رسالة المحقق الكركي الجزء ١

رسالة المحقق الكركي16%

رسالة المحقق الكركي مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 230

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 230 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 44383 / تحميل: 5487
الحجم الحجم الحجم
رسالة المحقق الكركي

رسالة المحقق الكركي الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

والايمان، والنذور، والعهود، والحجر، والشفعة، والحكم.ومعلوم أن الحجر للسفه والفلس وغيرهما ضرب من الحكم، وليس الاقرار من الايقاعات، لانه، أخبار، والمفهوم من الايقاعات كونها انشاآت.

اما البيع: فاقسامه باعتبار القد والنسيئة في الثمن والمثمن أربعة، وباعتبار وجوب مساواة الثمن للمثمن وعدمه قسمان، فهذه عشرة أقسام، بعد التأمل لها يعلم أن فيها تداخلا.وهذه هي النقد، والنسيئة، والسلف، وبيع الكالئ، وبيع المرابحة، والمواضعة والتولية، والمساومة، وبيع الربوي، وغيره، ومن ذلك الصرف.وينقسم البيع باعتبارات أخر إلى أقسام منها: بيع الغرر، ومنه بيع الملاقيح والمضامين، وبيع الحصاة، والمنابذة، والملامسة، وغير ذلك.والبيع المعلق على شرط أو صفة، وبيع الشرط، ومنه بيع خيار الشرط الذي منه: بيع المؤامرة، والبيع المشتمل على اشتراط رد الثمن أو مثله في مدة معلومة واسترجاع المبيع.وبيع البراء‌ة من عيب معين، أو عيوب معينة، أو سائر العيوب.وبيع الثمرة قبل ظهورها عاما أو أزيد مع الضميمة وبدونها، وبيعها بعد الظهور قبل بدو الصلاح، وبيع المزابنة، والمحاقلة، وبيع العربة، وبيع الرطبة، والتقبيل للشريك.واعلم أنه لابد في كل عقد لازم ولو من أحد الطرفين من وقوعه باللفظ الصحيح الشرعي العربي، فلا يقع بغيره، الا اذا لم يعلم المتعاقدان أو أحدهما ذلك، ويشق تعلمه عادة.ولابد من وقوع الايجاب والقول بلفظ الماضى، وتقديم الايجاب على أصح القولين، وفورية القبول بحيث لا يتخلل كلام أجنبي، ولا سكوت طويل في العادة.

١٢١

ولا يضر التنفس والسعال، ونحو ذلك، بخلاف العقود الجائزة.ويشترط ايقاعها بالالفاظ الصريحة في بابها، فلا يقع البيع بلفظ الاجاره، والنكاح، وبالعكس، فان صراحة كل من هذه الالفاظ في غير بابها منتفية.ويشترط في الايقاعات أيضا وقوعها باللفظ الصحيح العربي مع الامكان، ويشترط صراحته في بابه أيضا، فلو أوقع البيع بغير ما قلناه وعلم التراضي منهما كان معاطاة، لا يلزم الا بذهاب أحد العينين، وكذا القول في الاجارة ونحوها، بخلاف النكاح والطلاق ونحوهما فلا تقع أصلا.

فائدة:

تكفي اشارة الاخرس الدالة على ارادة صيغ العقود والايقاعات، ويترتب، عليها أثرها، وكذا العاجز عن النطق لمرض أو نحوه.

فصل النقد:

هو بيع الحال بالحال، سواء كان معه شرط أم لا، وسواء كان الشرط خيارا أو سقوط خيار.

وصيغته: بعتك، أو اشترينك، أو ملكنك هذا المتاع المعين الموصوف الفلاني بعشرة دراهم، أو بهذه العشرة الدراهم، أو بهذا الثوب، أو بثوب صفته كذا.فيقول: قبلت، أو ابتعت، أو شريت، أو اشتريت، أو تملكت، ونحو ذلك.ولابد في الموصوف ثمنا أو مثمنا من وصفه بصفات السلم، ولو كان عينا غائبة كالدابة الفلانية ولم يكن رآها الاخر، فلابد من ذكر أوصافها الموجبة لرفع الجهالة عنها.ومتى كان أحد المتعاقدين وكيلا جاز التصريح في الايجاب والقبول بذلك فيقول: بعتك بالوكالة عن فلان، ويقول الاخر في القبول لموكله: قبلت لموكلي فلان ولو لم يصرح أحدهما بالوكاله كفى القصد، لكن لا يعلم ظاهرا وقوعه

١٢٢

عن الموكل أوله الا باخبار القاصد، ولا يفيد ذلك تحمل الشاهد الاعلى اقرار المقر.ولو أراد شرط شئ كتأجيل دين حال، أو رهن بدين، أو ضمين قال: بعتك هذا بكذا وشرطت عليك تأجيل دينك الفلاني إلى سنة، أو شرطت رهن كذا بدين كذا، أو تضمين فلان كذا، أو شرطت سقوط خيار الغبن، أو خيار الرؤية كذلك، أو شرطت لنفسي الخيار مدة سنة، أو لك، أولي ولك، أو بعتك بشرط استئمان زيد إلى سنة مثلا، أو بشرط اني متى رددت الثمن أو مثله إلى سنة استرجع المبيع، ونحو ذلك.أو بشرط البراء‌ة من عيب كذا وكذا، أو بالبراء‌ة من جميع العيوب على أصح القولين، أو بعتك ثمرة البستان الفلاني، الموجودة بكذا، أو منضمة إلى ثمرة سنتين مثلا أو منضمة إلى الشئ الفلاني، أو بعتك بهذه الاشجار وثمرتها، فانه يصح في هذه وأن لم يكن قد ظهرت، كما لو باع حاملا وضم اليها الحمل.ولو خرص العرية بتغار مثلا قال: بعتك ثمرة هذه النخلة بتغار تمر موصوف بصفات كذا، وذكر صفات السلم وان كان الثمن مضموما، والا أشار إلى معين.

فصل بيع النسيئة:

هو بيع عين أو مضمون في الذمة حالا بثمن مؤجل، وصيغته: بعتك هذا المبيع بعشرة دراهم وأجلتك في الثمن إلى شهر وكل ما سبق من الشروط والاصالة والوكالة آت هنا، ولا ريب انه يشترط في الاجل هنا وفي كل موضع يذكر كونه محروسا عن احتمال الزيادة والنقصان، لكونه معين في حد ذاته.فلا يصح التأجيل بادراك الغلات، وقدوم المسافرين، ونحو ذلك.

فصل بيع السلف:

هو بيع موصوف في الذمة إلى أجل بثمن حال معين أو مضمون، وهو مقابل النسيئة ويشرط ذكر الصفات التي لها دخل في تفاوت القيمة بسبب تفاوت

١٢٣

الرغبات، وقد ذكر الفقهاء لكل نوع من الانواع التي يكثر دورانها ويجوز فيها السلم صفاتا مخصوصة على طريق التدريب للمكلف، ليستعلم منها ما يجب ذكره في العقد من صفات مالم يتعرضوا اليه.ويجب أيضا أن يذكر موضع التسليم ان كان المتعاقدان بصدد مفارقة موضوع العقد قبل الحلول كما لو كانا غريبين مجتازين، وكذا أحدهما، والاحوط ذكره مطلقا. ويعتبر في أجل السلم ما سبق من كونه محروسا عن الزيادة والنقصان، وتسليم الثمن قبل التفرق.والايجاب للسلم: سلفتك، أو أسلمت اليك من المشتري، وبعتك، وملكتك وما جرى مجراه من البائع، فلو كان المسلم فيه حنطة قال: أسلمت اليك كذا في تغار حنطة يوسفية عراقية حمراء كبيرة الحب جديدة جيدة ضربية إلى شهرين، مسلمة في موضع كذا، فيقول البائع: قبلت.ولو ابتدأ البائع بايجاب وقال: بعتك تغار ضطة يوسفية إلى آخرها، بكذا مؤجلة إلى كذا مسلمة في موضع كذا، قال المشتري: قبلت، صح.والمرجع في ذكر الاوصاف إلى العرف، فكل وصف تختلف الاغراض بسببه، وتزيد القيمة وتنقص باعتباره زيادة يعتد بها يجب التعرض اليه، وغيره لا يجب ذكره، وجميع ما سبق ذكره من الشروط والخيارات هنا. والظاهر أنه لا يجئ في المسلم فيه اشتراط البراء‌ة من العيوب، لانه لابد من اشتراط ذكر الاوصاف التي لها دخل في تفاوت القيمة والسلامة من العيوب في المسلم فيه، أو كونه معيبا مما تتفاوت به القيمة تفاوتا ظاهرا.

فصل بيع الكالئ بالكالئ:

هو بيع الدين بالدين - يجوز بهمزة وترك الهمزة -، وقد ثبت في السنة

١٢٤

المطهرة النهي عنه، وكونه محرما.

وصيغته أن يقول: بعتك ديني الفلاني بدينك الفلاني، أو بعتك ديني الفلاني بعشرة دراهم مؤجلة إلى شهر.فيقول: قبلت.ومنه أن يسفله دينا له عليه في شئ مما يجوز السلم فيه على أصح القولين، كما لو أسلفه العشرة التي في ذمنه في تغار حنطة موصوف بصفاته، مؤجل إلى كذا، مسلم في موضع كذا.

