، الحاكم الحسكاني : ج١ ص٥٥١ .

(٣) المصدر نفسه : ج١ ص٥٥٤ ، والآية ٢٣ من سورة الشورى .

٣٤٨

رأي علماء الشيعة في قبول الأعمال

أمّا المحب غير المبغض لأهل البيتعليهم‌السلام ، فله درجة من المقبولية ، لكنّها لا تصل إلى حد ودرجة مقبولية الشيعي المتولّي الناصر لأهل البيتعليهم‌السلام ؛ وهذا هو مقتضى اعتقادنا بحقّانية مذهبنا ، وأنّ الولاية فيه معنى التولّي والنصرة والطاعة والاتّباع والتسليم لهمعليهم‌السلام ، وعلى طبق ذلك حكم محدّثونا وفقهاؤنا ومتكلّمونا .

قال المجلسيرحمه‌الله في البحار : ( وأمّا غير الشيعة الإمامية من المخالفين وسائر فرق الشيعة ممّن لم ينكر شيئاً من ضروريات دين الإسلام ، فهم فرقتان : إحداهما المتعصّبون المعاندون منهم ممّن قد تمّت عليهم الحجّة ، فهم في النار خالدون ، والأخرى المستضعفون منهم وهم الضعفاء العقول مثل النساء العاجزات ، والبُلّه وأمثالهم ومَن لم يتم عليه الحجّة ممّن يموت في زمان الفترة ، أو كان في موضع لم يأت إليه خبر الحجّة فهم المرجون لأمر الله ، إمّا يعذبهم وإمّا يتوب عليهم ، فيرجى لهم النجاة من النار )(١) وليس هذا إلاّ لدرجة من المقبولية لعدم البغض والعناد .

وذكر مراجعنا في كتبهم الفقهية : أنّ الإسلام هو الإقرار بوحدانية الله تعالى ونبوّة محمد وبما جاء به من عند الله تعالى ، فالكافر هو الذي لا يتديّن بذلك ، إمّا لعدم اعتقاده بدين أصلاً أو لتديّنه بدين غير الإسلام بالمعنى المذكور ، وأنّ إنكار الضروري من الدين إن رجع إلى عدم الإقرار به بعد العلم بإنزاله من قِبل الله تعالى أو إلى تكذيب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في

ـــــــــــــ

(١) بحار الأنوار ، المجلسي : ج٨ ص٣٦٣ .

٣٤٩

تبليغه به بعد العلم بتبليغه له كان موجباً للكفر ، وإن رجع إلى عدم العلم بثبوته في الدين أو تبليغ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يوجب الكفر ، كما إذا نشأ من الجهل بتحريمه ، أو من شبهة اعتقد معها عدم التحريم(١) .

وقال الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء : فمَن اعتقد بالإمامة بالمعنى الذي ذكرناه فهو عندهم مؤمن بالمعنى الأخص وإذا اقتصر على ترك الأركان الأربعة فهو مسلم ، ومؤمن بالمعنى الأعم وتترتّب عليه جميع أحكام الإسلام من حرمة دمه وماله وعرضه ووجوب حفظه وحرمة غيبته ، وغير ذلك ، لا أنّه بعدم الاعتقاد يخرج عن كونه مسلماً ـ معاذ الله ـ نعم يظهر أثر التدين في منازل القرب والكرامة يوم القيامة ، أمّا في الدنيا فالمسلمون بأجمعهم سواء ، وبعضهم لبعض أكفاء ، وأمّا في الآخرة فلا شك أنّ المسلمين تتفاوت درجاتهم ومنازلهم ، حسب نيّاتهم وأعمالهم ، وأمر ذلك وعلمه إلى الله سبحانه ، ولا مسوّغ للبت به لأحد من الخلق(٢) .

والحاصل : هو تفاوت الولاية ودرجاتها وتفاوت المقبولية ودرجاتها إلاّ المبغضين المعاندين فهم لا خلاق لهم ، ولا يقام لهم يوم القيامة وزن ، وفي النار هم خالدون .

