رسالة المحقق الكركي الجزء ١

رسالة المحقق الكركي0%

رسالة المحقق الكركي مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 230

رسالة المحقق الكركي

مؤلف: الشيخ علي بن الحسين الكركي
تصنيف:

الصفحات: 230
المشاهدات: 42206
تحميل: 4718


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 230 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 42206 / تحميل: 4718
الحجم الحجم الحجم
رسالة المحقق الكركي

رسالة المحقق الكركي الجزء 1

مؤلف:
العربية

والفرض أن المتنازع لاشاهد له أصلا ورأسا، فمن ادعى شيئا فعليه البيان.

الرابع: الاجماع، فان جميع العلماء ممن نقلت أقوالهم واشتهرت مصنفاتهم عدو المحرمات في النكاح وأباحوا نكاح ما سواها، ولم يعد أحد منهم شيئا من المتنازع في جملة المحرمات، بل ولا ينقل عن أحد من الاثبات الذين يرجع إلى اقوالهم ويعول على أمثالهم، بل في عبارة بعضهم ما يدل على المدعى، وسنشير اليه في موضعه.

فمن ادعى التحريم في شئ من ذلك احتاج مع اقامة الدليل إلى سلف يوافقه، حذرا من أن يكون خارقا للاجماع.

فان قيل: هذا الاجماع الذي ادعيته لو ثبت لكان اجماعا سكوتيا، وهو غير حجة عند المحققين كما تقرر في الاصول.

قلنا: الاجماع السكوتي حقيقته أن يفتي واحد من أهل العصر بحضرة الباقين فلا يصرحون بوفاته ولا يردون فتواه.

ولا كذلك محل النزاع، لان الفقهاء لما عقدوا للمحرمات في النكاح بابا واستوفوا أقسامهن فيه، وتحرزوا أن لا يدعوا من أقسام المحرمات شيئا الا ذكروه، كان ذلك جاريا مجرى التصريح بحل ما سواهن، وهذا حقيقي لا سكوتي.

فان قيل: قد ذكرت في ما سبق نسبة القول بذلك إلى الشهيدرحمه‌الله ، فقد ثبت القائل بالتحريم، فحصل السلف واندفع المحذور.

قلنا: هذه النسبة غير ثابتة عندنا، فانا لم نجدها في مصنف منسوب اليهرحمه‌الله ، ولا سمعناها ممن يركن إلى قوله سماعا يوثق بمثله ويستند اليه، وانما كنا نجدها مكتبة في ظهر بعض كتب الفقه مستندة اليه، وفي خلال المحاورة كنا نسمعها من بعض الطلبة الذين عاصرناهم، وهؤلاء أيضا لو طولبوا باسناد في ذلك تسكن النفس إلى مثله لم يجدوا اليه سبيلا.ومثل هذا لا يشفي غلة، ولا يقطع علة.

وقد رأيت في عصري كثيرا من الحواشي والقيود منسوبة اليهرحمه‌الله وأنا

١٦١

أجزم بفساد تلك النسبة.

والسر في ذلك تصرف الطلبة الذي تعز سلامته من الزيادة والنقصان، أو الخطأ وسوء الفهم.

وما هذا شأنه كيف يجوز أن يجعل قولا لاحد من المعتبرين، أو يجترأ به على مخالفة الاجماع، أو ما يكاد يكون اجماعا ومخالفة ظاهر الكتاب والسنة والادلة الجلية الصريحة، ويجزم لاجله بتحريم ما هو معلوم الحل، ويقطع به عقد النكاح، وتحل زوجة الرجل بسببه لمن سواه، ويحكم بسقوط أحكام الزوجية الثانية شرعا بغير شبهة، ان هذا أمر عظيم وبلاء مبين.

الخامس: الاستصحاب، وهو من وجوه:

أ: استصحاب الحال، فان الزوجة حل قبل الرضاع المذكور، والاصل بقاء ما كان على ما كان إلى أن يثبت الناقل عن حكم الاصل الثابت، ولم يوجد.

ومن ادعى شيئا فعليه البيان، وما يمكن أن يتعلق به الخصم من الاخبار بأضعف سبب سنبين ما فيه مستوفا انشاء الله تعالى.

ب: استصحاب الاجماع إلى موضع النزاع، فان المرأة قبل الرضاع المذكور حلال اجماعا، فكذا بعده، عملا بالاستصحاب، وهذان النوعان من الاستصحاب حجة كما بين في موضعه.

ج: ان حقوق الزوجية ثابتة قبل الرضاع المذكور من الطرفين فكذا بعده، لما تقدم من الاستصحاب، فنفيها يحتاج إلى دليل.

السادس: الاحتياط، فان الفروج مبينة على الاحتياط التام، ولا ريب أن حل المرأة لغير من هي زوجة له بمجرد الرضاع المذكور قول مجانب للاحتياط، بل للتدين، وفيه من الاجتراء على الله، ومخالفة لارشاد السنة المطهرة ما هو بين جلي.

