رسالة المحقق الكركي الجزء ١

رسالة المحقق الكركي0%

رسالة المحقق الكركي مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 230

رسالة المحقق الكركي

مؤلف: الشيخ علي بن الحسين الكركي
تصنيف:

الصفحات: 230
المشاهدات: 42192
تحميل: 4717


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 230 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 42192 / تحميل: 4717
الحجم الحجم الحجم
رسالة المحقق الكركي

رسالة المحقق الكركي الجزء 1

مؤلف:
العربية

بل لا ينفك عنها الا القليل النادر، وقد استقر في النفوس قبوله وعدم النفر منه، مع أن ما اعتمدته في ذلك أولى بالبعد عن الشبهة واحرى بسلوك جادة الشريعة.ولم اودع في هذه الرسالة من الفتوى الا ما اعتقدت صحته، واقدمت على لقاء الله به، مع علمي بأن من خلا قلبه من الهوى وبصر بصيرته من الغوى، وراقب الله تعالى في سريرته وعلانيتة، لا يجد بدا من الاعتراف به والحكم بصحته، وسميتها ب‍ " قاطعة اللجاج في تحقيق حل الخراج " ورتبتها على مقدمات خمس، ومقالة، وخاتمة، وسألت الله أن يلهمني اصابة الحق ويجنبني القول بالهوى، انه ولي ذلك والقادر عليه.

المقدمة الاولى: في أقسام الارضين

وهي في الاصل على قسمين:

احدهما: أرض بلاد الاسلام، وهي على قسمين أيضا: عامر، وموات.

فالعامر ملك لاهله، لا يجوز التصرف فيه الا باذن ملاكه والموات ان لم يجر عليه ملك مسلم فهو لامام المسلمين يفعل به مايشاء، وليس هذا القسم من محل البحث المقصود القسم الثانى: ما ليس كذلك وهو أربعة أقسام: أحدها: ما يملك بالاستغنام ويؤخذ بالسيف، وهو المسمى بالمفتوح عنوة.وهذه الارض للمسلمين قاطبة، لا يختص بها المقاتلة عند اصحابنا كافة، خلافا لبعض العامة.ولا يفضلون فيها على غيرهم، ولا يتخير الامام بين قسمتها ووقفها وتقرير أهلها عليها بالخراج، بل يقبلها الامام لمن يقوم بعمارتها بما يراه من النصف،

١٨١

أو الثلث، أو غير ذلك.وعلى المتقبل اخراج مال القبالة التي هي حق الرقبة، وفيما يفضل في يده اذا كان نصابا العشر أو نصف العشر.ولا يصح التصرف في هذه الارض بالبيع والشراء والوقف، وغير ذلك وللامام أن ينقلها من متقبل إلى آخر اذا انقضت هذه القبالة: أو اقتضت المصلحة ذلك، وله التصرف فيها بحسب مايراه الامام من مصلحة المسلمين واننفاع الارض يصرف إلى المسلمين والى مصالحهم، وليس للمقاتلة فيه الا مثل ما لغيرهم من النصيب في الارتفاع.

وثانيها: أرض من اسلم اهلها عليها طوعا من غير قتال، وحكمها أن تترك في ايديهم ملكا لهم يتصرفون فيها بالبيع والشراء والوقف، وسائر انواع التصرف، اذا اقاموا بعمارتها، ويؤخذ منهم العشر أو نصفه بالشرائط.فان تركوا عمارتها وتركوها خرابا كانت للمسلمين قاطبة، وجاز للامام أن يقبلها ممن يعمرها بما يراه من النصف أو الثلث أو الربع، ونحو ذلك.وعلى المتقبل بعد اخراج حق القبالة ومؤنة الارض مع وجود النصاب العشر أو نصفه.وعلى الامام أن يعطي اربابها حق الرقبة من القبالة على المشهور، افتى به الشيخرحمه‌الله في المبسوط والنهاية(١) ، وأبوالصلاح(٢) ، وهو الظاهر من عبارة المحقق نجم الدين في الشرائع(٣) ، واختاره العلامة في المنتهى والتذكرة والتحرير(٤) ، وابن حمزة، وابن البراج ذهبا إلى انها تصير للمسلمين قاطبة وأمرها

____________________

(١) المبسوط ١: ٢٣٥ النهاية: ١٩٤.

(٢) الكافى في الفقيه: ٢٦٠.

(٣) الشرائع ١: ٣٢٣.

(٤) المنتهى ٢: ٩٣٥، التذكرة ١: ٤٢٧، التحرير ١: ١٤٢.