ولا تعجب من ذلك فإنّ هذا مقتضى تعدّد المذاهب واعتقاد الحقانية في واحد منها ؛ ولذا حكم البعض بكفر الشيعة الاثني عشرية ؛ لأنّهم لا يقدّمون الشيخين ، فضلاً عمّن يبغضهما ، كما جاء ذلك في صحيح سنن

ـــــــــــــ

(١) راجع كتبنا الفقهية في هذا المجال .

(٢) انظر : أصل الشيعة وأُصولها ، الشيخ كاشف الغطاء : ص٩٩ .

٣٥٠

أبي داود بتعليق الألباني (عن سفيان قال : مَن زعم أنّ عليّاً كان أحق بالولاية منهما فقد خطّأ أبا بكر وعمر والمهاجرين والأنصار ، ولا أراه يرتفع له مع هذا عمل إلى السماء ) ، وقد صحّحه الألباني(١) .

فالمذهب الحق له الدرجات العالية من المقبولية ، والمذاهب الباطلة بحسب اعتقادنا على فرقتين كما ذكر المجلسي ، منهم مَن هو إلى جهنّم وبئس المصير ، ومنهم مَن يرجى لهم النجاة من النار ، وهذه درجة من المقبولية ، كما أسلفنا ، وهذا شيء وحقّانية المذهب شيء آخر .

فالشيعة إذن يقولون بإسلام جميع الطوائف إلاّ النواصب مع أنّ الوهّابية كفّروا الشيعة لكونهم شيعة !!

الخلاصة

١ ـ اعتماداً على القرآن وروايات نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يتبيّن أنّ الولاية لأهل البيتعليهم‌السلام واجبة على الجميع ، وأدنى درجاتها هي المحبّة .

٢ ـ صرّحت الروايات المتواترة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأنّ مبغض أهل البيتعليهم‌السلام من الهالكين ، ويكبّه الله على وجهه في نار جهنّم .

٣ ـ أمّا الذي ليس في قلبه ذرّة من بغض أهل البيتعليهم‌السلام ، وكان في قلبه درجة من درجات الولاية والمحبّة لأهل البيتعليهم‌السلام ، ولم يكن على المذهب الحق فهو المرجى لأمر الله تعالى .

ـــــــــــــ

(١) سنن أبي داود ، أبي داود : ج٣ ص١٢٦ .