فان قيل: بقاء المرأة المذكورة على حكم النكاح مع بعلها أيضا مخالفا للاحتياط فيعارض الاحتياط بمثله.

١٦٢

قلنا، لا نسلم، فان ذلك انما يخالف الاحتياط لو كان الدليل من الكتاب أو السنة أو الاجماع على خلافه، أو كان ثم اختلاف الفقهاء ظاهر شهير، على انه لو ثبت ذلك لم يستويا، فان الحكم بحل ما يثبت تحريمه ليس كالحكم بحل ما كان حلالا، واين هذا من ذلك !؟ السابع: انتفاء المقتضي للتحريم في المسائل المذكورة من حيث المراد بالمعنى، والمراد بالمعنى: ما يصلح كونه علة للحل في العلة المستنبطة.

أما في الاولى، فلان المرتضع - أعني أخا المرضعة - صار ولدا لها وللفحل وأخت الولد انما تحرم بالبنوة أو بالدخول بامها.

ولهذا اذا انتفى الامران جاز النكاح، كما في أخت أخ الولد مع اختلاف العلاقة.

ومعلوم انتفاء الامرين هنا، على أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انما قال: " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب "(١) ، واخت الولد انما تحرم من جهة النسب اذا كانت بنتا، والا فتحريمها بالمصاهرة، أعني كونها ربيبة مدخولا بأمها، والرضاع كالنسب لا المصاهرة.

وأما الثانية، فلان أقصى ما يقال: ان الزوجة - أعني المرضعة - صارت أما للولد وهي عمته، ولا يلزم من ذلك تحريم، لان عمة الولد انما تحرم على من هي أخته، اذ ليس في الكتاب والسنة ما يدل على تحريم عمة الولد بوجه من الوجوه، الا اذا كانت اختا.

وحينئذ فالتحريم بسبب آخر لا بسبب عمومة الولد، ولا أخوة بين المذكورة وبين أبي المرتضع - أعني زوجها - بنسب ولا رضاع.

والحكم في المسألة الثالثة اظهر، لان خالة الولد لا تحرم الا للجمع بينها وبين اختها، وذلك منتف هنا.

وأما الرابعة، فلان أقصى ما يقال: ان المرضعة صارت جدة ولد الولد من

____________________

(١) من لا يحضره الفقيه ٣: ٢٠٥ حديث ١٤٦٧.

(*)

١٦٣

الرضاعة، وانتفاء تحريم جدة الولد من الرضاعة سيأتي بيانه في المسائل الثلاث التي هي موضع خلاف للاصحاب، على أنه لو ادعى انتفاء التحريم فيها بغير خلاف أمكن، نظرا إلى لحوق الرضاع المشكوك في كونه محرما للنكاح المعلوم حله وان بعد، لان الظاهر عدم الفرق.

وأما الخامسة، فلان المرضعة - أعني الزوجة - قد صارت بنت أخ ولد صاحب اللبن، وبنت أخ الولد انما تحرم بأحد السببين السابقين، أعني: كونها بنت الابن، أو كونها بنت ابن الزوجة المدخول بها، وكلاهما منتف هنا.

وأما في السادسة فلان المرضعة صارت بنت اخت ولده، والتقريب ما تقدم.

ومن ذلك يعلم الوجه في السابعه والثامنة، لان المرضعة صارت بنت ابن عم ولده، أو عمته، أو بنت ابن خال ولده، أو خالته.

وأما في التاسعة، فلان الزوجة قد صارت ام أخ الزوج، وام الاخ انما تحرم بالامومة، أو بكونها مدخولة الاب.

وأما في العاشرة، فلانها وان صارت أما لحافده الا أنها لا تحرم الا بكونها زوجة ولده.

وأما في الحادية عشرة فأظهر، لان أم ولد الاخ لا تحرم.

وأما الثانية عشرة، فلانها وان صارت أم عمه أو عمته لا تحرم، اذ المحرم في ذلك اما أمومة الاب، أو كونها مدخولة الجد.

وقريب منه الحكم في الثالثة عشرة.

ومما يشهد لذلك من عبارات الفقهاء قول الشيخ في المبسوط بعد أن ذكر أحكام الرضاع: فاذا ثبت هذا فانما يحرم من الرضاع من الاعيان السبع التي مضت حرفا بحرف(١) .

وأراد بالاعيان السبع: الامهات، والبنات، والاخوات،

____________________

(١) المبسوط ٥: ٢٩١.

(*)

١٦٤

والعمات، والخالات وبنات الاخ، وبنات الاخت.

وهذا صريح في المراد.

وقال أيضا: يجوز للفحل أن يتزوج بأم المرتضع وبنته واخنه وجدته.

ويجوز لوالد هذا المرتضع أن يتزوج بالتي ارضعته، لانه لما جاز أن يتزوج ام ولده من النسب، فبأن يجوز أن يتزوج بام ولده من الرضاع أولى.