(*)

١٨٢

إلى الامام(١) ، وكلام شيخنا في الدروس قريب من كلامهما فانه قال: يقبلها الامام بما يراه ويصرفه في مصالح المسلمين(٢) .وابن ادريس منع من ذلك كله وقال: انها باقية على ملك الاول، ولا يجوز التصرف فيها الا باذنه(٣) ، وهو متروك.احتج الشيخ بما رواه صفوان بن يحيى واحمد بن محمد بن أبي نصر قال: ذكرنا له الكوفة وما وضع عليها من الخراج، وما سار فيها أهل بيته فقال: " من اسلم طوعا تركت ارضه في يده، وأخذ منه العشر مما سقت السماء والانهار، ونصف العشر مما كان بالرشا في ما عمروه منها، وما لم يعمروه منها أخذه الامام فقبله ممن يعمره، وكان للمسلمين، وعلى المتقبلين في حصصهم العشر أو نصف العشر "(٤) .وفي الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: ذكرت لابي الحسن الرضاعليه‌السلام الخراج وما سار به أهل بيته فقال: " العشر ونصف العشر على من اسلم تطوعا تركت ارضه في يده، وأخذ منه العشر ونصف العشر في ما عمر منها، وما لم يعمر أخذها الوالي فقبله ممن يعمره وكان للمسلمين، وليس في ما كان أقل من خمسة أو ساق شئ، وما أخذ بالسيف فذلك للامام يقبله بالذي يرى، كما صنع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بخيبر"(٥) .واعترض في المختلف بأن السؤال انما وقع عن أرض الخراج، ولا نزاع

____________________

(١) الوسيلة: ١٣٢، المهذب ١: ١٨١.

(٢) الدروس: ١٦٣.

(٣) السرائر: ١١٠.

(٤) التهذيب ٤: ١١٨ حديث ٣٤١.

(٥) التهذيب ٤: ١١٩ حديث ٣٤٢.

(*)

١٨٣

فيه، بل النزاع في أرض من أسلم أهلها عليها.ثم أجاب بأن الجواب أولا عن أرض من أسلم أهلها عليها، ثم انهعليه‌السلام أجاب عن أرض العنوة(١) .اذا عرفت ذلك فاعلم أن العلامة في المختلف أجاب بهاتين الروايتين على مختار الشيخ والجماعة، وهما في الدلالة على مختار ابن حمزة وابن البراج أظهر.ثم احتج لهما برواية لا تدل على مطلوبهما، بل ولا تلتئم على مقالتهما، وليس لنا في بيان ذلك كثير فائدة، نعم بمقتضى الروايتين المتجه ما ذهب اليه.

وثالثها: أرض الصلح، وهي كل أرض صالح أهلها عليها، وهي أرض الجزية فيلزمهم ما يصالحهم الامام عليه من نصف أو ثلث أو ربع، أو غير ذلك.وليس عليهم شئ سواه، فاذا أسلم أربابها كان حكم أرضهم حكم أرض من اسلم طوعا ابتداء‌ا، ويسقط عنهم الصلح لانه جزية.

ويصح لاربابها التصرف فيها بالبيع والشراء والهبة، وغير ذلك: وللامام أن يزيد وينقص ما يصالحهم عليه بعد انقضاء مدة الصلح حسب ما يراه من زيادة الجزية ونقصانها، ولو باعها المالك من مسلم صح وانتقل ما عليها إلى رقبة البائع.وهذا اذا صولحوا على أن الارض لهم، أما لو صولحوا على أن الارض للمسلمين وعلى اعناقهم الجزية كان حكمها حكم الارض المفتوحة عنوة، عامرها للمسلمين ومواتها للامامعليه‌السلام .

ورابعها: أرض الانفال: وهي كل ارض انجلى اهلها عنها وتركوها أو كانت مواتا لغير ذلك فأحييت، أو كانت آجاما وغيرها مما لا يزرع فاستحدثت مزارع فانها كلها للامام خاصة، لا نصيب لاحد معه فيها، وله التصرف فيهما بالبيع والشراء والهبة والقبض حسب ما يراه.وكان له أن يقبلها بما يراه من نصف أو ثلث أو ربع.

____________________

(١) المختلف.٣٣٢.

(*)

١٨٤

ويجوز له نزعها من يد متقبلها اذا انقضت مدة الزمان، الا ما أحييت بعد موتها، فان من أحياها أولى بالتصرف فيها اذا تقبلها بما يتقبلها غيره، فان أبى كان للامام نزعها من يده وتقبيلها لمن يراه، وعلى المتقبل بعد اخراج مال القبالة في ما يحصل العشر أو نصفه.

مسائل:

الاولى: تقسيم الارض إلى هذا الاقسام الاربعة بعينه موجود في كلام الشيخرحمه‌الله في المبسوط والنهاية(١) ، بل تكاد عبارته تطابق العبارة المذكورة هنا.والظاهر انه لا خلاف بين الاصحاب في ذلك، فقد ذكره كذلك جماعة المتأخرين كابن ادريس(٢) ، والمحقق ابن سعيد(٣) ، والعلامة في مطولاته كالمنتهى والتذكرة(٤) ، ومتوسطانه كالتحرير(٥) ومختصراته كالقواعد والارشاد(٦) ، وكذا لشيخنا الشهيد في دروسة(٧) .

الثانية: قال الشيخ: كل موضع أوجبنا فيه العشر أو نصف العشر من أقسام الارضين، اذا اخرج الانسان مؤنته ومؤنة عياله لسنة وجب عليه في الذي يبقى بعد ذلك الخمس لاهله(٨) ، وهو متجه.

____________________

(١) المبسوط ٢: ٢٩، النهاية: ١٩٤.

(٢) السرائر: ١١٠.

(٣) الشرائع ١: ٣٢٣.