٣٥١

الفهرست

مقدّمة الكتاب.. ٣

منهج البحث.. ٧

خطّة البحث.. ٧

الفصل الأوّل: هل الإمامة جعل إلهي ؟ ١١

الشبهة : ١١

الجواب : ١١

الإمامة جعل وعهد إلهي : ١٢

الإمامة غير النبوّة : ١٣

أهمّيّة الإمامة واستمرارها : ١٤

عصمة الإمام ١٦

دور الإمام في الأمة : ١٧

أقوال علماء السنّة في حق أهل البيت عليهم‌السلام.... ٢٠

الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام.... ٢٠

الإمام الحسن والإمام الحسين عليهما‌السلام..... ٢٠

الإمام زين العابدين عليه‌السلام : ٢٢

الإمام الباقر عليه‌السلام : ٢٤

الإمام الصادق عليه‌السلام : ٢٧

الإمام الكاظم عليه‌السلام : ٣٠

الإمام الرضا عليه‌السلام : ٣٢

الإمام الجواد عليه‌السلام : ٣٣

الإمام الهادي عليه‌السلام : ٣٤

الإمام العسكري عليه‌السلام : ٣٧

تراث زاخر ٤٠

الخلاصة ٤١

٣٥٢

الإمامة في القرآن. ٤٣

الشبهة : ٤٣

الجواب : ٤٣

أوّلاً : القرآن ينصّ على الإمامة ٤٥

ثانياً : السنّة النبويّة تنصّ على الإمامة ٤٩

الخلاصة ٥٠

آية الولاية لا تختصّ بعلي عليه‌السلام.... ٥١

الشبهة : ٥١

الجواب : ٥١

أولاً : كثرة استعمال الجمع وإرادة المفرد في القرآن. ٥١

ثانيا : استعمال الجمع وإرادة المفرد سائغ في لغة العرب.. ٥٣

ثالثاً : الاعتراض المذكور يتنافى مع الروايات المتواترة ٥٣

رابعاً : الاعتراض غريب لهم يعهد من الصحابة ولا من التابعين. ٥٨

خامساً : جواب الزمخشري. ٥٨

الخلاصة ٥٩

آية الولاية لا تعني الأولى بالتصرّف.. ٦٠

الشبهة : ٦٠

الجواب : ٦٠

الاستدلال على المستوى اللغوي : ٦٠

الاستدلال على المستوى القرآني : ٦١

الاستدلال على المستوى الروائي : ٦٣

كيف تستدلّ الشيعة بشأن النزول ؟ ٦٧

الشبهة : ٦٧

الجواب : ٦٧

الخلاصة ٦٨

٣٥٣

المعروف أنّ عليّاً فقير فكيف يتصدّق ؟ ٦٨

الشبهة : ٦٨

الجواب : ٦٨

الخلاصة ٧٠

آية البلاغ تدلّ على أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يبلّغ سابقاً ٧٠

الشبهة : ٧٠

الجواب : ٧٠

الخلاصة ٧٤

لا وجود لاسم علي في القرآن. ٧٥

الشبهة : ٧٥

تمهيد: ٧٦

الأُولى : القرآن تبيان لكل شيء ٧٦

الثانية : يجب اتباع ما أمر به الله ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم..... ٧٧

الجواب : ٨٠

أوّلاً : عدم ذكر الاسم لحكمة إلهيّة ٨٠

ثالثا : ذكر الوصف أبلغ في التأثير من ذكر الاسم. ٨١

رابعاً : ذكر علي في القرآن يدعو البعض لانتحال اسمه ٨٢

خامساً : لو ذُكر اسم علي لحذفه المنافقون. ٨٢

سادساً : ذكر الاسم لا يعني حسم النزاع. ٨٣

سابعاً : ذكر الاسم في القرآن داعية لاتهام الشيعة ٨٣

ثامناً : لا ينبغي التشكيك في إمامة علي عليه‌السلام.... ٨٤

الخلاصة ٨٤

آية التطهير لا تختصّ بأئمّة الشيعة ٨٦

الشبهة : ٨٦

الجواب : ٨٦

٣٥٤

الخلاصة ٩٦

الفصل الثاني: حديث الخلفاء الاثني عشر في كتب أهل السنّة ٩٧

مدخل. ٩٧

حديث الخلفاء الاثني عشر في كتب أهل السنّة ٩٩

الشبهة المطروحة حول الحديث.. ٩٩

وفي مقام الجواب عن هذه الشبهة نقول : ٩٩

حديث الاثني عشر في كتب أهل السنّة : ١٠٠

مَن هم الخلفاء الاثنا عشر ؟ ١٠٤

محاولات أهل السنّة في تفسير حديث الخلفاء ١٠٥

المحاولة الأُولى : لابن العربي. ١٠٥

المحاولة الثانية : لابن المهلب.. ١٠٦

المحاولة الثالثة : للسيوطي. ١٠٦

المحاولة الرابعة : لأبي الحسين ابن المنادي. ١٠٧

المحاولة الخامسة : للقاضي عياض.. ١٠٧

المحاولة السادسة : لابن الجوزي. ١٠٧

المحاولة السابعة : للبيهقي. ١٠٨

التفسير الواقعي لحديث الاثني عشر ١٠٩

جملة من الشواهد على المراد الواقعي. ١١٠

الأُمّة لم تجتمع على أهل البيت عليهم‌السلام.... ١٣١

الخلاصة ١٣٢

الفصل الثالث: غيبة الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشّريف) ١٣٤

الشبهة : ١٣٤

الجواب : ١٣٤

تمهيد : ١٣٤

هوية الغيبة ١٤١

٣٥٥

دوام الإمامة واستمرارها لطف إلهي. ١٤١

لو لا الحجّة لساخت الأرض بأهلها ١٤٣

الغيبة لطف إلهي. ١٤٥

حقيقة الغيبة : خفاء الهوية والعنوان لإخفاء الشخصية ١٤٦

ما الفائدة من الإمام الغائب ؟ ١٤٨

إدارة الإمام (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) في زمن الغيبة ١٤٩

