رسالة المحقق الكركي الجزء ١

رسالة المحقق الكركي0%

رسالة المحقق الكركي مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 230

رسالة المحقق الكركي

مؤلف: الشيخ علي بن الحسين الكركي
تصنيف:

الصفحات: 230
المشاهدات: 42186
تحميل: 4717


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 230 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 42186 / تحميل: 4717
الحجم الحجم الحجم
رسالة المحقق الكركي

رسالة المحقق الكركي الجزء 1

مؤلف:
العربية

من عليهم بها(١) .وقال العلامة في التذكرة: وأما أرض مكة فالظاهر من المذهب أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فتحها بالسيف، ثم أمنهم بعد ذلك(٢) .وكذا قال في النهاية، ونحوه في التحرير(٣) وشيخنا في الدروس لم يصرح بشئ.احتج العلامة على ذلك بما رواه الجمهور عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال لاهل مكة: " ما تروني صانعا بكم؟ " فقالوا: أخ كريم وابن أخ كريم.فقال: " اقول لكم كما قال أخي يوسف لاخوته: (لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين)، أنتم الطلقاء "(٤) .ومن طريق الخاصة بما رواه الشيخ عن صفوان بن يحيى وأحمد بن محمد ابن أبي نصر قال: ذكرنا له الكوفة، إلى أن قال: " ان أهل الطائف اسلموا وجعلوا عليهم العشر، وان أهل مكة دخلها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عنوة، وكانوا أسراء في يده فأعتقهم فقال: اذهبوا انتم الطلقاء "(٥) .وأجاب عن حجة القائلين بأنها فتحت صلحا، حيث أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخلها بأمان، كما ورد في قصة العباس وأبي سفيان وقولهعليه‌السلام : " من ألقى سلاحه فهو آمن، ومن اغلق بابه فهو آمن، ومن تعلق بأستار الكعبة فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن " الا جماعة معينين، وانهعليه‌السلام لم يقسم اموالهم ولا أراضيهم.

____________________

(١) المبسوط ٢: ٣٣.

(٢) التذكرة ١: ٤٢٨.

(٣) التحرير ١: ١٤٢.

(٤) يوسف: ٩٢.

(٥) التهذيب ٤: ١١٨ حديث ٣٤١.

(*)

٢٠١

بأنه على تقدير تسليم ذلك، انما لم يقسم الارضين والدور، لانها لجميع المسلمين، لا يختص بها الغانمون على ما تقرر من الارض المفتوحة عنوة للمسلمين قاطبة، والاموال والانفس يجوز أن يمن عليهم بها مراعاة للمصلحة، لان للامام أن يفعل مثل ذلك(١) .وهذا قريب من كلام المبسوط(٢) .وأما أرض العراق التي تسمى بأرض السواد فهي المفتوحة من أرض الفرس في أيام الثاني، فلا خلاف فيه أنها فتحت عنوة.وانما سميت سوادا، لان الجيش لما خرجوا من البادية ورأوا هذه الارض والتفاف شجرها سموها السواد لذلك، كذا ذكر العلامة في المنتهى والتذكرة(٣) .قال في المبسوط - وهذه عبارته -: وأما أرض السواد فهي المغنومة من الفرس التي فتحها عمر وهي سواد العراق.فلما فتحت بعث عمر عمار بن ياسر أميرا، وابن مسعود قاضيا وواليا على بيت المال، وعثمان بن حنيف ماسحا.فمسح عثمان الارض واختلفوا في مبلغها فقال الساجي: اثنان وثلاثون ألف ألف جريب، وهي ما بين عبادان والموصل طولا، وبين القادسية وحلوان عرضا.ثم ضرب على كل جريب نخل ثمانية دراهم، والرطبة ستة، والشجر والحنطة اربعة، والشعير درهمين، وكتب إلى عمر فأمضاه.وروي أن ارتفاعها كانت في عهد عمر مائة وستين ألف ألف درهم، فلما كان في زمن الحجاج رجع إلى ثمانية عشر ألف ألف، فلما ولي عمر بن عبدالعزيز

____________________

(١) التذكرة ١: ٤٢٨.

(٢) المبسوط ٢: ٣٣.

(٣) المنتهى ٢: ٩٣٧، التذكرة ١: ٤٢٨.

(*)

٢٠٢

رجع إلى ثلاثين ألف ألف درهم في أول[ سنة، وفي ](١) والثانية بلغ ستين ألف ألف، فقال: لو عشت سنة اخرى لرددتها إلى ما كان في أيام عمر، فمات في تلك السنة.وكذلك أمير المؤمنينعليه‌السلام لما أفضي الامر اليه أمضى ذلك، لانه لم يمكنه أن يخالف ويحكم بما عنده.والذي يقتضيه المذهب أن هذه الاراضي وغيرها من البلاد التي فتحت عنوة يكون خمسها لاهل الخمس، وأربعة اخماسها يكون للمسلمين قاطبة، الغانمين وغير الغانمين في ذلك سواء، ويكون للامام النظر فيها وتقبيلها وتضمينها بما شاء(٢) .هذه عبارته بحروفها.وقال في المنتهى وهذه عبارته أيضا: أرض السواد: هي الارض المغنومة من الفرس التي فتحها عمر بن الخطاب، وهي سواد العراق، وحده في العرض من منقطع الجبال بحلوان إلى طرف القادسية المتصل بعذيب من أرض العرب.ومن تخوم الموصل طولا إلى ساحل البحر ببلاد عبادان من شرقي دجلة.فأما الغربي الذي تليه البصرة فانما هو اسلامي مثل شط عثمان بن أبي العاص.إلى أن قال: هذه الارض فتحت عنوة، فتحها عمر بن الخطاب، ثم بعث اليها بعد فتحه ثلاثة انفس: عمار بن ياسر على صلانهم أميرا، وابن مسعود قاضيا وواليا على بيت المال، وعثمان بن حنيف على مساحة الارض وفرض لهم في كل يوم شاة شطرها مع السواقط لعمار، وشطرها للاخرين.وقال: ما ارى قربة يؤخذ منها كل يوم شاة الا سريع خرابها.ومسح عثمان أرض الخراج، واختلفوا في مبلغها، فقال الساجي: اثنان