(٤) المنتهى ٢: ٩٣٥، التذكرة ١: ٤٢٧.

(٥) التحرير ١: ١٤٢.

(٦) القواعد ١: ١٠٦.

(٧) الدروس: ١٦٣.

(٨) المبسوط ١: ٢٣٦.

(*)

١٨٥

الثالثة: ما يؤخذ من هذه الاراضي اما مقاسمة بالحصة، أو ضريبة تسمى الخراج، يصرف لمن له رقبة تلك الارض، فما كان من المفتوح عنوة فمصرفه للمسلمين قاطبة.وكذا ما يؤخذ من أرض الصلح - اعني الجزية - وما يؤخذ مما اسلم اهلها عليها اذا تركوا عمارتها على ما سبق، وما كان من أرض الانفال فهو للامامعليه‌السلام ، وسيأتي تفصيل ذلك في موضعه انشاء الله تعالى.المقدمة الثانية في حكم المفتوح عنوة أعني المأخوذة بالسيف قهرا، لان فيه معنى الاذلال، ومنه قوله تعالى " وعنت الوجوه للحي القيوم "(١) أي ذلت، وفيه مسائل: الاولى: قد قدمنا أن هذه الارض للمسلمين قاطبة، لا يختص بها المقاتلة، لكن اذا كانت محياة وقت الفتح فلا يصح بيعها والحالة هذه، ولا وقفها ولا هبتها، بل يصرف الامام حاصلها في مصالح المسلمين، مثل سد الثغور، ومعوتة الغزاة وبناء القناطر.ويخرج منها ارزاق القضاة والولاة وصاحب الديوان، وغير ذلك من مصالح المسلمين، ذهب إلى ذلك اصحابنا كافة.قال الشيخ في المبسوط عندما ذكر هذا القسم من الارضين: ويكون للامام النظر فيها وتقبيلها وتضمينها بما شاء، ويأخذ ارتفاعها ويصرفه في مصالح المسلمين وما ينوبهم من سد الثغور، ومعونة المجاهدين، وبناء القناطر، وغير ذلك من المصالح.وليس للغانمين في هذه الارض شئ خصوصا، بل هم والمسلمين فيه سواء ولا يصح بيع شئ من هذه الارض، ولا هبته، ولا معاوضته، ولا تمليكه، ولا وقفه

____________________

(١) طه: ١١١.

(*)

١٨٦

ولا رهنه، ولا اجارته، ولا ارثه.ولا يصح أن ينشأ دورا، ولا منازل، ولا مساجد وسقايات، ولا غير ذلك من انواع النصرف الذي يتبع الملك.ومتى فعل شئ من ذلك كان التصرف باطلا، وهو باق على الاصل(١) .هذا كلامهرحمه‌الله بحروفه، وكلامه في النهاية قريب من ذلك(٢) ، وكذا كلام ابن ادريس في السرائر(٣) ، والذي وقفنا عليه من كلام المتأخرين عن زمان الشيخ غير مخالف لشئ من ذلك.وهذا العلامة في كتاب منتهى المطلب، وتذكرة الفقهاء، والتحرير مصرح بذلك.قال في المنتهى: قد بينا أن الارض المأخوذة عنوة لا يختص بها الغانمون بل هي للمسلمين قاطبة ان كانت محياة وقت الفتح، ولا يصح بيعها ولا هبتها ولا وقفها، بل يصرف الامام حاصلها في المصالح مثل: سد الثغور، ومعونة الغزاة وبناء القناطر.ويخرج منها أرزاق القضاة والولاة وصاحب الديوان، وغير ذلك من مصالح المسلمين(٤) .وقد تكرر ذلك في كلامه نحو هذا قبل وبعد(٥) .وكذا قال في التذكرة والتحرير(٦) ، فلا حاجة إلى التطويل بايراد عبارته فيهما.وقد روى الشيخ في التهذيب عن حماد بن عيسى قال: رواه لي بعض اصحابنا ذكره عن العبد الصالح أبي الحسن الاولعليه‌السلام في حديث طويل أخذنا منه

____________________

(١) المبسوط ٢: ٣٤.

(٢) النهاية: ١٩٤.

(٣) السرائر: ١١٠.

(٤) المنتهى ٢: ٩٣٦.

(٥) المنتهى ٢: ٩٣٤، ٩٣٥.

(٦) التذكرة ١: ٤٢٧، التحرير ١: ١٤٢.

(*)