قالوا: أليس لا يجوز أن يتزوج النسب، ويجوز أن يتزوج بام ام ولده من الرضاع، فكيف جاز ذلك وقد قلتم انه يحرم من الرضاع مايحرم من النسب؟ قلنا: ام ام ولده من النسب، ما حرمت بالنسب، بل بالمصاهرة قبل وجود النسب، والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انما قال: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب)(١) لا فانظر إلى ما أرشد اليه رحمة الله من التعليل والتوجيه، وأن التحريم في الرضاع فرع التحريم في النسب في مالم يثبت نظير لحمة النسب حقيقة للتحريم وحكى العلامة في المختلف عبارة ابن حمزة، وهي لا تخلو من اضطراب، ولكن ذكر في آخرها ما صورته: ويجوز للفحل التزوج بأم الصبي وجداته ولوالد الصبي التزويج بالمرضعة وبأمها وبجدتها(٢) .

وقال ابن البراج في المهذب: ويجوز أن يتزوج الرجل بالمرأة التي ارضعت ابنه، وكذلك بزوجها من بنيه غير الذي ارضعته، لانها ليست أما لهم وانما هي ام اخيهم الذي ارضعته، فلا تحرم عليهم، لانها ليست بزوجة لابيهم، وانما حرم الله سبحانه نساء الاباء، وهذه المرأة ليست من الاب بسبيل.

وهكذا يجوز أن يتزوجوا ابنتها التي هي رضيع أخيهم وولدها وولد ولدها،

____________________

(١) من لا يحضره الفقيه ٣: ٣٠٥ حديث ١٤٦٧، المبسوط ٥: ٣٠٥.

(٢) الوسيلة إلى نيل الفضيلة: ٣٠٢، المختلف: ٥٢٠.

(*)

١٦٥

وكذلك يتزوج الرجل بنات المرأة التي ارضعت ولده وبناتهن أيضا، لانهن لم يرضعن من لبنه، ولا بينهن وبينه قرابة من رضاع ولا غيره وانما يحرم نكاحهن على المرتضع(١) .

فانظر إلى وجه تخلصه من التحريم في المذكورات بنفي المقتضي له، حيث أن المقتضي له اما القرابة بالنسب أو الرضاع، أو المصاهرة، وجميع ذلك منتف في المذكورات، وهذا بعينه آت في المسائل المذكورة.

والحاصل من ذلك: ان تحريم الرضاع مقصور على نظير المحرمات بالنسب دون المحرمات بالمصاهرة، والحديث النبويصلى‌الله‌عليه‌وآله يرشد إلى ذلك.

وقال العلامة في التذكرة ما صورته: يحرم في النسب أربع نسوة وقد يحرمن بالرضاع وقد لا يحرمن:

أ: أم الاخ في النسب حرام، لانها اما ام أو زوجة أب، واما في الرضاع، فان كانت كذلك حرمت أيضا، وان لم تكن كذلك لم تحرم، كما لو ارضعت اجنبية أخاك أو اختك لم تحرم.

ب: أم ولد الولد حرام، لانها اما بنته أو زوجة ابنه، وفي الرضاع قد لا تكون احداهما، مثل أن ترضع الاجنبية ابن الابن، فانها ام ولد الولد وليست حراما.

ج: جدة الولد في النسب حرام لانها اما امك أو أم زوجتك، وفي الرضاع قد لا يكون كذلك، اذا ارضعت اجنبية ولدك فان امها جدته، وليست بأمك ولا ام زوجتك.

____________________

(١) المذهب ٢: ١٧٠.

(*)

١٦٦

د: اخت ولدك في النسب حرام عليك، لانها اما بنتك أو ربيبتك، واذا ارضعت اجنبية ولدك فبنتها أخت ولدك، وليست بنت ولا ربيبة.

ولا تحرم أخت الاخ في النسب ولا في الرضاع اذا لم تكن اختا له، بأن يكون له أخ من الاب والاخت من الام، فانه يجوز للاخ من الاب نكاح الاخت من الام وفي الرضاع لو ارضعتك امرأة وارضعت صغيرة اجنبية منك يجوز لاخيك نكاحها، وهي اختك من الرضاع(١) .

فهذا تصريح منه بالمراد، وتنبيه على علة التحريم هي صيرورة المرأة بسبب الرضاع احدى المحرمات بالنسب لا بالمصاهرة.

فان قلت: ستأتي حكاية خلاف للاصحاب في بعض المسائل المذكورة.

قلنا: لا نسلم، لكن ذلك لا يضرنا، مع كون الدليل دالا على المراد ونافيا لمقالة الخصم.

وقال في التحرير: وللابن أن ينكح ام البنت التي لم ترضعه(٢) .