____________________

(١) لم ترد في النسخة الخطية، اثبتناها من المصدر.

(٢) المبسوط ٢: ٣٤.

(*)

٢٠٣

وثلاثون ألف ألف جريب، وقال أبوعبيدة: ستة وثلاثون ألف ألف ثم ضرب على كل جريب نخل عشرة دراهم، وعلى الكرم ثمانية دراهم، وعلى جريب الشجر والرطبة ستة دراهم، وعلى الحنطة له تسعة دراهم، وعلى الشعير درهمين.ثم كتب في ذلك إلى عمر فأمضاه.وروي أن ارتفاعها كان في عهد عمر مائة وستين ألف ألف درهم، فلما كان زمان الحجاج رجع إلى ثمانية عشر ألف ألف، فلما ولي عمر بن عبدالعزيز، ثم ساق باقي كلام الشيخ السابق بحروفه، مازاد ولا نقص(١) .وكذا صنع في التذكرة في باب الجهاد بحروفه(٢) ، وأعاد القول بفتح السواد عنوة في باب احياء الموات(٣) ومثل ذلك صنع في كتاب الجهاد من التحرير(٤) .ولم يحضرني وقت كتابة هذه الرسالة هذا الموضوع من كتاب السرائر لابن ادريسرحمه‌الله لاحكي ما فيه، لكنه في باب أحكام الارضين من كتاب الزكاة ذكر أن أرض العراق مفتوحة عنوة، وذكر من أحكامها قريبا من كلام الاصحاب الذي حكيناه(٥) .

وروى الشيخ باسناده عن مصعب بن يزيد الانصاري - وأورده ابن ادريس في السرائر(٦) ، والعلامة في المنتهى(٧) - قال: استعملني أمير المؤمنين علي بن ابي طالبعليه‌السلام على أربعة رساتيق: المدائن البهقباذات، ونهر سير، ونهر

____________________

(١) المنتهى ٢: ٩٣٧.

(٢) التذكرة ١: ٤٢٨.

(٣) التذكرة ٢: ٤٠٢.

(٤) التحرير ١: ١٤٢.

(٥) السرائر: ١١١.

(٦) السرائر: ١١٢.

(٧) المنتهى ٢: ٩٣٥.

(*)

٢٠٤

جوير، ونهر الملك، وأمرني أن أضع على كل جريب زرع غليظ درهما ونصفا، وعلى كل جريب وسط درهما، وعلى كل جريب زرع رقيق ثلثي درهم، وعلى كل جريب كرم عشرة دراهم.وأمرني أن ألقي كل نخل شاذ عن القرى لمارة الطريق وابن السبيل ولا آخذ منه شيئا، وأمرني أن اضع الدهاقين الذين يركبون البراذ؟ ن ويتختمون بالذهب على كل رجل ثمانية واربعين درهما، وعلى أوساطهم والتجار منهم على كل رجل اربعة وعشرين درهما، وعلى سفلتهم وفقرائهم اثني عشر درهما على كل انسان منهم، قال: وجبتها ثمانية ألف ألف درهم في سنة(١) .قال الشيخ توظيف الجزية في هذا الخبر لا ينافي ماذكرناه من أن ذلك منوط بما يراه الامام من المصلحة، فلا يمتنع أن يكون أمير المؤمنينعليه‌السلام رأى المصلحة في ذلك الوقت ووضع هذا المقدار، واذا تغيرت المصلحة إلى زيادة ونقصان غيره، وانما يكون منافيا لو وضع ذلك عليهم، ونفى الزيادة عليهم والنقصان عنه في جميع الاحوال، وليس ذلك في الخبر(٢) .قلت: ومثله القول في الخراج منوط بالمصلحة وعرف الزمان كما سيأتي انشاء الله تعالى، وهذا التقدير ليس على سبيل التوظيف بل بحسب مصلحة الوقت.واعلم أن الذي اوردته من لفظ الحديث هو ما أورده الشيخ في التهذيب، لكن وجدت نسخه مختلفة العبارة في ايراد اسماء الرساتيق المذكورة ففي بعضها: نهر سيريا ونهر جوير.وفي بعضها: نهر سبر بالباء الموحدة والسين المهملة المكسروة، ونهر جوبن بالنون والجيم المفتوحة والياء المثناة من تحت بعد الواو والمسكورة، وفي بعضها: جوير بالجيم والياء الموحدة بعد الواو.وقال ابن ادريس بعد أن أورد الحديث في السرائر بعطف البهقباذات على

____________________

(١) التهذيب ٤: ١١٩ حديث ٣٤٣.