ولو ادعت الحاجة إلى مثل ذلك أسلفه عشرة مضمومة غير مقيدة بكونها دينه، بعد تمام العقد، وثبوت العشرة في ذمة المشتري تقاصه بها ولو باع الدين بمضمون حال جاز، اذ لا يعد دينا، والظاهر انه يصح ذلك وان كان الدين مؤجلا لم يحل فصل: المرابحة، هي البيع برأس المال مع زيادة، فلابد فيه من الاخبار برأس المال ان لم يكن ثم المشتري عالما به.وتحقيقه: ان جرى على ما وقع به الشراء للبائع فصيغته أن يقول بعد الاخبار بالثمن: يعتك كذا بما اشتريته به وربح عشرة، أو بعتك كذا بما بذلت من الثمن فيه، إلى آخر صبغ البيع السالفة، وهي: شريتك، وملكتك.وللمرابحة صيغتان اخريان: أحدهما: أن يقول: بعتك بما قام علي وربح كذا.الثانية: بعتك برأس المال وربح كذا.والفرق بين هذه الصيغ الثلاث:

أن الاولى لا تتناول الا الثمن خاصة، فلو بذل مالا في عمل فيه، أو عمل بنفسه فيه ما يبذل في مقابله مال، أو لحقه مؤنة دلالة ونحوها لم يتناول شيئا من ذلك اللفظة وان اخبر به قبل الصيغة وكذا الثالثة على اظهر القولين.

وأما الثانية فانه يندرج فيها جميع ما لحق من المؤن التي يقصد بالتزامها

١٢٥

الاسترباح، مثل اجرة الدلال والكيال والحمال والحارس والقصار والخياط، وقيمة الصيغ، واجرة ختان للمملوك وتطيين الدار، ونحو ذلك، اذا بذل اجرة ذلك كله.ولابد أن يكون تطيين الدار لا لكونها قد تجدد فيها عندما يقتضي التطيين، وكذا اجرة الرفاء لو بدلها لو كان القماش مقطوعا ولم يتجدد عنده، ومن ذلك اجرة البيت الذي يحفظ فيه المتاع فانه من المؤن اللازمة للاسترباح، بخلاف المؤن التي بها بقاء الملك كنفقة العبد التي بها بقاؤه عادة، ومن جملتها اجرة مسكنه الذي لابد منه، وكذا كسوته الضرورية، ومثل علف الدابة واجرة الاصطبل وجل الدابة، ونحو ذلك.والفرق بين اجرة البيت الذي يحفظ فيه المتاع واجرة مسكن العبد واصطبل الدابة لا يكاد يتحقق، خصوصا اذا كان استيفاء العبد والدابة ليس الا للتجارة.ولو زاد في العلف على المعتاد للتسمين فهو مما يدخل، وكذا اجرة الطبيب اذا زال المرض ولم يكن حادثا في يده.ولو عمل شيئا من هذه الاعمال بنفسه، أو تبرع له بها متبرع، فأراد ادخالها في البيع قال: اشتريته بكذا وعملت فيه ما يساوي كذا، ثم يبيعه بذلك وربح كذا.واعلم أن بين الصبغ الثلاث السالفة فرقا آخرا وهو:

ان الاولى لا تصح الا حيث يكون المتاع قد انتقل اليه بالصلح، أو بالهبة المشروطة بالعوض، ونحو ذلك، فلا يصح البيع مرابحة بالصيغة الاولى، بخلاف الثانية.وينبه على ذلك أن المبذول عوض العمل أجرة مع ا نه يندرج في قوله: تقوم علي، ولا يبعد في الثالثة الجواز لو انتقل بالصلح، وفي القرض والهبة مشروطة بالعوض نظر.ولا يخفى انه لا يصدق رأس المال والثمن وما تقوم به المتاع الا فيما تقوبل به استقلالا فما أصاب المتاع بالتقسيط - اذا جرى البيع على عدة امتعة - لا يعد

١٢٦

واحدا منهما.والمعاطاة كالعقد في ذلك كله.

فصل التولية:

هي البيع برأس المال من غير زيادة ولا نقصان، فلابد من الاخبار برأس المال، الا مع العلم به.

والصيغة: بعتك بما اشتريت، أو وليتك.واذا اشترى شيئا ثم قال: وليتك هذا العقد جاز.قال في الدروس: وليتك السلعة احتمل الجواز(١) .والقبول: أن يقول: قبلت، أو توليت.ويلزمه مثل الثمن الاول جنسا وقدرا ووصفا.ويشترط في التولية كون الثمن مثليا، ليأخذ المولى مثل ما يدل، فلو اشتراه بعوض لم تجر التولية، واستثني من ذلك قبض ما انتقل العرض من البائع إلى انسان، فولاه المشتري العقد، وحكاه في التذكرة عن بعض الشافعية.وحكى أيضا ما لو اشترى بعرض وقال: قام علي بكذا، أو قد وليتك العقد بما قام علي، أو أرادة المرأة عقد التولية على صداقها بلفظ القيام، أو أراد الرجل التولية على ما أخذ عن عوض الخلع، ثم قال: ان في ذلك وجهين للشافعية، وعندنا تجوز التولية في مثل هذه الاشياء(٢) .ويجوز البيع لبعض المبيع تولية بلفظ: بعت ووليت، بشرط تعيين البعض، ويلزم قسطه في الثمن.

فصل المواضعة:

وهي المحاطاة، مأخوذة من الوضع، والمراد هنا: أن يبيع برأس المال

____________________

(١) الدروس: ٣٤٥.

(٢) التذكرة ١: ٥٤٥.

(*)

١٢٧

ووضعية معلومة.وهي كالمرابحة في الاحكام والصيغة، الا أنه يضيف: وضيعة كذا، فيقول: بعتك هذا بما اشتريته ووضيعة كذا.ويكره في المرابحة والمواضعة نسبة الربح والوضيعه إلى المال، بان يقول: بعتك برأس المال وربح كل عشرة درهما، أو وضيعة درهم من كل عشرة.

فرع:

لو قال: الثمن مائة، بعتك برأس المال ووضيعة درهم من كل عشرة فالثمن تسعون ولو قال: ووضيعة درهم لكل عشرة، فالحط دراهم وجزء من أحد عشر جزء‌ا من درهم، (فيكون الثمن تسعين وعشرة اجزاء من أحد عشر جزء من درهم)(١) ولو قال: بوضيعة العشرة درهما، احتمل كلا من الامرين، لاحتمال أن تكون الاضافة بمعنى من أو بمعنى اللام، على أن يكون المراد: بوضيعة من العشرة درهما، أو للعشرة درهما.وتخيل أن الاحتمال الثاني لا يأتي، لان العباره لا تحتمله حيث أن وضيعة العشرة درهما لا يكون الا في العشرة الدراهم دون ما سواها من أجزاء الدرهم، مدفوع بأن اللفظ لابد فيه من تقدير هو: اما بوضيعة كل عشرة درهما، أو بقياس وضيعة العشرة درهما، أو ما جرى هذا المجرى، وكل من التقديرين محتمل، ولا ارجحية لاحدهما على الاخر.

فصل: بيع المساومة:

هو البيع من غير تعرض إلى ذكر رأس المال، وصيغته معلومة مما سبق، وهو أجود من باقي الاقسام، لما فيه من السلامة من وقوع الكذب تعمدا أو غلطا.وأما بيع الربوا فلا ينفرد بصيغة، انما يجب فيه التحرز من الزيادة مع اتحاد الجنس، وانتفاء ما تجوز معه الزيادة كالابوة والزوجية.وكذا القول في الصرف فانه لا يختص بصيغة عن باقي أقسام البيع، نعم يشترط

____________________

(١) ما بين القوسين لم يرد في نسخة " ش ".

(*)

١٢٨

التقابض قبل التفرق، والسلامة من الربوا أن اتحد الجنس من الجانبين.وكذا بيع الثمار والحيوان.

وبيع المزابنة: وهو بيع ثمرة النخل بعد خرصها بقدر خرصها تمرا، وان لم يشترط كون الثمن منها، ويلحق بها في ذلك ثمرة باقي الاشجار المثمرة.

وبيع المحافظة: بيع الزرع بحب من جنسه وان خرص وبيع بقدر خرصه، سواء شرط الثمن من الزرع، أو باع بحب آخر على الاصح.

فصل:

تصح القبالة بين الشريكين في الثمرة والزروع، بأن يخرص حصة أحدهما خاصة ثم يقبلها شريكه بخرصها فتقبل، وهي عقد صحيح، لورود النص عليها، ولازم، لان الاصل في العقود اللزوم الا ما اخرجه دليل، وذلك قضية كلام الاصحاب.وصيغتها: قبلتك نصيبي في هذه الثمرة بكذا، فيقول: قبلت أو تقبلت.وحكمها وجوب العوض مع سلامتها من الافة، ولو تلفت فلا شئ، ولو تلف البعض: فان وفي الباقي بمال القبالة، والا سقط عنه قدر ما نقص.ومتى زاد المخروص عن قدر مال القبالة فالزائد للمتقبل اباحة ولو نقص أكلمه.وهل هذه عقد برأسه، أم ضرب من الصلح؟ قال في الدروس بالثاني، فيصح بلفظ الصلح(١) .وللنظر في ذلك مجال، لان الربوا يعم الصلح على الاصح، ولانه لا يبطل بتلف المعوض بعد القبض، وليس بعيد أن يكون ذلك عقدا برأسه.

فصل: بيع الغرر فاسد كبيع الملاقحة:

وهو بيع ما في بطون الامهات.

وبيع المضامين: وهو بيع ما في أصلاب الفحول.