قلت: مراده لو ارتضع صبي وصيبة اجنييتان من امرأة بلبن فحل واحد، كان له أن ينكح ام البنت التي لم ترضعه، لانها وان كانت ام اخته الا انه لا نسب بينه وبينها ولا مصاهرة.

وأم اخيه من النسب انما حرمت اما لانها امه، أو لانها موطوء‌ة أبيه.

قال ايضا: لو ارضعت امرأة صبيين صارا أخوين، ولكل منهما أن ينكح أم اخيه من النسب.

بخلاف الاخوين من النسب، لان ام الاخ من النسب انما حرمت لانها منكوحة الاب، بخلاف ام الاخ من الرضاع.وكذا لو كان لاخيه من النسب أم من الرضاع جاز له أن يتزوج بها.كذا لو أرضعت أمه من النسب

____________________

(١) التذكرة ٢: ٦١٤.

(٢) التحرير ٢: ١١.

(*)

١٦٧

صبيا صار أخاه، وكان له أن يتزوج امه(١) .

هذا كلامه، فانظر إلى جملة هذه المسائل التي نفى عنها التحريم، والى استدلاله كيف يقتضي على محل النزاع في كلامنا بانتفاء التحريم، اذ لو ثبت التحريم في شئ من المسائل السابقة يلزمه مثله هنا، اذ ام الاخ والاخت من الرضاع قد صارت بمنزلة ام الاخ من النسب.

وقال المقداد في كنز العرفان ما صورته: قال الزمخشري: قالوا: تحريم الرضاع كنحريم النسب الا في مسألتين:

احداهما: انه لا يجوز للرجل أن يتزوج أخت ابنه من النسب، والعلة وطء أمها، وهذا المعنى غير موجود في الرضاع.

وثانيتها: لا يجوز أن يتزوج ام أخته من النسب، ويجوز في الرضاع، لان المانع في النسب وطء الاب اياها، وهذا المعنى غير موجود في الرضاع.

وكذا استثنى مسألتان اخريان: احداهما: ام الحفيدة.

وثانيتها: جدة الولد، فانهما محرمتان من النسب دون الرضاع: أما ام الحفيدة فانها بنتك أو زوجة ابنك، ولو ارضعت أجنبية ولدك لم تحرم.

وأما جدة الولد فانها امك أو ام زوجتك، ولو ارضعت أجنبية ولدك كانت امها جدة ولدك ولم تحرم عليك(٢) .

قال المقداد: وفي استثناء هذه الصورة نظر، لان النص انما دل على أن جهة الحرمة في النسب جهة الحرمة في الرضاع، والجهات التي في هذه الصور ليست جهات الحرمة في النسب، فان جهة اختية الابن مثلا لم تعتبر من جهات

____________________

(٢) التحرير ٢: ١١.

(١) الكشاف ١: ٥١٦.

(*)

١٦٨

الحرمة، بل المعتبر فيها اما كونها ربيبة، واما كونها بنتا، وأي جهة من هاتين الجهتين لو وجدت كانت محرمة.

وتوضيحه: ان أخت الابن اذا كانت بنتا يكون لها جهتان: جهة الاختية للابن، وجهة البنتية لك، ولا شك في تغايرهما، والنص دل على الحرمة من جهة البنتية لا من جهة الاختية للابن.

وكذا اذا كانت ربيبة كان لها جهتان: الاختية للابن، وكونها ربيبة.

وجهة الحرمة منها ليست الا كونها ربيبة، على أن جهة الحرمة بحسب المصاهرة لا بحسب النسب، فلا يصح الاستثناء من جهة حرمة النسب(١) .

هذا كلامه، وأنت اذا تأملت هذا الكلام وجدته شارحا للمراد، وافيا ببيان ما نحن بصدد بيانه.

وقد وقع الي تحقيق كتبته قديما على بعض هذه المسائل، وهي: امرأة الرجل اذا رضعت ابن أخيها هل تحرم عليه، لانها صارت عمة ولده، فهي بمنزلة اخته أم لا؟ وحاصل ما كتبته في الجواب: ان العمومة من طرف الاخ في النسب، لامن طرف الفحل، أعني صاحب اللبن، فان صاحب اللبن لا قرابة بينها وبينه بنسب، وهو ظاهر، ولا رضاع، لعدم ارتضاعهما بلبن فحل واحد، والمقتضي للتحريم في عمة الوالد القرابة بينها وبين أبيه، أعني اخوتها اما بالنسب أو بالرضاع، فان ثبوت العمومة المذكورة تابع لاخوة الاب، وهي منتفية من طرف الفحل أصلا ورأسا، وثبوتها من طرف الاب لا يقتضي ثبوتها من طرف الاخر قطعا، فينتفي التحريم بينهما، اذ هو فرع القرابة المنتفية.

والذي أوقع في الغلط صدق اسم العمومة للولد على المذكورة، مع عدم ملاحظة اختلاف جهتي الفحل والاب النسيب.