(٢) التهذيب ٤: ١٢٠.

(*)

٢٠٥

المدائن بالواو، ونهر سبر بالباء المنقطة من تحتها نقطة واحده والسين غير المعجمة هي المدائن، والدليل على ذلك ان الراوي قال: استعملني على أربعة رساتيق ثم عدد خمسة، فذكر المدائن ثم ذكر من جملة الخمسة نهر سبر فعطف على اللفظ دون المعنى، ثم شرع في بيان جواز مثل هذا العطف، إلى أن قال: فأما البهقباذات: البهقباذ الاعلى وهو ستة طساسيج ثم ذكر اسماء‌ها، والبهقباذ الاوسط أربعة طساسيج وذكر اسماء‌ها، والبهقباذ الاسفل خمسة طساسيج وصنع مثل ذلك(١) .والذي وجدته في نسخ التهذيب المدائن البهقباذات بغير واو، كما وجدته في المنتهى حيث أورد الحديث بلفظ وروى الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سألته عن سيرة الامام في الارض التي فتحت عنوة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: " ان أمير المؤمنينعليه‌السلام قد سار في أهل العراق بسيرة فهم امام لسائر الارضين "(٢) .فان قلت: أليس قد قال الشيخ في المبسوط ما صورته - وعلى الروايه التى رواها اصحابنا: ان كل عسكر أو فرقة غزت بغير أمر الامام فغنمت تكون الغنيمة للامام خاصة - تكون هذه الارضون وغيرها مما فتحت بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، الا ما فتح في أيام أمير المؤمنينعليه‌السلام ان صح شئ من ذلك، تكون للامام خاصة، وتكون من جملة الانفال التي لا يشترك فيها غيره(٣) .وهذا الكلام يقتضي أن لا تكون أرض العراق من المفتوح نوه.قلت: الجواب عن ذلك من وجوه:

____________________

(١) السرائر: ١١٢.

(٢) المنتهى ٢: ٩٣٥.

(٣) المبسوط ٢: ٣٤.

(*)

٢٠٦

الاول: ان الشيخرحمه‌الله قال هذه على صوره الحكاية، وفتواه متقدم في أول الكلام، مع أن جميع اصحابنا مصرحون في هذا الباب على ما قاله الشيخ في أوله كلامه.والعلامة في المنتعى والتذكرة أورد كلام الشيخ هذا حكاية وايرادا بعد أن افتى بمثل كلامه الاول، حيث قال في أول كلامه: وهذه الارض فتحت عنوة ولم يتعرض إلى ما ذكره آخرا بشئ.

الثاني: ان الروايه التي أشار اليها الشيخ ضعيفة الاسناد مرسلة، ومثل هذه كيف يحتج به أو يسكن اليه، مع أن الظاهر من كلام العلامة في المنتهى ضعف العمل بها(١) .

الثالث: انا لو سلمنا صحة الرواية المذكورة لم يكن فبها دلالة على أن أرض العراق فتحت بغير أمر الامام، فقد سمعنا أن عمر استشار أمير المؤمنينعليه‌السلام في ذالك.ومما يدل عليه فعل عمار، فانه من خلصاء أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ولولا أمره لما ساغ له الدخول في أمرها.ومما يقطع مادة النزاع ويدفع السؤال ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد الحلبي قال: سئل أبوعبداللهعليه‌السلام ما منزلته؟ فقال: " هو لجميع المسلمين لمن هو اليوم، ولمن يدخل في الاسلام بعد اليوم، ولمن يخلق بعد " فقلنا: الشراء من الدهاقين؟ قال: " لا يصلح الا أن يشتري منهم على أن يصيرها للمسلمين " الحديث(٢) .وروى أيضا عبدالرحمن بن حجاج قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عما اختلف فيه ابن ابي ليلى وابن شبرمة في السواد وارضه فقلت: ان ابن أبي ليلى قال: اتهم اذا اسلموا احرار وما في ايديهم من ارضهم لهم.وأما ابن شبرمة فزعم أنهم

____________________

(١) المنتهى ٢: ٩٣٥.

(٢) التهذيب ٧: ١٤٧ حديث ٦٥٢.

(*)

٢٠٧

عبيد وأن ارضهم التي بأيديهم ليست لهم فقال في الارض ما قال ابن شبرمة، وقال في الرجال ما قال ابن بي ليلى: انهم اذا اسلموا فهم احرار(١) .وهذا قاطع في الدلالة على ما قلناه، لاسيما وفتوى الاصحاب وتصريحهم موافق لذلك، فلا مجال للتردد.وأما أرض الشام فقد ذكر كونها مفتوحة عنوة بعض الاصحاب، وممن ذكر ذلك العلامة في كتاب احياء الموات من التذكرة(٢) ، لكن لم يذكر أحد حدودها.وأما البواقي فذكر حكمها القطب الرواندي في شرح نهاية الشيخ واسنده إلى مبسوطه وعبارته هذه: والظاهر على ما في مبسوطه أن الارضين التي هي من اقصى خراسان إلى كرمان وخوزستان وهمدان وقزوين وما حواليها اخذت بالسيف.هذا ما وجدته في ما حضرين من كتب الاصحاب، والله اعلم بالصواب.