____________________

(١) الدروس: ٣٨٠.

(*)

١٢٩

وبيع الحصاة: وهو أن يقول، ارم هذه الحصاة فعلى أي ثوب وقعت فهي لك بكذا.

وبيع الملامسة: وهو أن يبيع غير مشاهد على انه متى لمسه وقع البيع.

وبيع المنايذة: وهو أن يقول: ان نبذته الي فقد اشتريته بكذا.والبيع المعلق على شرط وهو ممكن الحصول عادة، مثل: بعتك ان دخل زيد الدار.وعلى صفته وهو معلوم الحصول عادة، مثل: بعتك ان طلعت الشمس.

تنبيهات:

الاول: المقبوض بالبيع الفاسد لا يجوز التصرف فيه للقابض، وهو مضمون عليه، بمعنى أنه لو تلف أو نقص بحال من الاحوال كان عليه ضمانه.ولا يضمن القيمي بقيمته حين التلف، وكذا زوائده.

الثاني: الشرط الواقع في العقد اللازم يجب أن يكون لازما، فلو امتنع المشترط من فعل الشرط كان للاخر رفع الامر إلى الحاكم ليجبره عليه بعموم قوله تعالى: " أوفوا بالعقود "(١) ، والشرط من جملة المعقود عليه، ولقولهعليه‌السلام : " المؤمنون عند شروطهم، الا من عصى الله "(٢) ، والاكثر على العدم، وفائدة الشرط عندهم تسلط الاخر على الفسخ.

الثالث: لا يصح اشتراط شئ من الثمن على غير المشتري، فلو قال: بع عبدك من فلان على أن علي خمسمائة مثلا، فباعه على ذلك لم يصح، لانه خلاف مقتضى البيع، بخلاف مالو قال: اعتق عبدك وعلي كذا، وطلق زوجتك وعلي كذا، فانه اذا اعتق وطلق لزمه العوض، فان ذلك لما كان فكا ولم يكن معاوضة كان المبذول ضربا من الجعالة.

____________________

(١) المائدة: ١.

(٢) عوالى اللالى ١: ٢١٨ حديث ٨٤.

(*)

١٣٠

ولو قال في الصورة الاولى ما قاله على طريق الضمان، فباع البائع العبد لزيد بشرط أن يضمن عمرو المقدر المذكور من ثمنه صح البيع والشرط، وكان بيعا بشرط.

فصل:

الافالة فسخ وليست بيعا في حق المتبايعين وغيرهما، فلا يثبت بها خيار المجلس، ولا شفعة لو كان المبيع شخصا مشفوعا، ويصح في المبيع والبعض مع بقاء السلعة وتلفها، فيجب المثل أو القيمة، ولا تصح بزيادة، بالثمن ولا المثمن ولا نقص في أحدهما.وصيغتها أن يقول: تقايلنا في بيع كذا، أو تفاسخنا، أو أقلتك.فيقبل الاخر.ولو التمس أحدهما الاقالة، فقال الاخر: أقلتك، ففي الاكتفاء بالاستدعاء عن قبول الملتمس تردد، ولا ريب أن القبول أولى.

القرض:

عقد جائز من الطرفين، ثمرته تمليك العين مع رد العوض، ففي المثلي المثل، وفي القيمي القيمة، ولابد فيه من ايجاب وقبول.

فأما الايجاب: فلابد أن يكون بالقول، فلا يكفي الدفع على وجه القرض من غير لفظ في حصول الملك، نعم يكون ذلك في القرض كالمعاطاة في البيع فيثمر اباحة التصرف، فاذا تلف العين وجب العوض.

والذي ينساق اليه النظر أن المعاطاة في البيع تثمر ملكا متزلزلا، ويستقر بذهاب أحد العينين أو بعضها.ومقتضى هذا أن النماء الحاصل من المبيع قبل التلف شئ من العينين يجب أن يكون للمشتري، بخلاف الرفع للقرض هنا فانه لا يثمر الامحض الاذن في التصرف واباحة الاتلاف، فيجب أن يكرن نماء العين للمقرض، لبقائها على الملك، اذ لا معاوضة هنا ولا تمليك، بخلاف الاول.

١٣١

وصيغة الايجاب: أقرضتك كذا، او ملتك كذا وعليك رد عوضه.ولابد من هذا القيد في الثاني دون الاول، لان رد العوض جزء ومفهوم القرض، بخلاف التمليك.

ومثله: اسلفتك كذا، أو خذه واصرفه ورد عوضه، أو تصرف فيه ورد عوضه، أو انتفع به ورد عوضه، ونحو ذلك.ولابد من قبول: اما قولا كقبلت، أو اقترضت، ونحوهما.أو فعلا كالاخذ.على وجه الرضى ولو بوكيله.ويصح في عقد القرض اشتراط ما لا ينافي مقتضاه، كما لو شرط رهنا، أو ضمينا به، أو بمال آخر على الاصح في الثاني، بخلاف ما لو شرط زيادة في العين أو الصفة.وزيادة الصفة مثل ما لو شرط الدراهم الصحيحة عوض المكسرة ولو عكس فشرط المكسرة عوض الصحيحة لغا الشرط وصح القرض.

أما الاول، فلان الزيادة في القرض والنقيصة على حد سواء.

وأما الثاني، فلان الرضى بالمكسرة يقتضي الرضى بالصحيح بطريق أولى.ويصح اشتراط قرض آخر في عقد القرض للمقرض أو للمقترض، ولا يعد ذلك زيادة، لانحصار الزيادة في زيادة العين والصفة.

ويصح اشتراط ايفاء القرض في بلد آخر، واذا طالب المقرض في غير بلد الشرط، أو في غير بلد القرض مع عدم الشرط وجب على المقترض الوفاء مع عدم الضرر، بأن تكون قيمة المثلي في موضع المطالبة أزيد.وصيغة الشرط مع ما سبق من صيغة القرض ظاهرة.

الرهن:

عقد لازم من طرف الراهن خاصة، فائدته التوتق للدين ليستوفى منه.

والايجاب فيه: رهنتك هذا على الدين الفلاني وعلى كل جزء منه، وشرطت لك أن ما يتجدد من نمائه يكون رهنا، وأن يوضع على يد العدل الفلاني أو يكون

١٣٢

بيدك، وأن يكون وكيلا في بيعه بعد شهر ونحو ذلك.والقبول: قبلت، وأرهنت، وما جرى مجراه.

ويجزئ في الايجاب: هذا وثيقة عندك، أو هذا رهن عندك، وكل ما ادى هذا المعنى.ويشترط وقوعه باللفظ العربي الصحيح الصريح مع القدرة، والتطابق بين الايجاب والقبول، وعدم تأخر القبول بما يعتد به في العادة، وكونهما بلفظ الماضي الذي هو صريح في الانشاء ولا يقدح في ذلك صحته بهذا وثقية عندك، لان اسم الاشارة مع ما بعده مفيد لهذا المعنى، وقد اطبقوا على الاكتفاء به هنا.ولا يكفي شرط الرهن في عقد البيع عن القبول لو أوجب الراهن الرهن عقيبه بغير فصل، ولو شرط فيه أن لا يباع الا باذن فلان مثلا، أو أن لا يباع الا بكذا ففيه تردد، وفي البطلان قوة.ولو شرط عليه الرهن في بيع فاسد فظن لزومه فرهن فله الفسخ، ومثله ما لو أبرئت ذمة الزوج فظن صحة الطلاق فتبين الفساد، أو وهب من واهبه بظن صحة الهبة الاولى ونحو ذلك.وعقد الرهن قابل للشرط اذا لم تكن منافية لمقصود العقد، ولم يثبت في الكتاب والسنة ما يقتضي معها، فلو شرط أن لا يباع أصلا لم يصح، لمنافاته مقصود الرهن، وكذا لو شرط بيع العبد المسلم من كافر.ولو شرط دخول النماء المتجدد في الرهن، صح، ولا يدخل بدونه على الاصح، كما لا يدخل الموجود.ولو رهنه إلى مدة معينة على أنه ان لم يقضه في الاجل كان مبيعا، فكل من الرهن والبيع فاسد، وليس مضمونا في المدة، لانه رهن فاسد فيها، بخلاف ما بعدها فانه حينئذ مبيع فاسد.ومن الاصول المقررة أن كل عقد يترتب على صححيه ضمان العين المقبوضة

١٣٣

به على القابض، على معنى أنها لو تلفت كان تلفها منه يضمن بفاسده، وكل عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده وينبغي اذا رهن على الدين أن يرهن على كل جزء منه، حذرا من تطرق احتمال الانفكاك بأداء شئ منه، ولا يشترط لصحة الرهن قبض المرتهن العين المرهونة على أصح القولين.

الصلح:

عقد لازم من الطرفين، شرع لقطع تنازع المختلفين، وهو على أنواع: صلح بين المسلمين وأهل الحرب على ترك الحرب إلى أمد تقتضيه المصلحة، وصلح بين أهل العدل وأهل البغي، وصلح بين الزوجين اذا خيف الشقاق بينهما يتولاه الحكمان من أهلهما، وصلح بين المختلفين في المال وقد يجري بين المتعاملين لنقل عين أو منفعة، من غير أن تسبق خصومة.والصيغة في الجميع متقاربة، فالايجاب: صالحتك على ما استحقه في ذمتك من جميع الحقوق الشرعية بكذا، ولو قال الاخر: صالحتك على ما تستحقه في ذمتي من جميع الحقوق الشرعية بكذا صح.ولو أراد الصلح لقطع المنازعة ظاهرا خاصة قال: صالحتك على قطع المنازعة بيني وبينك من جهة كذا بكذا.ويجوز الصلح على الاقرار والانكار.

