رسالة المحقق الكركي الجزء ٢

رسالة المحقق الكركي0%

رسالة المحقق الكركي مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 271

رسالة المحقق الكركي

مؤلف: الشيخ علي بن الحسين الكركي
تصنيف:

الصفحات: 271
المشاهدات: 28668
تحميل: 5259


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 271 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 28668 / تحميل: 5259
الحجم الحجم الحجم
رسالة المحقق الكركي

رسالة المحقق الكركي الجزء 2

مؤلف:
العربية

أما الاول، فلان رد جميع الثمن مع أن الراجع اليه الفسخ انما هو العين مسلوبة المنفعة مدة الاجارة معلوم البطلان، لان الثمن انما بذل في مقابل العين باعتبار المنفعة، والفسخ يقتضي رد ذلك من العوضين إلى مالكه، كما كان وقت العقد.

وأما بطلان الثاني، فلان المنفعة لا قسط لها من الثمن، لانه انما قوبل به العين، فجملته في مقابل جملتها، واجزاؤه في مقابل اجزائها، لكن بذل الثمن في مقابل العين انما كان باعتبار المنفعة، كما قدمنا ذكره مرارا، فهي ملحوظة تبعا.

وأما بطلان القسم الثاني من قسمي التالي، فلان الاجازة قد وقعت لازمة لوقوعها برضى البائع، فلا يتصور تسلطه على فسخ البيع في العين والمنفعة المقتضى لتسلطه على فسخها قطعا.

وهذا الوجه لا يتوقف على بيان المنافاة بين جواز الاجازة من المشتري وثبوت الخيار للبائع، ولا على بيان منع المشتري من هذا النوع في التصرف.واعلم أن الغرض الاقصى في بيان هذه الاحكام كلها، هو بيان كون الاجازة الواقعة من المشتري للبائع في العين المبيعة بخيار للبائع يقتضي سقوط خياره.

فهذا هو المقصود بالبيان، والذي وقع فيه الوهم، وهذا الحكم يكاد يلحق بالبديهيات عند الفقهاء بعد الاحاطة بمقدماته.وقد تطابق كلام القوم على ذلك ولم نقف على خلاف فيه لاحد من الاصحاب ولا لغيرهم.وأما بيان منع المشتري من التصرفات المذكورة، ووقوعها منه غير صحيحة بدون اذن البائع ذي الخيار فليس موضع البحث، ولا هو مقصود بالبيان، الا لزيادة الايضاح.وأما توهم خلاف الصواب هنا هو أحد أمرين:

الاول: كون منفعة المبيع في زمان خيار البائع ملك للمشتري، فله أن يتصرف فيها كيف شاء بعقد ناقل لازم وغيره، وهذا فاسد مردود، فانه اذا اريد بالمنفعة

١٤١

المملوكة للمشتري في زمان الخيار هي التي قد وجدت بالفعل في الزمان الحاضر فمسلم ذلك، الا أن هذه ليست من المطلوب نقلها بالاجارة، فان الذى يملكه المستأجر من المنافع هو المنفعة المعدومة وقت العقد، التي هي موجودة بالقوة القريبة من الفعل بعد زمان عقد الاجارة.وان اريد بها المنفعة بالمعنى الثاني فلا نسلم أن هذه مملوكة للمشتري، لانا لا نعلم ما يتجدد من البائع، فانه ان فسخ البيع بالخيار الثابت له تبين أن المنفعة لا حق للمشتري فيها، وأان تصرفه فيها ممتنع شرعا، وان بقي العقد بحاله تبين كونها ملكا له.وما هذا شأنه فكيف يتصور التسليط على نقله وتمليكه للغير شرعا، فان حال هذه المنفعة كحال العين سواء، فامتنع القول بوقوع الاجارة منه لذلك.وأما استيفاء المنافع بنفسه شيئا فشيئا، وتسليط وكيله والمستعير عليها كذلك فانه لا محذور فيه، لانه انما يستوفي ما يوجد بالفعل، وذلك قد تحقق ملكيته اياه بوجوده قبل صدور الفسخ من البائع، فقد وضح فساد التوهم من هذه الجهة.