____________________

(١) كنز العرفان ٢: ١٨٢.

(*)

١٦٩

فان قيل: قد روى الشيخ في الصحيح عن علي بن مهزيار قال: سأل عيسى ابن جعفر بن عيسى أبا جعفر الثاني عن امرأة ارضعت لي صبيا، فهل يحل لي أن اتزوج ابنة زوجها؟ فقال لي: " ما أجود ما سألت، من هاهنا يؤتي أن يقول الناس: حرمت عليه امرأته من قبل لبن الفحل، هذا هو لبن الفحل لا غيره ".

فقلت له: الجارية ليست ابنة المرأة التي ارضعت لي، هي ابنة غيرها.

فقال: " لو كن عشرا متفرقات ما حل لك منهن شئ وكن في موضع بناتك "(١) .

وروى ابن يعقوب في الصحيح عن عبدالله بن جعفر قال: كتبت إلى أبي محمدعليه‌السلام : ان امرأة ارضعت ولدا لرجل، هل يحل لذلك الرجل أن يتزوج ابنة هذه المرأة أم لا؟ فوقع: " لا يحل له "(٢) .

وروى أيوب بن نوح قال: كتب علي بن شعيب إلى أبي الحسنعليه‌السلام : امرأة أرضعت بعض ولدي هل يجوز لي أن اتزوج بعض ولدها؟ فكتب: " لا يجوز ذلك، لان ولدها صارت بمنزلة ولدك "(٣) .

فهذه الروايات الثلاث دالة على أن من صار بالرضاع في موضع المحرم حرم نكاحه، وذلك دال على التحريم في المسائل المتنازع فيها.

قلنا: الجواب عن ذلك من وجوه: الاول: ان الروايات الثلاث تضمنت واقعة معينة فلا عموم لها، وما هذا شأنه لا يكون حجة على محل النزاع.

فان قيل: أليس قد تضمنت تعليل التحريم، بأنهن في موضع بنات أبي المرتضع،

____________________

(١) التهذيب ٧: ٣٢٠ حديث ١٣٢٠.

(٢) الكافى ٥: ٤٤٧ حديث ١٨ باب: انه لا رضاع بعد فطام، من لا يحضره الفقيه ٣: ٣٠٦ حديث ١٤٧١.

(٣) التهذيب ٧: ٣٢١ حديث ١٣٢٤.

(*)

١٧٠

فاذا انتفت الدلالة الصريحة كفى الاستدلال بجهة نصوص العلة.

أجبنا: بأن الثانية منهن لا تعليل فيها، فلا دلالة لها بوجه، وأما الاولى والثانية فانهما وان تضمنت التعليل كما ذكر في السؤال، الا أن ذلك لا يفيد ما ادعاه الخصم، لان التعليل في النصوص انما يقتضي ثبوت الحكم حيث تثبت تلك العلة بعينها، لا حيث ثبت ما اشبهها، فان ذلك عين القياس الممنوع منه.

ونحن نقول بالموجب، فانا بعد تسليم الدلالة المذكورة وانتفاء القوادح يحكم بالتحريم، حيث صارت بمنزلة الولد، وهو المنصوص والمتنازع فيه ما اذا صارت بمنزلة المحرم مطلقا.

وأين هذا من ذاك، فمن حاول تعدية الحكم المستند إلى العلة المنصوص عليها إلى موضع انتفت فيه تلك العلة، لكن شبيه فيه ما هو شبهها، فقد ارتكب العمل بالقياس وخرج عن الاصول المقررة وذلك باطل قطعا، وقول في الدين بغير علم.

الثاني: ان في التعليل المذكور اجمالا ولبسا، لان موضع البنات الحقيقي ومنزلتهن في قوله: " وكن في موضع بناتك "، وقوله: " وصارت بمنزلة ولدك " غير مراد قطعا، اذ لا معنى له، والمجاز غير متعين، لاحتمال ارادة المساواة في الوصف المقتضي للتحريم، وارادة غير ذلك كالاحترام أو استحقاق الشفقة مثلا.

ومع الاجمال المذكور كيف يمكن الحمل على ذلك المعنى ليحصل تعدية الحكم إلى محل آخر.

سلمنا الحمل على المساواة لتعينه فما المراد من هذه المساواة أم من بعض الوجود أم من جميعها.

لا جائز أن يراد البعض ولا يثبت التحريم بالمساواة في أمرها، عملا بمقتضي التعليل المذكور، ولا جائز أن يراد المساواة من جميع الوجوه، لامتناع تحققه، ولا من وجه معين بخصوصه، لعدم اشعار اللفظ له بشئ.