المقدمة الخامسة: في تحقيق معنى الخراج، وانه هل يقدر أم لا؟

اعلم أن الخراج هو ما يضرب على الارض كالاجرة لها، وفي معناه المقاسمة، غير أن المقاسمة تكون جزء‌ا من حاصل الزرع، والخراج مقدار من النقد يضرب عليها.وهذا هو المراد بالقبالة والطسق في كلام الفقهاء.ومرجع ذلك إلى نظر الامام على حسب ما تقتضيه مصلحة المسلمين عرفا، وليس له في نظر الشرع مقدار معين لا تجوز الزيادة عليه ولا النقصان عنه، ويدل على ذلك وجوه:

الاول: ان الخراج والمقاسمة كالاجرة، وهي منوطة بالعرف متفاوتة بتفاوت

____________________

(١) التهذيب ٧: ١٥٥ حديث ٦٨٤.

(٢) التذكرة ٢: ٤٠٢.

(*)

٢٠٨

الرغبات.

أما الاولى فلانهما في مقابل منافع الارض ولا نريد بمشابهتهما للاجرة الا ذلك.

وأما الثانية فظاهرة، قال العلامة في النهاية في باب قتال البغاة في توجيه كلام الشيخرحمه‌الله حيث قال: لو ادعى من بيده أرض الخراج عنه المطالبة به بعد زوال يد أهل البغي، أداء‌ه إلى أهل البغي لم يقبل قوله.

وجهه: ان الخراج معاوضة، لانه ثمن أو اجرة، فلم يقبل قولهم في ادائه كغيره من المعاوضات.

الثاني: قد سبق في الحديث المروي عن أبي الحسن الاولعليه‌السلام - وهو الحديث الطويل الذي أخذنا منه موضع الحاجة - ما يدل على ذلك، قال: " والارض التي أخذت عنوة بخيل وركاب فهي موقوفة متروكة في أيدي من يعمرها ويحييها على صلح ما يصالحهم الوالي على قدر طاقتهم من الخراج النصف أو الثلث أو الثلثان، وعلى قدر ما يكون لهم صالحا ولا يضر بهم " الحديث(١) .وهذا صريح في ما قلناه، فان تسويغه الخراج إلى النصف أو الثلث والثلثين واناطنه اياه بالمصلحة بعد ذلك صريح في عدم انحصار الامر في شئ بخصوصه ولا اعرف لهذا رادا من الاصحاب.

الثالث: الاجماع المستفاد من تنبع كلام من وصل الينا كلامه من الاصحاب وعدم الفتوى على مخالف، ولا محكيا لكلام المتصدين لحكاية الخلاف مشهورا ونادرا في مطولات كتب المحققين ومختصراتهم.

قال الشيخ في النهاية في حكم الارض المفتوحة عنوة: وكان على الامام أن يقبلها لمن يقوم بعمارتها بما يراه من النصف أو الثلث أو الربع(٢) .وقال في المبسوط في باب حكم الارضين من كتاب الزكاة في حكم المفتوحة

____________________

(١) التهذيب ٤: ١٢٨ حديث ٣٦٦.

(٢) النهاية: ١٩٤.

(*)

٢٠٩

عنوة: وعلى الامام تقبيلها لمن يقوم بعمارتها بما يراه من النصف أو الثلث(١) .وقال في كتاب الجهاد منه عند ذكر سواد العراق وغيره مما فتحت عنوة: يكون للامام النظر فيها وتقبيلها بما شاء، ويأخذ ارتفاعها ويصرفه في مصالح المسلمين(٢) .وقال ابن ادريس في السرائر في حكم المفتوحة عنوة: على الامام أن يقبلها لمن يقوم بعمارتها بما يراه من النصف أو الثلث أو الربع أو غير ذلك(٣) .وقال العلامة في المنتهى: وهذه الارض المأخوذة بالسيف عنوة يقبلها الامام لمن يقوم بعمارتها بمايراه من النصف أو الثلث(٤) .وقال في التذكرة: الارض المأخوذة بالسيف عنوة يقبلها الامام لمن يقوم بعمارتها بما يراه من النصف وغيره(٥) .وقال في التحرير في المفتوحة عنوة: ويقبلها الامام لمن يقوم بعمارتها بما يراه من النصف أو الثلث(٦) .وقال في القواعد في هذا الباب أيضا: وبقبلها الامام لمن يراه بما يراه حظا للمسلمين، ويصرف حاصلها في مصالحهم(٧) .وقال في الارشاد: ويقبلها الامام لمن يراه بما يراه.

وقال المقدادرحمه‌الله في التنقيح ولم يحضرني عند كتابة هذا الرسالة لاحكي

____________________

(١) المبسوط ١: ٢٣٥.

(٢) المبسوط ٢: ٣٤.

(٣) السرائر: ١١٠.

(٤) المنتهى ٢: ٩٣٥.

(٥) التذكرة ٤٢٧٠١.

(٦) التحرير ١: ١٤٢.

(٧) القواعد: ١: ١٠٦.