١٨٧

موضع الحاجة قال: " وليس لمن قاتل شئ من الارضين وما غلبوا عليه الا ما احتوى العسكر - إلى أن قال -: والارض التي أخذت عنوة بخيل وركاب فهي موقوفة متروكة في ايدي من يعمرها ويحييها، ويقوم عليها على صلح ما يصالحهم الوالي على قدر طاقتهم من الخراج النصف أو الثلثأو الثلثان.وعلى قدر ما يكون لهم صالحا ولا يضر بهم.فاذا خرج منها نماء بدأ فأخرج منها العشر من الجميع مما سقت السماء أو سقي سيحا، ونصف العشر مما سقي بالدوالي والنواضح فأخذه الوالي فوجهه في الوجه الذي وجهه الله تعالى له - إلى أن قال -: ويؤخذ بعد ما يبقى من العشر فيقسم بين الوالي وبين شركائه الذين هم عمال الارض واكرتها، فيدفع اليهم انصبائهم على قدر ماصالحهم عليه، ويأخذ الباقي فيكون ذلك ارزاق أعوانه على دين الله، وفي مصلحة ما ينويه من تقوية الاسلام وتقوية الدين في وجوه الجهاد، وغير ذلك مما فيه مصلحة العامة، ليس لنفسه من ذلك قليل ولا كثير وله بعد الخمس الانفال.والانفال كل أرض خربة قد باد أهلها، وكل أرض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب، ولكن صولحوا عليها واعطوا بأيديهم على غير فتال.وله رؤوس الجبال، وبطون الاودية، والاجام، وكل أرض ميتة لارب لها، وله صوافي المملوك مما كان بأيديهم من غير وجه الغصب، لان المغصوب كله مردود وهو وارث من لا وارث له "(١) .الحديث بتمامه.وهذا الحديث وان كان من المراسيل، الا أن الاصحاب تلقوه بالقبول، ولم تجد له راد، وقد عملوا بمضمونه، واحتج به على ما تضمن من مسائل هذا الباب

____________________

(١) التهذيب ٤: ١٢٨ حديث ٣٦٦.

(*)

١٨٨

العلامة في المنتهى(١) ، وما هذا شأنه فهو حجة بين الاصحاب، فان ما فيه من الضعف ينجبر بهذا القدر من الشهرة.بقي شئ، وهو انه تضمن وجوب الزكاة قبل حق الارض، وبعد ذلك يؤخذ حق الارض، والمشهور بين الاصحاب أن الزكاة بعد المؤن.نعم هو قول الشيخرحمه‌الله (٢) .وروى الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: " ما أخذ بالسيف فذلك للامامعليه‌السلام يقبله بالذي يرى، كما صنع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بخيبر، قبل أرضها ونخلها، والناس يقولون: لا تصح قبالة الارض والنخل اذا كان البياض أكثر من السواد، وقد قبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خيبر.وعليهم في حصصهم العشر ونصف العشر "(٣) .وفي معناه ما رواه أيضا مقطوعا عن صفوان بن يحيى واحمد بن أبي نصر(٤) .

الثانية: موات هذه الارض - أعني المفتوحة عنوة، وهو ما كان في وقت الفتح مواتا - للامامعليه‌السلام خاصة، لا يجوز لاحد احياؤه الا باذنه ان كان ظاهرا.ولو تصرف فيها متصرف بغير اذنه كان عليه طسقها.وحال الغيبة يملكها المحيي بغير اذن.ويرشد إلى بعض هذه الاحكام ما اوردناه في الحديث السابق عن أبي الحسن الاولعليه‌السلام .وأدل منه ما رواه الشيخ في الصحيح عن عمر بن يزيد: انه سمع

____________________

(١) المنتهى ٢: ٩٣٤.

(٢) المبسوط ١: ٢٣٦.

(٣) التهذيب ٤: ١١٩ حديث ٣٤٢.

(٤) التهذيب ٤: ١١٨ حديث ٣٤١.

(*)

١٨٩

رجلا يسئل الصادقعليه‌السلام عن رجل أخذ ارضا مواتا تركها أهلها فعمرها، واكرى انهارا، وبنى فيها بيوتا، وغرس فيها نخلا وشجرا قال: فقال أبوعبداللهعليه‌السلام : " كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول: من أحيى أرضا من المؤمنين فهي له، وعليه طسقها يؤديه إلى الامام في حال الهدنة، فاذا ظهر القائمعليه‌السلام فليوطن نفسه على أن تؤخذ منه "(١) .وروى الشيخ عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن الشراء من أرض اليهود والنصارى، فقال: " ليس به بأس - إلى أن قال -: وأيما قوم أحيوا شيئا من الارض وعملوا فهم أحق بها وهي لهم "(٢) .

الثالثة: قال الشيخرحمه‌الله في النهاية والمبسوط(٣) ، وكا؟ ة الاصحاب: لا يجوز بيع هذه، ولا هبتها، ولا وقفها، كما حكيناه سابقا عنهم، لانها ارض المسلمين قاطبة، فلا يختص بها أحد على وجه التملك لرقبة الارض، انما يجوز له التصرف فيها، ويؤدي حق القبالة إلى الامام، ويخرج الزكاة مع اجتماع الشرائط.واذا تصرف فيها أحد بالبناء والغرس صح له بيعها على معنى انه يبيع ماله فيها من الاثار وحق الاختصاص بالتصرف لا الرقبة، لانها ملك للمسلمين قاطبة.روى الشيخ عن صفوان بن يحيى، عن أبي بردة بن رجاء قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : كيف ترى في شراء أرض الخراج؟ قال: " ومن يبيع ذلك وهي أرض للمسلمين ! " قال: قلت: يبيعه الذي في يديه، قال: " ويصنع بخراج المسلمين ماذا؟ ! " ثم قال: " لا بأس اشترى حقه منها ويحول حق المسلمين عليه، ولعله يكون أقوى عليها واملا بخراجها منه "(٤) .