الثاني: تخيل جواز صدور التصرفات من المشتري من بيع العين وغيره، كما طرق اسماعنا، وهذا وان كان اجمالا شك في فساده ومخالفته لتصريح علماء المذهب، الا انه لو فرض صحته في نفسه لم يتم القول بعدم سقوط الخيار في محل النزاع، وذلك لانا اذا جوزنا للمشتري مطلق التصرف فالتصرف الواقع منه: اما أن يقع متزلزلا لا غير مسقط للخيار، أو يقع لازما بحيث يسقط معه، وقد بينا في ما تقدم بطلان القسم الاول أكمل بيان.ولو سلمنا صحته في نفس الامر لم يضرنا، لان البحث انما هو في تصرف وقع باذن البائع فامتنع ألا يقع لازما.وبطلان القسم الثاني اوضح من أن يحتاج إلى البيان، لان تصرف المشتري على انشاء تصرف لازم يسقط خيار البائع من منافاته

١٤٢

لمقتضي الاشتراط في نفس عقد البيع، وخروجه عن اجماع المسلمين لا يضرنا أيضا، لانا انما نبحث على تقدير صدور التصرف باذنه.ثم هو على تقدير تسليم صحته يقتضي سقوط الخيار في محل النزاع بطريق أولى، لانه اذا سقط بتصرف لم بأذن فيه البائع، فلئن يسقط بتصرف اذن فيه اولى.وأي غلط افحش من هذا، لولا قلة التأمل لقاصد هذا الفن، وعدم التضلع من اصوله، ولاحول ولا قوة الا بالله.وهنا نحبس عنان البراعة حامدين مصلين على محمد وآله الطاهرين والحمد لله رب العالمين.

١٤٣

(٢٠) رس الة في اجارة الوارث قبل الموت

١٤٤

١٤٥

لاصحابنا في لزوم اجارة الوارث قبل الموت قولان:

أحدهما: نعم، وهو اختيار ابن الجنيد(١) ، والشيخ،(٢) وابن حمزة(٣) ، والعلامة في المختلف.(٤) والاخر: لا، وهو اختبار المفيد(٥) ، وسلار(٦) ، وابن ادريس(٧) وفخر الدين(٨) وهو الاقوى.

لنا: انها اجارة لما لا يستحقونه فلا تلزمهم، وأيضا ليس لهم في تلك الحال رد الوصية قطعا فكذا اجارتها، اذهما على حد سواء.

____________________

(١) نقل عنه العلامة ي المختلف: ٤٦٠.

(٢) النهاية: ٤٤٤.

(٣) الوسيلة إلى نقل الفضيلة: ٣٧٢.

(٤) المختلف.

(٥) المقنعة ٩٨.

(٦) نقلد عند العلامة في المختلف ٤٦٠.

(٧) السرائر:٢٧٠.

(٨) ايضا الفوائد ٢: ٢٤٣.

(*)

١٤٦

احتجوا بعموم قوله تعالى: " من بعد وصية يوصي بها أودين "(١) بأنها حق للورثة فيسقط باسقاطهم له كرضى المشتري بالعيب.وبأن استحقاق المال بين الموصي والوارث، فاذا رضي كل منهما لزم، لانه حق له.وبما رواه منصور بن حازم في الصحيح عن الصادقعليه‌السلام : في رجل أوصى بوصية وورثته شهود فاجازوا ذلك، فلما مات الرجل نقضوا الوصية، هل لهم أن يردوا ما اقروا به؟ قال: " ليس لهم ذلك والوصية جائزة عليهم اذا اقروا بها في حياته ".(٢) ويدعوى الشيخ على ذلك الاجماع،(٣) وهو حجة وان نقل بخبر واحد.

والجواب عن ذلك: ان الاية ليس المراد عمومها قطعا، والا لزم عدم اعتبار اجازتهم في ما زاد على الثلث واذا كانت مقيدة بالثلث أو بالاجماع مع الزيادة عليه ثم تجردت عن الدلالة على وقت لزوم الاجارة قطعا اذ هو محل النزاع.ونمنع أن كل من له حق فاسقطه سقط فتصير الكبرى في الاول جزئية فلا تنتج، والقياس على المشتري باطل خصوصا مع وجود الفارق، فان الملك هنالك للمشتري بخلافه هنا.ودوران المال بين الموصي والوارث لا يستلزم لزوم الاجارة، اذ هو غير المتنازع.وايضا فان الوارث ليس بمالك قطعا فلا تؤثر اجازته، والموصي محجور عليه فلا تصح وصيته.والرواية نحن نقول بموجبها، اذ لا تدل على محل النزاع بوجه، اذ مضمونها هل للورثة نقض الوصية بعد اقرارهم بها، وليس فيها دلالة على لزوم الاجارة ولا عدم ذلك فتأمل.والله سبحانه الموفق.

____________________

(١) النساء: ١٢.

(٢) التهذيب ٩: ١٩٣ حديث ٧٧٧ ٧٧٨.