(*)

٢١٠

عبارته ولكن حاصل كلامه فيه على ما اظن أن مرجع تعيين الخراج إلى العرف فكل ما يليق بالارض عرفا جاز ضربه عليها(١) .فان قلت: قد صرحتم بأن هذا منوط ينظر الامامعليه‌السلام ورأيه، فكيف يحل بدون ذلك؟ قلنا: قد نص أئمتناعليهم‌السلام في غير حديث وصرح اصحابنا كافة وسنحكي الاحاديث الواردة في ذلك وعبارات الاصحاب عن قريب انشاء الله تعالى بحل تناول ما يأخذه الجائر من ذلك باسم الخراج والمقاسمة.ووجهه من حيث المعنى واضح: لان الخراج حق شرعي منوط تقديره بالمصلحة عرفا وارتباطه بنظر الامام، فاذا تعدى الجائر في ذلك إلى ما لايجوز له وعمل ما هو منوط بنظر الامام استقلالا لابنفسه، كان الوزر عليه في ارتكاب ما لا يجوز له ولم يكن المأخوذ حراما، لانه حق شرعي على الزارع خارج عن ملكه، يستحقه قوم ملعومون.وقد رفع أئمتناعليهم‌السلام المنع من طرفهم بالنسبة الينا فكيف يحرم.

قال في التذكرة في كتاب البيع: ما يأخذه الجائر من الغلات باسم المقاسمة، ومن الاموال باسم الخراج عن حق الارض ومن الانعام باسم الزكاة يجوز شراؤه واتهابة ولا يجب اعادته على اصحابه وان عرفوا، لان هذا مال لا يملكه الزارع وصاحب الانعام والارض، فانه حق الله تعالى آخذه غير مستحقه فبرئت ذمته وجاز شراؤه(٢) .والحاصل أن هذا مما وردت النصوص واجمع عليه الاصحاب، بل المسلمون.فالمنكر له والمنازع فيه مدافع للنص منازع للاجماع، فاذا بلغ معه الكلام إلى

____________________

(١) التنقيح الرائع ١: ٥٨٩.

(٢) التذكرة ١: ٥٨٣.

(*)

٢١١

هذا المقام فالاولى الاقتصار معه على قول سلام.فان قلت: فهل يجوز أن يتولى من له النيابة حال الغيبة ذلك، أعني الفقيه الجامع للشرائط؟ قلنا: لا نعرف للاصحاب في ذلك تصريحا، ولكن من جوز للفقهاء في حال الغيبة تولي استيفاء الحدود وغير ذلك من توابع منصب الامامة ينبغي تجويزة لهذا بالطريق الاولى، لان هذا أقل منه خطرا، لاسيما والمستحقون لذلك موجودون في كل عصر، اذ ليس هذا الحق مقصورا على الغزاة والمجاهدين كما يأتي.ومن تأمل في كثير من أحوال كبراء علمائنا السالفين مثل السيد الشريف المرتضى علم الهدى، وأعلم المحققين من المتقدمين والمتأخرين نصير الحق والدين الطوسي وبحر العلوم مفتي الفرق جمال الملة والدين الحسن بن مطهر، وغيرهم رضوان الله عليهم، نظر متأمل منصف لم يعترضه الشك في انهم كانوا يسلكون هذا المنهج ويقيمون هذا السبيل، وما كانوا ليودعوا بطون كنبهم الا ما يعتقدون صحته.

المقالة في حل الخراج في حال حضور الامام وغيبته

أما حال حضورهعليه‌السلام فلا شك فيه، وليس للنظر فيه مجال، وقد ذكر اصحابنا في مصرف الخراج أن الارض جعل منه ارزاق الغزاة والولاة والحكام وسائر وجوه الولايات.قال الشيخ في المبسوط في فصل أقسام الغزاة: ما يحتاج اليه للكراع وآلات الحرب كان ذلك من بيت المال من اموال المصالح.وكذلك رزق الحكام، وولاية الاحداث، والصلات، وغير ذلك من وجوه الولايات، فانهم يعطون من

٢١٢

المصالح، والمصالح تخرج من ارتفاع الاراضي المفتوحة عنوة(١) .وكذا قال العلامة حاكيا عن الشيخ كلامه(٢) ، فلا حاجة إلى التطويل به.وهذا واضح جلي، وليس المقوص بالنظر.وأما في حال الغيبة فهو موضع الكلام ومطمح النظر: ولو تأمل المنصف لوجد الامر فيه أيضا بينا جليا.فان هذا النوع من المال مصرفه ما ذكر، وليس للامامعليه‌السلام قليل ولا كثير.وهذه المصارف التي عددناها لم تتعطل كلها في حال الغيبة، وان تعطل بعضها.وكون ضرب الخراج وتقبيل الارضين وأخذه وصرفه موكولا إلى نظرهعليه‌السلام لا يقتضي تحريمه حال الغيبة، لبقاء الحق ووجود المستحق مع تظافر الاخبار عن الائمة الاطهار، وتطابق كلام أجلة الاصحاب ومتقدمي السلف ومتأخريهم بالترخيص لشيعة أهل البيتعليهم‌السلام في تناول ذلك حال الغيبة بأمر الجائر.فاذا انضم إلى هذا كله أمر من له النيابة حال الغيبة كان حقيقا باندفاع الاوهام واضمحلال الشكوك، ولنا في الدلالة على ما قلناه مسلكان:

الاول: في الاخبار الواردة عن أهل البيتعليهم‌السلام في ذلك، وهي كثيرة: فمنها ما رواه الشيخ عن أبي بكر الحضرمي قال: دخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام وعنده اسماعيل ابنه، فقال: ما يمنع ابن أبي سماك أن يخرج شباب الشيعة فيكفونه ما يكفيه الناس، ويعطهم ما يعطي الناس، ثم قال لي: لم تركت عطاء‌ك؟ قال: قلت: مخافة على ديني، قال: ما منع ابن أبي سماك أن يبعث اليك

____________________

(١) المبسوط ٢: ٧٥.