____________________

(١) التهذيب ٤: ١٤٥ حديث ٤٠٤.

(٢) التهذيب ٤: ١٤٦ حديث ٤٠٧.

(٣) المبسوط ١: ٢٣٥، النهاية: ١٩٦.

(٤) التهذيب ٤: ١٤٦ حديث ٤٠٦.

(*)

١٩٠

وهذا صريح في جواز بيع حقه - أعني آثار التصرف - ومنع بيع الارض، ولا نعرف أحدا من الاصحاب يخالف ما في مضمون الحديث.وعن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن الشراء من أرض اليهود والنصارى فقال: " ليس به بأس، قد ظهر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على أهل خيبر فخارجهم على أن يترك الارض بأيديهم يعملونها ويعمرونها، فلا أرى بأسا لو انك اشتريت منها "(١) الحديث.وهذا يراد به ما اريد بالاول من بيع حقه منها، اذ قد صرح أولا بأنها ليست ملكا لهم وانما خارجهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فكيف يتصور منهم بيع الرقبة والحالة هذه.وقريب من ذلك ما روي حسنا عن جرير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: " رفع إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام رجل مسلم اشترى ارضا من اراضي الخراج، فقالعليه‌السلام : له ما علينا وعليه مالنا مسلما كان أو كافرا، له ما لاهل الله وعليه ما عليهم "(٢) .وهذا في الدلالة كالاول.وعن جرير عن محمد بن مسلم وعمر بن حنظلة عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: سألته عن ذلك فقال: " لا بأس بشرائها، فانها اذا كانت بمنزلتها في أيديهم يؤدي عنها كما يؤدي عنها "(٣) .وأدل من ذلك مارواه محمد بن الحلبي في الصحيح عن أبي عبداللهعليه‌السلام وقد سأله عن السواد ما منزلته فقال: " هو لجميع المسلمين لمن هو اليوم،

____________________

(١) التهذيب ٤: ١٤٦ حديث ٤٠٧.

(٢) التهذيب ٤: ١٤٧ حديث ٤١١.

(٣) التهذيب ٤: ١٤٧ حديث ٤٠٨.

(*)

١٩١

ولمن يدخل في الاسلام بعد اليوم، ولمن يخلق بعد " فقلنا: الشراء من الدهاقين؟ قال: " لا يصلح، الا أن يشتري منها على أن يصيرها للمسلمين، فان شاء ولي الامر أن يأخذها أخذها " قلنا: فان أخذها منه؟ قال: " يرد اليه رأس ماله وله ما أكل من غلتها بما عمل "(١) .وفي التذكرة رواه هكذا: قال: " يود "(٢) بالواو بدل الراء من الاداء، مجزوما بأنه أمر للغائب محذوف اللام.وما اوردناه أولى.فان قلت: اذا جوزتم البيع ونحوه تبعا لاثار التصرف فكيف يجوز لولي الامر أخذها من المشتري؟ وكيف يسترد رأس ماله مع انه قد أخذ عوضه، أعني تلك الاثار؟ قلت: لا ريب ان ولي الامر له أن ينتزع أرض الخراج من يد متقبلها اذا انقضت مدة القبالة، وان كان له بها شئ من الاثار فانتزاعها من يد المشتري أولى بالجواز وحينئذ فله الرجوع برأس ماله لئلا يفوت الثمن والمثمن، ولكن الذي يرد الثمن يحتمل أن يكون هو الامامعليه‌السلام ، لانتزاعه ذلك، ويحتمل أن يكون البائع، لما في الرد من الاشعار بسبق الاخذ.وقوله: " وله ما أكل.." الظاهر انه يريد به المشتري، وفي معنى هذه الاخبار اخبار أخر كثيرة اعرضنا عنها ايثارا للاختصار.

تنبيهات:

الاول: قد عرفت أن المفتوحة عنوة لا يصح بيع شئ منها، ولا وقفه ولا هبته قال في المبسوط: ولا أن تبنى دورا، ولا منازل، ولا مساجد وسقايات، ولا غير

____________________

(١) التهذيب ٧: ١٤٧ حديث ٦٥٢.

(٢) التذكرة ١: ٤٢٨.

(*)

١٩٢

ذلك من انواع التصرفات الذي يتبع الملك.ومتى فعل شئ من ذلك كان التصرف باطلا، وهو باق على الاصل(١) .وقد حكينا عبارته قبل ذلك.وقال ابن ادريس: فان قيل: نراكم تبيعون وتشترون وتقفون أرض العراق وقد أخذت عنوة قلنا: انما نبيع ونقف تصرفنا فيها وتحجيرنا وبناؤنا، فأما نفس الارض فلا يجوز ذلك فيها(٢) .قال العلامة في المختلف بعد حكاية كلام ابن ادريس هذا: وهو يشعر بجواز البناء والتصرف، وهو أقرب(٣) .قلنا: هذا واضح لاغبار عليه، يدل عليه ما تقدم في قول الصادقعليه‌السلام : " اشتر حقه منها "(٤) ، وانه أثر محترم مملوك لم يخرج عن ملك مالكه بشئ من الاسباب الناقلة، فيكون قابلا لتعلق التصرفات به.ونحو ذلك قال في كتاب التذكرة في كناب البيع فانه قال: لا يصح بيع الارض الخراجية، لانها ملك المسلمين قاطبة لا يختص بها أحد، نعم يصح بيعها تبعا لاثار التصرف(٥) .وكذا قال في القواعد والتحرير(٦) .ثم نعود إلى كلامه في المختلف فانه قال فيه في آخر المسألة في كتاب البيع ويحمل قول الشيخ على الارض المحياة دون الموات.قلت: هذا مشكل، لان المحياة هي التي تتعلق بها هذه الاحكام المذكورة،

____________________

(١) المبسوط ٢: ٣٤.