والصلح أصل في نفسه، وليس فرعا على شئ من العقود على الاصح، الا انه يفيد فائدة عقود خمسة: الاول: البيع: وذلك فيما اذا كان بيد الانسان عين فادعاها آخر، أو ادعى دينا في ذمته فأقر فصالحه على العين أو الدين بما يتفقان عليه، فان الصلح هنا بمنزلة البيع في نقل الملك.ومثله ما اذا صالحه على عين أو دين ابتداء، من غير سبق خصومة بما يتفقان عليه عندنا.

١٣٤

الثانى: الاجارة: وذلك في ما اذا كان المصالح عليه منفعة، كما لو كان لاحدهما عند الاخر دين أو عين أو منفعة فصالحه على منفعة، فان الصلح هنا يفيد فائدة الاجارة.

الثالث: الابراء والحطيطة: وذلك في ما اذا كان له في ذمته دين فيقربه ثم يصالحه على اسقاط بعضه واعطاء بعض، وهو هنا يفيد فائدة الابراء.

الرابع: الهبة: وذلك في ما اذا ادعى عليه عبدين أو دارين مثلا، فأقر له بهما وصالحه منهما على أحدهما، فانه هنا يفيد فائدة الهبة.

الخامس: العارية: وذلك في ما اذا ادعى عليه دارا مثلا، فأقر له بها فصالحة على سكناها سنة، فان الصلح هنا يفيد فائدة العارية، وأصح القولين اللزوم، فليس لصاحب الدار الرجوع خلافا للشيخ.

ويجب في الصلح التخلص من الربوا، كما يجب التخلص منه في البيع على الاصح فلو أتلف ثوبا قيمته دينار، ثم صالح مالكه على دينارين لم يصح ان كان النقد الغالب هو جنس ما صالح به، بخلاف ما اذا تعدد الجنس واستويا بان كان دراهم ودنانير.ويصح الصلح على مثل حق الشفعة لاسقاطه، وعلى حق التحجر، وأولية سكن المدرسة، ونحوها، وعلى اسقاط اليمين، والخيار، وعلى اجراء الماء المعين على سطوح الغير مدة معلومة ويجوز الاشتراط في عقد الصلح كما يجوز في البيع.

الضمان: عقد ثمرته نقل المال من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن.

١٣٥

وصيغته: ضمنت لك ما تستحقه في ذمة زيد، أو تحملت لك، أو تكفلت، أو التزمت، أو أنا ضامن، أو ضمين، أو زعيم، وما أدى هذا المعنى.والقبول: قبلت، أو ضمنت، أو كفلت، ونحو ذلك.ولو قال: أؤدي، أو أحضر لم يكن ضامنا.ولا؟ كفي الكتابة، ولا الاشارة مع القدرة على النطق، ولا التلفظ بالصيغة بغير العربية مع القدرة عليها، إلى آخر ما سبق بيانه مما يعتبر في العقود اللازمة.ويجوز الضمان حالا ومؤجلا، فان شرط أجلا وجب كونه مضبوطا لا كنحو ادراك الغلات وقدوم الحاج ولو شرط ما لا ينافي مقتضى العقل ولم يمنع منه شرعا صح ولزم، كاشتراط الخيار مع تعيين المدة، وكاشتراط الاداء من مال بعينه، فيبطل لو تلف بغير تفريط في وجه.وصيغة الضمان المؤجل والمشروط فيه الخيار ما سبق، مع اضافة التأجيل واشتراط الخيار، كقوله: ضمنت لك إلى كذا وشرطت لنفسي الخيار شهرا مثلا، أو لك وشرطت الاداء من المال الفلاني، ونحو ذلك.وضمان عهدته قد يكون للبائع عن المشتري، بأن يضمن الثمن الواجب بالبيع قبل تسليمه، وضمان عهدته ان ظهر عيب بالنسبة إلى الارش، أو استحق، أو نقص الصنجة فيه.وقد يكون للمشتري عن البائع، بأن يضمن الثمن بعد قبضه متى خرج المبيع مستحقا، وكذا أرش بيع المبيع ونقص الصنجة فيه.

الحوالة: عقد ثمرته تحويل المال من ذمة إلى اخرى.وصيغة العقد: كل لفظ يدل على النقل والتحويل، مثل أحلتك على فلان بكذا، فيقول: قبلت واحتلت، ومثله: قبلتك وذكر في التذكرة: اتبعتك إلى آخر

١٣٦

الصيغة(١) .ويشترط فيها كل ما يشترط في العقود اللازمة من الايجاب والقبول، وكونهما بالعربية، وغير ذلك مما يشترط في باقي العقود.

الكفالة: عقد ثمرته التعهد بنفس من عليه حق وان كان ذلك الحق الحضور إلى مجلس الحكم.

وصيغته قريبة من صيغة الضمان، فانه تعهد بالمال، والكفالة بالنفس فيقول: ضمنت لك احضاره، اما مطلقا، أو إلى شهر، أو في الوقت الفلاني.أو تكفلت أو التزمت باحضاره، أو أنا كفيل حالا، أو مؤجلا لكن مع ضبط الاجل.واطبق الاصحاب على أنه اذا قال: أنا كفيل به على اني ان لم احضره كان علي كذا لزمه الاحضار خاصة، ولو قال: أنا كفيل به على أن علي كذا إلى كذا ان لم احضره لزمه المال خاصة ولا يخفى انه لابد من القبول، والشروط الواقعة في هذا العقد تلزم اذا كانت جائزة كغيره من العقود اللازمة.

الوديعة: من العقود الجائزة من الطرفين، ثمهرته: الاستنابة في الحفظ.

ويكفي في الايجاب كل لفظ دل على الاستنابة في ذلك، ولا يتعين له لفظ ولا عبارة مخصوصة ويكفي في القبول ما دل على الرضى من قول وفعل.ولا يشترط فوريته، ومتى شرط الحفظ على وجه مخصوص فقبل لم يكن له الحفظ الا على ذلك الوجه.

العارية: عقد جائز من الطرفين، ثمرته تسويغ الانتفاع بالعين مع بقائها، اما مطلقا، أو مدة معينة.

ولا يتعين له لفظ، بل كل لفظ ما دل على هذا المعنى كاف في ذلك.

____________________

(١) التذكرة ٢: ١٠٥.

(*)

١٣٧

ويكفي القبول الفعلي به، وكل ما يشترط فيها من الشروط الجائزة نافذ، ومنها اشتراط الزمان على المستعير.

الجعالة: عقد جائز من الطرفين، ثمرته استحقاق المال المجعول أو المقدر شرعا أو عرفا في مقابل عمل مقصود محلل، ولابد من صيغة، ويكفي في ايجابها مادل على العمل المخصوص بعوض، مثل: من رد عبدي، أو دخل داري، أو بنى جداري، أو من رد عبدي من بلد كذا وفي يوم كذا فله كذا، أو فله عوض.والقبول يكفي فيه الفعل، ولكل منهما الفسخ قبل الشروع في العمل، وكذا بعده، الا بالنسبة إلى ما مضى من العمل فان فسخ الجاعل لا يسقط استحقاقه من الجعل.

الاجارة: عقد ثمرته نقل المنفعة خاصة بعوض معلوم متمول، والايجاب: آجرتك، أو اكريتك الدار الفلانية شهرا بكذا، أو ملكتك سكنى هذا الدار شهرا بكذا.ولا ينعقد بلفظ العارية ولا البيع، بل يكون اجارة فاسدة.ولابد من القبول، وهو اللفظ الدال على الرضى، كفبلت واستأجرت ونحوه.ولما كان هذا من العقود اللازمة من الطرفين اعتبر فيه ما اشتركت فيه العقود اللازمة، مثل فورية القبول، وكونهما بالعربية.ويصلع اشتراط مالا ينافي مقتضى العقد من الشروط السائغة المعلومة حتى الخيار، ويلزم الشرط.

المزارعة: معاملة على الارض بحصة من نماء زرعها.

والايجاب: زارعتك وعاملتك على هذه الارض، أو سلمتها اليك للزرع، وما اشبه ذلك، مدة نصف سنة، على أن لكل منا نصف حاصلها مثلا.

١٣٨

والقبول: قبلت، ونحوه.وهو عقد لازم من الطرفين، يبطل بالتقايل، ويعتبر فيه ما يعتبر في العقود اللازمة.ويصح اشتراط السائغ الذي لا ينافي مقتضي العقد، ولا يقتضي جهالة، ولو شرط مع الحصة شيئا من ذهب أو فضة جاز على كراهة.

المساقاة: معاملة على أصول أشجار نابتة بحصة من ثمرها، وما جرى مجرى الثمر.

وهي عقد لازم من الطرفين، تبطل بالتقايل.

والايجاب: ساقيتك أو عاملتك، أو سلمت اليك هذا البستان لتعمل فيه مدة كذا، على أن لك نصف ثمرته مثلا، وما جرى هذا المجرى، ولابد من القبول لفظا، ويصح الاشتراط فيه كما سبق.

الشركة: عقد جائز من الطرفين، ثمرته جواز الاذن في التصرف لمن امتزج مالهما بحيث لا يتميز.

والصيغة: قولهما: اشتركنا، وما جرى مجراه.