(٢) المنتهى ٢: ٩٥٩.

(*)

٢١٣

بعطائك، أماعلم أن لك في بيت المال نصيب(١) .قلت: هذا نص في الباب، فانهعليه‌السلام بين للسائل حيث قال: انه ترك أخذ العطاء للخوف على دينه بأنه لا خوف عليه، فانه انما يأخذ حقه حيث انه يستحق في بيت المال نصيبا، وقد تقرر في الاصول تعدي الحكم بالعلة المنصوصة.ومنها مارواه أيضا في الصحيح عن عبدالرحمن بن الحجاج قال: قال لي أبوالحسنعليه‌السلام : " مالك لا تدخل مع علي في شراء الطعام اني اظنك ضيقا " قال: قلت: نعم فان شئت وسعت علي، قال: " اشتره "(٢) .وقد احتج بها العلامة في التذكرة على تناول ما يأخذه الجائر باسم الخراج والمقاسمة(٣) .ومنها مارواه أيضا في الصحيح عن أبي المعزا قال: سأل رجل أبا عبداللهعليه‌السلام وأنا عنده، فقال: أصلحك الله أمر بالعامل فيجيزني بالدراهم، آخذها؟ قال: " نعم "، قلت: " واحج بها؟ "، قال: " نعم "(٤) .ومثل هذا من عدة طرق اخرى كذا.ومنها ما رواه أيضا في الصحيح عن جميل بن صالح قال: أرادوا بيع تمر عين أبي زياد، فأردت أن اشتريه، ثم قلت: حتى أستأذن أبا عبداللهعليه‌السلام فأمرت مصادفا فسأله، قال: فقال: " قل له يشتريه فان لم يشتره اشتراه غيره "(٥) .قلت: قد احتج بهذا الحديث لحل ذلك العلامة في المنتهى وصححه، لكن

____________________

(١) التهذيب ٦: ٣٣٦ حديث ٩٣٣.

(٢) التهذيب ٦: ٣٣٦ حديث ٩٣٢.

(٣) التذكرة ١: ٥٨٣.

(٤) التهذيب ٦: ٣٣٨ حديث ٩٤٢.

(٥) التهذيب ٦: ٣٧٥ حديث ١٠٩٢.

(*)

٢١٤

قد يسأل عن قوله: " فان لم يشتره اشتراه غيره " فان شراء الناس للشئ لا مدخل له في صيرورته حلالا، على تقدير أن يكون حراما، فأي مناسبة له ليعلل به، ولا أبعد أن يكون ذلك اشارة منهعليه‌السلام إلى معنى لطيف، وهو أن كل من له دخل في قيام دولة الجور ونفوذ أوامراها وقوة شوكتها وضعف دولة العدل يحرم عليه هذا النوع ونحوه بشراء وغيره بخلاف من لم يكن كذلك، فان عدم دخوله في شراء هذا كدخوله في انه لا يتعطل أمر دولة الجور ولا يتناقص، بل رواجها بحلاله.فأشارعليه‌السلام بقوله: " ان لم يشتره اشتراه غيره "، الا انه لا مانع له من الشراء، اذ لا دخل له في دولة الجور بتقوية ولا غيرها.فان لم يشتره لم يتفاوت الحال بل يشتريه غيره.ومنها ما رواه أيضا اسحاق بن عمار قال: سألته عن الرجل يشتري من العامل وهو يظلم قال: " يشتري منه ما لم يعلم انه ظلم فيه أحد "(١) .وهذا الحديث نقلته من المنتهى هكذا، وظني انه نقله من التهذيب(٢) ، وبمعناه أحاديث كثيرة: منها ما رواه أيضا في الصحيح عن هشام بن سالم، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سألته عن الرجل منا يشتري من السلطان من ابل الصدقة وغنمها وهو يعلم انهم يأخذون منهم أكثر من الحق الذي يجب عليهم، قال: " ما الابل والغنم الا مثل الحنطة والشعير وغير ذلك، لا بأس به حتى تعرف الحرام بعينه ".

____________________

(١) المنتهى ٢: ٩٣٥.

(٢) التهذيب ٦: ٣٧٥ حديث ١٠٩٣.

(٣) المنتهى ٢: ٩٣٥.