(٢) السرائر: ١١١.

(٣) المختلف: ٣٣٣.

(٤) التهذيب ٤: ١٤٦ حديث ٤٠٦.

(٥) التذكرة ١: ٤٦٥.

(٦) القواعد: ١: ١٢٦، التحرير ١: ١٦٥.

(*)

١٩٣

وأما الموات فانها في حال الغيبة مملوكة للمحيي، ومع وجود الامام لا يجوز التصرف فيها الا باذنه، مع أن الحمل لا ينافي ما قررته من مختار ابن ادريس، لان مراده بأرض العراق المعمورة المحياة التي فيها لا يجوز بيعها ولا هبتها، لانها أرض الخراج.نعم يمكن حمل كلام الشيخرحمه‌الله على حال وجود الامام وظهوره، لا مطلقا.

الثاني: نفوذ هذه التصرفات التي ذكرناها انما هو في غيبة الامام، أما في حال ظهوره فلا، لانه انما يجوز التصرف فيها باذنه.وعلى هذا فلا ينفذ شئ من تصرفات المتصرف فيها استقلالا.وقد أرشد إلى هذا الحكم كلام الشيخ في التهذيب، فانه أورد على نفسه سؤالا وجوابا، محصلها مع رعاية الفاظه بحسب الامكان: انه ان قال قائل: اذا كان الامر في أموال الناس ما ذكرتم من لزوم الخمس فيها، وكذا الغنائم وكان حكام الارضين ما بينهم من وجوب اختصاص التصرف فيها بالائمةعليهم‌السلام ، اما لاختصاصهم بها كالانفال، أو للزوم التصرف فيها بالتقبيل والنضمين لهم مثل أرض الخراج، فيجب أن لا يحل لكم منكح، ولا يخلص لكم متجر، ولا يسوغ لكم مطعم على وجه من الوجوه.قيل له: الامر وان كان كما ذكرت من اختصاص الائمةعليهم‌السلام بالتصرف في هذه الاشياء فان لنا طريقا إلى الخلاص.ثم أورد الاحاديث التي وردت بالاذن للشيعة، لاختصاصهم في حقوقهمعليهم‌السلام حال الغيبة.ثم قال: ان قال قائل: ان ما ذكرتموه انما يدل على اباحه التصرف في هذه الارضين، ولا يدل على صحة تملكها بالشراء والبيع، ومع عدم صحتها لا يصح ما يتفرع عليها.

١٩٤

قيل له: قد قسمنا الارض على ثلاثة أقسام: أرض يسلم أهلها عليها، فهي ملك لهم يتصرفون فيها.وأرض تؤخذ عنوة أو يصالح أهلها عليها فقد ابحنا شراء‌ها وبيعها، لان لنافي ذلك قسما، لانها اراضي المسلمين، وهذا القسم أيضا يصح الشراء والبيع فيه على هذا الوجه.وأما الانفال وما يجري مجراها فليس يصح تملكها بالشراء، وانما ابيح لنا التصرف حسب.ثم استدل على حكم اراضي الخراج برواية أبي بردة بن رجا السالفة الدالة على جواز بيع آثار التصرف دون رقبة الارض(١) .وهذا كلام واضح السبيل، ووجهه من حيث المعنى: ان التصرف في المفتوحة عنوة انما يكون باذن الامام، وقد حصل منهم الاذن لشيعتهم حال الغيبة فيكون آثار تصرفهم محترم بحيث يمكن ترتب البيع ونحوه عليها.

وعبارة شيخنا في الدروس ايضا ترشد إلى ذلك، حيث قال: ولا يجوز التصرف في المفتوحة عنوة الا باذن الامامعليه‌السلام ، سواء كان بالبيع أو بالوقف أو غيرهما، نعم في حال الغيبة ينفذ ذلك.واطلق في المبسوط أن التصرف فيها لا ينفذ(٢) ، أي لم يقيده بحال ظهور الامام أو عدمه.ثم قال: وقال ابن ادريس: انما يباع ويوقف تحجيرنا وبناؤنا وتصرفنا لانفس الارض(٣) . ومراده بذلك ان ابن ادريس أيضا اطلق جواز التصرف في مقابل اطلاق الشيخرحمه‌الله عدم جوازه.والصواب التقييد بحال الغيبة لينفذ، وعدمه لعدمه، وهذا ظاهر بحمد الله تعالى.

____________________

(١) التهذيب ٤: ١٤٦ حديث ٤٠٦.

(٢) المبسوط ١: ٢٣٥.

(٣) السرائر: ١١١، الدروس: ١٦٣.