(٣) الخلاف ٢: ١٢ مسألة ٧ كتاب الاجارة.

(*)

١٤٧

(٢١) رسالة في الشياع

١٤٨

١٤٩

اختلفت عبارة الاصحاب في تحديد الشياع فقيل: هو عبارة عن اخبار جماعة يتاخم قولهم العلم، أي يقاربه، فعلى هذا يعتبر حصول ظن قوي يقرب من العلم وقيل: هو اخبار جماعة يحصل باخبارهم العلم، فعلى هذا يكون هو التواتر.والاصح في المذهب الاول، لان الظن القوي البالغ مبلغا يقرب من العلم ليس أدون من الظن الحاصل بشهادة العدلين ان لم يكن اقوى، ولان المفهوم من كلامهم أن الشياع خبر التواتر، فلو اعتبر فيه ما يعتبر في التواتر لكان هوهو.والظاهر من كلام الفقهاء انه ادون من شهادة العدلين، مع أن الحاصل بها ظن، وليس لعدده مقدر، بل مرجعة إلى حصول الطمأنينة في النفس للتسامح.وهل لاقل مراتب عدده معين؟ لم اظفرفيه بشئ يعول عليه، لكن ما وجد في تحديده من تضمن عبارات الاصحاب اخبار جماعة يقتضي أن لا يكون عددهم أقل من ثلاثة.ولو قال قائل: انه يعتبر فيه ان يكونوا فوق اربعة، ليكون الفرق بين عدد الشهادة والشياع حاصلا، حيث أن عدد الشهادة يشترط فيهم العدالة، بخلاف العود في الشياع، لم يكن بذلك البعيد.ثم اعلم أن ما يثبت بالشياع قد اختلف كلام الاصحاب في تعداده فالذي في

١٥٠

الدروس انه يثبت به تسعة: النسب، والملك، والوقف، والنكاح، والموت والولاية، والولاء، والعتق، والرق.وفي القواعد لصاحب الدروس اسند إلى بعض الفقهاء بأنه يثبت اثنان وعشرون، الثمانية التي هي غير العتق، والعزل، والرضاع، وتضرر الزوجة، والصدقات، والجرح والتعديل، والاسلام والكفر، والرشد، والسفر، والحمل، والولادة، والوصاية، والحرية، واللوث، والسفه.ثم قال: قيل والغصب والدين والاعسار والعتق، مع انه صرح بالعتق في الدروس.وفي بعض هذه الامور تردد.وقد صرح الاصحاب بثبوت رؤية الهلال بالشياع.

١٥١

١٥٢

(٢٢) رساله الارض المندرسه

الحمد لله حمدا كثيرا كما هو أهله، والصلاة على حبيبه ونبيه محمد وآله.

هذا تحقيق لمسألة مهمة صورتها: اذا خرجت الارض المملوكة العامرة، واندرست آثارها بعد أن كانت ملكا لمسلم: فاماأن يكون مالكها موجودا، أولا.

فان كان الاول: فاما أن يكون قد انتقلت اليه بالشراء أو الهبة أو شبههما، أو بالاحياء.

فان كان ملكه اياها بشراء ونحوه لم تملك باحياء بعد خرابها بلا خلاف ببن العلماء على الاجماع على ذلك في التذكرة.(١) وان كان ملكها بالاحياء ثم تركها حتى عادت مواتا فللاصحاب في ذلك أقوال: أحدها: انها كالمملوكة بالشراء وشبههه لا يصح احياؤها لاحد، ولا تملك بالاحياء والعمارة، بل يكون للمالك أو لورثته، وهو الظاهر من كلام ابن ادريس.(٢) .

الثاني: ان المحيي لها يملكها اذا كان ذلك في زمان غيبة الامامعليه‌السلام وليس للاول انتزاعها منه.

اختاره المحقق نجم الدين بن سعيد في الشرائع.(٣)

____________________

(١) التذكرة ١: ٤٠١.

(٢) السرائر: ١ ١ ١.

(٣) شرائع ١: ٣٢٣.