وجه التشابه بين الخضر عليه‌السلام والإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) ١٥٢

قصّة الخضر ١٥٣

خصائص الحكم الإلهي. ١٥٦

دور الإمام (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) في درء الفساد ١٦١

خلفيات وفوائد أُخرى للغيبة ١٦٤

أوّلاً : حفظ شخصية الإمام (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) ١٦٤

ثانياً : التمحيص.. ١٦٨

ثالثاً : انكشاف عجز وبطلان الأطروحات الأخرى. ١٧٥

رابعاً : تجلّي مفهوم الانتظار في أحضان الغيبة ١٧٦

خامساً : عدم انقطاع سلسلة حجج الله في الأرض.. ١٧٩

سادساً : لكي لا تكون في عنقه بيعة لظالم. ١٨٠

سابعاً : الغيبة سرٌّ الهي. ١٨٣

دعوى المهدوية والسفارة ١٨٦

مدّعي المهدوية والسفارة في التاريخ الإسلامي. ١٨٦

الدليل على بطلان دعوى المهدوية والسفارة في عصر الغيبة الكبرى. ١٨٨

الفهم الصحيح لعلامات الظهور ١٩٠

الخلاصة ١٩١

الفصل الرابع: بطلان دعوى النص على خلافة أبي بكر ١٩٣

٣٥٦

الشبهة : ١٩٣

الجواب : ١٩٣

أوّلاً : الروايات الصحيحة وأقوال الصحابة الصريحة الدالة على عدم النص على أبي بكر : ١٩٣

ثانياً : إنكار علماء السنّة وجود نص دال على خلافة أبي بكر منها : ١٩٥

ثالثاً : الشواهد القطعية على عدم النص على أبي بكر ، منها : ١٩٨

رابعاً : معالم تحرك الحزب القرشي : ٢٠٤

خامساً : سياسات السلطة الحاكمة يكشف عن عدم الشرعية ٢١٦

الخلاصة ٢٢١

الفصل الخامس: عصيان الصحابة ٢٢٤

الشبهة : ٢٢٤

الجواب : ٢٢٤

خلفيات عدول بعض الصحابة عن وصيّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم..... ٢٢٧

أوّلاً : الحرص على كرسي الزعامة ٢٢٧

ثانياً : دور المنافقين والذين في قلوبهم مرض.. ٢٢٨

ثالثاً : التنافس والنزاع بين القبائل. ٢٢٨

رابعاً : التناحر والتحاسد بين المهاجرين والأنصار ٢٣٢

خامساً : سياسة الإرهاب في السقيفة ٢٣٣

سادساً : مخالفات الصحابة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم..... ٢٣٤

١ ـ عصيان أوامر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم..... ٢٣٤

٢ ـ الفرار في معركة أحد. ٢٣٦

٣ ـ الفرار في يوم حنين. ٢٣٦

٤ ـ اعتراض الأصحاب على الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الحديبية ٢٣٧

٥ ـ الإشفاق من التصدّق. ٢٣٨

٦ ـ عدم إنفاذ جيش أسامة ٢٣٩

٧ ـ الارتداد والانقلاب على الأعقاب.. ٢٣٩

٣٥٧

الخلاصة ٢٤٣

الفصل السادس: العصمة والغلو ٢٤٥

الشبهة : ٢٤٥

الجواب : ٢٤٥

منشأ العصمة : ٢٤٦

الدليل العقلي على عصمة أهل البيت عليهم‌السلام.... ٢٥٠

الأدلة القرآنية على عصمة الأئمّة عليهم‌السلام.... ٢٥١

بيان الاستدلال : ٢٥١

والجواب عن ذلك بالبيان التالي : ٢٥٢

الأدلة الروائيّة ٢٥٧

أوّلاً : حديث الثقلين. ٢٥٧

دلالة الحديث على عصمة أهل البيت عليهم‌السلام.... ٢٥٨

ثانياً : النص على العصمة والطهارة ٢٥٨

ثالثاً : طاعتهم طاعة لله ولرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم..... ٢٥٩