الثالث: انا اذا سلمنا دلالة الروايات المذكورة على المراد بغير مانع مما

١٧١

ذكر أمكن القدح بوجه آخر، وذلك لان حكاية الحال في السؤال أعني قوله: أمرأة ارضعت لي صببا فهل يحل لي أن اتزوج ابنة زوجها، تحتمل كون زوجها هو صاحب اللبن وغيره، ومع ذلك فتحمل كون البنت المذكورة منها ومن غيرها وترك الاستفصال في نحو ذلك دليل العموم، فيقتضي تحريم بنت الزوج من غيرها وان لم يكن الزوج هو صاحب اللبن، وهو باطل بالاجماع.ومثل هذا بعينه آت من الثانية والثالثة، لان قوله في السؤال: هل يحل لذلك الرجل أن يتزوج ابنة هذه المرأة، وقوله: هل يجوز لي أن اتزوج بعض ولدها، كما يحتمل أن تكون ابنة المرأة ابنة لصاحب اللبن يحتمل أن تكون ابنة لغيره أيضا.وكما يحتمل كونها ابنة لها من النسب يحتمل كونها ابنة لها من الرضاع، فيقتضي ترك الاستفصال تحريم بنت المرضعة من الرضاع بلبن فحل آخر على أب الصبي، وهو باطل قطعا، ومع ذلك فهما مكاتبتان، وما هذا شأنه كيف يتمسك به، بل كيف يتعدى حكمه إلى غيره قياسا ! وأما المسائل الثلاث التي تكلم فيها الاصحاب:

فالاولى: أم أم المرتضع نسبا أو رضاعا هل تحرم على صاحب اللبن - أعني الفحل - أم لا؟ قولان للاصحاب:

أحدهما:[ عدم التحريم ]، وبه قال الشيخ في المبسوط(١) ، وابن حمزة(٢) وابن البراج(٣) ، والعلامة في التحرير والقواعد والتلخيص(٤) ، وظاهر عبارته في الارشاد عدم التحريم، لعدم المقتضي له، فانه ليس الا كونها جدة ابنه.وذلك لا يصلح دليلا على التحريم، لان جدة الولد انما حرمت بالمصاهرة، أعني الدخول

____________________

(١) المبسوط ٥: ٣٠٥.

(٢) الوسيلة: ٣٠٢٢.

(٣) المهذب ٢: ١٩٠.

(٤) التحرير ٢: ٥، القواعد ٢: ١١.

(*)

١٧٢

بابنتها، وذلك منتف هنا، فيتمسك بأصالة الحل إلى أن يثبت الدليل المحرم.والثاني: التحريم، وبه أفتى الشيخ في الخلاف(١) ، ونصره ابن ادريس(٢) ، واختاره العلامة في المختلف مع اعترافه بقوة المذهب الاول(٣) ، وفي التذكرة لم يصرح بشئ لكن الظاهر منه الميل إلى التحريم(٤) .وحجتهم ما تقدم من الاخبار الصحيحة، ووجه الاستدلال بها حكمهمعليهم‌السلام بتحريم أخت الابن من الرضاع وجعلها في موضع البنت، واخت الابن تحريمها بالنسب اذا كانت بنتا، وبالسبب اذا كانت بنت الزوجة.والتحريم هنا بالمصاهرة، وقد جعل الرضاع كالنسب في ذلك، فيكون في أم الام كذلك، وليس قياسا لانه نبه بجزئي من كلي على حكم الكلي، كذا احتج شيخنا في شرح الارشاد، وفيه نظر.أما أولا فلان المشار اليه بقوله: في ذلك، هو تحريم بنت الزوجة، أي جعل الرضاع كالنسب في تحريم بنت الزوجة، أي كما تحرم بالنسب تحرم بالرضاع، ومعلوم أن تحريمها اذا لم تكن بنتا ليس بالنسب، انما هو بالمصاهرة، فلا يستقيم قوله: جعل الرضاع كالنسب في ذلك.وأما ثانيا فلانه لا يلزم من ثبوت التحريم في هذا الفرد المعين مع خروجه عن حكم الاصل، وظاهر القواعد المقررة - ورود النص عليه بخصوصه - تعدية الحكم إلى ما اشبهه من المسائل، فان ذلك عين القياس.وادعاؤه نفي القياس عنه، واعتذاره بانه نبه بجزئي من كلي على حكم الكلي لا يفيد شيئا، لان تعريق

____________________

(١) الخلاف ٢: ٢١٦.

(٢) السرائر: ٢٩٤.

(٣) المختلف: ٥٢٠.

(٤) التذكرة ٢: ٦١٤.