فيجوز لكل منهما التصرف بما فيه الغبطة، ولو اختض أحدهما بالاذن جاز له التصرف خاصة، ومع طلاق الاذن يتصرف مع الغبطة كيف شاء متى شاء، ولو قيد بوقت، أو موضع، أو وجه لم يجز تجاوزه، ويجوز اشتراط السائغ، ولو شرطا التفاوت في الربح مع تساوي المالين أو التساوي فيه مع تفاوتهما فالاصح البطلان، الا أن تختص ذو الزيادة بالعمل أو بالزيادة فيه.

القراض: عقد جائز من الطرفين، ثمرته جواز التجارة بالنقد بحصة من ربحه.

والايجاب: قارضتك، أو ضاربتك، أو عاملتك على هذا المال، أو المال

١٣٩

الفلاني على أن الربح بيننا نصفين مثلا.

والقبول: ما دل على الرضى منهما.ولو شرط فيه من الشروط الجائزة من البيع على وجه مخصوص، أو في جهة معينة، أو على شخص معبن، أو إلى أمد معين لم يجز للعامل تجاوزه.الوكالة: عقد جائز من الطرفين، ثمرته الاستنابة في التصرف.

والايجاب: كل لفظ دل على الاستنابة، مثل: استنبتك، أو وكلتك، أو فوضت اليك، أوبع، أو اشتر كذا بكذا مثلا، أو اعتق عبدي، أو زوجني من فلانة، أو طلقها، ونحو ذلك.

ولو قال الوكيل: وكلتني أن أفعل كذا؟ فقال: نعم، أو أشار بما يدل على ذلك كفى في الايجاب، والظاهر أن سائر العقود الجائزة كذلك.ويكفي في القبول كل ما يدل على الرضى من قول أو فعل، ولا تشترط فوريته وينفسخ بفسخ كل منهما، فاذا فسخ الموكل اشترط على الوكيل، وكذا يشترط علم الموكل لو رد الوكيل، وبدونه يبقى جواز التصرف بالاذن بحاله وان لم يكن وكيلا.ويجب اتباع ما يشترط الموكل من الشروط الجائزة دون غيرها، ويلزم الجعل لو شرطه، فانه وكيل بالعمل الذي بذل الجعل في مقابله.

السبق والرمى: عقد لازم من الطرفين على أصح القولين، ويشترط فيه ما اشتركت فيه، العقود اللازمة.

والايجاب: آملتك على المسابقة على هذين الفرسين، ويعين ما يركبه كل منهما في مسافة كذا - فيعين ابتداؤها وانتهاؤها - على أن من سبق منا كان له هذه

١٤٠

العشرة المبذولة من بيت المال أو من أجنبي، أو العشرة التي بذلها اذا كان كل منهما قد أخرج عشرة.

ولو كان بينهما محال قال: على أن من سبق منا ومن المحلل كان له ذلك.

والقبول: مادل على الرضى لفظا.ولو كان رميا قال: عاملتك على المرامات من موضع كذا إلى الفرض الفلاني عشرين رمية عن قوس كذا، ويعين جنسه بحيث يتناوبان فيه، وكذا السهم، على أن من بادر مثلا إلى اصابة خمس من عشرين كان له كذا، فيقول: قبلت.

الوقف: عقد يفيد تحبيس الاصل واطلاق المنفعة، ولفظه الصريح: وقفت.وفي حبست وسبلت قول، والاولى اعتبار ما يدل على الوقف اليهما مثل: لا يباع ولا يوهب ولا يورث.وأما حرمت وتصدقت وأبدت فلابد من اقترانها بما يدل صريحا على الواقف.ويشترط القبول اذا تشخص الموقوف عليه، أما اذا وقف على جهة علة ففي اعتبار القبول ممن له أمرها قول، واعتباره أو في.ولابد من القبض ممن يعتبر قبوله في صحة الوقف باذن الواقف، ولا يشترط فوريته، انما يشترط فورية القبول كما يشترط في العقد ما تشترك فيه العقود اللازمة.ويكفي في المسجد أن يقول: جعلت هذه البقيعة مسجدا اذا صلى فيه شخص صلاة صحيحة على قصد القبض باذن الواقف.وتكفي صلاة الواقف بهذا القصد أو قبضه الحاكم بالتخلية المعتبرة في قبض امثاله.ويصح اشتراط ما لا ينافي مقتضى العقد اذا كان سابقا، واذا تم الوقف بشرائطه لم تبطل بالتقايل والتفاسخ بحال من الاحوال.

١٤١

السكنى والرقبى والعمرى: عقد لازم ثمرته تسليط الساكن على استيفاء المنفعة المدة المشروطة، فان كانت مقرونة بالعمر فهي عمرى، أو بالاسكان فهي سكنى، أو بمدة معينة فهي رقبى.عبارات شتى والمقصود واحد.

ولابد من الايجاب: اسكنتك، أو اعمرتك، أو رقبتك هذا الدار مثلا مدة عمرك، أو عمري، أو شهرا.

وقبول: وهو ما دل على الرضى من الالفاظ التي سبقت غير مرة، وتعتبر فوريته، وكونهما بالعربية، إلى غير ذلك من الشروط.

وصيغة الصدقة: تصدقت عليك، أو على موكلك بكذا، فيقول: قبلت.وهما لازمات من الطرفين، فيشترط فيهما ما سبق.

الهبة: عقد يفيد انتقال الملك، ويقع على بعض الوجوه لازما أو آئلا إلى اللزوم.

والايجاب: وهبتك وملكتك واهديت اليك هذا، وكذا اعطيتك، وهذا لك.

والقبول: قبلت، ونحوه.

الوصية: عقد ثمرته تمليك العين أو المنفعة بعد الموت، فالايجاب: أوصيت بكذا، أو افعلوا كذا، أو اعطوا فلانا بعد وفاتي، أو لفلان كذا بعد وفاتي، أو جعلت له كذا.وعينت له كذا فهو كناية انما ينفذ مع البينة.والقبول انما يكون بعد الموت ولا يشترط القبول لفظا بل يكفي الفعل الدال عليه.

النكاح: عقد لازم من الطرفين، وهو دائم ومتعة.

الدائم: زوجتك، أو أنكحتك، أو متعتك نفسي بألف درهم مثلا.

١٤٢

ولو كان العاقد وكيلا قال: زوجتك موكلتي إلى آخر ما ذكر.

ولو كان العقد مع وكيل الزوج قالت: زوجت نفسي من موكلك، ولا تقول: زوجتك نفسي، بخلاف غير النكاح من العقود فانه يصح أن يقال للوكيل: بعتك.

والفرق: أن الامر في النكاح مبني على الاحتياط التام، وحل الفروج لا يقبل القل.ولو كان العاقد الوكيلين قال وكيلها: زوجت موكلتي من موكلك.والقبول: قبلت التزويج، ويصح قبلت وحده، وكذا كل لفظ يدل على الرضى بالايجاب.ولو كان العقد مع وكيل الزوج قال: قبلت لموكلي، ومتى كان وكيل أحد الزوجين أو وليه فلابد من تعينه بما يرفع الجهالة: اما بالاشارة، أو بالاسم المميز، أو بالوصف الرافع للاشتراك.

وصيغة المتعة: زوجتك: أو انكحتك، أو متعتك نفسي، أو موكلتي فلانة بقيت هذا اليوم، أو هذا الشهر مثلا بعشرة دراهم فيقول: قبلت إلى آخر ما سبق.ولو قيل للولي: زوجت بنتك من فلان بكذا؟ فقال الولي: نعم على قصد الانشاء ايجابا، فقال الزوج: قبلت، فالاصح عدم الانعقاد ولو قدم القبول على الايجاب فالاكثر على جوازه.ولابد من ايقاعه بالعربية، الا مع التعذر، وكونه بلفظ الماضي كسائر العقود اللازمة، ولو لم يذكر المهر في العقد صح في غير المتعة، ولا ينعقد النكاح بغير الالفاظ الثلاثة.

وصيغة التحليل: أحللت لك وطء فلانة، أو هذه، أو جعلتك في حل من وطئها ولو أراد تحليل مقدمات الوطء خاصة كالنظر واللمس والتقبيل قال: أحللت

١٤٣

لك النظر إلى بدن فلانة، أو لمسها، أو تقبيلها والاصح الاقتصار على لفظ التحليل، فلا يتعدى إلى الاباحة.ولو كانت لشريكين وكلا في التحليل واحدا، أو قال كل واحد منهما: أحللت لك وطأها، ولا يكفي أن يقول: أحللت لك وطء حصتي.ولابد من قبول، ولفظه مثل ما سبق، ويعتبر مع احلال الشريكين قبولان لتحليل كل قبول، ولا يشترط تعيين مدة، بل يكفي الاطلاق ويستصحب حكمه الا أن يمنع واذا احل الوطء حلت المقدمات دون العكس.ويجوز أن يجعل عتق أمة صداقها فيعتقها، ويزوجها ويجعل العتق مهرا لها، ولا فرق بين تقديم العتق والتزويج.

وصيغته: اعتقتك وتزوجتك وجعلت عتقك مهرك، وفي اشتراط قبولها تردد، واشتراطه أحوط.

وفي قول قوي انه يكفي في الايجاب: تزوجتك وجعلت مهرك عتقك، من دون أن يقول: واعتقتك.

وصيغة الفسخ في النكاح بالعيب وبالعتق ونحوهما: فسخت النكاح الذي بيني وبين فلان أو فلانة، وما أدى هذا المعنى.وفي نكاح العبد لامة مولاه: فسخت عقد كما، أو آمر كل واحد منهما باعتزال الاخر.