(*)

١٩٥

المقدمة الثالثة: في بيان أرض الانفال وحكمها الانفال:

جمع نفل، بسكون الفاء وفتحها، وهو الزيادة، ومنه النافلة.

والمراد به هنا: كل ما يخص الامامعليه‌السلام .وقد كانت الانفال لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حياته، وهي بعده للامام القائم مقامهعليه‌السلام .

وضابطها: كل أرض فتحت من غير أن يوجف عليها بخيل ولا ركاب، والارضون الموات، وتركات من لا وارث له من الاهل والقرابات، والاجام، والمفاوز وبطون الاودية، ورؤس الجبال، وقطائع الملوك.وقد تقدم في الحديث الطويل عن أبي الحسن الاولعليه‌السلام ذكر ذلك كله(١) .وقد روى الشيخ عن زرارة عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: قلت له: ما تقول في قول الله: " يسئلونك عن الانفال قل الانفال لله "(٢) ؟ قال: " الانفال لله ولرسوله وهي كل أرض جلا أهلها من غير أن يحمل عليها بخيل ولا رجال ولا ركاب فهي نفل لله وللرسول "(٣) .وعن سماعة بن مهران قال: سألته عن الانفال فقال: " كل أرض جزية أو شئ كان للملوك فهو خالص للامام ليس للناس فيها سهم، قال: ومنها البحرين لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب "(٤) .وفي مرسلة العباس الوراق، عن رجل سماه، عن أبي عبداللهعليه‌السلام

____________________

(١) التهذيب ٤: ١٢٨ حديث ٣٦٦.

(٢) الانفال: ١.

(٣) التهذيب ٤: ١٣٢ حديث ٣٦٨.

(٤) التهذيب ٤: ٣٣ حديث ٣٧٣.

(*)

١٩٦

قال: " اذا غزا قوم بغير اذن الامام فغنموا كانت الغنيمة كلها للامام، واذا غزو بأمر الامام فغنموا كان للامام الخمس "(١) .ومضمون هذه الرواية مشهور بين الاصحاب مع كونها مرسلة، وجهالة بعض رجال اسنادها وعدم امكان التمسك بظاهرها، اذ من غزا باذن الامام لا يكون خمس غنيمته كلها للامامعليه‌السلام .اذا عرفت فاعلم أن الارض المعدودة من الانفال: اما أن تكون محياة، أو مواتا.وعلى التقديرين: فاما أن يكون الواضع يده عليها من الشيعة، أولا.فهذه أقسام أربعة.وحكمها أن كل ما كان بيد الشيعة من ذلك فهو حلال عليهم، مع اختصاص كل من المحياة والموات بحكمه، لان الائمةعليهم‌السلام أحلو ذلك لشيعتهم حال الغيبة.وأما غيرهم فانه عليهم حرام وان كان لا ينتزع عنهم في الحال على الظاهر، حيث أن المستحق لانتزاعه هو الامامعليه‌السلام فيوقف على أمره.وروى الشيخرحمه‌الله عن عمر بن يزيد قال: رأيت أبا سيار مسمع بن عبدالملك بالمدينة، وقد كان حمل إلى أبي عبداللهعليه‌السلام مالا في تلك السنة فرده عليه، فقلت: لم رد عليك أبوعبداللهعليه‌السلام المال الذي حملته اليه؟ فقال: اني قلت له حين حملة اليه المال: اني كنت وليت الغوص فأصبت منه أربعمائة ألف درهم وقد جئت بخمسها ثمانين ألف درهم - إلى أن قال -: " يا أبا سيار قد طيبناه لك فضم اليك مالك وكل ما كان في ايدي شيعتنا من الارض فهم فيه محللون، محلل لهم ذلك إلى أن قام قائمنا فيجبيهم طسق ما كان في أيدي سواهم، فان كسبهم

____________________

(١) التهذيب ٤: ١٣٥ حديث ٣٧٨.

(*)

١٩٧

حرام عليهم حتى يقوم قائمنا فيأخذ الارض من أيديهم ويخرجهم عنها صغرة "(١) .قال في الصحاح " الطسق: الوظيفة من خراج الارض فارسي معرب(٢) .وعن الحرث بن المغيرة النضري قال: دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام فجلست عنده، فاذا نجية قد استأذن عليه فأذن له فدخل فجثا على ركبتيه ثم قال: جعلت فداك اني أريد أن اسألك عن مسألة والله ما أريد بها الا فكاك رقبتي من النار فكأنه رق له فاستوى جالسا فقال: " يا نجية سلني فلا تسألني اليوم عن شئ ألا اخبرتك به " قال: جعلت فداك ما تقول في فلان وفلان؟ قال: " يا نجية لنا الخمس في كتاب الله، ولنا الانفال، ولنا صفو الاموال، وهما والله أول من ظلمنا حقنا في كتاب الله، وأول من حمل الناس على رقابنا، ودماؤنا في اعناقهم إلى يوم القيامة بظلمنا أهل البيت، وأن الناس ليتقلبون في حرام إلى يوم القيامة بظلمنا أهل البيت " فقال نجية: انا لله وانا اليه راجعون، ثلاث مرات، هلكنا ورب الكعبة.قال: فرفع فخده عن الوسادة فاستقبل القبلة فدعا بدعاء لم أفهم منه شيئا، الا انا سمعناه في آخر دعائه وهو يقول: " اللهم انا قد احللنا ذلك لشيعتنا"، قال: ثم أقبل الينا بوجه وقال يا نجية ما على فطرة ابراهيمعليه‌السلام غيرنا وغير شيعتنا"(٣) .وهذان الحديثان ونحوهما من الاحاديث الكثيرة مما لا خلاف في مضمونها بين الاصحاب بلا شك ولا فربة، فلا حاجة إلى البحت عن اسنادهما والفحص عن رجاله، فان أخبار الاحاد بين محققي الاصحاب والمحصلين منهم انما يكون حجة اذا انضم اليها من التابعات والشواهد وقرائن الاحوال ما يدل على صدقها، فما ظنك باجماع الفرقة.