(*)

١٧٣

القياس صادق عليه، عرف بأنه تعدية الحكم من الاصل إلى الفرع بعلة متحدة فيهما.والاصل في ماذكره هو اخت الولد من الرضاع، والفرع هو جدة الولد من الرضاع، والحكم المطلوب تعديته هو التحريم الثابت في الاصول بالنص، وما يظن كونه علة التحريم هو كون اخت الولد من الرضاع في موضع من يحرم من النسب، أعني البنت النسبية.وهذا بعينه قائم في جدة الولد من الرضاع فانها في موضع جدته من النسب بل ما ذكره أسوء حالا من القياس، لانك قد عرفت أن القياس تعدية الحكم من جزئي إلى آخر، لاشتراكهما في ما يظن كونه علة للحكم، وهورحمه‌الله قد حاول تعدية الحكم من الجزئي إلى الكلي، ونبه على العلة وثبوتها في الفرع أول كلامه واغرب في عبارته فسمى ذلك تنبيها على الحكم ونفى عنه اسم القياس، وذلك لا يحصنه من الايراد والاعتراض، ولا يلتبس على الناظر المتأمل كونه قياسا.

الثانية: أولاد الفحل ولادة ورضاعا هل يحرم على أب المرتضع أم لا؟ الخلاف هنا كالخلاف في ما سبق، غير أن التحريم هنا راجع عملا بظاهر دلالة النصوص السالفة، ولا محذر في استثناء هذه المسألة من قاعدة عدم التحريم في الرضاع بالمصاهرة لاختصاصها بالنص.فان قيل: النصوص السالفة دلت على تحريم اولاد المرضعة، وهو يقتضي شيئين: أحدهما: عدم الاشعار بتحريم أولاد الفحل من غيرها فكيف عممتم التحريم؟ والثاني: تحريم أولادها من الرضاعة وان كان بلبن فحل آخر، لعموم صدق أولادها عليهم وانتم لا تقولون به.قلنا: أما الامر الاول فصحيح بالنسبة إلى الروايتين الاخيرتين، وأما بالنسبة إلى الاول فلا، لانها مصرحة بتحريم أولاد الفحل، فان أول السؤال معنون به، ولا يضر التعبير بالزوج، فانه وان كان أعم من الفحل الا أن الاصحاب مطبقون على

١٧٤

ارادة صاحب اللبن، ولعلهم فهموه من لفظ واهتدوا اليه باقتضاء الاجماع له.وأما الامر الثاني فالعموم بحسب الظاهر ثابت، لكن الاجماع منعقد على اعتبار اتحاد الفحل في ثبوت التحريم.فان قيل: هذا شأن أولاد الفحل بالنسبة إلى أب المرتضع، فما تقول في أولاد أب المرتضع ولادة ورضاعا، واخواته هل تحرم على الفحل أم لا؟ قلنا: الخلاف السابق جار هنا، وقد صرح العلامة بعدم التحريم، قال في التحرير في البحث السادس من اللواحق ما صورته: قال الشيخ في الخلاف: اذا حصل الرضاع المحرم لم يحل للفحل نكاح أحت المرتضع بلبنه، ولا لاحد من أولاده من غير المرضعة ومنها، لان اخوته واخواته صاروا بمنزلة أولاده(١) وليس بمعتمد(٢) .وفي القواعد يعد أن قوى عدم تحريم الرضاع بالمصاهرة فرع عليه عدم التحريم في المسائل المذكورة، وصرح بعدم التحريم في هذه المسألة قال: فللفحل نكاح أم المرتضع واخته وجدته.والظاهر عدم الفرق بين بنات الفحل بالنسبة إلى أب المرتضع وأخوات المرتضع بالنسبة إلى الفحل، نظرا إلى العلة المذكورة في الحديثين السابقين.فان كانا حجة وجب التمسك بمقتضى العلة المنصوصة، والا انتفى التحريم في المقامين، وعلى كل حال فالعمل بالاحتياط فيهما أولى وأحرى.

الثالثة: هل لاولاد ابي المرتضع الذين لم يرتضعوا من هذا اللبن أن ينكحوا في أولاد المرضعة ولادة، وفي أولاد فحلها ولادة ورضاعا، أم لا؟ قولان أيضا

____________________

(١) الخلاف ٢: ٢١٦.

(٢) التحرير ٢: ١٢.

(٣) القواعد: ٢: ١٢.

(*)

١٧٥

للاصحاب كنحوما سبق، لكن القائل بالتحريم هنا هو الشيخ في الخلاف والنهاية(١) .وقال ابن ادريس: قول شيخنا في ذلك غير واضح، وأي تحريم حصل بين اخت هذا المولود المرتضع وبين أولاد الفحل، وليست اختهم لامن أمهم ولا من أبيهم، والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله جعل النسب أصلا للرضاع في التحريم فقال: " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب "، وفي النسب لا تحرم على الانسان أخت أخيه التي لامن أمه ولا من أبيه(٢) .وفي المبسوط حكم بعدم التحريم في ذلك، والتجأ إلى ما أصله من أن التحريم بالمرتضع وحده، ومن كان من نسله دون من كان من طبقته، وهذه من طبقته، لانه لا نسب بينه وبين أخت أخيه ولا رضاع، وهو واضح(٣) .فان قيل: النص السابق يدل على التحريم هنا التزاما، لانه لما تضمن تحريم الاولاد على أب المرتضع، معللا بأنهم بمنزلة أولاده في التحريم، لزم من ذلك أن يكونوا لاولاده كالاخوة، فيحرم بعضهم على بعض، لان البنوة لصاحب اللبن والاخوة لاولاده متلازمان، فيمتنع ثبوت احداهما مع انتفاء الاخرى، وقد ثبتت البنوه بالنصوص السالفة فتثبت الاخوة، فيلزم التحريم.قلنا: نمنع الدلالة الالتزامية هنا، لان من شرطها اللزوم الذهني، بالمعنى الاخص، وليس بثابت، بل يمتنع التلازم أصلا، فان ثبوت بنوة شخص لاخر تقتضي ثبوت الاخوة لاولاده، لا ثبوت الاخوة لاخوة أولاده، وذلك غير مقتضى للتحريم بوجه من الوجوه، والله اعلم بالصواب.