وعقد النكاح بأقسامه قابل للشروط السائغه التي لا تنافي مقتضى العقد، وانما يجب الوفاء منها بما وقع في متن العقد.ومتى أراد اشتراط شئ من الاجناس غير النقود وصف ما يشترط بصفات السلم، وهي ما بها ترفع الجهالة، ولو اعتبر قدر قيمته من النقد فاشترط في العقد فهو حسن.

الطلاق: لابد فيه من اللفظ الصريح فهو: أنت، أو هذه، أو فلانة، أو زوجتي طالق.ولا يقع بغير هذا اللفظ مثل: أنت طلاق، أو الطلاق، أو من المطلقات، أو طلقت

١٤٤

فلانة. ولو قيل للزوج: طلقت فلانة؟ فقال: نعم، لم يقع وان قصد الانشاء. وكذا لا يقع بالكنايات وان قارنتها النية مثل: انت خلية، أو برية، أو حرام، أو اعتدي. ولا يقع بالاشارة الا مع العجز عن النطق كالاخرس، ولا بالكناية مع القدرة على النطق، نعم لو كتب العاجز مع النية وقع. ولو قال: أنت طالق لرضى فلان، فان قصد الغرض صح، لاقتضائه التعليل، وان قصد التعليق بطل. ولو قال: أنت طالق ان كان الطلاق يقع بك، فان جهل حالها لم يقع وان كانت طاهرا، لان الشك في الشرط يقتضي بالشك في المشروط فكان تعليقا، بخلاف ما اذا علم طهرها فانه يقع. ولو عقب الصيغة بالمبطل، كأن قال للطاهر المدخول بها: أنت طالق للبدعة لم يقع. وتصح الرجعة في الرجعي باللفظ مثل: راجعتك، ورجعتك، وارتجعتك. ولو قال: رددتك إلى النكاح، أو أمسكنك كان رجعة مع النية. ولابد من تجريد الصيغة عن الشرط. وبالفعل كالوطء، والتقبيل، واللمس بشهوة اذا وقع عن قصد، لا من نحو النايم والساهي. ورجعت الاخرس بالاشارة، وكذا العاجز عن النطق. الخلع: ولابد فيه من سؤال الخلع، أو الطلاق بعوض يصح تملكه من الزوجة أو وكيلها أو وليها لا الاجنبي، مثل: طلقني على ألف مثلا، واخلعني على كذا، وعلى مالي في ذمتك اذا كان معلوما متمولا، وكذا يشترط في كل فدية. ولابد من كون الجواب على الفور، وصورته: خلعتك على كذا، أو أنت مختلعه على ذلك، أو أنت طالق على ذلك. ويشترط سماع شاهدين عدلين لفظة الطلاق، وتجريده من شرط لا يقتضيه

١٤٥

الخلع بخلاف ما يقتضيه، مثل: ان رجعت في البدل رجعت في الطلاق. ولو كان السؤال من وكيلها أو وليها قال: بذلت لك كذا على أن تطلق فلانة به، أو طلق فلانة على كذا، فيقول الزوج: هي طالق على ما بذلت عنها، أو على ذلك. ولو طلبت طلاقا بعوض فخلعها مجردا عن لفظ الطلاق لم يقع، وبالعكس يقع، ويلزم البذل ان قلنا: ان الخلع طلاقا، وهو الاصح.

المباراة: مثل الخلع في الصيغة والشرط، ويزيد كون الكراهية من كل من الزوجين لصاحبه، وفي الخلع تعتبر كراهيتها اياه، وكون الفديه بقدر المهر أو أقل لا أزيد، بخلاف الخلع، الا انه لا يقع لمجرده، بل لابد من اتباعه بلفظ الطلاق. وصورة السؤال: بارئني على كذا، فيقول: بارئتك على ذلك فأنت طالق.

الظهار: صيغته: أنت علي كظهر أمي، أو زوجتي، أو هذه، أو فلانة. ولا ينحصر في هذه العبارات، بل كل لفظ واشارة تدل عليها. ولو قال: أنت مني، أو عندي، أو معي كظهر أمي وقع. وكذا لو اقتصر على قوله: أنت كظهر أمي. ولو قال: أنت علي كامي لم يقع وان قصد الظهار في قوله، وكذا قوله: أنت أمي، أو زوجتي أمي. ولو قال: جملتك، أو ذاتك، أو بدنك، أو جسمك علي كظهر أمي وقع، بخلاف ما لو قال: امي امرأتي، أو مثل امرأتي. وكذا لو قال: يدك علي كظهر امي، أو فرجك، أو بطنك، أو رأسك، أو جلدك وكذا لو عكس فقال: أنت علي كيد امي أو شعرها، أو بطنها، أو فرجها. وكذا لو قال: أنت كزوج امي أو نفسها، فان الزوج ليست محل الاستمتاع. ولو قال: أنت علي حرام لم يقع وان نوى به الظهار. وفي أنت علي حرام

١٤٦

كظهر امي تردد، بخلاف ما لو قال: أنت علي كظهر امي حرام، أو أنت حرام أنت علي كظهر امي أو أنت كظهر امي طالق. ولو قال: أنت طالق كظهر امي قيل: وقع الطلاق خاصة وان قصدهما وكان الطلاق رجعيا. ولو قال: على الظهار أو الظهار يلزمني لم يقع.

الايلاء: هو الحلف على ترك وطء الزوجة بلفظة الوطء، أو تغيب الحشفة في الفرج وكذا الايلاج والنيك. أما الجماع، والمباضعة، والملامسة، والمباشرة، فيقع بها مع النية لا بدونها، ولا ينعقد الا بأسماء الله تعالى الخاصة. وصيغته: والله لا وطأتك أبدا، أو خمسة أشهر، أو حتى أذهب إلى الصين وأعود وهو بالعراق. والضابط في المدة أن تزيد على أربعة اشهر علما أو ظنا، بخلاف ما لو حلف على الامتناع أربعة فما دون، أو قال: حتى أعود من الموصل وهو ببغداد مثلا، فانه لايعد ايلاء‌ا. وضابط هذا ما يحصل في الاربعة علما أو ظنا، أو احتمل الحصول وعدمه على السواء. ولو كرر اليمين كذلك، كما لو حلف على الامتناع أربعة أشهر، وقبل خروجها حلف كذلك لم يكن موليا. ولو حلف بغير الله تعالى وأسمائه كالعتاق والظهار، والصدقة، والكعبة، والنبي، والائمةعليهم‌السلام ، أو التزام صوم أو صلاة أو غير ذلك لم ينعقد. وكذا لو قال: ان وطأتك فلله علي صلاة أو صوم. ويشترط تجريده عن الشروط، ولو قال لاربع: لاوطأتكن لم يكن موليا في الحال، وله وطء ثلاث، فاذا فعل كان حكم الايلاء ثابتا في الاربعة. ولو قال: لا وطأت واحدة منكن، فان أراد تعلق اليمين بكل واحدة فالايلاء من الجميع، فان وطأ واحدة حنث وانحلت، وان أراد واحدة معينة قبل قوله، ولو أراد مبهمة

١٤٧

ففي وقوع الايلاء وتعلقه بواحدة منهن يتعين يتعينه نظر. وان اطلق اللفظ ولم يرد واحدا من الامور الثلاثة لم يبعد كونه موليا من الجميع.

اللعان: وصيغته - بعد القذف بالزنا قبلا أو دبرا للزوجة المحصنة، الدائمة، البالغة، الرشيدة، السليمة من الصمم والخرس، وان لم يكن مدخولا بها، الا أن يكون بسبب اللعان ففي الولد فيشترط كونه لاحقا به ظاهرا وذلك يستلزم الدخول - أن يقول الزوج أربعة مرات بتلقين الحاكم: أشهد بالله أني لمن الصادقين فميا رميت فلانة، أو هذه زوجتي بحيث يتميز، ثم يعظه الحاكم ويخوفه، فان رجع أو نكل عن اكمال اليمين صده وسقط اللعان. وان أصر أمره أن يقول: ان لعنة الله علي ان كنت من الكاذبين، فاذا قال ذلك ترتب على المرأة الحد. ولها أن تسقطه بأن تقول أربع مرات: اشهد بالله انه لمن الكاذبين فيما رماني به، فاذا قالت ذلك وعظها الحاكم وخوفها وقال لها: ان عذاب الدنيا اهون من عذاب الاخرة، فان رجعت أو نكلت عن اكمال اليمين رجمها، وأن أصرت أمرها أن تقول: ان غضب الله علي ان كان من الصادقين. ويشترط أن يكون ذلك عند الحاكم أو منصوبه، ولابد من النطق بالعربية مع الامكان، واعتماد هذا الترتيب، ورعاية لفظ الشهادة على الوجه المذكور، وكذا لفظ الجلالة، ولفظ اللعن والغضب، ولفظ الصدق والكذب مع لام الابتداء والموالات بين الكلمات، وسبق لعان الرجل، وقيامه عند لعان كل منهما.