الخلاصة ٢٦٠

منشأ العصمة ٢٦٠

الدليل العقلي على عصمة أهل البيت عليهم‌السلام.... ٢٦١

الأدلة القرآنية على عصمة الأئمّة عليهم‌السلام.... ٢٦١

الأدلة الروائية على عصمة أهل البيت عليهم‌السلام.... ٢٦١

مقام الوصي. ٢٦٢

الشبهة : ٢٦٢

الجواب : ٢٦٢

أقوال علماء الشيعة ٢٦٤

الوحي انقطع بموت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم..... ٢٦٦

أقسام الوحي. ٢٦٧

٣٥٨

الخلاصة ٢٧٠

تأليه الإمام عند الشيعة ٢٧١

الشبهة : ٢٧١

الجواب : ٢٧١

مواقف علمائنا من الغلاة ٢٧٣

الخلاصة ٢٧٩

الولاية عند الشيعة أهمّ من التوحيد. ٢٨١

الشبهة : ٢٨١

الجواب : ٢٨١

أوّلاً : التوحيد أساس الدين. ٢٨١

ثانياً : ترابط أُصول الدين. ٢٨٣

ثالثاً : الولاية فرع التوحيد. ٢٨٤

الخلاصة ٢٨٥

علم أهل البيت عليهم‌السلام بالغيب غلو ٢٨٦

الشبهة : ٢٨٦

تمهيد : ٢٨٦

علم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم..... ٢٨٦

والسؤال هو : ما هي حقيقة وجوهر علم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ ٢٨٧

أفضلية نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على سائر الأنبياء ٢٨٨

الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعلم الأنبياء على الإطلاق. ٢٩١

الأنبياء يعلمون الغيب.. ٢٩٢

شواهد من علم الأنبياء بالغيب.. ٢٩٣

إخبار نبيّنا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالغيب.. ٢٩٤

علم أهل البيت عليهم‌السلام.... ٢٩٥

الدليل العقلي على علم الإمام ٢٩٦

٣٥٩

الأدلة القرآنية على علم الإمام ٢٩٨

دعوة النبي إبراهيم لذرّيته ٢٩٨

الإمامة في الذرّية سنّة قرآنية ٣٠٠

ما هو الاصطفاء ؟ ٣٠١

الاصطفاء والعدالة الإلهية ٣٠٢

الذرية الصالحة للأنبياء عناية إلهية ٣٠٣

تقلّبهم في الأرحام المطهّرة ٣٠٤

أبعاد أُخرى. ٣٠٤

أوّلاً : البعد التاريخي. ٣٠٥

ثانياً : البعد الرسالي. ٣٠٥

ما هي حقيقة وراثة الأنبياء ؟ ٣٠٦

أهل البيت عليهم‌السلام ورثة الأنبياء ٣٠٧

١ ـ الإمام علي وذرّيته عليهم‌السلام وارثو رسول الله. ٣٠٧

٢ ـ الأنبياء يقرّون بولاية على وذرّيته عليهم‌السلام.... ٣٠٩

٣ ـ أهل البيت عليهم‌السلام ورثة الكتاب.. ٣٠٩

أعلميّة أهل البيت في القرآن الكريم. ٣١١

حقيقة علم الكتاب.. ٣١٢

حدود علم الكتاب.. ٣١٣

مَن الذي عنده علم الكتاب ؟ ٣١٤

الإمام علي عليه‌السلام أحصى علم كلّ شيء ٣١٤

اختصاص أهل البيت عليهم‌السلام بعلم الكتاب.. ٣١٦

مَن هم المطهّرون ؟ ٣١٩

الروايات الخاصة في علم أهل البيت عليهم‌السلام.... ٣٢٢

١ ـ علم الأنبياء عند أهل البيت عليهم‌السلام : ٣٢٢

٢ ـ علم الكتاب كلّه عند أهل البيت عليهم‌السلام : ٣٢٢

٣٦٠

361