____________________

(١) الخلاف ٢: ٢١٦، النهاية: ٤٦٢.

(٢) السرائر: ٢٩٥.

(٣) المبسوط ٥: ٢٩٢.

(*)

١٧٦

(٦) رسالة قاطعة اللجاج في تحقيق حل الخراج

١٧٧

١٧٨

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أيد كلمة الحق بالبراهين القاطعة، وأعلا كلمة الصدق بالحجج اللامعة، ودرج أباطيل المغترين بالدلائل الدامغة، وأذل أعناق المغالبين بالبينات القامعة.والصلاة والسلام على المبعوث بخير الاديان، محمد المختار من شجرة بني عدنان، وعلى آله الاطهار المهتدين، وعترته الاخيار الحفظة للدين.وبعد، فاني لما توالى على سمعي تصدي جماعة من المتسمين بسمة الصلاح، وثلة من غوغاء الهمج الرعاع أتباع كل ناعق، الذين أخذوا من الجهالة بحظ وافر، واستولى عليهم الشيطان، فحل منهم في سويداء الخاطر، لتقريض العرض وتمزين الاديم، والقدح بمخالفة الشرع الكريم، والخروج عن سواء المنهج القويم.حيث انا لما ألزمنا الاقامة ببلاد العراق، وتعذر علينا الانتشار في الافاق، لاسباب ليس هذا محل ذكرها، لم نجد بدا من التعلق بالغربة لدفع الامور الضرورية من لوازم متممات المعيشة، مقتفين في ذلك أثر جمع كثير من العلماء، وجم غفير من الكبراء الاتقياء، اعتمادا على ما ثبت بطريق أهل البيتعليهم‌السلام :

١٧٩

من أن أرض العراق ونحوها مما فتح عنوة بالسيف لا يملكها مالك مخصوص بل للمسلمين قاطبة، يؤخذ منها الخراج أو المقاسمة، ويصرف في مصارفه التي بها رواج الدين بأمر امام الحق من أهل البيتعليهم‌السلام ، كما وقع في أيام أمير المؤمنينعليه‌السلام .وفي حال غيبتهعليهم‌السلام قد أذن أئمتناعليهم‌السلام لشيعتهم في تناول ذلك من سلاطبن الجور - كما سنذكره مفصلا - فلهذا تداوله العلماء الماضون والسلف الصالحون، غير مستنكر ولا مستهجن.وفي زماننا حيث استولى الجهل على أكثر أهل العصر، واندرس بينهم معظم الاحكام، وخفيت مواقع الحلال والحرام، هدرت شقاشق الجاهلين، وكثرت چرأتهم على أهل الدين، استخرت الله تعالى وكتبت في تحقيق هذه المسألة رسالة ضمنتها ما نقله فقهاؤنا في ذلك من الاخبار عن الائمة الاطهارعليهم‌السلام ، واودعتها ما صرحوا به في كتبهم من الفتوى بأن ذلك حلال لا شك فيه، وطلق لا شبهة تعتريه، على وجه بديع، تذعن له قلوب العلماء، ولا تمجه اسماع الفضلاء.واعتمدت في ذلك أن ابين عن هذه المسألة التي قل بذرها، وجهل قدرها، غيرة على عقائل المسائل، لا حرصا على حطام هذا العاجل، ولا تفاديا من تعويض جاهل، فان لنا بموالينا أهل البيتعليهم‌السلام أعظم اسوة واكمل قدوة، فقد قال الناس فيهم الاقاويل ونسبوا اليهم الاباطيل، وبملاحظة لو كان المؤمن في حجر ضب يبر كل عليل.مع اني لما اقتصر في ما اشرت اليه على مجرد ما نبهنا عليه، بل اضفت إلى ذلك من الاسباب التى تثمر الملك ونفيد الحل، ما لا يشوبه شك ولا يلحقه لبس من شراء حصة في الاشجار، والاختصاص بمقدار معين من البذر، فقد ذكر اصحابنا طرقا للتخلص من الربا واسقاط الشفعة، ونحوها مما هو مشهور متداول

١٨٠