العتق: وصيغته من جائز التصرف: أنت، أو هذا، أو عبدي فلان حر، أو عتيق، أو معتق. ولابد من وقوع اللفظ على قصد الاتشاء، فلو قال لمن اسمها حرة: أنت حرة على قصد الاخبار لم تعتق، بخلاف ما لو قصد الانشاء للعتق، ولو جهل

١٤٨

قصده وأمكن استعلامه رجع اليه وقيل قوله، وان تعذر لم يحكم بالعتق بمجرد الاحتمال. ولو قال: يا حرة، أو يا معتق لم يقع وان قصد الانشاء. ولابد من كونه على وجه القربة وان صرح بها في الصيغة كأن أكمل. ولا يقع بغير التحرير والاعتاق، سواء كان صريحا نحو: فك الرقبة، وازالة قيد الملك، أو كناية نحو: أنت سائبة، أو لا سبيل عليك. وكذا لا يقع بالاشارة والكتابة الا مع العجز عن النطق، ولا بغير العربية مع القدرة عليها. ويجب فيها مراعاة مادة اللفظ وصورته. ويشترط تنجيزه، فلا يقع معلقا على شرط أو صفة، مثل: ان دخلت الدار، أو اذا طلعت الشمس. ولو قرنه بشرط لم يضر مثل: أنت حر على أن عليك خدمة سنة مثلا، أو مائة درهم. ويشترط قبول العبد في الثاني، فيبطل العتق ان لم يقبل، بخلاف الاول. ولابد من ايقاع العتق على الجملة، أو على جزء شايع مثل نصفك أو ثلثك بخلاف مالو قال: يدك ورجلك. ولو قال: بدنك أو جسدك فالوقوع قوي.

التدبير: صيغة تقتضي عتق المملوك بعد وفاة مولاه ومن جرى مجراه، كمن جعلت له الخدمة.

وصيغة: أنت حر بعد وفاتي، أو اذا مت فأنت حر أو معتق، أو عتيق. ولو قال: أنت مدبر، ففي وقوعه نظر، ولو عقبه بقوله فاذا مت فأنت حر صح اجماعا. ولا يفرق في أدوات الشرط بين أن يقول: ان مت، أو اذا مت، أو أي وقت مت. وكذا ألفاظ التدبير مثل: أنت حر أو فلان وتميزه، أو هذا. والتدبير ينقسم إلى مطلق كما سبق، ومقيد مثل: اذا مت في سفري هذا، أو سنتي هذه، أو في مرضى، أو شهري، أو بلدي فأنت حر ولا يقع معلقا بشرط

١٤٩

أو صفة مثل: ان قدم زيد، أو اذا أهل شوال فأنت حر بعد وفاتي.وقد يسأل عن الفرق بين هذا وبين المقيد.ولو قال الشريكان: اذا متنا فأنت حر، انصرف قول كل منهما إلى نصيبه وصح التدبير، ولم يكن ذلك تعليقا على شرط.ولو ثبت في أحدهما بنصيبه خاصة اختص بالانعتاق، بخلاف ما لو قصد عتقه بعد موتهما فانه يبطل التدبير.

الكتابة: وهي معاملة مستقلة غير البيع، وهي عقد لازم من الطرفين، سواء كانت مطلقة أو مشروطة على الاصح، فانه يجب على العبد السعي فيها أيضا، ويجير عليه لو امتنع. وتبطل بالتقايل، والابراء من مال الكتابة فينعتق وبالاعتاف بالعجز في المشروطة. فالايجاب أن يقول: كاتبتك على ألف مثلا واجلتك فيها إلى شهر على أن تؤدي جميعها عند آخر الشهر، أو في نجمين مثلا، أو ثلاثة. ولابد من تعيين النجوم كرأس عشرة أيام أو خمسة عشر. والقبول: قبلت، وكل ما جرى مجراه من الالفاظ الدالة على الرضى، هذا اذا كانت مطلقة، ولو كانت مشروطة أضاف إلى ذلك قوله: فأن عجزت فأنت رد في الرق. ومهما اشترط المولى على المكاتب في العقد لزم اذا لم يخالف المشروع. وهل يجب في كل من الصيغتين إلى قوله: فان أديت فأنت حر؟ فيه احتمال، فان لم توجبه فلابد من نيته.

اليمين: وانما ينعقد باللفظ الدال على الذات المقدسة مع النية مثل: والله، وبالله، وتالله، وهالله، وأيمن الله، وأيم الله، وم الله، ومن الله، والذي نفسي بيده، ومقلب القلوب والابصار، والاول الذي ليس كمثله شي ء، والذي فتق الحبة وبرأ النسمة.

١٥٠

أو باسمائه المختصة به مثل، الرحمن، والقديم، والازلي. أو بأسمائه التي ينصرف اطلاقها اليه، وان اطلقت على غيره مجازا مثل: الرب، والخالق، والرازق، بشرط القصد في الجميع لا بدونه، ولا ينعقد بما لا ينصرف اطلاقه اليه كالموجود، والحي، والسميع، والبصير، وان نوى بها الحلف، ولا بقدرة الله وعلمه اذا قصد المعاني، بخلاف ما اذا قصد كونه ذا قدرة وذا علم. ولو قال: وجلال الله وعظمته وكبرياء الله، ولعمر الله وأقسم بالله وأحلف بالله، واقسمت بالله، وحلفت بالله أن قصد به الله الحق أو المستحق للالاهيه في قول، لا ان قصد به ما يجب لله على عباده. وكذا لا تنعقد لو حلف بالطلاق والعتاق، أو المخلوقات المشرفة كالنبي والائمة عليه وعليهم‌السلام على قول، ونحو ذلك. والاستثناء بمشيئة الله تعالى يوقف اليمين مع الاتصال عادة. فلا يضر التنفس والسعال ونحوهما والنطق به فلا أثر لنية بدون نطق.

النذر: التزام المكلف المسلم القاصد طاعة مقدورة ناويا القربة بقوله: ان عافاني الله مثلا فلله علي صدقة، أو صوم، أو غيرهما مما يعد طاعة. ومثله: ان وفقني الله للحج، أو أعطاني مالا مثلا، أو أعانني على منع النفس بالمعصية فلله علي صدقة، وهذا نذر البر والطاعة. ولو قال: ان عصيت الله فلله علي صلاة على قصد منع النفس انعقد وهو: نذر اللجاج والغضب، ومنه مالو قال: ان لم أحج مثلا فلله علي صلاة قصد الحث على الفعل. ويصح النذر بغير شرط على أصح القولين، وهو التبرع ولابد من التلفظ بالصيغة، فلو نواها لم ينعقد على الاصح، نعم يستحب الوفاء.

١٥١

ويشترط في المنذور أن يكون طاعة مقدورا، بخلاف اليمين فانها تنعقد على المباح اذا تساوى فعله وتركه في الدين والدنيا.

العهد: كالنذر في ذلك، وصيغته: عاهدت الله، أو على عهد الله انه متى كان كذا فعلي كذا. ولو جرده عن الشرط، مثل: على عهد الله أن أفعل كذا. ويشترط فيه ما يشترط في النذر، والخلاف في انعقاده بالنية كالنذر.

الاخذ بالشفعة: وقد يكون فعلا بأن يأخذه الشفيع ويدفع الثمن، أو يرضى المشتري بالصبر فيملكه حينئذ. وقد يكون لفظأ كقولك: أخذته، أو تملكته، أو أخذت بالشفعة، وما أشبه ذلك. ويشترط علم الشفيع بالثمن والمثمن معا، ويجب تسليم الثمن أولا، فلا يجب على المشتري الرفع قبله.

عقد تضمن الجريرة: أن يقول أحد المتعاقدين: عاقدتك على أن تنصرني وانصرك، وتدفع عني وادفع عنك، وتعقل عني واعقل عنك، وترثني وارثك. فيقول: قبلته، وهو من العقود اللازمة، فيلزم فيه ما يلزم فيها. صورة حكم الحاكم الذى لا ينقض: أن يقول الحاكم بعد استيفاء المقدمات: حكمت بكذا، أو أنفذت، أو أمضيت، أو ألزمت، أو ادفع اليه ماله، أو اخرج من حقه، أو يأمره بالبيع، ونحو ذلك. ولو قال: ثبت عندي حقك، أو أنت قد أقمت بالحجة، أو دعواك ثابته شرعا لم يعد ذلك حكما. والفرق بينه وبين الفتوى: أن متعلقه لا يكون الا شخصا، ومتعلق الفتوى كليات. والحكم بالحجر والسفه والفلس قسم من الحكم، وأخذ المال في الدين

١٥٢

ونحوه مقاصة في موضع الجواز لا يشترط فيه اللفظ، بل يكفي الفعل المقترن بما يدل على ارادة ذلك، وان أتى بصيغة على ذلك كان أولى، وكذا التمليك للعبد الجاني عمدا أو خطا. واما الاقرار: فليس من العقود والايقاعات في شئ، لانه ليس بانشاء، وانما هو اخبار جازم عن حق لازم للمخبر.

وضابطه: كل لفظ دال على اشتغال ذمة المقر بحق كقوله له: علي، أو عندي، أو في ذمتي، أو قبلي كذا. بالعربية وغيرها، بشرط علمه بمدلول ما تلفظ به. ولو قال: نعم، أو أجل عقب قول المدعى: لي عليك كذا، فهو اقرار. ومثله قوله عقيبه: صدقت، أو برئت، أو أنا مقر لك به، أو بدعواك. وكذا لو قال: قبضتك اياه، أو بعتنيه، أو وهبتنيه، أو بعته، ففي كونه اقرارا قولان، أصحهما المساوات، بخلاف ما لو قال، اتزنه، أو زنه، أو خذه، أو عده، أو علق الاقرار بشرط، مثل: له علي كذا ان دخل الدار واذا طلعت الشمس، وان كانه التعليق بمشيئة الله تعالى على الاصح، الا أن يصرح بانه قصد التبرك.