(*)

١٥٣

وقريب منه اختيار العلامة في التذكرة، فانه ذهب إلى أن الارض اذا خربت بعد الاحياء صارت مباحة كما كانت عليه أولا.(٢)

الثالث: قول الشيخ في النهاية: من أحيى أرضا كان أملك بالتصرف فيها(٣) اذا كان ذلك باذن الامام، لان هذه الارض له.وان كانت الارض الميتة لها مالك معروف كان عليه أن يعطي صاحب الارض طسق الارض، وليس للمالك انتزاعه من يده مادام هو راغبا فيها.وقريب منه كلام شيخنا في الدروس، فانه بعد أن ذكر الاحياء يشترط فيه أن لا تكون الارض مملوكة لمسلم أو لمعاهد قال: فلوسبق ملك واحد منهما لم يصح الاحياء.نعم لو تعطلت الارض وجب أحد الامرين: اما الاذن لغيره.أو الانتفاع فلو امتنع فللحاكم الاذن، وللمالك طسقها على المأذون، فلو تعذر الحاكم فالظاهر جواز الاحياء مع الامتناع من الامرين وعليه طسقها.(١) ومحصل الكلامين يرجع إلى أن المذكورة باقية على الملك الاول، والالم يستحق طسقها، أي أجرتها.غاية ما هناك أنه لما أعرض عن عمارتها وأذن الامام في احيائها كان الثاني أحق بها والملك للاول.واقواها الاول، حجته العمومات مثل قوله تعالى: " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل الا أن تكون تجارة ".(٤) وقولهعليه‌السلام : " المسلم على المسلم حرام ماله ".

ولان الملك واستحقاق التصرف ومنع الغير منه كان ثابتا قبل عروض خراب

____________________

(١) التذكرة ٢: ٤٠١.

(٢) النهاية: ١٩٤.

(١) الدروس: ٢٩٢.

النساء: ٢٩.

(*)

١٥٤

الارض والاصل بقاؤه، لان أسباب زوال الملك محصورة شرعا، وليس هذا واحدا منها.ولان سليمان بن خالد سأل الصادقعليه‌السلام عن الرجل يأتي الارض الخربة فيستخرجها ويجري أنهارها ويعمرها ويزرعها، فماذا عليه؟ قال: " الصدقة "، قلت: فان كان يعرف صاحبها؟ قال: " فليؤد حقه"(١) .وهي ظاهرة في أداء الارض اليه وأجرتها.وكأن القول بملكية هذه الارض بالاحياء، مع القول بعدم ملكية المملوكة بسبب غير الاحياء اذا خربت فأحياها غير مالكها لا يجتمعان، والثاني ثابت بالاجماع فينتفي الاول.

بيان التنافي: ان عروض الموت الارض ان كان سببا للخروج عن الملك وجب الحكم بالخروج في الموضعين معا، والا وجب الحكم بعدم الخروج فيهما معا.ولقولهعليه‌السلام : " من احيى أرضا ميتة في غير حق مسلم فهو أحق بها ".(٢) ولقولهعليه‌السلام : " ليس لعرق ظالم حق ".(٣) قال في التذكرة بعد ايراد هذا الحديث: قال هشام بن عروة في تفسيره العرق الظالم: أن يأتي الرجل الارض الميتة لغيره فيغرس فيها.(٤) ولرواية السكوني عن الصادقعليه‌السلام قال: " قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من غرس شجرا أو حفر بئرا لم يسبقه اليه أحد، أو أحيى أرضا ميتة

____________________

(١) التهذيب ٧: ١٤٨ حديث ٦٥٨.

(٢) الفقيه ٣: حديث ٦٦٥، التهذيب ٧: ١٥١ حديث ٦٧٠.

(٣) موطأ مالك ٢: ٧٤٣ حديث ٢٦ كتاب الاقضية.

(٤) التذكرة ٢: ٤١٠.

١٥٥

فهي له قضاء من الله ورسوله ".(١) وهذه الرواية وماجرى مجراها مقيدة للاخبار المطلقة الدالة على الملك بالاحياء.

حجة الثاني: ان هذه الارض أصلها مباح، فاذا تركها حتى عادت إلى ما كانت عليه صارت مباحة، كما لو أخذ ماء من دجلة ثم رده اليها.ولان العلة في تملك هذه الارض الاحياء والعمارة، فاذا زالت العلة يزول المعلول وهو الملك، فاذا احياها الثاني فقد وجد سبب الملك فيثبت له الملك، كما لو التقط ملتقط شيئا ثم سقط من يده وضاع عنه فالتقطه غيره، فان الثاني يكون أحق.ولصحيحة أبي خالد الكابلي عن الباقرعليه‌السلام قال: " وجدنا في كتاب عليعليه‌السلام : أن الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين، أنا وأهل بيتي ورثنا الارض ونحن المتقون، والارض كلها لنا، فمن أحيى أرضا من المسلمين فليعمرها وليؤد خراجها إلى الامام من أهل بيتي، وله ما أكل منها.وان تركها أو خربها فأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها واحياها فهو أحق بها من الذى تركها فليؤد خراجها إلى الامام من أهل بيتي وله ما أكل منها.وان تركها أو خربها فأخذها رجل من المسلمين من بعده وعمرها واحياها فهو أحق بها من الذي تركها، فليؤد خراجها إلى الامام من أهل بيتي، وله ما أكل حتى يظهر القائم من أهل بيتي "(٢) الحديث.ولصحيحة معاوية بن وهب عن الصادقعليه‌السلام قال: سمعته يقول: " أيما رجل أتى خربة بائرة فاستخرجها وكرى أنهارها وعمرها فان عليه فيها الصدقة، وان كانت لرجل قبله فغاب عنها وتركها وأخربها ثم جاء بعد يطلبها فان الارض لله