(*)

٢١٥

قيل له: فما ترى من اغنامنا في متصدق يجيئنا فيأخذ صدقات اغنامنا نقول: بعناها فيبعناها، فما ترى في شرائها منه؟ قال: " ان كان أخذها وعزلها فلا بأس ".قيل له: فما ترى في الحنطة والشعير يجيئنا القاسم فيقسم لنا حظنا فيأخذ حظه فيعزل بكيل فما ترى في شراء ذلك الطعام منه؟ فقال: " ان كان قبضه بكيل وأنتم حضور ذلك فلا بأس بشرائه منه بغير كيل "(١) .ومنها ما رواه الشيخ أيضا باسناده عن يحيى بن أبي العلاء عن أبي عبداللهعليه‌السلام عن أبيه: " ان الحسن والحسين كانا يقبلان جوائز معاوية "(٢) .قلت: قد علم أن موضع الشبهة حقيق بالاجتناب، والامامعليه‌السلام لا يواقعها، وما كان قبولهماعليهما‌السلام لجوائز الا لما لهما من الحق في بيت المال.مع أن تصرفه كان يغير رضى منهمعليهم‌السلام ، فتناولهما حقهماعليهما‌السلام المرتب على تصرفه دليل على جواز ذلك لذوي الحقوق في بيت المال من المؤمنين نظرا إلى التأسي.وقد نبه شيخنا في الدروس على المعنى، وفرق بين الجائزه من الظالم وبين أخذ الحق الثابت في بيت المال أصالة، فان ترك قبول الاول أفضل، بخلاف الثاني(٣) .ومثل هذه الاخبار كثيرة لمن تتبع وحصره ولسنا بصدد ذلك، فان في هذه غنية في الدلائل على المطلوب عن السعي في تتبع ما سواها، وكون بعضها قد يعتري بعض رجال اسناده طعن أو جهالة غير قادح في شئ منها بوجه من الوجوه على أن أسانيد كثير منها صحيحة كما قدمناه.

____________________

(١) التهذيب ٦: ٣٧٥ حديث ١٠٩٤.

(٢) التهذيب ٦: ٣٣٧ حديث حديث ٩٣٥.

(٣) الدروس: ٣٢٩.

(*)

٢١٦

ومع ذلك فان الاصحاب كلهم أوجلهم قد افتوا بمضمونها في كتبهم، وعملوا به فيما بلغنا عنهم، والخبر الضعيف الاسنا اذا انجبر بقول الاصحاب وعملهم ارتقى إلى مرتبة الصحيح وانتظم في سلك الحجج والحق بالمشهور.فان قيل: هاهنا سؤالان:

الاول: هذه الاخبار انما تضمنت حل الشراء خاصة، فمن أين ثبت حل التناول مطلقا؟.

الثاني: هذه الاخبار انما دلت على جواز التناول من الجائر بعد استيلائه وأخذه، فمن أين ثبوت حل الاستيلاء والاخذ كما يفعل الجائر؟ قلنا:

الجواب عن الاول: ان حل الشراء كاف في ثبوت المطلوب، لان حل الشراء يستلزم حل جميع اسباب النقل كالصلح والهبة، لعدم الفرق، بل الحكم بجواز غير الشراء على ذلك التقدير بطريق أولى، لان شروط صحة الشراء أكثر، وقد صرح الاصحاب بذلك، بل يستلزم قبول جواز هبته وهو في يد ذي المال الحوالة به، لما عرفت من أن ذلك غير مملوك له، بل انما هو حق تسلط على تصرف الغير فيه، وقد سوغ أئمتناعليهم‌السلام ابتناء تملكنا على ذلك التصرف الغير السائغ، لان تحريمه انما كان من جهتهمعليهم‌السلام ، فاغتفروا لشيعتهم ذلك طلبا لزوال المشقة، فعليهم من الله التحية والسلام، وقد صرح بذلك بعض الاصحاب، وسندكره فيما بعد انشاء الله تعالى.

وأما الجواب عن الثاني فلان الاخذ من الجائر والاخذ بأمره سواء، على انه اذا لوحظ أن المأخوذ حق ثبت شرعا ليس فيه وجه تحريم ولا جهة غصب ولا قبح، حيث أن هذا حق مفروض على هذه الاراضي المحدث عنها، وكونه منوطا بنظر الامام انتفى الحظر اللازم بسببه ترخيص الامام في تناوله من الجائر سقط السؤال بالكلية أصلا ورأسا.

٢١٧

المسلك الثانى: اتفاق الاصحاب على ذلك، وهذه عباراتهم نحكيها شيئا فشيئا من كلامهم بعينه من غير تغيير على حسب ما وقع الينا من مصنفاتهم في وقت كتابة هذه الرسالة.فمن ذلك كلام شيخ الطائفة ورئيسها وفقيهها ومعتمدها محمد بن الحسن الطوسي في كتاب المكاسب من كتاب النهاية وهذا لفظه: ولا بأس بشراء الاطعمة وسائر الحبوب والغلات على اختلاف اجناسها من سلاطين الجور وان علم من أحوالهم أنهم يأخذون مالا يستحقون ويغصبون ما ليس لهم، مالم يعلم شيئا من ذلك بعينه غصبا، فان علم كذلك فلا يتعرض لذلك، فأما ما يأخذونه من الخراج والصدقات وان كانوا غير مستحقين لها جاز شراؤها منهم(١) .هذا كلامه.وقال المحقق نجم الدين في الشرائع ما هذا لفظه: ما يأخذه السلطان الجائر من الغلات باسم المقاسمة، والاموال باسم الخراج من حق الارض، ومن الانعام باسم الزكاة يجوز ابتياعه وقبول هبته، ولا يجب اعادته على أربابه وان عرف بعينه(٢) .وقال العلامة في المنتهى: يجوز للانسان أن يبتاع ما يأخذه سلطان الجور بشبهة الزكوات من الابل والبقر والغنم، وما يأخذه عن حق الارض من الخراج وما يأخذه بشبهة المقاسمة من الغلات وان كان غير مستحق لاخذ شئ من ذلك، الا ان يتعين له شئ بانفراده انه غصب فلا يجوز له أن يبتاعه.ثم احتج له برواية جميل بن صالح واسحاق بن عمار وأبي عبيدة السالفات إلى أن قال: اذا ثبت هذا فانه يجوز ابتياع ما يأخذه من الغلات باسم المقاسمة، أو الاموال بأسم الخراج عن حق الارض، ومن الانعام باسم الزكاة.وقبول هبته.