وكذا لو قال: اذا جاء رأس الشهر، الا أن يعتبر ارادة التأجيل. ومثله ما لو قال: ان شهد فلان فهو صادق، وان شهد فانه لا يكون مقرا في شئ من ذلك. ولو قال له في داري، أو في ميراثي من أبي كذا، فان قال: بحق واجب، أو بسبب صحيح ونحوه لزم، وان أطلق ففي كونه اقرارا قولان أصحهما نعم. ولو أبهم الاقرار في شيئين طولب بالبيان، ولو أقر بلفظ فيهم فهو أنواع، ولو استثنى من المقر به فله أقسام، وأحكام جميع ذلك مذكورة في معادنه من كتب الاصحابرحمهم‌الله فليطلب هناك. وليكن هذا آخر الرسالة، والحمد لله رب العالمين، والصلاة على رسوله محمد وآله الطاهرين المعصومين.

١٥٣

(٥) الرسالة الرضاعية

١٥٤

١٥٥

الحمد لله كما هو أهله، والصلاة على محمد وآله.

اعلم وفقك الله أنه قد أشتهر على ألسنة الطلبة في هذا العصر تحريم المرأة على بعلها بارضاع بعض ما سنذكره، ولا نعرف لهم في ذلك أصلا يرجعون اليه من كتاب الله، أو سنة، أو اجماع، أو قول لاحد من المعتبرين، أو عبارة يعتد بها تشعر بذلك، أو دليل مستنبط في الجملة يعول على مثله بين الفقهاء.

فان الذين شاهدناهم من الطلبة وجدناهم يزعمون أنه من فتاوى شيخنا الشهيد قدس الله روحه، ونحن لاجل مباينة هذه الفتوى لاصول المذهب استبعدن كونها مقالة لمثل شيخنا على غزارة علمه وثقوب فهمه، لاسيما ولا نجد لهؤلاء المدعين لذلك اسنادا يتصل بشيخنا في هذه الفتوى يعتد به، ولا مرجعا يركن اليه ولسنا نافين لهذه النسبة عنهرحمه‌الله استعانة على القول بفساد هذه الفتوى، فان الادلة على ما هو الحق اليقين واختيارنا المبين بحمد الله كثيرة جدا، لا يستوحش معها من قلة الرفيق. نعم اختلف اصحابنا في ثلاث مسائل، قد يتوهم منها القاصر عن درجة

١٥٦

الاستنباط أن يكون دليلا لشئ من هذه المسائل، أو شاهدا عليها، وسنبين المسائل التي نحن بصددها ممالم يتعرض له الاصحاب، والثلاث التي ذكرنا للاصحاب فيها اختلافا، معطين البحث حقه في المقامين، سالكين محجة الانصاف في المقصدين، غير تاركين لاحد في ذلك تعللا مادام على جادة العدل متحليا بحلية التحقيق. وهذا أوان الشروع في المقصود بعون الله تعالى، فنقول: المسائل المتصورة في هذا الباب كثيرة لا تكاد تنحصر، والذي سنح لها ذكره الان خارجا عن المسائل الثلاث المشار اليها:

أ: أن ترضع المرأة بلبن فحلها الذي هي في نكاحه حين الارضاع أخاها أو أختها لابويها أو لاحدهما.

ب: أن ترضع ولد أخيها.

ج: أن ترضع ولد اختها.

د: أن ترضع ولد ولدها ابنا أو بنتا، ومثله ما لو ارضعت احدى زوجتيه ولد ولد الاخرى.

ه‍: أن ترضع عمها أو عمتها.

و: أن ترضع خالها أو خالتها.

ز: أن ترضع ولد عمتها.

ح: أن ترضع ولد خالها أو ولد خالتها.

ط: أن ترضع أخا الزوج أو اخته.

ي: أن ترضع ولد ولد الزوج.

يا: أن ترضع ولد أخ الزوج أو ولد اخته.

يب: أن ترضع عم الزوج أو عمته.

١٥٧

يج: أن ترضع خال الزوج أو خالته.

فهذه ثلاث عشرة صوره يتبين بها حكم مالم نذكره، أما المسائل الثلاث التي اختلف فيها الاصحاب: فالاولى: جدات المرتضع بالنسبة إلى صاحب اللبن هل تحل له أم لا؟ قولان للاصحاب.وقريب منه ام المرضعة وجداتها بالنسبة إلى أب المرتضع.

الثانية: أخوات المرتضع نسبا أو رضاعا بشرط اتحاد الفحل هل يحللن له أم لا؟ قولان أيضا.

الثالثة: أولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعا، وكذا أولاد المرضعة ولادة وكذا رضاعا مع اتحاد الفحل بالنسبة إلى اخوة المرضع هل يحللن لهم أم لا؟ قولان أيضا.اذا عرفت ذلك فالذي يدل على عدم التحريم في المسائل الاول وجوه: الاول: التمسك بالبراء‌ة الاصلية، فان التحريم حكم شرعي، فيتوقف على مستند شرعي.فان قيل: كما أن التحريم حكم شرعي فكذا الاباحة أيضا حكم شرعي، فالمطالبة بالمستند أيضا قائمة.

أجبنا بوجهين:

أحدهما: انه قد تقرر في الاصول أن الاصل في المنافع الاباحة، والمتنازع منفعة، لانه الفرض، فيكون مباحا.

الثاني: ان القائل بالتحريم مثبت، والقائل بالاباحة ناف، وقد تقرر أيضا أن النافي لا دليل عليه، فيختص مدعي التحريم بالمطالبة بالدليل. فان قيل: القائل باحدى المقالتين ناف للاخرى، فلم خصصت القائل بالاباحة بكونه نافيا؟

١٥٨

قلنا: معلوم أن التحريم أمر زائد على أصل الذات، والمانع له يكتفي في المنع برده وان لم يصرح بدعوى الاباحة، وحينئذ فالاباحة ثابتة بطريق اللزوم. والتحقيق أن يقال: ان أردت بالاباحة: الاذن الصريح المسوغ لذلك، فمسلم توجه المطالبة عليه، ونحن لا ندعيه، فان مطلوبنا غير متوقف عليه.

وان أردت الاباحة المستفادة من الاصل المقرر المذكور سابقا، فهو مدعانا، ولا نسلم توجه المطالبة حينئذ. فان قيل: الاصل حجة مع عدم الدليل الناقل وقد وجد هاهنا، فان الروايات التي سنذكرها تدل على التحريم. قلنا: أما الروايات فسيأتي الكلام عليها في الموضع اللائق بها، ونبين أن لا حجة فيها، ولا دلالة بوجه من الوجوه، وتتبع ذلك بها وجدناه من كلام الفقهاء الدال على المراد.

الثاني: عموم آيات الكتاب العزيز الدالة على الاباحة مطلقا، مثل قوله تعالى: " فأنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع "(١) ، فانها بعمومها تتناول محل النزاع، فان ما من ادوات العموم.

وكذا قوله تعالى: " وأنكحوا الايامى منكم "(٢) والايامى جمع أيم، وهي التي لا زوج لها، بكرا كانت أو ثيبا، والجمع المعرف باللام للعموم، فيشمل محل النزاع. وغير ذلك من عمومات الكتاب والسنة الدالة على التزويج من غير تعيين، فانها بعمومها تتناول محل النزاع، وهي كثيرة جدا، بل لا تحصى، وظاهر

____________________

(١) النساء: ٣.

(٢) النور: ٣٢.

(*)

١٥٩

العموم حجة كما تقرر في الاصول.

فان قيل: العموم في ما ادعيته غير مراد قطعا، لتناول ظاهره ما ثبت تحريمه، فتنتفي دلالته.

قلنا: ما ثبت فيه التحريم يخص من العموم ويبقى ما عداه على حكمه، فان العام المخصوص حجة في الباقي.

فان قيل: يخص العموم في المتنازع فيه أيضا.

قلنا: التخصيص بغير دليل باطل، ولا دليل سوى القياس على ما ثبت فيه التحريم من المحرمات بالرضاع، ولا يجوز التمسك به فضلا عن أن يخص به عموم الكتاب.

الثالث: قوله تعالى: " وأحل لكم ما وراء ذلك "(١) بعد تعداد المحرمات المذكورة في الاية، وذلك نص في الباب، ودلالته على المطلوب أظهر، فان المعنى والله أعلم: وأحل لكم ماعدا تلك المحرمات المذكورة قبل هذه.

ومعلوم أن شيئا من المتنازع فيهن ليس عين شئ من المحرمات المذكورة في الاية، ولا داخلا في مفهومه، ولا يدل عليه بوجه من الوجوه المعتبرة في الدلالة، فاذا عدد الحكم أنواعا وخصها بالتحريم، ثم أحل ما سواها امتنع عدم الحل في غير المذكورات والا لكان من مغريا بالقبيح.

فان قلت: قد ثبت التحريم في البعض من غير المذكورات، كالمطلقة تسعا للعدة، والمعقود عليها في العدة مع العلم والدخول، وغير ذلك.

قلنا: انما يثبت المنع ويلزم المحذور لو لم يكن هناك معارض ينتهض مخصصا لكتاب الله، أما معه فلا محذور، ولا شئ مما ادعى تحريمه خارجا عن المذكور في الاية بثابت فية التحريم الا وله شاهد يتمسك بمثله ويصلح لتخصيص الكتاب.

____________________

(١) النساء: ٢٤.

(*)

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230