____________________

(١) التهذيب ٤: ١٤٤ حديث ٤٠٣.

(٢) الصحاح ٤: ١٥١٧ " طسق ".

(٣) التهذيب ٤: ١٤٥ حديث ٤٠٥.

(*)

١٩٨

فان قيل: ما معنى جعل هذه الاشياء في حال الغيبة للشيعة، أهي على العموم أو على جهة مخصوصة؟ وعلى التقدير الثاني فما هذه الجهة؟ قلنا: ليس المراد حلها على جهة العموم، والالزم سقوط حقهمعليهم‌السلام من الخمس حال الغيبة، وهو خلاف ما عليه اكثر الاصحاب، بل القول به منسوب إلى الشذوذ، بل يلزم منه جواز تناول حقهمعليهم‌السلام والصرف فيه، إلى غير ذلك مما هو معلوم البطلان وانما المراد: احلال مالابد منه من المناكح والمساكن والمتاجر لتطيب ولادتهم ويخرجوا عن الغصب في المسكن والمطعم ونحوهما.وقد عين الاصحاب لذلك مواضع بخصوصها في باب الخمس، فلا حاجة بنا إلى ذكرها هاهنا، فاذا كان بيد أحدنا من أرض الانفال شئ اما بالاحياء أو بالشراء من بعض المتغلبين ونحو ذلك، كانت عليه حلالا باحلال الائمةعليهم‌السلام .فان قيل: ليس على الشيعة في هذا النوع من الارض خراج، فهل على غيرهم فيه شئ من ذلك؟ قلنا: لا نعرف في ذلك تصريحا للاصحاب، ولكن قد وقع في الحديث السابق تصريحا به، ووجهه من حيث المعني انه تصرف في مال الغير بغير اذنه، فلا يكون مجانا.فان قيل: فهل يجوز لمن استجمع صفات النيابة حال الغيبة جباية شئ من ذلك؟ قلنا: ان ثبت أن جهة نيابته عامة احتمل ذلك، والى الان لم نظفر بشئ فيه وكلام الاصحاب قد يشعر بالعدم، لان هذا خاصة الامام، وليس هو كخراج الارض المأخوذة عنوة، فان هذا القسم كغيرة كما سيأتي انشاء الله.فان قيل: فلو استولى سلطان الجور على جباية شئ من خراج هذه الارضين اعتمادا منه انه يستحقه لزعمه أنه الامام، فهل يحل تناوله؟

١٩٩

قلنا: الاحاديث التي تأتي تحل تناول الخراج الذي يأخذه الجائر، وكلام الاصحاب يتناول هذا القسم وان كان السابق إلى الافهام في الخراج ما يؤخذ من المفتوح عنوة فلا يبعد الحاقه به.ولم أقف على شئ صريح في ذلك سوى اطلاق ما ورد عنهمعليهم‌السلام .

فائدة:

لا فرق بين غيبة الامام وحضوره في زمان التقية، لاستوائهما في كونه موجودا ممنوعا من التصرف.

والاخبار وكلام الاصحاب يومئ إلى ذلك، واباحتهمعليهم‌السلام لشيعتهم انما وقع في زمانهم وكذا الامر بالجمعة.وقد احتج الاصحاب بذلك بثبوتهما في زمان الغيبة، وفي الواقع لا فرق بينهما.

المقدمة الرابعة: في تعيين ما فتح عنوة من الارضين

اعلم أن الذي ذكره الاصحاب في ذلك: مكة زادها الله شرفا، والعراق، والشام، وخراسان، وبعض الاقطار ببلاد العجم وقد تقدم في بعض الاخبار السابقة أن البحرين من الانفال.فأما مكة فان للاصحاب في كونها فتحت عنوة أو صلحا خلافا، اشهره أنها فتحت عنوة.قال الشيخرحمه‌الله في المبسوط: ظاهر المذهب أن النبي صلى وآله وسلم فتح مكة عنوة بالسيف ثم أمنهم بعد ذلك، وانما لم يقسم الارضين والدور، لانها لجميع المسلمين كما نقول في كل ما فتح عنوة اذا لم يكن نقله إلى بلد الاسلام فانه يكون للمسلمين قاطبة.ومن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على رجال من المشركين فأطلقهم، وعندنا أن للامام أن يفعل ذلك، وكذلك أموالهم

٢٠٠