____________________

(١) الفقيه ٣: ١٥١ حديث ٦٦٥، التهذيب ٧: ١٥١ حديث ٦٧٠.

(٢) التهذيب ٧: ١٥٢ حديث ٦٧٤.

(*)

١٥٦

عزوجل ولمن عمرها ".(١) والجواب عن الاول: انه قياس مع الفارق، فان الماء المردود إلى النهر يمتنع بقاؤه على الملك بعد اختلاطه بالماء المباح، اذلو بقي مملوكا لزم تحريم النهر جميعه على انه لا يمنع (كون) ملكية الماء أضعف من ملكية الارض، فانه لو أفاض الماء عن النهر المستخرج من المباح كان مباحا.

وعن الثاني: بأن علل الشرع معرفات للاحكام، فلايزول الحكم بزوالها، والتقاط المال بعد ضياعه سبب جديد في استحقاق التملك، بخلاف احياء المملوك وعن الثالث: القول بموجبه، فان متى اعرض الاول عن ملكه حتى خرب وانقطع نظره عنه جاز احياؤه باذن الامامعليه‌السلام لا بدونه، اذ لا يجوز احياء الموات الاصلي الا باذنه فغيره أولى.فاذا رأى الامامعليه‌السلام المصلحة في الاذن لغيره في عمارة فعمره فان المحيي له الان أحق به من غيره، وان قاطعه عليه مدة طويلة أو قصيرة كان في تلك المدة أحق به من كل أحد.

لا يقال: ما ذكره خلاف ظاهر الرواية.

لانا نقول: المفهوم من قولهعليه‌السلام : " تركها أو خربها " ذلك، ولو سلمنا أنه خلاف الظاهر كان الحمل عليه واجبا، للجمع بين الادلة.

وعلى الرابع: بالحمل على الاذن من الامامعليه‌السلام ، والمقاطعة مدة معلومة، وأن المراد من كون المذكورة لمن عمرها اللاحقية اللازمة عن ذلك، جمعا بين الرواية والدلائل المذكورة أولا.وقد يحتج للثالث بالدلائل المذكورة في الاول والثاني، لان القول الثالث مركب من أمرين: بقاء الملك للاول وكون الثاني أحق به فيجب عليه طسقه، فيحتج على الامر الاول بالدلائل الاولى، وعلى الامر الثاني بالدلائل الاخيرة.

____________________

(١) التهذيب ٧: ١٥٢ حديث ٦٧٢.

(*)

١٥٧

والجواب عن ذلك: التنافي بين تلك الدلائل، لان بقاء الملك على الاول من أحقية الثاني، الا اذاكان الاحياء باذن الامامعليه‌السلام ومقاطعته مدة معلومة ونحو ذلك على ما يراه نيابة عن المالك، فانه حينئذ يعد ذلك على المالك، ويكون ذلك بمنزلة ما لو قاطع بنفسه، والتنزيل على هذا اعتراف بصحة القول الاول.واعلم أن قول شيخنا الشهيدرحمه‌الله : ان الارض اذا تعطلت يجب على المالك أحد الامرين: اما الانتفاع، أو الاذن للغير فيه، ومع الامتناع باذن الحاكم، فان لم يوجد استقل مريد الاحياء به، مما لا يدل عليه دليل أصلا، فان الدلائل المسوقة آخرا ان اجريت على ظاهرها دلت على خروج الارض عن ملكه ودخولها في ملك المحيي بالاحياء، وان صرفت عن ظاهرها لم تصرف بالتشهي، بل بحسب ما يقتضيه الصارف لها، والدلائل المذكورة تقتضي الصرف إلى ما ذكرناه، والله أعلم بالصواب.

١٥٨

(٢٣) رسالة في طلاق الغائب

١٥٩

١٦٠