____________________

(١) النهاية: ٣٥٨.

(٢) شرائع الاسلام ٢: ١٣.

(*)

٢١٨

ولا تجب اعادته على اربابه وان عرف بعينه دفعا للضرر(١) .قلت: هذا بعينه هو ما اسلفناه سابقا.

وقال في التذكرة ما هذا لفظه: ما يأخذه الجائر من الغلات باسم المقاسمة، ومن الاموال باسم الخراج عن حق الارض، ومن الانعام باسم الزكاه يجوز شراؤه واتهابه، ولا تجب اعادته على اصحابه وان عرفوا، لان هذا مال لا يملكه الزراع وصاحب الانعام والارض، فانه حق الله أخذه غير مستحق فبرئت ذمته وجاز شراؤه(٢) .ثم احتج لذلك بخبر أبي عبيدة و عبدالرحمن السالفين.

وقال في التحرير: ما يأخذه ظالم بشبهة الزكاة من الابل والبقر والغنم، وما يأخذه عن حق الارض بشبهة الخراج، وما يأخذه من الغلات باسم المقاسمة حلال وان لم يستحق أخذ ذلك، ولا تجب اعادته على اربابه وان عرفهم، الا أن يعلمه بعينه في شئ منه انه غصب، فلا يجوز تناوله ولا شراؤه(٣) .

وقال في القواعد: والذي يأخذه الجائر من الغلات باسم المقاسمة، ومن الاموال، باسم الخراج عن حق الارض، ومن الانعام باسم الزكاة يجوز شراؤه واتهابه: ولا تجب اعادته على اصحابه وان عرفوا(٤) وفي حواشي شيخنا الشهيدقدس‌سره على القواعد ما صورته: وان لم يقبضها الجائر، وكذا ثمرة الكرم والبستان.وقال في الارشاد عطفا أشياء مما يصح بيعها وتناولها: وما يأخذه الجائر باسم المقاسمة من الغلات والخراج عن الارض والزكاة من الانعام وان عرف

____________________

(١) المنتهى ٢: ١٠٢٧.

(٢) التذكرة ١: ٥٨٣.

(٣) التحرير ١: ١٦٣.

(٤) القواعد ١: ١٢٢.

(*)

٢١٩

المالك.وقال شيخنا في الدروس كلاما في هذا الباب من أجود كلام المحققين اذا تأمله المنصف الفطن علم انه يعتقد في الخراج من جملة الاموال الخالية من الشبهة البعيدة عن الاوهام، حيث ذكر الجوائز وجعل ترك قبولها أفضل، وبالغ في أحكام الخراج بما سنحكيه مفصلا، وصورة كلامه: يجوز شراء ما يأخذه الجائر باسم الخراج والزكاة والمقاسمة وان لم يكن مستحقا له، ثم قال: ولا يجب رد المقاسمة وشبهها على المالك، ولا يعتبر رضاه ولا يمنع تظلمه مع الشراء.وكذا لو علم انه يظلم، الا أن يعلم الظلم بعينه.نعم تكره معاملة الظلمة ولا يحرم، لقول الصادقعليه‌السلام : " كل شئ فيه حرام وحلال فهو حلال حتى تعرف الحرام بعينه ".ولا فرق بين قبض الجائر اياها ووكيله وبين عدم القبض، فلو أحاله بها وقبل الثلاثة، أو وكله في قبضها، أو باعها وهي في يد المالك أو في ذمته جاز التناول، ويحرم على المالك المنع وكما يجوز الشراء تجوز سائر المعاوضات والهبة والصدقة والوقف، ولا يحل تناولها بغير ذلك(١) .والمقدادرحمه‌الله في التنقيح شرح النافع أخذ حاصل هذا الكلام وأورده بصورة الشرح مطولا(٢) ، ولم يحضرني في وقت نقل كلام الاصحاب سوى هذا المقدار من الكتب فما نقل كلام الباقين لكن فيما أوردناه غنية وبلاغ لاولي الالباب.فان كلام الباقين لا يخرج عن كلام من حكينا كلامهم اذ لو كان فيهم مخالف لحكاه من عثرنا عن مصنفاتهم واطلعنا من مذاهبهم لما علمنا من شدة حرصهم على ايراد خلاف الفقهاء وان كان ضعيفا، والاشارة إلى القول الشاذ وان كان واهيا فيكون الحكم ذلك اجماعيا.

____________________

(١) الدروس: ٣٢٩.

(٢) التنقيح الرائع ٢: ١٨.

(*)

٢٢٠